تربة الحسين عليه السلام الجزء ٣

تربة الحسين عليه السلام14%

تربة الحسين عليه السلام مؤلف:
الناشر: دار المحجّة البيضاء
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 554

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 554 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41278 / تحميل: 4269
الحجم الحجم الحجم
تربة الحسين عليه السلام

تربة الحسين عليه السلام الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: دار المحجّة البيضاء
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

تنتهي الرغبات في الأمور ، ومنه تتولد الصلات والمحبات والعلائق والروابط ، فبهذا الإعتبار المطرد العام المتسالم عليه لدا العقلاء والشرع الأقدس ، إتخاذ مكة المكرمة حرماً آمناً وتوجيه الخلق إليه ، وحجهم إياه من كل فج عميق ، وإيجاب تلكم الأحكام حتى بالنسبة إلى بنيته ، إن هي إلا آثار الإضافة وإختيار الله إياها من بين الأراضي

وكذلك المدينة المنورة حرماً إلهياً محترماً ، وجعل المحرمات الواردة في السنة الشريفة لها وفي أهلها وتربتها ومن حَلّ فيها ، إنما هي لإعتبار ما فيها من الإضافة والنسبة إلى الله تعالى ، وكونها عاصمة عرش نبيه العظيمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صاحب الرسالة الخاتمة

وبهذا الإعتبار وقانون الإضافة ، جعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبكي على ولده الحسينعليه‌السلام ويقيم تلك المآتم قبل شهادته ، ويأخذ تربة كربلاء ويشمها(٧٧) ، ويقبلها(٧٨) ، ويقلبها(٧٩) ، كما ورد في الأخبار وهو الذي جعل الشيعة الإمامية تهتم بتربة الحسينعليه‌السلام ، تلك التربة الطاهرة التي شرّفها الله وقدّسها ؛ لما تحويه من أجساد طاهرة من أبناء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، سُفكت دماؤها لأجل الدين وفي سبيل إحيائه تلك التربة التي اعتنى بها الكُتاب وتفننوا في وصفها وقداستها

وعَبّر عنها الأديب الكبير عباس العقاد بقوله : « ولكنها لو أُعطيت حقها من التنويه والتخليد ؛ لحق لها أن تصبح مزاراً لكل آدمي يعرف لبني نوعه نصيباً من القداسة وحظاً من الفضيلة ، لأننا لا نذكر بقعة من بقاع هذه الأرض

______________________

(٧٧) ـ الهيثمي ، الحافظ نور الدين ، علي بن أبي بكر : مجمع الزوائد ، ج ٩ / ١٨٩

(٧٨) ـ ابن حجر ، الحافظ شهاب الدين ، أحمد : تهذيب التهذيب ، ج ٢ / ٢٤٦

(٧٩) ـ النيسابوري ، الحافظ محمد بن أحمد : سيرة أعلام النبلاء ، ج ٣ / ١٩٤

٦١

يقترن اسمها بجملة من الفضائل ، أسمى وألزم لنوع الإنسان من تلك التي اقترنت باسم كربلاء ، بعد مصرع الحسين فيها

فكل صفة من تلك الصفات العلوية التي بها الإنسان إنسان وبغيرها لا يحسب غير ضرب من الحيوان السائم فهي مقرونة في الذاكرة بأيام الحسين رضي الله عنه في تلك البقعة الجرداء وليس في نوع الإنسان صفات علويات أنبل ولا ألزم من الإيمان والفداء والإيثار ويقظة الضمير ، وتعظيم الحق ورعاية الواجب والجلد في المحنة والأنفة من الضيم والشجاعة في وجه الموت المحتوم وحسبك من تقويم الأخلاق في تلك النفوس ، أنه ما من أحد قتل في كربلاء إلا كان في وسعه أن يتجنب القتل بكلمة أو بخطوة ، ولكنهم جميعاً آثروا الموت عطاشا جياعا مناضلين على أن يقولوا تلك الكلمة أو يخطوا تلك الخطوة ؛ لأنهم آثروا جمال الأخلاق على متاع الدنيا أو حسبك من تقويم الأخلاق في نفس قائدها وقدوتها ، أنهم رأوه بينهم فاقتدوه بأنفسهم ، ولن يبتعث المرء روح الاستشهاد فيمن يلازمه إلا أن يكون هو أهلاً للإستشهاد في سبيله وسبيل دعوته ، وان يكون في سليقة الشهيد الذي يأتم به الشهداء »(٨٠)

وبعد هذا البيان إتضح لنا سِرُّ فضيلة تربة كربلاء ، ومبلغ إنتسابها إلى الله سبحانه وتعالى ، ومدى حرمة صاحبها دُنُوّاً وإقتراباً من العلي الأعلى نعم أفعاله وأقواله ـ كما نقلها التاريخ لنا ـ تثبت مدى تعلقه وتفانيه بخالقه العظيم حتى بذلك نفسه وأهله وكل غالٍ ونفيس لأجل إعلاء كلمة الله وإحياء دينه ، وقد نسب إليه الآتي :

______________________

(٨٠) ـ العقاد ، عباس محمود : أبو الشهداء ، الحسين بن علي / ٨٦ ـ ٨٧

٦٢

تركتُ الخلقَ طُرّاً في هواكا

وأيتمت العيال لكي أراكا

فلو قطعتني في الحُب إرباً

لما مال الفؤاد إلى سواكا(٨١)

أليس من الأفضل التقرب إلى الله بالخضوع والخشوع والعبودية بالسجود على تربة تفجرت في صفيحها عيون دماءٍ اصطبغت بحب الله وولائه المحض الخالص ؟!. أليس من الأليق بأسرار السجود على الأرض ، السجود على تربة ظهر فيها سِرُّ المتعة والعظمة والكبرياء والجلال لله عَزّ وجَلّ ، ورمز العبودية والتصاغر أمام عظمة الجبار سبحانه تعالى بأجلى مظاهرها وسماتها ؟!.

وبناءً على هذين الأصلين ، تتخذ الشيعة الإمامية من تربة كربلاء قطعاً وأقراصاً تسجد عليها في الصلوات(٨٢) لأنهم يشترطون في المسجد أن يكون أرضاً أو ما أنبتت ، ويشترطون في المسجد طهارته وإباحته ، وأن لا يكون من المأكول والملبوس ، فالشيعة يصحبون معهم ألواح الطين والتراب ، ويتخذونها مساجد للسجود عليها لله ، اهتماماً بشأن الصلاة ومخالفة على آدابها ، فشأن هذه الألواح شأن الخُمُر والحَصْبَاء في بداية المسلمين كما أنها أفضل أفراد الواجب ، واختياراً لما هو الأفضل والأولى بالسجود لدا العقل والمنطق والإعتبار

______________________

(٨١) ـ أمين النجفي ، الدكتور أحمد : التكامل في الإسلام ، ج ٤ / ١٧٠

(٨٢) ـ ذكر هذا الدليل المحقق الأميني ( قده ) في ( سيرتنا وسنتنا / ١٧٠ ـ ١٨٠ ) بعنوان الإستحسان العقلي ، وجئت بصياغة أخرى لهذا الدليل بعنوان ( الإحتياط طريق النجاة ) فهو أقرب إلى الإحتياط العقلي ؛ لأن الإستحسان العقلي لا تؤمن به الإمامية

٦٣

وعلى هذا النهج القويم ؛ كان التابعي علي بن عبد الله بن عباس(٨٣) كما عن ابن عينة قال : « سمعت رُزَين مولى ابن عباس رضي الله عنه يقول : كتب إليّ علي بن عبد الله بن عباس أن إبعث إلي بلوح من حجارة المروة أسجد عليه »(٨٤) فأي مانع من أن يحتاط المسلم في أمور دينه بما فيها صلاته ؟!. وأي مانع من أن يختار الأفضل في عمله ؟ فالشيعة الإمامية إختارت التربة الحسينية ؛ لأنها الأفضل ، عملاً بالأحاديث الكثيرة الواردة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته

______________________

(٨٣) ـ هو علي بن عبدالله بن عباس بن عبد المطلب ، ولد سنة ٤٠ هـ ليلة قتل علي بن أبي طالب (ع) ، وتوفي سنة ( ١١٧ أو ١١٨ ) راجع ( الطبقات لابن سعد ، ج ٥ / ٢٢٩ ) وقال ابن حجر : ثقة قليل الرواية وذكره ابن حيان في الثقات ، راجع تقريب التقريب / ٣٤٢ ، وتهذيب التهذيب ج ٣ / ١٨٠ دار الرسالة ، ط ١٤١٦ ، وحكى المبرد وغيره : لما ولد علي بن عبد الله جاء أبوه إلى أمير المؤمنين (ع) فقال : ما سميته ؟ فقال : أو يجوز لي أن أسميه قبلك ؟ فقال (ع) : قد سميته باسمي وكنيته بكنيتي وهو أبو الأملاك راجع العقد الفريد ج ٥ / ١٠٣ ـ ١٠٥ ، وابن أبي الحديد في شرح النهج ، ج ٧ / ١٤٨

