من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟0%

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟ مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 978-964-2501-97-7
الصفحات: 482

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف:

ISBN: 978-964-2501-97-7
الصفحات: 482
المشاهدات: 39331
تحميل: 3583

توضيحات:

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 482 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39331 / تحميل: 3583
الحجم الحجم الحجم
من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

مؤلف:
ISBN: 978-964-2501-97-7
العربية

وما رأيتُك إلّاخفتُ أن أُرمى بحجارة من السماء».

قال : «ذكر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في أوّل باب عدد الشهود في كتاب (المهذّب) : وشهد على المُغِيْرَة ثلاثة : أبو بكرة ، ونافع ، وشبل بن معبد».

قال : «وقال زياد : رأيت استاً تنبو ، ونفساً يعلو ، ورجلين كأنّهما أُذنا حمار ، ولا أدري ما وراء ذلك.

فجلد عمر الثلاثة ، ولم يحدّ المُغِيْرَة».

قال : «قلت : وقد تكلّم الفقهاء على قول عليّ رضي الله عنه لعمر رضي الله عنه : إنْ ضربتَه فارجم صاحبك. فقال أبو نصر بن الصبّاغ : يريد أنّ هذا القول إن كان شهادة أُخرى فقد تمّ العدد ، وإنْ كان هو الأوّل فقد جلدته عليه. والله أعلم».

انتهت هذه المأساة وما إليها بلفظ القاضي ابن خلّكان عيناً ؛ فراجعه في ترجمة يزيد بن زياد(١) .

قالوا : وكان المُغِيْرَة بن شُعْبَة من المعتزلة ، لكنّ ابن عساكر روى أنّه أراد من عمّار بن ياسر أنْ يتخلّى عن الدعوة لأمير المؤمنين عليٍّ عليه الصلاة والسلام(٢) .

__________________

(١) وفيات الأعيان ٦ / ٣٦٤ ـ ٣٦٧.

وانظر : تاريخ الطبري ٢ / ٤٩٢ ـ ٤٩٣ ، الأغاني ١٦ / ١٠٥ ـ ١٠٩ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٥٠٧ ـ ٥٠٨ ح ٥٨٩٢ ، تاريخ دمشق ٦٠ / ٣٣ و ٣٥ ـ ٣٩ ، المنتظم ٣ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٣٨٤ ، البداية والنهاية ٧ / ٦٦ ـ ٦٧ ، النصّ والاجتهاد : ٣٥٤ ـ ٣٥٨ ، وغيرها

(٢) تاريخ دمشق ٦٠ / ٤٣ ـ ٤٤

٦١

وروى الذهبي ، عن عبد الله بن ظالم ، قال : «كان المُغِيْرَة ينال في خطبته من عليٍّ ، وأقام خطباء ينالون منه»(١) .

زياد بن أبيه

ثمّ ولّى معاويةُ من بعد المغيرة على الكوفة وعلى البصرة : زيادَ بن أبيه ، فلم يزل فيها حتّى مات سنة ٥٣(٢) .

وُلد عام الهجرة.

وكان من المعتزلة ، ولم يشهد وقعة الجمل.

واستلحقه معاوية سنة ٤٤.

قال ابن عساكر :

«أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن عليّ بن كرتيلا ، أنا محمّد بن عليّ بن محمّد الخيّاط ، أنا أحمد بن عبيد الله بن الخضر ، أنا أحمد بن طالب الكاتب ، حدّثني أبي أبو طالب ، عن عليّ بن محمّد ، حدّثني محمّد ابن محمّد بن مروان بن عمر القُرشي ، حدّثني محمّد بن أحمد ـ يعني : أبا بكر الخزاعي ـ ، حدّثني جدّي ، عن محمّد بن الحكم ، عن عوانة ، قال : كان عليّ بن أبي طالب استعمل زياداً على فارس ، فلمّا أُصيب عليٌّ وبويع معاوية احتمل المال ودخل قلعة من قلاع فارس تسمّى قلعة زياد ، فأرسل معاوية ـ حين بويع ـ بسرَ بن أبي أَرطأة يجول في العرب ، لا يأخذ رجلاً عصى معاوية ولم يبايع له إلّاقتله ، حتّى انتهى إلى البصرة ، فأخذ

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ٣ / ٣١

(٢) الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٧ / ٦٩ ـ ٧٠ رقم ٢٩٨٠ ، أُسد الغابة ٢ / ١١٩ ـ ١٢٠ رقم ١٨٠٠ ، شذرات الذهب ١ / ٥٩ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٩٦ رقم ١١٢

٦٢

وُلد زياد فيهم عبيد الله ، فقال : والله لأقتلنّهم أو ليخرجنّ زياد من القلعة.

فركب أبو بكرة إلى معاوية فأخذ أماناً لزياد ، وكتب كتاباً إلى بسر بإطلاق بني زياد من القلعة حتّى قدم على معاوية ، فصالحه على ألف ألف.

ثمّ أقبل فلقيه مَصْقَلة بن هُبَيرة وافداً إلى معاوية ، فقال له : يا مصقلة! متى عهدك بأمير المؤمنين؟

قال : عام أوّل.

