تربة الحسين عليه السلام الجزء ٣

تربة الحسين عليه السلام0%

تربة الحسين عليه السلام مؤلف:
الناشر: دار المحجّة البيضاء
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 554

تربة الحسين عليه السلام

مؤلف: الشيخ أمين حبيب آل درويش
الناشر: دار المحجّة البيضاء
تصنيف:

الصفحات: 554
المشاهدات: 38247
تحميل: 3536


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 554 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38247 / تحميل: 3536
الحجم الحجم الحجم
تربة الحسين عليه السلام

تربة الحسين عليه السلام الجزء 3

مؤلف:
الناشر: دار المحجّة البيضاء
العربية

(خَرْقَاء) :

«والتَخرّق لغة في التَخلُّق من الكذب. وخَرَقَ الكذب وتخَرّقه كله : إختلقه ؛ قال عَزَ وجَلّ :( وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ ) (١٣٩) .

قال أبو الهيثم : الإخْتِرَاق ، والإخْتِلَاق ، والإخْتِرَاص ، والإفْتِرَاء واحد»(١٤٠) .

«والخُرْقُ والخُرُق : نقيض الرِّفق ، والخَرَق مصدره ، وصاحبه أخْرَق ، وخَرِقَ بالشيء يَخْرَقُ : جهله ولم يحسن عمله ، ونَاقةٌ خَرْقَاء : لا تتعهد مواضع قوائمها. وريحٌ خَرْقَاء : لا تدوم على جهتها في هبوبها ؛ وقال ذو الرمة : بَيْتُ أطَافَتْ به خَرْقَاء مَهْجُوم. وقال المازني في قوله (أطافت به خرقاء) : «إمرأة غير صَناع ولا لها رِفق ، فإذا بنت بيتاً إنهدم سريعاً»(١٤١) . يضرب لمن يفسد عمله بسوء تصرفه.

(شَوْهَاء) :

«الشوه : قبح الخلقة ، وهو مصدر من باب تعب. ورجل أشوه ؛ قبيح المنظر ، وامرأة شوهاء ، والجمع شوه مثل أحمر وحمراء وحمر»(١٤٢) .

(كَطِلَاع الأرض) :

«طِلاعُ الأرض ملؤُها حتى يطالع أعلاه فيساوه. وفي حديث : جاءه رجل به بَذَاذَةُ تعلو عنه العين ، فقال : هذا خير من طِلَاع الأرض ذهباً ، أي ما يملؤها حتى يطلع عنها ويسيل»(١٤٣) .

__________________

(١٣٩) ـ الأنعام / ٦.

(١٤٠) ـ ابن منظور ، محمد بن مكرم : لسان العرب ، ج ١٠ / ٧٥.

(١٤١) ـ نفس المصدر.

(١٤٢) ـ الطريحي ، الشيخ فخر الادين : مجمع البحرين ، ج ٦ / ٣٥١.

(١٤٣) ـ ابن منظور ، محمد بن مكرم : لسان العرب ، ج ٨ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦.

١٢١

وبعد هذا الإيضاح نخرج بما يلي :

لقد تعديتم بنقضكم البيعة وتخاذلكم عنّا إلى قبيح فعلكم ، فملأ الأرض والسماء خبركم ، حتى إحمرّت السماء وبكت لعظيم جنايتكم. ويُؤيّد هذا المعنى ما يلي :

أولاً ـ ما جاء في خطبة سيد الشهداء عليه السلام في اليوم العاشر من المحرم : (ويحكم ، أهؤلاء تَعْضدون وعَنّا تتخاذلون؟! أجل والله غدر فيكم قديم ، وَشَجَت عليه أصولكم ، وتأزّرت فروعكم ، فكنتم أخبث ثمرة شَجى للناظر ، وأكْلَة للغاصب)(١٤٤) .

ثانياً ـ ما جاء في خطبتها عليها السلام على رواية أخرى : (لقد جئتم شيئاً إدّا تكاد السماوات يتفطرن منه ، وتنشق الأرض وتخرّ الجبال هَدّا ، لقد جئتم بها صَلْعَاء عَنْقَاء سَوْدَاء فَقْمَاء ، كَطِلَاعِ الأرض ، أو مِلء السماء)(١٤٥) .

١ ـ صَلْعَاء : في كلام العرب الداهية والأمر الشديد(١٤٦) .

٢ ـ عَنْقَاء : العنقاء المُغْرِبُ ، كلمة لا أصل لها ، يقال : إنّها طائر عظيم لا ترى إلا في الدهور ، ثم كثر ذلك حتى سَمّوا الداهية عَنْقَاء مُغْرِبَاً ومُغْرِبة ؛ قال :

ولولا سليمانُ الخليفةُ ، حَلّقَتْ

به ، من يد الحَجّاج ، عَنْقَاء مُغْرِب(١٤٧)

__________________

(١٤٤) ـ المقرم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٢٣٤.

