تربة الحسين عليه السلام الجزء ١

تربة الحسين عليه السلام33%

تربة الحسين عليه السلام مؤلف:
الناشر: دار المحجّة البيضاء
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 232

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 232 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 59751 / تحميل: 3716
الحجم الحجم الحجم
تربة الحسين عليه السلام

تربة الحسين عليه السلام الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دار المحجّة البيضاء
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

عدها العالم فون إيكونومو ، وهي التي تسيطر على نشاط البدن وفعاليته جميعا وهي التي يكمن فيها النشاط الفكري ، والتخيل الذهني ، وشخصية الانسان إجمالاً ، أو كما وصف الدماغ أحدهم فقال : هذا هو عجيبة الدهر الذي في تلافيفه بنيت المختبرات واستنبطت الاختراعات ، وبين تعاريجه أسست معاهد العلم ، وعلى تحاديبه نصب ميادين الطيارات والسيارات ، وداخل تجاويفه سطعت الكهرباء ، كتلة صغيرة وسعت ما ضاق به الكون الفسيح ، هذا هو رافع الإنسان إلى أعلى الرتب وهذا هو أساس العلم والعمران(1) . أو كما أراد أن يصفه العالم الأمريكي جودسون هويك عندما ألقى محاضرة في معهد التاريخ بنيويورك ديسمبر 1957 فقال : لو جمعنا كل أجهزة العالم من الرادار والتلغراف والتلفزيون والتلفون ثم بدأنا بتصغير ما اجتمع لدينا حتى توصلنا بهذه الكومة الهائلة من الأشرطة والأجهزة المعقدة إلى حجم الدماغ فإنها لا تبلغ في تعقيدها مثل الدماغ؟! ..

الحمات الراشحة :

في الخلية يكمن سر الحياة وخاصته في النواة حيث ترقد الكروموسومات ( الصبغيات ) التي تحدد الجنس وصفات النوع إلى الأجيال القادمة ، ولقد وجد أن النقلة من عالم الجماد إلى عالم الأحياء الذي يمتاز بالتكاثر والتغذي والتنفس والحس إنما تتم عن طريق الخلية التي تظهر أوضح ما يكون في عالم الحمات الراشحة ، حيث وجد أن بعض الحمات الراشحة تأخذ طوراً صفات الجماد فيدرسها الكيمياوي على أساس أنها مادة ليست حية فهي تتبلور كما هي في صفات الجمادات وإن كانت ذرتها كبيرة ومعقدة ، وطوراً آخر يدرسها الجرائيمي على أنها حمات

__________________

(1) عن كتاب هذا الانسان للدكتور حبيب صادر بتصرف.

٤١

راشحة لأن فيها صفات الأحياء وهي التكاثر ، ولذا فإنها مخلوقات عجيبة ، والحمات لا تتطفل إلا على الأحياء ولذا فهي لا تعيش إلا داخل الخلية ولها أنواع متعددة مثل حمة الجدري وحمة شلل الأطفال وحمة النزلة الوافدة وحمة فسيفساء التبغ والعاثيات وهذه الأخيرة تسطو على الجراثيم خاصة ، ولذا فإن هذا الانتقال من طور إلى طور وبشكل يدعو للتأمل والعجب من الجماد إلى الحياة وبالعكس ، إن هذا قد يجعلنا نقول لعل سر الخليقة يكمن في هذا التحول عندما يقول الله كن فيكون؟!!

تكوين الاعضاء والاجهزة :

في جسم الانسان ألف مليون مليون خلية [ 1000,000,000,000,000 ] وهذه الخلايا تشكل مجموع الأجهزة في الانسان مثل جهاز التنفس ، وجهاز الهضم ، والجهاز البولي ، والجهاز التناسلي ، والجهاز اللنفاوي ، والجهاز الدموي ، والجهاز العضلي ، والجهاز الصقلي العظمي ، والجهاز العصبي ، والجهاز الجلدي ، والجهاز الضام ، بالاضافة إلى الحواس كالسمع والبصر والذوق والشم والإحساس عن طريق الجلد ، فمجموع هذه الأجهزة تتعاون معاً لتشكل كينونة واحدة هي الكائن الانساني ، كما أن الجهاز الواحد بالذات ينقسم إلى أعضاء مثل الجهاز الهضمي الذي ينقسم إلى الفم واللسان والحلق والبلعوم والمري والفؤاد والمعدة والبواب والاثني عشرية والأمعاء الدقيقة ثم الأمعاء الغليظة ثم السين الحرقفي ثم المستقيم ثم الشرج ، وهو كما نرى يؤلف حوالي 12 ـ 13 عضواً ، وهذه الأعضاء تتعاون تعاوناً وثيقاً فيما بينها لتؤدي دوداً بالغ الأهمية بالنسبة للكائن الإنساني وهو التغذية ، ومثل آخر على ذلك جهاز التنفس حيث يشترك الأنف أو الفم في أول مجرى التنفس وخاصة مجرى الانف ثم الحلق ثم الرغامي ثم القصبات ثم القصيبات ثم الأسناخ الرئوية التي يبلغ عددها 750 مليون سنخ رئوي وتفرش سطحاً مساحته سبعون متر مربع وكله

٤٢

للتبادل الغازي بنظام محكم بديع ، وهو كما ترى حولي 5 ـ 6 قطع أعضاء ، وهذه الاعضاء تتعاون معاً تعاوناً وثيقاً لتؤدي غرضاً بالغ الاهمية بالنسبة للكائن الانساني وهو عملية التنفس وتتلخص في نقل الأكسيجن إلى الكرية الحمراء حيث يرتبط بالهيموغلوبين الموجود في الكرية الحمراء وهذه تنقلها بدورها إلى الأنسجة العطشى حيث تقوم عمليات الأكسدة والاحتراق واستنفاذ الغذاء ونشر الطاقة والحرارة اللازمه الضرورية للانسان حتى يتابع مسيرة الحياة ، ثم نقل غاز الفحم الناتج من الاحتراق عبر الأوردة حتى يصب مجموعها العام في القلب الأيمن أي الأذينة اليمنى ثم البطين الأيمن ثم ينتقل عبر الشريان الرئوي إلى الرئتين حيث يجري طرح غاز الفحم إلى الخارج حيث ينقلب الدم الفاسد الاسود إلى دم أحمر قان يحمل الأكسجين بدلاً من غاز الفحم ثم ينتقل بدوره إلى القلب الأيسر أي الاذينة اليسرى بواسطة الاوردة الرئوية الاربعة حيث تصب في أعلى الاذينة اليسرى وبالتالي إلى البطين الايسر ثم عبر الشريان الأبهر أو ما يسمى بالوتين إلى جميع أجهزة الجسم حيث تتغذى بواسطة الاكسجين والاغذية المنقولة إليها.

الانسجة :

ذكرنا فيما مضى أن الخلايا الموجودة والتي تشكل الانسان تصل إلى حوالي الف مليون مليون خلية وهذه تتوزع إلى أجهزة متعاونة متفاهمة ، وهذه الاجهزة تنقسم إلى أعضاء متعاونة متفاهمة متناسقة يكمل بعضها عمل بعض وتتساند فيما بينها ، وكذلك فإن العضو نفسه ينقسم إلى أنسجة متعاونة متناسقة يكمل بعضها بعضاً ، ومثلاً على ذلك المعدة فهي تنقسم إلى أربع طبقات من الناحية النسيجية ، فلو تأملناها من الخارج لرأينا أنها تشبه القربة وهي مكونة من قطعة واحدة من اللحم ، ولكن لو أخذنا جدار المعدة وحاولنا أن نتبين محتوياته تحت المجهر المكبر

٤٣

لوجدنا أن هذا الجدار مكون من أربع طبقات فهو أشبه ما يكون بجدار يغلفه جدار ثان ، والجدار الثاني يغلفه جدار ثالث ثم جدار رابع ، وهذا ما يعلل لنا لماذا تستطيع المعدة أن تهضم اللحم وهي لحم ، ومع ذلك لا تنهضم مع الطعام ، فأما الجدار الداخلي الاول فنراه مكوناً من طبقة من الخلايا المخاطية التي تفرشه حيث تقوم بإفراز حمض كلور الماء بنسبة معينة هي أربعة بالالف ، ومن خلايا معينة وهي الخلايا المسماة بالخلايا الهامشية بالإضافة إلى الخمائر وإلى ما يسمى بالعامل الداخلي وهو الذي يقوم بالدور الاساسي في تكوين الفتامين ب 12 الذي يلعب دوراً هاماً وحيوياً في تكوين الكريات الحمر ووقاية الانسان من فقر الدم وتحت هذه الطبقة نجد طبقة أخرى وهي ما تعرف بالطبقة تحت المخاط ، وتحت هذا الجدار الثاني نرى جداراً ثالثاً يغلف الثاني وهذا الجدار الثالث عضلي وهو الذي يتمطط فيما إذا امتلأت المعدة كثيراً والتكوين العضلي ليس واحداً بل يترتب أيضاً على ثلاث طبقات هو الآخر ، حيث نرى أولاً طبقة عضلية ذات اتجاه منحرف ، ثم طبقة أخرى عضلية ذات اتجاه دائري يحيط بالجدار المعدي ، ثم طبقة عضلية ثالثة ذات اتجاه طولاني ، وهذا الترتيب البديع مهم للغاية حيث يسير التمطط المعدي في أي اتجاه كان ، فاذا امتلأت المعدة ولنفرض بسائل ثقيل يترسب في القاع فإن عمل العضلات الدائرية يلعب دوراً اساسياً هنا ، وإذا امتلأت بطعام يملأ الفضاء المعدي برمته فإن عمل العضلات الطولانية هو الذي يحل المشكلة هنا ، وإذا اجتمع العاملان معاً تضافرت العضلات الطولانية والدائرية معاً ، وإذا لم يكن هناك نظام معين في تمدد المعدة تضافرت العضلات بأشكالها الثلاثة معاً؟!! ثم يحيط بالجدار الثالث جدار رابع وهو ما يسمى بالطبقة المصلية وهذه الطبقة هي الدرع الذي يغلف الطبقات جميعها من جهة كما يكون صلة الوصل مع

٤٤

بقية الاجهزة داخل البطن بالإضافة إلى دخول التروية الدمويه من خلال هذه الطبقة حيث تغلف وتستر الاوعية الدموية والاعصاب ، وأما الاعصاب فهي تشكل ضفائر عصبية تسمى بضفائر مايسنر وأورباخ ، تتوضع الأولى تحت الطبقة المخاطية وتتوضع الضفيرة الثانية ما بين الطبقات العضلية ، أو باضبط ما بين الطبقة العضلية الطولانية والدائريه ، ثم لنلق نظرة أدق مما ذهبنا إليها خاصة ونحن الآن انتقلنا من المستوى الذي نرى فيه رأي العين المجردة إلى النظر عبر التكبير وهي الرؤية المجهرية حيث نصل إلى اسرار جديدة وألغاز حديثة كشف العلم الحديث عن بعض أسرارها ...

