الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله على لسان وصيّه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله على لسان وصيّه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام0%

الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله على لسان وصيّه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام مؤلف:
الناشر: شفق للطباعة والنشر
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
ISBN: 978-964-485-069-1
الصفحات: 335

الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله على لسان وصيّه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

مؤلف: السيّد محسن الحسيني الأميني
الناشر: شفق للطباعة والنشر
تصنيف:

ISBN: 978-964-485-069-1
الصفحات: 335
المشاهدات: 30808
تحميل: 3168

توضيحات:

الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله على لسان وصيّه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 335 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 30808 / تحميل: 3168
الحجم الحجم الحجم
الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله على لسان وصيّه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله على لسان وصيّه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

مؤلف:
الناشر: شفق للطباعة والنشر
ISBN: 978-964-485-069-1
العربية

قولهعليه‌السلام : «وَالنُّورِ الْمُقْتَدىٰ بِهِ » أي القرآن الذي هو نور يهتدى به في ظلمات الجهل ، ويقتدى بأحكامه وسننه كما في قوله تعالى : «قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ »(١) .

* * *

__________________

١ ـ المائدة : ١٥.

١٤١

(وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ عَلَيْهِ السَّلٰامُ)(١)

وَلَقَدْ كٰانَ فِى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ كٰافٍ لَكَ فِى الْأُسْوَةِ ، وَدَلِيلٌ لَكَ عَلىٰ ذَمِّ الدُّنْيٰا وَعَيْبِهٰا ، وَكَثْرَةِ مَخٰازِيهٰا وَمَسٰاوِيهٰا ، إِذْ قُبِضَتْ عَنْهُ أَطْرٰافُهٰا ، وَوُطِّئَتْ لِغَيْرِهِ أَكْنٰافُهٰا ، وَفُطِمَ عَنْ رِضٰاعِهٰا ، وَزُوِىَ عَنْ زَخٰارِفِهٰا. فَتَأَسَّ بِنَبِيِّكَ الْأَطْيَبِ الْأَطْهَرِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ فَإِنَّ فِيهِ أُسْوَةً لِمَنْ تَأَسّىٰ ، وَعَزٰاءً لِمَنْ تَعَزّىٰ. وَأَحَبُّ الْعِبٰادِ إِلَى اللهِ الْمُتَأَسِّى بِنَبِيِّهِ ، وَالْمُقْتَصُّ لِأَثَرِهِ. قَضَمَ الدُّنْيٰا قَضْماً ، وَلَمْ يُعِرْهٰا طَرْفاً ، أَهْضَمُ أَهْلِ الدُّنْيٰا كَشْحًا ، وَأَخْمَصُهُمْ مِنَ الدُّنْيٰا بَطْنًا. عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيٰا فَأَبىٰ أَنْ يَقْبَلَهٰا ، وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ سُبْحٰانَهُ أَبْغَضَ شَيْئًا فَأَبْغَضَهُ ، وَحَقَّرَ شَيْئًا فَحَقَّرَهُ ، وَصَغَّرَ شَيْئًا فَصَغَّرَهُ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِينٰا إِلّٰا حُبُّنٰا مٰا أَبْغَضَ اللهُ وَتَعْظِيمُنٰا مٰا صَغَّرَ اللهُ ، لَكَفىٰ بِهِ شِقٰاقًا لِلّٰهِ ، وَمُحٰادَّةً عَنْ أَمْرِ اللهِ. وَلَقَدْ كٰانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ يَأْكُلُ عَلَى الْأَرْضِ ، وَيَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ ، وَيَخْصِفُ بِيَدِهِ نَعْلَهُ ، وَيَرْقَعُ بِيَدِهِ ثَوْبَهُ ، وَيَرْكَبُ الْحِمٰارَ الْعٰارِىَ ، وَيُرْدِفُ خَلْفَهُ. وَيَكُونُ السِّتْرُ عَلىٰ بٰابِِ بَيْتِهِ فَتَكُونُ فِيهِ التَّصٰاوِيرُ ، فَيَقُولُ يٰا فُلٰانَةُ ـ لِإِحْدىٰ أَزْوٰاجِهِ ـ غَيِّبِيِه عَنِّي ، فِإِنِّي إِذٰا نَظَرْتُ إِلَيْهِ ذَكَرْتُ الدُّنْيٰا وَزَخٰارِفَهٰا ، فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيٰا بِقَلْبِهِ ، وَأَمٰاتَ ذِكْرَهٰا مِنْ نَفْسِهِ ، وَأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهٰا عَنْ عَيْنِهِ. لِكَيْلٰا يَتَّخِذَ مِنْهٰا رِيٰاشًا ، وَلٰا يَعْتَقِدَهٰا قَرٰارًا ، وَلٰا يَرْجُوَ فِيهٰا مُقٰامًا ، فَأَخْرَجَهٰا مِنَ النَّفْسِ ، وَأَشْخَصَهٰا عَنِ الْقَلْبِ ، وَغَيَّبَهٰا عَنِ الْبَصَرِ. وَكَذٰلِكَ مَنْ أَبْغَضَ شَيْئًا أَبْغَضَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ ، وَأَنْ يُذْكَرَ عِنْدَهُ. وَلَقَدْ كٰانَ فِى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ مٰا يَدُلُّكَ عَلىٰ مَسٰاوِى الدُّنْيٰا وَ

__________________

١ ـ نهج البلاغة : ص ٢٢٦ ـ ٢٢٩ ، الخطبة ١٦٠.

