موسوعة كربلاء الجزء ٢

موسوعة كربلاء0%

موسوعة كربلاء مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 800

موسوعة كربلاء

مؤلف: الدكتور لبيب بيضون
تصنيف:

الصفحات: 800
المشاهدات: 432292
تحميل: 4293


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 800 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 432292 / تحميل: 4293
الحجم الحجم الحجم
موسوعة كربلاء

موسوعة كربلاء الجزء 2

مؤلف:
العربية

٣ ـ المستشهدون من الأصحاب بالمبارزة

٣٤ ـ خروج مسلم بن عوسجة ونافع بن هلال للقتال :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ١٤)

ثم خرج مسلم بن عوسجة الأسدي وهو يقول :

إن تسألوا عني فإني ذو لبد

من فرع قوم من ذرى بني أسد

فمن بغاني حائد عن الرشد

وكافر بدين جبار صمد

ثم تابعه نافع بن هلال الجملي وهو يقول :

أنا على دين علي

ابن هلال الجملي

أضربكم بمنصلي

تحت عجاج القسطل

فخرج لنافع رجل من بني قطيعة ، فقال لنافع : أنا على دين عثمان. فقال نافع :

إذن أنت على دين الشيطان ، وحمل عليه فقتله. فأخذ نافع ومسلم يجولان في ميمنة ابن سعد.

٣٥ ـ تشجيع عمرو بن الحجاج لقومه ، واعترافه بشجاعة أصحاب الحسينعليه‌السلام :

(مقتل المقرم ، ص ٢٩٦)

وأخذ أصحاب الحسينعليه‌السلام بعد أن قلّ عددهم وبان النقص فيهم ، يبرز الرجل بعد الرجل ، فأكثروا القتل في أهل الكوفة. فصاح عمرو بن الحجاج بأصحابه :أتدرون من تقاتلون؟!. تقاتلون فرسان المصر وأهل البصائر وقوما مستميتين ، لا يبرز إليهم أحد منكم إلا قتلوه على قلتهم. والله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم.

فقال عمر بن سعد : صدقت ، الرأي ما رأيت. أرسل في الناس من يعزم عليهم أن لا يبارزهم رجل منكم ، ولو خرجتم إليهم وحدانا لأتوا عليكم(١) .

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٩.

٦١

زحف الميمنة

٣٦ ـ عمرو بن الحجاج يزحف على ميمنة الحسينعليه‌السلام :

(الإرشاد للمفيد ، ص ٢٣٦)

وحمل عمرو بن الحجاج على ميمنة أصحاب الحسينعليه‌السلام فيمن كان معه من أهل الكوفة. فلما دنا من أصحاب الحسينعليه‌السلام جثوا له على الرّكب ، وأشرعوا بالرماح نحوهم ، فلم تقدم خيلهم على الرماح ، فذهبت الخيل لترجع ، فرشقهم أصحاب الحسينعليه‌السلام بالنبل ، فصرعوا منهم رجالا وجرحوا منهم آخرين(١) .

وكان عمرو بن الحجاج يقول لأصحابه : قاتلوا من مرق من الدين ، وفارق الجماعة. فصاح الحسينعليه‌السلام : ويحك يا حجّاج أعليّ تحرّض الناس؟. أنحن مرقنا من الدين وأنت تقيم عليه؟!. ستعلمون إذا فارقت أرواحنا أجسادنا من أولى بصليّ النار(٢) !.

٣٧ ـ عمرو بن الحجاج يتهم الحسينعليه‌السلام بالمروق من الدين ، وجواب الحسينعليه‌السلام له :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٥)

ثم دنا عمرو بن الحجاج من أصحاب الحسينعليه‌السلام . ثم صاح بقومه : يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم ، ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين ، وخالف إمام المسلمين. فقال له الحسينعليه‌السلام : يابن الحجاج أعلي تحرّض الناس؟.أنحن مرقنا من الدين وأنتم ثبتّم عليه؟!. والله لتعلمنّ أيّنا المارق من الدين ، ومن هو أولى بصليّ النار(٣) .

مصرع مسلم بن عوسجة الأسدي

__________________

(١) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٧.

(٢) البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ١٨٢.

(٣) مقتل المقرم ، ص ٢٩٦ عن كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ٢٧.

٦٢

٣٨ ـ مصرع مسلم بن عوسجة الأسدي ووصيته لحبيب بن مظاهر ، وما شهده شبث بن ربعي بمسلم :(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٩٧)

ثم حمل عمرو بن الحجاج من نحو الفرات فاقتتلوا ساعة ، وفيها قاتل مسلم ابن عوسجة ، فشدّ عليه مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة البجلي(١) وثارت لشدة الجلاد غبرة شديدة ، وما انجلت الغبرة إلا ومسلم صريعا وبه رمق.فمشى إليه الحسينعليه‌السلام ومعه حبيب بن مظاهر الأسدي ، فقال له الحسينعليه‌السلام :رحمك الله يا مسلم( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) [الأحزاب :٢٣]. ودنا منه حبيب وقال : عزّ عليّ مصرعك يا مسلم ، أبشر بالجنة. فقال قولا ضعيفا : بشّرك الله بخير. قال حبيب : لو لم أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إليّ بكل ما أهمّك [حتى أحفظك في ذلك ، لما أنت أهله في القرابة والدين(٢) ].فقال له مسلم : بل أوصيك بهذا [وأشار إلى الحسينعليه‌السلام ] أن تموت دونه. فقال :أفعل وربّ الكعبة(٣) فما أسرع من أن مات. [وفي اللهوف ، ص ٦٠ أنه قال :لأنعمنّك عينا ثم مات] رضوان الله عليه.

وفي (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ١٦ :

فصاحت جارية له : يا سيداه!. يابن عوسجتاه!.

