موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 0%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

موسوعة كربلاء

مؤلف: الدكتور لبيب بيضون
تصنيف:

الصفحات: 735
المشاهدات: 423377
تحميل: 4227


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 423377 / تحميل: 4227
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء 1

مؤلف:
العربية

٢٣٨ ـ البكاء على الحسينعليه‌السلام :

(ثورة الحسين في الوجدان الشعبي لمحمد مهدي شمس الدين ص ٣١٩)

روى أبو حمزة الثّمالي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال : إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع ، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليعليه‌السلام فإنه فيه مأجور.

ويبدو أن السرّ في مشروعية هذا البكاء وهذا الجزع ، مع كراهة ما عداه وتحريم بعض أفراده ، هو أن هذا البكاء والجزع ليس أمرا شخصيا يتعلق بعاطفة بشرية تتفجر بالأسف على ما فات ، وإنما هو حزن على قضية دينية عامة ، تتمثل بالإمام الحسينعليه‌السلام وثورته. فالحزن هنا ليس موقفا عاطفيا ، وإنما هو موقف مبدئي يعبّر المؤمن فيه عن التحامه به واعتناقه له ، بهذا التعبير العاطفي.

ولنعم من قال :

تبكيك عيني لا لأجل مثوبة

لكنما عيني لأجلك باكيه

تبتلّ منكم كربلا بدم ولا

تبتلّ مني بالدموع الجاريه

أنست رزيّتكم رزايانا التي

سلفت وهوّنت الرزايا الآتيه

وفجائع الأيام تبقى مدة

وتزول ، وهي إلى القيامة باقيه

٣ ـ إقامة ذكرى الحسينعليه‌السلام ومراسم الحزن

يوم عاشوراء

٢٣٩ ـ إقامة ذكرى الحسينعليه‌السلام والحزن عليه :

(المجالس السنيّة للسيد محسن الأمين ، ج ١ ص ٣ و ٤ ط ٣)

يقول العلامة المجتهد السيد محسن الأمين عليه الرحمة والرضوان :

لا يخفى أنه قد قضى العقل والدين باحترام عظماء الرجال أحياء وأمواتا ، وتجديد الذكرى لمن بذل نفسه في أسمى المقاصد وأنفع الغايات. وجرت على ذلك جميع الأمم في كل عصر وزمان.

وإن سيدنا ومولانا الإمام ابن الإمام أخا الإمام أبا الأئمة ، الحسين الشيهد ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أحد ريحانتي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسبطيه وخليفته في أمته ، من أعاظم رجال الإسلام ، بل من أعاظم رجال الكون. فقد جمع

٢٤١

إلى شريف نسبه وكريم عنصره ، وبنوّته لسيد الأنبياء ولسيد الأوصياء وللبضعة الزهراء سيدة النساء صلوات الله عليهم ، أكرم الصفات وأحسن الأخلاق وأعظم الأفعال وأجلّ الفضائل والمناقب ، وقام بما لم يسمع بمثله قبله ولا بعده ، من بذل نفسه وماله وآله في سبيل إحياء الدين وإظهار فضائح المنافقين. وأظهر من إباء الضيم وعزة النفس والشجاعة والبسالة والصبر والثبات ما بهر العقول.

ومصيبته وكيفية شهادتهعليه‌السلام من أفظع ما صدر في الكون ، مع أنه ابن بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي لم يكن على وجه الأرض ابن بنت غيره.

وقد حزن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبكى لتلك المصيبة قبل وقوعها ، وكذلك آله الأئمة الأطهارعليهم‌السلام كانت سيرتهم تجديد الأحزان لذكرى تلك الفاجعة الأليمة ، حتّى قال الإمام الرضاعليه‌السلام : كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا ، وكانت الكآبة تغلب عليه ، حتّى تمضي عشرة أيام منه ، فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه.

وقد ندبواعليهم‌السلام إلى ما ندب إليه العقل ، في حق كل محبّ مع حبيبه ، من الفرح لفرحهم والحزن لحزنهم. واقتدى بهم في ذلك شيعتهم وأولياؤهم ، فجدّدوا ذكرى مصيبة الحسينعليه‌السلام وكيفية شهادته ، التي تكاد أن تفتّت الصخور ، فضلا عن الأكباد والقلوب ، لا سيما في عشرة المحرم التي وقعت فيها تلك المصائب الفادحة.

٢٤٠ ـ حرمة الجرح واللطم المؤذي :

(المصدر السابق)

إلى أن يقولرحمه‌الله : كما أن ما يفعله جملة من الناس ، من جرح أنفسهم بالسيوف أو اللطم المؤدي إلى إيذاء البدن ، إنما هو من تسويلات الشيطان وتزيينه بسوء الأفعال ، فذلك مما يغضب الحسينعليه‌السلام ويبعد عنه ، لا

مما يقرّب إليه. فهوعليه‌السلام قد قتل في سبيل الإحياء لدين جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذه الأعمال مما نهى عنها دين جده ، فكيف يرضى بها ، وتكون مقرّبة إليه تعالى ، والله تعالى لا يطاع من حيث يعصى

وهكذا ما يجري من التمثيل والتشبيه للوقعة ، فإنه في نفسه مشتمل على كثير من المحرّمات ، وموجب لهتك الحرمة ، وفتح باب القدح للذين يحاولونه بما استطاعوا ، فيكون منهيّا عنه بقوله : ولا تكونوا شينا علينا.

٢٤٢

٢٤١ ـ إظهار الحزن والمصيبة يوم العاشر من المحرم :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٣٩)

عن المفيد في (مسارّ الشيعة) قال : وفي العاشر من المحرم قتل الحسينعليه‌السلام ، وجاءت الرواية عن الإمام الصادقعليه‌السلام باجتناب الملاذّ فيه ، وإقامة سنن المصائب ، والإمساك عن الطعام والشراب إلى أن تزول الشمس ، والتغدّي بعد ذلك بما يتغدّى به أصحاب المصائب كالألبان وما أشبهها ، دون اللذيذ من الطعام والشراب.

٢٤٢ ـ إقامة الذكرى والحزن على الحسينعليه‌السلام :

(الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٨)

روى الصدوق مسندا إلى الرضاعليه‌السلام قال : كان أبي صلوات الله عليه وآله ، إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا ، وكانت الكآبة تغلبه حتّى تمضي منه عشرة أيام.فإذا كان يوم العاشر ، كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، وكان يقول هذا اليوم الّذي قتل فيه الحسينعليه‌السلام .

