موسوعة كربلاء الجزء ١

موسوعة كربلاء 8%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 735

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 735 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 452273 / تحميل: 5265
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

فلما صار ب (زبالة) قام فيهم خطيبا فقال : ألا إنه أتاني خبر فظيع. ألا إن أهل الكوفة وثبوا على مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة فقتلوهما ، وقتلوا أخي من الرضاعة عبد الله بن يقطر ، وقد خذلتنا شيعتنا ، فمن أحبّ منكم أن ينصرف فلينصرف من غير حرج ، وليس عليه منا ذمام. فتفرق الناس وأخذوا يمينا وشمالا ، حتّى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من مكة وعددهم (٨٢) ، وإنما أراد ألا يصحبه إنسان إلا على بصيرة. ولما كان السحر أمر أصحابه فاستسقوا ماء وأكثروا ، ثم رحل من زبالة متجها إلى (القاع).

وأورد أبو مخنف في مقتله ص ٤٣ شبيه هذا الكلام ، هذا نصه :

وجعلعليه‌السلام لا يمرّ ببادية إلا ويتبعه خلق كثير ، حتّى انتهى إلى (زبالة) فنزل بها ، ثم قام خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصلى عليه ، ثم نادى بأعلى صوته : أيها الناس إنما جمعتكم على أن العراق في قبضتي ، وقد جاء في خبر صحيح أن مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة قتلا ، وقد خذلتنا شيعتنا ، فمن كان منكم يصبر على ضرب السيوف وطعن الرماح ، وإلا فلينصرف من موضعه هذا ، فليس عليه من ذمامي شيء. فسكتوا جميعا وجعلوا يتفرقون يمينا وشمالا ، حتّى لم يبق معه إلا أهل بيته ومواليه ، وقالوا : والله ما نرجع حتّى نأخذ بثأرنا ونذوق الموت غصّة بعد غصة ، وهم نيّف وسبعون رجلا ، وهم الذين خرجوا معه من مكة.

٦٧٢ ـ رجل نصراني يسلم على يد الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين المنسوب لأبي مخنف ، ص ٤٣)

قال أبو مخنف : لما نزل الحسينعليه‌السلام الثعلبية ، أقبل رجل نصراني وأمه ، فأسلما على يديه.

(أقول) : لعله وهب بن حباب الكلبي ، وأمه أم وهب.

«بطن العقبة»

٦٧٣ ـ لقاء الحسينعليه‌السلام بعمرو بن لوذان في (بطن العقبة) وما جرى بينهما من محاورة :(الحسين في طريقه إلى الشهادة ، ص ٩٠)

ولما كان وقت السحر أمرعليه‌السلام غلمانه وفتيانه ، فاستقوا الماء وأكثروا ، ثم سارعليه‌السلام حتّى مرّ (ببطن العقبة) في طريقه إلى الكوفة. وهناك لقي شيخا من بني

٥٦١

عكرمة يقال له عمرو بن لوذان ، فسأله أين تريد؟. فقال الحسينعليه‌السلام : الكوفة.فقال الشيخ : أنشدك الله لما انصرفت. فوالله ما تقدم إلا على الأسنة وحدّ السيوف ، وإن هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مؤونة القتال ووطّؤوا لك الأشياء ، فقدمت عليهم ، كان ذلك رأيا ، فأما على هذه الحال التي تذكر ، فإني لا أرى لك أن تفعل. ثم قال الحسينعليه‌السلام : والله لا يدعوني حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ، فإذا فعلوا سلّط الله عليهم من يذلهم حتّى يكونوا أذلّ فرق الأمم.

٦٧٤ ـ ما قاله الحسينعليه‌السلام في (بطن العقبة) لجعفر بن سليمان الضبعي :

(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢١٣)

وقالعليه‌السلام لجعفر بن سليمان الضبعي في (بطن العقبة) : إنهم لن يدعوني حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ، فإذا فعلوا ذلك سلّط الله عليهم من يذلهم حتّى يكونوا أذلّ من فرام الأمة(١) .

٦٧٥ ـ إخبار الحسينعليه‌السلام بشهادته وهو في طريقه إلى كربلاء :

(تاريخ ابن عساكر ، ص ٢١١ ؛ وتاريخ الإسلام للذهبي ، ج ٢ ص ٣٤٥ ؛ وتاريخ ابن كثير ، ج ٨ ص ١٦٩)

عن يزيد الرّشك ، قال : حدثني من شافه الحسينعليه‌السلام قال : رأيت أبنية مضروبة بفلاة من الأرض. فقلت : لمن هذه؟. قالوا : هذه لحسينعليه‌السلام . قال :فأتيته ، فإذا شيخ يقرأ القرآن ، والدموع تسيل على خديه ولحيته. (قال) فقلت : بأبي أنت وأمي يابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أنزلك هذه البلاد ، والفلاة التي ليس بها أحد؟.فقال : هذه كتب أهل الكوفة إليّ ، ولا أراهم إلا قاتليّ. فإذا فعلوا ذلك لم يدعوا لله حرمة إلا انتهكوها ، فيسلّط الله عليهم من يذلهم حتّى يكونوا أذلّ من فرم الأمة [يعني مقنعتها].

٦٧٦ ـ تعريف ببعض منازل الطريق :

(معجم البلدان لياقوت الحموي)

قال هشام : (واقصة)و (شراف) ابنتا عمرو بن معتق ، من أحفاد إرم ابن سام بن نوحعليه‌السلام . (واقصة) : منزل بطريق مكة بعد (القرعاء) نحو مكة وقبل (العقبة) لبني

__________________

(١) فرام المرأة : هو ما تحتشي به المرأة في موضعها ، وقيل هو خرقة الحيض. والأمة : هي العبدة المملوكة.

٥٦٢

شهاب من طيّئ. ويقال لها : واقصة الحزون ، وهي دون (زبالة) بمرحلتين. وإنما قيل لها واقصة الحزون ، لأن الحزون [أي الأراضي الصعبة الوعرة] أحاطت بها من كل جانب.

ـ تعريف بنوعيات الأرض من الكوفة إلى مكة :

والسائر إلى مكة ينهض في أول الحزن(١) من (العذيب) في أرض يقال لها (البيضة) ، حتّى يبلغ مرحلة (العقبة) في أرض يقال لها البسيطة ، ثم يقع في (القاع) وهو سهل. ويقال : (زبالة) أسهل منه. فإذا جاوزت ذلك استقبلت الرمل ، فأول رمل تلقاها يقال لها الشيحة [انظر الشكل ١٠].

(الشكل ١٠) : طبيعة الأرض من الكوفة إلى مكة

من العذيب تكون الأرض حزنة ثم بسيطة ثم سهلة ثم تبدأ الرمال من الشيحة

وهكذا انتهت سنة ٦٠ ه‍

وبدأت سنة ٦١ هجرية

(وذلك قبل يومين من وصول الحسينعليه‌السلام إلى كربلاء)

__________________

(١) الحزن : ما غلظ من الأرض ، ضد السهل.

٥٦٣

بداية سنة ٦١ هجرية

(١ محرم الحرام سنة ٦١ ه‍)

(١ تشرين الأول سنة ٦٨٠ م)

مدخل :

انتهت سنة ٦٠ هجرية ، وبدأت سنة ٦١ ه‍ بشهرها المحرم الحرام ، الّذي حرّم الله فيه القتل والقتال حتّى مع الكفار ، والذي ارتكبت فيه أكبر مجزرة في تاريخ الأمم والإسلام. حيث قتل الحزب الأموي الحاكم سيد شباب أهل الجنة ، الحسين بن عليعليهما‌السلام ، كما ذبح أخاه العباسعليه‌السلام وابنه علي الأكبرعليه‌السلام وابن أخيه القاسم بن الحسنعليه‌السلام ، وأربعا وعشرين بدرا من بدور بني هاشم ، من سلالة المجاهد الأكبر أبي طالبعليه‌السلام ، الّذي علمّ أولاده نصرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنصروا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإمام علياعليه‌السلام وابنيه الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فكانوا خير خلف لخير سلف.

وقد مضى على مسير الحسينعليه‌السلام إلى كربلاء ٢٢ يوما ، وبقي له يومان ليصل إليها.

«شراف»

٦٧٧ ـ التزود بالماء من (شراف):

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٧٨)

ثم سار الحسينعليه‌السلام من بطن العقبة حتّى نزل (شراف). فلما كان في السحر أمر فتيانه أن يستقوا من الماء ويكثروا. ثم سار منها حتّى انتصف النهار.

٦٧٨ ـ طلائع الخطر :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٧٨)

فبينا هو يسير إذ كبّر رجل من أصحابه ، فقال الحسينعليه‌السلام : الله أكبر ، لم كبّرت؟. قال : رأيت النخل. فقال له جماعة من أصحابه : إن هذا المكان ما رأينا به نخلة قط!. فقال لهم الحسينعليه‌السلام : فما ترون؟. قالوا : نراه والله أسنة الرماح وآذان الخيل.

٥٦٤

ثم قالعليه‌السلام : فهل لنا ملجأ نلجأ إليه فنجعله في ظهورنا ، ونستقبل القوم بوجه واحد؟. فقالوا : بلى ، هذا (ذو حسم) إلى جنبك ، فمل إليه عن يسارك ، فإن سبقت القوم إليه فهو كما تريد. فأخذ إليه ذات اليسار وملنا معه.

لقاء الحرّ بن يزيد التميميّ

«ذو حسم»

٦٧٩ ـ التقاء الحسينعليه‌السلام بأول كتيبة للجيش الأموي بقيادة الحر بن يزيد الرياحي :(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٧٨)

فما كان بأسرع من أن طلعت علينا هوادي [جمع هادي : وهو العنق ومقدمة كل شيء] الخيل ، فتبيّناها وعدلنا. فلما رأونا عدلنا عن الطريق عدلوا إلينا ، كأن أسنتهم اليعاسيب [جمع يعسوب : وهو النحل ، وشبّه لمعان أسنّتهم بلمعان أجنحة النحل أثناء طيرانها] وكأن راياتهم أجنحة الطير. فاستبقنا إلى (ذي حسم) فسبقناهم إليه.

وأمر الحسينعليه‌السلام بأبنيته فضربت. وجاء القوم زهاء ألف فارس مع الحر ابن يزيد التميمي ، حتّى وقف هو وخيله مقابل الحسينعليه‌السلام في حرّ الظهيرة ، والحسينعليه‌السلام وأصحابه معتمّون متقلدون أسيافهم.

٦٨٠ ـ الحسينعليه‌السلام يسقي جنود أعدائه :

(المصدر السابق ؛ ومقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٠)

فقال الحسينعليه‌السلام لفتيانه : اسقوا القوم وارووهم من الماء ، ورشّفوا الخيل ترشيفا [أي اسقوهم قليلا]. وكانوا شاكّين في السلاح ، لا يرى منهم إلا الحدق.فأقبلوا يملؤون القصاع والطساس من الماء ، ثم يدنونها من الفرس ، فإذا عبّ منها ثلاثا أو أربعا أو خمسا عزلت عنه ، وسقي آخر ، حتّى سقوها عن آخرها.

قال علي بن الطعّان المحاربي : كنت مع الحر يومئذ ، فجئت في آخر من جاء من أصحابه. فلما رأى الحسينعليه‌السلام ما بي وبفرسي من العطش ، قال : أنخ الرواية ،

٥٦٥

فلم أفهم (لأن الرواية عندي السّقاء). ثم قال : يابن الأخ أنخ الجمل ، فأنخته(١) .فقال : اشرب ، فجعلت كلما شربت سال الماء من السقاء. فقال الحسينعليه‌السلام :أخنث السقاء [أي اعطفه] فلم أفهم ، ولم أدر كيف أفعل!. فقامعليه‌السلام فعطفه بيده ، فشربت وسقيت فرسي.

وكان مجيء الحر بن يزيد من القادسية ، وكان عبيد الله بن زياد بعث الحصين بن نمير ، وأمره أن ينزل القادسية ، ويقدّم الحر بين يديه في ألف فارس ، يستقبل بهم الحسينعليه‌السلام . وكانت ملاقاة الحر للحسينعليه‌السلام على مرحلتين من الكوفة [حوالي ٩٠ كم].

ـ تعليق السيد عبد العزيز المقرّم :

يقول السيد المقرّم : فانظر إلى هذا اللطف والحنان من أبي الضيم الحسينعليه‌السلام على هؤلاء الجمع في تلك البيداء المقفرة ، التي تعزّ فيها الجرعة الواحدة ، وهو عالم بحراجة الموقف ونفاد الماء ، ولكن العنصر النبوي والكرم العلوي ، لم يتركا صاحبهما إلا أن يحوز الفضل. وإن فعلها فقد فعلها أبوه من قبله في صفين ، وكل إناء ينضح بما فيه.

