من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟0%

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟ مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 978-964-2501-97-7
الصفحات: 482

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف:

ISBN: 978-964-2501-97-7
الصفحات: 482
المشاهدات: 39267
تحميل: 3560

توضيحات:

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 482 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39267 / تحميل: 3560
الحجم الحجم الحجم
من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

مؤلف:
ISBN: 978-964-2501-97-7
العربية

عليها ، فلمّا أصابتني نائبة الزمان وحادثات الدهر رغب عنّي أبوها ، وكانت جارية فيها الحياء والكرم ، فكرهت مخالفة أبيها ، فأتيت عاملك ابن أُمّ الحكم فذكرت ذلك له ، وبلغه جمالها ، فأعطى أباها عشرة آلاف درهم وتزوّجها ، وأخذني فحبسني وضيّق علَيَّ ، فلمّا أصابني مسّ الحديد وألم العذاب طلّقتها ، وقد أتيتك يا أمير المؤمنين وأنت غياث المحروب وسند المسلوب ، فهل من فرج؟

ثمّ بكى وقال في بكائه :

في القلب منّي نار

والنار فيها شرار

والجسم منّي نحيل

واللون فيه اصفرارُ

والعين تبكي بشجو

ودمعها مدرار

والحبُّ داء عسير

فيه الطبيب يحارُ

حملت منه عظيماً

فما عليه اصطبار

فليس ليلي بليل

ولا نهاري نهارُ

فرقّ له معاوية ، وكتب له إلى ابن أُمّ الحكم كتاباً غليظاً ، وكتب في آخره يقول :

ركبتَ أمراً عظيماً لستُ أعرفه

أستغفرُ الله من جور امرئٍ زانِ

قد كنتَ تشبه صوفيّاً له كتب

من الفرائض أو آثار فرقانِ

حتّى أتاني الفتى العذري منتحباً

يشكو إليّ بحقٍّ غير بهتانِ

٨١

أعطى الإله عهوداً لا أجيش بها

أو لا فبرِّئت من دين وإيمانِ

إن أنت راجعتني في ما كتبتُ به

لأجعلنَّك لحماً عند عقبانِ

طلّق سعاد وفارقها بمجتمع

وأشهِد على ذاك نصراً وابنَ ظبيانِ

فما سمعت كما بلّغت من عجب

ولا فِعالك حقّاً فِعل إنسانِ

فلمّا ورد كتاب معاوية على ابن أُمّ الحكم تنفّس الصعداء وقال : وددت أنّ أمير المؤمنين خلّى بيني وبينها سنة ثمّ عرضني على السيف!

وجعل يؤامر نفسه في طلاقها فلا يقدر ، فلمّا أزعجه الوفد طلّقها ، ثمّ قال : يا سعاد ، اخرجي.

فخرجت شكلة غنجة ، ذات هيئة وجمال ، فلمّا رآها الوفد قالوا : ما تصلح هذه إلّالأمير المؤمنين لا لأعرابي.

وكتب جواب كتابه يقول :

لا تحنثنَّ أميرَ المؤمنين فقد

أوفى بعهدك في رفق وإحسانِ

وما ركبتُ حراماً حيث أعجبني

فكيف سُمّيت باسم الخائن الزاني

وسوف يأتيك شمس لا خفاء بها

أبهى البريّة من إنس ومن جانِ

٨٢

حوراء يقصر عنها الوصف إنْ وُصفت

أقول ذلك في سرٍّ وإعلانِ

فلمّا ورد الكتاب على معاوية ، قال : إن كانت أعطيت حسن النعمة على هذه الصفة فهي أكمل البرية ؛ فاستنطقها ، فإذا هي أحسن الناس كلاماً وأكملهم شكلاً ودلّاً ، فقال : يا أعرابي! فهل من سلو عنها بأفضل الرغبة؟

قال : نعم ، إذا فرّقت بين رأسي وجسدي! ثمّ أنشأ يقول :

