موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 10%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 452557 / تحميل: 5267
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

( احكام الحج )

الحج من أهم الفرائض في الشريعة الاسلامية ، قال الله تعالى( ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين ) وفي المروي عن الامام الصادقعليه‌السلام أنه قال : ( من مات ولم يحج حجة الاسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تُجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهودياً أو نصرانياً ).

( مسألة 523 ) : يجب الحج على البالغ العاقل المستطيع ، وتتحقق الاستطاعة بتوفر الاُمور التالية :

1 ـ سلامة البدن ، بمعنى ان يكون متمكناً من مباشرة الحج بنفسه ، فالمريض أو الهرم ـ اي كبير السن ـ الذي لا يتمكن من أداء الحج إلى آخر عمره ، أو كانت مباشرته لأداء الحج موجبةً لوقوعه في حرج شديد لا يتحمل عادة لا يجب عليه الحج بنفسه.

2 ـ تخلية السرب : ويقصد بها ان يكون الطريق مفتوحاً ومأموناً ، فلا يكون فيه مانع لا يمكن معه من الوصول إلى اماكن أداء المناسك ، وكذلك لا يكون خطراً على النفس أو المال أو العرض والا لم يجب الحج.

وإذا كان طريق الحج مغلقاً أو غير مأمون الا لمن يدفع مبلغاً من المال فان كان بذله مُجحِفاً بحال الشخص لم يجب عليه ذلك والا وجب وان كان المبلغ معتداً به.

٢٢١

3 ـ النفقة ، ويقصد بها كل ما يحتاج اليه في سفر الحج من تكاليف الذهاب والاياب ـ أو الذهاب فقط لمن لا يريد الرجوع إلى بلده ـ وأجور المسكن وما يصرف خلال ذلك من المواد الغذائية والأدوية وغير ذلك.

4 ـ الرجوع إلى الكفاية ، وهو ان يتمكن بالفعل أو بالقوة من اعاشة نفسه وعائلته بعد الرجوع إذا خرج إلى الحج وصرف ما عنده في نفقته بحيث لا يحتاج إلى التكفف ولا يقع في الشدة والحرج بسبب الخروج إلى الحج وصرف ما عنده من المال في سبيله.

5 ـ السعة في الوقت ، بان يكون له متسع من الوقت للسفر إلى الأماكن المقدسة واداء مناسك الحج فلو حصل له المال الكافي لأداء الحج في وقت متأخر لا يتسع لتهيئة متطلبات السفر إلى الحج ـ من تحصيل الجواز والتأشيرة ونحو ذلك ـ أو كان يمكن ذلك ولكن بحرج ومشقة شديدة لا تتحمل عادة ففي هذه الحالة لا يجب عليه الحج في هذا العام ، وعليه أن يحتفظ بماله لأداء الحج في عام لاحق إذا كان محرزاً تمكنه من ذلك من دون عوائق اخرى وكان التصرف فيه يخرجه عن الاستطاعة بحيث لا يتيسر له التدارك ، واما مع عدم احراز التمكن من الذهاب لاحقاً أو تيسر تدارك المال فلا بأس بصرفه وعدم التحفظ عليه.

( مسألة 524 ) : إذا كان عنده ما يفي بنفقات الحج ولكنه كان مديناً بدين مستوعب لما عنده من المال أو كالمستوعب بان لم يكن وافياً لنفقاته لو اقتطع منه مقدار الدين ـ لم يجب عليه الحج ، الا إذا كان مؤجلاً بأجل بعيد جداً كخمسين سنة مثلاً.

( مسألة 525 ) : إذا وجب عليه الحج وكان عليه خمس أو زكاة أو غيرها من الحقوق الواجبة لزمه اداؤها ولم يجز له تأخيرها لأجل السفر إلى

٢٢٢

الحج ، ولو كان ساتره في الطواف أو في صلاة الطوف من المال الذي تعلق به الخمس أو نحوه من الحقوق لم يصحا على الأحوط لزوماً ، ولو كان ثمن هدية من ذلك المال لم يجزئه إلاّ إذا كان الشراء بثمن في الذمة والوفاء من ذلك المال.

( مسألة 526 ) : تجب الاستنابة في الحج اي ارسال شخص للحج عن غيره في حالات ثلاث :

أ ـ إذا كان الشخص قادراً على تأمين نفقة الحج ولكنه كان في حال لا يمكنه معها فعل الحج لمرض ونحوه.

ب ـ إذا كان متمكناً من ادائه بنفسه فتسامح ولم يحج حتى ضعف عن الحج وعجز عنه بحيث لا يأمل التمكن منه لاحقاً.

ج ـ إذا كان متمكناً من أداء الحج ولم يحج حتى مات فيجب ان يستأجر من تركته من يحج عنه.

( مسألة 527 ) : الحج على ثلاثة أنواع : حج التمتع ، وحج الافراد ، وحج القران ، والأول هو وظيفة كل من كان محل سكناه يبعد عن مكة المكرمة اكثر من ثمانية وثمانين كيلومترا ، والآخران وظيفة من كان من اهل مكة أو من كانت المسافة بين محل سكناه ومكة اقل من المقدار المذكور كالمقيمين في جدة.

( مسألة 528 ) : يتألف حج التمتع من عبادتين الأولى ( العمرة ) والثانية ( الحج ) وتجب في عمرة التمتع خمسة أمور حسب الترتيب الآتي :

1 ـ الإحرام بالتلبية.

٢٢٣

2 ـ الطواف حول الكعبة المعظمة سبع مرات.

3 ـ صلاة الطواف خلف مقام إبراهيمعليه‌السلام .

4 ـ السعي بين الصفا والمروة سبع مرات.

5 ـ التقصير بقص شيء من شعر الرأس أو اللحية أو الشارب.

ويجب في حج التمتع ثلاثة عشر أمراً :

1 ـ الاحرام بالتلبية.

2 ـ الوقوف في عرفات يوم التاسع من ذي الحجة من زوال الشمس إلى غروبها.

3 ـ الوقوف في المزدلفة مقداراً من ليلة العيد إلى طلوع الشمس.

4 ـ رمي جمرة العقبة يوم العيد سبع حصيات.

5 ـ الذبح والنحر في يوم العيد أو فيما بعده إلى آخر أيام التشريق في منى.

6 ـ حلق شعر الرأس او التقصير في منى.

7 ـ الطواف بالبيت طواف الحج.

8 ـ صلاة الطواف خلف مقام إبراهيمعليه‌السلام .

9 ـ الطواف بالبيت طواف النساء.

11 ـ صلاة طواف النساء.

12 ـ المبيت في منى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر من ذي الحجة.

13 ـ رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر.

٢٢٤

( مسألة 529 ) : يتألف حج الافراد من الامور الثلاثة عشر المذكور لحج التمتع باستثناء ( الذبح والنحر ) فانه ليس من اعماله ، كما يشترك حج القرآن مع حج الافراد في جميع الأعمال باستثناء أن المكلف يصحب معه الهدي وقت احرامه لحج القران ، وبذلك يجب الهدي عليه ، والاحرام له كما يصح ان يكون بالتلبية يصح ان يكون بالإشعار والتقليد.

ثم ان من تكون وظيفته حج الافراد أو حج القران يجب عليه أداء العمرة المفردة ايضاً إذا تمكن منها بل إذا تمكن منها ولم يتمكن من الحج وجب عليه اداؤها ، وإذا تمكن منهما معاً في وقت واحد فالأحوط لزوماً تقديم الحج على العمرة المفردة.

وتشترك عمرة المفردة مع عمرة التمتع في الامور الخمسة المذكورة ويضاف اليها : الطواف بالبيت طواف النساء وصلاة هذا الطواف خلف مقام إبراهيم ويتخير الرجل فيها بين التقصير والحلق ولا يتعين عليه التقصير كما في عمرة التمتع.

( مسألة 530 ) : كل واحد من افعال العمرة والحج ـ باقسامهما المذكورة ـ عمل عبادي لا بد من ادائه تخضعاً لله تعالى ، ولها الكثير من الخصوصيات والاحكام مما تكفلت لبيانها رسالة ( مناسك الحج ) فعلى من يروم ادائها ان يتعلم احكامها بصورة وافية لئلا يخالف وظيفته فينقص أو يبطل حجّه أو عمرته.

٢٢٥

٢٢٦

( أحكام زكاة المال )

الزكاة من الواجبات التي اهتم الشارع المقدّس بها ، وقد قرنها الله تبارك وتعالى بالصلاة في غير واحد من الآيات الكريمة ، وهي احدى الخمس التي بني عليها الإسلام ، وقد ورد أن الصلاة لا تقبل من مانعها ، وإنَّ من منع قيراطاً من الزكاة فليمت ان شاء يهودياً أو نصرانياً ، وهي على قسمين : زكاة الأموال ، وزكاة الأبدان ( زكاة الفطرة ) وسيأتي بيان القسم الثاني بعد ذلك.

( مسألة 531 ) : تجب الزكاة في اربعة اشياء :

(1) في الأنعام : الغنم بقسميها المعز والضأن ، والإبل ، والبقر ومنه الجاموس.

(2) في النقدين : الذهب والفضة.

(3) في الغلاّت : الحنطة والشعير ، والتمر والزبيب.

(4) في مال التجارة على ـ الأحوط وجوباً ـ.

ويعتبر في وجوبها في الجميع أمران :

( الأوّل ) : الملكية الشخصية ، فلا تجب في الأوقاف العامة ، ولا في المال الذي أوصى بان يصرف في التعازي أو المساجد ، أو المدارس ونحوها.

( الثاني ) : ان لا يكون محبوساً عن مالكه شرعاً ، فلا تجب الزكاة في الوقف الخاص ، والمرهون وما تعلق به حق الغرماء ، وأما المنذور التصدق به فتجب فيه الزكاة ولكن يلزم اداؤها من مال آخر لكي لا ينافي الوفاء بالنذر.

٢٢٧

( زكاة الحيوان )

( مسألة 532 ) : يشترط في وجوب الزكاة في الأنعام أمور : فلا تجب بفقدان شيء منها :

(1) استقرار الملكية في مجموع الحول ، فلو خرجت عن ملك مالكها اثناء الحول لم تجب فيها الزكاة ، والمراد بالحول هنا مضي احد عشر شهراً والدخول في الشهر الثاني عشر ـ وان كان الحول الثاني يبدأ من بعد انتهائه ـ وابتداء السنة فيها من حين تملّكها وفي نتاجها من حين ولادتها.

