مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون

مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون0%

مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون مؤلف:
تصنيف: الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام
الصفحات: 126

مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون

مؤلف: الشيخ أبو علي البصري
تصنيف:

الصفحات: 126
المشاهدات: 42118
تحميل: 3432

توضيحات:

مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 126 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 42118 / تحميل: 3432
الحجم الحجم الحجم
مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون

مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون

مؤلف:
العربية

المجلس السادس

الموضوع: اخباره بالمغيّبات

القصيدة: للسيد مهدي الاعرجي

رحلوا وما رحلوا أُهيل ودادي

إلا بحسن تصبّري وفؤادي

ساروا ولكن خلّفوني بعدهم

حزناً أصوب الدمع صوب عهاد

وسرت بقلبي المستهام ركابهم

تعلوا به جبلاً وتهبط وادي

وخلت منازلهم فها هي بعدهم

قفرى وما فيها سوى الأوتاد

تأوي الوحوش بها فسربٌ رائحٌ

بفناء ساحتها وسرب غادي

ولقد وقفت بها وقوف مولّهٍ

وبمهجتي للوجد قدح زنادِ

أبكي بها طوراً لفرط صبابتي

وأصيح فيها تارة وأُنادي

يا دار قد ذكّرتني بعراصك الـ

ـقفرا عراص بني النبيّ الهادي

لمّا سرى عنها ابن بنت محمّد

بالأهل والأصحاب والأولادِ

مذ كاتبوه بنو الشقا اقدم فليـ

سَ سواك نعرفُ من إمام هادي

لكنّه مذ جاءهم غدروا به

واستقبلوه في ضبأ وصحادِ

تباً لهم من أمّةٍ لم يحفظوا

عهد النبيّ بآله الأمجادِ

قد شتتوهم بين مقهور ومأ

سورٍ ومنحورٍ بسيفِ عنادِ

هذا بسامرا وذاك بكربلا

وبطوس ذاك وذاك في بغداد

لهفي وهل يُجدي أسىً لهفي على

موسى بن جعفر علّة الايجاد

مازال ينقلُ في السجون معانياً

عضّ القيود ومثقل الأصفاد

قطع الرشيد عليه فرض صلاته

قسراً وأظهر كامن الأحقاد

حتى إليه دسَّ سمّاً قاتلاً

فأصابَ أقصى منيةٍ ومراد

وضعوا على جسر الرصافة نعشه

وعليه نادى بالهوان منادي

* * *

٤١

يا عين سيلي الدمع غدران

أو يا گلب ذوب ابتار الأحزان

الباب الحوايج سر الأكوان

وسافه اعله موسى ماله أعوان

محبوس گضّه العمر ما بان

من حبس ابن شاهك السجان

لمّن سمّه وچبده صار نيران

وخلاه يلوج اوحيد نحلان

لمّن گضه والچبد خلصان

* * *

فقضى سميماً حيث لا متعطف

عليه ولا حان هناك يعلل

المقدمة:

( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ ... ) (١).

ممّا لا شك فيه أن الله عزَّ وجلَّ اطلع أنبياءه ورسله على بعض هذه المغيّبات، فمثلاً عيسى روح اللهعليه‌السلام يُحدِّث قومه كما حكى عنه القرآن( ... وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ
وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ...
) (٢) وهكذا بالنسبة لنبيّنا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حينما أطلعه الله عزَّ وجلَّ كما في سورة الروم( الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن
بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ
* فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّـهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ
يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ
* بِنَصْرِ اللَّـهِ ) (٣) وغيرها من الآيات المباركات كما في فتح مكة وغيرها من الإخبار بالأمور المستقبلية. ولا مانع من ذلك ان الله عزّ وجلّ يُطلع انبياءه ورسله عن بعض هذه المُغيّبات، لذلك ورد في الآية الشريفة من سورة الجن، الاستثناء «عالم الغيب فلا يظهرُ على غيبه أحداً إلّا من ارتضى من رسول» ونبيّنا الاكرم ارتضاه الله لدينه فاطلعه على بعض هذه المغيّبات، وكذلك الائمة المعصومين فهم ورثة الرسول الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد روي عن الامام الصادقعليه‌السلام «قد ورثنا رسول الله في كل شيء ما عدا النبوّة والأزواج». فلا مانع من إخبارهم ببعض المُغيّبات.

