شفاء الصّدور في شرح زيارة العاشور الجزء ١

شفاء الصّدور في شرح زيارة العاشور13%

شفاء الصّدور في شرح زيارة العاشور مؤلف:
المحقق: محمد شعاع فاخر
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-503-000-5
الصفحات: 439

الجزء ١
  • البداية
  • السابق
  • 439 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 34222 / تحميل: 4863
الحجم الحجم الحجم
شفاء الصّدور في شرح زيارة العاشور

شفاء الصّدور في شرح زيارة العاشور الجزء ١

مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
ISBN: ٩٦٤-٥٠٣-٠٠٠-٥
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الإهداء

إلى عتبة الحوراء الإنسيّة البتول العذراء فاطمة الزهراء ـ سلام الله عليها ـ المقدّسة ، تلك السيّدة التي سادت العالمين ، والتي جعلت وجودها فداء في سبيل صيانة الإسلام من أجل تسليمها ورضاها بقضاء الله في شهادة ولدها العزيز الحسينعليه‌السلام في طريق الإمامة حازت مقام الشفاعة وصارت شفيعة يوم الجزاء

وإلى روح السيّدة العابدة الطاهرة العلويّة الصالحة السلالة الصادقة للصدّيقة الكبرىعليها‌السلام التي تربّت في ظلّ والد محبّ وامق ، رهين القلب بذلك المقام الرفيع ، والمشرّف بحرم القرب المهدوي التي بكتابة كتاب « مكيال المكارم » بأمر الحجّة عجّل الله تعالى فرجه رفعت نفسها إلى درجة المصداق البارز لعنايتهعليه‌السلام وصارت مصداقاً لـ « شجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء » و « البلد الطيّب يخرج نباته بإذن ربّه »

وإلى السيّدة الكبرى التي بالتزامها بتلاوة القرآن والالتجاء بأهل بيت العصمة والطهارة لا سيّما صاحب الزمانعليه‌السلام وجدت جلوة اُخرى ، وبإدمانها التوسّل لاسيّما زيارة عاشوراء اتّخذت مرآة روحها شفّافيّة اُخرى ، وأصبحت عينها الناظرة في الظاهر والباطن ، في النوم واليقظة تشاهد العتبات النورانيّة والعوالم الروحانيّة ، وإلى تلك الاُمّ الرؤوم التي أدّت ما عليها من ديون للإسلام والروحانيّة بما بذلت من التربية لأولادها وقدّمتهم إلى الحوزة العلميّة المقدّسة في النجف وأصفهان ، وأخيراً في يوم الأحد(١) في فجره ساعة ينادي المنادي ( حيّ علی الفلاح ) أي دعي نفسك وارجعي إلى ربّك راضية مرضيّة وادخلي في عبادي

_________________

(١) اليوم المنسوب إلى مولى المتقين عليّ المرتضى وفاطمة الزهراء سلام الله عليها

٢١

وادخلي جنّتي ، لبّت النداء ، وفي وقت أذان الظهر اغتسلت غسل الشرف في حريم القدس مصحوباً بتلاوة زيارة عاشوراء وذكر يا زهراء أسلمت الروح ، ومع غروب الشمس وُوري جسمها المطهّر الثرى ، وسط بكاء المشيّعين ، والعيون العبرى(١) وانتقل مثالها البرزخي إلى حائر الحسينعليه‌السلام الأرض التي تلهج باسمها دائماً وعينها باكية ودموعها جارية وطائر روحها يرفّ بجناحه صوب حرم الأمن ذلك سرّ الله روحها ونور ضريحها

_________________

(١) ١٣ ربيع الأوّل ١٤٠٧ المصادف آبان ماه ١٣٦٥ ، وأقيم مرقدها الطاهر في حرم عالم كبير وشهيد امام زاده جعفر حفيد الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام وامام زاده مرتضى حفيد الإمام زين العابدينعليه‌السلام مقابل حرم امام زاده إسماعيل بن المجتبىعليه‌السلام في اصفهان شارع الهاتف

٢٢

صورة خطّ المؤلّف

من بديع الاتفاق موافقة تاريخ هذا الكتاب لقولنا شرح زيارة عاشوراء (١٣٠٩) مقصوراً وهو عنوانه وقلت فيه نظماً :

هاك مجموعة حوت كلّ معنىً

من معاني زيارة العاشور

وإذا تمّ جمعها قلت أرّخ

يالشرح مجد شفاء الصدور

وكتب مصنّفه العبد الآثم أبو الفضل (١٣٠٩) منتصف رجب الأصمّ من السنة المذكورة

صورة الخطّ المبارك لمجدّد المذهب سيّد البشر على رأس المأة الثالثة عشرة حجّة الإسلام الآقا الحاج ميرزا محمّد حسن الشيرازي أعلى الله مقامه وكتبه تقريظاً على هذا الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الكتاب الشريف ( شفاء الصدور ) الحقّ إنّه كتاب غاية في الجودة والكمال والمتانة ، وجامع بين مراتب التحقيق والتتبّع ، ومحيط بذكر أنواع الفضائل والمعارف ، وهو بجميع أصناف الناس وطبقاتهم نافع وممتع ، وقلّ نظيره في بابه والجدير به أن يرجع إليه عامّة القرّاء وأن يزيلوا المشاكل ويصحّحوا العقائد بالتأمّل في مباحثه ، ونأمل من الله الأقدس جلّ ذكره أن يحشر مع خامس آل العبا ـ عليه وعلى جدّه وأبيه واُمّه وأخيه والطاهرين من ذرّيّته أفضل الصلاة والسلام ـ كلّ من ساعد في هذا الأمر وأعان بشكل من الأشكال لأنّ الكتاب أساساً موضوع لإحياء أمر ذلك الجناب وإعلاء كلمته بمحمّد وآله الطاهرين ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين

حرّره الأحقر محمّد حسن الحسيني

٢٣

بسم الله الرحمن الرحيم

[ مقدّمة المؤلّف ]

الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين

إنّ حمد الواحد المتعال شفاء لصدور سكّان صوامع الملكوت ، الرب الذي صبغ وجود الأنبياء العظام بلطفه الخاص بهم بأرجوان البلاء

وإنّ جلاء عيون سدنة جوامع اللاهوت بنشر نعمه الواسعة العطاء ، جلّت آلائه ، الذي خاط خياط عنايته الخاصّة حلّة المصائب والعزاء على قامة أوليائه الكرام ، ثمّ الاعتصام بحبل الولاية المتين والاستمساك بعروة ولايتهم الوثقى ، التي جعلها الله راية النجاة وسلّم ارتقاء الدرجات

وجعل لتوجّه القلوب النقيّة إلى عتباتهم المقدّسة من قريب أو بعيد ، وهذا هو حقيقة الزيارة التي هي بمثابة الدرياق للديغ المعاصي

ومن هذه الجهة وهب سيّد الكائنات ، وصفوة الموجودات وسيّد الأنبياء وخلاصة الأصفياء محمّد المصطفى وآله الكرام درجة خاصّة ، وخصّ من الذرّيّة الدرّيّة والعترة الفاطميّة طليعة الشهداء وإمام السعداء ، شمع محافل أصحاب المحبّة ، وسيّد شباب أهل الجنّة الحسين بن عليّعليهما‌السلام بمزيد الاختصاص حيث جعل الالتجاء إلى حضرته لذوي الحاجات الأكسير الأعظم ، لا سيّما زيارة عاشوراء من بينها فقد جعلها واسطة الفوز والرشاد ، وبمنزلة الحجر المكرّم

٢٤

ثمّ جواهر الصلوات الزاكيات المنظومة ، ولئالي التحيّات الناميات المنثورة على تلكم الأرواح المطهّرة وعلى تلك الدرّة السماويّة المضيئة ، صاحب المقام المحمود ، وشافع يوم الموعود ، عظيم العظماء ، وخاتم الأنبياء وآله الأطهار وعترته الأبرار ، جنود الله في موضع الفداء والتضحية على الأولياء كافّة لا سيّما فاتحة كتاب الإمامة والهداية ، وخاتمة أبواب الوصاية والهداية الذي نال الخلافة بحقّ بل صار نفس الرسول المقدّسة بصدق ؛ أمير المؤمنين وإمام المتقين ، وخليفة ربّ العالمين ، وحجّة الله على أهل السماوات والأرضين صلّى الله عليهم وعلى من انتسب إليهم ولعنة الله على من غصب حقّه وجحد ما استحقّه وناصبه وآله بالعداوة ، أولئك طبع الله على قلوبهم وعلى أبصارهم غشاوة ، ما تلي باللسان زيارة أو قُرء على الآذان بشارة

وبعد : فيقول غارس رجله بالرمل ، المقيّد بسلاسل العلائق ، والمصفّد بفخوخ الأماني والعوائق ، الهائم في بيداء الجهل ، أبو الفضل ابن العلم المحقّق الطهراني حوسبا حساباً يسيراً ، وأُوتيا في النشأتين خيراً كثيراً لألواح الأرواح الصافية ، وصفائح الألباب الزاكية :

لمّا تشرّفت عام ستّة بعد الثلاثمائة والألف الهجريّة بزيارة بيت الله الحرام ، ونلت الفيض الربّانيّ هناك ، طلب منّي بعض الأخلّاء الروحانيّين ، وإخوان الإيمان أنا ـ القليل البضاعة ـ الكثير الإضاعة ، أذاقه الله حلاوة مناجاته ، وجعل النجح في الدارين مقروناً بحاجاته ـ أن أشرح زيارة عاشوراء ، وأُفسّر فقراتها ، فقرة بعد فقرة ببيان شاف وحديث كاف ، ليستفيد منه أبناء الفارسيّة وينالوا نصيبهم بمطالعته ، ويحظى بمراجعته العلماء بشوق ورغبة ، فاعتذرت ـ أنا القاصر ـ بقصور الباع ، وقلّة الاطّلاع ، وضعف الحال ، وترادف الأشغال ، وضيق المجال

وكلّما بالغ الإخوان في الطلب ، وكثر الإلحاح منهم عليّ والإصرار لديّ ، لم ألن

٢٥

في الإجابة لعلمي بمقدار بضاعتي ، ولم أستقبلهم بالإيجاب ، وما زلت على هذا المنوال ، متباعداً على بليّة الرغبة وإجابة السؤال ، حتّى أتممنا مناسك الحجّ وعاد الحجيج إلى الأوطان ، ولمّا رجع « العبد لله » إلى مقرّه المألوف ، وهي الأرض المقدّسة والبقعة المباركة ، مقرّ سلطان الولاية ، ودار الغيبة ، مركز دائرة الهداية « عجّل الله تعالى فرجه » سامرّاء ، وقد نلت الشرف بجواره ، وما زال البريد يحمل إليّ الرسالة تلو الرسالة ، من خلّان اليقين ، وإخوان الدين ، تحثّني على إجابة الرجاء المطلوب ، ولم يبدر منّي سوى الردّ والزماع ، والصدّ والامتناع