فنادى أصحاب عمر بن سعد مستبشرين : قتلنا مسلم بن عوسجة. فقال شبث بن ربعي لبعض من حوله : ثكلتكم أمهاتكم ، أما إنكم تقتلون أنفسكم بأيديكم ، وتذلّون عزّكم [وفي رواية ابن الأثير : وتذلّون أنفسكم لغيركم]. أتفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة؟!. أما والذي أسلمت له ، لربّ موقف له في المسلمين كريم. والله لقد رأيته يوم (سلق أذربيجان) ، قتل ستة من المشركين قبل أن تلتئم خيول المسلمين [أفيقتل مثله وتفرحون؟!].

__________________

(١) في مناقب ابن شهر اشوب أن الّذي قتله : مسلم الضبابي وعبد الرحمن البجلي.

(٢) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٣.

(٣) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٩ ، وقد اعتبر شهادة مسلم أول الأصحاب.

٦٣

زحف الميسرة

٣٩ ـ زحف شمر بن ذي الجوشن على ميسرة الحسينعليه‌السلام :

(الإرشاد للمفيد ، ص ٢٣٧)

ثم تراجع القوم إلى الحسينعليه‌السلام ، فحمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة ، على أهل الميسرة ، فثبتوا له وطاعنوه. وحمل على الحسينعليه‌السلام وأصحابه من كل جانب. وقاتلهم أصحاب الحسينعليه‌السلام قتالا شديدا ، فأخذت خيلهم تحمل ، وإنما هي اثنان وثلاثون فارسا ، فلا تحمل على جانب من خيل الكوفة إلا كشفته.

٤٠ ـ خبر عبد الله بن عمير الكلبي ومقاتلته :

(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٥ ط أولى مصر)

كان عبد الله بن عمير الكلبي (بالنّخيلة) فرأى القوم يعرضون ليسرحوا إلى قتال الحسينعليه‌السلام . فقال : والله لقد كنت على جهاد أهل الشرك حريصا ، وإني لأرجو ألا يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم أيسر ثوابا عند الله من ثوابه إياي في جهاد المشركين. فدخل إلى امرأته فأخبرها بما سمع ، وأعلمها بما يريد.فقالت : أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك ، افعل وأخرجني معك. فخرج بها حتى أتى حسيناعليه‌السلام فأقام معه. فلما دنا عمر بن سعد ورمى بسهم ارتمى الناس.فخرج يسار مولى زياد بن أبي سفيان وسالم مولى عبيد الله بن زياد ، فقالا : من يبارز؟. ليخرج إلينا بعضكم. فوثب حبيب بن مظاهر وبرير بن خضير ، فقال لهما حسين : اجلسا. فقام عبد الله ابن عمير هذا ، فاستأذن الحسين بالخروج فأذن له ، وكان رجلا آدم طويلا شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين. فخرج وقاتل قتالا مريرا.

فلما برز قال له يسار : من أنت؟. فانتسب له. فقال له : لست أعرفك ، ليخرج إليّ زهير بن القين أو حبيب بن مظاهر أو برير بن خضير.

فقال له ابن عمير : يابن الفاعلة [وفي رواية : يابن الزانية] ، وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس ، ولا يبرز إليك أحد إلا وهو خير منك!.

ثم شدّ عليه فضربه بسيفه حتى برد ، وهو أول من قتل من أصحاب ابن سعد. فإنه لمشتغل بضربه إذ شدّ عليه سالم مولى عبيد الله ، فصاح به أصحابه : قد رهقك العبد ، فلم يعبأ به حتى غشيه ، فبدره بضربة اتّقاها ابن عمير بيده اليسرى فأطارت

٦٤

أصابع كفه ، ومال عليه عبد الله فضربه حتى قتله. فرجع وقد قتلهما جميعا ، وهو يرتجز ويقول :

إن تنكروني فأنا ابن كلب

حسبي ببيتي في عليم حسبي

إني امرؤ ذو مرّة وعضب

ولست بالخوّار(١) عند النكب

إني زعيم لك أمّ وهب

بالطعن فيهم صادقا والضرب

ضرب غلام مؤمن بالربّ

مصرع عبد الله بن عمير الكلبيرحمهما‌الله

٤١ ـ مصرع عبد الله بن عمير الكلبي ، وزوجته أم وهب (رض):

(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٩٧)

وحمل الشمر في جماعة من أصحابه على ميسرة الحسين فثبتوا لهم حتى كشفوهم ، وفيها قاتل عبد الله بن عمير الكلبي [وهو عبد الله بن عمير بن عباس بن عبد قيس بن عليم بن جناب الكلبي العليمي أبو وهب] فقتل تسعة عشر فارسا واثني عشر راجلا ، وشدّ عليه هانئ بن ثبيت الحضرمي فقطع يده اليمنى ، وقطع بكر بن حي ساقه ، فأخذ أسيرا وقتل صبرا(٢) . وذكر الطبري في تاريخه أنه كان القتيل الثاني من أصحاب الحسينعليه‌السلام .

فمشت إليه زوجته أم وهب (بنت عبد الله من النمر بن قاسط) وجلست عند رأسه تمسح الدم عنه وتقول : هنيئا لك الجنة ، أسأل الله الّذي رزقك الجنة أن يصحبني معك. فقال الشمر لغلامه رستم : اضرب رأسها بالعمود ، فشدخه وماتت(٣) وهي

__________________

(١) ذو مرّة : أي ذو قوة. والخوّار : الضعيف.

(٢) كامل ابن الأثير. والذي يقتل صبرا : هو كل من يقتل في غير معركة ولا حرب كالأسير ، فانه مقتول صبرا.

(٣) الظاهر أنه وقع خلط من المؤرخين بين قصة عبد الله بن عمير الكلبي هذا ، وبين قصة وهب بن حباب الكلبي الّذي سيأتي ذكره ، ومردّ الاشتباه أن زوجة عبد الله بن عمير اسمها (أم وهب) كما نصّ على ذلك الطبري وابن الأثير.

