الحقائق في تاريخ الاسلام

الحقائق في تاريخ الاسلام0%

الحقائق في تاريخ الاسلام مؤلف:
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 495

الحقائق في تاريخ الاسلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة المصطفوي
تصنيف: الصفحات: 495
المشاهدات: 186627
تحميل: 6849

توضيحات:

الحقائق في تاريخ الاسلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 495 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 186627 / تحميل: 6849
الحجم الحجم الحجم
الحقائق في تاريخ الاسلام

الحقائق في تاريخ الاسلام

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٦ - ما سألت لنفسي شيئاً إلاّ سألت لك.

٧ - من أحبّ علياً فقد أحبّني.

٨ - من أبغض علياً فقد أبغضني.

٩ - من كنت مولاه فعليّ مولاه.

١٠ - من آذى علياً فقد آذاني.

١١ - من سبّ علياً فقد سبّني.

١٢ - من أطاع علياً فقد أطاعني.

١٣ - من عصى علياً فقد عصاني.

١٤ - حبيبك حبيبي.

١٥ - عدوّك عدوّي.

١٦ - من فارقك فقد فارقني.

٨١

( حديث المنزلة )

تاريخ الطبري: قال ابن إسحاق: وخلّف رسول الله (ص) علي بن أبي طالب على أهله وأمره بالإقامة فيهم، واستخلف على المدينة سباع بن عُرفطه أخا بني غفار، فأرجف المنافقون بعليّ بن أبي طالب وقالوا: ما خلّفه إلاّ استثقالا له وتخفّفاً منه، فلمّا قال ذلك المنافقون، أخذ عليّ سلاحه ثمّ خرج حتى أتى رسول الله (ص) وهو بالجُرف، فقال: يا نبي الله زعم المنافقون إنّك إنّما خلّفتني أنّك استثقلتني وتخفّفت منّي، فقال: كذبوا ولكنّي إنّما خلّفتك لما ورائي فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك أفلا ترضى يا علي أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي. فرجع عليّ إلى المدينة ومضى رسول الله (ص) على سفره.(١)

أقول: هنا من الموارد التي وجد المنافقون فرصة مناسبة للنيل من عليّ (ع ) والقول فيه ما يؤذيه، وقد ردّ رسول الله (ص) قولهم بذكر مقام له هو من أعلى منازل البشر، وما لا يصل إليه أحد إلاّ بالله ومن الله، وهي الولاية الكلّية الإلهية الجامعة التامة، ما عدا النبوّة، فإنّه لا نبيّ بعده.

مسند أحمد: عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: قُلْتُ لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ حَدِيثٍ وَأَنَا أَهَابُكَ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ فَقَالَ لا تَفْعَلْ يَا ابْنَ أَخِي إِذَا عَلِمْتَ أَنَّ عِنْدِي عِلْمًا فَسَلْنِي عَنْهُ وَلا تَهَبْنِي قَالَ فَقُلْتُ: قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ (ص) لِعَلِيٍّ (رض) حِينَ خَلَّفَهُ بِالْمَدِينَةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. فَقَالَ سَعْدٌ: خَلَّفَ النَّبِيُّ (ص) عَلِيًّا (رض) بِالْمَدِينَةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُخَلِّفُنِي فِي الْخَالِفَةِ فِي

____________________

١ - تاريخ الطبري، ج ٣، ص ١٤٣.

٨٢

النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟! فَقَالَ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟! قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَأَدْبَرَ عَلِيٌّ مُسْرِعًا كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى غُبَارِ قَدَمَيْهِ يَسْطَعُ.(١)

ويروي قال سعيد حدثني ابن لسعد بن مالك عن أبيه، قال: دخلت على سعد فقلت حديثاً حدثنيه عنك حين استخلف رسول الله (ص) عليه (رض ) على المدينة، قال فغضب! فقال: مَن حدَّثك به؟ فكرهت أن أخبره أنّ ابنه حدثنيه فيغضب عليه، ثمّ قال: إنّ رسول الله (ص) حين خرج في غزوة الحديث.(٢)

أقول: وقد سبقت في الأبواب السابقة، في المباهلة وغيرها، روايات مربوطة بالباب فراجعها.

ويروي: عن أسماء بنت عميس قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: يا علي أنت بمنزلة هارون من موسى الا أنه ليس من بعدي نبي. (٣)

الاستيعاب: ولم يتخلّف عن مشهد شهده رسول الله (ص) مذ قدم المدينة إلاّ تبوك، فإنّه خَلّفَه رسوله الله (ص) على المدينة وعلى عياله بعده في غزوة تبوك، وقال له: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي. وروى هذا القول جماعة من الصحابة وهو من أثبت الآثار وأصحّها. رواه عن النبيّ (ص) سعد بن أبي وقاص، وطرق حديث سعد فيه كثيرة جداً قد ذكرها ابن أبي خيثمة وغيره. ورواه ابن عبّاس وأبو سعيد الخدري وأمّ سلمة وأسماء بنت عميس وجابر بن عبد الله وجماعة يطول ذكرهم.(٤)

أخبار أصبهان: روى الحديث عن حبشي السلولي.(٥)

البخاري، وابن ماجة: قال النبيّ (ص) لعلي: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة

____________________

١ - مسند أحمد، ج١، ص ١٧٣.