(2) تمكّن المالك ، أو وليّه من التصرف فيها في تمام الحول ، فلو غصبت أو ضلت ، أو سرقت فترة يعتد بها عرفاً لم تجب الزكاة فيها.

(3) السوم ، فلو كانت معلوفة ـ ولو في بعض السنة ـ لم تجب فيها الزكاة ، نعم لا يقدح في صدق السوم علفها قليلاً ، والعبرة فيه بالصدق العرفي ، وتحسب مدة رضاع النتاج من الحول وان لم تكن امهاتها سائمة.

(4) بلوغها حد النصاب ، وسيأتي بيانه.

( مسألة 533 ) : صدق السائمة على ما رعت من الأرض المستأجرة ، او المشتراة للرعي محل اشكال ، فثبوت الزكاة فيها مبني على ـ الاحتياط اللزومي ـ.

( مسألة 534 ) : لا يشترط في وجوب الزكاة في البقر والإبل زائداً على كونها سائمة ان لا تكون عوامل على ـ الأحوط لزوماً ـ فلو استعملت في

٢٢٨

السقي ، أو الحرث ، أو الحمل ، أو نحو ذلك فلا يترك الاحتياط باخراج زكاتها ، وإذا كان استعمالها من القلة بحد يصدق عليها انها فارغة ـ وليست بعوامل ـ وجبت فيها الزكاة بلا اشكال.

( مسألة 535 ) : في الغنم خمسة نصب :

(1) اربعون ، وفيها شاة.

(2) مائة واحدى وعشرون ، وفيها شاتان.

(3) مائتان وواحدة ، وفيها ثلاث شياه.

(4) ثلاثمائة وواحدة ، وفيها اربع شياه.

(5) اربعمائة فصاعداً ففي كل مائة شاة ، وما بين النصابين في حكم النصاب السابق ـ والأحوط لزوماً ـ في الشاة المخرجة زكاة ان تكون داخلة في السنة الثالثة ان كانت معزاً ، وان تكون داخلة في السنة الثانية ان كانت ضأناً.

( مسألة 536 ) : في الإبل اثنا عشر نصاباً :

(1) خمس ، وفيها شاة.

(2) عشرة ، وفيها شاتان.

(3) خمس عشرة ، وفيها ثلاث شياه.

(4) عشرون ، وفيها اربع شياه.

(5) خمس وعشرون ، وفيها خمس شياه.

(6) ست وعشرون ، وفيها بنت مخاض ، وهي الداخلة في السنة الثانية.

(7) ست وثلاثون ، وفيها بنت لبون ، وهي الداخلة في السنة الثالثة.

٢٢٩

(8) ست واربعون ، وفيها حقة ، وهي الداخلة في السنة الرابعة.

(9) احدى وستون ، وفيها جذعة ، وهي التي دخلت في السنة الخامسة.

(10) ست وسبعون ، وفيها بنتا لبون.

(11) احدى وتسعون وفيها حقتان.

(12) مائة واحدى وعشرون فصاعداً ، وفيها حقة لكل خمسين ، وبنت لبون لكل اربعين ، بمعنى انه يتعين عدها بالأربعين اذا كان عادَّاً لها بحيث اذا حسبت به لم تكن زيادة ولا نقيصة ، كما اذا كانت مائة وستين رأساً ، ويتعين عدها بالخمسين اذا كان عاداً لها ـ بالمعنى المتقدم ـ كما اذا كانت مائة وخمسين رأساً ، وان كان كل من الأربعين والخمسين عاداً كما اذا كانت مأتي رأس تخير المالك في العدّ بأيّ منهما ، وان كانا معاً عادين لها وجب العد بهما كذلك كما اذا كانت مأتين وستين رأساً فيحسب خمسينين واربع اربعينات.

( مسألة 537 ) : في البقر نصابان :

(1) ثلاثون ، وزكاتها ما دخل منها في السنة الثانية ـ والأحوط لزوماً ـ ان يكون ذكراً.

(2) اربعون ، وزكاتها مسنّة ، وهي الداخلة في السنة الثالثة ، وفي ما زاد على اربعين يعد بثلاثين أو أربعين على التفصيل المتقدم ، وما بين النصابين في البقر والإبل في حكم النصاب السابق كما تقدم في الغنم.

( مسألة 538 ) : اذا تولى المالك اخراج زكاة ماله لم يجز له اخراج المريض زكاة اذا كان جميع النصاب في الانعام صحاحاً ، كما لا يجوز له

٢٣٠

اخراج المعيب اذا كان النصاب باجمعه سليماً ، وكذلك لا يجوز له اخراج الهرم اذا كان كان الجميع شباباً ، بل الأمر كذلك مع الاختلاف على ـ الأحوط لزوماً ـ نعم إذا كان جميع افراد النصاب مريضاً ، أو معيباً أو هرماً جاز له الإخراج منها.

( مسألة 539 ) : اذا ملك من الأنعام بمقدار النصاب ثم ملك مقداراً آخر بنتاج او شراء او غير ذلك ، ففيه صور :

( الأولى ) : ان يكون ملكه الجديد بعد تمام الحول لما ملّكه أولاً ، ففي هذه الصورة يبتدئ الحول للمجموع ، مثلاً إذا كان عنده من الابل خمس وعشرون ، وبعد انتهاء الحول ملك واحدة فحينئذٍ يبتدئ الحول لست وعشرين.

( الثانية ) : ان يكون ملكه الجديد اثناء الحول ، وكان هو بنفسه بمقدار النصاب ، ففي هذه الصورة لا ينضم الجديد إلى الملك الأوّل ، بل يعتبر لكل منهما حول بانفراده ـ وان كان الملك الجديد مكملاً للنصاب اللاحق على الأحوط لزوماً ـ ، فإذا كان عنده خمس من الابل فملك خمساً اخرى بعد مضي ستة اشهر ، لزم عليه اخراج شاة عند تمام السنة الأولى ، واخراج شاة اخرى عند تمام السنة من حين تملكه الخمس الاُخرى ، واذا كان عنده عشرون من الابل وملك ستة في اثناء حولها فالأحوط لزوماً ان يعتبر للعشرين حولاً وللستة حولاً آخر ويدفع على رأس كل حول فريضته.

( الثالثة ) : ان يكون ملكه الجديد مكملا للنصاب اللاحق ولا يعتبر نصاباً مستقلاً ، ففي هذه الصورة يجب اخراج الزكاة للنصاب الأوّل عند انتهاء سنته ، وبعده يضم الجديد الى السابق ، ويعتبر لهما حولا واحداً ، فاذا ملك ثلاثين من البقر ، وفي اثناء الحول ملك احد عشر رأساً من البقر

٢٣١

وجب عليه ـ بعد انتهاء الحول ـ اخراج الزكاة للثلاثين ويبتدئ الحول للاربعين.

( الرابعة ) : ان لا يكون ملكه الجديد نصاباً مستقلاً ولا مكملاً للنصاب اللاحق ، ففي هذه الصورة لا يجب عليه شيء لملكه الجديد ، وان كان هو بنفسه نصاباً لو فرض انه لم يكن مالكاً للنصاب السابق ، فاذا ملك اربعين رأساً من الغنم ثم ملك اثناء الحول اربعين غيرها لم يجب شيء في ملكه ثانياً ما لم يصل إلى النصاب الثاني.

( مسألة 540 ) : إذا كان مالكاً للنصاب لا أزيد ـ كاربعين شاة مثلاً ـ فحال عليه ، احوال فان اخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت لعدم نقصانه حينئذٍ عن النصاب ، وان اخرجها منه أو لم يخرجها اصلاً لم تجب الا زكاة سنة واحدة ، ولو كان عنده ازيد من النصاب ـ كأن كان عنده خمسون شاة ـ وحال عليه احوال لم يؤد زكاتها وجبت عليه الزكاة بمقدار ما مضى من السنين الى ان ينقص عن النصاب.

( مسألة 541 ) : لا يجب اخراج الزكاة من شخص الأنعام التي تعلقت الزكاة بها ، فلو ملك من الغنم اربعين جاز له ان يعطي شاة من غيرها زكاة.

٢٣٢

( زكاة النقدين )

يعتبر في وجوب الزكاة في الذهب والفضة أمور :

( الأوّل ) : كمال المالك بالبلوغ والعقل ، فلا تجب الزكاة في النقدين من اموال الصبي والمجنون.

( الثاني ) : بلوغ النصاب ، ولكل منهما نصابان ، ولا زكاة فيما لم يبلغ النصاب الأوّل منهما ، وما بين النصابين بحكم النصاب السابق ، فنصابا الذهب : خمسة عشر مثقالاً صيرفياً ، ثم ثلاثة فثلاثة ، ونصابا الفضة : مائة وخمسة مثاقيل ، ثم واحد وعشرون ، فواحد وعشرون مثقالاً وهكذا ، والمقدار الواجب اخراجه في كل منهما ربع العشر ( 2.5%).

( الثالث ) : ان يكونا من المسكوكات النقدية التي يتداول التعامل بها سواء في ذلك السكة الاسلامية وغيرها ، فلا تجب الزكاة في سبائك الذهب والفضة ، والحلي المتخذة منهما ، وفي غير ذلك مما لا يكون مسكوكاً او يكون من المسكوكات القديمة الخارجة عن رواج المعاملة.

وبذلك يعلم انه لا موضوع لزكاة الذهب والفضة في العصر الحاضر الذي لا يتداول فيه التعامل بالعملات النقدية الذهبية والفضية.

( الرابع ) : مضي الحول ، بان يبقى في ملك مالكه واجداً للشروط تمام الحول ، فلو خرج عن ملكه اثناء الحول ، أو نقص عن النصاب ، او الغيت سكته ـ ولو بجعله سبيكة ـ لم تجب الزكاة فيه ، نعم لو ابدل الذهب

٢٣٣

المسكوك بمثله ، أو بالفضة المسكوكة ، أو ابدل الفضة المسكوكة بمثلها ، أو بالذهب المسكوك كلاً أو بعضاً بقصد الفرار من الزكاة وبقي واجداً لسائر الشرائط الى تمام الحول فلا يترك الاحتياط باخراج زكاته حينئذٍ ، ويتم الحول بمضي احد عشر شهراً ، ودخول الشهر الثاني عشر.

