مرآة العقول الجزء ٣

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 404

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف:

الصفحات: 404
المشاهدات: 29337
تحميل: 4597


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 404 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 29337 / تحميل: 4597
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 3

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

أهل الضلالة من أجناد الشياطين وأزواجهم أكثر مما ترون خليفة الله الذي بعثه للعدل والصواب من الملائكة قيل يا أبا جعفر وكيف يكون شيء أكثر من الملائكة قال كما شاء الله عز وجل قال السائل يا أبا جعفر إني لو حدثت بعض الشيعة بهذا الحديث لأنكروه قال كيف ينكرونه قال يقولون إن الملائكةعليهم‌السلام أكثر من الشياطين قال صدقت افهم عني ما أقول إنه ليس من يوم ولا ليلة إلا وجميع الجن والشياطين تزور أئمة الضلالة ويزور إمام الهدى عددهم من الملائكة حتى

أصوب ، أي أشباههم وقرنائهم من الإنس و « أكثر » خبر الموصول ، وفي بعض النسخ « بل أكثرها ».

« ترون » بالتاء ، فقوله : « من بعثه الله » أي ممن بعثه الله أو بدل « ما » أو « ما » مصدرية ، وقوله : خليفة الله أي لخليفة الله كما قيل ، والأول أظهر ، والذي هو أصوب عندي أنه كان : لما يزور ، في الموضعين فصحف كما تدل عليه تتمة الكلام.

قولهعليه‌السلام : كما شاء الله ، لعلهعليه‌السلام حمل كلامه أولا على أن مراده بالملائكة بعضهم وهم النازلون على الإمام ، فلذا قال كما شاء الله ، أي لا استبعاد في ذلك إذا تعلقت به مشية الله ثم لما صرح بأنه فهم من كلامهعليه‌السلام أن الجن والشياطين أكثر من جميع الملائكة أجابعليه‌السلام بأنه لم يكن غرضي ذلك بل إنما أردت أنهم أكثر من عدد الملائكة الذين يزورون الإمام في ليلة القدر باعتبار أن الله تعالى يضاعف عدد الشياطين في تلك الليلة ، فقولهعليه‌السلام « صدقت » أي في أن الملائكة أكثر من الشياطين ، ويمكن حمل الكلام على جميع الملائكة وقوله : صدقت ، على أن التصديق لقول الشيعة لا لقولهم وهذا أنسب بقوله : كما شاء الله ، لكنه مخالف لكثير من الأخبار الدالة على أن ليس شيء من خلق الله أكثر من الملائكة ، ويمكن على الوجه الأول مع حمل الملائكة في كلام السائل على الجميع أن يكون مرادهعليه‌السلام بقوله ما شاء الله ، أن جميع خلق الله من غير الملائكة ، أكثر من الملائكة وإن كان صنف الملائكة أكثر من كل صنف مما سواهم ، ثم بينعليه‌السلام مراده ودفع توهم السائل في الجواب الثاني.

١٠١

إذا أتت ليلة القدر فيهبط فيها من الملائكة إلى ولي الأمر خلق الله أو قال قيض الله عز وجل من الشياطين بعددهم ثم زاروا ولي الضلالة فأتوه بالإفك والكذب حتى لعله يصبح فيقول رأيت كذا وكذا فلو سأل ولي الأمر عن ذلك لقال رأيت شيطانا أخبرك بكذا وكذا حتى يفسر له تفسيرا ويعلمه الضلالة التي هو عليها.

وايم الله إن من صدق بليلة القدر ليعلم أنها لنا خاصة لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

وقال المحدث الأسترآبادي (ره) حاصل كلامه أن زيارة أجناد الشياطين للرجل الذي هو صاحبهم أكثر من زيارة الملائكة لصاحب الأمر وذلك لأن زيارة الملائكة لصاحب الأمرعليه‌السلام إنما يكون في ليلة القدر ، وزيارتهم لصاحبهم يكون في ليلة القدر ويكون في غيرها ، « انتهى ».

ولا يخفى ما فيه إذ عبارة الخبر صريحة في أن الملائكة أيضا يزورون إمام الهدى كل يوم ، فالأصوب ما ذكرنا.

وقال الجوهري : « قيض الله » فلانا لفلان ، أي جاءه به وأتاحه له ، ومنه قوله تعالى : «وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ »(١) انتهى ، والإفك ـ بالكسر ـ الكذب ، فالعطف للتفسير وقد يقال : الكذب من حيث أنه مخالف للواقع كذب ، ومن حيث أنه يصرف السامع عن الحق إفك ، قال الجوهري : الإفك الكذب ، والإفك بالفتح مصدر قولك : أفكه يأفكه إفكا أي قلبه وصرفه عن الشيء ومنه قوله تعالى : «قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا »(٢) .

« فلو سأل » أي إمام الجور « ولي الأمر عن ذلك » أي عمار أي وسمع « لقال » أي ولي الأمر و « يعلمه » من الإعلام وضمير الفاعل راجع إلى ولي الأمر ، والمفعول إلى ولي الضلالة ، كضمير « هو » وضمير « عليها » إلى الضلالة.

« إن من صدق بليلة القدر » أي أنها باقية بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأن نزول الملائكة فيها إلى أحد من الأئمة(٣) « لقول رسول الله » الاستشهاد إما لأن المراد بوليكم

__________________

(١) سورة فصلت : ٢٥.

(٢) سورة الأحقاف : ٢٢.