٢ - نفس المصدر، ص ١٧٧.

٣ - نفس المصدر، ج ٦، ص ٤٣٨.

٤ - الاستيعاب، ج ٣، ص ١٠٩٧.

٥ - أخبار أصبهان، ج ٢، ص ٢٨١.

٨٣

هارون من موسى.(١)

ويروي البخاري: بإسناده أنّ رسول الله (ص) خرج إلى تبوك واستخلف علياً، فقال أتخلفني في الصبيان والنساء؟ قال: ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه ليس نبيّ بعدي.(٢)

مسلم: بإسناده خلّف رسول الله (ص) علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال كما في البخاري.(٣)

ويروي أيضاً: بإسناده عن سعيد بن المسيّب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، قال: قال رسول الله (ص) لعلي: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي. قال سعيد فأحببت أن أشافه بها سعداً، فلقيت سعداً فحدثته بما حدّثني عامر، فقال: أنا سمعته، فقلت: أنت سمعته؟ فوضع أصبعيه على أذنيه فقال: نعم، وإلاّ فاستكّتا.

أقول: يستفاد من هذه الروايات أنّ رسول الله (ص) قد فوّض أمره دنيوية وأخروية ظاهرية ومعنوية إلى عليّ بن أبي طالب (ع )، وخلّفه وصياً وخَلَفاً في عامة الأمور كما أنّ هارون كانت له مقام الوصاية العامة في غيبة موسى (ع )، حيث قال الله تعالى: وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين.(٤) وأيضاً يظهر من مختلف الروايات أنّ رسول الله (ص) قالها في موارد مختلفة.

السيرة النبوية: وخلّف رسول الله (ص) عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه، على أهله وأمره بالإقامة فيهم، فأرجف به المنافقون، وقالوا: ما خلّفه إلاّ استثقالاً له وتخفّفاً منه، فلما قال ذلك المنافقون، أخذ عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه سلاحه، ثمّ خرج حتى أتى رسول الله (ص) وهو نازل بالجُرف، فقال:

____________________

١ - البخاري، ج٢، ص ١٨٥. وابن ماجة، ج١، ص ٥٥.

٢ - البخاري، ج٣، ص ٥٤.

٣ - مسلم، ج٧، ص ١٢٠.

٤ - سورة الأعراف، الآية ١٣٩.

٨٤

يا نبيّ الله، زعم المنافقون أنّك إنّما خلّفتني أنّك استثقلتني وتخفّفت منّي. فقال: كذبوا، ولكنّي خلّفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي.(١)

خصائص النسائي: عن سعد قال: لمّا غزا رسول الله (ص) غزوة تبوك خلّف علياً كرّم الله وجهه في المدينة، قالوا فيه: ملّه وكره صحبته. فتبع عليّ رضي الله عنه النبيّ (ص) حتى لحقه في الطريق، قال: يا رسول الله (ص) خلّفتني بالمدينة مع الذراري والنساء حتى قالوا ملّه وكره صحبته. فقال النبيّ (ص): يا علي، غنما خلفتك على أهلي، أما ترضى أن تكون منّي - كما في الترمذي.(٣)

ويروي أيضاً: بأسانيده أحاديث قريبة ممّا في مسلم.(٤)

ويروي أيضاً: بأسانيده أحاديث قريبة المضمون ممّا في سنن الترمذي.(٥)

أقول: يظهر من هذه الروايات أنّ رسول الله (ص) حدّث بجملة ( أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ) وتكلّم بها في غير مورد تبوك أيضاً.

الطبقات: عن البرّاء وزيد قالا: لمّا كان عند غزوة جيش العسرة وهي تبوك قال رسول الله (ص) لعليّ بن أبي طالب: أنّه لا بدّ من أن أقيم أو تقيم، فخلّفه فلمّا فصل رسول الله (ص) غازياً قال ناس: ما خلّف علياً إلاّ لشيء كرهه منه الخ.(٦)

ويروي: روايات قريبة منها.

____________________

١ - السيرة النبوية، ج٤، ص ١٦٣.

٢ - سنن الترمذي، ص ٥٣٥.

٣ - خصائص النسائي، ص ١٠.

٤ - نفس المصدر، ص ١٠ - ١١.

٥ - نفس المصدر، ص ١٢ - ١٣.

٦ - الطبقات، ج٣، ص ٢٤.

٨٥

سير الأعلام: عن زيد بن أبي أوفى في حديث المؤاخاة فقال علي: يا رسول الله ذهب روحي وانقطع ظهري حتى تركتني. قال (ص): ما أخّرتك إلاّ لنفسي وأنت عندي بمنزلة هارون من موسى ووارثي. قال: ما أرث منك؟ قال: كتاب الله وسنة نبيه، وأنت معي في قصري في الجنّة مع فاطمة، وتلا:( إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ) .(١)

أقول: في هذه الرواية (حديث المنزلة) دلالة تامّة كافية على الولاية والخلافة حيث نزّل علياً منزلة هارون من موسى، وقد قال الله تعالى في حقّ هارون:( وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ ) ،( وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً ) ،( وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي ) ، ولقد أتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيراً.

فقد ذكرت في هذه الآيات الكريمة مقامات لهارون.