( الخامس ) : تمكن المالك من التصرف فيه في تمام الحول ، فلا تجب الزكاة في المغصوب والمسروق ، والمال الضائع فترة يعتد بها عرفاً.

٢٣٤

( زكاة الغلات الأربع )

يعتبر في وجوب الزكاة في الغلات الأربع أمران :

( الأوّل : بلوغ النصاب ) ولها نصاب واحد وهو ثلاثمائة صاع ، وهذا يقارب ـ فيما قيل ـ ثمانمائة وسبعة واربعين كيلو غراماً(1) ، ولا تجب الزكاة في ما لم يبلغ النصاب ، فاذا بلغه وجبت فيه وفي ما يزيد عليه ، وان كان الزائد قليلاً.

( الثاني : الملكية حال تعلق الزكاة بها ) فلا زكاة فيها اذا تملكها الانسان بعد تعلق الزكاة بها.

( مسألة 542 ) : تتعلق الزكاة بالغلات حينما يصدق عليها اسم الحنطة

__________________

(1) ان نصاب الغلات قد حدد في النصوص الشرعية بالمكاييل التي كانت متداولة في العصور السابقة ولا تعرف مقاديرها اليوم بحسب المكاييل السائدة في هذا العصر ، كما لا يمكن تطبيق الكيل على الوزن بضابط عام يطرد في جميع انواع الغلات لانها تختلف خفة وثقلاً بحسب طبيعتها ولعوامل اُخرى ، فالشعير اخف وزناً من الحنطة بكثير كما ان ما يستوعبه المكيال من التمر غير المكبوس أقل وزناً مما يستوعبه من الحنطة لاختلاف افرادهما في الحجم والشكل مما تجعل الخلل والفُرَج الواقعة بين أفراد التمر ازيد منها بين افراد الحنطة ، بل ان نفس افراد النوع الواحد تختلف في الوزن بحسب اختلافها في الصنف وفي نسبة ما تحملها من الرطوبة ، ولذلك لا سبيل إلى تحديد النصاب بوزن موحد لجميع الانواع والاصناف ، ولكن الذي يسهل الأمر ان المكلف اذا لم يحرز بلوغ ما ملكه من الغلة حد النصاب لا يجب عليه اخراج الزكاة منه ومع كونه بالمقدار المذكور في المتن يقطع ببلوغه النصاب على جميع التقادير والمحتملات.

٢٣٥

أو الشعير ، أو التمر أو العنب ، إلاّ أن المناط في اعتبار النصاب بلوغها حده بعد يبسها ، حين تصفية الحنطة والشعير من التبن ، واجتذاذ التمر واقتطاف الزبيب ، فاذا كانت الغلة حينما يصدق عليها احد هذه العناوين بحد النصاب ، ولكنها لا تبلغه حينذاك لجفافها لم تجب الزكاة فيها.

( مسألة 543 ) : لا تتعلق الزكاة بما يؤكل ويصرف من ثمر النخل حال كونه بُسراً ( خلالاً ) أو رطباً وإن كان يبلغ مقدار النصاب لو بقي وصار تمراً ، وأمّا ما يؤكل ويصرف من ثمر الكرم عنباً فيجب إخراج زكاته لو كان بحيث لو بقي وصار زبيباً لبلغ حد النصاب.

( مسألة 544 ) : لا تجب الزكاة في الغلات الأربع إلاّ مرة واحدة ، فاذا ادى زكاتها لم تجب في السنة الثانية ، ولا يشترط فيها الحول المعتبر في النقدين والأنعام.

( مسألة 545 ) : يختلف مقدار الزكاة في الغلات باختلاف الصور الآتية :

( الأولى ) : ان يكون سقيها بالمطر ، أو بماء النهر ، أو بمصّ عروقها الماء من الأرض ونحو ذلك مما لا يحتاج السقي فيه إلى العلاج ، ففي هذه الصورة يجب اخراج عشرها ( 10% ) زكاة.

( الثانية ) : ان يكون سقيها بالدلو والرشا ، والدوالي والمضخات ونحو ذلك ، ففي هذه الصورة يجب اخراج نصف العشر ( 5% ).

( الثالثة ) : ان يكون سقيها بالمطر أو نحوه تارة ، وبالدلو أو نحوه تارة اُخرى ، ولكن كان الغالب احدهما بحد يصدق عرفاً انه سقي به ، ولا يعتد بالآخر ، ففي هذه الصورة يجري عليه حكم الغالب.

٢٣٦

( الرابعة ) : ان يكون سقيها بالأمرين على نحو الاشتراك ، بان لا يزيد احدهما على الآخر ، أو كانت الزيادة على نحو لا يسقط بها الآخر عن الاعتبار ، ففي هذه الصورة يجب اخراج ثلاثة ارباع العشر ( 7.5% ).

( مسألة 546 ) : المدار في التفصيل المتقدم في الثمرة عليها لا على شجرتها ، فاذا كان الشجر حين غرسه يسقى بالدلاء مثلا فلما بلغ اوان اثمارها صار يمص ماء النزيز بعروقه وجب فيه العشر 10%.

( مسألة 547 ) : إذا زرع الأرض حنطة ـ مثلاً ـ وسقاها بالمضخات أو نحوها ، فتسرّب الماء إلى ارض مجاورة فزرعها شعيراً فمصّ الماء بعروقه ولم يحتج الى سقي آخر فمقدار الزكاة في الزرع الأوّل 5% وفي الزرع الثاني 10% على ـ الأحوط لزوماً ـ ومثل ذلك ما إذا زرع الأرض وسقاها بعلاج ثم حصده وزرع مكانه شعيراً مثلا فمصّ الماء المتخلف في الأرض ولم يحتج الى سقي جديد فان ـ الأحوط لزوماً ـ ثبوت الزكاة فيه بنسبة 10%.

( مسألة 548 ) : لا يعتبر في بلوغ الغلات حدّ النصاب استثناء ما صرفه المالك في المؤن قبل تعلق الزكاة وبعده ، فلو كان الحاصل يبلغ حد النصاب ولكنه إذا وضعت المؤن لم يبلغه وجبت الزكاة فيه ، بل الأحوط لزوماً إخراج الزكاة من مجموع الحاصل من دون وضع المؤن ، نعم ما تأخذه الحكومة من اعيان الغلات لا تجب زكاته على المالك.

( مسألة 549 ) : اذا تعلقت الزكاة بالغلات لا يتعين على المالك تحمل مؤونتها إلى أوان الحصاد أو الاجتناء ، فان له المخرج عن ذلك بان يسلمها الى مستحقها ، أو الحاكم الشرعي وهي على الساق ، أو على الشجر ثم يشترك معه في المؤن.

( مسألة 550 ) : لا يعتبر في وجوب الزكاة أن تكون الغلة في مكان

٢٣٧

واحد ، فلو كان له نخيل أو زرع في بلد لم يبلغ حاصله حد النصاب ، وكان له مثل ذلك في بلد آخر ، وبلغ مجموع الحاصلين في سنة حد النصاب وجبت الزكاة فيه.

( مسألة 551 ) : إذا ملك شيئاً من الغلات وتعلقت به الزكاة ثم مات وجب على الورثة إخراجها ، وإذا مات قبل تعلقها به انتقل المال باجمعه الى الورثة ، فمن بلغ نصيبه حد النصاب ـ حين تعلق الزكاة به ـ وجبت عليه ، ومن لم يبلغ نصيبه حده لم تجب عليه.

( مسألة 552 ) : من ملك نوعين من غلة واحدة كالحنطة الجيدة والرديئة ، جاز له اخراج الزكاة منهما مراعياً للنسبة ، ولا يجوز اخراج تمامها من القسم الرديء على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 553 ) : إذا اشترك اثنان أو أكثر في غلة ـ كما في المزارعة وغيرها ـ لم يكف في وجوب الزكاة بلوغ مجموع الحاصل حد النصاب ، بل يختص الوجوب بمن بلغ نصيبه حده.

٢٣٨

( زكاة مال التجارة )

وهو المال الذي يتملكه الشخص بعقد المعاوضة قاصداً به الاكتساب والاسترباح ، فيجب ـ على الأحوط ـ أداء زكاته ، وهي ربع العشر ( 2.5% ) مع استجماع الشرائط التالية :

( الأوّل ) : كمال المالك بالبلوغ والعقل.

( الثاني ) : بلوغ المال حد النصاب وهو نصاب احد النقدين المتقدم في ص (233).

( الثالث ) : مُضيِّ الحول عليه بعينه من حين قصد الاسترباح.

( الرابع ) : بقاء قصد الاسترباح طول الحول ، فلو عدل عنه ونوى به القنية ، أو الصرف في المؤونة مثلاً في الأثناء لم تجب فيه الزكاة.

( الخامس ) : تمكن المالك من التصرف فيه في تمام الحول.

( السادس ) : ان يطلب برأس المال أو بزيادة عليه طول الحول ، فلو طلب بنقيصة اثناء السنة لم تجب فيه الزكاة.

٢٣٩

( من أحكام الزكاة )

يجب قصد القربة في أداء الزكاة حين تسليمها الى المستحق ، أو الحاكم الشرعي ، أو العامل المنصوب من قبله ، أو الوكيل في ايصالها الى المستحق ـ والأحوط استحباباً ـ استمرار النية حتى يوصلها الوكيل ، وان ادى قاصداً به الزكاة من دون قصد القربة فالأظهر تعيّنه واجزاؤه وإن أثم ، والأولى تسليم الزكاة إلى الحاكم الشرعي ليصرفها في مصارفها.

( مسألة 554 ) : لا يجب اخراج الزكاة من عين ما تعلقت به فيجوز اعطاء قيمتها من النقود ، دون غيرها على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 555 ) : من كان له على الفقير دين جاز له ان يحتسبه زكاة ، سواء في ذلك موت المديون وحياته ، نعم يعتبر في المديون الميت ان لا تفي تركته باداء دينه ، أو يمتنع الورثة عن ادائه ، او يتعذر استيفاؤه لسبب آخر.

( مسألة 556 ) : يجوز اعطاء الفقير الزكاة من دون إعلامه بالحال.