١٤٢

عُيُوبِهٰا ، إِذْ جٰاعَ فِيهٰا مَعَ خٰاصَّتِهِ ، وَزُوِيَتْ عَنْهُ زَخٰارِفُهٰا مَعَ عَظِيمِ زُلْفَتِهِ. فَلْيَنْظُرْ نٰاظِرٌ بِعَقْلِهِ أَكْرَمَ اللهُ مُحَمَّدًا بِذٰلِكَ أَمْ أَهٰانَهُ. فَإِنْ قٰالَ أَهٰانَهُ ، فَقَدْ كَذَبَ وَاللهِ الْعَظِيمِ وَأَتىٰ بِالْإِفْكِ الْعَظِيمِ ، وَإِنْ قٰالَ أَكْرَمَهُ ، فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهٰانَ غَيْرَهُ حَيْثُ بَسَطَ الدُّنْيٰا لَهُ ، وَزَوٰاهٰا عَنْ أَقْرَبِ النّٰاسِ مِنْهُ. فَتَأَسّىٰ مُتَأَسٍّ بِنَبِيِّهِ ، وَاقْتَصَّ أَثَرَهُ ، وَوَلَجَ مَوْلِجَهُ ، وَإِلّٰا فَلٰا يَأْمَنُ الْهَلَكَةَ ، فَإِنَّ اللهَ جَعَلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ عَلَمًا لِلسّٰاعَةِ ، وَمُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ ، وَمُنْذِرًا بِالْعُقُوبَةِ. خَرَجَ مِنَ الدُّنْيٰا خَمِيصًا ، وَوَرَدَ الْاٰخِرَةَ سَلِيمًا. لَمْ يَضَعْ حَجَرًا عَلىٰ حَجَرٍ حَتّىٰ مَضىٰ لِسَبِيلِهِ ، وَأَجٰابَ دٰاعِىَ رَبِّهِ. فَمٰا أَعْظَمَ مِنَّةَ اللهِ عِنْدَنٰا حِينَ أَنْعَمَ عَلَيْنٰا بِهِ سَلَفًا نَتَّبِعُهُ ، وَقٰائِدًا نَطَأُ عَقِبَهُ.

قولهعليه‌السلام : «وَلَقَدْ كٰانَ فِى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ كٰافٍ لَكَ فِى الْأُسْوَةِ » لمّا كانت شخصيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد مثّلث قمّة التسلسل بالنسبة لدرجات الشخصيّة الإسلاميّة التي توجد عادة في دنيا الإسلام. فكانصلى‌الله‌عليه‌وآله عظيماً في فكره ووعيه ، قمّة في عبادته وتعلّقه بربّه الأعلى ، رائداً في أساليب تعامله مع أسرته والناس جميعاً ، مثاليّاً في حسم الموقف والصدق في المواطن ، ومواجهة المحن فما من فضيلة إلّا ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سابق إليها ، وما من مكرمة إلّا وهو متقلّد لها.

ومن أجل هذا ألزمنا الله بوجوب سلوك سبيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من لدن اُمّته بامتدادها التاريخي في القول والعمل والأنشطة كافة وقال الله تعالى : «لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ »(١) ، وهذا هو السر الذي جعل سيرة الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله العطرة وسنّته المباركة المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد الذكر الحكيم.

__________________

١ ـ الأحزاب : ٢١.

١٤٣

قولهعليه‌السلام : «وَدَلِيلٌ لَكَ عَلىٰ ذَمِّ الدُّنْيٰا وَعَيْبِهٰا » السير الصحيح الموجب للسعادة الأبديّة للمجتمع الإنساني في الحياة الدنيويّة المستفاد من الآيات القرآنيّة والسنّة النبويّة والأحاديث تبرهن لنا بعدم التوجّه إلى زخارف الدنيا وعدم الركون إليها قال الله تعالى : «اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ »(١) ، وقال الله تعالى : «إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ »(٢) ، وقال الله تعالى : «وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ »(٣) ، وغير ذلك من الآيات الواردة في المقام. ويشهد له ما عن سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «الدنيا سجن المؤمن وجنَّة الكافر»(٤) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أحبّ دنياه أضرّ بآخرته ، ومن أحب آخرته أضرّ بدنياه ، فآثروا ما يبقى على ما يفنى(٥) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عجبا كلّ العجب للمصدّق بدار الخلود ، وهو يسعي لدار الغرور(٦) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلّا ما كان لله منها(٧) .

وقال الغزالي : روي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقف على مزبلة ، فقال :

__________________

١ ـ الحديد : ٢٠.

٢ ـ محمّد : ٣٦.

٣ ـ الأنعام : ٣٢.

٤ ـ إحياء العلوم : ج ٣ ، ص ٢١٦.

٥ ـ إحياء العلوم : ج ٣ ، ص ٢١٦.

٦ ـ إحياء العلوم : ج ٣ ، ص ٢١٦.

٧ ـ إحياء العلوم : ج ٣ ، ص ٢١٦.

١٤٤

«هلمّوا إلى الدنيا ، وأخذ خرقاً قد بليت على تلك المزبلة ، وعظاماً قد نخرت ، فقال : هذه الدنيا(١) .

وفي بحار الأنوار : روي أنّ عثمان بن مظعون لمّا كشف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الثوب عن وجهه ، ثم قبّل ما بين عينيه ، ثم بكىٰ طويلاً ، فلمّا رفع السرير ، قال : طوباك يا عثمان ، لم تلبسك الدنيا ، ولم تلبسها(٢) .

كما يشهد له ما ورد عن سيد الوصيين أميرالمؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام حيث قال :

الدنيا : سوق الخسران(٣) .

الدنيا : مصرع العقول(٤) .

الدنيا : مطلّقة الأكياس(٥) .

الدنيا : سم آكله من لا يعرفه(٦) .

الدنيا : معدن الشرّ ومحل الغرور(٧) .

الدنيا : مزرعة الشرّ(٨) .

الدنيا : منية الأشقياء(٩) .

الدنيا : تُذِلّ(١٠) .

الدنيا : ضحكة مستعبر(١١) .

قولهعليه‌السلام : «وَكَثْرَةِ مَخٰازِيهٰا » المخازي : جمع مخزاة ، أي الخصلة القبيحة.

__________________

١ ـ إحياء العلوم : ج ٣ ، ص ٢١٧.

٢ ـ بحارالأنوار : ج ٨٢ ، ص ٩١ ، ح ٤٣.

٣ ـ غررالحكم : ٣٩٦.

٤ ـ غررالحكم : ٩٢١.

