موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء0%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

موسوعة كربلاء

مؤلف: الدكتور لبيب بيضون
تصنيف:

الصفحات: 800
المشاهدات: 431843
تحميل: 4280


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 431843 / تحميل: 4280
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء 2

مؤلف:
العربية

(الشكل ٢٩) : المرقد المقدس والمقام الشريف

للإمام أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام في كربلاء بالعراق

٦٠١

عن زين العابدينعليه‌السلام حيث قال فيه : " قد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمة ، لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض ؛ هم معروفون في أهل السموات ، إنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرّقة ، وهذه الجسوم المضرّجة ، فيوارونها وينصبون بهذا الطفّ علما لقبر سيد الشهداء ؛ لا يدرس أثره ، ولا يعفو رسمه ، على كرور الليالي والأيام".

أما تعمير القبّة عليه ، فقد تكرر مرارا.

(العمارة الأولى)

٧٢٨ ـ العمارة الأولى للقبة الشريفة :(المصدر السابق)

العمارة الأولى للقبة الشريفة فوق الضريح ، كانت في زمن بني أمية ، لكن لا يعلم من بناها. إذ تدل جملة من الآثار والأخبار أنه كان على الضريح الشريف سقيفة لها باب ومسجد في زمن بني أمية. واستمرّ ذلك إلى زمن الرشيد من بني العباس.

٧٢٩ ـ تهديم هارون الرشيد قبر الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ٣٠٤)

وبقيت هذه القبة إلى زمن الرشيد فهدمها ، وكرب موضع القبر ، وكان عنده سدرة فقطعها. وكان القصد من قطعها تغيير مصرع الحسينعليه‌السلام حتى لا يقف الناس على قبره. ففعل العباسيون بأهل البيتعليه‌السلام ما لم يفعله الأمويون.

وكما قال الشاعر :

تالله ما فعلت أميّة فيهم

معشار ما فعلت بنو العباس

(العمارة الثانية : عمارة المأمون)

٧٣٠ ـ العمارة الثانية :(المصدر السابق)

وفي زمن المأمون أعيد بناء القبة الشريفة ، حتى جاء المتوكل فهدمها.

٧٣١ ـ هدم المتوكل لقبر الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ٢٨٦)

قال الطبري في تاريخه : في سنة ٣٣٦ ه‍ أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن عليعليه‌السلام وهدم ما حوله من المنازل والدور ، وأن يحرث ويبذر ويسقى موضع قبره ، وأن يمنع الناس من إتيانه. فذكر أن عامل صاحب الشرطة نادى في الناحية :من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة بعثنا به إلى المطبق. فهرب الناس وامتنعوا من المصير إليه.

٦٠٢

حدّث القاسم بن أحمد بن يعمر الأسدي الكوفي قال : في سنة ٢٤٧ ه‍ بلغ المتوكل أيضا مصير الناس من أهل السواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، وأنه قد كثر جمعهم لذلك ، وصار لهم سوق كبير. فأنفذ قائدا في جمع كثير من الجند ، وأمر مناديا ينادي ببراءة الذمّة ممن زار قبره. ونبش القبر وحرث أرضه ، وانقطع الناس عن الزيارة. وعمد على تتبّع آل أبي طالبعليه‌السلام والشيعة ، فقتل ولم يتمّ له ما قدّره (قتله ابنه وهو في مجلس شرابه).

وتدل بعض الروايات على أن البقر (التي استخدمت لحرث قبر الحسينعليه‌السلام ) لم تقدم على محل القبر الشريف (بل كانت تحيد يمينا أو شمالا) ، وكانت تضرب الضرب الشديد ، فلا تمرّ عليه (ولا تطأ القبر بوجه).

٧٣٢ ـ ملوك بني العباس يهدمون قبر الحسينعليه‌السلام عدة مرات :

(تاريخ كربلاء للدكتور عبد الجواد الكليدار ، ص ٢٢)

أمر الرشيد سنة ١٩٣ ه‍ بهدم الحائر والقبة المطهرة والدور المجاورة ، واقتلاع السدرة ، وحرث الأرض ليمحي بذلك كل أثر للقبر الشريف ، فكانت تلك السنة آخر سنة من حياته. وقد جاء في حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لعن الله قاطع السّدرة» (ثلاثا) ، فلم يعلم معنى ذلك ، حتى قطع الرشيد السدرة ، فأهلكه الله.

وقد اقتفى أثره حفيده (المتوكل) نيرون العرب ، فهدم قبر الحسينعليه‌السلام وكربلاء أربع مرات في خلال خمس عشرة سنة من حكمه ، ولكن( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ) (٣٢) [التوبة : ٣٢].

وذكر الشهيد : أن في هذا الموضع حار الماء لما أمر المتوكل بإطلاقه على قبر الحسينعليه‌السلام ليعفّي أثره ، فكان الماء يدور حول القبر ولا يصله.

٧٣٣ ـ أعمال المتوكل الانتقامية من أهل البيتعليه‌السلام :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٤٠٣ ط ٣)

روي أن المتوكل من خلفاء بني العباس كان كثير العداوة شديد البغض لأهل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو الّذي أمر الحارثين بحرث قبر الحسينعليه‌السلام ، وأن يخرّبوا بنيانه ويخفوا آثاره ، وأن يجروا عليه الماء من نهر العلقمي ، بحيث لا يبقى له أثر ، ولا أحد يقف له على خبر.