لا تجعلنّي والأمثال تضرب بي

كالمستغيث من الرمضاء بالنارِ

أُردد سعاد على حيران مكتئب

يمسي ويصبح في همٍّ وتذكارِ

قد شفّه قلق ما مثله قلق

وأسعر القلب منه أيّ إسعارِ

والله والله لا أنسى محبّتها

حتّى أُغيّب في رمس وأحجارِ

كيف السلوّ وقد هام الفؤاد بها

وأصبح القلب عنها غير صبّارِ

قال : فغضب معاوية غضباً شديداً ، ثمّ قال لها : اختاري! إن شئت أنا ، وإن شئت ابن أُمّ الحكم ، وإن شئت الأعرابي.

فأنشأت سعاد وارتجزت تقول :

هذا وإن أصبح في الخمار

وكان في نقص من اليسارِ

أكثر عندي من أبي وجاري

وصاحب الدرهم والدينارِ

أخشى إذا غدرت حرّ النارِ

فقال معاوية : خذها لا بارك الله لك فيها.

فارتجز الأعرابي يقول :

خلّوا عن الطريق للأعرابي

ألم ترقّوا ـ وَيْحَكُمْ ـ لِما بي؟!

قال : فضحك معاوية وأمر له بعشرة آلاف درهم وناقة ووطاء. وأمر

٨٣

بها فأُدخلت في بعض قصوره حتّى انقضت عدّتها من ابن أُمّ الحكم ، ثمّ أمر بدفعها إلى الأعرابي»(١) .

قال ابن عساكر :

«قَتل عبدُ الرحمن بن أُمّ الحكم ابنَ صلوبا ، فجاء الشيخ صلوبا فدخل المسجد آخذاً بلحية بيضاء ، قال : فقال : يا معشر المسلمين! على ما قُتل ابني؟! على هذا صالحتُ عمر بن الخطّاب ؛ قال : فقال الناس : ذمّتكم ذمّتكم! فاجتمع الناس ، وجاء جرير ، قال : فجاء عبدَ الرحمن ناسٌ فقالوا له : إنّا نخاف عليك ، فأغلق باب المقصورة.

أخْبَرَنا أبو القاسم بن الحُصَين ، أنا الحسن بن عيسى بن المقتدر ، أنا أبو العبّاس أحمد بن منصور اليشكري ، أنا أبو عبد الله الصولي ، نا الحارث ابن أبي أُسامة ، نا علي بن محمّد بن سيف ، قال :

لمّا اشتدّ بلاء عبد الرحمن بن أُمّ الحكم على أهل الكوفة ، قال عبد الله بن همّام السَّلُولي شعراً ، وكتبه في رقاع ، وطرحها في مسجد الجامع :

أَلَا أبلغْ معاويةَ بن صخرٍ

فقد خرب السوادُ ولا سوادا

أرى العمّال أفتتنا علينا

بعاجلِ نفعهم ظلموا العبادا

فهل لك أن تُدَارَك ما لدينا

وتدفعَ عن رعيّتك الفسادا

وتعزل تابعاً أبداً هواه

يخرّبُ مِن بَلادته البِلادا

إذا ما قلتُ : أقصر عن مداه

تمادى في ضلالته وزَادا

__________________

(١) المنتظم ٤ /١١٠ ـ ١١٣ حوادث سنة ٥٨ هـــ.

٨٤

فبلغ الشعر معاوية فعزله»(١) .

وذكر ابن عساكر وابن الأثير بترجمته ، وكذا المؤرّخون ـ كالطبري وابن الجوزي وابن الأثير ـ في حوادث السنة ٥٨ ، أنّ عبد الرحمن أساء السيرة في أهل الكوفة فطردوه ، قالوا :

«استعمل معاوية ابن أُمّ الحكم على الكوفة ، فأساء السيرة فيهم ، فطردوه ، فلحق بمعاوية وهو خاله ، فقال له : أُولّيك خيراً منها مصر ؛ فولّاه ، فتوجّه إليها وبلغ معاوية بن حُدَيج السَّكُوني الخبر ، فخرج فاستقبله على مرحلتين من مصر ، فقال : ارجع إلى خالك ، فلعمري لا تسير فينا سيرتك في إخواننا من أهل الكوفة.

