موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 452377 / تحميل: 5265
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

٥ - عقيدتنا في الله تعالى

نعتقد: أنّ الله تعالى واحد احد ليس كمثله شيء، قديم لم يزل ولا يزال، هو الاَوّل والآخر، عليم، حكيم، عادل، حي، قادر، غني، سميع، بصير. ولا يوصف بما تُوصف به المخلوقات؛ فليس هو بجسم ولا صورة، وليس جوهراً ولا عرضاً، وليس له ثقل أو خفة، ولا حركة أو سكون، ولا مكان ولا زمان، ولا يشار إليه(١) ؟. كما لا ندَّ له، ولا شبه، ولا ضدّ، ولا صاحبة له ولا ولد، ولا شريك، ولم يكن له كفواً أحد، لا تدركه الاَبصار وهو يدرك الاَبصار.

ومن قال بالتشبيه في خلقه، بأن صوَّر له وجهاً ويداً وعيناً، أو أنّه ينزل إلى السماء الدنيا، أو أنّه يظهر إلى أهل الجنة كالقمر، أو نحو ذلك(٢) ، فانّه

____________________

(١) روي عن الامام عليعليه‌السلام قوله في جواب ذعلب: «لم أكن بالذي اعبد رباً لم أره» ثم أردف قائلاً في وصف الله تعالى: «ويلك لم تره العيون بمشاهدة الاَبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان. ويلك يا ذعلب، إنّ ربي لا يوصف بالبعد ولا بالحركة ولا بالسكون ولا بالقيام قيام انتصاب ولا بجيئة ولا بذهاب، لطيف اللّطافة لا يوصف باللّطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقة، مؤمن لا بعبادة، مدرك لا بمجسّة، قائل لا باللّفظ، هو في الاَشياء على غير ممازجة، خارج منها على غير مباينة، فوق كل شيء فلا يقال شيء فوقه، وأمام كل شيء فلا يقال له أمام، داخل في الاَشياء لا كشيء في شيء داخل، وخارج منها لا كشيء من شيء خارج».

التوحيد للصدوق: ٣٠٤ - باب حديث ذعلب - ، أمالي الصدوق: ٢٨٠ المجلس الخامس والخمسون، بحار الاَنوار: ٤/٢٧.

(٢) كقول الكرامية (إنّه تعالى في جهة فوق)!!

=

٢١

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ..

____________________

=

راجع: الفرق بين الفرق: ١٣١، الملل والنحل: ١/ ٩٩، وكذلك الأشاعرة في الإبانة في اصول الديانة: ٣٦ - ٥٥، وكذلك الوهابية رسالة العقيدة الحموية لإبن تيمية: ١/ ٤٢٩، الهدية السنية : ٩٧، والرسالة الخامسة منها لعبد اللطيف حفيد محمد بن عبدالوهاب.

وكذلك القول بأنه تعالى يتحد مع أبدان العارفين! كما حكم الصوفية قال العارف البلجرامي في كتابه «سبحة المرجان»:

انما الخلق المظهر الباري

هو في كل جزئه ساري

وقال الآخر منهم:

أنا من أهوى ومن أهوى أنا

نحن روحان حللنا بدنا

ويراجع ديوان الشيخ ابن الفارض، كما في قصيدته التائية الكبرى المسماة بنظم السلوك ومطلعها:

سقتني حميا الحب راحة مقلتي

وكأسي محيا من عن الحسن جلت

وقصيدته اليائية، مطلعها:

سائق الأضعان يطوي البيد طي

منعما عرج على كثبان طي

ورسائل الشيخ عطار وغيرها كثير.

ذكر العلامة الحلي معقبا على هذه الخرافات بقوله: (فانظرو إلى هؤلاء المشايخ الذين يتبركون بمشاهدهم كيف اعتقادهم في ربهم، وتجويزهم تارة الحلول واخرى الاتحاد، وعبادتهم الرقص والتصفيق والغناء) إلى أن قال: (ولقد شاهدت جماعة من الصوفية في حضرة مولانا الحسينعليه‌السلام وقد صلوا المغرب سوى شخص واحد منهم كان جالسا لم يصل، ثم صلوا بعد ساعة العشاء سوى ذلك الشخص، فسألت بعضهم عن ترك صلاة ذلك الشخص، فقال: وما حاجة هذا إلى الصلاة وقد وصل؟ أيجوز ان يجعل بينه وبين الله حاجباً؟ فقلت: لا فقال: الصلاة حاجب بين العبد والرب) نهج الحق: ٥٨.

يراجع: مناقب العارفين للافالكي، وأسرار التوحيد: ١٨٦، والأنوار في كشف الاسرار للشيخ روزبهان البقلي، والمجلد الثاني من احياء العلوم للغزالي.

٢٢

بمنزلة الكافر به، جاهل بحقيقة الخالق المنزَّه عن النقص، بل كل ما ميّزناه بأوهامنا في أدق معانيه فهو مخلوق مصنوع مثلنا مردود إلينا - على حد تعبير الامام الباقرعليه‌السلام (١) - وما أجلّه من تعبير حكيم! وما أبعده من مرمى علمي دقيق!

وكذلك يلحق بالكافر من قال: إنّه يتراءى لخلقه يوم القيامة(٢) ، وإن

____________________

(١) انظر بحار الاَنوار: ٦٩/٢٩٣ ح٢٣، المحجة البيضاء: ١/٢١٩.

(٢) حيث حكم الاَشاعرة بأنّ الله تعالى يتراءى لخلقه. راجع: الابانة في أصول الديانة لاَبي الحسن الاَشعري: ٥ و٦، الملل والنحل: ١/٨٥ إلى ٩٤، وحاشية الكستلي المطبوع في هامش شرح العقائد للتفتازاني: ٧٠، اللوامع الالهية: ٨٢ و٩٨.

ويضيف البغدادي: (وأجمع أهل السنة على أنّ الله تعالى يكون مرئياً للمؤمنين في الآخرة، وقالوا بجواز رؤيته في كل حال ولكل حي من طريق العقل، ووجوب رؤيته للمؤمنين خاصة في الآخرة من طريق الخبر). الفرق بين الفرق: ٣٣٥ - ٣٣٦.

وباستثناء المجسّمة الذين زعموا أنّ أهل المحشر كافة سيرونه - تعالى عن ذلك - يوم القيامة نصب أعينهم باتصال اشعّتها بجسمه، ينظرون إليه لا يمارون كما لا يمارون في الشمس والقمر ليس دونهما سحاب.. فإنّ محل النزاع منحصر في أنّ رؤية الباري تعالى هل هي ممكنة مع تنزيهه؟ أم هي مع التنزيه ممتنعة مستحيلة؟ فالاَشاعرة ذهبوا إلى الاَول وذهبنا نحن - تبعاً لائمتناعليهم‌السلام - إلى الثاني.

راجع - للتفصيل: كتاب كلمة حول الرؤية للاِمام السيد عبد الحسين شرف الدين؛ فقد أوفى الغرض بمناقشة هذه المسألة واستعراضها باسلوب رصين.

هذا كله بالاضافة إلى ما ورد من الاَحاديث - المزعومة - التي ذكرت بأن الله خلق آدم على صورته، وأنّ له جوارح مشخصة، كالاَصابع والساق والقدم، وأنّ في ساقه علامة يعرف بها، وأنّه يضع قدمه في جهنّم يوم القيامة لتكف عن النهم فتقول: قط! قط!، وأنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يراه - سبحانه - فيقع ساجداً، وأنّ الله يهبط يوم القيامة إلى العباد ليقضي بينهم، وأنّ المسلمين يرون ربّهم يوم القيامة كما يرون القمر لا يضامون في رؤيته. وغيرها الكثير؛ لاحظ: صحيح البخاري: ٨/٦٢، ٩/١٥٦، وصحيح مسلم: ٤/٢١٨٣ وغيرها، سنن ابن ماجه: ١/٦٤، مسند أحمد: ٢/٢٦٤ وغيرها، الموطأ: ١/٢١٤ ح٣٠، أصل الشيعة وأصولها - مقدمة المحقّق - هامش ص ٢٤.

٢٣

نفى عنه التشبيه بالجسم لقلقة في اللسان؛ فان أمثال هؤلاء المدّعين جمدوا على ظواهر الاَلفاظ في القرآن الكريم أو الحديث، وأنكروا عقولهم وتركوها وراء ظهورهم. فلم يستطيعوا أن يتصرَّفوا بالظواهر حسبما يقتضيه النظر والدليل وقواعد الاستعارة والمجاز.

٢٤

٦ - عقيدتنا في التوحيد

ونعتقد: بأنّه يجب توحيد الله تعالى من جميع الجهات، فكما يجب توحيده في الذات ونعتقد بأنّه واحد في ذاته ووجوب وجوده، كذلك يجب - ثانياً - توحيده في الصفات، وذلك بالاعتقاد بأنّ صفاته عين ذاته - كما سيأتي بيان ذلك - وبالاعتقاد بأنه لا شبه له في صفاته الذاتية؛ فهو في العلم والقدرة لا نظير له، وفي الخلق والرزق لا شريك له، وفي كلّ كمال لا ندَّ له.

وكذلك يجب - ثالثاً - توحيده في العبادة؛ فلا تجوز عبادة غيره بوجه من الوجوه، وكذا إشراكه في العبادة في أيّ نوع من أنواع العبادة؛ واجبة أو غير واجبة، في الصلاة وغيرها من العبادات.

ومن أشرك في العبادة غيره فهو مشرك، كمن يرائي في عبادته ويتقرَّب إلى غير الله تعالى، وحكمه حكم من يعبد الاَصنام والاَوثان، لا فرق بينهما(١) .

____________________

(١) يذكر الشيخ المظفرقدس‌سره في محاضراته الفلسفية قوله: (في بحثنا الالهي نخطو خطوات ونجتاز مراحل:

١ - المرحلة الاولى: في إثبات أصل واجب الوجود.

٢ - المرحلة الثانية: بعد ثبوت أصل واجب الوجود لا بدّ أن يكون هو صرف الوجود.

٣ - المرحلة الثالثة: بعد ثبوت المرحلتين ننتقل إلى وحدانيته؛ لاَنّه إذا ثبت أنّه صرف الوجود فلا بد أن يكون واحداً؛ لاَنّ صرف الشيء لا بدّ أن يكون واحداً، وإلاّ لم يكن صرف الشيء، وإذا كان عارياً من كل حد فلا يعقل أن يتعدّد؛ لاَنّ الاَشياء إنّما تتمايز بالحدود.

فالتوحيد لا ينحصر في الاعتقاد بوحدة واجب الوجود وأنه صرف الوجود، بل هو تعالى واحد في خلقه وفيضه، فكل الاَشياء من فيضه وتجليات لنوره).

ثم يذكر الشيخقدس‌سره برهانا للقدماء على التوحيد، وملخصه: ( العالم واحد فلا

=

٢٥

أمّا زيارة القبور وإقامة المآتم، فليست هي من نوع التقرُّب إلى غير الله تعالى في العبادة - كما توهّمه بعض من يريد الطعن في طريقة الامامية، غفلة عن حقيقة الحال فيها(١) - بل هي من نوع التقرُّب إلى الله تعالى

____________________

=

بد أن يكون الخالق واحدا؛ فهناك تلازم بين وحدة الخالق ووحدة المخلوق - وهو العالم - بحيث لو فرض وجود عالمين لفرض وجود إلهين اثنين، وهو مقولة: الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد.

