موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 452291 / تحميل: 5265
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

والضابط ما ذكرناه من اعتبار الاسم كالمقيس عليه ، وعلف الاُمّهات لا يسري إلى الأولاد.

ويبعد ما قيل في غنم مكّة ، لأنّها لو كانت متولّدة من جنسين لم يكن لها نسل كالسِّمع المتولّد من الذئب والضبع(١) ، وكالبغال.

وقال الشافعي : لا تجب سواء كانت الاُمّهات من الظباء أو الغنم ، لأنّه متولّد من وحشي أشبه المتولّد من وحشيّين.

ولأنّ الوجوب إنّما يثبت بنصّ أو إجماع أو قياس ، والكلّ منفي هنا ، لاختصاص النصّ والإِجماع بالإِيجاب في بهيمة الأنعام من الأزواج الثمانية وليست هذه داخلة في اسمها ولا حكمها ولا حقيقتها ولا معناها ، فإنّ المتولّد بين شيئين ينفرد باسمه وجنسه وحكمه عنهما كالبغل فلا يتناوله النصّ ، ولا يمكن القياس ، لتباعد ما بينهما واختلاف حكمهما ، فإنه لا يجزئ في هدي ولا اُضحية ولا دية(٢) ، ولا نزاع معنا إذا لم يبق الاسم.

وقال أبو حنيفة ومالك : إن كانت الاُمّهات أهليةً وجبت الزكاة وإلّا فلا ، لأنّ ولد البهيمة يتبع اُمّه في الاسم والملك فيتبعها في الزكاة ، كما لو كانت الفحول معلوفةً(٣) . ونمنع التبعيّة في الاسم.

____________________

(١) اُنظر : الصحاح ٣ : ١٢٣٢.

(٢) المجموع ٥ : ٣٣٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٥ ، المغني ٢ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٥.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ٣٠ ، المغني ٢ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٥ ، المجموع ٥ : ٣٣٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٥.

٨١

الفصل الثالث

في زكاة الغنم‌

الزكاة واجبة في الغنم بإجماع علماء الإِسلام.

قالعليه‌السلام : ( كلّ صاحب غنم لا يؤدّي زكاتها بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر تمشي عليه فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها كلّما انقضى آخرها عاد أولها حتى يقضي الله بين الخلق في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة )(١) .

إذا ثبت هذا فإنّ شرائط الزكاة هنا كما هي في الإِبل والبقر بالإِجماع ، نعم تختلف في مقادير النصب ، والضأن والمعز جنس واحد بإجماع العلماء ، والظباء مخالف للغنم إجماعاً.

مسألة ٥٢ : أول نصاب الغنم : أربعون ، فلا زكاة فيما دونها‌ ، فإذا بلغت أربعين ففيها شاة.

الثاني : مائة وإحدى وعشرون فلا شي‌ء في الزائد على الأربعين حتى تبلغ مائة وإحدى وعشرين ففيه شاتان.

الثالث : مائتان وواحدة ، فلا زكاة في الزائد حتى تبلغ مائتين وواحدة ففيه ثلاث شياه ، والكلّ بالإِجماع.

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٦٨٢ / ٢٦ ، سنن أبي داود ٢ : ١٢٤ / ١٦٥٨ ، سنن البيهقي ٤ : ٨١.

٨٢

وحكي عن معاذ أنّ الفرض لا يتغيّر بعد المائة وإحدى وعشرين حتى تبلغ مائتين واثنتين وأربعين ليكون مثلَي مائة وإحدى وعشرين فيكون فيها ثلاث شياه(١) .

والإِجماع على خلافه ، على أنّ الراوي لها الشعبي وهو لم يلق معاذاً(٢) .

الرابع : ثلاثمائة وواحدة وفيه روايتان : إحداهما : أنّه كالثالث ثلاث شياه ، فلا يتغيّر الفرض بعد مائتين وواحدة حتى تبلغ أربعمائة فتجب في كلّ مائة شاة ، وبه قال المفيد والسيد المرتضى(٣) ، وهو قول أكثر الفقهاء ، والشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين(٤) .

لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في كتابه للسُّعاة : ( إنّ في الغنم السائمة إذا بلغت أربعين شاةٌ إلى مائة وعشرين ، فإذا زادت ففيها شاتان إلى أن تبلغ مائتين ، فإذا زادت ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة ، فإذا زادت ففي كلّ مائةٍ شاة )(٥) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٦٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٥.

(٢) معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن من أعيان الصحابة ، شهد بدراً وما بعدها ، مات بالشام سنة ١٨.

والشعبي هو : عامر بن شراحيل أبو عمرو ، مات بعد المائة وله نحو من ثمانين.

اُنظر : اُسد الغابة ٤ : ٣٧٨ ، الاستيعاب بهامش الإِصابة ٣ : ٣٥٥ - ٣٦٠ ، وتهذيب التهذيب ٥ : ٥٩ / ١١٠ و ١٠ : ١٧٠ / ٣٤٩.

(٣) المقنعة : ٣٩ ، جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ١٢٣.

(٤) المجموع ٥ : ٤١٧ - ٤١٨ ، فتح العزيز ٥ : ٣٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ٥٢ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٠٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٢ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٩ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٨ ، اللباب ١ : ١٤٢ ، المغني ٢ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٥.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥.

٨٣

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « ليس فيما دون الأربعين شي‌ء ، فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى المائتين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة ، فإذا كثرت الغنم ففي كلّ مائة شاة »(١) .

الثانية(٢) : أنّها إذا زادت على ثلاثمائة وواحدة ففيها أربع شياه ، ثم لا يتغيّر الفرض حتى تبلغ خمسمائة ، وهو اختيار الشيخ -(٣) رحمه‌الله - وأحمد في الرواية الاُخرى ، وبه قال النخعي والحسن بن صالح بن حي(٤) .

لقول الباقرعليه‌السلام في الشاة : « في كلّ أربعين شاةً شاةٌ ، وليس فيما دون الأربعين شاةً شي‌ء حتى تبلغ عشرين ومائة ، فإذا بلغت عشرين ومائة ففيها مثل ذلك شاة واحدة ، فإذا زاد على عشرين ومائة ففيها شاتان ، وليس فيها أكثر من شاتين حتى تبلغ مائتين ، فإذا بلغت المائتين ففيها مثل ذلك ، فإذا زادت على المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياه ، ثم ليس فيها أكثر من ذلك حتى تبلغ ثلاثمائة ، فإذا بلغت ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياه ، فإذا زادت واحدة ففيها أربع شياه حتى تبلغ أربعمائة ، فإن تمّت أربعمائة كان على كلّ مائة شاة شاة »(٥) .

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جعل ثلاثمائة حدّاً للوقص وغايةً له(٦) ؛

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٥ / ٥٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ / ٦٢.

(٢) أي : الرواية الثانية.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٩ ، الخلاف ٢ : ٢١ ، المسألة ١٧.

(٤) المغني ٢ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٥ - ٥١٦.

(٥) الكافي ٣ : ٥٣٤ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٥ / ٥٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٢ / ٦١ ، وفيها عن الإِمامين الباقر والصادقعليهما‌السلام .

(٦) اُنظر : سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ / ٦٢١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٦.

٨٤

فتجب أن يتعقّبه النصاب كالمائتين.

إذا ثبت هذا ، فلا خلاف في أنّ في أربعمائة أربع شياه ، وفي خمسمائة خمس ، وهكذا بالغاً ما بلغت.

* * *

٨٥

الفصل الرابع

في الأشناق‌

الشّنق بفتح النون : ما بين الفرضين(١) ، والوقص قال الفقهاء : بسكون القاف(٢) .

وقال بعض أهل اللغة : بفتحه(٣) ، لأنّه يجمع على ( أوقاص ) و ( أفعال ) جمع ( فَعَلْ ) لا جمع ( فَعْلْ ) فإنّ ( فَعْلاً ) يجمع على ( أفْعُل ).

وقد جاء - كما قال الفقهاء - هول وأهوال ، وحوْل وأحوال ، وكبْر وأكبار ، وبالجملة فهو ما بين النصابين(٤) أيضاً.

قال الأصمعي : الشنق يختص بأوقاص الإِبل ، والوقص بالبقر والغنم(٥) .

وبعض الفقهاء يخصّ الوقص بالبقر أيضاً ، ويجعل ناقص الغنم والنقدين والغلّات عفواً ، وكلّ ذلك لفظي.

وقيل : الوقص ما بين الفرضين كما بين الثلاثين إلى الأربعين في البقر ،

____________________

(١) الصحاح ٤ : ١٥٠٣.

(٢) المجموع ٥ : ٣٩٢ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٤ : ١٩٣.

(٣ و ٤ ) الصحاح ٣ : ١٠٦١.

(٥) المجموع ٥ : ٣٩٢ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٤ : ١٩٣.

٨٦

والشنق ما دون الفريضة كالأربع من الإِبل(١) .

مسألة ٥٣ : ما نقص عن النصاب الأول لا شي‌ء فيه‌ إجماعاً ، وكذا ما بين النصابين عند علمائنا ، وإنّما تتعلّق الزكاة بالنصاب خاصّة - وبه قال الشافعي في كتبه القديمة والجديدة ، وأبو حنيفة ، والمزني(٢) - لأنّه عدد ناقص عن نصاب إذا بلغه وجبت فيه الزكاة ، فلا تتعلّق به كالأربع.

ولقول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وليس فيما بين الثلاثين إلى الأربعين شي‌ء حتى يبلغ أربعين - إلى أن قالاعليهما‌السلام - وليس على النيّف شي‌ء ، ولا على الكسور شي‌ء »(٣) .

وقال الشافعي في الإِملاء : تتعلّق الزكاة بالنصاب وبما زاد عليه من الوقص ، وبه قال محمد بن الحسن.

لقولهعليه‌السلام : ( فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض )(٤) .

ولأنّه حقّ يتعلّق بنصاب فوجب أن يتعلّق به وبما زاد عليه إذا وجد معه ولم ينفرد بحكم كالقطع في السرقة(٥) .

والنصّ أقوى من المفهوم والقياس.

فعلى قولنا ، لو ملك خمسين من الغنم وتلفت العشرة الزائدة قبل‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٥٤.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، المجموع ٥ : ٣٩١ و ٣٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧ - ٣٨ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٩٩ ، اللباب ١ : ١٤١.

(٣) الكافي ٣ : ٥٣٤ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٤ / ٥٧.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٦ / ١٥٦٧ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ - ٦٢١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٤ / ١٧٩٩ ، سنن النسائي ٥ : ١٩ و ٢٨ ، مسند أحمد ١ : ١١ و ٢ : ١٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥.

