• البداية
  • السابق
  • 345 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 4487 / تحميل: 3964
الحجم الحجم الحجم
المدرسة القرآنيّة

المدرسة القرآنيّة

مؤلف:
العربية

ولأجل الإطّلاع على كيفيّة التّحريف والإنزلاق في منحدر الإفراط والتّفريط ، وكيف تنحرف مسألةٌ معينةٌ عن المنطق والشّرع ، لدى وقوعها بأيدي مَنْ لا أَهليّة له ، على التّنظير في امور الدّين؟ ، وكيف تَتعرض للإستغلال والتّشويه ، علينا إلقاء نظرة على كلام : «كيوان القِزويني المُلقّب ب منصور علي شاه» ، حيث يُعتبر من أقطاب الصّوفية ، فقد بيّن حدود وصلاحيّات القُطب ، وقال :

«لِلقطب أن يدّعي عشرةَ خُصوصيّات :

١ ـ أنّ عندي باطنُ الولاية التي كانت عند الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله مع فرقٍ واحدٍ هو ، أنّه المؤسس وأنا المروّج والمدير والحارس!.

٢ ـ عندي القُدرة على تربية الأفراد ، وتهذيب نفوسهم ، وإزالة العناصر الخبيثة والخصائص الشّريرة ، في واقعهم ونزعها ونقلها إلى الكفّار.

٣ ـ أنا حرّ من قيود الطّبع والنّفس.

٤ ـ يجب أن تؤدى جميع عِبادات ومُعاملات المُريدين ، بإجازةٍ وموافقةٍ منّي.

٥ ـ كلّ إسمٍ القّنه لِلمُريدين ، وأجيزهم بذكره في القلب أو اللّسان ، يكون هو ذلك الإسم فقط هو الله ، ويسقط الباقي من درجة الإعتبار.

٦ ـ كلّ المعارف الدينيّة والعقائديّة ، إن كانت قد حصلت بموافقتي ، فهي صحيحة ، وإلّا فهي عينُ الزّيف ، ومَحض الخَطأ.

٧ ـ أنا مفترضُ الطّاعة ، ولازمُ الخِدمة ، ولازم الحفظ.

٨ ـ أنا حرٌّ في عقائدي.

٩ ـ أنا ناظرٌ للأحوال القَلبيّة لمريديّ دائماً.

١٠ ـ أنا قسيم النّار والجنّة(١) .

هذا الكلام أشبهُ بالهَذيان منه إلى البَحث المَنطقي ، رغم أنّه قد لا يقبله أغلب الصّوفيين ، ولكن مجرد أنّه يرى نفسه بِعنوان : «قُطب» ، وإدّعائه أن للأقطابِ ، إختياراتٌ وصلاحيّاتٌ لم

__________________

١ ـ إستوار نامه ، ص ٩٥ ـ ١٠٦ ، (مع التّلخيص).

٣٤١

يدّعيها حتى الأنبياء لأنفسهم ، فإن ذلك يكفي ، في تبيان مدى إستغلال هؤلاء المدّعين ، لمثل هذه العناوين الضّبابيّة وحاجة الناس للمعلم ، في أمر السّير والسّلوك إلى الله تعالى ، وما يمكن أن يترتّب على ذلك ، من عواقبٍ سلبيّةٍ على مستوى ، سَوقِ النّاس في خَطّ الباطل.

فهذه الإدّعاءات ، بعض منها من خواصّ الأنبياء ، والاخرى لم يجرء على ادّعائها أحد من الأنبياء والأئمّةعليهم‌السلام ، وأيّ شخصٍ له قليلٌ من الإلمامٌ بالدّين ، سيتوجه إلى فَضاعةِ الأمرِ وخُطورته.