ثم يشير عند شرحه لخطبة التوحيد المشهورة للامام عليعليه‌السلام عند قولهعليه‌السلام : «وكمال توحيده الاخلاص له»: والفكرة العامية للاخلاص هو الاخلاص بالعبادة، ولكن هذا المعنى لا يترتب على ما قبله، ولا ينسجم مع ما بعده؛ فالاخلاص يعني تنزيه من كل النقائص، ومن كل شيء يقدح في كونه واجب الوجود، فهو أعم من الاخلاص في العمل والعبادة، فالتوحيد لا يكون توحيداً حقيقياً إلا إذا وحدته من جميع الجهات في ذاته وصفاته وأفعاله وعبادته أيضاً، فالاخلاص له يعني التوحيد من جميع الجهات، وتنزيهه عن الشريك من جميع النواحي إلى آخره).

يراجع: الفلسفة الاسلامية؛ محاضرات الشيخ المظفرقدس‌سره على طلاب كلية الفقه في النجف الاشرف، الدرس العاشر: ٩١، والدرس الحادي عشر: ٩٣، والدرس الرابع عشر: ١٠٣.

(١) وفي هذه العبارة التي ذكرها المصنفقدس‌سره إشارة إلى الشبهة التي أثارها بعض خصوم الشيعة حول زيارة القبور وأشاعوا انّها محرّمة. واعتمدوا في ذلك على الحديث النبوي الذي نقله النسائي في سننه، ولفظه «لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج»: ٤/٩٥. ونقله أيضاً بنفس اللفظ: كنز العمال: ١٦/٣٨٨ ح٤٥٠٣٩. وذكره أيضاً ابن ماجه في سننه، ولكن بلفظ مختلف هو: «لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زوّارت القبور»: ١/٥٠٢ باب ما جاء في النهي عن زيارة النساء القبور، ح١٥٧٤ و ١٥٧٥ ، ١٥٧٦. ولا يخفى ما في متن الحديثين من تفاوت واضطراب؛ فلفظ زائرات يختلف عن زوّارت - بصيغه المبالغة - وكذلك عدم ورود الزيادة التي ذكرها النسائي اضافة إلى ذلك، ذكر هذا الحديث كل من محمد ناصر الدين الاَلباني في: سلسلة الاَحاديث الضعيفة: ١/٢٥٨ ح٢٢٥، وكذلك ابن عدي في: الكامل في الضعفاء: ٥/١٦٩٨ بدون ذكر الزيادة الموجودة في سنن النسائي.

=

٢٦

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ..

____________________

=

هذا من ناحية المتن، أما بالنسبة إلى السند، ففي سند هذا الحديث: عبدالوارث بن سعيد وأبو صالح - على رواية النسائي وراوية ابن ماجه الاولى - وعبدالله بن عثمان وعبدالرحمن بن بهمان - على رواية ابن ماجه الثانية - وهؤلاء يمكن الاطلاع على احوالهم مما يلي: -

١- عبدالوارث بن سعيد: قال عنه ابن حبان: كان قدرياً. وقال ابن أبي خيثمة: وكان يرمى بالقدر. وقال الساجي: كان قدرياً ذم لبدعته، وقال ابن معين: كان يرى القدر ويظهره. ذكر ذلك في تهذيب التهذيب: ٦/ ٣٩١ - ٣٩٢.

٢ - أبو صالح: وهو مردد بين ميزان البصري وبين باذام مولى ام هاني. والمرجح عند أهل الرجال والحديث أنه باذام. وباذام هذا قال ابن حجر في تهذيب التهذيب: ١/ ٣٦٤ - ٣٦٥ أنه قال فيه أحمد: كان ابن مهدي قد ترك حديثه، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابن عدي: ولم أعلم أحداً من المتقدمين رضيه. وقال زكريا بن أبي زائدة، كان الشعبي يمر بأبي صالح فيأخذ باذنه فيهزها ويقول: ويلك تفسر القرآن وأنت لا تحفظ القرآن، وقال ابن المديني عن القطان عن الثوري: قال الكلبي قال لي أبو صالح: كلما حدثتك كذب. ونقل ابن الجوزي عن الازدي أنه قال: كذاب.

هذا ما ذكره تهذيب التهذيب. أما في سلسلة الأحاديث الضعيفة فبعد أن ذكر الحديث ورجح أن أبو صالح هذا هو باذام قال: (وأبو صالح هذا مولى ام هانئ بنت أبي طالب، واسمه باذان ويقال: باذام. وهو ضعيف عند جمهور النقاد ولم يوثقه أحد إلا العجلي وحده. بل كذبه اسماعيل بن أبي خالد والأزدي، ووصمه بعضهم بالتدليس وقال الحافظ في «التقريب»: ضعيف مدلس. وهو ضعيف عند ابن الملقن وعبد الحق الأشبيلي). سلسلة الأحاديث الضعيفة: ١/ ٢٥٨.

٣- عبدالله بن عثمان: قال النسائي: ثقة، وقال مرة: ليس بالقوي. وقال ابن حبان: كان يخطئ ‎ وقال عبدالله بن الدورقي عن ابن معين: أحاديثه ليست بالقوية. وقال: ابن خثيم ليس بالقوي علي بن المديني قال: ابن خثيم منكر الحديث. ذكره تهذيب التهذيب: تهذيب التهذيب: ٦/ ١٣٥.

٤- عبدالرحمن بن بهمان: وهذا قال فيه ابن المديني: لا نعرفه. كما نقله عنه في تهذيب التهذيب: ٦/ ١٣٥.

هذا هو حال سند هذا الحديث وحال متنه، ويضاف إلى ذلك أنه معارض بأخبار أخر

=

٢٧

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ..

____________________

=

كثيرة أحسن منه متناً وأقوى سنداً؛ فقد جاء من الأحاديث التي تحث على زيارة قبر النبي العديد العديد منها ما في كنز العمال: ١٥/ ٦٥١ ح ٤٢٥٨٢ - ٤٢٥٨٤، وكذا في جزئه الخامس / ١٣٥ ح ١٢٣٦٨ - ١٢٣٧٣، وكذلك ما جاء في السنن الكبرى للبيهقي: ٥/ ٢٤٥ باب زيارة قبر النبي، وأما في زياره القبور بصورة عامة فلا حظ: كنز العمال: ١٥/ ٦٤٦ الفصل الثالث في زيارة القبور وفي الاحاديث من ٤٢٥٥١ إلى ٤٢٥٥٨، والسنن الكبرى للبيهقي: ٥/ ٢٤٩ باب زيارة القبور التي في بقيع الغرقد، وباب زيارة قبور الشهداء. وكذا في سنن ابن ماجه: ١/ ٥٠٠ باب ما جاء في زيارة القبور. وغير هذه المصادر الكثير الكثير مما يقصر هذا الموضع عن عدها. ولو سلمنا صحة الحديث السابق - جدلا - ومقاومته ومعارضته لكل هذه الأحاديث الصحيحة القوية، فان هذا الأحاديث يمكن أن نعتبرها ناسخة له إذا لا حظنا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها؛ فإنها تذكركم بالاخرة» ذكره كنز العمال: ١٥/ ٦٤٦ ح ٤٢٥٥٥ وغيره كثير. هذا كله بالاضافة إلى إجماع المسلمين على جواز زيارة القبور، بل رجحانها واستحبابها، وقيام السيرة على ذلك منذ عهد النبي، فقد ذكر البيهقي في سننه الكبرى وغيره بأنه كلما كانت ليلة عائشة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وآتاكم ما توعدون» ذكره في الجزء: ٥/ ٢٤٩، وذكر النسائي في سننه، كتاب الجنائز، باب زيارة قبور المشركين، وأبو داود في سننه في زيارة القبور ح٣٢٣٤، وبن ماجه في سننه في باب ما جاء في زيارة قبور المشركين: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله. بالاضافة إلى الاحاديث المتكاثرة التي تذكر بأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعلم عائشة الدعاء عند زيارة القبور. ولو تجاوزنا هذا كله ورجعنا إلى الحديث الذي اعتمدوه ولا حظناه - بغض النظر عن كل ما قدمناه - فلن نجد فيه الدلالة التي ذكروها بل قد استفاد الكثير من المحدثين والفقهاء كراهة زيارة القبور بالنسبة للنساء فقط لا غير، وإليك نص العبارة التي ذكرها البيهقي في سننه الكبرى: ٤/ ٧٨، فقد قال: (إن فاطمة بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده ثم قال: وقد روينا في الحديث الثابت عن أنس بن مالك أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مر بامرأة عند قبر وهي تبكي فقال: «اتقي الله واصبري» وليس في الخبر أنه نهاها عن الخروج إلى المقبرة، وفي ذلك تقوية لما روينا

=

٢٨

بالاعمال الصالحة، كالتقرُّب إليه بعيادة المريض، وتشييع الجنائز، وزيارة الاخوان في الدين، ومواساة الفقير.

فإنّ عيادة المريض - مثلاً - في نفسها عمل صالح يتقرَّب به العبد إلى الله تعالى، وليس هو تقرُّباً إلى المريض يوجب أن يجعل عمله عبادة لغير الله تعالى أو الشرك في عبادته، وكذلك باقي أمثال هذه الاَعمال الصالحة التي منها: زيارة القبور، وإقامة المآتم، وتشييع الجنائز، وزيارة الاِخوان.

أما كون زيارة القبور وإقامة المآتم من الاَعمال الصالحة الشرعية، فذلك يثبت في علم الفقه، وليس هنا موضع إثباته(١) .

____________________

=

عن عائشة إلا أن اصح ما روي ذلك صريحا حديث أم عطية وما يوافقه من الأخبار، فلو تنزهن عن اتباع الجنائز والخروج إلى المقابر وزيارة القبور كان أبرأ لدينهن). انتهى كلامه. وحديث أم عطية هو: قالت نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا: السنن الكبرى: ٤/ ٧٧ قال: وأخرجه مسلم في الصحيح من وجهين عن هشام. سنن ابن ماجه ١/ ٥٠٢ ح ١٥٧٧.

ولزيادة الاطلاع والتوضيح راجع: كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبد الوهاب، للسيد محسن الأمين العاملي.

(١) وعلى سبيل المثال نذكر ما ورد في السنة والسيرة للنبي وآلهصلى‌الله‌عليه‌وآله حول رجحان أمثال هذه الاَعمال الصالحة؛ منها ما رواه البخاري في صحيحه في باب فضائل أصحاب النبي: ٤/٢٠٤ عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «على مثل جعفر فلتبك البواكي» وكذلك ندب النبي إلى البكاء على حمزة فقال: «على مثل حمزة فلتبك البواكي» راجع: طبقات ابن سعد: ٢/٤٤، ومغازي الواقدي: ١/٣١٧، ومسند أحمد: ٢/٤٠. وذكر النسائي في سننه، كتاب الجنائز باب زيارة قبور المشركين، وابو داود في سننه في زيارة القبور ح ٣٢٣٤ وابن ماجه في سننه في باب ما جاء في زيارة قبور المشركين: أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله زار قبر اُمه فبكى وأبكى من حوله.

