الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم على لسان حفيده الإمام زين العابدين عليه السلام

الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم على لسان حفيده الإمام زين العابدين عليه السلام0%

الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم على لسان حفيده الإمام زين العابدين عليه السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام علي بن الحسين عليه السلام
الصفحات: 155

الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم على لسان حفيده الإمام زين العابدين عليه السلام

مؤلف: السيّد محسن الحسيني الأميني
تصنيف:

الصفحات: 155
المشاهدات: 23031
تحميل: 3209

توضيحات:

الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم على لسان حفيده الإمام زين العابدين عليه السلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 155 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23031 / تحميل: 3209
الحجم الحجم الحجم
الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم على لسان حفيده الإمام زين العابدين عليه السلام

الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم على لسان حفيده الإمام زين العابدين عليه السلام

مؤلف:
العربية

إذ كان ذا مال ، كما يقال : رجل مُقلّ ، إذا كان فقيراً : أي جعلنا مكثرين موسرين ، فائقين على من كان فقيراً مُقلاً.

ويحتمل أن يراد بهما : العزّة والذلّة ، إذ كان من الشائع أن يكنىّ بالكثرة عن العزّة وبالقلّة عن الذلّة ، أي أعزّنا على من ذلّ.

قال الزجاج في قوله تعالى : «وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ »(١) : يحتمل كثرة العدد بعد القلّة ، وكثرة العُدد بعد النزارة ، وكثرة القدرة والشدّة بعد الضعف والذلّة(٢) .

وقال الزمخشري : «أي واذكروا على جهة الشكر وقت كونكم قليلاً عددكم فكثرّكم الله ووفّر عددكم ، ويجوز إذ كنتم فقراء مقلّين فكثّركم فجعلكم مكثرين موسرين ، أو كنتم أقلّة أذلّة فأعزّكم بكثرة العَدد والعُدد»(٣) .

* * *

__________________

١ ـ الأعراف : ٨٦.

٢ ـ التفسير الكبير للفخر الرازي : ج ١٤ ، ص ١٧٥.

٣ ـ الكشاف : ج ٢ ، ص ١٢٨.

٦١

أَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ أَمِينِكَ

عَلَى وَحْيِكَ وَنَجِيبِكَ مِنْ

خَلْقِكَ ، وَصَفِيِّكَ مِنْ عِبَادِكَ.

أصل «أَللَّهُمَّ» يا الله ، حذف حرف النداء وعوّض عنه الميم ، ولذلك لا يجمع بينهما إلاّ ضرورة كقول الشاعر :

إني إذا ما حَدَثٌ ألمّا

أقول يا أَللَّهُمَّ يا أَللَّهُمَّا(١)

وإنّما اُخّرت الميم تبرّكاً باسمه تعالى ، وخصّت بذلك دون غيرها لأنّ الميم عهد زيادتها آخراً ، كميم زرقم للشديد الزرقة ، هذا مذهب البصريّين.

وذهب الكوفيّون إلى أنّ الميم ليست عوضاً ، بل بقيّة من جملة محذوفة وهي اُمّنَا بخير.

قال الرضي : وليس بوجه لأنّك تقول : أَللَّهُمَّ لا تؤمّهم بخير(٢) .

وقال أبو علي : ولأنَّه لو كان كما ذكر لما حسن ، أَللَّهُمَّ أمَّنَا بخير ، وفي حسنه دليل على أنّ الميم ليست مأخوذة منه ، إذ لو كان كذلك لكان تكريراً(٣) .

وقال بعضهم : أصل أَللَّهُمَّ : يا الله المطلوب للمهمّ ، فحذف حرف النداء لدلالة الطلب والإهتمام عليه مع قيامه مقامه ، ثمّ اقتصر من لفظي الصّفتين بأوّل الأوّل وآخر الثاني واُدغم أحدهما في الآخر.

قوله عليه السلام : «أمينك على وحيك» الأمين : فعيل من الأمانة ، فهو إمّا

__________________

١ ـ شرح الكفاية في النحو للرضي : ج ١ ، ص ١٤٦.

٢ ـ شرح الكافية في النحو للرضي : ج ١ ، ص ١٤٦.

٣ ـ لم نعثر عليه.

٦٢

بمعنى مفعول : أي مأمون من أمنه ـ كعلمه ـ إذا إستأمنه ، أو بمعنى فاعل من أمن هو ككرم فهو أمين.