١ - أنّه خليفته في قومه فقد جعل رسول الله (ص) علياً خليفته ( استخلف علياً فقال أتخلّفني ).

٢ - أنّه أخو موسى (ع ) فقد آخى رسول الله (ص) بينه وبين عليّ (ع ) وقد سبقت رواياته.

٣ - أنّه وزيره وقد ورد: ( أنّك خليفتي ووزيري ).

٤ - أنّه المصلح فقد قال رسول الله (ص): أنت تبيّن لأمّتي ما اختلفوا فيه بعدي.

فهذه المقامات الأربعة ثابتة لعلي (ع )، فهو كهارون في جميع الصفات ما خلا النبوّة.

____________________

١ - سير الأعلام، ج١، ص ٩٧.

٨٦

( حديث الغدير )

هذا الحديث أيضاً من المتواترات بين أهل السنّة والشيعة رواه المحدّثون والمؤرّخون في تأليفاتهم، بتعبيرات مختلفة، وورد في متون الشيعة مفصلاً.

ونحن نذكره على ما في صحاح أهل السنة.

مسند أحمد: عن البراء، قال: كنّا مع رسول الله (ص) في سفر فنزلنا بغدير خُمّ فنودي فينا الصلاة جامعة، وكُسح لرسول الله (ص) تحت شجرتين فصلّى الظهر، وأخذ بيد عليّ (رض) فقال: ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟! قالوا: بلى. قال: فأخذ بيد عليّ، فقال: مَن كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئاً يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة. ورواه بسند آخر.(١)

ويروي: عن عطية العوفي قال، سألت زيد بن أرقم فقلت له أنّ ختناً لي حدثني عنك بحديث في شأن عليّ (رض) يوم غدير خمٍّ، فأنا أُحبّ أن أسمعه منك، فقال: أنّكم معشر أهل العراق فيكم ما فيكم، فقلت له: ليس عليك منّي بأس. فقال: نعم كنا بالجحفة فخرج رسول الله (ص) إلينا ظهراً وهو آخذ بعضد عليّ (رض) فقال: يا أيّها الناس، ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟! قالوا: بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه.(٢)

ويروي: عن زيد بن أرقم منها. وفيها: فخطبنا وظُلّل لرسول الله (ص) بثوب على شجرة سمرة من الشمس - الرواية.(٣)

____________________

١ - مسند أحمد، ج٤، ص ٢٨١.

٢ - مسند أحمد، ج٤، ص ٣٦٨.

٣ - نفس المصدر، ص ٣٧٢.

٨٧

الاستيعاب: وروى بريدة وأبو هريرة وجابر والبرّاء بن عازب وزيد بن أرقم كلّ واحد منهم عن النبيّ (ص) أنّه قال يوم غدير خمًّ: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه اللّهمّ والِ مَن والاه وعادِ من عاداه.(١)

مسند أحمد: عن زاذان بن عمر قال: سمعت علياً في الرحبة وهو ينشد الناس من شهد رسول الله (ص) يوم غدير خمّ وهو يقول: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه.(٢)

ويروي: عن أبي الطفيل قريباً منها، وفيها: فقام ثلاثون من الناس. وقال أبو نعيم: فقام ناس كثير فشهدوا حين أخذه بيده، فقال للناس: أتعلمون إنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: مَن كنت مولاه فهذا مولاه اللّهمّ والِ مَن والاه وعادِ من عاداه.(٣)

ويروي:عن زيد بن أرقم قريبا منها. وفيها: فقام ستة عشر رجلاً فشهدوا. (٤)

أقول: وقد وردت روايات تهدينا إلى ما يتفاهم في العرف من معنى كلمة المولى وما فهموا من كلام رسول الله (ص) في قوله: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه.

ففي مسند أحمد: عن رياح قال: جاء رهط إلى عليّ بالرحبة، فقالوا: السلام عليك يا مولانا. قال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب، قالوا سمعنا رسول الله (ص) يوم غدير خم يقول: مَن كنت مولاه فهذا مولاه. قال رياح فلمّا مضوا تبعتهم فسألت مَن هؤلاء؟ قالوا نفر من الأنصار وفيهم أبو أيوب الأنصاري.(٥)

وفي مفردات الراغب: الولاية بالكسر النُّصرة وبالفتح تولّي الأمر، وقيل هم

____________________

١ - الاستيعاب، ج٣، ص ١٠٩٩.

٢ - مسند أحمد، ج١، ص ٨٤.

٣ - نفس المصدر، ج٤، ص ٣٧٠.

٤ - نفس المصدر، ج٥، ص ٣٧٠.

٥ - مسند أحمد، ج٥، ص ٤١٩.

٨٨

واحدة نحو الدِلالة والدَلالة وحقيقته تولّي الأمر، والولي يستعملان في ذلك: اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ، نِعم المَولى ونعم النصير.