وكذلك صح بكاء الزهراءعليها‌السلام على أبيها وبكاء زينب بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام على أخويها الحسن والحسينعليهما‌السلام ، وقال الامام الصادقعليه‌السلام : «قال الحسينعليه‌السلام : أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا بكى» كامل الزيارات: ١٠٨.

وقالعليه‌السلام : «نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمه لنا عبادة، وكتمان سرنا جهاد

=

٢٩

والغرض؛ إنّ إقامة هذه الاَعمال ليست من نوع الشرك في العبادة - كما يتوهمه البعض - وليس المقصود منها عبادة الاَئمّة، وإنّما المقصود منها إحياء أمرهم، وتجديد ذكرهم، وتعظيم شعائر الله فيهم( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإنَّها مِنْ تَقْوى القُلُوب ) (١) .

فكلّ هذه أعمال صالحة ثبت من الشرع إستحبابها، فإذا جاء الانسان متقرِّباً بها إلى الله تعالى، طالباً مرضاته، استحقّ الثواب منه، ونال جزاءه.

____________________

=

في سبيل الله». بحار الأنوار: ٤٤/ ٢٧٨ ح٤.

وقال الامام الرضاعليه‌السلام : «من تذكر مصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب» أمالي الصدوق: المجلس السابع عشر.

(١) الحج ٢٢: ٣٢.

٣٠

٧ - عقيدتنا في صفاته تعالى

ونعتقد: أنّ من صفاته تعالى الثبوتية الحقيقية الكمالية التي تسمى بصفات الجمال والكمال - كالعلم، والقدرة، والغنى، والاِرادة، والحياة - هي كلّها عين ذاته، ليست هي صفات زائدة عليها، وليس وجودها إلاّ وجود الذات؛ فقدرته من حيث الوجود حياته، وحياته قدرته، بل هو قادر من حيث هو حي، وحي من حيث هو قادر، لا إثنينيه في صفاته ووجودها، وهكذا الحال في سائر صفاته الكماليّة.

نعم، هي مختلفة في معانيها ومفاهيمها، لا في حقائقها ووجوداتها؛ لاَنّه لو كانت مختلفة في الوجود - وهي بحسب الفرض قديمة وواجبة كالذات - للزم تعدّد واجب الوجود، ولانثلمت الوحدة الحقيقية، وهذا ما ينافي عقيدة التوحيد(١) .

وأمّا الصفات الثبوتية الاضافية - كالخالقية، والرازقية، والتقدّم، والعلّية - فهي ترجع في حقيقتها إلى صفة واحدة حقيقية، وهي القيّومية

____________________

(١) يشير الشيخ المظفرقدس‌سره إلى هذا المعنى بقوله: -

(أمّا القول بالاعتبار الذي معناه أنّ الصفات لا واقع خارجي لها، فنحن نعتبر هذا الكلام غير صحيح؛ لاَنّ الله تعالى وصف نفسه بأنّه عليم حكيم قادر هو محض القدرة والعلم والحياة، لا أنّه ذات لها القدرة والعلم والحياة، ولكن هذه الصفات متغايرة بالمفهوم الذي يفهم منه لدى الذهن؛ لاَنّها ألفاظ غير مترادفة، فتغايرها اعتباري مفهومي فقط، فلا تغاير في الصفات وجوداً، ولا من حيث الحيثيّة، ولا تعددها اعتباري كما ذكروا، بل هناك تعدد مفهومي يحكي عن حقيقة هو كلّ الحقائق. قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «فمن وصفه فقد عدّه..» أليس هو قد وصفه بصفات كثيرة؟! ولكنه يعني أنّ من وصفه بصفات زائدة على الذات، بحيث يوجب تعدد الذات وتعدّد القدماء، ويخرج عن كونه واجب الوجود).

الفلسفة الاسلامية محاضرات الشيخ المظفرقدس‌سره : ١٠٢.

٣١

لمخلوقاته، وهي صفة واحدة تنتزع منها عدّة صفات باعتبار اختلاف الآثار والملاحظات.

وأمّا الصفات السلبية التي تسمّى بصفات الجلال، فهي ترجع جميعها إلى سلب واحد هو سلب الامكان عنه؛ فإنّ سلب الاِمكان لازمه - بل معناه - سلب الجسمية والصورة والحركة والسكون، والثقل والخفّة، وما إلى ذلك، بل سلب كل نقص.

ثمّ إنّ مرجع سلب الاِمكان - في الحقيقة - إلى وجوب الوجود، ووجوب الوجود من الصفات الثبوتية الكمالية، فترجع الصفات الجلالية (السلبية) آخر الاَمر إلى الصفات الكمالية (الثبوتية) ، والله تعالى واحد من جميع الجهات، لا تكثّر في ذاته المقدّسة، ولا تركيب في حقيقة الواحد الصمد.

ولا ينقضي العجب من قول من يذهب إلى رجوع الصفات الثبوتية إلى الصفات السلبية؛ لمّا عزّ عليه أن يفهم كيف أنّ صفاته عين ذاته، فتخيّل أنّ الصفات الثبوتية ترجع إلى السلب؛ ليطمئنّ إلى القول بوحدة الذات وعدم تكثّرها، فوقع بما هو أسوأ؛ إذ جعل الذات التي هي عين الوجود، ومحض الوجود، والفاقدة لكلّ نقص وجهة إمكان، جعلها عين العدم ومحض السلب(١) ، أعاذنا الله من شطحات الاَوهام، وزلاّت الاَقلام.

____________________

(١) في كلام المصنّفقدس‌سره إشارة إلى ما ذهب إليه الشيخ الصدوققدس‌سره في قوله: (كلّما وصفنا الله تعالى من صفات ذاته فإنّما نريد بكل صفة منها نفي ضدّها عنه عز وجل. ونقول: لم يزل الله عز وجل سميعاً بصيراً عليماً حكيماً قادراً عزيزاً حياً قيوماً واحداً قديماً. وهذه صفات ذاته.

ولا نقول: إنّه عز وجل لم يزل خلاّقاً فاعلاً شائياً مريداً راضياً ساخطاً رازقاً وهاباً متكلماً؛ لاَنّ هذه صفات أفعاله، وهي محدثة لا يجوز أن يقال: لم يزل الله موصوفاً بها) الاعتقادات: ٨.

=

٣٢

كما لا ينقضي العجب من قول من يذهب إلى أنّ صفاته الثبوتية زائدة على ذاته؛ فقال بتعدّد القدماء، ووجود الشركاء لواجب الوجود، أو قال بتركيبه - تعالى عن ذلك -(١) .

____________________

=

الاعتقادات: ٨.

ولا يخفى أن هذا يعني أنه يمكن انطباق عدة سلوب على موضوع واحد؛ فمعنى الحياة هو عدم الموت، ومعنى العلم عدم الجهل، ومعنى القدرة عدم العجز.. وهكذا، وهذه اسلوب يمكن انطباقها على ذات واحدة، فيتبين أن الله - تعالى عن ذلك - هو مجموعة اسلوب، ويعقب الشيخ المظفر على ذلك بقوله: (نحن نحترم الشيخ الصدوق - كمحدث وناقل - فاذا تحدث عن مثل هذه الامور فلا نقبل آراءه. فنحن نريد أن نقول: أنه لا تعدد حقيقي، ولا من حيث الحيثية، ولا تعدد اعتباري؛ لأن التعدد من ناحية الاعتبار ومن ناحية الحيثية لا قيمة له، فالفكرة التي نؤمن بها يعرب عنها الفارابي بقوله : (هو عالم من حيث قادر ، وقادر من حيث هو حي ، وحي من حيث هو عالم ..) إن هذه الصفات ليس فيها تعدد حقيقي ولا تعدد حيثية ؛ لان جهة العلم ليست غير جهة الحياة ، فالتعدد الذي نتصوره هو بالمفهوم الذي يحكي عن حقيقة ، وتعددها عين وحدتها نحن نقول : انه عالم من حيث هو قادر ، وهو حيثيات واقعية ولكن لا بمعنى ان لها وجودات مستقلة ، بل بمعنى ان نفس الوجود هو بنفسه العلم وهو بنفسه القدرة لا ان القدرة موجودة بذلك الوجود لتكون حيثية مقابلة لتلك الحيثية ، فهذه الصفات وان كانت حقيقة وواقعية ففي عين تعددها هي واحدة ، وتعدد هذه المفاهيم يكشف عن معنى حقيقي ولكن ليس هناك تعدد حتى بالمعنى ، وهذا العمق في هذا القول هو الذي غاب عن أفكار أصحاب الاقوال السابقة ) لاحظ : الفلسفة الاسلامية للمظفر : ١٠١ - ١٠٢. راجع : تصحيح الاعتقاد للشيخ المفيد ٤١، وكذلك : مطارح النظر في شرح الباب الحادي عشر للشيخ صفي الدين الطريحي : الفصل الثالث : ١٣١- ١٦٢.

(١) نجد أنّ الشيخ المؤلف قد اوضح هذه المسألة من حيث أنّ الاَقوال فيها كما يلي: -

١ - الصفات زائدة على الذات، ولكنها لازمة لها أي واجبة الوجود أيضاً، هذا قول الاَشاعرة.

٢ - قول الكرامية بأنّ الصفات زائدة على الذات ولكنها غير لازمة لها؛ لاَنّها لو كانت

=

٣٣

قال مولانا أمير المؤمنين وسيِّد الموحّدينعليه‌السلام : «وكمالُ الاِخلاصِ لهُ نفيُ الصِفاتِ عنهُ؛ لشهادةِ كلِّ صفةٍ أَنَّها غيرُ المَوصوفِ، وشهادةِ كلِّ موصوفٍ أنَّه غيرُ الصفةِ، فمَنْ وَصَفَ الله سبحانه فَقدْ قرنَهُ، ومَنْ قرنَهُ فَقدْ ثنّاهُ، ومَنْ ثنّاهُ فَقدْ جزّأَهُ، ومن جزّأَهُ فَقدْ جَهِلَهُ...»(١) .

____________________

=

لازمة لكانت واجبة الوجود وحينئذٍ يلزم تعدد واجب الوجود.

٣- وقول بأن وجود الصفات نفس وجود الذات أي متحدة بالوجود مع تعدد الحيثية، كتعدد حيثيات صفات الانسان ، فالنفس في وحدتها كل القوى أي وجودا.

٤- وقول بأن هذا التعدد اعتباري ، أي ليس هناك تعدد في الوجود ولا في الحيثيات ، وإنما يعتبرها الذهن ، ومنشأ الاعتبار هو نفس الذات.

فهذه الأقوال جميعا لا نرتضيها ؛ لأنها كلها غير صحيحة ، وإنما نشأ الخلط في دقة النظر في فهم عينية الصفات للذات.

الأشاعرة لم يفهموا معنى عينية الصفات للذات وظنوا أن معنى ذلك أنه تعالى لا صفات له ، والكرامية قالوا : إن الصفات لو كانت ملازمة للزم تعدد واجب الوجود ، والقائلون بتعدد الحيثيات قالوا بأن هذا لا يثلم عقيدة التوحيد ، والقائلون بالاعتبار قالوا : إن القول بتعدد الحيثيات غير معقول.

