موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 2%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 452060 / تحميل: 5261
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

موسوعة كربلاء الجزء ١

١
٢

موسوعة كربلاء الجزء ١

تأليف الدكتور لبيب بيضون

الجزء الاول

٣
٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

تبويب الكتاب

الجزء الأول

تمّ تبويب الجزء الأول من الموسوعة وفق الأبواب التالية :

(١) ـ الباب الأول : (مقدمات)

ويشمل مقدمة في مصادر الموسوعة ، ثم استعراض لأنساب آل أبي طالب ، ثم توطئة في أهل البيتعليهم‌السلام وفضائلهم ، ثم فصل عن الإمام الحسينعليه‌السلام وجملة من مناقبه وفضائله ، ثم أنباء باستشهاد الحسينعليه‌السلام قبل وقوعه ، وإقامة المآتم الحسينية ، ثم فلسفة النهضة الحسينية وأهدافها.

(٢) ـ الباب الثاني : (الأوضاع السابقة للنهضة)

ويشمل العداوة بين بني أمية وبني هاشم ، ثم خلافة الإمام الحسنعليه‌السلام وصلحه مع معاوية ، وحكم معاوية وبعض هناته ، ومنها توليته ليزيد.

(٣) ـ الباب الثالث : (الإعداد للنهضة)

ويشمل حكم يزيد ، ونهضة الإمام الحسينعليه‌السلام في المدينة ، ثم في مكة ، حتّى خروجه منها في ٨ ذي الحجة سنة ٦٠ ه‍. ويتضمن هذا الباب مكاتبات البصريين والكوفيين للحسينعليه‌السلام ، ومسير مسلم بن عقيلعليه‌السلام ، ونصائح المشفقين والمندّدين.

(٤) ـ الباب الرابع : (مسير الحسينعليه‌السلام إلى العراق)

ويشمل تهيّؤ الحسينعليه‌السلام للسفر ، ثم مسيره من مكة إلى كربلاء. ويتضمن هذا الباب تحقيقا بعدد الهاشميين الذين خرجوا مع الحسينعليه‌السلام ، وتحقيقا بالمواضع التي مرّبها.

٥

(٥) ـ الباب الخامس : (في كربلاء)

ويشمل هذا الباب كل ما حدث للحسينعليه‌السلام منذ حلّ في كربلاء في ٢ محرم ، وحتى بدء القتال يوم العاشر من المحرم سنة ٦١ ه‍.

الجزء الثاني

كما تمّ تبويب الجزء الثاني من الموسوعة وفق الأبواب الأربعة التالية :

(٦) ـ الباب السادس : (معركة كربلاء)

ويشمل أسماء المستشهدين من أنصار الحسينعليه‌السلام ، ومعركة كربلاء ، واستشهاد جميع الصحب والآل ، حتّى مصرع الإمام الحسينعليه‌السلام .

(٧) ـ الباب السابع : (حوادث بعد الشهادة)

ويشمل اشتراك الطبيعة في الحزن والبكاء على الحسينعليه‌السلام ، وأهوال يوم العاشر من المحرم. ثم نهب الخيام وتحريقها وسلب حرائر النبوة. ثم مسير الرؤوس والسبايا إلى الكوفة ، وإقامتهم فيها حتّى ١٩ محرم.

(٨) ـ الباب الثامن : (مسير الرؤوس والسبايا إلى الشام)

ويشمل مسير الرؤوس والسبايا إلى دمشق ، وشماتة يزيد بقتل الحسينعليه‌السلام .

ثم ردّ نسائه إلى المدينة المنورة. ووصف لمرقد الحسينعليه‌السلام ، والمشاهد المشرّفة لأهل البيتعليهم‌السلام في دمشق والقاهرة. ويختم هذا الباب ببيان عقوبة قاتلي الحسينعليه‌السلام .