و «الوحي» في اللغة : الإشارة والرسالة والكتاب والإلهام وكلّ ما ألقيته إلى غيرك ليعلمه فهو وَحي كيف كان. وهو مصدر وَحَى إليه يَحِى من باب وعد ، وأوحى إليه بالألف مثله ، وهي لغة : القرآن الفاشية ، ثم غلب إستعمال الوحي فيما يُلقى إلى الأنبياء من عند الله ، والمراد بكونه أميناً على وحيه تعالى : قوّته على ما كلّف به من ضبط الوحي في الألواح قواه الشريفة بحكم الحكمة الإلٰهيّة بها عليه ، وكمال إستعداد نفسه الطاهرة لأسرار الله وعلومه ، وحكمه ، وحفظه لها ، عن ضياعها ، وصيانتها عن تدنّسها بأذهان غير أهلها ، وعدم تطرّق تبديل أو زيادة أو نقصان إليها ، إذ كان من شأن الأمين قوّته على ضبط ما يستأمن عليه ، وإستعداده له وحفظه وصيانته عن التلف والأدناس والتبديل والزيادة والنقصان ، ولهذا السرّ كانت العرب تسمّيه بالأمين قبل مبعثه لما شاهدوه من أمانته ، وشهّر بهذا الاسم قبل نبوّته وبعدها.

قوله عليه السلام : «ونجيبك من خلقك» النجيب : الكريم النفيس في نوعه ، فعيل بمعنى فاعل ، من نَجُبَ ككَرُمَ نجابة ، ويحتمل أن يكون بمعنى مفعول : أي اللُّباب الخالص الذي انتجبته من خلقك ، من قولهم : نجبت العُود من باب ـ ضَرَب ـ و ـ قتل ـ وانتجبته : إذا قشرت نجَبه بالتّحريك وهو : لحاؤه وقشره وتركت لبابه وخالصه.

وفي حديث ابن مسعود : الأنعام : من نجائب القرآن أو نواجب القرآن(١) .

__________________

١ ـ النهاية لإبن الأثير : ج ٥ ، ص ١٧.

٦٣

قال في القاموس : نجائب القرآن : أفضله ومحصنه ، ونواجبه لُبابه الذي عليه نجب(١) .

وفي نسخة ابن إدريس : نجيّك من خلقك بالياء المثناة من تحت مشدّدة بعد الجيم ، وهو فعيل من النجوى بمعنى السرّ ، يقال : ناجيته أي ساررته ، وهو نجيّ فلان : مناجيه دون أصحابه.

وقال ابن الأثير في النهاية في حديث الدّعاء : «أَللَّهُمَّ بمحمّد نبيّك وموسى نجيّك» هو المناجى المخاطب للإنسان والمحدّث له ، يقال : ناجاه يناجيه مناجاة فهو مناج ، والنجيّ فعيل منه ، وقد تناجيا مناجاة وإنتجاء ومنه : الحديث : «لا يتناجى اثنان دون الثالث» وفي رواية : «لا ينتجي اثنان دون صاحبهما» أي لا يتسارران منفر دين لأنّ ذلك ليسوؤه ومنه : حديث عليّ عليه السلام : «دعاه رسول الله صلى الله عليه واله يوم الطائف فانتجاه فقال النّاس : لقد أطال نجواه ، فقال : ما انتجيته ولكن الله انتجاه ، أي إنّ الله أمرني أن اُناجيه»(٢) إلى هنا كلام ابن الأثير.

قوله عليه السلام : «وصفيّك من عبادك» الصفيّ إمّا بمعنى المصطفى أي المختار ، ومنه الصفي والصفيّة لما يختاره الرئيس لنفسه من الغنيمة ، أو بمعنى الحبيب المصافي من صافاه الودّ والإخاء : صدّقه كأصفاه ، يُقال : هو صفي من بين إخواني.

قال ابن الأثير : «هو فعيل بمعنى فاعل أو مفعول»(٣) .

وانتجاب الله تعالى وإصطفاؤه له صلى الله عليه واله وكذلك مصافاته له يعود إلى

__________________

١ ـ القاموس المحيط : ج ١ ، ص ١٣٠ ، وفيه : (ليس عليه نجب).

٢ ـ النهاية لإبن الأثير : ج ٥ ، ص ٢٥ ، مع اختلاف يسير في العبارة.

٣ ـ النهاية لإبن الأثير : ج ٣ ، ص ٤٠.

٦٤

إفاضة الكمال النبويّ عليه بحسب ما وهبت له العناية الإلهيّه من القبول والإستعداد.

ويحتمل أن يكون المراد باصطفائه تعالى له صلى الله عليه واله جعله صفوة خلقه وعباده أي خيرتهم كما قال صلى الله عليه واله : «إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ، واصطفى من ولد إسماعيل كنانة ، واصطفى من كنانة قريشاً ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم»(١) .

