• البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 13743 / تحميل: 3323
الحجم الحجم الحجم
فرسان الهيجاء في تراجم اصحاب سيد الشهداء عليه السلام

فرسان الهيجاء في تراجم اصحاب سيد الشهداء عليه السلام

مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدريّة
ISBN: 978-964-503-145-7
العربية

حرف الدال

٥٦ ـ داود الطرماح

مرّ عليك في ترجمتنا لأسد الكلبي أنّ الإمام حين ندب أصحابه الصرعى جرى اسم داود بن الطرماح على لسانه ، ومن المقطوع به أنّه لو لم يكن من أعيان الأصحاب لما خصّه الإمام بالنداء ولكن لم أعثر على ذكر له في كتب الرجال ، والله العالم. وبالطبع إنّ عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود.

١٨١

حرف الذال

حرف الراء

٥٧ ـ رافع بن عبدالله

روى المقامقاني والسماوي والحدائق الورديّة وذخائر الدارين بسياق واحد تقريباً وهذا تلخيصٌ لما روي في الحدائق الورديّة وهو أنّ رافع بن عبدالله مولى مسلم بن كثير الأزدي خرج من الكوفة قاصداً كربلاء لنصرة الإمامعليه‌السلام والتحق بالإمام ، فلمّا كان يوم عاشوراً واتّقدت نيران الحرب فاستشهد مولاه مسلم بن كثير في الحملة الأُولى واستشهد رافع بعد صلاة الظهر مبارزة ، بعد أن قتل من القوم مقتلة عظيمة وعجّل بأرواحهم إلى جهنّم وبئس المصير. فاشترك في قتله كثير بن شهاب التميمي ومخفر بن أوس الضبّي(١) .

٥٨ ـ ربيعة بن خوط

قلنا في ترجمة حبيب بن مظاهر أنّ ربيعة بن خوط بن رئاب المكنّى أبا ثور

__________________

(١) إبصار العين ، ص ١٠٨.

١٨٢

الشاعر قُتل مع الحسين بن عليّ ، والمرزباني كنّاه «أبا المهوش»(١) ، وقال : إنّه من المخضرمين.

وقال ابن عساكر : أدرك الصحبة ، وأبو ثور كنية ابن عمّه ربيعة بن ثعلبة بن رئاب.

وقال في الإصابة : ربيعة بن خوط ، حضر يوم ذي قار ـ يعني كان مع الركب المظفّر للإمام أميرالمؤمنينعليه‌السلام ـ ثمّ نزل الكوفة إلى أن ختمت حياته بالشهادة(٢) .

٥٩ ـ رجل من خزيمة

قال في المقتل المنسوب لأبي مخنف أنّ عمر بن سعد أرسل رجلاً آخر إلى الحسين بن عليعليهما‌السلام من قبيلة خزيمة ، وقال له : امض إلى الحسينعليه‌السلام وقل له : ما الذي جاء بك إلينا؟ وأقدمك علينا؟ فأقبل حتّى وقف بأزاء الحسينعليه‌السلام فنادى ، فقال الحسينعليه‌السلام : أتعرفون هذا الرجل؟ فقالوا : هذا رجل فيه الخير إلّا أنّه شهد هذا الموضع ، فقال : سلوه ما يريد؟ فقال : أُريد الدخول على الحسينعليه‌السلام ، فقال له زهير : ألق سلاحك وادخل ، فقال : حبّاً وكرامة ، ثمّ ألقى سلاحه ودخل عليه ، فقبّل يديه ورجليه وقال : يا مولاي! ما الذي جاء بك إلينا وأقدمك علينا؟ فقالعليه‌السلام : كتبكم ، فقال : الذين كاتبوك هم اليوم من خواصّ ابن زياد! فقال له : ارجع إلى صاحبك وأخبره بذلك ، فقال : يا مولاي! من الذي يختار النار على الجنّة ،

__________________

(١) لم أعثر على شاعر في المرزباني له هذه الكنية ويتعذّر التأكّد من صحّتها عند المؤلّف لأنّ النُّسّاخ لا دقّة لهم.

(٢) الإصابة لابن حجر ، ج ٢ ص ٤٥٢. والمؤلّف استند إليه حتّى فيما قاله ابن عساكر والمرزباني عنه وكنّاه ابن حجر «أبو المهوش».

١٨٣

فوالله! ما أُفارقك حتّى ألقى حمامي بين يديك ، فقال له الحسينعليه‌السلام : واصلك الله كما واصلتنا بنفسك ، ثمّ أقام مع الحسينعليه‌السلام حتّى قُتل (رضي الله تعالى عنه)(١) .

أقول : سبق في ترجمة حبيبعليه‌السلام أنّ ابن سعد بعث كثير بن عبدالله الشعبي وجرت بينه وبين أبي ثمامة مشادّة عاد من بعدها إلى ابن سعد فبعث قرّة بن قيس الحنظلي فبلّغ رسالة صاحبه فدعاه حبيب إلى نصرة الحسينعليه‌السلام فلم يجبه ورجع إلى ابن سعد ، فظهر من هذا أنّ هذا الخزيمي غيرهما.

٦٠ ـ رميث بن عمرو

ذكره الشيخ الطوسي في رجاله وقال : رميث بن عمرو من أصحاب الحسينعليه‌السلام (٢) .

وكذلك ذكره التفرشي في نقد الرجال(٣) .

وقال المامقاني : رميث ـ بضمّ الراء المهملة وفتح الميم والياء المثنّاة من تحت الساكنة والثاء المثلّثة ـ عدّة الشيخ في رجاله من أصحاب الحسين إلّا أنّ حاله مجهول وظاهره كونه إماميّاً.