إلى أن هلّت غرّة جمادى الأُولى من عام ١٣٠٨ ، عزم جناب محامد العضاب ، معالي الانتساب ، عمدة الأجلّاء الأنجاب ، وزبدة الأخلّاء الأحباب ، الحاج السيّد كاظم الصرّاف الطهراني دام توفيقه على تكرار الزيارة لبيت الله الحرام ، ولكنّه بدأ بتقبيل أعتاب فلك أئمّة سرّ من رأىعليهم‌السلام ، ففاز بدلك المقام ، ونال هذا المرام ، فألحف في السؤال ، وألحّ على حصول المقصود ، واستعان بصفوة البشر ، عيوق الرتبة والشأن ، حامي حمى المسلمين ، كنز الراجين ، وكهف المحتاجين ، طغراء صحائف الفقه والرياسة ، ومفترع رأس قائمة الكياسة والسياسة ، مجمع بحري السيادة والسعادة ، ومشرق شمس الإضافة والإفادة ، آية الله في العالمين ، وارث علوم الأنبياء والمرسلين ، أُستاذ العلماء والمجتهدين ، مربّي الفضلاء والمحصّلين ، شمس الإسلام والمسلمين ، سيّد الفقهاء والمجتهدين ، ذخر الحكماء والمتكلّمين ، خاتمة الزعماء ، قادمة الرؤساء ، غوث الملّة ، عماد الشريعة ، ركن الشيعة ، مستجار الأمّة ، محيي السنّة ، مميت البدعة ، مفني الأموال(١) ، معيد الآمال ، باب الأحكام ، علم الأعلام ، خليفة الإمام في رعيّته ، ووصيّ آدم في ذرّيّته ، مفتي الفرق ، مرتضى الأُمم ، سيّد الطائفة ، محقّق الوقت ،

_________________

(١) يعني بذلك أنّه كان ينفق ما لديه من الأموال ( هامش الأصل )

٢٦

شيخ العصر ، علّامة الزمان ، مفيد الدهر ، مرآة السلف ، مشكاة الخلف ، عدّة الفرقة الناجية ، ناصر العترة الزاكية ، وهو الذي :

أتته الرياسة منقادة

إليه تجرّر أذيالها

ولم تك تصلح إلّا له

ولم يكن يصلح إلّا لها

المنعقد على أفضليّته الخناصر ، والمعترف بأعلميّته كلّ معاصر ، مولانا الأجلّ ، وكهفنا الأظلّ ، المنتهى إليه في عصرنا رياسة الإماميّه في العلم والعمل ، ذوالمناقب ، أبو المفاخر ، فلك المكرمات ، شمس المعالي ، سيّدنا الطاهر المعظّم ، وأُستاذنا البارع المقدّم « الحاج ميرزا محمّد حسين الحسيني » ؛ عترةً ونجاراً ، الشيرازيّ مولداً وداراً ، العسكريّ هجرة وجواراً ، المدعوّ في لسان الخاص والعامّ بحجّة الإسلام ، مجدّد مذهب سيّد البشر على رأس المائة الثالثة عشر لمؤلّفه :

علامة ملأ ثوبيه وليس له

من قبله أوّل أو بعده ثاني

زرت مطارفه والمجد حلّيتها

على كمال بدى في زيّ إنسان

من علمه يستمدّ المشتري شرفاً

فلا يقاس به يوماً بميزان(١)

لا زالت ألوية الإسلام بعلومه منشورة ، ولا برحت جنود العلم بإفادته منصورة :

من قال آمين أبقى الله مهجته

فإنّ هذا دعاءٌ يشمل البشرا

ومجمل القول أنّ الحاجّ المشار إليه لمّا بلغ زاوية بساط القرب الذي هو موضع سجود الصلحاء والزاهدين ، ومقبل الفضلاء الراشدين ، ونال فيض الوصول ، أسرع بطلب المأمول حتّى بلغ درجة القبول ولمّا تشرّفت بزيارته ، وبلغت محضر إفادته جرى الحديث بيننا حول الطلب المشار إليه ، فتمسّك الداعي بعذره من قلّة المؤونة وكثرة الأشغال النظريّة ، والبعد عن عالم التتبّع الذي

_________________

(١) ديوان المؤلّف : ٣٤٥

٢٧

لا بدّ منه لإنجاح عمل كهذا ، ومحاولة التدقيق والنظر والتأمّل التي(١) هي واجب أهل الدعوة ، وبسطتُ هذا العذر بين يديه ؛ فلم يستمع إليه ، وأصدر أمره على نهج « الميسور لا يسقط بالمعسور » شريطة أن لا ينافي هذا العمل سائر الواجبات ، ولا يعارض بقيّة الأعمال والوظائف ، وينبغي أن يكون الشرح على نحو الاختصار ؛ ليرغب فيه عامّة الناس من كلّ طبقة ، وينتفع بتأمّل أبوابه وفصوله كلّ صنف ؛ ونظراً لما قاله الحكماء « المأمور معذور » ، وكان القول السائد « الميسور لا يسقط بالمعسور » من المقرّرات العقليّة والشرعيّة ، واستمدّ هذا القليل البضاعة من يمن توجّهات هذا الأُستاذ الكبير ، ومحاسن عناية هذا العلّامة الشهير الذي كانت قطب رحى الإماميّة إفاداته ، ومطاف أكابر فقهاء العصر تحقيقاته ، أدام الله ظلّه ، ولا أعدمنا فضله

ولمّا عُدت من زيارة المشهدين المقدّسين ، في سلخ شهر رمضان المبارك من السنة المذكورة ، نصبت شباك الهمّة لاصطياد وحش الفرصة ، فكانت تواتيني الفرصة بين الحين والحين ، عند أوقات الراحة وأزمنة الفراغ من البحث والنظر ، فأصرف هذا الفصل من العمر لتلكم الغاية

فابتدأت بالأهمّ وهو الباب الثاني فقدّمته ، ووجّهت القلب إليه ، واتّخذته نصب عين الهمّة إلى أن بلغت ختام الباب المذكور ، في التاريخ المسطور ، مع ندرة الكتاب وقلّة الأسباب ، لا سيّما في سامرّاء التي فقدت فيها روح الإعانة ، من حيث القلّة في العُدّة والعدد ، وسدّت أبواب الاستعارة .

في المحرّم العشر الأواخر منه شرعت في شرح الباب الأوّل من الكتاب ، على أنّ ذلك كان في أثناء المدارسة والمناظرة فانتهزت الفرصة حتّى أكملت الباب في غرّة صفر ببركة ساداتنا الأئمّة وفضل الإمداد العلوي

_________________

(١) « التي » تابع للفظ « محاولة » ( المترجم )

٢٨

ولم تقع يدي أو تسمع أُذني على شرح متقدّم ، أو تعليقة سابقة بخصوص المورد لكي أستعين بمراجعتها وأقتدي بخطوطها على بلوغ الغاية ، وبفضل الله عزّ وجلّ ومنّه لم أخرج من أقسام التأليف السبعة ، التي لا ينبغي لكلّ عاقل أريب أو فاضل لبيب أن يصنّف خارج دائرتها وبعيداً عن مدارها ، وأنا أذكر هذه الأقسام من أجل تنبيه الناظرين وتذكرة المعاصرين

قال ابن حزم الظاهري في الرسالة الأندلسيّة ؛ وهي من ألطف الرسائل المصنوعة في هذا الباب ، وقد اقتفى أثره في هذه الأقوال جلّ الفضلاء والحكماء ، واتّخذوها قاعدة تبانوا عليها ، فقالوا : لا ينبغي للعاقل إذا عزم على الكتابة والتأليف أن يتجاوز هذه البنود السبعة :

الأوّل : أن يبتدع ويبتكر ما لم يسبق إليه

الثاني : أن يتمّ عملاً أو كتاباً ناقصاً ويكمل ذلك النقص منه

الثالث : أن يعمد إلى إشكال مغلق فيحلّ رموزه ويوضح إشكاله ويفتح مغلقه

الرابع : أن يختصر كتاباً مطوّلاً اختصاراً مفيداً غير مخلّ بحيث لا يتجاوز على أصله فيشوّه معالمه ويمسخ قواعده

الخامس : أن يعمد إلى مسائل في موضوعٍ مّا متشتّة هنا وهناك ، فيجمع شتاتها ويؤلّف أبعاضها ويجمع شواردها ويلمّ أوابدها ، ويحسن تصنيفها بحيث يسهل على المستفيد تناولها من أقرب وجه وأحسنه

السادس : أن يعمد إلى مسائل في باب من أبواب العلم أو موضوع من مواضيعه متشتّة الأجزاء متباعدة الأبعاض فيعمد إلى جمعها وتأليفها ، تحت سماع واحد ، فيضع السنخ إلى سنخه ، ويضمّ الصنف إلى صنفه ، والشقيق إلى شقيقه ، والشبيه إلى شبيهه ، فتتألّف بهذا الجمّ والتنظيم والتنضيد عائلة العلم ، ويجتمع شملها ، ويتلاقى شتاتها

السابع : أن يعمد إلى مسألة في العلم أخطأ فيها مؤلّف قبله ، فيصلح خطأها

٢٩

ويقوم أوده ويهذّبها ويبعد عن ساحتها عرض المؤلّف الخاطئ وانحرافه ، ويزكّيها كما هي على الحقيقة

وسائر المؤلّفات التي تضرب على غير هذه الأوتار السبعة مثل جلّ المؤلّفات ، ليست أهلاً لعناية الفحول ولا تليق بمراجعة أرباب الألباب والعقول

قالوا : وينبغي لكلّ مؤلّف كتاب في فنّ قد سبق إليه ألّا يخلو كتابه من خمس فوائد :

١ ـ استنباط شيء كان معضلاً

٢ ـ أو جمعه إن كان متفرّقاً

٣ ـ أن شرحه إن كان غامضاً

٤ ـ أو حسن نظم وتأليف

٥ ـ أو إسقاط حشو وتطويل

قلت : وهذه الفوائد عند التحقيق قائمة بالأقسام السبعة(١) فليحافظ عليها أشدّ المحافظة فإنّها من أهمّ الأُمور وأصعبها

وقد سمّيت هذا الكتاب بـ :

« شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور »

والآن إذا وقع هذا العمل موقع القبول عند الكبار والعظماء بلغت الأفلاك ارتفاعاً ، وأضع قدميّ على المشتري سعادة ، وبالطبع هذه الكرامة هي من ميامن التوجّهات والبركات القدسيّة لحضرة المستطاب الأجلّ السيّد الأُستاذ ضاعف الله قدره كما نشر بالخير في الآفاق ذكره « لأنّ من زنده قدحي وإيراثي »

بلبل از فيض گل آموخت سخن

ورنه نبود اين همه قول وغزل بقيه در منقارش

تلقّت من الورد البلابل لحنها

فلم يك في منقارها ذلك اللحن

_________________

(١) سبقت الإشارة إليها عن ابن حزم ( المترجم )

٣٠

وإذا لم يسعف الحظّ فلم يقع موقع القبول ، ولم ينل المأمول فمردّ ذلك إلى قصور الباع وهبوط نجم هذا الشقيّ ذي البضاعة المزجاة ، ولكنّي أقول برجاء الواثق للعلماء الذين يسرحون الطرف في هذه الصحيفة أن يميطوا لثام المعاصرة من البين ويعتبروا هذا الفقير المحتاج من القدماء لا المعاصرين ، ويردّدوا الشعر الذي نظمه أبو تمام وجعله صاحب السرائر في ديباجة كتابه ، وهو قوله :