رجال أصبهان: عن عميرة بن سعد قال: شهدت علياً على المنبر يناشد أصحاب رسول الله (ص): مَن سمع رسول الله (ص) يوم غدير خم يقول ما قال فيشهد؟ فقام اثنا عشر رجلا منهم أبو هريرة، وأبو سعيد، وأنس بن مالك، فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله (ص) يقول: مَن كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه وعاد من عاداه.(١)

ويروي: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نشد عليّ الناس بالرحبة من سمع رسول الله (ص) يقول: مَن كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، إلاّ قام. فقام اثنا عشر بدرياً، فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله الحديث.(٢)

ابن ماجه: قال: أقبلنا مع رسول الله (ص) في حجته التي حج، فنزل في بعض الطريق فأمر الصلاة جامعة، فأخذ بيد عليّ فقال: أَلستُ أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم؟! قالوا: بلى، قال: أَلستُ أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟! قالوا: بلى، قال: فهذا وليُّ مَن أنا مولاه اللّهمّ والِ مَن والاه، اللّهم عادِ من عاداه.(٣)

سنن الترمذي: عن النبيّ (ص) قال: مَن كنت مولاه فعليّ مولاه.(٤)

خصائص النسائي: عن سعد خطب رسول الله (ص) فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: أيّها الناس إنّي وليكم؟! قالوا صدقت يا رسول الله (ص)، ثمّ أخذ بيد عليّ فرفعها فقال: هذا وليّي ويؤدّي عنّي ديني، وأنا موالي مَن والاه ومعادي مَن عاداه.(٥)

ويروي أيضاً: عن زيد بن أرقم، قال: لما رجع النبيّ (ص) من حجّة الوداع

____________________

١ - رجال أصبهان، ج١، ص ١٠٧.

٢ - نفس المصدر، ج٢، ص ٢٢٨.

٣ - ابن ماجة، ج١، ص ٥٥.

٤ - سنن الترمذي، ص ٥٣٣.

٥ - خصائص النسائي، ص ٣.

٨٩

ونزل غدير خُمّ أمرَ بدوحات فقمّمن، ثمّ قال: كأنّي دعيت فأجبت، وانّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ؛ فإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، ثمّ قال: إنّ الله مولاي وأنا وليّ كلّ مؤمن. ثمّ إنّه أخذ بيد عليّ رضي الله عنه، فقال: من كنت مولاه فهذا وليه اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه. فقلت لزيد: سمعته من رسول الله (ص)، وإنّه ما كان في الدوحات أحدٌ إلاّ رآه بعينه وسمعه بأذنيه.(١)

ويروي أيضاً: عن زيد بن أرقم، قام رسول الله (ص) فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: ألستم تعلمون إنّي أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟! قالوا: بلى، نشهد لأنت أولى بكلّ مؤمن من نفسه. قال: فإنّي مَن كنت مولاه فهذا مولاه، واخذ بيد عليّ.(٢)

ويروي أيضاً: عن زيد بن يثيغ قال: سمعت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يقول على منبر الكوفة أنّي أنشد الله رجلا - ولا يشهد إلاّ أصحاب محمّد - سمع رسول الله (ص) يوم غدير خمّ يقول: مَن كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه؟! فقام ستة من جانب المنبر الآخر فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله (ص) يقول ذلك.(٣)

ويروي: بأسانيده روايات بهذا المضمون.

ويروي أيضاً: عن عامر قال: جمع عليّ الناس في الرحبة فقال: انشد بالله كلّ امرئ سمع من رسول الله (ص) قال يوم غدير خمّ: ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟! وهو قائم، ثمّ أخذ بيد عليّ، فقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه اللّهمّ والِ من والاه وعاد من عاداه.(٤)

ويروي أيضاً: عن سعد، قال: كنّا مع رسول الله (ص) بطريق مكّة وهو متوجّه

____________________

١ - خصائص النسائي، ص ١٥.

٢ - نفس المصدر، ص ١٦.

٣ - نفس المصدر، ص ١٦.

٤ - نفس المصدر، ص ١٧.

٩٠

إليها، فلما بلغ غدير خمّ وقف للناس ثمّ رد من تبعه ولحقه من تخلّف، فلما اجتمع الناس إليه، قال: أيّها الناس مَن وليّكم؟ قالوا: الله ورسوله. ثلاثاً، ثمّ أخذ بيد عليّ فأقامه، ثمّ قال: مَن كان الله ورسوله وليّه فهذا وليّه، اللّهمّ والِ من والاه وعاد من عاداه.(١)

ويروي: بأسانيد أخر قريبة منها.

ويروي أيضاً: عن سعد بن وهب، مثل ما في، ص ١٧ عن عامر، وفيها: فقال سعد: قام إلى جنبي ستة.(٢)

ويروي أيضاً: عن سعيد بن وهب: قال عليّ رضي الله عنه في الرُحبة: أنشد بالله من سمع رسول الله (ص) يوم غدير خم يقول: الله وليّي وأنا وليّ المؤمنين، ومَن كنت وليّه فهذا وليّه، اللّهمّ وال مَن والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره؟! فقال سعيد: قام إلى جنبي ستة.(٣)

مسند أحمد: ما يقرب منها.(٤)

الكنى للدولابي: عن زيد بن أرقم، قال: كنّا مع رسول الله (ص) بين مكة والمدينة إذ نزلنا منزلاً يقال له غدير خُمّ، فنودي أنّ الصلاة جامعة، فقام رسول الله كما في الخصائص، ص ١٦.(٥)

ويروي أيضاً: عن أبي قلابة، قال: نشد الناس عليّ في الرحبة، فقام بضعة عشر رجلاً فيهم رجل عليه جبّة عليها إزار حضرميّة، فشهدوا أنّ رسول الله (ص) قال: مَن كنت مولاه فعليّ مولاه.(٦)

مستدرك الحاكم: عن زيد بن أرقم قال: لمّا رجع رسول الله (ص) من حجّة

____________________

١ - خصائص النسائي، ص ١٨.

