مرآة العقول الجزء ٦

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 289

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف:

الصفحات: 289
المشاهدات: 3370
تحميل: 5073


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 289 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 3370 / تحميل: 5073
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 6

مؤلف:
العربية

٤ ـ علي بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن محمد بن الريان قال احتال المأمون على أبي جعفر عليه‌السلام بكل حيلة فلم يمكنه فيه شيء فلما اعتل وأراد أن يبني عليه ابنته دفع إلى مائتي وصيفة من أجمل ما يكون إلى كل واحدة منهن جاما فيه جوهر يستقبلن أبا جعفر عليه‌السلام إذا قعد في موضع الأخيار فلم يلتفت إليهن وكان رجل يقال له مخارق صاحب صوت وعود وضرب طويل اللحية فدعاه المأمون فقال يا أمير المؤمنين إن كان في شيء من أمر الدنيا فأنا أكفيك أمره فقعد بين يدي أبي جعفر عليه‌السلام فشهق مخارق شهقة اجتمع عليه أهل الدار وجعل يضرب بعوده ويغني فلما فعل ساعة وإذا أبو جعفر لا يلتفت إليه لا يمينا ولا شمالا ثم رفع إليه رأسه

الحديث الرابع : مرسل.

« بكل حيلة » أي في نقص قدره عليه‌السلام وإدخاله فيما هو فيه من اللهو والفسوق « فلم يمكنه في شيء » (١) أي لم يمكنه الحيلة في شيء من أموره ، وفي بعض النسخ كما في المناقب : فيه شيء وهو أظهر « فلما اعتل » أي عجز عن الحيلة كأنه صار عليلا أو على بناء المجهول أي عوق ومنع من ذلك قال في القاموس : اعتله إعتاقه عن أمر أو تجني عليه.

قوله : موضع الأجناد ، أي محل حضور الجند ومجلس ديوان المأمون ، وفي بعض النسخ موضع الأخيار ، قيل : أي الخلوة حين العبادة ، وأقول : كلاهما تصحيف والظاهر الأختان جمع الختن كما في نسخ مناقب ابن شهرآشوب « فشهق » كضرب ومنع وعلم ، أي صاح « شهقة » مصدر للنوع أي شهقة عجيبة « اجتمع عليه » أي على مخارق ، وقيل الضمير للشهقة ، والتذكير لأنه مصدر « وجعل » أي شرع والباء لتقوية التعدية « فلما فعل ساعة » كان جواب لما مقدر يفسره الجملة التالية ويمكن أن يقرأ ثم بالفتح « فرفع » (٢) جواب لما ، وفي القاموس : العثنون اللحية أو ما فضل منها بعد العارضين ، أو نبت على الذقن وتحته سفلا أو هو طولها ، وشعيرات طوال تحت حنك

__________________

(١) وفي المتن « فيه شيء » وسيأتي الإشارة إليه في كلام الشارح (ره) أيضا.

(٢) وفي المتن « ثم رفع ».

١٠١

وقال اتق الله يا ذا العثنون قال فسقط المضراب من يده والعود فلم ينتفع بيديه إلى أن مات قال فسأله المأمون عن حاله قال لما صاح بي أبو جعفر فزعت فزعة لا أفيق منها أبدا.

٥ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن داود بن القاسم الجعفري قال دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام ومعي ثلاث رقاع غير معنونة واشتبهت علي فاغتممت فتناول إحداهما (١) وقال هذه رقعة زياد بن شبيب ثم تناول الثانية فقال هذه رقعة فلان فبهت أنا فنظر إلي فتبسم قال وأعطاني ثلاثمائة دينار وأمرني أن أحملها إلى بعض بني عمه وقال أما إنه سيقول لك دلني على حريف يشتري لي بها متاعا فدله عليه قال فأتيته بالدنانير فقال لي يا أبا هاشم دلني على حريف يشتري لي بها متاعا فقلت نعم.

قال وكلمني جمال أن أكلمه له يدخله في بعض أموره فدخلت عليه لأكلمه له فوجدته يأكل ومعه جماعة ولم يمكني كلامه فقال يا أبا هاشم كل ووضع بين يدي ثم قال ابتداء منه من غير مسألة يا غلام انظر إلى الجمال الذي

البعير ، انتهى. والمضرب بالكسر ما يضرب به « فزعت » أي دهشت وزالت قوتي « لا أفيق » أي لا أرجع إلى الصحة.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

والرقاع بالكسر جمع رقعة بالضم ، وفي القاموس عنوان الكتاب وعينانه ويكسران ، سمي لأنه يعن له من ناحية ، وأصله عنان كرمان وكل ما استدللت بشيء تظهره على غيره فعنوان له ، وعن الكتاب وعننه وعنونه كتب عنوانه ، انتهى.

والمراد أنه لم يكتب اسم المرسل على ظهره ، وقال في القاموس : البهت الانقطاع والحيرة والفعل ، كعلم ونصر وكرم وزهى ، وهو مبهوت لا باهت ولا بهيت ، وقال : حريفك معاملك في حرفتك وقيل : « يدخله » حال مقدرة لمفعول أكلمه ، وقال

__________________

(١) كذا في النسخ والظاهر « إحداها ».

١٠٢

أتانا به أبو هاشم فضمه إليك قال ودخلت معه ذات يوم بستانا فقلت له جعلت فداك إني لمولع بأكل الطين فادع الله لي فسكت ثم قال [ لي ] بعد [ ثلاثة ] أيام ابتداء منه يا أبا هاشم قد أذهب الله عنك أكل الطين قال أبو هاشم فما شيء أبغض إلي منه اليوم.