٥ ـ غررالحكم : ٤٤١.

٦ ـ غررالحكم : ١٤١١.

٧ ـ غرر الحكم : ٤٠١.

٨ ـ غررالحكم : ١٤٧٣.

٩ ـ غررالحكم : ٦٩٤.

١٠ ـ غررالحكم : ٤٤٢.

١١ ـ غررالحكم : ٣.

١٤٥

قولهعليه‌السلام : «وَمَسٰاوِيهٰا » أي نقائصها ومعائبها ، ويشهد له قولهعليه‌السلام : من كانت الدنيا همّته اشتدّت حسرته عند فراقها(١) .

قولهعليه‌السلام : «إِذْ قُبِضَتْ عَنْهُ أَطْرٰافُهٰا » ويشهد له ما أخرجه الكليني عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ في طلب الدّنيا إضراراً بالآخرة ، وفي طلب الآخرة إضراراً بالدّنيا ، فأضرّوا بالدّنيا فإنّها أولى بالإضرار(٢) .

وعنهعليه‌السلام : قال : إنّ في كتاب علي صلوات الله عليه : إنّما مثل الدنيا كمثل الحيّة ما ألين مسّها؟ وفي جوفها السمّ الناقع ، يحذرها الرجل العاقل ، ويهوي إليها الصبي الجاهل(٣) .

قولهعليه‌السلام : «وَوُطِّئَتْ لِغَيْرِهِ أَكْنٰافُهٰا » أي جوانبها ، وفي الحديث عن علي بن الحسين بن رباط قال : شكى رجل إلى أميرالمؤمنينعليه‌السلام الحاجة ، فقال له : إعلم أنّ كلّ شيئ تصيبه من الدنيا فوق قوتك فإنّما أنت فيه خازن لغيرك(٤) .

قولهعليه‌السلام : «وَفُطِمَ مِنْ رِضٰاعِهٰا » أي قطع عن رضاعها ، والتقم غيره ضرعها ، لشدّة حبّ أهل الدنيا بها.

قولهعليه‌السلام : «وَزُوِىَ عَنْ زَخٰارِفِهٰا » أي تنحّى عن زينتها ، ويشهد له ما أخرجه السيوطى في الجامع الصغير : ما زويت الدنيا عن أحدٍ إلاّ كانت خيرة له(٥) .

__________________

١ ـ بحارالأنوار : ج ٧١ ، ص ١٨١.

٢ ـ الكافي : ج ٢ ، ص ١٣١ ، ح ١٢.

٣ ـ الكافي : ج ٢ ، ص ١٣٦ ، ح ٢٢.

٤ ـ الخصال : ص ١٦ ، ح ٥٨.

٥ ـ الجامع الصغير : ج ٢ ، ص ٤٩٧ ، ح ٧٩١٧. وأخرجه الهندي في كنز العمّال : ج ٣ ، ص ١٩٦ ، ح ٦١٤١.

١٤٦

قولهعليه‌السلام : «فَتَأَسَّ بِنَبِيِّكَ الْأَطْيَبِ الْأَطْهَرِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ فَإِنَّ فِيهِ أُسْوَةً لِمَنْ تَأَسّىٰ » لمّا كانت شخصيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من نمط خاص فكراً وعملاً ، وعلى المستوى الفردي والإجتماعي ، فأنّه في كل شأن من شؤون حياته ، لاتباري عظمته ولا تطاول قمّة مجده جدير بأن يتأسى به كل مؤمن موحد.

قولهعليه‌السلام : «وَعَزٰاءً لِمَنْ تَعَزّىٰ » أي من أراد أن ينتسب فحقيق أن ينتسب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قولهعليه‌السلام : «وَأَحَبُّ الْعِبٰادِ إِلَى اللهِ الْمُتَأَسِّى بِنَبِيِّهِ » ويشهد له قوله تعالى : «قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ »(١) .

قولهعليه‌السلام : «وَالْمُقْتَصُّ لِأَثَرِهِ » أي : المتّبع لأمره يفعل ما يفعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويترك ما يتركهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومنه قوله تعالى : «وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ »(٢) .

قولهعليه‌السلام : «قَضَمَ الدُّنْيٰا قَضْماً » أي تناول منها قدر الكفاف ، وبمقدار الضرورة ، وقال الجوهري : القضم : «الأكل بأطراف الأسنان ، والخضم : أكل بجميع الفم(٣) .

قولهعليه‌السلام : «وَلَمْ يُعِرْهٰا طَرْفاً » الطرف أي النظر بمؤخر العين وفي تاج العروس نقلاً عن المحكم طرف يطرف طرفاً : لحظ(٤) .

وفي الحديث : وكان نظرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اللحظ بعينه(٥) فمرادهعليه‌السلام من قوله : «لم يعرها طرفاً» أي لم يعطها لحظة على وجه العاريه وهذا كناية عن

__________________

١ ـ آل عمران : ٣١.

٢ ـ القصص : ١١.

٣ ـ الصحاح : ج ٥ ، ص ٢٠١٣ ، مادة «قضم».

٤ ـ تاج العروس : ج ٢٤ ، ص ٧٥ ، مادة «طرف».

٥ ـ مكارم الأخلاق : ج ١ ، ص ٦٢.

١٤٧

عدم إلتفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الدنيا أبداً.

قولهعليه‌السلام : «أَهْضَمُ أَهْلِ الدُّنْيٰا كَشْحًا » قال الجوهري نقلاً عن إبن السكيت : الهَضَم بالتحريك : إنضمام الجنين ورجلٌ أهْضَمُ بيّن الهضم(١) والكشح : ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف(٢) .

قولهعليه‌السلام : «وَأَخْمَصُهُمْ مِنَ الدُّنْيٰا بَطْنًا » وفي الصحاح : الخمصة : الجوعة(٣) وهذا كناية عن كونهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشد الناس جوعاً وأقلّهم شبعاً.

وفي الكافي : عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : ما أعجب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئ من الدنيا إلّا أن يكون فيها جائعاً خائفاً(٤) .