(٣) في نسخة « الأمّة » بدل الأئمة لكنّه خلاف الظاهر.

١٠٢

لعليعليه‌السلام حين دنا موته هذا وليكم من بعدي فإن أطعتموه رشدتم ولكن من لا يؤمن بما في ليلة القدر منكر ومن آمن بليلة القدر ممن على غير رأينا فإنه لا يسعه في الصدق إلا أن يقول إنها لنا ومن لم يقل فإنه كاذب إن الله عز وجل أعظم من أن ينزل الأمر مع الروح والملائكة إلى كافر فاسق فإن قال إنه ينزل إلى الخليفة الذي هو عليها فليس قولهم ذلك بشيء وإن قالوا إنه ليس ينزل إلى أحد فلا يكون أن ينزل شيء إلى غير شيء وإن قالوا وسيقولون ليس هذا بشيء فقد ضلوا ضلالا بعيدا.

ولى أمر ليلة القدر ، أو لأن المراد بالولي الأولى بأمر الإمامة المتولي لإصلاحهم ، ومن يجب عليهم طاعته كما مر في تفسير قوله سبحانه : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ »(١) ولا يقول عاقل بنزول الملائكة والروح إلى غير من هو كذلك ، مع كونه بين الأمة لا سيما مع قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « إن أطعتموه رشدتم »

« منكر » أي لنا ولفضلنا وإمامتنا وكوننا مخصوصين بليلة القدر « فإنه كاذب » أي في الإقرار بليلة القدر ، أو في أنه لا يعتقد أنها فينا.

قوله « إلى الخليفة الذي هو عليها » الظاهر أن المراد به خليفة الجور وضمير عليها راجع الضلالة أو الخلافة ، وقيل : إلى الأرض ، وقيل : ضمير عليها راجع إلى خليفة الجور ، والمراد بالخليفة إمام العدل ولا يخفى بعده ، فعلى الأول المراد بقوله : ليس بشيء ، أن بطلانه ظاهر مما تقدم ، وعلى الثاني المراد أنه مخالف لمذهبهم.

« فإن قالوا وسيقولون » في بعض النسخ بالواو(٢) وهو الصواب ، نظير قوله تعالى : «فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا »(٣) .

« ليس هذا بشيء » أي هذا الكلام الأخير أو سائر ما مر مباهتة وعنادا « فقد ضلوا » أي ضلالهم ظاهر بين لا يحتاج إلى بيان ، وفي بعضها بدون الواو فالمعنى : فإن قالوا لا ينزل إلى أحد فسيقولون بعد التنبيه أو الرجوع إلى أنفسهم ليس هذا بشيء ،

__________________

(١) سورة المائدة : ٥٥.

(٢) يظهر منه أن نسخة الشارح (ره) « فسيفولون » بالفاء.

(٣) سورة البقرة : ٢٤.

١٠٣

باب

في أن الأئمةعليهم‌السلام يزدادون في ليلة الجمعة

١ ـ حدثني أحمد بن إدريس القمي ومحمد بن يحيى ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن أيوب ، عن أبي يحيى الصنعاني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال لي يا أبا يحيى إن لنا في ليالي الجمعة لشأنا من الشأن قال قلت جعلت فداك وما ذاك الشأن قال يؤذن لأرواح الأنبياء الموتىعليهم‌السلام وأرواح

فقوله : فقد ضلوا تفريع على جميع ما تقدم أو يكون « سيقولون » مفعول قالوا أي إن قال المخالفون سيقول الشيعة بعد غيبة إمامهم أو بعد التأمل في دلائلنا ليس هذا ، أي أنه لا بد من نزول الملائكة والروح إلى إمام بشيء فقد ضلوا ضلالا بعيدا ، ولا يخفى بعدهما والصواب النسخة الأولى والله يعلم.

باب أن الأئمةعليهم‌السلام يزدادون في ليلة الجمعة

الحديث الأول : ضعيف.

والشأن بالفتح والهمز وقد يلين : الخطب والأمر والحال ، والتنكير للتفخيم ، وقوله : من الشأن ، مبالغة فيه. وقال في النهاية : فيه فأقاموا بين ظهرانيهم وبين أظهرهم ، وقد تكرر في الحديث والمراد بها أنهم أقاموا بينهم على سبيل الاستظهار والاستناد إليهم ، وزيدت فيه ألف ونون مفتوحة تأكيدا ومعناه أن ظهرا منهم قد أمه وظهرا خلفه فهو مكفوف من جانبيه أو من جوانبه إذا قيل بين أظهرهم ثم كثر استعماله حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا ، وقال في حديث أبي ذر قلت : يا رسول الله كم الرسل؟ قال ثلاثمائة وثلاثة عشر جم الغفير هكذا جاءت الرواية ، قالوا : والصواب جما غفيرا يقال : جاء القوم جما غفيرا والجماء الغفير وجماءا غفيرا أي مجتمعين كثيرين ، والذي أنكر من الرواية صحيح فإنه يقال : الجم الغفير ، ثم حذف الألف واللام وأضاف من باب صلاة الأولى ومسجد الجامع ، وأصل الكلمة من الجموم والجمة وهو الاجتماع والكثرة ، والغفير من الغفر وهو التغطية والستر ، « انتهى ».