٦ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن حمزة الهاشمي ، عن علي بن محمد أو محمد بن علي الهاشمي قال دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام صبيحة عرسه حيث بنى بابنة المأمون وكنت تناولت من الليل دواء فأول من دخل عليه في صبيحته أنا وقد أصابني العطش وكرهت أن أدعو بالماء فنظر أبو جعفر عليه‌السلام في وجهي وقال أظنك عطشان فقلت أجل فقال يا غلام أو جارية اسقنا ماء فقلت في نفسي الساعة يأتونه بماء يسمونه به فاغتممت لذلك فأقبل الغلام ومعه الماء فتبسم في وجهي ثم قال يا غلام ناولني الماء فتناول الماء فشرب ثم ناولني فشربت ثم عطشت أيضا وكرهت أن أدعو بالماء ففعل ما فعل في الأولى فلما جاء الغلام ومعه القدح قلت في نفسي مثل ما قلت في الأولى فتناول القدح ثم شرب فناولني وتبسم.

قال محمد بن حمزة فقال لي هذا الهاشمي وأنا أظنه كما يقولون.

الجوهري : أولعته بالشيء وأولع فهو مولع بفتح اللام مغري به.

الحديث السادس : ضعيف ، ومحمد بن علي وعلي بن محمد الهاشميين كلاهما مجهولان والخبر إلى الذم أقرب من المدح.

« بنى بابنة المأمون » أي زف وفي المغرب : بنى على امرأته دخل بها « وكرهت أن أدعو بالماء » للاحتشام أو لخوف السم ، والظاهر أن الاغتمام كان للخوف على نفسه ولذا ابتدأ عليه‌السلام بالشرب وتبسم « أنا أظنه كما يقولون » أي أنه إمام أو يعلم ما في النفوس ، وفي إرشاد المفيد قال محمد بن حمزة : فقال لي محمد بن علي الهاشمي : والله إنني أظن أن أبا جعفر يعلم ما في النفوس كما تقول الرافضة.

١٠٣

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه قال استأذن على أبي جعفر عليه‌السلام قوم من أهل النواحي من الشيعة فأذن لهم فدخلوا فسألوه في مجلس واحد عن ثلاثين ألف مسألة

الحديث السابع : حسن كالصحيح.

« من أهل النواحي » أي الآفاق البعيدة المختلفة من أطراف الأرض أتوا للحج كما روى الشيخ المفيد قدس‌سره في كتاب الاختصاص عن علي بن إبراهيم عن أبيه قال : لما مات أبو الحسن الرضا عليه‌السلام حججنا فدخلنا على أبي جعفر عليه‌السلام فدخل عمه عبد الله بن موسى وكان شيخا كبيرا نبيلا عليه ثياب خشنة ، وبين عينيه سجادة فجلس وخرج أبو جعفر عليه‌السلام من الحجرة وعليه قميص قصب ورداء قصب ونعل حذو بيضاء فقام عبد الله فاستقبله وقبل بين عينيه وقامت الشيعة وقعد أبو جعفر عليه‌السلام على كرسي ونظر الناس بعضهم إلى بعض تحيرا لصغر سنه ، فانتدب رجل من القوم فقال لعمه : أصلحك الله ما تقول في رجل أتى بهيمة؟ فقال : تقطع يمينه ويضرب الحد فغضب أبو جعفر عليه‌السلام ثم نظر إليه وقال : يا عم اتق الله ، اتق الله إنه لعظيم أن تقف يوم القيامة بين يدي الله عز وجل فيقول لك : لم أفتيت الناس بما لا تعلم؟ فقال له عمه : يا سيدي أليس قال هذا أبوك صلوات الله عليه؟ فقال أبو جعفر عليه‌السلام إنما سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها ، فقال أبي : تقطع يمينه للنبش ويضرب حد الزنا ، فإن حرمة الميتة كحرمة الحية ، فقال : صدقت يا سيدي وأنا أستغفر الله ، فتعجب الناس وقالوا : يا سيدنا أتأذن لنا أن نسألك؟ فقال : نعم ، فسألوه في مجلس عن ثلاثين ألف مسألة فأجابهم فيها وله تسع سنين.

وأقول : يشكل هذا بأنه لو كان السؤال والجواب عن كل مسألة بيتا واحدا أعني خمسين حرفا لكان أكثر من ثلاث ختمات للقرآن فكيف يمكن ذلك في مجلس واحد؟ ولو قيل جوابه عليه‌السلام كان في الأكثر بلا ونعم أو بالإعجاز في أسرع زمان ففي السؤال لم يكن كذلك.

ويمكن الجواب بوجوه : الأول : أن الكلام محمول على المبالغة في كثرة الأسئلة

١٠٤

فأجاب عليه‌السلام وله عشر سنين.

٨ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن الحكم ، عن دعبل بن علي أنه دخل على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام وأمر له بشيء فأخذه ولم يحمد الله قال فقال له لم لم تحمد الله قال ثم دخلت بعد على أبي جعفر عليه‌السلام وأمر لي بشيء فقلت الحمد لله فقال لي تأدبت.

والأجوبة ، فإن عد مثل ذلك أيضا مستبعد جدا.

الثاني : أنه يمكن أن يكون في خواطر القوم أسؤلة كثيرة متفقة ، فلما أجاب عليه‌السلام عن واحد فقد أجاب عن الجميع.

الثالث : أن يكون إشارة إلى كثرة ما يستنبط من كلماته الموجزة المشتملة على الأحكام الكثيرة ، وهذا وجه قريب.

الرابع : أن يكون المراد بوحدة المجلس الوحدة النوعية أو مكان واحد كمنى وإن كان في أيام متعددة.

الخامس : أن يكون مبنيا على بسط الزمان الذي يقول به الصوفية لكنه مخالف للعقل.

السادس : أن يكون إعجازه عليه‌السلام أثر في سرعة كلام القوم أيضا أو كان يجيبهم بما يعلم من ضمائرهم قبل سؤالهم.

السابع : ما قيل أن المراد السؤال بعرض المكتوبات والطومارات فوقع الجواب بخرق العادة.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

ودعبل بكسر الدال وسكون العين وفتح الباء شاعر خزاعي مشهور كان مداح الرضا عليه‌السلام وله قصائد معروفة وقصص مشهورة.

قوله عليه‌السلام : تأدبت أشار به إلى تأديب الرضا عليه‌السلام إياه أي قبلت الأدب والآداب الصفات والأفعال الجميلة ، قال في القاموس : الأدب محركة : حسن التناول ، أدب كحسن أدبا فهو أديب ، وأدبه علمه فتأدب واستأدب.