قال : كم أعطاك؟

قال : عشرين ألفاً.

قال : فهل لك أن أُعطيكها على أن أُعجّل لك عشرة آلاف ، وعشرة آلاف إذا فرغت ، على أن تبلّغه كلاماً؟

قال : نعم.

قال : قل له إذا انتهيت إليه : أتاك زياد وافداً أكل بَرّ العراق وبحره فخدعك فصالحته على ألفَي ألف ، والله ما أرى الذي يقال لك إلّاحقّاً.

قال : نعم.

ثمّ أتى معاوية فقال له ذلك ، فقال له معاوية : وما يقال يا مَصْقَلة؟!

قال : يقال : إنّه ابن أبي سفيان.

فقال معاوية : إنّ ذلك ليقال؟!

قال : نعم.

قال : أبى قائلها إلّاإثماً.

فزعم أنّه أعطى مصقلة العشرة آلاف الأُخرى بعدما ادّعاه معاوية.

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبد الله بن كادش ، أنا أبو يَعْلَى محمّد بن

٦٣

الحسين ، أنا إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل ، أنا الحسين بن الفهم الكوكبي ، نا عبد الله بن مالك ، نا سليمان بن أبي شيخ ، نا محمّد بن الحكم ، عن عوانة ، قال : كانت سُمَيّة لدهقان زَيْدَوُرد بكَسْكَر ، وكانت مدينة ـ وهي اليوم قرية ـ ، فاشتكى الدهقان ، وخاف أن يكون بطنه قد استسقى ، فدعا له الحارث بن كَلَدَة الثقفي ، وقد كان قدم على كسرى ، فعالج الحارثُ الدهقان فبرأ ، فوهب له سُميّة أُمّ زياد ، فولدت عند الحارث أبا بكرة وهو مسروح ، فلم يقرّ به ولم ينفعه.

وإنّما سمّي أبا بكرة لأنّه نزل في بكرة مع مجلي العبيد من الطائف حين أمّن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبيد ثقيف ، ثمّ ولدت سمية نافعاً ، فلم يقرّ بنافع.

فلمّا نزل أبو بكرة إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال الحارث لنافع : إنّ أخاك مسروحاً عبدٌ وأنت ابني ؛ فأقرّ به يومئذ.

وزوّجها الحارث غلاماً له روميّاً يقال له : عُبيد ، فولدت زياداً على فراشه.

وكان أبو سفيان صار إلى الطائف ، فنزل على خمَّار يقال له : أبو مريم السلولي ، وكانت لأبي مريم بعد صحبةٌ ، فقال أبو سفيان لأبي مريم بعد أن شرب عنده : قد اشتدّت بي العزوبة ، فالتمس لي بغيّاً! قال : هل لك في جارية الحارث بن كَلَدَة سُمَيّة امرأة عُبَيد؟ قال : هاتها على طول ثدييها وذفر إبطيها ؛ فجاء بها إليه ، فوقع عليها ، فولدت زياداً ، فادّعاه معاوية.

فقال يزيد بن مُفَرّغ لزياد :

تذكر هل بيثرب زيدوردٌ

قرى آبائك النَّبَط القحاح

٦٤

قال عبد الله : قال سليمان : وحدّثنا محمّد بن الحكم ، عن عوانة ، قال : لمّا توفّي عليُّ بن أبي طالب وزياد عامله على فارس وبويع لمعاوية ، تحصّن زياد في قلعة فسُمّيت به ، فهي تُدعى قلعة زياد إلى الساعة ، فأرسل زياد مَن صالح معاوية على ألفَي ألف درهم ، وأقبل زياد من القلعة فقال له زياد : متى عهدك بأمير المؤمنين؟ فقال : عام أوّل ؛ قال : كم أعطاك؟ قال : عشرين ألفاً ؛ قال : فهل لك أن أُعطيك مثلها وتبلّغه كلاماً؟ قال : نعم ؛ قال : قل له إذا أتيته : أتاك زياد وقد أكل بَرّ العراق وبحره فخدعك فصالحك على ألفَي ألف درهم ، والله ما أرى الذي يقال إلّاحقّاً ، فإذا قال لك : ما يقال؟ فقل : يقال : إنّه ابن أبي سفيان ؛ قال : أبى قائلها إلّاإثماً. قال : فادّعاه ، فما أعطى زيادٌ مصقلة إلّاعشرة آلاف درهم إلّابعد أن ادّعاه»(١) .

وقال ابن عساكر :

«أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ في ما قرئ علَيَّ إسناده وناولني إيّاه ، وقال : اروِهِ عنّي ـ ، أنا أبو علي محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريّا القاضي ، نا محمّد بن القاسم الأنباري ، حدّثني أبي ، ثنا أبو بكر محمّد بن أبي يعقوب الدَّيْنَوري ، نا عبيد بن محمّد الفيريابي ، نا سفيان ابن عُيينة ، نا عبد الملك بن عُمير ، قال : شهدت زياد بن أبي سفيان ، وقد صعد المنبر ، فسلّم تسليماً خفيّاً وانحرف انحرافاً بطيئاً ، وخطب خطبة بُتيراء ـ قال ابن الفيريابي : والبتيراء التي لا يصلّى فيها على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ، ثمّ قال : إنّ أمير المؤمنين قد قال ما سمعتم ، وشهدت

__________________

(١) تاريخ دمشق ١٩ / ١٧٢ ـ ١٧٤

٦٥

الشهود بما قد علمتم ، وإنّما كنتُ امرَأً حفظ الله منّي ما ضَيّع الناس ، ووصل منّي ما قطعوا.