õ الفضل للشعر لا للعصر والدار õ

وأن لا يجعلوا القدم والمعاصرة مقياساً للتفوّق وميزاناً لتمييز الحقّ عن الباطل ، والحالي عن العاطل ، وأن يضعوا هذه النكتة نصب أعينهم وهو أنّ التقدّم والتأخّر أمران اعتباريّان ينتزعان من انتساب أجزاء الزمان وفي الحقيقة لا يقدّم هذا الاعتبار شيئاً ولا يؤخّر ، ولا يزيد ولا ينقص ؛ لأنّ المعاصر لا بدّ من تقدّمه على طبقة تأتي بعده ، والمتقدّم كان معاصراً لطبقة وجدت معه ، كما قال الشاعر :

قل لمن لا يرى المعاصر شيئاً

ويرى للأوائل التقديما

إنّ هذا القديم كان حديثاً

وسيبقى هذا الحديث قديما

وما أحسن ما قال أبوالعبّاس المبرّد في الكامل : ليس لقدم العهد يقدّم المخطئ ، ولا لحدثانه يهضم المصيب ، ولكن يعطى كلّ ما يستحقّ وقد نظمته بقولي :

وليس لسبق العهد يفضل قائل

ولا لحدوث من يهضم آخر

ولكن ليعط الكلّ ما يستحقّه

سواء قديم منهم ومعاصر(١)

_________________

(١) وفي الديوان ص ١٨٥ هكذا : « ولا لحدوث يحرم الفضل آخر » وبعده :

بل الكلّ يُعطى كلّ ما يستحقّه

سواء قديم منهم ومعاصر

( هامش الأصل )

٣١

وتمثّل السيّد الأجلّ ذوالمجدين المرتضى رضي الله عنه بل وسلام الله عليه في كتابه « الشهاب » بهذا السطر :

õ السبق بالإحسان لا الأزمان õ

ومن العجائب أنّ أهل كلّ زمان يشكون من هذه الظاهرة المفرّقة ، ولهم هذا الرجاء أن يكون في عداد القدماء إذا انقضى الزمان ، وابتلي المعاصرون بها

والغرض من هذا التطويل المملّ هو حمل الناظرين في هذا الكتاب على النظر في العيوب الواقعيّة والنقائص الحقيقيّة والابتعاد عن اختراع النقود والنقائض ، بحكم اتحاد العصر ووجود المعاصر ، وقصور المصنّف عن اللحوق بركب القدماء « فإنّ الإنصاف خير شيم الأشراف » ، وقال عليّعليه‌السلام : « أُنظر إلى ما قال ولا تنظر إلى من قال »(١) مضافاً إلى ذكر الأعذار التي سلفت وأنّي ذكرتها على سبيل الحقيقة والواقع لا استناناً بسنّة الكتاب والمصنّفين وعادة المؤلّفين الذين درجوا على ذكر شواغلهم واختلال أحوالهم في ديباجة كتبهم جرياً على سنن التأليف عندهم ، وإنّما ذكرتها لتكون باعثاً للمطالعين على رفع عيوبه ، ودفع نواقصه ، لينالوا المثوبة من الواحد الأحد ، وهو المستعان المنّان

ويشتمل هذا الكتاب على بابين وخاتمة :

الباب الأوّل : في شرح سند رواية زيارة عاشوراء ومتنها

الباب الثاني : في ترجمة ألفاظ الزيارة الشريفة

الخاتمة : في ترجمة وبيان مشكلات الدعاء المعروف بـ « دعاء علقمة »

ونسأل الله أن يوفّقنا وجميع المخلصين للحقّ

_________________

(١) من الأمثال المرويّة عنهعليه‌السلام في غرر الحكم ص ١٧٤ حرف الخاء وبلفظ آخر : « لا تنظر إلى من قال وانظر إلى ما قال » شرح ابن ميثم على المائة كلمة ، الكلمة العاشرة ص ٦٨ ، وغرر الحكم ص ٢٣٢ ، وقد روي بلفظين آخرين هما : « لا تنظر إلى من قال وانظر إلى ما قيل » ( امثال وحكم دهخدا ٣ : ١٣٤٣ ) « أُنظر إلى ما قيل ولا تنظر إلى ما قال » ( امثال وحكم دهخدا ١ : ٣٠٤ ) ( هامش الأصل )

٣٢

الباب الأوّل
في شرح سند الزيارة الشريفة ومتنها

وهذه الزيارة كما هو المعروف في كتب الإماميّة ضاعف الله أقدارها ، وأحد مصادرها « المصباح » ، والثاني « كامل الزيارة » ونحن أوّلاً نرويها من طريق الشيخقدس‌سره ثمّ نعمد إلى ذكر مواضع الفرق والاختلاف بين الروايتين بإشارات وافية

ولي طرق كثيرة لهذا المتن تصلني بهذه الكتب ولكنّ ذكرها بأجمعها ينافي أسلوب هذا الشرح كما أنّ ترك السند من رأس أو تعليقه والاقتصار علی المتن مجرّداً عنه يباين واجب المؤمن في الأمانة بنقل الحديث ، من ثَمّ نكتفي بطريق واحد وهو أحبّها إليّ وأعزّها عَلَيّ ، وبهذا الطريق عينه نروي جميع الروايات الشيعيّة المذكورة في هذا الكتاب ، بل إنّ هذا الطريق واسطتي أيضاً إلى جُلّ كتب أهل السنّة سوى كتب معدودة من المتأخّرين ، وإنّما يحتاج إلى كمال السلسلة من حيث انشعابها في الأواسط حتّى تصل بهم إلى المصدر على التفصيل المذكور في كتب الإجازات المبسوطة فأقول مستمدّاً من آل الرسول(١) :

١ ـ حدّثني بالإجازة العامّة الصحيحة بجميع ما حقّت روايته وصحّت له إجازته الشيخ الفقيه السعيد ، الموفّق الثقة الثبت ، الرحّالة علّامة عصره وواحد

_________________

(١) جاء في المتن باللغة العربيّة فلم يحتج إلى ترجمة المترجم

٣٣

دهره ، الرئيس المقدّم ، والمطاع المعظّم ، الجامع بين الفقه والزهادة ، والمؤلِّف بين العلم والعبادة« الشيخ محمّد حسين بن هاشم الكاظمي » أصلاً ، والغروي مسكناً ومزاراً ، روّح الله رمسه ، وقدّس نفسه ، عصر الأربعاء الثاني والعشرين من رجب الأصب سنة ١٣٠٥ في الدار التي نزلت فيها بالمشهد المقدّس الغروي على مُشرِّفه السلام

٢ ـ عن الشيخ الإمام ، معلِّم علماء الإسلام ، المُستسقى بوجهه الغمام ، المفضّل مداده على دماء الشهداء ، والمتبرّك بوطئ أقدامه أجنحة ملائكة السماء ، أُنموذج الأنبياء والمرسلين ، علّامة الأوصياء الغرّ الميامين ، حجّة الفرقة ، خير الأُمّة ، واحد الأعصار ، نادرة الفلك ، بكر المشتري ، أُسطوانة الأساطين ، وينبوع العلم والفقه واليقين ، من العلوم البحثيّة قسطاسها المستقيم ، ومن المعارف الإلۤهيّة محدّثها العليم ، رئيس الشيعة في عصره إلى يومنا هذا غير مدافع ، والمنتهى إليه رئاسة الإماميّة علماً وعملاً في الدنيا غير منازع ، مالك أزمّة التحرير والتأسيس ، ومربّي أكابر أهل التصنيف والتدريس ، مليك سماء التدقيق ، والمستوي فوق عرش التحقيق ، أكمل الفقهاء والمتبحّرين ، أتقن المتقدّمين والمتأخّرين ، قولاً بالإطلاق وشهادة بالاستحقاق ، المنكب على فهم إشاراته أذهان المحقّقين ، والمفتخر بحلّ عويصاته أفكار المدقّقين ، غاية فخر الفقهاء تحصيل مقاصده ، ومنتهى سعي الفضلاء تفصيل فوائده

المضرب بزهده الأمثال ، والمضروب إلى علمه آباط الآبال ، والمضروب سرادق رياسته على جبهة عيّوق ، فذلك لا حرج في مدحه بكلّ ما يمدح به بعد الأئمّة مخلوق ، المجتمع فيه محاسن الخلال ما لم يتّفق من عنق الدهر لأحد من الرجال من عموم رياسة طبّقت وجه البسيط ، ووفور علوم غيّضت البحر المحيط ، إلى زهد في الدنيا وضيق في العيش لم يعهد من غير الوصيّين ، وحشو في العبادة

٣٤

ومواظبة عليها لم يسمع إلّا من النبيّين ، المنادىٰ مشهور فضله في الآفاق ، بحيّ على العلم والصلاح والمهيعل ، مبسوط كفّه في الأقطار ، بحيّ على الجود والسماح ، والداعي موفور زهده في الأصقاع ، بحيّ على الفوز والفلاح ، فلذلك طأطأ عنده كلّ شريف ، ولاذ إلى ظلّه كلّ عالم عريف ، فعكفت الهمم على الاقتداء بآثاره ، واتفقت الأُمم على الاهتداء بأنواره ، فلا الألسن تستطيع أن توفّي حقّ ثنائه ، ولا الأقلام تطيق تؤدّي وظيفة واجب إطرائه

صاحب المقامات المحمودة ، والكرامات المشهودة ، والآيات الغير مجحودة ، خلاصة الماء والطين ، برهان الإسلام والمسلمين ، قيّم الشيعة ، عظيم ( زعيم ) الإماميّة ، أُستاذ الأُمم ، شيخ العرب والعجم ، بركة الوجود ، شبكة السعود ، بدر الساري ، والمصون شمس علومه عن التواري ، شيخنا الإمام الأعظم ، آية الله العظمى ، حجّة الباري« مرتضى بن محمّد أمين الجابري الأنصاري » (١) أهدى الله إليه طرائف السلام ، وألحقه بمواليه الأصفياء الكرام ، وحشرنا تحت لوائه يوم القيام ، ونفعنا الله ببركات علومه ، ووفّقنا لاتّباعه ، فلقد كان قدّس الله نفسه كما شهد له بعض الأعاظم ، عيانه أعظم من سماعه(٢)

٣ ـ عن الشيخ الفقيه ، المحقّق المدقّق ، الأوحد الأوثق ، جامع أشتات الفضائل العلميّة والعمليّة ، والآخذ بأطراف العلوم الذوقيّة والبحثيّة ، مؤسّس أساس

_________________

(١) أقول : أثقلرحمه‌الله السند بهذه العبارات الفخمة المتلاحقة التي أبرزت إعجابه بشيوخه ولكنّها من دون طائل ، وما أحسنها عبارة لو خلت من هذه المبالغات وجائت سهلة على اللسان ، خفيفة على الجنان ، وقد تكلّف فيها السجع الذي زادها ثقلاً

(٢) في الحديث : « كلّ شيء من أشياء الدنيا سماعه أعظم من عيانه ، وكلّ شيء من أشياء الآخرة عيانه أعظم من سماعه » ( منه )

٣٥

الشريعة ومناهج أحكامها ، ومحرّر مستند الشيعة وعوايد أيّامها« الحاج ملّا أحمد
النراقي »
أحلّه الله رياض الأُنس ، وكساه ملابس القدس

