الانحراف والزيغ في كل المجتمعات فلا يسلم من منزلقات البؤس والفساد لا الكبير ولا الصغير ولا الرجل ولا المرأة.
فطلب من الله تعالى :(
قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ
)
.
ومن المؤكّد أن العمر الطويل له فائدة كبرى لكل شخص يزيد من حسناته ، ويصحح أخطاءه ، وإذا كان له ماضٍ أسود يبدّله إلى مستقبل سعيد ونوراني ، ولكن العمر الطويل للطغاة والصعاليك والمعاندين على العكس من ذلك فله نتائج عكسية.
ولعل إجابة دعائه بالعمر الطويل من رحمة الله تعالى التي تستوعب الخاطئين ، أو ربّما كان تقديراً من الله وجزاءً لعبادته لله آلاف السنين ، ولعله يعود عن غيّه ، لكن هذهِ النعمة عند ما تقع في أيدي الطغاة والصعاليك والمعاندين فستتحول إلى نقمةٍ عليهم.
وتأتي«الآية الرابعة»
لتتحدث عن قوم نوحعليهالسلام
وعنادهم في مقابل دعوة نبيّهم الرحيم بهم ، فدعاهم ليلاً ونهاراً في الخلاء والملأ لينجيهم من العذاب ، وكلما ألحّ عليهم في قبول دعوة الحق ، ازدادوا غيّاً وعناداً.
فاشتكى نوحعليهالسلام
إلى الله وقال :(
قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً* وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً
)
.
فأي تعصب وعناد هذا الذي يضع الإنسان اصابعه في آذانه حتى لا يسمع الحق ويلفّ وجهه ويغطيه بثوبه حتى لا يرى من يدعوه إلى الحق والسعادة والخير ، بل يتحرّك بعيداً عنه ويتهرب من مواجهته؟!
فالهروب من الحق له حدود ، ولكنهم تعدّوها إلى أبعد شيء ولم يتخذوا غير طريق المعاندة والتعصب والاستبداد.
فكيف يجوز للإنسان المريض أن يفرّ من الطبيب ، وللغارق في الظلمات أن يتهرب من النور ، وللغريق أن يتملّص من المنقذ له؟ إنّه أمر محيرٌ حقّاً ، ولكن العناد واللجاج