(٨٤) ـ الأزرقي ، أبو الوليد محمد بن عبد الله : أخبار مكة ، ج ٢ / ١٥١

ـ السمهودي ، السيد نور الدين ، علي بن عبد الله : وفاء الوفاء ، ج ١ / ١١٥

ـ ابن أبي شيبه ، الحافظ عبد الله بن محمد : الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار ، ج ١ / ٢٧٥

٦٤

٦٥
٦٦

تمهيد :

عرفت أرض كربلاء بالقداسة والسمو والشرف منذ القدم ، وإلى هذا أشار سيد الشهداءعليه‌السلام بقوله :( وخير لي مصرع أنا لاقيه ، فكأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء ) (٨٥) والمراد بالنواويس : جمع ناوس في الأصل ، وهو قبر النصراني ، والمراد به هنا القرية التي كانت عند كربلاء(٨٦) أي أن كربلاء قد اتخذت معابد ومدافن للأمم السابقة ، وخير شاهد على ذلك ما يلي : « ونقل بعض الفضلاء قول أحد الباحثين في تاريخ كربلاء القديم وهو : كل ما يمكن أن يقال عن تاريخها القديم ، أنها كانت أمهات مدن طسوج النهرين ، الواقعة على ضفاف نهر بالاكوباس( الفرات القديم ) وعلى أرضها معبد للعبادة والصلاة ، كما يستدل من الأسماء التي عرفت بها قديماً كعمورا ، ماريا ، صفورا ، وقد كثرت حولها المقابر ، كما عثر على جثث موتى داخل أوانٍ خزفية يعود تاريخها إلى قبل العهد المسيحي »(٨٧) وقال الأب اللغوي أنستاس الكرملي : « والذي نتذكره فيما قرأناه في بعض كتب الباحثين ؛ أن كربلاء منحوتة من كلمتين من( كرب وإل ) أي حرم الله أو مقدس الله »(٨٨)

وذكر السيد عبد الحسين آل طعمة ، نقلاً عن الذريعة للشيخ آغا بزرك : « ومعنى( كاربالا ) بالفهلوية هو( الفعل العلوي ) ويجوز تفسيرها (بالعمل السماوي ) المفروض من الأعلى ، ثم عُرِّبت وصيغت صياغة عربية وسموها ______________________

(٨٥) ـ السماوي ، الشيخ محمد بن الشيخ طاهر : إبصار العين في أنصار الحسين / ٦ ، ١٧

(٨٦) ـ نفس المصدر

(٨٧) ـ الخليلي ، جعفر بن الشيخ أسد الله : موسوعة العتبات المقدسة ، ج ١٣ / ١٦

(٨٨) ـ نفس المصدر / ١٠

٦٧

( كربلاء ) ، وهذا يقارب المعنى الذي ذهب إليه الأب انستاس لكلمة( كرب ) و( إل ) بأنهم( حرم الله ) أو( مقدس الله ) »(٨٩)

نعم أعطيت كربلاء هذه القداسة ـ في الإسلام والأمم السابقة ـ بالحسينعليه‌السلام ؛ إذ الأمم الغابرة لديها معرفة بشهادته عن طريق أنبيائها وكتبها المقدسة ، كما أشارت إلى ذلك بعض المصادر التالية :

« جاء في كتاب ارميا في باسوق من السيمان السادس والأربعون ( كي ذبح لدوناي الوهيم صواووت بأرض صافون إلى نهريرات ) ؛ يعني يذبح ويضحي لرب العالمين شخص جليل في أرض الشمال بشاطئ الفرات »(٩٠)

وفي مصحف شيث إشارة إلى واقعة كربلاء : « ذكر أبو عمرو الزاهد ، في كتاب الياقوت : قال : قال عبدالله بن صفار ، صاحب أبي حمزة الصوفي : غزونا غزاة ، وسبينا سبياً ، وكان فيهم شيخ من عقلاء النصارى ؛ فأكرمناه وأحسنا إليه ، فقال لنا : أخبرني أبي عن آبائه انهم حفروا في بلاد الروم حفراً قبل أن يبعث النبي العربي بثلاث مائة سنة ، فأصابوا حجراً عليه مكتوب بالمسند( كلام أولاد شيث ) هذا البيت من الشعر :

أترجو عصبة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب »(٩١)

أولاً ـ عرض الروايات :

ليس أحاديث فضل تربة الحسينعليه‌السلام وقداستها منحصرة بأحاديث الأئمةعليهم‌السلام ، بل إن أمثال هذه الروايات لها شهرة في كتب علماء الإسلام ، واليك قسماً منها كالتالي :

______________________

(٨٩) ـ المصدر السابق / ١٧ ـ ١٨ ( الحاشية )

(٩٠) ـ التستري ، الشيخ جعفر : الخصائص الحسينية / ٣٧

(٩١) ـ ابن نما ، محمد بن جعفر الحلي : مثير الأحزان ، ج ١ / ٩٧

٦٨

مرويات الإمامية :

يمكن تلخيص مرويات الإمامية في فضل تربة كربلاء من خلال الطرق التالية :

الأول ـ الرسول الأعظم (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) :

روى أبو بصير عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : (بينما الحسين بن علي عليهما السلام عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ إذ أتاه جبرئيل فقال : يا محمد أتحبه ؟ فقال نعم فقال : أما إن أمتك ستقتله قال : فحزن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حزناً شديداً ، فقال له جبرئيل : يا رسول الله أتريد التربة التي يقتل فيها ؟ فقال : نعم ، فخسف ما بين مجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى كربلاء حتى إلتقت القطعتان هكذا ، ثم جمع بين السبابتين ، ثم تناول بجناحه من تربتها وناولها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم رجعت أسرع من طرفة عين ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : طوبى لك من تربة ، وطوبى لمن يقتل فيك ) (٩٢)

الثاني ـ أمير المؤمنين علي (عليه‌السلام ) :

وروي عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال :( مَرّ أمير المؤمنين عليه‌السلام بكربلاء في أناس من أصحابه ؛ فاغرورقت عيناه بالبكاء ، ثم قال : هذا مناخ ركابهم ، وهذا ملتقى رحالهم ، وهنا تهرق دماؤهم ، طوبى لك من تربة ، عليك تهرق دماء الأحبة ) (٩٣)

الثالث ـ الأئمة من بعده (عليهم‌السلام ) :

١ ـ قال علي بن الحسينعليه‌السلام :( إتخذ الله ارض كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق الله أرض الكعبة ويتخذها حرماً بأربعة وعشرين ألف عام ، وأنه

______________________

(٩٢) ـ ابن قولويه ، الشيخ أبي القاسم جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ٦٠ ، ( باب ١٧ )

(٩٣) ـ نفس المصدر / ٢٧١ ـ ٢٧٢ ، ( باب ٨٨ )

٦٩

إذا زلزل الله تبارك وتعالى الأرض وسترها ، رفعت كما هي بتربتها نورانية صافية ؛ فجعلت في أفضل روض من رياض الجنة ، وأفضل مسكن في الجنة لا يسكنه إلا النبيون والمرسلون أو قال : أولوا العزم من الرسل ، فإنها لتزهر بين رياض الجنة كما يزهر الكوكب الذري بين الكواكب لأهل الأرض ، يغشى نورها أبصار أهل الجنة جميعا ، وهي تنادي : أنا أرض الله المقدسة الطيبة المباركة ، التي تضمنت سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة ) (٩٤)

٢ ـ قال أبو جعفر ( الباقر )عليه‌السلام :( الغاضرية هي البقعة التي كَلّم الله فيها موسى بن عمران ، وناجى نوحاً فيها ، وهي اكرم أراضي الله عليه ، ولولا ذلك ما استودع الله فيها أوليائه وأبناء نبيه ، فزوروا قبورنا بالغاضرية ) (٩٥)

٣ ـ صفوان الجمال قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول :( إن الله تبارك وتعالى فَضّل الأراضين والمياه بعضها على بعض ، فمنها ما تفاخرت ، ومنها ما بغت ، فما من ماء ولا أرض إلا عوقبت لتركها التواضع لله ، حتى سلّط الله المشركين على الكعبة ، وأرسل إلى زمزم ماء مالحاً حتى أفسد طعمه ، وإن كربلاء وماء الفرات أول أرض وأول ماء قدس الله تبارك وتعالى ؛ وبارك عليهما ، فقال لها : تكلمي بما فضلك الله تعالى ؛ فقد تفاخرت الأرضون والمياه بعضها على بعض ، قالت : أنا أرض الله المقدسة المباركة ، الشفاء في تربتي ومائي ولا فخر ، بل خاضعة ذليلة لمن فعل بي

