موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 452606 / تحميل: 5268
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

و في ( عيون ابن قتيبة ) قالت عائشة : خطب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله امرأة من كلب ، فبعثني أنظر إليها فقال لي : كيف رأيت ؟ فقلت : ما رأيت طائلا فقال : لقد رأيت خالا بخدّها أقشعر كلّ شعرة منك على حدها فقالت : ما دونك ستر(١) .

و روى ( سنن أبي داود ) عن أنس أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان عند بعض نسائه ، فأرسلت إحدى امهات المؤمنين مع خادمها قصعة فيها طعام ، فضربت بيدها فكسرت القصعة ، فأخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الكسرتين فضمّ إحداهما إلى الاخرى فجعل يجمع فيها الطعام و يقول : غارت امّكم(٢) .

قلت : و المرسلة للطعام في قصعة كانت صفية بن حيّ بن أخطب و الكاسرة لها عائشة كما صرّح به في خبر رواه بعد و في ذاك الخبر : أخذ عائشة أفكل فكسرت الإناء .

و في ( اسد الغابة ) في عنوان خديجة ، قالت عائشة : كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوما فأدركتني الغيرة فقلت : هل كانت إلاّ عجوزا فقد أبدلك اللَّه خيرا منها فغضب حتى اهتزّ مقدّم شعره من الغضب ، ثم قال : لا و اللَّه ما أبدلني اللَّه خيرا منها ، آمنت بي إذ كفر الناس ، و صدّقتني إذ كذّبني الناس ، و واستني في مالها إذ حرمني الناس ، و رزقني اللَّه منها أولادا إذ حرمني أولاد النساء(٣) .

قلت : و مغزى كلامهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ أباها كان كافرا فيمن كفر و مكذّبا فيمن كذب حين اسلام خديجة ، كما أنّها هي من نسائه اللاتي حرم الولد منهن ، فكيف يدّعون لأبيها تقدم اسلامه .

____________________

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ١٩ كذا أخبار النساء لابن قيم الجوزية : ٩ .

( ٢ ) سنن أبي داود ٣ : ٢٩٧ ح ٣٥٦٧ .

( ٣ ) اسد الغابة لابن الأثير ٥ : ٤٣٨ .

٢٨١

و في ( تفسير القمّي ) في قوله تعالى :( و امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ) (١) كان سبب نزولها أنّ امرأة من الأنصار أتت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و قد تهيّأت و تزيّنت ، فقالت : يا رسول اللَّه هل لك فيّ حاجة فقد وهبت نفسي لك فقالت لها عائشة : قبّحك اللَّه ما أنهمك للرجال فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : مه يا عائشة فإنّها رغبت في رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ زهدتنّ فيه ثم قال : رحمك اللَّه و رحمكم يا معشر الأنصار ، نصرني رجالكم و رغبت فيّ نساؤكم ، إرجعي رحمك اللَّه فإنّي أنتظر أمر اللَّه فأنزل اللَّه تعالى( و امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبيّ أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين ) (٢) فلا تحلّ الهبة إلاّ لرسول اللَّه(٣) .

ثم من المضحك أنّ النووي في شرحه على صحيح مسلم قال بعد ذكر رواية مسلم عن عائشة قالت : قال لي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي لأعلم إذا كنت عنّي راضية و إذا كنت عليّ غضبى قلت : و من أين تعرف ذلك ؟ قال : أمّا إذ كنت عني راضية تقولين : « لا و ربّ محمّد » و إذ كنت غضبى تقولين : « لا و ربّ إبراهيم » .

قلت : أجل و اللَّه لا أهجر إلاّ اسمك .

مغاضبة عائشة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله هي ممّا سبق من الغيرة التي عفي عنها للنساء في كثير من الأحكام كما سبق لعدم انفكاكهن منها ، حتى قال مالك و غيره من علماء المدينة : يسقط عنها الحد إذا قذفت زوجها بالفاحشة على جهة الغيرة ، قال و احتج بما روي ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ما تدري الغيراء أعلى الوادي من أسفله و لو لا ذلك لكان على عائشة في ذلك من الحرج ما فيه ، لأن الغضب على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و هجره كبيرة عظيمة(٤) .

____________________

( ١ ) الأحزاب : ٥٠ .

( ٢ ) الأحزاب : ٥٠ .

( ٣ ) تفسير القمي ٢ : ١٩٥ .

( ٤ ) صحيح مسلم بشرح النووي ١٥ : ٢٠٣ .

٢٨٢

فإنّ إخواننا إنّما عرفوا الحق بالأشخاص ، فاعتقدوا بحسب مذهبهم المتناقض أنّ عائشة صدّيقة ابنة صدّيق .

فاشتروا بذلك قول اللَّه جل و علا :( يا نساء النبي من يأت منكنّ بفاحشة مبيّنة يضاعف لها العذاب ضعفين و كان ذلك على اللَّه يسيرا ) (١) و قوله تعالى فيها و في صاحبتها :( و إن تظاهرا عليه فإنّ اللَّه هو مولاه و جبريل و صالح المؤمنين ) (٢) .

و قوله عزّ اسمه تعريضا بهما كما صرّح به ( الزمخشري )(٣) و رواه ( صحيح مسلم )(٤) :( ضرب اللَّه مثلا للّذين كفروا امرأت نوح و امرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من اللَّه شيئا و قيل ادخلا النّار مع الدّاخلين ) (٥) بثمن قليل ، فكان ضعف العذاب عليها لإتيانها بتلك الفواحش المبيّنة عليهم عسيرا ، و تظاهرها هي و صاحبتها على نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله نسيا منسيا ، و أنّها مع خيانتها تلك الخيانات التي أثبتها التاريخ في الجمل و غير الجمل كان كونها تحت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يغني عنها شيئا .

كما أغمضوا عمّا شاهدوا من أبيها و صاحبه مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالتخلّف عن جيش اسامة الذي لعن المتخلف عنه و منعه من الوصية و نسبة الهجر إليه ، مع قوله تعالى :( و ما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى ) (٦) و مع أهل بيته بإحراقهم لو لم يبايعوا مع قوله تعالى فيهم( إنّما يريد اللَّه ليذهب

____________________

( ١ ) الأحزاب : ٣٠ .

( ٢ ) التحريم : ٤ .

( ٣ ) الكاشف للزمخشري ٤ : ٥٧١ .

( ٤ ) صحيح مسلم ١٥ : ٢٠٣ .

( ٥ ) التحريم : ١٠ .

( ٦ ) النجم : ٣ ٤ .

٢٨٣

 عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا ) (١) .

و لمّا قال بعضهم لأمير المؤمنينعليه‌السلام : إني أعتزلك لاعتزال سعد و ابن عمر لك قالعليه‌السلام له : إنّك تعرف الحقّ بالرجال و الواجب أن تعرف الرجال بالحقّ(٢) .

و كيف تكون غيرتهن عفوا و قد قال أمير المؤمنينعليه‌السلام « غيرتهن كفر » و قال الباقرعليه‌السلام : غيرة النساء الحسد ، و الحسد أصل الكفر ، إنّ النساء إذا غرن غضبن ، و إذا غضبن كفرن إلاّ المسلمات منهنّ(٣) .

و قال الصادقعليه‌السلام : إن اللَّه تعالى لم يجعل الغيرة للنساء ، و إنّما تغار المنكرات منهن ، فأمّا المؤمنات فلا ، إنّما جعل اللَّه الغيرة للرجال(٤) .

فأمّا قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « الغيراء لا تدري أعلى الوادي من أسفله » فبيان حالهن لا دليل جواز عملهن .

و ورد من طريقنا(٥) أيضا هكذا : بينا كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قاعدا إذ جاءت امرأة عريانة حتى قامت بين يديه فقالت : إنّي قد فجرت فطهّرني ، و جاء رجل يعدو في أثرها و ألقى عليها ثوبا ، فقال : ما هي منك ؟ قال : صاحبتي خلوت بجاريتي فصنعت ما ترى فقال : ضمّها إليك ثم قال : ان الغيراء لا تبصر أعلى الوادي من أسفله(٦) .

____________________

( ١ ) الأحزاب : ٣٣ .

( ٢ ) ذكره المفيد في أماليه : ٣ بلفظ : « فإنّك امرؤ ملبوس عليك ، إنّ دين اللَّه لا يعرف بالرجال بل بآية الحق ، فأعرف الحق تعرف أهله .

( ٣ ) الفروع من الكافي للكليني ٥ : ٥٠٥ ، و ذكره الطبرسي في مكارم الأخلاق : ١٢٤ .

( ٤ ) الفروع من الكافي للكليني ٥ : ٥٠٥ ح ٢ .

( ٥ ) من حديث مطول أسنده الطبرسي إلى جابر . لم يأت المؤلف على ذكره بالتفصيل انظر مكارم الأخلاق : ١٢٤ .

( ٦ ) الكافي للكليني ٥ : ٥٠٥ ح ٣ ، و فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٩ : ٣٢٥ .

٢٨٤

و كيف يعفى عنهنّ مع ترتب مفاسد كثيرة على غيرتهن ، فقد روى الكافي أنّ عمر اتي بجارية قد شهدوا عليها أنّها بغت و كان من قصتها أنّها كانت يتيمة عند رجل و كان الرجل كثيرا ما يغيب عن أهله ، فشبّت اليتيمة فتخوّفت المرأة أن يتزوجها زوجها ، فدعت بنسوة حتى أمسكنها فأخذت عذرتها بأصبعها ، فلما قدم زوجها من غيبته رمت المرأة اليتيمة بالفاحشة و أقامت البيّنة من جاراتها اللاّتي ساعدنها على ذلك ، فرفع ذلك إلى عمر فلم يدر كيف يقضي فيها ، ثم قال للرجل : إئت عليّ بن أبي طالب و إذهب بنا إليه .

فأتوهعليه‌السلام و قصوا عليه القصة ، فقالعليه‌السلام لامرأة الرجل : ألك بيّنة أو برهان ؟

قالت : هؤلاء جاراتي يشهدن عليها بما أقول ، و أحضرتهن فأخرج عليعليه‌السلام سيفه من غمده فطرحه بين يديه و أمر بكلّ واحدة منهن فأدخلت بيتا ، ثم دعا امرأة الرجل فأدارها بكل وجه فأبت أن تزول عن قولها ، فردّها إلى البيت الذي كانت فيه و دعا إحدى الشهود و جثا على ركبتيه ثم قال : تعرفيني أنا علي بن أبي طالب و هذا سيفي و قد قالت امرأة الرجل ما قالت و رجعت إلى الحق و أعطيتها الأمان و إن لم تصدقيني لأمكّننّ السيف منك فالتفتت المرأة إلى عمر و قالت : الأمان على الصدق فقال لها علي فاصدقي ، فقالت لا و اللَّه إلاّ أنّها رأت جمالا و هيئة فخافت فساد زوجها فسقتها المسكر و دعتنا فأمسكناها فافتضّتها بأصبعها فقال عليعليه‌السلام : اللَّه أكبر أنا أوّل من فرق بين الشهود إلاّ دانيال النبيعليه‌السلام ، و الزمهن حدّ القاذف و الزمهن جميعا العقر و جعل عقرها أربعمائة درهم ، و أمر بالمرأة أن تنفى من الرجل و يطلقها زوجها ، و زوّجهعليه‌السلام الجارية و ساق المهر عنه .(١) .

و روى أيضا أنّه كان على عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام رجلان متؤاخيان

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٧ : ٤٢٥ ح ٩ .

