موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 452521 / تحميل: 5266
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ماذا سميتموه ؟ فقلنا : سمّيناه حرباً ، فقال : لا ولكن اسمه محسن ، ثم قال : إنّي سميتهم ببني هارون : شبّر ، وشبيراً ، يقول : حسن وحسين.

الثاني من المصادر هو مسند أبي داود الطيالسي(1) ( ت 204 ه‍ ) ، فقد ورد فيه الحديث مرّة واحدة كما يلي :

حدّثنا أبو داود قال : حدّثنا قيس عن أبي إسحاق قال : سمعت هانئ بن هانئ يحدّث عن عليّ قال : لما ولد الحسن بن عليّ قلت : سمّوه حرباً ـ وقد كنت أحب أن أكتني بأبي حرب ـ فأتى رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فدعا به ، قلنا : سمّيناه حرباً ، قال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : بل هو الحسن ، فلمّا ولد الحسين سمّيناه حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : هو حسين.

وراجع منحة المعبود في ترتيب مسند أبي داود للساعاتي(2) تجد الحديث أيضاً.

الثالث من المصادر : الطبقات الكبرى لابن سعد(3) ( ت 231 ه‍ ) الطبقة الخامسة ، جاء فيه الحديث بصورتين :

1 ـ قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لمّا ولد الحسن سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ، ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ، ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو محسّن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّرا.

__________________

(1) مسند أبي داود الطيالسي 1 : 19 ، ح 129.

(2) منحة المعبود في ترتيب مسند أبي داود للساعاتي 2 : 129 ـ 130.

(3) الطبقات الكبرى لابن سعد 1 : 240.

٢١

2 ـ قال : أخبرنا الحسن بن موسى ، قال : حدّثنا زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق قال : لما ولد الحسن سمّاه عليّ حرباً ، قال : وكان يُعجبه أن يكنّى أبا حرب ، فقال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : وما سميتم ابني ؟ قالوا : حرباً ، قال : ما شأن حرب وهو حسن.

فلمّا ولد حسين سماه عليّ حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميتم ابني ؟ قالوا : حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما شأن حرب ؟ بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سمّاه حرباً ، فقال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميتم ابني ؟ قالوا : حرباً ، فقال : ما شأن حرب هو محسِن أو محسّن.

الرابع من المصادر هو مسند أحمد بن حنبل(1) ( ت241 ه‍ ) ، فقد ورد فيه الحديث كما يلي :

حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، حدّثنا يحيى بن آدم ، حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميته ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميته ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميته ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

وأورده مرّة ثانية وثالثة(2) بسند آخر ، وتفاوت في اللفظ وإليك نصّه :

حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، حدّثنا حجاج ، حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين قال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد

__________________

(1) مسند أحمد بن حنبل 1 : 98.

(2) المصدر نفسه 1 : 118.

٢٢

الثالث جاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

وأخرجه عن أحمد الديار بكري في تاريخ الخميس ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب(1) ، وأخرجه أحمد أيضاً في كتاب الفضائل كما في ( الحسين والسنة )(2) .

والغريب أنّ من الشيعة من أخرج ذلك دون التنبيه إلى ما فيه من خفايا البلايا ، كما مرّ في ذكر المصادر الشيعية التي تسرّب إليها الحديث.

الخامس من المصادر هو الأدب المفرد للبخاري(3) ( ت 256 ه‍ ) ، جاء فيه الحديث بصورة واحدة :

حدّثنا أبو نعيم ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسنرضي‌الله‌عنه سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسن.

فلما ولد الحسينرضي‌الله‌عنه سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث سميته حرباًَ ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : إنّي سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

وعقّب المحقق على ذلك فقال : ليس في شيء من الكتب الستة ، وجاء في كتاب فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد(4) ، تأليف فضل الله الجيلاني استاذ في الجامعة العثمانية ما يلي : أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب من طريقين

__________________

(1) تاريخ الخميس 1 : 418 , كفايه الطالب : 352.

(2) الحسين والسنة : 15.

(3) الأدب المفرد للبخاري : 213.

(4) فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد تأليف فضل الله الجيلاني 2 : 288.

٢٣

كلاهما عن إسرائيل إلى آخره ، والحاكم وقال : صحيح الاسناد ، وأحمد ، وقال الحافظ في الإصابة : إسناده صحيح.

السادس من المصادر هو أنساب الأشراف للبلاذري(1) ( ت 279 ه‍ ) ، فقد جاء فيه :

حدّثني أبو عمرو الزيادي ، حدّثنا عبد الله بن رجاء ، حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق أنّ علياً قال : لمّا ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، فقال : هو الحسن ، فلمّا ولد الحسين سميناه حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، فقال : هو الحسين ، فلما ولد الثالث جاء فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً قال : هو محسن ، إنّما سميتهم بأسماء ولد هارون شبر شبير ومشبر.

حدّثنا عبد الله بن صالح ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق بنحوه ، ورواه أيضاً بسندٍ آخر عن ابن سعد ، ذكره في ترجمة الحسينعليه‌السلام (2) .

السابع من المصادر هو المعجم الكبير للطبراني(3) ( ت 360 ه‍ ) ، جاء فيه الحديث بخمسة أسانيد :

1 ـ حدّثنا عثمان بن عمر الضبّي ، حدّثنا عبد الله بن رجاء ، أخبرنا إسرائيل ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين سميناه حرباً ، فأتى رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : ائتوني بابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بولد هارون شبر وشبير ومشبّر.

__________________

(1) أنساب الأشراف للبلاذري 1 : 404.

(2) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام 3 : 144.

(3) المعجم الكبير للطبراني 3 : 100 ـ 101.

٢٤

2 ـ حدّثنا محمّد بن يحيى بن سهل بن محمّد العسكري ، ثنا سهل بن عثمان ، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن ابن عليّرضي‌الله‌عنه جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سمّيتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين بن عليّرضي‌الله‌عنه جاء فقال مثل قوله ، فقلت : سميته حرباً ، فقال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث جاء فقال مثل قوله ، فقلت : سميته حرباً ، فقال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بولد هارون شبر وشبير ومشبر.

3 ـ حدّثنا محمّد بن أبان الأصبهاني ، حدّثنا إسماعيل بن عمرو البجلي ، ثنا قيس بن الربيع ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : كنت أحبّ أن أكتني بأبي حرب ، فلمّا ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : ما سميتم ؟ فقلت : سميته حرباً ، فقال : هو الحسن.

4 ـ حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا أبو كريب ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فقال لي : لا ولكن سمّه حسناً ، ثم ولد الحسين فسميته حرباً ، فقال لي رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ فقلت : حرباً ، قال : بل سمّه حسيناً ، ثم ولد آخر فسميته حرباً ، فقال( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ قلت : حرباً ، قال : سمّه محسناً.

5 ـ حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان ، ثنا يحيى بن عيسى الرملي التميمي ، ثنا الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد قال : قال عليّرضي‌الله‌عنه : كنت رجلاً أحب الحرب ، فلمّا ولد الحسن هممت أن أسميه حرباً ، فسمّاه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسن ، فلما ولد الحسين هممت أن أسميه حرباً فسمّاه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسين ، وقال( صلّى الله عليه وسلّم ) : إنّي سميت إبنيّ هذين باسم إبني هارون شبراً وشبيراً.

الثامن من المصادر هو المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري(1) ( ت 405 ه‍ ) ، جاء فيه بصورتين :

__________________

(1) المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري 3 : 165.

٢٥

1 ـ أخبرنا أبو العباس محمّد بن أحمد المحبوبي بمرو ، ثنا سعيد بن مسعود ، ثنا عبيد الله بن يونس ، أنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولدت فاطمة الحسن جاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسن.

فلمّا ولدت الحسين جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قال : أروني ابني ما سمّيتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسين ، ثم ولدت الثالث جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قال : أروني ابني ما سمّيتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : إنّما سميتهم باسم ولد هارون شبر وشبير ومشبر.

وعقّب الحاكم على الحديث بقوله : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، وتبعه الذهبي في التلخيص ، فذكر الحديث مبتدءاً بالسند من هانئ بن هانئ ثم قال في آخره : صحيح ، رواه إسرائيل عن جدّه.

ثم إنّ الحاكم أخرج الحديث مرّة ثانية(1) كما يلي :

2 ـ حدّثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد الشيباني بالكوفة ، حدّثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري ، ثنا جعفر بن عون ، ثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما أن ولد الحسن سميته حرباً ، فقال لي النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو الحسن ، فلمّا ولد الحسين سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : هو الحسين ، فلما ولد محسن قال : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال هو محسن ، ثم قال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : إنّي سمّيت بَنيّ هؤلاء بتسمية هارون بنيه شبّراً وشبيراً ومشبّراً.

وعقّب الحاكم على الحديث بقوله : هذا الحديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، وذكره الذهبي في التلخيص مختصراً وعقب بقوله : قلت مرّ من حديث إسرائيل.

__________________

(1) المصدر نفسه 3 : 168.

٢٦

التاسع من المصادر هو السنن الكبرى للبيهقي(1) ( ت 458 ه‍ ) ، جاء فيه :

أخبرنا أبو عليّ الروذباريّ ، أنبأ عبد الله بن عمر بن أحمد بن شوذب المقري بواسط ، أنبأ شعيب بن أيوب ، ثنا عبيد بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لمّا ولد الحسن سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسن.

ثم ولد الحسين فسميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ماسميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

ثم قال البيهقي : رواه يونس بن أبي إسحاق عن أبيه ، وقال في الحديث : إنّي سميت بَنيّ هؤلاء بتسمية هارون بنيه ، وروي في هذا المعنى أخبار كثيرة.

وجاء فيه أيضاً(2) : أخبرنا عليّ بن أحمد بن عبدان ، أنبأ أحمد بن عبيد ، ثنا عثمان بن عمر ، ثنا ابن رجا ، ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، ح ( حيلولة ) وحدّثنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد الشيباني بالكوفة ، ثم ساق الحديث سنداً ومتناً كما مرّ في الحديث الثاني عند الحاكم في المستدرك حرفاً بحرف ، ثم عقّب البيهقي بقوله : لفظ حديث يونس ، وفي رواية إسرائيل : أروني ابني ما سميتموه ؟ والباقي بمعناه.

العاشر من المصادر هوتاريخ دمشق لابن عساكر ( ت 571 ه‍ ) ، ( ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام بتحقيق المحمودي )(3) جاء الحديث فيه بثلاث صور :

__________________

(1) السنن الكبرى للبيهقي 6 : 163.

(2) المصدر نفسه 7 : 63.

(3) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام من تاريخ دمشق : 17 ـ 18.

٢٧

1 ـ أخبرنا أبو العز بن كادش ، أخبرنا أبو محمّد الجوهري ، أخبرنا عليّ بن محمّد بن أحمد ابن نصير ، أخبرنا جعفر بن محمّد بن عتيب ، أخبرنا محمّد بن خالد بن خداش ، أخبرنا سالم بن قتيبة ، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : هو الحسن.

فلما ولد الحسين سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : هو الحسين ، فلما ولد محسن سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : فهو محسن ، ثم قال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : إنّي سميت بَنيّ هؤلاء تسمية هارون بنيه شبراً وشبيراً ومشبراً.

2 ـ أخبرنا أبو غالب ابن البناء ، أخبرنا أبو الحسين ابن الآبنوس ، أخبرنا أبو الحسن الدارقطني ، أخبرنا محمّد بن القاسم بن زكريا ، أخبرنا أبو كريب ، أخبرنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، أنّه حدّثه عن عليّ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فقال لي رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : لا ولكن اسمه حسن ، ثم ولد لي الحسين سميته حرباً ، فقال لي رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ قلت : سميته حرباً ، فقال : لا اسمه حسين ، ثم ولد لي فقال : ما سميته ؟ قلت : سميته حرباً ، فقال : لا اسمه محسن.

قال الدارقطني : تفرد به إبراهيم بن يوسف عن أبيه.

3 ـ أخبرنا أبو عليّ بن السبط ، أخبرنا أبو محمّد الجوهري ، وأخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أخبرنا أبو عليّ ابن المذهب ، قالا : أخبرنا أحمد بن جعفر ، أخبرنا عبد الله ، حدّثني أبي ، أخبرنا يحيى بن آدم ، أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسن.

٢٨

فلما ولد الحسين سمّاه حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سمّيته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر شبير مشبر.

الحادي عشر من المصادر هو أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير(1) ( ت 630 ه‍ ) ، جاء فيه في ترجمة الحسن :

قال عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه : لما ولد الحسن جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلما ولد الحسين سمّيناه حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث جاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر.

وجاء أيضاً ثانياً(2) ذكر الحديث الآنف الذكر في ترجمة الحسين مع ذكر اسناده المنتهي إلى أحمد بن حنبل ، وحيث تقدّم في المصدر الثالث فلا حاجة إلى إعادته.

وجاء فيه أيضاً(3) في ترجمة المحسن اعادة الحديث بنفس السند السابق.

الثاني عشر من المصادر هو ( مجمع الزوائد )(4) للهيثمي ( ت 807 ه‍ ) ، جاء فيه ذكر الحديث المروي عن هانئ بن هانئ ، ثم قال الهيثمي : رواه أحمد والبزار إلاّ أنّه قال : سميتهم بأسماء ولد هارون جبر وجبير ومجبّر. والطبراني ، ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح غير هانئ بن هانئ ، وهو ثقة.

__________________

(1) اُسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير 2 : 10 ـ 18.

(2) المصدر نفسه 2 : 18.

(3) المصدر نفسه 4 : 308.

(4) مجمع الزوائد للهيثمي 8 : 52.