يقول السيد نعمة الله الجزائري : يظهر من هذا الخبر ومما روي بمعناه ، أن ما يفعله عوامنا في عشرة أيام المحرم ، من اجتناب أكثر الملاذّ والتشبه بأهل المصيبة ، في المأكل والملبس ودخول الحمام ، وترك حلق الرأس وغير ذلك ، ليس هو بدعة ، بل هو ثواب جزيل ، واشتراك لأهل البيتعليه‌السلام في مصابهم.

٢٤٣ ـ حديث الإمام الرضاعليه‌السلام لابن شبيب عن يوم العاشر من المحرّم :

(أمالي الصدوق ، ص ١١٢ ط بيروت)

عن الريان بن شبيب ، قال : دخلت على الإمام الرضاعليه‌السلام في أول يوم من المحرم ، فقال لي : يابن شبيب أصائم أنت؟. فقلت : لا. فقال : إن هذا اليوم هو اليوم الّذي دعا فيه زكرياعليه‌السلام ربهعزوجل ، فقال :( رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ ) (٣٨) [آل عمران : ٣٨] فاستجاب الله له ، وأمر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب( أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى ) [آل عمران : ٣٩]. فمن صام هذا اليوم ، ثم دعا اللهعزوجل ، استجاب الله له كما استجاب لزكرياعليه‌السلام .

ـ حرمة شهر المحرم :

ثم قالعليه‌السلام : يابن شبيب ، إن المحرّم هو الشّهر الّذي كان أهل الجاهلية فيما

٢٤٣

مضى يحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته ، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ، ولا حرمة نبيّهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . لقد قتلوا في هذا الشّهر ذريته ، وسبوا نساءه ، وانتهبوا ثقله ، فلا غفر الله لهم ذلك أبدا.

يابن شبيب ، إن كنت باكيا لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإنه ذبح كما يذبح الكبش ، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ، ما لهم في الأرض شبيهون. ولقد بكت السموات السبع والأرضون لقتله. ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره ، فوجدوه قد قتل ، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم ، فيكونون من أنصاره ، وشعارهم : يا لثارات الحسينعليه‌السلام .

يابن شبيب ، لقد حدثني أبي عن أبيه عن جدهعليه‌السلام أنه لما قتل جدي الحسينعليه‌السلام مطرت السماء دما وترابا أحمر.

يابن شبيب ، إن بكيت على الحسينعليه‌السلام حتّى تصير دموعك على خديك ، غفر الله كل ذنب أذنبته ، صغيرا كان أو كبيرا ، قليلا كان أو كثيرا.

يابن شبيب ، إن سرّك أن تلقى اللهعزوجل ولا ذنب عليك ، فزر الحسينعليه‌السلام .

يابن شبيب ، إن سرّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآله ، فالعن قتلة الحسينعليه‌السلام .

يابن شبيب ، إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسينعليه‌السلام فقل متى ما ذكرته : يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما.

يابن شبيب ، إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان ، فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا ، فلو أن رجلا تولّى حجرا لحشره الله معه يوم القيامة.

٢٤٤ ـ حرمة الشهر الحرام ، واستحلال دماء أهل البيتعليهم‌السلام فيه :

(مناقب ابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٣٨ ط نجف)

عن الإمام علي الرضاعليه‌السلام قال : إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرّمون القتال فيه ، فاستحلت فيه دماؤنا ، وهتكت فيه حرمتنا ، وسبيت فيه ذرارينا ونساؤنا ، وأضرمت النيران في مضاربنا ، وانتهب ما فيها من ثقلنا ، ولم ترع لرسول الله حرمة في أمرنا إن يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا وأذلّ عزيزنا. أرض كرب

٢٤٤

وبلاء ، أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فإن البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام.

٢٤٥ ـ الحزن يوم عاشوراء سنّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١٥٠)

من السنّة النبوية إظهار الحزن يوم عاشوراء والبكاء فيه لمصرع أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، وذلك لأمرين :

أولا : لأن في ذلك مواساة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي لو كان حيا لتقبّل من المؤمنين التعازي لمقتل سبطه وريحانته من الدنيا الحسين بن فاطمةعليه‌السلام . وكما قال الشريف الرضي :

لو رسول الله يحيا بعده

جلس اليوم لديه للعزا

بل لو بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة والحسنعليهم‌السلام ، لقعدوا لعزائه والحزن عليه ، وبكوه باللوعة والأسى والدموع والحسرات :

ميّت تبكي له فاطمة

وأبوها وعليّ ذو العلا

ولقد ثبت أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما أخبره جبرئيل بمقتل الحسينعليه‌السلام حزن عليه وجزع ، وأقام المأتم من أجله في مجمع أصحابه ، وبكى عليه الصحابة.

ثانيا : وقد ثبت عن أئمة أهل البيت النبوي ، وهم قدوة المسلمين وأسوتهم ، أنهم أقاموا المآتم في مثل هذا اليوم ، بل في كل وقت. وحزنوا وبكوا لهذه الفاجعة ، وحثّوا أتباعهم على ذلك.

فحري بنا الاقتداء بهم والسير على منوالهم ، لأنهم سفينة نوح من ركبها نجا ، وباب حطّة من دخله كان آمنا ، وأحد الثّقلين من تمسّك بهم لم يضل أبدا.

وكيف لا يحزن المؤمن على إمام الدين وعلم اليقين وقدوة المسلمين ، الّذي قدّم نفسه قربانا للدين ، ودفاعا عن الإسلام والمسلمين ، وحفاظا على الفضيلة واليقين.إذ لو لا تضحية الحسينعليه‌السلام لا نمحت آثار الدين ، وتقوّضت أعمدة اليقين ، واندثرت معالم الإسلام المبين. فكل مسلم اليوم مدين له بالحق والإكرام ، إذ لولاه ما بقي مسلم ولا إسلام.

٢٤٥

اتخاذ بني أميّة يوم عاشوراء يوم عيد وفرح

٢٤٦ ـ اتخاذ يوم عاشوراء يوم عيد وفرح سنّة أموية :

(المصدر السابق ، ص ١٥١)

يقول العلامة الأكبر السيد محسن الأمين :

أما اتخاذ يوم عاشوراء يوم عيد وفرح وسرور ، وإجراء مراسم الأعياد فيه ، من طبخ الحبوب وشراء الألبان ، والاكتحال والزينة ، والتوسعة على العيال ، فهي سنّة أموية حجّاجية ، لا يرضاها الله ولا رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وهي من أقبح البدع وأشنعها.