(٩) ـ الباب التاسع : (جرائم يزيد بعد حادثة كربلاء)

ويشمل هجوم جيش يزيد على المدينة المنورة واستباحتها ثلاثة أيام ، ثم تطويق الكعبة المشرّفة وضربها بالمنجنيق وحرق أستارها. وينتهي هذا الباب بتقويم يزيد وبيان فسقه وكفره ، وأنه من أكبر الأسباب التي عملت على انقسام المسلمين واختلافهم وضياعهم.

٦

ترجمة المؤلف

لبيب بيضون

ولد بدمشق عام ١٩٣٨ م.

أتم دراسته المتوسطة في المدرسة المحسنية ، ثم حصل على الشهادة الثانوية من ثانوية ابن خلدون ـ فرع الرياضيات والفيزياء. تابع تحصيله الجامعي في جامعة دمشق حيث حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الفيزيائية ، ثم على الدبلوم في التربية عام ١٩٦٢ م.

عيّن بعد ذلك مدرّسا في الثانويات الرسمية لمدة سنتين.

ثم اجتاز مسابقة لانتقاء المعيدين في كلية العلوم بجامعة دمشق ، فعيّن معيدا في قسم الفيزياء. وبعد عدة سنوات نقل إلى الهيئة الفنية.

وفي عام ١٩٧٦ أوفد بمنحة كوبرنيك إلى بولونيا ، فنال الماجستير في الفيزياء من جامعة غداينسك.

ثم ترفع إلى مدير أعمال في الهيئة الفنية في القسم المذكور. وفي نيسان ١٩٩٨ أحيل على التقاعد.

إضافة لميله العلمي ، فهو كاتب ومؤلف بارع ، استطاع بأسلوبه الرصين أن يقدّم للأمة العربية والاسلامية العديد من المؤلفات القيّمة ، التي اتسمت بالطابع العلمي والأدبي معا ، إضافة إلى التوجيه الاجتماعي.

وفي عام ١٩٩٨ م نال الدكتوراة الإبداعية من الاتحاد العالمي للمؤلفين باللغة العربية الّذي مركزه في باريس ، وذلك لتأليفه كتاب خطب الإمام الحسينعليه‌السلام على طريق الشهادة ، وكتاب تصنيف نهج البلاغة الّذي طبع عدة مرات.

أصدر من مؤلفاته :

١ ـ مختارات علمية في الفيزياء النووية والالكترونية ، صدر في طبعته الثانية عام ١٩٧٢.

٧

٢ ـ مظاهر من العظمة والابداع في خلق الانسان ، جزآن : صدرا عام ١٩٧٠ و ١٩٧١.

٣ ـ الكحول والمسكرات والمخدرات ، صدر عام ١٩٧١.

٤ ـ خطب الإمام الحسينعليه‌السلام على طريق الشهادة ، صدر عام ١٩٧٤.

٥ ـ تصنيف نهج البلاغة ، صدرت الطبعة الأولى في دمشق عام ١٩٧٨ ، والثانية في قم عام ١٩٨٤.

٦ ـ صراع مع الذات ، وهو عن مذكراته في بولونيا ، جزآن : صدرا عام ١٩٨٠ و ١٩٨١.

٧ ـ علماء وأعلام ، جزآن : صدرا عام ١٩٨٠ و ١٩٨٢.

٨ ـ مختارات شعرية ، جزآن : صدرا عام ١٩٨٠.

٩ ـ إيمان أبي طالبعليه‌السلام ، صدر عام ١٩٨٠.

١٠ ـ بهلول الكوفي ، صدر عام ١٩٨٢.

١١ ـ علوم الطبيعة في نهج البلاغة ، طبع في طهران عام ١٩٨٢.

١٢ ـ أضواء على المهرجان الألفي لنهج البلاغة ، صدر في دمشق عام ١٩٨٢

١٣ ـ ذكرى المؤتمر الثالث لنهج البلاغة ـ المرأة في الإسلام ومن خلال نهج البلاغة ـ الفقر ، أسبابه وعلاجه. صدرت في طهران عام ١٩٨٤ ضمن كتاب (نهج البلاغة نبراس السياسة ومنهل التربية).

