موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 451878 / تحميل: 5257
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

الفصل الثالث :

توطئة في أهل البيتعليهم‌السلام وفضائلهم

مقدمة الفصل :

نبدأ الفصل ببحث قيّم حول معنى (أهل البيت) والألفاظ المختلفة التي تطلق عليهم ، مثل : آل الرسول ـ عترة النبي ـ ذوو القربى. فهم بالمعنى الضيّق الخمسة أصحاب الكساء. وبالمعنى الموسّع المعصومون الأربعة عشر ؛ وهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفاطمة والأئمة الاثنا عشرعليهم‌السلام . وبالمعنى الأوسع كل أقرباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعشيرته الذين حرموا الصدقة من بعده.

ويلجئنا هذا إلى الحديث حول ثبوت إمامة الأئمة الاثني عشر من أهل البيتعليهم‌السلام الذين أولهم عليعليه‌السلام وآخرهم المهديعليه‌السلام .

وبعد هذه المقدمة نشرع في ذكر فضائل أهل البيتعليهم‌السلام مبتدئين بالإمام عليعليه‌السلام وزوجته فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، ثم بفضائل الخمسة أصحاب الكساءعليهم‌السلام والذين من ضمنهم الفرقدان الحسن والحسينعليهما‌السلام ، ثم بفضائل الأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام . ومن أبرز هذه الفضائل توصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمحبة أهل البيتعليهم‌السلام ومودتهم وموالاتهم ونصرتهم والمحافظة عليهم. والفرق بين المحبة والمودة ، أن المحبة شيء قلبي ، بينما المودة فشيء تطبيقي ، يقول تعالى على لسان نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣].

١ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟

٣١ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟ :

نستخدم عبارة (أهل البيت) كثيرا في كتاباتنا وخطبنا. كما نطلق عبارات أخرى على أهل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل (آل الرسول)و (عترة النبي).

و (ذوي القربى). فلنحدد مدلول هذه العبارات والمصطلحات ، التي يحتلّ الحسينعليه‌السلام ذروة سنام المجد منها.

١٢١

ولم أجد لهذه الغاية أفضل من فضل عقده محبّ أهل البيتعليهم‌السلام كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي في أول كتابه :

(مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول)

هذا الكتاب الّذي فتّشت عنه كثيرا حتّى وجدت نسخة حجرية منه في مكتبة الأسد ، مطبوعة في ذيل كتاب لسبط ابن الجوزي هو :

(تذكرة خواص الأمة في معرفة الأئمة)

وهي طبعة حجرية قديمة طبعت في إيران سنة ١٢٨٧ ه‍.

يقول ابن طلحة الشافعي في سبب تأليفه لكتابه الجليل (مطالب السّؤول) : كنت في شبابي ألّفت كتابا باسم (زبدة المقال في فضائل الآل) ثم وسّعته وألّفت كتاب (مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول).

وفي مقدمة الكتاب (ص ٣ ـ ٥) يقولرحمه‌الله :

هناك أربعة ألفاظ يوصف بها (أهل النبي) وتطلق عليهم ، هي :

١ ـ آل الرسول

٢ ـ أهل البيت

٣ ـ العترة

٤ ـ ذوو القربى.

ثم يشرع في شرح مضمون هذه الألفاظ ، فيقول :

٣٢ ـ من هم آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ :

قد تعددت أقوال الناس في تفسير (الآل). فذهب قوم إلى أن آل الشخص أهل بيته. وقال آخرون : إن آل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هم الذين حرّمت عليهم الزكاة ، وعوّضوا عنها خمس الخمس. وقال آخرون : آل الشخص من دان بدينه وتبعه فيه. فهذه الأقوال الثلاثة أشهر ما قيل.

واستدل من قال بالقول الأول بما أورده القاضي الحسين بن مسعود البغوي في كتابه الموسوم «بشرح سنة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الأحاديث المتفق على صحتها «يرفعه بسنده إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا أهدي إليك هدية سمعتها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. فقلت : بلى ، فاهدها إليّ. فقال : سألنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟. قال : قولوا :«اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم ؛

١٢٢

وبارك على محمّد وآل محمّد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم. إنك حميد مجيد». فالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسّر أحدهما (أي الأهل والآل) بالآخر ، فالمفسّر والمفسّر به سواء في المعنى ، فقد بدّل لفظا بلفظ مع اتحاد المعنى ، فيكون آله أهل بيته ، وأهل بيته آله. فيتحدا به في المعنى على هذا القول. ويكشف حقيقة ذلك أن أصل (آل) أهل ، فأبدلت الهاء همزة. ويدل عليه أن الهاء ترد في التصغير ، فيقال في تصغير (آل) أهيل ، والتصغير يردّ الأسماء إلى أصولها.

واستدل من قال بالتفسير الثاني بما خرّجه الأئمة في أسانيدهم المتفق على صحتها : الإمام مسلم وأبو داود والنسائي ، يرفعه كل واحد منهم بسنده في صحيحه ، إلى عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ، قال سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ ، وإنها لا تحلّ لمحمد ولا لآل محمّد. وبما نقل إمام دار الهجرة مالك بن أنس في موطئه بسنده إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا تحل الصدقة لآل محمّد ، إنما هي أوساخ الناس. فجعل حرمة الصدقات من خصائص آلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد قيل لزيد بن أرقم : من آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين حرّمت عليهم الصدقات؟ قال : آل علي وآل جعفر وآل عباس وآل عقيل. وهذا التفسير قريب من الأول.

واستدل من قال بالتفسير الثالث بقوله تعالى :( إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ ) (٥٩) [الحجر : ٥٩]. وأجمع المفسرون على أن المراد ب (آله) من آمن به وتبعه في دينه.

وإذا ظهر ما قيل في تفسير (الآل) ، فالمعاني كلها مجتمعة فيهمعليهم‌السلام :فهم أهل بيته ، وتحرم عليهم الزكاة ، وهم دائنون بدينه ومتّبعون منهاجه وسبيله ، فإطلاق اسم الآل عليهم حقيقة فيهم بالاتفاق.

٣٣ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟ :

وأما اللفظة الثانية وهي (أهل البيت) فقد قيل هم من ناسبه إلى جده الأدنى ، وقيل من اجتمع معه في رحم ، وقيل من اتصل به بنسب أو سبب.

وهذه المعاني كلها موجودة فيهمعليهم‌السلام . فإنهم يرجعون بنسبهم إلى جده عبد المطلب ، ويجتمعون معه في رحم ، ويتصلون به بنسبهم وسببهم ، فهم أهل بيته حقيقة. فالآل وأهل البيت سواء ، اتحد معناهما على ما شرح أولا ، واختلف على ما ذكر ثانيا ، فحقيقتهما ثابتة لهمعليهم‌السلام .

١٢٣

وقد روى مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن حيان ، قال : انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم ، فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ؛ رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه ، لقد لقيت خيرا كثيرا. حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال :يابن أخي لقد كبر سني وقدم عهدي ، ونسيت بعض الّذي كنت أعي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما أحدثكم فاقبلوه وما لا فلا تكلّفونيه.

ثم قال : قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما خطيبا بماء يدعى (خما) بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، وعظ وذكّر ، ثم قال : أما بعد ، أيها الناس إنما أنا بشر ، يوشك أن يأتيني رسول ربي (أي ملك الموت) فأجيب ، وأنا تارك فيكم الثّقلين :أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي.

فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد ، أليس نساؤه بأهل بيته؟. قال : لا ، أهل بيته من حرموا الصدقة بعده.

٣٤ ـ من هم العترة؟ :

وأما اللفظة الثالثة وهي (العترة) ، فقد قيل : العترة هي العشيرة ، وقيل العترة هم الذرية ، وقد وجد الأمران فيهم ؛ فإنهم عترته وذريته. وأما العشيرة فالأهل الأدنون ، وهم كذلك. وأما الذرية ، فإن أولاد بنت الرجل ذريته. ويدل عليه قوله تعالى عن إبراهيمعليه‌السلام :( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤)وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (٨٥) [الأنعام : ٨٤ ـ ٨٥]. فجعل الله سبحانه وتعالى هؤلاء المذكورين ، من ذرية إبراهيم ، ومن جملتهم عيسىعليه‌السلام ، ولم يتصل بإبراهيم إلا من جهة أمه مريمعليها‌السلام .

قصة الشعبي مع الحجاج :

وقد نقل أن الشعبي كان يميل إلى عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكان لا يذكرهم إلا ويقول : هم أبناء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريته. فنقل ذلك عنه إلى الحجاج بن يوسف الثقفي وتكرر ذلك ، وكثر نقله عنه إليه ، فأغضبه ذلك منه ونقمه عليه.

فاستدعاه الحجاج يوما إلى مجلسه ، وقد اجتمع لديه أعيان المصرين الكوفة

١٢٤

والبصرة وعلماؤهما وقراؤهما. فلما دخل الشعبي عليه وسلّم ، فلم يبشّ به ، ولا وفّاه حقه من الرد عليه. فلما جلس قال له : يا شعبي ما أمر تبلّغني عنك يشهد عليك بجهلك؟. قال : ما هو يا أمير؟. قال : ألم تعلم أن أبناء الرجل من ينسبون إليه ، وأن الأنساب لا تكون إلا للآباء؟ فما بالك تقول عن أبناء علي أنهم أبناء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريته ، وهل لهم اتصال برسول الله إلا بأمهم فاطمةعليها‌السلام ؟ ، والنسب لا يكون بالبنات ، وإنما يكون بالآباء. فأطرق الشعبي ساعة ، حتّى بالغ الحجاج في الإنكار عليه ، وقرّع إنكاره مسامع الحاضرين ، والشعبي ساكت.

فلما رأى الحجاج سكوته أطمعه ذلك في زيادة تعنيفه. فرفع الشعبي صوته وقال : يا أمير ، ما أراك إلا متكلما كلام من يجهل كتاب الله وسنة رسوله ، ومن يعرض عنهما. فازداد الحجاج غيظا منه ، وقال : ألمثلي تقول هذا ، يا ويلك!. قال الشعبي : نعم ، هؤلاء قرّاء المصرين حملة الكتاب العزيز ، فكلّ منهم يعلم ما أقول.أليس قد قال الله تعالى حين خاطب عباده بأجمعهم بقوله( يا بَنِي آدَمَ ) [وقال( يا بَنِي إِسْرائِيلَ ) [المائدة : ٧٢]. وقال عن إبراهيم :( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ ) [الأنعام : ٨٤] إلى أن قال :( وَيَحْيى وَعِيسى ) [الأنعام : ٨٥] أفترى يا حجاج اتصال عيسى بآدم وباسرائيل الله.