أقول : وفي الزيارة الرجبيّة وردت هذه العبارة : «السلام على رميث بن عمرو» وهذا شاهد على أنّه من شهداء كربلاء ، والله العالم.

__________________

(١) مقتل الحسينعليه‌السلام ، ص ٨١ ؛ الإمام الحسين وأصحابه ، ج ١ ص ٢٢٤ ؛ معالي السبطين ، ج ١ ص ٣٠٩.

(٢) الرجال ، ص ١٠٠. ولم ينسبه إلى شيء واقتصر على ذكره تحت رقم ٩٧٩.

(٣) نقد الرجال ، ج٢ ص ٢٤٨ قال : من أصحاب الحسينعليه‌السلام ، رجال الشيخ ، وعزاه المحقّق إلى ج ٢ ص ١٠٠ وقال الشيخ مهدي شمس الدينرحمه‌الله : ذكره الشيخ دون أن ينصّ على مقتله (أنصار الحسين ، ص ١١٧).

١٨٤

حرف الزاي

٦١ ـ زهر بن عمرو الأسلمي(١)

رجل شجاع محبّ لأهل البيت النبوي صلّى الله عليهم ، ومن أصحاب الشجرة ، وكان في غزوة الحديبيّة ملازماً للنبيّ لم يشذّ عنه ، كنيته «أبو مجزأة». روى عنه ولده ، وسكن الكوفة وكان صاحباً لعمرو بن الحمق الخزاعي ، إلى أن حجّ سنة ستّين للهجرة والتقى هناك بالإمام الحسينعليه‌السلام فلم يفارقه حتّى اليوم العاشر من المحرّم ، واستشهد في الحملة الأُولى.

أقول : ذكرت ترجمة ضافية لعمرو بن الحمق الخزاعي في «الكلمة التامّة»

__________________

(١) ذكره العسقلاني في الإصابة ، ج ٧ ص ٢٩٨ و ٣٣٣ ؛ وابن عبدالبرّ في الاستيعاب ، ج ٢ ص ٥١٠ ؛ وابن الأثير في أُسد الغابة ، ج ٢ ص ١٩٣ ؛ والمحدّث الأسترآبادي في المنهج ؛ والشيخ في رجاله ؛ والتفرشي في نقد الرجال ؛ والسماوي في إبصار العين ، ص ٣ وغيرهم من أرباب السير والمقاتل : أنّه زاهر بن الأسود بن حجّاج بن قيس الأسلمي الكندي ، أبو مجزأة من أصحاب الشجرة ، وسكن الكوفة ، وروى عنه ابنه مجزأة ، وشهد الحديبيّة وخيبر ، وكان بطلاً مجرّباً شجاعاً مشهوراً ، محبّاً لأهل البيت معروفاً ، وحجّ سنة ستّين فالتقى مع الحسينعليه‌السلام فصحبه وكان ملازماً له حتّى حضر معه كربلاء واستشهد بين يديه في الحملة الأُولى ، وقد زاده على شرف الشهادة تخصيصه بالتسليم عليه في الزيارة الناحية المقدّسة بقوله : «السلام على زاهر بن عمرو ، مولى عمرو بن الحمق الخزاعي» وكذا في الرجبيّة : «وكان صاحب عمرو بن الحمق الخزاعي».

١٨٥

وأذكر هنا رواية ذكرها الطبري والقاضي النعمان المصري في دعائم الإسلام لما لها من دخل في ترجمة زاهر.

وكان عمرو بن الحمق من الذين بشّرهم رسول الله بالجنّة وعاش بعد شهادة أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، وجدّ معاوية في البحث عنه لأنّه كان من أصحاب حجر بن عدي في عهد ولاية زياد بن أبيه على الكوفة وكانا قد أقاما مجلساً كبيراً في مسجد الكوفة لمناصرة أميرالمؤمنين والدفاع عنه ، وكانا يتلوان أحاديث الإمام في كلّ حين ، ففرّقهم زياد. قال الطبري(١) :

كان زياد بن أبيه على المنبر فحصبه عمرو بن الحمق بالحصى وأعانه على ذلك زاهر بن عمرو لأنّه كان صاحبه وكانا متّحدين قولاً وفعلاً ، فقام زياد ينظر إليهم وهو على المنبر (ففشوا بالعمد) فضرب رجل (من الحمراء) يقال له «بكر ابن عبيد» رأس عمرو بن عبيد بعمود فوقع ، فعجّل إليه ناس من الأزد فطافوا به ، وأتاه أبو سفيان بن عويمر والعجلان بن ربيعة وهما رجلان من الأزد فحملاه فأتيا به دار رجل من الأزد يقال له «عبيدالله بن مالك» فخبّأه بها فلم يزل بها متوارياً حتّى خرج منها إلى أن أرسل معاوية إلى زياد بحبس عمرو بن الحمق وصاحبه زاهر بن عمرو وسوقهما إلى الشام ، فلم يظفر بهما زياد فخرج عمرو بن الحمق من الكوفة مستخفياً واختبأ بغار قريب من الموصل فبلغ العامل خبرهما فأرسل في طلبهما فلم يقو عمرو على الفرار ولكن زاهر استوى على فرسه فناداه عمرو : ما تريد أن تصنع؟ فقال زاهر : أذّب عنك بسيفي ، فقال : وما يغني سيفك عنّي

__________________

(١) لم ينقل المؤلّف نصّ الطبري وإنّما ترجمه وتصرّف فيه ، والنصّ عند الطبري طويل جدّاً بحيث تتناول الأحداث كلّها وما وقع لحجر وأصحابه فرأيت متابعة الطبري شاقّة جدّاً بل يتخلّل الفقرات التي اختارها المؤلّف جمل كثيرة لا ربط لها بما نحن فيه من ثمّ اعتمدت على الترجمة وأشرت إلى الطبري وغيره.