٢ - نفس المصدر، ص ١٩.

٣ - نفس المصدر، ص ٢٩.

٤ - مسند أحمد، ج ٥، ص ٣٦٦.

٥ - الكنى للدولابي، ج ٢، ص ٦١.

٦ - نفس المصدر، ص ٨٨.

٩١

الوداع ونزل غدير خمّ أمر بدوحات كما في الخصائص، ص ١٥.(١) ثمّ يقول الحاكم: هذا حديث صحيح على شرطهما ولم يُخرجاه بطوله، شاهده حديث سملة بن كهيل عن أبي الطفيل أيضاً صحيح على شرطهما.

ثمّ يروي: عن أبي الطفيل عن ابن واثلة أنّه سمع زيد بن أرقم يقول: نزل رسول الله (ص) بين مكّة والمدينة عند شجرات خمس دوحات عظام، فكنس الناس ما تحت الشجرات، ثمّ راح رسول الله (ص) عشية، فصلّى ثمّ قام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ فقال ما شاء الله أن يقول، ثمّ قال: أيّها الناس إنّي تارك فيكم أمرين لن تضلّوا أن اتبعتموهما ؛ وهما كتاب الله وأهل بيتي عِترتي، ثمّ قال: أتعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟! ثلاث مرّات، قالوا: نعم. فقال رسول الله (ص): مَن كنت مولاه فعليّ مولاه.(٢)

وحديث بريدة الأسلمي صحيح على شرط الشيخين.

ثمّ يروي عن بريدة قال: غزوت مع عليّ الى اليمن فرأيت منه جفوة، فقدمت على رسول الله (ص) فذكرت علياً فتنقّصته، فرأيت وجه رسول الله (ص) يتغيّر، فقال: يا بريدة ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟! قلت: بلى يا رسول الله، فقال: مَن كُنت مولاه فعليّ مولاه.

أقول: هذا الكلام قاله رسول الله (ص) في موارد مختلفة، وأثبت لعليّ بن أبي طالب (ع) ما ثبت لنفسه من الأولوية على قاطبة المسلمين والمؤمنين، وهذا ارفع مقام وأعلى درجة لا يُتصوّر فوقها مقام، وهي الحاكمية المطلقة، والولاية التامة، والسلطة الظاهرية والباطنية، والرياسة الكلّية، ويجمعها عنوان الأولوية على الأنفس، قال الله تعالى:( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) .(٣) أي له تقدّم عليهم وأولوية، وقال تعالى:( وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ) . (٤) أي إنّ

____________________

١ - مستدرك الحاكم، ج ٣، ص ١٠٩.

٢ - نفس المصدر، ص ١١٠.

٣ - سورة الأحزاب الآية ٦.

٤ - سورة الأحزاب الآية ٦.

٩٢

لبعضٍ منهم حقّ تقدّم على بعض آخر.

فإذا ثبتت لعليّ بن أبي طالب هذه الأولوية الثابتة للنبيّ (ص)، فكيف يمكن أن يُحكم عليه، وأن يكون مولّى عليه، وأن يُجعل تابعاً مطيعاً وتؤخذ منه البيعة لمن هو أولى به من نفسه؟!

ثمّ إنّ النبيّ (ص) دعا على من عاداه، والمعاداة هي التجاوز، وأشد المعاداة وأعظمها التجاوز على حقوق من هو أولى بهم وهو وليّهم ومن يحبّه الله ورسوله ومَن أوصى النبيّ به. وقال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ - وقد مرّ في الأحاديث السابقة أنّ من عادى علياً فقد عادى رسول الله، ومن أبغض علياً فقد ابغضه، ومن أطاع عليا فقد أطاعه، ومن عصى عليا فقد عصاه.

وهذا الحديث (حديث الغدير) من أدلّ الدلائل وأتقن البراهين على ولاية عليّ أمير المؤمنين، وان لم يكن لنا إلاّ هذا الحديث لكفانا.

ففي رجال أصبهان: عن جابر قال: كنت عند النبيّ (ص) وعنده أبو بكر وعمر، فقال النبيّ (ص) لعليّ: اللّهمّ وال مَن والاه وعادِ مَن عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله. فقال: أبو بكر لعمر هذه والله الفضيلة.(١)

(حديث فتح خيبر)

تاريخ الطبري: عن بُريدة الأسلمي قال: لمّا كان حين نزل رسول الله (ص) بحصن أهل خيبر، أعطى رسول الله (ص) اللواء عمر بن الخطاب ونهض من نهض معه من الناس فلقوا أهل خيبر، فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا إلى رسول الله (ص) يجبّنه أصحابه ويجبّنهم، فقال رسول الله (ص): لأعطين اللواء غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. فلمّا كان من الغد تطاول لها أبو بكر وعمر، فدعا علياً عليه السلام وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه اللواء

____________________

١ - رجال أصبهان، ج ٢، ص ٣٥٨.