١٠٥

٩ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، عن محمد بن سنان قال دخلت على أبي الحسن عليه‌السلام فقال يا محمد حدث بآل فرج حدث فقلت مات عمر فقال الحمد لله حتى أحصيت له أربعا وعشرين مرة فقلت يا سيدي لو علمت أن هذا يسرك لجئت حافيا أعدو إليك قال يا محمد أولا تدري ما قال لعنه الله لمحمد بن علي أبي قال قلت لا قال خاطبه في شيء فقال أظنك سكران فقال

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

وعمر بن الفرج قيل : كان والي المدينة ، والفرج كان مولى آل يقطين ، وقال المسعودي : في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين سخط المتوكل على عمر بن فرج الرخجي وكان من عليه الكتاب وأخذ منه مالا وجواهرا مائة ألف وعشرين ألف دينار ، وأخذ من أخيه نحو مائة ألف دينار وخمسين ألف دينار ، ثم صالح عمر على إحدى عشر ألف درهم على أن يرد عليه ضياعه ، ثم غضب عليه مرة ثانية ثم أمر أن يصفع (١) في كل يوم فأحصى ما صفع فكانت ستة آلاف صفعة ، وألبس جبة صوف ثم رضي عنه ثم سخط عليه ثالثة وأحدر (٢) إلى بغداد وأقام بها حتى مات.

وقال صاحب المقاتل : استعمل المتوكل على المدينة ومكة عمر بن الفرج الرخجي فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس ومنع الناس من برهم وكان لا يبلغه أن أحدا بر أحدا منهم بشيء وإن قل إلا أنهكه عقوبة (٣) وأثقله غرما حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلوية يصلين فيه واحدة بعد واحدة ثم يرفضه ويجلس عواري حواسر إلى أن قتل المتوكل فعطف المستنصر عليهم وأحسن إليهم ووجه بمال فرقه فيهم ، وكان يؤثر مخالفة أبيه في جميع أحواله ومضادة مذهبه طعنا عليه ، انتهى.

__________________

(١) صفعه : ضرب قفاه أو بدنه بكفّه مبسوطة.

(٢) أحدره : أرسله إلى أسفل.

(٣) أنهكه : بالغ في عقوبته.

١٠٦

أبي اللهم إن كنت تعلم أني أمسيت لك صائما فأذقه طعم الحرب وذل الأسر فو الله إن ذهبت الأيام حتى حرب ماله وما كان له ثم أخذ أسيرا وهو ذا قد مات لا رحمه‌الله وقد أدال الله عز وجل منه وما زال يديل أولياءه من أعدائه.

١٠ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن حسان ، عن أبي هاشم الجعفري قال صليت مع أبي جعفر عليه‌السلام في مسجد المسيب وصلى بنا في موضع القبلة سواء وذكر أن السدرة التي في المسجد كانت يابسة ليس عليها ورق فدعا بماء وتهيأ تحت السدرة فعاشت

وقال الجوهري : تقول حربه يحربه حربا مثل طلبه يطلبه إذا أخذ ماله وتركه بلا شيء ، وقد حرب ماله أي سلبه فهو محروب وحريب ، وقال : الدولة في الحرب أن تداول إحدى الفئتين على الأخرى ، يقال : كانت لنا عليهم الدولة ، والدولة بالضم في المال ، يقال : صار الفيء دولة بينهم يتداولونه ، يكون مرة لهذا ومرة لهذا ، وأدالنا الله من عدونا من الدولة ، والإدالة : الغلبة يقال : اللهم أدلني على فلان وانصرني عليه.

الحديث العاشر : ضعيف.

قوله : سواء أي لم ينحرف عن القبلة لصحتها ، أو لم يدخل المحراب الداخل كما يصنع المخالفون ، بل قام في مثل ما قمنا عليه ، ولم يتقدم علينا كثيرا لتضيق المكان أو لوجه آخر ، أو كان الموضع الذي قام ٧ عليه وسطا مستوي النسبة إلى الجانبين قال في النهاية : سواء الشيء وسطه ، لاستواء المسافة إليه من الأطراف ، وقيل : سواء أي صلاة المغرب ، لاستوائها في المسافر والمقيم ، ولا يخفى بعده ، وتهيأ للصلاة أي توضأ.

وروى المفيد في الإرشاد والطبرسي في إعلام الورى : أنه لما انصرف أبو جعفر عليه‌السلام من عند المأمون ببغداد ومعه أم الفضل إلى المدينة صار إلى شارع باب الكوفة والناس يشيعونه ، فانتهى إلى دار المسيب عند مغيب الشمس ، فنزل ودخل المسجد وكان في صحنه نبقة لم يحمل بعد فدعا بكوز فيه ماء فتوضأ في أصل النبقة وقام وصلى

١٠٧

السدرة وأورقت وحملت من عامها.

١١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال وعمرو بن عثمان ، عن رجل من أهل المدينة ، عن المطرفي قال مضى أبو الحسن الرضا عليه‌السلام ولي عليه أربعة آلاف درهم فقلت في نفسي ذهب مالي فأرسل إلي أبو جعفر عليه‌السلام إذا كان غدا فأتني وليكن معك ميزان وأوزان فدخلت على أبي جعفر عليه‌السلام فقال لي مضى أبو الحسن ولك عليه أربعة آلاف درهم فقلت نعم فرفع المصلى الذي كان تحته فإذا تحته دنانير فدفعها إلي.

١٢ ـ سعد بن عبد الله والحميري جميعا ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي

بالناس صلاة المغرب فقرأ في الأولى الحمد ، وإذا جاء نصر الله ، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد وقنت قبل الركوع وجلس بعد التسليم هنيئة يذكر الله تبارك وتعالى وقام من غير تعقيب ، فصلى النوافل أربع ركعات وعقب بعدها وسجد سجدتي الشكر ثم خرج ، فلما انتهى إلى النبقة رآها الناس وقد حملت حملا كثيرا حسنا فتعجبوا من ذلك فأكلوا منها فوجدوه نبقا حلوا لا عجم له ، ومضى عليه‌السلام إلى المدينة ولم يزل بها حتى أشخصه المعتصم إلى بغداد في أول سنة خمس وعشرين ومائتين ، فأقام بها حتى توفي في آخر ذي القعدة من هذه السنة ، انتهى.