١٠٤

الأوصياء الموتى وروح الوصي الذي بين ظهرانيكم يعرج بها إلى السماء حتى توافي عرش ربها فتطوف به أسبوعا وتصلي عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين ثم ترد إلى الأبدان التي كانت فيها فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملئوا سرورا ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جم الغفير.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر ، عن جعفر بن محمد الكوفي ، عن يوسف الأبزاري ، عن المفضل قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام ذات يوم وكان لا يكنيني قبل ذلك يا أبا عبد الله قال قلت لبيك قال إن لنا في كل ليلة جمعة سرورا قلت زادك الله وما ذاك قال إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله العرش ووافى الأئمةعليهم‌السلام معه ووافينا معهم فلا ترد أرواحنا إلى أبداننا إلا بعلم مستفاد ولو لا ذلك لأنفدنا.

فالمعنى هنا مثل الأنبياء والرسل الكثيرين ، أو مثل الشيء الكثير أي علما كثيرا ويؤيد الخبر ما رواه في البصائر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : والله إن أرواحنا وأرواح النبيين لتوافي العرش كل ليلة جمعة ، فما ترد في أبداننا إلا بجم الغفير من العلم.

وذهاب روح الإمام الحي إما في البدن المثالي أو أصل الروح بناء على تجسمه في المنام ، أو يكون المراد تعلق أرواحهم المقدسة بالملأ الأعلى ويكون الصلاة على الاستعارة والمجاز ، والإيمان الإجمالي بتلك الأمور أولى وأسلم.

الحديث الثاني : ضعيف.

« وكان لا يكنيني » أي لا يدعونني بالكنية قبل هذا اليوم ، وفي هذا اليوم دعاني به وقال : يا أبا عبد الله ، وهذا افتخار من المفضل لأن الكنية عندهم من أفضل أنواع التعظيم ، ويقال : وافيت القوم وأوفيتهم أي أتيتهم « إلا بعلم مستفاد » أي مع علم جديد « ولو لا ذلك لأنفدنا » على بناء الفاعل من باب الأفعال ، أي صرنا ذوي نفاد العلم ، قال الجوهري : نفد الشيء بالكسر نفادا : فنى ، وأنفدته أنا وأنفد القوم : ذهبت أموالهم

١٠٥

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن عبد الله بن محمد ، عن الحسين بن أحمد المنقري ، عن يونس أو المفضل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما من ليلة جمعة إلا ولأولياء الله فيها سرور قلت كيف ذلك جعلت فداك قال إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله العرش ووافى الأئمةعليهم‌السلام ووافيت معهم فما أرجع إلا بعلم مستفاد ولو لا ذلك لنفد ما عندي.

باب

لو لا أن الأئمةعليهم‌السلام يزدادون لنفد ما عندهم

١ ـ علي بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان بن يحيى قال سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول كان جعفر بن محمدعليهما‌السلام يقول لو لا أنا نزداد لأنفدنا.

محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن صفوان ، عن أبي الحسن مثله.

أو فني زادهم ، انتهى.

ثم اعلم أنه يحتمل أن يكون بقاء ما عندهم من العلم مشروطا بتلك الحالة أو يكون المستفاد لما علموه مجملا ويمكنهم استنباط التفصيل منه ، وألا يجوز لهم الإظهار بدون ذلك كما مر في الباب السابق ، أو المعنى أنفدنا من علم مخصوص سوى الحلال والحرام لم يفض على النبي والأئمة المتقدمين صلوات الله عليهم وإن أفيض في ذلك الوقت ، وذلك إما من المعارف الربانية أو من الأمور البدائية ، كما مر منا الإشارة إليهما ، ويؤيد الأخير كثير من الأخبار.

الحديث الثالث : ضعيف.

باب لو لا أن الأئمةعليهم‌السلام يزدادون لنفد ما عندهم

الحديث الأول ضعيف بسنده الأول على المشهور ، صحيح بسنده الثاني.

١٠٦

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ذريح المحاربي قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام يا ذريح لو لا أنا نزداد لأنفدنا.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن ثعلبة ، عن زرارة قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول لو لا أنا نزداد لأنفدنا قال قلت تزدادون شيئا لا يعلمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال أما إنه إذا كان ذلك عرض على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم على الأئمة ثم انتهى الأمر إلينا.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن بعض

الحديث الثاني صحيح.

الحديث الثالث صحيح ويدل على أنهمعليهم‌السلام في جميع النشئات مترقون في الكمالات ، وأن أنوارهم وأرواحهم مرتبطة بعضها ببعض ، وترقياتهم على نهج واحد ، والكلام في العلم الذي يزداد قد مر.

وروي في البصائر بسنده عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام فقلت : جعلت فداك سمعتك وأنت تقول غير مرة : لو لا أنا نزداد لأنفدنا ، قال : أما الحلال والحرام فقد والله أنزله الله على نبيه بكماله ، وما يزداد الإمام في حلال ولا حرام ، قال : فقلت : فما هذه الزيادة؟ قال : في سائر الأشياء سوى الحلال والحرام ، قال : قلت : فتزدادون شيئا يخفى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال : لا إنما يخرج الأمر من عند الله فيأتي به الملك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقول : يا محمد ربك يأمرك بكذا وكذا ، فيقول : انطلق به إلى علي فيأتي عليا فيقول : انطلق به إلى الحسن ، فيقول : انطلق به إلى الحسين فلم يزل هكذا ينطلق إلى واحد بعد واحد حتى يخرج إلينا ، قلت : فتزدادون شيئا لا يعلمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال : ويحك يجوز أن يعلم الإمام شيئا لم يعلمه رسول الله والإمام من قبله.