* * *

__________________

١ ـ مسند أحمد بن حنبل : ج ٤ ، ص ١٠٧ ، والطبقات الكبرىٰ : ج ١ ، ص ١٨ ، والشفا بتعريف حقوق المصطفى : ج ١ ، ص ٨٢.

٦٥

إِمَامِ الرَّحْمَةِ وَقَائِدِ

الْخَيْرِ وَمِفْتَاحِ الْبَرَكَةِ

«إمام الرّحمة» بدل من محمّد ، أو عطف بيان عليه و «الإمام» ما يقتدى به من رئيس أو غيره فيطلق على الخليفة ، والعالم المقتدى به ، ومن يؤتم به في الصّلاة ، ويستوي فيه المذكّر والمؤنث.

قال بعضهم : وربما أنّث إمام الصّلاة فقيل : إمرأة إمامة ، وقيل : الهاء فيها خطأ والصواب حذفها لأنّ الإمام اسم لا صفة.

وقال بعضهم : لا يمتنع أن يقال : إمرأة إمامة لأنّ في الإمام معنى الصفة.

و «الرحمة» قيل : هي ميل القلب إلى الشفقة على الخلق والتلطّف بهم.

وقيل : هي إرادة إيصال الخير إليهم : وإضافة الإمام إليها ، إمّا بمعنى اللام الإختصاصية ، أي إمام للرحمة ، والمعنى : الإمام المختص بالرحمة ، أو بمعنى (من) البيانيّة أي إمام من جنس الرحمة ، والمعنى : الإمام الذي هو الرحمة كأنّه نفس الرحمة مبالغة ، وفيه إشارة إلى قوله تعالى : «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ »(١) .

قال أهل العربيّة : يجوز أن تكون رحمة ، مفعولاً له أي لأجل الرحمة ، وأن تكون حالاً مبالغة في أن جعله نفس الرحمة ، وإمّا على حذف مضاف أي ذا رحمة ، أو بمعنى راحم.

وفي الحديث : «أنا نبيّ الرحمة»(٢) وفي آخر : «إنّما أنا رحمة مهداة»(٣) .

__________________

١ ـ الأنبياء : ١٠٧.

٢ ـ منسد أحمد بن حنبل : ج ٤ ، ص ٣٩٥.

٣ ـ مجمع البيان : ج ٧ ـ ٨ ، ص ٦٧.

٦٦

وتفصيل هذه الرحمة من وجوه :

أحدها : أنّه الهادي إلى سبيل الرشاد ، والقائد إلى رضوان الله سبحانه ، وبسبب هدايته يكون وصول الخلق إلى المقاصد العالية ، ودخول جنّات النعيم التي هي غاية الرحمة.

الثاني : أنّ التكاليف الواردة على يديه أسهل التكاليف وأخفّها على الخلق بالنسبة إلى سائر التكاليف الواردة على أيدي الأنبياء السّابقين لاُممها. قال صلى الله عليه واله : «بعثت بالحنيفيّة السمحة السهلة»(١) وذلك عناية من الله تعالى ورحمة اختص بها أُمّته على يديه.

الثالث : أنّه ثبت أنّ الله يعفو عن عصاة أُمّته ويرحمهم بسبب شفاعته.

الرابع : أنّه سأل الله أن يرفع عن أُمّته بعده عذاب الإستيصال ، فأجاب الله دعوته ورفع العذاب رحمة.

الخامس : أنّ الله وضع في شرعه الرّخص تخفيفاً ورحمة لأُمّته.

السادس : أنّه صلى الله عليه واله رحم كثيراً من أعدائه كاليهود والنصارى والمجوس ، برفع السيف عنهم ، وبذل الأمان لهم ، وقبول الجزية منهم.

وقال صلى الله عليه واله : «من آذى ذمّياً فقد آذاني»(٢) ولم يقبل أحد من الأنبياء الجزية قبله.

السابع : إنّ الله تعالى أخّر عذاب من كذّبه إلى الموت ، أو القيامة كما قال الله تعالى : «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ »(٣) وكلّ نبيّ من

__________________

١ ـ النهاية لإبن الأثير : ج ١ ، ص ٤٥١.

٢ ـ لم نعثر عليه. بل وجدنا قريباً منه وإليك نصه : «من آذى ذمّياً فأنا خصمه ، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة» الجامع الصغير : ج ٢ ، ص ١٥٨.

٣ ـ الأنفال : ٣٣.