٢٨٥

في اللَّه عز و جل ، فمات أحدهما و أوصى إلى الآخر في حفظ بنية كانت له ، فحفظها الرجل و أنزلها منزلة ولده في اللطف و الإكرام ، ثم حضره سفر فخرج و أوصى امرأته في الصبية ، فأطال السفر حتى إذا أدركت الصبيّة و كان لها جمال و كان الرجل يكتب في حفظها و التعاهد لها ، فلما رأت ذلك امرأته خافت أن يقدم فيراها قد بلغت مبلغ النساء فيعجبه جمالها فيتزوجها ، فعمدت إليها هي و نسوة معها قد كانت أعدّتهن ، فأمسكنّها لها ثم افترعتها بأصبعها ، فلما قدم الرجل من سفره دعا الجارية ، فأبت أن تجيبه استحياء ممّا صارت إليه ، فألحّ عليها في الدعاء ، كلّ ذلك و هي تأبى أن تجيبه ، فلما أكثر عليها قالت له امرأته : دعها فانّها تستحي أن تأتيك من ذنب أتته ، و رمتها بالفجور ، فاسترجع الرجل ثم قام إلى الجارية فوبّخها و قال لها : ويحك أما علمت ما كنت أصنع بك من الألطاف ، و اللَّه ما كنت أعدّك إلاّ كبعض ولدي أو إخوتي و إن كنت لابنتي ، فما دعاك إلى ما صنعت ؟ فقالت له الجارية : أمّا إذ قيل لك ما قيل فو اللَّه ما فعلت الذي رمتني به امرأتك و لقد كذبت عليّ ، فإنّ القصة لكذا و كذا و وصفت له ما صنعت امرأته بها فأخذ الرجل بيد امرأته و يد الجارية فمضى بهما حتى أجلسهما بين يدي أمير المؤمنينعليه‌السلام و أخبره بالقصة كلّها و أقرّت المرأة بذلك ، و كان الحسنعليه‌السلام بين يدي أبيه فقال له : إقض فيها فقال الحسنعليه‌السلام :

نعم على المرأة الحد لقذفها الجارية و عليها القيامة لافتراعها فقالعليه‌السلام له :

صدقت(١) .

و في ( مناقب السروي ) عن تميم بن خزام الأسدي قال : صبّت امرأة بياض البيض على فراش ضرّتها و قالت لزوجها : قد بات عندها رجل ، ففتّش ثيابها فأصاب ذلك البيض ، فقص ذلك على عمر فهمّ أن يعاقبها فقال أمير

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٧ : ٢٠٧ ح ١٢ .

٢٨٦

المؤمنينعليه‌السلام : إيتوني بماء حار قد اغلي غليانا شديدا ، فلما اتي به أمرهم فصبّوا على الموضع فاشتوى ذلك الموضع ، فرمى به إليها و قال :( إنّه من كيدكن إنّ كيدكن عظيم ) (١) و قالعليه‌السلام لزوجها : أمسك عليك زوجك فإنّها حيلة تلك التي قذفتها ، فضربها الحدّ(٢) .

و في ( معجم أدباء الحموي ) نقلا عن كتاب شعراء ابن المعتزّ : كان الخليل منقطعا إلى الليث بن رافع بن نصر بن سيّار ، و كان الليث من أكتب أهل زمانه بارع الأدب بصيرا بالشعر و الغريب و النحو ، و كان كاتبا للبرامكة و كانوا معجبين به ، فارتحل إليه الخليل و عاشره فوجده بحرا فأغناه ، و أحبّ الخليل أن يهدي إليه هدية تشبهه ، فاجتهد في تصنيف كتاب العين فصنّفه له و خصّه به دون الناس و حبّره و أهداه إليه ، فوقع منه موقعا عظيما و سرّ به و عوّضه عنه مائة ألف درهم و اعتذر إليه ، و أقبل الليث ينظر فيه ليلا و نهارا لا يملّ النظر فيه حتى حفظ نصفه و كانت ابنة عمّه تحته فاشترى عليها جارية نفيسة بمال جليل ، فبلغها ذلك فغارت غيرة شديدة ، فقالت و اللَّه لأغيظنّه و لا ابقي غاية فقالت : إن غظته في المال فذاك ما لا يبالي و لكني أراه مكبّا ليله و نهاره على هذا الدفتر و اللَّه لأفجعنه به ، فأخذت الكتاب و أضرمت نارا و ألقته فيها ، و أقبل الليث إلى منزله و دخل إلى البيت الذي كان فيه الكتاب ، فصاح بخدمه و سألهم عن الكتاب فقالوا : أخذته الحرة ، فبادر إليها و قد علم من أين اتي ، فلما دخل عليها ضحك في وجهها و قال لها : ردّي الكتاب فقد وهبت لك الجارية و حرّمتها على نفسي ، و كانت غضبى فأخذت بيده و أرته رماده ، فسقط في يد الليث فكتب نصفه من حفظه و جمع على الباقي أدباء زمانه و قال

____________________

( ١ ) يوسف : ٢٨ .

( ٢ ) المناقب للسروي ٢ : ٣٦٧ .

٢٨٧

لهم : مثلوا عليه و اجتهدوا ، فعملوا هذا النصف الذي بأيدي الناس ، فهو ليس من تصنيف الخليل و لا يشقّ غباره(١) .

هذا ، و في السير : ضرب البعث على كوفي إلى آذربيجان ، فاقتاد جارية و فرسا و كان مملكا بابنة عمه ، فكتب إليها ليغيرها :

ألا بلغوا ام البنين بأننا

غنينا و أغنتنا الغطارفة المرد

بعيد مناط المنكبين إذا جرى

و بيضاء كالتمثال زيّنها العقد

فهذا لأيّام العدو و هذه

لحاجة نفسي حين ينصرف الجند

فكبت إليه امرأته :

ألا فاقره منّي السّلام و قل له

غنينا و أغنتنا غطارفة المرد

إذا شئت أغناني غلام مرجّل

و نازعته في ماء معتصر الورد

و ان شاء منهم ناشى‏ء مدّ كفّه

إلى عكن ملساء أو كفل نهد

فما كنتم تقضون حاجة أهلكم

شهودا قضيناها على النأي و البعد

فعجّل علينا بالسراح فإنّه

منانا و لا ندعو لك اللَّه بالرد

فلا قفل الجند الذي أنت فيهم

و زادك رب الناس بعدا على بعد

فلما ورد عليه الكتاب لم يزد ان ركب فرسه و أردف الجارية و لحق بها ، فكان أوّل شي‏ء قال لها : تاللَّه هل كنت فاعلة قالت : أنت أحقر من أن أعصي اللَّه فيك ، كيف ذقت طعم الغيرة ، فوهب لها الجارية و انصرف إلى بعثه(٢) .

و في المناقب عن غريب حديث أبي عبيد : جاءت امرأة إلى عليعليه‌السلام و قالت : ان زوجها يأتي جاريتها فقالعليه‌السلام : ان كنت صادقة رجمناه و ان كنت كاذبة جلدناك فقالت : ردوني إلى أهلي غيري نقزة قال أبو عبيد : تعني ان

____________________

( ١ ) معجم الأدباء لياقوت الحموي ١٧ : ٤٥ ، عقلا عن طبقات الشعراء لعبد اللَّه بن المعتز : ٩٧ .

( ٢ ) الابشيهي ، المستطرف في كل فن مستظرف ٢ : ٤٨٧ ٤٨٨ .

٢٨٨

جوفها يغلي من الغيظ و الغيرة(١) .

و في ( المروج ) : ذكر مصعب الزبيري أنّ امّ سلمة بنت يعقوب المخزومي كانت بعد هشام بن عبد الملك عند السفاح ، و كان حلف لها أن لا يتزوّج عليها و لا يتسرّى ، و غلبت عليه غلبة شديدة حتى ما كان يقطع أمرا إلاّ بمشورتها ، حتى أفضت الخلافة إليه فوفى لها بما حلف لها ، فلما كان ذات يوم خلا به خالد ابن صفوان فقال له : إني فكّرت في أمرك و سعة ملكك ، و قد ملكت نفسك امرأة واحدة ، فإن مرضت مرضت و ان غابت غبت و حرمت نفسك التلذّذ باستطراف الجواري و معرفة أخبار حالاتهن و التمتّع بما تشتهي منهنّ ، فإنّ منهن الطويلة الغيداء و منهن الفضة البيضاء ، و منهن العتيقة الأدماء و الدقيقة السمراء و البربرية العجزاء ، من مولدات المدينة تفتن بمحادثتها و تلذّ بخلوتها ، و أين أنت من بنات الأحرار و النظر إلى ما عندهن و حسن الحديث منهن ، و لو رأيت الطويلة البيضاء و السمراء اللعساء و الصفراء العجزاء و المولّدات من البصريات و الكوفيات ، ذوات الألسن العذبة و القدود المهفهفة و الأوساط المخصّرة و الأصداغ المزرفنة ، و العيون المكحلة و الثدي المحقة ، و حسن زيّهن و زينتهن و شكلهن ، لرأيت شيئا حسنا و جعل يجيد في الوصف و يجدّ في الاطناب بحلاوة لفظه وجودة صفته .

فلما فرغ قال له السفاح : و يحك يا خالد ما صكّ مسامعي و اللَّه قطّ كلام أحسن من كلامك ، فأعده علي فقد وقع منّي موقعا ، فأعاد عليه خالد أحسن ممّا ابتدأ ، ثم انصرف و بقي السفاح مفكّرا فيما سمع من خالد ، فدخلت عليه ام سلمة فلما رأته متفكّرا قالت : إنّي لأنكرك ، هل حدث أمر أو أتاك خبر ؟ قال : لم يكن من ذلك شي‏ء قالت : فما قصّتك ؟ فجعل يزوي عنها فلم تزل به حتى

____________________

( ١ ) المناقب لابن شهر آشوب ٢ : ٣٨١ .

٢٨٩

أخبرها بمقالة خالد ، فقالت : فما قلت لابن الفاعلة قال : سبحان اللَّه ينصحني و تشتمينه ، فخرجت من عنده مغضبة و أرسلت إلى خالد من البخارية و معهم من الكافر كوبات ، و أمرتهم أن لا يتركوا منه عضوا صحيحا .

قال خالد : فانصرفت إلى منزلي و أنا على السرور بما رأيت من السفاح و إعجابه بما ألقيته إليه ، و لم أشكّ أنّ صلته تأتيني ، فلم ألبث حتى صار إليّ اولئك البخارية و أنا قاعد على باب داري ، فلما رأيتهم أيقنت بالجائزة واصلة ، حتى وقفوا عليّ فسألوا عني فقلت : ها أنا ذا خالد ، فسبق اليّ أحدهم بهراوة كانت معه ، فلما أهوى بها اليّ و ثبت الى منزلي و أغلقت الباب و استترت ، و مكثت أيّاما على تلك الحال لا أخرج من منزلي ، و وقع في خلدي أنّي أوتيت من قبل امّ سلمة ، و طلبني السفاح طلبا شديدا فلم أشعر ذات يوم إلاّ بقوم هجموا عليّ و قالوا : أجب الخليفة فأيقنت بالموت ، فركبت و ليس عليّ لحم و لا دم ، فلما وصلت إلى الدار أومى اليّ بالجلوس و نظرت فإذا خلف ظهري باب عليه ستور قد ارخيت و حركة خلفها ، فقال السفاح : لم أرك يا خالد منذ ثلاث .

قلت : كنت عليلا قال : ويحك إنّك وصفت لي في آخر دخلة من أمر الناس و الجواري ما لم يخرق مسامعي قط كلام أحسن منه فأعده علي قلت : نعم .

أعلمتك أنّ العرب اشتقت اسم الضرّة من الضر ، و ان أحدهم ما تزوج من النساء أكثر من واحدة إلاّ كان في جهد فقال : ويحك لم يكن هذا في الحديث .