______________________

(٩٤) ـ ابن قولويه ، الشيخ أبي القاسم جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ٢٦٨ ( باب ٨٨ )

(٩٥) ـ نفس المصدر / ٢٧٠

٧٠

ذلك ولا فخر على من دوني ، بل شكراً لله فأكرمها وزادها بتواضعها وشكرها الله بالحسين عليه‌السلام وأصحابه ثم قال أبوعبدالله عليه‌السلام : من تواضع لله رفعه ، ومن تكبر وضعه الله تعالى ) (٩٦) ، وبهذا القدر من المرويات نكتفي

مرويات السنة :

وردت روايات كثيرة في فضل تربة الحسينعليه‌السلام ، ذكرتها الصحاح والمسانيد المعتمدة لدى جمهور السنة والجماعة ويمكن تصنيفها كالتالي :

أولاً ـ الإمام علي (عليه‌السلام ) :

وأخرج ابن سعد عن الشعبي قال : (مَرّ علي ( رضي الله عنه ) بكربلاء عند مسيره إلى صفين وحاذى نينوى ـ قرية على الفرات ـ ؛ فوقف وسأل عن إسم هذه الأرض ؟ فقيل : كربلاء فبكى حتى بَلّ الأرض من دموعه ، ثم قال : دخلت على رسول الله وهو يبكي ، فقلت : ما يبكيك ؟ قال : كان عندي جبرئيل آنفاً وأخبرني أن ولدي الحسين يقتل بشاطئ الفرات بموضع يقال له كربلاء ، ثم قبض جبرئيل قبضة من تراب شمني إياه ؛ فلم أملك عيني أن فاضتا ) (٩٧)

ثانياً ـ نساء النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) :

أ ـ أم سلمة :

عن أبي وايل ـ شقيق بن سلمة ـ عن أم سلمة قالت :( كان الحسن والحسين ـ رضي الله عنهما ـ يلعبان بين يدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيتي فنزل

______________________

(٩٦) ـ المصدر السابق / ٢٧٠

(٩٧) ـ ابن حجر ، أحمد بن علي : الصواعق المحرقة / ٩٣

٧١

جبرئيل عليه‌السلام ؛ فقال : يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك ؛ فأومأ بيده إلى الحسين فبكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وضمّه إلى صدره ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وضعت عندك هذه التربة ، فشمّها رسول الله وقال : ريح كرب وبلاء ، قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أن ابني قد قتل ، قالت : فجعلتها في قارورة ، ثم جعلت تنظر إليها وتقول : إن يوماً تحولين دماً ليوم عظيم ) (٩٨)

ب ـ عائشة :

أخرج ابن سعد ، والطبراني عن عائشة أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( أخبرني جبرئيل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف ، وجاءني بهذه التربة فأخبرني أن فيها مضجعه ) (٩٩)

ج ـ أم الفضل بنت الحرث :

أخرج أبو داود ، والحاكم ، عن أم الفضل بنت الحرث أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( أتاني جبرئيل فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا ؛ يعني الحسين ، وأتاني بتربة من تربة حمراء ) (١٠٠)

د ـ زينب بنت جحش :

عن زينب قالت :( بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيتي وحسين عندي ، حين درج ؛ فغفلت عنه ، فدخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : دعيه ـ إلى قولها ـ ثم قام فصلى ، فلما قام احتضنه إليه فإذا ركع أو جلس وضعه ثم جلس فبكى ،

______________________

(٩٨) ـ ابن حجر ، أحممد بن علي : تهذيب التهذيب / ج ٢ / ٣٤٦

(٩٩) ـ ابن حجر ، أحمد بن علي : الصواعق المحرقة / ١٩٢

(١٠٠) ـ الهندي ، علاء الدين ، علي المتقي : كنز العمال ، ج ١٣ / ١٠٨

٧٢

ثم مد يده فقلت حين قضى الصلاة : يا رسول الله ، إني رأيتك اليوم صنعت شيئاً ما رأيتك تصنعه ؟ قال : إن جبريل أتاني فأخبرني أن هذا تقتله أمتي ، فقلت : أرني تربته ؛ فأتاني بتربة حمراء ) (١٠١)

ثالثاً ـ أصحاب النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) :

١ ـ عبدالله بن عباس :

عن ابن عباس قال :( كان الحسين في حجر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال جبرئيل : أتحبه ؟ فقال كيف لا أحبه وهو ثمرة فؤادي ؟ فقال : إن أمتك ستقتله ، ألا أريك من موضع قبره ؟ فقبض قبضة ؛ فإذا هي تربة حمراء ) (١٠٢)

٢ ـ معاذ بن جبل :

عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن معاذ بن جبل أخبره وقال : خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متغير اللون ، فقال : أنا محمد أوتيت فواتح الكلام وخواتمه فأطيعوني مادمت بين أظهركم ، فإذا ذهب بي ؛ فعليكم بكتاب الله عَزّ وجَلّ أحلوا حلاله ، وحرموا حرامه ، أتتكم المؤتية بالروح والراحة ، كتاب الله من الله سبق ، أتتكم فتن كقطع الليل المظلم ، كلما ذهب رسل جاء رسل ، تناسخت النبوة فصارت ملكاً ، رحم الله من أخذها بحقها ، وخرج منها كما دخلها

إمسك يا معاذ وأخصّ ، قال : قلما بلغت خمسة قال : يزيد لا يبارك الله في يزيد ، ثم ذرفت عيناه ثم قال : نعي إلي الحسين ، وأوتيت بتربته واخبرت بقاتله ، والذي نفسي بيده لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعوه إلا خالف

______________________

(١٠١) ـ ابن حجر ، أحمد بن علي : المطالب العالية بزوائد المساند الثمانية / ٩٠

(١٠٢) ـ ابن كثير ، عماد الدين ، إسماعيل بن عمر : البداية والنهاية ، ج ٦ / ٢٣٠

٧٣

الله بين صدورهم وقلوبهم ، وسلّط عليهم شرارهم وألبسهم شِيَعاً ثم قال : واهاً لفراخ آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خليفة مستخلف مترف ، يقتل خلفي وخلف الخلف )(١٠٣)

٣ ـ أنس بن مالك :

اخرج البغوي في معجمه من حديث أنس بن مالك ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( استأذن ملك القطر ربه أن يزورني ؛ فأذن له وكان في يوم أم سلمه فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أم سلمه احفظي علينا الباب لا يدخل أحد ؛ فبينما هي على الباب ؛ إذ دخل الحسين فاقتحم فوثب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجعل رسول الله يلثمه ويقبله ، فقال له الملك : أتحبه ؟ قال : نعم قال : إن أمتك ستقتله ، وإن شئت أريك المكان الذي يقتل به ، فأراه فجاء بسهلة أو تراب أحمر ، فأخذته أم سلمه فجعلته في ثوبها ) (١٠٤)

هذه بعض روايات الأصحاب ونساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي روتها صحاح ومسانيد السنة والجماعة ، وهناك روايات لم نذكرها ، ومن أراد التوسع ؛ فعليه بمراجعتها في الكتب الخاصة بها(١٠٥)

ثانياً ـ نظرة حول الروايات :

بعد التأمل في الروايات المتقدمة بما فيها تعدد طرقها ؛ نخرج بالتالي :

١ ـ إهتمام السماء بهذه التربة الزكية ، من خلال إخبار جبرئيل وغيره من الملائكة بقتل الحسينعليه‌السلام وإتيانهم بتربته ، ولم يكن الإهتمام لأي تربة اخرى

______________________

(١٠٣) ـ الهيثمي ، الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر : مجمع الزوايد ، ج ٩ / ١٨٩

(١٠٤) ـ ابن حجر ، أحمد بن علي : الصواعق المحرقة / ١٩٢

(١٠٥) ـ المرعشي ، السيد شهاب الدين : إحقاق الحق وملحقاته ، ج ١١ / ٣٣٩ ـ ٤١٢

٧٤

٢ ـ إهتمام الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه التربة ؛ من شمها وإعطائها أم سلمة وديعة

٣ ـ إهتمام الأصحاب ورجال الحديث ـ من خلال تعدد طرقها وكثرة مصادرها ـ بتربة الحسينعليه‌السلام

ـ وبعد كل ذلك ، بماذا نحلل إتيان جبريل وغيره من الملائكة ؟!

ـ وبماذا نحلل إهتمام الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه التربة الطاهرة الزكية ؟!