٤ ـ عن سيّد الأُمّة ، وكاشف الغمّة ، مهذّب مقاصد المنطوق والمفهوم ، ومحيي ما درس لشريعة جدّهعليه‌السلام من الرسوم ، الملقّب بالاستحقاق بـ « بحر العلوم » ، آية الله وبرهانه الجلي ، والآخذ بأطراف الفخار العادي والمجد العدملي(١) ، عرابة رأيه التأسيس والتعليم ، وجهينة خبر التحقيق والنظر القويم ، ودعيمص رمل التدقيق والفكر السليم ، من الأدب روضته الغضّ ، ومن التفسير نجمه الذي لا ينقضّ ، ومن الحديث عينه الفيّاض ، ومن العرفان درعه الفضفاض

عماد الحكماء المتألّهين ، أُستاذ الفقهاء المتبحّرين ، إمام المحدّثين والمفسّرين ، شمس المعارف ، كنز الطرائف ، ينبوع الفضل التالد والطارف ، سراج العارفين ، صاحب الكرامات(٢) الباهرة ، والمعجزات القاهرة« السيّد محمّد مهدي
الطباطبائي »
ضاعف الله قدره ، وأعظم في الإسلام أجره

٥ ـ عن الشيخ الأعظم والإمام المقدّم ، شيخ علماء الشيعة في الأمصار ، ومرجع فقهاء الإسلام فيما لحقه من الأعصار ، أُستاد الكلّ ، ومفزعهم في الجلّ والمقل ، ناشر لواء الاستنباط الاجتهادي ، وناهج طريقة استفادة الأحكام عن المبادي ، محيي مدارس التحقيق بعد اندارسها ، ومعيد مشاهد العلم بعد انطماسها ، صاحب النفس القدسيّة ، والأخلاق الزكيّة ، والآداب النبويّة ، والكرامات الولويّة ، مجدّد مذهب سيّد البشر على رأس المائة الثانية عشر ، شيخ الفقه وحامل لوائه ، ومدير الحديث وكوكب سمائه

_________________

(١) المجد التليد

(٢) رأيت هذا للقب له بخطّ شيخنا صاحب الجواهر في إجازته للشيخ عيسى الزاهد ( منهرحمه‌الله )

٣٦

بفوائده استقام قنا الإيمان ، وبتحقيقاته نفق سوق العلم والبنيان ، كفيل أيتام آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بحسن تأسيسه ، والمتطوّل حتّى على المشتري بفضل تدريسه ، المعروف بالفريد ، الملقّب بالوحيد ، المدعوّ بـ « الآقا » ، المشهور بالأُستاذ الأكبر والمولى الأعظم ، باقر علوم الأئمّة ، وباب نجاة الأُمّة ، مولانا الأعظم« محمّد باقر
البهبهاني »
ابن الشيخ الأفضل الأكمل الأعلم الأورع الأزهد« محمّد أكمل
الأصفهاني »
قدّس الله سرّهما النوراني

٦ ـ عن أبيه

٧ ـ عن خاله غوّاص بحار الأنوار ، ومروّج آثار الأئمّة الأطهار ، وناشر علومهم في الأقطار والأمصار ، خاتم المحدّثين ، سادس المحمّدين ، عماد الفقها الراسخين ، علّامة العلماء الشامخين ، مجدّد المذهب على رأس المائة الحادية عشر ، المذكور بالفضل والحديث على ألسنة البدو والحضر ، مولانا« محمّد باقر » ابن الشيخ المدقّق الورع الصفي الزكي المقدّس في عالم النور ، العلّامة في عالم الظهور« محمّد تقي المجلسي » روّح الله روحهما ، وكثر بالسعادات فتوحهما

٨ ـ عن والده المشار إليه

٩ ـ عن شيخ الإسلام والمسلمين ، أكمل الحكماء والمتكلّمين ، أبرع الفقهاء والمتقنين ، أفضل الفقهاء والمحدّثين جامع دقايق العلوم وغرائبها ، وعارف حقائق الرسوم وعجائبها ، المكشوف عن بصره الغطاء ، والممدود المؤيّد من سلطان السماء ، ناصر طريقة العترة الطاهرة ، ومحدّد مذهبهم على رأس المائة العاشرة ، المخصوص بالاتفاق على فضله والاعتراف [ مع أنّ ـ ظ ] طبع الأنام على الخلاف ، وفضله في الناس مسألة بغير خلاف ، شيخنا الإمام« بهاء الملّة والدين
محمّد »
بن العالم العلّامة ، والفاضل الفهّامة ، صاحب النفس القدسيّة والملكة الملكوتيّة ، والأخلاق المرضيّة ، رأس المحقّقين في زمانه ، ورئيس المصنّفين

٣٧

بحكم أقرانه ، شيخ الفقهاء والمحقّقين« حسين بن عبد الصمد العاملي » سقى الله ضريحهما مياه الرضوان ، وأحلّهما أعلى فراديس الجنان

١٠ ـ عن والده

١١ ـ عن الشيخ الإمام ، خاتم فقهاء الإسلام ، جامع العلوم والمعارف ، والفائز بالتالد والطارف ، المجاهد في سبيل الله بقلمه ، والباذل في نصرة الإسلام لدمه ، أفضل المحقّقين ، أكمل المتبحّرين ، لسان المتقدّمين ، ترجمان المتأخّرين ، شارح صدور المحدّثين ، وجامع شمل المجتهدين ، جمال الصالحين ، طراز العارفين ، مقياس الحكماء والمتكلّمين ، المتلوّة آياته على الألسنة ، والمشهورة كرماته مدى الأزمنة ، العالم الربّاني ، والهيكل الصمداني ، شيخنا الشهيد« زين الدين بن علي العاملي » (١) المشهور بالشهيد الثاني ، قدّس الله سرّه النوراني

١٢ ـ عن الشيخ الجليل ، الفاضل النبيل« أحمد بن محمّد بن خاتون العاملي »

١٣ ـ عن الإمام الأعظم ، والرئيس المعظّم ، والمطاع المقدَّم ، ناصر الملّة ، ناشر السنّة ، غيث الأُمّة ، تاج الشريعة ، فخر الشيعة ، ركن الطائفة ، مروّج المذهب ، أُستاذ العجم والعرب ، مدار التحقيق ، منار التدقيق ، مهذّب الفرع ، محرّر الأُصول ، المغترف من بحر فضله الأساطين والفحول ، الفائز بقداح السعادة ، والضارب بسهام الشهادة ، مولانا الأفضل ، وشيخنا الأعلم الأكمل ، البدر الشعشعاني« عليّ
بن عبد العالي الكركي »
المعروف بالمحقّق الثاني ، رفع الله قدره ، وشرّف في الملأ الأعلى ذكره

١٤ ـ عن الفقيه النبيه ، والعالم الوجيه ، والثقة السديد ، والمحدّث السعيد« علي
ابن هلال الجزائري »
قدّس الله سرّه ، وضاعف أجره

_________________

(١) رأيت بخطّه في مواضع كاتباً اسمه الشريف كذلك ، وبه يرتفع الخلاف في اسمه ( منهرحمه‌الله )

٣٨

١٥ ـ عن قدوة الزاهدين ، وعدّة السالكين ، وعمدة الفقهاء الراشدين ، جمال العارفين ، حليّة المحدّثين ، كنز المحقّقين ، شيخنا« الملّا أحمد بن فهد الحلّي » أعزّ الله قدره العلي

١٦ ـ عن الشيخ الأجل الأفخم ، والفقيه الأكمل الأكرم« زين الدين عليّ بن
الخازن »
قدّس سرّه

١٧ ـ عن الشيخ الإمام ، برهان علماء الإسلام ، أُستاذ فقهاء الأنام ، حجّة فضلاء الأيّام ، بركة الشهور والأعوام ، رئيس المذهب والملّة ، ورئيس المحقّقين الأجلّة ، منهل ا لفقه الصافي ، ودرع التحقيق الصافي ، مسهّل سبيل الاجتهاد والنظر ، أفقه أهل البدو والحضر ، شمع جمع اليقين ، ومشعل طريق المتقين ، سراج الاهتداء ، منهاج الاقتداء ، درّة تاج أرباب الإيمان ، قرّة عين أصحاب الإيقان ، المشروح صدره بالعلم والعرفان ، والمنوّر قلبه بنور التحقيق والإتقان ، الجامع في معارج السعادة ، بين أقصى مدارج العلم ورتبة الشهادة ، صاحب الآيات الباهرة والكرامات الظاهرة ، شيخنا الأقدم الأفضل المعروف بالشهيد الأوّل« شمس الدين
محمّد بن مكّي »
قدّس الله سرّه الزكي

١٨ ـ عن الشيخ الإمام ، واحد علماء الإسلام ، ذخر الحكماء والمتكلّمين ، فخر الإسلام والمسلمين ، أُستاذ الفقهاء والمحدّثين ، ديباجة كتاب التحقيق ، مصحف النظر الدقيق ، ملك العلماء والمناظرين ، الإمام« فخر الدين أبي طالب محمّد » طيّب الله مضجعه ، وأحسن إليه مرجعه

١٩ ـ عن والده الشيخ الإمام ، والمولى الهمام ، علّامة المشارق والمغارب ، مرغم الكفرة والنواصب ، آية الله في العالمين ، وسيفه المسلول على رقاب المخالفين ، حائز علوم الأنبياء والمرسلين ، أفضل المتقدّمين والمتأخّرين ، خليفة الأئمّة المهديّين ، محيي ما درس من مراسم الدين ، المنتهي إليه رياسة الإماميّة في

٣٩

الأعصار ، والخاضع دون سدّة علمه الفلك الدوّار ، شيخ المذهب ، رئيس الملّة ، محرّر القواعد ، مهذّب العقائد ، بحر العلوم ، مفتي الفرق ، محيي السنّة ، مميت البدعة ، شمس الأُمّة ، كشف الغمّة ، كعبة الفقهاء ، مشعر العلماء ، مطاف الحمكاء ، ركن المتكلّمين ، قبلة المحدّثين ، مرجع الأفاضل أجمعين ، ما من عالم في الأرض من الشيعة من عصره إلى يومنا هذا إلّا واقتبس من مشكاته ، واستفاده من تحقيقاته ، بل هي العُدّة لكلّ محقّق ، وإليها اللجاء من كلّ مدقّق ، العلم المنصوب ، والعلم المصبوب ، المسعود بالنفس الملكوتيّة ، والمنصور بالآيات الجليّة ، المؤيّد من السماء ، المشهور بأكرم الأسماء ، الملقّب بالعلّامة ، المشتهر بآية الله ، مولانا الأعظم ، وإمامنا المعظّم ، أبي منصور ، جمال الدين« حسن بن يوسف الحلّي » حشرنا الله تحت لوائه ، ووفّقنا للمسير بضيائه

٢٠ ـ عن الشيخ الإمام الأعظم ، والهمام المقدَّم المفخّم ، مؤسّس الفقه والأُصول ، ومحرّر المعقول والمنقول ، شيخ الطائفة بغير جاحد ، وواحد هذه الفرقة وأيّ واحد ، الذي بكلّ لسان القلم عن تعداد فضائله ومقاماته ، مع أنّ جميع ما سمعت من مناقب من ذكرناه بعض كراماته ، الإمام السعيد أبي القاسم نجم الدين« جعفر بن سعيد الحلّي » المشهور بالمحقّق الأوّل ، تفضّل الله علينا بالانتفاع بعلومه

٢١ ـ عن السيّد الحسيب الأصيل ، والفقيه المحدّث النبيل ، والنسّابة الأديب الجليل« فخار بن معد الموسوي » نوّر الله ضريحه ، وأحسن في رياض الخلد شريحه

٢٢ ـ عن العالم العامل ، والمحدّث الكامل ، الفاضل الوجيه ، والفقيه النبيه« شاذان بن جبرائيل القمّي » حشره الله مع النبيّ الأُمّي

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

وتفسير الطبريّ ( ج ١٠؛ ٦ ) وفتح القدير ( ج ٢؛ ٢٩٥ ) والدّرّ المنثور ( ج ٣؛ ١٨٧ ) وسنن النسائي ( ج ٧؛ ١٢١ ) وصحيح البخاري ( ج ٣؛ ٣٦ ) وصحيح مسلم ( ج ٢؛ ٧٢ ) ومسند أحمد ( ج ١؛ ٢٩٤ ) وشرح النهج ( ج ١٦؛ ٢٣٠ - ٢٣١ ) و ( ج ١٢؛ ٨٣ ) والمصنف لابن أبي شيبة ( ج ١٢؛ ٤٧١ / الحديث ١٥٢٩٧ ) و ( ج ٥؛ ٢٣٨ / الحديث ٩٤٠٨ ) و ( ج ١٢؛ ٤٧٢ / الحديث ١٥٣٠١ ) والسنن الكبرى ( ج ٦؛ ٣٤٤ ) ومشكل الآثار ( ج ٢؛ ٣٦ ) والأموال (٣٣٢). وانظر النصّ والاجتهاد (١١١).