الفلسفة الاسلامية للشيخ المظفر : ١٠٠.

(١) نهج البلاغة: الخطبة ١ (من كلام لهعليه‌السلام يذكر فيها ابتداء خلق السماء والاَرض)، الاحتجاج: ٢/٤٧٣ ح١١٣.

٣٤

٨ - عقيدتنا في العدل

ونعتقد: أنّ من صفاته تعالى الثبوتية الكمالية أنّه عادل غير ظالم، فلا يجور في قضائه، ولا يحيف في حكمه؛ يثيب المطيعين، وله أن يجازي العاصين، ولا يكلِّف عباده ما لا يطيقون، ولا يعاقبهم زيادة على ما يستحقّون(١) .

ونعتقد: أنّه سبحانه لا يترك الحسن عند عدم المزاحمة، ولا يفعل القبيح؛ لاَنّه تعالى قادر على فعل الحسن وترك القبيح، مع فرض علمه بحسن الحسن، وقبح القبيح، وغناه عن ترك الحسن وعن فعل القبيح، فلا الحسن يتضرّر بفعله حتى يحتاج إلى تركه، ولا القبيح يفتقر إليه حتى يفعله. وهو مع كل ذلك حكيم؛ لا بدّ أن يكون فعله مطابقاً للحكمة، وعلى حسب النظام الاَكمل(٢) .

____________________

(١) العدل هو الجزاء على العمل بقدر المستحق عليه، والظلم هو منع الحقوق، والله تعالى عدل كريم جواد متفضل رحيم قد ضمن الجزاء على الاعمال والعوض على المبتدئ من الآلام، ووعد التفضل بعد ذلك بزيادة من عنده، فقال تعالى( لِلّذينَ أحسَنُوا الحُسْنَى وزيادة ) يونس ١٠: ٢٦. فخبّر أنّ للمحسنين الثواب المستحق وزيادة من عنده، وقال:( مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِهَا ) يعني له عشر أمثال ما يستحق عليها،( وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فِلا يُجزَى إلاّ مِثْلَها وَهُم لا يُظلَمون ) الانعام ٦: ١٦٠. يريد أنّه لا يجازيه بأكثر مما يستحقه، ثم ضمن بعد ذلك العفو ووعد بالغفران. فقال سبحانه( وإنّ ربّك لَذو مَغفِرةٍ للنَّاسِ على ظلمهم ) الرعد ١٣: ٦. وقال سبحانه:( إنّ الله لا يَغْفِر أن يُشركَ بِهِ ويَغفر مَا دُونَ ذَلِكَ لَمَنْ يَشاءُ ) النساء ٤: ٤٨... وقد أمر الله تعالى بالعدل ونهى عن الجور فقال تعالى:( إنَّ الله يأمُر بِالعَدلَ والاِحْسن ) النحل ١٦: ٩٠.

تصحيح الاعتقاد للشيخ المفيد: ١٠٣.

(٢) وتعتبر الشيعة الامامية العدل من أصول الدين وليس هو في الحقيقة اصلاً مستقلاً، بل هو

=

٣٥

فلو كان يفعل الظلم والقبح - تعالى عن ذلك - فانّ الأمر في ذلك لا يخلو عن أربع صور:

١ - أن يكون جاهلاً بالأمر، فلا يدري أنّه قبيح.

٢ - أن يكون عالماً به، ولكنّه مجبور على فعله، وعاجز عن تركه.

٣ - أن يكون عالماً به، وغير مجبور عليه، ولكنه محتاج إلى فعله.

٤ - أن يكون عالماً به، وغير مجبور عليه، ولا يحتاج إليه، فينحصر في أن يكون فعله له تشهّياً وعبثاً ولهواً.

وكل هذه الصور محال على الله تعالى، وتستلزم النقص فيه وهو محض الكمال، فيجب أن نحكم أنه منزَّه عن الظلم وفعل ما هو قبيح.

____________________

=

مندرج في نعوت الحق ووجوب وجوده المستلزم لجامعيّته لصفات الجمال والكمال فهو شأن من شؤون التوحيد، ولكن الاَشاعرة لما خالفوا العدلية - وهم المعتزلة والامامية - فانكروا الحسن والقبح العقليين وقالوا: ليس الحسن إلاّ ما حسّنه الشرع وليس القبح إلاّ ما قبحه الشرع، وأنه تعالى لو خلد المطيع في جهنم والعاصي في الجنة لم يكن قبيحاً؛ لاَنّه يتصرف في ملكه( لا يُسئَلُ عَمَّا يَفْعَل وَهُم يُسْئَلُونَ ) الانبياء ٢١: ٢٣. أمّا العدلية فقالوا: انّ الحاكم في تلك النظريات هو العقل مستقلاً، ولا سبيل لحكم الشرع فيها إلاّ تأكيداً وارشاداً، والعقل يستقل بحسن بعض الاَفعال وقبح البعض الآخر ويحكم بأنّ القبيح محال على الله تعالى؛ لاَنّه حكيم وفعل القبيح مناف للحكمة وتعذيب المطيع ظلم والظلم قبيح وهو لا يقع منه تعالى.

وبهذا أثبتوا لله صفة العدل وأفردوها بالذكر دون سائر الصفات إشارة الى خلاف الاشاعرة.

والعدلية بقاعدة الحسن والقبح العقليين اثبتوا جملة من القواعد الكلامية : كقاعدة اللطف ، ووجوب شكر المنعم ، ووجوب النظر في المعجزة ، وعليها بنوا أيضا مسألة الجبر والاختبار التي هي من معضلات المسائل.

للتفصيل راجع : أصل الشيعة واصولها للشيخ كاشف الغطاء : ٢٣٠.

مطارح النظر للشيخ الطريحي : الفصل الرابع ١٦٤.

٣٦

غير أن بعض المسلمين جوَّز عليه تعالى فعل القبيح(١) - تقدَّست أسماؤه - فجوَّز أن يعاقب المطيعين، ويدخل الجنّة العاصين، بل الكافرين، وجوَّز أن يكلِّف العباد فوق طاقتهم وما لا يقدرون عليه، ومع ذلك يعاقبهم على تركه، وجوَّز أن يصدر منه الظلم والجور والكذب والخداع، وأن يفعل الفعل بلا حكمة وغرض ولا مصلحة وفائدة، بحجّة أنّه( لا يُسئَلُ عَمَّا يَفعَلُ وَهُم يُسئَلونَ ) (٢) .

فربُّ أمثال هؤلاء الذين صوَّروه على عقيدتهم الفاسدة: ظالم، جائر، سفيه، لاعب، كاذب، مخادع، يفعل القبيح ويترك الحسن الجميل، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً، وهذا هو الكفر بعينه، وقد قال الله تعالى في محكم كتابه:( وَمَا اللهُ يُريدُ ظُلْماً للعِبَادِ ) (٣) .

وقال:( وَاللهُ لا يُحِبُّ الفَسَادَ ) (٤) .

وقال:( وَمَا خَلَقْنَا الْسَّمواتِ والاَرضَ وَمَا بَيْنَهُما لاعِبِينَ ) (٥) .

وقال:( وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ والاِنْسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) (٦) .

إلى غير ذلك من الآيات الكريمة، سبحانك ما خلقت هذا باطلاً.

____________________

(١) والى ذلك ذهبت الاَشاعرة بقولهم إنّ الله تعالى قد فعل القبائح بأسرها من أنواع الظلم والشرك والجور والعدوان ورضي بها وأحبّها - جل عن ذلك سبحانه وتعالى -. ولتفصيل هذه الاَفكار الباطلة يراجع: نهج الحق للعلامة الحلّي: ٨٥، شرح العقائد وحاشيتة للكستلي: ١٠٩ و١١٣، الملل والنحل: ١/٨٥، ٨٨، ٩١، الفصل لابن حزم: ٣/٦٦ و٦٩، شرح التجريد للقوشجي: ٣٧٣.

(٢) الانبياء ٢١: ٢٣.

(٣) غافر ٤٠: ٣١.

(٤) البقرة ٢: ٢٠٥.

(٥) الدخان ٤٤: ٣٨.

(٦) الذاريات ٥١: ٥٦.

٣٧

٩ - عقيدتنا في التكليف

نعتقد: أنّه تعالى لا يكلِّف عباده إِلاّ بعد إقامة الحجّة عليهم(١) ، ولا

____________________

(١) لا بد من معرفة أنّ حقيقة التكليف تعني: إرادة المريد من غيره ما فيه كلفة ومشقة. فيكون عندئذ المرجع هو الارادة، بقرينة ما ذكر في التعريف من الكلفة والمشقة. وأردف السيد الشريف المرتضى علم الهدى بعد ذلك بقوله - مصحّحاً القول: إنّ التكليف لا يحسن إلاّ بعد اكمال العقل ونصب الادلّة -: (وأنه تعالى اكمل العقول وحصل سائر الشروط فلا بد من أن يكلِّف، وهذا يدل على أن التكليف غير التعريف ). وقد بحث علماؤنا مباحث التكليف بصورة مستفيضة ذاكرين وجوه المراد بالتكليف وتعلقها بالمكلِّف والمكلَّف وصفات المكلف، والغرض من هذا التكليف، والوجه المجرى به إليه، وما الافعال التي يتناولها، وما المكلِّف الذي كلف هذه الاَفعال، وبأي شيء مختص من الصفات حتى يحسن أو يجب تكليفه. والمعلوم أنّ هذا الموضوع هو من بحوث الارادة الذي استحق من المتكلمين عناية وعنواناً مفرداً على أثر الاختلاف العظيم بين العلماء وزعماء المذاهب في المشيئة الالهية المذكورة في آيات الذكر الحكيم وتعلقها بأمور غير مرضية لديه سبحانه، ثمّ في تأويلها بوجوه لا تخلو عن التكلّف في الاَكثر وأهمّها الآية ١٤٨ من سورة الاَنعام( سَيقوُل الّذين أشركُوا لو شاءَ الله ما أشركْنَا ولا آباؤُنَا ولا حَرّمنا مِنْ شَيء كَذلِكَ كذّبَ الّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتّى ذاقُوا بَأسَنَا قُلْ هَل عِنْدَكُم مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إنْ تَتَّبعونَ إلاّ الظَنَّ وإنْ أَنْتُمْ إلاّ تخرُصُون ) والآية ٢٠ من سورة الزخرف:( وَقالُوا لَو شَاءَ الرّحمنُ ما عبدنهُمْ مَا لَهُم بِذلِكَ مِنْ عِلمٍ إنْ هم إلاّ يَخرُصوُنَ ) وآيات كثيرة توهم تعلق إرادة الخالق بما يستقبحهُ المخلوق تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. ومن هذا يبدو أنّ شيخنا المظفرقدس‌سره أفرد عنواناً مستقلاً للتكليف سطر فيه ما يمكن أن يختصر نظرية الامامية في هذا الباب، ذلك أنّ مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام لها موقف واضح معروف يؤكّد على تنزيه الرب الكريم سبحانه وتقديسه عن كل ما هو قبيح أو شبه قبيح وشدة استنكارها بتعلّق مشيئة الله أو إرادته بشرك أو ظلم أو فاحشة قط، فضلاً عن فعله أو خلق فعله أو الاَمر به؛ إذ كل ذلك سيقع خلافاً لحكمته وعدله وفضله.