٢٩

ثم ورد في المصدر المذكور الحديث الآخر : وعنه ـ عن عليّ ـ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، وكنت أحب أن أكتني بأبي حرب ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فحنكه ، فقال : ما سميتم ابني ؟ فقلنا : حرباً ، فقال : هو الحسن ، ثم ولد الحسين فسميته حرباً ، فأتى النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فحنكه فقال : ما سميتم ابني ؟ فقلنا : حرباً ، فقال : هو الحسين.

ثم قال الهيثمي : رواه البزار والطبراني بنحوه بأسانيد ، ورجال أحدهما رجال الصحيح.

الثالث عشر من المصادر هو عيون الأخبار وفنون الآثار(1) للداعي المطلق إدريس عماد الدين القرشي ( ت 872 ه‍ ) ، جاء فيه ما لفظه :

وروي عن أبي غسان بإسناده عن عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : لما ولد الحسن بن عليّ سمته أمّه حرباً ، فجاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا بل هو حسن.

فلما ولد الحسين سمته أمّه أيضاً حرباً ، فجاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا بل هو حسين ، فلمّا ولد محسن سمّته أمه حرباً ، فجاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا ، بل هو محسن ، ثم قال : إنّي سميتهم بأسماء أولاد هارون شبر وشبير ومشبر.

وعقّب المؤلف على ذلك بقوله : ومن هذه الرواية دليل على أنّ محسن ولد على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأشهر الذي عليه الإجماع أيضاً أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سمّاه وهو في بطن فاطمة ، وأنّها أسقطته حين راعها عمر بن الخطاب ودفع على بطنها الباب ، والله أعلم بالصواب.

تعقيب على صور الحديث :

هذه نماذج من صور الحديث في مختلف المصادر ، وهي من الأمهات التي يرجع إليها المتأخرون وعنها يأخذون ، وحسب القارئ هذه المصادر الإثنى عشر

__________________

(1) عيون الأخبار وفنون الآثار 4 : 6.

٣٠

فهي تُغني عن غيرها ، ولنعد الآن إلى صور الحديث فنُلقي عليها نظرة فاحصة ، لنعرف مدى التفاوت الذي حصل بين ما جاء في أقدم مصدر ، وبين ما جاء بعده ، مع العلم بأنّ الحديث واحد ، وراويه الأول واحد ، ثم الذي رواه عنه أيضاً هو واحد ، فلماذا نجدُ التفاوت ؟

ومهما كان ذلك لفظياً أو بسيطاً ، فهو بالتالي يكشف عن عدم الدقة في النقل ، ويورث ذلك عدم الثقة بالناقل ، وبالتالي إلى عدم اعتبار الحديث ، فخذ أمثلة على ذلك :

1 ـ جاء في ثاني المصادر وهو كتاب ( مسند الطيالسي ) فقد روى حديث أبي إسحاق بن يحيى ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ ، وقد ورد فيه أنّ علياً كان يحب أن يكتنى بأبي حرب فسمّى ولده حرباً ، فغيّره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمّاه حسناً ، ثم ولد الحسين سماه عليّ حرباً وغيّره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمّاه حسيناً.

وإلى هنا انتهى الحديث ولم يأت عن ولادة الثالث شيئاً ، ولا عن تسمية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لهما باسم ابني هارون ، بينما نجد نفس الحديث بنفس السند في المصادر التالية فيه نقص وفيه زيادة ، ففي بعضها ليس فيه ذكر لمحبة عليّ أن يكتني بأبي حرب ، بينما فيه زيادة ذكر ولادة المحسن وأنّ علياً سمّاه حرباً ، فغيّره النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) وسمّاه المحسن ، مضافاً إلى زيادة قوله( صلّى الله عليه وسلّم ) : سميتهم بأسماء ولد هارون الخ. فمن أين جاءت تلك الزيادة ؟ ولماذا طرأ ذلك النقصان ، فاختفت محبة عليّ أن يكتنى بأبي حرب !!

2 ـ وخذ مثالاً ثانياً ما جاء في الحديث الثاني الذي رواه ابن سعد في الطبقات ، وهو الثالث في سُلّم المصادر ، تجد الحديث يرويه أبو إسحاق مرسلاً ليس فيه ذكر عمّن أخذه ، وفيه تجد حبّ عليّ أن يكتني بأبي حرب ، وفيه زيادة أخرى هي قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كل ولادة : ( ما شأن حرب وهو حسن ) ( ما شأن حرب وهو حسين ) ( ما شأن حرب وهو محسن أو محسّن ) [ بالتشديد ] وهذه الزيادة

٣١

الأخيرة لم ترد إلاّ في حديث أبي إسحاق المرسل الذي أخرجه ابن سعد في الطبقات ، ولم ترد في بقية المصادر التي أوردت الحديث.

3 ـ وخذ مثالاً ثالثاً حديث هانئ بن هانئ عن عليّ ، وقارن بين ألفاظه في مختلف مصادره تقف على التفاوت فيها ، ولابدّ لنا من الإشارة إلى أنّ هانئ بن هانئ الذي حدّث عن عليّعليه‌السلام لم يروِ عنه غير أبي إسحاق ، كما سيأتي بيان ذلك.

فهذا التفاوت والاختلاف إما أن يكون منه أو من أبي إسحاق ، وفي كلتا الحالتين يتطرق الريب إلى صدقهما في النقل ، أما الحمل على رجال السند من بعد أبي إسحاق حتى أصحاب المصادر ربّما كان فيه تجنٍ عليهم ، لأنّهم رووا ما سمعوا ، وإن كانت المؤاخذة قد ترد عليهم حين رووا ذلك على ما فيه من تفاوتٍ وتهافت.

4 ـ وخذ مثالاً رابعاً ما جاء في المصدر الثاني عشر ، ففيه مضافاً إلى إرساله أنّ الذي سمّى الأبناء بحرب هي أمهم فاطمةعليها‌السلام ، وهذا بخلاف ما مرّ أنّ علياًعليه‌السلام هو الذي سمى أو أحبّ أن يسمّي ، فجميع هذه الملاحظات تسقط الحديث المذكور عن الاعتبار.

والآن لنقرأ شيئاً عن الرواة لنعرف وزنهم في ميزان الجرح والتعديل.

٣٢
٣٣

الفصل الثاني

البحث عن رجال الاسناد

ولنبدأ بهم حسب ذكرهم في المصادر ، فرجال الحديث فيالمصدر الأول ـ وهو سيرة ابن إسحاق ـ قال : أنا ( أخبرنا ) يونس ، عن يونس بن عمرو ، عن أبيه ، عن هانئ بن هانئ.

فيونس الأول هو : ابن بكير ، قال الآجري عن أبي داود : ليس هو عندي بحجة ، كان يأخذ ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث ، ومع ذلك قالوا عنه : كان صدوقاً إلاّ أنّه كان يتبع السلطان ، وكان مرجّئاً ، ومع ذلك روى له مسلم متابعة !!

ويونس الثاني هو : ابن عمرو ـ أبي إسحاق ـ السبيعي روى عن أبيه ، وقد أثنوا عليه في كتب الرجال ، ومن الثناء عليه : كان يقدم عثمان على عليّ ، ولعل ذلك هو سبب قول أبي حاتم : صدوق لا يحتج به ( خلاصة تهذيب الكمال ).

وفي المصدر الثاني : وهو ( مسند أبي داود الطيالسي ) : حدّثنا قيس ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّعليه‌السلام .

فأما قيس ـ شيخ أبي داود ـ فقد قال هو نفسه عنه : ما أخرجت له إلاّ ثلاثة أحاديث ، حدّث بأحاديث عن منصور هي عن عبيدة ، وأحاديث عن مغيرة هي

٣٤

عن فراس ، وقال أحمد : روى أحاديث منكرة ، وكان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن قيس ، وكان ابن معين يقول عنه : ليس بشيء ، وقال : ضعيف الحديث لا يساوي شيئاً(1) .

أما باقي رجال السند فستأتي حالهم عند ذكر المصادر التالية حسب تسلسلها.

وفي المصدر الثالث : وهو الطبقات الكبرى فقد روى ابن سعد عن عبيد الله بن موسى ، قالوا عنه : ثقة يتشيع ، عن إسرائيل بن يونس : ثقة تكلّم فيه بلا حجة ، عن أبي إسحاق السبيعي ثقة عابد اختلط بآخره ، عن هانئ بن هانئ الهمداني الكوفي ، قال ابن المديني : مجهول ، وقال الشافعي : لا يُعرف ، وأهل العلم لا ينسبون حديثه لجهالة حاله(2) .

وقال ابن سعد في الطبقات(3) : كان يتشيع وهو منكر الحديث.

وقال الذهبي(4) : ليس بالمعروف ، وقد ورد ذكره في كتب الرجال الشيعية ، ولم يذكر فيه مدح ، نعم روي أنّه كان من آخر رسل أهل الكوفة إلى الحسينعليه‌السلام ، هو وسعيد بن عبد الله الحنفي يطلبون منه القدوم عليهم ، وأنّهم ينتظرونه ولا رأي لهم في غيره ، فأجابهمعليه‌السلام وأرسل الجواب مع الرسولين المذكورين ، كما ذكر ذلك الشيخ المفيد في الإرشاد(5) ، والطبري(6) وغيره ذكروا مثل ذلك.

__________________

(1) تهذيب التهذيب 8 : 393.

(2) المصدر نفسه 11 : 12.

(3) طبقات ابن سعد 6 : 155.

(4) المغني في الضعفاء 2 : 707.

(5) الارشاد : 203.

(6) تاريخ الطبري 6 : 198.

٣٥

ولدى التحقيق في أسماء شهداء الطف لم أقف على ذكر لهانئ بن هانئ المذكور بينهم ، بينما ورد اسم سعيد بن عبد الله الحنفي في عداد الشهداء ، وكان من المفترض فيه أن يكون كزميله الحنفي ولم يذكر أنه كذلك ، ونكتفي بهذا عنه ، ويتضح أنّ الرجل مجهول الحال أو مجروح ، ومَن وثقه لا يقوم بحجة ترفع أقوال الجارحين من أئمة الفن.

وقد قال ابن عبد البر في الاستقصاء ( ترجمة رقم 2182 ) : كل مَن لم يرو عنه إلاّ رجل واحد لا يعرف إلاّ بذلك ، فهو مجهول عندهم لا تقوم به حجة.

فتبيّن أنّ الحديث بهذا السند الضعيف لا يصح أن يحتج به.

أما الحديث الثاني في الطبقات فهو عن الحسن بن موسى ، وهو الأشيب أبو عليّ البغدادي ثقة ، عن زهير بن معاوية أبو خيثمة ثقة ثبت وسماعه عن أبي إسحاق بآخرة ، وقد تقدم أن أبا إسحاق اختلط بآخرة فلاحظ ذلك ، فالحديث مضاف إلى إرساله إذ لم يدرك أبو إسحاق الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ليروي عنه ، فأبو إسحاق في هذا إما مرسِل أو مدلِّس ، لأنّه روى الحديث كما مرّ بالسند الأول عن هانئ بن هانئ وهو هنا لم يذكره.

أما أسانيد المصادر الباقية فحيث أنّها تنتهي إلى إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ ، وقد عرفنا حال هؤلاء ، فلا حاجة إلى بسط القول في الرجال الّذين رووا الحديث عن إسرائيل ، يبقى لنا و قفة عابرة مع أولئك الّذين اهتموا بتصحيح الاسناد كالبزار والحاكم والهيثمي وغيرهم ممّن سبقت الإشارة إلى أقوالهم ، فإنّ حجتهم ـ الواهية ـ أنّ رجال بعض أسانيده هم رجال الصحيح ، كما مرّ عن رجال أحمد والبزار وحكاه الهيثمي. وكأنّ الصحيح عندهم هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

وأسفي على تلك الجهود المضاعة لإثبات أنّ صحيح البخاري هو أصح كتاب بعد كتاب الله ، مع كثرة ما فيه من هنات وهفوات ، وما أخذ عليه وفيه من مؤاخذات ، يعرفها أولئك المخرفون قبل غيرهم.

٣٦

ومهما يكن حالهم فلسنا بصددهم ، وإنّما الذي يهمنا أن نقوله : إنّ جميع الأسانيد في الحديث في جميع المصادر تنتهي إلى أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ ، ومرّت بنا كلمة الشافعي وغيره ، فلا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يحتج بالحديث المذكور ، وكذلك بالنسبة إلى الحديث الثاني الذي رواه أبو إسحاق مرسلاً.

بقى هنا شيء يجب أن ننبه عليه ، هو ما جاء مرسلاً عن سالم بن أبي الجعد ، قال عليّ : كنت رجلاً أحبّ الحرب ، فلما ولد الحسن هممت أن أسميه حرباً ، فسمّاه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسن ، قال : فلما ولد الحسين فهممت أن أسميه حرباً لأنّي كنت أحبّ الحرب ، وسماه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسين ، وقال : إنّي سميت ابنيّ هذين باسمي ابني هارون شبراً وشبيراً.

وهذا الحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات(1) ، والهيثمي في مجمع الزوائد(2) ، والطبراني في المعجم الكبير(3) ، ولمّا كان مرسلاً فلا حاجة إلى عطف النظر إلى رجال السند فيه.

كما لا حاجة إلى البحث عن أبي غسان الراوي للحديث مرسلاً عن عليّعليه‌السلام كما في المصدر الثاني عشر ، فلا تغني معرفة حاله ، مع جهالة الراوي عنهم من رجاله ، وهذا هو المصدر الوحيد الذي ذكرته وصاحبه من غير أهل السنة ، كما أنّه ليس من الشيعة الإمامية ، بل هو من الإسماعيلية ، وإنّما ذكرته للتنبيه على تسرّب حديث الاكتناء بأبي حرب في التراث الإسلامي ، دون الالتفات إلى ما فيه من هناة.