رضيت وإن انتهكت الحرم

إنّ انتهاك القوم حرمة عليّعليه‌السلام ، وحرمة الزهراءعليها‌السلام ، وحرمة الدين، ثابت بالأدلّة القطعيّة، حتّى أنّ عليّاعليه‌السلام صرّح بظلامته في كثير من الموارد، وصرّح بلفظ استحلال حرمته أيضا في خطبه وكلماته، ففي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٠٢ ) في خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام قال فيها: اللهم إنّي استعديك على قريش، فخذ لي بحقّي؛ ولا تدع مظلمتي لها، وطالبهم يا ربّ بحقّي فإنّك الحكم العدل، فإنّ قريشا صغّرت قدري، واستحلّت المحارم منّي، واستخفّت بعرضي وعشيرتي إلى آخر الخطبة. والخطبة في كتاب العدد القويّة ( ١٨٩ - ١٩٠ / الحديث ١٩ ).

ونقلها العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٨؛ ١٦٩ ) نقلا عن كتاب العدد نقلا عن كتاب « الإرشاد لكيفيّة الطلب في أئمّة العباد » للصفار.

وانظر كلامه القريب من ذلك في نهج البلاغة ( ج ٢؛ ٨٥ / الخطبة ١٧٢ ) و ( ج ٢؛ ٢٠٢ ) والإمامة والسياسة ( ج ١؛ ١٧٦ ).

وسيأتي انتهاكهم حرمة عليّعليه‌السلام في الطّرفة الثامنة والعشرين عند قوله: « وبعثوا إليك طاغيتهم يدعوك إلى البيعة، ثمّ لبّبت بثوبك، وتقاد كما يقاد الشارد من الإبل »، وفي الطّرفة التاسعة عشر انتهاكهم حرمة الزهراء والحسنينعليهم‌السلام ، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « وويل لمن انتهك حرمتها »، وما بعده من حرق الباب وضربها وإسقاط جنينها وشجّ جنبيها.

٣٤١

وعطّلت السنن

إنّ تلاعب الثلاثة - ومن بعدهم معاوية - بالأحكام ممّا لا ينكره ذو عقل، ولا يجحده إلاّ مكابر، وقد ألّفت الكتب في ذلك، ومخالفاتهم لسنّة رسول الله مبثوثة في كتب المسلمين، وفي أغلب أبواب الفقه، بل في أمّهات أبوابه وأساسيّات مسائله، وذلك جهلا منهم بالأحكام وعداوة لله ولرسوله، ولذلك كان أئمّة أهل البيت يؤكّدون هذه الحقيقة ويصدعون بها ويبيّنونها للمسلمين.

ففي الكافي ( ج ٨؛ ٣٢ ) قول عليّعليه‌السلام في الخطبة الطالوتيّة: ولكن سلكتم سبيل الظلام فأظلمت عليكم دنياكم برحبها، وسدّت عليكم أبواب العلم، فقلتم بأهوائكم، واختلفتم في دينكم، فأفتيتم في دين الله بغير علم، واتّبعتم الغواة فأغوتكم، وتركتم الأئمّة فتركوكم، فأصبحتم تحكمون بأهوائكم ...

وفي تفسير العيّاشي ( ج ١؛ ١٦ ) عن الصادقعليه‌السلام ، قال: لا يرفع الأمر والخلافة إلى آل أبي بكر أبدا، ولا إلى آل عمر، ولا إلى آل بني أميّة، ولا في ولد طلحة والزبير أبدا، وذلك أنّهم بتروا القرآن وأبطلوا السنن، وعطّلوا الأحكام.

وفي الكافي ( ج ٨؛ ٥٨ ) بسنده عن سليم بن قيس الهلالي، قال: خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ صلّى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ قال: إنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، يجري الناس عليها ويتّخذونها سنّة، فإذا غيّر منها شيء قيل: قد غيّرت السنّة ثمّ أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصّته وشيعته، فقال:

قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، متعمّدين لخلافه، ناقضين لعهده، مغيّرين لسنته، ولو حملت الناس على تركها - وحوّلتها إلى مواضعها، وإلى ما كانت في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - لتفرّق عنّي جندي حتّى أبقى وحدي، أو قليل من شيعتي، الّذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عزّ وجلّ وسنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيمعليه‌السلام فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

٣٤٢

ورددت فدك إلى ورثة فاطمةعليها‌السلام ، ورددت صاع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما كان، وأمضيت قطائع أقطعها رسول الله لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ ورددت ما قسم من أرض خيبر، ومحوت دواوين العطايا، وأعطيت كما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعطي بالسويّة ولم أجعلها دولة بين الأغنياء، وألقيت المساحة، وسوّيت بين المناكح، وأنفذت خمس الرسول كما أنزل الله عزّ وجلّ وفرضه، ورددت مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ما كان عليه، وسددت ما فتح فيه من الأبواب، وفتحت ما سدّ منه، وحرّمت المسح على الخفّين، وحددت على النبيذ، وأمرت بإحلال المتعتين، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرّحمن الرّحيم، وأخرجت من أدخل مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجده ممّن كان رسول الله أخرجه، وأدخلت من أخرج بعد رسول الله ممّن كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أدخله، وحملت الناس على حكم القرآن، وعلى الطلاق على السنّة، وأخذت الصدقات على أصنافها وحدودها، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها إذا لتفرّقوا عنّي ما لقيت من هذه الأمّة، من الفرقة وطاعة أئمّة الضلالة والدعاة إلى النار ....

وفي مصباح الكفعمي ( ٥٥٢، ٥٥٣ ) المروي عن ابن عبّاس أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كان يقنت به، فيه قولهعليه‌السلام : اللهم العن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها وأفّاكيها وابنتيهما، الّذين خالفا أمرك وحرّفا كتابك وعطّلا أحكامك، وأبطلا فرائضك اللهم العنهم بعدد كلّ منكر أتوه، وحقّ أخفوه وفرض غيّروه، وأثر أنكروه وخبر بدّلوه، وكفر نصبوه، وإرث غصبوه، وفيء اقتطعوه، وسحت أكلوه، وخمس استحلّوه وحلال حرّموه وحرام أحلّوه اللهم العنهم بكلّ آية حرّفوها، وفريضة تركوها، وسنّة غيّروها، ورسوم منعوها، وأحكام عطّلوها ...

وانظر الأحكام الّتي بدّلوها والسنن الّتي عطّلوها في بحار الأنوار ( ج ٨؛ الباب ٢٢ / ٢٣ - ٢٥ ) في تفصيل مطاعن الأوّل والثاني والثالث على التوالي، ودلائل الصدق ( ج ٣؛ ٥ - ١٠٥ ) في مطاعن الأوّل، ( ١٠٧ - ٢٣٧ ) في مطاعن الثاني، ( ٢٤١ - ٣٤١ ) في مطاعن الثالث،

٣٤٣

والغدير ( ج ٧؛ ٩٥ - ١٨١ ) فيما يتعلّق بالأوّل، ( ج ٦؛ ٨٣ - ٣٣٣ ) في مطاعن الثاني بعنوان « نوادر الأثر في علم عمر »، ( ج ٨؛ ٩٧ - ٣٢٣ ) فيما يتعلّق بعثمان، النصّ والاجتهاد في ابتداعاتهم جميعا، والطرائف ( ٣٩٩ - ٤٩٨ ) في مطاعنهم جميعا.

ومزّق الكتاب

روى الشيخ الصدوق في الخصال (١٧٥) بسنده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: يجيء يوم القيامة ثلاثة يشكون إلى الله: المصحف والمسجد والعترة، يقول المصحف: يا ربّ حرّقوني ومزّقوني وانظر بحار الأنوار ( ج ٢؛ ٨٦ ) عن المستدرك المخطوط لابن البطريق، وفي بصائر الدرجات ( ٤٣٣، ٤٣٤ ) بلفظ ( حرّفوا ) بدلا عن ( حرّقوا ).

وفي مقتل الحسين للخوارزمي ( ج ٢؛ ٨٥ ) بسنده عن جابر الأنصاريّ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يجيء يوم القيامة ثلاثة: المصحف والمسجد والعترة، فيقول المصحف: حرقوني ومزّقوني ونقله الإمام المظفر في دلائل الصدق ( ج ٣؛ ٤٠٥ ) عن كنز العمال ( ج ٦؛ ٤٦ ) عن الديلمي عن جابر أيضا، وعن أحمد والطبراني وسعيد بن منصور، عن أبي أمامة، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي حديث أصحاب الرايات الخمس التي ترد يوم القيامة، أنّهم يسألون عن الكتاب والعترة، فيقول أصحاب أربع رايات منها: أمّا الأكبر فكذّبناه ومزّقناه كما في اليقين ( ٢٧٥، ٢٧٦ ) والخصال (٤٥٩) وتفسير القمّي ( ج ١؛ ١٠٩ ). وستأتي تخريجات هذا الخبر ومتنه في الطّرفة الثانية والثلاثين عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ابيضّت وجوه واسودّت وجوه، وسعد أقوام وشقي آخرون »، وفيها التصريح بأنّ الثلاثة هم أصحاب الرايات الثلاثة الأول، وهم القائلون هذا القول، فلاحظه.

وقد ثبت أنّ عثمان بن عفان هو الّذي أحرق المصاحف واستهان بها، وكان ذلك ممّا نقمه عليه المسلمون، حتّى كسر عثمان أضلاع ابن مسعود لمعارضته حرق المصاحف.

ففي تقريب المعارف (٢٩٦) عن زيد بن أرقم أنّه سئل: بأي شيء كفّرتم عثمان؟ فقال:

٣٤٤

كفّرناه بثلاث: مزّق كتاب الله ونبذه في الحشوش الخ.