١٤ ـ الفيزياء العملية لطلاب السنوات الأولى في كلية العلوم ، بالاشتراك مع الأستاذين عماد قدسي وعمر طه ، صدر عام ١٩٨٣.

١٥ ـ قصة الغدير وقصة المباهلة (مترجمتان) ، صدرتا عام ١٩٨٥.

١٦ ـ الكلمات الفارسية في اللغة العربية ، صدر عام ١٩٨٥.

١٧ ـ غدير الأنوار في علوم الأخيار ، صدر عام ١٩٩١.

١٨ ـ دوحة آل بيضون ، صدر عام ١٩٩١.

١٩ ـ الشيعة في العالم.

٢٠ ـ قصة كربلاء ، صدر عام ١٩٩٥.

٢١ ـ قواعد اللغة الفارسية ، صدرت الطبعة الثانية عام ١٩٩٥.

٢٢ ـ طب المعصومين ، صدر عام ١٩٩٨.

٢٣ ـ قصص ومواعظ ، صدر عام ١٩٩٩.

٨

٢٤ ـ ديوان شعر (نجوى القلب) صدر عام ٢٠٠٠.

٢٥ ـ مواعظ وحكم ، صدر عام ٢٠٠٠.

٢٦ ـ حجر بن عدي ، صدر عام ٢٠٠٠.

٢٧ ـ فرائد الأشعار ، صدر عام ٢٠٠٠.

٢٨ ـ معارج التقوى ، صدر عام ٢٠٠١.

٢٩ ـ نهج العارفين (أدعية) ، صدر عام ٢٠٠١.

٣٠ ـ أنساب العترة الطاهرة ، صدر عام ٢٠٠١.

٣١ ـ القرآن وإعجازه ، صدر عام ٢٠٠٢.

٣٢ ـ صفحات من حياتي ، صدر عام ٢٠٠٢.

٣٣ ـ الله والإعجاز العلمي في القرآن ، صدر عام ٢٠٠٢.

٣٤ ـ الشهيد محمّد بن أبي بكر ، صدر عام ٢٠٠٢.

٣٥ ـ مدخل إلى نهج البلاغة [العقائد] ، صدر عام ٢٠٠٣.

٣٦ ـ معالم العلوم في تراث الإمام عليعليه‌السلام ، صدر عام ٢٠٠٣.

٣٧ ـ تبسيط المسائل الفقهية (النجاسات والمطهرات) ، صدر عام ٢٠٠٤.

٣٨ ـ قصة طوفان نوحعليه‌السلام ، صدر عام ٢٠٠٤.

٣٩ ـ قصة سلمان المحمدي (الفارسي) ، صدر عام ٢٠٠٤.

٤٠ ـ قصة يوسفعليه‌السلام ، صدر عام ٢٠٠٤.

٤١ ـ التفسير المبين لجزء (عمّ) ، صدر عام ٢٠٠٥.

٤٢ ـ نفحات من شذى إقبال ، صدر عام ٢٠٠٥.

٤٣ ـ دمشق القديمة وأهل البيتعليهم‌السلام ، صدر عام ٢٠٠٥.

٤٤ ـ أوليات المعرفة [العقائد] ، صدر عام ٢٠٠٥.

٤٥ ـ الشهيدان أويس القرني ومحمد بن أبي حذيفة ، صدر عام ٢٠٠٥.

٩
١٠

الإهداء

إلى النفوس الأبية التي رفضت كل ذلّ وعار

وإلى الصدور العامرة التي لم تستكن يوما إلى صغار

وإلى الأرواح القدسية التي هفت إلى منازل الأبرار

إلى الرجال المؤمنين الذين استهانوا بالحياة والأعمار

وإلى الأبطال المكافحين لحماية الرسالة والفضيلة والذّمار

وإلى الأشبال الذين أحدقوا بالبدر ساعة البلاء والإحصار

إلى المخلصين الصادقين ، المقاتلين في كربلاء ، وقد عزّت الأنصار وإلى الذين لم ترهبهم جيوش البغاة وقد ازدلفت اليهم من شتيت الأمصار

وإلى الذين قدّموا نفوسهم للموت ، وبريق السيوف يخطف بالأبصار

إلى التائهين الذين انقلبوا إلى الحق بعد طول الضلال والاغترار وإلى المخطئين الذين أيقنوا أن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الأوزار

وإلى التائبين الذين انقلبوا عن غيّهم في اللحظات الحاسمة قبل ساعة الاحتضار.