__________________

(1) طبقات ابن سعد : 239.

(2) مجمع الزوائد 8 : 52.

(3) المعجم الكبير 3 : 97.

٣٧

الفصل الثالث

البحث عن متن الحديث

والبحث في هذا المجال يكون من خلال ست نقاط على النحو التالي :

النقطة الأولى : وفيها تحقيق المراد من اسم حرب ، فهل هو اسم المعنى الوصفي ؟ أم اسم العلم الشخصي ؟ وما المراد منهما في الحديث.

النقطة الثانية : هل كان اسم حرب من الأسماء المبغوضة أم المحبوبة ؟

النقطة الثالثة : ماذا كان يعني إصرار الإمام ـ إن صدقت الأحلام ـ في تسمية أبنائه بحرب اسم المعنى الوصفي ، أم اسم العلم الشخصي ؟

النقطة الرابعة : ما هي الدوافع المغرية في شخصية حرب اسم العلم الشخصي ؟ بدءاً من آبائه ، ومروراً به ، وانتهاءاً بأبنائه ؟

النقطة الخامسة : في كنى الإمام وما هي أحبّ كناه إليه ؟

النقطة السادسة : وأخيراً ماذا وراء الأكمة من تعتيم وظلمة لتضليل الأمة ؟

٣٨
٣٩

النقطة الأولى

في تحقيق المراد من اسم حرب

النقطة الأولى : في تحقيق المراد من اسم حرب وهل هو اسم المعنى ؟ أم اسم العلم ؟ ومن المراد منهما في الحديث ؟

إذا رجعنا إلى المصدر الأول والحديث الثالث من المصدر الخامس ، وجدنا قول الإمام ـ فيما نسب إليه ـ : « وقد كنت أحبّ أن أكتني بأبي حرب » وفي مرسل أبي إسحاق كما في المصدر الثاني نقرأ قول أبي إسحاق : « وكان يعجبه أن يكنّى أبا حرب » ، أما في مرسل سالم بن أبي جعد نقرأ قول الإمام : « كنت رجلاً أحبّ الحرب ».

ومهما أغضينا النظر عن الاختلاف في معاني الكلمات الثلاث ، فإنّ هذا إن دل على شيء فيدلّ على أنّ المراد بحرب هو اسم المعنى الوصفي ، ولعله إستناداً إلى ذلك ذهب العقّاد ـ وربما غيره أيضاً ـ إلى أنّ المراد من حب الإمام أن يكتني بأبي حرب ؛ لأنّه رجل شجاع يحب الحرب ، فلنقرأ ما يقوله العقّاد ، وهو يتحدث عن سيرة الإمام مع بنيه ، بعد أن حكى قول الإمام في حق الوالد على الولد ، وحق الولد على الوالد وهو : ( أن يحسّن اسمه ، ويحسّن أدبه ، ويعلّمه القرآن ).

قال العقّاد : ومن إحسان التسمية أنّه همّ بتسمية ابنه حرباً ، لأنّه يرشحه للجهاد وهو أشرف صناعاته ، لولا أنّ رسول الله سمّاه الحسن وهو أحسن ، فجرى على

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

بالشهادة؟!(١) .

ومن الواضح أنّ الموارد التي يتحدّث عنها الحديث الشريف ، إنّما منع فيها الإنسان عن إجابة دعوته لعدم بذله قصارى جهده وسعيه ، فعليه أن يتحمّل تبعة تقصيره وتفريطه.

من هنا يتضح أنّ أحد عوامل عدم استجابة الدعاء يتمثل في التباطؤ وترك الجهد المناسب للعمل واللجوء إلى الدعاء وقد جرت سنة الله تعالى على عدم إجابة مثل هذه الدعوات.

طبعا ، هنا عوامل وأسباب اخرى لعدم استجابة بعض الأدعية. فمثلا عادة ما يحدث أن يخطئ الإنسان في تشخيص مصالحه ومفاسده ، إذ يصر أحيانا على موضوع معين ويطلبه من الخالق جلّ وعلا في حين ليس من مصلحته ذلك. ولكنّه يفهم ذلك فيما بعد.

وهذا الأمر يشبه إلى حد كبير الطفل أو المريض الذي يطلب بعض الأطعمة والأشربة ويشتهيها ، فلا يجاب لطلبه ولا تلبّى رغباته ، لأنّها قد تؤدي إلى مضاعفة الخطر على صحته أو حتى المجازفة بحياته. ففي مثل هذه الموارد لا يستجيب الله تعالى لدعاء العبد ، بل يدخر له الثواب يوم القيامة ، مضافا إلى أن لاجابة الدعاء شروطا مذكورة في الآيات والرّوايات الشريفة وقد بحثنا هذا الموضوع مفصلا في المجلد الأوّل من هذا التّفسير(٢) .

موانع استجابة الدعاء

لقد ذكرت بعض الروايات ذنوبا متعدّدة إذا ارتكبها الإنسان تحول بينه وبين إجابة دعائه ، مثل سوء النية ، النفاق ، تأخير الصلاة عن وقتها ، اللسان البذيء الذي

__________________

(١) أصول الكافي ، المجلد الثّاني ، باب من لا يستجاب له دعوة الحديث رقم (٢).

(٢) البقرة ، الآية ١٨٦.

٣٠١

يخشاه الناس ، الطعام الحرام ، وترك الصدقة والإنفاق في سبيل الله تعالى(١) .

وفي إطار هذه النقطة بالذات ثمّة حديث جامع عن الإمام الصادقعليه‌السلام ينقله «الشيخ الطبرسي» في «الإحتجاج» أنّه سئل : أليس يقول الله :( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) وقد نرى المضطر يدعوه ولا يجاب له ، والمظلوم يستنصره على عدوه فلا ينصره؟ قال : «ويحك! ما يدعوه أحد إلّا استجاب له ، أما الظالم فدعاؤه مردود إلى أن يتوب ، وأمّا المحقق فإذا دعا استجاب له وصرف عنه «البلايا من حيث لا يعلمه ، أو ادخر له ثوابا جزيلا ليوم حاجته إليه ، وإن لم يكن الأمر الذي سأل العبد خير له إن أعطاه ، أمسك عنه»(٢) .

نعود الآن إلى الآية الكريمة فبما أن الدعاء وطلب الحوائج من الله تعالى يعتبر فرعا لمعرفته ، لذا تتحدث الآية التي تليها عن حقائق تؤدي إلى ارتقاء مستوى المعرفة لدى الإنسان ، وتزيد شروطا جديدا لإجابة الدعاء ، متمثلا بالأمل في الإجابة ، بل وانتظار تنجز الحاجة وتمامها.

يقول تعالى :( اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ ) .

إنّ ظلمة الليل وهدوءه وسكونه يعتبر ـ من جانب ـ سببا قهريا لتعطيل الحركة اليومية لعمل الإنسان السوي ونشاطه. والظلمة ـ من ناحية اخرى ـ تمحو عن الإنسان تعب النهار ، وتدفعه إلى الاستقرار والرأفة لجسده وأعصابه ، في حين يعتبر النور والنهار أساس الحياة والحركة.

لذلك يضيف تعالى قوله تعالى :( وَالنَّهارَ مُبْصِراً ) .

في النهار المبصر يضاء محيط الحياة وتدب الحركة والنشاط في روح الإنسان وكيانه.

والطريف أنّ «مبصرا» تعني الذي يبصر. وعند ما يوصف النهار بهذا الوصف ،

__________________

(١) معاني الأخبار. طبقا لما أورده نور الثقلين في المجلد الرابع. صفحة (٥٣٤) وأصول الكافي.

(٢) تفسير الصافي أثناء تفسير الآية الكريمة.

٣٠٢

فانه في الحقيقة نوع من التأكيد في جعل الناس مبصرين. (ثمة بحث عن فلسفة النور والظلام والليل والنهار ، ورد أثناء الحديث عن الآيات(١) .

ثم تضيف الآية :( إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ) .

إنّ النظام الدقيق كتناوب الليل والنهار والظلمة والنور ، يعتبر واحدا من مواهب الله تبارك وتعالى وعطاياه لعباده ، وسر من أسرار الحركة في الحياة وفي منظومة الوجود الكوني.

فبدون النور ليس ثمّة حياة أو حركة ، ومن دون أن يتناوب الليل والنهار ـ أو الظلام والنور ـ سيؤدي إلى تعطيل حركة الحياة ، بل وجعلها مستحيلة. فشدّة النور ـ مثلا ـ ستشل الموجودات وتعطّل نمو النبات ، وكذلك الظلمة الدائمية لها أضرارها. ولكن الناس ـ وبدواعي العادة والألفة ـ لم يلتفتوا إلى هذه المواهب الإلهية وما تستبطنه من منافع لهم.

والملفت للنظر أن القاعدة تقتضي أن يكون هناك «ضمير» بدل «الناس» الثانية ، فيكون القول : لكن أكثرهم لا يشكرون ، إلّا أنّ ذكر «الناس» بدلا عن الضمير كأنّه يشير إلى أن طبع الإنسان الجاهل هو كفران النعم وترك الشكر ، كما نقرأ ذلك واضحا في الآية (٣٤) من سورة إبراهيم ، في قوله تعالى :( إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) . (يلاحظ هذا المعنى في تفسير الميزان وروح المعاني).

أمّا إذا ملك الإنسان عينا بصيرة وقلبا عارفا بحيث يرى النعم الإلهية اللامتناهية في كلّ مكان يحل به ، وينظر إلى فيض النعم والعطايا والمواهب الربانية ، فسيضطر طبيعيا إلى الخضوع والعبودية والشكر ، ويرى نفسه صغيرا مدينا إلى خالق هذه العظمة وواهب هذه العطايا. (عن معنى الشكر وأقسامه يمكن مراجعة البحث الخامس في تفسير الآية(٧) من سورة إبراهيم).

__________________

(١) يونس ـ ٨٧ والنمل ـ ٨٦ والقصص ـ ٧١.

٣٠٣

الآية التي تليها تبدأ من توحيد الرّبوبية وتنتهي بتوحيد الخالقية والرّبوبية.

فتقول أوّلا :( ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ ) ومربيكم الذي من صفاته أنّه :( خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) .

ولا معبود إلّا الله :( لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ) .

في الواقع إنّ وجود كلّ هذه النعم دليل على الربوبية والتدبير ، وخالق كلّ شيء عنوان لصفة التوحيد في الربوبية ، لأنّ الخالق هو المالك والمربي. ومن المعلوم أنّ الخلق يستدعي الرعاية الدائمة لأن الخالقية لا تعني أنّ الله يخلق الخلق ويتركها وشأنها ، بل لا بدّ وأن يكون الفيض الالهي مستمرا في كلّ لحظة على جميع الموجودات. ولذلك فهذه الخالقية لا تنفصل عن الرّبوبية.

ومن الطبيعي أن هذا الإله هو الوحيد الذي يستحق العبادة ، وأن ترجع إليه الأشياء.

لذا فإنّ جملة( خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) تعتبر الدليل لـ( ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ ) وإنّ( لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ) هي النتيجة لذلك.

وتتساءل الآية في نهايتها : كيف يسوّغ الإنسان لنفسه الانحراف والتنكّب عن الجادة المستقيمة؟ فيقول تعالى :( فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ) (١) .

ولماذا تتركون عبادة الله الواحد الأحد إلى عبادة الأصنام؟

والملاحظ أن «تؤفكون» صيغة مجهول ، بمعنى أنّها تحرفكم عن طريق الحق ، وكأنّ المراد هو أنّ المشركين فاقدون للارادة الى درجة أنّهم يساقون في هذا المسير دون اختيار أيّ نسبة من الحرية والإرادة والإختيار في هذا المجال!

الآية الأخيرة ـ من مجموعة الآيات التي نبحثها ـ تأتي وكأنّها تأكيد لمواضيع الآيات السابقة ، فيقول تعالى :( كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ ) .

«يجحدون» مشتقّة من مادة «جحد» وهي في الأصل تعني إنكار الشيء

__________________

(١) «تؤفكون» من «إفك» وتعني الانحراف والرجوع عن طريق الحق وجادة الصواب. ولهذا السبب يقال للرياح المضادة «المؤتفكات». ويعبّر عن «الكذب» بـ «الإفك» بسبب ما فيه من انحراف عن بيان الحق.

٣٠٤

الموجود في القلب والنفس. بمعنى أنّ الإنسان يقر في نفسه وقلبه بعقيدة أو نشيء ما ، وفي نفس الوقت ينفيه ويتظاهر بعكسه أو يعتقد بعدمه في نفسه ويثبته في لسانه.

ويطلق وصف الجحود على البخلاء والذين لا يؤمّل منهم الخير ويتظاهرون بالفقر دائما. أما «الأرض الجحدة» فهي التي لا ينبت فيها النبات إلا قليلا(١) .

بعض علماء اللغة أوجز في تفسير «جحد» و «جحود» بقولهم : الجحود الإنكار مع العلم(٢) .

وبناء على ما تقدم فإن الجحود يتضمّن في داخله نوعا من معاني العناد في مقابل الحق ، ومن الطبيعي أن من يتعامل مع الحقائق بهذا المنظور لا يمكن أن يستمر في طريق الحق ، فما لم يكن الإنسان باحثا عن الحقيقة وطالبا لها ومذعنا أمام منطقها فسوف لن يصل إليها مطلقا.

لذا فإنّ الوصول إلى الحق يحتاج مسبقا إلى الاستعداد والبناء الذاتي ، أيّ التقوى قبل الإيمان ، وهو الذي أشار إليه تعالى في مطلع سورة البقرة :( ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) .

* * *

__________________

(١) الراغب في المفردات مادة «جحد».