الحديث الرابع مرسل.

١٠٧

أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس يخرج شيء من عند الله عز وجل حتى يبدأ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم بأمير المؤمنينعليه‌السلام ثم بواحد بعد واحد لكيلا يكون آخرنا أعلم من أولنا.

باب

أن الأئمةعليهم‌السلام يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى

الملائكة والأنبياء والرسلعليهم‌السلام

١ ـ علي بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن القاسم ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن لله تبارك وتعالى علمين علما أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله فما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فقد علمناه وعلما استأثر به فإذا بدا لله في شيء منه أعلمنا ذلك وعرض على الأئمة الذين كانوا من قبلنا.

علي بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن موسى بن القاسم ومحمد

باب

أن الأئمةعليهم‌السلام يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسلعليهم‌السلام .

الحديث الأول ضعيف بسنده الأول صحيح بسنده الثاني.

« وعلما استأثر به » أي تفرد به ولم يعلمه أحدا وهو العلم البدائي الذي يتغير به ما أفضى إلى الأنبياء والأوصياء ، فهذا العلم لم يصل إلى أحد ، أو المراد به نوع آخر من المعارف الربانية التي لم يطلع عليها بعد أحدا « فإذا بدا لله في شيء منه » أي علم المصلحة في تغيير ما قضى ، وكتب في لوح المحو والإثبات ، وتعلقت مشيته بإظهار هذا العلم المكنون ، قال الجوهري : بدا الأمر بدوا مثل قعد قعودا أي ظهر ،

١٠٨

ابن يحيى ، عن العمركي بن علي جميعا ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام مثله.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن لله عز وجل علمين علما عنده لم يطلع عليه أحدا من خلقه وعلما نبذه إلى ملائكته ورسله فما نبذه إلى ملائكته ورسله فقد انتهى إلينا.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن ضريس قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إن لله عز وجل علمين علم مبذول وعلم مكفوف فأما المبذول فإنه ليس من شيء تعلمه الملائكة والرسل إلا نحن نعلمه وأما المكفوف فهو الذي عند الله عز وجل في أم الكتاب إذا خرج نفذ.

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن محمد بن إسماعيل ، عن

وبدا له في الأمر بداء ممدودا أي نشأ له فيه رأي ، انتهى.

والمعنى الأخير في حقه سبحانه مجاز كما مر تحقيقه في باب البداء.

الحديث الثاني : ضعيف.

الحديث الثالث : مجهول.

« علم كذا » في أكثر النسخ بالرفع فهو مبتدأ ، أي علم منهما و « مبذول » خبره ، وكذا قوله « علم مكفوف » أي مصون ممنوع عن الخلق ، وفي نسخة الشهيد الثاني (ره) علما مبذولا وعلما مكفوفا ، بدلا من العلمين و « أم الكتاب » اللوح المحفوظ إذا خرج بإعلام الملك وإرساله ، أو بالوحي والإلهام بلا واسطة « نفذ » أي وصل إلى رسول الله والأئمة صلوات الله عليهم ، أو يصير نافذا جاريا لا بداء فيه بخلاف العلم الأول ، فإنه كان يجري فيه البداء.

الحديث الرابع : صحيح ، وهنا أيضا في نسخة الشهيد الثاني بالنصف في الموضعين.

١٠٩

علي بن النعمان ، عن سويد القلاء ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن لله عز وجل علمين علم لا يعلمه إلا هو وعلم علمه ملائكته ورسله فما علمه ملائكته ورسلهعليهم‌السلام فنحن نعلمه.

باب

نادر فيه ذكر الغيب

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن معمر بن خلاد قال سأل أبا الحسنعليه‌السلام رجل من أهل فارس فقال له أتعلمون الغيب؟ فقال قال أبو جعفرعليه‌السلام يبسط لنا العلم فنعلم ويقبض عنا فلا نعلم وقال سر الله عز وجل أسره إلى جبرئيلعليه‌السلام وأسره جبرئيل إلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وأسره محمد إلى من شاء الله.

باب نادر فيه ذكر الغيب

الحديث الأول : صحيح.

« يبسط لنا العلم فنعلم » أي علمنا الغيب إنما هو بتعليمه سبحانه قد يبسط لنا فنعلم ، وقد يقبضه عنا لبعض المصالح فلا نعلم « سر الله » أي هو سر الله والضمير الراجع إلى العلم المبسوط أو إلى العلم الذي يحتاج الناس إليه ويسألونهم عنه بقرينة المقام ، فالمراد بالعلم المبسوط والمقبوض غير ذلك مما يحدث بالليل والنهار وفي ليالي الجمعة وليالي القدر وغيرها ، ولو عمم القبض والبسط في جميع العلوم فلا بد من تخصيصه بغير ما يحتاج الناس إليه من أمور الدين بل كل ما يسألون عنه فإنه قد ورد أنه لا يكون الإمام يسأل عن أمر ويقول : لا أدري.

ويؤيد ما ذكرنا سابقا ما رواه الصفار بإسناده عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إذا مضى الإمام يفضي من علمه في الليلة التي يمضي فيها إلى الإمام القائم من بعده مثل ما كان يعلم الماضي؟ قال : وما شاء الله من ذلك يورث كتبا ولا يوكل إلى نفسه ، ويزاد في ليله ونهاره ، والمراد بمن شاء الله أمير المؤمنين أو مع سائر الأئمةعليهم‌السلام .