وتوعّد الناس بالقتل لمن زار قبره ، وجعل رصدا من أجناده ، وأوصاهم :

٦٠٣

«كل من وجدتموه يريد زيارة الحسين فاقتلوه». يريد بذلك إطفاء نور الله ، وإخفاء آثار ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ويظهر من ذلك أن ما فعله بنو العباس فاق ما فعله بنو أمية ، وكما قال الشاعر :

تالله إن كانت أمية قد أتت

قتل ابن بنت نبيّها مظلوما

فلقد أتاه بنو أبيه بمثلها

هذا لعمرك قبره مهدوما

أسفوا على أن لا يكونوا شايعوا

في قتله ، فتتبّعوه رميما

٧٣٤ ـ رائحة القبر الشريف دلّت على القبر :

(الحسين بن عليعليه‌السلام لتوفيق أبو علم ، ص ١٧٢)

ذكر هشام بن الكلبي : أن الماء لما أجري على قبر الحسينعليه‌السلام ليمحي أثره ، نضب الماء بعد أربعين يوما. فجاء أعرابي من بني أسد ، فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمّها ، حتى وقع على قبر الحسين فبكى وقال : بأبي أنت وأمي ، ما كان أطيبك وأطيب تربتك. ثم أنشأ يقول :

أرادوا ليخفوا قبره عن عدوّه

فطيب تراب القبر دلّ على القبر

٧٣٥ ـ قصة زيد المجنون ولقائه ببهلول الكوفي :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٣٨ ط ٢)

عندما أمر المتوكل بحرث قبر الحسينعليه‌السلام وأن يجروا عليه الماء من نهر العلقمي ، وتوعّد بالقتل كل من يزور القبر الشريف ، وصل الخبر إلى رجل من أهل الخير في مصر ، يقال له : زيد المجنون ، ولكنه كان ذا عقل شديد ورأي رشيد.وإنما لقّب بالمجنون لأنه أفحم كل لبيب ، وقطع حجة كل أريب.

فسار زيد حتى أتى الكوفة ، فلقي هناك البهلول ، فسلّم عليه ، فردّعليه‌السلام .فقال زيد للبهلول : من أين لك معرفتي ولم ترني قط؟!. فقال زيد : يا هذا اعلم أن قلوب المؤمنين جنود مجنّدة ، ما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف. فقال له البهلول : يا زيد ، ما الّذي أخرجك من بلادك بغير دابة ولا مركب؟. فقال : والله ما خرجت إلا من شدة وجدي وحزني ، وقد بلغني أن هذا اللعين [أي المتوكل] أمر بحرث قبر الحسينعليه‌السلام وخراب بنيانه وقتل زواره ، فهذا الّذي أخرجني من

٦٠٤

موطني ونغّص عيشي ، وأجرى دموعي وأقلّ هجوعي. فقال البهلول : وأنا والله كذلك. فقال له : قم بنا نمضي إلى كربلاء لنشاهد قبور أولاد علي المرتضىعليه‌السلام .

قال : فأخذ كل واحد بيد صاحبه حتى وصلا إلى قبر الحسينعليه‌السلام ، وإذا هو على حاله لم يتغير ، وقد هدموا بنيانه ، وكلما أجروا عليه الماء غار وحار ، واستدار بقدرة العزيز الجبار ، ولم يصل قطرة واحدة إلى قبر الحسينعليه‌السلام . وكان القبر الشريف إذا جاءه الماء يرتفع أرضه بإذن الله تعالى. فتعجب زيد المجنون مما شاهده ، وقال : انظر يا بهلول( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ) (٣٢) [التوبة : ٣٢].

٧٣٦ ـ كان المتوكل من ألدّ أعداء أهل البيتعليه‌السلام :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٤٨)

فلما كان أيام المتوكل ـ وكان سيئ الاعتقاد في آل أبي طالبعليه‌السلام شديد الوطأة عليهم ، قبيح المعاملة معهم ، ووافقه على جميع ذلك وزيره عبيد الله بن يحيى ـ بلغ بسوء معاملتهم ما لم يبلغه أحد من الخلفاء من بني العباس. فأمر بتخريب قبر الحسينعليه‌السلام وقبور أصحابه ، وكرب مواضعها وإجراء الماء عليها ، ومنع الزوار من زيارتها ، وأقام الرصد وشدد في ذلك. حتى كان يقتل من يوجد زائرا ، وولى ذلك كله يهوديا. وسلّط اليهودي قوما من اليهود فتولوا ذلك. إلى أن قتل المتوكل ، وقام بالأمر ابنه (المنتصر) فعطف على آل أبي طالبعليه‌السلام وأحسن إليهم وفرّق فيهم الأموال. فأعيدت القبور في أيامه. إلى أن خرج الداعيان : الحسن ومحمد ابنا زيد ، فأمر محمّد بعمارة المشهدين الشريفين : مشهد أمير المؤمنين ومشهد الحسينعليه‌السلام . وأمر بالبناء عليهما ، وزيد في ذلك من بعده. وبلغ (عضد الدولة) البويهي الغاية في تعظيمهما وعمارتهما والأوقاف عليهما ، وكان يزورهما في كل سنة.

٧٣٧ ـ كيف قتل المتوكل على يد ابنه المنتصر؟ :

كان المنتصر بن المتوكل مواليا لأهل البيتعليه‌السلام بعكس أبيه ، وهذا الّذي دفعه إلى قتل أبيه. وسبب ذلك أن المتوكل أقام مرة حفلة ، وجعل شخصا بهيئة الإمام عليعليه‌السلام ، وحشا بطنه لتكبر ، وجعل الشخص يرقص متمثلا بعلي بن أبي طالبعليه‌السلام . عندها هيّأ المنتصر الخطة لقتل أبيه. فدخل على مجلسه وأبوه يشرب

٦٠٥

الخمر مع وزيره الفتح بن خاقان فقتلهما ، ونجا الشاعر البحتري الّذي كان معهما إذ تخبأ وراء الباب.

