تربة الحسين عليه السلام الجزء ٣

تربة الحسين عليه السلام14%

تربة الحسين عليه السلام مؤلف:
الناشر: دار المحجّة البيضاء
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 554

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 554 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41285 / تحميل: 4269
الحجم الحجم الحجم
تربة الحسين عليه السلام

تربة الحسين عليه السلام الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: دار المحجّة البيضاء
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

تحديد التربة الحسينية :

س / قال الفاضل المقداد السيوري ( قده ) : « ورد متواتراً ، أنّ الشفاء في تربته ، وكثرة الثواب بالتسبيح بها ، والسجود عليها ، ووجوب تعظيمها ، وكونها دافعة للعذاب عن الميت ، وأماناً من المخاوف ، وأنّ الإستنجاء بها حرام ، فهل هي مختصة بمحل أم لا ؟ » (٢٢٣)

جـ / يمكن تلخيص رأي الأعلام فيما ذكره الفقيه السبزواري : « القدر المتيقن من محل أخذ التربة هو القبر الشريف وما يقرب منه على وجه يلحق به عرفاً ، ولعله كذلك الحائر المقدس بأجمعه ، لكن في بعض الأخبار ، يؤخذ طين قبر الحسين عليه السلام من عند القبر على سبعين ذراعاً ، وفي بعضها طين قبر الحسين فيه شفاء وإنْ أخذ على رأس ميل ، بل وفي بعضها أنه يستشفى فيما بينه وبين القبر على رأس أربعة أميال ، بل وفي بعضها على عشرة أميال ، وفي بعضها فرسخ في فرسخ ، بل وروي إلى أربعة فراسخ ، ولعلّ الإختلاف من جهة تفاوت مراتبها في الفضل فكل ما قرب إلى القبر الشريف ؛ كان أفضل ، والأحوط الإقتصار عل ی ما حول القبر إل ی سبعين ذراعاً ، وفيما زاد على ذلك أنْ يستعمل ممزوجاً بماء أو شربة على نحو لا يصدق عليه الطين ويستشفى به رجاء »(٢٢٤)

ومن أراد التوسع ، فعليه بمراجعة ( جواهر الكلام ج ٣٦ / ٣٦٤ ـ ٣٦٧ ) وغيره من الكتب الفقهية

______________________

(٢٢٣) ـ السيوري ، الشيخ جمال الدين مقداد بن عبدالله : التنقيح الرائع ، ج ٤ / ٥١

(٢٢٤) ـ السبزواري ، السيد عبدالأعلى : مهذب الأحكام ، ج ٢٣ / ١٨٥

١٤١

س / في حالة الشك في أن هذه تربة الحسينعليه‌السلام أم لا ، ماذا يصنع ؟

جـ / يقول الفقيه السبزواري ( قده ) : « إنْ أخذ التربة بنفسه أو علم من الخارج بأنّ هذا الطين من تلك التربة المقدسة فلا إشكال ، وكذا إذا قامت على ذلك البينة ، بل الظاهر كفاية قول عدل واحد بل شخص ثقة ، وهل يكفي إخبار ذي اليد بكونه منها أو بذله على أنه منها ؟ لا يعد ذلك وإنْ كان الأحوط في غير صورة العلم ، وقيام البينة تناولها بالإمتزاج بماء أو شربة »(٢٢٥)

وقال الشيخ المامقاني ( قده ) : « ويثبت كون الطين طين قبره الشريف بالبينة الشرعية ، وهل يثبت بقول ذي اليد الشيعي ؟ وجهان ، أظهرهما ذلك »(٢٢٦)

طريقة الإستشفاء :

س / هل توجد طريقة للإستشفاء بالتربة الحسينية ؟

جـ / نعم ، وقد ذكر الفقهاء ذلك وهذه كلماتهم كالتالي :

قال المحقق الأردبيلي ( قده ) : « الأخبار في جواز أكلها الإستشفاء كثيرة ، والأصحاب مطبقين عليه ، وهل يشترط أخذه بالدعاء وقراءة( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ ) ؟ ظاهر بعض الروايات في كتب المزار ذلك ، بل مع شرائط أخرى ، حتى ورد أنه قال شخص : إني أكلت وما شفيت ، فقالعليه‌السلام له : إفعل كذا وكذا وورد أيضاً أنّ له غسلاً وصلاة خاصة والأخذ على وجه خاص وربطه وختمه بخاتم يكون نقشه كذا ، ويكون أخذه مقداراً خاصاً ، ويحتمل أنْ يكون ذلك لزيادة

______________________

(٢٢٥) ـ المصدر السابق / ١٨٨ ـ ١٨٩

(٢٢٦) ـ المامقاني ، الشيخ عبد الله : مرآة الكمال ، ج ٣ / ٢٤٠

١٤٢

الشفاء وسرعته وتبقيته لا مطلقاً ، فيكون مطلقاً جائزاً كما هو مشهور ، وفي كتب الفقه مسطور »(٢٢٧)

وقال الفقيه السبزواري ( قده ) : « لأخذ التربة المقدسة وتناولها عند الحاجة آداب وأدعية مذكورة في محالها خصوصاً في كتب المزار ، ولاسيما مزار بحار الأنوار ، لكن الظاهر أنها كلها شروط كمال لسرعة تأثيرها لا أنها شرط لجواز تناولها »(٢٢٨)

وقال الشيخ الأعسم في إرجوزته :

وللحسين تربة فيها الشفا

تشفي الذي على الحِمام أشرفا(٢٢٩)

المقدار المحدد للإستشفاء :

س / هل يوجد قدر محدد للإستشفاء بتربة الحسين عليه‌السلام ؟

ج / المعروف من كلمات الأعلام أنّ القدر المحدد للإستشفاء هو بقدر الحمصة ، بل نسب الفقيه السبزواري ذلك إلى الإجماع والنصوص(٢٣٠)

وقال الشيخ الأعسم :

حَدّ له الشارع حداً خَصّصَهْ

تحريم ما قد زاد فوق الحِمَّصة(٢٣١)

وقال الفاضل المقداد ( قده ) : « قيد الشيخ في( النهاية ) المتناول باليسير ، وهو حسن وإختاره ابن إدريس والعلامة : لحصول الغرض والشفاء في ذلك ، فما زاد يكون حراماً ولما كان اليسير أمراً إضافياً ؛ لأنه رب يسير كثير بالإضافة

______________________

(٢٢٧) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٥٧ / ١٦٠

(٢٢٨) ـ السبزواري ، السيد عبدالأعلى : مهذب الأحكام ، ج ٢٣ / ١٨٤

(٢٢٩) ـ الأعسم ، الشيخ عبدالرزاق : النفحات الذكية ، في شرح الأرجوزة الأعسمية / ١٣٢ ـ ١٣٣

(٢٣٠) ـ السبزواري ، السيد عبدالأعلى : مهذب الأحكام ج ٢٣ / ١٨٣

(٢٣١) ـ الأعسم ـ الشيخ عبدالرزاق : النفحات الذكية في شرح الأرجوزة الأعسمية / ١٣٣

١٤٣

إلى ما هو أقل منه ، ورب كثير يسير بالإضافة إلى ما هو أكثر منه ؛ قيّده المصنف بقدر الحمصة لينضبط ، وهل يجوز الإكثار منه ؟ الأصح لا ، لما ورد عنهمعليهم‌السلام : من أكل زائداً عن ذلك فكأنما أكل من لحومنا »(٢٣٢)

وقال الشيخ المجلسي ( قده ) : « وقد مر التصريح بهذا المقدار في الأخبار ، وكان الأحوط(٢٣٣) عدم التجاوز عن مقدار عدسة لما رواه الكليني عن علي ابن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّ الناس يروون أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :إنّ العدس بارك عليه سبعون نبياً فقال : هو الذي تسمونه عندكم الحمص ونحن نسميه العدس » (٢٣٤)

إيضاح واستنتاج :

«الحِمّصة : واحدة الحمص بكسر الحاء وفتح الميم المشددة ؛ هي القيراط الصيرفي والحمصة في كلام علماء العراق هي : الحبة المتعارفة عند العراقيين ، وهي القيراط الصيرفي الذي وزنه أربع حبات قمح »(٢٣٥)

القيراط الصيرفي : « هو أربع حبات أو أربع قمحات كما نص عليه السيد الأمين في ( الدرة البهية / ٨ ) وكما نص عليه في ( حلية الطلاب / ٥٣ ) ، وفي ( كشف الحجاب / ٥٨ ) ، حيث قالا : أربع قمحات قيراط »(٢٣٦)

والقيراط : « هو عشرون جزءاً من الغرام كما في ( حلية الطلاب / ١١٣ ) وقد إختبرناه ؛ فوجدناه صحيحاً فهو : ( ١ / ٥ غرام ) ، فالخمسة قراريط ـ

______________________

(٢٣٢) ـ السيوري ، الشيخ جمال الدين مقداد بن عبدالله : التنقيح الرائع ، ج ٤ / ٥٠

(٢٣٣) ـ ظاهر العبارة ( وان كان الأحوط ) ـ المؤلف

(٢٣٤) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر ، بحار الأنوار ، ج ٥٧ / ١٦١

(٢٣٥) ـ العاملي ، الشيخ إبراهيم سليمان : الأوزان والمقادير / ٢١

(٢٣٦) ـ نفس المصدر / ٢٤

١٤٤

أعني العشرين قمحة ـ هي غرام كما هو واضح »(٢٣٧) فالنتيجة أن الحمصة تساوي ( ١ / ٥ غرام ) ، وهي تعادل العدسة المذكورة في الرواية تقريباً

