ارشاد القلوب الجزء ٢

ارشاد القلوب0%

ارشاد القلوب مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: كتب الأخلاق
ISBN: ( دورة ) 2 ـ 42 ـ 8073 ـ 964
الصفحات: 395

ارشاد القلوب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الحسن بن أبي الحسن محمّد الديلمي
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: ISBN: ( دورة ) 2 ـ 42 ـ 8073 ـ 964
الصفحات: 395
المشاهدات: 26810
تحميل: 9470


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 395 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 26810 / تحميل: 9470
الحجم الحجم الحجم
ارشاد القلوب

ارشاد القلوب الجزء 2

مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
ISBN: ( دورة ) 2 ـ 42 ـ 8073 ـ 964
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الجلسة في الجامع خير لي من الجلسة في الجنّة ، فإنّ الجنّة فيها رضى نفسي والجامع فيه رضى ربي .

أفلا تنظروا إلى ما وصفه ضرار بن ضمرة الليثي من مقاماته عليه‌السلام حيث (١) دخل على معاوية فقال له: صف لي عليّاً ، فقال: أولا تعفيني من ذلك؟ فقال: لا أعفيك ، فقال: كان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلاً ، ويحكم عدلاً يتفجّر العلم من جوانبه ، وتنطق (٢) الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل ووحشته كان والله غزير العبرة ، طويل الفكرة ، يقلّب كفّه ، ويحاسب (٣) نفسه ، ويناجي ربّه يعجبه من اللباس ما خشن ، ومن الطعام ما جشب كان والله فينا كأحدنا ، يدنينا إذا أتيناه ، ويجيبنا إذا سألناه وكنّا مع دنوّه منّا وقربنا منه لا نكلّمه لهيبته ، ولا نرفع أعيننا إليه لعظمته فإن تبسّم فعن (٤) مثل اللؤلؤ المنظوم يعظم أهل الدين ، ويحبّ المساكين لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله (٥) ، وغارت نجومه ، وهو قائم في محرابه ، قابض على لحيته ، يتململ تململ السليم (٦) ، ويبكي بكاء الحزين ، فكأنّي الآن أسمعه وهو يقول: يا دنيا دنية ، أبِيَ تعرّضت؟ أم بي تشوّقت؟ هيهات هيهات غرّي غيري ، لا حاجة لي فيك ، قد

ـــــــــــــــــ

(١) في "ج": حين .

(٢) في "ج": تنطلق .

(٣) في "ج": يخاطب .

(٤) في "ج": ظهر أسنانه .

(٥) السدول جمع السدل ، شبّه ظلم الليل بالأستار المسدولة .

(٦) تململ: تقلّب ، والسليم: من لدغته الحيّة .

٢١

بنتك (١) ثلاثاً لا رجعة لي فيها فعمرك قصير ، وخطرك يسير ، وأملك حقير آه آه من قلّة الزاد ، وبُعد السفر ، ووحشة الطريق ، وعظم المورد .

فوكفت دموع معاوية على لحيته ، فنشفها بكمّه ، واختنق القوم بالبكاء ، ثمّ قال: كان والله أبو الحسن كذلك ، فكيف صبرك عنه يا ضرار؟ قال: صبر من ذبح واحدها (٢) على صدرها ، فهي لا ترقئ عبرتها ، ولا تسكن حرارتها ثمّ قام فخرج وهو باك ، فقال معاوية: أمَا إنكم لو فقدتموني لما كان فيكم من يثني عليّ مثل هذا الثناء ، فقال بعض من كان حاضراً: الصاحب على قدر صاحبه (٣) .

وروي أنّه عليه‌السلام لمّا كان يفرغ من الجهاد يتفرّغ لتعليم الناس والقضاء بينهم ، فإذا تفرّغ من ذلك اشتغل في حائط له يعمل فيه بيده ، وهو مع ذلك ذاكراً لله تعالى جلّ جلاله (٤) .

وروى الحكم بن مروان ، عن جبير بن حبيب قال: نزل بعمر بن الخطاب نازلة قام لها وقعد وترنح وتقطر ، ثمّ قال: معاشر المهاجرين ما عندكم فيها؟ قالوا: يا عمر ! أنت المفزع والمهرع ، فغضب ثمّ قال: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ) (٥) أما والله أنا وإيّاكم لنعرف أين نجدتها والخبير بها قالوا: كأنّك أردت ابن أبي طالب؟ قال: وأنّى يعدل بي عنه ، وهل لقحت حرّة بمثله ، قالوا: فلو بعثت إليه ، قال: هيهات ، هناك [شيخ من بني] (٦) هاشم ولحمة من الرسول وأثرة من علم يؤتى لها ولا تأتي ، امضوا إليه فأفضوا إليه وهو في حائط له عليه ثياب ، يتوكّأ على مسحاته وهو يقول:

ـــــــــــــــــ

(١) في "ب" و "ج": طلّقتك .

(٢) في "ج": ولدها .

(٣) عنه البحار ٤١: ١٢٠ ح٢٨; ونحوه كنز الفوائد: ٢٧٠ .

(٤) عنه مستدرك الوسائل ١٣: ٢٥ ح١٤٦٣٦ .

(٥) الأحزاب: ٧٠ .

(٦) أثبتناه من "ج" .

٢٢

( أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ) (١) ودموعه تهمل على خدّيه ، فأجهش القوم لبكائه ، ثمّ سكن وسكنوا وسأله عمر عن مسألته ، فأصدر جوابها ، فلوى عمر يديه ثمّ قال: أما والله لقد أرادك الحق ولكن أبى قومك ، فقال له: (يا أبا حفص ، عليك من هنا ومن هنا (٢) ( إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً ) ) . فانصرف وقد أظلم وجهه ، كأنّما ينظر من ليل (٣) .