(١٤٥) ـ القمي ، الشيخ عباس : منتهى الآمال ، ج ١ / ٥٧١.

(١٤٦) ـ ابن منظور ، محمد بن مكرم : لسان العرب ، ج ٨ / ٢٠٥.

(١٤٧) ـ نفس المصدر ، ج ١٠ / ٢٧٦.

١٢٢

٣ ـ فَقْمَاء : «فَقِمَ الإناء : إمتلأ ماء. ويقال : فَقِمَ الشيء إتسع. وأمر مُتَفَاقِم ، وتفاقم الأمر ؛ أي تعاظم. وفَقِمَ الأمر فُقُومَاً : عظم»(١٤٨) .

المثل في خطبة السيدة فاطمة بنت الحسين عليها السلام في الكوفة :

قالت في خطبتها : (وافتخر بذلك مفتخركم :

نحن قتلنا علياً وبني علي

بسيوف هندية ورماحِ

وسبينا نساءهم سبي تركٍ

ونطحناهم فأي نطاحِ

بفيك أيها القائل الكِثْكِث والأثْلَب ، إفتخرت بقتل قوم زَكّاهُم وطَهّرهم وأذهب عنهم الرجس ، فاكْظِمْ وأقْعَ كما أقْعَى أبوك ، لكل إمرئ ما اكتسب ، وما قدّمت يداه)(١٤٩) .

(الكِثْكِث) : «الحجارة وفي حديث حُنَين : قال ابو سفيان ـ عند الجَوْلَة التي كانت من المسلمين ـ غلبت والله هَوَازِن. فقال له صَفْوَان بن أميّة : بفيك الكِثْكِثُ. هو ـ بالكسر والفتح ـ : دقاق الحصى والتراب ، ومنه الحديث الآخر : (وللعَاهِر الكِثْكِثْ»(١٥٠) .

(والأقْلَب) : «دقاق التراب ، وفتات الحجارة. وقيل : التراب مع الحجر. وقيل : التراب عامّة»(١٥١) .

إنّ الذي ذكرته السيدة الجليلة ـ هنا ـ من باب المثل والحديث النبوي الشريف : (الولد للفراش ، وللعاهر الحجر). وعَلّق على هذا الحديث الشريف

__________________

(١٤٨) ـ ابن منظور ، محمد بن مكرم : لسان العرب ، ج ١٢ / ٤٥٧.

(١٤٩) ـ المقرّم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٣١٥.

(١٥٠) ـ ابن منظور ، محمد بن مكرم : لسان العرب ج ٢ / ١٧٩ ـ ١٨٠.

(١٥١) ـ نفس المصدر / ١٧٩.

١٢٣

الرضي (ره) بقوله : «وهذا مجاز على أحد التأويلين ؛ وهو أن يكون المراد أنّ العاهر لا شيء له في الولد ، فعَبّر عن ذلك بالحجر ؛ أي له من ذلك ما لا حظ فيه ولا إنتفاع به ، كما لا ينتفع بالحجر في أكثر الأحوال ؛ كأنّه يريد أنّ له من دعواه الخيبة والحرمان ، كما يقول القائل لغيره ـ إذا أراد هذا المعنى ـ : ليس لك من هذا الأمر إلا الحجر والجلمد ، والتراب والكِثْكِث ؛ أي ليس لك منه إلا ما لا محصول له ولا منفعة فيه. ومما يؤكد هذا التأويل ، ما رواه عمر بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : (الولد للفراش وللعاهر الحجر) والأثلب المختلط بالحجارة. وهذا الخبر يحقق أنّ المراد بالحجر ـ ها هنا ـ ما لا ينتفع به كما قلناه أولا»(١٥٢) .

وهذا المعنى يصدق على أهل الكوفة الذين حاربوا الحسين عليه السلام ، وقد أكّدت عليه السيدة زينب عليها السلام في خطبتها بالكوفة ، بقولها : (فَتعْسَاً ونَكْسَاً وبعداً لكم وسُحقَاً ، فلقد خاب السعي ، وتَبّت الأيدي ، وخَسِرَت الصّفْقَة ، وبؤتم بغضب من الله ورسوله ، وضربت عليكم الذلّة والمسكنة)(١٥٣) .

(فآكْظِمْ وأقْعَ كما أقْعَى أبوك) :

«كظم الغيظ : تجرّعه وإحتمال سببه والصبر عليه والكُظُوم : السكوت»(١٥٤) .