الدعاء عند الإستشفاء بتربة الحسين (عليه‌السلام ) :

وردت عدة أدعية عند إستعمال التربة الحسينية مذكورة في كتب المزار(٢٣٨) نذكر منها التالي :

عند تناول التربة وأخذها :

قال الشيخ الأعسم في ارجوزته :

لها دعاءانِ فيدعو الداعي

في وقتَّي الأخذ و الإبتلاعِ(٢٣٩)

١ ـ عن أبي أسامة قال : ( كنت في جماعة من عصابتنا بحضرة سيدنا الصادقعليه‌السلام ؛ فأقبل علينا أبو عبد اللهعليه‌السلام فقال : إنّ الله جعل تربة جدي الحسينعليه‌السلام شفاء من كل داء ، وأماناً من كل خوف ، فإذا تناولها أحدكم ؛ فليقبلها ويضعها على عينيه ، وليمرّها على ساير جسده وليقل :اللهم بحق هذه التربة ، وبحق من حَلّ بها وثوى فيها ، وبحق أبيه وأمه وأخيه والأئمة من ولده ، وبحق الملائكة الحافّين به ، إلا جعلتها شفاءً من كل داء ، وبرءاً من كل مرض ، ونجاة من كل آفة ، وحرزاً مما أخاف وأحذر ، ثم ليستعملها ) (٢٤٠)

٢ ـ عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال : ( إذا تناول أحدكم من طين قبر الحسينعليه‌السلام فليقل :اللّهُمَّ إنّي أسألُك بِحقِّ المَلَكِ الّذي تَنَاوَله ، والرّسُولِ الّذي بَوّأهُ ،

______________________

(٢٣٧) ـ المصدر السابق / ٩٢

(٢٣٨) ـ راجع : بحار الأنوار ، ج ٩٨ / ١١٨ ـ ١٤٠ وكامل الزيارات ( باب ٩٣ ، ٩٤ )

(٢٣٩) ـ الأعسم ، الشيخ عبدالرزاق : النفحات الذكية في شرح الارجوزة الاعسمية / ١٣٣

(٢٤٠) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٩٨ / ١١٩

١٤٥

والوَصِيَّ الّذي ضُمِّنَ فيه ، أنْ تَجعَلَه شِفَاءً مِنْ كُلِّ داءٍ كذا وكذا ، وتُسمِّي ذلك الداء ) (٢٤١)

٣ ـ عن أبي جعفر الموصلي ، أن أبا جعفرعليه‌السلام قال : إذا أخذت طين قبر الحسينعليه‌السلام فقل :( اللّهُمّ بِحَقِّ هذه التُّربَة ، وبحَقِّ المَلَكِ المُوَكَّل بِهَا ، وبحَقِّ المَلَكِ الذّي كرّبهَا ، وبِحَقِّ الوّصيِّ الّذي هُوَ فيها ، صَلِّ على مُحَمّد وآلِ محمدٍ ، واجْعَلْ هذا الطّينَ شِفَاءً لي منْ كُلِّ داءٍ ، وأَمَاناً منْ كُلِّ خَوْفٍ ) (٢٤٢)

٤ ـ وروي : إذا أخذته فقل :( بِسْم الله ، اللّهُمّ بِحَقِّ هذه التُّرْبَة الطّاهرَة ، وبِحَقِّ البُقْعَةِ الطَّيَّبةِ ، وبِحقَّ الوَصِيِّ الّذِي تُوارِيه ، وبِحَقِّ جَدِه وأبيه وأمه وأخيه والمَلائِكةِ الّذين يَحُفُّونَ به ، والمَلَائِكةِ العُكُوف على قَبْر وَليِّك ، ينتظرون نَصْرَه صَلّى اللهُ عَلَيْهِم أجمعين ، إجْعَل لي فيه شِفَاءً من كُلّ دَاء ، وأماناً من كُلّ خَوْفٍ ، وغِنىً من كُلّ فَقْرٍ ، وعِزّاً من كُلّ ذُلّ ، وأوسِعْ به عَلَيّ في رِزْقي ، وأصِحّ به جِسْمِي ) (٢٤٣)

٥ ـ وروي أن رجلاً سأل الصادقعليه‌السلام فقال : ( إني سمعتك تقول : إن تربة الحسينعليه‌السلام من الأدوية المفردة ، وإنها لا تمر بداء إلا هضمته ، فقال : قد كان ذلك ( أو قد قلت ذلك ) فما بالك ؟ فقال : إني تناولتها فما إنتفعت بها ، قال : أما إن لها دعاء فمن تناولها ولم يدعُ به واستعملها لم يكن ينتفع بها ، قال : فقال له : ما يقول إذا تناولها ؟ قال : تقبلها قبل كل شيء وتضعها على عينيك ، ولا تناول منها أكثر من حِمّصَه ، فإن من تناول منها ______________________

(٢٤١) ـ ابن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ٤٦٩ ـ ٤٧٢

(٢٤٢) ـ نفس المصدر

(٢٤٣) ـ نفس المصدر

١٤٦

أكثر فكأنما أكل من لحومنا ودمائنا ، فإذا تناولت ؛ فقل :اللّهم إني أسْأَلُك بِحَقِّ المَلَكِ الذي قبضها ، وبِحَقِّ المَلَكِ الذي خَزَنَها ، وأسْأَلُك بِحَقِّ الوَصِيِّ الذي حَلَّ فيها ، أن تُصَلِّي على محمد وآل محمد ، وأن تَجعَلَهُ شِفَاءً من كُلِّ دَاءٍ ، وأمَاناً من كُلِّ خَوْفٍ ، وحِفْظَاً من كُلِّ سُوءٍ . فإذا قلت ذلك فاشددها في شيء وأقرأ عليها إنا أنزلناه في ليلة القدر ، فإن الدعاء الذي تقدم لأخذها ؛ هو الإستئذان عليها ، واقرأ إنا أنزلناه ختمها )(٢٤٤)

عند أكلها للإستشفاء :

١ ـ روى الشيخ في المصباح ، عن الصادقعليه‌السلام : ( طين قبر الحسينعليه‌السلام شفاء من كل داء ؛ فإذا أكلت منه ؛فقل : بسم الله و بالله ، اللهم إجعله رزقاً واسعاً ، وعلماً نافعاً ، وشفاء من كل داء ، إنك على كل شئ قدير ، اللهم رب التربة المباركة ، ورب الوصي الذي وارته ، صلِّ على محمد وآل محمد ، واجعل هذا الطين شفاءً من كل داء ، وأماناً من كل خوف ) (٢٤٥)

٢ ـ وروي حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنه قال :( مَنْ أكَلَ مِنْ طِينِ قَبْرِ الحسين عليه‌السلام غير مستشفٍ به فكأنما أكل من لحومنا ، فإذا إحتاج أحدكم للأكل منه ليستشفي به ، فليقل : بِسْمِ الله وبالله ، اللّهُمّ رَبَّ هذه التُّربَةِ المُبَارَكَةِ الطّاهِرَةِ ، ورَبّ النُّور الّذي أُنزل فيه ، ورَبّ الجَسَدِ الذي سَكَن فيه ، ورَبّ الملائكة المُوكِّلين به ، إجْعَلْهُ لي شِفاءً من دَاءِ كذا وكذا ، وأجرع من الماء جرعه خلفه ، وقل : اللّهُمَّ إجْعَلْه رِزْقَاً وَاسعاً ،

______________________

(٢٤٤) ـ الطوسي ، الشيخ محمد بن الحسن : مصباح المتهجد / ٥١٠ ـ ٥١١

(٢٤٥) ـ الأمين ، السيد محسن : مفاتيح الجنات ، ج ١ / ٤٥٥

١٤٧

وعِلْماً نَافِعاً ، وشِفَاءً من كل دَاءٍ وسُقْمٍ فإن الله تعالى يدفع عنك بها كل ما تجد من السقم والغم إن شاء الله تعالى ) (٢٤٦)

٣ ـ عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال :( طين قبر الحسين عليه‌السلام شفاء من كل داء ، وإذا أكلته فقل : بسم الله وبالله ، اللّهُمّ أجْعَلْهُ رِزْقَاً واسِعاً ، وعِلْماً نافِعاً ، وشِفاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إنّكَ على كُلِّ شيء قدير ) (٢٤٧)

٤ ـ وروي عنهعليه‌السلام قال :( إذا أكلته تقول : اللّهُمّ رَبِّ هذه التُّربَة المباركة ، ورَبّ هذا الوَصِيّ الذي وَارَتْهُ ، صَلِّ على محمد وآل محمد ، واجْعَلْهُ عِلْماً نافِعَاً ، ورِزْقَاً واسعاً ، وشِفَاءً من كُلِّ داء ) (٢٤٨)

٥ ـ وروي عنهعليه‌السلام قال :( إذا أخذت من تربة المظلوم ووضعتها في فيك فقل : اللّهُمّ إنّي أسْأَلُك بِحَقِّ هذه التُّربَة ، وبِحَقّ المَلَكِ الذي قَبَضَها ، والنّبيِّ الذي حَضَنَها ، والإمام الذي حَلّ فيها ، أن تُصلِّي على محمدٍ وآل محمدٍ ، وأن تَجْعَل لي فيها شِفَاء نافِعَاً ، ورِزْقَاً واسِعَاً ، وأمَانَاً من كُلّ خَوْف ودَاءِ فإذا قال ذلك ؛ وهب الله له العافية ) (٢٤٩)

عند حملها للإحتراز :