(أي يعقوب) وبإبراهيم خليل الله ، بأي آبائه كان؟. أو بأي أجداد أبيه؟ هل كان إلا بأمه مريمعليها‌السلام . وقد صحّ النقل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال للحسن : «إنّ ابني هذا سيّد ...».

فلما سمع الحجاج ذلك منه أطرق خجلا. ثم عاد يلطف بالشعبي ، واشتدّ حياؤه من الحاضرين.

وإذا وضح ذلك ، فالعترة الطاهرة هم ذريتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبناؤه وعشيرته ، فقد اجتمعت فيهم المعاني بأسرها.

٣٥ ـ من هم ذوو القربى؟ :

وأما اللفظة الرابعة وهي (ذوو القربى) فمستندها ما رواه الإمام أبو الحسن علي ابن أحمد الواحدي في تفسيره ، يرفعه بسنده إلى ابن عباس ، قال :

لما نزل قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣] قالوا :يا رسول الله ، من هؤلاء الذين أمرنا الله تعالى بمودتهم؟. قال : علي وفاطمة وأبناؤهماعليهم‌السلام .

١٢٥

٢ ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الأئمة الاثنا عشر

ثم يخصص ابن طلحة الشافعي القسم الثاني من مقدمته الرائقة (ص ٥) لذكر المعاني التي ذكر اختصاصهم بها ، وهي الإمامة الثابتة لكل واحد منهم ، وكون عددهم منحصرا في اثني عشر إماما.

٣٦ ـ ثبوت الإمامة لأئمة أهل البيتعليهم‌السلام :

يقول ابن طلحة الشافعي في (مطالب السّؤول) ص ٥ :

أما ثبوت الإمامة لكل واحد منهم ، فإنه حصل ذلك لكل واحد بمن قبله.فحصلت للحسن النقي من أبيه علي بن أبي طالبعليه‌السلام . وحصلت بعده لأخيه الحسين الزكي منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الحسين لابنه زين العابدين منهعليه‌السلام .وحصلت بعد زين العابدين لولده محمّد الباقر منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الباقر لولده جعفر الصادق منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الصادق لولده موسى الكاظم منهعليه‌السلام .وحصلت بعد الكاظم لولده علي الرضا منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الرضا لولده محمّد القانع منهعليه‌السلام . وحصلت بعد القانع لولده علي المتوكل منهعليه‌السلام .وحصلت بعد المتوكل لولده الحسن الخالص منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الخالص لولده محمّد الحجة المهدي منهعليه‌السلام .

وأما ثبوتها لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فمستقصى على أكمل الوجوه في كتب الأصول. انتهى كلامه.

٣٧ ـ الخلفاء بعدي اثنا عشر :

(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي)

أخرج ابن حنبل في مسنده عن جابر بن سمرة ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول في حجة الوداع : لا يزال هذا الدين ظاهرا على من ناواه ، ولا يضرّه مخالف ولا مطارق ، حتّى يمضي من أمتي اثنا عشر أميرا كلهم من قريش.

وذكر القندوزي الحنفي في (ينابيع المودة) باب ٧٧ ، عن كتاب (مودة القربى) بسنده عن جابر بن سمرة ، قال : كنت مع أبي عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «بعدي اثنا عشر خليفة». ثم أخفى صوته. فقلت لأبي : ما الّذي أخفى صوته؟.(قال) قال :«كلهم من بني هاشم».

١٢٦

وروى أيضا في ينابيعه عن جابر (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنا سيد النبيين ، وعليّ سيد الوصيين ، وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر ، أولهم علي وآخرهم المهدي».

٣٨ ـ من هم الاثنا عشر خليفة غير أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ؟ :

(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي)

وروي عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود ، أنه عهد إلينا نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه يكون بعده اثنا عشر خليفة ، بعدد نقباء بني إسرائيل.

وقال القندوزي في (ينابيع المودة) أيضا : ذكر يحيى بن الحسن في كتاب

(العمدة) من عشرين طريقا ، أن الخلفاء بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ؛ في البخاري من ثلاثة طرق ، وفي مسلم من تسعة طرق ، وفي أبي داود من ثلاثة طرق

ثم قال : ذكر بعض المحققين أن الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر ، قد اشتهرت من طرق كثيرة. فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان ، علم أن مراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حديثه هذا ، الاثنا عشر من أهل بيته وعترته ، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر ، ولا يمكن حمله على الملوك الأموية لزيادتهم على اثني عشر ، ولظلمهم الفاحش إلا عمر بن عبد العزيز ، ولكونهم غير بني هاشم ، لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «كلهم من بني هاشم». وفي رواية عبد الملك عن جابر ، وإخفاء صوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا القول ، يرجّح هذه الرواية ، لأنهم لا يحبون خلافة بني هاشم. ولا يمكن أن يحمله على الملوك العباسية لزيادتهم عن العدد المذكور ، ولقلة رعايتهم للقربى.

٣٩ ـ إمامة أهل البيتعليهم‌السلام منصوصة في كتب السنّة :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٩)

يقول الفاضل الدربندي : فيا ليتهم قد تأملوا في الأخبار المتكاثرة المتضافرة المتواترة المفيدة القطع واليقين ، والمروية عن طرقهم عن سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في باب أن الخلفاء والأئمة من قريش ، بعد تأملهم في قصة يوم الطف ، وما جرى على آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من يزيد الطاغي الكافر الزنديق وجنوده. فلو كانوا متأملين في ذلك لعلموا أن إمامة أهل بيت العصمة آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منصوصة في طرقهم ، بالنصوص المتضافرة المتواترة. فإنكار قطعيات الشرع وضرورياته كفر ، وحمل

١٢٧

ما في تلك الأخبار المتضافرة على غير آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفر وجهل ، واستيقنتها أنفسهم ، وعتوا عتوّا كبيرا.

وبيان ذلك أنه قد روى البخاري ومسلم والترمذي والنّسائي وابن ماجة وابو داود والسجستاني في صحاحهم الستة ، ومالك في موطّئه ، وصاحب المصابيح ، وصاحب المشكاة ، وصاحب كتاب الفردوس ، وأحمد بن حنبل في مسنده ، والفقيه ابن المغازلي في مناقبه ، والحافظ أبو نعيم في حليته ، وغيرهم من حذقة الحديث من العامة ، بأسانيدهم المصححة عندهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أن الخلفاء والأئمة بعده اثنا عشر ، لا يزال الدين بهم مستقيما إلى أن تقوم الساعة.

ففي صحيح مسلم مسندا إلى عامر بن سعيد بن أبي العاص ، قال : كتبت إلى ابن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فكتب إليّ :سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم جمعة ـ عشية رجم الأسلمي ـ يقول : «لا يزال هذا الدين قائما حتّى تقوم الساعة ، ويكون عليهم اثنا عشر خليفة».

وفي (مصباح البغوي) عن الصحاح عن جابر بن سمرة ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة ، كلهم من قريش».

وأورد شيخ العامة جلال الدين السيوطي في (جامعه الصغير) في حرف الهمزة :إن عدة الخلفاء بعدي عدد نقباء موسىعليه‌السلام .

ثم يقول الفاضل الدربندي : ولا يخفى عليك أن علماء العامة لا بدّ أن يتدبروا ويتبصروا ويعطوا الإنصاف من أنفسهم. لأنهم لو حملوا هذه الأخبار المتضافرة على ما عندهم ، من كون أول السلسلة في باب الخلافة والإمامة ، الخلفاء الأربعة وهكذا ، لزم أن يكون يزيد الطاغي الكافر الزنديق هو سابع الخلفاء عندهم والأئمة المنصوصين بنصّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فأي مسلم يرضى من نفسه أن ينسب أبغض خلق الله تعالى إلى الله وملائكته ورسله ، وأكفر الناس وأشرّهم ، إلى كونه منصوصا بالخلافة والإمامة ، متّصفا بالأوصاف الحسنة الموجودة في هذه الأخبار.

إذن فما عليه العامة من حمل هذه الأخبار ، لا يمكن أن يستصحّ بوجه من الوجوه. فإذا وجب بحكم الضرورة العقلية طرح هذا الحمل ، لزم حملها على ما عليها الإمامية الاثني عشرية ، مما قد استفاضت به كتب العامة.

١٢٨

٤٠ ـ الأئمة هم أهل البيتعليهم‌السلام :

(المصدر السابق)

ثم يقول الفاضل الدربندي : ومن أعجب العجاب غفلتهم وذهولهم وطيّهم الكشح عن الأخبار المستفيضة في طرقهم ، المفسرة لهذه الأخبار ، المذكورة بغاية التفسير والبيان.

فقد روى فخر خوارزم في مقتله بإسناده (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«فاطمة بهجة قلبي ، وابناها ثمرة فؤادي ، وبعلها نور بصري ، والأئمة من ولدها أمناء ربي ؛ حبل ممدود بينه وبين خلقه ، من اعتصم به نجا ، ومن تخلفّ عنه هوى».

٤١ ـ رواية حذيفة بن اليمان :

(المصدر السابق)

ومن رواية حذيفة بن اليمان ، قال : صلى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم أقبل بوجهه الكريم علينا ، فقال : معاشر أصحابي أوصيكم بتقوى الله كأني أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثّقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، من تمسّك بعترتي بعدي كان من الفائزين ، ومن تخلّف عنهم كان من الهالكين.

فقلت : يا رسول الله على من تخلّفنا؟. قال : على من خلّف موسى بن عمران قومه. قلت : على وصيّه يوشع؟. قال : وصيي وخليفتي من بعدي علي ابن أبي طالب ، قائد البررة ، قاتل الكفرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله.

قلت : يا رسول الله ، كم تكون الأئمة من بعدك؟. قال : عدد نقباء بني إسرائيل (أي اثنا عشر) ، التسعة من صلب الحسينعليه‌السلام ، أعطاهم الله تعالى علمي وفهمي ، خزّان علم الله ومعادن وحيه. قلت : يا رسول الله ، فما لأولاد الحسن؟قال : إن الله تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسينعليه‌السلام وذلك قولهعزوجل :( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) [الزخرف : ٢٨].