٦٧

الأنبياء قبله كان إذا كذب أهلك الله من كذّبه إلى غير ذلك من الوجوه التي لا تكاد تحصى كثرة.

فان قلت : كيف كان رحمة وقد جاء بالسيف وإستباحة الأموال؟ حتّى قال في حديث آخر : «أنا نبيّ الملحمة»(١) أي القتال.

قلت : إنّما جاء بالسيف لمن جحد وعاند وأراد خفض كلمة الله ولم يتفكّر ولم يتدبّر ، ألا ترى إنّه كان عليه السلام لا يبدأ أحداً بقتال حتّى يدعوه إلى الله وينذره ، ومن أسماء الله تعالى الرحمن الرحيم ، ثمّ هو المنتقم من العصاة فلا شكّ إنّه عليه السلام كان رحمة لجميع الخلق ، للمؤمنين بالهداية وغيرها ، وللمنافقين بالأمان ، وللكافرين بتأخير العذاب ، فذاته عليه السلام رحمة تعمّ المؤمن والكافر.

وروي إنّه صلى الله عليه واله قال لجبرئيل لما نزل عليه بقوله تعالى : «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ »(٢) : هل أصابك من هذه الرحمة شيء؟ قال : نعم كنت أخشى سوء العاقبة فأمنت إن شاء الله بقوله تعالى : «ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ *مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ »(٣) (٤) .

قوله عليه السلام : «وقائد الخير» قاد الدابة قوداً ، من باب ـ قال ـ ، وقياداً : إذا تقدّمها آخذاً بقيادها وهو خلاف السَوق ، ومنه : قائد الجيش لأميرهم كأنّه يقودهم ، وجمعه : قادة وقوّاد. وقد يقال للدليل أيضاً : قائد بهذا الإعتبار.

__________________

١ ـ مسند أحمد بن حنبل : ج ٤ ، ص ٣٩٥ و٤٠٤.

٢ ـ الأنبياء : ١٠٧.

٣ ـ التكوير : ٢٠ ـ ٢١.

٤ ـ مجمع البيان : ج ٧ ـ٨ ، ص ٦٧ ، مع اختلاف يسير في العبارة.

٦٨

و «الخير» قيل : هو شيء من أعمال القلب نوراني زائد على الإيمان وغيره من الصفات المرضية ، يدلّ على ذلك ما في حديث أنس : «يخرج من النار من قال : لا إلٰه إلّا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن مثقال ذرّة»(١) .

وقيل : هو الوجود ويطلق على غيره بالعرض ، وهو إمّا خير مطلق كوجود العقل لأنّه خير محض لا يشوبه شرّ ونقص ، وإما خير مقيّد ، كوجود كلّ من الصفات المرضيّة.

وقيل : هو ما يطلبه ويُؤثّره ويختاره كلّ عاقل ، وهو ينقسم : إلى خير بالذات ، وخير بالعرض. فالأوّل : هو الحقيقي ومرجعه إلى الوجود البحت ، والموجود بما هو موجود كالعلم ، والإيمان الحقيقيّين.

والثاني : ما هو وسيلة إلى الأوّل ، كالعبادة ، والزهد.

وقيل : هو ما يتشوّقه كلّ أحد بلا مثوبة ، وهو المختار من أجل نفسه ، والمختار غيره لأجله فإنّ الكلّ يطلبه بالحقيقة الخير وإن كان قد يعتقد في الشرّ أنّه خير فيختاره ، فمقصده الخير ويضادّه الشرّ ، وهو المجتوى من أجل نفسه ، والمجتوى غيره من أجله.

والحقّ : إنّ الخير ، كلّيّ ، يندرج تحته جميع الأعمال الصالحة كما يدلّ عليه قول أمير المؤمنين عليه السلام : «إفعلوا الخير ولا تحقّروا منه شيئاً ، فإنّ صغيره كبير ، وقليله كثير»(٢) ويؤيّده : ما في بعض الأخبار : يخرج منها أي من جهنّم قوم لم يعلموا خيراً قط(٣) وهٰؤلاء الذين ليس معهم إلا الإيمان إنتهى.

__________________

١ ـ صحيح البخاري : ج ١ ، ص ١٦ ، مع اختلاف يسير في العبارة.

٢ ـ نهج البلاغة : ص ٥٥٠ ـ ٥٥١ ، قصار الحكم : ٤٢٢.

٣ ـ الترغيب والترهيب : ج ٤ ، ص ٤١٢ ، ح ٥٩.