وقد عرفت قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لمبارزة عليّ بن أبي طالب عمر بن عبدود العامري أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة (٤) .

ولقد نقل المؤرّخون أن مبارزاته كانت اثنين وسبعين مبارزة ، فإذا فكّر العاقل أنّ قسماً واحداً من أصل اثنين وسبعين قسماً من أصل خمسة أقسام ، وهي العبادات الخمس ، من أصل قسمين ، وهي العمل والعلم لأنّ العلم أيضاً عمل نفساني ، أفضل من عمل الأمة إلى يوم القيامة عرف من ذلك أنّه مجهول القدر ، وإذا كان أعبد الناس كان أفضلهم ، فتعيّن أن يكون هو الإمام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فصل : [في حلمه وجوده وحسن خلقه وأخباره بالغيب وإجابة دعائه]

ومن فضائله عليه‌السلام الحلم ، والكرم ، والجود ، والسخاء ، وحسن الخلق ، وإخباره بالغيب ، وإجابة دعائه بسرعة ، فجلّ مَن أنعم عليه بالفضل الجسيم ، والرتبة العالية ، والمنزلة العظيمة ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ) .

ـــــــــــــــــ

(١) القيامة: ٣٦ـ٣٨ .

(٢) في "ب": هاهنا .

(٣) البحار ٤٠: ١٢٢ ح١٢; عن الفضائل لابن شاذان: ١٣٦ .

(٤) راجع البحار ٣٦: ١٦٥ ح١٤٧ .

٢٣

وأمّا الحلم : فكان عليه‌السلام من أكثر الناس حلماً ، لم يقابل مسيئاً بإساءته ، ولقد عفى عن أهل البصرة بعد أن ضربوا وجهه بالسيف ، وقتلوا أصحابه وردّ عائشة إلى المدينة ، وأطلق عبد الله بن الزبير بعد الظفر به على عداوته وتأليبه (١) عليه وشتمه له على رءوس الخلائق ، وصفح عن مروان بن الحكم يوم الجمل مع شدّة عداوته .

وأمّا الكرم : فقد بلغ فيه الغاية القصوى التي لم تحصل لغيره (صلوات الله عليه) روى الثعلبي في تفسيره عن أبي ذر الغفاري قال ، وذكر في أوّل الحديث من طريقنا أن عبد الله بن عباس كان على شفير زمزم وهو يقول: سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ـ وهو يكرّر الأحاديث ـ إذ أقبل رجل معتمّ بعمامة وقد غطّى أكثر وجهه بها ، وكان ابن عباس لا يقول: "قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " إلاّ قال ذلك الرجل: "قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " .

فقال له ابن عباس: بالله عليك من أنت ؟! فكشف العمامة عن وجهه وقال: أيّها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة أبو ذر الغفاري ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهاتين وإلاّ صُمّتا (يعني أذنيه) ، ورأيته بهاتين (يعني عينيه) وإلاّ عميتا ، يقول: "عليّ قائد البررة ، عليّ قاتل الكفرة منصورٌ من نَصَرَه ، مخذولٌ من خَذَلَه ، ملعونٌ من جَحَدَ ولايته" أما إنّي صلّيت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة الظهر ، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئاً ، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللّهمّ اشهد إنّي سألت في مسجد رسول الله فلم يُعطني أحد شيئاً وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام راكعاً ، فأومأ إليه بخنصره اليمنى ـ وكان يتختّم فيها ـ فأقبل السائل حتّى أخذ الخاتم من خنصره ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

ـــــــــــــــــ

(١) في "ج": تألّبه .

٢٤

يشاهد فلمّا فرغ من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: "اللّهمّ إنّ موسى سألك فقال: ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) ، اللّهمّ فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: ( سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا ) (١) اللّهمّ فأنا محمد نبيّك وصفيّك ، اللّهمّ فاشرح لي صدري ، ويسّر لي أمري ، واجعل لي وزيراً من أهلي ، عليّاً أخي ، اُشدد به ظهري" .

قال: فما استتمّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى نزل جبرئيل عليه‌السلام من عند الله تعالى وقال: يا محمد اقرأ ، قال: وما أقرأ؟ قال: اقرأ ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (٢) (٣) .

وروي أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام دخل مكّة في بعض حوائجه ، فوجد أعرابياً متعلّقاً بأستار الكعبة وهو يقول: يا من لا يحويه مكان ، ولا يخلو منه مكان ، بلا كيفية كان ، اُرزق الأعرابي أربعة آلاف درهم قال: فتقدّم إليه أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال: ما تقول يا أعرابي ؟ فقال الأعرابي: مَن أنت؟ قال: عليّ بن أبي طالب ، قال: أنت والله حاجتي ، قال (عليه الصلاة والسلام) : سل يا أعرابي ، قال: أريد ألف درهم للصداق ، وألف درهم أقضي بها ديني ، وألف درهم أشتري بها داراً ، وألف درهم أتعيّش بها ، قال عليه‌السلام : أنصفت يا أعرابي ، إذا خرجت من مكّة فسل عن داري بمدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ـــــــــــــــــ

(١) القصص: ٣٥ .

(٢) المائدة: ٥٥ .

(٣) راجع الطرائف: ٤٧ ح٣٩; والعمدة: ١١٩ ح١٥٨; وكشف الغمة ١: ٣١٧ عن تفسير الثعلبي .

٢٥

فأقام الأعرابي أسبوعاً بمكّة ، وخرج في طلب أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى المدينة ، ونادى: من يدلّني على دار أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فلقيه الحسين عليه‌السلام (١) فقال : أنا أدلّك على دار أمير المؤمنين فقال له الأعرابي : من أبوك ؟ قال: أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، قال : من أمك ؟ قال : فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين ، قال : من جدّك ؟ قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطّلب ، قال: من جدّتك ؟ قال: خديجة بنت خويلد ، قال : من أخوك ؟ قال : الحسن بن عليّ (٢) ، قال : قد أخذت الدنيا بطرفيها ، امش (٣) إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقل له: إن الأعرابي صاحب الضمان بمكّة على الباب.