قلت : بلى ، و أخبرتك أنّ الثلاث من النساء كأثافي القدر يغلي عليهن قال : برئت من قرابتي من النبي إن كنت سمعت هذا منك في حديثك قلت : و أخبرتك أنّ الأربعة من النساء شرّ صيح بصاحبه يشنه و يهرمنه و يسقمنه قال : ويلك ما سمعت هذا منك و لا من غيرك قبل هذا قال خالد : بلى قال : ويلك تكذّبني .

قلت : و تريد أن تقتلني قال : مر في حديثك قلت : و أخبرتك ان أبكار الجواري

٢٩٠

رجال و لكن لا خصي لهن .

قال خالد : و سمعت الضحك من وراء الستر قلت : و نعم و أخبرتك أيضا ان بني مخزوم ريحانة قريش و أنت عندك ريحانة من الرياحين و أنت تطمح بعينك إلى حرائر النساء و غيرهن من الاماء .

قال خالد : فقيل لي من وراء الستر صدقت يا عمّاه و برّرت بهذا حديث الخليفة و لكنه بدل و غيّر و نطق عن لسانك بغيره فقال لي السفاح : قاتلك اللَّه و أخزاك و فعل بك و فعل ، فتركته و خرجت و قد أيقنت بالحياة قال : فما شعرت إلاّ برسل ام سلمة قد صاروا إليّ و معهم عشرة آلاف درهم و تخت و برذون و غلام(١) .

و غيرة الرجل التي هي إيمان ، غيرته على ميل امرأته إلى رجل أجنبي ، و أمّا ميلها إلى زوج لها قبل بمعنى مدحها له بصفات ليست في الأخير فيغيّر زوجها فليس بايمان بل من الكفر ، ففي السير كانت مع سعد بن أبي وقاص بالقادسية زوجة له كانت قبل تحت المثنى بن حارثة ، فلما لم تر من سعد إقداما مثل المثنى قالت : و امثنياه و لا مثنى للمسلمين اليوم فلطمها سعد فقالت المرأة : أ غيرة و جبنا فذهبت مثلا(٢) .

٢ الحكمة ( ٢٣٨ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْمَرْأَةُ شَرٌّ كُلُّهَا وَ شَرُّ مَا فِيهَا أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْهَا « المرأة شرّ كلّها » قالوا : كتب بعض الحكماء على باب داره « لا يدخل داري

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٢٦٠ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ .

٢٩١

شرّ » فقال بعض آخر منهم : من أين تدخل امرأتك(١) ؟

و قالوا : تزوّج بعضهم امرأة نحيفة فقيل له في ذلك فقال : اخترت من الشرّ أقلّه(٢) .

و قالوا : رأى بعض الحكماء امرأة غريقة قد احتملها السيل فقال : زادت الكدر كدرا ، و الشر بالشر يهلك(٣) .

و في ( الملل ) : رأى ديو جانس امرأة تحملها الماء فقال : على هذا المعنى جرى المثل « دع الشر يغسله الشر »(٤) .

و رأى نساء يتشاورن فقال : على هذا جرى المثل : « هو ذا الثعبان يستقرض من الأفاعي سمّا » .

و رأى امرأة متزينة في ملعب فقال : هذه لم تخرج لترى و لكن لترى و قالوا : رأى بعضهم جارية تحمل نارا فقال : نار على نار ، و الحامل شر من المحمول و قالوا : رأى حكيم جارية تتعلّم الكتابة ، فقال : يسقى هذا السهم سمّا ليرمي به يوما ما(٥) .

و قالوا : و نظر حكيم إلى امرأة مصلوبة على شجرة ، فقال : ليت كلّ شجرة تحمل مثل هذه الثمرة(٦) .

و قال بعضهم :

ان النساء شياطين خلقن لنا

نعوذ باللَّه من شرّ الشياطين(٧)

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٣٢٥ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ و ١٨ : ١٩٨ ١٩٩ .

( ٣ ) المصدر نفسه .

( ٤ ) الملل و النحل للشهرستاني ٢ : ١٥٢ ، و شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٩٨ .

( ٥ ) الملل و النحل للشهرستاني ٢ : ١٥٢ ، و شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ .

( ٦ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ و ١٨ : ١٩٨ .

( ٧ ) نسبوا هذا البيت إلى عمر بن الخطاب ، قاله عند ما سمع امرأة تقول : ان النساء رياحين خلقن لكم و كلكم يشتهي

٢٩٢

و قال بعضهم في قولهم « بعد الّتي و اللّتيّا » : إن رجلا تزوج امرأة قصيرة و امرأة طويلة ، فلقي منهما شدّة ، فطلّقهما و قال : بعد اللتيا يعني القصيرة و الّتي أي الطويلة لا أتزوج أبدا(١) .

و في ( شعراء ابن قتيبة ) : كان جران العود و الرحال خدنين ، فتزوج كلّ واحد منهما امرأتين ، فلقيا منهما مكروها فقال الأول :

ألا لا تغرنّ امرأ نوفلية

على الرأس بعدي أو ترائب وضّح

و لا فاحم يسقي الدهان كأنّه

أساود يزهاها لعينك أبطح

و أذناب خيل علقت في عقيصة

ترى قرطها من تحتها يتطوّح

جرت يوم جئنا بالركاب نزفّها

عقاب و تشحاج من الطير متيح

فأمّا العقاب فهي منّا عقوبة

و أمّا الغراب فالغريب المطوّح

هي الغول و السعلاة حلقي منهما

مكدّح ما بين التراقي مجرّح

خذا نصف مالي و اتركا لي نصفه

و بينا بذم فالتعزّب أروح

و سمّي جران العود بقوله لامرأتيه :

خذا حذرا يا جارتيّ فإنّني

رأيت جران العود قد كان يصلح

فخوفهما بسير قدّ من صدر جمل مسن ، قال و يتمثل من شعره بقوله :

و لا تأمنوا مكر النساء و أمسكوا

عرى المال عن أبنائهن الأصاغر

فإنّك لم ينذرك أمر تخافه

إذا كنت منه خائفا مثل خابر(٢)

و في القاموس هو عامر بن الحرث و قول الصحاح اسمه المستورد غلط .

شم الرياحين ، راجع أدب الدنيا و الدين للماوردي : ١٥٦ .

____________________

( ١ ) مجمع الأمثال للميداني ١ : ١٢٥ .

( ٢ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ٢٧٥ ٢٧٧ .

٢٩٣

و قال الثاني :

فلا بارك الرحمن في عود أهلها

عشية زفّوها و لا فيك من بكر

و لا الزعفران حين مسّحنها به

و لا الحلي منها حين نيط من النحر

و لا فرش طوهرن من كلّ جانب

كأنّي أطوي فوقهن من الجمر

فيا ليت أنّ الذئب خلّل درعها

و إن كان ذا ناب حديد و ذا ظفر

و جاءوا بها قبل المحاق بليلة

و كان محاقا كلّه آخر الشهر

لقد أصبح الرحّال عنهن صادفا

إلى يوم يلقى اللَّه في آخر العمر(١)

و في ( الاستيعاب ) : كانت عند الأعشى المازني امرأة يقال لها معاذة ، فخرج يمير أهله من هجر ، فهربت امرأته بعده ناشزة عليه ، فعاذت برجل منهم يقال له مطرف ، فجعلها خلف ظهره ، فلما قدم الأعشى لم يجدها في بيته و اخبر أنّها نشزت و عاذت بمطرف ، فأتاه فقال له : يا ابن عم عندك امرأتي فادفعها اليّ فقال : ليست عندي و لو كانت عندي لم أدفعها إليك و كان مطرف أعزّ منه ، فخرج حتى أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و أنشأ يقول :

يا سسّد الناس و ديّان العرب

أشكو إليك ذربة من الذرب(٢)

خرجت أبغيها الطعام في رجب

فخلفتني بنزاع و هرب

اخلفت العهد و ألظت بالذنب

و هنّ شر غالب لمن غلب(٣)

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « و هنّ شر غالب لمن غلب » و كتب إلى مطرف : إدفع إليه امرأته ، فلما قرأ الكتاب قال لمعاذة : هذا كتاب النبي فيك و أنا دافعك إليه فقالت :

خذ لي العهد أن لا يعاقبني فيما صنعت ، فأنشأ يقول :

____________________

( ١ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ١٧٠ .

( ٢ ) الذرب : حدّة اللسان .

( ٣ ) حياة الحيوان للدميري ١ : ٥١٢ .

٢٩٤

لعمرك ما حبّي معاذة بالذي

يغيّره الواشي و لا قدم العهد

و لا سوء ما جاءت به إذ أزلّها

غواة رجال إذ ينادونها بعدي(١)

و في ( الملل ) : قيل للاسكندر : إنّ روشنك امرأتك بنت دارا الملك و هي من أجمل النساء فلو قربتها إلى نفسك قال : أكره أن يقال : غلب الاسكندر دارا ، و غلبت روشنك الاسكندر(٢) .

و قالوا : كان أحمد بن يوسف كاتب المأمون إذا دخل عليه حيّاه بتحية أبرويز الملك : « عشت الدهر ، و نلت المنى ، و حبيت طاعة النساء »(٣) .

و في ( الكافي ) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : إتّقوا من شرار النساء و كونوا من خيارهن على حذر ، و إن أمرنكم بالمعروف فخالفوهنّ كيلا يطمعن في المنكر(٤) .

و عنهعليه‌السلام : في خلاف النساء البركة(٥) .

____________________

( ١ ) ذكر الحكاية ( ابن الأثير ) في اسد الغابة ١ : ١٢٣ ، و لم يذكر ( ابن عبد البر ) في الإستيعاب ١ : ١٤٤ ( المصدر الّذي اعتمده المؤلف ) إلاّ جزءا من الحكاية ، فقد ذكر أبيات الأعشى المازني إمام النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و قول النبي له فقط ، مع تغيير عمّا ذكره المؤلف و الأبيات هي:

يا مالك الناس و ديان العرب

إنّي لقيتف دربة من الذّرب

ذهبت ابضيها الطعام في رجب

فخالفتني بنزاع و هرب

أخلفت العهد و الطّت بالذنب

و هن شر غالب لمن غلب

( ٢ ) الملل و النحل للشهرستاني ٢ : ١٤٧ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٦ : ١٩٥ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٥ : ٥١٧ ح ٥ .

( ٥ ) لفظ الحديث كما رود في بحار الأنوار ١٠٣ : ٢٦٢ ، و جامع أحاديث الشيعة ١٦ : ٨٦ ، عن هارون بن موسى عن محمّد بن علي بن محمّد بن الحسين عن علي بن اسباط عن أبي فضال عن الصادق عن ايائه عن رسول اللَّه أنه قال : شاوروا النساء و خالفوهن فأن خلافهن بركة و قد أورد جمع من المتأخرين هذا الحديث و نسبوه إلى الإمام عليّعليه‌السلام أو إلى الرسول صلّى اللَّه عليه و آله بينما لم يرد في المصادر من نسب هذا القول إلى الإمام عليّعليه‌السلام أمّا نسبته إلى الرسول صلّى اللَّه عليه و آله فقد عجّت و صادر الحديث بذكره في الموضوعات ، من هذه الكتب : ١ السخاوي في المقاصد

٢٩٥

و كل أمر تدبرته امرأة فهو ملعون(١) .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ النساء لا يشاورن في النجوى و لا يطعن في ذوي القربى ، إنّ المرأة إذا أسنّت ذهب خير شطريها و بقي شرهما ، يعقم رحمها و يسوء خلقها و يحتدّ لسانها ، و إن الرّجل إذا أسنّ ذهب شرّ شطريه و بقي خيرهما يؤوب عقله و يستحكم رأيه و يحسن خلقه(٢) .

و عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كان إذا أراد الحرب دعا نساءه فاستشارهن ثم خالفهن(٣) .

و قال طفيل الغنوي :

إنّ النّساء متى ينهين عن خلق

فإنّه واجب لا بدّ مفعول(٤)

و قالوا : قيل لسقراط أيّ السباع أجسر ؟ قال : المرأة(٥) .

قالوا : و مرّت به امرأة فقالت له : ما أقبحك فقال لها : لو لا أنّك من المرايا الحسنة ، و قال عنه : لم أره مرفوعا ، و لكن عن العسكري من احديث حفص بن عثمان بن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر قال : قال عمر : خالفوا النساء فإنّ خلافهن لبركة ( راجع المقاصد الحسنة : ٢٤٨ ح ٥٨٥ ) ٢ أورده المنقي الهندي في كنز العمّال عن ( عمر ) أنه قال : خالفوا النساء فإن خلافهن بركة ( كنز العمّال ٣ : ٤٥١ ) ٣ الزبيري في إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين ٥ : ٣٥٦ ، يقول عنه هكذا اشتهر على الألسنه و ليس بحديث .

٤ ابن عراق الشافعي في تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشيعة الموضوعة ٢ : ٢١٠ ، نسبه إلى عمر بن الخطاب ٥ ( ملا علي القالي في الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ، المعروف بالموضوعات الكبرى : ٢٢٢ ) ذكر قائلا : حديث شاورهن و خالفوهن لم يثبت بهذا المعنى و إن كان له وجه من حيث المعنى .

____________________

( ١ ) في بحار الأنوار ١٠٣ : ٢٢٨ « كل امرى‏ء تدبره امرأة فهو ملعون » .

( ٢ ) من لا يحضره الفقيه للصدوق ٣ : ٤٦٨ ح ٤٦٢١ .

( ٣ ) ذكره المجلسي في مكانين ٩١ : ٢٥٥ و ١٠٣ : ٢٢٨ إلاّ ان أرباب السير ذكروا ان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله استشار ( امّ سلمة ) في صاح الحديبيه ، فقد قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ٥ : ٢٦٥ ٢٦٦ : فلمّا لم يقم منهم ( الأصحاب ) أحد دخل على امّ سلمة فذكر لها ما لقي من الناس ، فقالت امّ سلمة : يا نبي اللَّه ، اتحب ذلك ؟ أخرج و لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بذلك و تدعو حالقك فيحلقك ، فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك ، نحر بدنة ، و دعا حالقه فحلقه ، فلمّا رأوا قاموا فنحروا ، و جعل بعضهم بحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا .

( ٤ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٨ : ١٩٨ .

( ٥ ) المصدر نفسه .

٢٩٦

الصديّة لغمّني ما بان من قبح صورتي فيك(١) .

هذا ، و عن ( ملح النوادر ) كان ذئب ينتاب بعض القرى و يعبث فيها ، فترصّدوه حتى أخذوه ، ثم تشاوروا فيه فقال بعضهم : تقطع يداه و رجلاه و تدقّ أسنانه و يخلع لسانه ، و قال آخر بل يصلب و يرمى بالنبال ، و قال آخر :

توقد نار عظيمة و يلقى فيها ، و قال بعض الممتحنين بالنساء : بل يزوّج و كفى بالتزويج تعذيبا و في هذه القصة قال الشاعر :

رب ذئب أخذوه

و تماروا في عقاب

ثم قالوا زوّجوه

و ذروه في عذاب(٢)

« و شر ما فيها أنّه لا بدّ منها » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : ان إبراهيمعليه‌السلام شكا إلى اللَّه ما يلقى من سوء خلق سارة ، فأوحى إليه : إنّما مثل المرأة مثل الضلع المعوجّ ، إن أقمته كسرته و إن تركته استمتعت فاصبر عليها(٣) و نظم مضمونه من قال :

هي الضلع العوجاء لست تقيمها

ألا إنّ تقويم الضلوع انكسارها(٤)

و في ( البيان ) : سمع أعرابي يقول « اللّهم اغفر لامّ أوفى » قيل له : من امّ أوفى ؟ قال : إمرأتي ، إنّها لحمقاء مرغامة(٥) أكول قامّة(٦) لا تبقي خامّة(٧) ، غير

____________________

( ١ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٨ : ٢٠٠ .

( ٢ ) لم نعثر على الكتاب لا في المطبوعات و لا في المخطوطات ، و يبدو ان المؤلف لم ير الكتاب حيث ذكر ( و عن ) ، و قد ذكر حاجي خليفة الكتاب في كشف الظنون ٢ : ١٨١٧ ، و نسبه إلى الشيخ أبي عبد اللَّه الكاتب .

( ٣ ) الكافي للكليني ٥ : ٥١٣ ح ٢ .

( ٤ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٨ : ١٩٩ .

( ٥ ) المرغامة : المبغضة ليعلها .

( ٦ ) قمّ : أكولة .

( ٧ ) الخامّ : ما تغيّر ريحه من لحم أو لبن .

٢٩٧

أنّها حسناء فلا تفرك و امّ غلمان فلا تترك(١) .

و نظير المرأة في مطلوبيتها مع شدائدها لعدم بدّ منها ، الشيب فرارا من الموت قال الشاعر :

الشيب كره و كره أن يفارقني

فأعجب لشي‏ء على البغضاء مودود(٢)

٣ الحكمة ( ٦١ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْمَرْأَةُ عَقْرَبٌ حُلْوَةُ اَللَّبْسِةِ « المرأة عقرب » في ( اللّسان ) العقرب يكون للذّكر و الانثى ، و الغالب عليه التأنيث ، و يقال للانثى : عقربة و عقرباء ، و العقربان : الذكر منها ، قال إياس بن الأرتّ :

كأنّ مرعى امكم إذ غدت

عقربة يكومها عقربان(٣)

و عقرب بن أبي عقرب كان من تجّار المدينة مشهورا بالمطل ، قال الزبير ابن بكار : عامله الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب فلزم الفضل بيته زمانا فلم يعطه شيئا ، فقال الفضل :

قد تجرت في سوقنا عقرب

لا مرحبا بالعقرب التاجره

كلّ عدو يتّقى مقبلا

و عقرب تخشى من الدابره

إن عادت العقرب عدنا لها

و كانت النعل لها حاضره

____________________

( ١ ) البيان و التبيان للجاحظ ٢ : ٩٥ .

( ٢ ) هو مسلم بن الوليد ذكره النويري ، في نهاية الارب ٢ : ٣٧ .

( ٣ ) لسان العرب لابن منظور ٩ : ٣١٨ .

٢٩٨

كلّ عدوّ كيده في استه

فغير مخشي و لا ضائره(١)

« حلوة اللبسة » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٢) ، و الصواب : ( اللسبة ) كما نقله ( ابن أبي الحديد(٣) و اللسبة من لسب بالفتح ، قال ابن السكيت يقال لسبته العقرب إذا لسعته ، و اما لسب بالكسر فبمعنى لعق ، يقال لسبت العسل أي لعقته(٤) .

و لكون المرأة عقربا حلوة اللسبة قال كثيّر في صاحبته عزّة :

هنيئا مريئا غير داء مخامر

لعزّة من أعراضنا ما استحلّت(٥)

و عن مجنون في صاحبته ليلى :

حلال لليلى شتمنا و انتقاصنا

هنيئا و مغفور لليلى ذنوبها(٦)

و في ( الأغاني ) : قدم الوليد بن عبد الملك مكة فأراد أن يأتي الطائف فقال :

هل من رجل عالم يخبرني عنها قالوا : عمر بن أبي ربيعة قال : لا حاجة لي به ، ثم عاد فسأل فذكروه فقال : هاتوه فأتى و ركب معه ، فجعل يحدّثه ثم حوّل رداءه ليصلحه على نفسه ، فرأى الوليد على ظهره أثرا فقال : ما هذا ؟ قال : كنت عند جارية لي إذ جاءتني جارية برسالة من عند جارية اخرى و جعلت تسارّني بها ، فغارت التي كنت عندها فعضّت منكبي ، فما وجدت ألم عضتها من لذة ما كانت تلك تنفث في اذني حتى بلغت ما ترى و الوليد يضحك(٧) .

____________________

( ١ ) حياة الحيوان للدميري ٢ : ٦١ .

( ٢ ) راجع النسخة المصرية : ٦٧١ رقم ٦٢ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٩٨ رقم ٥٩ .

( ٤ ) ترتيب اصلاح المنطق لابن السكّيت : ٣٣٤ .

( ٥ ) ديوان كثير عزة : ٥٦ .

( ٦ ) ديوان مجنون ليلى : ٣٤ .

( ٧ ) الأغاني للأصفهاني ١ : ١١٢ .

٢٩٩

و قال حجر آكل المرار في هند امرأته :

حلوة العين و الحديث و مرّ

كل شي‏ء أجنّ منها الضمير(١)

و قال أبو العتاهية :

رأيت الهوى جمر الغضا غير أنّه

على جمره في صدر صاحبه حلو(٢)

و في ( الجمهرة ) ( زينب ) اشتقاقه من زنابة العقرب و هي ابرته التي تلذع بها ، فأما زبانيا العقرب فهما قرناها(٣) .

٤ الحكمة ( ٢٣٤ ) و قالعليه‌السلام :

خِيَارُ خِصَالِ اَلنِّسَاءِ شَرُّ خِصَالِ اَلرِّجَالِ اَلزَّهْوُ وَ اَلْجُبْنُ وَ اَلْبُخْلُ فَإِذَا كَانَتِ اَلْمَرْأَةُ مَزْهُوَّةً لَمْ تُمَكِّنْ مِنْ نَفْسِهَا وَ إِذَا كَانَتْ بَخِيلَةً حَفِظَتْ مَالَهَا وَ مَالَ بَعْلِهَا وَ إِذَا كَانَتْ جَبَانَةً فَرِقَتْ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ يَعْرِضُ لَهَا « خيار خصال النساء شرّ خصال الرجال » و ممّا قيل في اختلافهن مع الرجال في غير ما قالعليه‌السلام قول ابن شبرمة : ما رأيت لباسا على رجل أزين من فصاحته ، و لا رأيت لباسا على امرأة أزين من شحم(٤) و لشاعر :

الخال يقبح بالفتى في خدّه

و الخال في خد الفتاة مليح

و الشيب يحسن بالفتى في رأسه

و الشيب في رأس الفتاة قبيح(٥)

الزهو : أي : الكبر و الفخر و كونه من شرار خصال الرجال واضح .

____________________

( ١ ) الأغاني للأصفهاني ١٦ : ٣٥٨ ، كذا ابن قيم الجوزية : ١٤٤ و نسب البيت إلى عمرو الملك .

( ٢ ) الأغاني للأصفهاني ٤ : ٤١ و في نسخة التحقيق ورد العجز بلفظ « على كل حال عند صاحبه حلو » .

( ٣ ) جمهرة اللغة لابن دريد ٣ : ٣٦٥ .

( ٤ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ٣٠ .

( ٥ ) المصدر نفسة ٤ : ٢٢ .

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

الشيعة والخوارج والمنافقين.ولما وصلوا (ساباط المدائن) أراد الحسنعليه‌السلام اختبار جنوده ليكون على بصيرة من أمرهم. فصعد المنبر وخطبهم ، فانفضّ بعضهم يقول : ما نظنه والله يريد إلا صلح معاوية ، كفر والله الحسن. فشدّوا على فسطاطه يريدون قتله ونهبوه. ثم بدر إليه الجرّاح بن سنان الأسدي وقال له : يا حسن ، أشركت كما أشرك أبوك من قبل ، ثم طعنه في فخذه فشقّه حتّى بلغ العظم ، وضربه الحسنعليه‌السلام ، فخرّ كل منهما على الأرض. ثم انقضّ جمع من شيعة الحسنعليه‌السلام على الأسدي فقتلوه. وكتب معاوية إلى جماعة رؤساء القبائل في العراق ، بأنهم إن قتلوا الحسن ولّاهم ولاية في الشام ، وأعطى كل واحد منهم ألف ألف درهم ، فكتبوا له بالسمع والطاعة سرا.