٩٣

ونهض معه من الناس من نهض، قال فلقى أهل خيبر فإذا مرحب يرتجز يقول:

قد علمت خيبر أنّي مرحب

شاكي السلاح بطلٌ مجرّب

فاختلف هو وعلي ضربتين، فضربه عليٌّ على هامته حتى عضّ السيف منها بأضراسه، وسمع أهل العسكر صوت ضربته، فما تتام آخر الناس مع عليّ عليه السلام حتى فتح الله له ولهم.(١)

أقول: هذا دليل قاطع على أنّ الله ورسوله يحبّان علياً وأنّه يحبّ الله ورسوله ويظهر بقرينة المقال والمقام أنّ هذا الوصف كان مخصوصاً له من بينهم.

العقد الفريد: وقال النبيّ (ص) يوم خيبر: لأعطين الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، لا يمسي حتى يفتح الله له، فدعا علياً وكان أرمد فتفل في عينيه وقال: اللّهمّ قِه داء الحرّ والبرد. فكان يلبس كسوة الصيف في الشتاء وكسوة الشتاء في الصيف ولا يضرّه.(٢)

البخاري: بإسناده: كان عليّ رضي الله عنه تخلّف عن النبيّ (ص) في خيبر وكان به رمد، فقال: أنا أتخلّف عن رسول الله (ص)! فخرج عليّ فلحق بالنبيّ (ص)، فلمّا كان مساء الليلة التي فتحها في صباحها فقال رسول الله (ص): لأعطينّ الراية - أو قال: ليأخذنّ - غداً رجلاً يحبّه الله ورسوله - أو قال: يحبّ الله ورسوله -، يفتح الله عليه، فإذا نحن بعليّ وما نرجوه، فقالوا: هذا عليّ، فأعطاه رسول الله (ص) ففتح الله عليه.(٣)

وفي البخاري أيضاً: بإسناده، قال النبيّ (ص) يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، فبات الناس ليلتهم أيهم يُعطى، فغدوا كلّهم يرجوه، فقال: أين عليّ؟ فقيل يشتكي عينيه، فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية فقال: أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم

____________________

١ - تاريخ الطبري، ج ٣، ص ٩٣.

٢ - العقد الفريد، ج ٤، ص ٣١٢.

٣ - البخاري، ج ٢، ص ١٠٣ و ١٨٤، و ج ٣، ص ٣٣.

٩٤

ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم.(١)

وفي مسند أحمد: ما يقرب منه.(٢)

مسلم: قال سلمة: ثمّ أرسلني إلى عليّ وهو أرمد فقال: لأعطينَ الراية رجلاً يحبُّ الله ورسوله. أو يحبُّه الله ورسوله، قال فأتيت علياً فجئت به أقوده وهو أرمد، حتى أتيت به رسول الله (ص) فبصق في عينيه فبرأ وأعطاه الراية.

وخرج مرحب فقال:

قد علمت خيبر أنّي مرحب

شاكي السلاح بطلٌ مجرّب

إذا الحروب أقبلت تلهب

فقال عليّ:

أنا الذي سمّتني أمّي حيدرة

كليث غابات كريه المنظرة

أوفيهم بالصاع كيل السندرة

قال: فضرب رأس مرحب، فقتله! ثمّ كان الفتح على يديه.(٣)

وفي مسند أحمد: ما يقرب منه.(٤)

ويروي: بإسناده: أنّ رسول الله (ص) قال يوم خيبر: لأعطينَ هذه الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله يفتح الله على يديه، قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلاّ يومئذٍ، قال فتساورت لها رجاء أنْ أُدعى لها، قال فدعا رسول الله (ص) عليّ بن أبي طالب فأعطاه إياها، وقال: امش ولا تلتفت، فصرخ: يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتى يشهدون أنْ لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّد رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها، وحسابهم على الله.(٥)

____________________

١ - البخاري، ج ٢، ص ١٠٦ و ج ٣، ص ٣٣.

٢ - مسند أحمد، ج ٥، ص ٣٣٣.

٣ - مسلم، ج ٥، ص ١٩٥.

٤ - مسند أحمد، ج ٤، ص ٥٢.

٥ - مسلم، ج ٧، ص ١٢١.

٩٥

وفي مسند أحمد: ما يقرب منه.(١)

ويروي البخاري أيضاً: قريباً من الرواية، وفي آخرها: فوالله لإنْ يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حُمر النعم.(٢)

ويروي أيضاً: قريبا من رواية البخاري ( ج ٢، ص ١٠٣ ).(٣)

ابن ماجة: عن رسول الله (ص)، قال: لأبعثن رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ليس بفرّار، فتشرّف له الناس فبعث إلى عليّ فأعطاها إياه.(٤)

مستدرك الحاكم: يروي روايات قريبة ممّا في مسلم.(٥)

مسند أحمد: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان أبي يسمر مع عليّ وكان عليّ يلبس ثياب الصيف في الشتاء وثياب الشتاء في الصيف، فقيل له لو سألته، فسأله؟ فقال: إنّ رسول الله (ص) بعث إليَّ وأنا أرمد العين يوم خيبر، فقلت: يا رسول الله إنّي أرمد العين، قال: فتفل في عيني وقال: اللّهمّ أذهب عنه الحرّ والبرد فما وجدت حرّاً ولا برداً منذ يومئذٍ، وقال: لأعطين الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، ليس بفرّار، فتشرّف لها أصحاب النبيّ (ص) فأعطانيها.(٦)