فدخل الحسين عليه‌السلام وقال: يا أبت ، أعرابي بالباب يزعم أنّه صاحب ضمان بمكّة ، قال : فخرج عليه‌السلام وطلب سلمان الفارسي رحمه‌الله وقال له : يا سلمان اُعرض الحديقة التي غرسها لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على التجار ، فدخل سلمان السوق وعرض الحديقة ، فباعها باثني عشر ألف درهم ، وأحضر المال وأحضر الأعرابي ، فأعطاه أربعة آلاف درهم وأربعون درهم للنفقة .

ووقع الخبر إلى فقراء المدينة ، فاجتمعوا إليه والدراهم مصبوبة بين يديه ، فجعل عليه‌السلام يقبض قبضة فيعطي رجلاً رجلاً حتّى لم يبق له درهم واحد منها ، ودخل منزله فقالت فاطمة عليها‌السلام : يا ابن عم ، بعت الحديقة التي غرسها لك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والدي ؟ قال: نعم ، بخير منها عاجلاً وآجلاً . قالت له : جزاك الله في ممشاك ، ثمّ قالت: أنا جائعة وابناي جائعان ولا شك

ـــــــــــــــــ

(١) في "ج": الحسنعليه‌السلام .

(٢) في "ج": الحسين بن علي بن أبي طالب .

(٣) في "ب": امض .

٢٦

أنّك مثلنا ، فخرج عليّ عليه‌السلام ليقترض شيئاً يخرجه على عياله ، فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال: يا فاطمة أين ابن عمّي ؟ فقالت له: خرج يا رسول الله ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هاك هذه الدراهم فإذا جاء ابن عمّي فقولي له يبتاع لكم بها طعاماً .

وخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فجاء عليّ عليه‌السلام وقال: جاء ابن عمّي فإنّي أجد رائحة طيبة؟ قالت: نعم ، وناولته الدراهم وكانت سبعة دراهم سود هجرية ، وذكرت له ما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال: يا حسن ، قم معي فأتيا السوق فإذا هما برجل واقف وهو يقول: من يقرض الوفي المليّ؟ فقال: يا بني أعطيه الدراهم ، فقال: بلى والله يا أبت ، فأعطاه عليه‌السلام الدراهم ومضى إلى باب رجل يستقرض منه شيئاً ، فلقيه أعرابي ومعه ناقة ، قال: اشتر منّي هذه الناقة ، قال: ليس معي ثمنها ، قال: فإنّي أنظرك بها ، قال: بكم يا أعرابي ؟ قال: بمئة درهم ، قال عليه‌السلام : خذها يا حسن فأخذها ومضيا عليهما‌السلام ، فلقيه أعرابي آخر فقال: يا علي أتبيع الناقة ؟ قال عليه‌السلام : وما تصنع بها ؟ قال: أغزو عليها أوّل غزوة يغزوها ابن عمّك ، قال له عليه‌السلام : إن قبلتها فهي لك بلا ثمن ، قال: معي ثمنها ، فبكم اشتريتها؟ قال: بمئة درهم ، قال الأعرابي: فلك سبعون ومائة درهم ، فقال عليه‌السلام : خذها يا حسن وسلّم الناقة إليه ، والمئة للأعرابي الذي باعنا الناقة ، والسبعون لنا نأخذ منها شيئاً .

فأخذ الحسن عليه‌السلام الدراهم وسلّم الناقة ، قال عليه‌السلام : فمضيت أطلب الأعرابي الذي ابتعت منه الناقة لأعطيه الثمن ، فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مكان لم أره فيه قبل ذلك على قارعة الطريق ، فلمّا نظر إليّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تبسّم وقال: يا أبا الحسن أتطلب الأعرابي الذي باعك الناقة لتوفّيه

٢٧

ثمنها؟

فقلت: إي والله فداك أبي وأمي ، فقال: يا أبا الحسن الذي باعك الناقة جبرئيل ، والذي اشتراها منك ميكائيل ، والناقة من نوق الجنّة ، والدراهم من عند ربّ العالمين المليّ الوفيّ (١) .

وروى الثعلبي وغيره من المفسّرين: أن الحسن والحسين مرضا ، فعادهما جدّهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعادهما عامة العرب ، فقالوا: يا أبا الحسن ، لو نذرت لولديك نذراً ، فقال عليه‌السلام : إن برئ ولداي ممّا بهما صمت ثلاثة أيّام شكراً لله تعالى ، وقالت فاطمة عليها‌السلام مثل ذلك ، وقالت جاريتها فضّة: إن برئ سيّداي ممّا بهما صمت ثلاثة أيّام شكراً لله (عَزَّ وجَلَّ) .

فأُلبسا العافية وليس عند آل محمد لا قليل ولا كثير ، فآجر عليّ عليه‌السلام نفسه ليلة إلى الصبح يسقي نخلاً بشيء من شعير ، وأتى به لمنزله ، فقامت (٢) فاطمة عليها‌السلام إلى ثلثه ، فطحنته واختبزت منه خمسة أقراص لكلّ واحد منهم قرصاً وصلّى أمير المؤمنين عليه‌السلام صلاة المغرب مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه ، فجاء مسكين فوقف بالباب وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد ، مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة ، فسمعه عليّ عليه‌السلام فقال: أطعموه حصّتي ، فقالت فاطمة عليها‌السلام والباقون كذلك ، فأعطوه (٣) الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا إلاّ الماء القراح .