إلى النجوم الزواهر من بني هاشم وآل أبي طالب الأخيار

وإلى حبّات قلب فاطمة البتول زوجة الوصيّ وبنت محمّد المختار وإلى أعلام الهداية وقرابين الرسالة السادة الميامين الأطهار

١١

إلى عبد الرحمن وجعفر وعبد الله أبناء عقيل ومسلم المغوار

وإلى القاسم الغلام وعبد الله الرضيع وأبي الفضل العباس قمر الأقمار وإلى محمّد وجعفر وعثمان وعمر وعبد الله أبناء حيدرة الكرار

إلى الحق المشرق الّذي لا يخبر رغم الكسوف والزلازل والإعصار وإلى الحرية والفضيلة والإباء التي تأبى الضياع والغروب والانحدار وإلى المبدأ القويم الّذي لا تتفتّح أزاهره إلا بدم الشهادة المدرار

إلى سيد الشهداء (أبي عبد الله الحسين) سيد الأشراف والأحرار وإلى أمير ركب الهدى وقد سار على درب الشهادة والفخار

وإلى أسد العرين وقد حلّ في كربلاء تترصده المنايا والأخطار

إلى سيد البطولة الّذي لم يعبا بزحف الأشرار والكفار

وإلى إمام التضحية الّذي لم يضنّ بنفس أو بأهل أو بأولاد صغار وإلى مشعل الإباء الّذي اختار المنية دون الدنيّة

والشهادة دون النار والعار.

د. لبيب بيضون

١٢

المقدمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

بعد ليل دامس طويل من الجهالة والظلام ، انشقّ الوجود عن فجر صادق مبين ، وصبح أبلج منير ، يؤذن بولادة خير البرية والأنام ، حاملا مبادئ الحرية والعدالة والإسلام.

وظل الفجر الجديد يطارد ذيول الليل المنحسر ، حتّى شعشع نوره الأرجاء ، وملأ بلألائه آفاق الأرض والسماء.

وما أن أفلت شمس ذلك اليوم البشير ، حتّى أشرق القمر المنير ، تحفّه النجوم المتلألئة كالأزاهير. ولم يطل الأمر حتّى بدأت بقايا الليل المختبئة في الكهوف والأخاديد ، تلملم بعضها بعضا من جديد ، وتشحن الفضاء بظلامها المديد. إلى أن طوّقت البدر بسوادها ، ولفّعت القمر ببرقعها ، معلنة مقتل الإمام أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالبعليه‌السلام .

وحزنت النجوم الزهر على المصاب الكبير ، وانقضّ أحدها ليأخذ بثأرها المستطير ، فاغتاله الظلام وواراه عن الأنظار ، بين غدر الغادرين وخذلان المترددين. فإذا قد قضى نجل المرتضى وفاطمة الزهرا ، وسبط النبي المصطفى ، الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام .

وفي غضبة النور على الظلام ، توقّد نجم في الجوزاء ، حتّى غدا كوكبا درّيّا يفيض بالضياء ، فجازت أشعته الهادية كل قلب من الأحياء ، وتنوّرت منه الدّنيا بالضوء والسناء. وما زال متّقدا في أعالي السماء ، حتّى كوّرت شعلته الحمراء ، وبدأت غرّته تقطر بالدماء ، لتسقي الحجر الأصم في الصحراء ، وتنبت في القفر أزهار الولاء والفداء. إنه الإمام الحسينعليه‌السلام سيد الشهداء.