٦٩

ويقابله ، الشرّ فيكون كلّياً يندرج تحته جميع الأعمال السيّئة ، وإضافة القائد إلى الخير من إضافة الفاعل إلى المفعول ، وفيه إستعارة لطيفة ، فإنّ القائد لمّا كان من شأنه أن يقود الدابّة حتّى يصل بها إلى الموضع المقصود ، وكان عليه السلام قد جاء بالخير وأوصله إلى الخلق ، لا جرم حسنت إستعارة القائد له.

قوله عليه السلام : «ومفتاح البركة» المفتاح : ما يفتح به المغلاق ، والمفتح مثله ، وكأنّه مقصود من الأوّل ، وجمع الأوّل : مفاتيح ، والثاني : مفاتح بغير ياء.

و «البركة» ـ محرّكة ـ النماء والزيادة والسعادة ، وفيه إستعارة بديعيّة جداً وذلك : إنّ الكفر والضلال لمّا كانا مانعين من نماء الأعمال وسعادة الدارين ، شبّههما بالمغلاق الذي يمنع من الدخول إلى الدار. ولمّا كان صلى الله عليه واله رافعاً للكفر ، وماحياً للضلال ، وكان سبباً للإقدام على إستفادة الخيرات الزاكية ، والسعادات النامية ، شبّهه بالمفتاح.

* * *

٧٠

كَمَا نَصَبَ لِأَمْرِكَ نَفْسَهُ وَ

عَرَّضَ فِيكَ لِلْمَكْرُوهِ بَدَنَهُ ،

«الكاف» للتعليل عند من أثبته لها أي صلّ عليه لأجل نصبه لأمرك نفسه كما في قوله تعالى : «وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ »(١) أي لهدايته إيّاكم ، فما مصدرية ، وزعم الزمخشري(٢) ، وابن عطية(٣) وغير هما : أنّها كافة.

قال ابن هشام : وفيه إخراج الكاف عمّا ثبت لها من عمل الجر من غير مقتض ، ومن نفى ورود الكاف للتعليل ، أجاب بأنّه من وضع الخاص موضع العام إذ الذكر والهداية يشتركان في أمر وهو الإحسان ، فهذا في الأصل بمنزلة «وأحسن كما أحسن الله إليك».

و «الكاف» للتشبيه لا للتعليل ، فوضع الخاص وهو الذكر ، موضع العام وهو الإحسان والأصل : وأحسنوا كما أحسن الله إليكم ، ثم عدل عن ذلك الأصل إلى خصوصيّة المطلوب وهو الذكر والهداية(٤)

وكذا القول في عبارة الدعاء إذا قلنا بأنّ الكاف فيها للتشبيه فيكون الأصل : فأحسن إليه كما أحسن ، ثم عدل عن ذلك إلى قوله : «فصلّ عليه» كما نصب للإعلام بخصوصيّة المطلوب ، ولا خفاء بما في ذلك من التكلف.

والحق : ورودها للتعليل ، فإن معنى التعليل ظاهر في حكاية

__________________

١ ـ البقرة : ١٩٨.

٢ ـ الكشاف : ج ١ ، ص ٢٤٧.

٣ ـ مغني اللبيب : ص ٢٣٤.

٤ ـ مغني اللبيب : ص ٢٣٤.

٧١

سيبويه(١) «كما أنّه لا يعلم فتجاوز الله عنه». وفي قول الشاعر :

وطرفك إمّا جئتنا فاحبسنّه

كما يحسبوا أن الهوى حيث تنظر(٢)

إذ معناه ، إنك إذا جئتنا فلا تنظر إلينا وانظر إلى غيرنا ليحسب الرقباء أنّ هواك مقصور على من تنظر إليه ليكون ذلك سببا للستر وعدم الفضيحة.

قال ابن مالك : ونصب الفعل بعدها تشبيها بـ (كى) في المعنى(٣)

و «نصب» إمّا من النصب بسكون الصاد ، مصدر نصبت الشيء من باب ـ ضرب ـ إذا أقمته ، تقول : نصبته لأمر كذا فانتصب أي أقمته له فقام.

والمعنى : أقام لأمرك نفسه ، أو من النصب محرّكة بمعنى التعب ، يقال : نصب ينصب ، كتعب يتعب ، لفظاً ومعنى ، ونصبه غيره وأنصبه نصّ عليه ابن الأثير في النهاية(٤) .

والمعنى : أتعب لأمرك نفسه.

و «الأمر» إمّا بمعنى طلب الفعل لما أمرته به ، أو بمعنى الدين والشرع كما في قوله تعالى : «وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ»(٥)

قوله عليه السلام : «وعرّضَ فيك للمكروه بدنه» عرّضته لكذا تعريضاً فتعرّض : نصبته له فانتصب كأنّك جعلته عرضة له : أي معروضا.