(٢) لسان العرب نقلا عن «الجوهري»

٣٠٥

الآيات

( اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٦٤) هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٥) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦٦) )

التّفسير

ذلكم الله ربّكم :

تستمر هذه المجموعة من الآيات الكريمة بذكر المواهب الإلهية العظيمة وشمولها للعباد ، كي تهب لهم المعرفة ، وتربي في نفوسهم الأمل بالدعاء والتسليم وطلب الحوائج من الله تعالى.

والطريف في الأمر هنا أنّ الآيات السابقة كانت تتحدث عن «النعم الزمانية» من ليل ونهار ، بينما تتحدث هذه المجموعة عن «النعم المكانية» أي الأرض القرار ، والسقف المرفوع (السماء) حيث تقول :( اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ

٣٠٦

قَراراً ) .

لقد خلق الله للإنسان الأرض كي تكون مقرّا هادئا ومستقرا آمنا له إنّه المكان الخالي من المعوقات الصعبة ، متناسق في تشكيلته مع تكوين الإنسان الروحي والجسدي ، حيث تتوفر في الأرض المصادر المختلفة للحياة والوسائل المتنوعة والمجانية التي يحتاجها لمعيشته.

ثم تضيف الآية :( وَالسَّماءَ بِناءً ) أي كالسقف والقبة فوقكم.

و «بناء» كما يقول «ابن منظور» في لسان العرب ، تعني البيوت التي كان عرب البادية يستفيدون منها ويستظلون تحتها كالخيم وما يستظل الإنسان تحته.

إنّه تعبير جميل ودال حيث يصوّر السماء كالخيمة التي تغطي أطراف الأرض ولا تنقص منها شيئا. والمقصود السماء هنا الغلاف الجوي الذي يحيط بالأرض.

إنّ الخيمة الإلهية الكبيرة هذه تقلل من شدّة أشعة الشمس ، وعدمها يعرض الأرض إلى الأشعة الكونية الحارقة القاتلة لجميع الكائنات الحية الموجودة على الأرض ، لذلك نرى أنّ رواد الفضاء مضطرين لارتداء ملابس خاصة تحميهم من هذه الإشاعات.

إضافة إلى ما تقدم ، تمنع الخيمة السماوية سقوط الأحجار التي تنجذب من السماء نحو الأرض ، حيث تقوم بإحراقها بمجرّد وصولها إلى غلاف الأرض ليصل رمادها بهدوء الى الأرض.

وإلى هذا المعنى تشير الآية (٣٢) من سورة الأنبياء ، حيث يقول تعالى :( وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً ) .

ثمّ ينتقل الحديث من آيات الآفاق إلى آيات الأنفس ، فيقول تعالى :( وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ) . القامة متوازنة خالية من الانحراف ، وجه في تقاطيع جميلة لطيفة وفي منتهى النظم والاستحكام ، إذ يمكن بلمحة واحدة التمييز بين الكائن البشري وبين الموجودات والكائنات الأخرى.

٣٠٧

إنّ الهيكل الإنساني الخاص يؤهل الإنسان لإنجاز مختلف الأعمال من الصناعة والزراعة والتجارة والإرادة ، وهو بامتلاكه للأعضاء المختلفة يعيش مرتاحا مستفيدا من مواهب الحياة وعطايا الخالق.

الإنسان على خلاف أغلب الحيوانات التي تشرب الماء بفمها ، فإنّه يحمل المشروبات والمأكولات بيديه ، ويقوم بشرب الماء في منتهى الدّقة واللطافة ، وهذا الأمر يجعل الإنسان أقدر على انتخاب ما يشاء من الأشربة والأطعمة. ويجعل ما يتناوله نظيفا غير مخلوط مع غيره. فهو مثلا يقشّر الفاكهة ويهذبها قبل تناولها ، ويرمي الأجزاء الزائدة.

لقد ذهب بعض المفسّرين في تفسير :( وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ) إلى معنى أوسع من الصورة والشكل الظاهري والتكوين الداخلي ، فقال : إن المعنى يتضمن كل الاستعدادات والأذواق التي خلقها الله في الإنسان وأودعها فيه ، ففضله بها على كثير ممن خلق.

وفي آخر الحديث عن سلسلة هذه العطايا والمواهب الإلهية ، تتحدث الآية عن النعمة الرّابعة ، وهي الرزق الطيب بقوله تعالى :( وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ) .

«الطيبات» تشتمل على معنى وسيع جدّا ، وهي تشمل الجيد من الطعام واللباس والزوجة والمسكن والدواب ، وهي أيضا تشمل الكلام والحديث الطيب الزكي النافع.

الإنسان يقوم بسبب جهله وغفلته بتلويث هذه المواهب الطاهرة والطيبات اللذيذة ، إلّا أنّ الله أبقى على نقائها وطهرها في عالم الوجود.

بعد بيان هذه المجموعة الرباعية من النعم الإلهية التي تتوزع بين الأرض والسماء وبين خلق الإنسان ، تعود الآية للقول :( ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُ

٣٠٨

الْعالَمِينَ ) (١) .

إنّ هذه المواهب تعود لله مدبر الكون خالق السماوات والأرض ، لذلك فهو الذي يليق بمقام الرّبوبية لا غير.

الآية التي بعدها تستمر في إثارة قضية توحيد العبودية من طريق آخر.

فتؤّكد انحصار الحياة الواقعية بالله تعالى وتقول :( هُوَ الْحَيُ ) .

إنّ حياته عين ذاته ، ولا تحتاج إلى الغير. حياته (جلّ وتعالى) أبدية لا يطالها الموت ، بينما جميع الكائنات الحية تتمتع بحياة مقرونة بالموت وحياتها محدودة وموقتة تسترفد هذه الحياة من الذات المقدسة.

لذلك ينبغي للإنسان الفاني المحدود المحتاج أن يرتبط في عبادته بالحي المطلق ، من هنا تنتقل الآية مباشرة إلى تقرير معنى الوحدانية في العبودية من خلال قوله تعالى :( لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ) .

وعلى أساس هذه الوحدانية تتقرّر قضية اخرى يتضمنها قوله تعالى :( فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) واتركوا جانبا كلّ شيء غيره. لأنّها جميعا فانية ، وحتى في حال حياتها فهي في تغيّر دائم «فالذي لا يتغيّر هو الله تعالى فقط. والذي لم يمت ولن يموت هو سبحانه فحسب».

ثم تنتهي الآية بقوله تعالى :( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) .

والتعبير القرآني درس للعباد بأن يتوجهوا الشكر والحمد إلى الخالق جلّ وعلا دون غيره ، فهو جزيل العطايا كثير المواهب مطلق النعم على عباده ، خاصّة نعمة الحياة والوجود بعد العدم.

الآية الأخيرة من المجموعة القرآنية ، هي في الواقع خلاصة لكل البحوث

__________________

(١) «ذلكم» اسم إشارة للبعيد ، واستخدامها في مثل هذه الموارد كناية على العظمة وعلو المقام.

٣٠٩

التوحيدية الآنفة ، وجاءت لكي تقضي على أدنى بارقة أمل قد يحتمل وجودها في نفوس المشركين ، إذ يقول تعالى موجها كلامه إلى النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي ) .

ولم ينهاني ربّي عن عبادة غيره فحسب ، بل :( وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ) . نهى عن عبادة الأصنام يتبعه ـ مباشرة ـ بدليل منطقي من البراهين والبينات ومن العقل والنقل ، في أن يسلم لـ : «ربّ العالمين» وفي هذه العبارة أيضا دليل آخر على المقصود لأن كونه ربّ العالمين دليل كاف على ضرورة التسليم في مقابله.

ومن الضروري أن نشير إلى افتراق الأمر والنهي في هذه الآية ، فهناك أمر بالتسليم لله جلّ وعلا ، ونهي عن عبادة الأصنام ، وقد يعود السبب في التفاوت بين النهي والأمر إلى أنّ الأصنام قد تختص بصفة «العبادة» وحسب ، لذلك جاء النهي عن عبادتها. أما بالنسبة لله تعالى فبالإضافة إلى عبادته يجب التسليم له والانصياع والانقياد إلى أوامره وتعليماته.

لذلك نقرأ في الآيتين (١١ ـ ١٢) من سورة «الزمر» قوله تعالى :( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ) .

إنّ أمثال هذه الصيغ والأساليب المؤثرة يمكن أن نلمسها في كلّ مكان من كتاب الله العزيز ، فهي تجمع الليونة والأدب حتى إزاء الأعداء والخصوم ، بحيث لو كانوا يملكون أدنى قابلية لقبول الحق فسيتأثرون بالأسلوب المذكور.

ينبغي أن نلاحظ أيضا التعبير في قوله تعالى :( أُمِرْتُ إِنِّي نُهِيتُ ) أيّ عليكم أنتم أن تحاسبوا أنفسكم من دون أن يثير فيهم حسّ اللجاجة والعناد.

الكلام الأخير في هذه المجموعة من الآيات هو أنّها أعادت وصف الخالق بـ «ربّ العالمين» في ثلاث آيات متتالية :

٣١٠

تقول أولا :( فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ) .

ثم :( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) .

وأخيرا :( أُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ) .

إنّه نوع من أنواع الترتيب المنطقي الذي يصل بين أجزائها وجوانبها فالآية الأولى تشير إلى البركة وديموميتها ، والثانية إلى اختصاص الحمد والثناء بذاته المقدسة دون غيره ، وأخيرا تخصيص العبودية وحصرها به دون غيره عزّ اسمه.

* * *

٣١١

الآيتان

( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦٧) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٦٨) )

التّفسير

المراحل السبع لخلق الإنسان :

تتميما لما تحدثت به الآيات السابقة عن قضية التوحيد ، تستمر الآيات التي بين أيدينا في إثارة نفس الموضوع من خلال الحديث عن «الآيات الأنفسية» والمراحل التي تطوي خلق الإنسان وتطوره ، من البدء إلى النهاية.

الآية الكريمة تتحدث عن سبع مراحل تكشف عن عظمة الخالق جلّ وعلا وجزيل مواهبه ونعمه على العباد.

يقول تعالى :( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً

٣١٢

مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) .

يتضح من سياق الآية الكريمة أنّ المرحلة الأولى أو بداية الإنسان في مسيرة الخلق والوجود تكون من التراب ، حيث خلق الله أبانا الأوّل آدمعليه‌السلام من تراب ، أو أنّ جميع البشر خلقوا من التراب ، ذلك أنّ المواد الغذائية التي تشكل قوام الإنسان ووجوده ، بما في ذلك النطفة ، سواء كانت حيوانية أم نباتية كلّها تستمد أساسها وأصولها من التراب.

المرحلة الثانية ، هي مرحلة النطفة التي تشمل جميع البشر كأصل ثان في وجودهم عدا آدم وزوجته حوّاء.

المرحلة الثّالثة التي تتكامل فيها النطفة وتنمو بشكل مستمر وتتحول إلى قطعة دم والمسمى بمرحلة «العلقة».

بعد ذلك تتحول «العلقة» إلى «مضغة» أشبه ما تكون باللحم «الممضوغ» مرحلة ظهور الأعضاء ، ثمّ مرحلة الحس والحركة ، والآية لا تشير هنا إلى هذه المراحل الثلاث ، لكن الآيات الأخرى أشارت إلى ذلك بشكل واضح.

المرحلة الرّابعة تتمثل في ولادة الجنين. بينما تتمثل المرحلة الخامسة في تكامل القوّة الجسمية التي قيل إنها تتم في سن الثلاثين ، حيث سيحرز الجسم الإنساني أكبر قدر ممكن من نموه وتكامل قواه.

وقال البعض : إنّ الإنسان يصل هذه المرحلة قبل هذا السن ، ومن الممكن أن تختلف هذه المرحلة عند الأشخاص إلى أن يحرز الإنسان فيها مرحلة «بلوغ الأشد» حسب التعبير القرآني.

بعد ذلك تبدأ مرحلة الرجوع القهقري إلى الوراء ، فيفقد الإنسان قواه تدريجيا ، فيصل إلى الشيب الذي يعتبر المحطة السادسة من محطات الإنسان.

أخيرا ، تنتهي حياة كلّ إنسان في الأرض بالموت والانتقال إلى العالم الآخر.

بعد كلّ هذه التغيرات والتطورات ، هل ثمّة من شك في قدرة وعظمة مبدئ

٣١٣

عالم الوجود ، وألطاف الله ومواهبه على الخلق؟!

الطريف أنّ الآية تستخدم في الإشارة إلى المراحل الأربع الأولى تعبير «خلقكم» لأنّ ليس للإنسان أي دور فيها ، حيث يتطور من التراب إلى النطفة ثمّ إلى العلقة فطفلا صغيرا من دون أن يكون له أي دور في هذه التحولات. لكن في المراحل الثلاث التي تلي الولادة ، أي مرحلة الوصول إلى أقصى القوة الجسمية ثمّ مرحلة الشيب وانتهاء العمر ، استخدمت الآية تعبير «لتبلغوا» و «لتكونوا» وفيها إشارة إلى كيان الإنسان الحرّ وفيها أيضا ما يشير إلى الحقيقة التي تقول : إنّ نمو الإنسان ووجوده عبر هذه المراحل الثلاث ، وتقدمه باطّراد أو تأخره ، ويرتبط بشكل أو بآخر بحسن تدبير الإنسان أو سوء تدبير ، حيث يبلغ من الشيخوخة أو يموت مبكرا ، وهذا يدل على مدى الدقّة في استخدام التعابير القرآنية الآنفة الذكر.

وسبق أن أشرنا إلى أنّ التعبير بـ «يتوفى» الذي يتضمن معنى الموت ، لا يعني الفناء التام وفق المنطق القرآني ، بل إنّ ملك الموت يمسك الروح ويقبضها بإذنه تعالى وبحسب الأجل الإلهي المحتوم ، فتنقل الأرواح إلى عالم آخر ألا وهو عالم «البرزخ».