(٥) فتح العزيز ٥ : ٥٤٨ و ٥٥٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٨.

٨٧

التمكّن من الأداء بعد الحول لم يسقط هنا شي‌ء ، لأنّ التالف لم تتعلّق الزكاة به ، ولو تلف عشرون سقط ربع الشاة ، لأنّ الاعتبار بتلف جزء من النصاب ، وإنّما تلف من النصاب ربعه.

فروع :

أ - لو تلف بعض النصاب قبل الحول فلا زكاة ، وبعده وبعد إمكان الأداء يجب جميع الفرض ، لأنّه تلف بعد تفريطه في التأخير فضمن ، وإن تلف بعد الحول وقبل إمكان الأداء سقط عندنا من الزكاة بقدر التالف.

وللشافعي قولان بناءً على أنّ إمكان الأداء شرط في الوجوب أو الضمان ، فعلى الأول لا شي‌ء ، لنقصه قبل الوجوب(١) .

ب - لو كان معه تسع من الإِبل فتلف أربع قبل الحول أو بعده وبعد الإِمكان وجبت الشاة(٢) ، وبه قال الشافعي(٣) .

وإن كان بعد الحول وقبل الإِمكان فكذلك عندنا.

وعند الشافعي كذلك على تقدير أن يكون الإِمكان شرطاً في الوجوب ، لأنّ التالف قبل الوجوب إذا لم ينقص به النصاب لا حكم له ، وعلى تقدير أن يكون من شرائط الضمان فكذلك إن لم تتعلّق بمجموع النصاب والوقص ، وإن تعلّقت بهما سقط قدر الحصّة أربعة أتساع الشاة(٤) .

وقال بعضهم - على هذا التقدير - : لا يسقط شي‌ء ، لأنّ الزيادة لمـّا لم تكن شرطاً في وجوب الشاة لم يسقط شي‌ء بتلفها وإن تعلّقت بها ، كما لو شهد ثمانية بالزنا ورجع أربعة بعد قتله لم يجب عليهم شي‌ء ، ولو رجع خمسة وجب‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٥ ، الوجيز ١ : ٨٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٧ - ٥٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢.

(٢) في نسخة « ط » : الزكاة.

(٣ و ٤ ) المجموع ٥ : ٣٧٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٩.

٨٨

عليهم الضمان ، لنقص ما بقي من العدد المشترط(١) .

ج - لو ذهب خمس من التسع قبل الحول فلا زكاة ، وإن كان بعده وقبل إمكان الأداء سقط خمس الشاة ، وبه قال الشافعي على تقدير أنّ الإِمكان من شرائط الضمان وتعلّق الزكاة بالنصاب.

وعلى تقدير كونه شرطاً في الوجوب فكقبل الحول لنقص النصاب قبل الوجوب.

وعلى تقدير كونه شرطاً في الضمان وتعلّق الزكاة بالمجموع تسقط خمسة أتساع الشاة(٢) .

د - لو كان معه خمس وعشرون وأوجبنا بنت المخاض فيه فتلف منها خمسة قبل إمكان الأداء وجب أربعة أخماس بنت مخاض - وبه قال الشافعي على تقدير كونه شرطاً في الضمان(٣) ، وأبو يوسف ومحمد(٤) - لأنّ الواجب بحؤول الحول بنت مخاض ، فإذا تلف البعض لم يتغيّر الفرض ، بل كان التالف منه ومن المساكين.

وقال أبو حنيفة : تجب أربع شياه(٥) . فجعل التالف كأنّه لم يكن.

قال الشيخ : لو كان معه ستّ وعشرون فهلك خمس قبل الإِمكان فقد هلك خُمس المال إلّا خُمس الخُمس فيكون عليه أربعة أخماس بنت مخاض إلّا أربعة أخماس خُمسها ، وعلى المساكين خُمس بنت مخاض إلّا أربعة أخماس خُمسها(٦) .

ه- حكم غير الإِبل حكمها في جميع ذلك ، فلو تلف من نصاب الغنم‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٧٥ و ٣٩٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٩.

(٢) المجموع ٥ : ٣٧٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٩.

(٣) المجموع ٥ : ٣٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٨ - ٣٩.

(٤ و ٥ ) حلية العلماء ٣ : ٣٩.

(٦) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٤‌

٨٩

شي‌ء سقط من الفريضة بنسبته.

وهل الشاتان في مجموع النصاب الثاني أو في كلّ واحد شاة؟

احتمالان(١) ، فعلى الأول لو تلف شي‌ء بعد الحول بغير تفريط نقص من الواجب في النصب بقدر التالف ، وعلى الثاني يوزّع على ما بقي من النصاب الذي وجب فيه التالف.

مسألة ٥٤ : لا تأثير للخلطة عندنا في الزكاة‌ سواء كانت خلطة أعيان أو أوصاف ، بل يزكّى كلٌّ منهما زكاة الانفراد ، فإن كان نصيب كلّ منهما نصاباً وجب عليه زكاة بانفراده.

وإن كان المال مشتركاً كما لو كانا مشتركين في ثمانين من الغنم بإرث أو شراء أو هبة فإنّه يجب على كلّ واحد منهما شاة بانفراده.

ولو كانا مشتركين في أربعين فلا زكاة هنا ، وبه قال أبو حنيفة والثوري(٢) ، لقولهعليه‌السلام : ( إذا لم تبلغ سائمة الرجل أربعين فلا شي‌ء فيها )(٣) .

وقال : ( ليس على المرء في ما دون خمس ذود من الإِبل صدقة )(٤) ولم يفصّل.

وقالعليه‌السلام : « في أربعين شاةً شاةٌ »(٥) .

____________________

(١) ورد في النُسخ الخطية : احتمال. وما أثبتناه من الطبعة الحجرية هو الصحيح.

(٢) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٤ ، المجموع ٥ : ٤٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٦٢ ، المغني ٢ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٣.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، مسند أحمد ١ : ١٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥ ، و ١٠٠ بتفاوت يسير.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٤٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٧٥ / ٩٨٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٢ / ٦٢٦ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٤ و ١٠٧ و ١٢٠.

(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥ و ٥٧٨ / ١٨٠٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٨ / ١٥٦٨ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ / ٦٢١ ، وسنن البيهقي ٤ : ١١٦.

٩٠

فإذا ملكا ثمانين وجب شاتان.

ولأنّ ملك كلّ واحد منهما ناقص عن النصاب فلا تجب عليه الزكاة ، كما لو كان منفرداً.

وقال الشافعي : الخلطة في السائمة تجعل مال الرجلين كمال الرجل الواحد في الزكاة سواء كانت خلطة أعيان أو أوصاف بأن يكون ملك كلّ منهما متميّزاً عن الآخر ، وإنّما اجتمعت ماشيتهما في المرعى والمسرح - على ما يأتي(١) - سواء تساويا في الشركة أو اختلفا بأن يكون لرجل شاة ولآخر تسعة وثلاثون ، أو يكون لأربعين رجلاً أربعون شاةً لكلّ منهم شاة ، وبه قال عطاء والأوزاعي والليث وأحمد وإسحاق(٢) .

لقولهعليه‌السلام : ( لا يجمع بين متفرّق ولا يفرّق بين مجتمع )(٣) أراد إذا كان لجماعة لا يجمع بين متفرّق فإنّه إذا كان للواحد يجمع للزكاة وإن تفرّقت أماكنه ، وقوله : ( ولا يفرّق بين مجتمع ) يقتضي إذا كان لجماعة لا يفرّق ، ونحن نحمله على أنّه لا يجمع بين متفرّق في الملك ليؤخذ منه الزكاة زكاة رجل واحد فلا يفرّق بين مجتمع في الملك فإنّ الزكاة تجب على الواحد وإن تفرّقت أمواله.

وقال مالك : تصحّ الخلطة إذا كان مال كلّ واحد منهما نصاباً(٤) .

____________________

(١) يأتي في المسألة اللاحقة (٥٥).

(٢) المجموع ٥ : ٤٣٢ - ٤٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٩ - ٣٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٦٠ - ٦١ ، الاُم ٢ : ١٤ ، مختصر المزني : ٤٣ ، المغني ٢ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٧.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٤ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٦ / ١٨٠١ و ٥٧٧ / ١٨٠٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن الدارمي ١ : ٣٨٣ ، مسند أحمد ١ : ١٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٠٥.

(٤) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٣١ و ٣٣٤ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٠٧ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ٦٢ ، المجموع ٥ : ٤٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩١ ، المغني ٢ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٧.

٩١

وحكى بعض الشافعيّة عن الشافعي وجها آخر : أنّ العبرة إنّما هي بخلطة الأعيان دون خلطة الأوصاف(١) .

مسألة ٥٥ : قد بيّنا أنّه لا اعتبار بالخلطة بنوعيها‌ - خلافاً للشافعي ومن تقدّم(٢) - فلا شرط عندنا وعند أبي حنيفة ، لعدم الحكم.

أمّا الشافعي فقد شرط فيها أموراً :

الأول : أن يكون مجموع المالين نصاباً.

الثاني : أن يكون الخليطان معاً من أهل فرض الزكاة ، فلو كان أحدهما ذمّيّاً أو مكاتباً لم تؤثّر الخلطة ، وزكّى المسلم والحرّ كما في حالة الانفراد ، وهذان شرطان عامّان ، وفي اشتراط دوام الخلطة السنة؟ ما يأتي.

وتختصّ خلطة الجوار باُمور :

الأول : اتّحاد المسرح ، والمراد به المرعى.

الثاني : اتّحاد المراح ، وهو مأواها ليلاً.

الثالث : اتّحاد المشرع وهو أن يرد غنمهما ماءً واحداً من نهر أو عين أو بئر أو حوض.

وإنّما شرط(٣) اجتماع المالين في هذه الاُمور ليكون سبيلها سبيل مال المالك [ الواحد ](٤) وليس المقصود أن لا يكون لها إلّا مسرح أو مرعى أو مراح واحد بالذات ، بل يجوز تعدّدها لكن ينبغي أن لا تختص ماشية هذا بمسرح ومراح ، وماشية الآخر بمسرح ومراح.

الرابع : اشتراك المالين في الراعي أو الرعاة - على أظهر الوجهين عنده - كالمراح.

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٣٩٠ - ٣٩١ ، المجموع ٥ : ٤٣٣.

(٢) تقدّم ذكرهم في المسألة السابقة (٥٤).