لكن الإمام علي الهاديعليه‌السلام قال للمنتصر : إن ملكك لن يطول ، فقتل بعد ستة أشهر.

العمارة الثالثة : عمارة المنتصر

٧٣٨ ـ العمارة الثالثة :(أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ٣٠٥)

قال محمّد بن أبي طالب : إلى أن قتل المتوكل ، وقام بالأمر بعده ابنه المنتصر ، فعطف على آل أبي طالبعليه‌السلام وأحسن إليهم ، وفرّق فيهم الأموال ، وأعاد القبور في أيامه.

وذكر غير واحد من المؤرخين أن المنتصر أمر الناس بزيارة قبر الحسينعليه‌السلام .

[فانظر إلى حال هذا الزمان ، وكيف أن الله يخرج الحي من الميت].

وقال المجلسي في (البحار) : إن المنتصر لما قتل أباه وتخلّف بعده ، أمر ببناء الحائر ، وبنى ميلا على المرقد الشريف ، وأحسن إلى العلويين ، وآمنهم بعد خوفهم.

(٢) ـ مشهد أبي الفضل العباسعليه‌السلام

٧٣٩ ـ مرقد أبي الفضل العباسعليه‌السلام في كربلاء :

وفي كربلاء مشهد كبير ثان هو للعباس بن عليعليه‌السلام ، وهو يشبه في نسق بنائه وحجمه وتعدد الأروقة والغرف فيه مشهد الحسينعليه‌السلام . والفرق الوحيد بينهما هو أن للثاني ثلاث مآذن وللأول مئذنتين ، كما أن قبته غير مغطاة بصفائح الذهب (انظر صورة مشهد العباسعليه‌السلام ، الشكل ٣٠).

وفرش داخل المشهدين بالسجاجيد العجمية النفيسة ، وزيّن أبدع زينة ، تثير الإعجاب والروعة.

٧٤٠ ـ وصف مشهد العباسعليه‌السلام :

(أضواء على معالم محافظة كربلاء لمحمد النويني ، ص ٤٤ و ٤٦)

يقع مشهد العباسعليه‌السلام في مدينة كربلاء ، من الجهة الشمالية الشرقية لمشهد الحسينرلاعليه‌السلام .

٦٠٦

تبلغ مساحة الروضة العباسية مع الصحن المحيط بها ٤٣٧٠ م ٢. وللصحن ثمانية أبواب هي : باب الإمام الحسنعليه‌السلام ـ باب الإمام الحسينعليه‌السلام ـ باب الإمام صاحب الزمانعليه‌السلام ـ باب الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام ، وتقع هذه الأبواب في الجهة الغربية ؛ باب الإمام عليعليه‌السلام ـ باب الإمام علي الرضاعليه‌السلام ، ويقعان في الجهة الشرقية ؛ باب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسمى حاليا بباب القبلة ، ويقع في الجهة الجنوبية ؛ ثم باب الإمام محمّد الجواد ، ويقع في الجهة الشمالية.

تتوسط الصحن الروضة العباسية الشريفة ، ويعلو القبر الشريف قبّة ذهبية ضخمة ، نقشت في أسفلها الآيات القرآنية المطعّمة بالمينا والذهب. وفي طرفي القبة مئذنتان ضخمتان ، كما توجد هناك ساعة أثرية كبيرة دقّاقة ، واقعة على مئذنة باب القبلة.

وقد تمّ بناء هذه القبة بأمر من السلطان القاجاري فتح علي شاه ، كما قام بتذهيبها سنة ١٨١٧ م ، بعد أن صنع ضريحا من الفضة الخالصة لمرقد العباسعليه‌السلام سنة ١٨١٢ م.

زيّنت جوانب الصحن بالفسيفساء والكاشاني من الصنع القديم ، وتقع في جوانبه عدة غرف وأواوين ، دفن فيها جماعة من العلماء والسلاطين والأمراء والوزراء وكبار الشخصيات الإسلامية. وهو يعتبر من النفائس الأثرية.

وفي العهد الحديث احتفلت مدينة كربلاء بوصول الضريح الجديد لمرقد سيدنا العباسعليه‌السلام عام ١٩٦٥ م ، وهو ضريح مصنوع من الذهب الخالص والفضة ، ومطعّم بالأحجار الكريمة ، ويعتبر من أبدع وأعظم الأضرحة الموجودة في العالم الإسلامي ، وقد استغرق شغله حوالي ثلاث سنين(١) وقدّم هدية من بعض المحسنين الإيرانيين.

__________________

(١) تاريخ الروضة الحسينية للسيد عبد الحميد الخياط.

٦٠٧

(الشكل ٣٠) : المرقد المقدس والمقام الشريف

لأبي الفضل العباسعليه‌السلام في كربلاء بالعراق

٦٠٨

(٣) ـ المشاهد المشرّفة لأهل البيتعليهم‌السلام

في مدينة دمشق

مدخل :

يستغرب المرء أن تكون مشاهد أهل البيتعليه‌السلام عديدة في دمشق ، تلك المدينة التي كانت عاصمة لملوك الدولة الأموية. كما يستغرب أن تكون تلك المشاهد عامرة بالزوار والوافدين ، في حين لا يعرف لأحد من ملوك بني أمية قبر ولا أثر.ولكن( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ) (٣٢) [التوبة : ٣٢].