ويمتزج الألم بالدموع ، والحزن بالخشوع ، والدم يكتب الخلود بالنجيع ، ويعيد كل فصل من فصول التاريخ إلى ربيع هناك حيث انتصر الدم على السيف ،

١٣

وتغلبّ الحق على الزيف في أرض كربلاء ، في هجير الصحراء ، وقد منعوا حتّى الطفل الرضيع من شربة الماء!.

لقد علّمنا الحسينعليه‌السلام كيف أن الموت الهادف يصنع الحياة ، وأن الألم الواعي يهب الحرية والإباء ، وأن حياة الذل والهوان لا تجتمع مع العقيدة والإيمان.

ولقد عملت على وضع هذه الموسوعة السنية ، وعمدت إلى جعلها حفيّة وفيّة ، لتكون لقلب كل حرّ روضة غنيّة ، يقطف من دوحتها ثمارا جنيّة ، وقطوفا حسنة وحسينية ، وينهل من نبعها الطامي كأسا فاطمية وعلوية ، فتعود مهجته بها زاكية أبيّة ، وترجع نفسه بولائها راضية مرضيّة.

إن دروس الحسينعليه‌السلام دروس عميقة بالغة الأثر والتأثير ، تعلمنا ـ إضافة لدروس التضحية والبطولة والفداء ـ أن ننظر إلى الأمور نظرة بعيدة مديدة ، عميقة محيطة مترامية ، فيكون جهادنا وفداؤنا قربانا للأجيال المتحدّرة والأحقاب المتلاحقة ، لا أن يكون قربانا عابرا ، يستهدف اللحظة الراهنة.

ثم تعلمنا بالاضافة لذلك أن لا يكون إيماننا مجرد إيمان فكريّ نظري لا يستند إلى واقع عملي ، وإنما أن يكون واقعا وتطبيقا ودفاعا وتضحية في سبيل المثل الأعلى

ثم تعلمنا أن نستهين بالمصاعب والمصائب مهما عظمت ، ونمحو من خلدنا فكرة المستحيلات ، بما نتسلح به من إرادة قوية مؤمنة وتصميم حازم أكيد.

وما أظن أن إنسانا في مسرح التاريخ والبطولة ، استطاع أو يستطيع أن تكون له مثل هذه الكفاءات العالية ، والمواهب الفريدة النادرة ـ غير الإمام الحسينعليه‌السلام ـ ليمثل هذا الدور الجوهري الخطير في قيادة حركة الإيمان وإحياء دعوة الإسلام ، فيصدّع مسيرة الكفر المتقدمة ، ويسحق زحوف النفاق المتفجرة ، ويعيد للرسالة المحمدية قدسيتها المفقودة وهيبتها المنهوبة ، وقد أوشكت على الإنطفاء شعلتها ، وعلى الغروب مقلتها. فأيقظ النفوس وأهاج الأرواح ، لتستبصر واقع أمرها ، وتضطلع بالمسؤوليات المترتبة عليها ، فتسترخص بالنفس والنفيس في سبيل الحق ، وتحمي صرح الكرامة مهما كلّفها ذلك من تضحيات ، وتروّي نبتة الفضيلة بدمائها غير عابئة بالموت.

١٤

إنه الإمام الحسينعليه‌السلام ، الّذي عقد كل هذه الآمال العريضة الجسيمة ، على مصرع شخصه الكريم ومصرع كل أهله وأنصاره ، إذ لم يجد أمضى من ذلك سلاحا ، ولا أقوم من ذلك سبيلا ، لبلوغ غرضه الشريف. فهزّت شهادته أركان العروبة والإسلام ، وقلبت مفاهيم الخوف والخنوع والاستسلام ، إلى مبادئ الثورة والعزّة والإقدام ، فكان منها ما كان من المستحيلات والفتوح ، الّتي أحيت معالم الإسلام الخالد ، ودفعت مسيرته الهادرة إلى يومنا الحاضر ، وأرست دعائمه ثابتة كالجبال ، ونصبت راياته خفاقة مدى الأجيال.