٦٨١ ـ الحسينعليه‌السلام يتعرف على الحر :

(مثير الأحزان للشيخ شريف الجواهري ، ص ٤٢)

ثم قال الحر : السلام عليك يابن رسول الله ورحمة الله وبركاته. فقال الحسينعليه‌السلام : وعليك السلام ، من أنت يا عبد الله؟. فقال : أنا الحر بن يزيد.فقال : يا حرّ ، ألنا أم علينا؟. فقال الحر : والله يابن رسول الله لقد بعثت لقتالك ، وأعوذ بالله أن أحشر من قبري وناصيتي مشدودة إلى رجلي ، ويدي مغلولة إلى عنقي ، وأكبّ على حرّ وجهي في النار. يابن رسول الله ، ارجع إلى حرم جدك ، أين تذهب فإنك مقتول!.

__________________

(١) الرواية في لسان أهل الحجاز : اسم للجمل الّذي يستقى عليه. وفي لسان أهل العراق : اسم للسقاء الّذي يملأ بالماء. فلذلك لم يفهم ابن الطعان مراد الحسينعليه‌السلام حتّى قال له : أنخ الجمل.

٥٦٦

٦٨٢ ـ من خطبة للحسينعليه‌السلام بعد لقائه بالحر في (ذي حسم) وقد صلّىعليه‌السلام صلاة الظهر بالعسكرين :

(مقتل الخوارزمي ، ص ٢٣١ ؛ ولواعج الأشجان ، ص ٨٠)

قال الشيخ المفيد : فلم يزل الحر موافقا للحسينعليه‌السلام حتّى حضرت صلاة الظهر. فقال الحسينعليه‌السلام للحجاج بن مسروق : أن أذّن يرحمك الله وأقم الصلاة حتّى نصلي. فأذّن الحجّاج للظهر. فلما فرغ صاح الحسينعليه‌السلام بالحر :يابن يزيد أتريد أن تصلي بأصحابك ، وأنا أصلّي بأصحابي؟. فقال الحر : لا بل تصلي ، ونحن نصلّي بصلاتك يا أبا عبد الله!. فقالعليه‌السلام للحجاج : أقم ، فأقام.

وتقدم الحسينعليه‌السلام للصلاة ، فصلى بالعسكرين جميعا. فلما فرغ وثب قائما متكئا على قائم سيفه ، وكان في إزار ورداء ونعلين. فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :أيها الناس معذرة إليكم ، أقدّمها إلى الله وإلى من حضر من المسلمين. إني لم آتكم (وفي رواية : لم أقدم إلى بلدكم) حتّى أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسلكم ، أن أقدم إلينا ، فإنه ليس علينا إمام ، فلعل الله أن يجمعنا بك على الهدى والحق ، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم ، فإن تعطوني ما أطمئن إليه وأثق به من عهودكم ومواثيقكم أدخل معكم إلى مصركم ، وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين ولقدومي عليكم باغضين ، انصرفت عنكم إلى المكان الّذي منه جئت إليكم. فسكتوا جميعا(١) .

ثم دخلعليه‌السلام فاجتمع إليه أصحابه. وانصرف الحر إلى مكانه الّذي كان فيه ، فدخل خيمة قد ضربت له واجتمع إليه جماعة من أصحابه. وعاد الباقون إلى صفّهم الّذي كانوا فيه ، فأعادوه. ثم أخذ كل رجل منهم بعنان دابته وجلس في ظلها.

٦٨٣ ـ كتاب ابن زياد للحر يأمره فيه بالتضييق على الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣١)

فبينا هم على تلك الحال ، وإذا بكتاب ورد من الكوفة من عبيد الله بن زياد إلى الحر: أما بعد يا حر ، فإذا أتاك كتابي هذا ، فجعجع(٢) بالحسين بن علي ، ولا

__________________

(١) كذا في مقتل المقرم ص ٢١٥ ، ومناقب ابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٤٦ ط نجف. ولم يذكر الخوارزمي موضع الخطبة وهو (شراف). وفي مقتل أبي مخنف ، ص ٤٤ أنه خطبها في (الثعلبية).

(٢) جعجع بالحسين : أي احبسه وضيّق عليه.

٥٦٧

تفارقه حتّى تأتيني به ، فإني قد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتّى تأتي بإنفاذ أمري إليك والسلام.

فلما قرأ الحر الكتاب بعث إلى ثقات أصحابه فدعاهم ، ثم قال : ويحكم إنه قد ورد عليّ كتاب عبيد الله بن زياد ، يأمرني أن أقدم على الحسين بما يسوؤه ، ولا والله ما تطاوعني نفسي ولا تجيبني إلى ذلك أبدا. فالتفت رجل من أصحاب الحر يكنى (أبا الشعثاء الكندي) إلى رسول ابن زياد وقال له : فيم جئت ثكلتك أمك؟. فقال له الرسول : أطعت إمامي ووفّيت بيعتي وجئت برسالة أميري. فقال له أبو الشعثاء :لعمري لقد عصيت ربك وإمامك ، وأهلكت نفسك ، واكتسبت والله عارا ونارا ، فبئس الإمام إمامك الّذي قال فيه الله :( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ ) [القصص : ٤١](١) .

٦٨٤ ـ من خطبة لهعليه‌السلام بالعسكرين بعد أن صلى بهما صلاة العصر :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٢)

ودنت صلاة العصر ، فأمر الحسينعليه‌السلام مؤذنه أيضا بالأذان ، فأذّن وأقام ، وتقدمعليه‌السلام فصلى بالعسكرين. فلما انصرف من صلاته وثب قائما على قدميه ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد أيها الناس فإنكم إن تتقوا الله تعالى وتعرفوا الحق لأهله يكن رضا الله عنكم. وإنا أهل بيت نبيكم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أولى بولاية هذه الأمور عليكم ، من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم ، والسائرين فيكم بالظلم والجور والعدوان ، وإن كرهتمونا وجهلتم حقنا ، وكان رأيكم على خلاف ما جاءت به كتبكم ، انصرفت عنكم(٢) .

فقال له الحر : أنا والله ما أدري ما هذه الكتب والرسل التي تذكر. فقال الحسينعليه‌السلام لبعض أصحابه : يا عقبة بن سمعان أخرج إليّ الخرجين اللذين فيهما كتبهم إليّ. فأخرج خرجين مملوءين صحفا من كتب أهل الكوفة ، فنثرت بين يديه.

__________________

(١) كان أبو الشعثاء الكنديرحمه‌الله منصفا. وستجد عدوله إلى الحسينعليه‌السلام واستشهاده معه في الجزء الثاني من هذه الموسوعة.

(٢) مقتل الحسين للسيد عبد الرزاق المقرم ، ص ٢١٦.

٥٦٨

فقال له الحر : إنا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك(١) . وقد أمرنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتّى نقدمك الكوفة على الأمير عبيد الله. فتبسّم الحسينعليه‌السلام وقال له :يابن يزيد ، الموت أدنى إليك من ذلك!.

ترجمة عقبة بن سمعان

عقبة بن سمعان ، عدّه الشيخ الطوسي في (رجاله) من أصحاب الحسينعليه‌السلام . وقد ذكره الطبري وغيره من مؤرخي الواقعة ، ويفهم مما ذكروه أنه كان عبدا للرباب زوجة الحسينعليه‌السلام ، وأنه كان يتولى خدمة أفراسه وتقديمها له. فلما استشهد الحسينعليه‌السلام فرّ على فرس ، فأخذه أهل الكوفة ، فزعم أنه عبد للرباب بنت امرئ القيس الكلابية ، فأطلق سراحه.وجعل يروي الواقعة كما حدثت ، ومنه أخذ كثير من أخبارها. (مقتل أبي مخنف المقتبس ، ص ١٣)

٦٨٥ ـ محاورة الحسينعليه‌السلام مع الحر وقد حاول التضييق عليه حتّى يقدمه على عبيد الله بن زياد بالكوفة :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٢)

ثم التفت الحسينعليه‌السلام إلى أصحابه فقال : احملوا النساء ليركبن ، حتّى ننظر ما الّذي يقدر أن يصنع هذا [أي الحر] وأصحابه فتقدمت خيل أهل الكوفة فحالت بينهم وبين المسير. فضرب الحسينعليه‌السلام بيده إلى سيفه وصاح بالحر : ثكلتك أمك يابن يزيد ، ما الّذي تريد أن تصنع؟. فقال الحر : أما والله يا أبا عبد الله ، لو

__________________

(١) جاء في (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، أنه لما نادى الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء :يا شبث بن ربعي ويا حجّار بن أبجر ويا فلان ويا فلان ألم تكتبوا إليّ ، فقالوا :ما ندري ما تقول. وكان الحر بن يزيد الرياحي من ساداتهم ، فقال له : بلى والله لقد كاتبناك ونحن الذين أقدمناك ، فأبعد الله الباطل وأهله ، والله لا أختار الدنيا على الآخرة. يقول الشيخ حبيب آل إبراهيم في كتابه (ذكرى الحسين) من حاشية.

ص ٨٢ : فيمكن أن يكون حمل الحر على الإنكار تعصبه لمن كان معه أولا ، فلما رأى منهم ما رأى رجع إلى الحق وهداه الله تعالى.

٥٦٩

قالها غيرك من العرب لرددتها عليه كائنا من كان ، ولكن والله مالي إلى ذكر أمك [أي فاطمة] من سبيل ، غير أنه لا بدّ لي من أن أنطلق بك إلى الأمير. قالعليه‌السلام :إذن والله لا أتبعك. فقال الحر : إذن والله لا أدعك.

فقال الحسينعليه‌السلام : فذر إذن أصحابك وأصحابي وابرز إليّ ، فإن قتلتني حملت رأسي إلى ابن زياد ، وإن قتلتك أرحت الخلق منك. فقال الحر : إني لم أؤمر بقتالك ، وإنما أمرت أن لا أفارقك أو أقدم بك على الأمير. وأنا والله كاره أن يبتليني الله بشيء من أمرك. غير أني أخذت بيعة القوم وخرجت إليك. وأنا أعلم أنه ما يوافي القيامة أحد من هذه الأمة إلا وهو يرجو شفاعة جدك ، وإني والله لخائف إن أنا قاتلتك أن أخسر الدنيا والآخرة ، ولكن أما أنا يا أبا عبد الله فلست أقدر على الرجوع إلى الكوفة في وقتي هذا ، ولكن خذ غير الطريق وامض حيث شئت (وفي رواية : ولكن خذ طريقا نصفا بيننا لا يدخلك الكوفة ولا يردّك إلى المدينة(١) ) حتّى أكتب إلى الأمير أن الحسين خالفني الطريق فلم أقدر عليه ، وأنا أنشدك الله في نفسك (وفي رواية : وإني أذكّرك الله في نفسك(٢) ) فإني أشهد لئن قاتلت لتقتلنّ. فقال الحسينعليه‌السلام : كأنك تخبرني بأني مقتول!. فقال له : نعم يا أبا عبد الله ، لا أشك في ذلك إلا أن ترجع من حيث جئت. فقال الحسينعليه‌السلام :لا أدري ما أقول لك ، ولكني أقول كما قال أخو الأوس وهو يريد نصرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فخوّفه ابن عمه حين لقيه ، وقال : أين تذهب فإنك مقتول ، فقال له :

سأمضي فما بالموت عار على الفتى

إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما

وواسى الرجال الصالحين بنفسه

وفارق مذموما(٣) وخالف مجرما

أقدّم نفسي لا أريد بقاءها

لتلقى خميسا في النزال(٤) عرمرما

فإن عشت لم أذمم(٥) وإن متّ لم ألم

كفى بك ذلّا أن تعيش وترغما

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢١٧. وفي تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٢٨ ط أولى مصر ، قال الحر : «فخذ ههنا فتياسر عن طريق العذيب والقادسية" وبينه وبين العذيب ٣٨ ميلا.

(٢) مقتل الحسين للمقرم ص ٢١٧.

(٣) وفي رواية : (مثبورا).

(٤) وفي رواية (في الهياج). والخميس : الجيش ، لأنه مؤلف من خمس فرق. ويوم الهياج : يوم القتال. العرمرم : الجيش الكثير.

(٥) وفي رواية (لم أندم).

٥٧٠

٦٨٦ ـ التقاء الحسينعليه‌السلام بالحر وإخباره بمصرع مسلم :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٦ ط ٢ نجف)

قال علماء السير : ولم يزل الحسينعليه‌السلام قاصدا الكوفة ، مجدّا في السير ، ولا علم له بما جرى على مسلم بن عقيل. حتّى إذا كان بينه وبين القادسية ثلاثة أميال تلقّاه الحر بن يزيد التميمي ، فسلّم عليه وقال له : أين تريد يابن رسول الله؟. فقال :أريد هذا المصر. فقال له : ارجع فوالله ما تركت لك خلفي خيرا ترجوه. وأخبره بقتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة. وقدوم ابن زياد الكوفة واستعداده له.