١٨٦

وعنك ولكن انج بنفسك من القوم ، فحمل عليهم زاهر واجتازهم عدواً على فرسه فخالوه عمراً بن الحمق لذلك لمّا قبضوا عليه سألوه : من أنت؟ قال : أنا من إن تركتموه كان خيراً لكم ، وإن قتلتموه كان شرّاً لكم ، فما عرّفهم بنفسه ، فساقوه إلى عامل الموصل عبدالرحمن بن عثمان الثقفي المعروف بابن أُمّ الحكم وهو ابن أُخت معاوية ، فعرف عمراً وكاتب معاوية بقصّته فأرسل إليه معاوية أنّ عمراً بن الحمق طعن عثمان بخنجر فافعل به ما فعله بعثمان ، ثمّ أخرجوه وطعنوه فخنجر فمات بالطعنة الثانية(١) .

وقال القاضي النعمان المصري في دعائم الإسلام : هرب عمرو بن الحمق من معاوية إلى الجزيرة وصاحبه رجل من أصحاب عليّعليه‌السلام يُدعى زاهر بن عمرو

__________________

(١) وأنا أنقل لك رواية الطبري عن مقتل عمرو ، قال : وزياد ليس له عمل إلّا طلب رؤساء أصحاب حجر ، فخرج عمرو بن الحمق ورفاعة بن شدّاد (لا أثر لزاهر الذي ذكره المؤلّف هنا ـ المترجم) حتّى نزلا المدائن ثمّ ارتحلا حتّى أتيا أرض الموصل فأتيا جبلاً فكمنا فيه وبلغ عامل ذلك الرستاق أنّ رجلين قدكمنا في جانب الجبل ، فاستنكر شأنهما وهو رجل من همدان يقال له : عبدالله بن أبي بلتعة ، فسار إليها في الخيل نحو الجبل ومعه أهل البلد فلمّا انتهى إليهما خرجا فأمّا عمرو بن الحمق فكان مريضاً وكان بطنه قد سقي ، فلم يكن عنده امتناع ، وأما رفاعة بن شداد وكان شابّاً قويّاً فوثب على فرسٍ له جواد فقال له : أُقاتل عنك ، قال : وما ينفعني أن تقاتل ، انج بنفسك إن استطعت ، فحمل عليهم فأفرجوا له فخرج تنفر به فرسه وخرجت الخيل في طلبه وكان رامياً فأخذ لا يلحقه فارس إلّا رماه فجرحه أو عقره ، فانصرفوا عنه وأخذ عمرو بن الحمق فسألوه من أنت؟ فقال : من إن تركتموه كان أسلم لكم ، وإن قتلتموه كان أضرّ لكم ، فسألوه فأبى أن يخبرهم ، فبعث به ابن أبي بلتعة إلى عامل الموصل وهو عبدالرحمن بن عبدالله بن عثمان التثقفي ، فلمّا راى عمرو بن الحمق عرفه وكتب إلى معاوية بخبره فكتب إليه معاوية أنّه زعم أنّه طعن عثمان تسع طعنات بمشاقص كانت معه وإنّا لا نريد أن نعتدي عليه فاطعنه تسع طعنات كما طعن عثمان بن عفّان ، فأخرج فطعن تسع طعنات فمات في الأولى منهنّ أو الثانية. (تاريخ الرسل والملوك لابن جرير الطبري ، ج ٤ ص ١٩٢).

١٨٧

الكندي حتّى إذا أراحوا ليلاً في أحد الوديان لدغت حيّة عمراً فلمّا أصبح كان الورم قد استشرى في بدنه كلّه ، فقال لزاهر : ابتعد عنّي ما استطعت واتركني لأنّ حبيبي رسول الله أخبرني أنّ الجنّ والإنس يشتركان في دمي ، وبناءاً على هذا فإنّي مقتول لا محالة ، فقد بان لي من شدّة سريان السمّ في جسمي أنّها آخر أيّامي من الدنيا وأنا ميّت حتماً وسيضلّ العدوّ هذه الساعة ، فبينما هما يتحاوران وإذا بآذان الخيل قد ظهرت وهي تطلبهما ، فقال عمرو : قم يا زاهر واستخفي حتّى أُقتل ويفصلوا رأسي عن جسمي ، فإذا تركوني فوار جسدي.

فقال زاهر : لا أفعل ذلك أبداً ، فلن أُفارقك ولن أتخلّى عن نصرتك وسأُناضلكم حتّى آخر سهم ، فإذا فنيت سهامي أُقتل معك.

فقال له عمرو بن الحمق : أقسمت عليك ألّا تفعل إلّا ما أقول لك ، لأنّ ذلك ينفعك منفعة كبرى. ولمّا فرغ عمرو من حديثه أطاعه زاهر واختبأ عن عدوّه ، ثمّ قطعوا رأس عمرو بن الحمق ورفعوه على رأس الرمح وحملوه من بلد إلى بلد إلى أن بلغوا به الشام(١) .