دمشق في ١ محرم الحرام ١٤١٠ ه

الموافق ٣ آب ١٩٨٩ م

د. لبيب وجيه بيضون

١٥

من وحي الشّهادة

(آيات من سورة آل عمران)

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١٣)قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ. إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) صدق الله العظيم

١٦

من الأثر النبوي الشريف

أخرج الثعالبي في تفسيره الكبير عن جرير بن عبد الله البجلي (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات شهيدا.

ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفورا له.

ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات تائبا.

ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمنا مستكمل الإيمان. ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنة ، ثم منكر ونكير. ألا ومن مات على حبّ آل محمّد يزفّ إلى الجنّة كما تزفّ العروس إلى بيت زوجها.

ألا ومن مات على حبّ آل محمّد فتح له في قبره بابان إلى الجنّة. ألا ومن مات على حبّ آل محمّد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة. ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة والجماعة ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافرا. ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه : آيس من رحمة الله».

١٧

نداء إلى الشبيبة المؤمنة للاقتداء بالحسينعليه‌السلام

دم ودموع ، وسموّ واستعلاء

وألم يفري الضلوع ، وعزّة للنفس وإباء

تلك ذكرى أبي الشهداء الحسينعليه‌السلام

ما العبرة في ذكرى أبي الشهداء؟.

هي عبرة العقيدة الّتي لا تضعف ، والإيمان الّذي لا يهن ، والعزّة الّتي لا تستخذي ، والإباء الّذي لا يقهر ، والقلب الشجاع الّذي لا تردعه الأهوال.

وهي في الجانب الآخر : عبرة النفس الإنسانية حين تمسخ ، والطبع البشري حين ينتكس ، والشرّ اللئيم الخسيس حين تسعفه القوة المادية ، والنذالة القذرة المنتنة حين تواتيها الظروف.

وما الّذي صنعته الأيام والدهور ، بهذا وذاك؟.

لقد خلدّت العقيدة والإيمان والعزة والإباء والقلب الشجاع ، خلّدتها في القلوب نورا وإيمانا وعقيدة تذكيها القرون والأجيال

ولقد دفنت الطبع المنتكس والشّر اللئيم والنذالة القذرة. وعفّت على هذه الصور البشعة ، إلا أن تذكرها بالمقت والازدراء.

ألا فلينظر الشباب أي الطريقين يسلك اليوم بعد ألف وثلاثمائة عام.

لينظر أيسلك طريق الخلود الكريم ، أم طريق الفناء المهين؟.

سيد قطب

١٨

أشهر المستشهدين من أصحاب الحسينعليه‌السلام

١٩

دروس من سيرة الحسينعليه‌السلام واستشهاده

يعلمنا هذا الكتاب دروسا كثيرة من خلال سيرة الإمام الحسينعليه‌السلام واستشهاده.

يعلمنا أن المؤمن الصحيح :

يؤمن بالمسؤولية ، فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

لا يكتفي بالأفكار ، بل يعمل على تحقيق أفكاره وتطبيقها عمليا.

لا يعتقد فحسب ، بل يعتقد ويعمل.

يقول كلمة الحق ، حتّى أمام السلطان الجائر.

لا يعصي ربه ليرضي الناس [لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق].

المؤمن عزيز النفس ، يتحلى بالإباء والتضحية والفداء.

يأبى الذل والظلم والاستعباد.

حرّ متحرر ، تنبع أعماله من إرادته وتفكيره.

صادق فيما عاهد الله عليه ، لا يغيّر ولا يبدّل.

مستقيم ، لا يساوم ولا ينحرف ، ولا تطغيه الشهوات.

يطبّق مبدأه على نفسه أولا ، ثم على الآخرين.

جريء صريح ، يقاوم الباطل بلا هوادة ولا مهادنة.

شجاع حازم ، لا ترهبه كثرة الأعداء.

صامد لا يتراجع ، وثابت لا تردعه الأهوال.

جسور يذلل المصاعب ، ويستهين بالمستحيلات.

لا يبدأ أحدا بقتال ، حتّى يقيم الحجة عليه.

يقدّم نفسه قربانا للعقيدة والأجيال.

يفكر في الآخرين ، قبل أن يفكر في نفسه.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735