تعالى :(
وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ
)
.
وعليه ، فإنّ سمُوّ الأخلاق والعمل والتّزكية الكاملة لا تتمّ ، إلّا بالإيمان بالله ورحمته الواسعة.
وجاء نفس هذا المعنى في سورة (الأعلى) فيقول الله تعالى :
(
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى
)
.
فطبقاً لهذه الآيات ، فإنّ التّزكية الأخلاقيّة والعمليّة ، لها علاقةٌ وثيقةٌ بإسم الله تعالى والصّلاة والدّعاء ، هذا إذا ما إستمدّت أسسها منه سُبحانه وتعالى ، وحينها ستكون عميقةً ودائمةً ، وإذا ما إعتمدت على أسسٍ اخرَى ، فستكون واهيةً وعديمة المحتوى.
في الآية (٩٣) من سورة المائدة ، جاء وصف جميل ، للعلاقة الوثيقة بين التّقوى والأعمال الأخلاقيّة بالإيمان : فقال الله تعالى :(
لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
)
.
في هذه الآية الشّريفة ، تقدّمت التّقوى مرّة على الإيمان والعمل الصّالح ، وتأخرت اخرَى ، وتقدمت مرّةً على الإحسان ، لأنّ التّقوى الأخلاقيّة والعمليّة تتقدم على الإيمان في مرحلةٍ ما ، وهي التّحضير لقبول الحقّ والإحساس بالمسؤوليّة للبحث عنه.
ثم إنّ الإنسان عند ما يعرف الحقّ ويؤمن به ، فستتكون في نفسه مرحلةٌ أعلى وأقوى من التّقوى ، وتكون مصدراً لأنواع الخيرات.
وبهذا التّرتيب ، تتبيّن العلاقة الوثيقة بين الإيمان والتّقوى.
وخلاصة القول : إنّ أقوى وأفضل الدّعائم للأخلاق ، هو الإيمان بالله ، والإحساس بالمسؤوليّة اتّجاهه ، ومثل هذا الإيمان هو أبعد مدىً وأرحب افقاً من المسائل المادّية ، ولا يبدّل ولا يعوّض بشيٍء ، فهو يرافق الإنسان في كلّ مكان ولا ينفصل عنه أبداً ، ولا يوجد شيء أفضلُ منه.
__________________