ذكر ابن طاووس : « إنه لما ورد الصادقعليه‌السلام إلى العراق إجتمع إليه الناس فقالوا : يا مولانا تربة قبر مولانا الحسين شفاء من كل داء ، وهل هي أمان من كل خوف ؟ فقال : نعم إذا أراد أن تكون أماناً من كل خوف ؛ فليأخذ السبحة من تربته ويدعو دعاء ليلة المبيت على الفراش ثلاث مرات وهو :( أمسيت اللهم

______________________

(٢٤٦) ـ الطوسي ، الشيخ محمد بن الحسن : مصباح النهجد / ٥١٠ ـ ٥١١

(٢٤٧) ـ ابن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ٤٧٩

(٢٤٨) ـ نفس المصدر / ٤٧٧

(٢٤٩) ـ نفس المصدر

١٤٨

معتصماً بذمامك المنيع الذي لا يطاول إلخ ) ، ثم يقبل السبحة ويضعها على عينيه ويقول :( اللّهُمّ إنّي أسْألُك بِحَقّ هذه التُّربَة ، وبِحَقّ صَاحِبها ، وبِحَقّ جَدّه وأبيه ، وبحق أمه وأخيه ، وبِحَقِّ ولده الطاهرين ، إجْعَلْها شِفَاءً من كُلِّ دَاءٍ ، وأمَاناً من كُلِّ خَوْفٍ ، وحِفْظَاً من كُلِّ سُوء ، ثم يضعها في جيبه فإن فعل ذلك في الغدوة ؛ فلا يزال في أمان حتى العشاء ؛ وإن فعل ذلك في العشاء ، فلا يزال في أمان الله حتى الغدوة » (٢٥٠)

ـ عن أبي حمزة الثمالي قال : قال الصادقعليه‌السلام :( إذا أردت حمل الطين ـ طين قبر الحسين عليه‌السلام ) ـ ، فأقرأ فاتحة الكتاب ، والمعوذتين ، و( قُلْ هُوَ
اللَّـهُ أَحَدٌ
) ، و( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) ، و( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ،ويس ، وآية الكرسي ، وتقول :( اللّهُمّ بِحَقِّ مُحَمدٍ عَبْدِك وحَبيبكَ ونَبِيِّك ورَسُولِكَ وأمِينكَ ، وبِحَقِّ أميرِ المُؤمِنين عَليِّ بن أبي طالب عَبْدِكَ وأخي رسُولِك ، وبِحَقِّ فَاطِمةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ وزوْجَة وَليِّكَ ، وبِحَقِّ الحَسَنِ والحُسَيْنِ ، وبِحَقِّ الأئمَّة الرّاشِدَينَ ، وبِحَقِّ هذه التُّرْبَةِ ، وبِحَقِّ المَلَكِ المُوَكِّل بها ، وبِحَقِّ الوَصيّ الّذي حَلّ فيها ، وبِحَقِّ الجَسَدِ الّذي تضمّنَتْ ، وبِحَقِّ السِّبْطِ الّذي ضمنت ، وبِحَقِّ جَميعِ مَلائِكتِكَ وانْبِيَائِك ورُسُلِكَ ، صَلّ على مُحَمّدٍ وآل محمدٍ ، واجعَلْ هذا الطِّين شِفَاءً لي وَلَمن يَسْتَشْفِي به من كُلِّ دَاءٍ وسُقْمَ ومَرَضٍ ، وأمَاناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ اللّهُمّ بِحَقِّ محمد وأهلِ بيته إجْعَله عِلْماً نافِعَاً ، ورِزْقَاً واسعاً ، وشِفَاء من كُلِّ دَاءٍ وسُقْم ، وآفة وعَاهةٍ ، وجميع الأوجاع كلها ، إنك على كل شيء قدير )

______________________

(٢٥٠) ـ ابن طاووس ، السيد رضي الدين علي بن موسى : فلاح السائل / ٢٢٤ ـ ٢٢٥

١٤٩

وتقول :( اللّهُمّ رَبَّ هذه التُّربَة المباركَة الميمونَةِ ، والمَلَكِ الذي هَبَط بَها ، والوَصّي الذي هو فيها ، صلِّ على محمد وآل محمد وسلّم وأنفعني بها ، إنّك على كلِّ شيء قدير ) (٢٥١)

ـ وروي عن الإمام الصادقعليه‌السلام :( اللّهُمّ إنَّي أخَذْتُه مِنْ قَبْرِ وَليِّكَ وابن وَليِّكَ ، فَاجْعَلْهُ لي أمْنَاً وحِرْزَاً لما أخَافُ ومَالَا أخَافُ ) (٢٥٢)

______________________

(٢٥١) ـ ابن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ٤٧٥ ـ ٤٧٦

(٢٥٢) ـ آل طعان ، الشيخ احمد بن الشيخ صالح : الصحيفة الصادقية / ٢٩٤

١٥٠

١٥١
١٥٢

توطئة :

س / عرفنا مما سبق المقصود بالتربة الحسينية ، وطريقة الإستشفاء بها ، وبقي شئ وهو ما هي الأدلة التي يمكن أنْ تعتمدها الشيعة الإمامية في الإستشفاء بهذه التربة الزكية ؟

ج / من أهم الأدلة التي يمكن عرضها هي التالي :

الدليل النقلي :

وهو يتكون من عنصرين هما :

الأول : حث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الإستشفاء بتربة المدينة ، ويمكن ذكر ذلك في طائفتين :

الأولى ـ الإستشفاء بغبار المدينة :

١ ـ ( غبار المدينة شفاء من الجذام )(٢٥٣)

٢ ـ ( غبار المدينة يبرئ الجذام )(٢٥٤)

٣ ـ ( إنّ في غبارها شفاء من كل داء )(٢٥٥)

الثانية ـ الإستشفاء بتراب المدينة :

أ ـ ( والذي نفسي بيده إنّ تربتها لمؤمنة ، وأنها شفاء من الجذام )(٢٥٦)

ب ـ ( مالكم يا بني الحارث رَوْبَى ؟ قالوا : أصابتنا يا رسول الله هذه الحمى ، قال فأين أنتم عن صُعَيْب )(٢٥٧)

______________________

(٢٥٣ ـ ٢٥٦) ـ المتقي الهندي ، علاء الدين علي بن حسام الدين : كنز العمال ، ج ١٣ / ٢٠٥

ـ السمهودي ، السيد نور الدين ، علي : وفاء الوفاء ، ج ١ / ( ٦٧ ـ ٦٨ )

(٢٥٧) ـ قال أبو القاسم ، طاهر بن يحيى العلوي : صعيب : وادي بطحان دون الماجشونية ، وفيه حفرة مما يأخذ الناس منه ، وهو اليوم إذا وبأ إنسان أخذ منه وقال ابن النجار عقبه : وقد رأيت أنا هذه الحفرة اليوم ، والناس يأخذون منها ، وذكروا أنهم قد جربوه ، فوجدوه صحيحاً ) وفاء الوفاء ، ١ / ٦٨

١٥٣

قالوا : يا رسول الله ما نصنع به ؟ قال : تأخذون من ترابه فتجعلونه في ماء ، ثم يتفل عليه أحدكم ويقول : بسم الله ، تُرابُ أرضنا ، بريق بعضنا ، شفاء لمريضنا ، بإذن ربنا ففعلوا فتركتهم الحمى )(٢٥٨)

ج ـ وروى ابن زَبَالة : ( أنّ رجلاً أتى به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبرجله قرحة ، فرفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طرف الحصيرة ، ثم وضع إصبعه التي تلي الإبهام على التراب بعدما مسّها بريقه ، بسم الله ، ريق بعضنا ، بتربة أرضنا يشفي سقيمنا ، بإذن ربنا ، ثم وضع إصبعه على القرحة فكأنما حُلّ من عِقَال )(٢٥٩)

تعقيب وإستدراك :

« قال الزركشي : ينبغي أنْ يستثنى من منع نقل تراب الحرم تربة حمزة رضي الله عنه ، لإطباق الناس على نقلها للتداوي بها »(٢٦٠)

« وحكى البرهان بن فرحون ، عن الإمام العالم أبي محمد عبد السلام بن إبراهيم بن ومصال الحاحاني قال : نقلت من كتاب الشيخ العالم أبي محمد صالح الهزميري قال : قال صالح بن عبد الحليم : سمعت أبا محمد عبد السلام بن يزيد الصنهاجي يقول : سألت أحمد ابن بكوت عن تراب المقابر الذي كان الناس يحملونه للتبرك هل يجوز أو يمنع ؟ فقال : هو جائز ومازال الناس يتبركون بقبور العلماء والشهداء والصالحين ، وكان الناس يحملون تراب قبر سيدنا حمزة بن عبد المطلب في القديم من الزمان قال ابن فرحون عَقِبَهُ : والناسُ اليوم يأخذون من تربة قريبة من مشهد سيدنا حمزة ، ويعملون خرزاً يشبه

______________________

(٢٥٨) ـ السمهودي ، السيد نور الدين ، علي بن حسام الدين : وفاء الوفاء ، ج ١ / ٦٨

(٢٥٩) ـ نفس المصدر / ٦٩

(٢٦٠) ـ نفس المصدر

١٥٤

السبح وإستدل ابن فرحون بذلك على جواز نقل تراب المدينة ، وقد علمت مما تقدم أن نقل تراب حمزة ـ رضی الله عنه ـ إنما للتداوي ؛ ولهذا لا يأخذونها من القبر بل من المسيل الذي عندْ المسجد ) ؟ »(٢٦١)

أقول : إنّ التبرك والإستشفاء بتراب المدينة وغبارها ، وما ذكرته الروايات من فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكذلك سيرة المسلمين من الأصحاب والتابعين ، هي سيرة الشيعة الإمامية في التبرك و الإستشفاء بتربة الحسينعليه‌السلام ، فكيف ينكر عليها بالخصوص دون غيرها ؟!!