أَلَا إنّا قد سُسْنا وساست السائسون ، وجَرّبنا وجَرّبَنا المجرِّبون ، وولينا وولي علينا الوالون ، وإنّا وجدنا هذا الأمر لا يصلحه إلّاشدّة في غير عنف ، ولين في غير ضعف.

وأيم الله إنّ لي لكم صرعى ، فليحذر كلّ رجل منكم أن يكون من صرعاي ، فوالله لآخذنّ البريء بالسقيم ، والمطيع بالعاصي ، والمقبل بالمدبر ، حتّى تلين لي قناتكم ، وحتّى يقول القائل : «انج سعد فقد قُتل سعيد».

ألَا رُبّ فَرِحٍ بإمارتي لن ينفعه ، ورُبّ كارهٍ لها لن يضرّه ، وقد كانت بيني وبين أقوام منكم دمنٌ وأحقاد ، وقد جعلتُ ذلك خلف ظهري وتحت قدمي ، فلو بلغني عن أحدكم أنّ البغض في قلبه ما كشفتُ له قناعاً ، ولا هتكتُ له ستراً حتّى يبدي صفحته ، فإذا أبداها فلم أقله عثرته.

ألَا ولا كذبة أكثر شاهداً عليها من كذبة إمام على منبر ، فإذا سمعتموها منّي فاغتمزوها فيَّ ، فإذا وعدتكم خيراً أو شرّاً فلم أفِ به فلا طاعة لي في رقابكم.

أَلَا وأيّما رجل منكم كان مكتبه خُرَاسان فأجله سنتان ، ثمّ هو أمير نفسه ، وأيّما رجل منكم كان مكتبه دون خُرَاسان فأجله ستّة أشهر ، ثمّ هو أمير نفسه ، وأيّما امرأة احتاجت تأتينا ثمّ نقاصّه به ، وأيّما عقال فقدتموه من مقامي هذا إلى خُرَاسان فأنا له ضامن»(١) .

__________________

(١) تاريخ دمشق ١٩ / ١٧٩ ـ ١٨٠

٦٦

وقال ابن عساكر :

«أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذناً ومناولة ، وقرأ علَيَّ إسناده ـ ، أَنْبَأ أبو عليّ محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريّا ، نا أحمد بن الحسن الكلبي ، نا محمّد بن زكريّا ، أنا عبد الله بن الضحّاك ، نا هشام بن محمّد ، عن أبيه ، قال : كان سعيد بن سرح مولى حبيب بن عبد شمس شيعةً لعليّ بن أبي طالب ، فلمّا قدم زياد الكوفة والياً عليها أخافه ، وطلبه زياد ، فأتى الحسن بن عليّ ، فوثب زياد على أخيه وولده وامرأته فحبسهم ، وأخذ ماله وهدم داره.

فكتب الحسن إلى زياد : من الحسن بن عليّ إلى زياد ، أمّا بعد ، فإنّك عمدت إلى رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ، فهدمتَ داره وأخذتَ ماله وعياله فحبستهم ، فإذا أتاك كتابي هذا فابنِ له داره ، وارددْ عليه عياله وماله ، فإنّي قد أجرته فشفِّعني فيه.

فكتب إليه زياد : من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة ، أمّا بعدُ ، فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي ، وأنت طالب حاجة ، وأنا سلطان وأنت سُوْقة ، كتبت إليّ في فاسق لا يؤويه إلّامثله ، وشرٌّ من ذلك تولّيه أباك وإيّاك ، وقد علمتُ أنّك قد آويته إقامة منك على سوء الرأي ، ورضاً منك بذلك ، وأيم الله لا تسبقني به ولو كان بين جلدك ولحمك. وإن نلتُ بعضك غير رفيق بك ولا مُرْعٍ عليك ، فإنّ أحبّ لحمٍ إليَّ آكله للحم الذي أنت منه ، فأسلمه بجريرته إلى من هو أَوْلى به منك ، فإن عفوتُ عنه لم أكن شفّعتك فيه ، وإنْ قتلته لم أقتله إلّابحبّه إيّاك.

فلمّا قرأ الحسنعليه‌السلام الكتاب تبسّم ، وكتب إلى معاوية يذكر

٦٧

له حال ابن سرح وكتابه إلى زياد فيه وإجابة زياد إيّاه ، ولفّ كتابه في كتابه وبعث به إلى معاوية ، وكتب الحسن إلى زياد : من الحسن بن فاطمة إلى زياد بن سُمَيّة : «الولد للفراش ، وللعاهر الحَجَر».