٦٥

أول امرأة قتلت من أصحاب الحسينعليه‌السلام (١) . وقطع رأس عبد الله ورمي به إلى جهة الحسينعليه‌السلام ، فأخذته أمه ومسحت الدم عنه ، ثم أخذت عمود خيمة وبرزت إلى الأعداء ، فردّها الحسينعليه‌السلام وقال : ارجعي رحمك الله ، فقد وضع عنك الجهاد. فرجعت وهي تقول : اللهم لا تقطع رجائي. فقال الحسينعليه‌السلام : لا يقطع الله رجاءك(٢) .

توضيح :

حصل خلط كبير عند المؤرخين بين اسمين هنا : عبد الله بن عمير بن جناب الكلبي ، وبين وهب بن عبد الله بن حباب الكلبي ، وذلك للتشابه بين (جناب)و (حباب) من جهة ، ولأن زوجة عبد الله بن عمير لقبها (أم وهب).

والذي أرجحه أن هناك شخصين مختلفين وكل واحد منهما استشهد على حدة ؛ الأول خرج من الكوفة إلى (النّخيلة) إلى كربلاء ، وهو عبد الله بن عمير ، والثاني كان نصرانيا فلقي الحسينعليه‌السلام في طريقه وأسلم ، وصحبه إلى كربلاء ، وهو وهب بن حباب.

والذي يقوّي رأيي هذا ، أن هناك روايتين مختلفتين لاستشهاد (عبد الله) أو (وهب) وزوجته أو أمه (أم وهب). إحداهما تحكي أنه قتل وجاءت زوجته فجلست عند رأسه تمسح الدم عنه. والثانية أن الأعداء احتوشوه فأخذوه أسيرا ، وقطعوا رأسه ، ثم رموا به إلى عسكر الحسينعليه‌السلام ، فأخذته زوجته وضربت به خيمة للأعداء فهدمتها.

والرواية الأولى تثبت أن زوجته (أم وهب) استشهدت بعده ، حيث ضربها أحدهم بعمود من حديد على رأسها. بينما تشير الثانية إلى أنها حاولت القتال ، ولكن الحسينعليه‌السلام ردّها إلى المخيم.

وسوف تأتيك قصة استشهاد وهب بن حباب الكلبي ، الّذي أسلم مع أمه وزوجته ، بعد قليل.

__________________

(١) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٣ ونسب ذلك إلى أم وهب بن جناب الكلبي.

(٢) مقتل المقرم ، ص ٩٨ ، نقلا عن تظلم الزهراء ، ص ١١٣.

٦٦

٤٢ ـ الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، والموت جسر المؤمن إلى الجنة :

(مثير الأحزان للجواهري ، ص ٧٣)

روي عن أبي جعفر الثاني (الإمام محمّد الجواد) عن آبائه (قال) قال علي بن الحسينعليه‌السلام : لما اشتدّ الأمر بأبي الحسينعليه‌السلام نظر إليه من كان معه ، فإذا هو بخلافهم ، لأنهم كلما اشتد الأمر تغيّرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم ووجلت قلوبهم ، وكان الحسينعليه‌السلام وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم ، وتهدأ جوارحهم ، وتسكن نفوسهم. فقال بعض لبعض : انظروا لا يبالي بالموت.

فقال لهم الحسينعليه‌السلام : صبرا بني الكرام ، فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائم. فأيكم يكره أن ينتقل من سجن [أي الدنيا] إلى قصر [أي الجنة]! ، وهي لأعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب. إن أبي حدثني عن رسول الله (ص) : أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، والموت جسر هؤلاء إلى جناتهم ، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم. ما كذبت ولا كذّبت.

طلب النجدة والمدد

٤٣ ـ عزرة بن قيس يستنجد بابن سعد ، واعتراف شبث بن ربعي بضلال أصحابه :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٩٩)

ولما رأى عزرة بن قيس وهو على الخيل الوهن في أصحابه والفشل كلما يحملون ، بعث إلى عمر بن سعد يستمده الرجال. فقال ابن سعد لشبث بن ربعي :ألا تقدم إليهم؟. قال : سبحان الله ، تكلف شيخ المصر ، وعندك من يجزي عنه؟.ولم يزل شبث بن ربعي كارها لقتال الحسين ، وقد سمع يقول في إمارة مصعب :قاتلنا مع علي بن أبي طالب ومع ابنه من بعده [يعني الحسن] آل أبي سفيان خمس سنين ، ثم عدونا على ولده وهو خير أهل الأرض ، نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية؟! ضلال يا لك من ضلال. والله لا يعطي الله أهل هذا المصر خيرا أبدا ، ولا يسددهم لرشد(١) .

فمدّه بالحصين بن نمير في خمسمائة من الرماة.

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥١.

٦٧

٤٤ ـ وصف أحدهم لبسالة الحسينعليه‌السلام وأصحابه الأبطال :

(الحسين في طريقه إلى الشهادة ، ص ١٤٧)

ذكر ابن أبي الحديد المعتزلي في (شرح نهج البلاغة) ج ٣ ص ٣٠٧ ط مصر : أنه قيل لرجل شهد يوم الطف مع عمر بن سعد : ويحك ، أقتلتم ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !. فقال : عضضت بالجندل(١) إنك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا!.ثارت علينا عصابة [يعني جماعة الحسينعليه‌السلام ] أيديها في مقابض سيوفها ، كالأسود الضارية ، تحتطم الفرسان يمينا وشمالا ، وتلقي أنفسها على الموت ، لا تقبل الأمان ولا ترغب في المال ، ولا يحول حائل بينها وبين الورود على حياض المنية أو الاستيلاء على الملك ، فلو كففنا عنها رويدا لأتت على نفوس العسكر بحذافيرها ، فما كنا فاعلين لا أمّ لك!.