ويروي: عن أبي بريدة قال: حاصرنا خيبر فأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم يفتح له، ثمّ أخذه من الغد فخرج فرجع ولم يفتح له، وأصاب الناس يومئذٍ شدّة وجهد، فقال رسول الله (ص): إنّي دافع اللواء غداً إلى رجل يحبّه الله ورسوله ويحبّ الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح له، فبتنا طيبة أنفسنا أنّ الفتح غداً الحديث.(٧)

____________________

١ - مسند أحمد، ج ٢، ص ٣٨٤.

٢ - البخاري، ج ٢، ص ١٠٦.

٣ - مسلم، ج ٧، ص ١٢٢.

٤ - ابن ماجة، ج ١، ص ٥٦.

٥ - مستدرك الحاكم، ج ٣، ص ٣٨.

٦ - مسند أحمد، ج ١، ص ٩٩.

٧ - نفس المصدر، ج ٥، ص ٣٥٣.

٩٦

الاستيعاب: وروى سعد بن أبي وقاص، وسهل بن سعد، وأبو هريرة، وبريدة الأسلمي، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر، وعمران بن الحصين، وسلمة ابن الأكوع، كلّهم بمعنى واحد، عن النبيّ (ص) أنّه قال يوم خيبر: لأعطينَ الرايةَ غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ليس بفرّار.(١)

أقول: التعبير بكلمة: (ليس بفرار، لا يرجع أبداً) إشارة إلى فرار آخرين ورجوعهم، بل وتصريح إلى فرار من سبقه وعصيانه.

خصائص النسائي: عن أبي ليلى، قال لعليّ وكان يسير معه: إنّ الناس قد أنكروا منك شيئاً: تخرج في البرد في الملاءتين وتخرج في الحرّ في الخشن والثوب الغليظ! فقال: لم تكن معنا بخيبر؟ قال: بلى، قال: بعث أبا بكر وعقد له لواءً فرجع، وبعث عمر وعقد له لواءً فرجع، فقال رسول الله (ص): لأعطين الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ليس بفرّار، فأرسل إليَّ وأنا أرمد، فتفل في عيني، فقال: اللّهمّ اكفه أذى الحرّ والبرد، قال: ما وجدت حراً بعد ذلك ولا برداً.

ويروي أيضاً: عن بريدة يقول: حاصرنا خيبراً فأخذ الراية أبو بكر ولم يُفتح له، فأخذ من الغد عمر فانصرف ولم يفتح له، وأصاب الناس شدّة وجهد، فقال رسول الله (ص): إنّي دافع لوائي غداً إلى رجلٍ يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح له. وبتنا طيبة أنفسنا أنّ الفتح غداً، فلمّا أصبح رسول الله (ص) صلّى الغداة ثمّ جاء قائماً ورمى اللواء والناس على مصافّهم، فما منّا إنسان له منزلة عند الرسول (ص) إلاّ وهو يرجو أن يكون صاحب اللواء، فدعا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وهو أرمد، فتفل ومسح في عينيه فدفع إليه اللواء وفتح الله عليه، قالوا أخبرنا أنّه ممّن تطاول لها.(٢)

ويروي أيضاً: عن أبي هريرة قريباً من مسلم(٣)

____________________

١ - الاستيعاب، ج ٣، ص ١٠٩٩.

٢ - خصائص النسائي، ص ٤.

٣ - نفس المصدر، ص ٥.

٩٧

أقول: يظهر من هذه الروايات أنّ لعلي (ع) مقامات مسلّمة:

١ - أنّ الله تعالى يحبّه وهو يحبّ الله تعالى.

٢ - أنّ رسول الله (ص) يحبّه وهو يحبّ رسول الله (ص).

٣ - أنّ فتح خيبر كان على يديه بعد عجز آخرين، وبعد ما أصاب الناس شدّة وجهد.

٤ - أنّه ليس بفرّار كرجال آخرين.

٥ - استجابة دعاء الرسول (ص) له في رفع الرمد ودفع ضرّ الحرّ والبرد.

ويروي أيضاً: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنّ علياً (رضي الله عنه) خرج علينا في حرّ شديد وعليه ثياب الشتاء، وخرج علينا في الشتاء وعليه ثياب الصيف، ثمّ مسح العَرَق عن جبينه، فلمّا رجع إلى بيته قال: يا أبتاه رأيت ما صنع أمير المؤمنين رضي الله عنه؟! خرج علينا في الشتاء ...؟ فقال أبو ليلى ما فطنت، وأخذ بيد ابنه عبد الرحمن فأتى علياً رضي الله عنه فقال له الذي صنع، فقال له عليّ رضي الله عنه: إنّ النبيّ (ص) كان بعث إلي وأنا أرمد شديد الرمد، فبزق في عيني ثمّ قال: افتح عينيك ففتحتهما فما اشتكيتهما حتى الساعة، ودعا لي فقال: اللّهمّ اذهب عنه الحرّ والبرد فما وجدت حراً وبرداً حتى يومي هذا.(١)

الطبقات: كما في مسلم: ج ٥، وج ٧، وفيها: قال عمر فما أحببت الإمارة قبل يومئذٍ فتطاولت لها واستشرفت رجاء أن يدفعها إليّ، فلما كان الغد دعا علياً فدفعها إليه إلخ.(٢)

أقول: يظهر من هذه الجملات أنّ عمر بن الخطاب كسائر الأصحاب تطاول واستشرف أن يكون مصداق قول رسول الله (ص) ( وهو من يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ويكون الفتح على يديه ) ثمّ أنّ رسول الله (ص) دعا علياً ودفع الراية إليه وجعله مصداق قوله ووصْفه، دون الآخرين.