وقد اختلق بعض علماء السوء وأعوان الظلمة شيئا من الأحاديث في فضل يوم عاشوراء ، وذلك في عهد الملك العضوض ، عداوة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته ، ومراغمة لشيعتهم ومحبيهم ، وتبعهم من تبعهم غفلة عن حقيقة الحال. وكيف يرضى المسلم لنفسه أن يفرح في يوم قتل فيه ابن بنت نبيه ، وفي يوم يحزن فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته.

ولم يكن جعل يوم عاشوراء عيدا معروفا في الديار المصرية إلا بدعة باطلة ، أول من أدخلها صلاح الدين الأيوبي ، كما حكاه المقريزي في خططه. والظاهر أن الباعث عليه كان أمرا سياسيا ، وهو مراغمة العلويين الذين سلبهم صلاح الدين ملكهم ، فقصد إلى محو كل أثر لهم.

٢٤٧ ـ احتفال بني أمية بالأفراح يوم عاشوراء :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٢٦)

في (نفس المهموم) عن أبي الريحان البيروني في (الآثار الباقية) قال : وكانوا يعظّمون هذا اليوم (أي يوم عاشوراء) إلى أن اتفق فيه قتل الحسين بن عليعليه‌السلام وفعل به وبهم ما لم يفعل في جميع الأمم بأشرار الخلق ؛ من القتل بالعطش والسيف والاحراق وصلب الرؤوس وإجراء الخيول على الأجساد ، فتشاءموا به. فأما بنو أمية فقد لبسوا فيه ما تجددوا وتزينوا واكتحلوا وعيّدوا ، وأقاموا الولائم والضيافات وطعموا الحلاوات. وجرى الرسم في العامة على ذلك ، في أيام ملكهم ، وبقي فيهم بعد زواله عنهم.

٢٤٦

وأما الشيعة فإنهم ينوحون ويبكون أسفا لقتل سيد الشهداءعليه‌السلام فيه ، ويظهرون ذلك بمدينة السلام (أي بغداد) وأمثالها من المدن والبلاد ، ويزورون فيه التربة المسعودة بكربلاء. ولذلك كره فيه الشيعة تجديد الأواني والأثاث.

٢٤٨ ـ المحبة الزائفة والتناقض العجيب ، صفة متعصّبي السنة :

(كتاب «التعجب» بذيل كنز الفوائد للكراجكي ، ص ٣٤٨)

يقول الكراجكي : ومن عجيب أمرهم دعواهم محبة أهل البيتعليهم‌السلام مع ما يفعلون يوم المصاب بالحسينعليه‌السلام من المواظبة على البر والصدقة والمحافظة على البذل والنفقة ، والتبرك بشراء ملح السنة ، والتفاخر بالملابس المنتخبة ، والمظاهرة بتطيّب الأبدان ، والمجاهرة بمصافحة الإخوان ، والتوفر على المزاورة والدعوات. واعتذارهم بأنه يوم ليس كالأيام ، وأنه مخصوص بالمناقب العظام.ويدّعون أن اللهعزوجل تاب فيه على آدمعليه‌السلام ، فكيف وجب أن يقضى فيه حق آدم فيتخذ عيدا ، ولم يجز أن يقضى حق سيد الأولين والآخرين محمّد خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مصابه بسبطه وولده وريحانته وقرة عينه ، وبأهله الذين أصيبوا ، وحريمه الذين سبوا وهتكوا!.

ويحكى أن رجلا قال للإمام زين العابدينعليه‌السلام : إنا لنحبّكم أهل البيت.فقالعليه‌السلام : أنتم تحبّون حبّ السّنّورة (أي القطة) ، من شدة حبّها لولدها تأكله!.

٢٤٩ ـ أهل الشام يطبخون الحبوب ويتخذون يوم عاشوراء عيدا لهم :

(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢١٩)

يقول ابن كثير : وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء ، النواصب من أهل الشام ، فكانوا إلى يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ، ويغتسلون ويتطيّبون ويلبسون أفخر ثيابهم ، ويتخذون ذلك اليوم عيدا ، يصنعون فيه أنواع الأطعمة ، ويظهرون السرور والفرح ، يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم.

(أقول) : وبعد أن يعترف ابن كثير بما سبق ، يردّ ردّا شديدا على الذين يقيمون ذكرى مقتل الحسينعليه‌السلام ، وذلك لتعصبه الشديد الّذي فاق تعصّب أهل الشام.ويحضرني في هذا المقام أن أذكر أبيات مهذب الدين أحمد بن منير الطرابلسي في قصيدته (التترية) حيث يقول :

٢٤٧

وحلقت في عشر المحرّ

م ما استطال من الشّعر

ونويت صوم نهاره

وصيام أيام أخر

ولبست فيه أجلّ ثو

ب للملابس يدّخر

وسهرت في طبخ الحبو

ب من العشاء إلى السّحر

وغدوت مكتحلا أصا

فح من لقيت من البشر

ووقفت في وسط الطري

ق أقصّ شارب من عبر

٢٤٩ ـ الاكتحال على الحسينعليه‌السلام :(ذيل الروضتين لابي شامة ، ص ١١)

في سنة ٥٩٣ ه‍ توفي أحمد بن عيسى الهاشمي والد الواثق بالله ، ويعرف بابن الغريق. وكان شاعرا فاضلا ، فمن شعره ما اعتذر به عن الاكتحال يوم عاشوراء ، قال :

لم أكتحل في صباح يوم

أريق فيه دم الحسين

إلا لحزني وذاك أني

سوّدت حتّى بياض عيني

٢٥٠ ـ تحويل بني أمية يوم عاشوراء إلى يوم بركة :

(علل الشرائع للشيخ الصدوق ، ج ١ ص ٢٢٦)

قال عبد الله بن الفضل الهاشمي : فقلت للصادقعليه‌السلام : يابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكيف سمّت العامة يوم عاشوراء يوم بركة؟. فبكىعليه‌السلام ثم قال : لما قتل الحسينعليه‌السلام تقرّب الناس بالشام إلى يزيد ، فوضعوا له الأخبار وأخذوا عليه الجوائز من الأموال. فكان مما وضعوا له أمر هذا اليوم ، وأنه يوم بركة ، ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء والمصيبة والحزن إلى الفرح والسرور والتبرك والاستعداد فيه. حكم الله فيما بيننا وبينهم.