والنبق بالفتح ككتف حمل السدر.

الحديث الحادي عشر : مجهول.

والحجال اسمه عبد الله بن محمد ، والمطرفي نسبة إلى مطرف بتثليث الميم وفتح الراء ، رداء من خز فيه أعلام بالبيع أو النسج أو اللبس ، والأوزان جمع الوزنة وهي ما يوزن به من الحديد ونحوه ، ويدل على أنه يجوز إيفاء الدنانير بدل الدراهم.ما يوزن به من الحديد ونحوه ، ويدل على أنه يجوز إيفاء الدنانير بدل الدراهم.

الحديث الثاني عشر : ضعيف على المشهور موقوف.

وهو مخالف لما اختاره في أول الباب ، وكأنه لم يختره لعدم موافقته لما مر بهذا السند في وفاة الرضا عليه‌السلام إذ ليس بين التاريخين تسع عشرة سنة ، ولذا قال بعضهم :

١٠٨

عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان قال قبض محمد بن علي وهو ابن خمس وعشرين سنة وثلاثة أشهر واثني عشر يوما توفي يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين عاش بعد أبيه تسع عشرة سنة إلا خمسا وعشرين يوما.

باب

مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما‌السلام [ والرضوان ]

ولد عليه‌السلام للنصف من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومائتين وروي أنه ولد عليه‌السلام في رجب سنة أربع عشرة ومائتين ومضى لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة أربع

كانت مدة إمامته ثمانية عشر سنة ، وفي إعلام الورى سبع عشرة سنة لأنه ذكر أن وفاة الرضا عليه‌السلام كانت سنة ثلاث ومائتين ، نعم هذا يوافق ما رواه في كشف الغمة عن ابن الخشاب بإسناده عن محمد بن سنان أن وفاة الرضا عليه‌السلام كانت سنة مائتي سنة وسنة من الهجرة ، ويستفاد من هذا الخبر أن ولادته عليه‌السلام كانت في أواخر شهر رمضان ، وأن عمره عليه‌السلام كان عند وفاة أبيه عليه‌السلام ست سنين وأربعة أشهر وسبعة أيام ، وعلى ما اختاره المصنف (ره) من التاريخ كان له عليه‌السلام في أول إمامته سبع سنين وخمسة أشهر.

باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما‌السلام

أقول : علي التاريخ الأول من التاريخين الذين ذكرهما كان سنه في بدو إمامته ثمان سنين إلا نصف شهر ، وعلى الثاني ست سنين وأربعة أشهر ، وقال الشيخ (ره) في المصباح : روي أن يوم السابع من ذي الحجة ولد أبو الحسن علي بن محمد العسكري عليهما‌السلام وقال في موضع آخر : قال ابن عياش : وذكر المولودين في رجب الدعاء كما مر ثم قال : وذكر ابن عياش أنه كان مولده عليه‌السلام يوم الثاني من رجب ، وذكر أيضا أنه كان يوم الخامس ، وقال : روى إبراهيم بن هاشم القمي قال : ولد عليه‌السلام يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة مضت من رجب سنة أربع عشرة ومائتين.

١٠٩

وخمسين ومائتين وروي أنه قبض عليه‌السلام في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين وله إحدى وأربعون سنة وستة أشهر وأربعون سنة على المولد الآخر الذي روي وكان المتوكل أشخصه مع يحيى بن هرثمة بن أعين من المدينة إلى سر من رأى فتوفي بها عليه‌السلام ودفن في داره وأمه أم ولد يقال لها سمانة.

وقال في إعلام الورى : ولد عليه‌السلام بصريا من المدينة النصف من ذي الحجة سنة اثنتا عشرة ومائتين ، وفي رواية ابن عياش : يوم الثلاثاء الخامس من رجب ، وأمه أم ولد يقال لها سمانة.

وقال ابن شهرآشوب : ويقال : إن أمه المعروفة بالسيدة أم الفضل ، وقال ابن بابويه : وسمه المعتمد ، وقال الكفعمي : سمه المعتز.

واختلف في تاريخ وفاته عليه‌السلام قال الشيخ في المصباح : روى إبراهيم بن هاشم القمي قال : توفي يوم الاثنين لثلاث خلون من رجب سنة أربع وخمسين ومائتين ، ونحوه روي عن ابن عياش وزادوا له يومئذ إحدى وأربعون سنة ، وقال ابن شهرآشوب قبض عليه‌السلام بسر من رأى الثالث من رجب ، وقيل : يوم الاثنين لثلاث ليال بقين من جمادى الآخرة نصف النهار ، وقال محمد بن طلحة : مات لخمس ليال بقين من جمادى الآخرة وكذا قال ابن الخشاب ، وفي إعلام الورى وربيع الشيعة : قبض عليه‌السلام بسر من رأى في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين ، وله يومئذ إحدى وأربعون سنة وأشهر ، وكان المتوكل قد أشخصه مع يحيى بن هرثمة بن أعين من المدينة إلى سر من رأى ، فأقام بها حتى مضى لسبيله ، وكانت مدة إمامته ثلاث وثلاثين سنة ، وأمه أم ولد يقال لها : سمانة ، ولقبه النقي والعالم والفقيه والأمين والطيب ، ويقال له أبو الحسن الثالث ، وكان في أيام إمامته بقية ملك المعتصم ثم ملك الواثق خمس سنين وسبعة أشهر ، ثم ملك المتوكل أربع عشرة سنة ، ثم ملك ابنه المنتصر ستة أشهر ، ثم ملك المستعين وهو أحمد بن المعتصم سنتين وتسعة أشهر ثم ملك المعتز وهو الزبير بن المتوكل ثماني سنين وستة أشهر وفي آخر ملكه استشهد ولي الله علي بن محمد ودفن في داره بسر من

١١٠

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن خيران الأسباطي قال قدمت على أبي الحسن عليه‌السلام المدينة فقال لي ما خبر الواثق عندك؟

رأى ، انتهى.