قال : فرجع معاوية ، وأقبل معاوية بن حُدَيج وافداً ، وكان إذا جاء قُلِّستْ(٢) له الطريق ـ يعني ضُربت له قباب الريحان ـ ، قال : فدخل على معاوية وعنده أُمّ الحكم ، فقالت : من هذا يا أمير المؤمنين؟

قال : بَخٍ ، هذا معاوية بن حُدَيج.

قالت : لا مرحباً به ، تسمع بالمعيدي خيرٌ من أن تراه(٣) .

فقال : على رِسْلك يا أُمّ الحكم ، أمَا والله لقد تزوّجتِ فما أكرمتِ ،

__________________

(١) تاريخ دمشق ٣٥ / ٥١ ـ ٥٢

(٢) التقليس : استقبال الولاة عند قدومهم بأصناف اللهو ، كالضرب بالدفّ والغناء ؛ انظر : لسان العرب ١١ / ٢٧٨ مادّة «قلس».

وضرب قباب الريحان ضرب من ضروب الاستقبال

(٣) مثلٌ يُضرب لمن خبره خير من مرآه ، أوّل من قاله المنذر ابن ماء السماء ، وقيل : النعمان بن المنذر.

انظر : جمهرة الأمثال ـ للعسكري ـ ١ / ٢٢٦ ، مجمع الأمثال ـ للميداني ـ ١ / ٢٢٧ رقم ٦٥٥

٨٥

وولدتِ فما أنجبتِ ، أردت أن يلي ابنك الفاسق علينا ، فيسيرُ فينا كما سار في إخواننا من أهل الكوفة ، ما كان الله ليرى ذلك ، ولو فعل لضربناه ضرباً يصامي منه ، وإن كان ذاك الجالس.

فالتفت إليها معاوية فقال : كُفّي»(١) .

النعمان بن بشير الأنصاري

وهو : النعمان بن بشير بن سعد الخزرجي الأنصاري.

من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

كان النعمان بن بشير منقطعاً إلى معاوية ، وولّاه الكوفة ، فكان عليها حتّى مات معاوية ، وأقرّه يزيد حتّى خرج الإمام الحسينعليه‌السلام من مكّة متوجّهاً نحو الكوفة ، فعزله بعبيد الله بن زياد ، وأمّر يزيدُ النعمانَ على حمص ، فكان عليها إلى ما بعد موت يزيد ، ثمّ قتل هناك في سنة أربع أو خمس وستّين(٢) .

وعن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، أنّه أتى بيت المقدّس يريد الصلاة فيه ، فجلس إلى رجلٍ قد اجتمع الناس عليه ، فقال : من الرجل؟

__________________

(١) تاريخ دمشق ٣٥ / ٥٢ ـ ٥٣ ، تاريخ الطبري ٣ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ، المنتظم ٤ / ١١٠ ـ ١١١ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ، البداية والنهاية ٨ / ٦٦ ـ ٦٧

(٢) انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٦ / ١٢٢ رقم ١٩٣٠ ، التاريخ الكبير ٨ / ٧٥ رقم ٢٢٢٢ ، الجرح والتعديل ٨ / ٤٤٤ رقم ٢٠٣٣ ، تاريخ دمشق ٦٢ / ١١١ رقم ٧٨٩٧ ، أُسد الغابة ٤ / ٥٥٠ رقم ٥٢٣٠ ، تهذيب الكمال ١٩ / ١٠٠ رقم ٧٠٣٢ ، الإصابة ٦ / ٤٤٠ رقم ٨٧٣٤

٨٦

فقلت : رجل من أهل حمص.

قال : كيف وجدتم إمارة النعمان بن بشير؟

فذكرت خيراً.

قال : إذا أتيته فأقرئه منّي السلام وقل له : إنّ فضالة بن عبيد يقول لك : قوله لك وقولك له.