__________________

(١٥٢) ـ الشريف الرضي ، محمد بن الحسين : المجازات النبوية / ١٠٤ ـ ١٠٥.

(١٥٣) ـ المقرّم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٣١٢.

(١٥٤) ـ ابن منظور ، محمد بن مكرك : لسان العرب ، ج ١٢ / ٥٢٠.

١٢٤

«أقْعَى : إقْعَاء : ألصق إليته بالأرض ونصب ساقيه ، ووضع يديه على الأرض ، كما يُقْعِي الكلب»(١٥٥) . والمراد به هنا ؛ السكوت والقعود عن الأمر ، وإلى هذا يشير ابن الأعرابي بقوله :

فأقْعِ كما أقْعَى أبوكَ على اسْتِهِ

يرى أنّ رَيْماً لا يُعَادِ لُه(١٥٦)

الرَيْمُ : «الفضل والزيادة ، تقول : في هذا العِدْل رَيْمٌ على الآخر ، إذا كان أثقل منه»(١٥٧) .

وبعد هذا الإيضاح ، نستفيد التالي :

إنّ هذه السيدة الجليلة ، بعد أنّ وبختهم على عظيم جنايتهم وفعلهم ؛ كظمت غيظها وتحملت هذه المصائب العظام ، لعلمها بأنّ الباري عَزّ وجَلّ سينتقم من أعدائهم ، ويرفع درجتهم في الآخرة ، وهذا هو المعروف من سيرة أهل البيت عليهم السلام ، ويؤيد ذلك التالي :

ورد في خطبتها عليها السلام : (فإنّ ما أصابنا من المصائب الجليلة ، والرزايا العظيمة :( فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) [الحديد / ٢٢ ـ ٢٣]. تباً لكم فانظروا اللعنة والعذاب ، فكأن قد حَلّ بكم ، وتواترت من السماء نقمات ، فيسحتكم بعذاب ويذيق بعضكم بأس بعض ، ثم تخلدون في العذاب الأليم ، يوم القيامة بما ظلمتمونا ، ألا لعنة الله على الظالمين)(١٥٨) .

__________________

(١٥٥) ـ الفيومي ، أحمد بن محمد : المصباح المنير ، ج ٢ / ٥١٠.

(١٥٦) ـ ابن منظور ، محمد بن مكرم : لسان العرب ، ج ١٢ / ٢٦٠.

(١٥٧) ـ معلوف ، لويس : المنجد في اللغة / ٢٩٠.

(١٥٨) ـ المقرم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٣١٥.

١٢٥

ج ـ الخَيَال العلمي :

يُعد الخيال العلمي لوناً من ألوان الأدب الروائي الذي إشتهر في هذا القرن وذاع صيته ، وتعود بداياته إلى أساطير ما قبل التاريخ ، وقصص الرحلات والمغامرات الوهمية ، وفي القرن الثاني الميلادي حَوّل الكاتب اليوناني لوسيان الساموساتي هذه المغامرات إلى فن قصص الخيال العلمي ، وأصبح هذا الفن ذا شعبية كبيرة في روسيا واليابان ، خلال أواسط القرن العشرين وأواخره ، واشترك في الكتابة فيه عدد من الكتاب الأوروبيين أمثال : جول فيرن ، وميرلي شيلي ويوهان سويفت. وقد إمتد أثر هذا اللون إلى الأدب العربي ، فكتب فيه أمثال :

١ ـ طالب عمران في كتابه (في العلم والخيال العلمي) ـ وزارة الثقافة ـ دمشق ١٩٨٩ م ، طبعة ثانية معدلة الأولى عام ١٩٨٠ م.

٢ ـ حسن حسين شكري ، في كتابه (من أدب الخيال العلمي) ـ الهيئة المصرين العامة للكتاب ـ القاهرة ـ ١٩٨٧ م.

٣ ـ والدكتورة عزة الغنام ، في كتابها (الإبداع الفن في قصص الخيال العلمي) ـ مكتبة الأنجلو المصرية ـ القاهرة ١٩٨٨ م. كما أنّ هناك كُتّاب آخرين ، أمثال نهاد شريف ، ومصطفى محمود ، وأنيس منصور وغيرهم(١٥٩) .