فلمّا وصل كتاب الحسن إلى معاوية وقرأ معاوية الكتاب ضاقت به الشام وكتب إلى زياد : أمّا بعد ، فإنّ الحسن بن عليّ بعث بكتابك إليّ جوابَ كتابه إليك في ابن سرح ، فأكثرتُ التعجّب منك ، وعلمتُ أنّ لك رأيين : أحدهما من أبي سفيان والآخر من سُمَيّة. فأمّا الذي من أبي سفيان فحلم وحزم ، وأمّا رأيك من سُمَيّة فما يكون رأي مثلها؟! ومن ذلك كتابك إلى الحسن تشتم أباه وتعرّض له بالفسق ، ولعمري لأنت أَوْلى بالفسق من الحسن ، ولأبوك ـ إذ كنت تنسب إلى عُبيد ـ أَوْلى بالفسق من أبيه ، وإنّ الحسن بدأ بنفسه ارتفاعاً عليك ، وإنّ ذلك لم يضعك.

وأمّا تركك تشفيعه في ما شفع فيه إليك فحظٌّ دفعته عن نفسك إلى مَن هو أَوْلى به منك.

فإذا قدم عليك كتابي فخلّ ما في يدك لسعيد بن سرح ، وابنِ له داره ، ولا تعرض له ، واردد عليه ماله ، فقد كتبتُ إلى الحسن أن يخبر صاحبه إن شاء أقام عنده ، وإن شاء رجع إلى بلده ، ليس لك عليه سلطان بيدٍ ولا لسان.

وأمّا كتابك إلى الحسن باسمه ، ولا تنسبه إلى أبيه ، فإنّ الحسن ـ ويلك ـ مَن لا يُرمى به الرَّجَوان ، أفإلى أُمّه وكلته ، لا أُمَّ لك ، هي فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتلك أفخر له إنْ كنت تعقل. وكتب في أسفل الكتاب :

٦٨

تدارك ما ضيّعت من بعد خبرةٍ

وأنت أريبٌ بالأُمورِ خَبيرُ

أمّا حسنٌ بابن الذي كان قبله

إذا سار سار الموت حيث يسيرُ

وهل يلد الرئبال إلّانظيره

فذا حسنٌ شبهٌ له ونظيرُ

ولكنّه لو يوزن الحلم والحجى

برأي لقالوا فاعلمنّ ثبيرُ

قال الغلابي : قرأت هذا الخبر على ابن عائشة ، فقال : كتب إليه معاوية [حين] وصل كتاب الحسن في أوّل الكتاب الشعر والكلام بعده»(١) .

قال ابن عساكر :

«أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو عليّ بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني أبي ، عن هشام بن محمّد ، حدّثني أبو المُقَوّم الأنصاري بخبر ابن ثعلبة ، عن أُمّه عائشة ، عن أبيها عبد الرحمن بن السائب ، قال :

جمع زياد أهل الكوفة فملأ منهم المسجد والرحبة والقصر ليعرضهم على البراءة من عليّ ، قال عبد الرحمن : فإنّي لمع نفرٍ من الأنصار والناس في أمر عظيم ، فهوّمتُ تهويمةً فرأيت شيئاً أقبل طويل العنق مثل عنق البعير ، أهدب أهدل ، فقلت : ما أنت؟ قال : أنا النَّقَّاد ذو الرقبة ، بُعثت إلى صاحب هذا القصر ؛ فاستيقظت فزعاً ، فقلت لأصحابي : هل رأيتم ما رأيت؟ قالوا : لا ؛ فأخبرتهم ، قال : ويخرج علينا خارج من القصر فقال : إنّ الأمير يقول لكم : انصرفوا عنّي فإنّي عنكم مشغول. وإذا الطاعون قد ضربه ، فأنشأ عبد الرحمن بن السائب يقول ...»(٢) .

__________________

(١) تاريخ دمشق ١٩ / ١٩٨ ـ ١٩٩

(٢) تاريخ دمشق ١٩ / ٢٠٣

٦٩

«أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنْبَأ أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني زكريّا بن يحيى ، عن عبد السلام بن مُطَهّر ، عن جعفر بن سليمان ، عن عبد ربّه ، عن أبي كعب الجُرْمُوزي ، أنّ زياداً لمّا قدم الكوفة ، قال : أي أهل الكوفة! أعَبدٌ؟ قيل : فلان الحِمْيَري ؛ فأرسل إليه فأتاه ، فإذا سمت ونحوٌ ، فقال زياد : لو مال هذا مال أهل الكوفة معه.

فقال له : إنّي بعثت إليك لخير.

قال : قال : إنّي إلى الخير لفقير.

قال : بعثت إليك لأنولك وأعطيك على أن تلزم بيتك فلا تخرج.

قال : سبحان الله! والله لصلاة واحدة في جماعة أحبّ إليَّ من الدنيا كلّها ، ولزيارة أخ في الله وعيادة مريض أحبّ إليّ من الدنيا كلّها ، فليس إلى ذلك سبيل.

قال : فاخرج وصلّ في جماعة ، وزر إخوانك ، وعد المريض ، والزم شأنك.