الغشاء العاقل :

نحن الآن مع النسيج حيث نرى الحجر الخلوية وهي تتراص جنباً إلى جنب وبين الحين والآخر نرى ما يشبه النهر الصغير وهو يمر ما بين الخلايا ويصغر تدريجياً حتى يصل إلى درجة من الصغر لا نستطيع أن نميزه ونحن نتابع مسيره ، وهكذا يكون قد ضاع ما بين الحشود الخلوية وهذه هي صورة التغذية الخلوية حيث تتم التغذية عن طريق التشرب ، وحيث يحيط بالخلايا السائل الخلالي وكأن مجموع الخلايا وهو هكذا بالفعل يغطس في سائل كالاسفنجة التي تغطس في السائل

وحتى يمكن لنا أن نفهم كيف تتغذى الخلايا فان هذه الصورة البسيطة غير مقنعة تماماً خاصة لمن يريد أن يصل إلى أعماق الحقيقة وهذا ما دفع بالاطباء والباحثين أن يتعرفوا إلى كنه الامور وحقيقتها قدر الإمكان لقد وجدوا أن للخلية غشاء يغلفها ويمتاز هذا الغشاء بخاصية عجيبة وهي أن يشبه المرشحة الانتخابية فهذا الغشاء ترشح منه المواد من داخل الخلية إلى خارجها والتي تمثل نتائج الاستقلاب وبقايا الفضلات الفاسدة وغاز الفحم كما أنها تدخل المواد التي تحتاجها الخلية

٤٥

من السكر والماء وسواهما ، ولكن العجيب يكمن في أنها تدخل ما تشاء وترفض ما تشاء عن طريق الغشاء الخلوي فمثلاً تسمح وبمنتهى السرعة بدخول مادة البوتاس حيث يشكل البوتاس الموجود ضمن الخلايا 98% من بوتاس البدن عامة و 2% يوجد في الدم بينما تمنع شاردة ( معدن ) الصوديوم والكلور لان المنطقة الانتحابية لمادة الصود هي خارج الخلايا وهذه وتلك معدن. فالصود والبوتاس معدنان متقاربان ولكن الغشاء يرفض الاول بينما يأخذ الثاني هذا مع العلم ان ذرة البوتاس وزنها 39 بينما وزن ذرة الصود 23 أي أن ذرة البوتاس أكبر وأثقل ، وبالإضافة إلى هذه نجد أن الغشاء لا يسمح بدخول المواد البروتينية بينما يسمح بدخول السكر والبولة وهذه الخاصية عجيبة في الواقع ، فما هو السر الذي يجعل هذا الغشاء يتصرف كالعاقل ، فهو يرفض إدخال عنصر كالصوديوم مثلاً بينما هو يسمح بإدخال عنصر آخر كالبوتاسيون حتى لتعتبر الخلية الملجأ الامين الوحيد لشاردة(1) البوتاسيوم في البدن.

وأما تكوين الغشاء الذي يحيط بالخلية وثخانته والعمل الذي يقوم به فهو فعلاً مدهش فلقد وجد أن ثخن الغشاء يتراوح وسطياً ما بين 120 ـ 140o A ( كنا قد ذكرنا أن الانغسترومo A يساوي جزء من (10) عشرة ملايين من السنتيمتر ) وهو يتركب من طبقتين من المواد الدسمة وتكون هتان الطبقتان الدسمتان ( يقصد بالدسم الشحوم ،

__________________

(1) نقصد بالشاردة أن العنصر نفسه مثل البوتاسيوم عندما ينحل في السوائل فإنه يتشرد بمعنى أن الكترون من مداره يفلت أو يصبح شريداً؟! ولذا فإن عنصر البوتاسيوم يصبح من ناحية الشحنة موجباً وذلك لان عدد البروتونات في النواة تصبح أكثر من الالكترونات في المدارات بواحد ولهذا يصبح البوتاسيوم عنصراً قلقاً حزيناً يبحث عن هذا الالكترون الهارب وبذا يحاول ان يتحد مع العناصر الاخرى ليستقر ويسحب الكترون إلى مداره حتى يعرض عن ذلك الالكترون الآبق!!

٤٦

والشحوم عادة يدخل في تركيبها الفحم والهيدرجين والأكسيجن بخلاف البروتين الذي يدخل في تركيبه بالإضافة الى ما مر الآزوت ) مغلفتين بطبقتين أخريين من الموارد البروتينية والآن أين الثقوب التي تمر منها المواد والذرات من داخل الخلية إلى خارجها؟ إن الجواب على هذا هو أن أحدث ما توصل اليه العلم عن طريق المجهر الالكتروني الذي يكبر حوالي 100 ـ 600 ألف مرة أن الثقوب هي بحالة ديناميكية غير ثابتة ، أي أنها تتشكل من وقت لآخر حيث تتعرى مناطق ثم تنستر لتحدث في مناطق أخرى ثقوباً جديدة وهكذا ، وهذا يجلعنا نقف متأملين عن قدرة الخلية العيبة التي يستهلك منها جسم الانسان كما مر معنا 125 مليون خلية في الثانية الواحدة!!!

إلى داخل الخلية :

والآن لنحاول أن ندخل عبر ثقوب الغشاء الخلوي إلى داخل الخلية لنرى العالم الذي يقع خلف هذا الستار المجهول.

ليست الخلية حجرة صغيرة محاطة بغلاف وفيها سائل متجانس بل إنها كالبحر الذي يعج بأنواع مختلفة من الحيتان والاسماك والحيوانات المختلفة ، فلننظر إلى هذه العناصر الموجودة داخل الخلية وهذا قبل الوصول إلى النواة ، لان النواة كما ذكرنا فيها سر حياة الخلية وسنفرد لها بحثا خاصاً. أولاً وجد أن تركيب الانسان من العناصر هو بالنسب المئوية التالية : من عنصر الاكسيجن 81 و 62 ومن الفحم 37 و 19 ومن الهيدرجين 14 و 0 ، ومن الآزوت 38 و 1 ومن الكلس 63 و 0 ومن الفوسفر 64 و 0 ومن الكبريت 26 و 0 ومن الصود 18 و 0 ومن الكلور 22 و 0 ومن الماينزا أقل من 04 و 0 والعجيب في هذه النسبة انها تشبه النسبة الموجودة في النباتات في زمن الربيع عندما تزهر فهل هذا لان الانسان يمثل ربيع الوجود؟!!

٤٧

الماء والحياة :

وأما الماء فهذا يحتاج لحديث كامل لوحده ذلك لانه يمثل أساس الحياة فهو يدخل في تركيب جميع الكائنات الحية وطالما وجدت الحياة فحتماً سيوجد الماء معها ، وهو يدخل في تركيب الخلية بشكل حيوي أساسي ، ولنسمع الى أستاذ علم النسج في كلية الطب وهو يقول لنا بالحرف الواحد : يتخلل الماء جميع الانسجة ولا حياة للخلايا بدون الماء وصدق الله العظيم إذ قال :( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) ـ واضيف له تتمة الآية لأن سياق الآية ليس له معنى(1) إذا كان لا يدل على الشيء الذي أراده من معجزة الماء ـ وهو يوجد في الخلية بثلاثة أشكال وليس بشكل واحد عادي كما نعرفه نحن في الحياة الطبيعية فهو يوجد بشكل متحد اتحاداً كيمياوياً في هيولى الخلية أو متشرب بجزئياتها أو كما يوجد الماء في عيون الإسفنح ، والماء يتمتع بنسبة ثابتة في الخلية حسب ما تحتويه من الشحوم. ثم لنلق نظرة على محتويات الخلية غير المصورة ، أي الاجزاء التي لا تتجمع بشكل كتل وتأخذ أحجاماً وصوراً معينة ثابتة وتقوم بدور معين كما ذكرنا عن المصورات الحيوية أو ما تسمى بالميتوكوندريا إننا نجد أولاً الماء كما ذكرنا ثم الاملاح المعدنية حيث تحتوي خلايا جميع الاحياء ما يلي من العناصر المعدنية بالدرجة الاولى P,O,N,H(2) ثم عناصر ثانوية وهي Na ( صوديوم ) Mg مغنزيوم ، S كبريت ، CL كلور ، K بوتاس ، Ca كلس ، Fc حديد ، ثم عناصر بكمية قليلة جداً وهي B بور ، F فلور ، Si سيليس ، Mn منغنيز ، Cu نحاس ، I يود وهكذا نرى وسطياً في كل خلية حية من العناصر المعدنية حوالي 18 عنصراً وهي العناصر الموجودة في

__________________

(1) وتتمة الآية أفلا يؤمنون؟!