فلمّا كان اليوم الثاني طحنت فاطمة عليها‌السلام ثلثاً آخر واختبزته ، وأتى

ـــــــــــــــــ

(١) أمالي الصدوق: ٣٧٧ ح١٠ مجلس ٧١; عنه البحار ٤١: ٤٤ ح١ باختلاف قليل .

(٢) في "ج": فقسّمت .

(٣) في "ج": فأطعموه .

٢٨

أمير المؤمنين عليه‌السلام من صلاة المغرب مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووضع الطعام بين يديه ، فأتى يتيم من أيتام المهاجرين وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد ، يتيم من أيتام المهاجرين ، استشهد والدي يوم العقبة ، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة ، فسمعه عليّ وفاطمة عليهما‌السلام [والباقون] (١) فأعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا إلاّ الماء القراح .

فلمّا كان اليوم الثالث قامت فاطمة عليها‌السلام إلى الثلث الباقي وطحنته واختبزته ، وصلّى عليّ عليه‌السلام مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المغرب ثمّ أتى المنزل ، فوضع الطعام بين يديه فجاء أسير فوقف بالباب وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد ، تأسرونا ولا تطعمونا ، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة ، فإنّي أسير محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسمعه عليّ عليه‌السلام فآثره وآثروه معه ومكثوا ثلاثة أيّام بلياليها لم يذوقوا شيئاً إلاّ الماء .

فلمّا كان اليوم الرابع وقد وفوا بنذرهم أخذ أمير المؤمنين عليه‌السلام الحسن بيده اليمنى والحسين بيده اليسرى وأقبل نحو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع ، فلمّا بصر بهما النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: يا أبا الحسن ، ما أشد ما يسوؤني ما أرى بكم ، انطلقوا بنا إلى ابنتي فاطمة .

فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلّي ، وقد لصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع ، فلمّا رآها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: وا غوثاه ، بالله يا أهل بيت محمد تموتون جوعاً ، فهبط جبرئيل عليه‌السلام وقال: خذ يا محمد هنّأك الله تعالى في أهل بيتك ، قال: وما آخذ يا جبرئيل؟ قال: فاقرأ: ( هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ ) السورة (٢) .

ـــــــــــــــــ

(١) أثبتناه من "ج" .

(٢) راجع الطرائف: ١٠٧ ح١٦٠ عن تفسير الثعلبي ، وفي شواهد التنزيل ٢: ٣٩٤ ح١٠٤٢; والمناقب للخوارزمي: ٢٦٧ ح٢٥٠; عنه كشف الغمة ١: ٣٠٧; وتفسير فرات: ٥١٩ ح٦٧٦; عنه البحار ٣٥: ٢٤٩ ح٧; وكفاية الطالب: ٣٤٥; والكشّاف ٤: ٦٧٠; ومصادر أخر .

٢٩

ومن كان أكرم الناس كان أفضل ، فيكون هو الإمام دون غيره .

وأمّا الجود والسخاء : فقد بلغ فيه ما لم يبلغه أحد ، جاد بنفسه والجود بالنفس أقصى غاية الجود .

روى أبو سعيد الخدري قال: لمّا خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الغار أوحى الله (عَزَّ وجَلَّ) إلى جبرئيل وميكائيل: إنّي قد آخيت بينكما ، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر ، فأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فكلاهما اختار وأحبّ الحياة ، فأوحى الله (عَزَّ وجَلَّ) إليهما: أفلا كنتما مثل عليّ بن أبي طالب ، آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه يقيه بنفسه ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوّه .

وكان جبرئيل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، وجبرئيل ينادي: من مثلك؟ بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب؟! يباهي الله بك الملائكة ، وأنزل الله (عَزَّ وجَلَّ) في حقّه: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) (٢) ، وإذا كان كذلك وجب أن يكون هو الإمام دون غيره .

وأمّا حسن الخلق : فقد بلغ فيه الغاية القصوى حتّى نسبه أعداؤه إلى الدعابة ، وممّا يدلّ على ذلك مساواته للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا النبوّة ، وقد مدح سبحانه نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله: ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (١) فكذا يجب أن يكون علياً عليه‌السلام لمساواته له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأمّا إخباره بالغيب : فكثير ، وهي معجزة عظيمة دالّة على إمامته عليه‌السلام ، لأنّها لم تتيسّر لأحد من أمّة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير عليّ عليه‌السلام .

ـــــــــــــــــ

(١) اُنظر كفاية الطالب: ٢٣٩; والعمدة: ٢٣٩ ح٣٦٧; والطرائف: ٣٧ ح٢٧ عن الثعلبي; وأيضاً كشف الغمة ١: ٣١٦; ونور الأبصار: ١٧٥; والبحار ١٩: ٣٨ ح٦; والآية في سورة البقرة: ٢٠٧ .

(٢) القلم: ٤ .

٣٠

منها : أنّه لمّا بويع بذي قار قال: يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا ينقصون رجلاً ولا يزيدون رجلاً ، يبايعون على الموت ، آخرهم أُويس القرني ، قال ابن عباس: فأحصيت المقبلين فنقصوا واحداً ، فبينما أنا أفكر إذ أقبل أويس القرني (١) .

و منها : أن رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّي مررت بوادي القري فرأيت خالد بن عرفطة قد مات فاستغفر له ، فقال عليه‌السلام : إنّه لم يمت ولا يموت حتّى يقود جيش ضلالة ، صاحب لوائه حبيب بن جماز ، فقام رجل من تحت المنبر فقال: يا أمير المؤمنين إنّي لك شيعة وإنّي لك محبّ ، قال: ومن أنت؟ قال: أنا حبيب بن جماز فقال عليه‌السلام : إيّاك أن تحملها ! ولتحملنّها ! فتدخل بها من هذا الباب ، وأومئ بيده إلى باب الفيل فلمّا مضى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ومضى الحسن ابنه عليه‌السلام من بعده ، وكان من أمر الحسين عليه‌السلام ما كان ، بعث ابن زياد بعمر بن سعد إلى الحسين عليه‌السلام ، وجعل خالد بن عرفطة على مقدمته ، وحبيب بن جماز صاحب رايته ، فسار بها حتّى دخل المسجد من باب الفيل (٢) .