وفي الصحاح : الهرثمة الأسد ومنه سمي الرجل هرثمة.

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وفي رجال الشيخ خيران الخادم ثقة « دي » (١) خيران بن إسحاق الراكاني « دي » وفي « جش » خيران مولى الرضا عليه‌السلام له كتاب روى عنه العبيدي.

والواثق هو هارون بن المعتصم بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ، التاسع من الخلفاء العباسية لعنهم الله.

وقال في الكامل : بويع في اليوم الذي توفي فيه أبوه وذلك يوم الخميس لثمان عشرة مضت من ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين ، وكان يكنى أبا جعفر وأمه أم ولد رومية تسمى قراطيس ، وتوفي لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ، فكانت خلافته خمس سنين وتسعة أشهر وخمسة أيام ، وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة ، وقيل : كان ستا وثلاثين قال : قال أحمد بن محمد الواسطي : كنت فيمن يمرضه يعني الواثق ، فلحقته غشية وأنا في جماعة من أصحابه قيام ، فقلنا : لو عرفنا خبره ، فتقدمت إليه فلما صرت عند رأسه فتح عينيه فكدت أن أموت من خوفه فرجعت إلى خلف فتعلقت قبيعة سيفي بعتبة المجلس فاندقت وسلمت من جراحه ووقفت في موقفي ، ثم مات فسجيناه وجاء الفراشون فأخذوا ما تحته في المجلس لأنه مكتوب عليهم واشتغلوا بأخذ البيعة ، وجلست على باب المجلس لحفظ البيت ورددت الباب فسمعت حسا ففتحت الباب فإذا جرذ (٢) قد دخل من بستان هناك فأكل

__________________

(١) من رموز الكتاب ، يعنى إنّه من أصحاب الهادي عليه‌السلام.

(٢) الجُرَد ـ كصُرَد ـ : نوع من الفار.

١١١

إحدى عيني الواثق ، فقلت : لا إله إلا الله هذه العين التي فتحها من ساعة فاندق سيفي هيبة لها صارت طعمة لدابة ضعيفة.

وبعد موته بويع المتوكل على الله جعفر بن المعتصم وكان عمره ستا وعشرين ، وقال : قبض المتوكل على محمد بن عبد الملك الزيات وحبسه لتسع خلون من صفر ، وكان سببه أن الواثق استوزر محمد بن عبد الملك وفوض الأمور كلها إليه ، وكان الواثق قد غضب على أخيه جعفر المتوكل ووكل عليه من يحفظه ويأتيه بالأخبار فأتى المتوكل إلى محمد بن عبد الملك يسأله أن يكلم الواثق ليرضي عنه فوقف بين يديه يكلمه ، ثم أشار بالقعود فقعد فلما فرغ من الكتب الذي بين يديه التفت إليه كالمتهدد ، وقال : ما جاء بك؟ قال : جئت لتسأل أمير المؤمنين الرضا عني ، قال لمن حوله : انظروا يغضب أخاه ثم يسألني أن أسترضيه ، اذهب فإنك إذا صلحت رضي عنك ، فقام عنه حزينا فأتى أحمد بن أبي داود فقام إليه أحمد واستقبله إلى باب البيت وقبله ، وقال : ما حاجتك جعلت فداك؟ قال : جئت لتسترضي أمير المؤمنين قال : أفعل ونعمة عين وكرامة ، فكلم أحمد الواثق فيه فوجده لم يرض عنه ثم كلمه فيه ثانية فرضي عنه وكساه.

ولما خرج المتوكل من عند ابن الزيات كتب إلى الواثق أن جعفرا أتاني في زي المخنثين له شعر بقفاه يسألني أن أسأل أمير المؤمنين الرضا عنه ، فكتب إليه الواثق ابعث إليه فأحضره ومر من يجز شعره فيضرب به وجهه ، قال المتوكل : لما أتاني رسوله لبست سوادا جديدا وأتيته رجاء أن يكون قد أتاه الرضا عني ، فاستدعى حجاما فأخذ شعري على السواد الجديد ، ثم ضرب به وجهي ، فلما ولي المتوكل الخلافة أمهل حتى كان صفر فأمر إيتاخ (١) بأخذ ابن الزيات وتعذيبه فاستحضره فركب يظن أن الخليفة يطيبه ، فلما حاذى دار إيتاخ عدل به إليه ، فخاف فأدخله حجرة ووكل عليه وأرسل إلى منازله من أصحابه من هجم عليهم وأخذ كل ما فيها

__________________

(١) ايتاخ : اسم رجل من عمّال المتوكل.

١١٢

قلت : جعلت فداك خلفته في عافية أنا من أقرب الناس عهدا به عهدي به منذ عشرة أيام قال فقال لي إن أهل المدينة يقولون إنه مات فلما أن قال لي الناس علمت أنه هو ثم قال لي ما فعل جعفر قلت تركته أسوأ الناس حالا في السجن قال فقال أما إنه صاحب الأمر ما فعل ابن الزيات قلت جعلت فداك الناس معه والأمر أمره قال فقال أما إنه شؤم عليه قال ثم سكت

واستصفى أمواله وأملاكه في جميع البلاد ، وكان شديد الجزع كثير البكاء ثم سوهر وكان ينخس بمسيلة (١) لئلا ينام ، ثم ترك فنام يوما وليلة ثم سوهر ، ثم جعل في تنور كان عمله هو وعذب به ابن أسباط المصري وأخذ ماله ، وكان من خشب فيه مسامير من حديد أطرافها إلى داخل التنور تمنع من يكون فيه من الحركة ، وكان ضيقا بحيث إن الإنسان كان يمد يديه إلى فوق رأسه ليقدر على دخوله لضيقه ، ولا يقدر أن يجلس فبقي أياما ومات ، وكان حبسه لتسع خلون من صفر وموته لإحدى عشرة ليلة بقيت من ربيع الأول.