٤٢ ـ رواية سلمان الفارسي :

(المصدر السابق ، ص ٣٠)

ومن رواية سلمان الفارسي ، قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : معاشر الناس ،

١٢٩

إني راحل عن قريب ، ومنطلق إلى الغيب. أوصيكم في عترتي خيرا ، وإياكم والبدع ، فإن كل بدعة ضلالة ، والضلالة وأهلها في النار.

معاشر الناس ، من افتقد الشمس فليتمسّك بالقمر ، ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين ، فإذا فقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزّهر بعدي.

قال : فلم يزل حتّى دخل بيت عائشة ، فدخلت إليه. فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، سمعتك تقول : إذا فقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر فما الشمس وما القمر ، وما الفرقدان ، وما النجوم الزهر؟. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا الشمس ، وعلي القمر ، فإذا فقدتموني فتمسّكوا به بعدي. وأما الفرقدان فالحسن والحسينعليهما‌السلام ، فإذا فقدتم القمر فتمسكوا بهما. وأما النجوم الزاهرة فهم الأئمة التسعة من صلب الحسينعليه‌السلام والتاسع مهديّهم.

ثم يقول الفاضل الدربندي : وبالجملة فإن روايات التنصيص على الأئمة الاثنا عشر وتسميتهم بأسمائهم ، وذكر أن أولهم عليعليه‌السلام وآخرهم المهدي (عج) يصلي خلفه المسيح بن مريمعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متواترة. وحديث جابر ابن عبد الله الأنصاري في ذلك مستفيض مشهور ، وكذلك غيره من الأحاديث.

(أقول) : وإليك رواية أخرى ، ذكرها الخوارزمي في مقتله ، فيها شفاء لما في الصدور ، وهدى ورحمة للمؤمنين.

٤٣ ـ رؤية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام حين أسري به :

(مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي ، ج ١ ص ٩٤)

ذكر ابن شاذان عن أبي سلمى ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ليلة أسري بي إلى السماء ، قال لي الجليل جلّ وعلا :( آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ) ، قلت :( وَالْمُؤْمِنُونَ ) [البقرة : ٢٨٥]. قال : صدقت يا محمّد. ومن خلّفت في أمّتك؟. قلت : خيرها. قال : علي بن أبي طالب؟. قلت : نعم يا ربّ.

قال : يا محمّد ، إني اطّلعت إلى الأرض اطّلاعة فاخترتك منها ، فشققت لك اسما من أسمائي ، فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي ، فأنا المحمود وأنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ثم اطّلعت الثانية فاخترت عليا ، وشققت له اسما من أسمائي ، فأنا الأعلى وهو عليعليه‌السلام . يا محمّد ، إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن

١٣٠

والحسين والأئمة من ولدهعليهم‌السلام من سنخ نور من نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل الأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين. يا محمّد ، لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشّنّ (أي الجلد اليابس المتجعد) البالي ، ثم أتاني جاحدا لولايتكم ، ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم.

يا محمّد أتريد أن تراهم؟. قلت : نعم يا رب. فقال لي : التفت عن يمين العرش ، فالتفتّ فإذا أنا بعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام وعلي بن الحسين (زين العابدين) ومحمد بن علي (الباقر) وجعفر بن محمّد (الصادق) وموسى بن جعفر (الكاظم) وعلي بن موسى (الرضا) ومحمد بن علي (الجواد) وعلي بن محمّد (الهادي) والحسن بن علي (العسكري) والمهديعليهم‌السلام ، في ضحضاح من نور ، قياما يصلّون ، وهو وسطهم (يعني المهدي) كأنه كوكب درّي. قال : يا محمّد هؤلاء الحجج ، وهو الثائر من عترتك. وعزتي وجلالي إنه الحجة الواجبة لأوليائي ، والمنتقم من أعدائي.

٤٤ ـ الإمام عليعليه‌السلام يؤكد كون الأئمة من بني هاشم :

وجاء عليعليه‌السلام يفسر حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويوضح إبهامه في نهج البلاغة ، فقال : إن الأئمة من قريش ، غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم (نهج البلاغة ، الخطبة ١٤٢).

٤٥ ـ الإنجيل يتنبّأ بالأئمة الاثني عشر :

جاء في الإصحاح الحادي عشر عن تنبؤات يوحنا اللاهوتي ما نصه :

«وظهرت آية عظيمة في السماء ، امرأة متسربلة بالشمس ، وتحت رجليها القمر ، وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا».

فكأنه يتكلم عن مولاتنا فاطمة الزهراءعليها‌السلام وقد تسربلت بالشمس يعني أبيها محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتزوجت بالقمر وهو علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وعلى رأسها إكليل من أبنائها المعصومين الاثني عشر ، الذين أولهم الحسن والحسين وآخرهم المهديعليه‌السلام . وليس هناك فيما تنبّأ به يوحنا اللاهوتي فيما سيحصل من أمور ، شيء شبيه بالذي ذكر ، غير فاطمة وأبيها وبعلها وبنيهاعليهم‌السلام .

١٣١

٤٦ ـ الحجة المهديعليه‌السلام هو الإمام الثاني عشر :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٤١)

قال الشيخ محمّد الصبان : يكون ظهور المهديعليه‌السلام في يوم عاشوراء. وقال سيدي عبد الوهاب الشعراني في كتابه (اليواقيت والجواهر) : المهديعليه‌السلام من ولد الإمام الحسن العسكري ، ومولده ليلة النصف من شعبان سنة ٢٥٥ ه‍ ، وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريمعليه‌السلام .

وقال الشيخ محيي الدين بن العربي في (الفتوحات المكية) : اعلموا أنه لا بدّ من خروج المهديعليه‌السلام ، لكن لا يخرج حتّى تمتلئ الأرض جورا وظلما ، فيملؤها قسطا وعدلا. وهو من عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ولد فاطمةعليها‌السلام ، جده الحسين بن عليعليهم‌السلام ووالده الإمام حسن العسكري ابن الإمام علي النقي ، ابن الإمام محمّد التقي ، ابن الإمام علي الرضا ، ابن الإمام جعفر الصادق يواطئ اسمه اسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . يبايعه المسلمون بين الركن والمقام ، يشبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخلق ، وينزل عنه في الخلق ، إذ لا يكون أحد مثل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أخلاقه.

٣ ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الخمسة أصحاب الكساء

٤٧ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام المقصودون في آية التطهير؟ :

(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١١٠)

يقول الشيخ مؤمن الشبلنجي : اختلف في المراد من (أهل البيت) فقيل :

١) ـ هم نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنهن في بيته.

٢) ـ هم علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

٣) ـ هم من تحرم عليهم الصدقة بعده ، وهم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس.

وقال الفخر الرازي : والأولى أن يقال : هم أولاده وأزواجه ، والحسن والحسين. وعليعليهم‌السلام منهم ، لأنه كان من أهل بيته ، لمعاشرته فاطمة بنته وملازمته له.

١٣٢

تعليق المؤلف :

إن تعبير (أهل البيت) كما شرحنا سابقا يطلق على عدة أشياء ، فيقصد به الخمسة الذين ضمهم الكساء ، وقد يقصد به الأئمة الاثنا عشر ، وقد يقصد به ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم السادة الأشراف. وقد يقصد به نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . لكن إذا كنا نبحث بالمقصود بهم في آية التطهير ، وهي قوله تعالى :

( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣) [الأحزاب : ٣٣] فهم حصرا الخمسة أصحاب الكساء ، الذين نزلت فيهم الآية على وجه الخصوص كما سترى. أما الزوجات فهن مختلفات في الفضل فيما بينهن ، لكنهن لا يرقين إلى درجة هؤلاء الخمسة الذين طهّرهم الله وعصمهم من كل رجس ، منذ ولادتهم وحتى وفاتهم.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) ثم يقول الشبلنجي : هذا ويشهد للقول بأن (أهل البيت) هم علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام عدة آيات ودلالات ، منها : حديث الكساء ، وآية المباهلة ، وآية المودة.

٤٨ ـ حديث الكساء :

(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١١١)

ثم يقول الشبلنجي : وروي من طرق عديدة صحيحة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء ومعه علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، ثم أخذ كلّ واحد منهما على فخذه ، ثم لفّ عليهم كساء ، ثم تلا هذه الآية :

( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣) وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.

(وفي رواية) : الله م هؤلاء آل محمّد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمّد ، كما جعلتها على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد.

١٣٣

(وفي رواية أم سلمة) قالت : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من يدي. فقلت : وأنا معكم يا رسول الله. فقال : إنك من أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على خير.

وروى أحمد بن حنبل والطبراني عن أبي سعيد الخدري (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنزلت هذه الآية في خمسة : فيّ وفي علي وحسن وحسين وفاطمةعليهم‌السلام .

وروى سبط ابن الجوزي الحنفي المذهب في كتابه (تذكرة الخواص ، ص ٦٥٤ ط نجف) حديث الكساء بسنده عن واثلة بن الأسقع قال : أتيت فاطمة أسألها عن عليعليه‌السلام فقالت : توجّه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فجلست أنتظره ، فإذا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أقبل ومعه علي والحسن والحسين قد أخذ بيد كل واحد منهم ، حتّى دخل الحجرة ، فأجلس الحسن على فخذه اليمنى ، والحسين على فخذه اليسرى ، وأجلس عليا وفاطمة بين يديه ، ثم لفّ عليهم كساه (أي ثوبه) ، ثم قرأ :( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣). ثم قال : «اللهم هؤلاء أهل بيتي حقا».

وقد أخرج العلامة الفقيه محب الدين الطبري الشافعي في كتابه (ذخائر العقبى ، ص ٢١ ـ ٢٤) أحاديث متعددة في قصة الكساء. منها حديث عن عائشة قالت :خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات غداة وعليه مرط (كساء) مرجّل من شعر. فجاء الحسن بن علي فأدخله فيه ، ثم جاء الحسين فأدخله فيه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها فيه ، ثم جاء عليعليه‌السلام فأدخله فيه ، ثم قال :

( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣). أخرجه مسلم. وأخرج أحمد معناه عن واثلة ، وزاد في آخره : «اللهم هؤلاء أهل بيتي ، وأهل بيتي أحقّ».

ومنها حديث عن أم سلمة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لفاطمة : ائتني بزوجك وابنيك. فجاءت بهم ، وأكفأ عليهم كساء فدكيا ، ثم وضع يده عليهم ، ثم قال :«اللهم إن هؤلاء آل محمّد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمّد ، إنك حميد مجيد».

قالت أم سلمة : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال :«إنك على خير».(أخرجه الدولابي في كتاب الذرية الطاهرة).