(٣) في نسختي « ن وف » : شرطوا.

(٤) زيادة يقتضيها السياق.

٩٢

الخامس : اشتراكهما في الفحل ، فلو تميّزت ماشية أحدهما بفحولة ، وماشية الآخر باُخرى فلا خلطة - على أظهر الوجهين - عنده.

السادس : اشتراكهما في موضع الحلب ، فلو حلب هذا ماشيته في أهله ، والآخر في أهله فلا خلطة(١) .

وهل يشترط الاشتراك في الحالب والمحلب؟ أظهر الوجهين عنده عدمه ، كما لا يشترط الاشتراك في الجازّ وآلات الجزّ(٢) .

وإن شرط الاشتراك في المحلب فهل يشترط خلط اللبن؟ وجهان ، أصحهما عنده : المنع ، لأدائه إلى الربا عند القسمة إذ قد يكثر لبن أحدهما(٣) .

وقيل : لا ربا كالمسافرين يستحب خلط أزوادهم وإن اختلف أكلهم(٤) .

وربما يفرّق بأنّ كلّ واحد يدعو غيره إلى طعامه فكان إباحةً ، بخلافه هنا.

وهل يشترط نيّة الخلطة؟ وجهان عندهم : الاشتراط ، لأنّه معنى يتغيّر به حكم الزكاة تخفيفاً كالشاة في الثمانين ، ولو لا الخلطة لوجب شاتان ، وتغليظاً كالشاة في الأربعين ، ولولاها لم يجب شي‌ء فافتقر إلى النيّة ، ولا ينبغي أن يغلظ عليه من غير رضاه ، ولا أن ينقص حقّ الفقراء إذا لم يقصده.

والمنع ، لأنّ تأثير الخلطة لخفّة المؤونة باتّحاد المرافق وذلك لا يختلف‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٣٤ - ٤٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٢ - ٣٩٤ ، الاُم ٢ : ١٣ ، مختصر المزني : ٤٣ ، المغني ٢ : ٤٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٨ - ٥٣٠.

(٢) المجموع ٥ : ٤٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٧ - ٣٩٨.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ ، المجموع ٥ : ٤٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٨ - ٣٩٩.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ ، المجموع ٥ : ٤٣٥ - ٤٣٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٩.

٩٣

بالقصد وعدمه(١) .

وهل يشترط وجود الاختلاط في أول السنة واتّفاق أوائل الأحوال؟

قولان(٢) .

وفي تأثير الخلطة في الثمار والزرع ثلاثة أقوال له : القديم : عدم التأثير ، وبه قال مالك وأحمد في رواية.

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( والخليطان ما اجتمعا في الحوض والفحل والرعي )(٣) وإنّما تتحقّق في المواشي.

والجديد : عدمه(٤) ، وتأثير خلطة الشيوع دون الجوار(٥) ، فعلى الجديد تؤثّر ، لحصول الاتّفاق باتّحاد العامل والناطور(٦) والنهر الذي تسقى منه.

وقال بعض أصحاب مالك : لا يشترط من هذه الشروط شي‌ء سوى الخلطة في المرعى ، وأضاف بعض أصحابه إليه الاشتراك في الراعي أيضاً(٧) ، والكلّ عندنا باطل.

فروع على القول بشركة الخلطاء :

أ - إذا اختلطا خلطة جوار ولم يمكن أخذ مال كلّ منهما من ماله كأربعين لكُلٍّ عشرون ، أخذ الساعي شاةً من أيّهما كان ، فإن لم يجد الواجب إلّا في‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ ، المجموع ٥ : ٤٣٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٩ - ٤٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ٦١.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٤٠٢ - ٤٠٣.

(٣) سنن الدارقطني ٢ : ١٠٤ / ١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٦ وفيهما : ( الراعي ) بدل ( الرعي ).

(٤) أي عدم عدم التأثير الملازم للثبوت.

(٥) المجموع ٥ : ٤٥٠ ، فتح العزيز ٥ : ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٧١ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٤٣ ، بلغة السالك ١ : ٢١٠ - ٢١١ ، المغني ٢ : ٤٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤٤.

(٦) الناطور : حافظ الزرع والثمر والكرم. لسان العرب ٥ : ٢١٥ « نطر ».

(٧) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٣٧ و ١٣٨ ، المغني ٢ : ٤٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٣١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٦٢.

٩٤

مال أحدهما أخذ منه.

وإن أمكن أخذ ما يخصّ كلّ [ واحد ](١) منهما لو انفرد فوجهان : أن يأخذ من كلّ منهما حصّة ماله ليغنيهما عن التراجع ، وأن يأخذ من عرض المال ما يتّفق ، لأنّهما مع الخلطة كمال واحد ، والمأخوذ زكاة جميع المال(٢) .

فعلى هذا لو أخذ من كلّ منهما حصّة ماله بقي التراجع بينهما ، فإذا أخذ من هذا شاةً ، ومن هذا اُخرى رجع كلٌّ منهما على صاحبه بنصف قيمة ما اُخذ منه.

ولو كان بينهما سبعون من البقر أربعون لأحدهما ، وثلاثون للآخر ، فالتبيع والمسنّة واجبان على الشيوع ، على صاحب الأربعين أربعة أسباعهما ، وعلى صاحب الثلاثين ثلاثة أسباعهما.

فإن أخذهما من صاحب الأربعين رجع على صاحب الثلاثين بثلاثة أسباعهما وبالعكس.

ولو أخذ التبيع من صاحب الأربعين والمسنّة من الآخر رجع صاحب الأربعين بقيمة ثلاثة أسباع التبيع على الآخر ، والآخر بقيمة أربعة أسباع المسنّة على الأول.

وإن أخذ المسنّة من صاحب الأربعين والتبيع من الآخر رجع صاحب الأربعين بقيمة ثلاثة أسباع المسنّة على الآخر ، والآخر عليه بقيمة أربعة أسباع التبيع ، هذا كلّه في خلطه الجوار.

أمّا خلطة الأعيان فالأخذ منه يقع على حسب ملكهما ، فلو كان لهما ثلاثمائة من الإِبل فعليهما ستّ حقاق ولا تراجع.

ولو كان لأحدهما ثلاثمائة وللآخر مائتان فله عشر حقاق بالنسبة ، وهذا‌

____________________

(١) زيادة يقتضيها السياق.

(٢) الوجهان للشافعية ، راجع فتح العزيز ٥ : ٤٠٨.

٩٥

يأتي على مذهبنا.

ب - لو ورثا أو ابتاعا شائعاً وأداما الخلطة زكّيا - عندهم - زكاة الخلطة ، وكذا لو ملك كلٌّ منهما دون النصاب ثم خلطا وبلغ النصاب(١) .

ولو انعقد الحول على مال كلّ منهما منفرداً ثم طرأت الخلطة ، فإن اتّفق الحولان بأن ملكا غرّة المحرّم وخلطا غرّة صفر ، ففي الجديد : لا يثبت حكم الخلطة في السنة الاُولى - وبه قال أحمد - لأنّ الأصل الانفراد ، والخلط عارض فيغلب حكم الحول المنعقد على الانفراد ، وتجب على كلّ منهما شاة إذا جاء المحرّم(٢) .

وفي القديم - وبه قال مالك - ثبوت حكم الخلطة نظراً إلى آخر الحول ، فإنّ الاعتبار في قدر الزكاة بآخر الحول ، فيجب على كلّ منهما نصف شاة إذا جاء المحرّم(٣) .

ولو اختلف الحولان ، فملك أحدهما غرّة المحرّم والآخر غرّة صفر وخلطا غرّة ربيع ، فعلى الجديد ، إذا جاء المحرّم فعلى الأول شاة ، وإذا جاء صفر فعلى الثاني شاة.

وعلى القديم ، إذا جاء المحرّم فعلى الأول نصف شاة ، وإذا جاء صفر فعلى الثاني نصف شاة.

ثم في سائر الأحوال يثبت حكم الخلطة على القولين ، فعلى الأول عند غرّة كلّ محرّم نصف شاة ، وعلى الثاني عند غرّة كلّ صفر كذلك ، وبه قال مالك وأحمد(٤) .

وقال ابن سريج : إنّ حكم الخلطة لا يثبت في سائر الأحوال ، بل‌

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٤٤١.

(٢ و ٣ ) المجموع ٥ : ٤٤٠ ، الوجيز ١ : ٨٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٤٣ - ٤٤٦ ، المغني ٢ : ٤٧٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٩.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٤٤٧ - ٤٤٩ ، المجموع ٥ : ٤٤٠ - ٤٤١.

٩٦

يزكّيان زكاة الانفراد أبداً(١) .

ولو انعقد الحول على الانفراد في حق أحد الخليطين دون الآخر كما لو ملك أحدهما غرّة المحرّم والآخر غرّة صفر ، وكما ملك خلطا ، فإذا جاء المحرّم فعلى الأول شاة في الجديد ، ونصف شاة في القديم(٢) .

وأمّا الثاني فإذا جاء صفر فعليه نصف شاة - في القديم - وفي الجديد ، وجهان : شاة ، لأنّ الأول لم يرتفق بخلطته فلا يرتفق هو بخلطة الأول ، وأظهرهما : نصف شاة ، لأنّه كان خليطاً في جميع الحول ، وفي سائر الأحوال يثبت حكم الخلطة على القولين إلّا عند ابن سريج(٣) .

ولو طرأت خلطة الشيوع على الانفراد كما لو ملك أربعين شاة ، ثم باع بعد ستّة أشهر نصفها مشاعاً ، فالظاهر أنّ الحول لا ينقطع ، لاستمرار النصاب بصفة الاشتراك ، فإذا مضت ستّة أشهر من وقت البيع فعلى البائع نصف شاة ولا شي‌ء على المشتري إن أخرج البائع واجبة من المشترك ، لنقصان النصاب.

وإن أخرجها من غيره ، وقلنا : الزكاة في الذمة ، فعليه أيضاً نصف شاة عند تمام حوله ، وإن قلنا : تتعلّق بالعين ففي انقطاع حول المشتري قولان : أرجحهما : الانقطاع ، لأنّ إخراج الواجب من غير النصاب يفيد عود الملك بعد الزوال لا أنّه يمنع الزوال(٤) .

ج - إذا اجتمع في ملك الواحد ماشية مختلطة ، واُخرى من جنسها منفردة كما لو خلط عشرين شاة بمثلها لغيره وله أربعون ينفرد [ بها ](٥) ففيما يخرجان الزكاة؟ قولان مبنيّان على أنّ الخلطة خلطة ملك أي يثبت حكم الخلطة في‌

____________________

(١) الوجيز ١ : ٨٣ ، المجموع ٥ : ٤٤١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٤٩.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ - ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٣.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ - ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٤.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤٢ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٩ - ٤٦٢.