فمن مشهد رأس الحسينعليه‌السلام ، ومشهد زين العابدينعليه‌السلام ، ومشهد الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، في شرق المسجد الأموي ؛ إلى مرقد السيدة رقيّة بنت الحسينعليه‌السلام في الشمال الشرقي من المسجد الأموي ، عند باب الفراديس (العمارة) ؛ إلى مسجد السّقط ، حيث سقط رأس الحسينعليه‌السلام عند باب جيرون الداخلي ؛ إلى مشاهد أهل البيتعليه‌السلام في مقبرة باب الصغير ، ومنهم سكينة بنت الحسينعليه‌السلام ، وأم كلثوم زينب الصغرى بنت الإمام عليعليه‌السلام ، وعبد الله ابن الإمام زين العابدينعليه‌السلام ؛ إلى مشهد رؤوس الشهداءعليه‌السلام في المنطقة المذكورة ؛ إلى مرقد العقيلة زينب بنت الإمام عليعليه‌السلام في قرية (راوية) على بعد ١٠ كم جنوب دمشق ، في المكان المعروف اليوم بقبر الست.

١ ـ مشهد رأس الحسينعليه‌السلام

٧٤١ ـ مدفن الرأس الشريف بدمشق :

(الحسين بن عليعليه‌السلام لتوفيق أبو علم ، ص ١٧٤)

يقول ياسين بن مصطفى الفرضي :

المزارات المشهورة للصحابة بدمشق ونواحيها : والمشهور منها بتربة باب الفراديس ، المسماة بمرج أبي الدحداح الآن ، مسجد سمّي مسجد الرأس ، داخل باب الفراديس ، في أصل جدار المحراب لهذا المسجد رأس الشهيد الملك الكامل ، وغربي المحراب المذكور في الجدار طاقة على الطريق ، يقال إن رأس

٦٠٩

الحسينعليه‌السلام دفن بها ، ولذا يقال له مشهد الحسين [يقصد به المكان الّذي فيه الآن مرقد السيدة رقيةعليها‌السلام ].

وقال ابن الطولوني : وله بدمشق مشهد معروف ، داخل باب الفراديس ، وفي خارجه مكان الرأس على ما ذكروا.

وذكر ابن أبي الدنيا : أن الرأس لم يزل في خزانة يزيد بن معاوية حتى توفي ، فأخذ من خزانته ، فكفّن ودفن داخل باب الفراديس من مدينة دمشق.

يقول ابن كثير : ويعرف مكانه بمسجد الرأس اليوم ، داخل باب الفراديس الثاني.

٧٤٢ ـ مسجد الرأس :

(مجلة الحوليات الأثرية العربية السورية ـ المجلد ٣٥ لعام ١٩٨٥)

جاء في المجلة المذكورة تحت عنوان (العظماء الذين دفنوا في دمشق أو ماتوا فيها) :

يوجد للحسين بن عليعليه‌السلام مزارات كثيرة ، يطلق عليها اسم مشهد ، تشير إلى قبره ، ولعل الأصح أن تعدّ نصبا تذكارية ، لأنه لا يعقل أن يدفن رأس الحسينعليه‌السلام أو جثته في عدة بلدان. وله مشهد مثير شهير في كربلاء حيث قتل ، يرجّح أن يكون القبر الّذي وارى جثته ، كما أن له مشهدا آخر في القاهرة.

وتؤكد المصادر التاريخية أن رأس الحسينعليه‌السلام نقل إلى دمشق ليراه يزيد بن معاوية.

ويذكر المؤرخون مسجدا داخل باب الفراديس باسم (مسجد الرأس) ، وذلك نسبة لرأس الحسين بن عليعليه‌السلام الّذي دفن فيه ، وهو مشهد السيدة رقية حاليا.

كما أن للحسينعليه‌السلام مشهدا في جامع بني أمية بدمشق ، في مكان يطلق عليه (مشهد رأس الحسين) ، وقد أطلق عليه في القديم مشهد علي ، وكذلك مشهد زين العابدينعليه‌السلام . انتهى كلامه

توضيح :

تدل المعطيات السابقة إلى أن هناك موضعين باسم (مسجد الرأس) حيث دفن رأس الحسينعليه‌السلام .

٦١٠

الأول : عند ضريح السيدة رقية بنت الحسينعليه‌السلام داخل باب الفراديس لدمشق ، وفي هذا المشهد دفن الملك الكامل بن الغازي ابن الملك العادل ،

في أصل جدار محرابه.

والثاني : في قصر يزيد ، المتصل بالرواق الشرقي للجامع الأموي ، في المكان المسمى اليوم مشهد رأس الحسينعليه‌السلام .

وإذا صحّ أن الرأس الشريف قد دفن في دمشق قبل نقله إلى كربلاء ، فلا بدّ أنه دفن في أحد هذين الموضعين. ويمكن إزالة التعارض بين الروايات ، بأن الرأس الشريف وضع مدة في قصر يزيد وبات فيه ، حيث صلى الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، فصار هذا الموضع مشهدا لزين العابدينعليه‌السلام ومشهدا للرأس الشريف وليس مكان دفنه ، وهو المشهد الموجود في شرق الجامع الأموي.

وإذا صحّ أن سليمان بن عبد الملك أو غيره وجد الرأس الشريف في خزائن بني أمية ، فأكرمه ودفنه ، فلعله دفنه عند ضريح ابنته السيدة رقيةعليه‌السلام داخل سور دمشق ، على يمين الخارج من باب الفراديس. وذلك قبل أن يتمّ نقله وإرجاعه إلى الجسد المطهر في كربلاء. ويؤكد ذلك اللوحتان الحجريتان اللتان كانتا في حائط مسجد السيدة رقيةعليه‌السلام إلى جانب المحراب ، كما سترى.

ونشرع الآن بالحديث عن مشهد رأس الحسينعليه‌السلام الواقع في شرق المسجد الجامع.