أحاديث موضوعة في فضل يوم عاشوراء

٢٥١ ـ جملة من الأحاديث الموضوعة في فضل يوم عاشوراء :

روى الخوارزمي في مقتله (ج ٢ ص ١ ـ ٤ ط نجف) جملة من الأحاديث التي لا يبعد أن يكون الأمويون قد وضعوها حسب مخططهم في تزييف الحقائق وصرف الناس عن جريمتهم المنكرة في كربلاء. ونحن نسوقها مع تعليق الرواة عليها.

٢٤٨

ـ فضائل يوم عاشوراء :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١ و ٢ ط نجف)

روى شيخ السنّة أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي ، عن ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من صام يوم عاشوراء كتبت له عبادة ستين سنة بصيامها وقيامها.ومن صام يوم عاشوراء كتب له أجر سبع سموات ، ومن أفطر عنده مؤمنا يوم عاشوراء فكأنما أفطر عنده جميع أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن أشبع جائعا يوم عاشوراء رفعت له بكل شعرة من رأسه درجة في الجنة. فقال عمر : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لقد فضّلنا اللهعزوجل في يوم عاشوراء؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نعم ، خلق الله السموات في يوم عاشوراء ، وخلق الكرسي فيه ، وخلق الجبال فيه ، والنجوم كمثله ، وخلق القلم فيه ، واللوح كمثله ، وخلق جبرئيلعليه‌السلام فيه ، وخلق الملائكة كمثله ، وخلق آدم فيه ، وحواء كمثله ، وخلق الجنة فيه ، وأسكن آدم الجنة فيه ، وولد إبراهيم خليل الرحمن في يوم عاشوراء ، ونجّاه الله من النار فيه ، وفداه فيه ، وأغرق فرعون فيه ، ورفع إدريس فيه ، وكشف الله الكرب عن أيوب فيه ، ورفع عيسى بن مريم فيه ، وولد فيه ، وتاب الله على آدم فيه ، وغفر ذنب داود فيه ، وأعطي سليمان ملكه فيه ، وولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه ، واستوى الرب على العرش فيه ، وتقومالقيامة في يوم عاشوراء.

قال شيخ السنة أبوبكر البيهقي : هذا حديث منكر ، وإسناده ضعيف ، وفي متنه ما لا يستقيم ، وهو ما روي فيه من خلق السموات والأرضين والجبال كلها في يوم عاشوراء ، والله يقول :( اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ) [الأعراف : ٥٤]. ومن المحال أن تكون هذه الستة كلها في يوم عاشوراء. فدل ذلك على ضعف هذا الخبر ، والله أعلم.

(أقول) : وقد روي فيه ولادة نبينا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم عاشوراء ، وهذا لم يثبت أبدا ، إذ المجمع عليه ولادتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ربيع الأول.

ولا يبعد أن يكون بنو أمية قد وضعوا مثل هذه الأحاديث ، ليصرفوا الناس عن الحزن في يوم عاشوراء لمصاب الحسينعليه‌السلام . أما ما جاء في أول الحديث من استحباب الصوم فيه ، فإن الصوم عندنا في يوم العاشر غير مستحب ، لكن يستحب الإمساك فيه إلى الظهر تأسّيا بجوع الحسينعليه‌السلام وعطشه ، ثم الإفطار على زاد الحسينعليه‌السلام كما سترى.

٢٤٩

ـ عدم صحة أحاديث فضل يوم عاشوراء :

(أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب لحوت البيروتي ، ص ٢٧٧)

وأما غير ذلك مما اشتهر فعله في يوم عاشوراء ، كالاكتحال والتزيّن باللباس وغيره ، وزيارة العلماء والإخوان ونحو ذلك من الأمور الحسنة ، فلم يصحّ منها شيء ، بل هي من وضع قتلة الحسينعليه‌السلام اتخذوه عيدا ، كما اتخذه الروافض يوم حزن.

وكذا ما يذكر في كتب الترغيب ، أن آدم تاب الله عليه يوم عاشوراء ، ونوحا نجّاه الله يوم عاشوراء ، وإبراهيم نجاه الله من النار يوم عاشوراء ، وأيوب عافاه الله يوم عاشوراء ، ويونس أخرجه الله من بطن الحوت يوم عاشوراء ، ويعقوب اجتمع بيوسف يوم عاشوراء ، والتوراة نزلت يوم عاشوراء ، وما أشبه ذلك من الأخلاط ؛ فكله كذب لا أصل له.

٢٥٢ ـ إخبار ميثم التمّار بشهادة الحسينعليه‌السلام في عشر المحرم ، ومن يتخذه يوم بركة :

(أمالي الصدوق ، ص ١١٠ ط بيروت)

حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر الصدوق ، قال : حدثنا عن جبلة المكية ، قالت : سمعت الميثم التمار يقول : والله لتقتلنّ هذه الأمة ابن نبيّها في المحرم ، لعشر مضين منه ، وليتخذنّ أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة. وإن ذلك لكائن ، قد سبق في علم الله تعالى ذكره. أعلم ذلك بعهد عهده إليّ مولاي أمير المؤمنينعليه‌السلام .ولقد أخبرني أنه يبكي عليه كل شيء ، حتّى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار ، والطير في جوّ السماء. وتبكي عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض ، ومؤمنو الإنس والجن ، وجميع ملائكة السموات ، ورضوان ومالك وحملة العرش. وتمطر السماء دما ورمادا.

ثم قالعليه‌السلام : وجبت لعنة الله على قتلة الحسينعليه‌السلام كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر ، وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.

ـ أخبار مكذوبة :

قالت جبلة : فقلت له : يا ميثم ، وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الّذي يقتل فيه

٢٥٠

الحسين بن عليعليهما‌السلام يوم بركة؟. فبكى ميثم ، ثم قال : سيزعمون بحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدمعليه‌السلام ، وإنما تاب الله على آدم في ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الّذي قبل الله فيه توبة داودعليه‌السلام ، وإنما قبل الله توبته في ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الّذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت ، وإنما أخرجه الله من بطن الحوت في ذي القعدة. ويزعمون أنه اليوم الّذي استوت فيه سفينة نوحعليه‌السلام على الجوديّ ، وإنما استوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الّذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل ، وإنما كان ذلك في شهر ربيع الأول.

ثم قال ميثم : يا جبلة ، اعلمي أن الحسين بن عليعليهما‌السلام سيد الشهداء يوم القيامة ، ولأصحابه على سائر الشهداء درجة.

يا جبلة ، إذا نظرت إلى الشمس حمراء كأنها دم عبيط ، فاعلمي أن سيدك الحسينعليه‌السلام قد قتل.