(2) هذه الرموز هي كالتالي H هيدرجين C فحم N آزوت O اكسجين P فوسفور.

٤٨

التراب الذي نعيش عليه مصداقاً لقول الله تعالى :( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ) .

رحلة مع ذرة السكر :

والآن الى سر جديد من اسرار الخلية :

بعد أن عبرنا ثقوب الغشاء الخلوي عبر تلك البوابات السرية المتحركة فإننا نواجه جدار الخلية من الخارج وإذا بالجدار ينفتح منه باب للدخول وهذا الباب ليس للعموم فمن شاء دخل بل ان على الثقب بواباً عاقلاً حكيماً فهو يسمح لبعض الذرات بالدخول كما في ذرة البوتاس ويمنع ذرة الصود مع أن ذرة البوتاس أكبر من ناحية الوزن الذري من الصود ولكن انها ارادة البواب العاقل الذي يقف على البوابة السرية المتحركة التي تكمن في أي نقطة من جدار الخلية ، من هذه الذرات الهامة التي معها اجازة دخول ذرة السكر ، ولكن هل الخلية هي المركز الأول للتفتيش والدخول لنر؟ إذن فلنحاول الآن أن نتتبع مسير ذرة السكر من نقطة الدخول الأولى حتى تستحيل الى غازات تنطلق في الهواء وهي غاز الفحم ونجار الماء

إذا رافقنا ذرة السكر نجد انها إذا كانت من نوع النشويات بدأت بالتغير من لحظة مرورها الاولى بالفم وذلك بسبب وجود خميرة النشا في الغدد اللعابية الموجودة في الفم وهي غدة تحت الفك وغدة تحت اللسان والغدة النكفية ، وأما إذا كانت من أنواع السكاكر الأخرى ـ وللسكاكر أنواع وليست نوعاً واحداً كما يتوهم حيث تنقسم إلى سكاكر خماسية وسكاكر سداسية والأخيرة لها أنواع عديدة منها سكر العنب وسكر اللبن وسكر الثمار وغيرها ـ فانها تصل إلى الامعاء وهناك يحصل لها التغير الاساسي حيث لا يمكن لها أن تدخل جدار المعي بدون جواز مرور وهذا الجواز هو عملية الفسفرة في مصطلح الكيمياويين ومن هناك تصل الى الكبد عبر الدوران حيث يعتبر مركز الجمارك العام

٤٩

وهنا يحصل أعجب وأغرب الأشياء في البدن وهو تحول السكر الى ما يسمى بالغليكوجين أو مولد السكر لأن هذا يعتبر المركز التمويني العام للسكر في الدم وحتى نعرف تنائج هذا الأمر فاننا يجب أن نعرف ان كمية السكر في الدم في حدود 5 ـ 6 غرامات وهذه لا تكفي أكثر من ربع ساعة لحاجة البدن فمن أين سيأتي امداد الدم بالسكر وبشكل منتظم ، خاصة وإذا علمنا ان غذاء الخلايا العصبية الأول والمفضل هو السكر بالدرجة الأولى فاذا حصل نقص عن 50 ملغ في 100 سم3 من الدم فان المرء يشعر باضطراب ذهني وانزعاج ، وإذا هبط أكثر من ذلك عن 40 ملغ اصيب المرء بارتعاشات عضلية واغفاء متزايد واختلاجات ، وإذا حصل أكثر من هذا حدث ما يسمى بالسبات السكري وهي حالة الغيبوبة الكاملة بسبب نقص السكر الشديد!! إن الذي يؤمن كل هذا هو الكبد مركز التموين الأول لأن السكر حينما يمر الى الكبد ينظر الكبد نظرة البصير في وضعه فاذا كان يحتاج اليه قلبه من سكر عادي الى مولد سكر ( غليكوجين ) وإذا زاد عن حده الذي يريده حوله الى مراكز التموين الأخرى وهي العضلات حيث يختزن هناك أيضاً بشكل مولد سكر يكون تحت الطلب ، وبعد هذا يكون هناك انتظام ما بين مقدار السكر في الدم ووضعه في الكبد فاذا استنفد البدن السكر قام الكبد بشكل آلي تلقائي بحل السكر المتكاثف عنده إلى سكر بسيط مستساغ الى الدم ومن الدم ينتقل الى كل خلايا الجسم التي تحتاجه ، وهنا نتساءل : يا ترى ما الذي يحدث للسكر عندما يعبر الدم الى الكبد هل يتحول كله الى مولد سكر أم ماذا وذلك قبل أن نصل الى خاتمة المطاف في الخلية؟ ان الطب يجيبنا فيقول ان أمام السكر ثلاثة طرق وهذه الطرق تنظم أيضاً بحسب حاجة الجسم فهو أما أن يجتاز الطريق السريع فوراً فلا يتحول

٥٠

الى شيء خلال الكبد بل فوراً الى الانسجة حيث يحترق ويتحول الى غاز فحم وماء وهذه الطاقة كما ذكرنا تصرف تدريجياً حسب حاجة الخلية وإما أن يتحول إلى دسم وشحم حسب حاجة البدن لذلك وحسب الفائض ولذا نرى أن الاكثار من النشويات تؤدي الى سمنة واما أن يدخل العضلات ليتحول الى مولد سكر كما ذكرنا أو في الكبد ولكن وضعه في العضلات يختلف عن وضعه في الكبد لأن الكبد يقلب الغلوكوز الى غليكوجين عند زيادة الوارد من الغلوكوز ( سكر العنب ) ويحصل العكس أي حل الغليكوجين إلى غلوكوز عند حاجة البدن وهذا طبعاً يمشي باستمرار ودون توقف لحظة واحدة من ليل أو نهار وذلك لأن استهلاك الجسم للسكاكر دائم من أجل تموين الجسم بالطاقة والحرارة اللازمة للحياة

ان مولد السكر في العضلات إما ان يتحول الى حمض لبن اثناء استهلاكه وهذا بدوره يتحول في الكبد من جديد الى مولد سكر أي ان الحلقة تكون مغلقة ولا يضيع شيء سوى هذه التحولات ، واما ان يحرق ويستفاد من القدرة المتشكلة. ثم لنتابع رحلة هذه الذرة التي مرت في هذا الطريق الوعر المنظم الشائك المتناسق!! حيث تصل الى البوابة السرية المتحركة في جدار الخلية حيث يلقى القبض على ذرة السكر بواسطة خميرة ويقوم هورمون الانسولين بدور السائق الذي يوصل الذرة الى الخلية وبدور المسهل لدخول الذرة السكرية الى الخلية حيث تصل الى مثواها الاخير ( فمستقر فمستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون ) سورة الانعام. وهنا لنتساءل مرتين أولاً من الذي يسيطر على كل هذه التفاعلات المعقدة والمنظمة ، ثم كيف يستقر السكر في الدم بنسبة معينة ثابتة لا تزيد أو تنقص وهي غرام واحد فقط في كل ليتر من الدم بحيث ان النقص أو الزيادة يؤدي إلى اضطرابات

٥١

مخيفة أهمها السبات والداء السكري المشهور في الزيادة وهنا يقف المتأمل خاشعاً وهو يرى هذه الاسرار العجيبة وهي تخبره عن بعض التفاصيل الرائعة التي تحدث أولاً هناك من المنظمات الهورمونية ما يحير ، فهناك المنظمات الهورمونية التي تقوم بفعل لجم لزيادة السكر وهناك هورمونات مضادة تفعل بالعكس وهي تعمل بانتظام فالانسولين(1) هو الذي يقوم بانقاص السكر في البدن وذلك بزيادة ادخاله الى الخلايا لزيادة استخدامه او لحجم انحلاله من الكبد وزيادة قابليته للتحول الى الدسم وانقاص التحولات الأخرى التي تصل الى سكر كما في تحولات الدسم والحموض الامينية ، وأما الهورمونات المضادة وهي تشترك جميعها بحل السكر فهي هورمون الفلوكاكون الذي يفرز من المعثكلة وهورمون النمو من الفص الامامي للغدة النخامية وبعض هورمونات قشر الكظر والإدرينالين من لب الكظر(2) وكذلك البتروكسين وهو هورمون الغدة الدرقية الذي يتعاون أيضاً في الاستقلاب وحل السكر أيضاً ، وأما الثبات والتوازن ما بين هذه الهرمونات وتنظيم افرازها بالتعاون مع الكبد وجعل السكر في ثبات واستقرار في الدم ، ان الأمر فعلاً يدعو الى الدهشة والعجب ولكن لا عجب في ابداع خلق الله( صنع الله الذي اتقن كل شيء ) النمل.

تكوين البروتين الخلوي :

وبعد بحث موضوع السكر في الخلية هناك سر مهم أيضاً استطاع العلم الحديث أن يكشف عنه وخاصة بعد اختراع المجهر الالكتروني

__________________

(1) الانسولين هورمون يفرز من المعثكلة من جزيرات خلوية تسمى جزيرات لانفرهانس وسنشرحها بالتفصيل عندما تمر معنا.

(2) الكظر غدة تزن عدة غرامات فوق الكلية وهي قسمان قشر ولب وكل منهما له هورموناته الخاصة.