فقلت : والله ما أدري ما هذا؟!

قال : إنّي سأبيّنه لك ؛ لقيته بالمدينة وهو معنيٌّ بالجهاد فقلت : أين تريد؟

فقال : إنّي ابتعت نفسي من الله ، إنّي أُجاهد أو أُهاجر إلى الشام ولا أزال فيها حتّى يدركني الموت.

قال : فقلت له : لقد أفلحت إذاً ؛ ولكنّي أرى فيك غير هذا.

قال : فقال لي : ما رأيت فيَّ؟

فقلت : كأنّي بك أتيت الشام ، أتيت معاوية فدخلت عليه فانتسبت له ، فقلت : أنا النعمان بن بشير بن سعد ، وخالي عبد الله بن رواحة.

فتقول له أُقاويل وتحدّثه بالخرافات ، فيستعملك على مدينةٍ إمّا أن تهلكهم وإمّا أن يهلكوك(١) .

هذا مجمل التعريف بالرجل ، وسيأتي مزيد الكلام عليه في محلّه.

__________________

(١) تاريخ دمشق ٦٢ / ١٢٥ ، تهذيب الكمال ١٩ / ١٠٠ ـ ١٠١ رقم ٧٠٣٢

٨٧
٨٨

الفصل الثاني :

تصفية الشيعة في الكوفة

٨٩
٩٠

أدوار الولاة

وقد كان لكلّ واحدٍ من هؤلاء دور في تنفيذ مخطّطات معاوية والتمهيد لوصوله إلى مآربه فقام كلّ واحدٍ بالإجراءات اللازمة وتطبيق التعليمات المعيّنة

أمّا المغيرة ، فقد احتملنا قويّاً أنّ اقتراحه على معاوية بالعهد ليزيد كان بالتنسيق مع معاوية

وأمّا النعمان بن بشير ، فتأتي الإشارة إلى الدور الذي قام به في سبيل القضاء على سيدنا مسلم بن عقيل وأصحابه في الباب الثاني.

والكلام الآن على دور زياد بن أبيه وأفعاله ، ومن أهمّها القضاء على رجالات الشيعة في الكوفة ، حتّى لا تبقى معارضة قوية لولاية يزيد ، ولا يبقى أنصار للإمام الحسين الشهيد.

دور زياد في القضاء على رجالات الشيعة

فكم من شخصيّة شيعية بارزة ومن رؤساء القبائل العربية في الكوفة ، استشهد على يد زياد ، أو سجن ، أو شُرّد في البلاد! وكم قطع الأيدي والأرجل وسمل الأعين!

٩١

قتل حُجر بن عديّ الكندي

ولعلّ من أهمّ وأقدم إجراءات زياد في الكوفة : قتله حجراً وعمرَو بن الحَمِق.

أمّا حُجر بن عديّ ، فهو من أجلّاء أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل لقد وصفه بعضهم بقوله : «هو راهب أصحاب محمّد»(١) .

ترجم له كبار المؤرّخين والرجاليّين :

قال ابن عبد البرّ : «كان من فضلاء الصحابة ، وصغر سنّه عن كبارهم ، وكان على كندة يوم صِفّين ، وكان على الميسرة يوم النهروان»(٢) .

وقال ابن حجر : «شهد القادسية ، وإنّه شهد بعد ذلك الجمل وصِفّين ، وصحب عليّاً فكان من شيعته ، وقُتل بمرج عذراء(٣) بأمر معاوية»(٤) .

وقال ابن الأثير : «كان من فضلاء الصحابة ، وكان على كندة بصِفّين ، وعلى الميسرة يوم النهروان ، وشهد الجمل أيضاً مع عليٍّ ، وكان من أعيان

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٥٣١ كتاب معرفة الصحابة

(٢) الاستيعاب ١ / ٣٢٩ رقم ٤٨٧

(٣) مرج عذراء : من قرى غوطة دمشق ، تقع في الشمال الشرقي منها ، وتبعد عنهاخمسة عشر ميلاً تقريباً ، وبها قبر حجر بن عديّ وأصحابه في مسجدها ، ولا تزال إلى يومنا هذا ، وأخطأ من زعم أنّه دُفن مع أصحابه بمسجد السادات الموجود في حيّ مسجد الأقصاب.