مصرع أبي الشعثاء الكنديرحمه‌الله

٤٥ ـ عدول أبي الشعثاء الكندي إلى الحسينعليه‌السلام واستشهاده :

(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٣٠٠)

وكان أبو الشعثاء الكندي ـ وهو يزيد بن زياد بن مهاصر الكندي ـ مع ابن سعد ، فلما ردّوا الشروط على الحسينعليه‌السلام صار معه. فقاتل بين يديه ، وجعل يرتجز ويقول(٢) :

أنا يزيد وأبي مهاصر

أشجع من ليث بغيل(٣) خادر

يا ربّ إني للحسين ناصر

ولابن سعد تارك وهاجر

وكان راميا ، فجثا على ركبتيه بين يدي الحسينعليه‌السلام ورمى بمئة سهم ما أخطأ منها بخمسة أسهم ، والحسينعليه‌السلام يقول : اللهم سدّد رميته ، واجعل ثوابه الجنة.

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٣٩ ط أولى مصر. والجندل : الصخر العظيم.

(٢) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٣٧.

(٣) أسد خادر : مقيم في خدره ، والخدر : أجمة الأسد. والغيل : موضع الأسد.

٦٨

فلما نفدت سهامه قام وهو يقول : لقد تبيّن لي أني قتلت منهم خمسة(١) . ثم حمل على القوم فقتل تسعة نفر حتى قتلرحمه‌الله (٢) .

٤٦ ـ مبارزة برير بن خضير ليزيد بن معقل ومباهلتهما ، ثم مصرع برير على يد كعب بن جابر ، وقيل بحير الضبّي :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١١)

ثم برز برير بن خضير الهمداني وهو يقول :

أنا برير وأبي خضير

لا خير فيمن ليس فيه خير

وفي رواية مقتل الخوارزمي :

أنا برير وفتى خضير

أضربكم ولا أرى من ضير

يعرف فيّ الخير أهل الخير

كذاك فعل الخير من برير

مصرع بربر بن خضير الهمداني

وكان برير من عباد الله الصالحين ، وكان زاهدا عابدا ، وكان أقرأ أهل زمانه ، وكان يقال له سيّد القرّاء ، وكان شيخا تابعيا ، وله في الهمدانيين شرف وقدر. فحمل وقاتل قتالا شديدا ، وجعل ينادي فيهم : اقتربوا مني يا قتلة المؤمنين ، اقتربوا مني يا قتلة أولاد البدريين ، اقتربوا مني يا قتلة عترة خير المرسلين. فبرز إليه رجل يقال له يزيد بن معقل [وفي رواية : يزيد بن المغفل(٣) ].

وذكر المقرّم هذا الكلام بشيء من التفصيل(٤) قال :

ونادى يزيد بن معقل : يا برير كيف ترى صنع الله بك؟. فقال : صنع الله بي خيرا

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٥.

(٢) أمالي الصدوق ص ٨٧ مجلس ٣٠ ؛ وفي مقتل الخوارزمي أنه قتل في آخر الأصحاب ؛ وفي لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٠ أنه كان أول من قتل.

(٣) اللهوف على قتلى الطفوف ، ص ١٥٩.

(٤) مقتل المقرم ، ص ٣٠٩ نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٤٧ ، وذكر الطبري أنه برير بن (حضير) بالحاء وليس بالخاء.

٦٩

وصنع بك شرا. فقال يزيد : كذبت وقبل اليوم ما كنت كذّابا ، أتذكر يوم كنت أماشيك في (بني لوذان) وأنت تقول : كان معاوية ضالا وإن إمام الهدى علي بن أبي طالب؟. قال برير : بلى أشهد أن هذا رأيي. فقال يزيد : وأنا أشهد أنك من الضالين. فدعاه برير إلى المباهلة ، فرفعا أيديهما إلى الله سبحانه يدعوانه أن يلعن الكاذب ويقتله. ثم تضاربا فضربه برير على رأسه ضربة قدّت المغفر والدماغ ، فخرّ كأنما هوى من شاهق ، وسيف برير ثابت في رأسه. وبينا هو يريد أن يخرجه إذ حمل عليه (رضي بن منقذ العبدي) واعتنق بريرا واعتركا ، فصرعه برير وجلس على صدره ، فاستغاث رضي العبدي بأصحابه ، فذهب كعب بن جابر الأزدي ليحمل على برير ، فصاح به زهير بن أبي الأخنس : هذا برير بن خضير القارئ الّذي كان يقرئنا القرآن في جامع الكوفة ، فلم يلتفت إليه وطعن بريرا في ظهره ، فبرك برير على رضي العبدي وعضّ وجهه وقطع طرف أنفه ، وألقاه كعب برمحه عنه وضربه بسيفه فقتله رضوان الله عليه. وقام العبدي ينفض التراب عن قبائه وهو يقول : لقد أنعمت عليّ يا أخا الأزد نعمة لا أنساها أبدا.

وذكر الخوارزمي أن الّذي قتله هو بحير بن أوس الضبّي.

ترجمة برير بن خضير الهمداني المشرقي

بنو مشرق بطن من همدان ، قال الرواة : كان برير شيخا تابعيا ناسكا قارئا للقرآن ومن شيوخ القرّاء في الكوفة. وكان من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكان من أشراف أهل الكوفة من الهمدانيين. ذكر أرباب السير أن بريرا لما بلغه امتناع الحسينعليه‌السلام من البيعة ليزيد الطاغية ، خرج من الكوفة حتى أتى مكة وصحب الحسينعليه‌السلام حتى استشهد معه رضوان الله عليه.