الثاني ـ حق أهل البيت على الإستشفاء بتربة الحسين :

وردت أحاديث كثيرة في التبرك والإستشفاء بتربة الحسينعليه‌السلام ، وهذه بعضها كالتالي :

١ ـ عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال :( عند رأس الحسين عليه‌السلام لتربة حمراء فيها شفاء من كل داء ) (٢٦٢)

٢ ـ عن ابن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :( يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين عليه‌السلام فينتفع به ويأخذ غيره فلا ينتفع ، فقال : لا والله لا يأخذه أحد وهو يرى أن الله ينفعه به إلا نفعه به ) (٢٦٣)

٣ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :( من أصابة عِلّة ؛ فبدأ بطين قبر الحسين عليه‌السلام شفاه الله من تلك العلة ؛ إلا أن تكون علّة السام ) (٢٦٤)

______________________

(٢٦١) ـ المصدر السابق / ١١٦

(٢٦٢) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد بن الحسن : وسائل الشيعة ، ج ١٠ / ٤٠٩ ( باب (٧٠) من المزار وما يناسبه ، حديث ـ ٢ ، ١ )

(٢٦٣) ـ نفس المصدر

(٢٦٤) ـ نفس المصدر / ٤١٢ (باب ـ ٧٠ ـ ، حديث ١٣)

١٥٥

٤ ـ عن الكاظمعليه‌السلام في حديث( ولا تأخذوا من تربتي شيئاً لتتبركوا به ، فإنّ كل تربة لنا مُحرّمة إلا تربة جدي الحسين بن علي عليه‌السلام ، فإن الله عَزّ وجَلّ جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا ) (٢٦٥)

٥ ـ عن سعد بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال سألته عن الطين الذي يؤكل فقال :( كل طين حرام كالميتة والدم وما أُهِلّ لغير الله به ما خلا طين قبر الحسين عليه‌السلام ، فإنه شفاء من كل داء ) (٢٦٦)

٦ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :( أكل الطين حرام على بني آدم ما خلا طين قبر الحسين عليه‌السلام ، من أكله من وجع ؛ شفاه الله ) (٢٦٧)

وبعد ذكر هذه الأحاديث المروية عن أهل بيت العصمة والطهارة ، فهل يشك مسلم في التبرك والإستشفاء بتربة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ؟ بل هو وأخوه سيدا شباب أهل الجنة ، وأحد سبطي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن تحدث عن فضله القرآن الكريم والأحاديث النبوية ، ومن ثبت في حقه أنّ تربته الطاهرة الزكيه قبضها جبريل وأعطاها لجده المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكل ذلك من المسَلّمات بين الصحابة والتابعين ، فلماذا النبذ والعتاب الشديد اللهجة على عمل الشيعة الإمامية من التبرك والإستشفاء بتربته الطاهرة ؟!

ألا يكفي كل ذلك على صحة عمل الشيعة الإمامية وبرائتهم من كل ما اُتهموا به من أباطيل ؟

______________________

(٢٦٥) ـ المصدر السابق / ٤١٤ ( باب ـ ٧٢ ـ ، حديث ، ٢ )

(٢٦٦) ـ نفس المصدر / ٤١٥ ـ حديث (٣)

(٢٦٧) ـ نفس المصدر ، ج ١٦ / ٣٩٧ ، ( باب ٥٩ ـ باب عدم تحريم أكل طين قبر الحسين (ع) بقصد الشفاء ، حديث ٤ )

١٥٦

الدليل العلمي :

يتضح هذا الدليل بعد ذكر السؤال التالي والإجابة عليه

س / هل الإستشفاء بتربة الحسين عليه‌السلام ونحوها من الإستشفاء بماء زمزم وماء الميزاب ، من التبرك فقط ، أو لوجود أثر طبي وكيميائي زيادة على ذلك ؟

ج / إختلف العلماء في ذلك على رأيين هما :

الأول ـ التبرك والإيحاء :

قال الشيخ المجلسي ( قده ) : « وقد يكون بعض الأدوية التي لا مناسبة لها بمرض على سبيل الإفتتان والإمتحان ، ليمتاز المؤمن المخلص القوي الإيمان من المنتحل أو ضعيف الإيمان ، فإذا إستعمله الأول إنتفع به لا لخاصيته وطبعه ، بل لتوسله بمن صدر عنه ويقينه وخلوص متابعته ، كالإنتفاع بتربة الحسين عليه السلام ، وبالمعوذات ، والأدعية »(٢٦٨) وعلى هذا بعض علماء الأمامية

وإستنتج الدكتور النسيمي الآتي :

« يتفق علماء المسلمين مع الأطباء في شأن الإيحاء وأثره في المعالجة »(٢٦٩)

وقال أيضاً : « يقصد بالمعالجة الروحية منذ القديم ، تطمين المريض ورفع معنوياته ، والإيحاء اليه بأنّ مرضه سيسير عاجلاً في طريق الشفاء وفي الغالب في وسائلها أنْ تكون غير عقارات ، وقد تكون عقارات يراد بها الإيحاء بأنها دواء لِعِلّة المريض عندما يكون علاجها الناجح مفقوداً أو غير مكتشف »(٢٧٠)

______________________

(٢٦٨) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ج ٥٩ / ٧٦

(٢٦٩) ـ النسيمي ، الدكتور محمود ناظم : الطب النبوي والعلم الحديث ، ج ٣ / ١٨٧

(٢٧٠) ـ نفس المصدر / ١٣٥

١٥٧

وقال أيضاً : « يعتقد المسلمون في النتائج الحسنة للرقي المشروعة بأمر زائد على الإيحاء ، هو معونة الله القادر على كل شيء يُقدِّمها حتى في غير الأمراض النفسية والوظيفية ، إجابة لدعوة المضطر الصادرة من أعماق نفسه أو معونة أو إكراماً لعبده الصالح والراقي والمرقي الذي رجاه »(٢٧١)

الثاني ـ التبرك ووجود خصائص طبية وكيميائية :

قال الشيخ كاشف الغطاء ( قده ) : « أفلا يجوز أنْ تكون لتلك الطينة عناصر تكون بلسماً شافياً من جملة من الأسقام ، قاتلة للميكروبات ولا نكران ولا غرابة ، فتلك وصفة روحية من طبيب رباني يرى بنور الوحي والإلهام ما في طبائع الأشياء ، وبعرف أسرار الطبيعة وكنوزها الدفينة التي لم تصل إليها عقول البشر بعد ، ولعلّ البحث والتحري والمثابرة سوف يوصل اليها ، ويكشف سِرّها ، ويَحلُّ طَلْسَمَها ، كما إكتشف سِرّ كثير من العناصر ذات الأثر العظيم مما لم تصل إليه معارف الأقدمين ، ولم يكن ليخطر على باب واحد منهم مع نقدهم وسمو أفكارهم وعظم آثارهم ، وكم من سِرّ دفين ومنفعة جليلة في موجودات حقيرة وضئيلة لم تزل مجهولة لا تخطر على بال ولا تمر على خيال ، وكفي ( بالبنسلين ) وأشباهه شاهداً على ذلك ، نعم لا تزال أسرار الطبيعة مجهولة إلى أن يأذن الله للباحثين بحِلِّ رموزها وإستخراج كنوزها ، والأمور مرهونة بأوقاتها ولكل أجل كتاب ، ولا يزال العلم في تجدد فلا تبادر إلى الإنكار إذا بلغك أن بعض المرضى عجز الأطباء عن علاجهم ، وحصل

______________________

(٢٧١) ـ المصدر السابق / ١٨٧

١٥٨

لهم الشفاء بقوة روحية ، وأصابع خفية من إستعمال التربة الحسينية ، أو من الدعاء والإلتجاء إلى القدرة الأزلية ، أو ببركة دعاء بعض الصالحين »(٢٧٢)

ويؤيد هذا الرأي الشواهد التالية :

١ ـ ما ذكره المهندس يحي حمزة كوشك في كتابه ( زمزم طعام طعم وشفاء سقم ) ، الذي صدر عام ١٤٠٣ هـ : « وتؤكد التحاليل الكيميائية ومقارنتها بالمواصفات العالمية ، على أنّ ماء زمزم صالح تماماً للشرب ، وأنّ أثره الصحي جيد ، وقد وجد أنّ تركيز عنصر الصوديوم يُعدُّ مرتفعاً لكن لا يوجد ضمن المواصفات العالمية المنشورة جداً لأعلى تركيز للصوديوم ، كما وجد أنّ الأربعة عناصر السامة الموجودة : وهي الزرنيخ ، والكاذميوم ، والرصاص ، والسيلينيوم ، هي أقل من مستوى الضرر بكثير بالنسبة للإستخدام البشري ، لذلك فإنّ مياه زمزم خالية من أي أضرار صحية ، بل هي مفيدة جداً بقدرة الله تعالى »(٢٧٣)

٢ ـ « وبرهن العالم واكسمان ، والدكتور إلبرت ، أنّ التراب جراثيم نافعة يمكن إستخراجها ومعالجة الأمراض السارية بها وفعلاً اُستخرج دواء من التراب بإسم ( استربتوماسين ) الذي يعالج بها السل ، والتايفوئيد ، والجراحات المزمنة ، والإسهال القوي ، وذات الرئة وإلتهاب الحلق »(٢٧٤)