انظر : معجم ما استعجم ٣ / ٩٢٦ ـ ٩٢٧ ، معجم البلدان ٤ / ١٠٣ رقم ٨٢٥١ ، مراصد الاطّلاع ٢ / ٩٢٥

(٤) الإصابة ٢ / ٣٧ رقم ١٦٣١

٩٢

أصحابه»(١) .

وقال ابن كثير : «وفد إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان هذا الرجل من عبّاد الناس وزهّادهم ، وكان بارّاً بأُمّه ، وكان كثير الصلاة والصيام ما أحدث قطّ إلّاتوضّأ ، ولا توضّأ إلّاصلّى ركعتين»(٢) .

وقال الذهبي : «كان شريفاً ، أميراً مطاعاً ، أمّاراً بالمعروف ، مقدِماً على الإنكار ، من شيعة عليٍّ رضي الله عنهما ، شهد صِفّين أميراً ، وكان ذا صلاحٍ وتعبُّد»(٣) .

قال أحمد بن حنبل : «قلت ليحيى بن سليمان : أَبلَغك أنّ حُجراً كان مستجاب الدعوة؟ قال : نعم ، وكان من أفاضل أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٤) .

وقال ابن سعد : «كان ثقة معروفاً ، ولم يرو عن غير عليٍّ شيئاً»(٥) .

قال الحاكم : «قُتل في موالاة عليّ»(٦) .

وقد ذُكرت كيفيّة قتله في مختلف الكتب بالتفصيل(٧) .

وكان زياد قد ألقى القبض على أربعة عشر رجلاً من أصحاب حُجر

__________________

(١) أُسد الغابة ١ / ٤٦١ رقم ١٠٩٣

(٢) البداية والنهاية ٨ / ٤١ حوادث سنة ٥١ ه

(٣) سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٦٣ رقم ٩٥

(٤) الاستيعاب ١ / ٣٣١

(٥) الطبقات الكبرى ٦ / ٢٤٤ رقم ٢٢١٢

(٦) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٥٣٤ ح ٥٩٨٣

(٧) انظر مثلاً : تاريخ الطبري ٣ / ٢١٨ ـ ٢٣٣ ، الأغاني ١٧ / ١٣٧ ـ ١٥٩ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٣٢٦ ـ ٣٣٨ ، البداية والنهاية ٨ / ٤٠ ـ ٤٥

٩٣

وأرسلهم معه إلى الشام ، فَقَتَل معاوية منهم خمسة مع حُجر ، وهم : شريك ابن شدّاد الحضرمي ، وصيفي بن فسيل الشيباني ، وقبيصة بن ضبيعة العبسي ، ومحرز بن شهاب السعدي ثمّ المنقري ، وكدام بن حيان العنزي.

وبعث معاوية عبد الرحمن بن حسّان العنزي إلى زياد ، فدفنه بالكوفة حيّاً.

وأمّا السبعة الآخرون وهم : عبد الله بن حوية التميمي ، وسعيد بن نمران الهمداني ، وكريم بن عفيف الخثعمي ، وعاصم بن عوف البجلي ، وورقاء بن سمي البجلي ، والأرقم بن عبد الله الكندي ، وعتبة بن الأخنس ، فقد شفع فيهم بعض الشخصيات عند معاوية فأطلقهم(١) .