وفي إرشاد القلوب (٣٤١) قول حذيفة بن اليمان: وأمّا كتاب الله فمزّقوه كلّ ممزّق ....

وفي المسترشد (٤٢٦) في كتاب عليّ الّذي أخرجه للناس، قال في شأن عثمان: وأنحى على كتاب الله يحرّقه ويحرّفه ...

وفي كتاب سليم بن قيس (١٢٢) وفي الاحتجاج ( ج ١؛ ١٥٣ ) قول طلحة: وقد عهد عثمان حين أخذ ما ألّف عمر، فجمع له الكتّاب، وحمل الناس على قراءة واحدة، فمزّق مصحف أبي بن كعب وابن مسعود وأحرقهما بالنار ....

وانظر في حرق المصاحف وتمزيقها تاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ١٥٧ ) وتاريخ المدينة المنوّرة ( ج ٣؛ ٩٩١ )، عن أنس وبكير، وصحيح البخاريّ ( ج ٦؛ ٩٦ ) وكنز العمال ( ج ٢؛ ٥٨١ ) بسند عن الزهريّ، عن أنس، وفيه لفظ « وأمر بسوى ذلك في صحيفة أو مصحف أن يحرق »، ثمّ كتب « ابن سعد خ ت ن، وابن أبي داود وابن الأنباريّ معا « في المصاحف » حب، ق » انتهى.

وفي تاريخ الطبريّ ( ج ٧؛ ١٦٠ ) ذكر تسمية الناس لعثمان من بعد « شقّاق المصاحف »، وكان كلّ ذلك بسبب غصب الخلافة من آل محمّد، وتسلّط من لا علم له بالدين على أمور المسلمين بالقهر والمؤامرات، فصاروا يهتكون حرمات الله دون رادع ولا وازع، حتّى آل الأمر إلى أن يستفتح الوليد بن يزيد - خليفة المسلمين!! - بكتاب الله، فإذا هو بقوله تعالى:( وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) (١) ، فنصب القرآن غرضا ومزّقه بالسهام، وأنشد يقول:

تهدّد كلّ جبار عنيد

فها أنا ذاك جبار عنيد

إذا ما جئت ربّك يوم حشر

فقل يا ربّ مزّقني الوليد

انظر تمزيق الوليد للمصحف في مروج الذهب ( ج ٣؛ ٢٢٨، ٢٢٩ ) والفتوح ( ج ٤؛ ٣٣٣ )

__________________

(١) إبراهيم؛ ١٥

٣٤٥

والكامل في التاريخ ( ج ٥؛ ٢٩٠ ) والأغاني ( ج ٧؛ ٤٩ ) والبدء والتاريخ ( ج ٦؛ ٥٣ ).

وهدّمت الكعبة

في بصائر الدرجات ( ٤٣٣، ٤٣٤ ) بسنده عن جابر، عن الباقرعليه‌السلام ، قال: دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه بمنى فقال: يا أيّها الناس، إنّي تارك فيكم حرمات الله، وعترتي، والكعبة البيت الحرام، ثمّ قال أبو جعفر: أمّا كتاب الله فحرّفوا، وأمّا الكعبة فهدموا ...

ويدلّ عليه ما مرّ من حديث المصحف والمسجد والعترة، لأنّ المراد من المسجد، مسجد بيت الله الحرام، حيث يقول المسجد: يا ربّ خرّبوني وعطّلوني وضيّعوني، وهو أشرف المساجد وأوّلها.

وعلى كلّ حال، فقد أحرقت الكعبة وهدمت مرتين، الأولى على يد الحصين بن نمير، والثانية على يد الحجّاج لعنهما الله، وكانت المرّتان بسبب اعتصام عبد الله بن الزبير ومقاتلته في الكعبة:

أمّا الأولى : فقد أحرق الحصين بن نمير الكعبة المشرّفة وهدمها في أواخر أيّام يزيد لعنه الله، وبأمر منه، وذلك بعد وقعة الحرّة وانتهاك حرمة المدينة.

قال الطبريّ في تاريخه ( ج ٧؛ ١٤ ) في أحداث سنة ٦٤: قذفوا البيت بالمجانيق وحرقوه بالنار، وأخذوا يرتجزون ويقولون:

خطارة مثل الفنيق المزبد

نرمي بها أعواد هذا المسجد

وقال المسعوديّ في مروج الذهب ( ج ٣؛ ٨١ ): ونصب الحصين فيمن معه من أهل الشام المجانيق والعرّادات على مكّة والمسجد، من الجبال والفجاج فتواردت أحجار المجانيق والعرّادات على البيت، ورمي مع الأحجار بالنار والنفط ومشاقات الكتّان وغير ذلك من المحرقات، وانهدمت الكعبة واحترقت البنيّة.

وقال ابن أعثم الكوفيّ في الفتوح ( ج ٣؛ ١٨٥ - ١٨٦ ): والحصين بن نمير قد أمر بالمجانيق فنصبت، فجعل يرمي أهل مكّة رميا متداركا، لا يفتر من الرمي، فجعل رجل من

٣٤٦

أهل مكة يقول في ذلك:

ابن نمير بئس ما تولّى

قد أحرق المقام والمصلّى

وبيت ذي العرش العليّ الأعلى

قبلة من حجّ له وصلّى

وقال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ( ج ٢؛ ١٦، ١٧ ): ونصب [ الحصين ] عليها العرّادات والمجانيق، وفرض على أصحابه عشرة آلاف صخرة في كلّ يوم، يرمونها بها وكانت المجانيق قد أصابت ناحية من البيت الشريف فهدمته مع الحريق الّذي أصابه.

وانظر في ذلك الكامل في التاريخ ( ج ٤؛ ١٢٤ ) وتاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ٢٥١ ) والأخبار الطوال ( ٢٦٧، ٢٦٨ ) والبدء والتاريخ ( ج ٦؛ ١٥ ).

وأمّا المرّة الثانية: فقد أحرق الحجّاج الكعبة المشرّفة في محاصرته لعبد الله بن الزبير في سنة ٧٣ ه‍، حيث طال الحصار ستّة أشهر وسبع عشرة ليلة كما نصّ عليه الطبريّ في تاريخه ( ج ٧؛ ٢٠٢ ) وكانت مكّة والبيت الحرام بيده من سنة ٦٤ ه‍ حتّى سنة ٧٣ ه‍، وكان هو يقيم الحجّ للناس، وكان يأخذ البيعة لنفسه من الحجّاج، فمنع عبد الملك بن مروان أهل الشام من الحجّ وبنى الصخرة في بيت المقدس، فكان الناس يحضرونها يوم عرفة ويقفون عندها. انظر في ذلك وفيات الأعيان ( ج ٣؛ ٧١ - ٧٢ ) في ترجمة عبد الله بن الزبير، وهل بعد هذا التلاعب في الدين من تلاعب؟!

وعلى أيّ حال، فإنّ الكعبة المشرّفة أحرقت مرّة ثانية، وكان الحجّاج يرمي الكعبة بنفسه، قال ابن الأثير في الكامل ( ج ٤؛ ٣٥١ ) في أحداث سنة ٧٣:

وأوّل ما رمي بالمنجنيق إلى الكعبة رعدت السماء وبرقت، وعلا صوت الرعد على الحجارة، فأعظم ذلك أهل الشام وأمسكوا أيديهم، فأخذ الحجّاج حجر المنجنيق بيده، فوضعه فيه ورمى به معهم.

وقال اليعقوبي في تاريخه ( ج ٢؛ ٦٦ ): وقدم الحجّاج فقاتلهم قتالا شديدا، وتحصّن [ ابن الزبير ] بالبيت، فوضع عليه المجانيق، فلم يزل يرميه بالمنجنيق حتّى هدم البيت.

وقال ابن أعثم الكوفي في الفتوح ( ج ٣؛ ٣٨٦ ): وجعلوا يرمون البيت الحرام بالحجارة،

٣٤٧

وهم يرتجزون بالأشعار فلم يزل الحجّاج وأصحابه يرمون بيت الله الحرام بالحجارة حتّى انصدع الحائط الّذي على بئر زمزم عن آخره، وانتقضت الكعبة من جوانبها، قال: ثمّ أمرهم الحجّاج فرموا بكيزان النفط والنار، حتّى احترقت الستارات كلّها فصارت رمادا، والحجّاج واقف ينظر في ذلك كيف تحترق الستارات، وهو يرتجز ويقول:

أما تراها صاعدا غبارها

والله فيما يزعمون جارها

فقد وهت وصدعت أحجارها

ونفرت منها معا أطيارها

وحان من كعبته دمارها

وحرقت منها معا أستارها

لما علاها نفطها ونارها

وانظر في ذلك الإمامة والسياسة ( ج ٢؛ ٣٨ ) والأخبار الطوال (٣١٤) وتاريخ الطبريّ ( ج ٧؛ ٢٠٢ ) ومروج الذهب ( ج ٣؛ ١٢٠ ) والخرائج والجرائح (٢٤١).

وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط

هذا الإخبار من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام بشهادته وقاتله، يعدّ من دلائل وعلامات نبوّة نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد اتّفق على نقل هذا الإخبار جميع المسلمين في كتبهم ومصادرهم الروائيّة، واتّفقوا على أنّ عليّاعليه‌السلام كان يقول: ما ينتظر أشقاها، عهد إليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لتخضبنّ هذه من هذا. رواه ابن المغازلي في مناقبه (٢٠٥).

وفي كتاب سليم بن قيس (٩٤) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : تقتل شهيدا، تخضب لحيتك من دم رأسك.

وفي أمالي الصدوق (٩٩) بسنده، أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: أمّا عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فيضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته.

وفي كشف الغمّة ( ج ١؛ ٤٢٧ ) عن عليّعليه‌السلام ، قال: إنّي سمعت رسول الله الصادق المصدّقصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّك ستضرب ضربة هاهنا - وأشار إلى صدغيه - فيسيل دمها حتّى تخضب

٣٤٨

لحيتك، ويكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود.

وانظر في ذلك روضة الواعظين (٢٨٨) والخرائج والجرائح ( ١١٥، ١٧٦ ) وأمالي الطوسي (٦٦) والخصال ( ٣٠٠، ٣٧٧ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٧٢ ) و ( ج ٢؛ ١١٨ ) وإرشاد المفيد (١٦٨) وإرشاد القلوب (٣٥٨) وبشارة المصطفى (١٩٨) ومقاتل الطالبيين (٣١) وشرح النهج ( ج ٤؛ ٣٦٩ ) وأسد الغابة ( ج ٤؛ ٣٤ - ٣٥ ) وتذكرة الخواص ( ١٧٢ - ١٧٥ ) ومناقب الخوارزمي (٢٧٥) ومسند أحمد ( ج ٤؛ ٢٦٣ ) ومستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١١٣، ١٤٠ ) وخصائص النسائي ( ١٢٩ - ١٣٠ ) ونزل الأبرار ( ٦١ - ٦٢ ) وكفاية الطالب (٤٦٣) وكنز العمال ( ج ١١؛ ٦١٧ ) وتاريخ دمشق ( ج ٣؛ ٢٧٠ / الحديث ١٣٤٨ ) و ( ٢٧٩ الحديث ١٣٦٥ ) و ( ٢٨٥ / الحديث ١٣٧٥ ) و ( ٢٩٣ / الحديث ١٣٩١ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٣٦، ١٣٧، ١٣٨ ) وأنساب الأشراف ( ج ٢؛ ٤٩٩ / الحديث ٥٤٤ ) ونظم درر السمطين (١٣٦) وجواهر المطالب ( ج ٢؛ ٨٧ ).