١٣٤

وروى ابن شيبة وأحمد والترمذي وحسّنه ، وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصحّحه ، عن أنس ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد نزول هذه الآية (كما في رواية الترمذي) كان يمرّ ببيت فاطمةعليها‌السلام إذا خرج إلى صلاة الفجر ، ويقول :الصلاة أهل البيت( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣).

وفي رواية ابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري ، أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء أربعين صباحا إلى دار فاطمة ، يقول : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، الصلاة رحمكم الله( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣).

وفي رواية له عن ابن عباس : سبعة أشهر. وفي رواية لابن جرير وابن المنذر والطبراني : ثمانية أشهر.

وذكر ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) آية التطهير ، ثم قال : ذكر الترمذي في صحيحه أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان من وقت نزول هذه الآية إلى قريب من ستة أشهر إذا خرج إلى الصلاة يمر بباب فاطمة ، ثم يقول :( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣).

وذكر ابن حجر أحاديث غير ما تقدم ، وقال : وأشار المحب الطبري إلى أن هذا الفعل (أي وضع الكساء عليهم) تكرر منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيت أم سلمة وبيت فاطمة وغيرهما. وهذا يفسّر لنا تعدد الروايات بأشكال مختلفة ، في هيئة اجتماعهم وما جللهم به وما دعا به لهم.

وقال الشيخ كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي الشامي في كتابه (مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول ، ص ٨ ط إيران) بعد أن ذكر حديث الكساء : فهؤلاء أهل بيته المرتقون بتطهيرهم إلى ذروة أوج الكمال ، المستحقون لتوقيرهم مراتب الإعظام والإجلال ، الموفّقون لتأييدهم لانتهاج مناهج الاستقامة والاعتدال ، المستبقون لتسديدهم إلى مدارج الفضائل والافضال.

٤٩ ـ حديث المباهلة يؤيد حديث الكساء :

(محمّد وعلي وبنوه الأوصياء للشريف العسكري ، ص ٣٢٣ ـ ٣٢٦)

ومما يؤكد أن أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هم الخمسة على وجه التحديد دون غيرهم ، ما وقع من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أراد المباهلة مع وفد نجران.

١٣٥

خرّج جماعة من علماء الجمهور حديث المباهلة بعبارات مختلفة في أحاديث مختلفة. وقصة المباهلة المشهورة حدثت في السنة العاشرة للهجرة. وهي أن وفدا من آل نجران وهم من النصارى ، جاؤوا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجادلونه في المسيحعليه‌السلام ، فلما تعنّتوا في غلوائهم ، دعاهم الرسول إلى المباهلة ، وهي أن يجتمع فريق من كل طرف ، فيدعو الواحد على الآخر ، فتكون الغلبة لمن يستجيب الله دعاءه. فطلبوا منه الإنظار إلى صبيحة الغد. فقال لهم الأسقف : انظروا محمدا في غد ، فإن جاء بولده وأهله فاحذروا مباهلته ، وإن غدا بأصحابه فباهلوه ، فإنه على غير شيء. فلما جاء الغد جاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخذا بيد علي بن أبي طالب ، والحسن والحسين بين يديه ، وفاطمة خلفه. وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم ، فلما رآهم قال الأسقف : يا معشر النصارى ، إني لأرى وجوها لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال لأزالها ، فلا تباهلوهم فتهلكوا. فامتنعوا عن المباهلة وفي ذلك نزلت الآية :( إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩)الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠)فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (٦١)[آل عمران : ٥٩ ـ ٦١].

ذكر الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه (ينابيع المودة ، ص ٥٢) حديث المباهلة وقال : أخرج صاحب المناقب عن جعفر الصادقعليه‌السلام عن أبيه عن جده علي بن الحسينعليهم‌السلام ، أن الحسن بن عليعليهما‌السلام قال في خطبته : قال الله تعالى لجديصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين جحده كفرة أهل نجران وحاجّوه :( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (٦١) [آل عمران : ٦١]. فأخرج جديصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معه من الأنفس أبي ، ومن البنين أنا وأخي ، ومن النساء فاطمة أمي. فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه ، ونحن منه وهو منا.

(وفيه أيضا ، ص ٥٣) : قال الإمام الرضا رضي الله عنه (في تفسير آية المباهلة) : عنى الله تعالى من( أَنْفُسَنا ) نفس عليعليه‌السلام . ومما يدل على ذلك قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لوفد ثقيف : «لتنتهنّ بني وليعة ، أو لأبعثنّ إليكم رجلا كنفسي «يعني علي بن أبي طالب. فهذه خصوصية لا يلحقه فيها بشر.

(وفي ينابيع المودة أيضا ، ص ٢٦٦) قال : أخرج الدارقطني بسنده عن واثلة

١٣٦

(قال) قال الإمام عليعليه‌السلام يوم الشورى : والله لأحتجّنّ عليهم بما لا يستطيع قرشيّهم ولا عربيّهم ولا عجميّهم ردّه. ثم قال لهم خصالا صدّقوها.

(إلى أن قالعليه‌السلام ) : أنشدتكم بالله ، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مني؟. وهل فيكم من جعل الله نفس نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه ، وأبناءه أبناءه ، ونساءه نساءه ، غيري؟. قالوا : لا. قال : فأنشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت أبو ولدي ، غيري؟. قالوا : لا.

٥٠ ـ آية المودّة :

ويقول الشبلنجي في (نور الأبصار) : ما قدّمناه من أن أهل البيتعليهم‌السلام هم :علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام هو ما جنح إليه الفخر الرازي في تفسيره والزمخشري في كشافه. وعبارته عند تفسير قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) : روي أنها لما نزلت ، قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟. قال : علي وفاطمة وابناهماعليهم‌السلام . وسوف نتناول تفسير هذه الآية فيما بعد ، عند حديثنا عن محبة أهل البيتعليهم‌السلام ومودتهم.

٥١ ـ آية السلام :

قال الموفق بن أحمد الحنفي الخوارزمي في مناقبه : ومن الآيات التي نزلت في أهل البيتعليهم‌السلام ، آية السلام ، وهي قوله تعالى :( سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ ) (١٣٠) [الصافات : ١٣٠]. وقد عدّ ابن حجر في صواعقه هذه الآية من الآيات النازلة بحقهم.ونقل أن جماعة من المفسرين رووا عن ابن عباس أنه قال : المراد بها السلام على آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . إلى أن قال :

(وذكر الفخر الرازي) أن أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يساوونه في خمسة أشياء :

في السلام ، قال تعالى (السلام عليك أيها النبي) ، وقال :( سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ ) (١٣٠). وفي الصلاة عليه وعليهم في التشهد في الصلاة. وفي الطهارة ، قال تعالى( طه ) (١) [طه : ١] أي يا طاهر ، وقال :( وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣). وفي تحريم الصدقة. وفي المحبّة ، قال تعالى( فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) [آل عمران : ٣١] ، وقال :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) . ا ه.

٥٢ ـ الصلاة على محمّد وآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

وقد أخرج البخاري في كتاب تفسير القرآن ، من الجزء الثالث من صحيحه ، في

١٣٧

تفسير قوله تعالى :( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (٥٦) [الأحزاب : ٥٦]. فقال الصحابة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا رسول الله ، أما السلام عليك فقد عرفناه ، فكيف الصلاة عليك؟. فقال :

«قولوا : اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد». وقد أخرج هذا الحديث مسلم في باب الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كتاب الصلاة ، في الجزء الأول من صحيحه ، وأخرجه سائر المحدّثين فعلم أن الصلاة على آل محمّد جزء من الصلاة المأمور بها في هذه الآية. ولذا عدّها العلماء من الآيات النازلة بحقهم ، حتّى عدّها ابن حجر في صواعقه من آياتهم الخاصةعليهم‌السلام .

وحسبنا في إيثارهم على من سواهم ، إيثار اللهعزوجل إياهم ، حتّى جعل الصلاة عليهم جزءا من الصلاة المفروضة على جميع عباده ، فلا تصحّ بدونها صلاة أحد من العالمين أيا كان شأنه. بل لابدّ لكل من امتثل أمر الله بفرائضه ، أن يمتثل أمره في أثنائها بالصلاة عليهم ، كما يمتثل أمره بالشهادتين. ولذلك أثر عن جابر أنه كان يقول : لو صلّيت صلاة لم أصلّ فيها على محمّد وعلى آل محمّد ، ما رأيت أنها تقبل. وهذه منزلة عنت لها وجوه الأمة ، وخشعت أمامها أبصار العلماء الأئمة ، لذلك قال الشافعي إمام المذهب :

يا آل بيت رسول الله حبّكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم الفضل أنّكم

من لا يصلّي عليكم لا صلاة له

٤ ـ فضائل أهل البيتعليهم‌السلام

٥٣ ـ منزلة أهل البيتعليهم‌السلام :

(الاتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٥٨)

قال بعض أهل العلم : إن آل البيتعليهم‌السلام حازوا الفضائل كلها ؛ علما وحلما ، وفصاحة وصباحة ، وذكاء وبديهة ، وجودا وشجاعة. فعلومهم لا تتوقف على تكرار درس ، ولا يزيد يومهم فيها على ما كان بالأمس ، بل هي مواهب من مولاهم ، من أنكرها وأراد سترها كان كمن أراد ستر وجه الشمس. فما سألهم في العلوم مستفيد ووقفوا ، ولا جرى معهم في مضمار الفضل قوم إلا عجزوا وتخلّفوا.

٥٤ ـ بعض فضائل أهل البيتعليهم‌السلام :

وحسب أئمة العترة الطاهرة أن يكونوا عند الله ورسوله بمنزلة الكتاب الكريم ، لا

١٣٨

يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهم أعدال القرآن ، وشجرة النبوة ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومعدن العلم ، وأهل بيت الوحي.

فيهم نزلت آية التطهير في قوله تعالى :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣) [الأحزاب : ٣٣] وفيهم نزلت آية الرحمة والبركة في قوله تعالى :( رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) (٧٣) [هود : ٧٣].