فهمّ بالرجوع ، وكان معه إخوة مسلم بن عقيل ، فقالوا : والله لا نرجع حتّى نصيب بثأرنا أو نقتل. فقالعليه‌السلام : لا خير في الحياة بعدكم(١) .

«البيضة»

٦٨٧ ـ من كتاب للحسينعليه‌السلام إلى أشراف الكوفة بعد علمه بمقتل مسلم ابن عقيل ، يدعوهم فيه إلى البرّ بعهودهم ، ويبيّن لهم أن الهدف من نهضته هو تقويم الانحراف :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٤)

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) . من الحسين بن علي إلى سليمان بن صرد والمسيّب بن نجبة ورفاعة بن شداد وعبد الله بن وال وجماعة المؤمنين. أما بعد فقد علمتم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد قال في حياته : «من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ، ناكثا لعهد الله ، مخالفا لسنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ، ثم لم يغيّر بقول ولا فعل ، كان حقيقا على الله أن يدخله مدخله».وقد علمتم أن هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان ، وتولوا عن طاعة الرحمن ، وأظهروا في الأرض الفساد ، وعطّلوا الحدود والأحكام ، واستأثروا بالفيء ، وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله. وإني أحقّ بهذا الأمر ، لقرابتي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسلكم ببيعتكم ، أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني ، فإن وفيتم لي بيعتكم فقد أصبتم حظكم ورشدكم ، ونفسي مع أنفسكم وأهلي وولدي مع أهليكم وأولادكم ، فلكم بي أسوة. وإن لم تفعلوا

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٢٠.

٥٧١

ونقضتم عهودكم ونكثتم بيعتكم ، فلعمري ما هي منكم بنكر ، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم ، والمغرور من اغترّ بكم ، فحظّكم أخطأتم ، ونصيبكم ضيّعتم( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ ) [الفتح : ١٠] وسيغني الله عنكم والسلام. ثم طوى الكتاب وختمه ، ودفعه إلى قيس بن مسهر الصيداوي ، وأمره أن يسير به إلى الكوفة(١) .

استشهاد قيس بن مسهر الصّيداويرحمه‌الله

٦٨٨ ـ مصرع قيس بن مسهر الصيداوي على يد عبيد الله بن زياد :

(المصدر السابق)

فلما انتهى قيس إلى القادسية ، اعترضه الحصين بن تميم [الصحيح : الحصين بن نمير] ليفتشه ، فأخرج قيس الكتاب وخرّقه. فحمله الحصين إلى ابن زياد. فلما مثل

__________________

(١) في اللهوف ص ٤٣ أن هذا الكتاب كتبه الحسينعليه‌السلام من الحاجر. وفي كتاب الفتوح لابن أعثم أنه كتبه في (عذيب الهجانات). وفي مناقب ابن شهراشوب أنه كتبه من كربلاء أول نزوله بها ، وأنه أرسله مع قيس بن مسهر. وذكر المقرم ص ٢١٨ نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٢٩ ، أن هذا الكلام خطبهعليه‌السلام في موضع (البيضة) بعد خطبتيه المتقدمتين في جماعة الحر ، وعليه فقد اختلف بين أن يكون هذا الكلام خطبة أم كتابا. وجاء في (لواعج الأشجان) ص ٩٤ أن ذكر لفظة (والسلام) في آخر الكلام على رواية الطبري وابن الأثير يؤيد أنه كتاب لا خطبة ، لأن ذلك متعارف في الكتب لا في الخطب. هذا وإن أغلب الروايات دلّت على أن إرسال قيس كان من الطريق لا من كربلاء كما روى ابن شهراشوب ، فضلا عن أن التمكن من إرساله من كربلاء بعيد ، والله أعلم.

(أقول) : وقد ذكرنا سابقا أن الحسينعليه‌السلام قد بعث قيس بن مسهر بكتاب إلى أهل الكوفة جوابا على كتاب مسلم من (الحاجر) وهو مغاير لهذا الكلام ، فإذا صحّ أن هذا الكلام هو كتاب لا خطبة ، وأنه بعثه مع قيس كما تدل الروايات ، فتكون نسبة الكتاب الأول إلى قيس غير صحيحة ، وأنها لعبد الله بن يقطر كما رجّحنا.

٥٧٢

بين يديه ، قال له : من أنت؟. قال : أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وابنه. قال : فلماذا خرّقت الكتاب؟. قال : لئلا تعلم ما فيه. قال : وممن الكتاب وإلى من؟. قال : من الحسينعليه‌السلام إلى جماعة من أهل الكوفة لا أعرف أسماءهم. فغضب ابن زياد ، فقال : والله لا تفارقني حتّى تخبرني بأسماء هؤلاء القوم ، أو تصعد المنبر فتسبّ الحسين بن علي وأباه وأخاه ، وإلا قطّعتك إربا إربا.فقال قيس : أما القوم فلا أخبرك بأسمائهم ، وأما سبّ الحسينعليه‌السلام وأبيه وأخيه فأفعل (وفي رواية أنه قال له : اصعد المنبر ، فسبّ الكذّاب ابن الكذاب ، الحسين ابن علي).

فصعد قيس المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على النبي وآله ، وأكثر من الترحم على علي والحسن والحسينعليهم‌السلام ، ولعن عبيد الله بن زياد وأباه ، ولعن عتاة بني أمية. ثم قال : أيها الناس ، إن هذا الحسين بن عليعليهما‌السلام خير خلق الله ، ابن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنا رسوله إليكم ، وقد خلّفته (بالحاجر) فأجيبوه.

فأمر به ابن زياد ، فرمي من أعلى القصر ، فتقطعّ (وتكسّرت عظامه) فمات.(وفي مقتل المقرم ص ٢١٩) ويقال : كان به رمق ، فذبحه عبد الملك ابن عمير اللخمي. فعيب عليه ، فقال : أردت أن أريحه.

ترجمة قيس بن مسهر الصيداوي

قيس أحد بني الصيداء ، وهي قبيلة من بني أسد. قال علماء السير : كان قيس رجلا شريفا شجاعا مخلصا في محبة أهل البيتعليهم‌السلام . وقد بعثه أهل الكوفة بكتبهم إلى الحسينعليه‌السلام بمكة ، ثم أرسله الحسينعليه‌السلام مع مسلم بن عقيل ، ثم أرجعه مسلم بكتاب منه إلى الحسين ، فردّعليه‌السلام الجواب معه.وبقي مصاحبا لمسلم حتّى أتى الكوفة ، ولما بايعه من بايعه من أهلها كتب إلى الحسين مع قيس إلى مكة. وبقي قيس مع الحسينعليه‌السلام حتّى بلغ (الحاجر) ، فبعثه إلى أهل الكوفة بكتاب ، فأمسكه الحصين بن نمير كما ذكرنا ، وقتله.

٥٧٣

توضيح : (حول مهمات الشهيد قيس بن مسهر)

كانت مهمات قيس بن مسهر الصيداوي خطيرة ، وهي تأمين المراسلة بين الحسينعليه‌السلام والعراق. فبعثه أهل الكوفة أولا برسالة إلى الحسينعليه‌السلام وهو بمكة. ثم صحب مسلم بن عقيل حتّى قدم الكوفة. ثم بعثه مسلم برسالة إلى الحسينعليه‌السلام يخبره فيها بمبايعة أهل الكوفة. ثم حين خرج الحسينعليه‌السلام من مكة إلى العراق صحبه قيس ، حتّى إذا انتهىعليه‌السلام إلى الحاجر بعثه إلى أهل الكوفة يخبرهم بقدومه. وفي الطريق قبض عليه الحصين بن نمير التميمي ، فأتلف الرسالة كما مرّ ، وجيء به إلى ابن زياد فقتله صبرا ، رضوان الله عليه.

وبما أن هناك تضاربا كبيرا بين استشهاد (عبد الله بن يقطر)و (قيس بن مسهر) فقد رجّحنا أن يكون الحسينعليه‌السلام بعث عبد الله بن يقطر بكتاب من (الحاجر) وبلغه نبأ استشهاده في (زبالة). ثم بعث قيس بن مسهر بكتاب من (البيضة) ووصله خبر استشهاده في (العذيب) ، فهذا أقرب إلى تسلسل الأحداث والروايات كما أسلفنا.

«الرّهيمة»

٦٨٩ ـ محاورة الحسينعليه‌السلام مع رجل من أهل الكوفة يدعى أبا هرّة الأزدي :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٦)

ولما أصبحعليه‌السلام إذا برجل من أهل الكوفة يكنى أبا هرّة الأزدي(١) قد أتاه فسلّم عليه ، ثم قال له : يابن رسول الله ما الّذي أخرجك عن حرم الله وحرم جدك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. فقال له الحسينعليه‌السلام : يا أبا هرّة إن بني أمية قد أخذوا مالي فصبرت ، وشتموا عرضي فصبرت ، وطلبوا دمي فهربت. يا أبا هرة لتقتلني الفئة الباغية وليلبسنّهم الله تعالى ذلا شاملا وسيفا قاطعا ، وليسلّطنّ الله عليهم من يذلّهم حتّى يكونوا أذلّ من قوم سبأ ، إذ ملكتهم امرأة منهم فحكمت في أموالهم ودمائهم.

__________________

(١) هذا الكلام مطابق لما جاء في (اللهوف) ص ٣٩. وذكر المقرم في مقتله ص ٢١٨ هذا الكلام أنه جرى بين الحسينعليه‌السلام ورجل من أهل الكوفة يقال له أبو هرم ، وذلك في موضع يدعى (الرهيمة) نقلا عن (أمالي الصدوق) ص ٩٣. وفي مقتل الخوارزمي ومثير الأحزان لابن نما ، أنه جرى في (الثعلبية).

٥٧٤

«عذيب الهجانات»

٦٩٠ ـ وصول خبر مصرع قيس بن مسهر الصيداوي في (عذيب الهجانات):

(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٣٠ ط أولى مصر)

فلما وصل الحسينعليه‌السلام إلى (عذيب الهجانات)(١) فإذا بأربعة نفر قد أقبلوا من الكوفة ، وهم : عمرو بن خالد الصيداوي ، وسعد مولاه ، ومجمع ابن عبد الله المذحجي ، ونافع بن هلال. ومعهم دليلهم الطرمّاح بن عدي على فرسه ، وكان قد امتار لأهله من الكوفة ميرة. فخرج بهم على غير الطريق ، حتّى إذا قاربوا الحسينعليه‌السلام حدا بهم الطرماح يقول :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٣٣)

يا ناقتي لا تذعري من زجري

وشمّري قبل طلوع الفجر

بخير فتيان وخير سفر

آل رسول الله أهل الفخر

السادة البيض الوجوه الغرّ

الطاعنين بالرماح السّمر

الضاربين بالصفاح البتر

حتّى تحليّ بكريم النّجر

الماجد الحر الرحيب الصدر

أتى به الله لخير أمر

عمّره الله بقاء الدهر

وزاده من طيّبات الذكر

يا مالك النفع معا والضرّ

أيّد حسينا سيدي بالنصر

على الطغاة من بقايا الكفر

على اللعينين سليلي صخر

يزيد لا زال حليف الخمر

وابن زياد العاهر ابن العهر

فقال لهم الحسينعليه‌السلام : أخبروني خبر الناس وراءكم. فقال له مجمع بن عبد الله العائذي وهو أحد الأربعة : أما أشراف الناس فقد أعظمت رشوتهم ، وملئت غرائرهم [الغرائر : جمع غرارة ، وهي الكيس من الشعر أو الصوف] يستمال ودّهم ، ويستخلص به نصيحتهم ، فهم إلب واحد [أي جماعة] عليك. وأما سائر الناس بعد ، فإنّ أفئدتهم تهوي إليك ، وسيوفهم غدا مشهورة عليك. قال : أخبروني فهل

__________________

(١) ذكر المقرم في مقتله ص ٢٢٠ هذا الموضع ولم يذكره الخوارزمي. وذكر أبو مخنف في مقتله مثل هذا الكلام ص ٤٦. وعذيب الهجانات : موضع كان النعمان بن المنذر يضع فيه هجانه لترعى ، فسمي : عذيب الهجانات.

٥٧٥

لكم برسولي إليكم؟. قالوا : من هو؟. قال : قيس بن مسهر الصيداوي. فقالوا :نعم ، أخذه الحصين بن نمير ، فبعث به إلى ابن زياد فقتله. فترقرقت عينا الحسينعليه‌السلام ولم يملك دمعه. ثم قال :( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) (٢٣) [الأحزاب : ٢٣]. الله م اجعل لنا ولهم الجنة نزلا ، واجمع بيننا وبينهم في مستقرّ رحمتك ، ورغائب مذخور ثوابك ، يا أرحم الراحمين.