٤٧ ـ مبارزة الحر بن يزيد الرياحي :(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠)

ثم قال الحر للحسينعليه‌السلام : يابن رسول الله ، كنت أول خارج عليك فاذن لي أن أكون أول قتيل بين يديك(١) فلعلي أن أكون ممن يصافح جدك محمدا (ص) غدا

__________________

(١) لا يخفى أن مقتضى بعض الروايات أنه قتل جماعة قبل مصرع الحر ، وهو المستفاد من تاريخ ابن الأثير ، فلذلك حمل على أن المراد من [أول قتيل] أول قتيل من المبارزين.

٧٠

في القيامة. فقال له الحسينعليه‌السلام : إن شئت فأنت ممن تاب الله عليه ، وهو التواب الرحيم. فكان أول من تقدم إلى براز القوم وهو يرتجز ويقول :

إني أنا الحر ومأوى الضيف

أضرب في أعناقكم بالسيف

عن خير من حلّ بوادي الخيف(١)

أضربكم ولا أرى من حيف

وروي أنه كان يرتجز أيضا ويقول :

آليت لا أقتل حتى أقتلا

ولن أصاب اليوم إلا مقبلا

أضربهم بالسيف ضربا معضلا

لا ناكلا عنهم ولا معلّلا

لا عاجزا عنهم ولا مبدّلا

أحمي الحسين الماجد المؤمّلا(٢)

وخرج الحر بن يزيد الرياحي ومعه زهير بن القين يحمي ظهره ، فكان إذا شدّ أحدهما واستلحم شدّ الآخر واستنقذه ، ففعلا ذلك ساعة(٣) .

وفي رواية (مقتل الحسين) لأبي مخنف ، ص ٧٧ :

ثم تقدم الحر إلى الحسينعليه‌السلام وقال : يا مولاي أريد أن تأذن لي بالبراز إلى الميدان ، فإني أول من خرج إليك ، وأحب أن أقتل بين يديك!. فقال لهعليه‌السلام :ابرز بارك الله فيك ، فبرز الحر وهو يقول :

أكون أميرا غادرا وابن غادر

إذا كنت قاتلت الحسين بن فاطمه

وروحي على خذلانه واعتزاله

وبيعة هذا الناكث العهد لائمه

فيا ندمي أن لا أكون نصرته

ألا كل نفس لا تواسيه نادمه

أهمّ مرارا أن أسير بجحفل

إلى فئة زاغت عن الحق ظالمه

فكفوّا وإلا زرتكم بكتائب

أشدّ عليكم من زحوف الديالمه

سقى الله أرواح الذين توازروا

على نصره سحا من الغيث دائمه

وقفت على أجسادهم وقبورهم

فكاد الحشا ينفتّ والعين ساجمه

لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى

سراعا إلى الهيجا ليوثا ضراغمه

تواسوا على نصر ابن بنت نبيهم

بأسيافهم آساد خيل قشاعمه

__________________

(١) الحيف : الظلم. وادي الخيف : يقصد بها مكة المكرمة.

(٢) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٨ ط ٤.

(٣) مقتل المقرم ص ٣٠٢ عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٥٢ ، والبداية ج ٨ ص ١٨٣.

٧١

ثم حمل على القوم وغاص في أوساطهم ، فقتل رجالا ونكّس أبطالا ، حتى قتل مائة فارس ، ورجع إلى الحسينعليه‌السلام .

ثم حمل على القوم وهو يقول :

هو الموت فاصنع ويك ما أنت صانع

فأنت بكأس الموت لا شكّ كارع

وحام عن ابن المصطفى وحريمه

لعلك تلقى حصد ما أنت زارع

لقد خاب قوم خالفوا الله ربهم

يريدون هدم الدين والدين شارع

يريدون عمدا قتل آل محمّد

وجدّهم يوم القيامة شافع

٤٨ ـ مبارزة الحر ليزيد بن سفيان ومصرعه :(مقدمة مرآة العقول ، ج ٢ ص ٢٥٣)

وروي عن أبي زهير العبسي أن الحر بن يزيد لما لحق بالحسينعليه‌السلام ، قال يزيد بن سفيان من بني شقرة وهم بنو الحارث بن تميم : أما والله لو أني رأيت الحر بن يزيد حين خرج لأتبعته السنان.

قال : فبينا الناس يتجاولون ويقتتلون ، والحر بن يزيد يحمل على القوم مقدما ، ويتمثل بقول عنترة :

ما زلت أرميهم بثغرة نحره

ولبانه(١) حتى تسربل بالدم

وإن فرسه لمضروب على أذنيه وحاجبه ، وإن دماءه لتسيل. فقال الحصين ابن تميم ـ وكان على شرطة عبيد الله ـ ليزيد بن سفيان : هذا الحر بن يزيد الّذي كنت تتمنى [قتله ، فهل لك به]!. قال : نعم. فخرج إليه ، فقال له : هل لك يا حر بن يزيد في المبارزة؟. قال : نعم قد شئت ، فبرز له. قال : فأنا سمعت الحصين بن تميم يقول : والله لبرز له فكأنما كانت نفسه في يده ، فما لبّثه الحر حين خرج إليه أن قتله [وقتل أربعين فارسا وراجلا(٢) ].

مصرع الحر بن يزيد الرياحيرحمه‌الله

__________________

(١) اللّبان : الصدر.

(٢) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١١.

٧٢

٤٩ ـ مصرع الحر بن يزيد الرياحي (رض):

(مقتل الحسين للمقرم ص ٣٠٢)

ثم رمى أيوب بن مشرح الخيواني فرس الحر بسهم فعقره وشبّ به الفرس ، فوثب عنه كأنه ليث(١) وبيده السيف. فقاتلهم راجلا قتالا شديدا وهو يقول :

إن تعقروا بي فأنا ابن الحرّ

أشجع من ذي لبد هزبر

وفي رواية أنه كان يرتجز ويقول :

إني أنا الحر ونجل الحرّ

أشجع من ذي لبد هزبر

ولست بالخوّار عند الكرّ

لكنني الثابت عند الفرّ

وجعل يضربهم بسيفه حتى قتل نيفا وأربعين رجلا(٢) .