( مسألة 557 ) : إذا أدى الزكاة الى من يعتقد كونه مصرفاً لها ثم انكشف خلافه استردها إذا كانت عينها باقية ، وكان له استرداد بدلها إذا تلفت العين وقد علم الآخذ ان ما اخذه زكاة ، وأما إذا لم يكن الآخذ عالماً بذلك فلا ضمان عليه ، ويجب على المالك حينئذٍ وعند عدم امكان الاسترداد في الصورة الأولى اخراج بدلها ، نعم اذا كان أداؤه بعد الفحص

٢٤٠

٢٣٨ ـ البكاء على الحسينعليه‌السلام :

(ثورة الحسين في الوجدان الشعبي لمحمد مهدي شمس الدين ص ٣١٩)

روى أبو حمزة الثّمالي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال : إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع ، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليعليه‌السلام فإنه فيه مأجور.

ويبدو أن السرّ في مشروعية هذا البكاء وهذا الجزع ، مع كراهة ما عداه وتحريم بعض أفراده ، هو أن هذا البكاء والجزع ليس أمرا شخصيا يتعلق بعاطفة بشرية تتفجر بالأسف على ما فات ، وإنما هو حزن على قضية دينية عامة ، تتمثل بالإمام الحسينعليه‌السلام وثورته. فالحزن هنا ليس موقفا عاطفيا ، وإنما هو موقف مبدئي يعبّر المؤمن فيه عن التحامه به واعتناقه له ، بهذا التعبير العاطفي.

ولنعم من قال :

تبكيك عيني لا لأجل مثوبة

لكنما عيني لأجلك باكيه

تبتلّ منكم كربلا بدم ولا

تبتلّ مني بالدموع الجاريه

أنست رزيّتكم رزايانا التي

سلفت وهوّنت الرزايا الآتيه

وفجائع الأيام تبقى مدة

وتزول ، وهي إلى القيامة باقيه

٣ ـ إقامة ذكرى الحسينعليه‌السلام ومراسم الحزن

يوم عاشوراء

٢٣٩ ـ إقامة ذكرى الحسينعليه‌السلام والحزن عليه :

(المجالس السنيّة للسيد محسن الأمين ، ج ١ ص ٣ و ٤ ط ٣)

يقول العلامة المجتهد السيد محسن الأمين عليه الرحمة والرضوان :

لا يخفى أنه قد قضى العقل والدين باحترام عظماء الرجال أحياء وأمواتا ، وتجديد الذكرى لمن بذل نفسه في أسمى المقاصد وأنفع الغايات. وجرت على ذلك جميع الأمم في كل عصر وزمان.

وإن سيدنا ومولانا الإمام ابن الإمام أخا الإمام أبا الأئمة ، الحسين الشيهد ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أحد ريحانتي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسبطيه وخليفته في أمته ، من أعاظم رجال الإسلام ، بل من أعاظم رجال الكون. فقد جمع

٢٤١

إلى شريف نسبه وكريم عنصره ، وبنوّته لسيد الأنبياء ولسيد الأوصياء وللبضعة الزهراء سيدة النساء صلوات الله عليهم ، أكرم الصفات وأحسن الأخلاق وأعظم الأفعال وأجلّ الفضائل والمناقب ، وقام بما لم يسمع بمثله قبله ولا بعده ، من بذل نفسه وماله وآله في سبيل إحياء الدين وإظهار فضائح المنافقين. وأظهر من إباء الضيم وعزة النفس والشجاعة والبسالة والصبر والثبات ما بهر العقول.

ومصيبته وكيفية شهادتهعليه‌السلام من أفظع ما صدر في الكون ، مع أنه ابن بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي لم يكن على وجه الأرض ابن بنت غيره.

وقد حزن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبكى لتلك المصيبة قبل وقوعها ، وكذلك آله الأئمة الأطهارعليهم‌السلام كانت سيرتهم تجديد الأحزان لذكرى تلك الفاجعة الأليمة ، حتّى قال الإمام الرضاعليه‌السلام : كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا ، وكانت الكآبة تغلب عليه ، حتّى تمضي عشرة أيام منه ، فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه.

وقد ندبواعليهم‌السلام إلى ما ندب إليه العقل ، في حق كل محبّ مع حبيبه ، من الفرح لفرحهم والحزن لحزنهم. واقتدى بهم في ذلك شيعتهم وأولياؤهم ، فجدّدوا ذكرى مصيبة الحسينعليه‌السلام وكيفية شهادته ، التي تكاد أن تفتّت الصخور ، فضلا عن الأكباد والقلوب ، لا سيما في عشرة المحرم التي وقعت فيها تلك المصائب الفادحة.

٢٤٠ ـ حرمة الجرح واللطم المؤذي :

(المصدر السابق)

إلى أن يقولرحمه‌الله : كما أن ما يفعله جملة من الناس ، من جرح أنفسهم بالسيوف أو اللطم المؤدي إلى إيذاء البدن ، إنما هو من تسويلات الشيطان وتزيينه بسوء الأفعال ، فذلك مما يغضب الحسينعليه‌السلام ويبعد عنه ، لا

مما يقرّب إليه. فهوعليه‌السلام قد قتل في سبيل الإحياء لدين جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذه الأعمال مما نهى عنها دين جده ، فكيف يرضى بها ، وتكون مقرّبة إليه تعالى ، والله تعالى لا يطاع من حيث يعصى

وهكذا ما يجري من التمثيل والتشبيه للوقعة ، فإنه في نفسه مشتمل على كثير من المحرّمات ، وموجب لهتك الحرمة ، وفتح باب القدح للذين يحاولونه بما استطاعوا ، فيكون منهيّا عنه بقوله : ولا تكونوا شينا علينا.

٢٤٢

٢٤١ ـ إظهار الحزن والمصيبة يوم العاشر من المحرم :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٣٩)

عن المفيد في (مسارّ الشيعة) قال : وفي العاشر من المحرم قتل الحسينعليه‌السلام ، وجاءت الرواية عن الإمام الصادقعليه‌السلام باجتناب الملاذّ فيه ، وإقامة سنن المصائب ، والإمساك عن الطعام والشراب إلى أن تزول الشمس ، والتغدّي بعد ذلك بما يتغدّى به أصحاب المصائب كالألبان وما أشبهها ، دون اللذيذ من الطعام والشراب.

٢٤٢ ـ إقامة الذكرى والحزن على الحسينعليه‌السلام :

(الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٨)

روى الصدوق مسندا إلى الرضاعليه‌السلام قال : كان أبي صلوات الله عليه وآله ، إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا ، وكانت الكآبة تغلبه حتّى تمضي منه عشرة أيام.فإذا كان يوم العاشر ، كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، وكان يقول هذا اليوم الّذي قتل فيه الحسينعليه‌السلام .

يقول السيد نعمة الله الجزائري : يظهر من هذا الخبر ومما روي بمعناه ، أن ما يفعله عوامنا في عشرة أيام المحرم ، من اجتناب أكثر الملاذّ والتشبه بأهل المصيبة ، في المأكل والملبس ودخول الحمام ، وترك حلق الرأس وغير ذلك ، ليس هو بدعة ، بل هو ثواب جزيل ، واشتراك لأهل البيتعليه‌السلام في مصابهم.

٢٤٣ ـ حديث الإمام الرضاعليه‌السلام لابن شبيب عن يوم العاشر من المحرّم :

(أمالي الصدوق ، ص ١١٢ ط بيروت)

عن الريان بن شبيب ، قال : دخلت على الإمام الرضاعليه‌السلام في أول يوم من المحرم ، فقال لي : يابن شبيب أصائم أنت؟. فقلت : لا. فقال : إن هذا اليوم هو اليوم الّذي دعا فيه زكرياعليه‌السلام ربهعزوجل ، فقال :( رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ ) (٣٨) [آل عمران : ٣٨] فاستجاب الله له ، وأمر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب( أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى ) [آل عمران : ٣٩]. فمن صام هذا اليوم ، ثم دعا اللهعزوجل ، استجاب الله له كما استجاب لزكرياعليه‌السلام .

ـ حرمة شهر المحرم :

ثم قالعليه‌السلام : يابن شبيب ، إن المحرّم هو الشّهر الّذي كان أهل الجاهلية فيما

٢٤٣

مضى يحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته ، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ، ولا حرمة نبيّهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . لقد قتلوا في هذا الشّهر ذريته ، وسبوا نساءه ، وانتهبوا ثقله ، فلا غفر الله لهم ذلك أبدا.

يابن شبيب ، إن كنت باكيا لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإنه ذبح كما يذبح الكبش ، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ، ما لهم في الأرض شبيهون. ولقد بكت السموات السبع والأرضون لقتله. ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره ، فوجدوه قد قتل ، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم ، فيكونون من أنصاره ، وشعارهم : يا لثارات الحسينعليه‌السلام .

يابن شبيب ، لقد حدثني أبي عن أبيه عن جدهعليه‌السلام أنه لما قتل جدي الحسينعليه‌السلام مطرت السماء دما وترابا أحمر.

يابن شبيب ، إن بكيت على الحسينعليه‌السلام حتّى تصير دموعك على خديك ، غفر الله كل ذنب أذنبته ، صغيرا كان أو كبيرا ، قليلا كان أو كثيرا.

يابن شبيب ، إن سرّك أن تلقى اللهعزوجل ولا ذنب عليك ، فزر الحسينعليه‌السلام .

يابن شبيب ، إن سرّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآله ، فالعن قتلة الحسينعليه‌السلام .

يابن شبيب ، إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسينعليه‌السلام فقل متى ما ذكرته : يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما.

يابن شبيب ، إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان ، فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا ، فلو أن رجلا تولّى حجرا لحشره الله معه يوم القيامة.

٢٤٤ ـ حرمة الشهر الحرام ، واستحلال دماء أهل البيتعليهم‌السلام فيه :

(مناقب ابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٣٨ ط نجف)

عن الإمام علي الرضاعليه‌السلام قال : إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرّمون القتال فيه ، فاستحلت فيه دماؤنا ، وهتكت فيه حرمتنا ، وسبيت فيه ذرارينا ونساؤنا ، وأضرمت النيران في مضاربنا ، وانتهب ما فيها من ثقلنا ، ولم ترع لرسول الله حرمة في أمرنا إن يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا وأذلّ عزيزنا. أرض كرب

٢٤٤

وبلاء ، أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فإن البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام.