قال في نفس المهموم : فظهر أنّ زاهراً كان من أصحاب أميرالمؤمنينعليه‌السلام وخصّص بمتابعة عمرو بن الحمق الخزاعي ـ ولهذا قيل له مولى عمرو بن الحمق فالمولى في هذا المقام بمعنى التابع من الشيخ عبّاس / المترجم ـ صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ووفّق بموالاته ودفنه ثمّ ساقته السعادة إلى أن رُزِق في نصرة الحسينعليه‌السلام الشهادة ، وكان من أحفاده أبو جعفر محمّد بن سنان (الزاهري) (من أصحاب الكاظم والرضا والجوادعليهم‌السلام ) المتوفّى سنة ٢٢٠ وهو يروي عن الرضا والجوادعليهما‌السلام ، واختلف فيه علماء الرجال فعدّه الشيخ المفيد من الثقات ، وتوقّف

__________________

(١) الرواية مترجمة وأرجو القارئ أن يرجع إلى دعائم الإسلام ليأخذها منه ولا يقنع بالمترجم.

١٨٨

العلّامة بشأنه ، ضعّفه الشيخ الطوسي والنجاشي والغضائري ، قال المقامقاني بعد خمس صفحات : والأقوى عندي أنّه ثقة صحيح الاعتقاد.

٦٢ ـ زائدة بن المهاجر

لا يوجد له ذكر إلّا في الزيارة الرجبيّة ولا يوقف على شرح حاله في أيّ من كتب الرجال والمقاتل ، ومن المحتمل أن يكون الاسم مصحّفاً عن «زياد بن مصاهر» حيث يوجد في الناسخ ص ٢٧٨ نقلاً عن «جلاء العيون» لعبدالله بن محمّد رضا الحسيني أنّ زياداً بن مصاهر الكندي حمل على جيش ابن سعد بعد مالك بن أنس وقتل منهم تسعة بالسيف ثمّ استشهد ، والله أعلم بالتعدّد والاتّحاد.

٦٣ ـ زهير بن سليم

نقل العلّامة السماوي عن الحدائق الورديّة وكذلك فعل المامقاني أنّ زهيراً ممّن جاء إلى الحسينعليه‌السلام في الليلة العاشرة عند ما رأى تصميم القوم على قتاله ، فانضمّ إلى أصحابه ، وقتل في الحملة الأُولى(١) .

وفي زيارة الناحية المقدّسة : «السلام على زهير بن سليم الأزدي».

وفي الزيارة الرجبيّة : «السلام على زهير بن سليمان (والتعدّد بعيد في الغاية)(٢) ».

وقال ابن شهر آشوب : زهير بن سليم قتل في الحملة الأُولى.

وقال في منتهى الآمال أنّ الفضل بن العبّاس بن ربيعة بن الحرث بن عبدالمطّلب يقول فيه في القصيدة التي ينعى بها على بني أُميّة أعمالهم :

__________________

(١) إبصار العين ، ص ١٠٩.

(٢) الجملة بين قوسين من المؤلّف.

١٨٩

أرجعو عامراً وردّوا زهيراً

ثمّ عثمان فارجعوا غارمينا

وارجعوا الحرّ وابن قين قوماً

قُتلوا حين جاوزوا صفّينا

أين عمرو وأبن بشر وقتلى

منهم بالعراء ما يدفنونا

يعني بعامر عامراً العبدي وزهير بن سليم ، وبعثمان أخا الحسين ، وبالحرّ الرياحي ، وبابن القين زهيراً ، وبعمرو الصيداوي ، وببشر الحضرمي(١) .

وكان زهير بن سليم قد شارك في حروب القادسيّة وأبلى بلاءاً حسناً ثمّ صحب أميرالمؤمنينعليه‌السلام وختم له بالشهادة والرضا.

٦٤ ـ زهير بن سيّار

لا يوجد له ذكر في كتب الرجال ولم أقع له على عين ولا أثر ، وربّما كان مشتبهاً بزهير بن سليم وهذا لا يخلو من بُعد.

٦٥ ـ زهير بن بشر الخثعمي

في الزيارة الناحية : «السلام على زهير بن البشر (كذا) الخثعمي».

وفي الزيارة الرجبيّة : «السلام على زهير بن بشير الخثعمي» بزيادة الياء في بشر.

وجاء في ترجمة عبدالله بن بشر الخثعمي أنّه كان من المعروفين في حرب القادسيّة ، وله آثار في تمصير الكوفة ، واعتبر صاحب الناسخ زهير بن بشر الخثعمي في عداد المقتولين في الحملة الأُولى. ومثله فعل المحدّث القمّي في منتهى الآمال نقلاً عن المناقب.

__________________

(١) إبصار العين ، ص ١٠٩.

١٩٠

٦٦ ـ زوجة وهب

قتلها غلام لشمر وسوف تأتي ترجمتها الكاملة مع ترجمة وهب إن شاء الله.

٦٧ ـ زهير بن القين الأنماري البجلي(١)

يجب أن لا يفوت القارئ أنّ زهير بن القين من الرجال المرموقين ومن الفرسان صائدي الأُسود ، ومن الخطباء الفحول ، والأصحاب الأوفياء ، وكان على ميمنة الحسينعليه‌السلام ويُعرف بأصالة الرأي والحكمة وحسن القيادة والشجاعة والمقاتلة واللّابس لكلّ ظرف لبوسه ، لا تجده إلّا في المقدّمة في الحوادث الكبار قولاً وعملاً ، يتقدّم الرعيل بخطى الواثق الشجاع ، وأقواله الآتية دليل على ذاته.