ثم حملت الرجالة على الحر وتكاثروا عليه ، فاشترك في قتله أيوب بن مشرح ، فاحتمله أصحاب الحسينعليه‌السلام حتى وضعوه أمام الفسطاط الّذي يقاتلون دونه وهكذا كان يؤتى بكل قتيل إلى هذا الفسطاط ، والحسينعليه‌السلام يقول :قتلة مثل قتلة النبيين وآل النبيين(٣) .

ثم التفت الحسينعليه‌السلام إلى الحر وكان به رمق ، فقال له وهو يمسح الدم عنه :أنت الحر كما سمّتك أمك ، وأنت الحرّ في الدنيا والآخرة.

ورثاه رجل من أصحاب الحسينعليه‌السلام ، وقيل علي بن الحسينعليه‌السلام ، وقيل إنها من إنشاء الإمام الحسينعليه‌السلام خاصة(٤) فقال :

لنعم الحرّ حرّ بني رياح

صبور عند مشتبك الرماح

ونعم الحر إذ نادى حسين

فجاد بنفسه عند الصياح

وفي (طبقات ابن سعد) أنه المتوكل الليثي(٥) .

__________________

(١) مقتل المقرّم ، ص ٣٠٢ عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٨ و ٢٥٠.

(٢) مقتل المقرّم ، ص ٣٠٢ عن مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٢ ص ٢١٧ ط إيران.

(٣) مقتل المقرّم ، ص ٣٠٢ عن تظلم الزهراء ، ص ١١٨ ؛ والبحار ، ج ١٠ ص ١١٧.

(٤) مقتل المقرّم ، ص ٣٠٣ عن روضة الواعظين ص ١٦٠ ؛ وأمالي الصدوق ، ص ٩٧ مجلس ٣٠.

(٥) مجلة تراثنا الصادرة في قم ، العدد ١٠ ص ١٨١.

٧٣

ترجمة الحر بن يزيد التميمي الرياحي

هو الّذي جعجع بالحسينعليه‌السلام وكان أول خارج عليه ، ثم بعد ذلك أدركته السعادة وحظي بشرف الشهادة ، فكان من أول المستشهدين بين يدي الحسينعليه‌السلام يوم الطف وذكر أرباب السير أنه لما استشهد الحر أخرج الحسينعليه‌السلام منديله وعصب به رأس الحر.

وذكر الشيخ السماوي ومثله العلامة المظفر قال : وإنما دفنت بنو تميم الحر بن يزيد على نحو ميل من الحسينعليه‌السلام حيث قبره الآن اعتناء به.ولعل بنو تميم هم الذين تكتّلوا يوم الحادي عشر من المحرم ومنعوا الناس من قطع رأس الحر وحمله ، كما فعلوا ببقية الرؤوس ، إذ قطعوها من الأبدان وحملوها على أطراف الرماح. وللحر بن يزيد الرياحي اليوم مشهد يزار خارج مدينة كربلاء ، في الموضع الّذي كان قديما يدعى النواويس (انظر الشكل).

(الشكل ٥) : مرقد الحر بن يزيد الرياحي في ضاحية كربلاء

٧٤

٥٠ ـ الردّ على الذين اتهموا الحر بالارتداد عن الدين ، وأن توبته

لم تقبل : (الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ، ج ٣ ص ٢٦٥)

قال السيد نعمة الله الجزائري : لقد حدثني جماعة من الثقاة أن الشاه إسماعيل الصفوي لما ملك بغداد ، وأتى إلى مشهد الحسينعليه‌السلام ، وسمع من بعض الناس الطعن على الحر بن يزيد ؛ أتى إلى قبره ، وأمر بنبشه ، فرأوه نائما كهيئته لما قتل ، ورأوا على رأسه عصابة مشدودا بها رأسه. فأراد الشاه أخذ تلك العصابة ، لما نقل في كتب السير أن تلك العصابة هي منديل الحسينعليه‌السلام شدّ به رأسه لما أصيب في تلك الواقعة ، ودفن على تلك الهيئة. فلما حلّوا تلك العصابة جرى الدم من رأسه حتى امتلأ منه القبر ، فلما شدّوا عليه تلك العصابة انقطع الدم. فأمر فبنى على قبره بناء ، وعيّن له خادما يخدم قبره. وتبيّن له أن شهادته كانت على حقّ ، وأنه معدود في الشهداء.

* * *

* مدخل إلى البحث التالي (انتصار العقيدة على العاطفة):

عندما تتغلب العقيدة على العاطفة يستهين الإنسان بالحياة ، وهذا ما فعله أصحاب الحسينعليه‌السلام ، حتى أن الواحد منهم كان يقدّم ابنه للقتل أو أخاه ، وكانت المرأة تقدّم ابنها للشهادة أو زوجها. فكان الحسينعليه‌السلام يردّ الغلام الّذي حضرت أمه معه (مثل عمرو بن جنادة الأنصاري) ، فيقول الغلام : أمي أمرتني بذلك.

ومن أروع أشكال هذا الانتصار للعقيدة على العاطفة ، تلك الأم التي أسلمت على يد الحسين (ع) ، ثم قدّمت ابنها (وهب) للشهادة في سبيل الله. فلمثل هذا فليعمل العاملون ، وفي مثل ذلك فليتنافس المتنافسون.