ـ هل على نحو العبث ، أم لفضيلة هذه التربة الطاهرة ؟!

التفاضل بين مكة والمدينة وكربلاء :

س / يفهم من تعلق الشيعة الإمامية بـ ( تربة الحسين عليه‌السلام ) ، أنها أفضل من تربة مكة التي لم تزل منذ نزول آدم عليه‌السلام إلى الآن أرض مقدسة وأفضل من أرض المدينة المنورة التي تختص بجسد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تكونان في المنزلة دون كربلاء ، هذا أمر غريب ؟! وهل الحسين عليه‌السلام أفضل من جده الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

ج / يتضح الجواب بعد بيان التالي :

أولاً ـ إختلف العلماء في تفاضل مكة والمدينة وكربلاء حسب الوجوه التالية :

رأي السنة والجماعة :

١ ـ ذهب الشافعي ، وأهل مكة ، وأهل العلم أجمع ، إلى أن مكة أفضل(١٠٦)

٢ ـ ذهب مالك وأهل المدينة إلى أن المدينة أفضل(١٠٧)

٣ ـ قال القاضي عياض : إن موضع قبرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل بقاع الأرض ، وإن مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض(١٠٨) وحكاية الإجماع على تفضيل ما ضم

______________________

(١٠٦) ـ النووي ، محي الدين بن شرف : المجموع في شرح المهذب ، ج ٧ / ٤٦٩ ـ ٤٧٠

(١٠٧) ـ ابن حزم ، علي بن أحمد : المحلى ، ج ٧ / ٢٧٩

(١٠٨) ـ الشوكاني ، محمد بن علي : نيل الاوطار ، ج ٥ / ٣٥

٧٥

الأعضاء الشريفة نقله القاضي عياض ، وكذا القاضي أبو الوليد الباجي ( الناجي ) قبله كما قال الخطيب ابن جمله ، وكذا نقله أبو اليمن ابن عساكر وغيرهم ، مع التصريح بالتفضيل على الكعبة الشريفة(١٠٩)

رأي الشيعة الإمامية :

١ ـ ذهب الشيخ الطوسي ، بل ادعى الإجماع على أفضلية مكة على غيرها(١١٠)

٢ ـ وأجمعوا على أن الموضع الذي ضم أعضاءه الشريفة أفضل بقاع الأرض(١١١)

٣ ـ وقال السيد علي خان : والأقرب أن موضع قبور الأئمة عليهم السلام كذلك ، أما البلدان التي فيها ؛ فمكة أفضل منها حتى المدينة(١١٢)

٤ ـ وقال الشهيد الثاني ( قده ) في الدروس : مكة أفضل بقاع الأرض ما عدا قبر الرسول الله صلى الله عليه وآله ، وروي في كربلاء على ساكنها السلام ، مرجحات(١١٣)

٥ ـ ذهب السيد بحر العلوم ( قده ) : إلى تفضيل كربلاء على مكة ، كما هو المستفاد من منظومته الدرة النجفية :

والأفضل الأرض ومنها فُضِّلا

تُرْبَةُ قُدْسٍ قُدِّسَت في كربلا(١١٤)

ومن حديث كربلا والكعبة

لكربلا بان علو الرتبة(١١٥)

______________________

(١٠٩) ـ السمهودي ، نور الدين علي : وفاء الوفاء : ج ١ / ٢٨

(١١٠) ـ الطوسي ، شيخ الطائفة ، محمد بن الحسن : الخلاف ، ج ٢ / ٤٥١

(١١١) ـ الشيرازي ، السيد علي خان : رياض السالكين ، ج ١ / ٤٧٦

(١١٢) ـ نفس المصدر / ٤٧٧

(١١٣) ـ نفس المصدر / ٤٧٦

(١١٤) ـ بحر العلوم ، السيد محمد مهدي الطباطبائي : الدرة النجفية / ٩٧

(١١٥) ـ نفس المصدر / ١٠٣

٧٦

وذهب الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ( قده ) : إلى تفضيل كربلاء على غيرها ، حيث قال : « إذن ، أفليس من صميم الحق والحق الصميم ، أن تكون أطيب بقعة على وجه الأرض مرقداً وضريحاً لأكرم شخصية في الدهر »(١١٦)

خلاصة واستنتاج :

أولاً ـ بعد عرض الأقوال نخرج بما يلي :

١ ـ الإتفاق بين المسلمين على أن الموضع الذي ضم أعضاءه الشريفة أفضل بقاع الأرض وزاد الإمامية أن المواضع التي تضم أعضاء المعصومينعليهم‌السلام من أهل بيته أيضاً ؛ لأنهم أفضل الخلق من بعده

٢ ـ الإتفاق بين المسلمين على أن مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض ، والإختلاف في التفاضل بينهما

٣ ـ بعض الإمامية يقول : بأن كربلاء أفضل من مكة والمدينة ، ماعدا قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقبور أهل بيتهعليهم‌السلام

ثانياً ـ إن عظمة الحسينعليه‌السلام من عظمة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وشرف الحسينعليه‌السلام من شرفه ، وهو القائل في حقه :( حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط ) (١١٧) وقد روى هذا الحديث كثير من محدثي الطوائف الإسلامية

توجيه الأعلام لحديث (حسين مني) :

ولأرباب العلم في معناه وجوه :

______________________

(١١٦) ـ كاشف الغطاء ، الشيخ محمد حسين : الأرض والتربة الحسينية / ٢٥

(١١٧) ـ الترمذي ، محمد بن عيسى : سنن الترمذي ، ج ٢ / ٣٠٧ ( مناقب الحسن والحسين )

٧٧

أولاً ـ « أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قصد إكمال الحب وتمام الإلفة بسبطه وريحانته الحسين ؛ فإن البلغاء من العرب إذا أرادوا أن يظهروا الإتحاد والإلفة وشدة الإتصال والمحبة بأحد منهم ، يقولون : فلان منا ونحن من فلان ، كما أنهم إذا أرادوا أن يظهروا النفرة وشدة القطيعة من رجل قالوا فيه :( إننا لسنا منه وليس هو منا ) ، قال شاعرهم :

أيها السائل عنهم وعني

لست من قيس ولا قيس مني

وجاء في الحديث القدسي في الحاسد الحاقد :( إنه ليس مني ولست أنا منه ) ؛ أي إن المحبة الشديدة ، والصلة الأكيدة ، والعلاقة التامة بيني وبين الحسين ، جعلته كجزء مني وجعلتني كجزء منه من شدة الإتصال وعدم الإنفكاك »(١١٨)

ثانياً ـ « قد يكون إشارة إلى ما روي ؛ أن الحسينعليه‌السلام لما ولد كان يؤتى به إلى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيرضعه من ريقه أو إبهامه ، حتى نبت لحمه من لحم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعظمه من عظمه ، ودمه من دمه ، فكأنهما نفس واحدة ، فبملاحظة ذلك صح أن يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وأنا من حسين ) »(١١٩)

ثالثاً ـ « لما كان الحسين متولداً من فاطمةعليها‌السلام ، وفاطمة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ صح أن يقول :( وأنا من حسين ) ؛ ولذا يفسر قوله :( حسين مني ) بالجهة المادية ، وقوله :( أنا من حسين ) بالجهة المعنوية »(١٢٠)

______________________

(١١٨) ـ الفيروزآبادي ، السيد مرتضى الحسيني : فضائل الخمسة ، ج ٣ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣

(١١٩) ـ العمران ، العلامة الشيخ فرج : الأزهار الأرجية ، ج ٢ / ٩٦

(١٢٠) ـ نفس المصدر

٧٨

نعم نفهم من تعبير الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وأنا من حسين ) تلك المكانة العالية للحسينعليه‌السلام عند جده وعند ربه أيضاً ، وتتجلى تلك المكانة عبر الأحاديث التالية :

أ ـ أخرج الحاكم في( المستدرك ) وصححه ، وقال الذمني في التخلص على شرط مسلم عن ابن عباس قال :( أوحي إلى محمد أني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً ، وإنني قاتل بابن بنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفا ) (١٢١)

ب ـ واخرج الثعلبي : «( أن السماء بكت وبكائها حمرتها ) وأخرج غيره :( إحمرّت آفاق السماء ستة أشهر بعد قتله ، ثم لا زالت الحمرة تُرى بعد ذلك ) وأن ابن سيرين قال : أخبرنا أنّ الحمرة التي تأتي مع الشفق لم تكن قبل الحسين وذكر ابن سعد أنّ هذه الحمرة لم ترَ في السماء قبل قتله .