____________________

١ - خصائص النسائي، ص ٢٧.

٢ - الطبقات ج ٢، ص ١١٠.

٩٨

( ضربَ الرقابَ على الدين وحده )

سنن الترمذي: عن رسول الله (ص) قال: يا معشر قريش ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين، قد امتحن الله قلبه على الإيمان، قالوا: من هو يا رسول الله؟ فقال له أبو بكر: من هو يا رسول الله؟ وقال عمر: من هو يا رسول الله؟ قال: هو خاصف النعل، وكان أعطى علياً نعله يخصفها.(١)

خصائص النسائي: جاء النبيّ (ص) أناس من قريش فقالوا: يا محمّد، إنّا جيرانك وحلفاؤك وأنّ من عبيدنا قد أتوك ليس بهم رغبة في الدين ولا رغبة في الفقه إنّما فروا من ضياعنا وأموالنا فارددهم إلينا فقال لأبي بكر: ما تقول؟ قال: صدقوا إنّهم لجيرانك وحلفاؤك، فتغيّر وجه النبيّ (ص)، ثمّ قال لعمر: ما تقول؟ قال: صدقوا إنّهم لجيرانك وحلفاؤك، فتغير وجه النبيّ (ص)، ثمّ قال: يا معشر قريش والله ليبعثنَّ الله عليكم رجلاً منكم امتحن الله قلبه للإيمان فيضربكم على الدين - أو: يضرب بعضكم - قال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا. قال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا. ولكن ذلك الذي يخصف النعل. وقد كان أعطى علياً نعلاً يخصفها.(٢)

ويروي أيضاً: عن أُبي: قال رسول الله (ص): لينتهينَ بنو ربيعة أو لأبعثنّ عليهم رجلاً كنفسي يُنفذ فيهم أمري، فيقتل المقاتلة ويسبي الذرية. فما راعني إلاّ وكفّ عمر في حجزتي من خلفي، مَن يعني؟ قلت: إياك يعني وصاحبك، قال: فمن يعني؟ قلت خاصف النعل، قال، وعلي يخصف النعل.(٣)

ويروي أيضاً: عن أبي سعيد الخدري قال: كنّا جلوسا ننظر رسول الله (ص) فخرج إلينا قد انقطع شِسع نعله فرمى به إلى عليّ رضي الله عنه، فقال: إنّ

____________________

١ - سنن الترمذي، ص ٥٣٣.

٢ - خصائص النسائي، ص ٨.

٣ - نفس المصدر، ص ١٤.

٩٩

منكم رجلا يقاتل الناس على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله. قال أبو بكر: أنا؟ قال: لا. قال عمر: أنا؟ قال: لا، ولكن خاصف النعل.(١)

المحاسن للبيهقي: عن عليّ قال، قال رسول الله (ص): يا معشر قريش، والله ليبعثنَّ الله عليكم رجلاً منكم قد امتحن الله قلبه للإيمان يضرب رقابكم على الدين. فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا. فقال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنّه خاصف النعل. وأنا أخصف نعل رسول الله (ص).(٢)

مستدرك الحاكم: عن ربعي عن عليّ (ع) مثله.(٣)

وفي المستدرك: كما في الخصائص، ص ٢٩، وفيه: يعني علياً، فأتيناه فبشّرناه فلم يرفع به رأسه، كأنّه قد كان سمعه من رسول الله (ص) هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.(٤)

أقول: هذه الروايات تشير إلى كمال مجاهدته وسعيه في نفوذ الإسلام واقتدار المسلمين وتوسعة حكومة الحق ودحض شوكة الباطل وأهله، وقد عبر عن مجاهدته بتعبيرين إشارة إلى أنّ مجاهدته تقع في زمان حياة رسول الله (ص)، وبعد حياته.

وعبّر عن الأوّل بجملة - يضرب رقابكم على الدين - فإنّ الجهاد في زمان رسول الله (ص) كان على الدين.

وعبّر الثاني بجملة - يقاتل الناس على تأويل القرآن - فإنّ وظيفة الإمام بيان حقائق الدين وتفسير مصاديق الآيات وتوضيح المقاصد والمطالب ودفع الشكوك والشبهات.

الاستيعاب: عن المطّلب، قال رسول الله (ص) لوفد ثقيف حين جاءه: لتسلمُن

____________________

١ - نفس المصدر السابق، ص ٢٩.

٢ - المحاسن للبيهقي، ص ٤١.

٣ - مستدرك الحاكم، ج ٢، ص ١٣٨.

٤ - نفس المصدر، ج ٣، ص ١٢٣.

١٠٠