(٥) زيادة يقتضيها السياق.

٩٧

كلّ ما في ملكه ؛ لأنّ الخلطة تجعل مال الاثنين كمال الواحد ، ومال الواحد يضمّ بعضه إلى بعض وإن تفرّقت أماكنه ، فعلى هذا كان صاحب الستّين خلط جميع ماله بعشرين ، فعليه ثلاثة أرباع شاة ، وعلى الآخر ربعها.

أو أنّها خلطة عين أي يقتصر حكمها على عين المخلوط ، لأنّ خفّة المؤونة إنّما تحصل في القدر المخلوط وهو السبب في تأثير الخلطة ، فعلى صاحب العشرين نصف شاة ، لأنّ جميع ماله خليط عشرين ، وفي أربعين شاة ، فحصّة العشرين نصفها(١) .

وفي صاحب الستّين وجوه : أصحّها عنده : أنه يلزمه شاة ، لأنّه اجتمع في ماله الاختلاط والانفراد فغلّب حكم الانفراد ، كما لو انفرد بالمال في بعض الحول فكأنّه منفرد بجميع الستّين ، وفيها شاة.

والثاني : يلزمه ثلاثة أرباع شاة ، لأنّ جميع ماله ستّون ، وبعضه مختلط حقيقةً ، وملك الواحد لا يتبعّض حكمه فيلزم إثبات حكم الخلطة للباقي ، فكأنّه خلط جميع الستّين بالعشرين ، وواجبها شاة حصّة الستّين ثلاثة أرباعها.

الثالث : يلزمه خمسة أسداس شاة ونصف سدس جمعاً بين اعتبار الخلطة والانفراد ، ففي الأربعين حصّتها من الواجب لو انفرد بالكلّ وهو شاة حصّة الأربعين ثُلثا شاة ، وفي العشرين حصّتها من الواجب لو خلط الكلّ وهي ربع شاة لأنّ الكلّ ثمانون ، وواجبها شاة.

الرابع : أنّ عليه شاة وسدس شاة من ذلك نصف شاة في العشرين المختلطة ، كما أنّه واجب خليطه في ماله ، وثُلثا شاة في الأربعين المنفردة وذلك حصة الأربعين لو انفرد بجميع ماله.

الخامس : أنّ عليه شاة في الأربعين ونصف شاة في العشرين ، كما لو‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٦٩ - ٤٧٠.

٩٨

كانا لمالكين(١) .

ولو خلط عشرين بعشرين لغيره ولكلّ منهما أربعون منفردة ، إن قلنا بخلطة الملك فعليهما شاة ، لأنّ الكلّ مائة وعشرون

وإن قلنا بخلطة العين فوجوه : أصحها : أنّ على كلّ منهما شاة.

الثاني : ثلاثة أرباع ، لأنّ كلّاً منهما يملك ستّين بعضها خليط عشرين فيغلب حكم الخلطة في الكلّ ، والكلّ ثمانون ، حصّة ستّين ما قلنا.

الثالث : على كلّ منهما خمسة أسداس شاة ونصف سدس جمعاً بين الاعتبارين ، فيقدّر كلّ واحد منهما كأنّه منفرد بالستّين ، وفيها شاة ، فحصّة الأربعين منها ثُلثا شاة ، ثم يقدّر أنّه خلط جميع الستّين بالعشرين والمبلغ ثمانون ، وفيها شاة ، فحصّة العشرين منها ربع شاة.

وقيل : على كلّ واحد خمسة أسداس شاة بلا زيادة تجب في العشرين بحساب ما لو كان جميع المالين مختلطاً وهو مائة وعشرون وواجبها شاة ، فحصة العشرين سدس شاة وفي الأربعين ثُلثا شاة(٢) .

الرابع : على كلّ منهما شاة وسدس شاة ، نصف شاة في العشرين المختلطة قصراً لِحكم الخلطة على الأربعين ، وثُلثا شاة في الأربعين المنفردة.

الخامس : على كلّ واحد شاة ونصف شاة ، شاة للأربعين المنفردة ، ونصف للعشرين المختلطة(٣) .

د - لو خالط الشخص ببعض ماله واحداً وببعضه آخر ولم يتشارك الآخران بأن يكون له أربعون فخلط منها عشرين بعشرين لرجل لا يملك غيرها ،

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٤٤ ، الوجيز ١ : ٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧١ - ٤٧٣.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٤٧٤.

(٣) المجموع ٥ : ٤٤٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٣ - ٤٧٥.

٩٩

وعشرين بعشرين لآخر كذلك ، فإن قلنا بخلطة الملك فعلى صاحب الأربعين نصف شاة ، لأنّه خليطهما ومبلغ الأموال ثمانون ، وحصّة الأربعين منها النصف ، وكلّ واحد من خليطيه يضمّ ماله إلى جميع مال صاحب الأربعين.

وهل يضمّه إلى مال الآخر؟ وجهان : الضمّ ، لينضمّ الكلّ في حقّهما كما انضمّ في حق صاحب الأربعين ، فعلى كلّ واحد منهما ربع شاة.

والعدم ، لأنّ كلّاً منهما لم يخالط الآخر بماله بخلاف صاحب الأربعين فإنه خالط لكلِّ واحد منهما ، فعلى كلّ واحد ثُلث شاة.

وإن قلنا بخلطة العين فعلى كلّ من الآخَرَين نصف شاة ، لأنّ مبلغ ماله وما خالط ماله أربعون(١) .

وفي صاحب الأربعين وجوه :

أحدها : تلزمه شاة تغليباً للانفراد وإن لم يكن منفرداً حقيقةً لكن ما لم يخالط به أحدهما فهو منفرد عنه فيعطى حكم الانفراد ، ويغلب حتى يصير كالمنفرد بالباقي أيضاً ، وكذا بالإِضافة إلى الخليط الثاني فكأنّه لم يخالط أحداً.

الثاني : يلزمه نصف شاة ، تغليباً للخلطة ، فإنّه لا بدّ من إثبات حكم الخلطة حيث وجدت حقيقةً ، واتّحاد المال يقتضي ضمّ أحد ماليه إلى الآخر ، فكلّ المال ثمانون ، فكأنّه خلط أربعين بأربعين.

الثالث : يلزمه ثُلثا شاة جمعاً بين اعتبار الخلطة والانفراد ، بأن يقال : لو كان جميع ماله مع [ مال ](٢) زيد لكان المبلغ ستّين وواجبها شاة ، حصّة العشرين الثُلث ، وكذا يفرض في حقّ الثاني فيجتمع عليه ثُلثان(٣) .

مسألة ٥٦ : قد بيّنا أنّه إذا ملك أربعين وجب عليه الشاة وإن تعدّدت‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٦ - ٤٧٧.

(٢) زيادة يقتضيها السياق.

(٣) المجموع ٥ : ٤٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٧ - ٤٧٨.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

٥٢٤ ـ انتقال مسلم إلى دار هانئ بن عروة :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٤٨)

فلما سمع مسلم بن عقيل بمجيء عبيد الله إلى الكوفة ومقالته التي قالها ، وما أخذ به العرفاء والناس ، خرج من دار المختار إلى دار هانئ بن عروة المرادي في جوف الليل ودخل في أمانه. وأخذت الشيعة تختلف إلى دار هانئ سرا واستخفاء من عبيد الله ، وتواصوا بالكتمان. وألحّ عبيد الله في طلب مسلم ، ولا يعلم أين هو.

وقد أورد ابن قتيبة كيفية انتقال مسلم إلى دار هانئ برواية غريبة في

(الإمامة والسياسة) ج ٢ ص ٤ قال :

وبايع للحسين مسلم بن عقيل وأكثر من ثلاثين ألفا من أهل الكوفة ، فنهضوا معه يريدون عبيد الله بن زياد ، فجعلوا كلما أشرفوا على زقاق انسلّ عنه منهم ناس ، حتّى بقي مسلم في شرذمة قليلة.

قال : فجعل أناس يرمونه بالآجر من فوق البيوت. فلما رأى ذلك دخل دار هانئ ابن عروة المرادي ، وكان له فيهم رأي.

ابن زياد يعتمد على نظام العرافة

٥٢٥ ـ نظام العرافة في صدر الإسلام :

(الفن الحربي في صدر الإسلام لعبد الرؤوف عون ، ص ١١٠)

قال عبد الرؤوف عون : فحين كثر أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قسّمهم عرافات ، وجعل على كل عشرة منهم عريفا.

فقد روى الطبري في حديثه عن (القادسية) أن سعدا عرّف العرفاء ، فجعل على كل عشرة عريفا ، كما كانت العرافات أزمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وفي عهد عمر ، لما اتسعت الفتوح ، وتبع ذلك كثرة الأجناد والأموال ، وضع عمر (الديوان) ورتّب العطاء للناس جميعا. وجعل العرفاء أداته في توزيعه ، فكان العريف في المدنيين ينوب عن القبيلة ، وفي الجند ينوب عن عشرة.

فلما كثر عدد الناس ، جمع كل عدد من العرافات في (سبع) عليه أمير ، وسمّاهم (أمراء الأسباع) ، فكان هؤلاء يأخذون العطاء ، فيدفعونه إلى العرفاء والنقباء والأمناء ، فيدفعونه إلى أهله في دورهم.

٤٦١

٥٢٦ ـ العرفاء والمناكب :(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٤٠)

العرفاء : جمع عريف كأمير ، وهو الرئيس. والظاهر أنه كان يجعل لكل قوم رئيس من قبل السلطان يطالب بأمورهم ، يسمى العريف. وكان يجعل للعرفاء أيضا رؤساء يقال لهم : المناكب.

وفي كتاب (مع الحسين في نهضته) لأسد حيدر ، ص ٩٨ :

العريف في اللغة : هو من يعرّف أصحابه ، وهو القائم بأمور الجماعة من الناس ؛ يلي أمورهم ، ومنه يتعرّف الأمير على أحوالهم. وكان لكل عشرة عريف ، وللعرفاء رئيس يدعى : أمير الأعشار. فالعريف يقود خلية مؤلفة من عشرة أشخاص ، وأمير الأعشار يقود مجموعة مؤلفة من مئة شخص ، وهو يقابل اليوم قائد سريّة.