وقد علم من التاريخ ضرورة، أنّ عليّا استشهد على يد أشقى البريّة عبد الرحمن بن ملجم الخارجي، وذكرت كلّ التواريخ قول عليّعليه‌السلام : « فزت وربّ الكعبة »، فمضى صابرا محتسبا حتّى لقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فختمت الوصيّة بخواتيم من ذهب لم تمسّه النار ودفعت إلى عليّعليه‌السلام

ذكر الكليني في الكافي ( ج ١؛ ٢٧٩ - ٢٨٤ ) أربعة أحاديث حول هذه الوصيّة المختومة الّتي نزل بها جبرئيل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في باب « أنّ الأئمّة لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون إلاّ بعهد من الله وأمر منه لا يتجاوزونه »، الأولى: بسنده عن معاذ بن كثير، عن الصادقعليه‌السلام ، والثانية: عن محمّد بن أحمد بن عبيد الله العمريّ، عن أبيه، عن جدّه، عن الصادقعليه‌السلام ، والثالثة: عن ضريس الكناسي، عن الباقرعليه‌السلام ، والرابعة: عن عيسى بن المستفاد، عن الكاظمعليه‌السلام ، وهي الطّرفة المذكورة في متن الطّرف. وإليك نصّ الرواية الثانية:

أحمد بن محمّد ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن محمّد، عن

٣٤٩

أبي الحسن الكناني، عن جعفر بن نجيح الكنديّ، عن محمّد بن أحمد بن عبيد الله العمريّ، عن أبيه، عن جدّه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: إنّ الله عزّ وجلّ أنزل على نبيّه كتابا قبل وفاته، فقال: يا محمّد هذه وصيّتك إلى النّجبة من أهلك، قال: وما النّجبة يا جبرئيل؟ فقال: عليّ بن أبي طالب وولده، وكان على الكتاب خواتيم من ذهب، فدفعه النبي إلى أمير المؤمنين، وأمره أن يفكّ خاتما منه ويعمل بما فيه، ففكّ أمير المؤمنينعليه‌السلام خاتما وعمل بما فيه، ثمّ دفعه إلى ابنه الحسنعليه‌السلام ، ففكّ خاتما وعمل بما فيه، ثمّ دفعه إلى الحسينعليه‌السلام ، ففكّ خاتما فوجد فيه أن « أخرج بقوم إلى الشهادة، فلا شهادة لهم إلاّ معك، واشر نفسك لله عزّ وجلّ » ففعل، ثمّ دفعه إلى عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، ففكّ خاتما فوجد فيه أن « أطرق واصمت والزم منزلك واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين » ففعل، ثمّ دفعه إلى ابنه محمّد بن عليّعليهما‌السلام ، ففكّ خاتما فوجد فيه « حدّث الناس وأفتهم ولا تخافنّ إلاّ الله عزّ وجلّ، فإنّه لا سبيل لأحد عليك » ففعل، ثمّ دفعه إلى ابنه جعفرعليه‌السلام ، ففكّ خاتما فوجد فيه « حدّث الناس وأفتهم وانشر علوم أهل بيتك، وصدّق آباءك الصالحين، ولا تخافنّ إلاّ الله عزّ وجلّ وأنت في حرز وأمان » ففعل، ثمّ دفعه إلى ابنه موسىعليه‌السلام ، وكذلك يدفعه موسى إلى الّذي بعده، ثمّ كذلك إلى قيام المهديّ صلّى الله عليه.

وفي الحديث الأوّل قال الصادقعليه‌السلام : إنّ الوصيّة نزلت من السماء على محمّد كتابا، لم ينزل على محمّد كتاب مختوم إلاّ الوصيّة، فقال جبرئيل: يا محمّد، هذه وصيّتك في أمّتك عند أهل بيتك، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أيّ أهل بيتي يا جبرئيل؟ قال: نجيب الله منهم وذريّته، ليرثك علم النبوّة كما ورثه إبراهيم، وميراثه لعليّ وذريتك من صلبه، قال: وكان عليها خواتيم ....

وانظر حديث هذه الصحيفة المختومة الّتي نزل بها جبرئيل في أمالي الصدوق (٣٢٨) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٩٨، ٢٩٩ ) عن الصادقعليه‌السلام ، ثمّ قال: « وقد روى نحو هذا الخبر أبو بكر بن أبي شيبة، عن محمّد بن فضيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله »، وبصائر الدرجات ( ١٦٦ / الحديث ٢٤ من الباب ١٢

٣٥٠

من الجزء الثالث ) و ( ١٧٠ / الحديث ١٧ من الباب ١٣ من الجزء الثالث ) وإكمال الدين ( ٢٣١، ٢٣٢ / الحديث ٣٥ من الباب ٢٢ ) و ( ٦٦٩ - ٦٧٠ / الحديث ١٥ من الباب ٥٨ ) والإمامة والتبصرة ( ٣٨ - ٣٩ ) وأشار إليه في الصفحة ١٢ أيضا، وعلل الشرائع ( ١٧١ / الحديث الأوّل من الباب ١٣٥ ) والغيبة للنعماني (٢٤) وأمالي الطوسي ( ٤٤١ / الحديث ٩٩٠ ). وانظر روايات هذه الصحيفة السماويّة المباركة في بحار الأنوار ( ج ٢٦؛ ١٨ / الباب الأوّل « ما عندهم من الكتب » و ( ج ٣٦؛ ١٩٢ - ٢٢٦ / الباب ٤٠ ).

٣٥١

٣٥٢

الطّرفة الخامسة عشر

روى هذه الطّرفة الشريف الرضي في كتاب خصائص الأئمّة (٧٢) ورواها العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٨٢ - ٤٨٣ ) عن كتاب الطّرف، عن خصائص الأئمّة، وهي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩١، ٩٢ )، حيث نقلها العلاّمة البياضي باختصار.

وهذه الطّرفة موضوعها متعلّق بما سبقها من حديث الصحيفة المختومة، وأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطاها لعليّعليه‌السلام ، وأمره وولده أن يعملوا بما فيها، فعملوا طبق ما في هذه الوصيّة، ولم يجاوزوا ما فيها، فوردوا على رسول الله لا مقصّرين ولا مفرّطين. والمطالب الفرعيّة الموجودة في الطّرفة كلّها مرّ بعضها، وسيأتي بعضها الآخر.

٣٥٣

٣٥٤

الطّرفة السادسة عشر

روى هذه الطّرفة الشريف الرضي في كتاب خصائص الأئمّة ( ٧٢ - ٧٣ ) ورواها العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٨٣ - ٤٨٤ ) عن كتاب الطّرف، وعن خصائص الأئمّة، ونقلها العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٢ ) باختصار.

اتّفقت الكلمة على أنّ عليّاعليه‌السلام وأهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا عند رسول الله قبل موته، وأنّهم هم الّذين قاموا بأمره، وتظافرت الروايات من طرق الفريقين أنّ النبي مات ورأسه في حجر عليّ، أو أنّ عليّا كان مسنّده، ولم يزعم أحد غير ذلك إلاّ عائشة، فقد ادّعت لوحدها ذلك، ولم يقرّها عليه المسلمون، بل كان عليّعليه‌السلام هو القائم بشأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد دعاه رسول الله في مرضه وأسرّ له جميع الأسرار، وأخبره بكلّ ما يجري من بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ففي الخصال (٦٤٢) بسنده عن أمّ سلمة، قالت: قال رسول الله في مرضه الّذي توفّي فيه: ادعوا لي خليلي، فأرسلت عائشة إلى أبيها، فلمّا جاء غطّى رسول الله وجهه، وقال: ادعوا لي خليلي، فرجع أبو بكر، وبعثت حفصة إلى أبيها، فلمّا جاء غطّى رسول الله وجهه، وقال: ادعوا لي خليلي، فرجع عمر، وأرسلت فاطمةعليها‌السلام إلى عليّعليه‌السلام ، فلمّا جاء قام رسول الله فدخل، ثمّ جلّل عليّا بثوبه، قال عليّ: فحدّثني بألف حديث، يفتح كلّ حديث ألف حديث، حتّى عرقت وعرق رسول الله، فسال عليّ عرقه وسال عليه عرقي.

وفيه أيضا (٦٤٣) عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علّمني ألف باب من الحلال والحرام، وممّا كان إلى يوم القيامة، كلّ باب منها

٣٥٥

يفتح ألف باب، فذلك ألف ألف باب، حتّى علمت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب.

وفي بصائر الدرجات (٣٢٤) بسنده عن الصادقعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة وحفصة في مرضه الّذي توفي فيه: ادعيا لي خليلي، فأرسلتا إلى أبويهما، فلمّا نظر إليهما أعرض عنهما، ثم قال: ادعيا لي خليلي، فأرسلتا إلى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فلمّا نظر إليه أكب عليه يحدّثه، فلمّا خرج لقياه، فقالا له: ما حدّثك خليلك؟ فقال: حدّثني خليلي ألف باب، ففتح لي كلّ باب ألف باب.

وفيه أيضا (٣٢٥) بسنده عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: إنّ رسول الله علّمني ألف باب من الحلال والحرام، وممّا كان وما هو كائن وممّا يكون إلى يوم القيامة، كلّ يوم يفتح ألف باب، فذلك ألف ألف باب، حتّى علمت المنايا والوصايا وفصل الخطاب.

فدعوة المرأتين أبويهما، وسؤال أبويهما عليّا عمّا حدّثه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقول عليّ: أنّه علّمه ما كان وما هو كائن وما سيكون، يدلّ على أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر عليّاعليه‌السلام بما سيصنعه القوم، وما سيكون من بعده، وقد كان عليّعليه‌السلام يصرّح بأنّه سكت لعهد من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يأمره فيه بالسكوت.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٦ ) قال: الطبريّ في الولاية، والدار قطني في الصحيح، والسمعاني في الفضائل، وجماعة من رجال الشيعة، عن الحسين بن عليّ ابن الحسن، وعبد الله بن عبّاس، وأبي سعيد الخدريّ، وعبد الله بن الحارث، واللّفظ الصحيح أنّ عائشة قالت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في بيتها لمّا حضره الموت: ادعوا لي حبيبي، فدعوت له أبا بكر، فنظر إليه ثمّ وضع رأسه، ثمّ قال: ادعوا لي حبيبي، فدعوا له عمر، فلمّا نظر إليه، قال: ادعوا لي حبيبي، فقلت: ويلكم، ادعوا له عليّ بن أبي طالب، فو الله ما يريد غيره، فلمّا رآه أفرج الثوب الّذي كان عليه، ثمّ أدخله فيه ولم يزل يحتضنه، حتّى قبض ويده عليه.