٥٢

وهذا السر هو في تكوين البروتين الخلوي لأننا كنا قد ذكرنا ان الغشاء الخلوي لا يسمح بدخول البروتينات الى داخل الخلية فكيف إذن يتكون البروتين الخلوي اعتمادا على امكانيات الخلية وحدها خاصة وان بعض الخلايا في الجسم تقوم بتركيب هورمانات هي في غاية التعقيد كما في هورمون الانسولين من خلايا بيتا في جزر لانغرهانس من المعثكلة أو البتروكسين من خلايا الغدة الدرقية أو هورمون النمو من العنصر الأمامي من الغدة النخامية أو التستومكرون وهو هورمون جنسي عند الذكور من خلايا لبديغ في الخصية ، حقاً ان الأمر يدعو الى الدهشة خاصة وان الغشاء الخلوي لا يسمح بدخول الذرات البروتينية المعقدة فكيف يحدث الأمر اذن هنا؟؟ حتى يمكن أن نفهم الاجابة بشكل دقيق وصحيح لابد من فهم شيئين ، أولاً ما هو البروتين وكيف يتكون أصلاً؟ وثانياً من الذي يكونه داخل الخلية التي ما زلنا حتى الآن نبحث بعض اسرارها الغامضة المحيرة

ان المواد البروتينية ومنها اللحم هي عبارة عن اجتماع مجموعة ضخمة من الاحماض الامينية والحمض الاميني هوعبارة عن ذرة من اجتماع حمض وأمين كما هو اسمه والحمض معروف والامين هو الذي يوجد في تركيبه ذرة آزوت مع ذرتين من الهيدرجين وتكون صفاته معاكسة للحمض أي تميل للقلوية ، وهكذا فان الحمض الأميني يحمل خاصيتين خاصية الحموضية والقلوية وهي ميزة هامة له وهذا شيء بسيط في أول البحث ولكن كيف تتكون البروتينات المعقدة خاصة وان عدد الاحماض الامينية كثير والاعقد هو اجتماع الاحماض الامينية بشكل اذا اختلف قليلاً عن الآخر فان هذا يعطي مركباً يختلف كل الاختلاف عن المركب الاول حتى ان تبديل بعض الذرات في المركب نفسه يقلب المركب رأساً على عقب. ان السر في هذا يعود الى حد الحياة في الخلية الذي

٥٣

هو النواة حيث يستقر مركز الرئاسة والادارة وتنظيم الأمور هناك وهذا ما كشف العلم الحديث عنه فلنسمع طرفاً من هذا النبأ العظيم بعد الجهود المضنية الشاقة التي رافقت اختراع المجهر الالكتروني والبحث عن أسرار الخلية وجدوا ان الخلية لا يمكن أن تعيش بدون نواة فقالوا ان سر الحياة هو في النواة ، فبدأوا يدرسون النواة وهناك في النواة تبينوا وجود اجسام غريبة

لم يعيروها في اول الأمر انتباهاً كبيراً ولكن مع متابعة البحث والدرس وجدوا ان هذه الاشكال ثابتة كما انها في كل انقسام خلوي عندما تنشطر الخلية الى نصفين يتولد منه خليتين جديدتين بحيث ان الخلية البنت تشبه الام الأصلية تماماً وجدوا ان لهذا الانقسام علاقة بهذه الموجودات داخل النواة حيث انها تنقسم الى نصفين مع كل انشطار خلوي ووجدوا انها تتلون بالاصباغ بشدة فسموها الصبغيات ، ولكن مع متابعة البحث والجهد تبين للعلماء ان هذه الصبغيات لها دور كبير في الوراثة حيث ان الصفات الوراثية تكمن في هذه الصبغيات وحيث تنتقل من الآباء إلى الابناء والاحفاد من خلالها وتبين للعلماء ان هذا الأمر ثابت في كل الانواع الموجودة من الاحياء النباتية أو الحيوانية أو حتى الانسان بالذات.

وهنا يتساءل المرء : ولكن أين تقبع هذه الصفات الوراثية في خلية لا ترى إلا بالمجهر؟ اللون للشعر والعينين ، طول القامة ، لحن الصوت ، قسمات الوجه ، شكل المشية ، المزاج ، تشكيل العظام والعضلات ، شكل الاصابع والأظافر ، استطاعة الأنف ، فتحة العينين ، اهداب الاجفان ، استدارة الصدر ، المفاصل ، الهورمونات ، الاخلاط ، العدد ، الزمر الدموية ، الأمراض الوراثية ، شكل الجمجمة الخ ) كلها أسرار من الاسرار التي لا يعرف العلم عنها حتى الآن إلا القليل

٥٤

وما لنا نستعجل فلنسمع الحديث إلى الآخر!!

يقول العلماء ان هذه الصبغيات هي الاساس في الوراثة ولكن ما هو تركيبها يا ترى؟ وبدأ البحث المضني حتى استطاعوا أن يتعرفوا ـ ليس فقط على تركيب هذه الصبغيات ـ بل توصلوا إلى اثبات ان هذه الصبغيات لها ما يشابهها في التركيب ايضاً في داخل الخلية وجدوا ان الصبغي مكون من اجتماع حمض فوسفور وسكر خماسي ( أي فيه خمس ذرات فحم وهو سكر الريبوز ولذا سمي المركب بالحمض الديبي ) بالاضافة الى مركب عضوي آزوتي فاطلق على هذا المركب الثلاثي الحمض الديبي النووي واختصاراً سمي بـ د. ن. آ D.N.A ووجد ان هذا الحمض يشبه السلم فيه عمودان يربط بينهما درج ولكن هذا السلم ليس مستقيماً بل ملفوف على نفسه بحيث اننا لو جعلناه على استقامة واحدة وربطنا العمودين ببعضهما لامتد هذا الحمض خارج النواة مسافة متر ونصف؟!! كما وجد ان هناك احماضاَ تشابههن؟ في الخلية ولكن لها ميزة تختلف عن ميزة الاول من ناحية تركيب ذرة الاكسجين فقط فيه فمسي R.N.A ر. ن. آ ، ووجد من هذا الاخير ثلاثة أنواع في الخلية الواحدة

والآن بعد هذه المقدمة لنعرف كيف يتم تركيب البروتين في هيولي الخلية ( المادة التي تحيط بالنواة وتقع ما بين النواة والغشاء الخلوي تسمى بالهيولي الخلوية ) لقد وجد ان في هيولي الخلية الواحدة ما يقرب من 500 الف جسيم ريبي أي من النوع الأخير الذي شرحناه بالاضافة الى 500 مصورة حيوية ( مرت سابقاً وستشرح لاحقاً ) بالاضافة إلى 500 مليون ذرة انزيمية!! والأهم لقد استطاع العلماء أن يتعرفوا وبالجهود المضنية طبعاً ان الحمض د. ن. آ D.N.A يشبه الاستاذ الذي يعطي المعلومات لتلاميذه لكي يقوموا بأمر ما وإذا بالحمض الثاني ر. ن. آ

٥٥

R.N.A ينطلق من النواة كالرسول الذي يحمل رسالة هامة وهناك يقترب من الجسميات الريبية في الهيولي (نوع من انواع ر. ن. آ الثلاثة ويهمس لها سراً في أن تقوم بعمل ما وهنا يتحرك طرق ثالث في القضية وهو النوع الثالث من الحمض ر. ن. آ R.N.A ويسمى بالناقل أو المنحل فينادي الأحماض الامينية أن هلمي إلي فتجتمع إليه لتسمع ماذا سيقول لها وهنا يضعها تحت تصرفه ثم يبدأ ليصفها بشكل فني دقيق ماهر وكأنه أعقل العقلاء حتى يبني منها البروتين الذي يناصبه أو الهورمون الذي يريد إطلاقه فمن علسّمه يا ترى كل هذا؟!!

مريكز الخلية :

ومن جملة هذا العنصر لنسجه في السائل الخلوي المركز وسمي بذلك لأنه يحاول أن يكون في مركز الخلية واضعاً النواة إلى أحد أقطاب الخلية والعجيب في هذا العنصر انه يتكون من اسطوانة فيها تسعة أنابيب أو الياف أخرى فما هو السر في الرقم يا ترى ولماذا ترتبت بهذا الشكل ايضاً؟ هذا الأمر سر من الاسرار ، ولقد وجد أن هذا المريكز يظهر وكأنه المخطط والمهندس لمرحلة النشطار الخلوي حيث أنه يقوم أثاء انقسام الصبغيات فيرسم خطوطاً وطرقاً دقيقة أمام الصبغيات المنشطرة وهذه الخطوط تشبه بشكلها المغزل ثم لا يلبث أن يتكون في الخلية من كل طرف ما يشبه الكوكب المشع ، وكأنه القمر المنير في الظلمات ولذا سميت هذه الاشعة بالأشعة الكوكبية وتصدر الأوامر للصبغيات أولاً أن تقف بحالة استعداد في منتصف الخلية ثم يؤمر كل شطر من شطري الصبغي المنقسم أن يتجه إلى أحد طرفي الخلية ولكن كيف سيمشي في هذا الظلام؟ لا حرج عليه ان هذا النور الهادي وهذه الاشعة العجيبة التي تخطط له السير وتوضح له الطريق تجعله يمشي على هدى هذا الشعاع وهو يتهادى ويمشي في هدوء حتى

٥٦

يصل الى طرف الخلية الاول حيث يكون قد وصل في الوقت نفسه توأمه لى الطرف الآخر وهكذا تنقسم الخلية إلى قسمين بعد أن تنشطر الصبغيات بهذه الكيفية.

فمن الذي علم هذا الجماد أن يقوم بكل هذا التناسق والإبداع ومن أعطاه هذه الحكمة ودرسه فنون الحركة الرائعة المتناسقة الحكيمة؟!! ..