٦٩١ ـ نصيحة الطرماح ودعوته للحسينعليه‌السلام إلى قومه من طيء :

(الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٧٧)

وقال الطرمّاح بن عدي : والله (لا) أرى معك كثير أحد ، ولو لم يقاتلك إلا هؤلاء الذين أراهم ملازميك لكان كفى بهم. ولقد رأيت قبل خروجي من الكوفة بيوم ظهر الكوفة ، وفيه من الناس ما لم تر عيناي ـ جمعا في صعيد واحد ـ أكثر منه قط ، ليسيروا إليك. فأنشدك الله إن قدرت على أن لا تقدم إليهم شبرا فافعل. فإن أردت أن تنزل بلدا يمنعك الله به ، حتّى ترى رأيك ويستبين لك ما أنت صانع ، فسر حتّى أنزلك جبلنا (أجأ)(١) فهو والله جبل امتنعنا به من ملوك غسان وحمير والنعمان بن المنذر ، ومن الأحمر والأبيض. والله ما إن دخل علينا ذل قط ، فأسير معك حتّى أنزلك القرية. ثم تبعث إلى الرجال ممن ب (أجا) وسلمى من طيّئ ، فوالله لا يأتي عليك عشرة أيام حتّى تأتيك طيء رجالا وركبانا. ثم أقم فينا ما بدا لك. فإن هاجك هيج فأنا زعيم لك بعشرين ألف طائي ، يضربون بين يديك بأسيافهم ، فوالله لا يوصل إليك أبدا وفيهم عين تطرف.

فجزاه الحسينعليه‌السلام وقومه خيرا ، وقال : إن بيننا وبين القوم عهدا وميثاقا ، ولسنا نقدر على الانصراف حتّى تتصرف بنا وبهم الأمور في عاقبة.

فاستأذن الطرمّاح وحده بأن يوصل الميرة إلى أهله ، ويعجّل المجيء لنصرته ، فأذن له ، وصحبه الباقون.

فأوصل الطرماح الميرة إلى أهله ورجع سريعا ، فلما بلغ (عذيب الهجانات) بلغه خبر قتل الحسينعليه‌السلام ، فرجع إلى أهله(٢) .

__________________

(١) لدى الرجوع إلى المصورات الجغرافية ، تبّين أن (أجا) جبل يقع إلى جهة الغرب من بلدة (حائل) المعروفة في السعودية.

(٢) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٣٠.

٥٧٦

(أقول) : هذا معارض لبعض الروايات التي تقول : إن الطرماح كان مع الحسينعليه‌السلام في كربلاء. وبعضها يذكر أنه جرح وسقط عن فرسه وبه رمق ، فأخذه قومه وداووه وبرئ. بينما يذكر بعضها أنه استشهد مع الحسينعليه‌السلام .

«قصر بني مقاتل»

٦٩٢ ـ محاورة الحسينعليه‌السلام مع عبيد الله بن الحر الجعفي في (قصر بني مقاتل) ودعوته إلى نصرته فأبى :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٧ ؛ ومقتل المقرّم ، ص ٢٢٤)

ثم سار الحسينعليه‌السلام حتّى نزل (قصر بني مقاتل) ، فإذا بفسطاط مضروب(١) ورمح مركوز وسيف معلق وفرس واقف على مذود [أي معتلف]. فقال الحسينعليه‌السلام : لمن هذا الفسطاط؟. فقيل : لرجل يقال له عبيد الله بن الحر الجعفي.

وحكى في (القمقام) أن عبيد الله بن الحر كان عثمانيا ، وكان يعدّ من الشجعان ومن فرسان العرب ، وكان في وقعة صفين في جيش معاوية. ولما قتل أمير المؤمنينعليه‌السلام انتقل إلى الكوفة وكان بها. حتّى إذا بلغه قدوم الحسينعليه‌السلام إلى الكوفة خرج منها لئلا يحضر قتله».

فأرسل إليه الحسينعليه‌السلام برجل من أصحابه يقال له : الحجاج بن مسروق الجعفي. فأقبل حتّى دخل عليه في فسطاطه ، فسلّم عليه ، فردّ عليه عبيد الله السلام.ثم قال له : ما وراءك؟. قال : ورائي والله يابن الحر الخير. إن الله تعالى قد أهدى إليك كرامة عظيمة إن قبلتها. فقال عبيد الله : وما ذاك؟. قال الحجاج : هذا الحسين ابن عليعليهما‌السلام يدعوك إلى نصرته ، فإن قاتلت بين يديه أجرت ، وإن قتلت استشهدت. فقال عبيد الله : إنا لله وإنا إليه راجعون ، والله يا حجّاج ما خرجت من الكوفة إلا مخافة أن يدخلها الحسينعليه‌السلام وأنا فيها لا أنصره. فإنه ليس له فيها

__________________

(١) أورد الخوارزمي في مقتله أن ملاقاة عبيد الله بن الحر كانت بين الثعلبية وزرود. وذكر الجواهري في مثيره ص ٤٢ أن ملاقاته كانت في القطقطانية قبل قصر بني مقاتل. بينما ذكر المقرم في مقتله هذا الموضع ص ٢٢٢. وفي معجم البلدان : قصر بني مقاتل موضع بين عين التمر والشام. وفي ظني أنه هو قصر الأخيضر.

٥٧٧

شيعة ولا أنصار إلا مالوا إلى الدنيا وزخرفها ، إلا من عصم الله منهم. فرجع إليه وأخبره بذلك.

فقام الحسينعليه‌السلام فانتعل ، ثم صار إليه في جماعة من أهل بيته وإخوانه ، فدخل عليه الفسطاط ، فوسّع له عن صدر المجلس.

يقول ابن الحر : ما رأيت أحدا قطّ أحسن من الحسين ولا أملأ للعين منه ، ولا رققت على أحد قط رقّتي عليه ، حين رأيته يمشي والصبيان حوله. ونظرت إلى لحيته فرأيتها كأنها جناح غراب ، فقلت له : أسواد أم خضاب؟. قال : يابن الحر عجّل عليّ الشيب. فعرفت أنه خضاب(١) .

ولما استقرّ المجلس بالحسينعليه‌السلام حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد يابن الحر ، فإن أهل مصركم هذا كتبوا إليّ وأخبروني أنهم مجتمعون عليّ أن ينصروني وأن يقوموا من دوني ، وأن يقاتلوا عدوي. وسألوني القدوم عليهم ، فقدمت ولست أرى الأمر على ما زعموا ، لأنهم قد أعانوا على قتل مسلم بن عقيل ابن عمي وشيعته ، وأجمعوا على ابن مرجانة عبيد الله بن زياد ، مبايعين ليزيد بن معاوية.

يابن الحر إن الله تعالى مؤاخذك بما كسبت وأسلفت من الذنوب في الأيام الخالية ، وإني أدعوك إلى توبة تغسل ما عليك من الذنوب. أدعوك إلى نصرتنا أهل البيت ، فإن أعطينا حقنا حمدنا الله تبارك وتعالى على ذلك وقبلناه ، وإن منعنا حقنا وركبنا بالظلم كنت من أعواني على طلب الحق. فقال له عبيد الله : يابن رسول الله لو كان بالكوفة لك شيعة وأنصار يقاتلون معك لكنت أنا من أشدهم على عدوك ، ولكن يابن رسول الله رأيت شيعتك بالكوفة قد لزموا منازلهم خوفا من سيوف بني أمية ، فأنشدك الله يابن رسول الله أن تطلب مني غير هذه المنزلة ، وأنا أواسيك بما أقدر عليه. خذ إليك فرسي هذه (الملحقة) فوالله ما طلبت عليها شيئا قط إلا وقد لحقته ، ولا طلبت قط وأنا عليها فأدركت. وخذ سيفي هذا فوالله ما ضربت به شيئا إلا أذقته حياض الموت. فأعرض عنه الحسينعليه‌السلام بوجهه ، ثم قال : يابن الحر إنا لم نأتك لفرسك وسيفك ، إنما أتيناك نسألك النصرة ، فإن كنت بخلت علينا في

__________________

(١) لم يورد الخوارزمي هذه الفقرة في مقتله ، بل أوردها المقرم ص ٢٢٤ نقلا عن (خزانة الأدب) للبغدادي ، ج ١ ص ٢٩٨ ط بولاق ، وأنساب الأشراف ، ج ٥ ص ٢٩١.

٥٧٨

نفسك فلا حاجة لنا في شيء من مالك ، ولم أكن بالذي أتّخذ المضلّين عضدا(١) .(وفي اللواعج ص ٩٩ : ثم تلا قوله تعالى :( وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ) (٥١) [الكهف : ٥١]. ولكن فرّ فلا لنا ولا علينا ، لأني قد سمعت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «من سمع بواعية أهل بيتي ، ثم لم ينصرهم على حقهم ، أكبّه الله على وجهه في نار جهنم». ثم قام الحسينعليه‌السلام من عنده وصار إلى رحله.

ـ تعليق السيد مرتضى العسكري :

(مرآة العقول للمجلسي ـ مقدمة الكتاب لمرتضى العسكري ، ج ٢ ص ٢١٥)

قال السيد مرتضى العسكري : لعل الباحث يجد تناقضا بين موقف الإمامعليه‌السلام ممن تجمّع عليه في منزل (زبالة) يفرّقهم من حوله ، وبين موقف الإمام هنا مع ابن الحر ، وقبله مع زهير بن القين ، حيث كان يدعو الناس فرادى وجماعات إلى نصرته. ولكن من تدبّر في خطب الحسينعليه‌السلام وكلامه مع الناس ، أدرك أن الإمامعليه‌السلام كان يبحث عن أنصار حقيقيين ينضمون تحت لوائه ، ويبايعونه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، واستنكار بيعة أئمة الضلالة ، أمثال يزيد.أنصارا واعين لأهداف قيامه ، يقاومون الإغراء بالدنيا ، يصارعون الحكم الغاشم حتّى يقتلوا في سبيل ذلك.

ترجمة عبيد الله بن الحر الجعفي

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٢٣)

في تاريخ الطبري ، ج ٧ ص ١٦٨ : كان عبيد الله بن الحر عثماني العقيدة ، ولأجله خرج إلى معاوية ، وحارب عليا يوم صفين. وفي ص ١٦٩ ذكر أحاديث في تمرده على الشريعة بنهبه الأموال وقطعه الطرق. وذكر ابن الأثير في تاريخه ، ج ٤ ص ١١٢ : أنه لما أبطأ على زوجته في إقامته بالشام زوّجها

__________________

(١) ذكر هذا الكلام أبو مخنف في مقتله بشكل مختصر ، ص ٤٧ ، وذكر أنهعليه‌السلام نزل بهذا الموضع بعد (العذيب).

٥٧٩

أخوها من عكرمة بن الخبيص ، ولما بلغه الخبر جاء وخاصم عكرمة إلى الإمام (علي بن أبي طالب). فقال له : ظاهرت علينا عدونا!. قال ابن الحر :أيمنعني عدلك من ذلك؟. فقالعليه‌السلام : لا. ثم أخذ أمير المؤمنين المرأة وكانت حبلى ، فوضعها عند ثقة حتّى وضعت ، فألحق الولد بعكرمة ، ودفع المرأة إلى عبيد الله ابن الحر ، فعاد إلى الشام إلى أن قتل الإمام عليعليه‌السلام .

وفي أيام عبد الملك سنة ٦٨ ه‍ قتل عبيد الله بالقرب من الأنبار.

ويذكر ابن حبيب في (المحبّر) ص ٤٩٢ : أن مصعب بن الزبير نصب رأس عبيد الله بن الحر الجعفي بالكوفة.

وجاء في (مجالس المؤمنين) : أن أول من زار حائر الحسينعليه‌السلام بعد مقتله هو عبيد الله بن الحر الجعفي. وقف على القبر الشريف واستعبر باكيا على ما فاته من القيام بالشهادة ، وفوزه بمراتب السعادة ، بين يدي سيّد السادة.

وفي (العيون العبرى) للسيد إبراهيم الميانجي ، ص ٧٥ :

ولعبيد الله هذا أشعار رائقة تخبر عن ندامته على قعوده عن نصرة الحسينعليه‌السلام . ويظهر من (مقتل الخوارزمي) أنه أنشدها على قبر الحسينعليه‌السلام ، فضجّ من معه بالبكاء والعويل والنحيب ، وأقاموا عند القبر يومهم ذلك وليلتهم يصلّون ويبكون ويتضرعون ، منها:

فيا لك حسرة ما دمت حيا

تردّد بين صدري والتراقي

حسين حين يطلب نصر مثلي

على أهل الضلالة والنفاق

غداة يقول لي بالقصر قولا

أتتركني وتزمع بالفراق

ولو أني أواسيه بنفسي

لنلت كرامة يوم التّلاق

مع ابن المصطفى نفسي فداه

تولى ، ثم ودّع بانطلاق

فلو فلق التلهّف قلب حيّ

لهمّ اليوم قلبي بانفلاق

فقد فاز الألى نصروا حسينا

وخاب الآخرون ذوو النفاق

٥٨٠

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

نمير السكوني في أربعة آلاف ، و [مضاير بن رهينة] المازني في ثلاثة آلاف ، ونصر ابن فلان في ألفين ؛ فذلك عشرون ألفا ، ما بين فارس وراجل.