٣ ـ «والعلاج بالطين طريقة أثبتت التجارب نجاحها في إحداث الشفاء من كثير من الأمراض التي إستعصت على العقاقير المسكنة والمهدئة والمنشطة وغيرها

______________________

(٢٧٢) ـ كاشف الغطاء ، الشيخ محمد حسين : الأرض والتربة الحسينية / ٢٨ ـ ٢٩

(٢٧٣) ـ عبد القادر ، د / أحمد المهندس ( ماء زمزم الأمن المائي وصحة الحجيج ) ، القافلة ـ م / ٤٢ محرم / لعام ١٤١٤ هـ ص / ٤٤

(٢٧٤) ـ الدهان ، سعيد ناصر : القرآن والعلوم / ١٦٨

١٥٩

.. وأفادت في الوقاية من آفات أخرى أي أن لها إتجاهين : إتجاهاً وقائياً وعلاجياً

ويتم إستخدام العلاج بالطين للمرضى القادمين من أمريكا والمجر ويوغسلافيا وجميع أنحاء أوروبا ، للوقاية من السمنة ، والسكر ، وإضطرابات النمو عند الأطفال ، وإلتهابات الجهاز التنفسي ، ونوبات الربو ، والأعصاب ، كما أفادت النساء في الوقاية من الإختلافات في العظم الهورموني وحالات الدوالي كما ينصح به لمن لم تمارس أعمالاً فيزيائية متعبة ، أو لديه ميول نحو السمنة كما أظهر العلاج بالطين نتائج مذهلة في معالجة كثير من الأمراض الجلدية الإكزمائية التي إستعصت على المراهم والأدوية »(٢٧٥)

هذه بعض الشواهد المؤيدة لرأي الشيخ كاشف الغطاء ( قده ) في دليله المتقدم

وبعد هذا ، فأي مانع أنْ تكون في التربة الحسينية تلك الخصوصية الطبية والكيميائية كما كانت في ماء زمزم ؟ والخلاصة التي توصلنا إليها في الدليل العلمي ، إنّ التربة الحسينية بما تحمله من خصائص البركة إنما هي كرامة إلهية للحسينعليه‌السلام كما أنّ مقتضى البركة والكرامة أنْ توجد فيها خصائص طبية وكيميائية تفوق وجودها في التراب والطين الآخر الموجود في بقاع الأرض وكذلك المياه ، وقد حصل لماء زمزم ، ومقتضى هذه الكرامة الإلهية أنْ تكون على مدى العصور ، يحظى بها من إعتقد بها ، ويحرم منها من جهلها وتهاون بها وقد أشار إلى هذا إمامنا الصادقعليه‌السلام بقوله : ( وإنما يفسدها ما يخالطها من أوعيتها وقلة اليقين لمن يعالج بها ، فأما من أيقن أنها له شفاء إذا تعالج بها ؛ كفته بإذن الله من غيرها مما يتعالج به ، ويفسدها الشياطين والجن من أهل الكفر

______________________

(٢٧٥) ـ عبد الصمد ، محمد كامل : ثبت علمياً ، ج ١ / ( ٣٨ ـ ٣٩ )

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

وأما في المنطق والفصاحة ؛ فخطبتها البليغة في الكوفة تبرهن لنا ذلك. ونختم الحديث عن هذه السيدة الجليلة بكرامة من كراماتها ، قال السيد المقرّم (قده) : «وفي كتاب «تحقيق النصرة إلى معالم دار الهجرة» ص ١٨ ، تأليف ابي بكر بن الحسين بن عمر المراغي ، المتوفي سنة ٨١٦ : من كرامات فاطمة بنت الحسين ، أنّ الوليد بن عبد الملك لما أمر بادخال الحجرات في المسجد ، خرجت فاطمة بنت الحسين إلى الحرة ، وبنت داراً لها وأمرت بحفر بئر فظهر فيه جبل ، فقيل لها فتوضأت ، ورشت بفاضل وضوئها عليه فلم يتصعب عليهم ، فكانوا يتبركون بمائه ويُسمُّونه زمزم»(٣٨٣) .

وفاتها ومدفنها :

توفيت عام ١١٧ هـ ، أي في السنة التي توفيت فيها أختها السيدة سكينة ، ودفنت في البقيع.

وعمرها أكثر من سبعين سنة. وقول آخر يَنصّ على أنّ وفاتها عام ١١٠ هـ. ونَصّ ابن حجر في تهذيب التهذيب : «ماتت وقد قاربت التسعين»(٣٨٤) .

٢ ـ السيدة فاطمة الصغرى (العليلة) :

مما يؤسف له ، لم نعرف عن هذه السيدة الجليلة إلا ما ذكر في بعض كتب السيرة الحسينية ، فقد ذكر السيد رضي القزويني (ره) : «روي في كتاب المناقب القديم بإسناد طويل ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : (فلمّا قتل الحسين بن علي عليهما السلام ؛ جاء غراب فوقع في دمه ، ثم تَمرّغ ثم طار ، فوقع بالمدينة على

__________________

(٣٨٣) ـ المقرم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٣١٤.

(٣٨٤) ـ ابن حجر ، احمد بن علي : تهذيب التهذيب ، ج ٤ / ٦٨٤.

٣٠١

جدار فاطمة بنت الحسين بن علي عليهما السلام ـ وهي الصغرى ـ فرفعت رأسها فنظرت إليه ، فبكت بكاءً شديداً وأنشأت تقول :

نعب الغراب فقلت مَن

تنعاه ويلك يا غراب

قال : الإمام فقلت : مَن

قال : الموفق للصواب

إنّ الحسين بكربلاء

بين الأسنّة والضراب

فأبكي الحسين بعبرة

ترجي الإله مع الثواب

قال محمد بن علي : فنعته لأهل المدينة ، فقالوا : قد جاءتنا بسحر عبد المطلب ، فما كان بأسرع أن جاءهم الخبر بقتل الحسين عليه السلام.

أقول : هذا الخبر منافٍ للأخبار الماضية أنّ فاطمة كانت مع أبيها عليه السلام في كربلاء ، إلا أن يقال له عليه السلام بنتان كلتاهما مسميتان بفاطمة ، كما أنّ بنيه كلهم مُسمّى بعلي ، ويؤيده قوله : وهي الصغرى»(٣٨٥) . وبعد عرض ما ذكرته بعض كتب السيرة الحسينية عن السيدة فاطمة الصغرى (العليلة) ، نتساءل عن السيدة زينب بنت الإمام الحسين عليه السلام ، حيث ورد هذا الإسم في تعداد بنات الحسين عليه السلام ، ولم نعرف شيئاً عنها؟ والذي يبدو لي أنّ هذا الإسم لعلّه إسم السيدة فاطمة الصغرى المتقدم ذكرها ، والله العالم بحقائق الأشياء. هذا ما أردنا بحثه على نحو الإختصار لحياة أخوات السيدة رقية ؛ وأمّا البحث والحديث عن السيدة رقية ؛ فيحتاج إلى دقة وتأمل ؛ حيث لا يوجد رأي متفق عليه بين المؤرخين والباحثين ، في معرفة إسمها ووجودها ونسبتها إلى بنات سيد الشهداء (عليه السلام) ، ولكن يمكن بحث ذلك فيما يلي :

__________________

(٣٨٥) ـ القزويني ، السيد رضي بن نبي : تلظم الزهراء / ٢٤٩.

٣٠٢

ثانياً ـ البحث في سيرة السيدة رُقَيّة

١ ـ أسماؤها في الكتب التاريخية

٢ ـ والدتها وولادتها

٣ ـ رؤياها

٤ ـ مدفنها وحرمها الطاهر

٣٠٣
٣٠٤

١ ـ أسماؤها في الكتب التاريخية :

من راجع كتب السيرة الحسينية ؛ توصّل إلى أنّ هناك تسميات تطلق على بنت الحسين عليه السلام كالتالي :

أ ـ بنت صغيرة :

ذكر السيد رضي القزويني (ره) في كتابه (تظلم الزهراء) : «وروي أنّه كانت للحسين عليه السلام بنت صغيرة ، وكانت بين تلك النساء جالسة بجنب أبيها الحسين عليه السلام ، وهي قابضة بكتفه وكفه في حجرها ، فتارة تشمّ كفه ، وتارة تقبل كتفه ، وتارة تضع أصابعه على فؤادها ، وتارة على عينيها ، وقد أخذت من دمه الشريف وخضبت به وجهها وهي تقول : يا أباه قتلك أقَرّ عيون الشامتين ، وفَرّح قلوب المعاندين ، وشفت بنا جميع المبغضين ، يا أباه ألبسوني بنو أمية ثوب اليتم ، وسقوني شربة السبي على صغر سني ، يا أبتاه إذا أظلم عليّ من يحمي حماي ، يا أبتاه وإن عطشت فمن يروي ظماي ، يا أبتاه نهبوا قرطي وجذبوا ردائي ، يا أبتاه انظر إلى رؤوسنا المكشفة ، وإلى أكبادنا المتلهفة ، وإلى عمتي المضروبة ، وأمي المسحوبة ـ فدرفت عن ندبها العيون ، وسالت على سجعها الجفون ـ فأتاهم زجر ، قال الأمير ابن سعد قد نادى مناديه بالرحيل فهلموا واركبوا ، فأيقنت البنيّة بالرحيل ، فقامت إلى السائق ووقفت عنده وقالت له : سألتك بالله يا هذا ، أنتم مقيمون اليوم أم راحلون؟ فقال : بل راحلون. قالت : يا هذا إذا عزمتم على المسير فسيروا بهذا النسوة واتركوني أبكي على والدي وأستأنس به ، فإن مت عنده فقد سقط عنكم ذمامي ، وأنا بنت صغيرة السن ضعيفة القوة ، فدفعها عنه وأبعدها منه ، فلاذت البنت بالحسين عليه السلام واستجارت به وقبضت زنده ، فأتى إليها من جوار أبيها فقالت