وفي روضة الواعظين : عن العيص بن القاسم : قال : قلت للصادقعليه‌السلام : حديث يروى عن أبيكعليه‌السلام أنّه قال : ما شبع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خبز برقط ، أهو صحيح؟.

فقال : لا ما أكلّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خبز برقط ، ولا شبع من خبر شعير قط. قالت عائشة : ما شبع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خبز الشعير حتّى مات(٥) وأخرجه البيهقى : عن عائشة ، قالت : ما شبع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثة أيّام تباعاً حتّى مضى سبيله(٦) .

وأخرجه البيهقي : عن عائشة ايضاً ، قالت : ما شبع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خبز شعير يومين متتابعين حتّى قبض(٧) .

__________________

١ ـ الصحاح : ج ٥ ، ص ٢٠٦٠ ، مادة «هضم».

٢ ـ الصحاح : ج ١ ، ص ٣٩٩ ، مادة «كشح».

٣ ـ الصحاح : ج ٣ ، ص ١٠٣٨ ، مادة «خمص».

٤ ـ الكافي : ج ٢ ، ص ١٢٩ ، ح ٧.

٥ ـ روضة الواعظين : ص ٤٥٦.

٦ ـ دلائل النبوّة : ج ١ ، ص ٣٤٠.

٧ ـ دلائل النبوّة : ج ، ص ٣٤٣.

١٤٨

وأخرجه الغزالي عن أنس قال : جاءت فاطمة صلوات الله عليها بكسرة خبز إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : ما هذه الكسرة؟ قالت : قرص خبزته ولم تطب نفسي حتّى أتيتك منه بهذه الكسرة ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أما أنّه أوّل طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيّام(١) .

وفي عرائس الثعلبي بإسناده عن جابر الأنصاري : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقام أيّاماً لم يطعم طعاماً حتّى شقّ ذلك عليه ، فطاف في منازل أزواجه فلم يصب في بيت أحد منهنّ شيئاً ، فأتى فاطمةعليهما‌السلام فقال : يا بنيّة هل عندك شيئ آكل فإنّي جائع؟ فقالت : لا والله بأبي أنت واُمّي ، فلّما خرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين ، وبضعة لحم. فأخذته منها ووضعته في جفنة ، وغطّت عليه ، وقالت لأوثرنّ بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على نفسي ومن عندي ، وكانوا جميعاً محتاجين إلى شبعة من طعام ، فبعثت حسناً وحسيناً إلى جدّهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرجع إليها ، فقالت بأبي أنت وأمي يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أتانا الله بشيىء فخبّأته لك.

قال : فهلّمي به فكشف عن الجفتة فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً. فلمّا نظرت إليه ، بهتت ، وعرفت أنّها من بركة الله ، فحمدت الله تعالى وصلّت على نبيّه فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أين لك هذا يا بنيّة؟ «قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ »(٢) فحمد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : الحمد لله الذي جعلك شبيهة بسيّدة نساء بني إسرائيل ، فإنّها كانت إذا رزقها الله رزقاً حسناً فسئلت عنه «قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ »(٣) (٤) .

__________________

١ ـ إحياء العلوم : ج ٣ ، ص ٩٠.

٢ ـ آل عمران : ٣٧.

٣ ـ آل عمران : ٣٧.

٤ ـ العرائس للثعلبي : ٣٧٣.

١٤٩

قولهعليه‌السلام : «عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيٰا فَأَبىٰ أَنْ يَقْبَلَهٰا » أخرجه الصدوق في عيون أخبار الرضا بإسناده عن إبن بابويه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أتاني ملك ، فقال : يا محمّد إنّ ربّك عزّوجلّ يقرؤك السلام ويقول : إن شئت جعلت لك بطحاء مكة ذهباً ، قال : فرفع رأسه إلى السماء ، وقال : يا رب أشبع يوماً فأحمدك ، وأجوع يوماً فأسألك(١) .

أخرجه الشيخ الطوسي بإسناده عن عبد المؤمن الأنصاري ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : عرضت عليّ بطحاء مكة ذهباً ، فقلت : يا ربّ لا ، ولكنّي أشبع يوماً وأجوع يوماً ، فإذا شبعت حمدتك وشكرتك ، وإذا جعت دعوتك وذكرتك(٢) .

وقال الغزالي : وفي الخبر : أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يجوع من غير عوز(٣) .

وعنه أيضاً : قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ أهل الجوع في الدنيا هم أهل الشبع في الآخرة ، وأنّ أبغض الناس إلى الله المتخمّون الملأى ، وما ترك عبد أكلة يشتهيها إلّا كانت له درجة في الجنّة(٤) .

وعنه ايضاً قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أفضلكم عندالله منزلة يوم القيامة أطولكم جوعاً وتفكّراً في الله سبحانه(٥) .

__________________

١ ـ عيون أخبار الرضا : ج ٢ ، ص ٣٠ ، ح ٣٦ ، وأخرجه المفيد في أماليه ص ١٢٤ ، ح ١ ، المجلس ١٥ ، والترمذي في سننه : ج ٤ ، ص ٤٩٧ ، ح ٢٣٤٧ ، باب ٣٥ ، ما جاء في الكفاف والصبر عليه. وأحمد في مسنده : ج ٥ ، ص ٢٥٤ ، والهندي في كنز العمّال : ج ٣ ، ص ١٩٣ ، ح ٦١٢٠.

٢ ـ الأمالي للشيخ الطوسي : ص ٦٩٣ ، ح ١٤٧٢ / ١٥ ، مجلس ٣٩ ، وأخرجه الكليني في الكافي : ج ٨ ، ص ١٣١ ، ح ١٠٢ ، والهندي في كنز العمّال : ج ٣ ، ص ١٩٣ ، ح ٦١٢٠.

٣ ـ إحياء العلوم : ج ٣ ، ص ٨٨.

٤ ـ إحياء العلوم : ج ٣ ، ص ٩٠.

٥ ـ إحياءالعلوم : ج ٣ ، ص ٨٨.