وعن بعض من حضر المعركة (وهو عبد الله بن عمار بن يغوث) قال :

«والله ما رأيت مكثورا قط ولقد كان يحمل فيهم ، وقد تكمّلوا ثلاثين ألفا».

مما يؤكد أن عددهم لا يقل عن عشرين ألفا ، وأنهم تكاملوا في كربلاء إلى ثلاثين ألفا ، ما عدا المدد المتصل بهم والذي لم يصل بعد إلى كربلاء.

٧٤٨ ـ كتاب ابن زياد إلى عمر بن سعد (٢):

(كتاب الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ١٥٩)

ثم كتب ابن زياد إلى عمر بن سعد : إني لم أجعل لك علة في قتال الحسين ، من كثرة الخيل والرجال. فانظر أن لا تبدأ أمرا حتّى تشاورني ، غدوّا وعشيا مع كل غاد ورائح ، والسلام.

والتأمت العساكر إلى عمر بن سعد [في كربلاء] لست مضين من المحرم.

٧٤٩ ـ عناصر الجيش الأموي :

(حياة الإمام الحسين للسيد باقر القرشي ، ج ٣ ص ١٥٦)

يتألف الجيش الأموي من خمسة عناصر ، ومن بينها :

١ ـ الانتهازيون : وهم أصحاب المصالح ، مثل : عمر بن سعد ، وحجار بن أبجر ، وشبث بن ربعي ، وشمر بن ذي الجوشن ، وقيس بن الأشعث ، ويزيد بن الحرث.

٢ ـ المرتزقة : غايتهم الحصول على مغانم الحرب والأموال. وهم الذين نهبوا ثقل الحسينعليه‌السلام ، وعمدوا إلى سلب حرائر النبوة وعقائل الوحي ، فلم يتركوا ما عليهن من حلي وحلل ، وسلبوا الإمام الحسينعليه‌السلام وسائر الشهداء من الملابس ولا مات الحرب [أي الدروع].

٣ ـ الممسوخون : وهم الحاقدون على كل الناس ، ورغبتهم الذبح واقتراف الجرائم ، مثل : شمر ، وحرملة بن كاهل ، والحكيم بن الطفيل الطائي ، وسنان بن أنس ، وعمرو بن الحجاج ، وأمثالهم من «كلاب الطراد «كما سمّاهم بذلك بعض المؤرخين. وقد صدرت منهم في كربلاء من القساوة والهمجية ما تترفع عنه الوحوش والكلاب.

٦٢١

٤ ـ المكرهون : وهم الذين كانت عواطفهم مع الحسينعليه‌السلام ، ولكن الجبن وخور النفس منعهم من نصرته. وهؤلاء لم يشتركوا في الحرب ، وكانوا يدعون للحسين بالنصرة. وكان بعضهم من أشياخ الكوفة يقفون على تل يبكون ويقولون :اللهم أنزل عليه نصرك!. وقد أنكر عليهم واحد منهم فقال لهم : يا أعداء الله ألا تنزلون فتنصروه؟!(١) .

ومما لا شبهة فيه أن هؤلاء قد اقترفوا إثما عظيما ، وشاركوا المحاربين جريمتهم ، لأنهم لم يقوموا بإنقاذ الإمام وحمايته من المعتدين.

٥ ـ الخوارج : وهم من أحقد الناس على الإمام عليعليه‌السلام وآل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأن الإمام علياعليه‌السلام قد وترهم في واقعة النهروان ، فتسابقوا إلى قتل العترة الطاهرة للتشفّي منها.

٧٥٠ ـ سوق الحدادين يعجّ بصانعي السيوف والرماح والسهام لقتال الحسينعليه‌السلام :

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين ، ص ٧٨)

وقيل : إنه من اليوم السادس من المحرم كان سوق الحدادين بالكوفة ، قائما على ساق لهم : وهج ورهج ، ووجبة وجلبة. فكل من تلقاه إما أن يشتري سيفا أو رمحا أو سهما أو سنانا ، ويحدّدها عند الحداد ، وينقعها بالسم ، لإراقة دم ريحانة الرسول ومهجة فؤاد البتول. وكانت السهام كلها مسمومة ، وبعضها ذو شعبة أو شعبتين ، وبعضها ذو ثلاث شعب.

أما السهم الّذي وقع في نحر الطفل الرضيع فكان ذا شعبتين ، فذبحه من الوريد إلى الوريد. وأما السهم الّذي وقع على قلب الحسين ـ روحي له الفدا ـ فكان له ثلاث شعب ، فخرق أحشاءه وخرّق قلبه الشريف ، حتّى خرج من قفاه.

٧٥١ ـ التعداد الكمي للجيش الحسيني :

(الوثائق الرسمية ، ص ١١٠)

وأما التعداد الكمي للجيش الحسيني ، الّذي قاتل مع الحسينعليه‌السلام ، فقد اختلف الرواة وأرباب المقاتل في تحديده الكمي.

__________________

(١) أنساب الأشراف للبلاذري ، ج ٢ ص ٥١٧.

٦٢٢

فقد ذكر الشيخ المفيد في (الإرشاد) وابن الأثير في (الكامل) ج ٣ ص ٢٨٦ وغيرهم : أنهم اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا ، والمجموع :

٣٢ فارسا+ ٤٠ راجلا ـ ٧٢ محاربا

وبعضهم قال بأكثر من هذا العدد ، ففي رواية الطبري أنهم كانوا أربعين فارسا ومائة راجل. وفي رواية الإمام الباقرعليه‌السلام أنهم كانوا خمسة وأربعين فارسا ومائة راجل. وأنا أرجّح الرواية الأخيرة لأنها عن معصوم.

(أقول) : والظاهر أن الذين اعتبروا العدد ٧٢ اقتصروا على عدّ الرجال العرب الأحرار ، دون الموالي والعبيد ، الذين كانوا بكثرة مع الحسينعليه‌السلام ؛ من مواليه ومن موالي أصحابه. فمن هنا جاء الفرق بين العدد ٧٢ والعدد ١٤٥.

يقول السيد عبد الكريم الحسيني القزويني في (الوثائق الرسمية لثورة الإمام الحسين) : قمت بعملية جرد لإحصاء جميع أسماء أصحاب الحسينعليه‌السلام وأهل بيته الذين حاربوا معه في اليوم العاشر من المحرم ، وقد ذكرهم بأسمائهم الشيخ محمّد السماوي في كتابه (إبصار العين في أنصار الحسين) ، فكان عددهم

لا يتجاوز المائة وعشرة رجال ، من المشاة والفرسان. وهم طائفتان :

١ ـ من بني هاشم ، وعددهم ستة عشر ١٦ رجلا.

٢ ـ من الأصحاب ، وهم من مختلف القبائل والأجناس ، وعددهم ٩٤ رجلا.

(أقول) : وسوف يأتي تحقيق كامل بأسماء هؤلاء الأنصار من الآل والأصحاب في أول الجزء الثاني من هذه الموسوعة إنشاء الله.

اليوم السابع من المحرّم

(الحصار ومنع الماء)

٧٥٢ ـ كتاب ابن زياد إلى عمر بن سعد (٣) بمنع الماء عن الحسينعليه‌السلام :

(الوثائق الرسمية للقزويني ، ص ١١٢)

يقول السيد عبد الكريم الحسيني القزويني : ثم إن عبيد الله بن زياد أخذ يرسل الكتاب تلو الكتاب ، والرسول تلو الرسول ، يحثّ عمر بن سعد على مقاتلة الحسينعليه‌السلام . فبعث إليه كتابا آخر جاء فيه :

٦٢٣

أما بعد ، فحل بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، فلا يذوقوا منه قطرة ، كما صنع بالتقيّ الزكي المظلوم أمير المؤمنين عثمان بن عفان(١) .

الحصار

ولما وصل الكتاب إلى عمر بن سعد ، أمر عمرو بن الحجاج ومعه خمسمائة فارس ، فنزلوا على الشريعة ، وحالوا بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، ومنعوهم أن يستقوا منه قطرة ، وذلك قبل قتل الحسينعليه‌السلام بثلاثة أيام.

٧٥٣ ـ عبد الله بن الحصين الأزدي يتوعّد الحسينعليه‌السلام بالموت عطشا ، ودعاء الحسينعليه‌السلام عليه :

(الوثائق الرسمية ، ص ١١٢)

ثم إن عبد الله بن (أبي) الحصين الأزدي نادى في لؤم وحقارة وخسّة نفس وخبث سريرة : يا حسين أما تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء ، ووالله لا تذوق منه قطرة حتّى تموت عطشا.

فتأثر الحسينعليه‌السلام من كلامه ، وقال : الله م اقتله عطشا ، ولا تغفر له أبدا.

قال حميد بن مسلم : والله لعدته بعد ذلك في مرضه ، فوالله الّذي لا إله غيره ، لقد رأيته يشرب الماء حتّى يبغر(٢) ، ثم يقيء ويصيح : العطش ، ثم يعود فيشرب الماء حتّى يبغر ، ثم يقيئه ويتلظى عطشا ، فما زال ذلك دأبه حتّى هلك.

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٧ ط ٢ نجف :

وناداه عمرو بن الحجاج : يا حسين ، هذا الماء تلغ فيه الكلاب وتشرب منه خنازير أهل السواد والحمر والذئاب ، وما تذوق منه والله قطرة حتّى تذوق الحميم في نار الجحيم. فكان سماع هذا الكلام على الحسينعليه‌السلام أشدّ من منعهم إياه الماء.

__________________

(١) تاريخ الطبري ج ٤ ص ٣١٢.

(٢) بغر البعير : شرب ولم يرو ، فأخذه داء من الشرب. والبغر : كثرة شرب الماء ، أو داء وعطش.

٦٢٤

٧٥٤ ـ عند ما أضرّ العطش بالحسينعليه‌السلام ومن معه ، حفروا بئرا فشربوا منها ثم غاضت :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٤)

وورد أمر من ابن زياد بالتضييق على الحسين ومنعه من الماء كما فعل بعثمان.ولما أضرّ العطش بالحسينعليه‌السلام وبمن معه ، أخذ فأسا وجاء إلى وراء خيمة النساء ، فخطا على الأرض تسع عشرة خطوة نحو القبلة ، ثم احتفر هناك ، فنبعت له هناك عين من الماء العذب ، فشرب الحسينعليه‌السلام وشرب أصحابه بأجمعهم ، وملؤوا أسقيتهم ، ثم غارت العين فلم يشهد لها أثر.

وبلغ ذلك عبيد الله بن زياد فكتب إلى عمر بن سعد : بلغني أن الحسين يحفر الآبار ويصيب الماء فيشرب هو وأصحابه ، فانظر إذا ورد عليك كتابي هذا فامنعهم من حفر الآبار ما استطعت ، وضيّق عليهم ولا تدعهم أن يذوقوا من الماء قطرة ، وافعل بهم كما فعلوا بالزكي عثمان ، والسلام(١) .

فضيّق عليهم ابن سعد غاية التضييق ، ودعا برجل يقال له عمرو بن الحجاج الزبيدي ، فضمّ إليه خيلا كثيرة ، وأمره أن ينزل على الشريعة التي هي حذاء معسكر الحسينعليه‌السلام ، فنزلت الخيل على شريعة الماء.

تعليق :

لقد دأب الإعلام الأموي على تشويه الحقائق وإيهام الرعاع من الناس أن الحسينعليه‌السلام له ضلع في مقتل الخليفة عثمان عطشا ، علما بأنه مع أخيه الحسنعليه‌السلام وبأمر من أبيهما الإمام عليعليه‌السلام كانا من المدافعين عن عثمان والواقفين على باب بيته بسيوفهم يوم مقتله. أما القاتل الحقيقي الّذي ورّط عثمان في الفتنة ، ثم أسلمه إلى الهلاك والقتل في آخر لحظة ، فهو معاوية. واللبيب يميّز بين أعمال من اتخذوا الغدر والوصولية مبدأ لهم ، وبين من التزموا بالحق

لا يحيدون عنه قيد أنملة ، وهم عليعليه‌السلام وأولاده. وكيف يقاس من انطبعت أعمالهم بالرجس ، بمن طهّرهم الله من كل رجس؟!.