١١٠

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن سدير الصيرفي قال سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ »(١) قال أبو جعفرعليه‌السلام إن الله عز وجل ابتدع الأشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله فابتدع السماوات والأرضين ولم يكن قبلهن سماوات ولا أرضون أما تسمع لقوله تعالى : «وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ »(٢) .

فقال له حمران أرأيت قوله جل ذكره : «عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً »(٣) فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ » وكان والله محمد ممن

الحديث الثاني : مجهول ، «بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » البديع فعيل بمعنى مفعل أي مبدعهما ، أو بمعنى المفعول فالوصف بحال متعلق الموصوف ، أي مبدع سماواته وأرضه ، قال الفيروزآبادي : البديع المبتدع والمبتدع ، وبدعه كمنعه أنشأه كابتدعه « بعلمه » أي كما يقتضيه العلم بالمصلحة بلا استعانة بمثال كان قبله أي قبل الابتداع ، ولم يكن قبلهن سماوات ولا الأرضون لينشئهما ويضعهما على مثالهما « أما تسمع » استدلال بابتداع السماوات والأرضين بقوله تعالى : «وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ » إذ لو كان حينئذ سماء وأرض لكان عرشه عليهما ، وهذا صريح في حدوث السماوات والأرضين بل جميع الأشياء « أرأيت » أي أخبرني.

«عالِمُ الْغَيْبِ » أي هو عالم الغيب والضمير لقوله : ربي ، في قوله قبل ذلك «أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً » والغيب ما غاب عن الشخص إما باعتبار زمان وقوعه كالأشياء الماضية والآتية ، أو باعتبار مكان وقوعه كالأشياء الغائبة عن حواسنا في وقتنا ، وإما باعتبار خفائه في نفسه كالقواعد التي ليست ضروريات ولا مستنبطة منها بالفكر ، وضد الغيب الشهادة «فَلا يُظْهِرُ » أي لا يطلع «عَلى غَيْبِهِ أَحَداً » من عباده «إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ » قال الطبرسي : يعني الرسل ، فإنه يستدل على نبوتهم بأن يخبروا بالغيب ليكون آية معجزة لهم ، ومعناه من ارتضاه واختاره للنبوة والرسالة ،

__________________

(١) سورة الأنعام : ١٠١.

(٢) سورة هود : ٩.

(٣) سورة الجن : ٢٧.

١١١

ارتضاه وأما قوله «عالِمُ الْغَيْبِ » فإن الله عز وجل عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شيء ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه وقبل أن يفضيه إلى الملائكة فذلك يا حمران علم موقوف عنده إليه فيه المشيئة فيقضيه إذا أراد ويبدو له فيه فلا يمضيه فأما العلم الذي يقدره الله عز وجل فيقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم إلينا.

٣ ـ أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن عباد بن سليمان ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن سدير قال كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبد اللهعليه‌السلام إذ خرج إلينا وهو مغضب فلما أخذ مجلسه قال يا عجبا لأقوام

فإنه يطلعه على ما شاء من غيبه على حسب ما يراه من المصلحة.

قولهعليه‌السلام : فهو العلم الذي انتهى ، لعل المراد به أنه لا بداء فيه غالبا ، لا مطلقا كما يظهر من كثير من الأخبار ، أو يخص بالعلم المحتوم ، أو بالذي يظهر في ليلة القدر أو بما يحدث في الليل والنهار.

أقول : وروى علي بن إبراهيم لهذه الآية تأويلا آخر حيث قال : إلا لمن ارتضى من رسول يعني على المرتضى من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو منه ، قال الله : «فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً » قال : في قلبه العلم ، ومن خلفه الرصد ، يعلمه علمه ويزقه العلم زقا ، ويعلمه الله إلهاما والرصد التعليم من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليعلم النبي أنه قد بلغ رسالات ربه وأحاط علي بما لدى الرسول من العلم وأحصى كل شيء عددا ، ما كان وما يكون منذ يوم خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة من فتنة أو زلزلة أو حتف أو قذف أو أمة هلكت فيما مضى أو تهلك فيما بقي ، وكم من إمام جائر أو عادل يعرفه باسمه ونسبه ، ومن يموت موتا أو يقتل قتلا وكم من إمام مخذول لا يضره خذلان من خذله ، وكم من إمام منصور لا ينفعه نصر من نصره.

الحديث الثالث مجهول.

« وهو مغضب » على المجهول أي غضبا ربانيا لجماعة يزعمون أنه الرب ،

١١٢

يزعمون أنا نعلم الغيب ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل لقد هممت بضرب جاريتي فلانة فهربت مني فما علمت في أي بيوت الدار هي قال سدير فلما أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وأبو بصير وميسر وقلنا له جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ونحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا ولا ننسبك إلى علم الغيب قال فقال يا سدير ألم تقرأ القرآن قلت بلى قال فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل : «قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ » قال قلت جعلت فداك قد قرأته قال فهل عرفت الرجل وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب قال قلت أخبرني به قال قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب؟

تعالى الله عن ذلك أو يزعمون أنه يعلم جميع الغيوب وفي جميع الأحوال أو على الجارية « فقال : يا عجبا » أي يا عجب ائتني فهذا أوانك أو يا قوم اعجبوا عجبا « فما علمت » لعلهعليه‌السلام قال ذلك تورية لئلا ينسب إلى الربوبية وأراد علما مستندا إلى الأسباب الظاهرة ، أو علما غير مستفاد ، مع أنه يحتمل أن يكون الله تعالى أخفى عليه ذلك في تلك الحال لنوع من المصلحة كما مر.