إن تكرار مفاد هذا التعبير في القرآن الكريم ، يبيّن بوضوح نظرة الإسلام تجاه الموت ، هذا المفهوم الذي يخرج عن نطاق الفهم المادي الضيق الذي يقرن الموت بالفناء والعدم ، بينما الموت لا يعبّر إلّا عن انتقال الروح من هذا العالم إلى عال آخر هو عالم البقاء.

وقوله تعالى :( وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ ) قد يكون إشارة إلى حصول الموت قبل مرحلة الشيخوخة ، أو قد يعني الإشارة إلى المراحل السابقة بأجمعها ، بمعنى أنّ الموت قد يصيب الإنسان قبل أن يبلغ إلى مرحلة من المراحل السابقة.

ومن الضروري أن نشير هنا إلى أنّ جميع المراحل ، عدا المرحلة الأخيرة (أي بلوغ نهاية العمر وحلول الوفاة) قد عطفت بـ «ثم» وهي إشارة إلى السياق

٣١٤

التسلسلي الترتيبي في سياق وجودها في حياة الإنسان ، فمرحلة «المضغة» لا تسبق ـ مثلا ـ مرحلة «النطفة» وهكذا. وفي هذا النوع من العطف إشارة أيضا إلى وجود الفاصلة بين مرحلة واخرى.

أما عطف المرحلة الأخيرة بـ (الواو) فقد يكون السبب فيه أنّ نهاية العمر لا تكون بالضرورة بعد انتهاء مرحلة الشيخوخة ، إذ كثيرا ما يموت الإنسان قبل بلوغه إلى مرحلة الشيوخة (هناك بحث عن «الأجل المسمى» ذيل الآية ٢ سورة الأنعام والآية ٣٤ من سورة الأعراف والآية ٦١ من سورة النحل).

الآية الأخيرة في هذا البحث تتحدث عن أهم مظهر من مظاهر قدرة الله تبارك وتعالى متمثلة بقضية الحياة والموت ، هاتان الظاهرتان اللتان لا تزالان بالرغم من تقدم العلم وتطوره في نطاق الأمور الغامضة والمجهولة في معرفة الإنسان وعلمه.

قول تعالى :( هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ) .

إنّ الحياة والموت ـ بالمعنى الواسع للكلمة ـ بيد الله ، سواء تعلق ذلك بالإنسان أو النبات أو أنواع الحيوان والموجودات الأخرى التي تتجلى فيها الحياة بأشكال متنوعة.

إنّ نماذج الحياة تعتبر أكثر النماذج تنوعا في عالم الوجود وكل الكائنات تنتهي بأجل معين إلى الموت ، سواء في ذلك الكائن ذو الخلية الواحدة أو الحيوانات الكبيرة ، أو التي تعيش في الأعماق المظلمة للمحيطات والبحار ، أو الطيور التي تعانق السماء ، ومن الاحياء احادية الخلية السابحة في أمواج المحيطات إلى الأشجار التي يبلغ طولها عشرات الأمتار ، فإنّ لكل واحد منها حياة خاصّة وشرائط معينة ، وبهذه النسبة تتفاوت عملية موتها ، وبدون شك فإن اشكال الحياة هي أكثر اشكال الخلقة تنوعا وأعجبها.

إنّ الانتقال من عالم إلى آخر ، من الوجود المادي الى الحياة ، ومن الحياة في

٣١٥

هذه الدّنيا الى ما بعد الموت يستبطن أسرارا وعجائب بليغة تحكي عظمة الخالق ومدى قدرته في هذه الخليقة العجيبة المتنوعة وكل واحدة من هذه القضايا المعقدة والمتنوعة لا تعتبر مشكلة وعسيرة في متناول قدرة الخالق جلّ وعلا ، حيث تتحقق بمجرّد إرادته.

لذلك تقول الآية في نهايتها بيانا لهذه الحقيقة :( فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) .

إنّ كلمة «كن» وبعدها «فيكون» هي من باب عدم قدرة الألفاظ على استيعاب حقيقة الإرادة والقدرة الإلهية ، وإلّا فليس ثمّة من حاجة إلى هذه الجملة ، لأنّ إرادة الله هي نفسها حدوث الكائنات ووجودها(١) بدون فصل

* * *

__________________

(١) راجع تفسير قوله تعالى :( كُنْ فَيَكُونُ ) في أثناء الحديث عن الآية (١١٧) من سورة البقرة.

٣١٦

الآيات

( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (٦٩) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (٧٢) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٧٣) مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ (٧٤) ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (٧٥) ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٦) )

التّفسير

عاقبة المعاندين المغرورين :

مرة اخرى تعود آيات الله البينات للحديث عن الذين يجادلون في آيات الله ولا يخضعون إلى منطق الحق ودلائل النبوّة ومضامين دعوات الأنبياء والرسل.

هذه الآيات تتحدث عن مصير هؤلاء ، فتقول :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ

٣١٧

اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ ) .

إنّ هذه المجادلة بالباطل المقترنة مع التعصب الأعمى جعلتهم يحيدون عن الصراط المستقيم ، لأنّ الحقائق لا تظهر أو تبيّن إلّا في الروح الباحثة عن الحقيقة ومن ثمّ الإذعان لمنطقها.

إنّ طرح هذه القضية من قبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بصيغة الاستفهام يؤكّد أنّ من يتمتع بذوق سليم ومنطق قويم يثيره العجب من إنكار هذه الفئة لكل هذه الآيات البينات والدلائل والمعجزات.

ثم تنتقل الآيات إلى بيان أمرهم عند ما تقول :( الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا ) .

من الضروري أن نشير أولا إلى أنّ السورة التي بين أيدينا تحدّثت أكثر من مرّة عن( الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ ) جاء ذلك في الآيتين (٣٥) و (٥٦) وهذه الآية. ونستفيد من القرائن أنّ المقصود بـ «آيات الله» هي دلائل النبوّة وعلائمها على الأكثر ، بالإضافة إلى ما تحويه الكتب السماوية. وطالما تتضمّن الكتب السماوية آيات التوحيد ، والمسائل الخاصة بالمبدأ والمعاد ، لذا فإنّ هذه القضايا مشمولة بجدال القوم وخصومتهم للحق.

وهل يستهدف التكرار تأكيد قضية هذا الموضوع ، أم أنّ كلّ آية تختص بطرح وموضوع يختلف عن أختها؟

الاحتمال الثّاني أقرب الى المراد. إذ يلاحظ أنّ لكل آية موضوع خاص.

فالآية (٥٦) تتحدث عن دواعي المجادلة وأهدافها أي الكبر والغرور في حين تتحدث الآية (٣٥) عن عقابهم الدنيوي متمثلا بأن ختم الله على قلوبهم.

أمّا الآية التي نتحدث عنها الآن فهي تتحدث عن العقاب الأخروي ، وأوصافهم في النّار ذات السعير.

من الضروري أن نشير أيضا إلى أنّ «يجادلون» فعل مضارع يدل على

٣١٨

الاستمرار. وهذه إشارة إلى أنّ مثل هؤلاء الأفراد الذين يكذبون بآيات الله لتبرير عقائدهم وأعمالهم السيئة المشينة ، إنّما يقومون بالمجادلة بشكل مستمر من خلال الأقوال والذرائع الواهية.

وتنتهي الآية بتهديد من خلال قوله تعالى :( فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) أي سوف يعلمون نتيجة أعمالهم وعاقبة أعمالهم السيئة وذلك في وقت( إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ) أيّ يلقي بهم في الماء المغلي ثمّ( فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ) (١) .

«يسجرون» من كلمة «سجر» على وزن «فجر» وتعني إشعال النّار وزيادة لهيبها ـ كما ذهب إليه الراغب في مفرداته –

أمّا الآخرون من أرباب اللغة والتّفسير فيقولون : إنها تعني ملء التنور بالنار(٢) .

لذلك يذهب بعض المفسّرين إلى أنّ هذه المجموعة من الكفّار تصبح وقودا للنار ، كما نقرأ ذلك في الآية (٢٤) من سورة البقرة :( فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ ) .

البعض الآخر يقول : إنّ معنى الآية هو أنّ هؤلاء ستملأ النّار كلّ وجودهم وتستوعب كامل كيانهم. (طبعا ليس ثمّة تعارض بين المعنيين).

هذا النوع من العقاب للمعاندين والمتكبرين والمجادلين يعتبر في الواقع انعكاس لأعمالهم في هذه الدنيا ، حيث كذّبوا بآيات الله بسبب كبريائهم

__________________

(١) «الأغلال» جمع «غل» وتعني الطوق حول العنق أو الرجل. وهي في الأصل مأخوذة من كلمة «غلل» على وزن «أجل» بمعنى الماء الذي يجري بين الأشجار. ويطلق على «الخيانة» (غلول) وعلى الحرارة الناشئة من العطش «غليل» وذلك بسبب نفوذها تدريجا إلى داخل أعماق الإنسان.

«السلاسل» فهي جمع «سلسلة ، و «يسحبون» من كلمة «سحب» على وزن (سهو).

(٢) يلاحظ ذلك في «تفسير الصافي» و «روح المعاني» و «الكشاف» في نهاية الآيات التي نبحثها. وفي لسان العرب : المعنى الأصلي لـ «سجر» هو الملء. فيقال «سجرت النهر» أي ملأته ماء.

٣١٩

وغرورهم ، وقيدوا أنفسهم بسلاسل التقليد الأعمى ، وفي يوم الجزاء والقيامة ستطوقهم السلاسل من الأعناق بمنتهى الذلّة ، وسيسحبون أذلاء إلى نار جهنم وبئس المصير.

إضافة إلى هذا العذاب الجسماني سيعاقبون بمجموعة من أنواع العذاب الروحي والنفسي كما تشير إليه الآية التالية ، حيث يقول تعالى :( ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ) ؟!

أي أين شركاؤكم من دون الله كي ينقذوكم من هذا العذاب الأليم وأمواج النّار المتلاطمة؟ ألم تقولوا : إنّكم تعبدونهم وتطيعونهم وتتخذونهم أربابا ليشفعوا لكم ، إذا أين شفاعتهم الآن؟!

فيجيبون بخضوع يغشاهم وذلك يعلوهم :( قالُوا ضَلُّوا عَنَّا ) (١) أيّ اختفوا وهلكوا وأبيدوا بحيث لم يبق منهم أثر.

ولا ريب ، فإنّ من كانوا يدعونه من دون الله هم في نار جهنم ، وقد يكونون بجانبهم ، إلّا أنّهم لا ينفعون ولا يؤثرون وكأنّهم قد اختلفوا!

وعند ما يرى هؤلاء أنّ اعترافهم بعبادة الأصنام أصبح عارا عليهم وعلامة تميزهم ، فإنّهم يبدأون بالإنكار فيقولون :( بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً ) .

لقد كانت الأصنام مجرّد أوهام ، لكنّا كنّا نظن أنّها تمثل حقائق ثابتة ، لكنّها أصبحت كالسراب الذي يتصوره العطشان ماء. أمّا اليوم فقد ثبت لنا أنّها لم تكن سوى أسماء من غير مسمى وألفاظ ليس لها معنى ، وأنّ عبادتها لم تنفعنا بشيء سوى الضلال. لذلك فهؤلاء اليوم بمواجهة الواقع الذي لا سبيل إلى إنكاره.

هناك احتمال آخر في تفسير الآية ، هو أنّهم سيكذبون لينقذوا أنفسهم من الفضيحة ، كما نقرأ ذلك في الآيتين (٢٣) و (٢٤) من سورة الأنعام :( ثُمَّ لَمْ تَكُنْ

__________________

(١) لقد ذكر المفسرون معنيين لكلمة «ضلوا» فالبعض اعتبرها بمعنى ضاعوا وهلكوا ، بينما قال البعض الآخر : إنها بمعنى «غابوا» كقولنا «ضلت الدابة» أي غابت فلم يعرف مكانها.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

لقاء الحبيبين على يد بقية السبطين :

ثم لقي الحسينعليه‌السلام عبد الله ، فقال : ما أنكرت مالك ، وإنما زعمت أنه كما دفعته إليها بطابعك ، فادخل إليها واستوف مالك منها. قال عبد الله : أو تأمر من يدفعه إليّ. قال : لا ، حتّى تقبض مالك منها ، كما دفعته إليها ، وتبرئها منه إذا أدته إليك.

فلما دخل عليها عبد الله قال لها الحسينعليه‌السلام : هذا عبد الله بن سلام قد جاء يطلب وديعته ، فأدّي إليه أمانته. فأخرجت إليه البدر ، فوضعتها بين يديه ، وقالت :هذا مالك ، فشكر وأثنى. وخرج الحسينعليه‌السلام عنهما. وفضّ عبد الله خواتم بدره ، وحثا لها من ذلك الدرّ حثوات ، وقال : خذي هذا فهو قليل مني. فاستعبرا جميعا ، حتّى علت أصواتهما بالبكاء ، أسفا على ما ابتليا به.

فدخل الحسينعليه‌السلام عليهما وقد رقّ لهما للذي سمع منهما. فقال : أشهد الله أنها طالق. الله م إنك قد تعلم أني لم أستنكحها رغبة في مالها ولا جمالها ، ولكني أردت إرجاعها لبعلها ، فأوجب لي بذلك الأجر. ولم يأخذ شيئا مما ساقه لها من مهرها. فسألها عبد الله أن تصرف إلى الحسينعليه‌السلام ما كان ساق لها ، فأجابته إلى ذلك ، شكرا لما صنعه بها ، فلم يقبله الحسينعليه‌السلام ، وقال : الّذي أرجو عليه من الثواب خير وأولى.