=

٣٨

يكلِّفهم إلاّ ما يسعهم ما يقدرون عليه وما يطيقونه وما يعلمون؛ لاَنّه من الظلم تكليف العاجز والجاهل غير المقصِّر في التعليم.

أمّا الجاهل المقصِّر في معرفة الاَحكام والتكاليف فهو مسؤول عند الله تعالى، ومعاقَب على تقصيره؛ إذ يجب على كلّ إنسان أن يتعلَّم ما يحتاج إليه من الاَحكام الشرعية(١) .

____________________

=

ومحصلة القول ما ذكره الشيخ المفيد بقوله: إنّ الله تعالى لا يريد إلاّ ما حسن من الاَفعال، ولا يشاء إلاّ الجميل من الاعمال، ولا يريد القبائح، ولا يشاء الفواحش - تعالى الله عمّا يقول المبطلون علواً كبيرا- :

قال الله تعالى :( وما الله يريد ظلماً للعباد ) غافر ٤٠ : ٣١.

وقال تعالى :( يريد الله بكم اليسرة ولا يريد بكم العسر ) البقرة ٢ : ١٨٥.

وقال تعالى :( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم ) النساء ٤ : ٢٦.

وقال تعالى :( والله يرريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماُ ) النساء ٤: ٢٧.

وقال تعالى :( يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الانسن ضعيفا ) النساء ٤: ٢٨. فخبر سبحانه أنه لا يريد بعباده العسر بل يريد بهم اليسر ، وأنه يريد لهم البيان ولا يريد لهم الضلال ، ويريد التخفيف عنهم ولا يريد التثقيل عليهم ، فلو كان سبحانه مريدا لمعاصيهم لنافى ذلك إرادة البيان لهم والتخفيف عنهم واليسر لهم وكتاب الله تعالى شاهد بضد ما ذهب اليه الضالون المفترون على الله الكذب تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كلبيرا.

لاحظ : الذخيرة للسيد المرتضى : ١٠٥، تصحيح الاعتقاد للشيخ المفيد : المجلد ٥ من مصنفات الشيخ المفيد : ٤٨-٥١.

(١) ويدلّ عليه ما ورد في كتاب الله تعالى من قوله:( فَسْئَلُوا أَهلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُون ) النحل ١٦: ٤٣ وقوله تعالى:( فَلَولا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهوا في الدِّين ولُينذرِوا قَوْمَهُمْ إذا رَجَعوا إليْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرون) التوبة ٩: ١٢٢.

ويدلّ عليه أيضاً قول الامام الصادقعليه‌السلام عندما سئل عن قوله تعالى:( قلْ فَلِلّهِ الحُجَّةُ البالِغَةُ ) الانعام ٦: ١٤٩. فقالعليه‌السلام : «إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة عبدي أكنت عالماً؟ فان قال نعم قال له: أفلا عملت بما علمت؟! وإن قال: كنت

=

٣٩

ونعتقد: أنّه تعالى لا بدَّ أن يكلِّف عباده، ويسنَّ لهم الشرائع، وما فيه صلاحهم وخيرهم؛ ليدلّهم على طرق الخير والسعادة الدائمة، ويرشدهم إلى ما فيه الصلاح، ويزجرهم عمّا فيه الفساد والضرر عليهم وسوء عاقبتهم، وإن علم أنّهم لا يطيعونه؛ لاَنّ ذلك لطف ورحمة بعباده، وهم يجهلون أكثر مصالحهم وطرقها في الدنيا والآخرة، ويجهلون الكثير ممّا يعود عليهم بالضرر والخسران، والله تعالى هو الرحمن الرحيم بنفس ذاته، وهو من كماله المطلق الذي هو عين ذاته، ويستحيل أن ينفك عنه.

ولا يرفع هذا اللطف وهذه الرحمة أن يكون العباد متمرّدين على طاعته، غير مناقدين إلى أوامره ونواهيه.

____________________

=

جاهلاً، قال له: أفلا تعلّمت حتى تعمل؟! فيخصم، فتلك الحجة البالغة». الاَمالي للشيخ الطوسي: ٩ ح١٠/١٠. ونقله عنه: البحار: ٢/٢٩ ح١٠.

والحديث الوارد عن الامام الصادقعليه‌السلام : (عليكم بالتفقه في دين الله ، ولا تكونوا أعرابا ؛ فانه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله اليه يوم القيامة ولم يزك له عملا .)الكافي :١/٢٤ ح٧.

كما ورد في الرسائل العملية للعلماء الأعلام : يجب على المكلف تعلم مسائل الشك والسهو التي في معرض ابتلائه لئلا يقع - لولا التعلم - في مخالفة تكليف إلزامي متوجه اليه عند طروهما لاحظ منهاج الصالحين للسيد السيستاني : العبادات / مسألة ١٩ص١٣.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

الباب الرابع

مسير الحسينعليه‌السلام إلى العراق

الفصل ١٦ ـ التهيّؤ للسفر إلى العراق.

ـ تحقيق حول الهاشميين الذين خرجوا مع الحسينعليه‌السلام

الفصل ١٧ ـ المسير من مكة إلى العراق.

ـ تحقيق المنازل التي مرّ بها الحسينعليه‌السلام .

ـ بدء المسير إلى العراق.

٥٢١
٥٢٢

الفصل السادس عشر

التهيّؤ للسفر إلى العراق

قال تعالى :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا ) (٢١٧) [البقرة: ٢١٧].

قال ابن أعثم في (الفتوح) : ثم جمع الحسينعليه‌السلام أصحابه الذين عزموا على الخروج معه إلى العراق ، فأعطى كل واحد منهم عشرة دنانير ، وجملا يحمل عليه رحله وزاده.

ثم إنه طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ، وتهيأ للخروج ، فحمل بناته وأخواته على المحامل. وفصل من مكة يوم الثلاثاء يوم التروية لثمان مضين من ذي الحجة ، ومعه اثنان وثمانون ٨٢ رجلا من شيعته ومواليه وأهل بيته.

يقول المسعودي في (مروج الذهب) : إن عددهم كان ٥٠٠ رجلا.

وسوف نذكر الآن كيفية تجهيز أهل البيتعليهم‌السلام وأصحابهم على المحامل ، استعدادا للمسير إلى العراق. ثم نذكر إحصاء بعدد الهاشميين.

٦٢١ ـ عدد الرواحل المعدّة للسفر :

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين للسيد إبراهيم الزنجاني ، ص ٥٢)

قال الشيخ مهدي المازندراني في (معالي السبطين) ج ٢ :

فلما تهيأ الحسينعليه‌السلام للمسير من المدينة إلى مكة ثم إلى العراق ، أمر بإحضار مائتين وخمسين ٢٥٠ من الخيل للركوب ، (وفي خبر آخر) ٢٥٠ ناقة. فلما أحضرت عنده ، أمر بسبعين ناقة لحمل الخيم ، وأربعين ناقة لحمل القدور والأواني وأدوات الأرزاق وما يتعلق بها ، وثلاثين ناقة لحمل الراوية والقرب لأجل الماء ، واثنتا

٥٢٣

عشرة ناقة لحمل الدارهم والدنانير والحلي والحلل والجواهرات والزعفران والعطريات والورس والأثواب والبرود اليمانية وما يتعلق بهذه الأشياء.

وأمرعليه‌السلام بإحضار خمسين شقة من الهوادج على ظهور المطايا ، للعيال والأطفال والذراري والعبيد والخدم والجواري ، وبقية المطايا لحمل الأثقال والأدوات اللازمة في الطريق.

٦٢٢ ـ إحضار أدوات الحرب الخاصة بالحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق)

فلما أحضرت هذه الأشياء أمر بإحضار فرس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويدعى (المرتجز) فركبه ، وهو الفرس الّذي اشتراهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمدينة بعشرة أواق. ثم أمر بإحضار سيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتقلد به ، وكان اسمه (البتّار) وهو الّذي أعطاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياعليه‌السلام يوم أحد [على ما ذكره السمعاني في كتاب الفضائل]. ثم أمر بإحضار درع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلبسه. ثم أمر بإحضار عمامته ، وكان اسمها (السحاب) ، فلبسها يوم عاشوراء في مقابل الأعداء.

وخرج لثلاث ليال بقين من شهر رجب.

٦٢٣ ـ كيف خرج موكب الحسينعليه‌السلام من مكة إلى العراق :

(المصدر السابق ، ص ٥٣)

يقول الفاضل الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٣٦٧ :

حدثني بهذه الرواية بعض الثقات الأدباء الشعراء قال : قد ظفرت بها في مجموعة كانت تنسب إلى الفاضل الأديب المقري ، فنقلتها عنها ، وهي :

روى عبد الله بن سنان الكوفي عن أبيه عن جده ، أنه قال : خرجت بكتاب من أهل الكوفة إلى الحسينعليه‌السلام وهو يومئذ بالمدينة ، فأتيته فقرأه وعرف معناه ، فقال : أنظرني إلى ثلاثة أيام. فبقيت في المدينة ، ثم تبعته إلى أن صار عزمه بالتوجه إلى العراق.

فقلت في نفسي : أمضي وأنظر إلى ملك الحجاز [يقصد الحسين] كيف يركب وكيف جلالته وشأنه.

فأتيت إلى باب داره ، فرأيت الخيل مسرجة والرجال واقفين ، والحسينعليه‌السلام

٥٢٤

جالس على كرسي ، وبنو هاشم حافّون به ، وهو بينهم كأنه البدر ليلة تمامه وكماله ، ورأيت نحوا من ٤٠ أربعين محملا ، وقد زيّنت المحامل بملابس الحرير والديباج.

قال : فعند ذلك أمر الحسينعليه‌السلام بني هاشم بأن يركبوا محارمهن على المحامل.

٦٢٤ ـ خروج العباس قمر بني هاشم وعلي الأكبرعليه‌السلام :(المصدر السابق)

وبينما أنا أنظر ، وإذ بشاب قد خرج من دار الحسينعليه‌السلام وهو طويل القامة ، وعلى خده علامة ، ووجهه كالقمر الطالع ، وهو يقول : تنحوا يا بني هاشم. وإذ بامرأتين قد خرجتا من الدار ، وهما تجران أذيالهما على الأرض حياء من الناس ، وقد حفّت بهما إماؤهما. فتقدم ذلك الشاب إلى محمل من المحامل ، وجثا على ركبتيه ، وأخذ بعضديهما وأركبهما المحمل. فسألت بعض الناس عنهما؟ فقيل : أما إحداهما فزينبعليها‌السلام والأخرى أم كلثومعليها‌السلام بنتا أمير المؤمنينعليه‌السلام .فقلت : ومن هذا الشاب؟. فقيل لي : هو قمر بني هاشم ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام .ثم رأيت بنتين صغيرتين ، كأن الله لم يخلق مثلهما ، فجعل واحدة مع زينبعليها‌السلام والأخرى مع أم كلثومعليها‌السلام . فسألت عنهما؟ فقيل لي : هما سكينة وفاطمةعليهما‌السلام بنتا الحسينعليه‌السلام .