(الشكل ـ ٢) مخطط الطريق الّذي سلكه

الحسنعليه‌السلام من الكوفة إلى ساباط إلى مسكن

٣٢١

وبدأ الحسنعليه‌السلام ينفذ كتائبه لمحاربة جيش الشام. فكان كلما وصلت كتيبة إليه أغراها معاوية بالمال ، فانضمت إليه مع قائدها. حتّى أن ممن فعل ذلك عبيد الله ابن العباس ابن عم الإمام عليعليه‌السلام .

وهكذا خذل أصحاب الحسنعليه‌السلام إمامهم وقائدهم ، حتّى لم يبق معه أكثر من مئتي شخص.

ولقد بلغ تخالف أنصار الحسنعليه‌السلام مبلغه ، فلقد بعث معاوية إلى أربعة من حلفاء الحسنعليه‌السلام أن يقتلوه لقاء مال وولاية وتزويج إحدى بناته ، فبعثوا إلى معاوية يسألونه : أيريد الحسن طيّبا أم ميّتا؟. فبعث معاوية رسائلهم إلى الحسنعليه‌السلام طالبا منه الصلح.

صلح الإمام الحسنعليه‌السلام مع معاوية

٣٢٥ ـ صلح الحسنعليه‌السلام :(المصدر السابق)

ولما استيأس الحسنعليه‌السلام من أصحابه وجد أنه لا مناص من الصلح ، فقبل بالصلح على شروط تكفل بعض حقوق شيعته من أن ينكل بهم [أي معاوية] ، وكان من جملة شروطه أن لا يولّي معاوية أحدا من بعده. فرضي معاوية بكل شروط الصلح ، ثم ضرب بها عرض الحائط ، وذلك حين خطب بأهل العراق قائلا : «ألا وإني كنت منّيت الحسن وأعطيته أشياء ، وجميعها تحت قدمي لا أفي بشيء منها».وبذلك تخلّى معاوية عن كل شيء من كرامته ، حتّى من شهامته العربية في حفظ الوعد والوفاء بالعهد.

٣٢٦ ـ كيف تمّ الصلح :(الإستيعاب لابن حجر العسقلاني ، ج ١ ص ٣٧٠)

لما قتل الإمام عليعليه‌السلام بايع الإمام الحسنعليه‌السلام أكثر من أربعين ألفا على الموت. فبقي نحو سبعة أشهر خليفة بالعراق وما وراءها من خراسان. ثم سار إلى معاوية وسار معاوية إليه ، فلما تراءى الجمعان في موضع يقال له مسكن (انظر الشكل ـ ٢) من أرض السواد بناحية الأنبار ، علم أنه لن تغلب إحدى الفئتين حتّى يذهب أكثر الأخرى.

فكتب إلى معاوية يخبره أنه يصيّر الأمر إليه ، على أن يشترط عليه أن لا يطلب أحدا من أهل المدينة والحجاز ولا أهل العراق بشيء كان في أيام أبيه ، فأجابه معاوية وكاد يطير فرحا.

٣٢٢

واشترط عليه الحسنعليه‌السلام أن يكون له الأمر من بعده ، فالتزم ذلك كله. وكان كما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين».

فقال للحسنعليه‌السلام أحد أصحابه : يا عار المؤمنين!. فقالعليه‌السلام : العار خير من النار.

ولما جاء الحسنعليه‌السلام الكوفة ، قال له أبو عامر سفيان بن أبي ليلى : السلام عليك

يا مذلّ المؤمنين!. فقالعليه‌السلام : لا تقل يا أبا عامر ، فإني لم أذلّ المؤمنين ، ولكن كرهت أن أقتلهم في طلب الملك.

وكان توقيع الصلح في النصف من جمادى الأولى سنة ٤١ ه‍ ، فبايع الناس معاوية حينئذ ، ومعاوية ابن ست وستين إلا شهرين. وسمي ذلك العام عام الجماعة.

٣٢٧ ـ رأي الحسنعليه‌السلام في أهل الكوفة :

(التنبيه والإشراف للمسعودي ، ص ٢٦)

قال الإمام الحسنعليه‌السلام بعد توقيع الصلح : إني رأيت أهل الكوفة قوما لا يوثق بهم ، وما اغترّ بهم إلا من ذلّ ، ليس أحد منهم يوافق رأي الآخر وأهلها هم الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا.

٣٢٨ ـ بنود وثيقة الصلح :

(الإمام الحسين يوم عاشوراء ، طبع مؤسسة البلاغ ، ص ١٨)

وكان من بنود وثيقة الصلح بين الإمام الحسنعليه‌السلام ومعاوية :

١ ـ هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام معاوية بن أبي سفيان ، صالحه على أن يسلّم إليه ولاية المسلمين ، على أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين المهتدين. وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد لأحد من بعده عهدا.

٢ ـ على أن تكون الخلافة للحسنعليه‌السلام من بعده ، فإن حدث فيه حدث فلأخيه الحسينعليه‌السلام .

٣ ـ كتبت الصحيفة وأقرت من قبل الطرفين.

٣٢٣

وما أن انتهى أمر الإقرار بها حتّى وقف معاوية وسط أصحابه ، ثم قال : ألا وإني كنت قد منّيت الحسن أشياء ، وأعطيته أشياء ، وجميعها تحت قدمي ، لا أفي بشيء منها له.

٣٢٩ ـ لماذا صالح الإمام الحسنعليه‌السلام ؟ صالح لحقن دماء المسلمين :

(الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري ، ص ٢٢٠)

دخل علي بن محمّد بن بشير الهمداني على الإمام الحسنعليه‌السلام فقال له :السلام عليك يا مذلّ المؤمنين!. فقالعليه‌السلام : وعليك السلام اجلس ، لست مذلّ المؤمنين ، ولكني معزّهم ، ما أردت بمصالحتي معاوية إلا أن أدفع عنكم القتل ، عند ما رأيت من تباطؤ أصحابي عن الحرب ، ونكولهم عن القتال. ووالله لئن سرنا إليهم بالجبال والشجر ما كان بدّ من إفضاء هذا الأمر إليه.

قال : ثم خرجنا من عنده ، ودخلنا على الحسينعليه‌السلام فأخبرناه بما ردّ علينا ، فقالعليه‌السلام : صدق أبو محمد ، فليكن كل رجل منكم حلسا من أحلاس بيته (أي يظل ساكنا لا يتحرك كالحلس وهو البساط الملقى في بيته) ، مادام هذا الإنسان حيا [يعني معاوية].

٣٣٠ ـ من كلام للحسينعليه‌السلام في أصحابه بعد إجراء الصلح :

(مقتل الحسين لأبي مخنف ، ص ٣)

ثم قال الحسينعليه‌السلام : الحمد لله كما هو أهله ، إن أمر الله كان مفعولا ، وإن أمر الله كان قدرا مقدورا ، إنه كان أمرا مقضيا. والله لو اجتمعت الإنس والجن على الّذي كان أن لا يكون لما استطاعوا. والله لقد كنت طيّب النفس بالموت ، حتّى عزم عليّ أخي الحسنعليه‌السلام وناشدني الله أن لا أنفذ أمرا ولا أحرّك ساكنا ، فأطعته وكأنما يجدع جادع أنفي بالسكاكين أو يشرح لحمي بالمناشير. فأطعته كرها ، وقد قال الله تعالى :( وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (٢١٦) [البقرة : ٢١٦]. والآن كان صلحا وكانت بيعة ، ولننظر مادام هذا الرجل (أي معاوية) حيا ، فإذا مات نظرنا ونظرتم ، فقلنا : والله يا أبا عبد الله ما نحزن إلا لكم ، أن تضاموا في حقكم ، ونحن أنصاركم ومحبوكم ، فمتى دعوتمونا أجبناكم ومتى أمرتمونا أطعناكم.

٣٢٤

٣٣١ ـ معاوية يطلب من الإمام الحسنعليه‌السلام أن يخطب في الكوفة إبّان الصلح:

(الإستيعاب لابن حجر العسقلاني ، ج ١ ص ٢٧٣)

ثم قدم معاوية الكوفة بعد الصلح ، فطلب من الحسنعليه‌السلام أن يصعد المنبر ويخطب ، وقال له : قم يا حسن فكلّم الناس بما جرى بيننا.

فقام الحسنعليه‌السلام فتشهد وحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال في بديهته : أما بعد ، فإن الله هداكم بأولنا ، وحقن دماءكم بآخرنا (ونحن أهل بيت نبيكم ، أذهب الله عنا الرجس وطهّرنا تطهيرا). وإن لهذا الأمر مدة والدنيا دول ، وإن اللهعزوجل يقول :( وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ (١٠٩)إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ (١١٠)وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ ) (١١١) [الأنبياء : ١٠٩ ـ ١١١].

فضجّ الناس بالبكاء.

٣٣٢ ـ الإمام الحسنعليه‌السلام يكشف حقيقة معاوية وعمرو بن العاص :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٠٨ ط نجف)

قال أهل السير : ولما سلّم الحسنعليه‌السلام الأمر إلى معاوية ، أقام يتجهز إلى المدينة. فاجتمع إلى معاوية رهط من شيعته ، منهم عمرو بن العاص والوليد بن عقبة [وهو أخو عثمان بن عفان لأمه]. وقالوا : نريد أن تحضر الحسنعليه‌السلام على سبيل الزيارة ، لتخجله قبل مسيره إلى المدينة. فنهاهم معاوية ، وقال : إنه ألسن بني هاشم. فألحّوا عليه ، فأرسل إلى الحسن فاستزاره.

فلما حضرعليه‌السلام شرعوا فتناولوا علياعليه‌السلام ، والحسن ساكت.

فلما فرغوا ، حمد الحسن الله وأثنى عليه وصلى على رسوله محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم قال : إن الّذي أشرتم إليه (أي عليعليه‌السلام ) قد صلّى إلى القبلتين ، وبايع البيعتين ، وأنتم بالجميع مشركون ، وبما أنزل الله على نبيه كافرون. وإنه حرّم على نفسه الشهوات ، وامتنع عن الملذات ، حتّى أنزل الله فيه :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا ) [المائدة : ٨٧]. وأنت يا معاوية ممن قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقه : «اللهم لا تشبعه ، أو لا أشبع الله بطنك «(أخرجه مسلم عن ابن عباس). وبات أمير المؤمنينعليه‌السلام يحرس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المشركين وفداه بنفسه ليلة الهجرة ، حتّى أنزل الله فيه :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ

٣٢٥

مَرْضاتِ ) [البقرة : ٢٠٧]. ووصفه الله بالإيمان فقال :( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) [المائدة : ٥٥] والمراد به أمير المؤمنين. وقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«أنت مني بمنزلة هرون من موسى ، وأنت أخي في الدنيا والآخرة».

وأنت يا معاوية ، نظر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليك يوم الأحزاب ، فرأى أباك على جمل يحرّض الناس على قتاله ، وأخوك يقود الجمل ، وأنت تسوقه ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لعن الله الراكب والقائد والسائق». وما قابله أبوك في موطن إلا ولعنه ، وكنت معه.