قال ابن الجوزي : وحكمته أن غضبنا يؤثر حمرة الوجه ، والحق تنزه عن الجسمية فاظهر تأثير غضبه على من قتل الحسين بحمرة الأفق إظهاراً لعظم الجناية »(١٢٢)

كما تظهر لنا عناية الباري عَزّ وجَلّ بالحسينعليه‌السلام ، حيث عَوّضه بإستشهاده في الدنيا بثلاثة أشياء ، كما هو المستفاد من حديث ابن عباس ( ثم قال : يا ابن عباس ، من زاره عارفاً بحقه ؛ كتب له ثواب ألف حجة وألف عمره ، ألا من زاره فكأنما زارني ، ومن زارني فكأنما زار الله ، وحق

______________________

(١٢١) ـ الصبان ، الشيخ محمد : إسعاف الراغبين / ١٩٢ ، ( مطبوع بهامش ـ نور الأبصار : للشبلنجي )

(١٢٢) ـ ابن حجر ، أحمد بن علي : الصواعق المحرقة / ١٩٤

٧٩

الزائر على الله أن لا يعذبه بالنار ، وأن الإجابة تحت قبته ، والشفاء في تربته ، والأئمة من ولده )(١٢٣)

وحديث محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر ، وجعفر بن محمدعليهما‌السلام يقولان :( إن الله عوّض الحسين عليه‌السلام من قتله ؛ أن جعل الإمامة في ذريته ، والشفاء في تربته ، وإجابة الدعاء عند قبره ، ولا تعد أيام زائريه جائياً وراجعاً من عمره ) (١٢٤)

وبعد هذا البيان ، إتضح لنا ميزة تربة الطف على غيرها ؛ إذ قدّسها الباري عَزّ وجَلّ بسبب من قتل فيها في سبيله ، وإلى هذا يشير إمامنا السجادعليه‌السلام بقوله :( طوبى لأرض تضمنت جسدك الطاهر ، فإنّ الدنيا بعدك مظلمة ، والآخرة بنورك مشرقة ، أما الليل ؛ فمسهد والحزن سرمد ، أو يختار الله لأهل بيتك دارك التي أنت بها مقيم ، وعليك مني السلام يا ابن رسول الله ورحمة الله وبركاته ) (١٢٥) وفي زيارة الإمام الصادقعليه‌السلام للشهداء :( بِاَبي اَنْتُمْ وَاُمّي طِبْتُمْ وَطابَتِ الاَرْضُ الَّتي فيها دُفِنْتُمْ ، وَفُزْتُمْ فَوْزاً عَظيماً ) (١٢٦) فهل في ذلك مانع ؟!

أم هل في تفضيل تربة الحسينعليه‌السلام على بقاع الأرض ، تفضيل الحسين على جده الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟! كلا ، إنّ تفضيلنا لهذه التربة ناشئ من اهتمام الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بها كما ذكرنا سابقاً

______________________

(١٢٣) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ج ٣٦ / ٢٨٦ ( باب : ٤١ ـ حديث ١٠٧ )

(١٢٤) ـ نفس المصدر ، ج ٤٤ / ٢٢١ ، ( باب ٢٩ ـ حديث ١ )

(١٢٥) ـ المقرم ، السيد عبدالرزاق : مقتل الحسين / ٣٢٠

(١٢٦) ـ القمي ، الشيخ عباس : مفاتيح الجنان / ٥٢٦

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

وورد في زيارة أخرى :

أاَشْهَدُ لَقَدِ اقْشَعَرَّتْ لِدِمائِكُمْ اَظِلَّةُ الْعَرْشِ ، مَعَ اَظِلَّةِ الْخَلائِقِ)(٥٧٤) .

وورد في زيارة ثالثة :

(اَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ ، وَاقْشَعَرَّتْ لَطُ اَظِلَّةُ الْعَرْشِ ، وَبَكى لَهُ جَميعُ الْخَلائِقِ ، وَبَكَتْ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالأَرَضُونَ السَّبْعُ ، وَما فيهِنَّ وَما بَيْنَهُنَّ ، وَمَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ وَالنّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنا ، وَما يُرى وَما لا يُرى)(٥٧٥) .

وبعد هذا البيان نقول : إنّ دم الحسين عليه السلام مُقَدّس ، وسفكه يغضب الباري عَزّ وجَلّ ، وقد سفكه الأعداء في واقعة الطف الأليمة ، ومما تقدم ينبغي التركيز على ما ورد في الزيارة : (أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ الخ) ، وما يترتب على ذلك من بحث مهم ، فما المراد من سكنى دم الحسين عليه السلام في الخلد؟ يتضح جواب هذا السؤال بعد بيان الآتي :

١ ـ الدرجة العالية للحسين عند الله عَزّ وجَلّ :

ينبغي أن نقف وقفة إجلال عند شهادة الإمام الصادق عليه السلام : (أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ) ، ونتأمل بما يمكننا الوصول إليه من مغزى وأسرار هذه الشهادة. ونسأل : كيف صعد دم الحسين عليه السلام إلى جنّة الخلد وسكن فيها؟

والجواب عن هذا السؤال ، يستدعي مِنّا التعرض إلى ما يلي :

أولاً ـ قال تعالى :( مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) [فاطر / ١٠].

__________________

(٥٧٤) ـ المصدر السابق / ٥٣٥.

(٥٧٥) ـ الكليني ، الشيخ محمد بن يعقوب : الكافي ، ج ٤ / ٥٧٥.

٤٦١

قال العلامة الطباطبائي (قده) : «من كان يريد العزة ، فليطلبها منه تعالى ؛ لأنّ العزة له جميعاً لا توجد عند غيره بالذات. فوضع قوله( فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ) في جزاء الشرط من قبيل وضع السبب موضع المسبب ؛ وهو طلبها من عنده ، أي إكتسابها منه بالعبودية ، التي لا تحصل إلا بالإيمان والعمل الصالح.

والمراد بالكلم ما يفيد معنى تاماً كلامياً ويشهد به توصيفه بالطيب ، فطيب الكلم ؛ هو ملاءمته لنفس السامع ومتكلمه ، بحيث تنبسط منه وتستلذ وتستكمل به ؛ وذلك إنّما يكون بإفادته معنى حقاً فيه سعادة النفس وفلاحها. وبذلك يظهر أنّ المراد به ليس مجرد اللفظ بل بما أنّ له معنى طيباً ، فالمراد به الإعتقادات الحقّة التي يسعد الإنسان بالإذعان لها ، وبناء عمله عليها والمتيقن منها كلمة التوحيد التي يرجع إليها سائر الإعتقادات الحقّة ، وهي المشمولة لقوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ) [إبراهيم / ٢٥]. وتسمية الإعتقاد قولاً وكلمة أمر شائع بينهم.

وصعود الكلم الطيب إليه تعالى ، هو تقربه منه تعالى إعتلاء ، وهو العلي الأعلى رفيع الدرجات ، وإذا كان إعتقاداً قائماً بمعتقده ، فتقربه منه تعالى تقرب المعتقد به منه ، وقد فسروا صعود الكلم الطيب بقبوله تعالى له ، وهو من لوازم المعنى. ثم أنّ ال إعتقاد والإيمان إذا كان حق الإعتقاد صادقاً إلى نفسه صدقه العمل ولم يكذبه ، أي يصدر عنه العمل على طبقه ، فالعمل من فروع العلم وآثاره التي لا تنفك عنه ، وكلما تكرر العمل ؛ زاد الإعتقاد رسوخاً وجلاء وقوي في تأثيره ، فالعمل الصالح ـ وهو العمل الحري بالقبول الذي طبع

٤٦٢

عليه ـ ، ببذل العبودية والإخلاص لوجهه الكريم بعين الإعتقاد الحق في ترتب أثره عليه ، وهو الصعود إليه تعالى ، وهو المعزي إليه بارفع ، فالعمل الصالح يرفع الكلم الطيب»(٥٧٦) . فمن أعظم مصاديق هذه الآية ، سيد الشهداء الحسين عليه السلام ، القائل عند إخراج السهم المثلث من قفاه ، وإنبعاث الدم كالميزاب ، فوضع يده تحت الجرح ، فلما إمتلأت ؛ رمى به نحو السماء : (هَوّن عليّ ما نزل بيّ أنّه بعين الله فلم يسقط من ذلك قطرة إلى الأرض)(٥٧٧) . وهذا ما أكد عليه جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في رؤياه عند القبر الشريف بقوله : (وإنّ لك في الجنان لدرجات لا تنالها إلا بالشهادة).

ثانياً ـ قوله تعالى :( كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ *كِتَابٌ مَّرْقُومٌ *يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) [المطففين / ١٨ ـ ٢١] ، المستفاد من كلمات المفسرين لهذه الآية ما يلي :

(كِتَابَ الأَبْرَاِ) : كتاب المطيعين لله ، مكتوب فيه جميع طاعاتهم وما تقرّبه أعينهم ، ويوجب سرورهم.