٧٤٣ ـ المشاهد الأربعة في الجامع الأموي :(العمارة العربية الإسلامية ، ص ٥٦)

المتفحص لمخطط المسجد الجامع المشهور بالأموي ، يلاحظ أربع قاعات كبيرة مستطيلة متساوية الأبعاد تقريبا ، موزّعة على جانبي البابين الشرقي والغربي ، عرفت قديما بالمشاهد ، ونسب كل واحد منها إلى أحد الخلفاء الراشدين الأربعة.يدعى المشهد الجنوبي الغربي مشهد أبي بكر ، والجنوبي الشرقي مشهد عمر ، والشمالي الغربي مشهد عثمان ، والشمالي الشرقي مشهد عليعليه‌السلام ، ثم دعي الأخير مشهد الحسينعليه‌السلام .

وقال ابن جبير في رحلته ، ص ٢٤١ :

وفي الجانب الشرقي من الصحن باب يفضي إلى مسجد من أحسن المساجد وأبدعها وصفا وأجملها بناء ، يذكر الشيعة أنه مشهد لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام .

٦١١

وفي (الإشارات إلى معرفة الزيارات) ص ١٥ :

وبالجامع من شرقيّة مشهد علي بن أبي طالب ، ومشهد الحسين ، وزين العابدينعليه‌السلام .

وفي كتاب (الجامع الأموي) للشيخ علي الطنطاوي ، ص ٥٩ يقول :

وفي سنة ٦٦٨ ه‍ جدد الملك الظاهر مشهد زين العابدين (مشهد الحسين) بعدما استولى عليه الخراب ، وطرد من كانوا يتخذونه ملجأ ، إلا واحدا منهم رأى فيه الصلاح والعبادة. وأغلق مدة في أيام العثمانيين وأهمل ، فجدده الوالي العثماني سليمان باشا وفتحه.

وفي الكتاب المذكور ، ص ٢٣ يقول : وفي الشرق نجد مشهد زين العابدينعليه‌السلام المعروف اليوم بمشهد الحسينعليه‌السلام ، وفيه الآن القبر المشهور أن فيه رأس الحسينعليه‌السلام .

٧٤٤ ـ مشهد رأس الحسينعليه‌السلام في شرقي مسجد دمشق :

يعتقد بعض مؤرخي السنة أن في هذا المشهد دفن رأس الحسينعليه‌السلام . وفي الواقع إن هذا المشهد الواقع في أحد أجنحة المسجد الأموي ، على يمين الداخل من باب جيرون (النوفرة) كان إحدى غرف قصر يزيد التي كان ينام فيها ، ثم أصبح جزءا من المسجد الجامع. وفي هذه الغرفة وضع يزيد الرأس الشريف بعد أن عرض عليه. ثم لما ظهرت من الرأس المقدس الكرامات المشهورة ، ورأتها هند زوجة يزيد ، وكذلك يزيد نفسه ، نقله يزيد إلى مكان آخر خارج القصر. ولعل هذه الغرفة هي نفسها التي وضع فيها رأس الحسينعليه‌السلام بجانب القبة التي كان يشرب فيها يزيد المسكرات مع حاشيته ، والتي بات فيها سبعون رجلا يحرسون الرأس الشريف ، فرأى أحدهم الرؤيا العجيبة التي ذكرناها سابقا في الفقرة رقم ٦٠٧.

٧٤٥ ـ زيارة ميدانية :

وقد قمت بزيارة ميدانية لمشهد رأس الحسينعليه‌السلام في شرقي المسجد الأموي ، ورأيت فيه : مشهد الإمام عليعليه‌السلام ، ثم مشهد الإمام زين العابدينعليه‌السلام الّذي صلى فيه ، وبجانبه كوة في الحائط تفضي إلى المكان الّذي وضع فيه رأس الحسينعليه‌السلام ، وفي الداخل غرفة شبه مربعة أصغر من التي قبلها ، وضعت على جدرانها رخامات كتب عليها أسماء الأئمة الاثني عشرعليه‌السلام ، وفي

٦١٢

زاويتها الملاصقة للكوة قفص فيه عمامة خضراء ترمز لرأس الحسينعليه‌السلام ، وصندوق يزعم البعض أن فيه شعرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٧٤٦ ـ مزار شعرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(مجلة الثقافة الاسلامية ـ العدد ١٥ ربيع ١٤٠٨ ه‍ ، ص ١٥٨ ؛

موضوع الأشراف ونقابتهم في التاريخ الاسلامي ، بقلم محمّد مطيع الحافظ)

ذكر السيد سعيد حمزة نقيب الأشراف بدمشق : أن في دمشق ثلاث شعرات للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إحداها لدى آل حمزة ، والثانية لدى آل سعد الدين ، والثالثة لدى آل أبي الشامات.

والشعرة الأولى موجودة لدى السادة الأشراف آل حمزة ، ومحفوظة في مشهد الحسينعليه‌السلام .

ويشير أحمد تيمور في كتابه (الآثار النبوية) إلى أن هذا المشهد كان متهدما ، فزاره والي دمشق فؤاد باشا سنة ١٢٧٨ ه‍ وسعى لدى السلطان

عبد العزيز في تعميره ، وجعل الدار المجاورة له تكية باسم المقام ، يطعم فيها الطعام كل يوم بعد العصر. واختير السيد سليمان الحمزاوي مشرفا على المقام لصلة نسبه بصاحب المقام مولانا الحسينعليه‌السلام . ثم إن السلطان عبد العزيز أرسل بشعرة من الآثار النبوية لتحفظ بهذا المقام ، فحفظت فيه ، وما زالت إلى اليوم ، يحتفل بإخراجها في العام مرة واحدة ، في ليلة ٢٧ رمضان ، ويزورها الناس بعد صلاة التراويح ، فيقرأ القراء ثم يشرعون في الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويخرجها المشرف ، ويكون نقيب الأشراف أو واحدا من أهله ، فيتبرك الحاضرون بتقبيلها وهي بيده ، وذكر الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مستمر إلى أن تنتهي الزيارة ، فتعاد إلى لفائفها وصندوقها ، وترفع إلى مكانها.