فلما انقضت أقراؤها تزوجها عبد الله بن سلام ، وبقيا زوجين سعيدين إلى أن فرّق الموت بينهما

وباءت مكيدة معاوية وابنه يزيد بالفشل ، لأنها مكيدة غدر وضرر ، ونجحت مبادرة الحسينعليه‌السلام لأنها مبادرة برّ وخير ، وصدق من قال : «كلّ إناء ينضح بما فيه». فهذه كانت أخلاق آل أبي سفيان ، وتلك كانت أخلاق آل بيت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

يقول السيد محسن الأمين في (المجالس السنيّة) ج ٣ ص ٧٣ بعد إيراد هذه القصة : ومن هذا وشبهه كانت الأحقاد تزداد في قلب يزيد على الحسينعليه‌السلام ، حتّى أظهر الشماتة والفرح يوم جيء إليه برأس الحسينعليه‌السلام .

٣٨١

مرض معاوية وهلاكه

٤١٤ ـ مرض معاوية ووصيته :

(معالي السبطين في أحوال السبطين للمازندراني ، ج ١ ص ١٢٣)

في (الناسخ) أن معاوية عاش ثمانين سنة. ولما تصرّمت أيامه ، وردت عليه كتب من أهل المدينة ، فوجد فيها رقعة مكتوب فيها :

إذا الرجال ولدت أولادها

واضطربت من كبر أعضادها

وجعلت أسقامها تعتادها

فهي زروع قد دنا حصادها

فقال معاوية : هذه الرقعة تهددني بالموت وتنعى إليّ نفسي. فما مضت إلا أيام قلائل حتّى ابتدأ به المرض والوجع.

قال المسعودي : إن معاوية دخل الحمّام في بدء علة كانت وفاته فيها ، فرأى نحول جسمه ، فبكى لفنائه وما قد أشرف عليه من الدثور الواقع بالخليقة ، وقال متمثّلا :

أرى الليالي أسرعت في نقضي

أخذن بعضي ، وتركن بعضي

حنين طولي وحنين عرضي

أقعدنني من بعد طول نهضي

فلما اشتدت علته وأيس من برئه ، أنشأ يقول :

فياليتني لم أعن في الملك ساعة

ولم أك في اللذات أعشى النواظر

وكنت كذي طمرين عاش ببلغة

من الدهر حتّى زار أهل المقابر

فلما مرض المرضة التي مات بها كان يبكي ، فقال له مروان : أتجزع من المرض؟. قال : لا بل أبكي وأجزع على نفسي مما ارتكبت ، وهو قتل حجر بن عدي وأصحابه ، وغصب عليعليه‌السلام حقه ومحاربتي معه ، وتوليتي يزيد على أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكان معاوية في مرضه ربما اختلط في بعض الأوقات. فقال مرة : كم بيننا وبين الغوطة؟. فصاحت بنته : واحزناه! ثم مات.

وفي مخطوطة مصرع الحسين [مكتبة الأسد] ص ٣ :

وجاء في الخبر : أنه لما حضرت معاوية الوفاة دعا بولده يزيد ، وكان واليا على مدينة حمص ، استدعاه إلى دمشق ليوصيه.

٣٨٢

٤١٥ ـ وصية معاوية لابنه يزيد :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ١٧٤)

ثم قال معاوية ليزيد : إني من أجلك آثرت الدنيا على الآخرة ، ودفعت حق علي بن أبي طالب ، وحملت الوزر على ظهري ، وإني لخائف أنك لا تقبل وصيتي ، فتقتل خيار قومك ، ثم تغزو حرم ربك ، فتقتلهم بغير حق ، ثم يأتي الموت بغتة ، فلا دنيا أصبت ولا آخرة أدركت.

يا بنيّ إني جعلت هذا الملك مطعما لك ولولدك من بعدك ، وإني موصيك وصية فاقبلها ، فإنك تحمد عاقبتها ، وإنك بحمد الله صارم حازم.

انظر أن تثب على أعدائك كوثوب الهزبر البطل ، ولا تجبن كجبن الضعيف النّكل.

وفي (تذكرة الخواص) ص ٢٤٦ ط ٢ نجف :

فإني قد كفيتك الحلّ والترحال ، ووطّأت لك البلاد والرجال ، وأخضعت لك أعناق العرب. وإني لا أتخوّف عليك أن ينازعك هذا الأمر الّذي أسّست (استتبّ) لك ، إلا أربعة نفر من قريش : الحسين بن علي ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الرحمن بن أبي بكر.

فأما ابن عمر ، فرجل قد وقذته (أي أنحلته) العبادة ، وإذا لم يبق أحد غيره بايعك.

وأما الحسين ، فإن أهل العراق لن يدعوه حتّى يخرجوه ، فإن خرج عليك فظفرت به ، فاصفح عنه ، فإن له رحما ماسّة وحقا عظيما.

وأما ابن أبي بكر ، فإنه ليست له همّة إلا في النساء واللهو ، فإذا رأى أصحابه قد صنعوا شيئا صنع مثله.

وأما الّذي يجثم لك جثوم الأسد ، ويطرق (أي يضرب) إطراق الأفعوان ، ويراوغك مراوغة الثعلب (فإن أمكنته فرصة وثب) ، فذاك ابن الزبير. فإن وثب عليك وأمكنتك الفرصة منه ، فقطّعه إربا إربا.

تابع وصية معاوية ليزيد فيما يخص معاملة أهل الحجاز والعراق والشام :

(المصدر السابق ، ص ١٧٦)

ثم قال معاوية : وانظر إلى أهل الحجاز ، فإنهم أصلك وفرعك ، فأكرم من قدم عليك منهم ، ومن غاب عنك فلا تجفهم ولا تعقّهم.

٣٨٣

وانظر إلى أهل العراق ، فإنهم لا يحبونك أبدا ولا ينصحونك. ولكن دارهم ما أمكنك واستطعت ، وإن سألوك أن تعزل عنهم في كل يوم عاملا فافعل ، فإنّ عزل عامل واحد هو أيسر عليك وأخفّ من أن يشهروا عليك مائة ألف سيف.

وانظر يا بني أهل الشام ، فإنهم بطانتك وظهارتك ، وقد بلوتهم وخبرتهم وعرفت نياتهم ، وهم صبر عند اللقاء ، حماة في الوغى. فإن دار بك أمر من عدوّ يخرج عليك فانتصر بهم ، فإذا أصبت منهم حاجتك فارددهم إلى بلادهم يكونوا بها إلى وقت حاجتك إليهم.

قال : ثم تنفّس الصّعداء ، ثم غشي عليه ، فلم يفق من غشيته يومه ذلك. فلما أفاق قال : أوه( جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ ) [الإسراء : ٨١]. ثم جعل يقول :

إن تناقش يكن نقاشك يا

ربّ عذابا لا صبر لي بالعذاب

أو تجاوز فأنت ربّ رحيم

عن مسيء ذنوبه كالتراب

٤١٦ ـ وصية معاوية بوضع شيء من شعر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وظفره في فمه وعينه :

(المصدر السابق ، ص ١٧٧)

ثم قال معاوية : اعلموا أني كنت بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم وهو يقلّم أظفاره ، فأخذت القلامة ، وأخذت بمشقص من شعره على الصفا ، وجعلتها في قارورة هي عندي ، فاجعلوا أظفاره وشعره في فمي وأذني ، وصلّوا عليّ وواروني في حفرتي ، وذروني وربي ، فإنه غفور رحيم. ثم انقطع كلامه فلم ينطق بشيء.

وفي رواية القرماني في (أخبار الدول) ص ١٢٩ :

وكان عند معاوية شيء من شعر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقلامة ظفره ، فأوصى أن يجعل ذلك في فمه وعينيه ، وأن يكفّن بثوب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقال : افعلوا ذلك وخلوّا بيني وبين أرحم الراحمين.

٤١٧ ـ تعليق على وصية معاوية ليزيد :

(حياة الإمام الحسين بن عليعليه‌السلام لباقر شريف القرشي ، ج ٢ ص ٢٣٧)

بعد استعراض الوصية قال السيد باقر شريف القرشي :

وأكبر الظن أن هذه الوصية من الموضوعات. فقد افتعلت لإثبات حلم معاوية ، وأنه عهد إلى ولده بالإحسان الشامل إلى المسلمين ، وهو غير مسؤول عن تصرفاته.

٣٨٤

وفيها أن يعامل أهل العراق معاملة جيدة ، وكذلك أهل الحجاز ، وخاصة الحسينعليه‌السلام .

لكن الواقع أن مقابل هذه الوصية الظاهرية هناك وصية مستورة تعاكسها ، وهي الحقيقة التي ستطبق.

فقد روى المؤرخون أن معاوية أوصى يزيد بإرسال مسلم بن عقبة إلى المدينة إذا لم يبايعوا ، وكان (مسلم) جزّارا جلّادا لا يعرف الرحمة والرأفة. فهل هكذا الإحسان للحجازيين؟!.

كما أوصى بتعيين عبيد الله بن زياد على العراق ، وهو أكبر دموي غادر ، فهل هكذا الإحسان للعراقيين؟!.

وإذا كان معاوية لم يتردد في اغتيال الإمام الحسنعليه‌السلام حتّى بعد ما بايعه ، فهل حقا يوصي ابنه بالحسينعليه‌السلام ، وأن يعفو عنه إذا ظفر به. ولو أن الوصية المزعومة كانت صحيحة لما كان يزيد ، لا همّ له بعد موت أبيه إلا تحصيل البيعة من الحسينعليه‌السلام . الصحيح أنه أوصاه أن يغتاله سرا ، فبعث إلى والي المدينة كتابا صغيرا منفصلا عن الكتاب الأصلي يأمره به بقتله أو يبايع. كما أمر والي مكة ـ فيما بعد ـ بأن يقتله على أي حال اتفق ، حتّى ولو كان متمسكا بأستار الكعبة!.

توضيح : زعم بعض المؤرخين أن معاوية كتب وصيته ليزيد ، ويزيد لم يكن حاضرا عنده. وقال بعضهم إنه كان حاضرا عند الوصية. ولكنهم أجمعوا على أنه لم يكن حاضرا عند موته ، بل كان في (حوّارين) من أعمال شرق حمص. ويمكن إزالة هذا التعارض بالقول إن معاوية كتب الوصية في غياب يزيد ، ولما حضر قرأ أبوه عليه الوصية. ثم إن يزيد سافر إلى حوّارين ، وما لبث أبوه أن مات وهو غائب عنه. فاستدعاه الضحّاك بن قيس ، فقدم لثلاثة أيام على وفاته.

يقول الدينوري في (الأخبار الطوال) : إن معاوية أوصى وكان يزيد غائبا ، ثم قدم عليه يزيد ، فأعاد عليه الوصية ، ثم قضى.

٤١٨ ـ وفاة معاوية وعمره :(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٧٧)

يقول الخوارزمي : فتوفي معاوية في غد ذلك اليوم ، وليس عنده يزيد (بل خرج إلى حوران للصيد). فكان ملكه تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر. وتوفي بدمشق يوم الأحد لأيام خلت من شهر رجب سنة ٦٠ ه‍ ، وهو ابن ثمان وسبعين ٧٨ سنة.

٣٨٥

٤١٩ ـ هلاك معاوية وتشييعه :

(الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري ، ج ١ ص ١٧٤)

ذكروا أن نافع بن جبير قال :

إني بالشام يوم موت معاوية ، وكان يزيد غائبا ، واستخلف معاوية الضحاك بن قيس بعده ، حتّى يقدم يزيد

فلما مات معاوية خرج الضحّاك على الناس ، فقال : لا يحملنّ اليوم نعش أمير المؤمنين إلا قرشي. قال : فحملته قريش ساعة.

ثم قال أهل الشام : أصلح الله الأمير ، اجعل لنا من أمير المؤمنين نصيبا في موته كما كان لنا في حياته. قال : فاحملوه ، فحملوه وازدحموا عليه ، حتّى شقّوا البرد الّذي كان عليه صدعين (أي نصفين).

٣٨٦

الفصل الحادي عشر

حكم يزيد بن معاوية

[غرة شهر رجب سنة ٦٠ ه‍]

٤٢٠ ـ الوضع الفلكي أول حكم يزيد :

(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٤١)

يقول اليعقوبي : وملك يزيد بن معاوية ، في مستهل رجب سنة ٦٠ ه‍ ، وكانت الشمس يومئذ في (الثور) درجة وعشرين دقيقة ، والقمر في (العقرب) كذا درجات وثلاثين دقيقة ، وزحل في (السرطان) إحدى عشرة درجة ، والمشتري في (الجدي) تسع عشرة درجة ، والمريخ في (الجوزاء) اثنتين وعشرين درجة وثلاثين دقيقة ، والزّهرة في (الجوزاء) ثماني درجات وخمسين دقيقة ، وعطارد في (الثور) عشرين درجة وثلاثين دقيقة.

٤٢١ ـ الحكم الوراثي :

لم يستنكر كثير من المسلمين بعد موت معاوية جلوس يزيد على الحكم ، رغم بشاعة هذا الأمر ومعارضته التامة لتعاليم الإسلام ، وما ذلك إلا لدهاء معاوية في التمهيد لهذا الأمر من قبل ، وتعويدهم عليه بعد استهجانه واستنكاره ، وهي من خطط الحكم الدكتاتوري الملكي الّذي ابتدعه معاوية ، وسرى داؤه في كل الحكم الأموي.

إن قانون ولاية العهد الّذي سنّه معاوية هو قانون اقتبسه من الأفكار الكسروية والهرقلية ليحارب به الإسلام. وهذا القانون إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على النزعة العنصرية. ومن عادة الطواغيت أنهم يحاولون أن تستمر مسيرتهم الدكتاتورية من خلال استمرارية وجودهم بشخص أبنائهم.