قالت جبلة : فخرجت ذات يوم فرأيت الشمس على الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة ، فصحت حينئذ وبكيت ، وقلت : قد والله قتل سيدنا الحسين بن عليعليهما‌السلام .

صيام يوم عاشوراء

٢٥٣ ـ هل يجوز صيام يوم عاشوراء؟ :

(البحار ، ج ٤٥ ص ٩٤ ط ٣)

في (الكافي) للكليني حدثنا جعفر بن عيسى ، قال : سألت الرضاعليه‌السلام عن صوم عاشورا ، وما يقول الناس فيه؟ فقال : عن صوم ابن مرجانة تسألني؟ ذلك يوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسينعليه‌السلام . وهو يوم يتشاءم به آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويتشاءم به أهل الإسلام. واليوم الّذي يتشاءم به أهل الإسلام لا يصام ولا يتبرك به.

٢٥٤ ـ هل يصام يوم تاسوعاء ويوم عاشوراء؟ :

(الكافي للكليني : باب صوم عرفة وعاشوراء)

عن أبان عن عبد الملك ، قال : سألت الإمام الصادقعليه‌السلام عن صوم تاسوعا

٢٥١

وعاشورا من شهر المحرم؟ فقال : تاسوعا يوم حوصر فيه الحسينعليه‌السلام وأصحابه بكربلا

ثم قالعليه‌السلام : وأما يوم عاشورا فيوم أصيب فيه الحسينعليه‌السلام صريعا بين أصحابه ، وأصحابه حوله صرعى عراة. أفصوم يكون في ذلك اليوم؟. كلا ورب البيت ما هو يوم صوم ، وما هو إلا يوم حزن ومصيبة ، دخلت على أهل السماء وأهل الأرض وجميع المؤمنين. ويوم فرح وسرور لابن مرجانة وآل زياد وأهل الشام ، غضب الله عليهم وعلى ذرياتهم (يقصد الذين يقلدونهم في ذلك الفرح أو يوافقونهم على عملهم ولا يستنكرونه). وذلك يوم بكت [فيه] جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام. فمن صامه أو تبرك به حشره الله مع آل زياد ، ممسوخ القلب مسخوطا عليه. ومن ادّخر إلى منزله ذخيرة أعقبه الله تعالى نفاقا في قلبه إلى يوم يلقاه ، وانتزع البركة عنه وعن أهل بيته وولده ، وشاركه الشيطان في جميع ذلك.

٢٥٥ ـ الصيام والتبرك في يوم عاشوراء سنّة باطلة :

(أمالي الشيخ الطوسي ، ص ٦١)

عن صفوان ، عن الحسين بن أبي غندر ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال : سألته عن صوم يوم عاشورا؟. فقالعليه‌السلام : ذاك يوم قتل الحسينعليه‌السلام ، فإن كنت شامتا فصم.

ثم قالعليه‌السلام : إن آل أمية ومن أعانهم على قتل الحسينعليه‌السلام من أهل الشام ، نذروا نذرا إن قتل الحسينعليه‌السلام وسلم من خرج إلى الحسينعليه‌السلام وصارت الخلافة في آل أبي سفيان ، أن يتخذوا ذلك اليوم عيدا لهم ، يصومون فيه شكرا.فصارت في آل سفيان سنّة إلى اليوم في الناس ، واقتدى بهم الناس جميعا لذلك.فلذلك يصومونه ، ويدخلون على عيالاتهم وأهاليهم الفرح في ذلك اليوم.

٢٥٦ ـ صوم يوم عاشوراء :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ١ ص ٨٧)

قال ابن وهب للصادقعليه‌السلام : فما قولك في صومه من غير تبييت؟.فقالعليه‌السلام : لا تجعله صوم يوم كامل ، وليكن إفطارك بعد العصر بساعة على شربة من الماء ، فإنه في ذلك الوقت انجلت الهيجاء عن آل الرسولعليهم‌السلام وانكشفت الغمة عنهم. ومنهم ثلاثون قتيلا ، من مواليهم ومن أهل البيتعليهم‌السلام .

٢٥٢

يقول السيد محمّد حسين الطباطبائي في (تفسير الميزان) ج ٢ ص ٩ :

على أن لحوق يوم عاشوراء في وجوب الصوم أو استحبابه ، ككونه عيدا من الأعياد الإسلامية ، مما ابتدعه بنو أمية ، حيث أبادوا فيه ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام ، بقتل رجالهم وسبي نسائهم وذراريهم ونهب أموالهم في وقعة الطف ، ثم تبرّكوا باليوم فاتخذوه عيدا وشرّعوا صومه تبركا به ، ووضعوا له فضائل وبركات ، ودسّوا أحاديث تدل على أنه كان عيدا إسلاميا ، بل من الأعياد العامة التي كانت تعرفه عرب الجاهلية واليهود والنصارى منذ بعث موسى وعيسىعليهما‌السلام ؛ وكل ذلك لم يكن.

٢٥٧ ـ ما يستحب يوم عاشوراء :(أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ١٥٢)

يقول السيد محسن الأمينرحمه‌الله :

ومن السّنّة يوم عاشوراء ترك السعي في الحوائج ، وترك ادخار شيء فيه.

روى الصدوق في (الأمالي) بسنده عن الإمام الرضاعليه‌السلام قال : من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء ، قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة. ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، جعل اللهعزوجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره ، وقرّت بنا في الجنان عينه. ومن سمّى يوم عاشورا يوم بركة ، وادّخر فيه لمنزله شيئا ، لم يبارك له فيما ادخر ، وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد ، إلى أسفل درك من النار.