في كتاب الدرّ النظيم وهو من تأليفات جمال الدين يوسف بن حاتم الفقيه الشامي المعاصر لابن طاووس وتوجد نسخته الخطّيّة في حيازتي ، روى بسنده عن بعض بني فزارة وكان السدّي يقول أيضاً في زمن الحجّاج بن يوسف الثقفي قال : التقيت يوماً في منزلي برجل من قبيلة بني فزارة فقلت له : أخبرنا عن لقاءك بالحسين مع زهير في سفركم إلى العراق ، قال : خرجنا مع زهير بن القين البجلي من مكّة نريد العراق ، وكنّا نكره النزول مع الحسين في منزل واحد خوفاً من بني أُميّة ، فكنّا نرحل إذا نزل ، وننزل إذا رحل «إلى أن نزلنا منزلاً لم نجد بُدّاً عن مقاربة

__________________

(١) قين ـ بفتح القاف وسكون الياء ـ في الأصل اسم للعبد وللحداد ، والأنماري نسبة إلى أنمار بن أراش من كهلان من القحطانيّة لا أنمار بن نزار بقرينة البجلي فإنّه نسبة إلى بجيلة على وزن نخيلة وهم بطن من أنمار بن أراش ، وبجيلة اسم أمهم.

وقال في العِبر : هم بنو بجيلة بن أنمار بن أراش ، وكان زهير بن القين رجلاً شريفاً في قومه نازلاً فيهم بالكوفة شجاعاً ، له في المغازي مواقف مشهورة ، وكان أوّلاً عثمانيّاً فحجّ سنة ستّين مع أهله ثمّ عاد من الحجّ فوافق الحسين في الطريق ومال إليه واستشهد بين يديه رضي‌الله‌عنه .

١٩١

الحسين بن عليّعليهما‌السلام » فنزل هو بأصحابه في جانب ونزلنا في الجانب الآخر «فبينا نحن نتغدّى إذ أقبل رسول الحسينعليه‌السلام حتّى سلّم وقال : يا زهير ، إنّ أبا عبدالله بعثني إليك لتأتيه ، فطرح كلّ إنسان منّا ما في يده حتّى كأنّما على رؤوسنا الطير. فقالت له امرأته : (ديلم أو دلهم بنت عمرو) : سبحان الله! يبعث إليك ابن رسول الله فلا تأتيه ، لو أتيته فسمعت من كلامه ثمّ انصرفت ، فأتاه زهير فما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه وثقله فقوّض وحمل إلى الحسينعليه‌السلام وحمل إلى الحسينعليه‌السلام ، وقال لامرأته : أنت طالق ، الحقي بأهلك فإنّي لا أُحبّ أن يصيبك بسببي إلّا خير ، ثمّ قال لأصحابه : من أحبّ منكم أن يتّبعني وإلّا فهو آخر العهد وإنّي سأُحدّثكم حديثاً :

غزونا البحر (بالنجر) ففتح الله علينا وأصبنا غنائم فقال لنا سلمان الفارسي رحمة الله عليه(١) : أفرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من الغنائم؟ فقلنا : نعم ، فقال : إذا أدركتم شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معهم ممّا أصبتم اليوم من الغنائم ، فأمّا أنا فأستودعكم الله ، ثمّ لم يزل مع الحسينعليه‌السلام حتّى قُتل رحمة الله عليه(٢) .

__________________

(١) بفتحين وسكون النون وجيم مفتوحة وراء كغضنفر مدينة ببلاد الخزر خلف «باب الأبواب» (بلنجر أيضاً اسم لمدينة قرب بادكوبه) فتحت من زمن عثمان بن عفّان في سنة ٣٢ من الهجرة على يد عبدالرحمن بن ربيعة الباهلي ، وقال البلاذري : على يد سلمان بن ربيعة الباهلي قبل عبدالرحمن ، ودفن في بلنجر ثمّ أخذ الراية أخوه سلمان بن ربيعة فلم يزل يقاتل إلى أن فتح الله على يديه ثمّ سار بجيشه خلف بلنجر فقُتل في تلك الواقعة أربعة آلاف من المسلمين ، وقتل سلمان بن ربيعة في قصّة طويلة. وكان زهير بن القين في تلك الحروف رضي الله تعالى عنه غير أنّه لم يكن مع عليّ بن أبي طالب في حروبه الثلاثة وكان عثمانيّاً ، إنّما الأُمور خواتيمها ، فختم الله له بالشهادة رضي الله تعالى عنه. (منه)

(٢) داخل الرواية الدرّ النظيم كلام ليس منه ونحن ميّزنا روايته بوضع أقواس صغيرة لحصر كلام الدرّ النظيم بينها ـ المترجم. راجع الدرّ النظيم ، ص ٥٤٨ ؛ وعزاه إلى الإرشاد ، ج ١ ص ٢٢١.

١٩٢

وفي رواية أعثم الكوفي أنّ زوجة زهير «ديلم» قالت له : أنت تقاتل مع ابن المرتضى وأنا أُواسي ابنة المصطفى(١) .

وقال المرحوم فرهاد ميرزا في القمقام : وكانت زوجته معه حتّى شهادته(٢) .

وروي في عاشر البحار أنّ (عسكر) الإمام لمّا بلغ ذا حسم خطب الإمام هذه الخطبة ، فحمد الله وأثنى عليه وذكر جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ قال : إنّه قد نزل بنا من الأمر ما ترون ، وإنّ الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت ، وأدبر معروفها ولم يبق منها إلّا صبابة كصبابة الإناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ، ألا ترون إلى الحقّ لا يعمل به ، وإلى الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله حقّاً حقّاً ، فإنّي لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة مع الظالمين إلّا برماً(٣) .

قال : ووثب هلال بن نافع البجلي فقال : والله ما كرهنا ربّنا وإنّا على نيّاتنا وبصائرنا نوالي من والاك ونعادي من عاداك.

وقام برير بن حضير فقال : والله يا ابن رسول الله ، لقد منّ الله بك علينا نقاتل بين يديك فيقطع فيك أعضائنا ثمّ يكون جدّك شفيعاً يوم القيامة.