و منها : إخباره عن قتل نفسه الشريفة (صلوات الله عليه) ، وقال : والله لتخضبنّ هذه من هذه ، ووضع يده على رأسه ولحيته (٣) .

و منها : إخباره بصلب ميثم التمار وطعنه بحربة عاشر عشرة على باب دار عمرو بن حريث ، وأراه النخلة التي يُصلب على جذعها ، وكان ميثم يأتيها ويصلّي عندها ويقول لعمرو بن حريث: إنّي مجاورك فأحسن جواري ، فصلبه عبيد الله بن

ـــــــــــــــــ

(١) الإرشاد: ١٦٦; عنه البحار ٤٢: ١٤٧ ح٧ .

(٢) الإرشاد: ١٧٣; ومناقب ابن شهر آشوب ٢: ٢٧٠ في إخباره بالبلايا والمنايا; عنه البحار ٤١: ٣١٣ ح٣٩; وكشف اليقين: ٧٩; وشرح نهج البلاغة ٢: ٢٨٧ .

(٣) الإرشاد: ١٦٨; عنه البحار ٤٢: ١٩٢ ح٦ .

٣١

زياد وطعنه بحربة (١) .

و منها : أنّه قال لأصحابه لما رفع معاوية المصاحف: إنّهم لم يريدوا القرآن فاتّقوا الله وامضوا على بصائركم ، فإن لم تفعلوا تفرّقت بكم السبل وندمتم حيث لا ينفعكم الندامة ، وكان كما أخبر (٢٤) .

و منها : أنّه أخبر بقتل ذي الثدية ، فلم يُر بين القتلى ، فقال: والله ما كذبت وما كُذبت فاختبروا القتلى ، فاختبروهم فوجدوه في النهر ، وشقّ عن ثوبه فوجد سلعة على كتفه كثدي المرأة ، ينجذب كتفه إذا جذبت ، ويرجع إذا تركت (٣) .

و منها : أنّه أُخبر عن الخوارج بعبور النهر فقال: والله ما عبروا ، ثمّ أخبر ثانية وثالثة فقال: والله ما عبروا وما يعبرون حتّى يقتل منهم بعدد هذه الأجمة ، قال جندب بن عبد الله الأزدي: والله لئن كانوا قد عبروا وإلاّ أكون أوّل من يقاتله ، فلمّا وصلوا إليهم لم يجدوهم عبروا ، فقال: يا أخا الأزد أتبيّن لك الأمر ، فلمّا قتل الخوارج قطعوا الأجمة وتركوا على كلّ قتيل قصبة فلم تزد عليهم ولا نقصت عنهم (٤) .

و منها : أنّه خرج ذات ليلة من مسجد الكوفة متوجّهاً إلى داره قد مضى هزيع (٥) من الليل ومعه كميل بن زياد ـ وكان من خيار شيعته ومحبّيه ـ فوصل في الطريق إلى باب رجل يتلو القرآن في ذلك الوقت ، ويقرأ قوله تعالى: ( أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) (٦) بصوت شجيّ حزين .

ـــــــــــــــــ

(١) الإرشاد: ١٧٠; عنه البحار ٤٢: ١٢٤ ح٧; شرح النهج لابن أبي الحديد ١: ٢١٠ .

(٢) الإرشاد: ١٦٧; عنه البحار ٣٣: ٣١١ ح٥٦١ .

(٣) البحار ٤١: ٣٣٩ ح٥٩; عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢: ٢٧٥ .

(٤) الإرشاد: ١٦٧; عنه البحار ٤١: ٢٨٤ ح٣ .

(٥) في "ج": ربع .

(٦) الزمر: ٩ .

٣٢

فاستحسن كميل ذلك في باطنه ، وأعجبه حال الرجل من غير أن يقول شيئاً ، فالتفت (صلوات الله عليه) إليه وقال: يا كميل ، لا يعجبك طنطنة الرجل ! إنّه من أهل النار ، سأنبئك فيما بعد .

فتحيّر كميل لمكاشفته له على ما في باطنه ، ولشهادته لدخول النار (١) مع كونه في هذا الأمر وتلك الحالة الحسنة ظاهراً في ذلك الوقت ، فسكت كميل متعجباً متفكّراً في هذا الأمر ، ومضى مدّة متطاولة إلى أن آل حال الخوارج إلى ما آل ، وقاتلهم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكانوا يحفظون القرآن كما أنزل فالتفت أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى كميل بن زياد وهو واقف بين يديه والسيف في يده يقطر دماً ، ورءوس أولئك الكفرة الفجرة محلّقة على الأرض ، فوضع رأس السيف على رأس من تلك الرءوس وقال: يا كميل ( أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ ) ، أي هو ذلك الشخص الذي كان يقرأ في تلك الليلة فأعجبك حاله ، فقبّل كميل قدميه واستغفر الله (٢) ، فصلّى الله على مجهول القدر .

و منها : انّه لما اشترى عليه‌السلام ميثم التمار من امرأة أخبره بأنّ اسمه سالم ، فقال عليه‌السلام : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبرني بأنّ أباك سماك ميثماً فارجع إليه ، فقال ميثم: صدقت [يا مولاي] ، ثمّ أخبره بأنّ عبيد الله بن زياد يصلبه ، كما تقدّم الحديث (٣) .

و أخبر رشيد الهجري بقطع يديه ورجليه وصلبه ، ففعل به ذلك زياد بن النضر (٤) ، وأخبر عليه‌السلام مزروع بن عبد الله بأنّه يصلب بين شرفتين من

ـــــــــــــــــ

(١) في "ج" شهادته للرجل بالنار .