٤ ـ فلسفة المآتم الحسينية

٢٥٨ ـ فلسفة المآتم الحسينية للفيلسوف الألماني [ماربين] في كتابه (السياسة الإسلامية):

(المجالس الفاخرة للسيد عبد الحسين شرف الدين ، ص ٣٧)

هذا مقتطف من الكلمة المترجمة للمسيو ماربين الألماني ، وقد نشرتها جريدة (حبل المتين) الفارسية في العدد ٨٢ من أعداد سنة ١٧ ، وعرّبها السيد صدر الدين بن السيد إسماعيل الصدر الموسوي ، وقد أخذناها من كتاب السيد عبد الحسين شرف الدين : (المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة) طبع مطبعة العرفان بصيدا ، عام ١٣٣٢ ه‍ :

٢٥٣

(قال) : إن عدم معرفة بعض مؤرخينا بحقيقة الحال ، أوجب أن ينسبوا في كتبهم طريقة إقامة الشيعة لعزاء الحسين إلى الجنون. ولكن جهلوا مقدار تغيير هذه المسألة وتبديلها في الإسلام ، فإنا لم نر في سائر الأقوام ما نراه في شيعة الحسين من الحسّيات السياسية والثورات المذهبية ، بسبب إقامة عزاء الحسين. وكل من أمعن النظر في رقي شيعة علي الذين جعلوا إقامة عزاء الحسين شعارهم في مدة مئة سنة ، يذعن أنهم فازوا بأعظم الرقي ، فإنه لم يكن قبل مئة سنة من شيعة علي والحسين في الهند إلا ما يعدّ على الأصابع ، واليوم هم في الدرجة الثالثة من حيث الجمعية إذا قيسوا بغيرهم ، وكذلك هم في سائر نقاط الأرض. وإذا قسنا دعاتنا مع تلك المصاريف الباهظة والقوة الهائلة ، والشيعة ترى دعاتنا لم يحظوا بعشر ترقّيات هذه الفرقة ، وإن كان قسسنا يحزّنون القلوب بذكر مصائب المسيح ، ولكن لا بذلك الشكل والأسلوب المتداول بين شيعة الحسين ، ويغلب على الظن أن سبب ذلك هو أن مصائب الحسين أشد حزنا وأعظم تأثيرا من مصائب المسيح. فعلى مؤرخينا أن يعرفوا حقيقة رسوم الأغيار وعاداتهم ولا ينسبوها إلى الجنون. وإني أعتقد بأن بقاء القانون الإسلامي وظهور الديانة الإسلامية وترقي المسلمين هو مسبّب عن قتل الحسين ، وحدوث تلك الوقائع المحزنة. وهكذا ما تراه اليوم بين المسلمين من حسن السياسة وإباء الضيم ، ما هو إلا بواسطة عزاء الحسين. وما دامت في المسلمين هذه الملكة والصفة ، لا يقبلون ذلا ولا يدخلون في أسر أحد.

ينبغي لنا أن ندقق النظر فيما يذكر من النكات الدقيقة الحيوية في مجالس إقامة عزاء الحسين ، ولقد حضرت دفعات في المجالس التي يذكر فيها عزاء الحسين في (إسلامبول) مع مترجم ، وسمعتهم يقولون : الحسين الّذي كان إمامنا ومقتدانا ومن تجب طاعته ومتابعته علينا ، لم يتحمل الضيم ولم يدخل في طاعة يزيد ، وجاد بنفسه وعياله وأولاده وأمواله في سبيل حفظ شرفه وعلو حسبه ومقامه ، وفاز في مقابل ذلك بحسن الذكر والصيت في الدنيا والشفاعة يوم القيامة والقرب من الله ، وأعداؤه قد خسروا الدنيا والآخرة. فرأيت بعد ذلك وعلمت أنهم في الحقيقة يدرّس بعضهم علنا ، بأنكم إن كنتم من شيعة الحسين وأصحاب شرف ، إن كنتم تطلبون السيادة والفخر ، فلا تدخلوا في طاعة أمثال يزيد ، ولا تتحملوا الذل ، بل اختاروا الموت بعزّة على الحياة بذلة ، حتّى تفوزوا بحسن الذكر في الدنيا والآخرة وتحظوا بالفلاح.

٢٥٤

من المعلوم حال الأمة التي تلقى عليها أمثال هذه التعاليم من المهد إلى اللحد ، في أي درجة تكون في الملكات العظيمة والسجايا العالية. إنها تحوي كل نوع من أنواع السعادة والشرف ، ويكون جميع أفرادها جندا مدافعين عن عزهم وشرفهم.هذا هو التمدن الحقيقي اليوم هذا هو طريق تعليم الحقوق هذا هو معنى تدريس أصول السياسة.

٢٥٩ ـ الخواطر التي تبعثها فينا ذكرى الحسينعليه‌السلام وشهادته :

(الحسين إمام الشاهدين للدكتور علي شلق ، ص ٧٣)

يقول الدكتور علي الشلق : خلافة الحسين بن عليعليهما‌السلام التي دخلت في التاريخ العربي الاسلامي ، وأصبحت نقطة هامة في مجرى التاريخ الانساني العام ، تثير في ذهن المطّلع احتداما من نوع خاص ، مشوبا بالألم واليأس والاشمئزاز والكبرياء والثورة.

الألم : مشاركة لأولئك الذين يذكرونه ، ويألمون من أعماق الوجدان لألمه ، وألم ذويه.

واليأس : من هذا الانسان في خداعه وزوره وخيانته وهمجيته ، كائنا من كان ، والوصول إلى درجة الانهيار ، قنوطا من أمل في صلاح البشرية.

والاشمئزاز : من إنسان تافه حقير ، يؤازره فريق من صنفه ، فيلطخ جبين الانسانية والشرف ، بالخزي والعار.

والكبرياء : تلك الصفة التي تشمخ على أنوف الأعزاء الأبطال من الناس ، فيتعالون فوق الجرائم ، ويهدفون إلى الأسمى.

والثورة : هذه الوسيلة النبيلة البطولية والطريقة الانسانية الإلهية ، للاندفاع كالبراكين في وجه كل ظالم مهين ، وتحطيم كل حاجز يمنع الإنسان الفرد ، من أن يعيش بكرامة وحرية ، ونظام شريف ، ويمنع الانسانية من أن تتقدم وتستعلي.

٢٦٠ ـ إقامة الذكرى لمقتل الحسينعليه‌السلام والبكاء عليه كل عام :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١٢٧ ـ ١٣٠)

يقول العلامة الأكبر السيد محسن الأمين الحسيني العامليرحمه‌الله :

٢٥٥

قد قضى العقل والدين باحترام عظماء الرجال أحياء وأمواتا ، وتجديد الذكرى لوفاتهم وشهادتهم ، وإظهار الحزن عليهم ، لا سيما من بذل نفسه وجاهد حتّى قتل ، لمقصد سام وغاية نبيلة. وقد جرت على ذلك الأمم في كل عصر وزمان ، وجعلته من أفضل أعمالها وأسنى مفاخرها.