٧٤٧ ـ وصف مشهد رأس الحسينعليه‌السلام شرقي المسجد الأموي :

وهذا وصف حي لمشهد رأس الحسينعليه‌السلام وأجزائه الثلاثة كما هو مبين في (الشكل ٣١) المرفق.

إذا أتينا إلى المسجد الجامع من الشرق ، نمرّ بطريق النوفرة (سويقة جيرون) حتى نصل إلى الباب الشرقي للجامع (باب جيرون) ، نصعد على الدرج (درج النوفرة) الّذي أقيمت عليه السبايا ، فإذا وصلنا إلى آخر الدرج ونظرنا يمينا نلاحظ في جدار

٦١٣

قصر يزيد أثر باب حجري كبير قد أغلق وسدّ ، إنه باب قصر يزيد الّذي أدخل منه السبايا والرؤوس ، وهو يقابل في الداخل محراب المشهد الّذي وضع فيه رأس الحسينعليه‌السلام .

ندخل من باب جيرون للمسجد حتى ننتهي إلى صحن الجامع ، ثم ننعطف إلى اليمين حتى نصل إلى مشهد رأس الحسينعليه‌السلام .

ويظن العامة أن هنا دفن رأس الحسينعليه‌السلام ، والصحيح أن هذا المكان كما ذكرنا كان جزءا من قصر يزيد ، وهو الغرفة التي بات فيها الرأس الشريف وظهرت فيها بعض كراماته. فحين استيقظت هند زوجة يزيد رأت النور ينبعث من تلك الغرفة ، فلما اقتربت منها رأت الرأس الشريف والأنوار تتصاعد منه إلى عنان السماء. فأيقظت يزيد وأمرته بإخراجه من القصر ، وهددته بالفراق ، فلم يلبث أن أخرج الرأس من القصر ، ونصبه على باب جيرون.

يتألف هذا المقام من ثلاثة مشاهد ، يدخل الزائر إلى الغرفة الأولى وهي الكبرى ، وتدعى مشهد الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وفي صدرها محراب لطيف ، وتمتاز هذه الغرفة بسقفها العالي ، وفيها قفص حديدي معلق بالسقف على شكل ثريا.

ثم ندخل إلى الغرفة الثانية ، وهي أصغر من الأولى ، وهي مشهد الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، ولها محراب خاص. ويجد الزائر في الجدار الشرقي لهذه الغرفة المكان الّذي كان يصلي فيه زين العابدينعليه‌السلام في الفترة الأخيرة من إقامته في دمشق ، حين قرّبه يزيد ونقله مع السبايا من الخربة إلى قصره ، خوفا من نقمة الناس عليه ، ليوهم الجمهور أنه يحب أهل البيتعليه‌السلام وأنه بريء من قتل الحسينعليه‌السلام . وفي هذا المكان قفص زجاجي فيه محراب صغير ، وعلى جدرانه لوحات قرآنية. وبجوار هذا القفص في الحائط كوة عميقة عطّرت بالمسك والعنبر وكسيت بالقاشاني ، تؤدي إلى الموضع الّذي تشرف بوضع الرأس المطهر فيه ، وذلك بناء على الحقيقة المنقولة بأن رأس الحسينعليه‌السلام كان يتضوع عطرا في كل مكان وضع فيه. ويتسابق الزوار لإدخال رؤوسهم في هذه الكوة ، ليقبلوها ويتنسموا منها عبق الجنة.

٦١٤

(الشكل ٣١) : مخطط مشهد رأس الحسينعليه‌السلام

٦١٥

ثم ندخل إلى الغرفة الثالثة شبه المربعة ، حيث يقع إلى يسار الداخل إليها القفص الخاص برأس الحسينعليه‌السلام ، وتدعى مشهد رأس الحسينعليه‌السلام . وقد وضع في القفص ، إلى اليسار كرة مجللة بثوب أخضر ، للدلالة على مكان وضع الرأس الشريف ، وإلى اليمين صندوق مجلل يقال إن فيه شعرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما ذكرنا سابقا.

وقد كسيت جدران هذه الغرفة بالرخام الأبيض ، ونقشت عليها أسماء الأئمة الاثني عشرعليه‌السلام . ولهذه الغرفة محراب يحاذي الباب المسدود من الخارج.وبجانب المحراب لوحة لزيارة أهل البيت ورأس الحسينعليه‌السلام .

ويعجب المرء من قدرة الله تعالى ، كيف أن هذا القصر الّذي كان قصرا ليزيد ، يزول ذكر صاحبه منه إلا باللعنة على كل لسان ، بينما يصير مقرا ومشهدا لتعظيم الحسينعليه‌السلام ، تذكره الأجيال وتزوره في كل عصر وزمان.

وفي تصوري أن الفاطميين قد اعتنوا بهذا المشهد اعتناء خاصا ، وذلك حين حكموا دمشق في القرن الرابع الهجري.

هذا وقد أهدى إخواننا الشيعة البهرة الذين يتواجدون في الهند (بومباي) قفصا فضيا مذهبا لهذا المقام الجليل ، فزاد المكان رونقا وبهاء ، وروعة وسناء.