واختلف في سبب موته فقيل ما ذكرناه ، وقيل : بل ضرب فمات وهو يضرب ، وقيل : مات بغير ضرب وهو أصح ، وقيل إنه لما دفن نبشته الكلاب وأخذت لحمه وسمع قبل موته يقول لنفسه : يا محمد لم تقنعك النعمة والدواب والدار النظيفة والنعمة والكسوة وأنت في عافية حتى طلبت الوزارة ذق ما عملت بنفسك ، ثم سكت عن ذلك وكان لا يزيد على التشهد وذكر الله عز وجل.

وكان ابن الزيات صديقا لإبراهيم الصولي ، فلما ولي الوزارة صادرة بألف ألف وخمسمائة درهم ، انتهى.

قوله « خلفته » أي في سر من رأى ، واللام في الناس للعهد الخارجي أي أهل المدينة والحاصل أنه لما نسب القول إلى أهل المدينة ولم يعين أحدا علمت أنه تورية ، ويقول ذلك بعلمه بالمغيبات « صاحب الأمر » أي الملك والخلافة.

__________________

(١) نخس الدابّة وغيرها : غرز جنبها أو مؤخرها بعود ونحوه فهاجت. والمسيل : الجريد الرطب.

١١٣

وقال لي لا بد أن تجري مقادير الله تعالى وأحكامه يا خيران مات الواثق وقد قعد المتوكل جعفر وقد قتل ابن الزيات فقلت متى جعلت فداك قال بعد خروجك بستة أيام.

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، عن محمد بن يحيى ، عن صالح بن سعيد قال دخلت على أبي الحسن عليه‌السلام فقلت له جعلت فداك في كل الأمور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع خان الصعاليك فقال هاهنا أنت يا ابن سعيد ثم أومأ بيده وقال انظر فنظرت فإذا أنا بروضات آنقات وروضات باسرات فيهن خيرات عطرات وولدان كأنهن

والخبر يدل على أنه قتل ابن الزيات بلا فصل لا كما قاله ابن الأثير ، ونحوه قال أيضا المسعودي في مروج الذهب ، ويمكن أن يكون قتلا محمولا على المجاز ، أي سيقتل لكنه لا عبرة بتلك التواريخ.

وقال المسعودي : بويع المتوكل وهو ابن سبع وعشرين سنة وأشهر ، وقتل وهو ابن إحدى وأربعين سنة ، وقيل : ابن أربع وأربعين سنة ، وكانت خلافته أربع عشرة سنة وتسعة أشهر وتسع ليال ، وقتل ليلة الأربعاء لثلاث خلون من شوال من سنة سبع وأربعين ومائتين.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

وضمير « أرادوا » راجع إلى المتوكل وأمرائه ، أو إلى الخلفاء وأعوانهم ، والباء في « بك » للتعدية أو الملابسة ، و الخان منزل للتجار وغيرهم مشتمل على حجرات ، وفي القاموس : الصعلوك كعصفور الفقير « هيهنا أنت » أي أنت في هذا المقام من معرفتنا فتظن أن هذه الأمور تنقص في قدرنا ، وأن تمتعنا منحصر في هذه الأمور التي منعونا منه ، و الأنق محركة : الفرح والسرور والكلاء ، أنق كفرح والشيء أحبه ، وبه أعجب ، وأنقني إيناقا ونيقا بالكسر أعجبني ، وشيء أنيق كأمير حسن معجب.

قوله : وروضات باسرات في أكثر النسخ بالباء الموحدة أي ابتدأت فيها الثمرة

١١٤

اللؤلؤ المكنون وأطيار وظباء وأنهار تفور فحار بصري وحسرت عيني فقال حيث كنا فهذا لنا عتيد لسنا في خان الصعاليك.

أو كانت غضا طريا ، قال الجوهري : البسر النخل صار ما عليه بسرا ، وقال للشمس في أول طلوعها : بسرة ، والبسرة من النبات : أولها والبسرة الماء الطري القريب العهد بالمطر ، وفي المصباح : البسر من كل شيء الغض ، ونبات بسر أي طري ، وفي بعض النسخ بالياء المثناة بمعنى السهل ففي الإسناد تجوز لكنه بعيد.

ونقل في إعلام الورى هذا الحديث عن الكليني وليست فيه هذه الفقرة.

وفي كشف الغمة فإذا أنا بروضات أنيقات وأنهار جاريات وجنات فيها خيرات عطرات.

وقال البيضاوي في قوله تعالى : « فِيهِنَّ خَيْراتٌ » (١) أي خيرات فخففت ، لأن خيرا الذي بمعنى أخير لا يجمع ، وقد قرئ على الأصل حسان أي حسان الخلق والخلق ، وفي قوله : « كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ » (٢) أي المصون عما يضر به في الصفاء والنقاء.

« وأنهار تفور » أي تنبع من مخارجها بدفع وقوة و « حسرت » كضربت أي كلت وانقطعت لشدة ضياء ما رأت « عتيد » أي حاضر مهيأ.

وروي في الخرائج عن صالح بن سعيد أن المتوكل بعث إلى أبي الحسن عليه‌السلام يدعوه إلى الحضور بالعسكر ، فلما وصل تقدم بأن يحجب عنه في يومه فنزل في خان الصعاليك ، فدخلت عليه فيه فقلت في كل الأمور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك حتى أنزلوك هذا الخان فقال : هيهنا أنت يا ابن سعيد ثم أومأ بيده فإذا أنا بروضات وأنهار فيها خيرات وولدان ، فحار بصري وكثر تعجبي فقال لي : حيث كنا فهذا لنا.

أقول : لما قصر علم السائل وفهمه عن إدراك اللذات الروحانية والوصول إلى

__________________

(١) سورة الرحمن : ٧٠.

(٢) سورة الواقعة : ٢٣.