٣٠٥

له : يا هذا إنّ لي أخ صغير قد قتلوه القوم فدعني أتودع منه كافأك الله ، فأمهلها السائق فتخطت نحو خطوات قليلة ، فإنّه كان قريباً من أبيه الحسين عليه السلام ، فلما وقعت عين البنت على أخيها وتحسرت وأنّت وبكت وجعلت تنوح نوحة تذاب الحجر ، ثم إنّها لثمت أخاها متعددات ونامت بطوله ، ثم جلست فرفعته في حضنها وجعلت فمها على منحره ، ونادته : يا ابن أمي لو خيروني بين القيام عندك وأن السباع تأكل لحمي ، وبين الرواح عنك لتخيرت مقامي عندك على الحياة ، فها أنا ذا راحلة عنك ، غير جافية لك ولا لقربك ، وهذه نياق الرحيل تتجاذب بنا على المسير ، فما أدري أين يريدون بنا أهل العناد ، فاقرأ جدي وجدتي عني السلام ، ثم إنّها وضعت فمها على شفتيه وقبّلت خديه وعينيه ، فأتاها السائق وهو يبكي على حالها ، فجَرّها عنه وأبعدها وأركبها مع النساء ، فلما ركبت البنت على الناقة إلتفتت إلى أخيها وقالت : ودعتك السميع العليم إنا لله وإنا إليه راجعون»(٣٨٦) .

ب ـ فاطم الصغيرة :

وبهذا الإسم خاطبت السيدة زينب عليها السلام أخاها الحسين عليه السلام حينما رأت رأسه فوق الرمح بالكوفة :

يا أخي فاطم الصغيرة كَلِّمها

فقد كاد قلبها أنّ يذوبا

__________________

(٣٨٦) ـ القزويني ، السيد رضي بن نبي : تظلم الزهراء / ٢٣٥ ـ ٢٣٦.

٣٠٦

ج ـ رُقيّة :

قال الشيخ الحائري (ره) في كتابه (معالي السبطين) : «.. وبنته الأخرى (رُقيّة). وقال الحمزاوي في كتاب (النفحات) : وكانت للحسين عليه السلام بنت تسمى رقية ، وأمها شاه زنان بنت كسرى ، خرجت مع أبيها الحسين عليه السلام من المدينة حين خرج ، وكان لها من العمر خمس سنين ، وقيل : سبع سنين حتى جاءت معه إلى كربلاء»(٣٨٧) .

أقول إتضح لنا بعد مراجعة كتب سيرة الحسين عليه السلام أنّ لبنت الحسين عليه السلام عدة تسميات ، إلا أنّ من أبرز أسمائها (فاطمة الصغيرة) ، وهو المعروف في الكتب القديمة ، أما الإسم الآخر (رقية) ؛ فهو المشهور على ألسن الموالين في العصور المتأخرة ، ولم يذكر في كتب المتقدمين ، وأما ما ذكره بعض الكتاب ، حيث قال : «يُعدّ كتاب «اللهوف» للسيد ابن طاووس ، المتوفى عام ٦٦٤ هـ ، المعروف بكثرة إحاطته بالنصوص الروائية ، والأحداث التأريخية الإسلامية الشيعية ، من أقدم الكتب التي جاء فيه ذكر السيدة ررقية عليها السلام ، فقد ذكر السيد في كتابه هذا ، عبارة للإمام الحسين عليه السلام حينما دعا أخته زينب عليها السلام للصبر والتحمل فقال : (يا أختاه يا أم كلثوم ، وأنت يا زينب ، وأنت يا رقية ، وأنت يا فاطمة ، وأنت يا رباب ، أنظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن عليّ جيباً ، ولا تخمشن عليّ وجها ، ولا تقلن عليّ هجرا). وهذا يعني أنّ السيدة رقية عليها السلام كانت في كربلاء ، ومما يؤيد ذلك أيضاً ، ما ذكره الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي المتوفى عام (١٢٩٤ هـ) ، في كتابه (ينابيع المودة) ، نقلاً عن مقتل أبي مخنف : فبعد ما ذكر كيفية إستشهاد أصغر أولاد الحسين عليه السلام ـ وهو

__________________

(٣٨٧) ـ الحائري ، الشيخ محمد بن مهدي : معالي السبطين ، ج ٢ / ٢١٤.

٣٠٧

الذي لم يتجاوز الستة أشهر ـ ، قال : (ثم نادى عليه السلام : يا أم كلثوم ، ويا سكينة ، ويا رقية ، ويا عاتكة ، ويا زينب ، يا أهل بيتي ، عليكن مني السلام»(٣٨٨) .

فعلى القول بنسبة ما تقدم للحسين عليه السلام ؛ فهو في مقام مخاطبة أخواته ، وكبار بناته ، فلعلّ المراد بـ(رقية) هي بنت أمير المؤمنين عليه السلام ، لا بنت الحسين عليه السلام ، والقرينة المقامية واللفظية تساعد على ذلك. ذكر الشيخ الحائري (ره) في كتابه (معالي السبطين) : «.. ومنهن (رقية الكبرى) ، وكانت عند مسلم بن عقيل ، فولدت منه عبد الله بن مسلم ، ومحمد بن مسلم ، الذين قتلا يوم الطف مع الحسين عليه السلام ، وعاتكة ولها من العمر سبع سنين ، التي سحقت يوم الطف بعد شهادة الحسين عليه السلام لما هجم القوم على المخيم للسلب ، على ما رواه الشيخ حسن بن سليمان الشويكي في مقتله. وأمها ـ أي رقية ـ الصهباء الثعلبية ، تكنى أم حبيب ، من سبي عين التمر ، التي إشتراها أمير المؤمنين عليه السلام من خالد بن الوليد بأربعين ديناراً ، فولدت منه رقية الكبرى ، وعمر الأطراف توأمين»(٣٨٩) .

وذكر أيضاً : «ومنهن رقية الصغرى ، أمها أم ولد ، وكانت عند صَلْت بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ولا عقب له»(٣٩٠) .

وذكر السيد رضي القزويني (ره) في كتابه «تظلم الزهراء عليها السلام» : «.. أنّ الحريم لما أدخلن على يزيد كان ينظر إليهن وسأل عن كل واحدة ، فقيل :

__________________

(٣٨٨) ـ الخلخالي ، الشيخ علي الرباني : السيد رقية بنت ال حسين / ١٣.

(٣٨٩) ـ الحائري ، الشيخ محمد مهدي : معالي السبطين ، ج ٢ / ٢٢٧.

(٣٩٠) ـ نفس المصدر.

٣٠٨

هذه أم كلثوم الكبرى ، وهذه أم كلثوم الصغرى ، وهذه صفية ، وهذه أم هاني ، وهذه رقية ، بنات علي عليه السلام ، وهذه فاطمة ، وهذه سكينة بنتا الحسين ، وهن مربقات بحبل طويل ...»(٣٩١) .

والدتها وميلادها :

إختلف المؤرخون والباحثون في ذلك ، كما يلي :

أ ـ ذكر الشيخ الحائري (ره) في كتابه (معالي السبطين) : «وقال الحمزاوي في كتاب (النفحات) : وكانت للحسين عليه السلام بنت تسمى رقية ، وأمها شاه زنان ، بنت كسرى ، خرجت مع أبيها الحسين عليه السلام من المدينة حين خرج ، وكان لها من العمر خمس سنين ، وقيل : سبع سنين حتى جاءت معه إلى كربلاء»(٣٩٢) .

وهذا القول خلاف المشهور بين المؤرخين ، من أنّ شاه زنان توفيت في نفاسها بولادتها بالإمام زين العابدين عليه السلام ، إذن هذه الدعوى في غاية البعد ، ولا يمكن الإعتماد عليها.

ب ـ ما احتمله السيد عامر الحلو في كتابه (السيدة رقية عليها السلام) : «أوصى الإمام الحسن المجتبى عليه السلام ، أخاه أبا عبد الله عليه السلام أن يتزوج من (أم إسحاق) ، وكانت أم إسحاق زوجة للإمام الحسن عليه السلام سابقاً ، وعمل الحسين عليه السلام بوصية أخيه. وكانت ثمرة ذلك الزواج فتاة إسمها (رقية) ولم يمضِ وقت طويل حتى لَبّت (أم إسحاق) نداء ربها ، وأصبحت (رقية) بلا أم ، ولعل هذا كان سبب الحب الشديد للإمام الحسين عليه السلام لطفلته الصغيرة ، ومن هنا

__________________

(٣٩١) ـ القزويني ، السيد رضي بن نبي : تظلم الزهراء / ٢٧٨.

(٣٩٢) ـ الحائري ، الشيخ محمد مهدي : معالي السبطين ، ج ٢ / ٢١٤.

٣٠٩

أوصى أخته السيدة زينب عليها السلام أنّ ترعى رقية دائماً ، وتكون لها بمثابة الأم»(٣٩٣) .

وهذا الإحتمال لا بأس به ، إلا أنّه يحتاج إلى دليل.