١٥٠

وأخرجه الكليني بإسناده عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال : خرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو محزون فأتاه ملك ومعه مفاتيح خزائن الأرض ، فقال : يا محمّد هذه مفاتيح خزائن الأرض يقول لك ربّك : إفتح وخذ منها ما شئت من غير أن تنقص شيئاً عندي ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الدنيا دار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له ، فقال الملك : والذي بعثك بالحق نبيّا لقد سمعت هذا الكلام من ملك يقوله في السماء الرابعة حين أعطيت المفاتيح(١) .

قولهعليه‌السلام : «وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ سُبْحٰانَهُ أَبْغَضَ شَيْئًا فَأَبْغَضَهُ » أي إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يبغض ما يبغضه الله شيئاً لأوليائه لأنّه لا شاء إلاّ ما يشاء الله.

وفي الكافي عن الصادقعليه‌السلام قال : في مناجاة موسىعليه‌السلام يا موسى إنّ الدنيا دار عقوبة عاقبت فيها آدم عند خطيئته وجعلتها ملعونة ، ملعون ما فيها إلّا ما كان فيها لي(٢) .

وفي كنز العمّال : الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلاّ ما كان فيها لله عزّوجلّ(٣) .

وايضاً فيه : إنّ الله لم يخلق خلقاً هو أبغض إليه من الدنيا ، وما نظر إليها منذ خلقها بغضاً لها(٤) .

وقال الغزالي : قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّ الله لم يخلق خلقاً أبغض إليه من الدنيا وأنّه منذ خلقه لم ينظر إليها(٥) .

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ، ص ١٢٩ ، ح ٨ ، وأخرجه الهندي في كنز العمّال : ج ٣ ، ص ١٨٦ ، ح ٦٠٨٦.

٢ ـ الكافي : ج ٢ ، ص ٣١٧ ، ح ٩.

٣ ـ كنزالعمّال : ج ٣ ، ص ١٨٥ ، ح ٦٠٨٣ و ٦٠٨٤ و ٦٠٨٥ و ٦٠٨٨ ، وإحياء العلوم : ج ٣ ، ص ٢١٦.

٤ ـ كنز العمال : ج ٣ ، ص ١٩٠ ، ح ٦١٠٢.

٥ ـ إحياء العلوم : ج ٣ ، ص ٢١٧.

١٥١

قولهعليه‌السلام : «وَحَقَّرَ شَيْئًا فَحَقَّرَهُ » أي كلّ شيئ كان حقيراً عند الله سبحانه عزّوجلّ فهو حقير عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي الكافي عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بجدي أسك (أي مقطوع الاُذنين) ملقىً على مزبلة ميتاً ، فقال لأصحابه : كم يساوي هذا؟ فقالوا : لعلّه لو كان حيّاً لم يساو درهماً : فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي نفسي بيده الدنيا أهون على الله من هذا الجدي على أهله(١) .

قولهعليه‌السلام : «وَصَغَّرَ شَيْئًا فَصَغَّرَهُ » أي ما كان صغيراً عندالله فهو صغير عندهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا يرفع ما وضعه الله جلّ ثناؤه ولا يكثر ما أقلّه الله عزّوجلّ ، فالأنبياء والأوصياء تنزّهوا عن الدنيا وزهدوا فيما زهّدهم الله جلّ ثناؤه فيه ، وأبغضوا ما كان مبغوضاً عند الله ، وصغرّوا ما كان صغيراً عند الله ، ثم اقتصّ الصالحون آثارهم وسلكوا مناهجهم.

قولهعليه‌السلام : «وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِينٰا إِلّٰا حُبُّنٰا مٰا أَبْغَضَ اللهُ وَتَعْظِيمُنٰا مٰا صَغَّرَ اللهُ ، لَكَفىٰ بِهِ شِقٰاقًا لِلّٰهِ » أي مخالفة لله تعالى لأنه يكون في نصف الآخر المقابل لله ، قال الجوهري : الشِقُّ بالكسر نصف الشيئ ، يقال : أخذ شق الشاة(٢) .

قولهعليه‌السلام : «وَمُحٰادَّةً عَنْ أَمْرِ اللهِ » أين غاضبه وعاداه وخالفه ، كأنّه صار في الحدّ الذي فيه عَدُوّه ، قاله الزبيدي في تاج العروس(٣) .

وفي الحديث مرّ موسىعليه‌السلام برجل وهو يبكي ، ورجع وهو يبكي

__________________

١ ـ الكافي : ج ٢ ، ص ١٢٩ ، ح ٩ ، وقريب منه ما أخرجه العلامة المجلسي في بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ١٢٦ ، ح ١٢١ ، والهندي في كنز العمّال : ج ٣ ، ص ٢١٢ ، ح ٦٢٠٦.

٢ ـ الصحاح : ج ٤ ، ص ١٥٠٢ ، مادة «شقق».

٣ ـ تاج العروس : ج ٨ ، ص ١٠ ، مادة «حدد».

١٥٢

فقال : ياربّ عبدك يبكي من مخافتك؟ فقال : يابن عمران لو نزل دماغه مع دموع عينيه ، ورفع يديه حتّى تسقطا لم أغفر له وهو يحبّ الدنيا(١) .

وفي الكافي : قال الباقرعليه‌السلام : إيّاك أن تطمح بصرك إلى من هو فوقك ، فكفى بما قال الله عزّوجلّ لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ »(٢) وقال : «وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا »(٣) فإن دخلك من ذلك شيئ فاذكر عيش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّما كان قوته الشعير ، وحلواه التمر ، ووقوده السعف إذا وجد(٤) .

وعن النبيّعليه‌السلام : حبّ الدّنيا رأس كلّ خطيئة(٥) .

ومن هنا يقول الإمام زين العابدين وسيّد الساجدينعليه‌السلام : «سيدي أخرج حبّ الدّنيا من قلبي »(٦) .