_________________________

(١) سورة الجن: ٢٦ ـ ٢٧.

(٢) سورة آل عمران: ٤٩.

(٣) سورة الروم: ١ ـ ٥.

٤٢

بعض ما أخبر به الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام

١ ـ روى العلامة المجلسيرحمه‌الله في بحار الأنوار ج ٤٨ ص ٣٢ عن الوشّاء الحسن بن عليّ قال: حججتُ أنا وخالي إسماعيل بن إلياس فكتبت إلى أبي الحسن الأوَّل وكتب خالي: إنَّ لي بنات وليسَ لي ذكر، وقد قُتل رجالنا، وقد خلّفتُ امرأتي حاملاً فادع الله أن يجعله غلاماً وسمّه، فوقّع في الكتاب قد قضى الله حاجتك فسمّه محمّداً، فقدمنا إلى الكوفة وقد وُلد له غلام قبل وصولنا الكوفة بستّة أيّام، دخلنا يوم سابعه، فقال أبو محمد هو والله اليوم رجل وله أولاد.

أقول: الإمام المعصوم ليس بينه وبين الله حجاب، ووعاءه يستوعب ويتلقى الفيض من الله سبحانه مباشرة، والإمام هو خليفة الله في أرضه ولا بدَّ ان يطّلع على أحوال رعيّته... الخ.

٢ ـ روى هشام بن أحمر أنّه ورد تاجر من المغرب ومعه جوار، فعرضهنَّ على أبي الحسنعليه‌السلام فلم يختر منهنَّ شيئاً وقال: أرنا؟ فقال عندي أُخرى وهي مريضة فقال: ما عليك أن تعرضها، فأبى فانصرف ثم إنّه أرسلني من الغد إليه وقال: قل له: كم غايتك فيها؟ فقال: ما أنقصها من كذا وكذا فقلت قد أخذتها وهو لك، فقال: وهي لك ولكن من الرجل؟ فقلت: رجل من بني هاشم فقال: من أي بني هاشم؟ قلت: ما عندي أكثر من هذا.

فقال أُخبرك عن هذه الوصيفة إني اشترتيها من أقصى المغرب فلقيتني امرأة من أهل الكتاب فقالت: ما هذه الوصيفة معك؟ فقلت اشتريتها لنفسي فقالت: ما ينبغي أن تكون هذه عند مثلك، إنّ هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض، ولا تلبث عنده إلّا قليلاً حتى تلد منه غلاماً ما يولد بشرق الأرض ولا غربها مثله، يدين له شرق الأرض وغربها، قال فأتيته بها فلم يلبث إلّا قليلاً حتّى ولدت عليّا الرِّضاعليه‌السلام (١).

_________________________

(١) بحار الأنوار: ج ٤٨، ص ٣٣.

٤٣

٣ ـ خير شطيطة: روى العلامة المجلسي في بحاره ج ٤٨، ص ٧٣ في خبر طويل: انه اجتمعت عصابة الشيعة بنيسابور واختاروا محمد بن عليِّ النيسابوري فدفعوا إليه ثلاثين ألف دينار وخمسين ألف درهم وشقّة من الثياب، وأتت شطيطة بدرهم صحيح وشقّة خام من غزل يدها تساوي أربعة دراهم فقالت: إنَّ الله لا يستحي من الحقِّ، قال: فثنيت درهمها وجاءوا بجزء فيه مسائل ملئ سبعين ورقة في كل ورقة مسألة وباقي الورق بياض ليكتب الجواب تحتها وقد حزمت كلّ ورقتين بثلاث حزم وختم عليها بثلاث خواتيم على كلّ حزام خاتم، وقالوا: ادفع إلى الإمام ليلة وخذ منه في غد، فان وجدت الجزء صحيح الخواتم فاكسر منها خمسة وانظر هل أجاب عن المسائل فان لم تنكسر الخواتيم فهو الإمام المستحقّ للمال فادفع إليه، وإلا فردّ إلينا أموالنا، فدخل على الأفطح عبدالله بن جعفر وجرَّبه وخرج عنه قائلاً ربّ اهدني إلى سواء الصراط، قال: فبينما أنا واقف إذا أنا بغلام يقول: أجب من تريد، فأتى بي دار موسى بن جعفر فلمّا رآني قال لي لِمَ تقنط يا أبا جعفر؟ ولِمَ تفزع إلى اليهود والنصارى؟ إليَّ فأنا حجّة الله ووليّه، ألم يعرِّفك أبو حمزة على باب مسجد جدِّي، وقد أجبتُك عمّا في الجزء من المسائل بجميع ما تحتاج إليه منذ أمس فجئني به وبدرهم شطيطة الذي وزنه درهم ودانقان الذي في الكيس الذي فيه أربعمائة درهم للوازوري، والشُقّة التي في رزمة الأخوين البلخيّين، قال: فطار عقلي من مقاله، وأتيت بما أمرني ووضعت ذلك قبله فأخذ درهم شطيطة وإزارها ثم استقبلني وقال: إن الله لا يستحيي من الحقّ يا أبا جعفر أبلغ شطيطة سلامي وأعطها هذه الصّرة وكانت أربعين درهماً ثم قال: وأهديتُ لها شقة من أكفاني من قطن قريتنا صيدا قرية فاطمةعليها‌السلام وغزل أُختي حليمة ابنة أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام ثمَّ قال: وقل لها ستعيشين تسعة عشر يوماً من وصول أبي جعفر ووصول الشقّة والدراهم فانفقي على نفسك منها ستّة عشر درهماً، وأجعلي أربعة وعشرين صدقة عنكِ وما يلزم عنكِ، وأنا أتولّى الصلاة عليك، فاذا رأيتني يا أبا جعفر فاكتم عليّ، فانّه أبقى لنفسكِ، ثمَّ قال: وأردد الأموال