فحقيق بالمسلمين بل جميع الأمم ، أن يقيموا الذكرى في كل عام للحسين ابن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، فإنه من عظماء الرجال وأعاظمهم في نفسه ، ومن الطراز الأول. جمع أكرم الصفات وأحسن الأخلاق وأعظم الأفعال وأجلّ الفضائل والمناقب ؛ علما وفضلا ، وزهادة وعبادة ، وشجاعة وسخاء ، وسماحة وفصاحة ، ومكارم أخلاق ، وإباء للضيم ، ومقاومة للظلم. وقد جمع إلى كرم الحسب شرف العنصر والنسب ، فهو أشرف الناس أبا وأمّا وجدا وجدة وعمّا وعمة وخالا وخالة وقد جاهد لنيل أسمى المقاصد وأنبل الغايات ، وقام بما لم يقم بمثله أحد قبله ولا بعده ، فبذل نفسه وماله وآله في سبيل إحياء الدين ، وإظهار فضائح المنافقين ، واختار المنية على الدنيّة ، وميتة العزّ على حياة الذل ، ومصارع الكرام على طاعة اللئام. وأظهر من إباء الضيم وعزّة النفس ، والشجاعة والبسالة ، والصبر والثبات ، ما بهر العقول وحيّر الألباب. واقتدى به في ذلك كل من جاء بعده ، حتّى قال القائل :

وإن الألى بالطف من آل هاشم

تأسّوا فسنّوا للكرام التأسّيا

وحقيق بمن كان كذلك ، أن تقام له الذكرى في كل عام ، وتبكي له العيون دما بدل الدموع. وأي رجل في الكون قام بما قام به الحسينعليه‌السلام ؟.

ـ هل يوم عاشوراء يوم فرح أم يوم ترح؟ :(المصدر السابق ص ١٣٩)

وليس أعجب ممن يتخذ يوم عاشوراء يوم فرح وسرور واكتحال ، وتوسعة على العيال ، لأخبار وضعت في زمن الملك العضوض ، اعترف بوضعها النقّاد ، وسنّة سنّها الحجاج بن يوسف ، عدوّ الله وعدو رسوله. وأي مسلم تطاوعه نفسه أو يساعده قلبه على الفرح في يوم قتل ابن بنت نبيّه؟!. وريحانته وابن وصيه؟. وبما ذا يواجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبماذا يعتذر إليه؟. وهو مع ذلك يدّعي محبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآله!. ومن شروط المحبة ، الفرح لفرح المحبوب ، والحزن لحزنه!.

٢٥٦

أضف إلى ذلك ما يرجوه المسلم الموحّد المقتدي بنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الأجر والثواب يوم الحساب ، على الحزن والبكاء لقتل الحسينعليه‌السلام . فقد نعاه جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أصحابه ، وبكى لقتله قبل وقوعه ، وبكى له أصحابه رضوان الله عليهم وفيهم أبو بكر وعمر ، فيما رواه الماوردي الشافعي في (أعلام النبوة) ، وروته أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، وروي عنهم بالأسانيد الصحيحة. وأخبر بذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام في خروجه إلى صفين ، وبكى وأبكى. وبكى زين العابدينعليه‌السلام على مصيبة أبيه الحسينعليه‌السلام أربعين سنة.

وكان الإمام الصادقعليه‌السلام يبكي لتذكّر مصيبة الحسينعليه‌السلام ويستنشد الشعر في رثائه ويبكي. وكانعليه‌السلام إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا ، وكانت الكآبة تغلب عليه حتّى تمضي عشرة أيام منه ، فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه.

وقال الإمام الرضاعليه‌السلام : إن يوم الحسينعليه‌السلام أقرح جفوننا وأسال دموعنا ، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء.

وقد حثّواعليهم‌السلام شيعتهم وأتباعهم على البكاء وإقامة الذكرى لهذه الفاجعة الأليمة في كل عام. وهم نعم القدوة وخير من اتّبع ، وأفضل من اقتفي أثره ، وأخذت منه سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فهم أحد الثّقلين اللذين أمرنا باتباعهما والتمسك بهما ، ومثل باب حطّة الّذي من دخله كان آمنا ، ومفاتيح باب مدينة العلم الّذي لا تؤتى إلا منه.

٢٦١ ـ كلام السيد علي جلال الحسيني المصري :

(المصدر السابق ، ص ١٣٠)

وقال السيد علي جلال الحسيني المصري المعاصر ، في كلام له في مقدمة (كتاب الحسين) التقطنا منه هذه الكلمات ، وفيها جملة من صفات الحسينعليه‌السلام واستحسان إقامة الذكرى له ، قال :

إن الأمة التي تعنى بسير عظمائها ، ومن امتاز منها بأمر في الدين ، أو تفرّد بعمل من أعمال الدنيا ، وتعرف أخبارهم ؛ تحفظ تاريخ حياتها وتستفيد منه. والسيد الإمام أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وريحانته ، وابن أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ونشأة بيت النبوة ، له أشرف نسب وأكمل نفس ، جمع

٢٥٧

الفضائل ومكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ؛ من علوّ الهمة ومنتهى الشجاعة وأقصى غاية الجود ، وأسرار العلم وفصاحة اللسان ، ونصرة الحق والنهي عن المنكر وجهاد الظلم ، والتواضع عن عزّ ، والعدل والصبر والحلم ، والعفاف والمروءة والورع وغيرها. واختصّ بسلامة الفطرة وجمال الخلقة ، ورجاحة العقل وقوة الجسم. وأضاف إلى هذه المحامد ، كثرة العبادة وأفعال الخير ، كالصلاة والصوم والحج والجهاد في سبيل الله والإحسان. وكان إذا أقام بالمدينة أو غيرها ، مفيدا بعلمه ، مرشدا بعمله ، مهذّبا بكريم أخلاقه ، مؤدّبا ببليغ بيانه ، سخيّا بماله ، متواضعا للفقراء ، معظّما عند الخلفاء ، مواصلا للصدقة على الأيتام والمساكين ، منتصفا للمظلومين ، مستقلا بعبادته.

مشى من المدينة على قدميه إلى مكة حاجّا خمسا وعشرين مرة [المسافة نحو ٥٠٠ كم]. وعاش مدة يقاتل مع أبيه أصحاب الجمل ، فجنود معاوية ، فالخوارج.فكان الحسينعليه‌السلام في وقته علم المهتدين ونور الأرض ، فأخبار حياته فيها هدى للمسترشدين بأنوار محاسنه ، المقتفين آثار فضله.

ولا شك أن الأمة تنفعها ذكرى ما أصابها من الشدائد في زمن بؤسها ، كما يفيدها تذكّر ما كسبته من المآثر أيام عزها. ومقتل الحسينعليه‌السلام من الحوادث العظيمة ، وذكراه نافعة ، وإن كان حديثه يحزن كل مسلم ، ويسخط كل عاقل.