شهادة وهب ابن حباب الكلبيرحمه‌الله

٧٥

٥١ ـ مصرع وهب بن حباب الكلبي :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٦ ط ٤)

ثم برز وهب بن حباب الكلبي ، ويقال إنه كان نصرانيا فأسلم هو وأمه على يد الحسينعليه‌السلام ، وكانت معه أمه وزوجته. فقالت أمه : قم يا بني فانصر ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال : أفعل يا أمّاه ولا أقصّر(١) ، فبرز وهو يقول :

إن تنكروني فأنا ابن الكلبي

سوف تروني وترون ضربي

وحملتي وصولتي في الحرب

أدرك ثاري بعد ثار صحبي

وأدفع الكرب أمام الكرب

ليس جهادي في الوغى باللعب

ثم حمل وهب ولم يزل يقاتل حتى قتل جماعة. ثم رجع إلى امرأته وأمه وقال :يا أماه أرضيت؟. فقالت : ما رضيت حتى تقتل بين يدي الحسينعليه‌السلام ، فقالت امرأته : بالله عليك لا تفجعني بنفسك.

فقالت له أمه : يا بني اعزب عن قولها ، وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت نبيك تنل شفاعة جده يوم القيامة. فرجع فلم يزل يقاتل حتى قطعت يداه. وأخذت امرأته عمودا وأقبلت نحوه وهي تقول : فداك أبي وأمي ، قاتل دون الطيبين حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فأقبل كي يردّها إلى النساء ، فأخذت بجانب ثوبه وقالت : لن أعود دون أن أموت معك. فقال الحسينعليه‌السلام : جزيتم من أهل بيت خيرا ، ارجعي إلى النساء رحمك الله ، فانصرفت إليهن. ولم يزل الكلبي يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.

توضيح :

لما حصل الالتباس بين (عبد الله بن عمير بن جناب الكلبي)و (وهب بن عبد الله ابن حباب الكلبي) نجد أن نفس القصة يرويها بعضهم تحت الاسم الأول ، وبعضهم تحت الاسم الثاني.

فالطبري يذكر فقط عبد الله بن عمير الكلبي ، وكذلك ابن الأثير. بينما في (الفتوح) لابن أعثم يذكر وهب بن عبد الله بن عمير الكلبي. وفي (مثير الأحزان)

__________________

(١) مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٢ ، ونسب ذلك إلى وهب بن عبد الله بن جناب الكلبي.

٧٦

لابن نما و (اللهوف) لابن طاووس : وهب بن جناب الكلبي. وفي (مناقب ابن شهر اشوب) : وهب بن عبد الله الكلبي.

وفي (العيون العبرى) للميانجي يقول : يذكر الشيخ السماوي في (إبصار العين) :عبد الله بن عمير الكلبي ، ولم يذكر وهب الكلبي ؛ والخوارزمي على العكس.

ويذكر الخوارزمي في مقتله : أن وهب بن عبد الله هذا كان نصرانيا فأسلم هو وأمه على يد الحسينعليه‌السلام .

أما السيد الأمين في لواعجه فقد اعتبرهما شخصين مختلفين ، وهذا ما اعتمدناه ونوّهنا عنه عند شهادة عبد الله بن عمير الكلبي [توضيح بعد الفقرة ٤١]. وهذا أيضا ما ذهب إليه السيد محمّد تقي آل بحر العلوم في مقتله.

تقويض أبنية الحسينعليه‌السلام وحرقها

٥٢ ـ عمر بن سعد يأمر بتقويض أبنية الحسينعليه‌السلام وحرقها بالنار :

(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٧ ط ١ مصر)

يقول الطبري : وقاتلوهم حتى انتصف النهار ، أشدّ قتال خلقه الله. وأخذوا لا يقدرون على أن يأتوهم إلا من وجه واحد لاجتماع أبنيتهم وتقاربها. فلما رأى ذلك عمر بن سعد أرسل رجالا يقوّضونها (عن أيمانهم وعن شمائلهم) ليحيطوا بهم. فكان أصحاب الحسينعليه‌السلام يشدّون على كل من دخل يقوّضها وينهبها ، فيقتلونه ويرمونه من قريب (فيعقرونه).

فأمر ابن سعد بإحراقها فأحرقوها (فصاحت النساء ودهشت الأطفال). فقال الحسينعليه‌السلام : دعوهم فليحرقوها ، فإنهم لو قد حرقوها لم يستطيعوا أن يجوزوا إليكم منها ، وكان كذلك.

٥٣ ـ الشمر يطعن فسطاط الحسينعليه‌السلام ويحاول تحريق الخيام :

(مقتل أبي مخنف ، ص ٦٤)

وحمل القوم بعضهم على بعض ، واشتد بينهم القتال. فصبر لهم الحسينعليه‌السلام وأصحابه ، حتى انتصف النهار ، وهم يقاتلون من جهة واحدة. فلما رأى ابن سعد ذلك أمر بإحراق الخيم. فقال الحسينعليه‌السلام لأصحابه : دعوهم فإنهم لن يصلوا

٧٧

إليكم. ثم حمل الشمر حتى طعن فسطاط الحسين ، ونادى : عليّ بالنار لأحرق بيوت الظالمين (فصحن النساء وخرجن من الفسطاط). فحمل عليه أصحاب الحسين حتى كشفوه عن الخيمة. فناداه الحسينعليه‌السلام : ويلك

يا شمر تريد أن تحرق خيمة رسول الله؟!. قال : نعم. فرفع الحسين طرفه إلى السماء ، وقال : اللهم لا يعجزك شمر أن تحرقه بالنار يوم القيامة(١) .

٥٤ ـ استنكار حميد بن مسلم لفعل الشمر :

(مقدمة مرآة العقول ، ج ٢ ص ٢٥٤)

وروي عن حميد بن مسلم (قال) قلت لشمر بن ذي الجوشن : سبحان الله ، إن هذا لا يصلح لك ؛ أتريد أن تجمع على نفسك خصلتين : تعذّب بعذاب الله ، وتقتل الولدان والنساء؟!. والله إن في قتلك الرجال لما ترضي به أميرك. (قال) فقال : من أنت؟.(قال) قلت : لا أخبرك من أنا. قال : وخشيت والله أن لو عرفني أن يضرني عند السلطان!.