قولهعليه‌السلام : «وَلَقَدْ كٰانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ يَأْكُلُ عَلَى الْأَرْضِ ، وَيَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ » فمن ناحية العلميّة كانصلى‌الله‌عليه‌وآله المتواضع الأوّل في دنيا المسلمين ، فسيرتهصلى‌الله‌عليه‌وآله العظيمة مع الناس أكبر شاهد على ذلك.

قال الصادق :عليه‌السلام مرّت امرأة بذيّة برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يأكلّ وهو جالس على الحضيض(٧) فقالت : يا محمّد إنّك لتأكلّ أكلّ العبد وتجلس جلوسه ، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي عبد وأيّ عبد أعبد منّي ، قالت : فناولني لقمة من طعامك فناولها ، فقالت : لا والله إلّا الذي في فيك ، فأخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اللقمة من فيه فناولها فأكلتها ، قال أبو عبداللهعليه‌السلام :

__________________

١ ـ تنبيه الخواطر : ج ١ ، ص ١٤٢.

٢ ـ التوبة : ٥٥.

٣ ـ طه : ١٣١.

٤ ـ الكافي : ج ٢ ، ص ١٣٧ ـ ١٣٨ ، ح ١.

٥ ـ تنبيه الخواطر : ج ١ ، ص ١٣٦ ، والجامع الصغير : ج ١ ، ص ٥٦٦ ، ح ٣٦٦٢.

٦ ـ مصباح المتهجد : ص ٥٣٣.

٧ ـ الحضيض : القرار من الأرض عند منقطع الجبل.

١٥٣

فما أصابها بذاء حتّى فارقت الدنيا(١) .

وعنه ايضاً قال : كان رسول الله يأكل أكلّ العبد ، ويجلس جلسة العبد ، ويعلم أنه عبد(٢) .

وفي الكافي عن أبي خديجة قال : سأل بشير الدّهان أباعبداللهعليه‌السلام وأنا حاضر ، فقال : هل كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يأكلّ متّكئاً على يمينه وعلى يساره؟ فقال : ما كان رسول الله يأكلّ متّكئاً على يمينه ولا على يساره. ولكن يجلس جلسة العبد ، قلت : ولم ذلك؟ قال : تواضعاً لله عزّوجلّ(٣) .

وأخرجه الدينوري عن قيس بن أبي حازم قال : جاء رجل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فأصابته رعدة ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : هوّن عليك فإنّما أنا إبن إمرأة من قريش ، كانت تأكلّ القديد(٤) .

وعن أنس : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يدعى إلى خبز الشعير والإهالة(٥) السَنِخة(٦) فيجيب(٧) .

قولهعليه‌السلام : «وَيَخْصِفُ بِيَدِهِ نَعْلَهُ وَيَرْقَعُ بِيَدِهِ ثَوْبَهُ » اُنظر إلى سمّو سيرته وتواضعه مع اُمّته ولقد كانصلى‌الله‌عليه‌وآله متواضعاً في ملبسه ومشربه ومأكله ومسكنه على أنّ تواضعهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذاك لم ينقص من هيبته وجلالته ولا من محبّته عند اُمّته أبداً ، بل كان يحلّه في المقام الذي هو له.

وفي الحديث سأل رجل عائشة هل كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعمل في

__________________

١ ـ الكافي : ج ٦ ، ص ٢٧١ ، ح ٢.

٢ ـ الكافي ، ج ٦ ، ص ٢٧١ ، ح ٣.

٣ ـ الكافي : ج ٦ ، ص ٢٧١ ـ ٢٧٢ ، ح ٧.

٤ ـ عيون الأخبار لإبن قتيبة : ج ١ ، ص ٢٦٥.

٥ ـ الإهالة : كلّ شيئ من الأدهان ممّا يؤتدم به.

٦ ـ السُّنِخَة : المتغيّر الريح.

٧ ـ عيون الأخبار لإبن قتيبة : ج ١ ، ص ٢٦٧.

١٥٤

بيته؟ قالت : نعم كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يخصف نعله ، ويخبط ثوبه ، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته(١) .

وفي حديث آخر : كانصلى‌الله‌عليه‌وآله يخصف النعل ، ويرقع الثوب ، ويخدم في مهنة أهله(٢) .

وقد تأسّى برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أميرالمؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام كما جاء عن إبن عبّاس : إنّه قال : دخلت على أميرالمؤمنينعليه‌السلام بذي قار وهو يخصف نعله ، فقال لي ما قيمة هذه النعل؟ فقلت : لاقيمة لها.

فقالعليه‌السلام : والله لَهي أحبّ إليّ من إمرتكم إلّا أن اُقيم حقّاً أو أدفع باطلاً(٣) .

قولهعليه‌السلام : «وَيَرْكَبُ الْحِمٰارَ الْعٰارِىَ » كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يأنف ولا يستنكر أن يركب الحمار العاري وفي الحديث : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يجيب دعوة العبد ، ويركب الحمار ردفاً(٤) .

وفي إحياء العلوم : كان يركب الحمار مؤكّفاً ، عليه قطيفة وكان مع ذلك يستردف(٥) .

وفيه إيضاً كان اسم حمارهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعفور وأضاف الغزالي في القول وقال : وفي صحيح البخاري من حديث معاذ كنت ردفت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله على حمار يقال له : عفير(٦) .

وقال إبن الأثير : أنّ إسم حمار النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عُفَير ، وهو تصغير ترخيم لأعفر من العفرة : وهي الغبرة ولون التراب.

__________________

١ ـ دلائل النبوّة : ج ١ ، ص ٣٢٨ ، وأخرجه أحمد في مسنده : ج ٦ ، ص ١٢١ و ١٣٧ و ٢٦٠.

٢ ـ إحياء العلوم : ج ٢ ، ص ٣٨٩.

٣ ـ نهج البلاغة : ص ٧٦ ، الخطبة ٣٣ ، عند خروجهعليه‌السلام لقتال أهل البصرة.

٤ ـ عيون الأخبار لإبن قتيبة : ج ١ ، ص ٢٦٧.