ولّاك عمر الشام فخنته ، ثم ولّاك عثمان فتربصت عليه. وأنت الّذي كنت تنهى أباك عن الإسلام ، حتّى قلت مخاطبا له :

يا صخر لا تسلمن طوعا فتفضحنا

بعد الذين ببدر أصبحوا مزقا

لا تركننّ إلى أمر تقلّدنا

والراقصات بنعمان به الحرقا

وكنت يوم بدر وأحد والخندق والمشاهد كلها تقاتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد علّمت المسلمين الّذي ولدت عليه.

توضيح (١) : قال الأصمعي وهشام الكلبي في كتابه المسمى (بالمثالب) : إن معاوية كان يقال إنه من أربعة من قريش : عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي ، ومسافر بن أبي عمرو ، وأبي سفيان ، والعباس بن عبد المطلب. وهؤلاء كانوا ندماء أبي سفيان. وكان كل منهم يتّهم بهند (أم معاوية).

ثم التفت الحسنعليه‌السلام إلى عمرو بن العاص وقال : أما أنت يابن النابغة (أمه النابغة ، كانت أمة فسبيت ، فاشتراها عبد الله بن جدعان ، فكانت بغيّا كما سترى) فادّعاك خمسة من قريش ، غلب عليك ألأمهم وهو العاص ، وولدت على فراش مشرك ، وفيك نزل قوله تعالى :( إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) (٣) [الكوثر : ٣]. وكنت عدوّ الله وعدوّ رسوله وعدوّ المسلمين ثم نفض الحسنعليه‌السلام ثوبه وقام.

توضيح (٢) : وذكر الكلبي أيضا في كتاب (المثالب) قال كانت النابغة أم عمرو بن العاص من البغايا أصحاب الرايات بمكة ، فوقع عليها العاص بن وائل في عدة من قريش ، منهم أبو لهب ، وأمية بن خلف ، وهشام بن المغيرة ، وأبو سفيان ، في طهر واحد.

٣٢٦

ثم قال الكلبي : وكان الزناة الذين اشتهروا بمكة جماعة منهم هؤلاء المذكورون فلما حملت النابغة [بعمرو] تكلموا فيه ، فلما وضعته اختصم فيه الخمسة الذين ذكرناهم ، كل واحد يزعم أنه ولده. وأكبّ عليه العاص بن وائل وأبو سفيان بن حرب ، كل واحد يقول : والله إنه مني. فحكمّا أمه النابغة ، فاختارت العاص ، فقالت : هو منه. فقيل لها : ما حملك على هذا ، وأبو سفيان أشرف من العاص؟. فقالت : هو كما قلتم ، إلا أنه رجل شحيح ، والعاص جواد ينفق على بناتي.

وسيأتي فصل في آخر الموسوعة عن أنساب هؤلاء الفجّار فالتمسوه في محله ، فهم كلهم من شجرة واحدة ، اجتثّت من باطن الأرض مالها من قرار.

٣٢٧

الفصل العاشر

حكم معاوية بن أبي سفيان

تعريف بالفصل :

نبدأ الفصل بترجمة لمعاوية ، وبعض أقوال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه ، وتحامل أهل الشام على العلامة النّسائي. ثم ننتقل إلى بيان حكم بني أمية ، وهو الّذي عبّر عنه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالملك العضوض (أي فيه عسف وظلم يعضّ الناس) وإخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم به ، وكذلك إخبار الإمام عليعليه‌السلام به وتبشيره بسرعة زواله. ثم نستعرض بعض سمات الحكم الأموي الّذي انحرف عن الإسلام بفرضه مبدأ الملكية الوراثية ، وإثارته العصبيات الجاهلية ، وبعض أعمال بني أمية المنكرة ، كمحاولة معاوية نقل منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الشام ، وكمحاولة عبد الملك بن مروان تحويل المسلمين عن مكة إلى القدس.

ثم نرجع إلى معاوية لنفصّل في بعض هناته وموبقاته ؛ مثل توليته للأشرار ، وادّعائه زياد بن عبيد ، وقتله حجر بن عديّ ، وأمره بسبّ الإمام عليعليه‌السلام على منابر الإسلام. وننهي الفصل بأسوأ أعماله ومنكراته ، وهي سمّه للإمام الحسنعليه‌السلام ، ثم توليته يزيد اللعين خليفة على المسلمين. ودور مروان بن الحكم في مساندة هذا النظام الجائر ، لتهديم صرح الإسلام وإسقاط نظامه وعقائده.

٣٣٣ ـ ترجمة معاوية :

(التنبيه والإشراف للمسعودي ، ص ٢٦١)

هو معاوية بن أبي سفيان (صخر) بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.

ولد بمكة قبل الهجرة بخمس عشرة سنة. وفي يوم فتح مكة كان عمره ٢٣ سنة ، وفي ذلك اليوم دخل في الإسلام مع من أسلم من أهل مكة ، قبل وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثلاث سنين.

٣٢٨

قال المسعودي : بويع لمعاوية في شهر ربيع الأول سنة ٤١ ه‍. وتوفي بدمشق في رجب سنة ٦٠ ه‍ وله ثمانون سنة. ودفن بدمشق في الموضع المعروف بباب الصغير. وقيل : بل في الدار المعروفة بدمشق (بالخضراء) وهي إلى هذا الوقت في قبلة المسجد الجامع ، وفيها الشرطة والحبوس. وكان بها ينزل معاوية ومن ولي الأمر بعده من بني أمية. وأن الّذي في مقبرة باب الصغير هو قبر معاوية بن يزيد.وكانت خلافة معاوية تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر وأياما.

وقال اليافعي في (مرآة الجنان) ج ١ ص ١٣١ ط ١ : ولي معاوية الشام لعمر وعثمان عشرين سنة ، ثم ولي الملك بعد عليعليه‌السلام عشرين سنة أخرى ، فيكون المجموع أربعين سنة.

٣٣٤ ـ صفة معاوية :

(النجوم الزاهرة لابن تغري بردي ، ص ١٥٤)

قال الذهبي : وكان معاوية رجلا طويلا أبيض جميلا مهيلا (أي مخوفا لهيبته).إذا ضحك انقلبت شفته العليا. وكان يخضب بالصفرة.

وقال المسعودي في (التنبيه والإشراف) ص ٢٦١ :

وكان طويلا مسمّنا أبيض ، كبير العجيزة ، قصير الهامة ، جهم الوجه ، جاحظ العينين ، عريض الصدر ، وافر اللحية ، يخضب بالحناء والكتم.

وكان داهية ذا مكر ، وذا رأي وحزم في أمر دنياه. إذا رأى الفرصة لم يبق ولم يتوقف ، وإذا خاف الأمر دارى عنه ، وإذا خصم في مقال ناضل عنه ، وقطع الكلام على مناظره.

وكان صاحب أمره سرجون الرومي ، ومن كتّابه عبد الملك بن مروان.

وقال الشعبي : دهاة العرب أربعة : معاوية للأناة ، وعمرو بن العاص للمعضلات ، والمغيرة للبديهة ، وزياد ابن أبيه للصغير والكبير.

وتوفي عمرو بن العاص سنة ٤٣ ه‍ قبل معاوية ، وله تسعون سنة.

(انتهى كلام المسعودي).

٣٣٥ ـ قصة شريك بن الأعور ، ومعنى معاوية :

(أسرار البلاغة للشيخ البهائي ، ص ٤٨)

كان شريك بن الأعور من أصحاب الإمام عليعليه‌السلام في البصرة ، أصيبت عينه

٣٢٩

في صفين. دخل على معاوية وهو يختال في مشيته. وكان شجاعا مع دمامة (أي بشاعة الخلقة). فداعبه معاوية وقال : ويلك ، أنت شريك وما لله شريك ، وأبوك أعور والصحيح خير من الأعور ، وأنت دميم والوسيم خير من الدميم. فلم سوّدك قومك عليهم؟!.

فقال شريك : وأنت معاوية ، وما معاوية إلا كلبة عوت فاستعوت فسمّيت معاوية ، وأبوك صخر والسهل خير من الصخر ، وجدك حرب والسلم خير من الحرب ، وإنك ابن أميّة ، وما أمية إلا أمة صغّرت فسمّيت أميّة. فبم صرت أمير المؤمنين؟!.

فتبسم معاوية غيظا وقال : أقسمت عليك إلا خرجت عني. فخرج ولم يدخل بعدها إليه.

٣٣٦ ـ جواب سليط :

(تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ١٩٩ ط مصر)

وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن عمير ، قال : قدم جارية بن قدامة السعدي على معاوية. فقال : من أنت؟. قال : جارية بن قدامة. قال : وما عسيت أن تكون ، هل أنت إلا نحلة؟!. قال : لا تقل ، فقد شبّهتني بها حامية اللسعة ، حلوة البصاق. والله ما معاوية إلا كلبة تعاوي الكلاب!. وما أميّة إلا تصغير أمة!.

٣٣٧ ـ خبر أروى بنت الحارث الهاشمية تعدد مثالب معاوية :

(تاريخ أبي الفداء ، ج ٢ ص ٠٠٠)

ومما يحكى عن حلم معاوية من تاريخ القاضي جمال الدين بن واصل ، أن أروى بنت الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ، دخلت على معاوية (وقد قدم المدينة) وهي عجوز كبيرة. فقال لها معاوية : مرحبا بك يا خالة ، كيف أنت؟. فقالت : بخير يابن أختي. لقد كفرت النعمة ، وأسأت لابن عمك الصحبة ، وتسمّيت بغير اسمك ، وأخذت غير حقك. وكنا أهل البيت أعظم الناس في هذا الدين البلاء ، حتّى قبض الله نبيّه ، مشكورا سعيه ، مرفوعا منزلته ، فوثبت علينا بعده تيم وعديّ وأمية ، فابتزّونا حقنا ، وولّيتم علينا ، فكنا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون ، وكان علي بن أبي طالب (فيكم) بعد نبينا بمنزلة هرون من موسى (غايتنا الجنة وغايتكم النار).

٣٣٠

فقال لها عمرو بن العاص : كفيّ أيتها العجوز الضالة ، واقصري عن قولك مع ذهاب عقلك. فقالت : وأنت يابن الباغية تتكلم!. وأمك كانت أشهر بغيّ بمكة!.وأرخصهن أجرة!. وادّعاك خمسة من قريش ، فسئلت أمك عنهم ، فقالت : كلهم أتاني ، فانظروا أشبههم به فألحقوه به ، فغلب عليك شبه العاص بن وائل ، فألحقوك به.

(وفي المنتخب للطريحي ، ج ٢ ص ٧٩) : وقال مروان بن الحكم : كفّي أيتها العجوز واقصدي لما جئت له. فقالت : وأنت يابن الزرقاء تتكلم!. والله أنت ببشير مولى ابن كلدة أشبه منك بالحكم بن العاص ، وقد رأيت الحكم سبط الشعر مديد القامة ، وما بينكما قرابة إلا كقرابة الفرس الضامر من الأتان المقرف ، فأسأل عما أخبرتك به أمّك ، فإنها ستخبرك بذلك.

فقال لها معاوية : عفا الله عما سلف!.

٣٣٨ ـ أصل معاوية :

دخل عقيل يوما على معاوية ، فقال له معاوية : حدّثنا عما سبق ، فإنك نسّابة.فقال عقيل : أتعرف (حمامة)؟. قال : وما حمامة؟. فهرب عقيل من المجلس دون أن يجيبه فبعث معاوية وراءه ، ورجاه أن يبيّن له من حمامة؟. فقال : هل تعطيني الأمان؟. قال : أعطيتك. قال : إنها جدتك ، وكانت في الجاهلية تنصب راية للعرب ولغير العرب.