__________________

(١) ذكر المقرم في مقتله ص ٢٤٤ ما يشبه هذا الكلام ، منقولا عن الطبري ، ج ٦ ص ٢٣٤ ؛ وإرشاد المفيد وكامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٢.

٦٢٥

٧٥٥ ـ عبيد الله بن زياد يمارس الحرب الاقتصادية ضد الحسينعليه‌السلام بأبشع صورها ، فيمنعه من الماء ويعزله عن العالم :

(مع الحسين في نهضته لأسد حيدر ، ص ١٨٣)

وقد استعمل ابن زياد مع الحسينعليه‌السلام الحرب الاقتصادية بأبشع صورها ، وأقصى ما يتصوّر ؛ من معاملة وحشية وخطة همجية. فطوّق جيش الحسينعليه‌السلام لمنع الإمدادات الخارجية ، وقطع الاتصال بينه وبين العالم الخارجي ، حتّى وصلت الحال إلى حدّ منع الماء عنه وعن عياله وأطفاله.

٧٥٦ ـ حقوق الحسينعليه‌السلام في ماء الفرات :

(معالي السبطين لمحمد مهدي المازندراني ، ج ١ ص ١٩٥)

قال المرحوم الحاج شيخ جعفر : اعلم أن للحسينعليه‌السلام في الماء حقوقا أربعة :

الأول : حقه في الماء ، من حيث الاشتراك مع جميع الناس ، فإن الناس كلهم شركاء في الماء.

الثاني : حقه في الماء ، من حيث الاشتراك مع جميع ذوات الأرواح ، فإن لكل ذات روح في الماء حقا ، ومنه كل الحيوان.

الثالث : من حيث ثبوت حق السقي له على أهل الكوفة ، فإنه قد سقاهم ثلاث مرات ؛ مرة في الكوفة في زمان أبيهعليه‌السلام ، وتارة في صفين ، وأخرى في القادسية ، حين الملاقاة مع عسكر الحر بن يزيد الرياحي.

الرابع : له حقّ في الفرات مخصوص ، فإن نهر الفرات نحلة الله لفاطمةعليها‌السلام ومهر الزهراء.

ولم يراعوا لعنهم الله هذه الحقوق ، ومنعوه منه كما منعوا منه أصحابه وعياله وأطفاله ، وذلك قبل مقتلهعليه‌السلام بثلاثة أيام.

٧٥٧ ـ نصيحة الهمداني لعمر بن سعد :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٣٣)

قال الراوي : فلما نزل الحسينعليه‌السلام في أرض كربلاء ، أول من حال بينه وبين ماء الفرات عمر بن سعد. فاشتدّ العطش بالحسينعليه‌السلام وأطفاله وأهل بيتهعليهم‌السلام . وقام رجل من أصحاب الحسينعليه‌السلام [لعله يزيد بن الحصين

٦٢٦

الهمداني] وقال : يابن رسول الله أتأذن لي أن أمضي إلى ابن سعد فأكلمه في أمر الماء ، وأعرّفه بعطش الحرم والأطفال ، فعساه يرتدع عن القتال؟. فقالعليه‌السلام :ذلك إليك ، افعل ما شئت.

قال : فجاء الهمداني ووبّخه بكلام ، فكان من عذره أن قال : يا أخا همدان ، والله إني أعرف الناس بحق الحسين وحرمته عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولكني حائر في أمري ، ما أدري كيف أصنع؟ وفي هذا الوقت كنت أتفكر في أمري ، بين ترك ملك الرّي وقتل الحسين. ثم قال : نفسي لأمّارة بالسوء ، ما تحسّن لي ترك ملك الري ، وأني إذا قتلت حسينا أكون أميرا على سبعين ألف فارس!.

قال : فنهض من عنده مكسور القلب ، ورجع إلى الحسينعليه‌السلام وقال :

يا مولاي إن القوم استحوذ عليهم الشيطان ، وإن عمر بن سعد قد عزم على قتلك وقتل أصحابك وأهل بيتك ، ورضي بدخول النار بولاية الريّ ، ذلك هو الخسران المبين.

الاستسقاء الأول

٧٥٨ ـ معركة على الماء : استسقاء العباسعليه‌السلام بمساعدة نافع بن هلال الجملي :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٤ ؛ ولواعج الأشجان ، ص ٩٨)

فلما اشتدّ العطش بالحسينعليه‌السلام وأصحابه ، دعا أخاه العباسعليه‌السلام وضمّ إليه ثلاثين فارسا وعشرين راجلا ، وبعث معهم عشرين قربة في جوف الليل ، حتّى دنوا من الفرات ، وأمامهم نافع بن هلال الجملي يحمل اللواء.

فقال عمرو بن الحجاج : من الرجل؟ فقال له نافع بن هلال : أنا ابن عم لك من أصحاب الحسينعليه‌السلام جئت حتّى أشرب من هذا الماء الّذي منعتمونا منه. فقال له عمرو : اشرب هنيئا مريئا. فقال له نافع : ويحك كيف تأمرني أن أشرب من الماء ، والحسينعليه‌السلام ومن معه يموتون عطشا؟!. فقال : لا سبيل إلى سقي هؤلاء ، إنما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء.

فصاح نافع بأصحابه فدخلوا الفرات ، وصاح عمرو بأصحابه ليمنعوهم. فحمل عليهم العباسعليه‌السلام ونافع بن هلال فكشفوهم. واقتتل القوم على الماء قتالا شديدا ، فكان قوم يقاتلون وقوم يملؤون القرب ، حتّى ملؤوها وأقبلوا بالماء.

٦٢٧

ثم عاد عمرو بن الحجاج وأصحابه وأرادوا أن يقطعوا عليهم الطريق ، فقاتلهم العباسعليه‌السلام وأصحابه حتّى ردّوهم. وقتل من أصحاب عمرو بن الحجاج جماعة ، ولم يقتل من أصحاب الحسينعليه‌السلام أحد.

ثم رجع القوم إلى معسكرهم بالماء ، فشرب الحسينعليه‌السلام ومن كان معه ، ولقّب العباس يومئذ بالسّقّاء(١) .

(يقول السيد عبد الرزاق المقرّم في مقتله ، ص ٢٤٦) : ولكن لا يفوتنا أن تلك الكمية القليلة من الماء ، ما عسى أن تجدي أولئك الجمع ، الّذي هو أكثر من مائة وخمسين رجالا ونساء وأطفالا ، أو إنهم ينيفون على المائتين. ومن المقطوع به أنها لم ترو أكبادهم إلا مرة واحدة ، فسرعان أن عاد إليهم الظمأ ، وإلى الله المشتكى!.

٧٥٩ ـ خطاب الحسينعليه‌السلام بالقوم يذكّرهم فيه بحسبه ونسبه :

(لواعج الأشجان ، ص ١١٦ ط ٤ ؛ ومثير الأحزان للجواهري ، ص ٦٤)

ثم وثب الحسينعليه‌السلام متوكئا على قائم سيفه ، ونادى بأعلى صوته : أنشدكم الله هل تعلمون أن جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن أمي فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام ؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد ، أول نساء هذه الأمة إسلاما؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن سيّد الشهداء حمزة عم أبي؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن جعفرا الطيار في الجنة عمي؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن هذا سيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنا متقلده؟.قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن هذه عمامة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنا لابسها؟. قالوا : الله م نعم. قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن عليا كان أول القوم إسلاما وأعلمهم علما وأعظمهم حلما ، وأنه ولي كل مؤمن ومؤمنة؟. قالوا : الله م نعم قال : فبم تستحلّون دمي؟ وأبي الذائد عن الحوض ، يذود عنه رجالا كما

__________________

(١) من الغريب أن أبا مخنف في مقتله ذكر أن العباسعليه‌السلام استشهد هنا وهو يستسقي ، ولم يرجع بالماء إلى الحسينعليه‌السلام . وقد انفرد بهذه الرواية ، وسنذكرها في مصرع العباسعليه‌السلام فيما بعد.

٦٢٨

يذاد البعير الصاد عن الماء ، ولواء الحمد في يد أبي يوم القيامة!. قالوا : قد علمنا ذلك كله ، ونحن غير تاركيك حتّى تذوق الموت عطشا.

المفاوضات

قال الشيخ المفيد : لما رأى الحسينعليه‌السلام نزول العساكر مع عمر بن سعد بنينوى ومددهم لقتله ، أنفذ إلى عمر بن سعد أنني أريد أن ألقاك. فاجتمعا ليلا ، وتناجيا طويلا.

٧٦٠ ـ مكالمة الحسينعليه‌السلام لعمر بن سعد ونصيحته ، وأعذار ابن سعد :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٥)

وأرسل الحسينعليه‌السلام إلى ابن سعد مع عمرو بن قرظة الأنصاري ، أني أريد أن أكلّمك الليلة ، فالقني الليلة بين عسكري وعسكرك. فخرج إليه عمر بن سعد في عشرين فارسا ، والحسينعليه‌السلام في مثل ذلك. ولما التقيا أمر الحسينعليه‌السلام أصحابه فتنحّوا عنه ، وبقي معه أخوه العباس وابنه علي الأكبرعليه‌السلام . وأمر ابن سعد أصحابه فتنحّوا عنه ، وبقي معه ابنه حفص وغلام له يقال له : لاحق.

فقال الحسينعليه‌السلام لابن سعد : ويحك أما تتّقي الله الّذي إليه معادك؟. أتقاتلني وأنا ابن من علمت!. يا هذا ذر هؤلاء القوم وكن معي فإنه أقرب لك من الله. فقال له عمر : أخاف أن تهدم داري. فقال الحسينعليه‌السلام : أنا أبنيها لك. فقال عمر :أخاف أن تؤخذ ضيعتي. فقالعليه‌السلام : أنا أخلف عليك خيرا منها من مالي بالحجاز(١) . ويروى أنهعليه‌السلام قال لعمر :

(أعطيك البغيبغة ، وكانت عظيمة فيها نخل وزرع كثير ، دفع معاوية فيها ألف ألف دينار فلم يبعها له(٢) ). فقال عمر : لي عيال أخاف عليهم. فقال : أنا أضمن سلامتهم. ثم سكت فلم يجبه عن ذلك. فانصرف عنه الحسينعليه‌السلام وهو يقول : ما لك ذبحك الله على فراشك سريعا عاجلا ، ولا غفر لك يوم حشرك ونشرك. فوالله إني لأرجو أن لا تأكل من برّ العراق إلا يسيرا. فقال له عمر مستهزئا : يا أبا عبد الله في الشعير عوض عن البرّ. ثم رجع عمر إلى معسكره.

__________________

(١) مقتل المقرم ص ٢٤٨ عن مقتل العوالم ص ٧٨.

(٢) مقتل المقرم ص ٢٤٨ عن تظلم الزهراء ص ١٠٣.

٦٢٩

(أقول) : وقد صدق دعاء الحسينعليه‌السلام على عمر بن سعد ، فقد مات مذبوحا على فراشه (راجع ترجمته في الجزء الثاني من الموسوعة).

٧٦١ ـ حبّ الدنيا رأس كل خطيئة :

(بقلم المؤلف)

المقصود بالدنيا ما تشتمل عليه من متع عابرة وشهوات حيوانية ولذائذ آنيّة ، وما تنطوي عليه من تهالك وتحاسد وتباغض.

وهذه الرغبات المادية قد أباحها الشارع وأعطانا الحق في ممارستها ، ولكن في حدود معتدلة ومعقولة ، بحيث لا تؤدي إلى الحرص والطمع والانحراف والتهافت.

ورغم هذا كله ، نجد كثيرا من الناس تطغيهم نفسيتهم الأمارة بالسوء ، فيختارون الضلال على الهدى ، ويفضّلون الباطل على الحق ، وينحرفون منجرفين بتيار الهوى والشذوذ ؛ وذلك رغم وضوح الدلائل لديهم ، وقيام الحجة عليهم ، فيكون وبالهم كبيرا ، وعقاب أعمالهم شديدا.

من هؤلاء البغاة المنحرفين [عمر بن سعد بن أبي وقّاص] الّذي لم يرع للحسينعليه‌السلام قرابة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم يحفظ له منزلة ولا قدرا ، وجاء يريد مساومته على الصلح مع يزيد ، الفاسق الفاجر ، كيما تنطفئ شعلة الثورة على الجور والطغيان ، وينعم هو في ظل يزيد بولاية الرّي وجرجان ، فيشبع دوافع نفسه الشريرة في التكالب على المال والأملاك والإمارة والسلطان.