وبما أنّ حُجراً كان من الصحابة الأجلّاء ، فقد احتاجوا لإلقاء القبض عليه وقتله إلى إقامة الشهادة على إبائه من البراءة من أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، هذا الجرم الكبير الذي يُستحقُّ به القتل!! فكان من الشهود جمع كبير من الصحابة وأبناء الصحابة وسائر الشخصيات من الحزب الأُموي والخوارج ، منهم :

عمرو بن حريث

خالد بن عرفطة

أبو بردة بن أبي موسى الأشعري

قيس بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة

إسحاق بن طلحة بن عبيد الله

موسى بن طلحة بن عبيد الله

__________________

(١) تاريخ دمشق ٨ / ٢٧

٩٤

إسماعيل بن طلحة بن عبيد الله

المنذر بن الزبير بن العوّام

عمر بن سعد بن أبي وقّاص

عمارة بن عقبة بن أبي معيط

شبث بن ربعي

القعقاع بن شور الذهلي

حجّار بن أبجر العجلي

عمرو بن الحجّاج الزبيدي

شمر بن ذي الجوشن

زحر بن قيس

كثير بن شهاب

عامر بن مسعود بن أُميّة بن خلف

محرز بن جارية بن ربيعة بن عبد العزّى بن عبد شمس

عبيد الله بن مسلم بن شعبة الحضرمي

عناق بن شرحبيل بن أبي دهم

وائل بن حجر الحضرمي

مصقلة بن هبيرة الشيباني

قطن بن عبد الله بن حصين الحارثي

السائب بن الأقرع الثقفي

لبيد بن عطارد التميمي

محضر بن ثعلبة

٩٥

عبد الرحمن بن قيس الأسدي

عزرة بن عزرة الأحمسي(١) .

وكان وائل بن حجر الحضرمي وكثير بن شهاب الحارثي على رأس الجماعة الّذين أخذوا حُجراً وأصحابه إلى معاوية.

وإنّما ذكرنا أسماء الشهود لنقاطٍ :

١ ـ ليُعلم أنّ الصحابي أو التابعي قد يشهد شهادة زورٍ ويشترك في قتل النفس المحترمة!

٢ ـ ولأنّ جماعةً كبيرةً من هؤلاء تجد أسماءهم في قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة ، وفي من حضر واقعة كربلاء لقتل سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيّد الشهداء.

٣ ـ وهم من رجال الصحاح الستّة عند أهل السُنّة الموثوقين المعتمدين ، فاعرف قيمة كتبهم وعمّن يأخذون أحكامهم!!

هذا ، وقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أخبر عن هذه الواقعة كما في رواية ابن عساكر : «عن أبي الأسود ، قال : دخل معاوية على عائشة فقالت : ما حملك على قتل حُجر وأصحابه؟ فقال : يا أُمّ المؤمنين! إنّي رأيت قتلهم صلاحاً للأُمّة ، وأنّ بقاءَهم فسادٌ للأُمّة.

فقالت : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : سيُقتل بعذراء ناس يغضب اللهُ لهم وأهلُ السماء»(٢) .

__________________

(١) انظر : تاريخ الطبري ٣ / ٢٢٠ ـ ٢٣١ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٣٢٦ ـ ٣٣٨ ، البداية والنهاية ٨ / ٤٠ ـ ٤٥

(٢) تاريخ دمشق ١٢ / ٢٢٦ ، وانظر : بغية الطلب ٥ / ٢١٢٩ ، كنز العمّال ١١ / ١٢٦ ح ٣٠٨٨٧ ، الجامع الصغير : ٢٩٣ ح ٤٧٦٥

٩٦

وأخبر بذلك أمير المؤمنين ، فقد روى ابن عساكر : «عن ابن زرير الغافقي ، عن عليّ بن أبي طالب ، قال : يا أهل الكوفة! سيُقتل فيكم سبعة نفر من خياركم ، مثلهم كمثل أصحاب الأُخدود»(١) .

ومن العجب قوله لعائشة : «إنّي رأيت قتلهم صلاحاً للأُمّة ...» حتّى إذا أوشك على الموت قال : «يومي منك يا حُجر طويل»(٢) ، وفي روايةٍ أُخرى قال : «ما قتلت أحداً إلّاوأنا أعرف فيمَ قتلته وما أردت به ، ما خلا حُجر بن عديّ ، فإنّي لا أعرف فيما قتلته؟!»(٣) .