٧٤٨ ـ وصف معماري للمشاهد الثلاث السابقة :

(الآثار الإسلامية في دمشق لكارل ولتسنغر ، ص ٣٣٥)

وهذا وصف معماري للغرف الثلاث للمستشرق ولتسنغر :

الغرفة رقم (١):

قاعة طويلة (تدعى مشهد علي). ثمة كتابة حديثة تعلو مدخلها. يضم الجدار محرابا وبابا وثلاث نوافذ. يخترق الجدار الشرقي باب صغير وثلاثة أبواب كبيرة ، وهي تؤدي إلى الغرفة رقم (٢). الجدار الجنوبي مزوّد بمحراب ، وتبرز إلى يساره فاصلة مونة بين حجرين ، وهي هامة بالنسبة للبقايا المعمارية السابقة للإسلام.ويبدو أن الجدار السابق للإسلام لم يشغل العرض بأكمله.

الغرفة رقم (٢):

غرفة مستطيلة موازية للقاعة السابقة ، لكنها أقصر حجما (٦٤ ، ٢* ٩٠ ، ١٤ م)

٦١٦

وتعرف باسم (مشهد علي بن الحسين زين العابدين). تظهر في الجدار الغربي ثلاث دعائم جدارية سابقة للإسلام. كما يوجد بئر في الزاوية الشمالية الشرقية. ويقوم محراب علي بن الحسين في قاعدة الجدار الشرقي. ويوجد إلى جانب المحراب صندوق يضم بعضا من شعر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . أما الجدار الجنوبي فإنه مزوّد بمحراب بالإضافة إلى مكان مخصص لأحد الأئمة التسعة في الجامع.

الغرفة رقم (٣):

(مسجد رأس الحسين) تعلوه قبّة. يقوم إلى اليمين محراب وإلى اليسار يوجد محراب. هناك صندوق جداري محاط بشباك من الفضة. كان هذا المكان يضم رأس الحسينعليه‌السلام . وكتابة هذا نصها : مرقد رأس سيدنا الإمام أبي عبد الله الحسين رضي الله تعالى عنه.

٢ ـ مرقد السيدة رقيةعليها‌السلام

٧٤٩ ـ مرقد السيدة رقيّة بنت الحسينعليه‌السلام :

(مجلة الحوليات الأثرية العربية السورية ـ المجلد ٣٥ لعام ١٩٨٥)

في باب الفراديس مسجد صغير فيه قبّة ، يرجع عهد بنائها إلى العصر الأيوبي ، تضم ضريحا عليه قفص معدني جميل ، يعتقد الناس بأن هذا القبر للسيدة رقية. وقد ذكر بعض المؤرخين أنها دفنت في مسجد الرأس الّذي يطلق عليه اسم مشهد السيدة رقيةعليه‌السلام .

وقد كتبت رخامة على باب مرقد رقيةعليه‌السلام من شعر العلامة السيد محسن الأمين وتأريخه ، وهي :

تمسّك بالولاء لآل طه

بحبهم غدا في الحشر تسعد

وهذا باب حطّة فادخلوه

وأنتم ركّع لله سجّد

لأسنى بقعة طهرت وطابت

بأزكى حضرة وبخير مرقد

فزرها واستجر واسأل ففيها

يماط الذنب والحسنات تصعد

وقد أرّختها : تزهو سناء

بقبر رقية من آل أحمد

(أقول) : لقد حصل خلط في اسم (رقية) نزيلة هذا المرقد الشريف ، فقد كانت فوق باب مشهدها رخامة رأيتها مكتوب عليها : مرقد السيدة رقية بنت الإمام علي بن

٦١٧

أبي طالبعليه‌السلام . وهذا خطأ ، لأن رقية المدفونة في هذا المشهد هي طفلة صغيرة ، وهي بنت الإمام الحسينعليه‌السلام التي توفيت في الخربة حين إقامتها مع السبايا ، فدفنت في مكان وفاتها.

وأما رقية الكبرى بنت الإمام عليعليه‌السلام فكانت زوجة لمسلم بن عقيلعليه‌السلام وقد حضرت كربلاء مع أولادها منه وهم : عبد الله وعلي ومحمد. وكانت مع السبايا ، ثم رجعت إلى المدينة المنورة ، ولم يذكر أحد أنها رجعت إلى دمشق أو توفيت فيها.

٧٥٠ ـ ما كتب على جدار مسجد السيدة رقيةعليها‌السلام :

(ثمار المقاصد في ذكر المساجد ليوسف بن عبد الهادي ، ص ٢٢٩)

قال يوسف بن عبد الهادي : كانت في مسجد السيدة رقيةعليه‌السلام لوحة حجرية إلى جانب المحراب كتب عليها : قد صار التوفيق لجناب الميرزا بابا المستوفي الكيلاني في عمارة البقعة المشهورة بمقام ستّنا رقية بنت سيدنا علي ، وموضع رأس الحسينعليه‌السلام .

وعلى لوحة أخرى مكتوب :

هذا المكان المبارك فيه مدفون كامل السلطان الشهيد الغازي المجاهد المرابط في سبيل الله ، الملك الكامل ناصر الدين محمّد بن جمال الدين صاحب ساقان قنبر دفن في هذا المشهد الحسيني بباب الفراديس في ٢٧ رمضان سنة ٨٠٨ ه‍.

وفي المصدر السابق ص ٨٧ قال : مسجد عند باب المسجد الجامع يعرف بمسجد الرأس ، فيه قناة [أي ماء] ، يقال : إن فيه رأس الحسينعليه‌السلام ، وضع فيه حين أتي به إلى دمشق.

وفي حاشية ص ٩٩ قال : عن مسجد الرأس قال ابن كثير في (البداية) ج ١٣ ص ٦٥٧ :

في سنة ٦٥٧ ه‍ قتل هولاكو الملك الكامل بن الغازي بن العادل (صاحب ميّافارقين) ، وطيف برأسه في البلاد ، ودخلوا به دمشق ، فنصب على باب الفراديس البراني ، ثم دفن بمسجد الرأس داخل باب الفراديس الجواني ، في المحراب في أصل الجدار. فنظم أبو شامة في ذلك قصيدة يذكر فيها فضله وجهاده ، وشبّهه بالحسينعليه‌السلام ، في قتله مظلوما ، ودفن رأسه عند رأسه.