٤٢٢ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتنبّأ بحكم الطاغية يزيد :

في (الإتحاف بحب الأشراف) للشبراوي ، ص ٦٥ :

روى أبو يعلى من حديث أبي عبيدة رفعه : «لا يزال أمراء أمتي قائمين بالقسط حتّى يتسلمه رجل من بني أمية ، يقال له يزيد».

٣٨٧

وفي (تاريخ الخلفاء) للسيوطي ، ص ٢٠٧ :

وأخرج أبو يعلى في مسنده بسند ضعيف عن أبي عبيدة قال : «لا يزال أمر أمتي قائما بالقسط ، حتّى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية ، يقال له : يزيد».

ورواه غير أبو يعلى بدون تسمية يزيد ، لأنهم كانوا يخافون من تسميته.

ولهذا روى ابن أبي شيبة وغيره عن أبي هريرة أنه قال : الله م لا تدركني سنة ستين ولا إمرة الصبيان. وكانت ولاية يزيد فيها.

٤٢٣ ـ الفساد بعد عام الستين :(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٦ ص ٢٥٩)

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن أن الوليد بن قيس النجيعي حدثه أن أبا سعيد الخدري قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «يكون خلفّ من بعد الستين سنة( أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) (٥٩) [مريم : ٥٩]. ثم يكون خلف يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم (أي لا يتعدى حلوقهم) ، ويقرأ القرآن ثلاثة :مؤمن ومنافق وفاجر».

قال بشير : فقلت للوليد بن قيس : ما هؤلاء الثلاثة؟. قال : المنافق كافر به ، والفاجر يتأكلّ به ، والمؤمن يؤمن به. (رواه أحمد بسند جيد قوي).

٤٢٤ ـ خلافة يزيد بن معاوية في رجب سنة ٦٠ ه‍ :

(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ١٨٨ طبعة أولى مصر)

قال هشام بن محمّد الكلبي عن أبي مخنف : ولي يزيد بن معاوية في هلال رجب سنة ٦٠ ه‍.(وفي رواية) : بويع ليزيد بالخلافة بعد وفاة أبيه معاوية للنصف من رجب ، وقيل لثمان بقين منه.

٤٢٥ ـ ذكر مدة خلافة يزيد بن معاوية وعمره :

قال المسعودي في (مروج الذهب) ج ٣ ص ٦٣ :

بويع يزيد بن معاوية ، فكانت أيامه ثلاث سنين وثمانية أشهر إلا ثماني ليال.

وهلك يزيد بحوّارين من أرض دمشق ، لسبع عشرة ليلة خلت من صفر سنة ٦٤ ه‍ ، وهو ابن ٣٣ سنة.

وقال ابن الطقطقا في (الفخري) ص ١١٣ :

كانت ولاية يزيد على أصح القولين ثلاث سنين وستة أشهر. ففي السنة الأولى

٣٨٨

قتل الحسين بن عليعليه‌السلام ، وفي السنة الثانية نهب المدينة وأباحها ثلاثة أيام ، وفي السنة الثالثة غزا الكعبة.

وفي (تاريخ أبي الفداء) ج ٢ ص ١٠٤ :

وكانت مدة خلافته ثلاث سنين ونصف.

وقال السيوطي في (تاريخ الخلفاء) ص ٢٠٥ :

يزيد بن معاوية الأموي ، أبو خالد. ولد سنة ٢٥ أو ٢٦ ه‍.

وقال ابن عبد ربه في (العقد الفريد) ج ٤ ص ٣٠٥ :

مات يزيد يوم الخميس لأربع عشرة خلت من ربيع الأول سنة ٦٤ ه‍ ، وعمره ٣٨ سنة. ودفن بحوّارين خارجا من المدينة.

وقال المسعودي في (التنبيه والإشراف) ص ٢٦٤ : وهلك يزيد بحوّارين من أرض دمشق ، مما يلي قارا والقطيفة طريق حمص في البر ، لسبع عشرة ليلة خلت من صفر سنة ٦٤ ه‍ ، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. وكانت أيامه ثلاث سنين وسبعة أشهر و ٢٢ يوما.

٤٢٦ ـ صفة يزيد وهيئته :

قال المسعودي في (التنبيه والإشراف) ص ٢٦٤ : كان يزيد آدم ، شديد الأدمة ، عظيم الهامة ، بوجهه أثر جدري بيّن. يبادر بلذته ، ويجاهر بمعصيته ، ويستحسن خطأه ، ويهوّن الأمور على نفسه في دينه ، إذا صحّت له دنياه.

وقال السيوطي في (تاريخ الخلفاء) : كان ضخما ، كثير اللحم ، كثير الشعر.

وقال ابن عبد ربه في (العقد الفريد) : كان آدم جعدا مهضوما ، أحور العينين ، بوجهه آثار جدري ، حسن اللحية خفيفها.

وكان كاتبه وصاحب أمره : سرجون بن منصور.

وقال المازندراني في (معالي السبطين) ج ٢ ص ٩١ :

بل صفاته كصفات العبيد : ذميم الوجه ، قبيح المنظر ، أفطس الأنف ، أسود الخدّ ، بشدقه ضربة كزند البعير ، غليظ الشفتين ، جدريّ الخدين. وكان على وجهه أثر ضربة. إذا تكلم كان جهير الصوت.

٣٨٩

٤٢٧ ـ وصف الطرمّاح لسوء خلقة يزيد :(المصدر الأخير)

ولنعم ما قال الطرمّاح. لما دخل على معاوية نظر إلى يزيد وهو جالس على السرير ، فلم يسلّم عليه ، وقال : من هذا الغيشوم الميشوم ، المضروب على الخيشوم ، الواسع الحلقوم ، طويل الخرطوم [أي الأنف]؟. فقالوا : صه يا أعرابي ، هذا يزيد. قال : ومن يزيد لا زاد الله في مرامه ، ولا بلغّه مراده.والحاصل أن صفات يزيد كصفات الأداني ، وهيئته كهيئة العبيد.

٤٢٨ ـ (ميسون) أم يزيد :(تاريخ أبي الفداء ، ج ٢ ص ١٠٤)

وكانت أمه : ميسون بنت بجدل الكلبية ، أقام يزيد معها بين أهلها في البادية ، وتعلم الفصاحة ونظم الشعر هناك ، في بادية بني كلب [وهي البادية الممتدة شرق حمص ، ومن قارا والقطيفة إلى القريتين]. وكان سبب إرساله مع أمه إلى هناك ، أن معاوية سمع ميسون تنشد هذه الأبيات وهي جالسة في قصره :

لبيت تخفق الأرواح فيه

أحبّ إليّ من قصر منيف

ولبس عباءة وتقرّ عيني

أحبّ إليّ من لبس الشفوف

وخرق من بني عمي فقير

أحبّ إليّ من علج عنيف

فطلقّها معاوية ، وبعثها مع يزيد إلى أهلها ، وهي حامل.

٤٢٩ ـ أولاد يزيد وزوجاته :(العقد الفريد لابن عبد ربه ، ج ٤ ص ٣٠٥)

ليزيد عدة أولادهم :

ـ معاوية وخالد وأبو سفيان ، أمهم : فاختة بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة.

ـ وعبد الله وعمر ، أمهما : أم كلثوم بنت عبد الله بن عباس.

وكان ابنه عبد الله ناسكا ، وولده خالد عالما. لم يكن في بني أمية أزهد من عبد الله ، ولا أعلم من خالد.

روى الأصمعي عن أبي عمرو قال : أعرق الناس في الخلافة (عاتكة) بنت يزيد ابن معاوية : أبوها خليفة ، وجدها معاوية خليفة ، وأخوها معاوية الثاني خليفة ، وزوجها عبد الملك بن مروان خليفة ، وأربّاؤها الوليد وسليمان وهشام خلفاء.

وذكر السلطان الأشرف عمر بن يوسف في (طرف الأصحاب في معرفة الأنساب) أن أولاد يزيد هم :

٣٩٠

معاوية وخالد وعبد الله الأكبر والأصغر وعمير وعبد الرحمن وعتبة ويزيد ومحمد وحرب والربيع وعبد الله.

وفي (مروج الذهب) للمسعودي ، ج ٣ ص ٩٨ قال :

خلّف معاوية : عبد الرحمن ، يزيد ، عبد الله ، هندا ، رملة ، صفية.

وخلّف ابنه يزيد : معاوية ، خالد ، عبد الله الأكبر ، أبا سفيان ، عبد الله الأصغر ، عمر ، عاتكة ، عبد الرحمن ، عثمان ، عتبة الأعور ، أبا بكر ، محمّد ، يزيد ، أم يزيد ، أم عبد الرحمن ، رملة.

(أقول) : وأفضلهم قاطبة معاوية (الثاني) المسمى بمعاوية الصغير ، وهو الّذي وصّى له يزيد بالخلافة ، فخلع نفسه منها معترفا بأخطاء أبيه وأجداده ، ولو علم أبوه أنه سيفعل ذلك ما كان وصّى له.

وأفضل زوجاته (هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز) التي استنكرت على يزيد أعماله الشائنة ، وقتله للحسينعليه‌السلام ، ودخلت عليه مجلسه ووبّخته. في حين أحسنت ضيافة زينبعليها‌السلام والهاشميات في دار يزيد حين جئن سبايا إلى الشام.

وسوف نتناول بالتفصيل نسب يزيد وأمه ميسون ، وكذلك معاوية وأمه هند بنت عتبة ، في آخر فصل من الجزء الثاني من الموسوعة ، وهو نسب يندى له الجبين.

٤٣٠ ـ فسوق يزيد :(مروج الذهب للمسعودي ، ج ٣ ص ٨١ و ٧٧)

وليزيد أخبار عجيبة ومثالب كثيرة : من شرب الخمر ، وقتل ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولعن الوصيعليه‌السلام ، وهدم البيت وإحراقه ، وسفك الدماء ، والفسق والفجور ، وغير ذلك ، مما قد ورد فيه الوعيد باليأس من غفرانه ، كوروده فيمن جحد توحيده وخالف رسله.

وفي أيام يزيد ظهر الغناء بمكة والمدينة ، واستعملت الملاهي ، وأظهر الناس شرب الشراب. وكان له قرد يكنّى بأبي قبيس ، يحضره مجلس منادمته ، ويطرح له متّكأ ، وكان قردا خبيثا ، وكان يحمله على أتان (أي حمارة) وحشية قد ريضت ، وذلّلت لذلك بسرج ولجام.

وقال البلاذري في (أنساب الأشراف) ج ٤ ص ١ :

وكان يزيد بن معاوية أول من أظهر شرب الشراب ، والاستهتار بالغناء والصيد ،

٣٩١

واتخاذ القيان والغلمان ، والتفكّه بما يضحك منه المترفون ، من القرود والمعافرة بالكلاب والديكة.

شرح : المعافرة : هي المهارشة ، وهي أن يدع الكلاب تثب على بعضها وتتقاتل.

وقال الاصفهاني في (الأغاني) ج ١٦ ص ٦٨ :

كان يزيد بن معاوية أول من سنّ الملاهي في الإسلام من الخلفاء ، وآوى المغنين وأظهر الفتك وشرب الخمر. وكان ينادم عليها سرجون النصراني مولاه ، والأخطل الشاعر النصراني ، وكان يأتيه من المغنين (سائب خاثر) فيقيم عنده فيخلع عليه.

وقال ابن الطقطقي في (الآداب السلطانية) ص ١١٣ : ثم ملك يزيد ، وكان موفور الرغبة في الله والقنص والخمر والنساء والشعر.

٤٣١ ـ اقتداء حاشية يزيد به في الفسوق :

(مرآة العقول للمجلسي ، المقدمة للسيد مرتضى العسكري ، ج ٢ ص)

وكان من الطبيعي أن يتأثر بيزيد حاشيته ، ويتظاهر الخلعاء والماجنون أمرهم ، كما ذكره المسعودي في (مروج الذهب) قال :

وغلب على أصحاب يزيد وعماله ما كان يفعله من الفسوق. وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة ، واستعملت الملاهي ، وأظهر الناس شرب الشراب.

٤٣٢ ـ استخدام يزيد للنصارى :

(منتخبات التواريخ لدمشق لمحمد أديب الحصني ، ج ١ ص ٨٦)

وقد كان يزيد يتزيّد في تقريب المسيحيين ، ويستكثر منهم في بطانته الخاصة.

وقد استخدم المسيحيين في مصالح الملك في زمن خلافته ، فعهد بأمور المالية إلى منصور وسرجون من نصارى العرب السوريين. [وكان سرجون مستودع أسرار معاوية ، ثم اتخذه يزيد لمشورته في كل معضلة].

(أقول) : وإن تقريبه للمسيحيين منبعث من كون أمه مسيحية من بني كلب ، وهي ميسون بنت بجدل.

وهذه فكرة عن المنطقة التي تربّى فيها يزيد بين أخواله النصارى في (حوّارين) بعد أن طلّق معاوية أمه ، فالتحقت بأهلها.

٣٩٢

ـ خربة حوّارين :

قال الدكتور عفيف بهنسي في كتابه (سورية التاريخ والحضارة) ص ٥٨٦ :

خربة في هضبة حمص ، تقع في أرض سهلية متموجة ، فيها خرائب تعود إلى العصور التدمرية والبيزنطية والعربية الإسلامية. تمرّ بجوارها سكة حديد حمص ـ دمشق. وتنسب إلى يزيد بن معاوية [٦٠ ـ ٦٤ ه‍]. مع أنه لم يترك أثرا من المنشآت أو القصور ، ويرجع ذلك إلى انغماسه باللهو والصيد.

٤٣٣ ـ جبل (سنير):

جبل سنير : هو جبل حرمون ، بل هو سلسلة جبال لبنان الشرقية ، ويقع بين حمص وبعلبك ، وعلى رأسه قلعة سنير ، وهو يمتد مشرّقا حتّى القريتين.