أما أم معاوية فهي هند بنت عتبة ، وقد كانت أيضا صاحبة راية في الجاهلية.ومما يؤكد ذلك أن النساء لما جئن بعد فتح مكة يعرضن إسلامهن على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المدينة ، شرط عليهن شروطا ، منها (ولا يزنين). فقالت هند : أوتزني الحرة يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ! فضحك عمر بن الخطاب وكان في المجلس. وذلك أنه كانت له معها حادثة ، هو والعباس ورجلان آخران.

أما (ميسون) أم يزيد ، فلما تزوج بها معاوية ، كان خادمه قد فضّها قبله بأسبوع ، وبعد حين ولدت له يزيد. وهي نصرانية من بني كلب.

وسوف نتكلم بالتفصيل في نسب مثلث الرجس (يزيد ـ ابن زياد ـ عمر بن سعد) في الجزء الثاني من الموسوعة ، مباشرة بعد فصل استشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام ، انطلاقا من المبدأ القائل : لا يقتل الحسينعليه‌السلام إلا ابن زنا.

٣٣١

٣٣٩ ـ نساء معاوية :(الكامل لابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٥٠)

فمنهن فاختة ابنة قرظة ، فولدت له عبد الرحمن ، فكنّي به.

ومنهن ميسون بنت بجدل بن أنيف الكلبية ، أم يزيد.

٣٤٠ ـ أولاد معاوية :

له من الذكور : عبد الرحمن ويزيد. ومن الإناث : هند ورملة وصفية وعائشة.

٣٤١ ـ بعض الأحاديث المأثورة في معاوية :

في (المنتخب) للطريحي ، ص ١٥ ط ٢ :

حكى عبد الله بن عمر قال : أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في مسجده ، فسمعته يقول لجلسائه : الآن يطلع عليكم رجل ، يموت على غير سنّتي. فما استتم كلامه ، إذ طلع معاوية وجلس معنا في المسجد. فقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخطب ، فأخذ معاوية بيد [أخيه] يزيد ، وخرج ولم يسمع الخطبة. فلما رآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خارجا مع [أخيه] قال : «لعن الله القائد والمقود».

وفي (مجمع الزوائد) للهيثمي ، ج ٥ ص ٢٤١ :

روى ابن حجر : كما في (مجمع الزوائد) عن مسند أبي يعلى والبزاز ، وفي (الصواعق المحرقة) ص ١٣٢ عن مسند الروياني عن أبي الدرداء ، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :«أول من يبدّل سنّتي رجل من بني أمية ، يقال له يزيد».

وفي (تاريخ الطبري) ، ج ١١ ص ٣٥٧ ـ حوادث سنة ٢٨٤ ه‍ ؛ وكتاب (صفين) لنصر بن مزاحم ، ص ٢٤٧ ط مصر ؛ و (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ١١٥ ط إيران ؛ أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى أبا سفيان على جمل وابنه يزيد يقوده ، ومعاوية يسوقه ، فقال : «لعن الله الراكب والقائد والسائق».

وفي (تهذيب التهذيب) لابن حجر ، ج ١ ص ٤٢٨ ؛ و (تاريخ الطبري) ج ١١ ص ٣٥٧ ؛ و (شرح النهج لابن أبي الحديد) ج ١ ص ٢٤٨ ؛ و (اللآلىء المصنوعة) للسيوطي ، ج ١ ص ٣٢٠ ؛ و (ميزان الاعتدال) للذهبي ، ج ١ ص ٢٦٨ ط مصر ؛ و (سير أعلام النبلاء) للذهبي ، ج ٣ ص ٩٩ ؛ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه».

وفي (اللهوف) ص ١٣ ؛ و (مثير الأحزان) لابن نما ، ص ١٠ : قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

٣٣٢

«الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان ، الطلقاء وأبناء الطلقاء ، فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه».

٣٤٢ ـ كيف توفي العلامة النّسائي شهيدا في دمشق :

النّسائي هو أبو عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب ، أحد كبار المحدثين من العامة ، صاحب كتاب (الخصائص) ، وكتاب (السنن) أحد الصحاح الستة عند السنة.

قال الذهبي في (سير أعلام النبلاء) ج ١٤ ص ١٣٣ :

ولم يكن أحد في رأس الثلاثمائة أحفظ من النّسائي ، وهو أحذق بالحديث ورجاله من مسلم وأبي داود والترمذي.

وحين فارق مصر في آخر عمره وقدم إلى دمشق ، ألّف كتابا في فضائل الإمام عليعليه‌السلام سمّاه (خصائص أمير المؤمنين). وبعد أن ألفّه كان يحدّث في الجامع الأموي عن خصائص عليعليه‌السلام . فأنكر عليه قوم تأليفه لهذا الكتاب ، وعدم تأليفه في فضائل الصحابة والشيخين. فقال : دخلت دمشق سنة ٣٠٢ ه‍ والمنحرف بها عن عليعليه‌السلام كثير ، فصنّفت كتاب (الخصائص) ، رجوت أن يهديهم الله تعالى بهذا الكتاب.

ثم إنه صنّف بعد ذلك (فضائل الصحابة). فقيل له : ألا تخرّج فضائل معاوية؟.فقال : أي شيء أخرّج؟ حديث : «اللهم لا تشبع بطنه؟».

وفي (البداية والنهاية) لابن كثير ، ج ١١ ص ١٢٤ قال : ودخل إلى دمشق فسأله أهلها أن يحدّثهم بشيء من فضائل معاوية. فقال : أما يكفي معاوية أن يذهب (وفي رواية : أن يروح) رأسا برأس ، حتّى يروى له فضائل؟. فقاموا إليه (وهو يحدّث) فجعلوا يطعنون في خصيتيه حتّى أخرجوه من المسجد الجامع.

وفي (وفيات الأعيان) لابن خلكان ، ج ١ ص ٧٧ قال : فجعلوا يدفعون في خصيتيه وداسوه. ثم حمل إلى الرملة فمات بها سنة ٣٠٣ ه‍.

وقال ابن خلكان أيضا : لما داسوه بدمشق مات بسبب ذلك الدوس ، وهو مقتول. وكان عمره يقارب التسعينرحمه‌الله .

والنّسائي : منسوب إلى (نسا) وهو اسم بلدة بخراسان ، بينها وبين سرخس يومان ، وبينها وبين أبي ورد يوم. وتقع اليوم شمال مشهد في تركستان الروسية.

٣٣٣

(أقول) : فانظر أيها اللبيب إلى هذا العالم الأريب ، الّذي أدلى بالحق بعد أن أقرّ به ، وألفّ كتابا كاملا في فضائل الإمام عليعليه‌السلام سماه (خصائص أمير المؤمنين) ، ماذا كانت نهايته نتيجة التعصب الأعمى والجهل المقيت. وليس له ذنب سوى أنه لم يحفظ إلا حديثا واحدا عن معاوية ، وهو : «لا أشبع الله هذه البطن يا معاوية». وذلك أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان كلما طلب معاوية ، يقولون له : إنه يأكل!.

٣٤٣ ـ الإمام عليعليه‌السلام يتنبأ بأعمال معاوية :

(نهج البلاغة ، الخطبة ٥٦)

قال الإمام عليعليه‌السلام في (نهج البلاغة) يصف معاوية :

«أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم ، مندحق البطن. يأكل ما يجد ، ويطلب ما لا يجد ، فاقتلوه ولن تقتلوه. ألا وإنه سيأمركم بسبّي والبراءة مني. فأما السبّ فسبّوني ؛ فإنه لي زكاة ولكم نجاة ، وأما البراءة فلا تتبرؤوا مني ؛ فإني ولدت على الفطرة ، وسبقت إلى الإيمان والهجرة».

شرح : مندحق البطن : أي بارز البطن. سيظهر عليكم : أي سيغلبكم.

٣٤٤ ـ بطنة معاوية :

ويظن البعض أن الإمام علياعليه‌السلام عنى بهذا الوصف : زياد ابن أبيه ، أو الحجاج ، أو المغيرة بن شعبة.

والأقوى أنه عنى به معاوية. لأن معاوية كان موصوفا بالنهم وكثرة الأكل ، وكان بطينا ، يقعد بطنه إذا جلس على فخذيه.

وكان معاوية يأكل فيكثر ، ثم يقول : ارفعوا الطعام ، فو الله ما شبعت ولكن مللت وتعبت. وكثير من الأكلات الشامية منسوبة إليه.

وقد تظاهرت الأخبار كما قرأت على أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا على معاوية لما بعث إليه يطلبه فوجده يأكل ، ثم بعث ثانية فوجده يأكل ، وكلما بعث إليه قالوا : إنه يأكل ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اللهم لا تشبع بطنه».

وفي ذلك قال الشاعر :

وصاحب لي ، بطنه كالهاويه

كأن في أحشائه معاويه

٣٣٤

سبّ معاوية للإمام عليعليه‌السلام

٣٤٥ ـ سبّ الإمام عليعليه‌السلام :

وأما عن السبّ ، فإن معاوية أمر الناس بالعراق والشام وغيرهما ، بسبّ عليعليه‌السلام والبراءة منه ، وهو يعلم أنه من الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا. وخطب بذلك على منابر الإسلام. وصار ذلك سنّة في أيام بني أمية ، إلى أن قام عمر بن عبد العزيز فأبطل ذلك ، كما سترى.

٣٤٦ ـ معاوية يأمر الناس بسبب عليعليه‌السلام :

(وقعة كربلاء للشيخ الركابي ، ص ٣٠ ؛ وكتاب سليم بن قيس ، ص ٢٠٢)

كان معاوية يركزّ في سياسته على سبّ الإمام عليعليه‌السلام . فقد كتب نسخة واحدة بعد صلحه مع الحسنعليه‌السلام إلى كافة عماله : أن برئت الذمّة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته. فقامت الخطباء في كل كورة وعليكل منبر ، يلعنون عليا ويبرؤون منه ، ويقعون فيه وفي أهل بيته.

وحين سئل مروان بن الحكم : لماذا سبّ عليا وشتمه؟ قال : لا يستقيم لنا أمر إلا بذلك!. وكان لا يدع سبّ عليعليه‌السلام على المنبر كل جمعة.

٣٤٧ ـ الذين يسبّون علياعليه‌السلام هم أهل النار :

(المجالس السنيّة للسيد الأمين ، ج ٣ ص ١١٩)

عن ابن عباس رضي الله عنه قال : أشهد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لسمعته يقول : «من سبّ عليا فقد سبّني ، ومن سبّني فقد سبّ الله ، ومن سبّ الله أكبّه الله على منخره في نار جهنم».

٣٤٨ ـ لماذا رفع عمر بن عبد العزيز مسبّة الإمام عليعليه‌السلام ؟ :

عن عمر بن عبد العزيز قال : كنت غلاما أقرأ القرآن على بعض ولد عتبة بن مسعود ، فمرّ بي يوما وأنا ألعب مع الصبيان ، ونحن نلعن علياعليه‌السلام . فكره ذلك ، ودخل المسجد. فتركت الصبيان ، وجئت إليه لأدرس عليه وردي. فلما رآني قام فصلى ، وأطال في الصلاة شبه المعرض عني ، حتّى أحسست منه ذلك.

فلما انفتل من صلاته كلح في وجهي ، فقلت له : ما بال الشيخ؟. قال لي : يا بني أنت اللاعن علياعليه‌السلام ؟ قلت : نعم.

٣٣٥

قال : فمتى علمت أن الله سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم؟. فقلت :يا أبت ، وهل كان عليّ من أهل بدر؟.

فقال : ويحك ، وهل كانت بدر كلها إلا له؟.

فقلت : لا أعود. فقال : إنك لا تعود؟ قلت : نعم. فلم ألعنه بعدها.