ثم خرج غلام آخر كأنه البدر الطالع ، ومعه امرأة ، وقد حفّت بها إماؤها ، فأركبها ذاك الغلام المحمل. فسألت عنها وعن الغلام؟ فقيل لي : أما الغلام فهو علي الأكبر بن الحسينعليه‌السلام ، والامرأة أمه ليلى زوجة الحسينعليه‌السلام .

٦٢٥ ـ خروج القاسم بن الحسنعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ٥٤)

ثم خرج غلام ، ووجهه كفلقة القمر ، ومعه امرأة. فسألت عنهما؟ فقيل لي : أما الغلام فهو القاسم بن الحسنعليه‌السلام ، والامرأة أم القاسم.

٦٢٦ ـ خروج زين العابدينعليه‌السلام :(المصدر السابق)

ثم خرج شاب آخر وهو يقول : تنحّوا عني يا بني هاشم وعن حرم أبي عبد اللهعليه‌السلام . فتنحّى عنه بنو هاشم ، وإذ قد خرجت امرأة من الدار وعليها آثار الملوك ، وهي تمشي على سكينة ووقار ، وقد حفّت بها إماؤها. فسألت عنهما؟فقيل لي : أما الشاب فهو زين العابدينعليه‌السلام ، وأما الامرأة فهي أمه (شاه زنان) بنت الملك (يزدجرد) زوجة الإمام الحسينعليه‌السلام . فأتى بها وأركبها على

٥٢٥

المحمل ثم أركبوا بقية الحرم والأطفال على المحامل.

٦٢٧ ـ ركوب الحسينعليه‌السلام وتجهيزه :(المصدر السابق)

فلما تكاملوا ، نادى الإمام الحسينعليه‌السلام : أين أخي؟ أين كبش كتيبتي؟ أين قمر بني هاشم؟. فأجابه العباسعليه‌السلام : لبّيك لبيك يا سيدي يا سيدي. فقال له الإمامعليه‌السلام : قدّم لي يا أخي جوادي. فأتى العباسعليه‌السلام بالجواد إليه ، وقد حفّت به بنو هاشم. فأخذ العباس بركاب الفرس ، حتّى ركب الإمامعليه‌السلام . ثم ركب بنو هاشم وركب العباسعليه‌السلام وحمل الراية أمام الإمامعليه‌السلام .

قال : فصاح أهل المدينة صيحة واحدة ، وعلت بني هاشم بالبكاء والنحيب ، وقالوا: الوداع الوداع ، الفراق الفراق. فقال العباسعليه‌السلام : هذا والله يوم الفراق ، والملتقى يوم القيامة!.

ثم ساروا قاصدين كربلاء مع عياله وجميع أولاده ، ذكورا وإناثا ، إلا ابنته فاطمة الصغرىعليها‌السلام فإنها كانت مريضة ، فجعلها عند أم سلمة رضي الله عنها.

تحقيق

حول الهاشميين الذين خرجوا مع الحسينعليه‌السلام

٦٢٨ ـ عدد أهل البيت والنساء الذين خرجوا مع الحسينعليه‌السلام من المدينة إلى مكة إلى العراق :(وسيلة الدارين ، ص ٥٢)

ذكر الأديب الفاضل الشيخ مهدي المازندراني في (معالي السبطين) : أنه وجد في بعض الكتب ، أنه لما أراد الحسينعليه‌السلام الخروج من المدينة اجتمع عنده :أولاده وزوجاته وإخوانه وأخواته وبنو عمومته وأولاد أخيه الحسنعليه‌السلام وبناته ومواليه والجواري والخدم وكثير من أقربائه من بني هاشم ، ذكورا وإناثا ، رجالا ونساء ، وهم من حيث المجموع مع الطفل الرضيع ١٢٣ نفرا. وهم الذين خرجوا مع الحسينعليه‌السلام من المدينة إلى مكة إلى العراق.

أما بقية الأصحاب ونساؤهم فيقترب عددهم من هذا العدد.

وسوف نعاود البحث في أنصار الحسينعليه‌السلام في فصل المستشهدين من الآل والأصحاب ، في أول الجزء الثاني من هذه الموسوعة.

٥٢٦

٦٢٩ ـ الذين خرجوا مع الحسينعليه‌السلام من أهل بيته ومواليه :

يبلغ عدد الذين خرجوا مع الحسينعليه‌السلام من مكة إلى العراق من أهل بيته ومواليه (١٢٣) شخصا ، وهم : زوجات الإمام عليعليه‌السلام وأبناؤه ، وزوجات الحسن والحسينعليهما‌السلام وأولادهم ، إضافة إلى زوجات عقيل وعبد الله بن جعفر وأولادهم ، ومعهم مواليهم. وفق التوزيع التالي :

الذكور ـ أولاد عقيل وأحفاده

١٦ (ما عدا مسلم)

أولاد جعفر وأحفاده

٦

أولاد الإمام عليعليه‌السلام

١٢

محمّد بن العباس

١

أولاد الإمام الحسنعليه‌السلام

١٢

أولاد الإمام الحسين وحفيده الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام

٥

موالي أهل البيتعليهم‌السلام

١٠

الإناث ـ زوجات عقيل

٦

بنات عقيل

٥ [تقديرا]

زوجات عبد الله بن جعفر

٥

زوجات الإمام عليعليه‌السلام

٨

بنات الإمام عليعليه‌السلام

١٣

زوجات الإمام الحسنعليه‌السلام

٥

بنات الإمام الحسنعليه‌السلام

٤

زوجات الإمام الحسينعليه‌السلام

٤

بنات الإمام الحسينعليه‌السلام

٣

نساء مختلفات

٢

جواري أهل البيتعليهم‌السلام ٩

٠٩ ـ ٦١

٥٢٧

وإليك تفصيل هذا الإجمال ، قبل أن تركب الخفرات على المطايا والجمال ، وقبل أن يشقّ الركب الحسيني طريقه بين السهول والتلال.

٦٣٠ ـ بنات الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٣٥)

قال الشيخ المازندراني : اعلم أنه خرج مع الحسينعليه‌السلام من المدينة إلى كربلاء من أخواته اثنتا عشرة ، منهن :

١ ـ زينب الكبرى : الملقبة بالعقيلةعليها‌السلام .

٢ ـ زينب الصغرى بنت فاطمةعليها‌السلام : المكنّاة بأم كلثوم [لعل هذا خطأ ، لأن زينب «أم كلثوم» هذه التي تزوجها عمر بن الخطاب ، توفيت في عهد معاوية ولم تحضر كربلاء ، إنما التي حضرت هي زينب الصغرى ، وأمها أم ولد(١) وليست فاطمة الزهراءعليها‌السلام ].

٣ ـ خديجة : أمها أم ولد ، كانت عند عبد الرحمن بن عقيلعليه‌السلام فولدت له سعدا وعقيلا. وعبد الرحمن هذا قتل مع الحسينعليه‌السلام بالطف. وابناه سعد وعقيل كانا معه ، وماتا من شدة العطش ومن الدهشة والذعر بعد شهادة الحسينعليه‌السلام ، لما هجم القوم على المخيم للحرق والسلب.

٤ ـ رقيّة الكبرى بنت عليعليه‌السلام ، كانت عند مسلم بن عقيل ، فولدت له عبد الله ومحمد بن مسلم اللذين قتلا يوم الطف ، وعاتكة بنت مسلم ، ولها من العمر سبع سنين ، التي سحقت يوم الطف : أمها الصهباء التغلبية تكنى (أم حبيب) من سبي عين التمر ، اشتراها أمير المؤمنينعليه‌السلام من خالد بن الوليد ، فولدت له رقية الكبرى وعمر الأطرف توأمين.

٥ ـ أم هاني بنت عليعليه‌السلام : أمها أم ولد ، كانت عند عبد الله الأكبر بن عقيلعليه‌السلام فولدت له محمّد الأوسط بن عبد الله بن عقيل.

٦ ـ زينب الصغرى : أمها أم ولد ، وكانت عند محمّد بن عقيلعليه‌السلام فولدت له عبد الله ، وفيه العقب.

__________________

(١) ذكرنا سابقا معنى (أم ولد) : وهي الجارية التي تسبى في الحرب ، فيتزوجها المسلم ، فإذا أنجبت له ولدا سميت (أم ولد). وحكمها أنها تتحرر بمجرد وفاة سيدها.

٥٢٨

٧ ـ رملة الكبرى بنت عليعليه‌السلام : أمها أم مسعود بنت عروة ، وكانت عند عبد الرحمن الأوسط بن عقيلعليه‌السلام فولدت له أم عقيل.

٨ ـ رقية الصغرى بنت عليعليه‌السلام : أمها أم ولد.

٩ ـ فاطمة بنت عليعليه‌السلام : أمها أم ولد ، وكانت عند أبي سعيد بن عقيلعليه‌السلام الأحول ، فولدت له : حميدة ، ومحمد بن أبي سعيد وله من العمر سبع سنين ، فإنه لما صرع الحسينعليه‌السلام وتصارخت العيال والأطفال ، خرج مذعورا بباب الخيمة ، ممسكا بعمودها ، وأمه واقفة تراه وتنظر إليه. وجعل الطفل يلتفت يمينا وشمالا وقرطاه يتذبذبان. قتله لقيط بن إياس الجهني أو هانئ بن ثبيت الحضرمي ، رماه بسهم في خاصرته.

١٠ ـ خديجة الصغرى بنت عليعليه‌السلام : أمها أم ولد ، وكانت عند عبد الله الأوسط بن عقيلعليه‌السلام .

١١ و ١٢ ـ أم سلمة ، وأختها ميمونة : أمهما أم ولد.

١٣ ـ وزاد بعض النسابة وعلماء التراجم : جمانة المكناة بأم جعفر ، أمها أم ولد.

فهؤلاء ثلاثة عشر من أخوات الحسينعليه‌السلام خرجن معه من المدينة حتّى أتين كربلاء.

٦٣١ ـ زوجات الإمام عليعليه‌السلام :

(معالي السبطين ، ج ٢ ص ١٣٦)

وخرج مع الحسينعليه‌السلام من زوجات الإمام عليعليه‌السلام ثمان :

١ ـ الصهباء التغلبية : خرجت مع بنتها رقية الكبرى ، زوجة ابن عمها مسلم ابن عقيلعليه‌السلام ، معها بنتها عاتكة وابناها عبد الله ومحمد ولدا مسلمعليه‌السلام .

٢ ـ أم مسعود بنت عروة الثقفي : جاءت مع بنتها رملة.

٣ ـ ليلى بنت مسعود الدارمية : خرجت مع ولديها أبو بكر (عبد الله) ومحمد الأصغر.

٤ ـ أم زينب الصغرى : جاءت مع بنتها رقية.

٥ ـ أم فاطمة : خرجت مع بنتها فاطمة.

٥٢٩

٦ ـ أم خديجة : ومعها بنتها خديجة الصغرى.

٧ ـ رقية الصغرى.

٨ ـ أمامة بنت أبي العاص العبشمية.