(عِلّيِّينَ) : المراتب العالية ، محفوفة بالجلالة ، سواء كانت تلك المراتب في السماء السابعة أو سدرة المنتهى : وهي التي ينتهي إليها كل شيء من أمر الله تعالى ، أو الجنة ، أو لوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش ، على إختلاف الأقوال في ذلك.

__________________

(٥٧٦) ـ الطباطبائي ، السيد محمد حسين : الميزان في تفسير الميزان ، ج ١٧ / ٢٢ ـ ٢٣.

(٥٧٧) ـ المقرم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٢٧٩.

٤٦٣

(يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) : أي الملائكة الذين هم في عليين ، يشهدون ويحضرون ذلك الكتاب ، أو ذلك الكتاب إذا صعد به إلى عليين.

قال وهب ، وابن إسحاق : الْمُقَرَّبُونَ ـ هنا ـ إسرافيل (عليه السلام) ، فإذا عمل المؤمن عمل البر ؛ صعدت الملائكة بالصحيفة وله نور يتلألأ في السموات كنور الشمس في الأرض ، حتى ينتهي بها إسرافيل ، فيختم عليها ويكتب ، فهو قوله :( يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) ؛ أي يشهد كتابتهم)(٥٧٨) .

وبعد هذا التمهيد ؛ وصلنا إلى النتيجة التالية :

إنّ سيد الشهداء الحسين ابن علي عليهما السلام ، حينما إنبعث دم قلبه الطاهر رفعه نحو السماء ، فتلقاه جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فرفعه ـ بواسطة الملائكة ـ إلى المقام العالي في الخلد ، فهو أغلى هدية قدّمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرباناً للباري عَزّ وجَلّ. وقد أهداد الباري عَزّ وجَلّ قبل ذلك ـ عن طريق جبرئيل عليه السلام ـ تربة الحسين عليه السلام ، فشمها فإذا هي أطيب مسك خلقه الله ، ثم إحتفظ بها وأكد على حفظها عند أفضل زوجاته بعد خديجة عليها السلام. فهذا يدل على منزلة الحسين ودرجاته العالية عند ربه ، فدمه الممتزج بتربته نور ورحمة لأهل الأرض ، ودمه الطاهر نور ورحمة لأهل السماء ، وإلى هذا المعنى يشير الحديث الشريف عن الحسين بن علي عليهما السلام قال : (دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعند اُبيّ بن كعب ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : مرحباً بك يا رسول الله ، زين السماوات والأرضين أحد غيرك؟ فقال : يا اُبيّ ، والذي بعثني بالحق نبيّاً ، إنّ الحسين بن علي في السماء

__________________

(٥٧٨) ـ القرطبي ، محمد بن أحمد الأنصاري : الجامع لأحكام القرآن ، ج ١٩ / ٢٦٤.

٤٦٤

أكبر منه في الأرض ، فإنّه لمكتوب عن يمين عرش الله : مصباح هدى وسفينة نجاة ..)(٥٧٩) .

وقد إستبشر أهل السماء بهذا النصر الذي حققه الحسين عليه السلام من أجل الدين والعقيدة ، وقد بَشّرَه النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بذلك في سحر يوم عاشوراء ، حينما رآه : (ثم أني رأيت بعد ذلك جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه جماعة من أصحابه وهو يقول لي : يا بني ، أنت شهيد آل محمد ، وقد إستبشر بك أهل السموات وأهل الصفيح الأعلى ، فليكن إفطارك عندي الليلة ، عَجّل ولا ت}خِّر ، فهذا ملك قد نزل من السماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء ..)(٥٨٠) .

٢ ـ شكاية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لربه عَزّ جَلّ :

مما تقدم نستفيد أنّ صعود الدم إلى الخلد ، وإضطراب أظلة العرش ، وبكاء أهل السماء وبقية الخلائق ، دليل على عظم الجريمة ، وشكاية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لربه على من إقترفها ، ومن الشواهد على ذلك ما يلي :

١ ـ روى ابن عساكر ، بإسناده عن علي بن زيد بن جدعان ، قال : (إستيقظ ابن عباس من نومه فاسترجع وقال : قتل الحسين والله ، فقال له أصحابه : كَلّا يا ابن عباس كَلّا ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومعه زجاجة من دم ، فقال : ألا تعلم ما صنعت أمتي بعدي؟! قتلوا ابني الحسين وهذا دمه ، ودم أصحابه أرفعه إلى الله عَزّ وجَلّ. قال : فكتبت ذلك اليوم الذي قال فيه ، وتلك الساعة ـ قال ـ : فما لبثوا إلا أربعة

__________________

(٥٧٩) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٢٦ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥.

(٥٨٠) ـ نفس المصدر ، ج ٤٥ / ٣.

٤٦٥

وعشرين يوماً حتى جاءهم الخبر بالمدينة ، أنّه قتل ذلك اليوم ، وتلك الساعة)(٥٨١) .

٢ ـ ذكر السيد المقرّم (ره) : «ولما ضعف عن القتال ، وقف يستريح فرماه رجل بحجر على جبهته فسال الدم على وجهه ، فأخذ الثوب ليمسح الدم عن عينيه ، رماه آخر بسهم محدد له ثلاث شعب وقع على قلبه ، فقال : بسم الله وبالله ، وعلى مِلّة رسول الله ، ورفع رأسه إلى السماء وقال : إلهي إنك تعلم إنهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري!! ثم أخرج السهم من قفاه وانبعث الدم كالميزاب ، فوضع يده تحت الجرح فلما إمتلأت رمى به نحو السماء وقال : هَوّن عليّ ما نزل بيّ أنّه بعين الله ، فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض ، ثم وضعها ثانياً ، فلما إمتلأت ؛ لطخ به رأسه ووجهه ولحيته ، وقال : هكذا ألقى الله وجدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا مخضب بدمي ، وأقول : يا جدي قتلني فلان وفلان»(٥٨٢) . هذه بعض الشواهد التي ذكرها الخاصة والعامة ، ولكن بعد ذكر هذه الشواهد ، نقول : ما السِّر في إتفاق الروايات على قضية الدم؟ هل لمحض الإتفاق والصدفة ، أم لشيء آخر؟

من تأمل في ذلك ، إتضح له ما ورد في الزيارة : (أَشْهَدُ أَمَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ) ، وخلاصة ما توصلنا إليه هو ما يلي :

أولاً ـ إنّ صعود الدم إلى السماء وسكناه في الخلد ، هو شكاية من الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم إلى الباري عَزّ وجَلّ ، كما ذكرنا في الشواهد السابقة.

__________________

(٥٨١) ـ الميلاني ، السيد محمد هادي : قادتنا كيف نعرفهم ، ج ٦ / ١٣٠ ـ ١٣١ (عن البداية والنهاية ، ج ٨ / ٢٠٠).

(٥٨٢) ـ المقرّم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.

٤٦٦

ثانياً ـ إنّ الدم لم يسكن في الأرض كعادته ، بل سكن في الخلد ، وما زال يضطرب ويفور حتى إقشعرت له أظلة العرش ، فبكى له سكان السماوات وترتب على ذلك إستنكار الخلائق بأجمعها على هذه الجريمة النكراء ، فهي شهود عيان على كل ذلك ، فإنتشار الدم في الأفق وفوق الأشجار وتحت الأحجار ، نتيجة للدم الذي سكن الخلد ، وغضب الباري عَزّ وجَلَ ، لشكاية النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

٤٦٧
٤٦٨

معجم المفردات

٤٦٩
٤٧٠

وردت في هذا الجزء من موسوعة (تربة الحسين دراسة وتحليل) ، بعض المفردات التي تحتاج إلى إيضاح ، ورتبناها حسب الحروف الهجائية كالتالي :

الحـ أ ـ رف

إجّانَة :

الإجانة ، جمع أجَاجِين : إناء تُغْسَل فيه الثياب. أو جَرّة كبيرة ، أو موقع الماء تحت الشجرة.

ومنه : (يجب على العامل تنقية الأجاجين ؛ أي ما يحوط حول الأشجار. راجع : منجد اللغة / ٤ ومجمع البحرين ج ٦ / ١٩٧).

إدّا :

الأديد : الجَلَبَة ، من قولهم : أدّت الناقة تَئِدُّ ؛ أي رجعت حنينهاً ترجيعاً شديداً. والمراد به في قوله تعالى :( لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ) [مريم / ٨٩]. الأمر المنكر يقع فيه جَلَبَة. راجع : المفردات في قريب القرآن ، ج ١ / ١٦.