٥٢٧ ـ نظام العرافة :(حياة الإمام الحسين ، ج ٢ ص ٤٤٧)

قال السيد باقر شريف القرشي : وكانت الدولة تعتمد على العرفاء ، فكانوا يقومون بأمور القبائل ، ويوزعون عليهم العطاء. كما كانوا يقومون بتنظيم السجلات العامة التي فيها أسماء الرجال والنساء والأطفال ، وتسجيل من يولد ليفرض له العطاء من الدولة ، وحذف العطاء لمن يموت(١) .

كما كانوا مسؤولين عن شؤون الأمن والنظام. وكانوا في أيام الحرب يندبون الناس للقتال ويحثونهم على الحرب ، ويخبرون السلطة بأسماء الذين يتخلفون عن القتال(٢) . وإذا قصّر العرفاء أو أهملوا واجباتهم ، فإن الحكومة تعاقبهم أقسى العقوبات وأشدها(٣) .

ومن أهمّ الأسباب في تفرّق الناس عن مسلم بن عقيل ، هو قيام العرفاء في تخذيل الناس عن الثورة ، وإشاعة الإرهاب والأراجيف بين الناس(٤) كما كانوا السبب الفعال في زجّ الناس وإخراجهم لحرب الإمام الحسينعليه‌السلام .

__________________

(١) الحياة الإجتماعية والاقتصادية في الكوفة ، ص ٥٣.

(٢) تاريخ الطبري ، ج ٧ ص ٢٢٦.

(٣) الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني ، ج ٢ ص ١٧٩.

(٤) البداية والنهاية لابن كثير ، ج علينا ص ١٥٤.

٤٦٢

٥٢٨ ـ التجنيد في الدولة الأموية :

(الفن الحربي في صدر الإسلام لعبد الرؤوف عون ، ص ١٠١)

وكان التجنيد في عهد الخلفاء الأولين إلزاميا من أجل الفتح الإسلامي ، لكنه فقد عنصر الإلزام أو كاد بعد النكسة التي سببتها الحروب الأهلية. وصار المال أداة التجنيد في الدولة الأموية ، وارتفع صوت الذهب فوق كل صوت. فكان الخليفة تكثر أجناده أو تقلّ ، تبعا لكثرة المال في خزائنه أو قلته. وصار الخلفاء يسترضون الجند بصرف الأموال لهم مقدّما ، وعزل من يطلبون عزله من الولاة.

ولم تقف روح التهرب من الجندية عند حد ، بل سرت عدواها إلى الأمصار ، حتّى إلى (البصرة والكوفة) وهما المعسكران اللذان كانا مصدر المدد الحربي للمسلمين ، ومنهما اتجهت الجيوش شرقا حتّى اقتحمت على الفرس عاصمتهم ، ووطدت قدم الإسلام فيما وراء النهر إلى حدود الصين. حتّى بلغ عدد الجند في (خراسان) وحدها أيام قتيبة بن مسلم سبعة وأربعين ألفا (كما في رواية ابن الأثير) عدا ما كان في غيرها من المقاطعات الفارسية.

٥٢٩ ـ تنظيم الجيش في الكوفة :

(حياة الإمام الحسين لباقر شريف القرشي ، ج ٢ ص ٤٤٥)

أنشئت الكوفة لتكون معسكرا للجيوش الإسلامية. وقد نظّم الجيش فيها على أساس قبلي ، فكانوا يقسمون في معسكراتهم باعتبار القبائل والبطون التي ينتمون إليها ، وقد رتّبت على نظام الأسباع.

وفي سنة ٥٠ ه‍ عمد زياد بن أبيه حاكم العراق فغيّر ذلك وجعل التقسيم رباعيا ، فكان على النحو التالي :

١ ـ أهل المدينة : وجعل عليهم عمرو بن حريث.

٢ ـ تميم وهمدان : وعليهم خالد بن عرفطة.

٣ ـ ربيعة بكر وكندة : وعليهم قيس بن الوليد.

٤ ـ مذحج وأسد : وعليهم أبو بردة بن أبي موسى [الأشعري].

وقد استعان عبيد الله بن زياد بهذا التنظيم لقمع ثورة مسلم بن عقيل. كما تولى بعضهم قيادة الفرق التي زجّها الطاغية لحرب الإمام الحسينعليه‌السلام .

٤٦٣

٥٣٠ ـ الجيش النظامي والجيش الشعبي :

وكان هناك دائما جيشان :

الأول جيش نظامي عدده قليل ، ومهمته المحافظة على الوالي ، وكان ينتقى من غير العرب (الأعاجم والموالي) لأنهم يخلصون للوالي أكثر من العرب ، ولا ينقادون لانتمائهم القبلي. وقد كان هؤلاء يسمّون (الحمر) وهم من بقايا رستم ، أسلموا وتجندوا في الجيش الاسلامي ، وعددهم أربعة آلاف ، وهم الذين خرجوا أول دفعة لحرب الحسينعليه‌السلام بقيادة عمر بن سعد.

أما الجيش الآخر [الشعبي] فهو يدعى عند الضرورة ومن أجل الفتوحات ، ويكون تنظيمه آنيا. وهو جيش شعبي يستنفر من المسلمين للجهاد. وقد كانت الكوفة مركزا لتنظيم هذه الجيوش ودفعها للفتح في مشارق البلاد.

ملفّ الكوفة

(مدينة الكوفة ـ مسجد الكوفة ـ قصر الإمارة)

٥٣١ ـ مدينة الكوفة :(البلدان لليعقوبي ، ص ٩٢)

الكوفة مدينة العراق الكبرى والمصر الأعظم وقبة الإسلام ودار هجرة المسلمين. وهي أول مدينة اختطها المسلمون بالعراق في سنة ١٧ ه‍. وبها خطط العرب. وهي على معظم الفرات ، ومنه يشرب أهلها. وهي من أطيب البلدان وأفسحها وأعذبها وأوسعها.

وعن الإمام عليعليه‌السلام في قوله تعالى :( وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ ) [المؤمنون : ٥٠] ، الربوة : الكوفة ، والقرار : مسجدها ، والمعين : الفرات.

٥٣٢ ـ تعريف بقصر الإمارة بالكوفة :(تاريخ الكوفة للبراقي)

قصر الإمارة بالكوفة بناه سعد بن أبي وقّاص ، وأمره عمر بن الخطاب أن يبني بجنبه مسجدا.

موقع القصر والمسجد شرق ميدان الكوفة

٤٦٤

(الشكل ٥) : مخطط الكوفة القديمة

[مأخوذ من كتاب (خطط الكوفة وشرح خريطتها) للمسيو لويس ماسينيون]

٤٦٥

هدم القصر عبد الملك بن مروان لما وضع بين يديه رأس مصعب بن الزبير ، وقال له ما قال عبيد بن عمير (والأصح عبد الملك بن عمير) فارتعد عبد الملك وقام من فوره وأمر بهدم القصر. يقع القصر في الزاوية الجنوبية الشرقية من ميدان الكوفة ، بينما يقع المسجد في الزاوية الشمالية الشرقية (انظر المخطط).

وفي (أضواء على معالم محافظة كربلاء) ص ١١٢ :

يقع هذا القصر خلف المسجد مباشرة ، وهو الآن في منخفض من الأرض.وعند ما بنى سعد بن أبي وقّاص مدينة الكوفة سنة ١٧ ه‍ بأمر عمر بن الخطاب ، شيّد بجانب المسجد دارا سميت بدار الإمارة ، تكون مقرا لأمير الكوفة. وتعتبر دار الإمارة أقدم ما عثر عليه من عمارات إسلامية حتّى الآن في كافة الأقطار الإسلامية.

وتتألف دار الإمارة من بناء مربع طول ضلعه ١١٠ م ومعدل سمك الجدران ١٨٠ سم ، وفي بعض أجزائه ممران. وهذه الدار مشيّدة بالآجر والجص ، وفي كل ركن من أركانها توجد أبراج نصف دائرية.

مسجد الكوفة :

وهو جامع واسع جدا ، يتسع لأكثر من ثلاثين ألفا من المصلين ، وهو الجامع الّذي ضرب في محرابه أمير المؤمنين عليعليه‌السلام (انظر الشكل ٦). وهو الّذي صلى فيه مسلم بن عقيل حين جاء إلى الكوفة سفيرا للحسينعليه‌السلام ، ثم نكثوا به البيعة وتخلوا عنه.

ونورد فيما يلي تعريفا ببعض الأماكن الواقعة حول الكوفة :

٥٣٣ ـ القادسيّة :

مدينة صغيرة ذات نخيل ومياه تقع على حافة البرية وحامة سواد العراق. وهي بليدة بينها وبين الكوفة ١٥ فرسخا (نحو ٨٠ كم) في طريق الحاج. وبها كانت وقعة القادسية المشهورة أيام عمر بن الخطاب.

وفي (معجم البلدان) لياقوت الحموي : القادس : السفينة العظيمة. والقادسية :بلدة بينها وبين الكوفة ١٥ فرسخا ، وبينها وبين العذيب أربعة أميال. قيل : سميت القادسية بقادس هراة.

٤٦٦

(الشكل ٦)

مخطط مسجد الكوفة

ويظهر في أطرافه قبر هانئ ومسلم والمختار رضي الله عنهم

٤٦٧

قال المدائني : كانت القادسية تسمى قديسا ، وذلك أن إبراهيمعليه‌السلام مرّ بها فرأى زهرتها ، ووجد هناك عجوزا فغسلت رأسه ، فقال : قدّست من أرض ، فسميت (القادسية).

تقع القادسية جنوب الكوفة ومنها

ينطلق طريق الحاج إلى مكة

٥٣٤ ـ الحيرة :

مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة (٦ كم) جنوبا ، على موضع يقال له النجف [هذا نجف الحيرة ، وليس نجف الكوفة المعروفة] ، زعموا أن بحر فارس [لعل المقصود به الخليج العربي] كان يتصل به.والنجف كان ساحل بحر الملح ، وكان في قديم الدهر يبلغ الحيرة.

ومعنى الحيرة في اللغة السريانية (الحصن) ، وكانت الحيرة من أكبر مدن العصور السالفة. وهي منازل آل (بقيلة) وغيرهم.

وكانت الحيرة مسكن ملوك العرب في الجاهلية ، وبها كانت منازل ملوك بني نصر من لخم ، وهم آل النعمان بن المنذر. وعلية أهل الحيرة نصارى ، وتكثر فيها الأديرة ، مثل دير علقمة ودير اللّج ودير هند الصغرى ودير هند الكبرى ؛ بنتي النعمان بن المنذر ، ودير حتّه ودير السّوا (أي العدل).