٥٥ ـ زجر شبث بن ربعي للشمر :

(المصدر السابق ، ص ٢٥٥)

قال : فجاءه رجل كان أطوع له مني (شبث بن ربعي) فقال له : ما رأيت مقالا أسوأ من قولك ، ولا موقفا أقبح من موقفك!. أمرعبا للنساء صرت!. قال : فأشهد أنه استحيا فذهب لينصرف.

٥٦ ـ حملة زهير لاستنقاذ البيوت :

(المصدر السابق)

وحمل عليه زهير بن القين في رجال من أصحابه عشرة ، فشدّ على شمر بن ذي الجوشن وأصحابه ؛ فكشفهم عن البيوت ، حتى ارتفعوا عنها.

مصرع عمرو بن خالد الأزدي وابنهرحمهما‌الله

__________________

(١) اللهوف ، ص ٦٩ ؛ ومقتل المقرم ، ص ٢٩٨ عن تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥١.

٧٨

٥٧ ـ شهادة عمرو بن خالد الأزدي ، وابنه خالد :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٢)

وبرز عمرو بن خالد الأزدي وهو يقول :

إليك يا نفس إلى الرحمن

فأبشري بالرّوح والرّيحان

اليوم تجزين على الإحسان

قد كان منك غابر الزمان

ما خطّ في اللوح لدى الديّان

لا تجزعي فكل حيّ فان

والصبر أحظى لك بالإيمان

يا معشر الأزد بني قحطان

ثم قاتل حتى قتل رحمة الله عليه.

فتقدم ابنه خالد بن عمرو ، وهو يرتجز ويقول :

صبرا على الموت بني قحطان

كيما تكونوا في رضيا لرحمن

ذي المجد والعزة والبرهان

وذي العليو الطوّل والإحسان

يا أبتا قد صرت في الجنان

في قصر درّ حسن البنيان

فلم يزل يقاتل حتى قتل رحمة الله عليه.

توضيح :

حصل خلط بين عمرو بن خالد الأزدي السابق ، وبين عمرو بن خالد الصيداوي الّذي سيأتي ذكره في الفقرة التالية. وأغلب المصادر ذكرت الأخير (عمرو) ما عدا السيد الأمين في اللواعج الّذي ذكره (عمر). فالذي استشهد في جماعة أربعة مع مولاه وصديقيه هو عمر بن خالد الصيداوي.

وقد ذكر السيد الأمين في (اللواعج) ص ١٣٢ شخصا ثالثا باسم مشابه وهو (عمرو بن خالد الصيداوي) وقد استشهد بعد جون.

قال : وبرز عمرو بن خالد الصيداوي ، فقال للحسينعليه‌السلام : يا أبا عبد الله ، قد هممت أن ألحق بأصحابي ، وكرهت أن أتخلف وأراك وحيدا من أهلك قتيلا. فقال له الحسينعليه‌السلام : تقدّم فإنا لاحقون بك عن ساعة ، فتقدم فقاتل حتى قتل.

٥٨ ـ استشهاد جماعة :

(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٥)

وأما عمرو بن خالد الصيداوي وسعد مولاه ، وجابر بن الحارث السلماني

٧٩

ومجمع بن عبد الله العائذي ، فإنهم قاتلوا في أول القتال ، فشدّوا مقدمين بأسيافهم على أهل الكوفة ، فلما أوغلوا فيهم عطف عليهم الناس وقطعوهم عن أصحابهم ، فندب إليهم الحسينعليه‌السلام أخاه العباسعليه‌السلام فاستنقذهم بسيفه وقد جرحوا بأجمعهم. وفي أثناء الطريق اقترب منهم العدو فشدوا بأسيافهم مع ما بهم من الجراح ، وقاتلوا حتى قتلوا أول الأمر في مكان واحد.

وعاد العباسعليه‌السلام إلى أخيه وأخبرهم بخبرهم.

وكان هؤلاء الأربعة من مخلصي الشيعة في الكوفة ، التحقوا بالحسينعليه‌السلام بالعذيب قبل وصوله إلى كربلاء.

ترجمة عمرو بن خالد الأسدي الصيداوي

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٨١)

كان عمرو من أشراف الكوفة ، مخلص الولاء لأهل البيتعليهم‌السلام . قام مع مسلم بن عقيل ، حتى إذا خانته الكوفة لم يسعه إلا الاختفاء. فلما سمع بمقتل قيس بن مسهر ، وأخبر أن الحسينعليه‌السلام صار بالحاجر ، خرج إليه مع سعد مولاه ، وجابر بن الحارث السلماني ومجمع بن عبد الله العائذي ، وابنه خالد ؛ واتّبعهم غلام لنافع البجلي بفرسه المدعو (الكامل) فجنبوه. وأخذوا دليلا لهم الطرماح بن عدي الطائي ، وكان جاء إلى الكوفة يمتار لأهله طعاما. فخرج بهم على طريق متنكبة ، وسار سيرا عنيفا من الخوف ، حتى انتهوا إلى الحسينعليه‌السلام وهو بعذيب الهجانات ، فاستقبلهم. وقالعليه‌السلام :أما والله إني لأرجو أن يكون خيرا ما أراد الله بنا ؛ قتلنا أو ظفرنا.

٥٩ ـ احتدام القتال إلى زوال الشمس :

(الإرشاد للشيخ المفيد ، ص ٢٣٨)

وكان القتل يبين في أصحاب الحسينعليه‌السلام لقلة عددهم ، ولا يبين في أصحاب عمر بن سعد لكثرتهم. واشتدّ القتال والتحم ، وكثر القتل والجراح في أصحاب أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام إلى أن زالت الشمس.

٨٠