٥ ـ إحياء العلوم : ج ٢ ، ص ٤١٢.

٦ ـ إحياء العلوم : ج ٢ ، ص ٤٠٨.

١٥٥

وفي حديث سعد بن عبادة : إنّه خرج على حماره يعفور ليعوده.

قيل : سمّى يعفوراً لكونه ، من العفرة ، وقيل سمّى به تشبيهاً في عدوه باليعفور ، وهو الظبي(١) .

قولهعليه‌السلام : «وَيُرْدِفُ خَلْفَهُ » روى الواحدي بإسناده عن عروة بن الزبير أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سار يعود سعد بن عبادة ، فركب حماراً على قطيفة فدكيّة وأردف اُسامه بن زيد خلفه(٢) .

وعن إبن عباس أنّ اُسامة كان ردف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من عرفة إلى المزدلفة(٣) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لست أدع ركوب الحمار مؤكّفاً ، والأكل على الحضيض مع العبيد ، ومناولة السائل بيدي(٤) .

وأخرجه الترمذي بإسناده عن إبن عبّاس عن الفضل بن عبّاس قال : أردفني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع جُمَعٍ إلى منى(٥) .

وفي أنساب البلاذري : وقف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعرفات وهو مردف اُسامه بن زيد. وكان اسامة يدعى الردف لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يردفه كثيراً(٦) .

قولهعليه‌السلام : «وَيَكُونُ السِّتْرُ عَلىٰ بٰابِِ بَيْتِهِ فَتَكُونُ فِيهِ التَّصٰاوِيرُ ، فَيَقُولُ يٰا فُلٰانَةُ ـ لِإِحْدىٰ أَزْوٰاجِهِ ـ غَيِّبِيِه عَنِّي ، فِإِنِّي إِذٰا نَظَرْتُ إِلَيْهِ

__________________

١ ـ النهاية لإبن الأثير : ج ٣ ، ص ٢٦٣ ، مادة «عفر».

٢ ـ أسباب النزول : ص ٩٥ ـ ٩٦ وأخرجه أحمد بثلاث طرق في مسنده : ج ٥ ، ص ٢٠٣. والنقل بالمعنى.

٣ ـ مسند إبن حنبل : ج ٥ ، ص ٢٠١.

٤ ـ مكارم الأخلاق : ج ١ ، ص ٦٣ ، ح ٥٩ / ٥.

٥ ـ سنن الترمذي : ج ٣ ، ص ٢٦٠ ، ح ٩١٨ ، باب ٧٨ ، وأخرجه إبن ماجة في سننة : ج ٢ ، ص ١٠٢٦ ، ح ٣٠٧٤.

٦ ـ أنساب الأشراف للبلاذري : ج ١ ، ص ٤٦٩ و ٤٧٠.

١٥٦

ذَكَرْتُ الدُّنْيٰا وَزَخٰارِفَهٰا » والمراد من قولهعليه‌السلام يا فلانة : يكون «عائشة» كما جاء في صحيح مسلم ، عن سعد بن هشام ، عن عائشة : قالت كان لناستر فيه تمثال طائر. وكان الداخل إذا دخل إستقبله.

فقال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : حوّلي هذا ، فإنّى كلّما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا(١) .

وقد قال الله تعالى : «وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ »(٢) .

قولهعليه‌السلام : «فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيٰا بِقَلْبِهِ ، وَأَمٰاتَ ذِكْرَهٰا مِنْ نَفْسِهِ » هذا هو الزهد الحقيقي الذي ينبغي علينا أن نأخذه اُسوة حسنة لنا.

أخرج مسلم في صحيحه : عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : قالت إنّما كان فراش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي ينام عليه ، أدماً حشوه ليف(٣) .

وفي الطبقات الكبرى بإسناده عن عائشة : أنّها كانت تفرش للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عباءة مثنيّة ، فجاء ليلة وقد ربعتها فنام عليها ، فقال : يا عائشة ما لفراشي الليلة ليس كما كان؟.

قلت : يا رسول الله ربّعتها لك!.

قال : فأعيديه كما كان(٤) .

__________________

١ ـ صحيح مسلم : ج ٣ ، ص ١٦٦٦ ، ح ٨٨ ، وقريب منه : ح ٩٠ و ٩١ و ٩٢ و ٩٦ ، وأخرجه أحمد في مسنده : ج ٦ ، ص ٢٤٦.

٢ ـ طه : ١٣١.

٣ ـ صحيح مسلم : ج ٣ ، ص ١٦٥٠ ، ح ٢٠٨٢ / ٣٨ ، ونحوه جاء في مكارم الأخلاق : ج ١ ، ص ٩١ ، ح ١٦٩ / ٤.

٤ ـ الطبقات الكبرى لإبن سعد : ج ١ ، ص ٣٦٠.

١٥٧

وعنها أيضاً قالت : كان ضجاع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من أدم محشواً ليفاً(١) .

وأخرجه الترمذي عن عليعليه‌السلام كان فراش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عباءة ، وكانت مرفقته(٢) أدم حشوها ليف. فثنيت ذات ليلة ، فلمّا أصبح قال : لقد منعني الليلة الفراش الصّلاة فأمرصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يجعل له بطاق واحد(٣) .

وفي مكارم الاخلاق : وكان لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فراش من أدم حشوه ليف ، وكانت لهصلى‌الله‌عليه‌وآله عباءة تفرش له حيثما انتقل وثنّى ثنتين(٤) .

ومن عظيم زهده والإعراض عن الدنيا وزخارفها قال الغزالي : وكانت له عباءة تفرش له حيثما تنقل ثنىٰ طاقتين تحته(٥) .

قولهعليه‌السلام : «وَأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهٰا عَنْ عَيْنِهِ. لِكَيْلٰا يَتَّخِذَ مِنْهٰا رِيٰاشًا » أي زينة وتجمّلاً ، وفي منهاج البراعة نقلاً عن الغزالي : قال : قال أبو بردة : خرجت لنا عائشة كساءً ملبّداً وإزاراً غليظً ، فقالت : قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في هذين(٦) .