تفسير نشأة الحياة :

والآن بعد هذا البحث الذي يعد موجزاً بسيطاً جداً عن بعض اسرار الخلية يحق لنا أن نتساءل كيف نفسر نشأة الحياة وظهور الخلية الأولى في الحياة؟ ومع كل الوضوح الذي يشير إلى الجواب بدون تكلف نجد بعض المؤلفين والكاتبين السين يقفون ليتكلموا بطريقة علمية نرى ان ذهنهم العلمي يخونهم في أدق المواقف وأحرج التفسيرات وأهمها ، ومن هؤلاء استاذ يدرّس في كلية الطب في قسم النسج يقول ما يلي بالحرف الواحد :

« إن علم الحياة وما تفرع عنه من علوم أخرى على النحو المار ذكره ما تزال جميعها عاجزة عن تفسير كيفية نشوء الحياة الاولى وتكون أول مادة حية على سطح الأرض ، ولعل نظرية النشوء الذاتي الأولى في ظروف خاصة وعهود متناهية في القدم هي النظرية الاكثر قبولاً في القوت الحاضر ».

ونقف قليلاً لنناقش الكاتب في هذه العبارة. أولاً : نظرية النشوء والتولد الذاتي من الناحية التجريبية نقضها العالم باستور من الأساس في تجربته المعروفة المشهورة.

ثانياً : ماذا تعني كلمة النشوء الذاتي ، هل تغني أن الخلية خلقت نفسها بنفسها أو أنها تكونت صدفة من اجتماع العناصر ، أو الاحتمال الثالث وهو لا أدري؟!! فاما انها أوجدت نفسها بنفسها فهو كلام متهافت لأن معنى الخلق هو الايجاد فكيف توجد نفسها بعد أن لم تكن موجودة

٥٧

وأما الصدفة فليرجع الى بحث المصادفة في أول الكتاب ، وأما لا أدري فلا ندري بماذا نجيب عليه!!!

من هنا نفهم ماذا يعني ان الانسان عندما بخوض بحثاً ما ثم يخونه ذهنه العلمي أو أنه لا يستعمل ذهنه العلمي في هذا المجال الخطير الذي يجب على العالم أن يقرر قبل كل الناس حقائق الامور وبديهياته وهو ما قاله رب العزة( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) إنه ليس هناك من مكان للصدفة خاصة وقد بحثنا هذا الموضوع في أول مدخل الكتاب حتى ننفي الحظ والفوضى في بناء الكون ونشأة الحياة ، وهكذا تسد جميع الأبواب أمام من يتأمل في هذه الظاهرة العجيبة ولا يجد إلا الحق الابلج الواضح المبين وهو يقلو له( الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل ) ثم لنسمع مع ذلك كلاماً في هذا المجال لأحد العلماء لا لنسند فكرتنا منه لأن ظهور هذه الفكرة وبديهيتها تضغط على العقل البشري ولا تجعل له مهرباً من الاعتراف بها طائعاص أم مكرهاً يقول بوخز وهو من أكثر الماديين غلواً ومن الذين اتهموا داروين بأنه يصانع رجال الكنيسة وقف أمام ظاهرة خلق الحياة من جماد ليقول بالحرف الواحد : ( إن البتّ في أمر التولد الذاتي للكرية الأولى التي نشأ عنها الأصل الأول أمر غير متيسر ، لأن الأحوال المناسبة لتولد الكرية الأولى تولداً ذاتياً غير معروفة ، والكرية ذاتها على بساطتها ذات بناء وتركيب يمتنع معه صدورها من الجماد مباشرة ، بل إن ظهورها من الجماد ليعد في نظر العلم معجزة ليست أقل بعداً عن العقل منظهور الاحياة العليا من الجماد مباشرة ) وصدق الله الخالق حينما يقول :( ذلك الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل. لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخير. ) سورة الانعام. وهكذا نكون قد انتهينا من البحث الأول وهو مبحث الخلية حتى ندخل الآن التركيب المادي لأجهزة الإنسان المعقدة وعالمه النفسي الغريب المجهول.

٥٨

تخلق الإنسان

يقول الخالق العليم :( ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين. ثم إنكم بعد ذلك لميتون. ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ) سورة المؤمنون

لنحاول على ضوء هذه الآية أن نتبين بعض الاسرار المادية في تكوين الإنسان وتخلقه حيث استطاع الطب الحديث أن يكشف بعض أسرار التكوين ، وذلك بعد أن مررنا في الأبحاث الأولى على مكوّنات الخلية المعقدة وبعض اسرارها المحيرة

إن تكوين الانسان من ناحية العناصر التي تتعاون في تركيبه هي بالدرجة الأولى من الماء حتى ليقال ليس الإنسان سوى برميل صغير من الماء مع عناصر معدنية أخرى نستطيع أن نكوّن منها مسماراً صغيراً من الحديد وراس عود ثقاب من الكبريت وكمية من الكلس تعين في دهن جدار من مادة الكلس التي تستعمل لتبيض الجدران وعناصر أخرى بحيث أنها لا تبلغ في القيمة سوى ما يعادل 40 قرشاً سورياً ، ولكن السر لا يكمن في نوعية المواد وإنما يكمن في كيفية تركيب هذه المواد بعضها إلى بعض ، وهذا المثل ينطبق على أبسط ذرات الخلية كما ينطبق على أعقد التركيبات الحيوية التي تتولد من الجسم

إن العنصر الذي يتكون من الجسم مهما بلغ من البساطة كما في الهورمونات والمنتجات الحيوية يتكون من اجتماع ذرات معينة من عناصر التربة نفسها وأهمها المكونات العضوية التي يتداخل في تركيبها الفحم

٥٩

والهيدرجين والأكسجين بالدرجة الأولى ، وهذه العناصر البسيطة تكوّن آلاف الآلاف من المركبات العضوية المعقدة حتى ان علماً كاملاً من العلوم التي تدرس تسمى بالكيمياء العضوية حيث تشترك عناصر معينة محددة في تكوين مئات وآلاف من المواد في الطبيعة ، والغريب في هذه التكوينات ان الذرات الداخلة في تركيبه إذا اختلفت اختلافاً بسيطاً أو تبدلت في موضعها من مكان لآخر حصل مركب آخر مغاير للأول في خواصه وصفاته مغايرة تامة.

العفريت ذو الاقنعة المتعددة :

ومن الأمثلة على ذلك مادة الكولسترول التي يصطنعها الجسم البشري فهي بالأصل مادة شحمية دسمة تعتبر من دسم البدن ولكن هذا المركب يعد من مركبات البدن السحرية ، ولنسمع إلى الطب لكي يقص علينا قصة هذا العفريت الذين يتلون في كل لحظة إلى مركب جديد وشخصية جديدة فهو ذو الأقنعة المتعددة. فهو تارة كولسترول في الدم بشكل دسم ( الكولسترول مادة شحمية اذا ترسبت على جدران الاوعية الدموية سببت ارتفاع الضغط ) وهو تارة أخري بشكل ينافي الكولسترول تماماً مع أن البناء الكيمياوي هو واحد ولكن تغيرت بعض ذرات البناء فقط فإذا بهذا المركب يصبح هورموناً يعطي صفات الذكورة كلها من توزع الشعر في البدن وخاصة الوجه وغلظ الصوت وشدة العضلات وضيق الحوض واتساع الصدر والمزاج الشديد نسبة للانثى ونموا الأعضاء التناسلية الخاصة ، وبينما هذا المركب يمشي في هذا الاتجاه إذا بتحولات طفيفة تطرأ على بعض ذراته فاذا به ينقلب بشكل عجيب ويصبح هورموناً أنثوياً يعطى للأنثى كل صفات الانوثة من توزع الشعر ، ورقة الجلد ، ونعومة الصوت ، وكثرة الشحم في البدن ، وضعف العضلات وكبر الحوض العظمي حتى يتسع للحمل والولادة وضيق الزنار الكتفي

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

منهم يتمسحون بها ، وما تمر بشئ إلا شَمّها وأما الشياطين وكُفّار الجن فإنهم يحسدون ابن آدم عليها ، فيتمسحون بها فيذهب عامة طيبها ، ولا يخرج الطين من الحير إلا وقد إستعد له مالا يحصى منهم ، والله إنها لفي يدي صاحبها وهم يتمسحون بها ، ولا يقدرون مع الملائكة أنْ يدخلوا الحير ، ولو كان من التربة شيء يسلم ما عُولج به أحد إلا برئ من ساعته ، فإذا أخذتها فأكتمها وأكثر عليها ذكر الله جلَّ وعزَّ ، وقد بلغني أنّ بعض من يأخذ من التربة شيئاً يستخف به ، حتى أنّ بعضهم ليطرحها في مخلاة الإبل والبغل والحمار أو في وعاء الطعام ، وما يمسح به الأيدي من الطعام والخُرْج والجُوَالِقَ فكيف يستشفي مَن هذا حاله عنده ؟! ولكن القلب الذي ليس فيه اليقين من المستحق بما فيه صلاحه ؛ يفسد عليه عمله )(٢٧٦)

______________________

(٢٧٦) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٩٨ / ١٢٦

١٦١
١٦٢

١٦٣

١٦٤

توطئة :

سبق أنْ ذكرت ـ في أبحاث السجود والتسبيح والإستشفاء ـ قسماً من الأحكام المتعلقة بتربة الحسينعليه‌السلام ، إلا أنها على نحو الإستدلال المقارن بين الشيعة الإمامية والسنة ، وفي هذا البحث سيتم التركيز على أحكام التربة الحسينية في الفقه الإمامي على التفصيل التالي :

١ ـ للميت :

ذكر الفقهاء أنّ للميت علاقة بالتربة الحسينية في عدة موارد هي :

أ ـ في الحنوط :