ج ـ ذكر الشيخ الحائري في كتابه (معالي السبطين) : «... وقال صاحب الحدائق الوردية : وفاطمة الصغرى ؛ هي اُخت عبد الله الرضيع من أمه ، وهو الذي ولد في الحرب وقت صلاة الظهر وقتل في حجر أبيه»(٣٩٤) . وهذا الإحتمال من أقوى الإحتمالات التي ذكرت ، إلا أنّه يحتاج إلى زيادة إيضاح أكثر ، وسوف نذكر ذلك في الإحتمال الأخير.

د ـ المستفاد من الرواية السابقة التي ذكرها السيد رضي القزويني في كتابه (تظلم الزهراء) ـ حيث قالت في وداعها لأخيها الرضيع ـ : «... ونادته : يا ابن أمي ، ...» ، أنّها أخت الرضيع ، لكن السؤال الذي ينبغي طرحه : إنّ لسيد الشهداء رضيعين : رضيع قتل في حجر أبيه عند الخيام ، وهو الذي ولد به وقت صلاة الظهر ، والرضيع الآخر عبد الله وعمره ستة أشهر ، وأمه الرباب بنت أمرئ القيس ، فأي الرضيعين هو المراد؟

مما تقدم ، يمكن القول باحتمال أن تكون أخت الرضيع علي الأصغر المولود في الحرب وقت صلاة الظهر ، وأنّ أمه هي (أم إسحاق) ، والله العالم بحقائق الأمور ، وبعد هذا العرض الموجز لتاريخها ، يمكن القول بأنّ عمرها كان (٣ ـ ٤ سنوات) ، فيكون تاريخ ولادتها عام (٥٧ هـ ـ ٥٦ هـ).

__________________

(٣٩٣) ـ الشيرازي ، علي : القصة المحزنة للسيدة رقية / ١٦ ـ ١٧.

(٣٩٤) ـ الحائري ، الشيخ محمد مهدي : معالي السبطين ، ج ٢ / ٢١٤.

٣١٠

٣ ـ رؤياها :

ذُكِرَت رؤياها بعدة روايات ، ولعَلّ أهم المصادر التي يمكن الإطمئنان بها ، هي التالي :

ذكر الشيخ الطريحي في كتابه (المنتخب) : «روي أنّه لما قدم آل الله وآل رسوله على يزيد في الشام ؛ أفردهم داراً وكانوا مشغولين بإقامة العزاء ، وأنّه كان لمولانا الحسين عليه السلام بنتاً عمرها ثلاث سنوات ، ومن يوم إستشهد الحسين ما بقيت تراه ، فعظم ذلك عليها واستوحشت لأبيها ، وكانت كلما طلبت يقولون ، لها غداً يأتي ومعه ما تطلبين ؛ إلى أن كانت ليلة من الليالي رأت أباها بنومها ، فلما إنتبهت صاحت وبكت وإنزعجت فهجعوها وقالوا : لما هذا البكاء والعويل؟ فقالت : آتوني بوالدي وقرّة عيني ، وكلما هجعوها إزدادت حزناً وبكاءاً ، فعظم ذلك على أهل البيت فضجوا بالبكاء ، وجددوا الأحزان ولطموا الخدود ، وحثوا على رؤوسهم التراب ، ونشروا الشعور وقام الصياح ، فسمع يزيد صيحتهم وبكاءهم ، فقال : ما الخبر؟ قالوا : إنّ بنت الحسين الصغيرة رأت أباها بنومها فانتبهت وهي تطلبه وتبكي وتصيح ، فلما سمع يزيد ذلك قال : إرفعوا رأس أبيها وحطوه بين يديها لتنظر إليه وتتسلى به فجاءوا بالرأس الشريف إليها مغطى بمنديل دَيبقِي ، فوضع بين يديها وكشف الغطاء عنه ، فقالت : ما هذا الرأس؟ قالوا لها : رأس أبيك ، فرفعته من الطشت حاضنة له وهي تقول : يا أباه من ذا الذي خضبك بدمائك؟ يا أبتاه من الذي قطع وريدك؟ يا أبتاه من ذا الذي أيتمني على صغر سني؟ يا أبتاه من بقي بعدك نرجوه؟ يا أبتاه من لليتيمة حتى تكبر؟ يا أبتاه من للنساء الحاسرات؟ يا أبتاه من للأرامل المسبيات؟ يا أبتاه من للعيون الباكيات؟ يا أبتاه من للضائعات

٣١١

الغريبات؟ يا أبتاه من للشعور المنشرات؟ يا أبتاه من بعدك واخيبتنا؟ يا أبتاه من بعدك واغربتنا ، يا أبتاه ليتني كنت الفدى ، يا أبتاه ليتني كنت قبل هذا اليوم عميا ، يا أبتاه ليتني وسدت الثرى ، ولا أرى شيبك مخضباً بالدماء.

ثم إنّها وضعت فمها على فمه الشريف ، وبكت بكاءاً شديداً حتى غشي عليها ؛ أعلنوا البكاء واستجدوا العزاء ، وكل من حضر من أهل دمشق ، فلم ير في ذلك اليوم إلا باكٍ وباكية»(٣٩٥) .

٢ ـ نقل المحدث الخبير الشيخ عباس القمي (قده) ، عن كتاب (كامل البهائي)(٣٩٦) لعماد الدين الطبري «إنّ نساء أهل بيت النبوة أخفين على الأطفال شهادة آبائهم ، وكن يقلن لهم : أنّ آبائكم قد سافروا إلى كذا وكذا ، وكان الحال على ذلك المنوال حتى أمر يزيد أن يدخلن داره ، وكان للحسين عليه السلام بنت صغيرة لها أربع سنين ، قامت ليلة من منامها وقالت : أين أبي الحسين ، فإنّي رأيته في المنام مضطرباً شديداً؟ فلما سمع النسوة ذلك بكين وبكى معهنّ سائر الأطفال ، وارتفع العويل فانتبه يزيد من نومه وقال : ما الخبر؟ ففضحوا عن الواقعة وقَصُّوها عليه ، فأمر (لع) أن يذهبوا برأس أبيها ، فأتوا بالرأس الشريف وجعلوه في حجرها ، فقالت :

__________________

(٣٩٥) ـ الطريحي ، الشيخ فخر الدين : المنتخب ، ج ١ / ١٣٦ ـ ١٣٧ (الباب الثاني ـ المجلس السابع).

(٣٩٦) ـ عَبّر عنه الشيخ عباس القمي في كتابه (الفوائد الرضوية / ١١١) : «الشيخ العالم ، والماهر الخبير والمتدرّب النحرير ، والمتكلم الجليل ، والحدث النبيل ، والفاضل الفهّامة ، فرغ من تأليفه سنة (٦٧٥ هـ) بعد عناء طويل استغرق (١٢ سنة) ويعلم من الكتاب أن الكثير من نسخ الأصول والكتب القديمة للأصحاب كانت موجودة عند المؤلف».

٣١٢

ما هذا؟ قالوا : رأس أبيك. ففزعت الصَبِيّة وصاحت ، فمرضت وتوفيت في أيامها بالشام»(٣٩٧) .

٤ ـ مدفنها وحرمها الطاهر :

منذ وفاة هذه السيدة الجليلة في خرابة الشام ـ وقد ذكر العلامة البيرجندي (ره) في كتاب (وقائع الأيام والشهور) : أنّ طفلة صغيرة للإمام الحسين عليه السلام ، توفيت في الخامس من شهر صفر سنة ٦١ هـ ، عرفت عند أهل الشام ، ومن زارها بأنّها طفلة الحسين عليه السلام ، صاحبة المنزلة الجليلة عند الباري عَزّ وجَلّ ، لما لاحظوه وسمعوه من الكرامات المنسوبة إليها ، ولهذا كثر زوارها.

وقد مرت عمارة مشهدها الشريف بعدة أطوار من التوسعة والبناء كالتالي :

ذكر هاشم عثمان في كتابه (مشاهد ومزارات ، ومقامات آل البيت عليهم السلام في سورية) : «مسجد رقية : في محلة العمارة ، خلف باب الفراديس ، وعليه تابوت حديث ثمين من خشب الموزاييك المرصّع بالعاج ، وحوله قفص من النحاس المزخرف.

والقبر ضمن مسجد حسنٍ ، له باب حديث من الحجر الأسود المزي ، جدد سنة ١٣٢٣ هـ. وفي المسجد محراب ومنبر عاديان ، أما قبة الضريح ، فقديمة من طراز قباب المماليك ، ولكنّها مجددة ومدهونة.

من أشهر أئمة هذا المشهد ، شخص يُدعى مجد الدين ؛ هو الذي قام بسرقة رأس الملك الكامل ـ ناصر ا لدين محمد بن شهاب الدين غازي ـ عندما

__________________

(٣٩٧) ـ القمي ، الشيخ عباس : نفس المهموم / ٤١٥ ـ ٥١٦.

٣١٣

عَلّقه هولاكو على باب الفراديس بدمشق سنة (٦٥٧ هـ) ، فأخذه ودفنه في طاق إلى جانب محراب المسجد.

ويفهم مما ذكره الحصني ، أنّ مسجد رقية عليها السلام ، صار بيتاً في مرحلة من المراحل ، ثم أعيد مشهداً مرّة ثانية ، قال الحصني : دفنت رقية عليها السلام في مسجد الرأس عند بلاط معاوية في القباقبية ، داخل باب الفراديس ، وقبرها داخل الستر المحيط به وكان عليه قبة ، والآن صار بيتاً»(٣٩٨) .