وبعد هذا التمهيد ، يمكن دراسة هذا اللون القصصي كالتالي :

أ ـ تعريفه :

إختلف الباحثون في هذا الفن في الإتفاق على تعريف مُوحّد له كالتالي :

__________________

(١٥٩) ـ أبو هيف ، عبد الله : (أدب الخيال العلمي في المؤلفات العربية) ، مجلة القافلة ، مج ٤٢ ـ جمادي الآخر سنة ١٤١٤ هـ ، ص / ٣٦ ـ ٣٩. بتصرف

١٢٦

«(إيزاك اسيموف) يُعرِّفه بأنه : أدب قصصي يدور حول العلم والعلماء. وقد أطنب الكاتب (روبرت شولز) في تعريف لهذا الأدب وقصصه ؛ فهو يرى أنّ القصة العلمية هي : قصة خيال تبحث عن المجهول بعبارات علمية مفهومة ، مستعملة الإختراعات والإكتشافات في أمكنة تشمل جوف الأرض والكواكب الأخرى وحتى الذرّة ، أما الإنسان ؛ فغالباً ما يكون في المستقبل البعيد ، أو في الماضي قبل التاريخ ، وفي أبعاد جديدة»(١٦٠) .

ب ـ قواعده وأصوله :

لو تأملنا في مجاميع قصص الخيال العلمي ؛ لوجدنا أنّ أصلها عبارة عن قواعد وأسس علمية بحثة ، قد وضعت في إطار قصصي من الحكايات والحوار الجَذّاب الشائق ، وذلك لكي يتمكن كاتب هذه القصة العلمية من إجتذاب القارئ إلى قصته تلك ؛ لأنّ هدف الكاتب قد يكون تعليمي ، أو إيصال رأي علمي له ، فالكاتب من هذا المنطلق الغريب ـ والطريف في الوقت نفسه ـ قَدّم معلومات واستنتاجات علمية إلى الناس.

وهذه القصص العلمية لا تدور في زمان ومكان معينيين ومحدودين ، بل أنّها تتقدم نحو المستقبل وهو الأشهر فيها. كما أنّ من هذه القصص الخيالية ، من يعمد كاتبها إلى الرجوع إلى عصور ما قبل التاريخ والصراع الرهيب مع الحيوانات المتوحشة في تلك الحقبة التاريخية ، ومنهم من يجمع بين الماضي والحاضر في صراع مثير عبر زمنين مختلفين ومتباينين في كل شيء. إنّ غرابة أحداث قصص الخيال العلمي وبُعد بعضها عن الواقع ، وغرابة أحداثها

__________________

(١٦٠) ـ الجراخ ، عباس هاني : (أدب الخيال العلمي في آثار هـ ، ج. ويلز) ، مجلة القافلة ، مج ٣٨ ـ جمادي الأولى سنة ١٤١٠ هـ ، ص / ١٨.

١٢٧

وشخوصها ، دعى بعض النقاد إلى تسمية هذا الأدب بـ(أدب العجب) أو (أدب الأحلام).

ج ـ أهدافه :

لعلّ من أهم أهداف الخيال العلمي ما يلي :

أولاً ـ يهدف أدب الخيال العلمي إلى عرض الحقيقة العلمية بأمانة وصدق وبنظرة مستقبلية ، وإن تَغلّفت بغلاف القصة ، فقد نرى أنّ قصص الخيال العلمي تصف أحداثاً يمكن أن تحدث فعلاً ، بناء على نظريات مقبولة أو ممكنة ، وتعطي بعض القصص تفسيرات علمية مفصّلة ، فعلى سبيل المثال : كتب فرانسيس بيكون ـ الذي يُدعى أحياناً بأبي العلم الحدث ـ ، كتابه أطلنتس الجديدة (١٩٢٧ م) ويستخدم هذا العمل موضوع رحلة عجيبة ، ليصف مجتمعاً مبنياً على العلم التجريبي ، كما يصف العجائب العلمية التي يمكن للعلم أن يوجدها. ووصف الفلكي الألماني (كيبلر بوهانز) رحلة إلى القمر في مؤلف له بعنوان (سومنيوم) نشر عام ١٦٣٤ م بعد وفاته ، فكان هذا الكتاب أول قصة علمية خيالية تسرد بدقة علمية»(١٦١) .

ثانياً ـ يعالج الأفكار الإجتماعية والعلمية بشكلها الصرف الخالص ، ويصور لنا المستقبل الممكن ؛ فمن الناحية العلمية يشترك (أدب الخيال العلمي) مع الأدب القصصي العام ـ خصوصاً الخيالي منه ـ في كونه يسعى نحو تحقيق ما يتعذر تحقيقه بالفعل من جهة ، وفي كونه يتعامل مع ما هو غير موجود من الناحية الواقعية ، تعاملاً يستند إلى الخيال ، ويخضع الخيال

__________________

(١٦١) ـ الموسوعة العربية العالمية ، ج ١٨ / ٢٠٣.