__________________

١ ـ مغني اللبيب : ص ٢٣٤.

٢ ـ مغني اللبيب : ص ٢٣٤ ـ ٢٣٥.

٣ ـ مغني اللبيب : ص ٢٣٤ ـ ٢٣٥.

٤ ـ النهاية لإبن الأثير : ج ٥ ، ص ٦٢.

٥ ـ التوبة : ٤٨.

٧٢

و «فيك» أي لأجلك ، ففي : للتعليل كقوله تعالى : «فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ »(١) أي لأجله.

و «المكروه» ما يكرهه الإنسان ويشقّ عليه.

و «بدن الإنسان» قال الجوهري : جسده(٢) .

وقال الأزهري(٣) والفيروز آبادي(٤) : هو من الجسد ما سوى الرأس والشوى(٥) .

وقال بعضهم : هو ما سوى المقاتل(٦) .

والصحيح : إنّه جملة الجسد : كما يدلّ عليه : كلامه عليه السلام ، وفي هاتين الفقرتين إشارة إلى قيامه صلى الله عليه واله بأمر الله تعالى كما أمره ، وبذله مهجته وجسده في سبيله ، ومقاساته للمكاره وتحمّله للمشاقّ في ذاته. فعن أبي عبد الله عليه السلام : إن الله تعالى كلّف رسوله صلى الله عليه واله ما لم يكلّف أحداً من خلقه ، كلّفه أن يخرج على الناس كلّهم وحده بنفسه إن لم يجد فئة تقاتل معه ، ولم يكلّف هذا أحدا من خلقه قبله ولا بعده ، ثم تلا : هذه الآية : «فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ »(٧) (٨) .

__________________

١ ـ يوسف : ٣٢.

٢ ـ الصحاح : ج ٥ ، ص ٢٠٧٧.

٣ ـ تهذيب اللغة : ج ١٤ ، ص ١٤٣.

٤ ـ القاموس المحيط : ج ٤ ، ص ٢٠٠.

٥ ـ وشوى الجسد : أي أطرافه.

٦ ـ المصباح المنير : ص ٣٩ ، مادة «بدن».

٧ ـ النساء : ٨٤.

٨ ـ الكافي : ج ٨ ، ص ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ، ص ٤١٤ ، وتفسير البرهان : ج ١ ، ص ٣٩٨.

٧٣

وأما ما لا قاه عليه السلام من المكروه والمشقّة في ذات الله فمن قرأ كتب السير علم ذلك : كإستهزاء قريش به في أوّل الدعوة ، ورميهم إيّاه بالحجارة حتّى أدموا عقبيه ، وصياح الصبيان به ، وفرث الكرش على رأسه ، وفتل الثوب في عنقه ، وحصره مع أهله في شعب بنى هاشم عدّة سنين محرّمة معاملتهم ومبايعتهم ومناكحتهم وكلامهم حتّى كادوا يموتون جوعاً لو لا أن بعض من كان يحنو عليهم لرحم أو لسبب غيره كان يسرق القليل من الدقيق أو التمر فيلقيه إليهم ليلاً ، ثم قصدهم له بالأذى ، ولأصحابه بالضرب والتعذيب بالجوع والوثاق في الشمس ، وطردهم إيّاهم من شعاب مكّة ، حتّى خرج من خرج منهم إلى الحبشة وخرج هو صلى الله عليه واله مستجيراً منهم تارة بثقيف ، وتارة ببنى عامر ، وتارة بربيعة الفرس وبغيرهم ، ثم أجمعوا على قتله والفتك(١) به ليلاً حتّى هرب منهم ، لا ئذاً بالأوس والخزرج ، تاركاً أهله وولده وما حوته يده ، ناجياً بحشاشة نفسه ، حتّى وصل إلى المدينة ، فناصبوه الحرب ورموه بالكتائب ، وصدقوه القتال والكفاح حتّى أدموا فمه وطاح مغشيّاً عليه ، ولم يزل منهم في عناء شديد وحروب متّصلة إلى أن أكرمه الله تعالى بنصره وأيّده بظهور دينه. ومن له أُنس بالتواريخ يعلم من تفاصيل هذه الأحوال ما يطول شرحه.

* * *

__________________

١ ـ فتكت به فتكاً : بطشت به ، أو قتلته على غفلة ، المصباح المنير : ص ٤٦١ ـ ٤٦٢.