ويقول عبد الوهاب بن أحمد الشافعي المصري ، المشهور بالشعراني ، المتوفي عام ٩٧٣ هـ ، في كتاب (المنن) : «وأخبرني بعض الخواص : أنّ رقية بنت الحسين عليه السلام في المشهد القريب من جامع دار الخليفة ، وهو معروف الآن بجامع شجرة الدّر والمكان الذي فيه السيدة رقية عن يمينه ، ومكتوب على الحجر الذي ببابه هذا البيت :

بقعة شُرِّفَت بآل النبي

وبنت الحسين الشهيد رقية»(٣٩٩)

«وذكر المرحوم الحاج آية الله الميرزا هاشم الخراساني ، المتوفي عام (١٣٥٢ هـ) ، في كتابه (منتخب التواريخ) : قال لي العالم الجليل الشيخ محمد علي الشامي ـ وهو من جملة العلماء العاملين في النجف الأشرف ـ : أنّ جد أمي السيد ابراهيم الدمشقي ، الذي ينتهي نسبه إلى السيد المرتضى علم الهدى ، كان في زمانه قد تجاوز عمره التسعين ، ويُعد في عصره من الأشراف الأجلاء ، وكان عنده ثلاث بنات فقط وليس له أي ذكر.

__________________

(٣٩٨) ـ عثمان ، هاشم : مشاهد ومزارات ، ومقامات آل البيت (ع) في سورية / ٢٩.

(٣٩٩) ـ الخلخالي ، الشيخ علي الرباني : السيدة رقية / ١١.

٣١٤

وفي واحدة من الليالي ، رأت ابنته الكبيرة السيدة رقية عليها السلام في عالم الرؤيا ، وقد طلبت منها أن تخبر والدها : أنّ الماء قد تسَرّب إلى قبرها ولحدها ، مما تسبب في إحداث ضرراً في بدنها الشريف ، وطالبتها أن تقول له بضرورة إصلاح القبر طالباً ذلك من والي الشام ، فامتثلت الفتاة لذلك ، إلا أنّ السيد خشيَ من أهل السنة ، فلم يُبدِ إعتناء بهذا المنام.

وفي الليلة الثانية تكرر الأمر مع ابنته الوسطى ، وأخبرته بذلك أيضاً ، إلا أنّ السيد بقي متردداً وخائفاً. وفي الليلة الثالثة ؛ جاءت السيدة رقية عليها السلام لابنته الصغرى في عالم الرؤيا ، وجرى ما جرى سابقاً ، إلى أن رأى السيد نفسه السيدة رقية في المنام في الليلة الرابعة ، وهي تقول له معاتبة : لماذا لم تخبر الوالي؟!

وفي الصباح إنطلق السيد إلى والي الشام وحَدّثه بالرؤيا وما حصل معه ومع بناته ، فأمر الوالي علماء السنة والشيعة بالغسل وإرتداء أنظف ثيابهم ، ثم قال لهم : إنا سنعطي مفتاح القبر لكل واحد منكم ، وكلّ مَن فتح القفل بيده هو الذي ينزل إلى القبر ، ويخرج الجسد الطاهر ليتم إصلاحه ، وفعلاً قد إغتسلوا كلهم ولبسوا أنظف ثيابهم ، وذهبوا برفقة الوالي إلى القبر الطاهر ، وحينها لم يعمل المفتاح عمله إلا بيد سيد إبراهيم ، وحينما حاولوا نبش القبر وحفره لم تعمل الفؤوس إلا بيد سيد إبراهيم ، وفعلاً فقد حفروه بعد ما أخرجوا الناس من الحرم الشريف ، ثم شاهدوا جسد هذه الطاهرة طريّاً وهي مكفنة ، إلا أنّ الماء قد تجمّع في لحدها ، فحمل السيد الشريف هذه المخدّرة الطاهرة بيديه ، وحملها على ذراعيه وخرج بها ، وهكذا بقيت على ذراعيه وهو يهمل عليها الدموع الجاريات على ما نزل بهذه الماجدة الصغيرة ، فاستمر

٣١٥

الوضع ثلاثة أيام ، كان السيد خلالها لا يترك هذه السيدة العظيمة إلا في أوقات الصلاة ، فكان يضعها على شيء طاهر ونظيف ، ويؤدي صلاته ثم يعود ليحملها مرة أخرى ، ومن العجائب أنّ السيد طيلة هذه الفترة ما كان بحاجة إلى الأكل والشرب والوضوء ببركة السيدة رقية عليها السلام ، وهي إحدى كراماتها ، حتى إنتهوا من إصلاح القبر ، وقام السيد ليدفنها ، ولكنّه طلب من الله تعالى متوسلاً إليه بهذه السيدة الماجدة أن يرزقه ولداً ، فحقق الله له مرامه ورزقه ولداً ، سَمّاه السيد مصطفى. ثم قام الوالي بنقل هذه الإعجوبة إلى السطان عبد الحميد العثماني ، فأمر ال أخير بجعل تولية مرقد السيدة زينب عليها السلام ، ومرقد السيدة رقية عليها السلام ، ومرقد السيدة أم كلثوم عليها السلام ، ومرقد السيدة سكينة عليها السلام ، بيد السيد إبراهيم ، ومنه إنتقلت إلى ولده السيد مصطفى ، ومنه إلى ولده السيد عباس. قال ناقل هذه القصة ، آية الله الحاج الميرزا هاشم الخراساني : وقد كان تأريخ هذه الحادثة الجليلة في حدود عام (١٢٨٠ هـ)»(٤٠٠) .

وذكر الشيخ علي الرباني في كتابه (السيدة رقية) : «وقبل التعمير الأخير الذي حصل في السنين الأخيرة ، عُمِّرَ المرقد الشريف على يد الميرزا علي أصغر خان أتابك ، أمين السلطان الأعظم الصدر الأعظم لإيران سنة (١٣٢٣ هـ) ، وقد نظم السيد محسن الأمين العاملي المتوفى عام (١٣٧١ هـ) أشعاراً ذكرها في كتابه القيّم (أعيان الشيعة) ، منها هذين البيتين واللذين ذكر فيهما تاريخ تعمير المرقد الشريف ، عِلْمَاً أنّ البيتين مكتوبين على باب الحرم الشريف ، وهما :

__________________

(٤٠٠) ـ الخلخالي ، الشيخ علي الرباني : السيدة رقية بنت الإمام الحسين / ٩ ـ ١٠.

٣١٦

له ذو ال رتبة العليا عليّ

وزير الصدر في ايران جدّد

وقد أرّختها تزهو بناءً

بقبر رقيّة من آل أحمد»(٤٠١)

وفي السنين الأخيرة تصدى الشيخ نصر الله الخلخالي (ره) لتوسعة الحرم الشريف ، وبمساعدة العديد من الخيرين ، وُفِّقَ لشراء البيوت المجاورة للحرم الشريف. بدأ في هذا المشروع من عام (١٣٩٩ هـ) ، ولكن بعض أصحاب البيوت إمتنعوا عن إخلاء منازلهم ، بسبب عسبيات قائمة على الجهل وأطماع ، ولهذا إستمر إخلاء البيوت المحيطة وهدمها بصورة تامة سنين ، وفي عام (١٤٠٤ هـ) بدأ البناء وأكمل عام (١٤١٠ هـ). تَمّ هذا البناء على أرض تبلغ مساحتها (٦٠٠٠ م ٢) ، من قبل مهندسين ومعماريين إيرانيين ، تَمّ إيفادهم من قم وإصفهان. وبلغت مساحة البناء (٤٥٠٠ م ٢) ، وشمل المكان الواقع أسفل القبة ، وباحة ومسجداً ومكاناً للارحة ، ومكاناً للتوضؤ وحماماً. وفي الجزء الجنوبي لبناية الحرم ، بُنِيَ مسجد تبلغ مساحته (٨٠٠ م ٢) ، وتبلغ مساحة الحرم وباحاته في البناء الجديد (٢٦٠٠ م ٢). والضريح الجديد للسيدة رقية الذي يبلغ وزنه (٥ أطنان) ، هو حصيلة (٤ سنوات) من الجهود المستمرة التي قام بها أربعون فناناً إصفهانياً ، وقد صنع بصورة جميلة ، ووضعت على الضريح مزهرية ذهبية ، يبلغ إرتفاعها أكثر من متر ، ووضعت مزهريات على الزوايا الأربع العليا للضريح. وتَمّ تزيين زوايا الضريح المطهر بأربعة أعمدة فضية مُتَعرِّجَة ، يبغلغ إرتفاع كل منها (٢٨٥ سم) ، وقد إتصلت به أوراق زهور الذهب ، كما كتبت على جدران الضريح آيات من القرآن المجيد ، وأسماء

__________________

(٤٠١) ـ المصدر السابق / ١٧٦.

٣١٧

شريفة. فقد تَمّ نقل هذا الضريح إلى دمشق عام ١٤١٤ هـ. وقد قدرت كلفة بناء المقام بما يقارب الخمسين مليون دولاراً ، غير نفقات الضريح الجديد ، ويظل هذا المعلم الخالد شاهداً على مظلومية طفلة الحسين عليه السلام ، بل على مظلومية الحسين عليه السلام وأهل بيته الكرام عليهم السلام.

٣١٨

٨ ـ الرّبَاب (زوجة الإمام الحسين عليه السلام)

١ ـ نسبها

٢ ـ قصة زواجها من الإمام الحسين (عليه السلام)

٣ ـ مناقشة القصة

٤ ـ أولادها

٥ ـ علاقتها بالإمام الحسين (عليه السلام)

٦ ـ وفاتها ومدفنها

٧ ـ رؤياها

٣١٩
٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554