وأيضاً ، فقد روي أنّه لمّا قالت له عائشة : «يا معاوية ، أما خشيت الله في قتل حُجر وأصحابه؟» قال : «لستُ أنا قتلتهم ، إنّما قتلهم من شهد عليهم»(٤) .

وأوصى حُجر بأنْ يدفنوه بثيابه ودمائه قائلاً : «لا تغسلوا عنّي دماً ، ولا تطلقوا عنّي حديداً ، وادفنوني في ثيابي ، فإنّي ألتقي أنا ومعاوية على الجادّة غداً»(٥) .

قتل عمرو بن الحَمِق

وأمّا عمرو بن الحَمِق الخزاعي فمن مشاهير الصحابة أيضاً

__________________

(١) تاريخ دمشق ١٢ / ٢٢٧

(٢) انظر : تاريخ الطبري ٣ / ٢٢٠ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٣٣٨

(٣) تاريخ دمشق ١٢ / ٢٣١ ، بغية الطلب ٥ / ٢١٢٧

(٤) تاريخ الطبري ٣ / ٢٣٢ ، الاستيعاب ١ / ٣٣١

(٥) مصنّف ابن أبي شيبة ٣ / ١٣٩ ب ٢٩ ح ٢ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٥٣٣ ح ٥٩٧٩

٩٧

ترجم له كبار المؤرّخين وعلماء الرجال :

قال ابن عبد البرّ : «صحب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحفظ عنه أحاديث»(١) .

وقد اتّفقوا على أنّه كان من شيعة أمير المؤمنين ، وشهد معه حروبه.

روى ابن عساكر : «لمّا قدم زياد الكوفة أتاه عمارة بن عقبة بن أبي معيط فقال : إنّ عمرو بن الحَمِق يجتمع إليه من شيعة أبي تراب.

فقال له عمرو بن حريث : ما يدعوك إلى رفع ما لا تيقّنه ولا تدري ما عاقبته؟!

فقال زياد : كلاكما لم يصب ، أنت حيث تكلّمني في هذا علانيةً ، وعمرو حين يردّك عن كلامك ، قوما إلى عمرو بن الحَمِق فقولا له : ما هذه الزرافات التي تجتمع عندك؟! من أرادك أو أردت كلامه ففي المسجد»(٢) .

واتّفقوا أيضاً على أنّه لمّا قبض زياد على حُجر بن عديّ ، هرب إلى الموصل واختفى هناك.

ثمّ حاول بعضهم التكتّم على واقع الأمر ، فزعم أنّه «نهشته حيّة فمات»(٣)

لكنّهم عادوا فاتّفقوا على أنّه قد بُعث برأسه إلى معاوية ، فكان أوّل رأس أُهدي في الإسلام(٤) ، ومنهم من صرَّح بأنّ زياداً هو الذي بعث به

__________________

(١) الاستيعاب ٣ / ١١٧٣ ـ ١١٧٤ رقم ١٩٠٩

(٢) تاريخ دمشق ٤٥ / ٤٩٨ ، وانظر : الكامل في التاريخ ٣ / ٣١٨

(٣) الإصابة ٤ / ٦٢٤ رقم ٥٨٢٢

(٤) الثقات ٣ / ٢٧٥ ، تاريخ دمشق ٤٥ / ٤٩٦ ، أُسد الغابة ٣ / ٧١٥ رقم ٣٩٠٦

٩٨

إليه(١)

ولكنِ انظر إلى كلام علماء السوء المدافعين عن الظالمين ، الشركاء لهم في ظلمهم ، يقول ابن عساكر : «كان أوّل رأس أُهدي في الإسلام رأس عمرو بن الحَمِق ، أصابته لدغة فتوفّي ، فخافت الرسل أن يُتّهموا به فقطعوا رأسه فحملوه إلى معاوية»(٢) .