٣٤٩ ـ عمر بن عبد العزيز وأبوه :

(شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ٤ ص ٥٨)

قال عمر بن عبد العزيز : ثم كنت أحضر تحت منبر المدينة وأبي يخطب يوم الجمعة ، وهو يومئذ أمير المدينة. فكنت أسمع أبي يمرّ في خطبته تهدر شقاشقه ، حتّى يأتي إلى لعن عليعليه‌السلام فيجمجم ، ويعرض له من الفهاهة والحصر ما الله عالم به. فكنت أعجب من ذلك.

فقلت له يوما : يا أبت أنت أفصح الناس وأخطبهم ، فما بالي أراك أفصح خطيب يوم حفلك ، حتّى إذا مررت بلعن هذا الرجل صرت ألكن عييّا؟. فقال : يا بني ، إن من ترى تحت منبرنا من أهل الشام وغيرهم ، لو علموا من فضل هذا الرجل ما يعلمه أبوك ، لم يتبعنا منهم أحد. فوقرت كلمته في صدري ، مع ما قاله لي معلمي أيام صغري. فأعطيت الله عهدا ، لئن كان لي في هذا الأمر نصيب لأغيّرنه. فلما منّ الله عليّ بالخلافة أسقطت ذلك ، وجعلت مكانه :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (٩٠) [النحل :٩٠]. وكتب به إلى الآفاق فصار سنّة. وفي ذلك قال الشريف الرضي مادحا عمر :

يابن عبد العزيز لو بكت العي

ن فتى من أميّة لبكيتك

غير أني أقول إنك قد طب

ت وإن لم يطب ولم يزك بيتك

أنت نزّهتنا عن السبّ والقذ

ف ، فلو أمكن الجزاء جزيتك

ولو اني رأيت قبرك لاستح

ييت من أن أرى وما حيّيتك

وقليل أن لو بذلت دماء ال

بدن صرفا على الذرى وسقيتك

٣٥٠ ـ عمر بن عبد العزيز يمنع مسبة الإمام عليعليه‌السلام :

(الإمام الحسين يوم عاشوراء ، طبع مؤسسة البلاغ ، ص ٤٣)

وكان عمر بن عبد العزيز في نهاية النسك والتواضع ، فترك لعن عليعليه‌السلام على المنابر ، وجعل مكانه.

٣٣٦

وقيل : بل جعل مكان ذلك :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (٩٠) [النحل : ٩٠].وقيل : بل جعلهما جميعا.

٣٥١ ـ الإمام عليعليه‌السلام يأمر أتباعه بعدم سبّ أهل الشام :

(الدرجات الرفيعة للسيد علي خان ، ص ٤٢٤)

روى نصر بن مزاحم بإسناده عن عبد الله بن شريك ، قال : خرج حجر بن عدي وعمرو بن الحمق [في صفين] ، يظهران البراءة واللعن لأهل الشام. فأرسل إليهما الإمام عليعليه‌السلام أن كفّا عما يبلغني عنكما. فأتياه فقالا : يا أمير المؤمنين ، ألسنا محقّين؟. قال : بلى. قالا : أوليسوا مبطلين؟. قال : بلى. قالا : فلم منعتنا من شتمهم؟. قال : كرهت لكم أن تكونوا لعّانين شتّامين ، تشهدون وتبرون ، ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم فقلتم : من سيرتهم كذا وكذا ، كان أصوب في القول ، وأبلغ في العذر. وقلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم : الله م احقن دماءنا ودماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم ، واهدهم من ضلالتهم ، حتّى يعرف الحقّ منهم من جهله ، ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به ؛ كان هذا أحبّ إليّ وخيرا لكم.

فقالا : يا أمير المؤمنين ، نقبل موعظتك ونتأدب بأدبك.

٣٥٢ ـ ماذا يمثّل معاوية؟ :

(وقعة كربلاء للشيخ الركابي ، ص ١٦)

يعلّق أحد المستشرقين قائلا : إن معاوية يمثّل الروح الفاشستية الاستبدادية ، التي لا تؤمن بحق ولا تدفع عن أمة ، وإنما هدفها الرئيسي مصلحتها الذاتية.

ثم يقول المستشرق : إن معاوية إنسان طاغية معتد مفضوح ، صاحب مذابح ومجازر. كان من أخطر أعداء الدولة الإسلامية ، وكان عامل فناء لكيانها وحضارتها.

الحكم الأموي وسماته

٣٥٣ ـ حكم معاوية من الملك العضوض :

يروي المسلمون بالإجماع قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم

٣٣٧

تكون ملكا عضوضا». وهذا الزمن يوافق آخر سنة من حياة الإمام الحسنعليه‌السلام ، مما يدل على أن الملك العضوض (أي الظالم الفاسد) يشمل حكم معاوية ومن بعده ، فهي حكومات غير شرعية.

٣٥٤ ـ الملك العضوض :

(أخبار الدول للقرماني ، ص ١٠٦)

قال القرماني : وكانت خلافة الحسنعليه‌السلام ستة أشهر ، وهي تكملة ما ذكره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مدة الخلافة ، ثم تكون ملكا عضوضا ، ثم يكون جبروتا وفسادا في الأرض ، فكان كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٣٥٥ ـ الخلافة بعدي ثلاثون سنة :

(تاريخ أبي الفداء ، ج ٢ ص ٩٦)

توفي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سنة ١١ ه‍ ، وانتهت خلافة الحسنعليه‌السلام سنة ٤١ ه‍ ، فيكون الفرق ثلاثين سنة.

وروى سفينة أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم تكون ملكا عضوضا». وكان آخر الثلاثين يوم خلع الحسنعليه‌السلام نفسه من الخلافة ، وتصالح مع معاوية.

٣٥٦ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتنبأ بحكم بني أمية :

(المصدر السابق ، ص ٩٧)

خلفاء بني أمية أربعة عشر خليفة ، وكانت مدة ملكهم نيّفا وتسعين [الأصح نيّفا وثمانين] سنة ، وهي ألف شهر تقريبا.

قال ابن الأثير في تاريخه : إنه لما سار الحسنعليه‌السلام من الكوفة ، عرض له رجل فقال : يا مسوّد وجوه المؤمنين!. فقالعليه‌السلام : لا تعذلني ، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أري في منامه أن بني أمية ينزون على منبره رجلا فرجلا ، فساءه ذلك ، فأنزل الله تعالى :( إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ) (١) [الكوثر : ١]و( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١)وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢)لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) (٣) [القدر : ١ ـ ٣].

(أقول) : يواسيه سبحانه بإعطائه الكوثر وليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر ، أي من ملك بني أمية الّذي مدته ألف شهر.

٣٣٨

٣٥٧ ـ خلافة بني أمية ألف شهر :

(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٦ ص ٢٧٥)

قال يعقوب بن سفيان عن أبي هريرة ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : رأيت في المنام بني الحكم (أو بني أبي العاص) ينزون (أي يثبون) على منبري كما تنزو القردة. قال : فما رآني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مستجمعا ضاحكا حتّى توفي.

وقال النوري عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب ، قال : رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بني أمية على منابرهم ، فساءه ذلك. فأوحي إليه : إنما هي دنيا أعطوها ، فقرّ به عينه ، وهي قوله تعالى( وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) (٦٠) [الإسراء : ٦٠].

وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا القاسم بن الفضل ، حدثنا يوسف بن مازن الراسبي قال : قام رجل إلى الحسن بن عليعليه‌السلام بعدما بايع معاوية ، فقال : يا مسوّد وجوه المؤمنين. فقال الحسنعليه‌السلام : لا تؤنّبني رحمك الله ، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى بني أمية يخطبون على منبره رجلا رجلا ، فساءه ذلك ، فنزلت الآية :( إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ) (١) [الكوثر : ١] يعني نهرا في الجنة ، ونزلت الآية :( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١)وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢)لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) (٣) [القدر : ١ ـ ٣] يملكه بنو أمية.

قال القاسم بن القاسم بن فضل : فحسبنا ذلك ، فإذا هو ألف شهر لا يزيد يوما ولا ينقص يوما.

٣٥٨ ـ ملوك بني أمية ومدة حكم كل واحد منهم :

(مروج الذهب للمسعودي ، ج ٣ ص ٢٤٩ ؛ والمنتخب لفخر الدين الطريحي ، ص ٣٩٨)

نقل أنه كانت الدولة لبني أمية ألف شهر ، وكانوا لا يزالون يأمرون الخطباء بسبّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام على رؤوس المنابر.

فأول من تأمّر منهم معاوية ، ومدة خلافته عشرون سنة.

ثم تخلّف من بعده ولده يزيد ، ثلاث سنين وثمانية أشهر وأربعة عشر يوما.

ثم تخلّف من بعده معاوية بن يزيد ، شهرا واحدا وأحد عشر يوما. وترك الخلافة خوفا من عذاب الله ، واعترف بظلم آبائه ، وعرّف الناس ذلك وهو قائم على المنبر.حتّى أن أمه لامته على ذلك ، فقالت له : ليتك كنت حيضة ولم تكن بشرا ، أتعزل

٣٣٩

نفسك من منصب آبائك؟. فقال لها : يا أماه ، وأنا وددت أن أكون حيضة ولا أطأ موطئا لست له بأهل ، ولا ألقى اللهعزوجل بظلم آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثم تخلّف من بعده مروان بن الحكم ، ثمانية أشهر وعشرة أيام ومات.

ثم تخلّف من بعده عبد الملك بن مروان ، إحدى وعشرين سنة وشهرا وعشرين يوما.

ثم تخلّف من بعده الوليد بن عبد الملك ، تسع سنين وثمانية أشهر ويوما.

ثم تخلّف من بعده سليمان بن عبد الملك ، سنتين وستة شهور و ١٥ يوما.

ثم تخلّف من بعده عمر بن عبد العزيز ، سنتين وخمسة أشهر وخمسة أيام.

ثم تخلّف من بعده يزيد بن عبد الملك ، أربع سنين و ١٣ يوما.

ثم تخلّف هشام بن عبد الملك ، تسعة عشر سنة وتسعة شهور وتسعة أيام.

ثم تخلّف الوليد بن يزيد ، سنة وثلاثة شهور ، وهو الّذي مزّق القرآن.

ثم تخلّف يزيد بن الوليد ، شهرين وعشرة أيام.

ثم تخلف مروان بن محمّد بن مروان ، خمس سنين وشهرين وعشرة أيام.

ويضاف إلى ذلك الثمانية أشهر التي كان مروان يقاتل فيها بني العباس إلى أن قتل ، فيصير ملكهم جميعا إحدى وتسعين سنة وسبعة (أو تسعة) أشهر وثلاثة عشر يوما.

يطرح من ذلك أيام الإمام الحسنعليه‌السلام وهي خمسة أشهر وعشرة أيام ، وتوضع أيام عبد الله بن الزبير إلى الوقت الّذي قتل فيه ، وهي سبع سنين وعشرة أشهر وثلاثة أيام ، فيصير الباقي بعد ذلك ثلاثا وثمانين سنة وأربعة أشهر ، ويكون ذلك ألف شهر.

وقد ذكر قوم أن تأويل قولهعزوجل :( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) (٣) [القدر: ٣].

ما ذكرناه من أيامهم.

وقد روي عن ابن عباس أنه قال : والله ليملكن بنو العباس ضعف ما ملكته بنو أمية: باليوم يومين ، وبالشهر شهرين ، وبالسنة سنتين ، وبالخليفة خليفتين.

٣٥٩ ـ إخبار الإمام عليعليه‌السلام بمصير بني أمية :

(ينابيع المودة ، ج ٣ ص ٤)

قال الإمام عليعليه‌السلام من خطبة له : «ألا إن لكل دم ثائرا ، ولكل حقّ طالبا.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735