أسَنَ :

يقال : أسَنَ الماء يأسُنُ ؛ وآسِنُ يأسن إذا تغير رَيحُه تَغيُّراً مُنكَراً ، وماء آسِنٌ ، قال تعالى :( مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ) [محمد / ١٥]. وأسَنَ الرجل مرض من أسَنَ الماء إذا غُشيَ عليه ، قال الشاعر :

«يَمِيدُ في الرُّمح مَيْدَ المَائِح الأسِنِ». وقيل : تأسّنَ الرّجُلُ إذا إعْتَلْ تشبيهاً به. راجع : المفردات في غريب القرآن ، ج ١ / ٢١ ـ ٢٢.

٤٧١

الحـ ب ـ رف

بَحْر الخَزَر :

وهو بحر طبرستان وجُرْجَان ، وآبسكون كلها واحد ، وهو بحر واسع عظيم لا إتصال له بغيره. ويسمى أيضاً : الخراساني والجيلي ، وربما سمّاه بعضهم : الدًّوّاره الخراسانية ، وقال الإصطخري : وأما بحر الخزر ؛ ففي شرقيه : بعض الديلم ، وطبرستان ، وجرجان ، وبعض المفازة التي بين جرجان وخوارزم. وفي غريبه : اللان من جبال القبق إلى حدود السرير ، وبلاد الخزر ، وبعض مفازة الغُزية. وشماليه : مفازة الغزية ـ وهم صنف من الترك بناحية سياه كوه ـ ، وجنوبيه : الجبل وبعض الديلم. وبحر الخزر ليس له إتصال بشيء من البحور على وجه الأرض ، فلو أنّ رجلاً طاف بهذا البحر ؛ لرجع إلى الموضع الذي إبتدأ منه ، لا يمنعه مانع إلا أن يكون نهر يصب فيه ، وهو بحر ملح لا مَدّ فيه ولا جَزْر ، وهو بحر مظلم قعره. راجع : معجم البلدان ، ج ١ / ٣٤٢.

الخَزَر :

شعب تتاري عاش حول بحر قزوين ـ الذي يعرف أيضا بسبب من ذلك بـ(بحر الخزر) ـ ، وفي سفوح جبال القوقاز ، من حوالي العام (١٩٠) للميلاد إلى العام (١١٠٠ م). وقد أنشأ الخزر إمبراطورية تجارية بلغت أوج قوتها في النصف الثاني من القرن الثامن ، عندما إمتدت من نهر دينبر غرباً إلى نهر الغولفا الأدنى وبحر قزوين شرقاً. وفي منتصف الثامن تَهَوّد كثير من الخزر على أيدي اليهود الذين غادروا القسطنطينية آنذاك هرباً من الإضطهاد. راجع : موسوعة المورد العربية. ج ١ / ٤٦٤.

٤٧٢

الحـ ج ـ رف

جامعة غَنْت :

جامعة حكومية في بلجيكا ، وسميت بهذا الإسم نسبة إلى المدينة الواقعة فيها (غَنْت) ، وتقع هذه المدينة على بعد حوالي ٥٠ كم شمال غربي مدينة بروكسل ، في الجزء الذي يتحدث اللغة الهولندية ، عند ملتقى نهري شيلدي وليبه ، وهي ميناء مهم ، حيث تربط قناة حفرت في عام (١٨٨٦ م) المدينة ببحر الشمال أصبحت غَنْت مدينة مهمة في العصور الوسطى ، وبلغت قمة الأهمية في القرن الخامس عشر الميلادي ، إلا أنّ الثورات والحروب فرقت المدينة عدة مرات بعد ذلك ، وقد إحتلها الأسبان ، والفرنسيون والنمساويون في فترات مختلفة قبل إستقلال بلجيكا. كما إحتلت القوات الألمانية مدينة غنت في الحربين العالميتين الأولى والثانية. وقعت فيها معاهدة بين بريطانيا والولايات المتحدة عام (١٨١٤ م) إتفقتا بموجبها على حَلّ المنازعات بينهما سلمياً. راجع : الموسوعة العربية العالمية ، ج ١٧ / ١٢٣ ، وج ٥ / ٧٠.

جَرْجَرَايا :

بلد من أعمال النهروان الأسفل ، بين واسط وبغداد من الجانب الشرقي ، كانت مدينة وخربت مع ما خرب من النهروانات ، وقد خرج منها جماعة من العلماء والشعراء والكتاب والوزراء ، ولها في الشعر كثير ؛ قال ابزون العَمّاني :

ألا يا حَبّذا يوماً جَرَرْنا

دُيُولَ اللّهوُ فيه بَجْر جَرَايا

راجع : معجم البلدان ، ج ٢ / ١٢٣.

٤٧٣

الحـ ح ـ رف

الحِسّ المشترك :

هو القوة التي ترتسم فيها صور الجزئيات المحسوسة ، فالحواس الخمسة الظاهرة ، كالجراسيس لها ، فتطلع عليها النفس من ثَمة فتدركها ، ومحله مقدم التجويف الأول من الدماغ. كأنّها عين تنشعب منها خمسة أنهار. راجع التعريفات للجرجاني.

حُقّة ذهب :

الحُقّة : جمع حُقّ وحُقّق وحِقَاق : الوعاء الصغير. راجع : منجد اللغة / ١٤٤. والحُقُ والحُقّة ، بالضم : معروفة ، هذا المنحوت من الخشب والعاج وغير ذلك مما يصلح أن ينحت منه ، عربي معروف قد جاء في الشعر الفصيح ، ومنه قول عمرو بن كُلْثُوم :

وثَدْيَاً مثلَ حُقّ العاجِ رخصاً

حِصاناً من أكُفّ اللامِسيسِنا

قال الجواهري : والجمع حُقّ وحُقَقٌ وحِقَاقٌ ؛ قال ابن سيدة : وجمع الحُقّ أحْقَاقٌ وحِقَاقٌ ، وجمع الحُقّة حُقَقَ ، وقال رؤبة : (سَوّى مساحِيهنَّ تَقْطِيطَ الحُقَقْ). صف حوافر حمر الوحش أي أنّ الحجارة سَوّت حوافرها كأنّما قُطِطَتْ تَقْطِيطَ الحُقَقِ. راجع : لسان العرب ، ج ١٠ / ٥٦.

حَمَأ مَسْنُون :

الحمأة والحمأ : طين أسود منتن. والمسنون : الذي أسن وتغير ، وهو صفة للحمأ. ويقول العلم الحديث : أنّ نشأة الحياة كانت من الطين الآسن طين المستنقعات التي تتصاعد منه الغازات الكريهة الرائحة. وهي غاز الميثان Methane ، وترى صورة ضخمة في قاعة المتحف الطبيعي بلندن تصور كيف

٤٧٤

تطورت هذه لتكون البروتينات ، وأهمها الحامض النووي الذي به سر الحياة راجع : المفردات في غريب القرآن ، ج ١ / ١٧٥. وخلق الانسان بين الطب والقرآن / ١٧.

الحـ خ ـ رف

خَضِلَ :

نَدِيّ وإبتَلّ وإخْضَلّت لحيته ؛ أي إبتلّت. راجع : منجد اللغة / ١٨٣.

الخطبة القَاصِعَة :

قال ابن ابي الحديد : «ومن الناس من يسمي هذه الخطبة بالقاصعة ، وهي تتضمن ذمّ إبليس لعنه الله ، على إستكباره وتركه السجود لآدم عليه السلام ، وأنّه أول من أظهر العصبية وتبع الحمية وتحذير الناس من سلوك طريقته.

يجوز أن تسمى هذه الخطبة (القاصعة) من قولهم : قصعت الناقة بجِرّتها ، وهو : أن تردها إلى جوفها ، أو تخرجها من جوفها فتملأها ، فلما كانت الزواجر والمواعظ في هذه الخطبة مرددة من أولها إلى آخرها ، شبهها بالناقة التي تقصع الجِرّة ، وتجوز أن تسمى القاصعة ؛ لأنّها كالقاتلة لإبليس وأتباعه من أهل العصبية ، من قولهم : قَصَعَتْ القملةُ إذا هَشَمْتَها وقتلتها. ويجوز أن تسمى القاصعة ؛ لأنّ المستمع لها المعتبر بها يذهب كبره ونحوته ، فيكون من قولهم : قصع الماء عطشه ؛ أي أذهبه وسكنه ، قال ذو ال رمة بيتاً في هذا المعنى :

فانْصَاعَتْ الحُقْبُ لَم تقْصَعْ صَرَائِرَها

وقد تشحّ فَلَا رِيّ ولا هِيمُ

الصّرائر : جمع صريرة ، وهي العطش (والحقب : الحمر الوحشية ، وإنصاعت : ذهبت هاربة».