وبنى فيها المناذرة بعد تنصّرهم القصور والكنائس الكبيرة والحصون المنيعة.وبنى فيها النعمان بن المنذر قصرين شهيرين هما : الخورنق والسّدير.

ولقد مرّت على (الحيرة) فترات من العمران والخراب. فلما مات بخت نصّر انضم عرب الحيرة إلى أهل الأنبار (مدينة تسمى اليوم الرمادي ، وتقع على نهر الفرات) ، وبقي الحير خرابا زمانا طويلا ، لا تطلع عليه طالعة من بلاد العرب. وبعد خمسمائة سنة عمّرت الحيرة في زمن عمرو بن عدي ، باتخاذه إياها مسكنا ، وظلت عامرة أكثر من خمسمائة سنة ، إلى أن جاء الفتح الإسلامي وعمّرت (الكوفة) ونزلها المسلمون ، فأهملت الحيرة.

٥٣٥ ـ الخورنق والسّدير :

إنما تكلمت عن الحيرة ، والآن أتكلم عن الخورنق والسدير ، لأبيّن أن هذه المنطقة التي حول الكوفة كانت مهد حضارات قديمة منذ أقدم العصور.

٤٦٨

يقع قصر الخورنق بالقرب من الحيرة مما يلي الشرق ، على بعد ثلاثة أميال (انظر الشكل ٧). والخورنق تعريب للكلمة الفارسية (خورنكاه) ومعناها : محل الأكل.

والسّدير : قصر في وسط البرية التي بينها وبين الشام.

وفي كتاب (العرب قبل الإسلام) لجرجي زيدان ، ج ١ ص ٢٠٤ ط مصر ، قال :

كانت الحيرة على شاطئ الفرات ، والفرات يدنو من أطراف البر حتّى يقرب من النجف ، فلما تبسّط النعمان في العيش رأى أن يتّخذ مجلسا عاليا يشرف منه على المدينة ، فاتخذ الخورنق على مرتفع يشرف منه على النجف ، وما يليه من البساتين والجنان والأنهار.

٥٣٦ ـ النّخيلة :

هي العباسية (في كلام ابن نما) ، وتعرف اليوم بالعباسيات ، وهي قريبة من (ذي الكفل). وفي (اليقين) لابن طاووس : أن النخيلة تبعد فرسخين عن الكوفة (انظر الشكل ٧).

(الشكل ٧) : مصور سواد الكوفة

[مأخوذ من كتاب (خطط الكوفة وشرح خريطتها) للمسيولويس ماسينيون]

٤٦٩

٥٣٧ ـ النجف والغريّ :

تقع النجف على بعد ٧ كم جنوب غرب الكوفة ، وترتفع ٣٦ مترا عن الكوفة الواقعة على الفرات. والنجف في اللغة : التل ، لأنه عال. ووراء مدينة النجف البحيرة المعروفة ببحر النجف ، حيث تنخفض الأرض انخفاضا هو أوطأ من مستوى نهر الفرات الموازي لها.

يقع بحر النجف من جهة الجنوب الغربي من المدينة ، يبتدئ من نهر الفرات عند (أبي ضمير) وينتهي فوق المدينة. ويغلب على الظن أن هذا البحر حصل هنا بتأثير زلزال انخفضت من جرائه الأرض ، فانسابت إليها مياه الفرات ، فتكونت هذه البحيرة ، التي عرضها عشرة كيلو مترات.

وكان اسم (النجف) يطلق قديما على الجزء الغربي ـ المطلّ على البحيرة المالحة ـ من ذلك اللسان الّذي تقع الكوفة في النقطة الشمالية الشرقية منه (من جهة الفرات). وهذه الذروة صارت في عصر اللخميين تسمى (الغريّ). والغراء :الحسن ، ومنه الغريّ (كغنيّ) : الحسن الوجه. والغري : البناء الجيد.

ومنه : الغريّان ، وهما بناءان مشهوران بالكوفة عند الثويّة ، حيث قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام . زعموا أنهما بناهما بعض ملوك الحيرة ، حيث كان الأمير (ماء السماء) قد نصب عليها عمودين : الغريّين.

محاولة قتل عبيد الله بن زياد

تضاربت الأخبار حول محاولة قتل عبيد الله بن زياد. فبعض الروايات تقول إن هانئ بن عروة كان مريضا منذ جاء ابن زياد إلى الكوفة ، فلما علم هانئ بزيارته طلب من مسلم بن عقيل وكان عنده ، أن يغتال ابن زياد أثناء الزيارة. وهذه الرواية مستبعدة للأسباب التي ستأتي.

وفي رواية أن أحد أصحاب هانئ طلب منه قتل ابن زياد ، أثناء مجيء ابن زياد لعيادته ، فرفض.

وفي روايات أخرى أن الّذي مرض هو شريك بن الأعور ، وكان مقيما في دار هانئ ، فطلب من مسلم قتل ابن زياد أثناء عيادته له ، وأن هانئا ترجّى مسلما أن لا يقتله في داره ، وكذلك زوجة هانئ توسّلت إليه بأن لا يقتله.

٤٧٠

ويمكن التوفيق بين هذه الروايات ، بأن عبيد الله بن زياد قد زار دار هانئ مرتين ، وذلك أن هانئ مرض أولا فعاده ، ثم مرض شريك فزاره. ولا بدّ أن ذلك حصل قبل أن تتم مكيدة (معقل) مولى ابن زياد ، وينكشف مكان مسلم.

٥٣٨ ـ علاقة شريك بهانئ بن عروة :

(الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري ، ص ٢٣٣)

وكان هانئ بن عروة مواصلا لشريك بن الأعور البصري الّذي قام مع ابن زياد.وكان شريك ذا شرف بالبصرة وخطر. فانطلق هانئ إليه حتّى أتى منزله ، وأنزله مع مسلم بن عقيل في الحجرة التي كان فيها.

وكان شريك بن الأعور من كبار الشيعة بالبصرة ، فكان يحثّ هانئا على القيام بأمر مسلم.

٥٣٩ ـ مرض هانئ :(الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٦١)

ومرض هانئ بن عروة بعد نزول مسلم بن عقيل عنده ، فأتاه عبيد الله يعوده. فقال عمارة بن عبد السلولي لهانئ : إنما جماعتنا وكيدنا قتل هذا الطاغية ، وقد أمكنك الله ، فاقتله. فقال هانئ : ما أحبّ أن يقتل في داري. وجاء ابن زياد فجلس عنده ، ثم خرج.

٥٤٠ ـ مرض شريك بن الأعور :(المصدر السابق)

فما مكث إلا جمعة حتّى مرض شريك بن الأعور ، وكان قد نزل على هانئ.وكان كريما على ابن زياد وعلى غيره من الأمراء. وكان شديد التشيّع ، قد شهد صفين مع عمار. فأرسل إليه عبيد الله : إني رائح إليك العشية. فقال لمسلم : إن هذا الفاجر عائدي العشية ، فإذا جلس اخرج إليه فاقتله ، ثم اقعد في القصر ليس أحد يحول بينك وبينه ، فإن برئت من وجعي ، سرت إلى البصرة حتّى أكفيك أمرها.وعلامتك أن أقول : اسقوني ماء. ونهاه هانئ عن ذلك.

٥٤١ ـ هانئ يتوسّل إلى مسلم بعدم قتل ابن زياد في داره ، ومسلم يتورّع عن قتله :(مخطوطة مصرع الحسين ـ مكتبة الأسد)

هناك توسّل هانئ إلى مسلم أن لا يقتل عبيد الله أثناء عيادته لشريك. فلما كان وقت الميعاد جاء عبيد الله بن زياد ، ودخل مسلم الخباء ، وهمّ مسلم أن يخرج إليه ،

٤٧١

فوثب إليه هاني وقال له : يا سيدي ناشدتك الله لا تفعل ذلك ، ولا تحدث في منزلنا حادثة ، فإن فيه نسوة ضعافا وأطفالا صغارا فأخاف عليهم. فقال مسلم : معاذ الله أن يصاب أحد من أجلنا بمكروه ، فنكون قد تقلدّنا إثمه. وقبل قول هاني وأطاع أمره وبقي على حاله. فأبطأ ذلك على شريك ، فجعل يتمثّل بهذه الأبيات :

ما تنظرون بسلمى لا تحيّوها

حيّوا سليمى وحيّوا من يحيّيها

هل شربة عذبة أسقى على ظمأ

ولو تلفت وكانت منيتي فيها

وإن تخشّيت من سلمى مراقبة

فلست تأمن يوما من دواهيها

٥٤٢ ـ زيارة ابن زياد لشريك بن الأعور في دار هانئ :

(الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري ، ص ٢٣٤)

قال أبو حنيفة الدينوري : ومرض شريك بن الأعور في منزل هانئ مرضا شديدا.وبلغ ذلك عبيد الله بن زياد ، فأرسل إليه يعلمه أنه يأتيه عائدا.

فقال شريك لمسلم : إنما غايتك وغاية شيعتك هلاك هذا الطاغية ، وقد أمكنك الله منه ، وهو صائر إليّ ليعودني ، فقم فادخل الخزانة ، حتّى إذا اطمأن عندي ، فاخرج إليه فقاتله. ثم صر إلى قصر الإمارة فاجلس فيه ، فإنه لا ينازعك فيه أحد من الناس. وإن رزقني الله العافية صرت إلى البصرة ، فكفيتك أمرها ، وبايع لك أهلها.

فقال هانئ : ما أحبّ أن يقتل في داري ابن زياد.

فقال له شريك : ولم؟. فوالله إنّ قتله لقربان إلى الله.

ثم قال شريك لمسلم : لا تقصّر في ذلك.

فبينا هم على ذلك إذ قيل لهم : الأمير بالباب!. فدخل مسلم بن عقيل الخزانة.ودخل عبيد الله بن زياد على شريك ، فسلّم عليه ، وقال : ما الذي تجد وتشكو؟.فلما طال سؤاله إياه ، استبطأ شريك خروج مسلم ، وجعل يقول ويسمع مسلما :

ما تنظرون بسلمى عند فرصتها

فقد وفى ودّها واستوسق الصّرم(١)

وجعل يردد ذلك.

__________________

(١) الصّرم : الطائفة المجتمعة من القوم.

٤٧٢

فقال ابن زياد لهانئ : أيهجر؟(أي يهذي).

قال هانئ : نعم ، أصلح الله الأمير ، لم يزل هكذا منذ أصبح.