(٢) عنه البحار ٣٣: ٣٩٩ ح٦٢٠ .

(٣) الإرشاد: ١٧٠; والبحار ٤١: ٣٤٣; عن شرح نهج البلاغة ١: ٢١٠ .

(٤) الإرشاد: ١٧١; نهج الحق: ٢٤٢; وشرح نهج البلاغة ١: ٢١١ .

٣٣

شرف المسجد فصلب هناك (١) ، وأخبر بأنّ الحجاج يقتل كميل بن زياد (٢) .

و أخبر قنبراً بذبحه فذبحه الحجاج (٣) ، وقال للبراء بن عازب: إن ولدي الحسين يقتل وأنت حيّ لا تنصره ، فقتل وهو حيّ ولم ينصره ، وكان يظهر الندم على ذلك (٤) .

أخبر بقتل الحسين عليه‌السلام ومصرعه وقبره لمّا توجّه إلى صفين ، وكان كما قال (٥) .

و أخبر عليه‌السلام بأنّه يعرض على أصحابه سبّه ، فأباحه لهم دون البراءة منه فوقع ما أخبر به (٦) .

و أخبر بقطع يد جويرية بن مسهر ورجله وصلبه على جذع ، ففعل به ذلك في أيام معاوية وزياد بن أبيه (٧) .

و أخبر بعمارة بغداد (٨) ، وملك بني العباس وذكر أحوالهم وأخذ المغول الملك منهم (٩) .

وإخباره بالغيب كثير يطول بذكره الكتاب ، وهذا مما يدلّ على علوّ شأنه ، وارتفاع محلّه ، واتّصال نفسه الشريفة الطاهرة بعالم الغيب .

وأمّا إجابة دعائه : فكثير ، منها : أنه دعا فردّت عليه الشمس مرّتين ، إحداهما في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم روت أم سلمة ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وأبي سعيد الخدري ، وجماعة من الصحابة بأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ذات يوم في منزله وعليّ عليه‌السلام بين يديه إذ جاءه جبرئيل عليه‌السلام يناجيه عن الله تعالى فلمّا تغشّاه الوحي

ـــــــــــــــــ

(١) الإرشاد: ١٧٢; عنه البحار ٤١: ٢٨٥ ح٥; مناقب ابن شهر آشوب ٢: ٢٧٢ .

(٢) الإرشاد: ١٧٢ .

(٣) الإرشاد: ١٧٣; نهج الحق: ٢٤٢ .

(٤) الإرشاد: ١٧٤; ومناقب ابن شهر آشوب ٢: ٢٧٠; عنه البحار ٤١: ٣١٥ ح٤٠ .

(٥) الإرشاد: ١٧٥; عنه البحار ٤١: ٢٨٦ ح٦ .

(٦) الإرشاد: ١٦٩ .

(٧) البحار ٤١: ٣٠١ ح٣١ عن الخرائج; وفي نهج الحق: ٢٤٢ .

(٨) البحار ٤١: ١٢٥ عن مناقب ابن شهر آشوب ؛ ونهج الحق: ٢٤٣ .

(٩) شرح نهج البلاغة ٢: ١٢٥ و٢٤١; نهج الحق: ٢٤٣ .

٣٤

توسّد فخذ أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فلم يرفع رأسه حتّى غابت الشمس ، ولم يتمكّن أمير المؤمنين عليه‌السلام من صلاة العصر ، فاضطرّ عليه‌السلام لأجل ذلك أن صلّى العصر جالساً ، يومئ لركوعه وسجوده إيماءً فلمّا أفاق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تغشّيه (١) قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : فاتتك صلاة العصر؟ فقال: لم أستطع أن أصليها قائماً لمكانك يا رسول الله ، والحالة التي كنت عليها في استماع الوحي .

فقال له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أُدع الله ليرد عليك الشمس حتّى تصلّيها قائماً في وقتها ، فإنّ الله تعالى يجيبك لطاعتك لله ولرسوله وسأل أمير المؤمنين عليه‌السلام الله تعالى في ردّ الشمس ، فردّت عليه حتّى صارت في موضعها من السماء وقت العصر ، فصلّى أمير المؤمنين عليه‌السلام ثمّ غربت (٢) .

وأمّا الثانية بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا رجع من صفين ، وأراد عبور الفرات ببابل ، واشتغل جمع من أصحابه بتعبير دوابهم ورحالهم ، وصلّى عليه‌السلام بنفسه في طائفة معه العصر ، فلم يفرغ الناس من عبورهم الماء حتّى غربت الشمس ، ففاتت الصلاة كثيراً منهم ، وفات الجمهور فضل الجماعة معه ، فتكلّموا في ذلك فلمّا سمع كلامهم فيه سأل الله تعالى بردّ الشمس عليه ليجتمع كافة أصحابه على صلاة العصر في وقتها ، فأجابه الله سبحانه إلى ردّها عليه ، فهال الناس ذلك وأكثروا التسبيح والتهليل والاستغفار (٣) (٤) .

ـــــــــــــــــ

(١) في "ج": غشيته .

(٢) كشف الغمة ١: ٢٨٥; كشف اليقين: ١١١; إرشاد المفيد: ١٨٢; ونحوه مناقب الخوارزمي: ٣٠٦ ح٣٠١; ومناقب ابن شهر آشوب ٢: ٣١٦; عنه البحار ٤١: ١٧٤ ح١٠; كفاية الطالب: ٣٨٥ .

(٣) كشف الغمة ١: ٢٨٦; وكشف اليقين: ١١٣; وإرشاد المفيد: ١٨٢; ومناقب ابن شهر آشوب ٢: ٣١٨; عنه البحار ٤١: ١٧٤ ح١٠ .