١٢٨

الأدبي لمنطق العلم. أما من الناحية الإجتماعية ؛ فإنّ أدب الخيال العلمي يمكن أن يعمق الشعور بالنمو التقني ، وعواقب هذا التطور ، كما يستطيع أن يُلفت إنتباهنا إلى فوائد وأضرار تغير النظم الإجتماعية ، حسب أساليب مختلفة ، ويجعلنا أكثر إحساساً بأنّ قيمتنا إنّما هي نسبية ، ويساعدنا على معرفة الأبعاد القانونية والسياسية للمشكلات الإجتماعية ، ويستطيع أن يحدد عواقب الإتجاهات الإجتماعية ، وعواقب النمو السكاني المستمر»(١٦٢) .

__________________

(١٦٢) ـ الجراخ ، عباس هاني : (أدب الخيال العلمي في آثار هـ. ج. ويلز) ، مجلة القافلة ، ج ٣٨ ، جمادي الأولى سنة ١٤١٠ هـ ، ص ١٨ ـ ١٩.

١٢٩
١٣٠

ثالثاً ـ أهمية القِصّة

ـ الجانب القرآني

ـ الجانب النبوي

ـ الجانب الإعلامي

١٣١
١٣٢

الجانب القرآني :

وردت القصة في القرآن الكريم كوسيلة تنفذ من خلالها الدعوة إلى القلوب ، ومن ثم أصبحت القصة من أنجح الوسائل التعبيرية في تهذيب النفوس ، وصقل القلوب ورياضتها على الصلاح ، وتقويم السلوك وتعديله ، وتشخيص الحقيقة المجردة ، وأخذ العبرة والعظة ، وهذه القصص بأنواعها وتنوعاتها في القرآن ، توضح لنا طريقة إلقاء التعاليم والمبادئ والآداب والأحكام الإسلامية ، وهذا الإسلوب الحكيم ينادي به اليوم علماء التربية ، وخبراء التعليم في المدرسة الحديثة ، حيث يكون المتلقون أكثر إستعداداً لتلقي التوجيهات والحلول بقلوب متشوقة إلى المعرفة ، وأذهان متفتحة لاكتشاف الحقيقة.

وتظهر أهمية القصة في القرآن الكريم من خلال تنوعها ، فالتنوع القصصي باب كبير يحتاج إلى دراسة ؛ لأنّه يتناول طريقة العرض القرآني في السرد القصصي ، وإيراد الحدث ما يتضمنه من إجمال وتفصيل وخوارق ومعجزات ، وفجوات تثير الذهن وتحمل الخيال على تجسيد المشهد وتصوره ، ورصد الموقف والشخصية ، مما يعطي للنص تأثيره الفعال في سرعة النفاذ إلى جوهر النفس.

والذي يهمنا بحثه في هذا التنوع يمكن تلخيصه فيما يلي :

أولاً ـ تتنوع القصة القرآنية من حيث الشكل الفني تنوعاً يتراوح بين الإجمال والتفصيل ، وفي كل حالاتها يتلائم التنوع مع السياق والنسق التعبيري والغرض الديني ، وذلك أنّ القرآن الكريم إيفاء للغرض والفني معاً ، يورد من القصة التي تتنامى وموضوع السورة وتتلاءم

١٣٣

والغرض الديني ، ومع ذلك ، فإنّ الوحدة القصصية ـ بالرغم من التوزع ـ إحدى سمات القصة القرآنية.

ثانياً ـ يتنوع شكل القصة القرآنية كالتالي :

١ ـ القصة الملحمية الطويلة الزاخرة بالأحداث ، والصراع والجدل والمأساة والوجدان المختلط ، والشخصيات المتعددة ؛ وذلك في إطار شخصية محورية واحدة تقود الصراع وتحسمه ، ونموذج هذا النوع القصصي الملحمي ، قصة موسى عليه السلام ؛ فهي قصة مكتملة في البناء التعبيري ورسم الشخصية ، حيث وردت منذ المولد وحتى وقوفه بقومه أمام الأرض المقدسة ، وقد عرضها القرآن في حلقات تتوزع على سور قرآنية عدة ، بدءاً بالإشارة وإنتهاء بالتفصيل فيما يربوا على الثلاثين سورة ، ما بين مكية ومدنية.

٢ ـ القصة المتوسطة الطول ، ونموذج هذا النوع القصصي قصة ابراهيم عليه السلام ، فقد عرضت في حلقات ، فحلقة عن إيمانه ، واُخرى عن المحاورة حول الأصنام ، وثالثة عن الذبح والفداء ، ورابعة عن بناء الكعبة ، وخامسة حول البعث ، والحلقات تتابع لتكون جسم القصة ككل.