٢٦٢ ـ من الّذي قتل الحسينعليه‌السلام ؟ :(المصدر السابق ، ص ١٣٢)

ثم قال السيد علي جلال الحسيني غفر الله له :

ومن عجيب أمرهعليه‌السلام أن يقتله شيعته ، ثم يجدّدون الحزن عليه في كل بلاد المسلمين كل عام ، من يوم قتله إلى الآن.

فيردّ عليه العلامة الأمين ردّا ساحقا ، فيقول :

حاش لله أن يكون الذين قتلوا الحسينعليه‌السلام هم شيعته ، بل الذين قتلوه ؛ بعضهم خوارج ، وبعضهم أهل طمع لا يرجعون إلى دين ، وبعضهم أجلاف أشرار ، وبعضهم اتّبعوا رؤساءهم ، الذين قادهم حبّ الدنيا إلى قتاله. ولم يكن فيهم من شيعته ومحبيه أحد.

أما شيعته المخلصون ، فكانوا له أنصارا ، وما برحوا حتّى قتلوا دونه ، ونصروه بكل ما في جهدهم إلى آخر ساعة من حياتهم. وكثير منهم لم يتمكن من نصره ، أو لم

٢٥٨

يكن عالما بأن الأمر سينتهي إلى ما انتهى إليه. أما أن أحدا من شيعته ومحبيه قاتله ، فذلك لم يكن.

وهذه هفوة من هذا السيد الّذي أجاد في أكثر ما كتبه عن الحسينعليه‌السلام في كتابه المذكور ، لكنه تبع في هذا الكلام عن سلامة نيّة ، من يريد عيب الشيعة بكل وسيلة ، ويستنكر تجديد الحزن على الحسينعليه‌السلام في كل عام.

٢٦٣ ـ مصرع الحسينعليه‌السلام عظة وقدوة :(المصدر السابق)

ثم قال السيد علي جلال الحسيني ، ولنعم ما قال :

وكما أن حياة الحسينعليه‌السلام منار المهتدين ، فمصرعه عظة المعتبرين وقدوة المستبسلين. ألم تر كيف اضطره نكد الدنيا إلى إيثار الموت على الحياة ، وهو أعظم رجل في وقته ، ولا نظير له في شرقها ولا في غربها. وأبت نفسه الكريمة الضيم ، واختار السّلّة على الذلة ، فكان كما قال فيه أبو نصر بن نباتة :

والحسين الّذي رأى الموت في العزّ

حياة ، والعيش في الذل قتلا

ومع التفاوت الّذي بلغ أقصى ما يتصور بين فئته القليلة وجيش ابن زياد ، في العدد والعدد والمدد ، فقد كان ثباته ورباطة جأشه وشجاعته ، تحيّر الألباب ، ولا عهد للبشر بمثلها. كما كانت دناءة أخصامه لا شبيه لها.

وما سمع منذ خلق الله العالم ولن يسمع حتّى يفنى ، أفظع من ضرب ابن مرجانة من ابن سميّة ، بقضيب ثغر ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورأسه بين يديه ، بعد أن كان سيد الخلقصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلثمه.

٢٦٤ ـ العدل الإلهي في مصير الحسينعليه‌السلام ومصير أعدائه :

(المصدر السابق ، ص ١٣٣)

ومن آثار العدل الإلهي ، قتل عبيد الله بن زياد يوم عاشوراء ، كما قتل الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء ، وأن يبعث برأسه إلى علي بن الحسينعليه‌السلام ، كما بعث برأس الحسينعليه‌السلام إلى ابن زياد.

وهل أمهل يزيد بن معاوية بعد الحسينعليه‌السلام إلا ثلاث سنين أو أقل؟. وأي موعظة أبلغ من أن كل من اشترك في دم الحسينعليه‌السلام اقتصّ الله تعالى منه ، فقتل أو نكب؟. وأي عبرة لأولي الأبصار أعظم من كون ضريح الحسينعليه‌السلام حرما معظما ، وقبر يزيد بن معاوية مزبلة؟!.

٢٥٩

٢٦٥ ـ العناية الإلهية بأهل البيتعليهم‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١٣٤)

وتأمّل عناية الله في البيت النبوي الكريم ، يقتل أبناء الحسينعليهم‌السلام ولا يترك منهم إلا صبي مريض ، أشفى على الهلاك ؛ فيبارك الله في أولاده ، فيكثر عددهم ويعظم شأنهم. والذين قتلوا مع الحسينعليه‌السلام من أهل بيته رجال ما على وجه الأرض يومئذ لهم شبه.

٢٦٦ ـ شتان ما بين الذهب والرغام! :(المصدر السابق)

ثم يقول : وشتان ما السبط الزكي ، والظالم السكّير ، يزيد القرود والطنابير!.وهل يستوي الفاسق الفاجر والعادل الإمام ، وأين الذهب من الرغام؟. لكن اقتضت الحكمة الإلهية سير الحوادث بخلاف ذلك ، وإذا أراد الله أمرا فلا مردّ له.واقتضت أيضا أن يبقى أثر جهاد الحسينعليه‌السلام على مرّ الدهور ، كلما أرهق الناس الظلم ، تذكّره من ندب نفسه لخدمة الأمة ، فلم يحجم عن بذل حياته متى كانت فيه مصلحة لها.

٢٦٧ ـ من الّذي خذل الحسينعليه‌السلام حيّا وميّتا؟ :

(المصدر السابق ، ص ١٣٥)

ثم قال السيد علي جلال الحسيني :

ومن غريب أمر شيعة الحسينعليه‌السلام أنهم خذلوه حيا ونصروه ميّتا ، فإنهم بعد قتله ندموا على ما فرّطوا في حقه ، وسمّوا أنفسهم (التوابين) ، وقاموا لأخذ ثأره ، فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد!.

فردّ عليه العلامة الأمينرحمه‌الله ، قائلا :

وأعجب منهم عموم أمة جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين خذلوه حيا وميّتا ، ولم ينصروه ، ولم يستبينوا الرشد ، لا في ضحى الغد ، ولا في غيره!. فمن خذله حيا ثم ندم وتاب وطلب بثأره ، أحسن حالا ممن خذله وبقي مصرّا على ذنبه ، ولم يتب ولم يندم ، وأقام على طاعة أعداء الله. على أن هؤلاء التوابين أكثرهم لم يكن مخلىّ السّرب (أي حرا طليقا) لينصره ، بل كان محجورا عليه من قبل ابن زياد وأتباعه ، وكان لا يمكنه الوصول إليه إلا بشدة.

٢٦٠