وفيهم نزلت آية المباهلة في قوله تعالى :( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) (٦١) [آل عمران : ٦١]. وفيهم نزلت آية الإطعام في قوله تعالى :( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨)إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً ) (٩) [الإنسان : ٨ ـ ٩]. وفيهم نزلت آية المودة في قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ) (٣٣) [الشورى : ٢٣]. وفيهم نزلت آية النور في قوله تعالى:( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ) (٣٥) [النور : ٣٥]. وفيهم نزلت آية الهداية في قوله تعالى :( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) (٨٢) [طه : ٨٢]. وفيهم نزلت آية الولاية في قوله تعالى :( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (٥٥) [المائدة : ٥٥]. وفيهم نزلت آية الطاعة في قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) [النساء : ٥٩]. وفيهم نزلت آية النعمة في قوله جلّ من قائل :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) [المائدة : ٣]. وفيهم نزلت آية الميثاق في قوله :( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا ) [المائدة : ٧]. يشير تعالى في هذه الآية إلى حادثة الغدير في حجة الوداع.

بعض فضائل الإمام عليعليه‌السلام

٥٥ ـ فضائل الإمام عليعليه‌السلام لا تحصى :

فضائل الإمام عليعليه‌السلام جمّة لا تحصى ، فهي بعدد ذرات الثرى. وكما قال ابن أبي الحديد المعتزلي في مقدمة شرحه لنهج البلاغة (ج ١ ص ١٧ ط مصر ، تحقيق أبي الفضل إبراهيم) :

وما أقول في رجل أقرّ له أعداؤه وخصومه بالفضل ، ولم يمكنهم جحد مناقبه ، ولا كتمان فضائله. فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق

١٣٩

الأرض وغربها ، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره والتحريض عليه ، ووضع المعائب والمثالب له ، ولعنوه على جميع المنابر ، وتوعّدوا مادحيه ، بل حبسوهم وقتلوهم ، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة ، أو يرفع له ذكرا ، حتّى حظّروا أن يسمى أحد باسمه ، فما زاده ذلك إلا رفعة وسموا ، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه ، وكلما كتم تضوّع نشره ، وكالشمس لا تستر بالراح ، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة ، أدركته عيون كثيرة.

وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة ، وتنتهي إليه كل فرقة ، وتتجاذبه كل طائفة ؛ فهو رئيس الفضائل وينبوعها ، وأبو عذرها ، وسابق مضمارها ، ومجليّ حلبتها ، كلّ من بزغ فيها بعده فمنه أخذ ، وله اقتفى ، وعلى مثاله احتذى. اه.

(أقول) : وإنما أحببت أن أسوق في هذه الموسوعة بعض مناقبه وفضائلهعليه‌السلام للتبرك بذكره وتعطير الكتاب بأريج عطره.

٥٦ ـ بعض الروايات في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٣ ط نجف)

عن الإمام الرضاعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يا علي إن الله قد غفر لك ولأهلك وشيعتك ، ومحبّي شيعتك ومحبّي محبّي شيعتك ، فأبشر فإنك الأنزع البطين ؛ منزوع من الشرك ، بطين من العلم.

وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليهما‌السلام عن آبائه عن الحسينعليه‌السلام قال :سمعت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من أحبّ أن يحيى حياتي ويموت ميتتي ، ويدخل الجنّة التي وعدني ربي ، فليتولّ علي بن أبي طالب وذريته ، فإنهم لن يخرجوك من باب الهدى إلى باب الضلالة.

وروى الحمويني في (فرائد السمطين) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : من أحبّ أن يتمسّك بديني ، ويركب سفينة النجاة بعدي ، فليقتد بعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وليعاد عدوّه ، وليوال وليّه ، فإنه وصيي وخليفتي على أمتي ، في حياتي وبعد وفاتي ، وهو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعدي. قوله قولي وأمره أمري ونهيه نهيي ، وتابعه تابعي وناصره ناصري وخاذله خاذلي.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليّ سيّد العرب. فقيل : ألست سيد العرب؟. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :أنا سيد العالمين (فضائل الخمسة ، ج ٢ ص ٩٧).

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

تجزئ عنه عند الشافعي وأحمد(١) .

أمّا عندنا فإن كان المدفوع قرضاً سقطت الزكاة ، لأنّها تتمة النصاب ، وإن كان زكاةً معجَّلة لم تقع ، وكانت باقيةً على ملك صاحبها إن كان المال بحاله جاز أن يحتسبه من الزكاة وأن يعدل بها إلى غيره.

وأمّا عندهما : فلأنّه نصاب تجب فيه الزكاة بحلول الحول ، فجاز تعجيلها منه ، كما لو كان أكثر من أربعين ، ولأنّ المعجَّل في حكم الموجود(٢) .

وقال أبو حنيفة : لا تجب الزكاة ، ولا يكون ما عجّله زكاة ؛ لأنّ المعجَّل زال ملكه عنه فلم يحتسب من ماله ، كما لو باعه أو أتلفه(٣) .

الثانية : لو كان معه مائة وعشرون فعجَّل منها شاةً ثم نتجت شاة ثم حال الحول لم يكن عليه شاة اُخرى عندنا ؛ لعدم ضمّ السخال إلى الاُمّهات عند علمائنا ، فالنصاب لا يجب فيه أكثر من شاة ، فله الاحتساب والدفع إلى غير الآخذ.

وقال الشافعي وأحمد : تجب عليه شاة اُخرى(٤) .

وقال أبو حنيفة : لا تجب اُخرى(٥) ، كما قلناه.

الثالثة : لو كان معه مائتا شاة فعجَّل منها شاتين ثم نتجت شاة ، وحال عليها الحول لم تجب عليه شاة اُخرى عندنا ، وبه قال أبو حنيفة(٦) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣١ ، المغني ٢ : ٤٩٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٢) اُنظر : المغني ٢ : ٤٩٩ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢ ، المغني ٢ : ٤٩٩ ، المجموع ٦ : ١٤٨.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٧ - ١٤٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤ - ١٣٥ ، المغني ٢ : ٤٩٩.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٥١ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٥ ، المغني ٢ : ٤٩٩.

(٦) شرح فتح القدير ٢ : ١٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢ ، المجموع ٦ : ١٤٨.

٣٠١

وقال الشافعي وأحمد : تجب عليه شاة أخرى ، لأنّه لو لم يعجّل الشاتين وجب عليه ثلاث شياه ، والتعجيل رفق بالمساكين ، فلا يكون سببا في إسقاط حقوقهم(١) .

وينتقض بالبيع والإتلاف.

مسألة ٢١٢ : لو كان معه خمس من الإِبل فعجّل زكاتها‌ وله أربعون من الغنم فهلكت الإِبل فأراد أن يجعل الشاة معجَّلة عن الغنم ابتني على ما إذا عيّن الزكاة من مال هل له أن يصرفه إلى غيره؟ الأقرب ذلك ؛ لأنّها لم تصر زكاةً بعدُ ، وسيأتي.

مسألة ٢١٣ : وكما لا يجوز تقديم الزكاة في النقدين والمواشي فكذا في الزروع والثمار‌ - وهو قول بعض الشافعية(٢) - لأنّ زكاتها متعلّقة بسبب واحد وهو الإِدراك ، فإذا قدّم الزكاة فقد قدّمها قبل وجود سببها.

وقال ابن أبي هريرة منهم : يجوز(٣) ؛ لأنّ وجود الزرع سبب فيها ، وإدراكه بمنزلة حؤول الحول فجاز تقديمها.

مسألة ٢١٤ : وكما لا يجوز تقديم الزكاة عندنا لحول واحد فالحولان فصاعداً أولى بالمنع‌.

واختلف المـُجوّزون في الأول هل يجوز تعجيل أكثر من زكاة حول واحد فقال الحسن البصري : يجوز لسنتين وثلاث - وهو المشهور عند الشافعية ، وهو قول أبي إسحاق منهم - لأنّ النصاب سبب في إيجاب الزكاة في هذين العامين فجاز تقديم الزكاة كالعام الأول ( ولأنّ العباس استلف صدقة عامين‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٢ و ٣ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٥ ، المجموع ٦ : ١٦٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٩.

٣٠٢

من الناس )(١) (٢) .

وقال بعض الشافعية : لا يجوز - كما قلناه - لأنّه قدّم الزكاة على الحول الثاني ( فلم يجز )(٣) كما لو قدّمه على الحول الأول(٤) .

وفرّق الأولون : بأنّ التقديم على الحول الأول تقديم على النصاب ، بخلاف صورة النزاع.

إذا ثبت هذا فإن كان معه نصاب لا غير لم يجز له أن يعجّل أكثر من صدقة سنة واحدة إجماعاً منهم ؛ لأنّه إذا عجّل أكثر من ذلك نقص النصاب في الحول الثاني بوقوع زكاة الحول الأول موقعها ، وانقطاع حكمها عن ماله.

وعلى قولنا إن احتسب عند الحول الأول المدفوع من الزكاة سقطت في الثاني ، وإن لم يحتسب سقطت أيضاً ؛ لتعلّق الزكاة بالعين فينقص عن النصاب حكماً في الثاني.

مسألة ٢١٥ : إذا مات المالك قبل الحول انتقل المال إلى الوارث‌ ، واستأنف الحول ، وبطل حكم الأول ، وانقطع الحول بموت المالك عند علمائنا - وهو الجديد للشافعي(٥) - لأنّه بموته خرج عن أهلية التملّك ، وبقاء مال بغير مالك محال ، فينتقل إلى الوارث ، فيستأنف الحول كما لو باعه.

____________________

(١) كذا في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية ، خلافاً لما في المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، وفتح العزيز ٥ : ٥٣١ ، وسنن البيهقي ٤ : ١١١ ، حيث ورد فيها : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تسلّف من العباس صدقة عامين. فلاحظ.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣١ - ٥٣٢ ، والمغني ٢ : ٤٩٨.

(٣) في « ط » : فلم يجزئه.

(٤) راجع المصادر في الهامش (٢)

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٦٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦ - ٢٧.

٣٠٣

ولقوله تعالى :( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (١) أضاف بلام التملّك.

وقال في القديم : لا ينقطع بموته ، ويبنى حول الوارث على حول الموروث(٢) .

إذا عرفت هذا ، فلو عجّل زكاة ماله قبل الحول ثم مات ، وانتقل المال إلى ورثته ، لم يجزئه التعجيل عندنا ؛ لما مرّ ، وهو قول بعض الشافعية ؛ لأنّه يؤدّي إلى أن تكون الزكاة معجّلةً قبل ملك النصاب.

وعلى القديم يجزئه ما عجّله ؛ لأنّه لمـّا قام الوارث مقام الميت في ملكه قام مقامه في حقّه ، ولهذا يرث منه الشفعة ( فيأخذها )(٣) بسبب ملك متجدّد(٤) .

وهو ممنوعٌ ؛ لأنّه يأخذها إرثاً لا بسبب ملكه.