٤٤

إلى أصحابها، وافكك هذه الخواتيم عن الجزء وانظر هل أجبناك عن المسائل أم لا، مِن قبل أن تجيئنا بالجزء؟ فوجدت الخواتيم الصحيحة.

ففتحت منها واحداً من وسطها فوجدتُ فيه مكتوباً: ما يقول العالمعليه‌السلام في رجل قال: نذرتُ لله لأعتقنَّ كلَّ مملوك كان في رقّي قديماً وكان له جماعة من العبيد؟ الجواب بخطّه: ليعتقنّ من كان في ملكه من قبل ستة أشهر والدليل على صحة ذلك قوله تعالى: «وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ » وكل مملوك لستة أشهر فما فوق فهو قديم وفككت الختام الثاني فوجدت ما تحته: ما يقول العالم في رجل قال: والله لأتصدَّقنّ بمالٍ كثير فيما يتصدَّق؟ الجواب تحته بخطّه: إن كان الذي حلف من أرباب شياه فليتصدَّق بأربع وثمانين شاة، وإن كان من أصحاب النعم فليتصدَّق بأربع وثمانين بعيراً، وإن كان من أرباب الدراهم فليتصدَّق بأربع وثمانين درهماً والدليل عليه قوله تعالى «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي
مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ
» فعددت مواطن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل نزول تلك الآية فكانت أربع وثمانين موطناً.

... فلمّا وافى خراسان وجد الذين ردّ عليهم أموالهم ارتدّوا إلى الفطحيّة وشطيطة على الحقِّ فبلّغها سلامه وأعطاها صرّته وشقّته، فعاشت كما قالعليه‌السلام فلمّا توفيت شطيطة جاء الإمام على بعيرٍ له فلمّا فرغ من تجهيزها ركب بعيره وانثنى نحو البرية، وقال: عرّف أصحابك واقرأهم منّي السلام وقل لهم: إنّي ومن يجري مجراي من الأئمة لا بدَّ لنا من حضور جنائزكم في أيّ بلد كنتم، فاتقوا الله في أنفسكم(١).

أقول: الإمام الكاظمعليه‌السلام روحي فداه حضر عندها مع بعد المسافة وجهَّزها أسفي عليك يا غريب كربلا مَن الذي جهّزك مَنْ الذي شيّعَك.

_________________________

(١) البحار نقلاً عن المناقب ج ٣ ص ٤٠٩.