٣ ـ القصة القصيرة ، ونموذج هذا النوع القصصي قصة نوح عليه السلام وإن إكتنفها بعض البسط والتفصيل ، وتبقى القصة القصيرة ، حيث تبرز الموقف إبرازاً موجزاً غاية الإيجاز.

ثالثاً ـ تبدأ معظم القصص بإشارة مقتضبة ، ثم تطول هذه الإشارات شيئاً فشيئاً ، ثم تعرض حلقات كبيرة تكون في مجموعها أحداث القصة.

١٣٤

رابعاً ـ لعلّ من أبرز خصائص الإسلوب القرآني عامة ، وإسلوب القصص خاصة ، خاصية الإيجاز المعجز ، الذي ينقل إليك المعنى كاملاً ومؤثراً في أقل القليل من الألفاظ مع إسقاط التفاصيل الجزئية.

الجانب النبوي :

لو ألقينا الضوء سريعاً على أهمية نصوص القصة النبوية من الناحية الأدبية والحضارية ؛ لظهرنا بالنتيجة التالية :

١ ـ أنّها تمثل لوناً من ألوان النشر الفني الممتع الجميل ، الذي جاء معبراً عن فكرته في ألفاظ سهلة ميسرة ، وأنّه لون جَدّ بعد الإسلام ، بعيداً عن منهج النشر الجاهلي ، الذي كان يخضع لسيطرة سَجْع الكُهّان ، وهي بذا تضيف رصيداً جديداً إلى عطاء العهد الإسلامي في المجال الأدبي ، ثم أنّها تتقدم خطوة أوسع من حيث أهميتها الفنية ، حيث جاءت في لون قصصي حافل بالعناصر القصصية العامة لهذا الفن.

٢ ـ أنّها محتوى رائع لتجارب قصصية متنوعة في مختلف المجالات ، وبهذا تتيح فرصة كبيرة جداً للأدباء كي يستفيدوا منها ، وتفتح لهم آفاقاً واسعة ، بعيدة المدى في أعماق التاريخ والحضارة والوجود الإنساني والكوني في الماضي والمستقبل.

٣ ـ تظهر قيمتها الحضارية في أنّها تُعبِّر عن صورة الحضارة ، التي يجب أن ينشدها الإنسان ، وهي أن يمارس حياته وفقاً للنظام الذي أودعه الله في هذا الكون من التوازن والإنسجام ؛ وذلك بأن يعيش حياته بجوانبها المادية والمعنوية الروحية ، ومجموعة القصص النبوي تفيض بالعطاء والخير للإنسانية في مجالها الحضاري.

١٣٥

الجانب الإعلامي :

إنّ فاكهة المجالس والأندية البشرية ، هي تلك الأحاديث الشايعة بينهم ، المشتملة على ما هو صحيح وما هو باطل ، ولعل من أهم تلك الروافد ما سمعه الناس من القُصّاص ، وذلك فإنّ عامة الناس يشكلون السواد الأعظم ، الذين يولعون بسماع القصاص ، ويتهافتون على مجالسهم ، وإنّ هذه الظاهرة لها جوانبها النافعة المفيدة ، والضارة المؤذية ، ويمكن دراسة هذه الظاهرة من خلال ما يلي :

أولاً ـ تأثير القُصّاص على الناس :

إنّ مهمة القصاص هي الكلام فيما يستحوذ على إعجاب السامعين ، حيث أنّهم يتطلعون دائماً إلى سماع الغريب الجديد. قال ابن قتيبة : «... القصاص ، فإنّهم يميلون وجه العوام إليهم ويستدرون ما عندهم بالمناكير والأكاذيب من الأحاديث ، ومن شأن العوام القعود عند القاص ما كان حديثه عجيباً خارجاً عن نظر العقول ، أو كان رقيقاً يحزن القلوب ويستفرز العيون ...»(١٦٣) .

ووصل من سيطرتهم على عقول الناس : «أنّ أم الإمام أبي حنيفة لا تقبل بفتوى ولدها ، ولكنها ترضى بقول قاصٍ يقال له : زرعة»(١٦٤) . «وحين حاول الشعبي أن ينكر على أحد القصاصين في بلاد الشام ما يأتي به من ترهات ، قامت عليه العامة تضربه ، ولم يتركه أتباع ذلك القاص ، حتى قال

__________________

(١٦٣) ـ ابن قتيبة ، عبد الله بن مسلم ، تأويل مختلف الحديث / ٢٧٩.

(١٦٤) ـ ابن الجوزي ، عبد الرحمن بن علي : القصاص والمذكرين / ٩٠.