فهؤلاء ثمان من زوجات الإمام عليعليه‌السلام خرجن مع بناتهن حتّى أتين كربلاء.

ـ نساء مختلفات :(المصدر السابق)

وخرجت من المدينة أيضا :

١ ـ أم كلثوم الصغرى بنت زينب الكبرىعليها‌السلام مع زوجها القاسم بن محمّد ابن جعفرعليه‌السلام .

٢ ـ عمة الحسينعليه‌السلام جمانة بنت أبي طالبعليه‌السلام ، وهي أخت أم هاني بنت أبي طالبعليه‌السلام .

٦٣٢ ـ تسع من جواري أهل البيتعليهم‌السلام :

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين للسيد إبراهيم الزنجاني ، ص ٤٢٤)

وخرجت تسعة من جواري أهل البيتعليهم‌السلام مع الحسينعليه‌السلام :

ـ أربع منهن لأخته زينب العقيلةعليها‌السلام هن :

١ ـ فضة النوبية (جارية فاطمة الزهراءعليها‌السلام ).

٢ ـ قفرة ، ويقال لها مليكة (خادمة الإمام عليعليه‌السلام ).

٣ ـ روضة (مولاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ).

٤ ـ سلمة (أم رافع) زوجة أبي رافع القبطي (مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ).

٥ ـ وواحدة للحسينعليه‌السلام هي : ميمونة (أم عبد الله بن يقطر) وكانت حاضنة للحسينعليه‌السلام .

ـ وأربع منهن لزوجاتهعليه‌السلام هن :

٦ ـ فاكهة : وكانت تخدم الربابعليها‌السلام ، وهي أم (قارب).

٧ ـ حنّة (أو حسنية) : وكانت تخدم في بيت زين العابدينعليه‌السلام ، وهي أم (منجح).

٥٣٠

٨ ـ كثبة (أو كبشة) : وكانت تخدم في بيت أم إسحق بنت طلحة إحدى زوجات الحسينعليه‌السلام . ثم تزوجها أبو رزين ، فولدت له (سليمان).

٩ ـ ملكية (زوجة عقبة بن سمعان) : كانت تخدم في بيت الإمام الحسنعليه‌السلام ثم الحسينعليه‌السلام مع زوجها ، الّذي كان عبدا مملوكا للرباب بنت امرئ القيس.

٦٣٣ ـ أولاد الإمام عليعليه‌السلام :(وسيلة الدارين ، ص ٤٢٨)

وأما من خرج من إخوة الحسينعليه‌السلام معه ، فهم اثنا عشر أخا ، هم :

١ ـ العباس بن عليعليه‌السلام .

٢ و ٣و ٤ ـ إخوة العباسعليه‌السلام لأمه : عثمان وجعفر وعبد الله.

٥ ـ إبراهيم ٦ ـ أبو بكر ٧ ـ عمر ٨ ـ عون.

٩ ـ عبيد الله ١٠ ـ العباس الأصغر ١١ ـ محمّد الأوسط.

١٢ ـ محمّد الأصغر ١٣ ـ ومعهم محمّد بن العباس بن عليعليه‌السلام .

٦٣٤ ـ أولاد جعفر الطيار وأحفادهعليهم‌السلام :

(المصدر السابق ، ص ٤٢٩)

وخرج مع الحسينعليه‌السلام من أولاد الشهيد جعفر الطيارعليه‌السلام وأحفاده ستة أشخاص ، هم :

١ ـ عون الأكبر بن عبد الله بن جعفرعليه‌السلام : أمه زينب الكبرى بنت الإمام عليعليه‌السلام ، وكانت معه.

٢ ـ عون الأصغر بن عبد الله بن جعفرعليه‌السلام .

٣ ـ محمّد بن عبد الله بن جعفرعليه‌السلام : أمه الخوصاء بنت حفصة بن بكر بن وائل.

٤ ـ أخوه عبيد الله.

٥ ـ عون بن جعفر الطيارعليه‌السلام : أمه أسماء بنت عميس ، خلّفها الحسينعليه‌السلام بالمدينة عند بنته فاطمة الصغرى التي كانت مريضة حين مجيئه للعراق.

٦ ـ القاسم بن محمّد بن جعفرعليه‌السلام .

٥٣١

٦٣٥ ـ أولاد عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام وزوجاته :(المصدر السابق)

وخرج مع الحسينعليه‌السلام من نساء عقيل ستة ، ومن أولاده الذكور اثنا عشر ، وعدد من بناته قدّرناه بخمسة ، على النحو التالي :

١ ـ جعفر بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام : أمه أم الثغر ، ويقال أم الحفصاء العامرية ، خرجت مع ولدها.

٢ ـ عبد الله الأصغر بن عقيلعليه‌السلام .

٣ ـ موسى بن عقيلعليه‌السلام : أمه أم البنين بنت أبي بكر بن كلاب العامرية ، جاءت مع ولدها.

٤ ـ علي بن عقيلعليه‌السلام : أمه أم ولد.

٥ ـ أحمد بن عقيلعليه‌السلام : أمه أم ولد ، جاءت مع ولدها.

٦ ـ عبد الله الأكبر.

٧ ـ عبد الرحمن بن عقيل (وابناه معه).

٨ ـ عون بن عقيل (ذكره ابن شهراشوب).

٦٣٦ ـ أحفاد عقيلعليه‌السلام :(المصدر السابق)

أما من أحفاد عقيل ، فخرج مع الحسينعليه‌السلام عدد لا يستهان به ، منهم :

١ و ٢ ـ عبد الله ومحمد ابنا مسلم بن عقيلعليه‌السلام : أمهما رقية بنت الإمام عليعليه‌السلام ، خرجت مع ولديها. وقد استشهدا في الطف.

٣ و ٤ ـ صبيان آخران اسمهما محمّد وإبراهيم من أولاد مسلم بن عقيلعليه‌السلام قتلا في الكوفة بعد أن فرّا من بين يد الأعداء ، قتلهما الحارث اللعين في قصة مشهورة. أمهما رقية الكبرى بنت الإمام عليعليه‌السلام . كما استشهدت أختهما عاتكة بنت مسلم بن عقيل ، ولها من العمر سبع سنين ، وهي التي سحقت يوم الطف بعد شهادة الحسينعليه‌السلام أثناء هجوم الأعداء على المخيم للسلب. أمها خديجة بنت الإمام عليعليه‌السلام توفيت بالكوفة.

٥ و ٦ ـ سعد وعقيل ابنا عبد الرحمن بن عقيل : ماتا من شدة العطش ومن الخوف والذعر بعد شهادة الحسينعليه‌السلام ، لما هجم القوم على المخيم للسلب والنهب.

٥٣٢

٧ ـ الغلام محمّد بن أبي سعيد بن عقيل (الأحوال) : أمه أم ولد ، كانت معه.

٨ ـ جعفر بن محمّد بن عقيلعليه‌السلام .

٦٣٧ ـ أولاد الإمام الحسنعليه‌السلام وزوجاته :

(معالي السبطين ، ج ٢ ص ١٤٠)

وخرج مع الحسينعليه‌السلام من زوجات أخيه الحسنعليه‌السلام خمس نساء ، ومن أولاده ستة عشر شخصا : اثنا عشر من الذكور ، وأربع من الإناث ، وهم :

١ ـ الحسن بن الحسنعليه‌السلام المقلب بالمثنّى : أمه خولة بنت منظور الفزارية.٢ و ٣و ٤ ـ عمرو بن الحسنعليه‌السلام وأخواه القاسم وعبد الله : أمهم أم ولد.

٥ و ٦و ٧ ـ أحمد بن الحسنعليه‌السلام وله من العمر ١٦ سنة ، وأختاه أم الحسن وأم الحسين سحقتا يوم الطف بعد شهادة الحسينعليه‌السلام ، لما هجم القوم على المخيم للسلب : أمهم أم بشير بنت أبي مسعود الخزرجية الأنصارية.

٨ و ٩ ـ محمّد بن الحسنعليه‌السلام وأخوه جعفر.

١٠ ـ أبو بكر بن الحسنعليه‌السلام .

١١ و ١٢ و ١٣ ـ الحسين بن الحسنعليه‌السلام الملقب بالأثرم ، وأخوه طلحة ، وأختهما فاطمة بنت الحسنعليه‌السلام : أمهم أم إسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي.وتلقب فاطمة هذه (بأم محمّد) لأن الإمام زين العابدينعليه‌السلام قد تزوجها فولدت له الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام .

١٤ و ١٥ و ١٦ ـ زيد بن الحسنعليه‌السلام ، وأخوه عبد الرحمن ، وأختهما أم الحسين (رملة) : أمهم أم ولد ، جاءت معهم إلى كربلاء.

٦٣٨ ـ أولاد الإمام الحسينعليه‌السلام وزوجاته وحفيده :

(المصدر السابق)

وخرج مع الإمام الحسينعليه‌السلام من زوجاته أربع ، ومن أولاده الذكور أربعة ، ومن بناته ثلاث ، هم :

١ ـ علي الأكبر : أمه ليلى بنت أبي مرة الثقفية.

٢ و ٣ ـ علي الأوسط : أمه شاهزنان بنت يزدجرد كسرى ملك الفرس (وكانت متوفاة). وهو الإمام زين العابدينعليه‌السلام وأخته لأمه (رقية).

٥٣٣

٤ ـ علي الأصغر : أمه سلافة.

٥ و ٦ ـ عبد الله الرضيع ، وسكينة بنت الحسينعليه‌السلام : أمهما الرباب بنت امرئ القيس الكلبية.

٧ ـ فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام : أمها أم إسحق بنت طلحة.

وكان مع الإمام زين العابدينعليه‌السلام في الطف ابنه الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام ، وكان صغيرا (عمره ٣ سنوات).

٦٣٩ ـ موالي أهل البيتعليهم‌السلام :(وسيلة الدارين ، ص ٤٢٧)

وخرج من الموالي والعبيد لأهل البيتعليهم‌السلام مع الحسينعليه‌السلام عشرة ، هم :

١ ـ الحرث بن نهبان

: [مولى الحمزةعليه‌السلام ]

٢ ـ سعد بن الحارث الخزاعي

: [مولى الإمام عليعليه‌السلام ]

٣ ـ علي بن عثمان بن الخطاب الحضرمي

: [مولى الإمام عليعليه‌السلام ]

٤ ـ نصر بن أبي نيزر :

[مولى الإمام عليعليه‌السلام ]

٥ ـ سليمان بن أبي رزين :

[مولى الحسينعليه‌السلام ]

٦ ـ أسلم بن عمرو التركي :

[مولى الحسينعليه‌السلام ]

٧ ـ قارب بن عبد الله الدئلي الليثي

: [مولى الحسينعليه‌السلام ]

٨ ـ منجح بن سهم :

[مولى الحسينعليه‌السلام ]

٩ ـ عقبة بن سمعان

: [مولى الرباب]

١٠ ـ جون بن حوي النوبي :

[مولى أبي ذر الغفاري]

٦٤٠ ـ إحصاء بعدد رجال ونساء وموالي أهل البيتعليهم‌السلام الذين تهيؤوا للمسير مع الحسينعليه‌السلام :

ذكرنا سابقا أن العدد الكلي للذين خرجوا مع الحسينعليه‌السلام من أهله ومواليه ، نساء ورجالا ، صغارا وكبارا ، هو ١٢٣ شخصا. ونفصّل هذا العدد فيما يلي :

٣٠ رجال

٤٢ نساء

٢٢ ذكور دون البلوغ

١٠ إناث دون البلوغ

١٠ موالي

٠٩ جواري

٦٢ مجموع

٦١ مجموع

٥٣٤

٦٤١ ـ عدد الذين لم يقتلوا من أبناء أهل البيتعليهم‌السلام :

إذا تجاوزنا عن النساء ، فإن كل الرجال والأطفال قد استشهدوا

في كربلاء ، ما عدا :

ـ الإمام زين العابدين وسيد الساجدينعليه‌السلام ، وكان مريضا.