٤٥

* * *

بالله هل رفعت جنازته وهل

صلّى صلاة الميتين إمامها

بالله هل واريتموها في الثرى

وهل استقرَّت في اللحود رمامها

يا جثة ما شيّعت يوماً ولا

نحو القبور سعت بها أقدامها

* * *

يقول أديب آخر

ما شيعت نعشه أيدي أحبته

ولا جنازته شيلت بتوقيرِ

تهابه الوحش أن تدنو لمصرعه

وقد أقام ثلاثاً غير مقبور

وكأني بالحوراء زينبعليها‌السلام

نادت الحوره ابصوت يرض الغاضريه

عنچ اشلون امشي وأخوتي على الوطيه

او هذي عليَّ اعظم رزية من زماني

بيها ابچتل احسين بربوعچ رماني

اوتاه الفكر مني اوآنه المعروفه شاني

ابجسمه اليظل عاري او على اترابچ رميّه

منچ اريد اتغسِلِّيْ واتكفّنينه

واتشيعيه او وسط لحده اتوسّدينه

او نصبيله ماتم بعد دفنه لو مشينه

او خل بيه تنعى الناعيه صبح او مسيّه

عنها لسان الحال رد اعلى العقيلة

ما الي الدفن ابن النبي چاره وحيله

جسمه اموزع بالفله واشلون اشيله

نادي بني هاشم الدفنه ابها لمسيّة

* * *

وانچان گلتيلي بني هاشم بعيدين

ما يسمعون الصوت ودّي طارش الحسين

او خلي يصيح ابصوت عالي ذبحوا احسين

او داسوا على جسمه ابخيل الاعوجيه

* * *

گالت الحوره امتين الى طارش او مرسول

وآنه بگيت ابدار غربه او كل هلي اچتول

مـا عندي غير اعليل فكري اعليه مذهول

جذبوا افراشه او فرهدوه اجلاف اميه

٤٦

* * *

يا كربلا آنه الدهر ما انصف اوياي

خلاني ما بين الأعادي اخلاف ولياي

فوگ الهزل واحسين مرمي اگبال عيناي

او هاي الرزيّه البيها هانت كل رزيه

* * *

انه الدهر طگني على اعيوني او عماني

او آنه الدهر بفراگ اهل بيتي دهاني

يا ريت ميته من گبل موته اخواني

أهل الشرف واهل المعالي والحميه

* * *

٤٧

٤٨

المجلس السابع

الموضوع: باب الحوائج

القصيدة: للشيخ عبد المنعم الفرطوسي

لكليم الأحشاء موسى بكائي

وهو روح من خاتم الأنبياء

قد تداعى من الهدى فيه ركن

فتداعى للدين أسمى بناءِ

وتوارى نجم الإمامة خَسْفاً

فتوارى للحقّ أسنى ضياءِ

أودعوهُ طامورةً قطّ فيها

لم يُميّز بين الدّجى والضيّاء

فسقاهُ السّندي في رطباتٍ

شرّ سمّ سقاهُ مرّ الفناءِ

وتبقّى ثلاثة دون دفن

وهو مُلقىً ما بينهم بالعراءِ

فلهُ أُسوة البقاء ثلاثاً

دون دفنٍ بسيّد الشهداءِ

حملوه والحديد ضجيج

بين رجليه من قيود البلاءِ

* * *

من سمع ويلي گبل هذا الشهيد

ميتٍ شالوه وابرجله الحديد

لچن ابغربه وماله من عضيد

وأظهرت اشرارها المكتومها

* * *

ألف يا حيف ألف وأكثر وسافه

يظل نعشك على جسر الرصافه

وطبيب الگلب ابچفك وشافه

ايگول اولا عشيرة الهاذ تظهر

٤٩

* * *

وگف يم اجنازته ابن سويد وياه الطبيب

شال چف ايده او شمه وارتفع منه النحيب

گال هذا من عشيرة لو ابلدتكم غريب

انچان تسأل عن سبب موته تره بالسم گضه

* * *

على الجسر ملقىً برمضائها

به أشفت القوم أضغانها

موضوع المجلس السابع: باب الحوائج

قال شيخ الحنابلة «ما همّني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر إلّا سهل الله تعالى لي ما أُحب»

من أبرز الألقاب وأكثرها شيوعاً للامام الكاظم موسى بن جعفرعليه‌السلام هو باب الحوائج، فقد اشتهر بين الخاص والعام أنه ما قصده مكروب أو حزين إلّا فرّج الله آلامه وأحزانه، وما استجار أحد بضريحه المقدّس إلّا قضيت حوائجه ورجع إلى أهله مثلوج القلب، يقول السيد عبد الباقي العمري:

لذ واستجر متوسلاً

إن ضاق أمرك أو تعسّر

بأبي الرضا جد الجواد

محمد موسى بن جعفر

ومناقبٌ شهد العدو بفضلها

والفضل ما شهدت به الاعداء

فهذا شيخ الحنابلة وعميدهم الروحي أبو علي الخلال يقول «ما همّني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر إلّا سهل الله تعالى لي ما أحب...»(١).