١٣٦

برأي شيخهم نجاة بنفسه»(١٦٥) . بل بلغ من إحترامهم وتقديسهم لمجلس القصاص ، أن تخيل البعض : أنّ الكلام أثناء القصص لا يجوز ، كما لا يجوز في خطبة الجمعة ، حتى أعلمه عطاء : أنّ الكلام أثناء القصص لا يضر(١٦٦) .

ولعلّ من أهم أسباب بروزهم لعامة الناس ما يلي :

١ ـ إنّ عدداً كبيراً من القصاص إتخذها مهنة يعيش من ورائها ، ولم يكن خوف الله هو الدافع لها عند هؤلاء ، وإنما غدت وسيلة للكسب يسعى صاحبها وراء رزقه ، ولذلك تراه يسارع في إبتغاء مرضاة العامة ، وليس حريصاً على تقويمهم ولا تعليمهم ، حتى أصبح القاص كالمغني الذي لا هَمّ له إلا إطراب السامعين ، وكانوا بعد الإنتهاء من إلقاء قصصهم ، يعمدون إلى إستجداء الناس وسؤالهم العطايا.

٢ ـ تشجيع الولاة والحكام لهم ، حيث كانوا يهتمون بأمر القصاص بصورة واضحة ، ومن نماذج ذلك ما يلي :

أولاً ـ إعطاء الصلاحية لهم للقيام بهذا الدور ، فقد قام به أمثال : تميم الداري(١٦٧) الذي هو في نظر الخليفة الثاني أنّه خير أهل المدينة(١٦٨) ، فكان يقص في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كل جمعة فاستزاده يوماً آخر فزاده ، فلما تولى عثمان زاده يوماً آخر أيضاً(١٦٩) . وقيل : إنّ أول من قصّ هو عُبَيْدَة

__________________

(١٦٥) ـ الخطيب ، محمد عجاج : السنة قبل التدوين / ٢١١.

(١٦٦) ـ الصنعاني ، عبد الرزاق بن همام : المصنّف ، ج ٣ / ٣٨٨.

(١٦٧) ـ كان نصرانياً من نصارى اليمن ، أسلم في سنة تسع من الهجرة.

(١٦٨) ـ ابن حجر ، احمد بن علي العسقلاني : الإصابة في تمييز الصحابة ، ج ١ / ٢١٥.

(١٦٩) ـ الصنعاني ، عبد الرزاق بن همام : المصنّف ، ج ٣ / ٢١٩.

١٣٧

بن عميرة ، وذلك في عهد الخليفة الثاني(١٧٠) . وكعب الأحبار الذي كان يقص في عهد معاوية بأمر منه(١٧١) .

ثانياً ـ إنّ الخلفاء والولاة يولون للقصاصين مركزاً من مراكز الدولة ، فيجعلون للجند قَاصّاً(١٧٢) من أجل تحريكهم وبعث الحماس فيهم ، كما يجعلون للجماعة قَاصّاً ، فنرى في كتاب القضاة للكندي أنّ كثيراً من القضاة كانوا يعينون قصاصاً أيضاً ، فيقول : أنّ أول مَن قَصّ بمصر سليمان بن عِتر التُّجِيبيُّ في سنة ٣٨ هـ ، وجمع له القضاء إلى القصص ، ثم عزل عن القضاء وأفرد بالقصص(١٧٣) .

ثالثاً ـ جعلوا للقصاص أجراً على عملهم ، وكان عمر بن عبد العزيز ـ حسبما يقولون ـ ، يعطي القاص الذي رتبه للقيام بهذه المهمة دينارين شهرياً ، فلما ولي هشام بن عبد الملك جعل له ستة دنانير(١٧٤) .

رابعاً ـ الإستفادة منهم في تثبيت أمرهم ، بل هم الإعلام الذي يخدمهم في كثير من الأمور ، ومن النماذج على ذلك ما يلي :

١ ـ إنّ معاوية حينما بلغه : أنّ علياً عليه السلام قَنَت فدعا على أهل حربه ، أمر القاص الذي يقص بعد الصبح ، وبعد المغرب : أنّ يدعو له ولأهل الشام(١٧٥) .

__________________

(١٧٠) ـ ابن الجوزي ، عبد الرحمن بن علي التميمي : القصاص والمذكرين / ٢٢.

(١٧١) ـ نفس المصدر / ٢٥.

(١٧٢) ـ ابن ابي حاتم ، عبد الرحمن بن محمد : الجرح والتعديل ، ج ٦ / ١٦٣.

(١٧٣) ـ أمين ، أحمد : فجر الاسلام / ١٦٠.

(١٧٤) ـ ابن شَبّه ، زيد بن عمر : تاريخ المدينة المنورة ، ج ١ / ١٥.