٢٤٥ ـ الحزن يوم عاشوراء سنّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١٥٠)

من السنّة النبوية إظهار الحزن يوم عاشوراء والبكاء فيه لمصرع أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، وذلك لأمرين :

أولا : لأن في ذلك مواساة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي لو كان حيا لتقبّل من المؤمنين التعازي لمقتل سبطه وريحانته من الدنيا الحسين بن فاطمةعليه‌السلام . وكما قال الشريف الرضي :

لو رسول الله يحيا بعده

جلس اليوم لديه للعزا

بل لو بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة والحسنعليهم‌السلام ، لقعدوا لعزائه والحزن عليه ، وبكوه باللوعة والأسى والدموع والحسرات :

ميّت تبكي له فاطمة

وأبوها وعليّ ذو العلا

ولقد ثبت أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما أخبره جبرئيل بمقتل الحسينعليه‌السلام حزن عليه وجزع ، وأقام المأتم من أجله في مجمع أصحابه ، وبكى عليه الصحابة.

ثانيا : وقد ثبت عن أئمة أهل البيت النبوي ، وهم قدوة المسلمين وأسوتهم ، أنهم أقاموا المآتم في مثل هذا اليوم ، بل في كل وقت. وحزنوا وبكوا لهذه الفاجعة ، وحثّوا أتباعهم على ذلك.

فحري بنا الاقتداء بهم والسير على منوالهم ، لأنهم سفينة نوح من ركبها نجا ، وباب حطّة من دخله كان آمنا ، وأحد الثّقلين من تمسّك بهم لم يضل أبدا.

وكيف لا يحزن المؤمن على إمام الدين وعلم اليقين وقدوة المسلمين ، الّذي قدّم نفسه قربانا للدين ، ودفاعا عن الإسلام والمسلمين ، وحفاظا على الفضيلة واليقين.إذ لو لا تضحية الحسينعليه‌السلام لا نمحت آثار الدين ، وتقوّضت أعمدة اليقين ، واندثرت معالم الإسلام المبين. فكل مسلم اليوم مدين له بالحق والإكرام ، إذ لولاه ما بقي مسلم ولا إسلام.

٢٤٥

اتخاذ بني أميّة يوم عاشوراء يوم عيد وفرح

٢٤٦ ـ اتخاذ يوم عاشوراء يوم عيد وفرح سنّة أموية :

(المصدر السابق ، ص ١٥١)

يقول العلامة الأكبر السيد محسن الأمين :

أما اتخاذ يوم عاشوراء يوم عيد وفرح وسرور ، وإجراء مراسم الأعياد فيه ، من طبخ الحبوب وشراء الألبان ، والاكتحال والزينة ، والتوسعة على العيال ، فهي سنّة أموية حجّاجية ، لا يرضاها الله ولا رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وهي من أقبح البدع وأشنعها.

وقد اختلق بعض علماء السوء وأعوان الظلمة شيئا من الأحاديث في فضل يوم عاشوراء ، وذلك في عهد الملك العضوض ، عداوة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته ، ومراغمة لشيعتهم ومحبيهم ، وتبعهم من تبعهم غفلة عن حقيقة الحال. وكيف يرضى المسلم لنفسه أن يفرح في يوم قتل فيه ابن بنت نبيه ، وفي يوم يحزن فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته.

ولم يكن جعل يوم عاشوراء عيدا معروفا في الديار المصرية إلا بدعة باطلة ، أول من أدخلها صلاح الدين الأيوبي ، كما حكاه المقريزي في خططه. والظاهر أن الباعث عليه كان أمرا سياسيا ، وهو مراغمة العلويين الذين سلبهم صلاح الدين ملكهم ، فقصد إلى محو كل أثر لهم.

٢٤٧ ـ احتفال بني أمية بالأفراح يوم عاشوراء :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٢٦)

في (نفس المهموم) عن أبي الريحان البيروني في (الآثار الباقية) قال : وكانوا يعظّمون هذا اليوم (أي يوم عاشوراء) إلى أن اتفق فيه قتل الحسين بن عليعليه‌السلام وفعل به وبهم ما لم يفعل في جميع الأمم بأشرار الخلق ؛ من القتل بالعطش والسيف والاحراق وصلب الرؤوس وإجراء الخيول على الأجساد ، فتشاءموا به. فأما بنو أمية فقد لبسوا فيه ما تجددوا وتزينوا واكتحلوا وعيّدوا ، وأقاموا الولائم والضيافات وطعموا الحلاوات. وجرى الرسم في العامة على ذلك ، في أيام ملكهم ، وبقي فيهم بعد زواله عنهم.

٢٤٦

وأما الشيعة فإنهم ينوحون ويبكون أسفا لقتل سيد الشهداءعليه‌السلام فيه ، ويظهرون ذلك بمدينة السلام (أي بغداد) وأمثالها من المدن والبلاد ، ويزورون فيه التربة المسعودة بكربلاء. ولذلك كره فيه الشيعة تجديد الأواني والأثاث.

٢٤٨ ـ المحبة الزائفة والتناقض العجيب ، صفة متعصّبي السنة :

(كتاب «التعجب» بذيل كنز الفوائد للكراجكي ، ص ٣٤٨)

يقول الكراجكي : ومن عجيب أمرهم دعواهم محبة أهل البيتعليهم‌السلام مع ما يفعلون يوم المصاب بالحسينعليه‌السلام من المواظبة على البر والصدقة والمحافظة على البذل والنفقة ، والتبرك بشراء ملح السنة ، والتفاخر بالملابس المنتخبة ، والمظاهرة بتطيّب الأبدان ، والمجاهرة بمصافحة الإخوان ، والتوفر على المزاورة والدعوات. واعتذارهم بأنه يوم ليس كالأيام ، وأنه مخصوص بالمناقب العظام.ويدّعون أن اللهعزوجل تاب فيه على آدمعليه‌السلام ، فكيف وجب أن يقضى فيه حق آدم فيتخذ عيدا ، ولم يجز أن يقضى حق سيد الأولين والآخرين محمّد خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مصابه بسبطه وولده وريحانته وقرة عينه ، وبأهله الذين أصيبوا ، وحريمه الذين سبوا وهتكوا!.

ويحكى أن رجلا قال للإمام زين العابدينعليه‌السلام : إنا لنحبّكم أهل البيت.فقالعليه‌السلام : أنتم تحبّون حبّ السّنّورة (أي القطة) ، من شدة حبّها لولدها تأكله!.

٢٤٩ ـ أهل الشام يطبخون الحبوب ويتخذون يوم عاشوراء عيدا لهم :

(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢١٩)

يقول ابن كثير : وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء ، النواصب من أهل الشام ، فكانوا إلى يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ، ويغتسلون ويتطيّبون ويلبسون أفخر ثيابهم ، ويتخذون ذلك اليوم عيدا ، يصنعون فيه أنواع الأطعمة ، ويظهرون السرور والفرح ، يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم.

(أقول) : وبعد أن يعترف ابن كثير بما سبق ، يردّ ردّا شديدا على الذين يقيمون ذكرى مقتل الحسينعليه‌السلام ، وذلك لتعصبه الشديد الّذي فاق تعصّب أهل الشام.ويحضرني في هذا المقام أن أذكر أبيات مهذب الدين أحمد بن منير الطرابلسي في قصيدته (التترية) حيث يقول :

٢٤٧

وحلقت في عشر المحرّ

م ما استطال من الشّعر

ونويت صوم نهاره

وصيام أيام أخر

ولبست فيه أجلّ ثو

ب للملابس يدّخر

وسهرت في طبخ الحبو

ب من العشاء إلى السّحر

وغدوت مكتحلا أصا

فح من لقيت من البشر

ووقفت في وسط الطري

ق أقصّ شارب من عبر

٢٤٩ ـ الاكتحال على الحسينعليه‌السلام :(ذيل الروضتين لابي شامة ، ص ١١)

في سنة ٥٩٣ ه‍ توفي أحمد بن عيسى الهاشمي والد الواثق بالله ، ويعرف بابن الغريق. وكان شاعرا فاضلا ، فمن شعره ما اعتذر به عن الاكتحال يوم عاشوراء ، قال :

لم أكتحل في صباح يوم

أريق فيه دم الحسين

إلا لحزني وذاك أني

سوّدت حتّى بياض عيني

٢٥٠ ـ تحويل بني أمية يوم عاشوراء إلى يوم بركة :

(علل الشرائع للشيخ الصدوق ، ج ١ ص ٢٢٦)

قال عبد الله بن الفضل الهاشمي : فقلت للصادقعليه‌السلام : يابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكيف سمّت العامة يوم عاشوراء يوم بركة؟. فبكىعليه‌السلام ثم قال : لما قتل الحسينعليه‌السلام تقرّب الناس بالشام إلى يزيد ، فوضعوا له الأخبار وأخذوا عليه الجوائز من الأموال. فكان مما وضعوا له أمر هذا اليوم ، وأنه يوم بركة ، ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء والمصيبة والحزن إلى الفرح والسرور والتبرك والاستعداد فيه. حكم الله فيما بيننا وبينهم.

أحاديث موضوعة في فضل يوم عاشوراء

٢٥١ ـ جملة من الأحاديث الموضوعة في فضل يوم عاشوراء :

روى الخوارزمي في مقتله (ج ٢ ص ١ ـ ٤ ط نجف) جملة من الأحاديث التي لا يبعد أن يكون الأمويون قد وضعوها حسب مخططهم في تزييف الحقائق وصرف الناس عن جريمتهم المنكرة في كربلاء. ونحن نسوقها مع تعليق الرواة عليها.

٢٤٨

ـ فضائل يوم عاشوراء :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١ و ٢ ط نجف)

روى شيخ السنّة أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي ، عن ابن عباس (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من صام يوم عاشوراء كتبت له عبادة ستين سنة بصيامها وقيامها.ومن صام يوم عاشوراء كتب له أجر سبع سموات ، ومن أفطر عنده مؤمنا يوم عاشوراء فكأنما أفطر عنده جميع أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن أشبع جائعا يوم عاشوراء رفعت له بكل شعرة من رأسه درجة في الجنة. فقال عمر : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لقد فضّلنا اللهعزوجل في يوم عاشوراء؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نعم ، خلق الله السموات في يوم عاشوراء ، وخلق الكرسي فيه ، وخلق الجبال فيه ، والنجوم كمثله ، وخلق القلم فيه ، واللوح كمثله ، وخلق جبرئيلعليه‌السلام فيه ، وخلق الملائكة كمثله ، وخلق آدم فيه ، وحواء كمثله ، وخلق الجنة فيه ، وأسكن آدم الجنة فيه ، وولد إبراهيم خليل الرحمن في يوم عاشوراء ، ونجّاه الله من النار فيه ، وفداه فيه ، وأغرق فرعون فيه ، ورفع إدريس فيه ، وكشف الله الكرب عن أيوب فيه ، ورفع عيسى بن مريم فيه ، وولد فيه ، وتاب الله على آدم فيه ، وغفر ذنب داود فيه ، وأعطي سليمان ملكه فيه ، وولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه ، واستوى الرب على العرش فيه ، وتقومالقيامة في يوم عاشوراء.