لقد بات عمر بن سعد في صراع كبير بين الباطل والحق ، بين الاستجابة للدنيا أو الاستجابة للآخرة ، بين قتل الحسينعليه‌السلام أو ترك ولاية الري وجرجان. لقد بات في صراع مرير بين نفسه الأمّارة بالسوء وبين نفسه اللوّامة ، ولسان حاله يقول :

دعاني عبيد الله من دون قومه

إلى خطةّ ، فيها خرجت لحيّني

فوالله ما أدري وإني لحائر

أفكّر في أمري على خطرين

أأترك ملك الرّي والريّ منيتي

أم ارجع مأثوما بقتل حسين

حسين ابن عمّي والحوادث جمّة

لعمري ولي في الريّ قرّة عين

يقولون : إن الله خالق جنّة

ونار وتعذيب وغلّ يدين

فإن صدقوا فيما يقولون إنني

أتوب إلى الرحمن من سنتين

وإن كذبوا فزنا بدنيا عظيمة

وملك عقيم دائم الحجلين

٦٣٠

ولقد نصحه الحسينعليه‌السلام نصائح كثيرة ، لم تلق منه غير اختلاق الذرائع والأعذار ، التي تتركز كلها حول حرصه على المصالح الدنيوية والمكاسب المادية.

وظلعليه‌السلام جاهدا في نصيحة عمر بن سعد ـ باعتباره القائد العام لجيش البغي والعدوان ـ وهو يتنصّل بشتى المعاذير ، والحسينعليه‌السلام يردّها عليه واحدة واحدة ، حتّى لم يبق في جعبة ابن سعد عذرا يعتذر به.

وماذا كان يحجب تلك الحجج والبراهين ، والدعوات والنصائح ، عن أن تجد طريقها إلى ضمير ابن سعد ، فيتحول عن طريق الذنوب والآثام والكبائر الجسام ، لو لا أن حبّ الدنيا قد أعمى قلبه ، والتكالب عليها قد أظلم صدره. فصدق فيه قول الإمام عليعليه‌السلام : «حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة».

ولقد وعده ابن زياد أن يعهد له بولاية الريّ ، فباع الفاسق دينه بالبغي والغيّ ، لكنه لم يسعد بولاية ولا عيش هنيّ ، بل ذبح على فراشه بتقدير خفيّ.

٧٦٢ ـ تعليق على انحراف عمر بن سعد :

(كشف الغمة في معرفة الأئمة لعلي بن عيسى الإربلي ، ج ٢ ص ٢٦٠)

قال المحقق أبو الحسن علي بن عيسى الإربلي :

التوفيق عزيز المنال ، ومن حقّت عليه كلمة العذاب لم ينجع فيه لوم اللّوّام ولا عذل العذّال. ومن غلبته نفسه ، تورّط من شهواتها في أعظم من القيود والأغلال.وكما أن الجنة لها رجال فالنار لها رجال ، وكما أعدّ الله لقوم الفوز والرضوان ، أعدّ للآخرين العقاب والنكال.

وهذا النجس ابن سعد أبعده الله ، عرف سوء فعله ، فأضلّه الله على علم ، وهو أقبح أنواع الضلال. وطبع الله على قلبه وختم على لبّه ، وجعل على بصره غشاوة فبئست الأحوال. وزهد في الآجلة وهي إلى بقاء ، ورغب في العاجلة وهي إلى زوال. وطمع في المال فخسر المآل. فأصلي نارا وقودها الناس والحجارة ، ولم يغن عنه رأيه في الريّ ولا نفعته الإمارة ، فخرج في طالع نحس ، وباع آخرته بثمن بخس ، وأصبح من سوء اختياره في أضيق حبس. فإنه عصى الله سبحانه طاعة للفجّار ، واتّخذ ابن زياد ربّا فأورده النار وبئس القرار. وباء في الدنيا بالعار ، وحشر في الآخرة مع مردة الكفّار.

وهكذا حال هذا الشقي الّذي سعى إلى سوء خاتمته وعاقبته ، فكان العذاب

٦٣١

الدائم مصيره والنار غايته ، فتبّا له محلأ عن موارد الأبرار ، وبعدا له وسحقا في هذه الدار وتلك الدار. فلقد أوغل في تمردّه ، وبالغ في وخامة كسب يده ، وترك الحق وراء ظهره وخلف أذنه. إذ لم ينظر في يومه لغده ، وعرف الصراط المستقيم فنكب طوعا عن سننه وجدده ، وصدّع قلب الرسول بما صنعه بولده ، وأبكى الأرض والسماء بجنايته ، وأحزن الملائكة الكرام والأنبياءعليهم‌السلام ببشاعة فعلته وقبح ملكته. وجاء بها شوهاء عقراء جذعاء تشهد بسوء ظفره ، وتنطق برديّ أثره ، ولؤم مخبره وفساد اختياره ونظره ، كافلة له بالعذاب الأليم ، إضافة له الخلود في نار الجحيم ، مقيما فيها أبدا إن شاء الله مع الشيطان الرجيم. طعامه فيها الزقّوم والغسلين وشرابه الحميم ، مخصوصا بمقت الله رب العالمين ، قريبا للعتاة المتمردين والطغاة الكافرين ، مصاحبا من شايعه وتابعه ورضي بفعله من الجنّة والناس أجمعين.

٧٦٣ ـ طلب عمر بن سعد الاجتماع بالحسينعليه‌السلام :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٧ ط ٢ نجف)

وكان عمر بن سعد يكره قتال الحسينعليه‌السلام ، فبعث إليه يطلب الاجتماع به ، فاجتمعا خلوة. فقال له عمر : ما جاء بك؟ فقال : أهل الكوفة. فقال :

أما عرفت ما فعلوا معكم؟. فقال : من خادعنا في الله انخدعنا له. فقال له عمر :قد وقعت الآن ، فما ترى؟. فقال : دعوني أرجع فأقيم بمكة أو المدينة أو أذهب إلى بعض الثغور فأقيم به كبعض أهله. فقال : أكتب إلى ابن زياد بذلك.

٧٦٤ ـ عمر بن سعد يبسط بساطا :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٥٩ ط حجر إيران)

قال أبو مخنف : ثم إن عمر بن سعد عبر الفرات ، وكان يخرج كل ليلة ويبسط بساطا ويدعو الحسينعليه‌السلام ويتحدثان جميعا حتّى يمضي من الليل شطره. وكان (خولي بن يزيد) من أقسى الناس قلبا على الحسينعليه‌السلام ، فلما نظر ذلك كتب إلى ابن زياد.

فكتب ابن زياد إلى عمر بن سعد : فإذا قرأت كتابي فأمره أن ينزل على حكمي ، فإن فعل وهو الفرض ، وإن أبى فامنعه من شرب الماء الفرات ، فقد حرّمته عليه وحلّلته على الكلاب والخنازير.

٦٣٢

٧٦٥ ـ ابن زياد يستنكر على عمر بن سعد محادثته للحسينعليه‌السلام وإمهاله :

(مثير الأحزان للشيخ شريف الجواهري ، ص ٥٢)

وبلغ ابن زياد أن عمر بن سعد يسامر الحسينعليه‌السلام ويحدّثه ويكره قتاله. فكتب إلى عمر بن سعد : إذا أتاك كتابي هذا فلا تمهلنّ الحسين بن علي ، وخذ بكظمه ، وحل بينه وبين الماء ، كما حيل بين عثمان يوم الدار.

فلما وصل الكتاب إلى عمر بن سعد أمر مناديه فنادى : إنا قد أجّلنا حسينا وأصحابه ليلتهم ويومهم.

عروض الحسينعليه‌السلام

٧٦٦ ـ مخاطبة الحسينعليه‌السلام لعمر بن سعد وما عرضه عليه :

(تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ، ص ٣٥٢)

فتوجه عمر بن سعد إلى الحسينعليه‌السلام . فلما أتاه قال له الحسينعليه‌السلام : اختر واحدة من ثلاث : إما أن تدعوني فألحق بالثغور ، وإما أن تدعوني فأذهب إلى يزيد ، وإما أن تدعوني فأذهب من حيث جئت.

فقبل ذلك عمر بن سعد ، وكتب بذلك إلى عبيد الله. فكتب إليه عبيد الله : لا ولا كرامة ، حتّى يضع يده في يدي.

فقال الحسينعليه‌السلام : لا والله لا يكون ذلك أبدا.

٧٦٧ ـ طلب الحسينعليه‌السلام من عمر بن سعد أحد شروط ثلاثة :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢١٩)

عن الحريري عن عبد ربه ، أن الحسين بن عليعليهما‌السلام لما رهقه السلاح ، قال :ألا تقبلون مني ما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبل من المشركين؟. قالوا : وما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبل من المشركين؟. قال : إذا جنح أحدهم قبل منه. قالوا : لا. قال :فدعوني أرجع. قالوا : لا. قال : فدعوني آتي أمير المؤمنين. فأخذ له رجل السلاح ، فقال له : أبشر بالنار!. فقالعليه‌السلام : بل أبشر إن شاء الله برحمة ربيعزوجل ، وشفاعة نبيّيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

تعليق :(المصدر السابق)

إن الخصلة الأخيرة التي تذكرها هذه الرواية ، وهي أن يأتي الحسينعليه‌السلام

٦٣٣

فيضع يده في يد يزيد ، قد انفرد بإيرادها رواة السنة. والثابت عند الشيعة أن الحسينعليه‌السلام ما سألهم إلا الرجوع إلى حرم الله وحرم جده ، أو الانتشار في أرض الله الواسعة ، فأبوا.

٧٦٨ ـ ثلاثون رجلا من جند عمر بن سعد يتحولون إلى الحسينعليه‌السلام :

(تاريخ ابن عساكر ، ص ٢٢٠)

وكان مع عمر بن سعد (من قريش) قريب من ثلاثين رجلا من أهل الكوفة ، فقالوا : يعرض عليكم ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاث خصال ، فلا تقبلون شيئا منها؟!. فتحولوا مع الحسينعليه‌السلام فقاتلوا حتّى قتلوا معه.

افتراءات عمر بن سعد

٧٦٩ ـ كتاب عمر بن سعد إلى ابن زياد (٢) يتأول فيه على الحسينعليه‌السلام قبوله مفاوضة يزيد :(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٤٩)

ثم كتب عمر بن سعد إلى ابن زياد : أما بعد ، فإن الله أطفأ النائرة وجمع الكلمة وأصلح أمر الأمة. هذا الحسين قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الّذي منه أتى ، أو أن يسير إلى ثغر من الثغور فيكون رجلا من المسلمين ، له ما لهم وعليه ما عليهم ، أو أن يأتي أمير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده ، فيرى فيما بينه وبينه رأيه ، وفي هذا لك رضا وللأمة صلاح(١) .

وفي الحقيقة إن بعض هذه العروض قد اختلقها عمر بن سعد من عنده ، لأن الحسينعليه‌السلام لم يعتقد أصلا بخلافة يزيد حتّى يفاوضه.

بقول السيد الأمين في (لواعج الأشجان) ص ١٠١ ط نجف :

عن عقبة بن سمعان أنه قال : والله ما أعطاهم الحسينعليه‌السلام أن يضع يده في يد يزيد ولا أن يسير إلى ثغر من الثغور ، ولكنه قال : دعوني أرجع إلى المكان الّذي أقبلت منه ، أو أذهب في هذه الأرض العريضة.

__________________

(١) الإتحاف بحب الأشراف ص ١٥ ؛ وتهذيب التهذيب ج ٢ ص ٢٥٣.

(أقول) : ولعل هذه المحاولة للإصلاح من قبل عمر بن سعد ، سببها القرابة التي بين الحسينعليه‌السلام وعمر بن سعد. إذ أن نسب عمر بن سعد يتصل مع بني هاشم في كلاب بن مرة ، فهو عمر بن سعد بن أبي وقاص بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب.

٦٣٤

وقال سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) ص ٢٥٨ ط ٢ نجف :

(وقد وقع في بعض النسخ) أن الحسينعليه‌السلام قال لعمر بن سعد : دعوني أمضي إلى المدينة أو إلى يزيد ، فأضع يدي في يده. ولا يصحّ ذلك عنه ، فإن عقبة بن سمعان قال: صحبت الحسينعليه‌السلام من المدينة إلى العراق ، ولم أزل معه إلى أن قتل ، والله ما سمعته قال ذلك.

٧٧٠ ـ افتراء مقصود على الحسينعليه‌السلام :

(الوثائق الرسمية لثورة الإمام الحسين لعبد الكريم القزويني ، ص ١١٦)

يقول السيد عبد الكريم الحسيني القزويني :

وكيف يتفق هذا الكتاب مع أول وثيقة للحسينعليه‌السلام عند ما قال لوالي يزيد على المدينة الوليد بن عتبة : «أيها الأمير إنا أهل بيت النبوة ...» إلى أن قال : «ويزيد رجل فاسق شارب الخمر ، قاتل النفس المحترمة ، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله».