(١٧٥) ـ المقريزي ، تفي الدين احمد بن علي : الواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار ، ج ٢ / ٢٥٣.

١٣٨

٢ ـ شكا عبد الملك إلى العلماء ما إنتشر عليه من أمر رعيته ، وتخوفه من كل وجه ، فأشار عليه ابو حبيب الحمصي القاضي بأن يستنصر عليهم برفع يديه إلى الله تعالى ، فكان عبد الملك يدعو ويرفع يديه ، وكتب بذلك إلى القصاص ، فكانوا يرفعون أيديهم بالغداة والعشي(١٧٦) .

٣ ـ وكان محمد بن واسع الأزدي من جملة القصاص والوعاظ في جيش قتيبة بن مسلم في خراسان ، وكان يقول قتيبة بن حقه : إنّه بالنسبة إليه أفضل من ألف سيف ورمح(١٧٧) .

ثانياً ـ ضرر القُصّاص :

بعد أن سيطر القصاص على عقول الناس ، بل إغترّ بهم كثير من الأعيان والمعروفين ، الذين كانوا يحضرون مجالسهم ويستمعون إليهم لمدة من الزمن ، إنكشفت حقيقتهم وظهر أمرهم لأكثر الناس ، فبدأ الأعيان وكثير من الناس بفضح أمرهم والتحذير منهم كالتالي :

وصرّح البعض : أنّ السبب في إنتشار الإسرائيليات في كتب التاريخ والتفسير هم القصاص ، إنّهم ينسبون ما يسمعونه من الناس إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ويخلطون الأحاديث بعضها ببعض ، ولعلّ أهم المنابع في ذلك هما : وهب بن مُنَبِّه ، وكَعْب الأحْبَار ، فأما وهب بن منبه ؛ فَيَمَنِي من أصل فارسي ، وكان من أهل الكتاب الذين أسلموا ، وله أخبار كثيرة وقصص تتعلق بأخبار الأُوَل ومبدأ العالم وقصص الأنبياء ، وكان يقول : قرأت من كتب الله إثنين وسبعين كتاباً ، وقد توفي بصنعاء سنة (١١٠ هـ). وأما كعب الأحبار ، أو كعب بن مانع ؛

__________________

(١٧٦) ـ المصدر السابق ، ج ٢ / ٢٥٤.

(١٧٧) ـ الجاحظ ، ابو عثمان عمرو بن بحر : البيان والتبيين ، ج ٣ / ٢٧٣.

١٣٩

فيهودي من اليمن ، ومن أكبر من ترسبت منهم أخبار اليهو إلى المسلمين ، أسلم في خلافة أبي بكر أو عمر على خلاف في ذلك ، وإنتقل بعد إسلامه إلى المدينة ثم إلى الشام ، وقد أخذ عنه أبو هريرة. وعلى الجملة فقد دخل على المسلمين من هؤلاء وأمثالهم في عقيدتهم وعلمهم ، كثير كان له فيهم أثر غير صالح ، وقد أنحى باللوم كثير من العلماء على القصاص والوعاظ ، كما فعل الغزالي في كتابه (إحياء العلوم) ، فقد عَدّ عملهم من منكرات المساجد ، لما كانوا يقترفون من كذب(١٧٨) . وقال أبو قلابة : «ما أمات العلم إلا القصاص ، يجلس الرجل إلى القاص السنة ، فلا يتعلم منه شيئاً»(١٧٩) . وأخرج العقيلي ، عن عاصم قال : كان ابو عبد الرحمن يقول : إتقوا القصاص(١٨٠) . إلى غير ذلك مما قيل في ذمهم والتحذير منهم.

ثالثاً ـ موقف أهل البيت (عليهم السلام) من القصّاص :

إنّ لأهل البيت عليهم السلام موقفاً من القصاص ، وهذا الموقف يمكن دراسته من ناحيتين كما يلي :

الأولى ـ منع القصاص :

قد واجه الأئمة عليهم السلام القصّاص بصرامة وحزم في بعض الأحيان ، وأعلنوا للناس زيف تلك الأباطيل ، بل تَمّ معاقبة بعضهم ، وخصوصاً في عهد أمير المؤمنين عليه السلام ، ومن النماذج على ذلك ما يلي :

__________________

(١٧٨) ـ أمين ، أحمد : فجر الاسلام / ١٦٠ ـ ١٦١ «بتصرف».

(١٧٩) ـ الزمخشري ، محمود بن عمر : ربيع الأبرار ، ج ٣ / ٥٨٨.

(١٨٠) ـ أبو ررية ، محمود : أضواء على السنة المحمدية / ٩٧.

١٤٠