٧٤

وَكَاشَفَ فِي الدُّعَآءِ إِلَيْكَ حَامَّتَهُ ،

وَحَارَبَ فِي رِضَاكَ أُسْرَتَهُ ، وَ

قَطَعَ فِي إِحْيٰاءِ دِينِكَ رَحِمَهُ ،

«كاشفه بالعداوة» باداه بها أي جاهره من الكشف بمعنى الإظهار و (في) ، للتعليل ، كاللتين بعدها.

و «الدعاء إلى الله» طلب الخلق إلى توحيده والإقبال إلى طاعته.

و «حامة الرجل» خاصّته ومن يقرب منه ، وهو الحميم أيضا

ومنه الحديث : «انصرف كلّ رجل من وفد ثقيف إلى حامّته»(١) قاله ابن الأثير.

وقال الجوهري : هٰؤلاء حامّة الرجل من أهله وولده(٢) .

وفي القاموس : هي خاصّة الرجل من أهله وولده(٣) .

و «الاُسرة» بالضمّ ـ كغرفة ـ : ومن ضبطه ـ بالفتح ـ فقد وَهَم ، وهُم رهط الرجل الأدنون ، وأصلها من الأسر وهو الشدّ ، لأنّ الرجل يشتدّ برهطه وعشيرته ويقوى ، بهم.

و «قطع رحمه قطعاً وقطيعة» هجرها.

و «عقّها» أي شقّ عصى اُلفتها وترك برّها ، والحنو عليها.

و «الرحم» ـ ككتف ـ ويخفف بسكون الحاء مع الراء ومع كسرها أيضا في لغة بنى كلاب ، وفي لغة لهم : بكسر الحاء إتّباعاً لكسرة الراء ، وهي موضع تكوين الولد ، ووعاؤه في بطن أُمّه.

__________________

١ ـ النهاية لإبن الأثير : ج ١ ، ص ٤٤٦.

٢ ـ الصحاح : ج ٥ ، ص ١٩٠٧.

٣ ـ القاموس المحيط : ج ٤ ، ص ١٠٠.

٧٥

ثم سمّيت القرابة رحماً الكونهم يرجعون إلى رحم واحدة. واختلف العلماء : في تحقيق معناها.

فقيل : هي خلاف الأجنبي فتعمّ القرابة والوصلة من جهة الولاء ، ذكره الفيومي في المصباح(١) .

وقيل : هي قرابة الرجل من جهة طرفيه آباؤه وإن علوا ، وأبناؤه وإن سفلوا ، وما يتّصل بالطرفين من الأعمام والعمات والإخوة والأخوات وأولادهم.

وقيل : الرحم التي تجب صلتها كلّ رحم بين اثنين لو كان أحدهما ذكراً لم يتناكحا ، فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام وأولاد الأخوال.

وقيل : هي نسبة وإتّصال بين المنتسبين تجمعهما رحم واحدة.

قيل : وهذا يشبه أن يكون دوريّاً وليس بدوريّ ، لأنّ الرحم الواقعة في التعريف بمعنى موضع تكوين الولد ، فلا دور وهذا معنى قول بعضهم : هي عام في كلّ من يجمع بينك وبينه نسب وإن بعد ، وهو أقرب إلى الصواب.

ويدلّ عليه ما رواه : علي بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى : «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ»(٢) أنها نزلت في بني اُميّة(٣) .

ويؤيّده روايات أُخر.

وفي هذه الفقرات : إشارة إلى ما فعله صلى الله عليه واله مع قومه وعشيرته ، و

__________________

١ ـ المصباح المنير : ص ٢٢٣.

٢ ـ محمّد : ٢٢.

٣ ـ تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٠٨.

٧٦

أُسرته ، وأقربائه من قريش ، وبنى المطّلب وبني هاشم الذين كذّبوه وحاربوه ليطفؤوا نور الله ويأبى الله إلّا أن يتمّ نوره.

فحاربهم وقاتلهم وقتل منهم الجمّ الغفير في بدر ، واُحد ، وأسر منهم من أسر ، لم تأخذه بهم رأفة ولا عطفته عليهم رحم ، غضباً لله تعالى ، وطلباً لمرضاته ، وإِحياءً لدينه ، حتّى علت كلمته ، وظهر دينه ، ولو كره المشركون.

* * *

٧٧

وَأَقْصَى الأَدْنَيْنَ عَلَى جُحُودِهِمْ ،

وَقَرَّبَ الأَقْصَيْن عَلَى اسْتِجَابَتِهِمْ لَكَ ،

«أقصاه» أبعده من قصا الشييء قصواً من باب ـ قعد ـ : إذا بعد.

و «الأدنين والأقصين» بفتح ما قبل ، علّامة الجمع فيهما.