ولمّا قطع الحر الطريق عليهم قال له زهير بن القين : (يابن رسول الله) إنّ قتال هؤلاء أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم ، فلعمري ليأتينا من بعدهم ما لا قبل لنا به ، فقال له الحسين : ما كنت لأبدأهم بالقتال ، فقال له زهير بن القين : سِر بنا إلى هذه القرية حتّى ننزلها فإنّها حصينة وهي على شاطئ الفرات فإن منعونا

__________________

(١) لم أعثر عليها في موضعها من كتاب الفتوح ولم يعزها المؤلّف إلى كتاب غيره.

(٢) عبارة القمقام كما يلي : وقيل : رافقته المرأة إلى كربلاء ولم تفارقه حتّى استشهد. (قمقام زخّار ، ترجمة وتحقيق محمّد شعاع فاخر ، ج ١ ص ٤٧٤ ط الشريف الرضي ـ قم).

(٣) هذه الخطبة وردت في ج ٤٤ ص ٣٨١ وليس فيها ذكر لذى حسم ، نعم ذكر ملجأ اسمه ذو جشم نقلاً عن كتاب اللهوف ص ٦٩ و ٧٠ وذلك في لقائهعليه‌السلام مع الحر.

١٩٣

قاتلناهم ، فقال الحسينعليه‌السلام : فأيّة قرية هي؟ قال : هي العقر.

وفي الماقب : قال الزهير : فسر بنا حتّى ننزل بكربلاء فإنّها على شاطئ الفرات فنكون هنالك فإن قاتلونا قاتلناهم ، واستعنّا الله عليهم ، قال : فدمعت عين الحسينعليه‌السلام ثمّ قال : اللهمّ إنّي أعوذ بك من الكرب والبلاء (ونزل الحسين في موضعه)(١) .

لعلّ الذي خوّفتنا في أمامنا

يصادفه في أهل المتخوّف

* * *

نحن بنو الموت فما بالنا

نعاف ما لا بدّ من شربه

تبخل أيدينا بأرواحنا

على زمان وهي في كسبه

فهذه الأرواح من حوّه

وهذه الأجسام من تربه(٢)

ما بتو دل بستگان نه نفس پرستيم

بندهٴ شاهيم ودلخوشيم که هستيم

خار ملامت به پاى دل نخليديم

تير بلاى تو بسينه شکستيم

طاير قدسيم زآشيانه ريده

کوى تو را آشيانه ديديم نشستيم

عارف عامى فکار فکر پريشند

ما بغند تو زدام غم هله هستيم

الإلمام بالشعر العربيّة :

نحن رهنا القلب في حبّكم

وما عبدنا النفس في حبّكم

وعبدكم جذلان من أسره

لا يبتغي الفكاك من أسركم

لم نلم القب على ودّه

وفي الصدور انكسرت نبلكم

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٤٤ ص ٣٨١ نقلاً عن المناقب.

(٢) هذه الأبيات الثلاثة من شعر المتنبّي ذكرها في أعيان الشيعة ، ج ٢ ص ٥٣٨ وأوّلها :

لا بدّ للإنسان من ضجعة

لا تقلب المضجع عن جنبه

الخ.

١٩٤

طائر قدس نام عُشّه

وسعده الغامر من سعدكم

لمّا رأى الراحة في حيّكم

طار ليبنى العشّ في حيّكم

ما أجمل الوقوع في فخّكم

لأنّ قدس الحقّ من قدسكم

وتقدّم في ترجمة حبيب بن مظاهر عصر التاسع من المحرّم حين ختم حبيب كلامه بدأ زهير الحديث معهم لمّا ردّ عزرة بن قيس على حبيب قائلاً : إنّك تزكّي نفسك يا حبيب ، فقال : بل الله زكّاها وأنعم عليه بالهداية بلا شكّ أو شبهة ، اتّق الله يا عزرة إنّي لك ناصح مشفق ، وإنّي أُقسم بالله العظيم أنّك تعين الظالمين الضالّين وأهل الضلال وتقاتل النفوس الزكيّة.

فقال له عزرة بن قيس : ما عهدناك من شيعة أهل هذا البيت وإنّما كنت لعثمان شيعة ولحزبه متّبع.

فقال له زهير : ألا يدلّك موقفي هذا على موالاتهم ، والله ما كتبت إليه بالنصرة ولكن جمعني وإيّاه الطريق فذكرت مقامه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقربه منه فرأيت نصرته فرضاً عليّ واجباً ليكون جدّه شفيعاً لي يوم القيامة ، وحفظت من وصيّة رسول الله فيه ما ضيّعتموه.

قال الرواي : فلمّا بلغوا هذا الحدّ عاد أبو الفضل يطلب منهم المهلة سواد الليلة فأتمر الجند فيما بينهم ثمّ رضوا بتأخير الحرب ليلة واحدة.

زهير وليلة عاشوراء

خطب الإمام الحسين أصحابه ليلة عاشوراء فقال بعد أن أثنى على الله أحسن الثناء : أحمده على السرّاء والضرّاء ، اللهمّ إنّي أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة وعلّمتنا القرآن ، وفقّهتنا في الدين ، وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة فاجعلنا من الشاكرين.

١٩٥

أمّا بعد ، فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي ، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله عنّي خيراً ، ألا وإنّي لأظنّ يوماً لنا من هؤلاء ، ألا وإنّي قد أذنت لكم بالانصراف فانطلقوا جميعاً أنتم في حلّ من بيعتي ، ليس عليكم حرج منّي ولا ذمام ، هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً ، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي وتفرّقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم فإنّهم لا يريدون غيري (أنتم انجوا بأنفسكم فإنّ الليل ستّير ، والحرّ غير هجير ، والطريق لكم غير خطير).