قال المحقق البحراني ( قده ) : « وضع التربة الحسينية ـ على مُشَرِّفِها أفضل الصلاة والسلام والتحية ـ في حنوط الميت ، لما رواه الشيخ بإسناده عن محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري قال : كتبت إلى الفقيه أسأله عن طين القبر يوضع مع الميت في قبره هل يجوز أم لا ؟ فأجاب ( عليه السلام ) وقرأت التوقيع ومنه نَسَخْتُ : يوضع مع الميت في قبره ويخلط بحنوطه إن شاء الله تعالى »(٢٧٧)

وقال المحقق الإصفهاني ( قده ) : « يستحب خَلْط كافور الحنوط بشيء من التربة الشريفة ، لكن لا يمسح به المواضع المنافية لإحترامها كالإبهامين »(٢٧٨)

ب ـ في الكفن :

وقال المحقق الحلي ( قده ) : « ويكتب على الحِبرَة والقميص والإزار والجريدتين إسمه ، وأنه يشهد الشهادتين ، وإنْ ذكر الأئمة عليهم السلام وعددهم إلى آخرهم كان حسناً ، يكون ذلك بتربة الحسين عليه السلام »(٢٧٩)

______________________

(٢٧٧) ـ البحراني ، الشيخ يوسف : الحدائق الناضرة ، ج ٤ / ٥٣

(٢٧٨) ـ الإصفهاني ، السيد أبو الحسن الموسوي : وسيلة النجاة ، ج ١ / ٨٤

(٢٧٩) ـ الحلي ، الشيخ نجم الدين جعفر بن الحسن : شرائع الإسلام ، ج ١ / ٤٠ ( تعليق محمد علي البقّال )

١٦٥

وقال شيخ الطائفة الطوسي ( قده ) : « الكتابة بالشهادتين ، والإقرار بالنبي والأئمة ( عليهم السلام ) ، ووضع التربة في حال الدفن والجريدة إنفراد محض لا يوافقنا عليه أحد من الفقهاء(٢٨٠) دليلنا : إجماع الفرقة وعملهم عليه »(٢٨١)

وقال المحقق الكركي ( قده ) : « إستحباب الكتابة بتربة الحسين عليه السلام ، ذكره الأصحاب ؛ لأنها تتخذ للبركة ، وهي مطلوب حينئذ ، ينبغي أنْ تُبَلّ التربة ، كما صَرّح به المفيد وغيره ، لتكون الكتابة مؤثرة حملاً على المعهود »(٢٨٢)

ج ـ في القبر :

قال المحقق اليزدي ( قده ) : « جعل مقدار لبنة من تربة الحسين ـ عليه السلام ـ تلقاء وجهه بحيث لا تصل إليها النجاسة بعد الإنفجار »(٢٨٣)

وقال المحقق الكركي ( قده ) : « تبركاً بها ، وتيمناً ، وإحترازاً من العذاب وهو كافٍ في الإستحباب »(٢٨٤)

٢ ـ للمصلي :

أ ـ أحكام المسجد :

قال المحقق اليزدي ( قده ) : « السجود على الأرض أفضل من النبات والقرطاس ، ولا يبعد كون التراب أفضل من الحجر ، وأفضل من الجميع التربة الحسينية ، فإنها تخرق الحُجُب السبع ، وتستنير إلى الأرضيين السبع »(٢٨٥)

______________________

(٢٨٠) ـ المراد من الفقهاء ، فقهاء العامة ـ المؤلف

(٢٨١) ـ الطوسي ، الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن : الخلاف ، ج ١ / ٧٠٦

(٢٨٢) ـ الكركي ، الشيخ علي بن الحسين : جامع المقاصد ج ١ / ٣٩٥ ـ ٣٩٦

(٢٨٣) ـ اليزدي ، السيد محمد كاظم : العروة الوثقى ، ج ١ / ١٨٥ ( تعليق المحقق السيد الحوئي )

(٢٨٤) ـ الكركي ، الشيخ علي بن الحسين : جامع المقاصد ، ج ١ / ٤٤٠

(٢٨٥) ـ اليزدي ، السيد محمد كاظم ، العروة الوثقى ج ١ / ٢٦٣

١٦٦

وقال المحقق الإصفهاني ( قده ) : « وكذا يستحب الصلاة في مشاهد الأئمة عليهم السلام ، وخصوصاً مشهد الإمام علي عليه السلام وحائر الحسين عليه السلام »(٢٨٦)

وقال الفقيه السبزواري ( قده ) : « ويلحق بالمسجد المصحف الشريف والمشاهد المشرّفة ، والضرايح المقدّسة ، والتربة الحسينية ، بل تربة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسائر الأئمة عليهم السلام المأخوذة للتبرك ، فيحرم تنجيسها إذا كان يوجب إهانتها ، ويجب إزالة النجاسة عنها حينئذ »(٢٨٧)

وقال أيضاً : « لأنّ هذه كلها من المقدسات المذهبية بل الدينية في الجملة ، فيحرم الهتك والإهانة بالنسبة إليها لمكان قداستها ، ومقتضى سيرة المتدينين خلفاً عن سلفٍ حرمة التنجيس ووجوب التطهير حتى مع عدم الهتك والإهانة ، وقد ذُكِرَ لها آداب خاصة ، هذا إذا أخذت لأجل التبرك والصلاة ، وأما لو أخذت لأجل الآجر والخزف ونحوهما فلا حرمة فيها ، ومقتضى السيرة عدم حرمة التنجيس وعدم وجوب التطهير لو تنجست »(٢٨٨)

وقال المحقق الخوئي ( قده ) : «لا يعتبر في الأرض إتصال أجزائها(٢٨٩) ، فيجوز السجود على السبحة غير المطبوخة ، وسيأتي حكم السجود على المطبوخة »(٢٩٠)

______________________

(٢٨٦) ـ الإصفهاني ، السيد أبو الحسن : وسيلة النجاة ، ج ١ / ١٥٦ ( تعليق السيد الكلبيكاني )

(٢٨٧) ـ السبزواري ، السيد عبدالأعلى : منهاج الصالحين ، ج ١ / ١٠٤

(٢٨٨) ـ السبزواري ، السيد عبدالأعلى : مهذب الأحكام ، ج ١ / ٤٨٠

(٢٨٩) ـ هذا مختلف فيه بين الفقهاء ؛ ولذا ذهب بعض إلى إتصال أجزاء الأرض عند السجود عليها ، فعلى هذا لا يجوز على السبح بما فيها السبحة الحسينية ـ المؤلف

(٢٩٠) ـ الخوئي ، السيد أبو القاسم : المسائل المنتخبة / ٩٥

١٦٧

س / ذكرتم في المنهاج ، في مبحث السجود : « فيجوز السجود على السبحة غير المطبوخة » فالمستفاد منه عدم جواز السجود على السبحة المطبوخة وقد صرّحتم في مسألة ٥٤٩ بأنه « يجوز السجود على الخزف والآجر والجص والنورة بعد طبخها » فهل يكون تهافت بين الموضعين أم لا ؟

ج / في النسخ المصححة لا يوجد هذا القيد ( وهو عدم الطبخ )(٢٩١)

س / عند إستعمال « التربة » للسجود ، هل يجوز السجود على الناحية المكتوب عليها ، والمنقوشة ( مال كربلاء ، أو مشهد رضوي مثلاً ) ؟

ج / نعم يجوز(٢٩٢)

س / توجد تُرب حسينية في بعض المساجد ، وقد صارت تراباً وأخرج ترابها ووضع في موضع طاهر ، ثم جاء بعض المؤمنين وصَبّها مرة ثانية في قوالب وعادت تُرباً حسينية مرة أخرى ، فهل يجوز إخراجها من مسجدها الأول ؟

ج / إذا أمكن الإنتفاع بها بتلك الصورة للصلاة لا يجوز إخراجها(٢٩٣)

س / هل التصرف فيها بعد صيرورتها ترباً يفتقر إلى اذن الحاكم الشرعي ؟

ج / لا يجوز التصرف المنافي ما دامت باقية على إمكانية الإنتفاع ، وأما جعلها كالحالة الأولى فلا بأس(٢٩٤)

س / هل يجب إرجاعها مرة ثانية بعد أن صارت تراباً ، وهل يجل إرجاعها إلى المسجد الأول أم يجوز وضعها في كل مسجد ؟

ج / نعم ، يختص بذلك المسجد(٢٩٥)

______________________

(٢٩١) ـ الخوئي ، السيد أبو القاسم : المسائل الشرعية ج ١ / ١٠٠ ـ ١٠١

(٢٩٢) ـ نفس المصدر ، ج ٢ / ٣٢٩

(٢٩٣) ـ نفس المصدر / ١٠٥

(٢٩٤) ـ نفس المصدر

(٢٩٥) ـ نفس المصدر

١٦٨

س / هل يجوز لولی المسجد أو وكيل الحاكم التصرف في ترب المسجد وفرشه بنقلها منه إلى غيره مع الضرورة ، كما لو كان المسجد يضيق بالجماعة للصلاة ، ورأى الإمام أن تقدم الجماعة في مكان أوسع أو أهل البلد ، فهل يجوز للوكيل أو الولی نقل التُرَب إلى ذلك المكان الذي تقام فيه صلاة الجماعة ، ثم إعادتها إلى المسجد الذي نقلت منه ، وعلى فرض الجواز هل يجوز ذلك مطلقاً أو مخصص بالضرورة كالذي مَرّ ؟

ج / إذا كانت تلك موقوفة لذلك المحل فلا يجوز النقل إلى غير محلّها(٢٩٦)

س / إذا كان المسجد مستغنياً عن بعض الفرش ، وعن بعض الترب لكثرتها فيه ، فهل يجوز نقل بعضها أو بعض الفرش إلى مسجد آخر يحتاج ؟