وقال الامام الشافعي «قبر موسى بن جعفر الترياق المجرّب».

وقد روى الخطيب البغدادي في تأريخ بغداد قصة، كان فيها شاهد عيان فقد
رأى امرأة مذهولة قد فقدت رشدها لأنها أخبرت أن ولدها اعتقلته السلطة المحلية
وأودعته السجنَ، فأخذت تهرول نحو ضريح الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام مستجيرةً
_________________________

(١) باقر شريف القرشي ج ١، ص ٥١.

٥٠

به، فرآها بعض الأوغاد ممّن لا يؤمن بالإمام فقال لها إلى أين؟ فقالت إلى موسى بن جعفرعليه‌السلام ، فانّه قد حبس ابني، فقال لها بسخرية واستهزاء «إنه قد مات بالحبس» فاندفعت تقول بحرارة وقد لذعها قوله «اللهمَّ بحقِّ المقتول في الحبس اسألك أن تريني القدرة» فاستجاب الله لدعاءها فأطلق سراح ولدها، وأودع ابن المستهزئ في ظلمات السجون بجرم ذلك الشخص.

شفاء أحمد بن ربيعة ببركة الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام

نقل الشيخ الحائريرحمه‌الله في نور الأبصار نقلاً عن البحار، أن أحمد بن ربيعة كان أحد كتّاب الخليفة المقتدر بالله ظهر جرح في إحدى يديه ولم تزل تُزاد العلّة حتى اسودّت يده ونتنت وظهرت منها رائحة كريهة وأمر المعالج بقطعها استمهلهم ليلة ثم لجأ إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام واستدعى منه الخلاص فنام فرأى أمير المؤمنينعليه‌السلام فيما يراه النائم وقال له يا أحمد إني لمشغول عنك إذهب إلى ولدي موسى بن جعفر وسله حتى تبرئ من علتك فلمّا انتبه اغتسل وتطيّب وأمر بأن يحملوه في محمل إلى موسى بن جعفرعليه‌السلام ففعلوا ذلك وجاءوا به إلى القبر الشريف فرمى بنفسه على القبر وجعل يبكي ويتضرع ويتمسح بتراب القبر ويطلب الشفاء ثمّ مدَّ يده فلما أصبح جاءوا إليه وكشفوا عنها فإذا هي بأحسن ما يكون كأن لم يكن فيها جرح ببركة تربة موسى بن جعفر والتوسل به.

يقول الشاعر:

زر ببغداد قبر موسى بن جعفر

قبر موسى مديحه ليس ينكر

هو بابٌ إلى المهيمن تقضى

منه حاجاتنا وتُحبى وتحبر

هو حصني وعدّتي وغياثي

وملاذي وموئلي يوم أحشر

كم مريضٍ وافى إليه فعافاه

وأعمى أتاه صحَّ وأبصر

وفي الزيارة الجامعة الكبيرة «... مستجيرٌ بكم، زائرٌ لكم لائذٌ عائذٌ بقبوركم مستشفعٌ إلى الله عزَّ وجلَّ بكم ومُتقرّبٌ بكم إليه ومُقدِّمكم اَمام طلبتي وحوائجي...».

٥١

الإمام في سجن السندي بن شاهك

كان من أشدّ السجون على إمامنا موسى بن جعفرعليه‌السلام سجن السندي بن شاهك وكان طامورةً لا يُعرف فيها الليل من النهار، وفي هذا السجن زاره ابن سويد ولما أراد النزول قال له الامامعليه‌السلام لحظة يا بن سويد لأسرج لك، يقول فلما نظرت وإذا بسلاسل الحديد والقيود في رجلي الامامعليه‌السلام وقد أشار السيد ابن طاووس في زيارة الامامعليه‌السلام : «... والمعذَّب في قعر السجون وظلم المطامير، ذي الساق المرضوض بعَلَق القيود»