ثم إن خبر هذا الكتاب أشاعه الأمويون ، وأرادوا أن يوهموا به الناس ، أن الحسينعليه‌السلام خشع وخضع ، وحنى رأسه لسلطان يزيد ، ليشوّهوا بذلك الموقف البطولي الّذي وقفه هو وأصحابه.

وقد حرص الأمويون وأعوانهم على إخفاء كثير من ملامح ثورة الحسينعليه‌السلام وملابساتها ، وأذاعوا كثيرا من الأخبار المكذوبة عنها ، ليوقفوا عملها التدميري في ملكهم وسلطانهم ، ولكن لم يفلحوا(١) .

وقد تصدّى لتكذيب هذا الكتاب أحد أصحاب الحسينعليه‌السلام وهو عقبة ابن سمعان ، كما جاء في (تاريخ الطبري) وهذا نصه من كامل ابن الأثير :

٧٧١ ـ ردّ افتراء : الحسينعليه‌السلام لم يعرض على عمر بن سعد أن يضع يده في يد يزيد :(الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٨١)

وقد روي عن عقبة بن سمعان أنه قال :

صحبت الحسينعليه‌السلام من المدينة إلى مكة ، ومن مكة إلى العراق ، ولم أفارقه حتّى قتل. وسمعت جميع مخاطباته للناس إلى يوم مقتله ، فوالله ما أعطاهم ما

__________________

(١) ثورة الحسينعليه‌السلام للشيخ محمّد مهدي شمس الدين ، ص ١٧٠.

٦٣٥

يتذاكر به الناس ؛ من أنه يضع يده في يد يزيد ، ولا أن يسيّروه إلى ثغر من ثغور المسلمين. ولكنه قال : دعوني أرجع إلى المكان الّذي أقبلت منه ، أو دعوني أذهب في هذه الأرض العريضة ، حتّى ننظر إلى ما يصير إليه أمر الناس ، فلم يفعلوا.

٧٧٢ ـ (رواية أخرى) للخصال التي عرضها الحسينعليه‌السلام :

(الإمامة والسياسة لابن قتيبة ، ج ٢ ص ٥)

أما ابن قتيبة فيورد رواية أخرى لا بأس بإثباتها ، وفيها تصحيف بين عمر ابن سعد (وعمرو بن سعيد) ، وبين شمر بن ذي الجوشن (وشهر بن حوشب) يقول :

ثم بعث عبيد الله بن زياد (عمرو بن سعيد) يقاتلهم. قال الحسينعليه‌السلام : يا عمرو ، اختر مني ثلاث خصال : إما أن تتركني أرجع كما جئت ، فإن أبيت هذه فأخرى ، سيّرني إلى الترك أقاتلهم حتّى أموت ، أو تسيّرني إلى يزيد فأضع يدي في يده ، فيحكم فيّ بما يريد.

فأرسل عمرو إلى ابن زياد بذلك ، فهمّ أن يسيّره إلى يزيد ، فقال له (شهر بن حوشب) : قد أمكنك الله من عدوك وتسيّره إلى يزيد؟!. والله لئن سار إلى يزيد لا رأى مكروها ، وليكوننّ من يزيد بالمكان الّذي لا تناله أنت منه ، ولا غيرك من أهل الأرض. لا تسيّره ولا تبلعه ريقه حتّى ينزل على حكمك.

(قال) فأرسل إليه يقول : لا ، إلا أن تنزل على حكمي. فقال الحسينعليه‌السلام :أنزل على حكم ابن الزانية؟!. لا والله لا أفعل. الموت دون ذلك وأحلى.

(قال) وأبطأ (عمرو بن سعيد) عن قتاله ، فأرسل عبيد الله بن زياد إلى (شهر بن حوشب) أن تقدم عمرا يقاتل ، وإلا فاقتله وكن أنت مكانه.

مكيدة الشّمر

٧٧٣ ـ شمر يدبّر مكيدة لعمر بن سعد ليتولى مكانه :

(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٥١ ط ٣ نجف)

ولما قرأ ابن زياد كتاب ابن سعد ، قال : هذا كتاب ناصح مشفق على قومه. وهمّ ابن زياد أن يجيبه إلى ذلك.

فقال شمر بن ذي الجوشن الكلابي : أتقبل هذا منه بعد أن نزل بأرضك؟. والله

٦٣٦

لئن رحل من بلادك ولم يضع يده في يدك ، ليكوننّ أولى بالقوة منك ، وتكون أولى بالضعف والوهن منه ، فلا ترض إلا بنزوله على حكمك.

فاستصوب رأيه ، وقال له : نعم ما رأيت.

٧٧٤ ـ كتاب ابن زياد إلى عمر بن سعد (٤) بواسطة شمر بن ذي الجوشن ، يستنكر عليه لينه وتساهله مع الحسينعليه‌السلام :

(مناقب ابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٤٧ ط نجف)

ثم أنفذ ابن زياد بشمر بن ذي الجوشن إلى ابن سعد بكتاب فيه : إني لم أبعثك إلى الحسين لتكفّ عنه ولا لتطاوله ولا لتمنّيه السلامة والبقاء ، ولا لتعتذر له عندي ، ولا لتكون له شافعا. فإن نزل الحسين وأصحابه على حكمي واستسلموا فابعث بهم إليّ سالمين ، وإن أبوا فازحف إليهم حتّى تقتلهم وتمثّل بهم ، فإنهم لذلك مستحقون. فإن قتل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره ، فإنه عاقّ شاقّ قاطع ظلوم فإن أنت مضيت لأمرنا جزيناك جزاء السامع المطيع ، وإن أبيت فاعتزل أمرنا وجندنا ، وخلّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر ، فإنا قد أمّرناه بأمرنا(١) .(وفي رواية : فإنه أشدّ منك حزما ، وأمضى منك عزما(٢) ). وكان أمر شمرا أنه إن لم يفعل بما فيه ، فاضرب عنقه وأنت الأمير.

وجاء في (مقتل الحسين) للمقرم ، ص ٢٥٢ تتمة ذلك :

فلما جاء الشمر بالكتاب ، قال له ابن سعد : ويلك لا قرّب الله دارك ، وقبّح الله ما جئت به ، وإني لأظن أنك الّذي نهيته وأفسدت علينا أمرا رجونا أن يصلح.والله لا يستسلم «حسين» فإن نفس أبيه بين جنبيه.

فقال الشمر : أخبرني ما أنت صانع؟ أتمضي لأمر أميرك ، وإلا فخلّ بيني وبين العسكر. فقال له عمر : أنا أتولى ذلك ولا كرامة لك ، ولكن كن أنت على الرجالة(٣) .

٧٧٥ ـ وصول كتاب ابن زياد إلى عمر بن سعد مع الشمر وتأففه منه :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٨ ط ٢ نجف)

قال الواقدي : ولما وصل شمر إلى عمر بن سعد ، ناداه عمر بن سعد : لا أهلا

__________________

(١) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٣.

(٢) مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ٢٤٥.

(٣) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٣٦.

٦٣٧

والله بك ولا سهلا يا أبرص ، لا قرّب الله دارك ، ولا أدنى مزارك ، وقبّح ما جئت به. ثم قرأ الكتاب ، وقال : والله لقد ثنيته عما كان في عزمه ولقد أذعن ، ولكنك شيطان فعلت ما فعلت. فقال له شمر : إن فعلت ما قال الأمير ، وإلا فخلّ بيني وبين العسكر.

فبعث عمر إلى الحسينعليه‌السلام فأخبره بما جرى. فقالعليه‌السلام : والله لا وضعت يدي في يد ابن مرجانة أبدا.

عرض الأمان

٧٧٦ ـ سبب كتابة ابن زياد أمانا للعباس وإخوتهعليهم‌السلام :

(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ١٦٦)

وكان عند ابن زياد رجل يقال له عبد الله بن أبي المحل بن حزام العامري ، وكانت عمته «أم البنين فاطمة بنت حزام». فقال : أصلح الله الأمير!. إن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قد كان عندنا ههنا بالكوفة ، فخطب إلينا فزوّجناه بنتا ، يقال لها :أم البنين بنت حزام (الكلابية) ، فولدت له العباس وعبد الله وجعفرا وعثمان ، فهم بنو أختنا ، وهم مع الحسين أخيهم ، فإن رسمت لنا أن نكتب إليهم كتابا بأمان منك عليهم متفضّلا. فقال عبيد الله بن زياد : نعم وكرامة لكم. اكتبوا إليهم بما أحببتم ، ولهم عندي الأمان.

فكتب عبد الله بن أبي المحل إليهم بكتاب الأمان من عبيد الله بن زياد ، ودفع الكتاب إلى غلام له يقال له عرفان (وفي رواية الطبري : كزمان) حتّى أوصله إليهم.فلما قرأه الحسينعليه‌السلام قال للرسول : لا حاجة لنا في أمانك ، فإن أمان الله خير من أمان ابن مرجانة (وفي رواية ابن الأثير : ابن سمية).

٧٧٧ ـ الشّمر يعرض الأمان على بني أخته والعباس :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٤٦)

وأقبل شمر بن ذي الجوشن على عسكر الحسينعليه‌السلام ونادى بأعلى صوته : أين بنو أختي [يقصد العباس وإخوته] ، أين عبد الله وعثمان وجعفر بنو علي ابن أبي

٦٣٨

طالب(١) ؟ فسكتوا. فقال الحسينعليه‌السلام : أجيبوه ولو كان فاسقا ، فإنه بعض أخوالكم. فنادوه : ما شأنك وما تريد؟. فقال : يا بني أختي أنتم آمنون ، فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين ، والزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد بن معاوية. فناداه العباس بن عليعليه‌السلام : تبّت يداك يا شمر ، لعنك الله ولعن ما جئت به من أمانك هذا ، يا عدو الله. (وفي رواية : لعنك الله ولعن أمانك ، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له(٢) ؟). أتأمرنا أن نترك أخانا الحسين بن فاطمةعليه‌السلام وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء(٣) ؟.

فرجع شمر إلى عسكره مغيظا.

__________________

(١) تزوج الإمام عليعليه‌السلام من فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية (أم البنين) ، فأنجبت له :العباس وجعفر وعثمان وعبد الله ، وكلهم استشهدوا مع أخيهم الحسينعليه‌السلام . وقد ذكر شمر ما ذكر لقرابته من أمهم ، فهي من بني كلاب والشمر من بني كلاب أيضا.

(٢) مقتل المقرم ص ٢٥٢ عن تذكرة الخواص ، ص ١٤٢ ؛ وإعلام الورى ، ص ٢٨.

(٣) اللهوف ، ص ٥٠ ؛ ومقتل المقرم ص ٢٥٣ ، نقلا عن مثير ابن نما ، ص ٢٨.

٦٣٩

الفصل التاسع عشر

اليوم التاسع من المحرم

(وعشية يوم التاسع)

(الخميس في ٩ محرم الحرام سنة ٦١ ه‍)

٧٧٨ ـ مكالمة الحسينعليه‌السلام للقوم ونصيحته لهم :

(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٦)

قال اليعقوبي : فلما كان من الغد ، خرج الحسينعليه‌السلام فكلّم القوم ، وعظّم عليهم حقّه ، وذكّرهم اللهعزوجل ورسوله ، وسألهم أن يخلّوا بينه وبين الرجوع ، فأبوا إلا قتاله ، أو أخذه حتّى يأتوا به عبيد الله بن زياد. فجعل يكلم القوم بعد القوم ، والرجل بعد الرجل ، فيقولون : ما ندري ما تقول!.

٧٧٩ ـ خطبة للحسينعليه‌السلام ينصح فيها القوم :(مقتل أبي مخنف ص ٦٠)

لما أصبح الحسينعليه‌السلام أذّن وأقام وصلى بأصحابه. فلما فرغ استدعى بدرع جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعمم بعمامته السحاب ، وتقلّد بسيف أبيه ذي الفقار ، ونزل إلى القوم وقال : أيها الناس ، اعلموا أن الدنيا دار فناء وزوال ، متغيّرة بأهلها من حال إلى حال.

معاشر الناس ، عرفتم شرائع الإسلام ، وقرأتم القرآن ، وعلمتم أن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رسول الملك الديّان ، ووثبتم على قتل ولده ظلما وعدوانا.

معاشر الناس ، أما ترون إلى ماء الفرات يموج كأنه بطون الحيات ، يشربه اليهود والنصارى ، والكلاب والخنازير ، وآل رسول الله يموتون عطشا!. فقالوا له : اقصر عن هذا الكلام فلن تذوق الماء ولا أحد من أصحابك ، بل تذوق الموت غصة بعد غصة. فلما سمع الحسينعليه‌السلام كلامهم رجع إلى أصحابه وقال لهم : إن القوم( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ ) (١٩) [المجادلة : ١٩].

٦٤٠

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735