١١٥

درجاتهم المعنوية ، وتوهم أن هذه الأمور مما يحط من منزلتهم ولم يعلم أن تلك الأمور مما يزيد في مراتبهم ويضاعف قربهم ودرجاتهم ولذاتهم الروحانية ، وأنهم عرفوا الدنيا وزهدوا فيها واجتووا (١) لذاتها ونعيمها وكان نظره مقصورا على اللذات الجسمانية الدنية الفانية فلذا أراه عليه‌السلام ذلك لأنه كان ذلك مبلغه من العلم وأما كيفية رؤيته لها فهي محجوبة عنا ، والنظر فيها لا يهمنا لكن يخطر لنا بقدر فهمنا وجوه :

الأول : أنه تعالى أوجد في هذا الوقت لإظهار إعجازه عليه‌السلام هذه الأشياء في الهواء فرآه ليعلم أن أمثال هذه الأمور لتسليمهم ورضاهم بقضاء الله وإلا فهم يقدرون على أمثال هذه الأمور العظيمة وإمامتهم الواقعية وقدرتهم العلية ونفاذ حكمهم في عوالم الملك والملكوت وخلافتهم الكبرى ، لم تنقص بما يرى فيهم من المذلة والمظلومية والمقهورية.

الثاني : أن تلك الأشكال أوجدها الله في حسه المشترك إيذانا بأن اللذات الدنيوية مثل تلك الخيالات الوهمية عندنا كما يرى النائم أشياء في منامه فيلتذ كالتذاذه في اليقظة ولذا قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.

الثالث : أنه عليه‌السلام أراه صور اللذات الروحانية التي معهم دائما بما يوافق فهمه فإنه كان في منام طويل وغفلة عظيمة عن درجات العارفين ولذاتهم ، كما يرى النائم العلم بصورة الماء الصافي واللبن الثقيق (٢) والمال بصورة الحية وأمثال ذلك ، وهذا قريب من السابق وهما على مذاق الحكماء والمتألهين.

الرابع : ما حققته في بعض المواضع وملخصه أن النشئات مختلفة ، والحواس في إدراكها متفاوتة ، كما أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يرى جبرئيل وسائر الملائكة عليهم‌السلام ، والصحابة لم يكونوا يرونهم ، وأمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يرى الأرواح في

__________________

(١) أي كرهوا.

(٢) كذا في الأصل ، وفي نسخة « العقيقي » والكلمة مصحّفة.

١١٦

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، عن علي بن محمد ، عن إسحاق الجلاب قال اشتريت لأبي الحسن عليه‌السلام غنما كثيرة فدعاني فأدخلني من إصطبل داره إلى موضع واسع لا أعرفه فجعلت أفرق تلك الغنم فيمن أمرني به فبعث إلى أبي جعفر وإلى والدته وغيرهما ممن أمرني ثم استأذنته في

وادي السلام وحبة وغيره لا يرونهم ، فيمكن أن يكون جميع هذه الأمور في جميع الأوقات حاضرة عندهم عليهم‌السلام ويرونها ويلتذون بها ، لكن لما كانت أجساما لطيفة روحانية ملكوتية ، لم يكن سائر الخلق يرونها ، فقوى الله بصر السائل بإعجازه عليه‌السلام حتى رآها ، فعلى هذا لا يبعد أن يكون في وادي السلام جنات وأنهار ورياض وحياض ، يتمتع بها أرواح المؤمنين كما ورد في الأخبار بأجسادهم المثالية اللطيفة ، ونحن لا نراها وبهذا الوجه ينحل كثير من الشبه عن المعجزات وأخبار البرزخ والمعاد.

الخامس : أن يكون رأى ذلك في عالم المثال وهو العالم بين العالمين الذي أثبته الإشراقيون من الحكماء والصوفية ، وقد تكلمنا عليه في كتب السماء والعالم من كتابنا الكبير ، وهو قريب من الوجه السابق بوجه ومباين له من وجه ، والرابع لعله أحسن الوجوه ، وإنما ذكرنا هنا ما خطر ببالنا القاصر والله يعلم حقائق الأمور وحججه عليهم‌السلام

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

والجلاب بالفتح والتشديد : من يشتري الغنم ونحوها في موضع ويسوقها إلى موضع آخر ليبيعها ، وفي القاموس : الغنم محركة الشاة لا واحد لها من لفظها ، الواحدة شاة وهو اسم مؤنث للجنس يقع على الذكور والإناث ، وعليهما جميعا والجمع أغنام وغنوم وأغانم ، وقال : الإصطبل كجرد حل : موقف الدواب شامية « فجعلت » أي شرعت وأبو جعفر ابنه الكبير اسمه محمد مات قبل أبيه عليهما‌السلام وقد مر ذكره في باب النص على أبي محمد عليه‌السلام ، وقيل : إن المراد به محمد بن علي بن إبراهيم بن موسى بن

١١٧

الانصراف إلى بغداد إلى والدي وكان ذلك يوم التروية فكتب إلي تقيم غدا عندنا ثم تنصرف قال فأقمت فلما كان يوم عرفة أقمت عنده وبت ليلة الأضحى في رواق له فلما كان في السحر أتاني فقال يا إسحاق قم قال فقمت ففتحت عيني فإذا أنا على بابي ببغداد قال فدخلت على والدي وأنا في أصحابي فقلت لهم عرفت بالعسكر وخرجت ببغداد إلى العيد.

٤ ـ علي بن محمد ، عن إبراهيم بن محمد الطاهري قال مرض المتوكل من خراج خرج به وأشرف منه على الهلاك فلم يجسر أحد أن يمسه بحديدة فنذرت أمه إن عوفي أن تحمل إلى أبي الحسن علي بن محمد مالا جليلا من مالها وقال له الفتح بن

جعفر ، فإنه المكنى بأبي جعفر ، ولا يخفى ما فيه.

« إلى والدي » بالتوحيد أو التثنية ، أي بالشد وعدمه ، و يوم التروية ثامن ذي الحجة « أقمت عنده » أي لبثت أو أتيت بوظائف يوم عرفة من الدعاء وغيره ، وفي القاموس : الرواق ككتاب وغراب بيت كالفسطاط أو سقف في مقدم البيت ، انتهى.