(٤) قال العلامة رحمه الله في كتاب "كشف اليقين" : كان بعض الزهّاد يعظ الناس ، فوعظ في بعض الأيام وأخذ يمدح علياًعليه‌السلام ، فقاربت الشمس الغروب وأظلم الأفق ، فقال مخاطباً للشمس:

لا تغربي يا شمس حتّى ينقضي

مدحي لصنو المصطفى ولنجله

واثني عنانك إذ عزمتُ ثناءه

أنسيت يومك إذ رُددت لأجله

إن كان للمولى وقوفك فليكن

هذا الوقوف لخيله ولرجله

فوقفت الشمس وأضاء الأفق حتّى انقضى المدح ، وكان ذلك بمحضر جماعة كثيرة تبلغ حدّ التواتر ، واشتهرت هذه القصة عند الخواص والعوام .

٣٥

و منها : لما زاد ماء الكوفة وخاف أهلها الغرق وفزعوا إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فركب بغلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخرج والناس معه حتّى أتى شاطئ الفرات ، فنزل عليه‌السلام وأسبغ الوضوء وصلّى منفرداً بنفسه والناس يرونه ، ثمّ دعا الله سبحانه بدعوات سمعها أكثرهم ثمّ تقدّم إلى الفرات متوكئاً على قضيب بيده وضرب صفحة الماء وقال: انقص بإذن الله تعالى ومشيئته ، فغاض الماء حتّى بدت الحيتان في قعر الفرات ، فنطق كثير منها بالسلام عليه بإمرة المؤمنين ، ولم ينطق منها أصناف من السموك ، وهي الجري والمارماهي والزمار ، فتعجّب الناس من ذلك وسألوه عن علّة ما نطق منها وصموت ما صمت ، فقال عليه‌السلام : أنطق الله ما طهر من السموك ، وأصمت عنّي ما حرّمه ونجّسه وبعّده (١) .

و منها : أنّه قال على منبر الكوفة: أيّها الناس من حضر قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "من كنت مولاه فعليّ مولاه" فليقم وليشهد ، فقام جماعة وأنس بن مالك جالس لم يقم ، فقال له: يا أنس ما منعك أن تشهد ولقد سمعت ما سمعوا ؟ فقال: يا أمير المؤمنين ، كبرت ونسيت ، فقال عليه‌السلام : اللّهمّ إن كان كاذباً فارمه ببياض لا تواريها العمامة ، فصار أبرص (٢) .

و منها : أنّه دعا على بسر بن أرطاة فقال: اللّهمّ إنّ بسراً باع آخرته بدنياه

ـــــــــــــــــ

(١) إرشاد المفيد: ١٨٣; وكشف اليقين: ١١٣; ومناقب ابن شهر آشوب ٢: ٣٣٠; عنه البحار ٤١: ٢٦٨ ح٢٢ .

(٢) الإرشاد للمفيد: ١٨٥; مناقب ابن شهر آشوب ٢: ٢٧٩; عنهما البحار ٤١: ٢٠٤ ح١٩ .

٣٦

فاسلبه عقله ، ولا تبق له من دينه ما يستوجب به رحمتك ، فاختلط عقله (١) .

و منها : أنّه اتُّهم المغيرة (٢) أنّه يرفع أخباره إلى معاوية ، فأنكر ذلك فقال له: إن كنت كاذباً فأعمى الله بصرك ، فما دارت عليه جمعة حتّى عمي (٣) .

وهذا أيضاً كثير فلنقتصر منه على اليسير ، ولا شك أن إجابة الدعاء بسرعة من الفضائل التي لا تتيسّر لكلّ أحد ، فصلّى الله على مجهول القدر ، ومن بولايته والبراءة من أعدائه يُقبل العمل ، ويحصل الأجر .

روى الخوارزمي في مناقبه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: يا عليّ ، لو أنّ عابداً عبد الله (عَزَّ وجَلَّ) مثل ما قام نوح في قومه ، وكان له مثل جبل أُحد ذهباً فأنفقه في سبيل الله تعالى ، وحجّ ألف عام على قدميه ، ثمّ قُتل بين الصفا والمروة مظلوماً ، ولم يوالك يا عليّ لم يشمّ رائحة الجنّة ولم يدخلها (٤) .

وتصديق هذا قوله تعالى: ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً ) (٥) ، وقوله تعالى: ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) (٦) ، وقوله تعالى: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آَنِيَةٍ ) (٧) فصلّى الله على مَن بولايته يحصل الإيمان ، وبمحبّته والبراءة من أعدائه يقبل العمل بالأركان .

ـــــــــــــــــ

(١) مناقب ابن شهر آشوب ٢: ٢٨٠; عنه البحار ٤١: ٢٠٤ ح١٩ .

(٢) كذا في "ج" ، وفي "الف" و "ب" كلمة مبهمة ، لعلّها "اتّهم العين" ، وفي بعض المصادر: رجل يقال له: الغيزار .

(٣) مناقب ابن شهر آشوب ٢: ٢٧٩; إرشاد المفيد: ١٨٤; وفي البحار ٤١: ١٩٨ ح١١; كشف اليقين: ١١١; نهج الحق: ٢٤٦ .

(٤) المناقب للخوارزمي: ٦٧ ح٤٠; عنه كشف الغمة ١: ١٠٠; والبحار ٢٧: ١٩٤ ح٥٣ .

(٥) الفرقان: ٢٣ .

(٦) الفرقان: ٢٣ .

(٧) الغاشية ٢ـ٥ .