فقام زهير بن القين وقال : يا سيّدي ، والله لوددت أنّي قُتِلت ثمّ نُشِرت ثمّ قُتلت حتّى أُقتل هكذا ألف مرّة وإنّ الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن نفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك(١) .

وفي زيارة الناحية : «السلام على زهير بن القين البجلي ، القائل للحسينعليه‌السلام وقد أذن له في الانصراف : لا والله لا يكون ذلك أبداً ، أأترك ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أسيراً في يد الأعداء وأنجو ، لا أراني الله ذلك اليوم أبداً»(٢) .

من قصيدة فاخرة للسيّد حيدر الحلّي :

بنفسي وآبائي نفوساً أبيّة

يجرّعها كأس المنيّة مترف

تطلّ بأسياف الضلال دمائهم

وتلغى وصايا الله فيهم وتحذف

وهم خير من تحت السماء بأسرهم

وأكرم من فوق السماء وأشرف

__________________

(١) ذكر البحار شطراً من ذلك ج ٤٤ ص ٣٩٣ ومثله العوالم ، ص ٢٤٣ ؛ لواعج الأشجان ، ص ١١٨ ؛ موسوعة كلمات الحسين ، ص ٤٧٩ ، ولم أعثر على سياق المؤلّف فيها ولا في غيرها وأحسب الزيادة التي وضعتها بين قوسين مقحمة في النصّ وليست منه.

(٢) إقبال السيّد ابن طاووس عن الشيخ الصالح أبي منصور بن عبدالمنعم بن النعمان البغداديرحمه‌الله ، قال : خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين ومائتين راجع العوالم ، ص ٣٢٧.

١٩٦

وهم يكشفون الخطب لا السيف في الـ

ـوغى بأمضى شبا منهم ولا هو أرهف

إذا هتف الداعي بهم يوم من دم

الفوارس أفواه الضبا تترشّف

أجابوا ببيض طائعاً يغضب القضا

إلى حيث شائت ما يزال يصرف

ومن تحتها الآجال تسري وقوفها

لواء من النصر الإلهي يرفرف

لهم سطوات تملأ الدهر دهشة

وتنبثّ مها الشمّ والأرض ترجف

عجبت لقوم ملأ أدراعهم ردّى

وملأ ردائيهم تُقًى وتعفّف

هُداة أجابوا داعي الله فانتهى

بهم لقصور في ذُرى الشهد أشرف

فأيّة نفس ليس تذهب حسرة

عليهم وقلب بالأسى ليس يتلف(١)

خطبة زهير وشهادته

قال أبو مخنف : فحدّثني عليّ بن حنظلة الشبامي (وعلى هذا من المؤرخين وأبوه من شهداء كربلاء وقد مرّت ترجمته آنفاً) عن رجل من قومه شهد مقتل الحسين حين قُتل يقال له : كثير بن عبدالله الشعبي (وهو قاتل زهيرعليه‌السلام ) قال : لمّا زحفنا قبل الحسينعليه‌السلام خرج إلينا زهير بن القين على فرس له ذنوب ، شاك في السلاح ، فقال : يا أهل الكوفة ، نذار لكم من عذاب الله نذار ، إنّ حقّاً على المسلم نصيحة أخيه المسلم ونحن حتّى الآن إخوة (و) على دين واحد ، وملّة واحدة ما لم يقع بيننا وبينكم السيف ، وأنتم للنصيحة منّا أهل ، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة وكنّا أُمّة وأنتم أُمّة (وكنتم أُمّة) ، إنّ الله قد ابتلانا وإيّاكم بذرّيّة نبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله لينظر ما نحن وأنتم عاملون ، إنّا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية

__________________

(١) من قصيدة له أوّلها :

على كلّ واد دمع عينيك ينزف

وما كلّ واد جُزت فيه المعرّف

الدرّ النضيد ، ص ٢١٨.

١٩٧

عبيدالله بن زياد ، فإنّكم لا تدركون منهما إلّا بسوء عمر سلطانهما كلّه (إلّا السوء عمر سلطانهما كلّه) ليسملان (إنّهما يسملان) أعينكم ، ويقطعان أيديكم وأرجلكم ، ويمثّلان بكم ، ويرفعانكم على جذوع النحل ، ويقتلان أماثلكم وقرّائكم أمثال عجر بن عدي (الكندري ـ كذا) وأصحابه ، وهاني بن عروة وأشباهه.

قال : فسبّوه وأثنوا على عبيدالله بن زياد ودعوا له (على عبيدالله وأبيه) وقالوا : والله نبرح حتّى نقتل صاحبك ومن معه أو نبعث به وبأصحابه إلى الأمير عبيدالله سلماً.

فقال لهم (زهير) : عباد الله ، إنّ ولد فاطمة رضوان الله عليها أحقّ بالودّ والنصر من ابن سميّة ، فإن لم تنصروهم فأُعيذكم بالله أن تقتلوهم فخلّوا بين الرجل وبين ابن عمّه يزيد فلعمري إنّ يزيد ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين (فخلّوا بينه وبين يزيد فلعمري إنّه ليرضى من طاغيتكم).

قال فرماه شمر لعنه الله بسهم وقال (له) : اسكت أسكت الله نأمتك (فقد) أبرمتنا بكثرة كلامك.

فقال له زهير : يا ابن البوّال على عقبيه ، ما إيّاك أُخاطب (ما أنا أُخاطبك) إنّما أنت بهيمة ، والله ما أظنّك تحكم من كتاب الله آيتين ، فأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم.

فقال له شمر : إنّ الله قاتلك وصاحبك عن ساعة.