قال شيخ السنة أبوبكر البيهقي : هذا حديث منكر ، وإسناده ضعيف ، وفي متنه ما لا يستقيم ، وهو ما روي فيه من خلق السموات والأرضين والجبال كلها في يوم عاشوراء ، والله يقول :( اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ) [الأعراف : ٥٤]. ومن المحال أن تكون هذه الستة كلها في يوم عاشوراء. فدل ذلك على ضعف هذا الخبر ، والله أعلم.

(أقول) : وقد روي فيه ولادة نبينا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم عاشوراء ، وهذا لم يثبت أبدا ، إذ المجمع عليه ولادتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ربيع الأول.

ولا يبعد أن يكون بنو أمية قد وضعوا مثل هذه الأحاديث ، ليصرفوا الناس عن الحزن في يوم عاشوراء لمصاب الحسينعليه‌السلام . أما ما جاء في أول الحديث من استحباب الصوم فيه ، فإن الصوم عندنا في يوم العاشر غير مستحب ، لكن يستحب الإمساك فيه إلى الظهر تأسّيا بجوع الحسينعليه‌السلام وعطشه ، ثم الإفطار على زاد الحسينعليه‌السلام كما سترى.

٢٤٩

ـ عدم صحة أحاديث فضل يوم عاشوراء :

(أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب لحوت البيروتي ، ص ٢٧٧)

وأما غير ذلك مما اشتهر فعله في يوم عاشوراء ، كالاكتحال والتزيّن باللباس وغيره ، وزيارة العلماء والإخوان ونحو ذلك من الأمور الحسنة ، فلم يصحّ منها شيء ، بل هي من وضع قتلة الحسينعليه‌السلام اتخذوه عيدا ، كما اتخذه الروافض يوم حزن.

وكذا ما يذكر في كتب الترغيب ، أن آدم تاب الله عليه يوم عاشوراء ، ونوحا نجّاه الله يوم عاشوراء ، وإبراهيم نجاه الله من النار يوم عاشوراء ، وأيوب عافاه الله يوم عاشوراء ، ويونس أخرجه الله من بطن الحوت يوم عاشوراء ، ويعقوب اجتمع بيوسف يوم عاشوراء ، والتوراة نزلت يوم عاشوراء ، وما أشبه ذلك من الأخلاط ؛ فكله كذب لا أصل له.

٢٥٢ ـ إخبار ميثم التمّار بشهادة الحسينعليه‌السلام في عشر المحرم ، ومن يتخذه يوم بركة :

(أمالي الصدوق ، ص ١١٠ ط بيروت)

حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر الصدوق ، قال : حدثنا عن جبلة المكية ، قالت : سمعت الميثم التمار يقول : والله لتقتلنّ هذه الأمة ابن نبيّها في المحرم ، لعشر مضين منه ، وليتخذنّ أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة. وإن ذلك لكائن ، قد سبق في علم الله تعالى ذكره. أعلم ذلك بعهد عهده إليّ مولاي أمير المؤمنينعليه‌السلام .ولقد أخبرني أنه يبكي عليه كل شيء ، حتّى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار ، والطير في جوّ السماء. وتبكي عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض ، ومؤمنو الإنس والجن ، وجميع ملائكة السموات ، ورضوان ومالك وحملة العرش. وتمطر السماء دما ورمادا.

ثم قالعليه‌السلام : وجبت لعنة الله على قتلة الحسينعليه‌السلام كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر ، وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.

ـ أخبار مكذوبة :

قالت جبلة : فقلت له : يا ميثم ، وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الّذي يقتل فيه

٢٥٠

الحسين بن عليعليهما‌السلام يوم بركة؟. فبكى ميثم ، ثم قال : سيزعمون بحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدمعليه‌السلام ، وإنما تاب الله على آدم في ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الّذي قبل الله فيه توبة داودعليه‌السلام ، وإنما قبل الله توبته في ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الّذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت ، وإنما أخرجه الله من بطن الحوت في ذي القعدة. ويزعمون أنه اليوم الّذي استوت فيه سفينة نوحعليه‌السلام على الجوديّ ، وإنما استوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الّذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل ، وإنما كان ذلك في شهر ربيع الأول.

ثم قال ميثم : يا جبلة ، اعلمي أن الحسين بن عليعليهما‌السلام سيد الشهداء يوم القيامة ، ولأصحابه على سائر الشهداء درجة.

يا جبلة ، إذا نظرت إلى الشمس حمراء كأنها دم عبيط ، فاعلمي أن سيدك الحسينعليه‌السلام قد قتل.

قالت جبلة : فخرجت ذات يوم فرأيت الشمس على الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة ، فصحت حينئذ وبكيت ، وقلت : قد والله قتل سيدنا الحسين بن عليعليهما‌السلام .

صيام يوم عاشوراء

٢٥٣ ـ هل يجوز صيام يوم عاشوراء؟ :

(البحار ، ج ٤٥ ص ٩٤ ط ٣)

في (الكافي) للكليني حدثنا جعفر بن عيسى ، قال : سألت الرضاعليه‌السلام عن صوم عاشورا ، وما يقول الناس فيه؟ فقال : عن صوم ابن مرجانة تسألني؟ ذلك يوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسينعليه‌السلام . وهو يوم يتشاءم به آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويتشاءم به أهل الإسلام. واليوم الّذي يتشاءم به أهل الإسلام لا يصام ولا يتبرك به.

٢٥٤ ـ هل يصام يوم تاسوعاء ويوم عاشوراء؟ :

(الكافي للكليني : باب صوم عرفة وعاشوراء)

عن أبان عن عبد الملك ، قال : سألت الإمام الصادقعليه‌السلام عن صوم تاسوعا

٢٥١

وعاشورا من شهر المحرم؟ فقال : تاسوعا يوم حوصر فيه الحسينعليه‌السلام وأصحابه بكربلا

ثم قالعليه‌السلام : وأما يوم عاشورا فيوم أصيب فيه الحسينعليه‌السلام صريعا بين أصحابه ، وأصحابه حوله صرعى عراة. أفصوم يكون في ذلك اليوم؟. كلا ورب البيت ما هو يوم صوم ، وما هو إلا يوم حزن ومصيبة ، دخلت على أهل السماء وأهل الأرض وجميع المؤمنين. ويوم فرح وسرور لابن مرجانة وآل زياد وأهل الشام ، غضب الله عليهم وعلى ذرياتهم (يقصد الذين يقلدونهم في ذلك الفرح أو يوافقونهم على عملهم ولا يستنكرونه). وذلك يوم بكت [فيه] جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام. فمن صامه أو تبرك به حشره الله مع آل زياد ، ممسوخ القلب مسخوطا عليه. ومن ادّخر إلى منزله ذخيرة أعقبه الله تعالى نفاقا في قلبه إلى يوم يلقاه ، وانتزع البركة عنه وعن أهل بيته وولده ، وشاركه الشيطان في جميع ذلك.

٢٥٥ ـ الصيام والتبرك في يوم عاشوراء سنّة باطلة :

(أمالي الشيخ الطوسي ، ص ٦١)

عن صفوان ، عن الحسين بن أبي غندر ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال : سألته عن صوم يوم عاشورا؟. فقالعليه‌السلام : ذاك يوم قتل الحسينعليه‌السلام ، فإن كنت شامتا فصم.

ثم قالعليه‌السلام : إن آل أمية ومن أعانهم على قتل الحسينعليه‌السلام من أهل الشام ، نذروا نذرا إن قتل الحسينعليه‌السلام وسلم من خرج إلى الحسينعليه‌السلام وصارت الخلافة في آل أبي سفيان ، أن يتخذوا ذلك اليوم عيدا لهم ، يصومون فيه شكرا.فصارت في آل سفيان سنّة إلى اليوم في الناس ، واقتدى بهم الناس جميعا لذلك.فلذلك يصومونه ، ويدخلون على عيالاتهم وأهاليهم الفرح في ذلك اليوم.

٢٥٦ ـ صوم يوم عاشوراء :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ١ ص ٨٧)

قال ابن وهب للصادقعليه‌السلام : فما قولك في صومه من غير تبييت؟.فقالعليه‌السلام : لا تجعله صوم يوم كامل ، وليكن إفطارك بعد العصر بساعة على شربة من الماء ، فإنه في ذلك الوقت انجلت الهيجاء عن آل الرسولعليهم‌السلام وانكشفت الغمة عنهم. ومنهم ثلاثون قتيلا ، من مواليهم ومن أهل البيتعليهم‌السلام .

٢٥٢

يقول السيد محمّد حسين الطباطبائي في (تفسير الميزان) ج ٢ ص ٩ :

على أن لحوق يوم عاشوراء في وجوب الصوم أو استحبابه ، ككونه عيدا من الأعياد الإسلامية ، مما ابتدعه بنو أمية ، حيث أبادوا فيه ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام ، بقتل رجالهم وسبي نسائهم وذراريهم ونهب أموالهم في وقعة الطف ، ثم تبرّكوا باليوم فاتخذوه عيدا وشرّعوا صومه تبركا به ، ووضعوا له فضائل وبركات ، ودسّوا أحاديث تدل على أنه كان عيدا إسلاميا ، بل من الأعياد العامة التي كانت تعرفه عرب الجاهلية واليهود والنصارى منذ بعث موسى وعيسىعليهما‌السلام ؛ وكل ذلك لم يكن.

٢٥٧ ـ ما يستحب يوم عاشوراء :(أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ١٥٢)

يقول السيد محسن الأمينرحمه‌الله :

ومن السّنّة يوم عاشوراء ترك السعي في الحوائج ، وترك ادخار شيء فيه.