«الأقارب والأباعد» جمع أدنىٰ وأقصىٰ ، وأصلهما ، الأدنيين والأقصيين ، تحركت ياؤهما المنقلبتان عن واو في الأصل ، لأنهما من الدنوّ والقصوّ ، وانفتح ما قبلهما فقلّبتا ألفين ، ثم حذفتا لإلتقاء الساكنين وبقيت الفتحة قبلهما دليلاً عليهما ، وهذا الحكم جار في كلّ مقصور يجمع هذا الجمع فتحذف ألفه دون الفتحة التي قبله لتدلّ عليها. وفي التنزيل : «وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ »(١) ، «وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ »(٢) .

و «جحده جحداً وجحوداً» أنكره مع علمه.

و «استجاب له إستجابة» إذا دعاه إلى شييء فأطاع.

و «على» في الفقرتين : للتعليل : أي لجحودهم ، ولإستجابتهم كقوله تعالى : «لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ »(٣) أي لهدايته إيّاكم.

واعلم : أنّ الجحود على نوعين.

أحدهما : جحود تشبيه ، إذا المشبّهون الله سبحانه بخلقه ، وإن إختلفوا في كيفيّة التشبيه بأسرهم جاحدون له في الحقيقة ، وذلك أنّ المعنى الذي يتصوّرونه ويثبتونه إلٰهاً ليس هو نفس الإلٰه ، مع أنّهم ينفون ما سوى ذلك فكانوا نافين للالٰه الحق في المعنى وجاحدين له.

__________________

١ ـ آل عمران : ١٣٩.

٢ ـ ص : ٤٧.

٣ ـ الحج : ٣٧.

٧٨

والثاني : جحود من لم يثبت صانعاً ، وكلا الفريقين جاحد له من وجه ومثبت له من وجه ، أما المشبّهون فمثبتون له صريحاً ، جاحدون له لزوماً ، وأما الآخرون فبالعكس ، إذ كانوا جاحدين له صريحاً من الجهة التي يثبته العقلاء بها ومقرّون به إلتزاماً واضطراراً ، فإنّ كلّ أحد إذا وقع في محنة ، واضطرّ في ضيق ، فزع من دون إختيار إلى ربّه وتضرّع إليه في النجاة والخلاص ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : «وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنسَانُ كَفُورًا »(١) .

* * *

__________________

١ ـ الإسراء : ٦٧.

٧٩

وَوالىٰ فِيكَ ألأَبْعَدِينَ ،

وَعَادىٰ فِيك الأقْرَبِينَ ،

«الموالاة» ضد المعاداة والمراد بالأبعدين والأقربين : ما هو أعمّ من البعد في النسب والقرب فيه ، فيدخل في الأبعدين : الأ بعد نسباً أو سبباً ، أو ولاءً ، أو داراً ، وفي الأقربين الأقرب كذلك ، وكذا الكلام في الأدنين والأقصين في الفقرتين الأولتين ، ولا حاجة إلى تخصيص الأولين بالقرابة والآخرين بالمكان تفادياً عن التكرار ، والتأسيس خير من التأكيد ، فإنّ الأفعال كافية في التأسيس ، إذ إختصاص الإقصاء والتقريب بالمكان ظاهر ، ولا داعى إلى التعميم فيهما حتّى يكونا شاملين للموالاة والمعاداة فيلزم التكرار ، وشمولهما لهما لزوماً لا ينافي التأسيس.

وقوله عليه السلام : «فيك» في كلا الفقرتين للتعليل : أي لأجلك وفيه إعلام بحبّه وبغضه عليه السلام لله تعالى وهما من أعظم الأعمال ، بل هما أوثق عرى الإيمان كما روى عن الصادق عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله لأصحابه : أيّ عرى الإيمان أوثق؟ فقالوا : الله ورسوله أعلم ، وقال بعضهم : الصّلاة ، وقال بعضهم : الزكاة ، وقال بعضهم : الصيام ، وقال بعضهم : الحج والعمرة ، وقال بعضهم : الجهاد ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : لكلّ ما قلتم فضلٌ ، وليس به ، ولكن أوثق عرى الإيمان الحبّ في الله والبغض في الله وتولّى أولياء الله والتبّرء من أعداء الله»(١) .

وعن الصادق عليه السلام أيضا قال : من لم يحبّ على الدين ولم يبغض عن الدين فلا دين له»(٢) والأخبار في هذا المعنى كثيرة.

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ، ص ١٢٥ ، ح ٦.

٢ ـ الكافي : ج ٢ ، ص ١٢٧ ، ح ١٦.

٨٠