والجدير بالذّكر أنّ كلمة «الإصلاح» ، ورد ذكرها دائماً بعد ذكر التّوبة ، كالآيات الآنفة الذّكر ، ومعناها واسعٌ يشمل كلّ ما فات ، من قصورٍ وتقصيرِ يُبعد الإنسان عن خطّ الإيمان ، ومنها :
١ ـ التّائب يجب أن يُؤدّي جميع الحقوق لُمستحقيها ، فإنّ كانوا أحياء فَبِها ، وإلّا فلورثتهم.
٢ ـ إذا كان قد تعامل مع الآخرين ، من موقع الإهانة والغيبة ، وغيرها من الامور السلبية في دائرة السلوك ، فيجب عليه طلب الحلية منهَ ورَدّ إعتباره ما دام الآخر يعيش في هذه الدنيا ، وإن كان قد وافاه الأجل ، فعليه أن يتحرّك على مستوى إرسال الثّواب لروحه ، كي ترضى.
٣ ـ أن يَقْضي ما فاته من العبادات : كالصّلاة والصّيام ودفع الكفارات.
٤ ـ نعلم أنّ ممارسة الخطيئة والوقوع في منحدر الذنوب ، يُظلم الرّوح ويسوّد القلب ، فعلى التّائب السّعي لتنوير قلبه بالطّاعة والعّبادة ، لتنفتح روحه على الله تعالى ، في أجواء الإيمان.
وأفضل وأكمل تفسير ورد لمعنى الإستغفار ، هو ما ورد عن أمير المؤمنينعليهالسلام
، في كلماته القصار في نهج البلاغة :
قالعليهالسلام
لقائلٍ قال بحضرته :«أَسْتَغْفِرُ اللهَ»
ـ وكان الإمام أمير المؤمنينعليهالسلام
يعرف سوابقه وأعماله ـ«ثَكَلَتْكَ امُّكَ أَتدرِي مَا الاسْتِغْفارُ؟ الإسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ العِلِّيينَ ، وَهوَ إسمٌ وَاقِعٌ عَلَى سِتَّةِ مَعانٍ».
أَوَّلُها النَّدمُ عَلى مَا مَضى.
والثَّانِي العَزْمُ عَلَى تَرْكِ العَودِ إِلَيهِ أَبَداً.
والثَّالِثُ أنْ تُؤَدِّي إِلَى الَمخْلُوقِينَ حُقُوقَهُم حَتَّى تَلقَى اللهَ أَمْلَسَ لَيسَ عَلَيكَ تَبِعَةٌ.
الرّابِعُ أنْ تَعْمِدَ إِلَى كُلِّ فَرِيضَةٍ عَلَيكَ ضَيَّعْتَها فَتُؤَدِّيَ حَقَّها.
الخَامِسَ أَنْ تَعْمِدَ إِلَى اللَّحْمِ الَّذِي نَبَتَ عَلى السُّحْتِ فَتُذِيبَهُ بِالأحزَانِ حَتَّى تُلْصِقَ الجِلْدَ بِالعَظمِ ، وَيَنْشَأَ بَينَهُما لَحْمٌ جَدِيدٌ.
والسَّادِسَ أَن تُذِيقَ الجِسْمَ أَلَمَ الطَّاعَةِ كَمَا أَذَقْتَهُ حَلاوَةَ المَعْصِيَةِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُولُ : «أَسْتَغْفِرُ اللهَ»
.
__________________