قال : سبحان الله! أرى معروفاً لا أقول فيه؟! أرى منكراً لا أنهى عنه؟! فوالله لمقام من ذلك واحد أحبّ إليّ من الدنيا كلّها.

قال : يا أبا فلان! ـ قال جعفر : أظنّ الرجل أبا المُغِيْرَة ـ فهو السيف.

قال : السيف.

فأمر به فضُربت عنقه.

قال جعفر : فقيل لزياد وهو في الموت : أبشِر.

٧٠

قال : كيف وأبو المُغِيْرَة بالطريق؟!»(١) .

وروى ابن عساكر :

«كتب زياد إلى الحسن والحسين وعبد الله بن عبّاس يعتذر إليهم في شأن حجر وأصحابه ؛ فأمّا الحسن فقرأ كتابه وسكت.

وأمّا الحسين فأخذ كتابه [فمزّقه](٢) ولم يقرأه.

وأمّا ابن عبّاس فقرأ كتابه وجعل يقول : كذب كذب.

ثمّ أنشأ يحدّث قال : إنّي لمّا كنت بالبصرة كبّر الناس بي تكبيرةً ، ثمّ كبّروا الثانية ، ثمّ كبّروا الثالثة ، فدخل علَيَّ زياد فقال : هل أنت مطيعي يستقم لك الناس؟

فقلت : ماذا؟

قال : أرسل إلى فلان وفلان وفلان ـ ناس من الأشراف ـ تضرب أعناقهم يستقم لك الناس.

فعلمتُ أنّه إنّما صنع بحُجر وأصحابه مثل ما أشار به علَيّ»(٣) .

عبد الله بن خالد بن أُسيد

قال ابن عساكر : «لمّا مات زياد سنة ٥٣ ، استخلف ـ يعني على الكوفة ـ عبد الله بن خالد بن أُسيد ، فعزله معاوية وولّاها الضحّاك بن قيس ...»(٤) .

__________________

(١) تاريخ دمشق ١٩ / ٢٠٦

(٢) إضافة من مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ـ ٩ / ٧٥

(٣) تاريخ دمشق ١٩ / ١٧١ ـ ١٧٢

(٤) تاريخ دمشق ٢٤ / ٢٨٩ ، وانظر : تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٦٥

٧١

وقال ابن الأثير : «استعمله زياد على بلاد فارس ، واستخلفه زياد حين مات ، وهو الذي صلّى على زياد ، وأقرّه معاوية على الولاية بعد زياد. قاله الزبير»(١) .

وقال اليعقوبي : «لمّا نزل به الموت ـ أي بزياد بن أبيه ـ كتب إلى معاوية : إنّي أكتب إلى أمير المؤمنين وأنا في آخر يومٍ من الدنيا وأوّل يومٍ من الآخرة ، وقد استخلفت على عملي عبد الله بن خالد بن أُسيد.

فلمّا توفّي زياد ووضع نعشه ليصلّى عليه تقدّم عبيد الله ابنه فنحّاه ، وتقدّم عبد الله بن خالد فصلّى عليه ، فلمّا فرغ من دفنه خرج عبيد الله من ساعته إلى معاوية ، فلمّا قيل لمعاوية : هذا عبيد الله ؛ قال : يا بني! ما منع أباك أنْ يستخلفك؟! أما لو فعل لفعلت ؛ فقال : نشدتك الله يا أمير المؤمنين أن يقولها لي أحد بعدك ما منع أباه وعمّه أن يستعملاه؟! فولّاه خراسان ، وصيّر إليه ثغرَي الهند»(٢) .

وهو عبد الله بن خالد بن أُسيد بن أبي العيص بن أُميّة ، اختلفوا في صحبته ورؤيته للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) .

وقد كان عبد الله بن خالد صهر عثمان بن عفّان(٤) ، وكان عنده مقرّباً ، حتّى إنّه لمّا فَعَلَ بأهل مكّة ما فعل في توسعة المسجد الحرام فأمر

__________________

(١) أُسد الغابة ٣ / ١١٧ رقم ٢٩١٠ ، وانظر : نسب قريش : ١٨٨ ، الإصابة ٤ / ٧٢ رقم ٤٦٤٥

(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٤٧ ـ ١٤٨

(٣) أُسد الغابة ٣ / ١١٧ رقم ٢٩١٠ ، الإصابة ٤ / ٧١ رقم ٤٦٤٥ ، وغيرهما

(٤) كتاب المحبّر : ٥٥ ، أنساب الأشراف ٦ / ٢٣٢ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٦٤

٧٢

بحبسهم ، كلّمه فيهم عبد الله بن خالد(١) .

وأعطاه عثمان مرّةً خمسين ألفاً ، فاعترض عليه كبار الصحابة ؛ فقد جاء في خبرٍ أنّ عثمان قال مخاطباً لعليٍّ وطلحة والزبير ـ وكان معاوية حاضراً ـ : «أنا أُخبركم عنّي وعمّا وليت ، إنّ صاحبَيَّ اللذين كانا قبلي ظلما أنفسهما ومَن كان منهما بسبيلٍ احتساباً ، وإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعطي قرابته ، وأنا في رهط أهل عيلة وقلّة معاش ، فبسطت يدي في شيء من ذلك لِما أقوم به فيه ، فإنْ رأيتم خطأً فردّوه ، فأمري لأمركم تبع.