ـ من أولاد الإمام الحسنعليه‌السلام : زيد وعمرو ؛ والحسن بن الحسن المثنّى ، أصابته جراحة وأخذه أسماء بن خارجة ، وداواه وأرسله إلى المدينة.

ـ ومن الموالي : عقبة بن سمعان ، وعلي بن عثمان بن الخطاب الحضرمي.

٥٣٥

الفصل السابع عشر

المسير من مكة إلى العراق

أبتدئ هذا الفصل بذكر الأماكن التي مرّ بها الإمام الحسينعليه‌السلام أثناء مسيره من مكة المكرمة إلى العراق. وهي مختلفة الذكر والترتيب بين الرواة. وقد نظم المحقق السيد علي بن الحسين الهاشمي في كتابه (الحسين في طريقه إلى الشهادة) قصيدة مقصورة ضمّنها ذكر المنازل التي مرّ بها الحسينعليه‌السلام في طريقه إلى العراق ، وهي أجمع ما حقق في هذا الموضوع. وقد أثبتنا معظم هذه القصيدة ، كما أثبتنا كل هذه المنازل على المصور الّذي اقتبسناه من كتابه المذكور بعد تحسين كبير.

٦٤٢ ـ الطريق من مكة إلى العراق :

يسير هذا الطريق من مكة إلى (معدن النّقرة) إلى العراق. وفي (معدن النقّرة) يلتقي هذا الطريق مع الطريق الآتي من المدينة المنورة ، وهو طريق مختصر إلا أنه صعب ، وهو الّذي سلكه مسلم بن عقيل حين جاء من المدينة إلى الكوفة.

٦٤٣ ـ المنازل من المدينة إلى (معدن النقرة):

(تاريخ البلدان ص ٩٧)

قال اليعقوبي : من قصد (معدن النّقرة) من المدينة ، أخذ من (طرفة) إلى (العسيلة) إلى (بطن نخلة) إلى (معدن النّقرة).

٦٤٤ ـ الطريق من مكة إلى (معدن النّقرة):

(صفة جزيرة العرب للهمداني ، ص ١٨٥)

ومن أخذ الجادة من مكة إلى (معدن النّقرة) : فمن مكة إلى البستان ٢٩ ميلا ، ومنه إلى (ذات عرق) ٢٤ ميلا ، ومنها إلى (الغمرة) ٢٠ ميلا ، ومنها إلى (المسلح) ١٧ ميلا ، ومنه إلى (الأفيعية) ٢٨ ميلا ، ومنها إلى

(حرّة بني سليم) ٢٦ ميلا ، ومنها إلى (العمق) ٢٢ ميلا ، ومنه إلى (السّليلة) ١٣ ميلا ، ومنها إلى (الرّبذة) ٢٣ ميلا ، ومنها إلى (الماوان) ٢٦ ميلا ، ومنها إلى (معدن

٥٣٦

النّقرة) عشرون ميلا ، وهي ملتقى الطريقين ؛ الآتي من مكة ، والآتي من المدينة [انظر الشكلين ٨ و ٩].

(الشكل ٨):

الطريق من مكة إلى معدن النقرة إلى العراق

٦٤٥ ـ المنازل من مكة إلى الكوفة (طريق الحاج العراقي):

(تاريخ البلدان لليعقوبي ، ص ٩٦)

قال اليعقوبي : من أراد أن يخرج من مكة إلى الكوفة ، خرج على سمت الشمال في منازل عامرة ومناهل قائمة ، فيها قصور لخلفاء بني هاشم.

فأول المنازل (بستان ابن عامر) ، ثم (ذات عرق) ومنها يهلّ بالحج ، ثم (غمرة) ثم (المسلح) ثم (أفيعية) ثم (معدن بني سليم) ثم (العمق) ثم (السّليلة) ثم (الربذة) ثم (مغيثة الماوان) وهي ديار بني محارب ، ثم (معدن النقرة) وأهلها أخلاط من قيس وغيرهم ، ومنها يعطف من أراد مدينة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٥٣٧

ومن معدن النقرة يتابع الطريق شمالا إلى (النّقرة) ثم (الحاجر) وأهلها قيس وأكثرهم بنو عبس ، ثم (سميراء) ثم (تود) وهي منازل طي أيضا ، ثم مدينة (فيد) وهي المدينة التي ينزلها عمال طريق مكة ، وأهلها طي ، وهي في سفح جبلهم المعروف بسلمى ، ثم (تحفر) منازل طي ، ثم (زرود) ، ثم (الثعلبية) وهي مدينة عليها سور. ثم (بطان) وهي قبر العبادي ، ثم (الشّقوق) ثم (زبالة) ثم (القاع) وهذه الأربعة الأبادي ديار بني أسد. ثم (العقبة) ثم (واقصة) ثم (القرعاء) ثم (المغيثة) ثم (القادسية) وهي آخر المنازل ، وبعدها (الكوفة) العامرة.

ونورد فيما يلي لائحة بكل المنازل مع تشكيلها ، وهي مطابقة لما ورد في القصيدة المقصورة ، وما جاء في المصور المرفق (وعددها ٤٠ منزلا) :

مكة (أم القرى)

بستان ابن عامر

التّنعيم

الصّفاح

وادي العقيق

ذات عرق

غمرة

مسلح

أفيعية

معدن بني سليم

عمق

ماء السّليلية

مغيثة الماوان

معدن النّقرة

الحاجر

سميراء

توز

فيد

الأجفر

الخزيميّة

زرود

الثعلبيّة

بطان

الشّقوق

زبالة

القاع

العقبة

واقصة

القرعاء

مغيثة

شراف

ذو حسم

البيضة

العذيب

أقساس مالك

القادسية

عين الرّهيمة

قصر بني مقاتل

نينوى

العقر

كربلاء

٥٣٨

القصيدة المقصورة

للخطيب السيد علي بن الحسين الهاشمي النجفي

سار الحسين تاركا أم القرى

ينحو العراق بميامين الورى

وقد أتى بسيره منازلا

حصباؤها قد فاخرت شهب السما

فالمنزل الأول بستان ابن عا

مرو للتنعيم مسرعا أتى

ومرّ بالصّفاح بالأهل وبالص

حب ويتبع الخطى إثر الخطى

ثم إلى وادي العقيق بعدها

وافى وذات عرق هضبها علا

وغمرة مرّ بها ومسلح

ثم أفيعيّة فيها ما ونى

وبعدها جاء لمعدن الذي

قيل إلى بني سليم ينتمى

وعمق مرّ به وصحبه

تحفّه كأنهم أسد الشرى

وواصل السير بركبه إلى

ماء السّليلّية وحاديه حدا

وراح بالمسرى مجدّا قاصدا

مغيثة فالنّقرة ثم الفضا

والحاجر المعروف منه سيّر الر

سول قيسا ذاك رائد الهدى

وسار قاصدا سميراء ومن

ثم أتى توز وفيد ما عدا

وحلّ بالأجفر وهو منزل

تنزله طيّ لوافر الكلا

وللخزيميّة لما أن أتى

يوما وليلة عن المسرى ونى

فحدثته زينب بما وعت

من هاتف لما نعى عند الدجى

وبعدها وافى زرودا وبها

وافاه ناعي مسلم ينعى الحجى

تنفس الحسين ثمّ الصعدا

ودمعه على ابن عمه همى

ثم أتى للثعلبيّة التي

بطان بعدها ومن ثم سرى

حيث الشّقوق وبها لاقى الذي

حدثه بما بكوفان جرى

حتى أتى زبالة حطّ السّرى

وجاءه الكوفي في جنح الدجى

نعى له ابن يقطر رسوله

فيا له على الحسين من نبا

وراح للقاع يوالي سيره

وبعده إلى العقبة انتحى

وثم قد نحب بالسير إلى

واقصة يطوي السهول والربى

ثم إلى القرعاء وافى وإلى

مغيثة غوث الورى حثّ السرى

ومذا أتى أتى شراف في طريقه

وحطّ ظعن المجد في تلك الفلا

٥٣٩

قال : أيا أحبتي تزودوا

من مائه وأكثروا من الرّوى

ثم سرى وصحبه في إثره

تسري إذا هم بأسنة القنا

فمال بالركب إلى ذي حسم

وجاءه الحر فكان الملتقى

قابلهم بخلقه السامي كما

سقاهم من غب ذلك الظما

وعندها أسمعهم خطابه

وأعلم الحر بما به أتى

أجابه الحر بلطف وغدا

كالعبد من مولاه يطلب الرضى

صلى الحسين الظهر فأتمّ به ال

جيشان والحر بمولاه اقتدى

وحين بالبيضة حلّ وغدا

يخطب بالجمع وكلهم صغى

فعندها نادوا جميعا : إننا

نكون يوم الملتقى لك الفدا

أنت ابن بنت المصطفى وخير من

طاف ببيت الله طوعا وسعى

وخامس الاشباح من قد وجبت

طاعته بأمر جبار السما

مروا جميعا بالعذيب والردى

يطوف بالخامس من آل العبا

ثم سرى والحر يسري جانبا

واتفق الكل على هذا السّرى

وصوت حاديه يدوّي في الفضا

والكل للحادي وللرجز صغى

يا ناقتي لا تذعري بل شمّري

للسير في ركب شقيق المجتبى

هذا الإمام ابن الإمام من به

استقام هذا الدين والشرك انمحى

ومرّ بالاقساس لم يقل بها

وكان جل القس منه للردى

ومذ أتى عين الرّهيمة التقى

بالرجل الكوفي في رأد الضحى

حتى أتى قصر بني مقاتل

رأى به الجعفي ضاربا الخبا

ناشده الحسين أمرا فأبى

والفتح مع سبط النبي ما هوى

ولم يفارقه الرياحي إلى

أن وقف الطرف بسبط المصطفى

فضيّق الحر عليه قائلا

حطّ عصا الترحال يابن المرتضى

فقال : دعنا أن نسير غلوة

فقال : لا تنزل إلا بالعرا

فساءل الحسين ما اسم هذه ال

أرض؟ فقال القوم تدعى نينوى

أغير ذا إسم لها؟ قالوا : بلى

العقر فاستعوذ من كل بلا

قال أجل فهل تسمى غير ذا؟

قالوا بلى هذي تسمى كربلا

قال انزلوا ، هنا أرى مجدّلا

وها هنا أحبتي تلقى الردى

حتى إذا ما حطّ رحله أتت

لحربه جيوشهم مثل الدّبى

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735