روى الصدوق في (الأمالي) بسنده عن الإمام الرضاعليه‌السلام قال : من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء ، قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة. ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، جعل اللهعزوجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره ، وقرّت بنا في الجنان عينه. ومن سمّى يوم عاشورا يوم بركة ، وادّخر فيه لمنزله شيئا ، لم يبارك له فيما ادخر ، وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد ، إلى أسفل درك من النار.

٤ ـ فلسفة المآتم الحسينية

٢٥٨ ـ فلسفة المآتم الحسينية للفيلسوف الألماني [ماربين] في كتابه (السياسة الإسلامية):

(المجالس الفاخرة للسيد عبد الحسين شرف الدين ، ص ٣٧)

هذا مقتطف من الكلمة المترجمة للمسيو ماربين الألماني ، وقد نشرتها جريدة (حبل المتين) الفارسية في العدد ٨٢ من أعداد سنة ١٧ ، وعرّبها السيد صدر الدين بن السيد إسماعيل الصدر الموسوي ، وقد أخذناها من كتاب السيد عبد الحسين شرف الدين : (المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة) طبع مطبعة العرفان بصيدا ، عام ١٣٣٢ ه‍ :

٢٥٣

(قال) : إن عدم معرفة بعض مؤرخينا بحقيقة الحال ، أوجب أن ينسبوا في كتبهم طريقة إقامة الشيعة لعزاء الحسين إلى الجنون. ولكن جهلوا مقدار تغيير هذه المسألة وتبديلها في الإسلام ، فإنا لم نر في سائر الأقوام ما نراه في شيعة الحسين من الحسّيات السياسية والثورات المذهبية ، بسبب إقامة عزاء الحسين. وكل من أمعن النظر في رقي شيعة علي الذين جعلوا إقامة عزاء الحسين شعارهم في مدة مئة سنة ، يذعن أنهم فازوا بأعظم الرقي ، فإنه لم يكن قبل مئة سنة من شيعة علي والحسين في الهند إلا ما يعدّ على الأصابع ، واليوم هم في الدرجة الثالثة من حيث الجمعية إذا قيسوا بغيرهم ، وكذلك هم في سائر نقاط الأرض. وإذا قسنا دعاتنا مع تلك المصاريف الباهظة والقوة الهائلة ، والشيعة ترى دعاتنا لم يحظوا بعشر ترقّيات هذه الفرقة ، وإن كان قسسنا يحزّنون القلوب بذكر مصائب المسيح ، ولكن لا بذلك الشكل والأسلوب المتداول بين شيعة الحسين ، ويغلب على الظن أن سبب ذلك هو أن مصائب الحسين أشد حزنا وأعظم تأثيرا من مصائب المسيح. فعلى مؤرخينا أن يعرفوا حقيقة رسوم الأغيار وعاداتهم ولا ينسبوها إلى الجنون. وإني أعتقد بأن بقاء القانون الإسلامي وظهور الديانة الإسلامية وترقي المسلمين هو مسبّب عن قتل الحسين ، وحدوث تلك الوقائع المحزنة. وهكذا ما تراه اليوم بين المسلمين من حسن السياسة وإباء الضيم ، ما هو إلا بواسطة عزاء الحسين. وما دامت في المسلمين هذه الملكة والصفة ، لا يقبلون ذلا ولا يدخلون في أسر أحد.

ينبغي لنا أن ندقق النظر فيما يذكر من النكات الدقيقة الحيوية في مجالس إقامة عزاء الحسين ، ولقد حضرت دفعات في المجالس التي يذكر فيها عزاء الحسين في (إسلامبول) مع مترجم ، وسمعتهم يقولون : الحسين الّذي كان إمامنا ومقتدانا ومن تجب طاعته ومتابعته علينا ، لم يتحمل الضيم ولم يدخل في طاعة يزيد ، وجاد بنفسه وعياله وأولاده وأمواله في سبيل حفظ شرفه وعلو حسبه ومقامه ، وفاز في مقابل ذلك بحسن الذكر والصيت في الدنيا والشفاعة يوم القيامة والقرب من الله ، وأعداؤه قد خسروا الدنيا والآخرة. فرأيت بعد ذلك وعلمت أنهم في الحقيقة يدرّس بعضهم علنا ، بأنكم إن كنتم من شيعة الحسين وأصحاب شرف ، إن كنتم تطلبون السيادة والفخر ، فلا تدخلوا في طاعة أمثال يزيد ، ولا تتحملوا الذل ، بل اختاروا الموت بعزّة على الحياة بذلة ، حتّى تفوزوا بحسن الذكر في الدنيا والآخرة وتحظوا بالفلاح.

٢٥٤

من المعلوم حال الأمة التي تلقى عليها أمثال هذه التعاليم من المهد إلى اللحد ، في أي درجة تكون في الملكات العظيمة والسجايا العالية. إنها تحوي كل نوع من أنواع السعادة والشرف ، ويكون جميع أفرادها جندا مدافعين عن عزهم وشرفهم.هذا هو التمدن الحقيقي اليوم هذا هو طريق تعليم الحقوق هذا هو معنى تدريس أصول السياسة.

٢٥٩ ـ الخواطر التي تبعثها فينا ذكرى الحسينعليه‌السلام وشهادته :

(الحسين إمام الشاهدين للدكتور علي شلق ، ص ٧٣)

يقول الدكتور علي الشلق : خلافة الحسين بن عليعليهما‌السلام التي دخلت في التاريخ العربي الاسلامي ، وأصبحت نقطة هامة في مجرى التاريخ الانساني العام ، تثير في ذهن المطّلع احتداما من نوع خاص ، مشوبا بالألم واليأس والاشمئزاز والكبرياء والثورة.

الألم : مشاركة لأولئك الذين يذكرونه ، ويألمون من أعماق الوجدان لألمه ، وألم ذويه.

واليأس : من هذا الانسان في خداعه وزوره وخيانته وهمجيته ، كائنا من كان ، والوصول إلى درجة الانهيار ، قنوطا من أمل في صلاح البشرية.

والاشمئزاز : من إنسان تافه حقير ، يؤازره فريق من صنفه ، فيلطخ جبين الانسانية والشرف ، بالخزي والعار.

والكبرياء : تلك الصفة التي تشمخ على أنوف الأعزاء الأبطال من الناس ، فيتعالون فوق الجرائم ، ويهدفون إلى الأسمى.

والثورة : هذه الوسيلة النبيلة البطولية والطريقة الانسانية الإلهية ، للاندفاع كالبراكين في وجه كل ظالم مهين ، وتحطيم كل حاجز يمنع الإنسان الفرد ، من أن يعيش بكرامة وحرية ، ونظام شريف ، ويمنع الانسانية من أن تتقدم وتستعلي.

٢٦٠ ـ إقامة الذكرى لمقتل الحسينعليه‌السلام والبكاء عليه كل عام :

(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١٢٧ ـ ١٣٠)

يقول العلامة الأكبر السيد محسن الأمين الحسيني العامليرحمه‌الله :

٢٥٥

قد قضى العقل والدين باحترام عظماء الرجال أحياء وأمواتا ، وتجديد الذكرى لوفاتهم وشهادتهم ، وإظهار الحزن عليهم ، لا سيما من بذل نفسه وجاهد حتّى قتل ، لمقصد سام وغاية نبيلة. وقد جرت على ذلك الأمم في كل عصر وزمان ، وجعلته من أفضل أعمالها وأسنى مفاخرها.

فحقيق بالمسلمين بل جميع الأمم ، أن يقيموا الذكرى في كل عام للحسين ابن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، فإنه من عظماء الرجال وأعاظمهم في نفسه ، ومن الطراز الأول. جمع أكرم الصفات وأحسن الأخلاق وأعظم الأفعال وأجلّ الفضائل والمناقب ؛ علما وفضلا ، وزهادة وعبادة ، وشجاعة وسخاء ، وسماحة وفصاحة ، ومكارم أخلاق ، وإباء للضيم ، ومقاومة للظلم. وقد جمع إلى كرم الحسب شرف العنصر والنسب ، فهو أشرف الناس أبا وأمّا وجدا وجدة وعمّا وعمة وخالا وخالة وقد جاهد لنيل أسمى المقاصد وأنبل الغايات ، وقام بما لم يقم بمثله أحد قبله ولا بعده ، فبذل نفسه وماله وآله في سبيل إحياء الدين ، وإظهار فضائح المنافقين ، واختار المنية على الدنيّة ، وميتة العزّ على حياة الذل ، ومصارع الكرام على طاعة اللئام. وأظهر من إباء الضيم وعزّة النفس ، والشجاعة والبسالة ، والصبر والثبات ، ما بهر العقول وحيّر الألباب. واقتدى به في ذلك كل من جاء بعده ، حتّى قال القائل :

وإن الألى بالطف من آل هاشم

تأسّوا فسنّوا للكرام التأسّيا

وحقيق بمن كان كذلك ، أن تقام له الذكرى في كل عام ، وتبكي له العيون دما بدل الدموع. وأي رجل في الكون قام بما قام به الحسينعليه‌السلام ؟.

ـ هل يوم عاشوراء يوم فرح أم يوم ترح؟ :(المصدر السابق ص ١٣٩)

وليس أعجب ممن يتخذ يوم عاشوراء يوم فرح وسرور واكتحال ، وتوسعة على العيال ، لأخبار وضعت في زمن الملك العضوض ، اعترف بوضعها النقّاد ، وسنّة سنّها الحجاج بن يوسف ، عدوّ الله وعدو رسوله. وأي مسلم تطاوعه نفسه أو يساعده قلبه على الفرح في يوم قتل ابن بنت نبيّه؟!. وريحانته وابن وصيه؟. وبما ذا يواجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبماذا يعتذر إليه؟. وهو مع ذلك يدّعي محبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآله!. ومن شروط المحبة ، الفرح لفرح المحبوب ، والحزن لحزنه!.

٢٥٦

أضف إلى ذلك ما يرجوه المسلم الموحّد المقتدي بنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الأجر والثواب يوم الحساب ، على الحزن والبكاء لقتل الحسينعليه‌السلام . فقد نعاه جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أصحابه ، وبكى لقتله قبل وقوعه ، وبكى له أصحابه رضوان الله عليهم وفيهم أبو بكر وعمر ، فيما رواه الماوردي الشافعي في (أعلام النبوة) ، وروته أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، وروي عنهم بالأسانيد الصحيحة. وأخبر بذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام في خروجه إلى صفين ، وبكى وأبكى. وبكى زين العابدينعليه‌السلام على مصيبة أبيه الحسينعليه‌السلام أربعين سنة.