لكنّ الحقيقة تنكشف وتجري على ألسنتهم :

فقال ابن حجر : «قال خليفة : قُتل سنة إحدى وخمسين ، وأنّ عبد الرحمن بن عثمان الثقفي قتله بالموصل وبعث برأسه»(٣) .

وقال الطبري : «... وزياد ليس له عمل إلّاطلب رؤساء أصحاب حُجر ، فخرج عمرو بن الحَمِق ورفاعة بن شدّاد حتّى نزلا المدائن ، ثمّ ارتحلا حتّى أتيا أرض الموصل ، فأتيا جبلاً فكمنا فيه ، وبلغ عامل ذلك الرستاق أنّ رجلين قد كمنا في جانب الجبل ، فاستنكر شأنهما وهو رجل من همدان يقال له : عبد الله بن أبي بلتعة ، فسار إليهما في الخيل نحو الجبل ومعه أهل البلد ، فلمّا انتهى إليهما خرجا ، فأمّا عمرو بن الحَمِق فكان مريضاً وكان بطنه قد سقي ، فلم يكن عنده امتناع ، وأمّا رفاعة بن شدّاد ـ وكان شابّاً قوياً ـ فوثب على فرس له جواد فقال له : أُقاتل عنك؟ قال : وما ينفعني أن تقاتل؟ أنْجُ بنفسك إن استطعت ؛ فحمل عليهم فأفرجوا له ، فخرج تنفر به فرسه وخرجت الخيل في طلبه وكان رامياً ، فأخذ لا يلحقه

__________________

(١) الإصابة ٤ / ٦٢٤ رقم ٥٨٢٢

(٢) تاريخ دمشق ٤٥ / ٤٩٦

(٣) الإصابة ٤ / ٦٢٤ رقم ٥٨٢٢ ، وانظر : الطبقات ـ لابن خيّاط ـ : ١٨٠ رقم ٦٦٣ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ١٥٩ حوادث سنة ٥٠ ه

٩٩

فارس إلّارماه فجرحه أو عقره فانصرفوا عنه!

وأُخذ عمرو بن الحَمِق ، فسألوه من أنت؟ فقال : مَن إن تركتموه كان أسلم لكم ، وإن قتلتموه كان أضرَّ لكم! فسألوه فأبى أن يخبرهم ، فبعث به ابن أبي بلتعة إلى عامل الموصل وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفي ، فلمّا رأى عمرو بن الحَمِق عرفه وكتب إلى معاوية بخبره ، فكتب إليه معاوية أنّه زعم أنّه طعن عثمان بن عفّان تسع طعنات بمشاقص كانت معه ، وإنّا لا نريد أن نعتدي عليه ، فاطعنه تسع طعنات كما طعن عثمان! فأُخرج فطعن تسع طعنات ، فمات في الأُولى منهنّ أو الثانية»(١) .

لكنّ أبا داود يروي ـ مرسلاً ـ عن الزهري ـ وهو شرطي بني أُميّة ـ أنّه أراد التكتّم أيضاً بنفي حمل رأسه إلى الشام(٢) !

لكنّ الطبراني قد أخرج في «المعجم الأوسط» الخبر التالي :

«... أنّه سمع عمرو بن الحَمِق يقول : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسرية فقالوا : يا رسول الله! إنّك تبعثنا وليس لنا زاد ولا لنا طعام ، ولا علم لنا بالطريق!

فقال : إنّكم ستمرُّون برجل صبيح الوجه ، يطعمكم من الطعام ويسقيكم من الشراب ، ويدلّكم على الطريق ، وهو من أهل الجنّة!

فلمّا نزل القوم علَيَّ جعل بعضهم يشير إلى بعض وينظرون إليَّ فقلت : ما بكم يشير بعضكم إلى بعض وتنظرون إليَّ؟!

فقالوا : أبشر ببشرى من الله ورسوله ، فإنّا نعرف فيك نعت رسول الله

__________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٢٢٤

(٢) سبل الهدى والرشاد ٤ / ٨٧ للحافظ الصالحي الدمشقي ، ونصّ على أنّه في كتاب المراسيل

١٠٠