ولعل المراد هنا الإيوان ، والتعريف الوقوف بعرفات ، والمراد هنا الإتيان بأعمال عرفة و « خرجت » عطف على قلت أو على عرفت ، ويدل على أنهم قادرون على طي الأرض ونقل الشيء من مكان إلى مكان بأسرع زمان كما كان لآصف عليه‌السلام

الحديث الرابع : مجهول.

والخراج كغراب : القروح والدماميل ميل العظيمة « فلم يجسر » أي لم يجترئ ، والفتح كان وزير المتوكل ومن كتابه وقتل معه.

قال المسعودي : كان الفتح بن خاقان التركي مولى المتوكل ، أغلب الناس عليه وأقربهم منه وأكثرهم تقدما عنده ، ولم يكن الفتح مع هذه المنزلة ممن يرجى خيره أو يخاف شره ، وكان له نصيب من العلم ومنزلة من الأدب وألف كتابا في أنواع من الآداب وترجمه بكتاب البستان.

١١٨

خاقان لو بعثت إلى هذا الرجل فسألته فإنه لا يخلو أن يكون عنده صفة يفرج بها عنك فبعث إليه ووصف له علته فرد إليه الرسول بأن يؤخذ كسب الشاة فيداف بماء ورد فيوضع عليه فلما رجع الرسول وأخبرهم أقبلوا يهزءون من قوله فقال له الفتح هو والله أعلم بما قال وأحضر الكسب وعمل كما قال ووضع عليه فغلبه النوم وسكن ثم انفتح وخرج منه ما كان فيه وبشرت أمه بعافيته فحملت إليه عشرة آلاف دينار تحت خاتمها ثم استقل من علته فسعى إليه البطحائي العلوي

قوله : لو بعثت ، لو للتمني أو الجزاء محذوف « إلى هذا الرجل » يعني أبا الحسن عليه‌السلام « صفة » أي معالجة ، وفي القاموس : الكسب بالضم عصارة الدهن وفي المصباح الكسب وزان قفل : ثفل الدهن ، وهو معرب وأصله بالشين المعجمة ، انتهى.

وكان المراد هنا ما تلبد تحت أرجل الشاة من بعرها « فيداف » أي يخلط ويبل ، في القاموس : الدفوف الخلط ، والبل بماء ونحوه « ثم استقل من علته » كأنه من الاستقلال بمعنى الارتفاع والاستبداد ، أي برأ كاملا ، وقيل : هو من القلة أي وجد علته قليلة والأول أظهر ، قال في النهاية : فيه حتى يستقل الرمح بالظل هو من القلة لا من الإقلال والاستقلال الذي بمعنى الارتفاع والاستبداد ، يقال : تقلل الشيء واستقله وتقاله : إذا رآه قليلا ، انتهى.

وفي إعلام الورى بخط مصنفه أيضا استقله ، وفي ربيع الشيعة « استبل » بالباء الموحدة وهذا أنسب ، قال في القاموس : البل بالكسر الشفاء ، وبل بلولا نجا من مرضه ، يبل بلا وبللا وبلولا واستبل وابتل وتبلل : حسنت حاله بعد الهزال « فسعى إليه » أي سعى به عليه‌السلام إليه ، أي نمه وذمه وسعى في الإضرار به عنده ، وفي الإرشاد والإعلام فلما كان بعد أيام سعى البطحائي بأبي الحسن عليه‌السلام إلى المتوكل ، وفي الصحاح : سعى به إلى الوالي : وشى به ، أي ذمه وافترى عليه ، والبطحائي هو محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن أمير المؤمنين ، وهو وأبوه وجده كانوا مظاهرين لبني العباس على سائر أولاد أبي طالب.

١١٩

بأن أموالا تحمل إليه وسلاحا فقال لسعيد الحاجب اهجم عليه بالليل وخذ ما تجد عنده من الأموال والسلاح واحمله إلي قال إبراهيم بن محمد فقال لي سعيد الحاجب صرت إلى داره بالليل ومعي سلم فصعدت السطح فلما نزلت على بعض الدرج في الظلمة لم أدر كيف أصل إلى الدار فناداني يا سعيد مكانك حتى يأتوك بشمعة فلم ألبث أن أتوني بشمعة فنزلت فوجدته عليه جبة صوف وقلنسوة منها وسجادة على حصير بين يديه فلم أشك أنه كان يصلي فقال لي دونك البيوت فدخلتها وفتشتها فلم أجد فيها شيئا ووجدت البدرة في بيته مختومة بخاتم أم المتوكل وكيسا مختوما وقال لي دونك المصلى فرفعته فوجدت سيفا في جفن غير ملبس فأخذت ذلك وصرت إليه فلما نظر إلى خاتم أمه على البدرة بعث إليها فخرجت

قال مؤلف عمدة الطالب كان الحسن بن زيد أمير المدينة من قبل المنصور الدوانيقي وكان مظاهرا لبني العباس على بني عمه الحسن المثنى ، وهو أول من لبس السواد من العلويين ، وقال : القاسم ابنه كان زاهدا عابدا ورعا إلا أنه كان مظاهرا لبني العباس على بني عمه الحسن ، وقال محمد بن القاسم يلقب بالبطحائي بفتح الباء منسوبا إلى البطحاء أو إلى البطحان ، واد بالمدينة قال العمري : وأحسب أنهم نسبوهم إلى أحد هذين الموضعين لإدمانه الجلوس فيه ، وكان محمد البطحائي فقيها وأمه نفيسة ، انتهى.

وفي القاموس : هجم عليه هجوما : انتهى إليه بغتة ، أو دخل بغير إذن ، و الدرج بالتحريك جمع الدرجة وهي الطريق إلى السطح والغرفة « مكانك » منصوب بتقدير الزم « وقلنسوة منها » أي من جنسها وهو الصوف « وسجادة » عطف علي عليه من قبيل عطف الجملة وهو مبتدأ خبره « على حصير » أو غيره يسجد عليها في الصلاة « ودونك » اسم فعل أي أدرك « فلم أجد فيها شيئا » أي مما ذكره الساعي « غير ملبس » أي بالجلد أو بما هو الشائع من زينة السيوف وحليتها ، وفي الأعلام وغيره في جفن ملبوس أي

١٢٠