٦١٨

٧٥١ ـ الكامل صاحب ميّافارقين :

(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي ، ج ٥ ص ٢٩٥)

مرّ آنفا ذكر الكامل ، وهو الملك الكامل ناصر الدين محمّد بن الملك المظفر شهاب الدين غازي بن العادل ، صاحب ميّافارقين ، التي كانت أشهر مدينة (بقصبة) ديار بكر ، عند منابع دجلة ، شرق (آمد) وشمال ماردين. ملك سنة ٦٤٥ ه‍ ، وكان عالما فاضلا شجاعا محسنا إلى الرعية ، ذا عبادة وورع ، ولم يكن في بيته من يضاهيه.

حاصرته التتار عشرين شهرا ، حتى فني أهل البلد بالوباء والقحط. ثم دخلوا وأسروه ، فضرب هولاكو عنقه بعد أخذه حلب ، وطيف برأسه ، ثم علق [بدمشق] على باب الفراديس ، ثم دفنه المسلمون بمسجد الرأس داخل الباب.

وقد ذكر أبو شامة قصة هذا البطل الصامد [الكامل] في كتابه (ذيل الروضتين).وأبو شامة عالم مؤرخ عاصر الكامل ، وكانت نهايته أن دخل عليه جماعة بداره بطواحين الأشنان [ركن الدين] فضربوه حتى قتلوه ، ودفن بمقابر باب الفراديس [الدحداح] واسمه: عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي الشافعي [٥٩٩ ـ ٦٦٥ ه‍ ـ ١٢٠٢ ـ ١٢٦٧ م].

ـ وفاة الملك الكامل بن غازي :

(تراجم رجال القرنين السادس والسابع ، المعروف بذيل الروضتين للحافظ شهاب الدين أبي شامة الدمشقي ، ص ٢٠٥)

يقول أبو شامة : وفي يوم الاثنين ٢٧ جمادى الأولى سنة ٦٥٨ ه‍ [١٢٦٠ م] طيف بدمشق برأس مقطوع ، مرفوع على رمح قصير معلق بشعره فوق قطعة شبكة ، زعموا أنه رأس الكامل محمّد بن شهاب الدين غازي بن العادل ، صاحب ميافارقين ، الّذي دام التتار على حصاره أكثر من سنة ونصف ، ولم يزل ظاهرا عليهم إلى أن فني أهل البلد لفناء زادهم.

وبلغني أنه دخل عليه البلد ، فوجد مع من بقي من أصحابه موتى أو مرضى ، فقطع رأسه وحمل إلى البلاد ، فطيف به بدمشق ، ثم علّق على باب الفراديس الخارج.يقول أبو شامة يصف ذلك :

ابن غازي غزا وجاهد في الل

ه جيوشا قد أثخنوا المشرقين

٦١٩

ظاهرا غالبا ومات شهيدا

بعد صبر عليهم عامين

لم يشنه أن طيف بالرأس منه

فله أسوة برأس الحسين

وافق السبط في الشهادة والحم

ل ، لقد حاز أجره مرّتين

جمع الله حسن دين الشهيدي

ن على قبح ذينك الفعلين

ثم واروا في مشهد الرأس ذاك ال

رأس فاستعجبوا من الحالتين

وارتجوا أنه سيحيى لدى البع

ث رفيق الحسين في الحسنيين

ثم وقع من الاتفاق العجيب أن دفن في مسجد الرأس داخل باب الفراديس ، شرقي المحراب في أصل الجدار. وغربي المحراب طاقة يقال إن رأس الحسينعليه‌السلام دفن بها.

عود إلى رقيةعليها‌السلام

٧٥٢ ـ قصة إصلاح قبر السيدة رقيّةعليها‌السلام :

هذه القصة ثابتة واقعيا ، وإن اختلفت قليلا في التفاصيل ، وسوف أعرض أربع روايات لها ، أبدؤها برواية الشبلنجي في (نور الأبصار) ص ١٧٦ ، وهي :

الرواية الأولى :

كانت للإمام عليعليه‌السلام بنتان باسم رقية ، إحداهما من فاطمةعليه‌السلام والأخرى من الصهباء التغلبية [أقول : الصحيح أن الأولى رقية الكبرى أمها الصهباء ، والثانية رقية الصغرى أمها أم ولد. وليست لفاطمة الزهراءعليه‌السلام بنت باسم رقية ، والتي حضرت كربلاء هي الأولى].

وبعد أن ذكر الشبلنجي أن رقية بنت الإمام عليعليه‌السلام مدفونة في القاهرة ، قال :وقد أخبرني بعض الشوام ، أن للسيدة رقية بنت الإمام عليعليه‌السلام ضريحا بدمشق الشام ، وأن جدران قبرها كانت قد تعيّبت ، فأرادوا إخراجها منه لتجديده ، فلم يتجاسر أحد أن ينزله من الهيبة. فحضر شخص من أهل البيت يدعى السيد ابن مرتضى [ولم يذكر اسمه] فنزل في قبرها ، ووضع عليها ثوبا لفّها فيه وأخرجها ، فإذا هي بنت صغيرة دون البلوغ.

وزاد المازندراني في (معالي السبطين) ج ٢ ص ١٠١ قوله : وكان متنها مجروحا من كثرة الضرب. وهذه القصة تدور كثيرا على ألسنة الناس في دمشق.

٦٢٠