٤٧٥

وتجوز أن تسمى القاصعة ؛ لأنّها تتضمن تحقير إبليس وأتباعه وتصغرهم ، من قولهم : قصعت الرجل إذا إمتهنتَه وحَقّرتَه ، وغلام مقصوع ؛ أي قمئ لا يَشِبّ ولا يزداد).

راجع : شرح ابن ابي الحديد ، ج ١٣ / ١٢٧ ـ ١٢٨.

الحـ د ـ رف

دُرِّي اللون :

الدُرِّي : نسبة إلى الدُرّ في صفائه وحسنه وبياضه ، ولذا يقال : دُرِّي السيف : تلألؤه وإشراقه.

راجع : لسان العرب ، ج ٤ / ٢٨٢.

الحـ ذ ـ رف

دَرَارِينَا :

الذُرّية : فُعْلِية ؛ وهي منسوب إلى الذُرّ الذي هو النمل الصغار. وذُرِّيةُ الرجل : ولده ، والجمع الذّرَارِي والذُّرّيّات. إسم تجمع نسل الإنسان من ذكر وانثى ، وأصلها الهمز لكنهم حذفوها فلم يستعملوها إلا غير مهموزة. راجع : لسان العرب ، ج ٤ / ٣٠٤.

الحـ ر ـ رف

الرِكَاز :

إختلف أهل العراق والحجاز في معناه ؛ فقال أهل العراق : الركاز ، المعادن كلها.

وقال أهل الحجاز : المدفون خاصة مما كنزه بنو آدم قبل الإسلام ، والقولان يحتملهما أهل اللغة : لأنّ كُلاً منهما مركوز في الأرض ، أي ثابت ، يقال :

٤٧٦

ركزه ركزاً ؛ إذا دفنه ، وإنما كان فيه الخمس ؛ لكثرة نفعه وسهولة أخذه. وفي الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ وقد سئل ، وما الركاز؟ ـ فقال : (الذهب والفضة ، الذي خلقه الله في الأرض يوم خلقه). راجع : مجمع البحرين ، ج ٤ / ٢١.

الرُّهَيْمَة :

بلفظ التصغير لرهمة. ضيعة قرب الكوفة. وقيل : عين بعد خَفيَّة بثلاثة أميال إذا أردت الشما من الكوفة. راجع مراصد الإطلاع ، ج ٢ / ٦٤٥.

رَيْن :

الرّيْن : الطبع والدنس. والحجاب الكثيف ، والصدأ الذي يعلو السيف والمرآة ، وقد جمعت هذه المعاني في قوله تعالى :( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) [المطففين / ١٤].

أي غلب على قلوبهم كسب الذنوب ، كما يرين الخمر على عقل السكران. ورانت نفسه ترين : خبثت.

راجع : مجمع البحرين ، ج ٦ / ٢٥٩ ، ولسان العرب ، ج ١٣ / ١٩٢.

الحـ س ـ رف

سُعْد :

السُعْد : نبتة عشبية معمرة تنمو إلى إرتفاع مترين. ذات عقد منتفخة ، الساق أسطوانية مثلثة الزوايا أحياناً ، تكون عند قاعدة النبات أغماد ورقية كبيرة ، ينتمي النبات إلى جنس السعد ، التابع للفصيلة السعدية ، وهو جنس يحتوي على ٦٠٠ نوع. منتشرة في المناطق الإستوائية والدافئة. لبعض هذه الأنواع درنات تؤكل وتوضع في العطور ، وأشهر أنواع هذا الجنس نبات البردي.

٤٧٧

تضم الفصيلة ١١٠ جنساً و ٣٦٠٠ نوع. راجع : الموسوعة العربية العالمية ، ج ٢٥ / ١٣٥.

السُوْفِسْطَائِيّون :

السَفْسَطَة : أصل هذا اللفظ في اليونانية (سوفيسما) ، وهو مشتق من لفظ (وفوس) ومعناها الحكيم والحاذق. والسفسطة عند الفلاسفة : هي الحكمة المموهة. وعند المنطقتيين : هي القياس المركب من الوهميات ، الغرض منه تغليط الخصم وإسكاته ، وقيل أيضا : أنّ السفسطة قياس ظاهره الحق وباطنه الباطل ، ويقصد به خداع الآخرين ، أو خداع النفس ، فإذا كان القياس كاذباً ، ولم يكن مصحوباً بهذا القصد لم يكن سفسطه ، بل كان مجرد غلط أو إنحراف عن المنطق. والسوفسطائي : هو المنتسب إلى السفسطة ، تقول : فيلسوف سوفسطائي ونظرية سوفسطائية. وقد اُطلق هذا اللفظ في الأصل على الحاذق في الخطابة أو الفلسفة ، ثم اُطلق بعد ذلك تبذلاً على كل دجال مخادع.

راجع : المعجم الفلسفي ، ج ١ / ٦٥٨ ـ ٦٥٩.

الحـ ش ـ رف

شَاحِبَاً باكياً :

شَحَبَ لونه : تغير من جوع أو مرض ونحوهما ، فالشاحب : المهزول ، أو المتغير اللون أو نحو ذلك.

راجع : المنجد في اللغة / ٣٧٦.

٤٧٨

الحـ ص ـ رف

ألواح الصَلْصَال :

اللَوْح : جمع ألواح : كل صفيحة عريضة خشباً كانت أو عظماً أو غيرهما. المنجد / ٧٣٨.

الصَلْصَال :

الطين اليابس الذي يصل من يسبه ؛ أي يصوت. وكان البابليون وغيرهم من الحضارات القديمة يستخدمون ألواح الصلصال للكتابة المسمارية وثائق لهم. راجع : المنجد في اللغة / ٤٣٠. والموسوعة العربية العالمية ، ج ١٩ / ١٢١.

الصِيرّان :

الصَوْر ، جمع صَيْرَان وأصْوَار : الرائحة الطيبة ، أو القليل من المسك ، أو وعاء المسك ، فعلى هذا كأنه أراد تشبيه البعر بنافجة المسك. وقد ورد في صفة الجنة : وترابها الصِوَار ، يعني المسك ، وصِوَار المسك : نافجته ، والجمع أصورة. وأصورة المسك نافقاته ، راجع : لسان العرب ، ج ٤ / ٤٧٦.

والصّوْر :

جماعة النخل الصغار ، ويقال لغير النخل من الشجر : صَوْر وصِيْرَان. وذكره كثير.

وقيل : المجتمع من النخل الصغر. راجع : لسان العرب ، ج ٤ / ٤٧٥.

الحـ ع ـ رف

عِجَاف :

العِجَاف : الإبل التي بلغت في الهزال النهاية. جمع أعجف ، والأعجف : المهزول ، والأنثى عَجْفَاء والجمع عِجَاف على غير قياس.

٤٧٩

قال الجوهري : لأنّ أفْعَل فَعْلَاء لا يجمع على فِعَال ، ولكنهم بنوه على سِمَان ، والعرب قد تبني الشيء على ضده. راجع : مجمع البحرين ، ج ٥ / ٩٢.

الحـ غ ـ رف

غواليبور :

إمارة سابقة في الجزء الشمالي من وسط الهند تشكل اليوم جزءاً من ولاية مَدْيابرادش ، يرقى تاريخها إلى القرن الخامس للميلاد سكانها ٤٥٠٠٠٠٠ نسمة. راجع : موسوعة المورد ، ج ٢ / ٨١٢.

فُسَيْفِسَاء :

شكل من أشكال الفن ، حيث تنتظم فيه قطع صغيرة من الزجاج الملون ، أو الحجارة ، أو أي مادة أخرى ملونه معاً بالملاط. ويطلق عليه أيضا الموزاييك. والقطع الصغيرة ، وهي تسمى تَسّرا ، تركب معاً بحيث تكون صورة. ومعظم الفسيفساء يستخدم في تزيين السقوف ، والأرضيات والجدران الداخلية ، ولكن بعضه يستخدم لأسطح خارجية مثل الأرصفة والجدران الخارجية ، وربما كان سكان بلاد ما بين النهرين ، قد صنعوا الفسيفساء منذ ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد.

وعلى أي حال ، فإنّ الإستخدام الواسع للفسيفساء بدأ منذ القرن الرابع قبل الميلاد في مناطق كان يحكمها اليونانيون ، وفيما بعد نقل اليونانيون تصميم الفسيفساء إلى الرومانيين الذين توصلوا إلى طريقتهم الخاصة في هذا الفن ، فيما بين القرنين الثاني والثالث الميلاديين ، وقد نشر الرومان فن الفسيفساء في أرجاء الإمبراطورية الرومانية. راجع الموسوعة العربية العالمية ، ج ١٧ / ٣٦٥.

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554