إذا ثبت هذا ، فإن كان المالك حين الدفع شرط التعجيل رجع بها الوارث ، وإلّا فلا.

وفرّع الشافعي على الإِجزاء إن كان نصيب كلّ واحد يبلغ نصابا أجزأت عنهم إذا حال الحول ، وإن قصر فإن اقتسموا بطل الحول ، وكان لهم ارتجاع الزكاة إن شرط فيها التعجيل ، وإن لم يقتسموا وبقي مختلطاً إلى آخر الحول ، فإن كانت ماشيةً أجزأت عنهم الزكاة ، وإن كان غيرها ( بني )(٥) على القولين في الخلطة فيه ، إن جوّزناها كان كالماشية ، وإلّا كان كما لو اقتسموا(٦) .

____________________

(١) النساء : ١١.

(٢) الاُم ٢ : ٢١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٦٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧.

(٣) ورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية : فيأخذ.

وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٤) المجموع ٦ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ و ٥٣٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٩.

(٥) في « ط » : يبنى.

(٦) اُنظر : المجموع ٦ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٦.

٣٠٤

مسألة ٢١٦ : إذا تسلّف الساعي أو الإِمام الزكاة‌ ، فإن كان بغير مسألة أهل السُّهمان ولا أرباب الأموال فتلفت في يده ضمن - وبه قال الشافعي(١) - لأنّهم أهل رشد لا يولّى عليهم ، فإذا قبض لهم بغير إذنهم كان ضامناً ، كالأب يقبض لابنه الكبير بغير إذنه.

لا يقال : الأب ليس له القبض ، وهنا يجوز لحاجتهم.

لأنّا نقول : جواز القبض لا يدفع الضمان.

وقال أبو حنيفة وأحمد : لا يضمن ، لأنّ للإِمام ولاية على أهل السُّهمان ، فإذا استقرض لهم وتلف في يده من غير تفريط لم يضمن كولي اليتيم(٢) .

ونمنع ولاية الإِمام إذا لم يكن المالك مانعاً ، ويخالف ولي اليتيم ؛ لأنّه لا إذن للمولّى عليه ، بخلاف أهل السُّهمان.

وإن قبضها بسؤال أهل السُّهمان فتلفت ( في يده )(٣) من غير تفريط لم يضمن ، وأجزأت عن رب المال ؛ لأنّ يده كيدهم إذا نوى في القبض ، والمالك مأمور بالدفع إليه ، فحصل الإِجزاء؛ للامتثال.

وإن قبضها بسؤال أرباب الأموال فلا ضمان عليه ؛ لأنّه أمين قبض المال بإذن ربه على سبيل الأمانة ولا تجزئ عن أربابها ، بل تكون من أموالهم ؛ لأنّه وكيل لهم فيها.

وإن كان بسؤالهما معاً قال الشيخ : الأولى أن يكون منهما ؛ لأنّ كلّ واحد منهما له إذن في ذلك ، ولا ترجيح لأحدهما على صاحبه في ذلك(٤) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٧ ، المغني ٢ : ٥٠٢.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، المغني ٢ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٧.

(٣) ما بين القوسين لم يرد في « ن ».

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٢٨.

٣٠٥

وللشافعي وجهان : أحدهما : يكون من ضمان أرباب الأموال ؛ لأنّهم أقوى جنبة فإنّهم المالكون للمال. والثاني : يكون من ضمان الفقراء ، لأنّه قبضه لمنفعتهم بإذنٍ ، فكان من ضمانهم. وهو أصحّهما عند الشافعية(١) .

مسألة ٢١٧ : ما يتعجّله الوالي من الصدقة يقع متردّداً بين أن يقع زكاةً أو يستردّ‌ - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّا قد بيّنّا أنّه لا يجوز تقديم الزكاة إلّا على جهة القرض ، فإذا حال الحول فإن تمّت الشرائط والدافع والمدفوع إليه على الصفات ، كان للمالك احتسابه من الزكاة والاسترداد على ما اخترناه نحن.

وعند الشافعي يقع زكاةً معجّلة ، فإن تغيّرت الأحوال لم يسقط عنه الدّين ، بل يتأكّد قضاؤه عليه(٣) .

وقال أبو حنيفة : إنّه متردّد بين أن يقع زكاةً أو تطوّعاً(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ المالك لم يقصد التطوّع ، فلا ينصرف إلى غير ما قصده.

مسألة ٢١٨ : إذا تسلّف الساعي الزكاة‌ ، فبعد الحول إن لم يتغيّر الحال في المال والدافع والمدفوع إليه ، فعلى ما اخترناه نحن من أنّها قرض لا زكاة معجّلة ، للمالك استرجاعها منه ، ودفعها إلى غيره ، أو دفع عوضها ، أو احتسابها من الزكاة ، وللمدفوع إليه دفع المثل أو القيمة وإن كره المالك ؛ لأنّه قرض.

وعند القائلين بأنّها زكاة معجّلة يقع الدفع موقعه ويجزئ ، وليس للمالك انتزاعها منه(٥) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٩ ، و ٥ : ٥٣٧ و ٥٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٨ ، المغني ٢ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤.

(٢) حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٣) حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٤) حلية العلماء ٣ : ١٣٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥٢.

(٥) المغني ٢ : ٥٠٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٣.

٣٠٦

وإن تغيّرت حال المالك فمات قبل الأجل أو نقص النصاب أو ارتدّ لم يقع ما دفعه زكاةً ، وله استرجاعه - وبه قال الشافعي وأحمد(١) - لأنّه مال دفعه عمّا يستحقّه القابض في الثاني(٢) ، فإذا طرأ ما يمنع الاستحقاق وجب الردّ ، كما لو دفع اُجرةً في سكنى دار فانهدمت. ولأنّه دفع على أنّها زكاة واجبة وقد ظهر البطلان.

وقال أبو حنيفة : ليس له استرجاعه إلّا أن يكون في يد الإِمام أو الساعي ؛ لأنّها وصلت إلى يد الفقير ، فلم يكن له استرجاعها ، كما لو لم يشترط ؛ لأنّه زكاة معجّلة(٣) .

والفرق أنّه إذا لم يشترط التعجيل احتمل أن يكون تطوعاً ، فلم يقبل قوله في الرجوع.

وإن تغيّرت حال الفقير بأن يستغني بغير الزكاة ، أو يرتدّ ، فإنها لا تجزئ ، ويجب استرجاعها ليدفعها إلى مستحقّها - وبه قال الشافعي(٤) وأحمد(٥) - لأنّ ما كان شرطاً في إجزاء الزكاة إذا ( عدم )(٦) قبل حلول الحول لم يجزئ كما لو مات رب المال.

وقال أبو حنيفة : وقعت موقعها ؛ لأنّ تغيّر حال الفقير بعد وصول الزكاة‌

____________________

(١) المجموع ٦ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٥ ، المغني ٢ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤.

(٢) أي : في العام القابل.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٥.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، المغني ٢ : ٥٠٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٣.

(٥) يظهر من المغني ٢ : ٥٠٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٣ ، أنّ قول أحمد موافق لقول أبي حنيفة ومخالف لرأي المصنّف ، والشافعي. فلاحظ.

(٦) ورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية : ( تقدّم ) والصحيح - كما يقتضيه السياق - ما أثبتناه.

٣٠٧

إلى يده لا يمنع من إجزائها ، كما لو استغنى بها(١) .

والفرق : أنّه إذا استغنى بها حصل المقصود بالدفع ، فلم يمنع ذلك من إجزائها.

فروع :

أ - لو مات المدفوع إليه جاز الاحتساب من الزكاة بعد الحول ؛ لأنّ قضاء الدَّين عن الميت من الزكاة سائغ على ما أوضحناه. ولأنّه من سبيل الله.

ومنع الشافعي من ذلك(٢) . وليس بمعتمد.

ب - قال الشيخ : إذا عجّل الزكاة لمسكين ثم حال الحول وقد أيسر ، فإن كان من هذا المال مثل أن كانت ماشيةً فتوالدت ، أو مالاً فاتّجر به وربح ، وقعت موقعها ، ولا يجب استرجاعها ؛ لأنّه يجوز أن يعطيه ما يغنيه ، لقول الصادقعليه‌السلام : « أعطه وأغنه »(٣) .

ولأنّا لو استرجعناها منه افتقر وصار مستحقّاً للإِعطاء ، ويجوز أن تردّ عليه ، وإذا جاز ذلك جاز أن يحتسب به.

وإن كان قد أيسر بغير هذا المال بأن ورث أو غنم أو وجد كنزاً ، لم تقع موقعها ، ووجب استرجاعها ، أو إخراج عوضها ؛ لأنّ ما أعطاه كان دَيْناً عليه ، وإنّما تحتسب عليه بعد حوؤل الحول ، وفي هذه الحال لا يستحق الزكاة ، لغنائه ، فلا تحتسب له(٤) .

وفي قول الشيخ إشكال ، أمّا أوّلاً : فلأنّ نماء المدفوع يقع ملكاً

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، المغني ٢ : ٥٠٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٣) نقله الشيخ الطوسي بالمعنى ، وانظر : الكافي ٣ : ٥٤٨ / ٣ و ٤ ، والتهذيب ٤ : ٦٣ / ١٧٠ و ٦٤ / ١٧٤.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣٠.

٣٠٨

للقابض ؛ لأنّه قرض على ما تقدّم ، ونماء القرض لمالكه ، فإذا كان النماء موجباً للغناء لم يجز صرف الزكاة إليه كما لو كان غنياً بغيره.

وأمّا ثانياً : فلأنّ ما يأخذه على سبيل القرض يملكه المقترض ، ويخرج عن ملك الدافع ، فلا يكون محسوباً من النصاب ، فيجب على المالك زكاة ما في يده إن كان نصاباً ، ولا يضمّ إليه ما أخذه القابض.

ج - إنّما يكون له الرجوع في موضعه إذا شرط حالة الدفع ثم ظهر الخلاف على ما يأتي.

مسألة ٢١٩ : إذا تسلّف الساعي الزكاة ، وتغيّرت الحال‌ ، وحكمنا باسترداد المدفوع ، فإن كان باقياً بحاله استرجعه إن شرط حالة الدفع أنّها زكاة معجّلة ؛ لفساد الدفع عندنا ، ولفوات شرط الاستحقاق عند من سوّغه.

وإن كان قد زاد زيادةً متصلةً كالسمن ردّ العين مع الزيادة ، لأنّها تابعة لها ، وإن كانت منفصلةً كالولد ردّه أيضاً مع العين ؛ لفساد الدفع.