وإذا ما رَجعنا إلى كُتب أهل التّصوف ، مثل ،«تَذكرة الأَولياء» لِلشيخ العَطار ، و «تاريخ التّصوف» ، و «نفحات الانس» ، وبعض أبحاث«إحياء العُلوم» ، نرى أنّ الإدّعاءات والخُصوصيّات التي يضعوها لِلأقطاب ، وشيخُ طريقتهم : فضيعةٌ ، ولذلك فإنّ بعض مُحقّقي الشّيعة وفقهائهم ، وقفوا بِشدّةٍ وقوّةٍ ، مقابل هذه الطّائفة ، حتى أنّ هذا الموقف تسبّب بإيذاء بعض الّذين يتعاملون مع المفاهيم الدينيّة ، من موقع الجهل والسطحيّة ، لكن الحقيقة أنّ المثقفين والمطّلعين ، يعلمون أنّ إطلاق العِنان لمثل هذه الأفكار المُنحرفةُ من شأنه أن يَقضي ، على فُروعِ واصولِ الدّين الحَنيفِ بصورةٍ كاملةٍ.

نَصل هُنا وإيّاكم إلى نِهاية أبحاثنا ، عن كلّيات المسائل الأخلاقيّة ، في ظلّ الآيات القرآنية ، أبحاثٌ تعتبر الأساس والقاعدة الّتي يقومُ عليها صَرحُ الأخلاق وتهذيب النّفوس ، وتفتحُ أمامنا أبواب المباحثِ المستقبليّة ، حول مصاديق الرّذائل والفضائِل ، واحدةً بعد اخرى.

إلهنا! :

«إنّ الوصول إلى أوج الفضائل الأخلاقيّة والحياة ، في أجواء القُرب منك ، لا تُستطاع إلّا بتَوفيقك وتَسديدِك ، فَأعنّا بعونَك ، وجُد علينا بفضلك ، وَقرّبنا مِنك ، واجعلنا من أصحاب النّفوس المطمئنّة ، لندخل فيمن يقعونَ مَورداً لخطابك ، : «فَادْخُلي فِي عِبَادِي* وَادْخُلي جَنَّتي».

٣٤٢

رَبّنا! :

إنّ حَبائلَ الشّيطانِ قويّةٌ ، وسهامَه مَهلكةٌ ، وهوى النّفس عدوٌّ لا يرحم ، ورذائل ـ النّفس كالأشواك تُوخز الرّوحَ وتُؤذيها ، ولا يُنجينا من ذلك كلّهُ إلّا عنايتُك الخاصّة ولطفُك الخَفي.

ربّنا! :

إننا نُسلّمُ الأمرَ إليكَ في خِتام حديثنا ، ونقرأ الدّعاء المعروفَ الواردَ عن الرّسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونقول : «اللهُمَّ لا تَكِلنِي إِلى نَفْسِي طَرفَةَ عِينٍ أَبَداً »(١) .

تمّ والحمد لله

الجزء الأول

من كتاب الأخلاق في القرآن

في ٢٤ / ٣ / ١٣٧٦ ه‍. ش المصادف ٨ / صفر ١٤١٨ ه‍. ق

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ١٨ ، ص ٢٠٤.

٣٤٣
٣٤٤

الفهرس

الاهداء : ١

أهميّة الأبحاث الأخلاقيّة ٩

دور الأخلاق في الحياة والحضارة الإنسانيّة ٣٣

المذاهب الأخلاقيّة ٤٧

دعائم الأخلاق ٦٣

الأخلاق والحريّة ٧٥

اصول المسائل الأخلاقيّة في القرآن الكريم ٨٣

إرتباط المسائل الأخلاقيّة مع بعضها ٩٩

من أين نبدأ؟ ١٠٣

تنوع الطّرق لأرباب السّير والسّلوك ١١٣

هل يلزم وجود المُرشد في كلّ مرحلةٍ؟ ١٢٥

العناصر اللّازمة لتربية الفضائل الأخلاقيّة ١٢٩

الخُطى العمليّة في طريق التّهذيب الأخلاقي ١٨٩

القُدوات في خطّ الإستقامة ٣١٣

الوجه الآخر للولاية ، ودوره في تهذيب النّفوس ٣٣١

الفهرس ٣٤٥

٣٤٥