٣٧

فصل : [في كسر الأصنام ، وأنّهعليه‌السلام أوّل من صلّى]

ومن فضائله أنّه نشأ وربا في الإيمان ، ولم يُدنس بدنس الجاهلية بخلاف غيره من سائر الصحابة ، فإنّ المسلمين أجمعوا على أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أشرك بالله طرفة عين ، ولم يسجد لصنم قط ، بل هو الذي تولّى كسر الأصنام لمّا صعد على كتف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

روى أحمد بن حنبل في مسنده عن أبي مريم ، عن عليّ عليه‌السلام قال: انطلقت أنا والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى أتينا الكعبة ، فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اجلس حتّى أصعد على منكبك ، فذهبت لأنهض فرأى منّي ضعفاً ، فنزل وجلس لي نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال: اصعد على منكبي فصعدت على منكبه ونهض بي ، فرأيت أني لو شئت لنلت أفق السماء حتّى صعدت على البيت وعليه صنم كبير من صفر ، فجعلت أزاوله عن يمينه وشماله وبين يديه ومن خلفه حتّى إذا استمكنت منه قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقذف به ، فقذفت به فتكسّر كما تتكسر القوارير ثمّ نزلت وانطلقنا أنا ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نستبق حتّى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس (١) .

وقال بعض الشعراء في هذا المعنى ، وقد قيل له امدح عليّاً:

قيل لي قل في عليّ مدحة

ذكره يخمد(٢) ناراً مؤصدة

قلت هل أمدح من في فضله

حار ذو اللب إلى أن عبده

ـــــــــــــــــ

(١) مسند أحمد ١: ٨٤ ح٦٤٥; عنه كشف الغمة ١: ٧٩; وكشف اليقين: ٢٤; ومثله مناقب الخوارزمي: ١٢٥ ح١٤٠; ومناقب ابن المغازلي: ٢٠٢ ح٢٤٠; عنه العمدة: ٣٦٤; وكفاية الطالب: ٢٥٧ .

(٢) في "ب": فانتضا يطفئ .

٣٨

والنبي المصطفى قال لنا

ليلة المعراج لمّا صعده

وضع الله على ظهري يداً

فأراني القلب أن قد برده

وعليّ واضع رجليه لي (١)

في مكان وضع الله يده

فانظر أيّها المنصف الفطن إلى حال هذا الرجل المجهول القدر ، فعند المسلمين ما ذكرناه من عدم إشراكه بالله طرفة عين ، وارتقائه فوق كتف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعند غيرهم من العقلاء والأذكياء من أمّة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما قلناه من غلوّهم فيه حتّى عبدوه ، وقالوا بأُلوهيّته من عظم ما شاهدوا منه من الآثار والأفعال التي لم تصدر من بشر ، فجلّ من أعطاه هذه المرتبة ، وحباه بهذه المنزلة .

[كم بين شك في هدايته

وبين من قيل : إنّه الله](٢)

ومن كتاب مسند ابن حنبل أيضاً عن عفيف الكندي قال: كنت تاجراً فقدمت الحج ، فأتيت العباس بن عبد المطلب لأبتاع منه شيئاً ـ وكان تاجراً ـ فوالله إنّي لعنده بمنى إذ خرج رجل من خباء قريب منه فنظر إلى الشمس ، فلمّا رآها قد زالت قام يصلّي ، ثمّ خرجت امرأة من الخباء الذي خرج الرجل منه ، فقامت خلفه فصلّت ، ثمّ خرج غلام حيّن (٣) راهق الحلم من ذلك الخباء الذي خرج الرجل منه ، فقام معه فصلّى .

فقلت للعباس: من هذا يا عباس؟ قال: هذا محمد بن عبد الله ابن أخي ، فقلت: من هذه المرأة؟ قال: امرأته خديجة بنت خويلد ، فقلت: من هذا الفتى؟ فقال: عليّ بن أبي طالب ابن عمّه ، فقلت: وما هذا الذي يصنع؟ قال: يصلّي وهو

ـــــــــــــــــ

(١) في "ج": أقدامه .

(٢) أثبتناه من "ب" .

(٣) في "ج": حسن الوجه .

٣٩

يزعم أنّه نبيّ ، ولم يتبعه على أمره إلاّ امرأته وابن عمّه هذا الفتى (١) .

فصل : [في مؤاخاته وقربه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ]

ومن فضائله عليه‌السلام أنه واجب المودّة ، لكونه من ذوي القربى وهاشميّاً ، ولا شك أن النسب والقرب من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضيلة عظيمة ومرتبة عالية أمّا دنياً فظاهر ، وأمّا الآخرة فقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "كلّ نسب منقطع يوم القيامة إلاّ نسبي" (٢) وكلّ من كان أقرب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان أعظم قدراً ، وأشرف ذكراً ، وأكبر فخراً ممّن ليس له ذلك .

فكفى بنا فضلاً على مَنْ غيرنا = قرب النبي محمد إيّانا

وأمير المؤمنين عليه‌السلام كان ابن عمّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبيه وأمه ، لأنّه عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، فعبد المطلب جدّهما وفيه يجتمعان (صلّى الله عليهما) ، وأبو طالب وعبد الله أخوان لا غير من أب وأم واحدة ، فلم يكن أحد حينئذٍ أقرب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) .

ومن فضائله مؤاخاته النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، روى أحمد بن حنبل في مسنده أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخا بين الصحابة ولم يؤاخِ بين عليّ وأحد منهم ، فضاق صدر عليّ عليه‌السلام حيث لم يؤاخ بينه وبين أحد .

فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أخّرتك إلاّ لنفسي ، فأنت منّي

ـــــــــــــــــ

(١) مسند أحمد ١: ٢٠٩ ح١٧٩٠; عنه كشف الغمة ١: ٨٢; وكشف اليقين: ٣٣; ونحوه في العمدة: ٦٣ ح٧٥; وكفاية الطالب: ١٢٨; والعدد القوية: ٢٤٦ ح٣٨ .

(٢) مناقب ابن المغازلي: ١٠٨ ح١٥٠; كفاية الطالب: ٣٨٠ .

٤٠