وقال الشافعي : لا يستردّ النماء ؛ لأنّها حدثت في ملك الفقير(١) . وهو ممنوع.

نعم لو دفعها قرضاً ملكها الفقير ، ولم يكن له الرجوع في العين ، بل يطالب بالمثل أو القيمة سواء زادت أو لا ، والنماء المنفصل للفقير حينئذٍ ؛ لأنّه نماء ملكه.

ولو كانت العين ناقصةً لم يضمن النقصان لفساد الدفع ، فكانت العين أمانةً في يده ، أمّا لو قبضها قرضاً فإنّه يضمن النقصان.

وقال الشافعي في الاُم : لا يضمنها ؛ لأنّ النقص حدث في ملكه فلا يضمنه(٢) .

____________________

(١) الاُم ٢ : ٢١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٣.

(٢) الاُم ٢ : ٢١ وعنه في فتح العزيز ٥ : ٥٤٣.

٣٠٩

وله آخر : الضمان ؛ لأنّ من ضمن القيمة عند التلف ضمن النقص(١) .

ولو كانت العين تالفةً ، فإن كان لها مثل وجب المثل وإلّا القيمة.

ومتى يعتبر؟ قال الشيخ : يوم القبض ؛ لأنّه قبض العين على جهة القرض ، فيلزمه قيمة يوم القبض(٢) .

وهو حقّ إن دفعها على جهة القرض ، أمّا لو دفعها على أنّها زكاة معجّلة فإنّ الدفع يقع فاسداً ، والملك باقٍ على مالكه.

وللشافعي قولان : أحدهما : أنّه تعتبر القيمة يوم القبض - وبه قال أحمد - لأنّ ما زاد بعد ذلك أو نقص فإنّما كانت في ملكه فلم يضمنه ، كما لو تلف الصداق في يد المرأة ثم طلّقها فإنّها تضمن نصيبه يوم القبض.

والثاني : يضمنه يوم التلف(٣) ، لأنّ حقّه انتقل من العين الى القيمة بالتلف ، فاعتبر يوم التلف كالعارية ، بخلاف الصداق ؛ فإنّ حقّه في المسمّى خاصة ، ولهذا لو زاد الصداق لم يرجع في العين مع الزيادة المتصلة والمنفصلة ، فافترقا.

إذا عرفت هذا ، فإن استرجع المدفوع بعينه ضمّ إلى ماله ، وأخرج زكاته إن كان قد دفع على أنّها زكاة معجّلة ؛ لبقاء الملك على ربّه ، وتمكّنه من أخذه ، وبه قال الشافعي(٤) .

وبعض أصحابه قال : إن كان غير الحيوان ضمّه كما يضمّ الدَّين الى ماله ، وإن كان حيواناً لم يضمّه ؛ لأنّه لمـّا استغنى الفقير زال حكم الزكاة فيها ،

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٢٩.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥١ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦ ، المغني ٢ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

٣١٠

وتعلّق حقّه بعينها ، ولم يملكها إلا بالرجوع فيها ، فانقطع حكم الحول فيها(١) .

وإن استرجع القيمة لم يضمّها الى ماله ؛ لأنّه تجدّد ملكه عليها ، ولم يكن حكمها حكم ماله.

مسألة ٢٢٠ : إذا عجّل الزكاة إلى فقير حال الدفع ثم استغنى بغير الزكاة ثم افتقر‌ فحال الحول وهو فقير ، جاز له أن يحتسب من الزكاة ؛ لأنّ الاعتبار بحال الدفع وحال الحول ، وإذا كان حال الدفع فقيراً حصل المقصود بالدفع ، وإذا كان فقيرا حال الحول فهو ممّن يجوز دفع الصدقة إليه فيجزئه ، ولا اعتبار بما بينهما ، وهو أحد وجهي الشافعي(٢) .

وفي الثاني : لا يجزئ(٣) ، لأنّه بالاستغناء بطل قبضه ، فصار كما لو دفعها إلى غني ثم صار فقيراً عند الحول.

ونمنع الحكم في الأصل.

ولو دفعها إلى غني إلّا أنّه افتقر حال الحول ، فالوجه الإِجزاء ؛ لأنّ الاعتبار إنّما هو بالحول ، وهو حينئذٍ ممّن يستحقّ الزكاة.

وقال الشافعي : لا يجوز(٤) ؛ لأنّ التعجيل جاز للإِرفاق ، فإذا لم يكن من أهله لم يصح التعجيل.

وينتقض عليهم : بما لو أوصى لوارث ثم تغيّرت حاله(٥) فمات وهو غير وارث ، فإنّها تصح الوصية عندهم(٦) اعتباراً بحال نفاذها. ولأنّه لا فائدة في‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٤) المجموع ٦ : ١٥٦.

(٥) بارتداد مثلاً.

(٦) لم نعثر عليه في مظانّه.

٣١١

استعادتها منه ثم دفعها إليه.

مسألة ٢٢١ : إذا عجّل الزكاة ثم تلف ماله قبل الحول‌ بطل الحول ، وسقطت الزكاة عنه ، وله الرجوع فيما دفعه إن كان حين الدفع قال : هذه صدقة مالي عجّلتها أو زكاة مالي عجّلتها ؛ لأنّه دفع دفعاً مشروطاً لا مطلقاً ، وقد ظهر بطلانه ، فله الاستعادة.

وإن قال : هذه زكاة مالي ، أو صدقة مالي ، وأطلق ، لم يكن له أن يرجع فيها ، قاله الشيخ(١) - وهو مذهب الشافعي(٢) - لأنّه إذا قال : هذه زكاة مالي ، كان الظاهر أنّها واجبة عليه ، واحتمل أن يكون عن هذا المال وعن غيره.

وإذا قال : هذه صدقة ؛ كان الظاهر أنّها صدقة في الحال إمّا واجبة أو تطوّع.

فإن ادّعى علم المدفوع إليه أنّها معجّلة ، كان له إحلافه ؛ لأنّ المدفوع إليه منكر لو اعترف بما قاله الدافع وجب عليه ردّ ذلك ، فإذا أنكره وادّعى علمه اُحلف ، كمن يدّعي على ورثة الميت دَيناً عليه ، وهو أحد وجهي الشافعي.

وفي الثاني : لا يحلف ؛ لأنّ دعوى الدافع يخالف ظاهر قوله فلم يسمع(٣) .

لا يقال : ألا جعلتم القول قول الدافع ؛ لأنّه أعلم بنيّته ، كما لو دفع مالا وقال : إنّه قرض ، وقال المدفوع إليه : إنّه هبة ، فالقول قول الدافع ، وكما لو قضى أحد الدينين وادّعى القابض قضاء الآخر ، قدّم قول الدافع.

لأنّا نقول : إنّما كان القول في هاتين قول الدافع ؛ لأنّه لا يخالف الظاهر ، فكان أولى ، وفي مسألة الزكاة قول الدافع يخالف الظاهر ؛ لأنّ الزكاة‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣١.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ - ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٠ ، مغني المحتاج ١ : ٤١٧.

(٣) المجموع ٦ : ١٥٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٠.

٣١٢

ظاهرة في الوجوب ، والمعجّلة ليست زكاةً في الحال ، فلم يقبل قوله.

أمّا الوالي إذا أطلق وكانت معجّلةً ، فإنّ له الرجوع ؛ لأنّه نائب عن الفقراء ، فيقبل قوله عليهم ، ورب المال يدّعيها لنفسه ، فلم يقبل قوله.

إذا ثبت هذا ، فالدافع أعرف بنيّته إن كان صادقاً وتمكّن من الاستيفاء ، كان له ذلك ، وإلّا فلا. ولو علم الفقير ذلك وجب عليه الردّ مع الطلب وإن كان مستحقّاً ولم يتغيّر الحال.

مسألة ٢٢٢ : قد بيّنا أنّه لا يجوز أن يعجّل الزكاة قبل إكمال النصاب‌ عند المجوّزين ، فلو كان معه مائتا شاة فعجّل زكاة أربعمائة عن المائتين الموجودة وعمّا تتوالد ، فتوالدت وبلغت أربعمائة لم تجزئ إلّا عن المائتين عند القائلين منّا بالتعجيل - وهو أحد وجهي الشافعي(١) - لأنّها لم توجد في ملكه ، فأشبه ما إذا زكّى مائتي درهم قبل حصولها.

والثاني : الإِجزاء ؛ لأنّ السخال تابعة للاُمّهات ، فإذا سلف عنها مع وجود الاُمّهات صار ذلك كوجودها(٢) .

ولو كان عنده عشرون من الغنم حوامل ، فعجّل شاةً عنها وعن أولادها ، فتوالدت وبلغت أربعين ، لم تجزئ ؛ لأنّها لا تتبع ما دون النصاب ، وبه قال الشافعي(٣) .

ولو كان معه سلعة للتجارة قيمتها مائتان ، فأخرج زكاة أربعمائة ، ثم زادت قيمتها ، وصارت أربعمائة عند الحول ، لم يجزئه عندنا ، لما تقدّم.

وقال الشافعي : يجزئه ؛ لأنّ الواجب في قيمة العرض ، والاعتبار بالقيمة في آخر الحول دون غيره ، ولهذا لو نقصت القيمة ثم زادت لم ينقطع الحول(٤) .

____________________

(١ و ٢ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤.

(٣) اُنظر : فتح العزيز ٥ : ٥٣١ ، والمجموع ٦ : ١٤٦.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٥٣٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣.

٣١٣

وكذا لو كان معه أقلّ من نصاب للتجارة ، فأخرج خمسة دراهم ، وزادت القيمة ، وبلغت نصاباً ، أجزأه(١) .

وعندنا أنّ النصاب معتبر في أول الحول إلى آخره في القيمة ، فلهذا قلنا بعدم الإِجزاء.

ولو كان معه مائتا درهم فعجّل منها خمسة ، فلمـّا دنا الحول أتلف منها درهماً انقطع الحول ، وسقطت الزكاة عنه ؛ لقصور المال عن النصاب ، وله أن يرجع فيما عجّله إذا شرط أنّه زكاة معجّلة ؛ لأنّ الزكاة لم تجب عليه.

ولا فرق في النقصان قبل الحول بين التفريط وعدمه ، ولهذا نمنع وجوب الزكاة ، وهو أحد وجهي الشافعية.

والثاني : ليس له ، لأنّه مفرط في ذلك ، قاصد لاسترجاع ما عجّله ، فلم يكن له الرجوع(٢) .