قولهعليه‌السلام : «وَلٰا يَعْتَقِدَهٰا قَرٰارًا » كما أشار بذلك مؤمن آل فرعون حيث يحكىٰ عنه القران الكريم : «يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ »(٧) .

__________________

١ ـ الطبقات الكبرى : ج ١ ، ص ٣٦٠ ، وأخرجه إبن ماجة في سننه : ج ٢ ، ص ١٣٩٠ ، ح ٤١٥١ ، وأحمد في مسنده : ج ٦ ، ص ٤٨ ، ٢٠٧ ، ٢١٢ ، وأبو داود في سننه : ج ٤ ، ص ٧١ ، ح ٤١٤٦ و ٤١٤٧.

٢ ـ المرفقه : المخدّة.

٣ ـ الشمائل للترمذي : ٣٢٢ وأخرجه المجلسي في بحارالأنوار : ج ١٦ ، ص ٢٥٢ ، والأنوار في شمائل النبيّ المختار : ج ٢ ، ص ٤٥٤ ، ح ٨٣٥.

٤ ـ مكارم الأخلاق : ج ١ ، ص ٩١ ، ح ١٦٩ / ٤ ، في فراشهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٥ ـ إحياء العلوم : ج ٢ ، ص ٤٠٧.

٦ ـ منهاج البراعة : ج ٩ ، ص ٣٧٩.

٧ ـ غافر : ٣٩.

١٥٨

قولهعليه‌السلام : «وَلٰا يَرْجُوَ فِيهٰا مُقٰامًا » لأنّها دار فناء لا دار بقاء.

قال الشاعر :

أحلام نوم أوكظلّ زائل

إنّ اللبيب بمثلها لا يخدع

وقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : الدنيا دار من لا دار له ، ولها يجمع من لا عقل له ، وعليها يعادي من لا علم له ، وعليها يحسد من لا فقه له ، ولها يسعي من لا يقين له(١) .

وعن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مالي وللدنيا ، إنّما مثلي ومثلها كمثل الراكب رفعت له شجرة في يوم صائف ، فقال تحتها(٢) ثم راح وتركها(٣) .

وروى البيهقي في حديث فقال : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : مالي وللدنيا؟ وما أنا والدنيا؟ وإنّما أنا والدنيا كراكب استظلّ تحت شجرة ، ثم راح وتركها(٤) .

قولهعليه‌السلام : «فَأَخْرَجَهٰا مِنَ النَّفْسِ ، وَأَشْخَصَهٰا عَنِ الْقَلْبِ » أي أبعدها عن القلب.

قولهعليه‌السلام : «وَغَيَّبَهٰا عَنِ الْبَصَرِ » أي غيّب زينتها عن البصر.

قولهعليه‌السلام : «وَكَذٰلِكَ مَنْ أَبْغَضَ شَيْئًا أَبْغَضَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ وَأَنْ يُذْكَرَ عِنْدَهُ » وهذا واضح طبيعى لا مناقشه فيه.

__________________

١ ـ إحياء العلوم : ج ٣ ، ص ٢١٧ وأخرج الكليني شطراً من الحديث في الكافي : ج ٨ ، ص ٢٧٤ ، ح ٨.

٢ ـ فقال تحتها : أي أتى بالقيلولة : من قال يقيل فيلولة وهي النوم قبل الظهر.

٣ ـ الكافي : ج ٢ ، ص ١٣٤ ، ح ١٩.

٤ ـ دلائل النبوّة : ج ١ ، ص ٣٣٨ ، وأخرجه إبن سعد في الطبقات الكبرى : ج ١ ، ص ٣٦١ ، والهندي في كنز العمّال : ج ٣ ، ص ٢٤٣ ، ح ٦٣٦١.

١٥٩

قولهعليه‌السلام : «وَلَقَدْ كٰانَ فِى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ مٰا يَدُلُّكَ عَلىٰ مَسٰاوِى الدُّنْيٰا وَعُيُوبِهٰا ، إِذْ جٰاعَ فِيهٰا مَعَ خٰاصَّتِهِ » فمن تحمّلهصلى‌الله‌عليه‌وآله للجوع والفقر وترويض نفسه على رفض زينة الحياة الدنيا ، قالت عائشة في حديث : ما شبع آل محمّد منذ قدم المدينة من طعام برّ ثلاث ليالي تباعاً حتّى قبض(١) .

وقالت أيضاً : ما شبع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثه أيّام تباعاً ، من خبز برّ ، حتّى مضى سبيله(٢) .

وفي حديث آخر : قالت : ما شبع آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من خبز شعير ، يومين متتابعين ، حتّى قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) .

وفي خبر آخر عنها قالت : ما شبع آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من خبز برّ فوق ثلاث(٤) .

وعنها أيضاً قالت : ما شبع آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من خبز البُر ، ثلاثاً حتّى مضى سبيله(٥) .

وعنها أيضاً : قالت : توفّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين شبع الناس من الأسودين : التمر والماء(٦) .

وعنها أيضاً قالت : توفّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد شبعنا من الأسودين :

__________________

١ ـ صحيح مسلم : ج ٤ ، ص ٢٢٨١ ، ح ٩٧٠ / ٢٠.

٢ ـ صحيح مسلم : ج ٤ ، ص ٢٢٨١ ، ح ٩٧٠ / ٢١ ، وأخرجه البيهقي في دلائل النبوّة : ج ١ ، ص ٣٤٠.

٣ ـ صحيح مسلم : ج ٤ ، ص ٢٢٨٢ ، ح ٢٩٧٠ / ٢٢.

٤ ـ صحيح مسلم : ج ٤ ، ص ٢٢٨٢ ، ح ٢٩٧٠ / ٢٣.

٥ ـ صحيح مسلم : ج ٤ ، ص ٢٢٨٢ ، ح ٢٩٧٠ / ٢٤.

٦ ـ صحيح مسلم : ج ٤ ، ص ٢٢٨٣ ، ح ٢٩٧٥ / ٣٠.

١٦٠