قالوا : أصبت وأحسنت ، إنّك أعطيت عبد الله بن خالد بن أُسيد خمسين ألفاً ، وأعطيت مروان خمسة عشر ألفاً ، فاستعدها منهما. فاستعادها ، فخرجوا راضين»(٢) .

وكان عبد الله عاملاً لعثمان على مكّة ، وبها مات(٣) .

وقد ذكروا عنه أنّه كان يرى الأمر لوُلد عثمان من بعده ، ولذا لم يشارك في وقعة الجمل ، بل فارق القوم ورجع

قال الطبري :

«حدّثني عمر بن شبّة ، قال : حدّثنا أبو الحسن ، قال : أخبرنا أبو عمرو ، عن عتبة بن المغيرة بن الأخنس ، قال : لقي سعيدُ بن العاص مروانَ ابن الحكم وأصحابه بذات عرق ، فقال : أين تذهبون وثأركم على أعجاز

__________________

(١) الإصابة ٤ / ٧٢

(٢) شرح نهج البلاغة ٢ / ١٣٨

(٣) أخبار مكّة ـ للفاكهاني ـ ٣ / ١٦٤

٧٣

الإبل؟! اقتلوهم ثمّ ارجعوا إلى منازلكم لا تقتلوا أنفسكم.

قالوا : بل نسير ، فلعلّنا نقتل قتلة عثمان جميعاً.

فخلا سعيد بطلحة والزبير ، فقال : إن ظفرتما لمن تجعلان الأمر؟ أصدقاني!

قالا : لأحدنا ، أيّنا اختاره الناس.

قال : بل اجعلوه لوُلد عثمان ، فإنّكم خرجتم تطلبون بدمه.

قالا : ندع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأبنائهم؟!

قال : أفلا أراني أسعى لأُخرجها من بني عبد مناف.

فرجع ورجع عبد الله بن خالد بن أُسيد ، فقال المغيرة بن شعبة : الرأي ما رأى سعيد ، مَن كان ها هنا من ثقيف فليرجع ؛ فرجع ومضى القوم معهم أبان بن عثمان والوليد بن عثمان ، فاختلفوا في الطريق ، فقالوا : من ندعو لهذا الأمر؟ فخلا الزبير بابنه عبد الله ، وخلا طلحة بعلقمة بن وقّاص الليثي ـ وكان يؤثره على ولده ـ ، فقال أحدهما : ائت الشأم ؛ وقال الآخر : ائت العراق ؛ وحاور كلّ واحد منهما صاحبه ، ثمّ اتّفقا على البصرة»(١) .

وقال ابن الأثير :

«فلمّا بلغوا ذات عرق لقي سعيدُ بن العاص مروانَ بن الحكم وأصحابه بها ، فقال : أين تذهبون وتتركون ثأركم على أعجاز الإبل وراءكم؟! ـ يعني : عائشة وطلحة والزبير ـ اقتلوهم ثمّ ارجعوا إلى منازلكم.

فقالوا : نسير ، فلعلّنا نقتل قتلة عثمان جميعاً.

فخلا سعيد بطلحة والزبير ، فقال : إن ظفرتما لمن تجعلان الأمر؟

__________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٩ حوادث سنة ٣٦ ه

٧٤

أصدقاني!

قالا : نجعله لأحدنا ، أيّنا اختاره الناس.

قال : بل تجعلونه لوُلد عثمان ، فإنّكم خرجتم تطلبون بدمه.

فقالا : ندع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأيتام؟!

قال : فلا أراني أسعى إلّالإخراجها من بني عبد مناف.

فرجع ورجع عبد الله بن خالد بن أُسيد.

وقال المغيرة بن شعبة : الرأي ما قال سعيد ؛ مَن كان ها هنا من ثقيف فليرجع ؛ فرجع ، ومضى القوم ومعهم أبان والوليد ابنا عثمان»(١) .

وقال ابن خلدون :

«وودّع أُمّهاتُ المؤمنين عائشةَ من ذات عرق باكيات ، وأشار سعيد ابن العاصي على مروان بن الحكم وأصحابه بإدراك ثارهم من عائشة وطلحة والزبير.

فقالوا : نسير لعلّنا نقتل قتلة عثمان جميعاً.

ثمّ جاء إلى طلحة والزبير ، فقال : لمن تجعلان الأمر إنْ ظفرتما؟

قالا : لأحدنا الذي تختاره الناس.

فقال : بل اجعلوه لوُلد عثمان ؛ لأنّكم خرجتم تطلبون بدمه!

فقالا : وكيف ندع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأبنائهم؟!

قال : فلا أراني أسعى إلّالإخراجها من بني عبد مناف.

فرجع ، ورجع عبد الله بن خالد بن أُسيد ، ووافقه المغيرة بن شعبة

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٣ / ١٠٢ ـ ١٠٣ حوادث سنة ٣٦ ه

٧٥

ومن معه من ثقيف فرجعوا. ومضى القوم»(١) .