وقد تقدّم أنّ التفريط لا يمنع الرجوع.

* * *

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٦ و ١٤٨.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٥٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

٣١٤

٣١٥

الفصل الثالث

في المُخرج‌

مسألة ٢٢٣ : يجوز أن يتولّى المالك الإِخراج بنفسه في الأموال كلّها‌ ، سواء كانت ظاهرةً أو باطنةً ، وإن كان الأفضل في الظاهرة صرفها إلى الإمام أو الساعي ؛ ليتولّيا تفريقها ، عند علمائنا - وبه قال الحسن ومكحول وسعيد بن جبير وميمون بن مهران والثوري وطاوس وعطاء والشعبي والنخعي وأحمد والشافعي في أحد القولين(١) - لأنّها حق لأهل السُّهمان ، فجاز دفعه إليهم ؛ لأنّهم المستحقّون كسائر الحقوق ، وكالدَّين إذا دفعه إلى مالكه ، وكالزكاة الباطنة. ولأنّه أحد نوعي الزكاة ، فأشبه الآخر.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لو أنّ رجلاً حمل زكاته على عاتقه فقسّمها علانيةً كان ذلك حسناً جميلاً »(٢) .

وقال مالك : لا يفرّق الأموال الظاهرة إلّا الإِمام - وبه قال أبو حنيفة‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٠٥ و ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٥ ، المجموع ٦ : ١٦٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٤١.

(٢) الكافي ٣ : ٥٠١ / ١٦ ، التهذيب ٤ : ١٠٤ / ٢٩٧.

٣١٦

والشافعي في أحد القولين(١) - لقوله تعالى( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ ) (٢) .

ولأنّ أبا بكر طالبهم بالزكاة وقاتلهم عليها ، وقال : لو منعوني عناقاً كانوا يؤدّونه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقاتلتهم عليها. ووافقه الصحابة على هذا(٣) .

ولأنّ ما للإِمام قبضه بحكم الولاية لا يجوز دفعه إلى المولّى عليه كولي اليتيم(٤) .

والجواب : نقول بموجب الآية ، فإنّها تدلّ على أنّ للإِمام أخذها ، ولا خلاف فيه.

ومطالبة أبي بكر ؛ لمنعهم ، ولو أدّوها إلى مستحقّها لم يقاتلهم.

وإنّما يطالب الإِمام بحكم الولاية والنيابة عن مستحقّها ، وإذا دفعها إليهم جاز ، لأنّهم أهل رشد ، فجاز الدفع إليهم ، بخلاف اليتيم.

إذا ثبت هذا ، فإنّ المالك يتخيّر في الصرف إلى الإِمام أو العامل أو المساكين أو الوكيل ؛ لأنّه فِعْلٌ تدخله النيابة فجاز التوكيل فيه.

مسألة ٢٢٤ : الأفضل أن تدفع زكاة الأموال الظاهرة إلى الإِمام العادل‌ ، وبه قال الباقرعليه‌السلام والشعبي والأوزاعي وأحمد(٥) - لأنّ الإِمام أعلم بمصارفها ، ودفعها إليه يبرئه ظاهراً وباطناً ؛ لاحتمال أن يكون الفقير غير مستحق ، ويزيل التهمة عنه في منع الحق ، ولأنّه يخرج من الخلاف.

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٣٥ ، المغني ٢ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٥ ، المجموع ٦ : ١٦٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٤١.

(٢) التوبة : ١٠٣.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٣١ ، سنن البيهقي ٤ : ١١٤.

(٤) المنتقى - للباجي - ٢ : ٩٤ ، المغني ٢ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٤١.

(٥) المغني ٢ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧١ - ٦٧٢.

٣١٧

وقال بعض الجمهور : الأفضل أن يفرّقها بنفسه ؛ لما فيه من توفير أجر العمالة وصيانة الحق عن خطر الخيانة ومباشرة تفريج كربة مستحقّها وإغنائه بها ، مع إعطائها الأولى بها من محاويج أقاربه وذوي رحمه وصلة الرحم بها فكان أفضل(١) .

ولو تعذّر الصرف إلى الإِمام حال الغيبة استحب دفعها إلى الفقيه المأمون من الإِمامية ؛ لأنّه أبصر بمواقعها. ولأنّه إذا دفعها إلى الإِمام أو الفقيه برئ لو تلفت قبل التسليم ؛ لأنّ الإِمام أو نائبه كالوكيل لأهل السُّهمان ، فجرى مجرى قبض المستحقّ.

مسألة ٢٢٥ : لو طلب الإِمام الزكاة منه وجب دفعها إليه‌ إجماعاً منّا ؛ لأنّه معصوم تجب طاعته وتحرم مخالفته ، فلو دفعها المالك إلى المستحقّين بعد طلبه وإمكان دفعها إليه فقولان لعلمائنا : الإِجزاء - وهو الوجه عندي - لأنّه دفع المال إلى مستحقّه ، فخرج عن العهدة ، كالدَّين إذا دفعه الى مستحقّه.

وعدمه ؛ لأنّ الإِخراج عبادة لم يوقعها على وجهها ؛ لوجوب الصرف إلى الإِمام بالطلب ، فيبقى في عهدة التكليف. ولا خلاف في أنّه يأثم بذلك.

مسألة ٢٢٦ : الطفل والمجنون إن أوجبنا الزكاة في مالهما أو قلنا باستحبابها فالولي هو المتولّي للإِخراج‌ ، وحكم الولي هنا حكم المالك ، إن شاء فرّقها بنفسه ، وإن شاء دفعها إلى الساعي أو إلى الإِمام ، وكذا الوكيل في الدفع له أن يدفع إلى الفقراء وإلى الإِمام وإلى الساعي.

ولو أمره المالك بالمباشرة ، فإن دفع الى الإِمام العادل برئ ؛ لأنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وإن دفعها إلى الساعي فالوجه الضمان ؛ للمخالفة.

مسألة ٢٢٧ : يجب أن ينصب الإِمام عاملاً لقبض الصدقات‌ ؛ لأنّه من الأمر بالمعروف ، ومن المصالح التي تشتد الحاجة إليها من الفقراء‌

____________________

(١) قاله ابنا قدامة في المغني ٢ : ٥٠٦ - ٥٠٧ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٧٢.

٣١٨

للانتفاع ، ومن المالك لتخليص ذمته من الحقّ.

ويجب الدفع إليه مع طلبها ؛ لأنّه كالنائب للإِمام ، وأمره مستند إلى أمره ولمـّا كان امتثال أمر الإِمام واجباً فكذا أمر نائبه.

ولقوله تعالى( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) (١) والأمر بالأخذ يستلزم الأمر بالإِعطاء.

مسألة ٢٢٨ : وليس للعامل أن يتولّى تفريق الصدقة إلّا بإذن الإِمام‌ ؛ لأنّه لا ولاية له إلّا من قِبَلهعليه‌السلام ، فتختص ولايته بما قصرها عليه ، فإن فوّض إليه ذلك جاز.

ثم إن عيّن له الإِمام الصرف إلى أقوام معيّنين على التفضيل أو التسوية ، لم يجز التخطّي(٢) ، فإن تخطّى الى غيرهم أو فضّل وقد اُمر بالتسوية أو بالعكس ، ضمن القدر الذي فرّط فيه خاصة، وإن أطلق تصرّف هو كيف شاء ممّا يبرئ المالك.

ولو عيّن له المالك وعيّن له الإِمام أيضاً ، واختلف المحل أو التقسيط اتّبع تعيين الإِمام خاصة.

ومع إطلاق الإِمام وتعيين المالك هل يجوز له التخطّي(٣) الى غير من عيّنه المالك؟ إشكال ينشأ من أنّ للمالك التخيير لا لغيره ، ومن زوال ولايته بالدفع إلى الساعي.

إذا عرفت هذا ، فإذا أذن الإِمام في التفريق وأطلق ، جاز أن يأخذ نصيبه من تحت يده ؛ لأنّه أحد المستحقّين وقد أذن له في الدفع إليهم ، فيندرج تحت الإِذن كغيره.

مسألة ٢٢٩ : واذا بعث الإِمام الساعي لم يتسلّط على أرباب المال‌ ، بل يطلب منهم الحقّ إن كان عليهم ، فإن قال المالك : أخرجت الزكاة ، أو‌

____________________

(١) التوبة : ١٠٣.

(٢ و ٣ ) في النسخ الخطيّة والحجرية : التخطية. والصحيح ما أثبتناه.

٣١٩

لم يَحُلْ على مالي الحول ، أو أبدلته ؛ صدَّقه من غير يمين ، خلافاً للشافعي(١) ، على ما تقدّم.

ولا يلزم المالك أن يدفع من خيار ماله ، ولا يقبل منه الأدون ، بل يؤخذ الأوسط ، ويقسّم الشياه قسمين عندنا ، ويخيّر المالك حتى تبقى الفريضة.

وقال بعض الجمهور : يقسّم ثلاثة أقسام : أجود وأدون وأوسط ، وتؤخذ الفريضة من الأوسط(٢) .

وقولنا أعدل ؛ لأنّ فيه توصّلاً إلى الحقّ من غير تسلّط على أرباب الأموال.

مسألة ٢٣٠ : وينبغي أن يخرج العامل في أخذ صدقة الثمار والغلّات عند كمالها وقطفها‌ وجذاذها وتصفيتها ، والناحية الواحدة لا تختلف زروعها اختلافاً كثيراً ، وأمّا ما يعتبر فيه الحول فيخرج في رأس الحول استحباباً ؛ لتنضبط الأحوال.

فإذا قدم العامل فإن كان حول الأموال قد تمّ ، قبض الزكاة ، وإن كان فيهم من لم يتمّ حوله وصّى عدلاً ثقةً يقبض الصدقة منه عند حلولها ، ويفرّقها في أهلها إن أذن له الإِمام دفعاً لحرج العود.

وإن رأى أن يكتبها ديناً عليه ليأخذ من قابل ، فالوجه المنع ، خلافاً للشافعي(٣) .

وإن أراد أن يرجع في وقت حلولها لقبضها كان أولى.

ولا يكلّف أرباب الأموال أن يجلبوا المواشي إليه ليعدّها ، ولا يكلّف الساعي أن يتبعها في مراتعها ؛ لما فيه من المشقة ، بل يقصد الساعي موارد‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٦ ، المجموع ٦ : ١٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٢.

(٢) حكاه المحقق في المعتبر : ٢٧٦.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٦ ، المجموع ٦ : ١٧٣.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735