وكان الإمام الصادقعليه‌السلام يبكي لتذكّر مصيبة الحسينعليه‌السلام ويستنشد الشعر في رثائه ويبكي. وكانعليه‌السلام إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا ، وكانت الكآبة تغلب عليه حتّى تمضي عشرة أيام منه ، فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه.

وقال الإمام الرضاعليه‌السلام : إن يوم الحسينعليه‌السلام أقرح جفوننا وأسال دموعنا ، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء.

وقد حثّواعليهم‌السلام شيعتهم وأتباعهم على البكاء وإقامة الذكرى لهذه الفاجعة الأليمة في كل عام. وهم نعم القدوة وخير من اتّبع ، وأفضل من اقتفي أثره ، وأخذت منه سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فهم أحد الثّقلين اللذين أمرنا باتباعهما والتمسك بهما ، ومثل باب حطّة الّذي من دخله كان آمنا ، ومفاتيح باب مدينة العلم الّذي لا تؤتى إلا منه.

٢٦١ ـ كلام السيد علي جلال الحسيني المصري :

(المصدر السابق ، ص ١٣٠)

وقال السيد علي جلال الحسيني المصري المعاصر ، في كلام له في مقدمة (كتاب الحسين) التقطنا منه هذه الكلمات ، وفيها جملة من صفات الحسينعليه‌السلام واستحسان إقامة الذكرى له ، قال :

إن الأمة التي تعنى بسير عظمائها ، ومن امتاز منها بأمر في الدين ، أو تفرّد بعمل من أعمال الدنيا ، وتعرف أخبارهم ؛ تحفظ تاريخ حياتها وتستفيد منه. والسيد الإمام أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وريحانته ، وابن أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ونشأة بيت النبوة ، له أشرف نسب وأكمل نفس ، جمع

٢٥٧

الفضائل ومكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ؛ من علوّ الهمة ومنتهى الشجاعة وأقصى غاية الجود ، وأسرار العلم وفصاحة اللسان ، ونصرة الحق والنهي عن المنكر وجهاد الظلم ، والتواضع عن عزّ ، والعدل والصبر والحلم ، والعفاف والمروءة والورع وغيرها. واختصّ بسلامة الفطرة وجمال الخلقة ، ورجاحة العقل وقوة الجسم. وأضاف إلى هذه المحامد ، كثرة العبادة وأفعال الخير ، كالصلاة والصوم والحج والجهاد في سبيل الله والإحسان. وكان إذا أقام بالمدينة أو غيرها ، مفيدا بعلمه ، مرشدا بعمله ، مهذّبا بكريم أخلاقه ، مؤدّبا ببليغ بيانه ، سخيّا بماله ، متواضعا للفقراء ، معظّما عند الخلفاء ، مواصلا للصدقة على الأيتام والمساكين ، منتصفا للمظلومين ، مستقلا بعبادته.

مشى من المدينة على قدميه إلى مكة حاجّا خمسا وعشرين مرة [المسافة نحو ٥٠٠ كم]. وعاش مدة يقاتل مع أبيه أصحاب الجمل ، فجنود معاوية ، فالخوارج.فكان الحسينعليه‌السلام في وقته علم المهتدين ونور الأرض ، فأخبار حياته فيها هدى للمسترشدين بأنوار محاسنه ، المقتفين آثار فضله.

ولا شك أن الأمة تنفعها ذكرى ما أصابها من الشدائد في زمن بؤسها ، كما يفيدها تذكّر ما كسبته من المآثر أيام عزها. ومقتل الحسينعليه‌السلام من الحوادث العظيمة ، وذكراه نافعة ، وإن كان حديثه يحزن كل مسلم ، ويسخط كل عاقل.

٢٦٢ ـ من الّذي قتل الحسينعليه‌السلام ؟ :(المصدر السابق ، ص ١٣٢)

ثم قال السيد علي جلال الحسيني غفر الله له :

ومن عجيب أمرهعليه‌السلام أن يقتله شيعته ، ثم يجدّدون الحزن عليه في كل بلاد المسلمين كل عام ، من يوم قتله إلى الآن.

فيردّ عليه العلامة الأمين ردّا ساحقا ، فيقول :

حاش لله أن يكون الذين قتلوا الحسينعليه‌السلام هم شيعته ، بل الذين قتلوه ؛ بعضهم خوارج ، وبعضهم أهل طمع لا يرجعون إلى دين ، وبعضهم أجلاف أشرار ، وبعضهم اتّبعوا رؤساءهم ، الذين قادهم حبّ الدنيا إلى قتاله. ولم يكن فيهم من شيعته ومحبيه أحد.

أما شيعته المخلصون ، فكانوا له أنصارا ، وما برحوا حتّى قتلوا دونه ، ونصروه بكل ما في جهدهم إلى آخر ساعة من حياتهم. وكثير منهم لم يتمكن من نصره ، أو لم

٢٥٨

يكن عالما بأن الأمر سينتهي إلى ما انتهى إليه. أما أن أحدا من شيعته ومحبيه قاتله ، فذلك لم يكن.

وهذه هفوة من هذا السيد الّذي أجاد في أكثر ما كتبه عن الحسينعليه‌السلام في كتابه المذكور ، لكنه تبع في هذا الكلام عن سلامة نيّة ، من يريد عيب الشيعة بكل وسيلة ، ويستنكر تجديد الحزن على الحسينعليه‌السلام في كل عام.

٢٦٣ ـ مصرع الحسينعليه‌السلام عظة وقدوة :(المصدر السابق)

ثم قال السيد علي جلال الحسيني ، ولنعم ما قال :

وكما أن حياة الحسينعليه‌السلام منار المهتدين ، فمصرعه عظة المعتبرين وقدوة المستبسلين. ألم تر كيف اضطره نكد الدنيا إلى إيثار الموت على الحياة ، وهو أعظم رجل في وقته ، ولا نظير له في شرقها ولا في غربها. وأبت نفسه الكريمة الضيم ، واختار السّلّة على الذلة ، فكان كما قال فيه أبو نصر بن نباتة :

والحسين الّذي رأى الموت في العزّ

حياة ، والعيش في الذل قتلا

ومع التفاوت الّذي بلغ أقصى ما يتصور بين فئته القليلة وجيش ابن زياد ، في العدد والعدد والمدد ، فقد كان ثباته ورباطة جأشه وشجاعته ، تحيّر الألباب ، ولا عهد للبشر بمثلها. كما كانت دناءة أخصامه لا شبيه لها.

وما سمع منذ خلق الله العالم ولن يسمع حتّى يفنى ، أفظع من ضرب ابن مرجانة من ابن سميّة ، بقضيب ثغر ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورأسه بين يديه ، بعد أن كان سيد الخلقصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلثمه.

٢٦٤ ـ العدل الإلهي في مصير الحسينعليه‌السلام ومصير أعدائه :

(المصدر السابق ، ص ١٣٣)

ومن آثار العدل الإلهي ، قتل عبيد الله بن زياد يوم عاشوراء ، كما قتل الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء ، وأن يبعث برأسه إلى علي بن الحسينعليه‌السلام ، كما بعث برأس الحسينعليه‌السلام إلى ابن زياد.

وهل أمهل يزيد بن معاوية بعد الحسينعليه‌السلام إلا ثلاث سنين أو أقل؟. وأي موعظة أبلغ من أن كل من اشترك في دم الحسينعليه‌السلام اقتصّ الله تعالى منه ، فقتل أو نكب؟. وأي عبرة لأولي الأبصار أعظم من كون ضريح الحسينعليه‌السلام حرما معظما ، وقبر يزيد بن معاوية مزبلة؟!.

٢٥٩

٢٦٥ ـ العناية الإلهية بأهل البيتعليهم‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١٣٤)

وتأمّل عناية الله في البيت النبوي الكريم ، يقتل أبناء الحسينعليهم‌السلام ولا يترك منهم إلا صبي مريض ، أشفى على الهلاك ؛ فيبارك الله في أولاده ، فيكثر عددهم ويعظم شأنهم. والذين قتلوا مع الحسينعليه‌السلام من أهل بيته رجال ما على وجه الأرض يومئذ لهم شبه.

٢٦٦ ـ شتان ما بين الذهب والرغام! :(المصدر السابق)

ثم يقول : وشتان ما السبط الزكي ، والظالم السكّير ، يزيد القرود والطنابير!.وهل يستوي الفاسق الفاجر والعادل الإمام ، وأين الذهب من الرغام؟. لكن اقتضت الحكمة الإلهية سير الحوادث بخلاف ذلك ، وإذا أراد الله أمرا فلا مردّ له.واقتضت أيضا أن يبقى أثر جهاد الحسينعليه‌السلام على مرّ الدهور ، كلما أرهق الناس الظلم ، تذكّره من ندب نفسه لخدمة الأمة ، فلم يحجم عن بذل حياته متى كانت فيه مصلحة لها.

٢٦٧ ـ من الّذي خذل الحسينعليه‌السلام حيّا وميّتا؟ :

(المصدر السابق ، ص ١٣٥)

ثم قال السيد علي جلال الحسيني :

ومن غريب أمر شيعة الحسينعليه‌السلام أنهم خذلوه حيا ونصروه ميّتا ، فإنهم بعد قتله ندموا على ما فرّطوا في حقه ، وسمّوا أنفسهم (التوابين) ، وقاموا لأخذ ثأره ، فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد!.

فردّ عليه العلامة الأمينرحمه‌الله ، قائلا :

وأعجب منهم عموم أمة جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين خذلوه حيا وميّتا ، ولم ينصروه ، ولم يستبينوا الرشد ، لا في ضحى الغد ، ولا في غيره!. فمن خذله حيا ثم ندم وتاب وطلب بثأره ، أحسن حالا ممن خذله وبقي مصرّا على ذنبه ، ولم يتب ولم يندم ، وأقام على طاعة أعداء الله. على أن هؤلاء التوابين أكثرهم لم يكن مخلىّ السّرب (أي حرا طليقا) لينصره ، بل كان محجورا عليه من قبل ابن زياد وأتباعه ، وكان لا يمكنه الوصول إليه إلا بشدة.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735