« ولا ننسبك » الظاهر أنه إخبار أي لا ننسبك إلى إنك تعلم الغيب بنفسك من غير استفادة أو الغيوب المختصة به تعالى ، ويحتمل أن يكون استفهاما إنكاريا « والبحر الأخضر » هو المحيط يسمى بذلك لخضرته وسواده بسبب كثرة مائه ، وإنما لم يخبرعليه‌السلام عن تعيين الشخص لعدم الاهتمام به وعدم مدخليته فيما هو بصدد بيانه.

___________________

(١) سورة النمل : ٤٠.

(٢) مع قطع النظر عن ضعف الحديث هذا الاحتمال اقرب بمراد المعصوم ظاهراً وأنسب بسياق الحديث والاول لايناسب شأن الامام وبعيد عما يظهر في المقام.

١١٣

قال قلت جعلت فداك ما أقل هذا فقال يا سدير ما أكثر هذا أن ينسبه الله عز وجل إلى العلم الذي أخبرك به يا سدير فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل أيضا «قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ » قال قلت : قد قرأته جعلت فداك قال أفمن عنده علم الكتاب كله أفهم أم من عنده علم الكتاب بعضه قلت لا بل من عنده علم الكتاب كله قال فأومأ بيده إلى صدره وقال :

« ما أكثر » لعل هذا رد لما يفهم من كلام سدير من تحقير العلم الذي أوتى آصفعليه‌السلام بأنه وإن كان قليلا بالنسبة إلى علم كل الكتاب فهو في نفسه عظيم كثير لانتسابه إلى علم الذي أخبرك بعد ذلك برفعة شأنه ويحتمل أن يكون هذا مبهما يفسره ما بعده ويكون الغرض بيان وفور علم من نسبه الله إلى مجموع علم الكتاب ولعل الأول أظهر ، وأظهر منهما ما في البصائر حيث روي عن إبراهيم بن هشام عن محمد بن سليمان وفيه « ما أكثر هذا لمن لم ينسبه ».

وبهذا السند في البصائر « لمن ينسبه » والظاهر أنه سقطت كلمة « لم » والمعنى حينئذ بين ، وعلى التقادير يقرأ أخبرك على صيغة المتكلم ، ويمكن أن يقرأ على ما في الكتاب بصيغة الغيبة أي أخبرك الله بأنه أتى بعرش بلقيس في أقل من طرفة عين.

وحاصل الجواب أحد وجهين : الأول ، أن يكون الغرض بيان عدم المنافاة بين أن يخفى الله عليهم في وقت من الأوقات لبعض المصالح بعض الأمور الجزئية ، وبين أن يكونوا متهيئين لعلم كل الكتاب إذا أراد الله تعالى لهم ذلك ، أو يكونوا محتاجين إلى مراجعة لتحصيل بعض العلوم ولا يكون لهم جميع العلوم بالفعل.

والثاني : أن يكون الغرض بيان أن ما ذكرهعليه‌السلام أولا كان للتقية من المخالفين أو من ضعفاء العقول من الشيعة ، لئلا ينسبوهم إلى الربوبية ولعله أظهر وأرفق بسائر الأخبار ، وعلى التقادير فيه دلالة على أن الجنس المضاف يفيد العموم ،

___________________

(١) سورة الرعد : ٤٣.

١١٤

علم الكتاب والله كله عندنا علم الكتاب والله كله عندنا.

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو

وفيه خلاف بين الأصوليين.

الحديث الرابع : موثق.

وحاصله أنه لا يعلم الغيب إلا بتعليم الله سبحانه وبه يجمع بين الآيات والأخبار الواردة في ذلك فإنه تعالى قال : «وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ » وقال سبحانه : «قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَ » وقال عز وجل : «وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ » وقال جل وعلا : «وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ » وقال عز من قائل : «فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ » وقال جل جلاله حاكيا عن نوحعليه‌السلام «وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ » وقال سبحانه : «وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » وقال تعالى : «قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ » وقال تبارك وتعالى «إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ » وقال عز وعلا «قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ » وقال جل من قائل «عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ».

فالآية الأولى تدل على أن الله تعالى يطلع من يجتبي من رسله على بعض الغيوب.

___________________

(١) سورة ال عمران : ١٧٩.

(٢) سورة الانعام : ٥٠.

(٣) سورة الانعام : ٥٩.

(٤) سورة الاعراف : ١٨٨.

(٥) سورة يونس : ٢٠.

(٦) سورة هود : ٣١.

(٧) سورة هود : ١٢٣.

(٨) سورة النمل : ٦٥.

(٩) سورة لقمان : ٣٤.

(١٠) سورة سبأ : ٤٨.

(١١) سورة الجن : ٢٦.

١١٥

ابن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار الساباطي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام

وأما الثانية فقال الطبرسيرحمه‌الله : ولا أعلم الغيب الذي يختص الله بعلمه وإنما أعلم قدر ما يعلمني الله من أمر البعث والنشور والجنة والنار وغير ذلك «إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ » يريد ما أخبركم إلا بما أنزل الله إلى.