ج / إذا كانت موقوفة له فلا يجوز(٢٩٧)

س / إذا كان المتعارف عند أهل البلاد بالنسبة إلى الترب الحسينية أنهم لا يوقفونها وإنما يهدونها ، فهل في هذه الحالة يجوز إخراجها من المسجد إذا إحتاج الناس إليها لصلاة الجماعة في مكان واسع ؟

ج / إهداء ما من شأنه أنْ يوقف يحسب وقفاً ولا يحتاج إلى الصيغة والله العالم(٢٩٨)

س / ذُكِرَ لنا في فتوى عدم جواز نقل الترب الموقوفة على المسجد من المسجد ، وأشكل بعض الفضلاء بأنها ليست موقوفة على المسجد وإنما هي من باب الإهداء فيجوز نقلها من المسجد فاعدنا الإستفتاء حول هذه المسألة فأجبتم : ( إهداء ما من شأنه أن يوقف يحسب وقْفَاً ) وبعد هذا نريد معرفة رأيكم حول

______________________

(٢٩٦) ـ المصدر السابق ، ج ١ / ١٥٠

(٢٩٧) ـ نفس المصدر / ١٠٦

(٢٩٨) ـ نفس المصدر / ١٠٦ ـ ١٠٧

١٦٩

الذين صَلّوا ولم يكونوا عالمين بالحكم مدة من الزمن ، هل أن صلاتهم صحيحة أو لا ؟ ، وفي فرض عدم الصحة فمن شك في ما صلّى عليها ، أنه من المسجد أو من نفس المكان ، فماذا يبني ؟

ج / نعم إنّ صلاتهم محكومة بالصحة إذا كانوا معتقدين جواز الصلاة ، وإلا فهي محكومة بالبطلان ، وما في فرض الشك فالصلاة محكومة بالصحة(٢٩٩)

س / إذا تلفت التربة الحسينية على صاحبها آلاف التحية والسلام ولا يمكن الصلاة بها فماذا نعمل بها ؟

ج / أجاب السيد محمد سعيد الحكيم ( دام ظله ) : « توضع في مكان لا يعرضها للإهانة كالماء الجاري ونحوه »(٣٠٠)

س / هل يجوز تسخين التربة الحسينية بالبخاري الكهربائي بحيث تصبح صلبة كالخزف ، وهل يخرج بعد ذلك عن كونها تربة حسينية أم تبقى فضيلة التسبيح فيها ؟

ج / قال المحقق السيد الفاني ( قده ) : « يجوز ذلك بل هو أحسن في صنع المسبحة قواماً وكيفية ، ولا تخرج التربة بعد صيرورتها خزفاً عن كونها أرضاً ، بجواز السجود عليها والتيمم بها ، ولكن الأفضل بل الاحوط أنْ لا يسجد على الخزف ولا يتيمم به مهما أمكن ، بل الثواب أحسن وأفضل من مطلق وجه الأرض في الموردين »(٣٠١)

______________________

(٢٩٩) ـ المصدر السابق / ١٠٧

(٣٠٠) ـ الحكيم ، ا لسيد محمد سعيد : الفتاوى ، ج ١ / ٣٩٦

(٣٠١) ـ الفاني ، السيد علي : لكل سؤال جواب / ٢٠

١٧٠

وقال المحقق الإصفهاني ( قده ) : « ويستحب أن يكون تسبيح الزهراء ـ عليها السلام ـ بكل تسبيح بطين القبر الشريف ولو كان مشوياً ، بل السبحة منه تسبح بيد الرجل من غير أن يسبح ، ويكتب له ذلك التسبيح وإن كان غافلاً ، والأولى إتخاذها بعدد التكبير في خيط أزرق »(٣٠٢)

ب ـ صلاة المسافر :

ذكر الفقهاء في كتبهم ورسائلهم العملية : أنّ من أماكن التخيير بين القصر والتمام( الحائر الحسيني الشريف ) كالتالي :

قال المحقق الحلي ( قده ) : « أو في أحد المواطن الأربعة : مكة ، والمدينة ، والمسجد الجامع بالكوفة ، والحائر فإنه مخيّر ، والإتمام أفضل »(٣٠٣)

وقال المحقق الخوئي ( قده ) : « يتخيّر المسافر بين القصر والتمام في الأماكن الأربعة الشريفة ، وهي المسجد الحرام ، ومسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومسجد الكوفة ، وحرم الحسينعليه‌السلام ، والتمام أفضل ، والقصر أحوط ، والظاهر إلحاق تمام بلدتي مكة والمدينة ، بالمسجدين دون الكوفة وكربلاء ، وفي تحديد الحرم الشريف إشكال ، والظاهر جواز الإتمام في الروضة المقدسة دون الرواق والصحن »(٣٠٤)

وقال الفقيه السيوري ( قده ) : « وأما كونه في أحد المواطن الأربعة ؛ فهو قول الأصحاب ، وخالف أبو جعفر ابن بابويه ، والأقوى قول الأصحاب ، لأنها أماكن شريفة فناسب كثرة الطاعات فيها ولروايات كثيرة بذلك »(٣٠٥)

______________________

(٣٠٢) ـ الإصفهاني ، السيد أبو الحسن : وسيلة النجاة ، ج ١ / ١٨٧

(٣٠٣) ـ الحلي ، الشيخ جعفر بن الحسن : شرائع الإسلام ، ج ١ / ١٣٥

(٣٠٤) ـ الخوئي ، السيد أبو القاسم الموسوي : منهاج الصالحين ، ج ١ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧

(٣٠٥) ـ السيوري ، الشيخ مقداد بن عبدالله : التنقيح الرائع ، ج ١ / ٢٩١

١٧١

جـ ـ فوائد تتعلق بهذا البحث :

الأولى ـ ذكر الفقهاء : أن التخيير بين القصر والتمام خاص بالصلاة ، وأما الصيام ؛ فهو غير جائز للمسافر بلا فرق بين الأماكن الأربعة وغيرها ، فلا يصح منه ما لم ينوِ الإقامة عشرة ، أو يبقى متردداً ثلاثين يوماً

الثانية ـ إختلف الفقهاء بالنسبة إلى كربلاء المقدسة ـ بعد القول بكونها محلاً للتخيير ـ من حيث تحديد المكان الخاص الذي يقع فيه التخيير ، ومسماه على أنحاء :

١ ـ الإختلاف في مسمى المكان ، فبعض الفقهاء عبّر عنه بالحائر ، وبعض عَبّر عنه بالحرم وهذا راجع إلى إختلاف الروايات ؛ فمنها : ما هو بلفظ الحائر ، ومنها ما هو بلفظ الحرم ، ومنها ما هو بلفظ ( عند القبر )

قال المحقق البحراني ( قده ) : « وحَمْل الحرم في تلك الروايات على الحائر بإعتبار أنه أخص أفراد الحرم وأشرفها ، وتؤيده الروايات الدالة على أنه عند القبر ، فإن إطلاق العندية على البلد لا يخلو من البعد ، وأما على الحائر ؛ فهو قريب ، وإن كان المتبادر من ذلك ما كان تحت القبة الشريفة خاصة ، إلا أنّ إدخال الحائر تحت هذا اللفظ في مقام الجمع بين الأخبار غير بعيد ولا مستنكر مثل إدخال البلد ، ويؤيده ما ورد في بعض الأخبار ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنه قال : قبر الحسينعليه‌السلام عشرون ذراعاً ، في عشرون ذراعاً مكسراً ، روضة من رياض الجنة معراج الملائكة إلى السماء الحديث »(٣٠٦)

٢ ـ الإختلاف في تحديد الحائر المقدس( على مُشَرِّفِه أفضل التحية والسلام )

على أقوال أهمها التالي :

______________________

(٣٠٦) ـ البحراني ، الشيخ يوسف بن أحمد : الحدائق الناضرة ، ج ١١ / ٤٦٣

١٧٢

الأول ـ محكي الشيخ المفيد في ( الإرشاد ) : « أن الحائر محيط بهمعليه‌السلام إلا العباسعليه‌السلام فإنه قتل على المسناة »(٣٠٧) وبه قال : جمع من الفقهاء

الثاني ـ قال المحقق اليزدي ( قده ) : « كما أن الأحوط في الحائر الإقتصار على ما حول الضريح المبارك »(٣٠٨)

الثالث ـ أنه مجموع الصحن المقدس

الرابع ـ أنه الروضة المقدسة وما أحاط بها من العمارات المقدسة ، من الرواق والمقتل والخزانة وغيرها هذه أهم الأقوال ؛ ولذا يجب على المكلف أن يعمل برأي من يرجع إليه في هذه المسألة

الثالثة ـ قال المحقق البحراني ( قده ) : « فلتصريح جملة منها بأن العِلّة في الإتمام إنما هو تحصيل الثواب بكثرة الصلاة في هذه الأماكن ، وأنه من المخزون والمذخور ونحو ذلك من ما يدل على أنه العلة في الإتمام إنما هو شرف هذه البقاع »(٣٠٩)

قال المحقق النجفي ( قده ) ـ نقلاً عن المدارك : « وأوضح ما وصل إلينا في ذلك مُسْنَداً خبر حماد بن عيسى ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال : من مخزون علم الله الإتمام في أربعة مواطن : حرم رسوله ( صلی الله عليه وآله ) ، وحرم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وحرم الحسين بن علي ( عليهما السلام ) »(٣١٠)