ويقسم جبل سنير إلى ثلاثة أقسام ، مركزها دمشق أو جبل قاسيون ، وهي :

١ ـ جبل سنير الغربي : قضاء الزبداني ، ومنه جبل بلودان.

٢ ـ جبل سنير الشرقي والشمالي : قضاء النبك ، واسمه القديم القلمون.

٣ ـ جبل سنير الجنوبي : قضاء قطنا ، واسمه القديم الحرمون.

وفي (جولة أثرية في بعض البلاد الشامية) لأوليا جلبي ، ترجمة أحمد وصفي زكريا ، ص ٣٧١ :

كان جبل القلمون قبل الفتح الإسلامي يدعى (جبل سنير) وهو مأهول بأحفاد الآراميين ، سكان الشام الأقدمين ، بينهم فئة من الروم. ولما استقرت أقدام المسلمين في الشام ، سكن فيه من قبائل العرب بنو ضبّة وبعض بني كلب ، الذين منهم ميسون بنت بجدل أم يزيد بن معاوية ، وهذا هو السبب في تفضيل يزيد الإقامة واللهو في (حوّارين) والصيد في أعالي جبل سنير ، ليكون بين أخواله.

وفي (أنساب الأشراف) : أن (حوّارين) هو الاسم القديم (للقريتين).

وفي (منجد الأعلام) : أن (حوّارين) مكان بين دمشق وتدمر وحمص ، سكنه النصارى الآراميون في بداية العهد الأموي.

٣٩٣

ترجمة سرجون الرومي

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٦٩)

سرجون : كاتب يزيد وأنيسه وصاحب سره. نصراني كان مولى لمعاوية.

وفي كتاب (الإسلام والحضارة العربية) لمحمد كرد علي ، ج ٢

ص ١٥٨ : كان سرجون بن منصور من نصارى الشام. استخدمه معاوية في مصالح الدولة. وكان أبوه منصور على المال في الشام من عهد هرقل قبل الفتح ، ساعد المسلمين في قتال الروم.

ومنصور بن سرجون كانت له خدمة في الدولة كأبيه. وكان عمر ابن الخطاب يمنع من خدمة النصارى إلا إذا أسلموا.

٤٣٤ ـ أعمال يزيد ومعاوية كانت السبب الرئيسي لانقسام المسلمين وتفرق كلمتهم إلى يوم الدين :(منتخبات التواريخ ، ج ١ ص ٨٧)

يقول محمّد أديب الحصني :

ومن أشأم الوقائع التاريخية التي حدثت في عهد يزيد وأحدثت تبدلا عظيما في السياسة وتغيرا فاحشا في اجتماعات المسلمين : واقعة كربلاء المشهورة ، التي دوّنها المؤرخون ، وانتهت بقتل سيّد البيت العلوي المطهّر ورئيسه ، الإمام الحسين ابن علي سيد الشهداء ، وجماعة من سلالته وذوي رحمه ، أفظع قتل وأشنعه.

فهذه الدهماء والنازلة الشنعاء التي تسببت عن سوء سياسة يزيد ، هي التي ضعضعت أركان الحكومة الإسلامية ، وشوّشت أمر جامعة المسلمين ، وأتمّت أدوار الانشقاق والاضطراب ، التي ابتدأت في عهد والديهما [يعني عليا ومعاوية].وكانت إحدى الأسباب في تفريق الكلمة وتشتيت الوحدة وانثلام الحصن. فإن المسلمين مالبثوا من ذلك العصر ، ومن جراء تلك الحادثة المشؤومة والتي قبلها ، متفرقين طرائق ومنقسمين شيعا ، وخصوصا بعد ما ألبسوا المسألة صبغة دينية ، شأنهم في جميع الحوادث التاريخية ، التي حدثت في ذلك العصر وقبله وبعده بقليل.

٣٩٤

٤٣٥ ـ أعمال وحشية لا نظير لها :(المنتخب للطريحي ، ص ١٥ ط ٢)

ولما هلك معاوية تولى من بعده ولده يزيد ، فنهض إلى حرب الحسينعليه‌السلام وجهز له العساكر وجيّش له الجيوش ، وأمّر عليهم عبيد الله بن زياد ، وأمرهم بقتل الحسينعليه‌السلام وقتل رجاله وذبح أطفاله وسبي عياله ونهب أمواله. ولم يكفهم ذلك حتّى أنهم بعد قتله رضّوا أضلاعه وصدره بحوافر الخيول ، وحملوا رؤوسهم على القنا ، وحريمهم على أقتاب الجمال في أشدّ العنا.

٤٣٦ ـ خلافة يزيد :

يقول الذهبي في (دول الإسلام) ج ١ ص ٤٥ :

كان معاوية قد جعل يزيد ولي العهد من بعده. فقدم من أرض حمص ، وبادر إلى قبر والده. ثم دخل دمشق فركب إلى (الخضراء) وكانت دار السلطنة.

٤٣٧ ـ مجيء يزيد إلى دمشق :(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ٢)

بعث الضحاك بن قيس رسالة إلى يزيد يستقدمه من (حوّارين) بعد دفن معاوية ، ليستلم مقاليد الحكم ويبايعه الناس بيعة محدودة [مجددة].

قال : ثم ورد الكتاب على يزيد ، فوثب صائحا باكيا ، وأمر بإسراج دوابه ، وسار يريد دمشق. فصار إليها بعد ثلاثة أيام من مدفن معاوية. وخرج

حتّى إذا وافى يزيد قريبا من دمشق ، فجعل الناس يتلقّونه فيبكون ويبكي.

قال : وسار يزيد ومعه جماعة إلى قبر معاوية ، فجلس وانتحب ساعة وبكى.

جلوس يزيد في قصر الخضراء :

ثم ركب يزيد وسار إلى قبة لأبيه خضراء ، فدخلها وهو معتم بعمامة خزّ سوداء ، متقلّدا بسيف أبيه معاوية ، حتّى وصل إلى باب الدار.

ثم دخل القبة الخضراء (وكانت دار السلطنة) وجلس على فرش منصوبة له ، وأخذ الناس يهنئونه بالخلافة ، ويعزّونه في أبيه.

ثم نعى أبيه لهم ، وذكر خصالا له ، فقال :

وقد كان أمير المؤمنين معاوية لكم كالأب البارّ بالولد ، وكان من العرب أمجدها وأحمدها وأهمدها ، وأعظمها خطرا ، وأرفعها ذكرا ، وأنداها أنامل ، وأوسعها فواضل ، وأسماها إلى الفرع الباسق.

٣٩٥

٤٣٨ ـ أحد الحاضرين يكذّب يزيد :(المصدر السابق ، ص ٧)

قال : فصاح به صائح من أقاصي الناس وقال : كذبت والله يا عدوّ الله!. ما كان معاوية والله بهذه الصفة ، وإنما كانت هذه صفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذه أخلاقه وأخلاق أهل بيته ، لا معاوية ولا أنت.

قال : فاضطرب الناس ، وطلب الرجل فلم يقدروا عليه ، وسكت الناس.

٤٣٩ ـ خطبة يزيد في أهل الشام :

(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ٨ ؛ والبداية والنهاية ج ٨ ص ١٤٣)

ثم رقى يزيد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إن معاوية كان عبدا من عباد الله ، أنعم الله عليه ، ثم قبضه إليه ، وهو خير ممن بعده ، ودون من قبله ، ولا أزكّيه على اللهعزوجل فإنه أعلم به. إن عفا عنه فبرحمته ، وإن عاقبه فبذنبه. وقد وليت [هذا] الأمر من بعده ، ولست آسى على طلب [حقّ] ، ولا أعتذر من تفريط [في باطل] ، وإذا أراد الله شيئا كان. ولقد كان معاوية يغزوكم في البحر ، وإني لست حاملا أحدا من المسلمين في البحر. وكان يشتّيكم بأرض الروم ، ولست مشتّيا أحدا بأرض الروم. وكان يخرج عطاءكم أثلاثا وأنا أجمعه كله لكم.

٤٤٠ ـ متى عزل مروان؟ :

قال ابن أعثم في (الفتوح) ج ٥ ص ١٠ :

ثم عزم يزيد على الكتب إلى جميع البلاد ، بأخذ البيعة له.

قال : وكان على المدينة يومئذ مروان بن الحكم فعزله يزيد ، وولى مكانه ابن عمه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ، وكتب إليه.

(وفي رواية) : أول عمل عمله يزيد بعد دفن أبيه ، أنه عزل مروان ووضع الوليد بن عتبة.

(أقول) : هذا غير صحيح ، لأن مروان لم يكن على المدينة يوم مات معاوية ، وإن صحّ فهو يدل على التناحر الخفي بين فرعي بني أمية ، وهما :

ـ الأعياص : بنو العاص ، ومنهم عثمان ومروان بن الحكم بن أبي العاص.

ـ والعنابس : ومنهم حرب وأبو سفيان ومعاوية ويزيد.

٣٩٦

والصحيح أن مروان كان على المدينة حتّى عزل سنة ٤٨ ه‍ ، ثم ولّي ثانية سنة ٥٤ ه‍ ، ثم عزل آخر سنة ٥٧ ه‍ ، ووليها الوليد بن عتبة بن أبي سفيان حتّى مات معاوية.

٤٤١ ـ الولاة على الأمصار :(الكامل لابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٥٢)

وفي رجب من سنة ٦٠ ه‍ بويع يزيد بالخلافة بعد موت أبيه. فلما تولى كان :

ـ على المدينة : الوليد بن عتبة بن أبي سفيان.

ـ على مكة : عمرو بن سعيد بن العاص.

ـ على البصرة : عبيد الله بن زياد.

ـ على الكوفة : النعمان بن بشير الأنصاري.

ولم يكن ليزيد همّة حين ولي ، إلا النفر الذين أبوا على معاوية بيعته.

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٤٦ ط ٢ نجف :

فلم يكن ليزيد همّ بعد موت أبيه ، إلا بيعة النفر الذين سمّاهم أبوه.

٣٩٧

توقيت الحوادث الأساسية

عن كتاب (التوفيقات الإلهامية في مقارنة التواريخ الهجرية بالسنين الإفرنجية) تأليف اللواء المصري محمّد مختار باشا ، طبع سنة ١٣١١ ه‍ :

النصف الثاني من سنة ٦٠ ه‍ :

السبت

١ رجب

سنة ٦٠ ه‍

مات معاوية وعمره ٧٧ سنة

٧ نيسان

سنة ٦٨٠ م

الإثنين

١ شعبان

سنة ٦٠ ه‍

مسير الحسين من المدينة إلى مكة

٧ أيار

سنة ٦٨٠ م

الأحد

٨ ذوالحجة

سنة ٦٠ ه‍

استشهاد مسلم بن عقيل ،

٩ أيلول

سنة ٦٨٠ م

ومسير الحسينعليه‌السلام إلى العراق

بداية سنة ٦١ هجرية :

الاثنين

١ محرم

سنة ٦١ ه

١ تشرين أول

سنة ٦٨٠ م

الأربعاء

١٠ محرم

سنة ٦١ ه‍

مقتل مولانا الحسينعليه‌السلام

١٠ تشرين أول

سنة ٦٨٠ م

الأربعاء

١ صفر

سنة ٦١ ه

دخول السبايا إلى دمشق

٣١ تشرين أول

سنة ٦٨٠ م

الاثنين

٢٠ صفر

سنة ٦١ ه

زيارة الأربعين

١٩ تشرين ثاني

سنة ٦٨٠ م

٣٩٨

جدول زمني بحوادث وقعة كربلاء

(مجلة رسالة الحسين طبع قم ، العدد ٢ محرم ١٤١٢ ه‍ ، ص ٣٠٣)

اليوم

الشهر

السنة

الحادثة

الأحد

١٥ رجب

٦٠ ه‍

مات معاوية ، واستلم الحكم يزيد

الجمعة

٢٧ رجب

٦٠ ه‍

طلب الوليد البيعة من الحسينعليه‌السلام

السبت

٢٨ رجب

اللقاء الثاني بين الوليد والحسينعليه‌السلام

ليلة الأحد

٢٩ رجب

خروج الحسينعليه‌السلام من المدينة

ليلة الجمعة

٤ شعبان

٦٠ ه‍

الدخول إلى مكة

من ٤ شعبان إلى ٨ ذي الحجة

المقام في مكة

(أربعة أشهر وأربعة أيام)

الأربعاء

١٠ رمضان

٦٠ ه‍

وصول أولى رسائل أهل الكوفة

الاثنين

١٥ رمضان

خروج مسلم بن عقيل من مكة

الثلاثاء

٥ شوال

٦٠ ه‍

دخول مسلم الكوفة

الثلاثاء

٨ ذو الحجة

٦٠ ه‍

مقتل مسلم رضي الله عنه

الثلاثاء

٨ ذو الحجة

٦٠ ه‍

خروج الحسينعليه‌السلام من مكة إلى العراق

الخميس

٢ محرم

٦١ ه‍

وصول الحسينعليه‌السلام إلى كربلاء

(استغرق الطريق من مكة إلى كربلاء ٢٣ يوما)

الجمعة

٣ محرم

٦١ ه‍

وصول عمر بن سعد إلى كربلاء

من ٣ ـ ٦ محرم

مفاوضات ابن سعد مع الحسين والتعبئة

الثلاثاء

٧ محرم

قطع الماء عن معسكر الحسينعليه‌السلام

الخميس

٩ محرم

محاولة الحملة على معسكر الحسينعليه‌السلام

ليلة الجمعة

١٠ محرم

طلب الحسين الإمهال للصلاة والدعاء

٣٩٩

الجمعة

١٠ محرم

٦١ ه‍

وقعة كربلاء من الظهر إلى العصر

زوال السبت

١١ محرم

الرحيل بالسبايا من كربلاء إلى الكوفة

الجمعة

١ صفر

٦١ ه‍

دخول ركب السبايا إلى دمشق.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735