وقال المقريزي :

«قالا : نجعله لأحدنا ، أيّنا اختاره الناس.

قال : بل تجعلونه لوُلد عثمان ؛ فإنّكم خرجتم تطلبون بدمه.

فقالا : ندع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأيتام؟!

قال : فلا أراني أسعى إلّالإخراجها من بني عبد مناف.

فرجع ورجع عبد الله بن خالد بن أُسيد ، وقال المغيرة بن شعبة : الرأي ما قال سعيد ، مَن كان ها هنا من ثقيف فليرجع.

فرجع ، ومضى القوم ومعهم أبان والوليد ابنا عثمان ، وأعطى يعلى بن منبّه عائشةَ جملاً اسمه عسكر اشتراه بثمانين ديناراً ، فركبته ، وقيل : بل كان جملها لرجل من عرينة»(٢) .

هذا ، وكأنّ معاوية لم يجد فيه الرجل المناسب لتطبيق خططه ومآربه في الكوفة ، من أجل القضاء على الشيعة وتقوية الحزب الأُموي تمهيداً لحكومة يزيد من بعده ، ويشهد بذلك إجراؤه الحدَّ على عمر بن سعد بن أبي وقّاص ـ وهو من أعيان الحزب المذكور ـ كما روى ابن حبيب البغدادي حيث قال : «وحدّ عبدُ الله بن خالد بن أُسيد عمرَ بن سعد بن أبي وقّاص ، فغضب ، فوفد على معاوية فشكا إليه عبد الله بن خالد وما ركبه به ، وأخبره أنّه ظلمه ، وسأله أن يقتصّ له منه ، وأنْ يأخذ له منه حقّه.

فقال معاوية : يا بن أخي! وجدته والله صلاته من بني عبد شمس.

__________________

(١) تاريخ ابن خلدون ٢ ق ٥ / ٥٨٠ ـ ٥٨١

(٢) إمتاع الأسماع ١٣ / ٢٣٢

٧٦

فقال عمر : يا أمير المؤمنين! بك والله بدأ حين ضرب أخاك عنبسة بالطائف ثمّ لم تنتقم منه»(١) .

فلهذه الأُمور وغيرها عزله عن الكوفة(٢) .

لكنّه ـ على كلّ حالٍ ـ من بني أُميّة لا شبهة فيه(٣) ، فجعله والياً على مكّة ، قال الفاكهاني : «ومن ولاة مكّة أيضاً : عبد الله بن خالد بن أُسيد في زمن معاوية»(٤) .

الضحّاك بن قيس

ثمّ كان الوالي عليها : الضحّاك بن قيس ، سنة ٥٤.

قال الواقدي : وُلد قبل وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسنةٍ أو سنتين أو سبع.

لكنّ ابن عساكر قال : له صحبة ، روى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئاً يسيراً ، قال : ويقال : إنّه لا صحبة له.

وقال الذهبي : عداده في صغار الصحابة ، وله أحاديث.

لكن عن مسلم بن الحجّاج أنّه شهد بدراً. فقالوا : وهو وهمٌ فظيع.

وهو الضحّاك بن قيس بن خالد الأكبر القرشي الفهري.

شهد صفّين مع معاوية وكان على أهل دمشق ، وهم القلب.

__________________

(١) المنمّق : ٣٩٨

(٢) انظر : البداية والنهاية ٨ / ٥٨

(٣) نسب قريش : ١٨٧ ، جمهرة أنساب العرب ـ لابن حزم ـ : ١١٣ ، أُسد الغابة ٣ / ١١٧ رقم ٢٩١٠ ، الإصابة ٤ / ٧١ رقم ٤٦٤٥

(٤) أخبار مكّة ٣ / ١٧٦ ـ ١٧٧ ، وانظر : الزهور المقتطفة ـ للفاسي ـ : ٢١١ ب ٣٧

٧٧

وكان على شرطة معاوية ، ثمّ ولّاه الكوفة.

وهو الذي صلّى على معاوية وقام بخلافته حتّى قدم يزيد من حوّارين.

ثمّ إنّ له أخباراً ووقائع بعد هلاك يزيد ، لا حاجة إلى ذكرها حتّى قتل سنة ٦٤(١) .

عبد الرحمن بن أُمّ الحكم

ثمّ إنّ معاوية عزل الضحّاك بن قيس سنة ٥٧ ، وولّى مكانه عبد الرحمن بن أُمّ الحكم ، واستدعى الضحّاك إلى الشام فكان معه إلى أن مات معاوية وصلّى عليه كما تقدّم ، وهذه خلاصة ترجمة عبد الرحمن المذكور ، كما في تاريخ دمشق وغيره(٢) :

هو : عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفي ، وأُمّه أُمّ الحكم بنت أبي سفيان ، أُخت معاوية. روى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرسلاً ، وقيل : إنّ له صحبة ، وصلّى خلف عثمان بن عفّان.

كان جدّه عثمان يحمل لواء المشركين يوم حنين ، فقتله أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام .

__________________

(١) ذكرنا ملخّص ترجمته عن : تاريخ دمشق ٢٤ / ٢٨٠ ـ ٢٩٨ رقم ٢٩٢٠ ، أُسد الغابة ٢ / ٤٣١ ـ ٤٣٢ رقم ٢٥٥٧ ، العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين ٤ / ٢٨٦ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٤١ ـ ٢٤٥ رقم ٤٦ ، الإصابة ٣ / ٤٧٨ ـ ٤٨٠ رقم ٤١٧٣

(٢) انظر : تاريخ دمشق ٣٥ / ٥٣ ـ ٥٤ رقم ٣٨٥٦ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٦ / ٥٥ رقم ١٦٩٩ ، تاريخ الطبري ٣ / ٢٥٢ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٣٥٨ ، أُسد الغابة ٣ / ٣٣٣ رقم ٣٢٨٤ وص ٣٦٥ رقم ٣٣٣٩ ، البداية والنهاية ٨ / ٦٦

٧٨

ولّاه معاوية على الكوفة ، ثمّ عزله عنها فولّاه مصر ثمّ الجزيرة ، فكان عليها حتّى مات معاوية.

ومن أخباره ما رواه ابن عساكر :

«كان عبد الرحمن بن أُمّ الحكم ينازع يزيد بن معاوية كثيراً ، فقال معاوية لأبي خداش بن عتبة بن أبي لهب : إنّ عبد الرحمن لا يزال يتعرّض ليزيد ، فتعرّض له أنت حتّى تُسمع يزيد ما يجري بينكما ولك عشرة آلاف درهم.

قال : عجّلها لي! فعجّلها له ، فحُملت إليه ، ثمّ التقوا عند معاوية ، فقال أبو خداش : يا أمير المؤمنين! أعدني على عبد الرحمن ، فإنّه قتل مولىً لي بالكوفة.

فقال عبد الرحمن : يا بن بنت! ألا تسكت؟!

فقال أبو خداش لعبد الرحمن : يا بن تمدّر ، يا بن البريح ، يا بن أُمّ قدح!

فقال معاوية : يا أبا خداش! حسبك ، يرحمك الله على دية مولاك.

فخرج أبو خداش ثمّ عاد إلى معاوية ، فقال : أعطني عشرة آلاف أُخرى ، وإلّا أخبرت عبد الرحمن أنّك أنت أمرتني بذلك ؛ فأعطاه عشرة آلاف ، وقال : فسِّر ليزيد ما قلتَ لعبد الرحمن.

قال : هنّ أُمّهات لعبد الرحمن حبشيات ، وقد ذكرهنّ ابن الكاهلية الثقفي ، وهو يهجو ابن عمٍّ لعبد الرحمن :

ثلاث قد ولدنك من حُبُوش

إذا يسمو خدينك بالزمامِ

تمدّر والبريح وأُمّ قدح

ومجلوبٌ يعدّ من آلِ حامِ»

٧٩

ومنها ما رواه ابن الجوزي حين قال :

«وجرت لعبد الرحمن ابن أُمّ الحكم قصّة عجيبة ، أخبرنا بها محمّد ابن ناصر الحافظ ، قال : أخبرنا المبارك بن عبد الجبّار ، وأخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبة ، قالت : أخبرنا جعفر بن أحمد السرّاج ، قال : أخبرنا أبو محمّد الجوهري ، قال : أخبرنا أبو عمر ابن حيويه ، قال : حدّثنا محمّد بن خلف ، قال : حدّثني محمّد بن عبد الرحمن القرشي ، قال : حدّثنا محمّد ابن عبيد ، قال : حدّثنا محمّد بن خلف ، قال : حدّثني محمّد بن عبد الرحمن القرشي ، قال : حدّثنا محمّد بن عبيد ، قال : حدّثنا أبو مخنف ، عن هشام بن عروة ، قال :

أذن معاوية بن أبي سفيان يوماً ، فكان في مَن دخل عليه فتىً من بني عذرة ، فلمّا أخذ الناس مجالسهم قام الفتى العذري بين السماطين ثمّ أنشأ يقول :

معاوي يا ذا الفضل والحكم والعقل

وذا البرّ والإحسان والجود والبذلِ

أتيتك لمّا ضاق في الأرض مسلكي

وأَنكرتُ ممّا قد أُصبت به عقلي

ففرّج كلاك الله عنّي فإنّني

لقيت الذي لم يلقه أحدٌ قبلي

وخذ لي هداك الله حقّي من الذي

رماني بسهم كان أهونه قتلي

وكنت أُرجّي عدله إن أتيته

فأكثر تردادي مع الحبس والكبلِ

فطلّقتها من جهد ما قد أصابني

فهذا أمير المؤمنين من العذلِ

فقال معاوية : ادن بارك الله عليك ، ما خطبك؟

فقال : أطال الله بقاء أمير المؤمنين ، إنّني رجل من بني عذرة ، تزوّجت ابنة عمٍّ لي ، وكانت لي صرمة من إبل وشويهات ، فأنفقت ذلك

٨٠