______________________

(٣٠٧) ـ المفيد ، الشيخ محمد بن النعمان : الإرشاد / ٢٤٩

(٣٠٨) ـ اليزدي ، السيد محمد كاظم : العروة الوثقى ، ج ١ / ٤٥٧

(٣٠٩) ـ البحراني ، الشيخ يوسف : الحدائق الناضرة ، ج ١١ / ٤٥٣

(٣١٠) ـ النجفي ، الشيخ محمد حسن : جواهر الكلام ج ١٤ / ٣٣٧

١٧٣

٣ ـ للإستشفاء :

إهتم الفقهاء بهذه التربة الشريفة ، بناء على روايات كثيرة وخصوصاً في التبرك والإستشفاء بها ، وقد ذكرت بعض الأحكام في ضمن الأبحاث السابقة وبقيت بعضها ، ويمكن تلخيصها في جواب السؤال التالي :

س / هل يجوز تناول التربة الحسينية لغير الإستشفاء أم لا ؟

ج / قال الفقيه ابن إدريس ( قده ) : « ولا يجوز الإكثار منه ، ولا الإفطار عليه يوم عيد الفطر على ما ذهب إليه شيخنا أبو جعفر في مصباحه ، إلا أنه عاد عنه في ( نهايته ) ، فإنه قال : ولا يجوز أكل شيء من الطين على إختلاف أجناسه إلا طين قبر الحسينعليه‌السلام ، فإنه يجوز أن يؤكل منه اليسير للإستشفاء به »(٣١١)

وقال المحقق النجفي (قده) : « وعلى كل حال ، فإنما يجوز أكل طين القبر للإستشفاء دون غيره ولو للتبرك في عصر يوم عاشوراء ويومي عيدي الفطر والأضحی ، كما هو صريح بعضٍ وظاهر الباقين »(٣١٢)

وقال الفقيه السبزواري ( قده ) : « يستثنی من الطين طين قبر الحسينعليه‌السلام للإستشفاء فإنِّ في تربته المقدسة الشفاء من كل داء ، وأنها من الأدوية المفردة ، وأنها لا تمر بداء إلا هضمته ولا يجوز أكلها لغير الإستشفاء ، ولا أكل ما زاد علي الحِمَّصَة المتوسطة ، ولا يلحق به طين غير قبره من قبور سائر المعصومين عليهم السلام علی الأحوط لو لم يكن أقوی ، نعم لا بأس بأن يمزج بماء أو مائع أخر شربة للتبرك والإستشفاء بذلك الماء أو المائع الآخر »(٣١٣)

______________________

(٣١١) ـ ابن إدريس ، الشيخ محمد منصور بن أحمد : السرائر ، ج ٣ / ١٢٤

(٣١٢) ـ النجفي ، الشيخ محمد حسن : جواهر الكلام ، ج ٣٦ / ٣٦٨

(٣١٣) ـ السبزواري ، السيد عبدالأعلى : مهذب الأحكام ، ج ٢٣ / ١٨٢ ـ ١٨٤

١٧٤

وقال الشيخ المامقاني ( قده ) : « ولا يختص الإستشفاء بها بمرض خاص ، بل يعم جميع الأمراض والأورام والآلام والأوجاع وغيرها ، مخوفاً كان المرض أو لا ؛ سهل العلاج كان أو عسره ، أو غير ممكن العلاج ، أمكن مراجعة الطبيب أو لم يكن ، والهم والغم والتعب والكسل ونحوها من الآلام النفسانية بحكم المرض إذا بلغت إلى حد صدق معها المرض ، وطريق العلاج حتى في الأمراض الخارجية ، وهو الإستشفاء بالأكل دون اللطخ ، وإن كان اللطخ على العين ونحوه ولا أظن به بأساً والأظهر إختصاص جواز أكله بصورة الإستشفاء للصحيح أكله سواء كان بشهوة أو بقصد سلامة الأمراض ولا فرق في كيفية الإستشفاء بين أكله وحده وبين خلطه بماء ونحوه ، وقد ورد خلطه بعسل وزعفران وماء مطر وتفريقة على الشيعة ليستشفوا به(٣١٤) ويجوز التبرك بتربة غيرهعليه‌السلام من المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين بغير الأكل من الإستصحاب للحفظ واللطخ على العين والرأس ونحوهما ، وأما الإستشفاء بالأكل ؛ فلا يجوز بتربة غيره من الأئمة والأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ على الأظهر ، لما ورد عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام من أنه قال :( لا تأخذوا من تربتي شيئاً لتتبركوا به ، فإن كل تربة لنا محرمة إلا تربة جدي الحسين بن علي عليه‌السلام ، فإن الله عَزّ وجَلّ جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا ) (٣١٥)

______________________

(٣١٤) ـ في كامل الزيارات / ٢٧٢ ، باب ٩٠ ، حديث ٢ : بسنده عن أبي عبدالله البرقي ، عن بعض أصحابنا قال : ( دفعت إليَّ امرأة غزلاً فقالت : إدفعه إلى الحجبة وأنا أعرفهم ، فلما صرنا إلى المدينة دخلت على أبي جعفر ـ عليه السلام ـ فقلت : جعلت فداك إن امرأة أعطتني غزلاً فقالت : إدفعه بمكة ليخاط به كسوة الكعبة فكرهت أن أدفعه إلى الحجبة ، فقال : إشتر به عسلاً وزعفراناً ، وخذ من طين قبر الحسين ـ عليه السلام ـ واعجنه بماء السماء واجعل فيه من العسل والزعفران وفرقة على الشيعه ليداوا به مرضاهم )

(٣١٥) ـ المامقاني ، الشيخ عبدالله : مرآة الكمال ، ج ٣ / ٢٣٨ ـ ٢٤١

١٧٥

س / هل يجوز الإستشفاء بالتربة المطبوخة أو لا ؟

ج / قال المحقق المامقاني ( قده ) : « وفي جواز الإستشفاء بأكل المطبوخ منه وجهان ، أشبهها الجواز »(٣١٦)

٤ ـ للوليد :

ذكر الفقهاء : أن من سنن الوليد تحنيكه بتربة الحسينعليه‌السلام ، كالتالي :

قال المحقق الحلي ( قده ) : « وتحنيكة بماء الفرات وتربة الحسين ـ عليه السلام ـ ، فإن لم يوجد ماء الفرات فبماءٍ فرات(٣١٧) وإن لم يوجد إلا ماء ملح ؛ جعل فيه شيء من التمر أو العسل »(٣١٨)

وقال المحقق الخوئي ( قده ) : « تحنيكة بتربة الحسين ـ عليه السلام ـ وبماء الفرات »(٣١٩)

٥ ـ للتعامل بها :

س / هل يجوز أخذ الترب والسبح الحسينية من أصحاب المعامل والباعة بعنوان البيع والشراء أو بعنوان آخر ؟

ج / قال المجلسي ( قده ) : « الأحوط ترك التبايع على السبحة من التربة أو ما يصنع منها للسجدة ، بل تهدى إهداء ، ولَعَلّه مما لا بأس به أنْ يتراضى عليها المتعاملان تراضياً من دون إشتراط سابق ففي الحديث المعتبر عن ______________________

(٣١٦) ـ المصدر السابق / ٢٤٠

(٣١٧) ـ ذكر المحقق الحلي ( قده ) : ماء الفرات مرتين ، والمراد بالأولى : ماء نهر الفرات القريب من كربلاء المقدسة ، والثاني ماء عذب ـ المؤلف

(٣١٨) ـ الحلي ، الشيخ جعفر بن الحسن : شرائع الإسلام ، ج ٢ / ٣٤٣

(٣١٩) ـ الخوئي ، السيد أبو القاسم الموسوي : منهاج الصالحين ، ج ٢ / ٣٠٩

١٧٦

الصادقعليه‌السلام قال : ( من باع طين قبر الحسينعليه‌السلام فكأنما تبايع على لحمهعليه‌السلام ) »(٣٢٠)

وقال المحقق المامقاني ( قده ) : « الأحوط ترك بيع التربة المقدسة ، لأنه خلاف الإحترام وجَوّزَه الشهيد ـ رحمه الله ـ في الدروس كَيْلاً ووزناً ، ومشاهدة مجرداً ومشتملة على هيئات الإنتفاع وفيه تأمل »(٣٢١)

ذكر الحر العاملي ( قده ) : « ووجدت في حديث الحسن بن مهران الفارسي ، عن محمد بن أبي سيّار ، عن يعقوب بن يزيد ، يرفعه إلى الصادقعليه‌السلام قال : ( من باع طين قبر الحسين ـ عليه السلام ـ ؛ فإنه يبيع لحم الحسينعليه‌السلام ويشتريه ) أقول : هذا محمول على تراب نفس القبر ، ويحمل على الكراهة وإستحباب بَذْله بغير ثمن ، ويحتمل الحمل على ما ليس بمملوك »(٣٢٢)

وأجاب سيدنا السيستاني ( دام ظله ) : «لا مانع من التعامل بالبيع والشراء والله والعالم »(٣٢٣)

وأجاب سيدنا الروحاني ( دام ظله ) : « يجوز والله العالم »(٣٢٤)

______________________

(٣٢٠) ـ القمي ، الشيخ عباس : مفاتيح الجنان / ٥٧٢

(٣٢١) ـ المامقاني ، الشيخ عبدالله : مرآة الكمال ، ج ٣ / ٢٤٠

(٣٢٢) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ١٦ / ٣٩٧ ( باب ٥٩ من أبواب الأطعمة والأشربة حديث ٥ )

(٣٢٣) ـ إستفتاء خطي بتاريخ ١٧ / ٢ / ١٤١٦ هـ

(٣٢٤) ـ إستفتاء خطي برقم ٨٠٥ ، وتاريخ ١٧ / ٢ / ١٤١٧ هـ

١٧٧

١٧٨

١٧٩
١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232