وفي فضائل ابن شاذان ( ١٤١ - ١٤٢ ) بسنده يرفعه إلى سليم بن قيس، أنّه قال: لمّا

٣٥٦

قتل الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، بكى ابن عبّاس بكاء شديدا، ثمّ قال: ولقد دخلت على عليّ ابن أبي طالب ابن عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذي قار، فأخرج لي صحيفة، وقال: يا بن عبّاس، هذه الصحيفة إملاء رسول الله وخطّي بيدي، قال: فقلت يا أمير المؤمنين اقرأها عليّ، فقرأها وإذا فيها كلّ شيء منذ قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يوم قتل الحسينعليه‌السلام وكان فيها لمّا قرأها أمر أبي بكر وعمر وعثمان وكم يملك كلّ إنسان منهم فلمّا أدرج الصحيفة، قلت: يا أمير المؤمنين، لو كنت قرأت عليّ بقية الصحيفة، قال: ولكنّي أحدّثك بأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ عند موته بيدي، ففتح لي ألف باب من العلم، تنفتح من كلّ باب ألف باب، وأبو بكر وعمر ينظرون إليّ، وهو يشير لي بذلك، فلمّا خرجت قالا: ما قال لك؟ قال: فحدّثتهم بما قال، فحرّكا أيديهما ثمّ حكيا قولي، ثمّ ولّيا يردّدان قولي ويخطران بأيديهما ورواه العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٨؛ ٧٣ / الحديث ٣٢ عن كتاب الروضة ) - لأحد علماء القرن السابع - بسنده إلى سليم بن قيس.

وانظر مناجاة النبي ومسارّته لعليّ عند موته، وإخبارهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا بكلّ ما كان وما يكون، وتعلّمه ألف ألف باب من العلم، ودعوة المرأتين أبويهما للنبي وإعراضهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنهما، في أمالي الصدوق (٥٠٩) وبصائر الدرجات ( ٣٢٢ - ٣٢٧ ) وفيه عدّة أحاديث / في الباب ١٦ من الجزء السادس « في ذكر الأبواب الّتي علّم رسول الله أمير المؤمنين »، ( ٣٩٧ - ٣٩٨ ) الباب ٣ من الجزء الثامن « باب في الأئمّة أن عندهم أسرار الله، يؤدي بعضهم إلى بعض، وهم أمناؤه » وفيه ستّة أحاديث في أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أسرّ كلّ شيء إلى عليّعليه‌السلام ، وكفاية الأثر ( ١٢٤ - ١٢٦ ) والخصال ( ٦٤٢ - ٦٥٢ ) وفيه أحاديث كثيرة، وروضة الواعظين (٧٥) والتهاب نيران الأحزان ( ٤٣ - ٤٤ ) وأمالي الطوسي (٣٣٢) والاختصاص (٢٨٥) والإرشاد (٩٩) وفيه « أنّ عليّا قال لهم: علّمني ألف باب من العلم، فتح لي كلّ باب ألف باب، وأوصاني بما أنا قائم به إن شاء الله »، وإعلام الورى (٨٣) والطرائف (١٥٤) والكافي ( ج ١؛ ٢٩٦ ).

وهو في تاريخ ابن عساكر ( ج ٢؛ ٤٨٥ / الحديث ١٠٠٣ ) وفيه « أنّهم دعوا له عثمان

٣٥٧

فأعرض عنه »، ( ج ٣؛ ١٥ / الحديث ١٠٢٧ ) ومناقب الخوارزمي (٢٩) عن ابن مردويه، وبحار الأنوار ( ج ٣٨؛ ٣٣١ ) عن كتاب الأربعين، وقال المظفر في دلائل الصدق ( ج ٢؛ ٦٣٩ ): « إنّ الحديث ذكره السيوطي في اللآلئ المصنوعة عن الدار قطني، ثمّ حكم بضعفه، وقال: أنّ له طريقا آخر إلى ابن عمر أيضا »، وقد ناقش المظفر تضعيف السيوطي فراجعه. ومهما يكن من شيء فهو ثابت وطرقه كثيرة، وهو دالّ على محتوى الطّرفة، وأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر عليّاعليه‌السلام بما سيجري، وأوصاه بوصايا، فقام بها عليّعليه‌السلام جميعا.

أنّ القوم سيشغلهم عنّي ما يريدون من عرض الدنيا وهم عليه قادرون، فلا يشغلك عنّي ما يشغلهم

لهذا المطلب أكثر من دليل ودليل، فقد علم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بما كانوا ينوونه من غصب الخلافة، والتهافت على الدنيا، فبعثهم في جيش أسامة، ولعن من تخلّف عنه، وأبقى عليّا وأهل بيتهعليهم‌السلام ليقودوا الأمّة، ويستلموا الخلافة، وصرّح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في رواياتنا أنّه إنّما بعثهم لذلك، ولتتمّ عليهم الحجّة، وأخبرصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام بأنّه المظلوم والمضطهد من بعده، وأنّ الأمّة ستغدر به، وأنّه المبتلى والمبتلى به؛ كما مرّ كلّ ذلك، وقد تحقّق ما أخبر بهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتنازع القوم على الخلافة، وغصبوها في سقيفة بني ساعدة، وتركوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ملقى في بيته، والحزن يغمر عليّا، وأهل بيت النبي صلوات الله عليهم، وقد احتجّت فاطمةعليها‌السلام على الأنصار والمهاجرين بأحقّيّة عليّعليه‌السلام ، فاعتذروا بأنّ عليّا لو كان حاضرا في السقيفة لبايعوه، فقال الإمامعليه‌السلام : أفأترك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جنازة وأنازع الأمر؟! فقالت الزهراءعليها‌السلام : ما فعل أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي، وهذا كلّه ثابت في التواريخ والمناقب والتراجم، وقد اتّفقت كلمة أهل البيتعليهم‌السلام وشيعتهم على ذلك.

ففي تفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ٣٣٠ ) عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: فلمّا قبض نبي الله، كان الذي كان؛ لما قد قضي من الاختلاف، وعمد عمر فبايع أبا بكر، ولم يدفن رسول الله بعد. وإليك بعض النصوص في ذلك من كتب العامّة.

٣٥٨

فقد قام الشيخان يعرض كلّ منهما لصاحبه، فيقول هذا لصاحبه: ابسط يدك لأبايعك، ويقول الآخر: بل أنت، وكلّ منهما يريد أن يفتح يد صاحبه ويبايعه، ومعهما أبو عبيدة الجراح - حفّار القبور بالمدينة - يدعو الناس إليهما. تاريخ الطبريّ ( ج ٣؛ ١٩٩ ). وعليّ والعترةعليهم‌السلام وبنو هاشم ألهاهم النبي، وهو مسجّى بين أيديهم، وقد أغلق دونه الباب أهله. سيرة ابن هشام ( ج ٤؛ ٣٣٦ ).

وخلّى أصحابه بينه وبين أهله فولوا إجنانه. طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٣٠١ ).

ومكثصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة أيّام لا يدفن. تاريخ ابن كثير ( ج ٥؛ ٢٧١ ) وتاريخ أبي الفداء ( ج ١؛ ١٥٢ ).

أو مكث من يوم الاثنين إلى يوم الأربعاء أو ليلته. طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٧٣ - ٢٧٤، ٢٩٠ ) وسيرة ابن هشام ( ج ٤؛ ٣٤٣ - ٣٤٤ ) ومسند أحمد ( ج ٦؛ ٢٧٤ ) وسنن ابن ماجة ( ج ١؛ ٤٩٩ ) وتاريخ أبي الفداء ( ج ١؛ ١٥٢ ) قال: « والأصحّ دفنه ليلة الأربعاء »، وتاريخ ابن كثير ( ج ٥؛ ١٧١ ) قال: « وهو المشهور عن الجمهور، والصحيح أنّه دفن ليلة الأربعاء »، وتاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ١١٣ - ١١٤ ).

فدفنه أهله، ولم يله إلاّ أقاربه. طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٣٠٤ ).

دفنوه في اللّيل، أو في آخره. سنن ابن ماجة ( ج ١؛ ٤٩٩ ) ومسند أحمد ( ج ٦؛ ٢٧٤ ).

ولم يعلم به القوم إلاّ بعد سماع صريف المساحي، وهم في بيوتهم في جوف اللّيل.

طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٣٠٤ - ٣٠٥ ) ومسند أحمد ( ج ٦؛ ٢٧٤ ) وسيرة ابن هشام ( ج ٤؛ ٣٤٤ ) وتاريخ ابن كثير ( ج ٥؛ ٢٧٠ ).

ولم يشهد الشيخان دفنه. أخرجه ابن أبي شيبة؛ كما في كنز العمال ( ج ٣؛ ١٤٠ ).

وقالت عائشة: ما علمنا بدفن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى سمعنا صوت المساحي في جوف اللّيل؛ ليلة الأربعاء. سيرة ابن هشام ( ج ٤؛ ٣١٤ )، تاريخ الطبري ( ج ٣؛ ٢٠٥ )، شرح النهج ( ج ١٣؛ ٣٩ ).

٣٥٩

إنّما مثلك في الأمّة مثل الكعبة وإنّما تؤتى ولا تأتي

في المسترشد (٣٩٤) بسنده عن عليّعليه‌السلام ، قال:( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (١) فلو ترك الناس الحجّ لم يكن البيت ليكفر بتركهم إيّاه، ولكن كانوا يكفرون بتركه؛ لأنّ الله تبارك وتعالى قد نصبه لهم علما، وكذلك نصّبني علما، حيث قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ، أنت بمنزلة الكعبة، يؤتى إليها ولا تأتي.

وفي أسد الغابة ( ج ٤؛ ٣١ ) بسنده عن عليّعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت بمنزلة الكعبة، تؤتى ولا تأتي، فإن أتاك هؤلاء القوم فسلّموها إليك - يعني الخلافة - فاقبل منهم، وإن لم يأتوك فلا تأتهم حتّى يأتوك.

وقد روت كتب الفريقين هذا الحديث بمعنى واحد، وألفاظ مختلفة، فورد في بعضها « أن مثل عليّ مثل الكعبة، يحجّ إليها ولا تحجّ » و « إنّما أنا كالكعبة أقصد ولا أقصد » و « مثل عليّ كمثل بيت الله الحرام، يزار ولا يزور »، وما شاكلها وقاربها من الألفاظ. انظر في ذلك الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٧٥ ) وكشف اليقين (٢٩٨) وكفاية الأثر ( ١٩٩، ٢٤٨ ) وبشارة المصطفى (٢٧٧) وإرشاد القلوب (٣٨٣) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٦٢ ) ( ج ٣؛ ٢٠٢، ٢٦٨ ) وأمالي الصدوق (١٧) والتحصين (٦٠٩) وتفسير فرات ( ٨١ - ٨٢ ) ودلائل الإمامة (١٢) والمسترشد (٣٨٧) وبحار الأنوار ( ج ٤٠؛ ٧٥ - ٧٨ ) نقلا عن الفردوس للديلمي.

وهو في مناقب ابن المغازلي (١٠٧) وتاريخ دمشق ( ج ٢؛ ٤٠٧ / الحديث ٩٠٥ ) وينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٧ ) ونور الهداية للدواني المطبوع في الرسائل المختارة (١٢٦) وكنوز الحقائق (١٨٨).

وأئمّة آل البيتعليهم‌السلام كلّهم كالكعبة، ففي الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٧٥ ) قال: أسند ابن جبر في نخبه إلى الصادقعليه‌السلام ، قوله: « نحن كعبة الله، ونحن قبلة الله » وفي هذا وجوب

__________________

(١) آل عمران؛ ٩٧.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439