ثم قام عبيد الله وخرج. فخرج مسلم بن عقيل من الخزانة ، فقال شريك : ما الذي منعك منه إلا الجبن والفشل؟!.

قال مسلم : منعني منه خلّتان : إحداهما كراهية هانئ أن يقتل في منزله ، والأخرى قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن الإيمان قيد الفتك ، لا يفتك مؤمن بمؤمن» (يعني : إن إيمان الرجل يمنعه عن الفتك برجل على سبيل الاحتيال والإغتيال ، ولو كان المقتول كافرا).

قال شريك : أما والله لو قتلته لاستقام لك أمرك ، واستوسق لك سلطانك.

(وفي رواية ابن الأثير) : «لو قتلته لقتلت فاسقا فاجرا ، كافرا غادرا».

ولم يعش شريك بعد ذلك إلا أياما ، حتّى توفي. وشيّع ابن زياد جنازته ، وتقدم فصلى عليه.

(وفي رواية ابن الأثير) : «فلما علم عبيد الله أن شريكا كان حرّض مسلما على قتله ، قال : والله لا أصلي على جنازة عراقي أبدا. ولو لا أن قبر زياد فيهم لنبشت شريكا».

وكان شريك من خيار الشيعة وعبّادها ، غير أنه كان يكتم ذلك إلا عمن يثق به من إخوانه.

ترجمة شريك بن الأعور

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٣٩)

أبوه الحارث الأعور الهمداني ، من خواص أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهو الّذي يقول فيه :

يا حار همدان من يمت يرني

من مؤمن أو منافق قبلا

ولما رأى الإمامعليه‌السلام بطولات بني همدان في حروبه قال فيهم :

ولو كنت بوّابا على باب جنة

لقلت لهمدان ادخلوا بسلام

وكان شريك شديد التشيّع ، وقد شهد صفين. وحكايته مع معاوية حين عيّره في اسمه مشهورة.

٤٧٣

(رواية أخرى) : تمارض هانئ لقتل عبيد الله بن زياد :

(الإمامة والسياسة لابن قتيبة ، ج ٢ ص ٤)

فقال هانئ بن عروة لمسلم : إن لي من ابن زياد مكانا ، وسوف أتمارض له ، فإذا جاء يعودني فاضرب عنقه.

قال : فقيل لابن زياد : إن هانئ بن عروة شاك يقيء الدم.

قال : وشرب المغرة فجعل يقيئها.

قال : فجاء ابن زياد يعوده. وقال لهم هانئ : إذا قلت لكم : اسقوني ، فاخرج إليه فاضرب عنقه. فقال : اسقوني ، فأبطؤوا عليه. فقال : ويحكم اسقوني ولو كان فيه ذهاب نفسي.

قال : فخرج عبيد الله بن زياد ولم يصنع الآخر شيئا. وكان مسلم من أشجع الناس ، ولكنه أخذته كبوة.

٥٤٣ ـ مكيدة بواسطة (معقل) تنطلي على مسلم بن عوسجة :

(الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري ، ص ٢٣٥)

وخفي على عبيد الله بن زياد موضع مسلم بن عقيل ، فقام لمولى له من أهل الشام يسمى (معقلا) وناوله ثلاثة آلاف درهم في كيس ، وقال : خذ هذا المال وانطلق ، فالتمس مسلم بن عقيل ، وتأنّ له بغاية التأني.

فانطلق الرجل حتّى دخل المسجد الأعظم ، وجعل لا يدري كيف يتأنى الأمر.ثم إنه نظر إلى رجل يكثر الصلاة إلى سارية من سواري المسجد ، فقال في نفسه : إن هؤلاء الشيعة يكثرون الصلاة ، وأحسب هذا منهم. فجلس الرجل حتّى إذا انفتل من صلاته قام ، فدنا منه وجلس ، فقال : جعلت فداك ، إني رجل من أهل الشام (من حمص) مولى لذي الكلاع ، وقد أنعم الله عليّ بحبّ أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحبّ من أحبهم ، ومعي هذه الثلاثة آلاف درهم ، أحبّ إيصالها إلى رجل منهم.بلغني أنه قدم هذا المصر داعية للحسين ابن عليعليه‌السلام ، فهل تدلني عليه لأوصل هذا المال إليه؟. ليستعين به على بعض أموره ، ويضعه حيث أحبّ من شيعته؟.

فقال له الرجل : وكيف قصدتني بالسؤال عن ذلك دون غيري ممن هو في المسجد؟.قال : لأني رأيت عليك سيما الخير ، فرجوت أن تكون ممن يتولى أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤٧٤

قال له الرجل : ويحك ، قد وقعت عليّ بعينك ، أنا رجل من إخوانك ، واسمي مسلم بن عوسجة ، وقد سررت بك ، وساءني ما كان من حسّي قبلك ، فإني رجل من شيعة أهل هذا البيت ، خوفا من هذا الطاغية ابن زياد ، فأعطني ذمة الله وعهده ، أن تكتم هذا عن جميع الناس. فأعطاه من ذلك ما أراد.

فقال له مسلم بن عوسجة : انصرف يومك هذا ، فإن كان غد فائتني في منزلي حتّى أنطلق معك إلى صاحبنا [يعني مسلم بن عقيل] فأوصلك إليه.

فمضى الشامي فبات ليلته. فلما أصبح غدا إلى مسلم بن عوسجة في منزله ، فانطلق به حتّى أدخله إلى مسلم بن عقيل ، فأخبره بأمره. ودفع إليه الشامي ذلك المال ، وبايعه.

فكان الشامي يغدو إلى مسلم بن عقيل ، فلا يحجب عنه ، فيكون نهاره كله عنده ، فيتعرف جميع أخبارهم. فإذا أمسى وأظلم عليه الليل ، دخل على عبيد الله بن زياد ، فأخبره بجميع قصصهم ، وما قالوا وفعلوا في ذلك. وأعلمه نزول مسلم في دار هانئ بن عروة.

وفي (مقتل الخوارزمي) ج ١ ص ٢٠٢ ط نجف :

فبقي ابن زياد متعجبا ، وقال لمعقل : انظر أن تختلف إلى مسلم [أي تزوره] في كل يوم ، ولا تنقطع عنه ، فإنك إن قطعته استرابك ، وتنّحى عن منزل هاني إلى منزل آخر ، فألقى في طلبه عناء.

٥٤٤ ـ إمساك عبد الله بن يقطر :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٤٣ ط نجف)

فلما دخل ابن زياد القصر أتاه مالك بن يربوع التميمي بكتاب أخذه من يدي عبد الله بن يقطر ، فإذا فيه : للحسين بن عليعليهما‌السلام : أما بعد ، فإني أخبرك أنه قد بايعك من أهل الكوفة كذا ، فإذا أتاك كتابي هذا فالعجل العجل ، فإن الناس معك ، وليس لهم في يزيد رأي ولا هوى.

فأمر ابن زياد بقتله.

٥٤٥ ـ مقتل عبد الله بن يقطر (على رواية أخرى):

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٠٣)

فبينا عبيد الله مع القوم إذ دخل رجل من أصحابه يقال له مالك بن يربوع التميمي ،

٤٧٥

فقال : أصلح الله الأمير ، ههنا خبر!. قال ابن زياد : ما ذاك؟. قال : كنت خارج الكوفة أجول على فرسي إذ نظرت رجلا خرج من الكوفة مسرعا يريد البادية ، فأنكرته. ثم إني لحقته وسألته عن حاله فذكر أنه من المدينة ، فنزلت عن فرسي وفتشته ، فأصبت هذا الكتاب.

فأخذه ابن زياد ، فإذا فيه مكتوب : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. للحسين ابن عليعليهما‌السلام : أما بعد ، فإني أخبرك أنه قد بايعك من أهل الكوفة ما ينيف على عشرين ألفا ، فإذا أتاك كتابي هذا فالعجل العجل ، فإن الناس كلهم معك ، وليس لهم في يزيد بن معاوية هوى ولا رأي ، والسلام.

فقال ابن زياد : أين هذا الرجل الّذي أصبت معه الكتاب؟. قال : هو بالباب.قال : ائتوني به ، فأدخل. فلما وقف بين يدي ابن زياد ، قال له : من أنت؟. قال :مولى لبني هاشم. قال : ما اسمك؟. قال : عبد الله بن يقطر. قال : من دفع إليك هذا الكتاب؟. قال : امرأة لا أعرفها ، فضحك ابن زياد. قال : اختر واحدة من اثنتين : إما أن تخبرني من دفع إليك هذا الكتاب ، أو تقتل. فقال : أما الكتاب فإني لا أخبرك من دفعه إليّ ، وأما القتل فإني لا أكرهه ، لأني لا أعلم قتيلا عند الله أعظم أجرا من قتيل يقتله مثلك. فأمر ابن زياد فضرب عنقه صبرا(١) .

ترجمة عبد الله بن يقطر

أرسله الحسينعليه‌السلام برسالة إلى أهل الكوفة وهو في طريقه إلى العراق.وقد اختلف بين أن تكون وفاته وهو ذاهب بهذه الرسالة ، أو بين أن يكون قد أوصلها ثم قبض عليه وهو راجع بجوابها من أهل الكوفة.

وكان عبد الله بن يقطر صحابيا. وكان لدة الحسينعليه‌السلام [أي الّذي ولد معه في زمن واحد] لأن (يقطر) كان خادما عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكانت زوجته ميمونة في بيت أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فولدت عبد الله قبل ولادة الحسينعليه‌السلام بثلاثة أيام. وكانت حاضنة للحسينعليه‌السلام ، لأنه لم يرضع من أمه فاطمةعليها‌السلام ، فلذلك فهو أخو الحسينعليه‌السلام من الرضاعة. (انظر أسد الغابة في معرفة الصحابة للجزري)

__________________

(١) يقال قتل صبرا : إذا قتل وهو أسير ، لا يسمح له أن يدافع عن نفسه أو يقاتل خصمه.

٤٧٦

٥٤٦ ـ استدعاء هانئ بن عروة إلى قصر الإمارة :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٤٣ ط نجف)

وخاف هانئ من عبيد الله بن زياد على نفسه ، فانقطع عن حضور مجلسه وتمارض. فسأل عنه ابن زياد؟ فقيل : هو مريض. فقال : لو علمت بمرضه لعدته.