وقال في الثالثة : معناه وعنده خزائن الغيب الذي فيه علم العذاب المستعجل وغير ذلك لا يعلمها أحد إلا هو أو من أعلمه به وعلمه إياه ، وقيل : معناه وعنده مقدورات الغيب يفتح بها على من يشاء من عباده بإعلامه به وتعليمه إياه وتيسيره السبيل إليه ، ونصب الأدلة له ويغلق عمن يشاء ولا ينصب الأدلة.

وقال في الرابعة : معناه ولله علم ما غاب في السماوات والأرض ، لا يخفى عليه شيء منه ، ثم قال : وجدت بعض المشايخ ممن يتسم بالعدل والتشيع قد ظلم الشيعة الإمامية في هذا الموضع من تفسيره ، فقال : هذا يدل على أن الله تعالى يختص بعلم الغيب خلافا لما تقوله الرافضة أن الأئمةعليهم‌السلام يعلمون الغيب ولا نعلم أحدا منهم استجاز الوصف بعلم الغيب لأحد من الخلق ، وإنما يستحق الوصف بذلك من يعلم جميع المعلومات لا بعلم مستفاد ، وهذا صفة القديم سبحانه ، العالم لذاته ، لا يشركه فيه أحد من المخلوقين ، ومن اعتقد أن غير الله سبحانه يشركه في هذه الصفة فهو خارج عن ملة الإسلام.

وأما ما نقل عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ورواه عنه الخاص والعام من الأخبار بالغائبات في خطب الملاحم وغيرها ، كإخباره عن صاحب الزنج وعن ولاية مروان بن الحكم وأولاده ، وما نقل من هذا الفن عن أئمة الهدىعليهم‌السلام فإن جميع ذلك متلقى من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مما أطلعه الله عليه فلا معنى لنسبة من روى عنهم هذه الأخبار المشهورة إلى أنه يعتقد كونهم عالمين بالغيب ، وهل هذا إلا سب قبيح وتضليل لهم بل تكفير ، ولا يرتضيه من هو بالمذاهب خبير ، والله يحكم بينه وإليه المصير.

وقال (ره) في قوله تعالى : «إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ » أي استأثر الله سبحانه به

١١٦

عن الإمام يعلم الغيب فقال لا ولكن إذا أراد أن يعلم الشيء أعلمه الله ذلك.

ولم يطلع عليه أحدا من خلقه «وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ » فيما يشاء من زمان ومكان «وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ » ذكر أم أنثى ، صحيح أم سقيم ، واحد أم أكثر «وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً » أي ما ذا تعمل في المستقبل «وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ » أي في أي أرض يكون موته ، وقد روي عن أئمة الهدىعليهم‌السلام أن هذه الأشياء الخمسة لا يعلمها على التفصيل والتحقيق غيره تعالى ، انتهى كلامه رفع الله مقامه.

والحاصل أن مقتضى الجمع بين الآيات والأخبار حملها على أن نفي الغيب عنهم معناه أنهم لا يعلمون ذلك من أنفسهم بغير تعليمه تعالى بوحي أو إلهام ، وإلا فظاهر أن عمدة معجزات الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام من هذا القبيل ، وأحد وجوه إعجاز القرآن أيضا الأخبار بالغائبات ، ونحن أيضا نعلم كثيرا من المغيبات بأخبار الله تعالى ورسوله وأئمة الهدىعليهم‌السلام ، كالقيامة وأحوالها ، والجنة والنار ، والرجعة وقيام القائمعليه‌السلام ونزول عيسىعليه‌السلام وغير ذلك من أشراط الساعة ، والعرش والكرسي والملائكة.

وأما الخمسة التي وردت في الآية فتحتمل وجوها :

الأول : أن يكون المراد أن تلك الأمور لا يعلمها على التعيين والخصوص إلا الله تعالى ، فإنهمعليهم‌السلام إذا أخبروا بموت شخص في اليوم الفلاني فيمكن أن لا يعلموا خصوص الدقيقة التي تفارق الروح والجسد مثلا ، ويحتمل أن يكون ملك الموت أيضا لا يعلم ذلك.

الثاني : أن يكون العلم الحتمي بها مختصا به تعالى ، وكلما أخبر الله من ذلك كان محتملا للبداء.

الثالث : أن يكون المراد عدم علم غيره تعالى بها إلا من قبله ، فيكون كسائر الغيوب ، ويكون التخصيص بها لظهور الأمر فيها أو لغيره من الوجوه.

الرابع : أن الله تعالى لم يطلع على تلك الأمور كلية أحدا من الخلق على وجه لا بداء فيه ، بل يرسل حتمها على وجه الحتم في زمان قريب من حصولها كليلة القدر

١١٧

باب

أن الأئمةعليهم‌السلام إذا شاءوا أن يعلموا علموا

١ ـ علي بن محمد وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن بدر بن الوليد ، عن أبي الربيع الشامي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الإمام إذا شاء أن يعلم علم.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن بدر بن الوليد ، عن أبي الربيع ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الإمام إذا شاء أن يعلم أعلم.

أو أقرب من ذلك ، وهذا وجه قريب تدل عليه الأخبار الكثيرة ، إذ لا بد من علم ملك الموت بخصوص الوقت ، كما ورد في الأخبار وكذا ملائكة السحاب بوقت نزول المطر ، وكذا المدبرات من الملائكة بأوقات وقوع الحوادث.