قال (زهير) : أفبالموت تخوّفني؟! فوالله إنّ الموت معه أحبّ إليّ من الخلد معكم. قال : ثمّ أقبل (فأقبل) على الناس رافعاً صوته (وصاح بهم) فقال : عباد الله ، لا يغرّنّكم عن دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه ، فوالله لا تنال شفاعة محمّد قوماً أهراقوا (أهرقوا) دماء ذرّيّته وأهل بيته وقتلوا من نصرهم وذبّ عن حرمهم.

١٩٨

قال : فناداه رجل فقال له : إنّ عبدالله يقول لك : أقبل فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لو نفع النصح والإبلاغ(١) .

ولمّا رأى عمرو بن الحجّاج الزبيدي أنّ كلّ رجل من أصحابه كلّما خرج إلى الميدان وقع فريسة لسيوف الأُسود الهائجة رفع عقيرته وصاح مغضباً : يا حمقى ، أتدرون من تقاتلون؟ إنّكم تقاتلون من ارتضعوا دَرّ الشجاعة ، وشربوا الماء من شفار السيوف ، احملوا عليهم حملة رجل واحد وقاتلوهم ولئن كانوا على قلّة عددهم وكثرة عددكم وقوّة المدد لكم يقتلون منكم هذه المقتلة ويعرضونكم للإبادة فعليكم أن تحموا الجيش على قتالهم وتحملوه على قتلهم ، فلو رميتموهم بالحجارة لأتيتم على آخرهم.

ولمّا سمع ابن سعد قوله قال : هذا هو الرأي الصحيح الراجح ، ثمّ حمل عمرو بن الحجّاج من ناحية الفرات على ميمنة أصحاب الحسين ، وحمل الشمر على الميسرة وتتابعت الحملات ، وحمي الوطيس ، واستحرّ القتل فيهم ، وفتحت أفاعي الموت أشداقها ، وصرّ ذئب الأجل أسنانه ، وقامت الحرب على قدم وساق ، وفتح الأجل ذراعيه لاستقبال أرواح المقاتلين ، وكان أصحاب الحسين يتهافتون على المنيّة ولا تهافت العرّيس على حجلة الزفاف كأنّهم الأُسود الضارية هاجت على فرائسها ، وأغار الفرسان كأنّهم الرجوم هوت على شياطين ، وشتّت شمل جيش ابن سعد ذات اليمين وذات الشمال.

__________________

(١) مقتل أبي مخنف ، ص ١١٩ وكان المؤلّف قد وضع النصّ العربي في الهامش وفيه زيادات عمّا في المقتل وضعناها بين قوسين كما أنّ الترجمة إلى الفارسيّة تخلّلتها كلمات هي من مقوّمات النثر الفارسي ولكنّها مفسدة للنثر العربي مثل : وعاد زهير للكلام مرّة أُخرى كالبحر المائج الخ ، وهذا القول يحسن من المترجم أن يأتي به لا ناقل النصّ.

١٩٩

فأُصيب ابن سعد من هذا الوضع بالذهول فاستدعى الحصين بن نمير فأمره بتقديم خمسمائة من الرّماة ليرشقوا أصحاب الحسينعليه‌السلام بالنبل ، وحمل شمر بن ذي الجوشن كالذئب الجائع على سلالة أسد الله وخلاصة عالم الإمكان ، فاستقبلهم أصحابهعليه‌السلام على قلّة عددهم كالسيل المنحدر والنمر الشرس ، وهجموا عليهم وكلّ واحد منهم كأنّه القضاء الجاري من السماء ، والبلاء المفاجئ ، وصنعوا من القتلى سدوداً يحمون بهم ظهورهم ولكن لا يبيّن فيهم النقص لكثرتهم ، أمّا أصحاب الإمام فقتل الواحد منهم يظهر النقص فيهم لقلّتهم وتقدّم العدوّ في ساحة الحرب حتّى بلغوا طنب الخيام فارتفعت صيحة النساء والأطفال ، فصاح شبث بن ربعي بعمر بن سعد : ثكلتك أُمّك يابن سعد ، ماذا تبغي بإرعاب هؤلاء الصبية؟! فكأنه استحيا ـ ولا حياء له ـ فأمر جيشه بالتقهقر والتأخّر ، فقتل في هذه الحملة خمسون من أصحاب الحسين عليه وعليهم‌السلام .

ولمّا صكّت مسامع زهير استغاثة النساء والأطفال فارقه الصبر واستولت عليه الدهشة فحمل عليهم كالصاعقة المتأجّجة بلظى الجحيم ، حتّى ردّهم على أعقابهم خاسئين ، عند ذلك صاح الشمر لعنه الله : عليَّ بالنار لأحرق خيام الظالمين ، فصاح به الحسينعليه‌السلام : يا ابن ذي الجوشن ، أنت تطلب النار لتحرق بيوتي على أهلي ، أحرقك الله بنار جهنّم.

فسمع زهير نعرات الشمر فحمل على شمر وأصحابه كالليث الغضبان وسرعان ما ألحق أبا عزرة الضبابي ـ وهو من أعضاد شمر وأقربائه ـ بجهنّم الأبديّة ، وحمل زهير مع الحرّ على الأعداء وقاتلا قتال الوالهين إلى مرضاة ربّ العالمين فكانا إذا حمل أحدهما على الأعداء وغاص في أوساطهم والتحم بالعدوّ حمى الآخر ظهره ثمّ حمل عليهم ليستنقذه ، فامتدّ القتل ساعة من الدهر على هذا الشكل إلى أن استشهد الحرّ ابن يزيد الرياحي فحمل عليهم زهير كأنّه التنّين

٢٠٠