وكذلك ورد في زيارة الجامعة لأئمة المؤمنين: «ومُكبَّل في السجن قد رُضَّت بالحديد أعضائه». يقول ابن سويد فسألت الامام بمسائل فأجاب عنها وقلت له مسألة واحدة يا سيّدي، فقال لي سَل؟ قلتَ متى الفرج لقد ضاقت صدورنا؟ فقالعليه‌السلام ان الفرجَ قريب متى؟ قال يوم الجمعة، وأين؟ قال ضحىً على الجسر ببغداد، يقول ابن سويد خرجت وأنا لا تكاد تحملني رجلاي من الفرح والسرور وأقبلتُ إلى الشيعة أقولُ لهم البشارة البشارة، إمامكم سوف يخرج يوم الجمعة ضحىً على الجسر ببغداد، قال ابن سويد وبينما نحن وقوف بيوم الجمعة على الجسر وإذا بجنازة يحملها أربع من السجانين والمنادي ينادي هذا إمام الرافضة.

تحل جسمي وغده ينلظم بالسم

وثغري بالفرح ما يوم بسم

على المات ابسجن هارون بالسم

ونعشه على الجسر خلوه رميه

* * *

عالجسر خلوه فرجه لليروح ولليرد

والمنادي عليه ينادي والنده ايذوب الچبد

مر طبيب البلد شافه وگام ينشد والنشد

مال هالميت عشيرة ابثاره تطلب لا تهيد

* * *

گالوله غريب أهله امبينين

لچن بالمدينة اعليه بعيدين

ابن عمّك الكاظم گال هالحين

انزلوا واخذوه نعشه او لا تخافون

٥٢

* * *

جابه أو غسّله او حنّطه او لفّه

ابحبرته او شال تابوته اعلى چتفه

مشه مكشوف راسه حافي خلفه

كثر تشييعهم والناس يبچون

* * *

ولا واحد حضر لحسين ذاك اليوم

يخلّص جثته من سحگ خيل الگوم

يواريه أو يخلص زينب او چلثوم

او يخلص اطفال تبچي اولا يهيدون

لهفي على الجسم المعظمّ يشتكي

من بعد رشق النبل رضّ جياد

* * *

٥٣

٥٤

المجلس الثامن

الموضوع: كرامات الامام موسى بن جعفرعليه‌السلام

القصيدة: للشيخ محمّد الملّا

لم تجر ذكرى يومهم في مسمع

إلّا وغادرت السّلوّ هشيما

فمن الّذي يهدي المضلّ إلى الهدى

من بعدهم أو ينصف المظلوما

وبلطفه يغني الورى وبسيفه

يجلو عن الدّين الحنيف هموما

هذا قضى قتلاً وذاك مغيّبا

خوف الطّغاة وذا قضى مسموما

من مبلغ الإسلام أنّ زعيمه

قد مات في سجن الرّشيد سميما

فالغيّ بات بموته طرب الحشا

وغدا لمأتمه الرّشاد مقيما

ملقىً على جسر الرّصافة نعشه

فيه الملائك أحدقوا تعظيما

* * *

ويل قلبي على الذي أمسى وَحيد

بالحبس لمن گضة بسمِّ الرشيد

عالجسر جابوه وبرجله الحديد

بالعبا ملفوف مسلوب الثياب

* * *

ياگلب ذوب وتفسّر وانفطِرْ

واجذب الونّة لعد يوم الحشر

على الذي بالحبس مات وعَلجسر

جنازته ظلّت على وجه التراب

* * *

٥٥

كرامات الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام كثيرة نذكر بعضها:

مع شقيق البلخي

قال شقيق البلخي: خرجتُ حاجّاً في سنة تسع وأربعين ومائة فنزلت القادسية، فبينا أن أنظر إلى الناس في زينتهم وكثرتهم، فنظرتُ إلى فتى حسن الوجه شديد السمرة ضعيف، فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان وقد جلس منفرداً، فقلت في نفسي، هذا الفتى من الصوفية يريدُ أن يكون كلّاً على الناس في طريقهم والله لأمضينّ إليه ولأُوبخنّه، فدنوت منه، فلمّا رآني مقبلاً قال: يا شقيق( اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) (١) ثم تركني ومضى، فقلت في نفسي إن هذا الأمر عظيم قد تكلّم بما في نفسي ونطق باسمي، وما هذا إلّا عبدٌ صالح لألحقنّه ولأسألنّه أن يحلّلني فأسرعت في أثره فلم ألحقهُ وغاب من عيني، فلمّا نزلنا واقصة وإذا به يُصلّي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تجري، فقلت: هذا صاحبي أمضي إليه وأستحلّه، فصبرتُ حتّى جلس، وأقبلت نحوه فلمّا رآني مقبلاً قال: يا شقيق اتل «وإنّي لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثمَّ اهتدى» ثمَّ تركني ومضى، فقلت: إنَّ هذا الفتى لمن الأبدال، لقد تكلَّم على سرّي مرَّتين فلما نزلنا زُبالة إذا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوة يريد أن يستقي ماءاً فسقطت الركوة من يده في البئر وأنا أنظر إليه، فرأيته قد رمق السماء وسمعته يقول:

أنت شربي إذا ظمئت إلى الماء

وقوتي إذا أردت الطعاما

«اللهمَّ سيّدي مالي غيرها فلا تعدمنيها»، قال شقيق: فوالله لقد رأيت البئر وقد
ارتفع ماؤها فمدَّ يده وأخذ الركوة وملؤها ماء، فتوضأ وصلّى أربع ركعات، ثمَّ مال
إلى كثيب رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويحرّكه ويشرب، فأقبلت
إليه وسلّمت عليه فردَّ عليَّ السلام فقلت أطعمني من فضل ما أنعم الله عليك، فقال
يا شقيق لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة وباطنة فأحسن ظنّك بربّك ثمَّ ناولني الركوة
فشربت منها فاذا هو سويق وسكّر فوالله ما شربتُ قط ألذّ منه ولا أطيب ريحاً
_________________________

(١) سورة الحجرات: ١٢.

٥٦

فشبعت ورويت وأقمت أيّاماً لا أشتهي طعاماً ولا شراباً، ثمَّ لم أره حتّى دخلنا مكّة، فرأيته ليلةً إلى جنب قبّة الشراب في نصف الليل قائماً يُصلّي بخشوع وأنين وبكاء فلم يزل كذلك حتّى ذهب اللّيل، فلمّا رأى الفجر جلس في مصلّاه يسبّح ثمَّ قام فصلّى الغداة، وطاف بالبيت اسبوعاً وخرج فتبعته وإذا له غاشية وموال وهو على خلاف ما رأيته في الطريق، ودار به الناس من حوله يسلّمون عليه، فقلت لبعض من رأيته يقرب منه: من هذا الفتى؟ فقال: هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام فقلت: قد عجبت أن يكون هذه العجائب إلّا لمثل هذا السيّد ولقد نظم بعض المتقدّمين واقعة شقيق معه في أبيات شعرية:

سل شقيق البلخيّ عنه وما

عاين منه وما الذي كان أبصر

قال لمّا حججت عاينت شخصاً

شاحب اللون ناحل الجسم أسمر

سائراً وحده وليس له زاد

فما زلت دائماً أتفكّر

وتوهَّمت أنه يسأل الناس

ولم أدر أنّه الحجُّ الأكبر

ثم عاينته ونحن نزولُ

دون فيدٍ على الكثيب الأحمر

يضع الرمل في الأناء ويشربه

فناديته وعقلي محيّر

اسقني شربة فناولني منه

فعاينته سويقاً وسكّر

فسألت الحجيج من يك هذا؟

قيل هذا الامام موسى بن جعفر

مع علي بن يقطين وابراهيم الجمّال

روى العلامة المجلسيرحمه‌الله في بحاره ج ٤٨: ص ٨٥، عن محمد بن علي الصوفي: استأذن إبراهيم الجمّالرضي‌الله‌عنه على أبي الحسن علي بن يقطين الوزير فحجبه، فحجَّ عليُّ بن يقطين في تلك السنة فاستأذن بالمدينة على مولانا موسى بن جعفر فحجبه، فرآه ثاني يومه فقال عليُّ بن يقطين: يا سيّدي ما ذنبي؟ فقال: حجبتك لأنّك حجبت أخاك إبراهيم الجمّال وقد أبى الله ان يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمّال فقلت: سيّدي ومولاي مَن لي بابراهيم الجمّال في هذا الوقت وأنا بالمدينة وهو بالكوفة؟ فقال إذا كان اللّيل فامض إلى البقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من أصحابك وغلمانك واركب نجيباً هناك مُسرَّجاً قال: فوافى البقيع وركب

٥٧

النجيب ولم يلبث أن أناخهُ على باب إبراهيم الجمّال بالكوفة فقرع الباب وقال: أنا علي بن يقطين.