قال الشيخ المفيدقدس‌سره في كتاب المسائل : أقول : إن الأئمة من آل محمدعليهم‌السلام قد كانوا يعرفون ضمائر بعض العباد ويعرفون ما يكون قبل كونه ، وذلك ليس بواجب صفاتهم ، ولا شرطا في إمامتهم ، وإنما أكرمهم الله تعالى به ، وأعلمهم إياه للطف في طاعتهم والتسجيل بإمامتهم ، وليس ذلك بواجب عقلا ولكنه وجب لهم من جهة السماع ، فأما إطلاق القول بأنهم يعلمون الغيب فهو منكر بين الفساد ، لأن الوصف بذلك إنما يستحقه من علم الأشياء لا بعلم مستفاد ، وهذا لا يكون إلا الله عز وجل ، وعلى قولي هذا جماعة أهل الإمامية إلا من شذ منهم من المفوضة ومن انتمى إليهم من الغلاة.

باب أن الأئمةعليهم‌السلام إذا شاءوا أن يعلموا علموا

الحديث الأول : ضعيف.

« علم » على بناء المجرد المعلوم ، أو على بناء التفعيل المجهول ، ويؤيد الثاني الخبر الآتي.

الحديث الثاني : مجهول.

١١٨

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن عمران بن موسى ، عن موسى بن جعفر ، عن عمرو بن سعيد المدائني ، عن أبي عبيدة المدائني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا أراد الإمام أن يعلم شيئا أعلمه الله ذلك.

باب

أن الأئمةعليهم‌السلام يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون

إلاباختيار منهم

١ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن سليمان بن سماعة وعبد الله بن محمد ، عن عبد الله بن القاسم البطل ، عن أبي بصير قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام أي إمام لا يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير فليس ذلك بحجة لله على خلقه.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محمد بن بشار قال : حدثني شيخ من أهل قطيعة الربيع من العامة ببغداد ممن كان ينقل عنه قال :

الحديث الثالث : مجهول أيضا ، والإعلام أما بالإلهام أو بإلقاء روح القدس.

باب أن الأئمةعليهم‌السلام يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم

الحديث الأول : ضعيف.

« لا يعلم ما يصيبه » أي من الخير والشر والعافية والبلاء في مدة عمره « وإلى ما يصير » أي من الموت أو الشهادة.

الحديث الثاني : مجهول.

وفي القاموس : القطيعة كشريفة : محال ببغداد أقطعها المنصور أناسا من أعيان دولته ليعمروها ويسكنوها ثم عد القطائع إلى أن قال : وقطيعتا الربيع بن يونس الداخلة والخارجة « ممن كان ينقل عنه » أي كان من المحدثين يعتمد الناس على حديثهم ، وفي رواية الصدوق : ممن كان يقبل قوله ، وقال في آخره : قال الحسن : وكان الشيخ من خيار العامة شيخ صدوق مقبول القول ثقة ثقة جدا عند الناس.

١١٩

قال لي : قد رأيت بعض من يقولون بفضله من أهل هذا البيت فما رأيت مثله قط في فضله ونسكه فقلت له من وكيف رأيته قال جمعنا أيام السندي بن شاهك ـ ثمانين رجلا من الوجوه المنسوبين إلى الخير فأدخلنا على موسى بن جعفرعليه‌السلام فقال لنا السندي يا هؤلاء انظروا إلى هذا الرجل هل حدث به حدث فإن الناس يزعمون أنه قد فعل به ـ ويكثرون في ذلك وهذا منزله وفراشه موسع عليه غير مضيق ولم يرد به أمير المؤمنين سوءا وإنما ينتظر به أن يقدم فيناظر أمير المؤمنين وهذا هو صحيح موسع عليه في جميع أموره فسلوه قال ونحن ليس لنا هم إلا النظر إلى الرجل وإلى فضله وسمته فقال موسى بن جعفرعليه‌السلام أما ما ذكر من

« بعض من يقولون » أي الشيعة ، وفي بعض النسخ بالخطاب و « نسكه » بضمتين أي عباداته ، ويجيء مصدرا أيضا كالنسك ، ومثلثة « جمعنا » على صيغة المجهول ، و « ثمانين » منصوب على الاختصاص أو حال عن ضمير « جمعنا ».

وفي العيون ونحن ثمانون والسندي بن شاهك بفتح الهاء كان صاحب حرس هارون الرشيد « من الوجوه » أي المعتبرين المشهورين بين الناس بالفضل والصلاح ، قال الفيروزآبادي : الوجه سيد القوم « هل حدث به حدث » أي مكروه وآفة من جراحة وسم ونحوها « قد فعل به » على المجهول والضمير المرفوع راجع إلى الحدث أو القائم مقام الفاعل مقدر حذف للتعميم ، أي فعل به كل مكروه ، وفي رواية الصدوق أنه قد فعل مكروه في ذلك « ويكثرون » أي القول في ذلك « وهذا فراشه » الواو للحال « وإنما ينتظر به » على المعلوم أي هارون أو على المجهول ، وفي العيون « وإنما ينتظره » أي يقدم فيناظره أمير المؤمنين وها هو ذا هو صحيح.

« والسمت » هيئة أهل الخير وسيماء أهل الصلاح أي لم يكن لنا مجال السؤال لشغل القلب بفضله وسمته ، وقال الجوهري : النفر بالتحريك : عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة ، وقال : الارتعاد : الاضطراب ، و « مثل » منصوب بنيابة المفعول المطلق ، والسعفة بالتحريك : ورقة النخل وجريدته.

١٢٠