ودعا محمّد بن الأشعث وأسماء بن خارجة وعمرو بن الحجاج الزبيدي ، وكانت رويحة بنت عمرو هذا تحت هانئ. فقال لهم : ما يمنع هانئ من إتياننا؟. فقالوا : ما ندري ، وقد قيل إنه مريض. قال : قد بلغني ذلك ، وبلغني أنه بريء ، وأنه يجلس على باب داره. فالقوه ومروه أن لا يدع ما عليه من حقنا ، فإني لا أحب أن يفسد عندي مثله من أشراف العرب.

(وفي مقتل الخوارزمي ج ١ ص ٢٠٣) فقال : «صيروا إلى هانئ بن عروة المذحجي فسلوه أن يصير إلينا ، فإنا نريد مناظرته. فركب القوم ثم صاروا إلى هانئ فوجدوه جالسا على باب داره ، فسلّموا عليه» ، وقالوا له : ما يمنعك من لقاء الأمير ، فإنه قد ذكرك وقال : لو أعلم أنه مريض لعدته. فقال لهم : المرض يمنعني. فقالوا :إنه قد بلغه أنك تجلس كل عشية على باب دارك ، وقد استبطأك. والإبطاء والجفاء لا يحتمله السلطان من مثلك ، لأنك سيد في قومك ، ونحن نقسم عليك إلا ركبت معنا.

٥٤٧ ـ هانئ يحسّ بالشّر الّذي يترصده :(المصدر السابق)

فدعا [هانئ] بثيابه فلبسها ، ثم دعا ببغلته فركبها. حتّى إذا دنا من القصر كأن نفسه أحسّت (بالشر) ببعض الّذي كان. فقال لحسان بن أسماء ابن خارجة : يابن الأخ ، إني والله لهذا الرجل لخائف ، فما ترى؟. قال :

يا عم والله ما أتخوّف عليك شيئا (فلا تحدّثنّ نفسك بشيء من هذا) ولم تجعل على نفسك سبيلا. ولم يكن حسان يعلم مما كان شيئا ، وكان محمّد بن الأشعث عالما به.

٥٤٨ ـ دعوة هانئ إلى قصر الإمارة لقتله :

(الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري ، ص ٥)

فقيل لابن زياد : والله إن في البيت رجلا متسلحا. قال : فأرسل ابن زياد إلى هانئ ، فدعاه. فقال : إني شاك [أي مريض] لا أستطيع النهوض. فقال : ائتوني به

٤٧٧

وإن كان شاكيا. قال : فأخرج له دابة ، فركب ومعه عصاه ، وكان أعرج. فجعل يسير قليلا ويقف ، ويقول : مالي أذهب إلى ابن زياد؟!. فما زال ذلك دأبه حتّى دخل عليه.

فقال له عبيد الله بن زياد : يا هانئ ، أما كانت يد زياد عندك بيضاء؟. قال : بلى.قال : ويدي؟. قال : بلى. فقال : يا هانئ قد كانت لكم عندي يد بيضاء ، وقد أمّنتك على نفسك ومالك. فتناول العصا التي كانت بيد هانئ فضرب بها وجهه حتّى كسرها.

٥٤٩ ـ إمساك هانئ ومعاملته بقسوة :

(سير أعلام النبلاء للذهبي ، ج ٣ ص ٢٩٩)

قال الذهبي : فبعث ابن زياد إلى هانئ ـ وهو شيخ ـ فقال : ما حملك على أن تجير عدوي؟. قال : يابن أخي ، جاء حقّ هو أحقّ من حقك. فوثب إليه عبيد الله بالعنزة [عصا يتوكأ عليها الشيخ] حتّى غرز رأسه بالحائط.

٥٥٠ ـ دخول هانئ على ابن زياد :(لواعج الأشجان ، ص ٤٤)

فجاء هانئ والقوم معه حتّى دخلوا على عبيد الله. فلما طلع (نظر إليهم من بعيد) قال عبيد الله لشريح القاضي ، وكان جالسا عنده :

أتتك بخائن رجلاه تسعى

يقود النفس منها للهوان

فلما دنا من ابن زياد التفت إلى شريح وأشار إلى هانئ ، وأنشد بيت عمرو بن معديكرب الزبيدي :

أريد حياته ويريد قتلي

عذيرك من خليلك من مراد

فقال له هانئ : وما ذاك أيها الأمير؟. قال : إيه يا هانئ ، ما هذه الأمور التي تربص في دارك لأمير المؤمنين وعامة المسلمين؟. جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعت له الجموع والسلاح في الدور حولك ، وظننت أن ذلك يخفى عليّ؟!. قال : ما فعلت ذلك ، وما مسلم عندي. قال : بلى قد فعلت.

فلما كثر ذلك بينهما ، وأبى هانئ إلا مجاحدته ومناكرته ، دعا ابن زياد (معقلا) ذاك اللعين ، فقال : أتعرف هذا؟. قال : نعم. وعلم هانئ عند ذلك أنه كان عينا [أي جاسوسا] عليهم ، وأنه قد أتاه بأخبارهم ، فسقط في يده ساعة [أي بهت وتحيّر ما يدري ما يقول] ، ثم راجعته نفسه.

٤٧٨

(وفي رواية مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٠٤) : «فقال : أصلح الله الأمير. ما بعثت إلى مسلم ولا دعوته ، ولكنه جاءني مستجيرا ، فاستحييت من ردّه ، وأخذني من ذلك ذمام». فضيّفته وآويته ، وقد كان من أمره ما قد بلغك. فإن شئت أعطيتك الآن موثقا تطمئن به ، ورهينة تكون في يدك ، حتّى أنطلق وأخرجه من داري ، فأخرج من ذمامه وجواره.

فقال له ابن زياد : والله لا تفارقني أبدا حتّى تأتيني به. قال : لا والله لا أجيئك به أبدا. أجيئك بضيفي تقتله!(أيكون هذا في العرب؟). قال ابن زياد : والله لتأتينّي به. فقال هانئ : لا والله لا آتيك به أبدا.

٥٥١ ـ ابن زياد يجدع أنف هانئ بن عروة :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٤٥ ط نجف)

ثم قال ابن زياد : والله لتأتينّي به أو لأضربنّ عنقك. فقال هانئ : إذن والله لتكثر البارقة [أي السيوف] حول دارك. فقال ابن زياد : والهفاه عليك ، أبالبارقة تخوّفني!. وهانئ يظن أن عشيرته سيمنعونه.

ثم قال : ادنوه مني ، فأدني منه ، فاستعرض وجهه بالقضيب ، فلم يزل يضرب به أنفه وجبينه وخده ، حتّى كسر أنفه وسالت الدماء على ثيابه ووجهه ولحيته ، ونثر لحم جبينه وخده على لحيته ، حتّى كسر القضيب. وضرب هانئ بيده على قائم سيف شرطي ، وجاذبه الشرطي ومنعه من ذلك السيف.

فصاح ابن زياد : خذوه. فأخذوه وألقوه في بيت من بيوت القصر ، وأغلقوا عليه الباب. فقال : اجعلوا عليه حرسا ، ففعل ذلك به.

ثم وثب أسماء بن خارجة ، فقال له : أيها الأمير ، أرسل غدر سائر اليوم ، أمرتنا أن نجيئك بالرجل ، حتّى إذا جئناك به هشّمت أنفه ووجهه ، وسيّلت دماءه على لحيته ، وزعمت أنك تقتله!. فقال له عبيد الله : وإنك لههنا

(وأنت ههنا أيضا)؟. فأمر به فضرب وأجلس ناحية. فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، إلى نفسي أنعاك يا هانئ.

٥٥٢ ـ تداعي مذحج لتخليص هانئ ، وخدعة شريح القاضي :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٠٥)

قال : وبلغ ذلك بني مذحج ، فركبوا بأجمعهم وعليهم عمرو بن الحجاج الزبيدي

٤٧٩

(وكانت رويحة بنت عمرو زوجة هانئ) فوقفوا بباب القصر. ونادى عمرو : يا عبيد الله (أنا عمرو بن الحجاج) وهذه فرسان مذحج (ووجوهها) ، لم تخلع طاعة ولم تفرّق جماعة ، فلم تقتل صاحبنا؟!.

فقال ابن زياد لشريح القاضي : ادخل على صاحبهم فانظر إليه ، ثم اخرج إليهم فأعلمهم أنه (حي) لم يقتل. قال شريح : فدخلت عليه ، فقال هاني : ويحك (يا لله يا للمسلمين) أهلكت عشيرتي!. أين أهل الدين فلينقذوني من يد عدوهم وابن عدوهم؟. ثم قال والدماء تسيل من لحيته : يا شريح هذه أصوات عشيرتي ، أدخل منهم عشرة ينقذوني.

قال شريح : فلما خرجت تبعني حمران بن بكير ، وقد بعثه ابن زياد عينا عليّ ، فلو لا مكانه لكنت أبلّغ أصحابه ما قال.

ثم خرج شريح فقال : يا هؤلاء لا تعجلوا بالفتنة ، فإن صاحبكم لم يقتل.

(فقال له عمرو بن الحجاج وأصحابه : أما إذا لم يقتل فالحمد لله). ثم انصرف القوم.

تعليق : يقول العلامة السيد محسن الأمينرحمه‌الله في (أعيان الشيعة) ج ٤ ص ١٦٩: وهكذا يتمكن الظالم من ظلمه ، بأمثال محمّد بن الأشعث من أعوان الظلمة ، وأمثال شريح من قضاة السوء ، المظهرين للدين ، المصانعين الظلمة ، اللابسين جلود الأكباش ، وقلوبهم قلوب الذئاب ، وبأمثال (مذحج) الذين اغتروا بكلام شريح ، وانصرفوا ولم يأخذوا بالحزم.

٥٥٣ ـ خطبة ابن زياد في مسجد الكوفة :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٠٦)

(ولما ضرب عبيد الله هانئا وحبسه ، خاف أن يثب به الناس). فخرج حتّى دخل المسجد الأعظم ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، فنظر إلى أصحابه عن يمين المنبر وشماله ، في أيديهم الأعمدة والسيوف المسللة. (فخطب خطبة موجزة) فقال : أما بعد ، يا أهل الكوفة ، فاعتصموا بطاعة الله ، وطاعة رسول الله ، وطاعة أئمتكم ، ولا تختلفوا وتفرقوا ، فتهلكوا وتندموا وتذلوا وتقهروا وتحرموا ، ولا يجعلن أحد على نفسه سبيلا. وقد أعذر من أنذر.

فما أتمّ الخطبة حتّى سمع الصيحة!. فقال : ما هذا؟. فقيل له : أيها الأمير

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735