فقال إبراهيم الجمّال من داخل الدار: وما يعمل عليُّ بن يقطين الوزير ببابي؟! فقال عليُّ بن يقطين: يا هذا إنَّ أمري عظيم وآلى عليه أن يأذن له: فلمّا دخل قال: يا ابراهيم إنَّ المولىعليه‌السلام أبى أن يقبلني أو يغفر لي، فقال: يغفر الله لك فآلى عليُّ بن يقطين على إبراهيم الجمّال أن يطأ خدّه فامتنع إبراهيم من ذلك فآلى عليه ثانياً ففعل، فلم يزل إبراهيم يطأ خدَّه وعليُّ بن يقطين يقول: «اللهمَّ اشهد، ثمَّ انصرف وركب النجيب وأناخه من ليلته بباب المولى موسى بن جعفرعليه‌السلام بالمدينة، فأذن له ودخل عليه فقبله»(١).

خبر دراعة خزسوداء

روى ابن شهرآشوب في المناقب الجزء السابع ص ٢٨٩: قال: حمل الرشيد في بعض الأيام إلى علي بن يقطين ثياباً أكرمه بها وفيها دراعة خزسوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب، فأنفذ ابن يقطين بها إلى موسى بن جعفر مع مال كثير، فلما وصل إلى أبي الحسن قبل المال وردَّ الدراعة وكتب إليه احتفظ بها ولا تخرجها من بيتك فسيكون لك بها شأن تحتاج اليها معه، فلمّا كان بعد أيام تغيّر علي بن يقطين على غلام له فصرفه عن خدمته، فسعى الغلام به إلى الرشيد فقال انه يقول بامامة موسى بن جعفر ويحمل اليه خمس ماله في كل سنة وقد حمل إليه الدراعة التي أكرمه بها أمير المؤمنين فغضب الرشيد غضباً شديداً وقال: ان كان الأمر على ما تقول أزهقت نفسه فانفذ باحضار ابن يقطين وقال: عليَّ بالدراعة التي كسوتك بها إليَّ الساعة فانفذ خادماً وقال آتيني بالسفط الفلاني، فلما جاء به وضعه بين يدي الرشيد وفتحه فنظر إلى الدراعة بحالها مطوية مدفونه في الطيب فسكن الرشيد من غضبه وقال: انصرف راشداً فلن أصدِّق بعدها ساعياً، وأمر أن يُتبع بجائزة سنية وتقدّم بضرب الساعي حتى مات منه.

_________________________

(١) بحار: ج ٤٨، نقلاً عن عيون المعجزات ص ٩٠.

٥٨

أقول: كما سُعي بعلي بن يقطين كذلك سُعي بالامام موسى بن جعفر، وكان محمد بن اسماعيل بن الصادقعليه‌السلام سعى بعمه موسى إلى الرشيد، وذلك لمّا ورد الرشيد إلى الحجاز فقال: أما علمت ان في الارض خليفتين يُجبى اليهما الخراج فقال الرشيد: ويلك أنا ومن؟ قال موسى بن جعفر وأظهر أسراره، فقبض عليه (اي على الامام موسى الكاظم) وكان قائماً يُصلّي عند رأس النبي فقطع عليه صلاته وحمل ولم يزل ينقل من سجن إلى سجن آخر.

سعى بابن خيرِ الرُسلِ يا خابَ سَعْيُهُ

فغادَرَهُ رَهنَ الحبوس مُقيّدا

ودسَّ له سُمّاً فأورى فؤادَهُ

وكُلَّ فُؤادٍ منهُ حُزناً تَوقَّدا

* * *

عجيبه مصيبته والله عجيبه

من سجن السجن الظالم يجيبه

وچبده من الألم زايد لهيبه

* * *

يا گلب ذوب وتفطر وانكسر

واجذب الحسرة لعد يوم الحشر

على الذي بالحبس مات وعَلجسر

جنازته ظلّت على وجه التراب

* * *

اصبح الناعي يحيدر شابچ العشرة ويون

عالگبر يفتر ودَمعه يشب لصبَّ المِزن

گوم شوف ابنك ينادي اليوم گوَّض بالسجن

وتم ثلث تيام ميّت بالسجن لچن وحيد

* * *

بأبي ثاوياً ببغداد قاسى

كُرباتٍ حتى قضى محبوسا

* * *

٥٩

٦٠