مرآة العقول الجزء ٦

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 289

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف:

الصفحات: 289
المشاهدات: 3378
تحميل: 5098


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 289 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 3378 / تحميل: 5098
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 6

مؤلف:
العربية

ذلك إلى عبيد الله بن سليمان الوزير فهم الوزير بالقبض عليهم فقال السلطان اطلبوا أين هذا الرجل فإن هذا أمر غليظ فقال عبيد الله بن سليمان نقبض على الوكلاء فقال السلطان لا ولكن دسوا لهم قوما لا يعرفون بالأموال فمن قبض منهم شيئا قبض عليه قال فخرج بأن يتقدم إلى جميع الوكلاء أن لا يأخذوا من أحد شيئا وأن يمتنعوا من ذلك ويتجاهلوا الأمر فاندس لمحمد بن أحمد رجل لا يعرفه وخلا به فقال معي مال أريد أن أوصله فقال له محمد غلطت أنا لا أعرف من هذا شيئا فلم يزل يتلطفه ومحمد يتجاهل عليه وبثوا الجواسيس وامتنع الوكلاء كلهم لما كان تقدم إليهم.

٣١ ـ علي بن محمد قال خرج نهي عن زيارة مقابر قريش والحير فلما كان بعد أشهر دعا الوزير الباقطائي فقال له الق بني الفرات والبرسيين وقل لهم لا يزوروا

القاموس : الدس الإخفاء ودفن الشيء تحت الشيء ، والدسيس من تدسه ليأتيك بالأخبار « لا يعرفون » على بناء المجهول ، وقوله : بالأموال نعت بعد نعت لقوم ، أو متعلق بدسوا « فخرج » أي التوقيع من الناحية المقدسة « يتلطفه » أي يلائمه ليخدعه و « بثوا » أي فرقوا « تقدم إليهم » على بناء المجهول.

الحديث الحادي والثلاثون : صحيح.

« خرج » أي من الناحية « مقابر قريش » مشهد الكاظم والجواد عليهما‌السلام ببغداد و الحير : بالفتح حائر الحسين صلوات الله عليه ، وقيل : الوزير هو أبو الفتح فضل بن جعفر بن الفرات وهو مرفوع بالفاعلية ، و الباقطاني منصوب بالمفعولية ، وبنوا الفرات رهط الوزير وكانوا من الشيعة ، وقالوا : كان أبو الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات من وزراء بني العباس ، وهو الذي صحيح طريق الخطبة الشقشقية إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ونقلها عن آبائه وعمن يوثق به من الأدباء والعلماء قبل مولد الرضي رضي الله عنه.

وأقول : بنو الفرات كثيرون أكثرهم استوزروا ، منهم أبو الحسن محمد بن علي

٢٠١

مقابر قريش فقد أمر الخليفة أن يتفقد كل من زار فيقبض عليه.

ابن الفرات ، وكان وزيرا للمعتضد أو للمكتفي ، وعلي بن موسى بن الفرات وزير المقتدر استوزره سنة تسع وتسعين ومائتين ، وعلي بن محمد بن الفرات وهو أيضا كان وزير المقتدر بعد توسط وزيرين ، واستوزر بعد ذلك خلقا كثيرا حتى كان وزيره عند قتله أبا الفتح الفضل بن جعفر بن موسى الفرات ، وقتل المقتدر في الوقعة التي كانت بينه وبين مؤنس الخادم بباب الشماسية.

ونقل المسعودي : أن أبا الفتح أخذ الطالع وقت ركوب المقتدر إلى الوقعة التي قتل فيها فقال له المقتدر : أي وقت هو؟ فقال : وقت الزوال فقطب لها المقتدر وأراد أن لا يخرج حتى أشرفت عليه خيل مؤنس ، وكان آخر العهد به ، وقال : كل سادس من خلفاء بني العباس فمخلوع ومقتول ، وكان السادس منهم محمد بن هارون المخلوع ، والسادس الآخر المستعين ، والسادس الآخر المقتدر ، ثم استخلف القاهر بالله فكانت خلافته سنة وستة أشهر وستة أيام ثم سملت عيناه ثم استخلف الراضي بالله محمد بن جعفر المقتدر سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة ، وكانت خلافته سبع سنين إلا اثنين وعشرين يوما فاستوزر أيضا أبا الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات بعد عدة وزراء ، وبويع بعده المتقي بالله إبراهيم بن المقتدر سنة تسع وعشرين وثلاثمائة كذا ذكره المسعودي.

والبرس قرية بين الكوفة والحلة « أن يتفقد » على بناء المجهول أي يستعلم وقيل : إن هذه الواقعة والتي في السابق من أسباب الغيبة الكبرى التي وقعت في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، وفي سادس عشر ربيع الأول من تلك السنة مات الراضي بالله أبو العباس أحمد بن جعفر المقتدر ابن أحمد بن المعتضد بن الموفق بن المتوكل وهو الثالث عشر من ولد عباس ، والعشرون من الخلفاء العباسية ، وكانت خلافته ست سنين وعشرة أيام ، واستخلف بعده أخوه المتقي بالله أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر إلى ثلاث سنين وأحد عشر شهرا وخلع عن الخلافة وكحل ، وبقي خمسا وعشرين سنة أعمى مخلوعا.

٢٠٢

باب

ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم عليهم السلام

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري ، عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال أقبل أمير المؤمنين عليه‌السلام ومعه الحسن بن علي عليه‌السلام وهو متكئ على يد سلمان فدخل المسجد الحرام فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين فرد عليه‌السلام فجلس ثم قال يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضي عليهم وأن ليسوا

باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم من الله (١) عليهم‌السلام

الحديث الأول : صحيح.

« أن القوم » أي أبا بكر وأعوانه وأصحابه « ما قضى عليهم » على بناء المجهول أي حكم عليهم بالبطلان ، أو بأنهم أصحاب النار بسببه أو على بناء المعلوم ، والضمير للموصول توسعا ، وفي الإعلام ما أقضي عليهم أنهم ليسوا ، وفي إكمال الدين : ما قضى عليهم أنهم ، والمراد بما ركبوا ادعاء الخلافة ومنعه عليه‌السلام عن القيام بها ، وفي القاموس : الناس في هذا شرع ، ويحرك أي سواء.

وفي إكمال الدين بعد قوله : أجبه ، فقال : أما ما سألت عنه من أمر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه؟ فإن روحه متعلقة بالريح ، وريحه متعلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة ، فإن أذن الله عز وجل برد تلك الروح إلى صاحبها جذب الهواء الريح وجذبت تلك الريح الهواء فرجعت الروح فأسكنت في بدنه ، وإن لم يأذن الله تعالى برد تلك الروح إلى صاحبها جذب الهواء الريح وجذبت الريح الروح فلم ترد إلى صاحبها إلى يوم يبعث ، وأما ما ذكرت من أمر الذكر والنسيان فإن قلب الرجل في حق ، وعلى الحق طبق فإن صلى الرجل عند ذلك على محمد وآل محمد صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فأضاء القلب فذكر الرجل

__________________

(١) جملة « من الله » ليست في المتن وكأنّه من الشارح (ره).

٢٠٣

بمأمونين في دنياهم وآخرتهم وإن تكن الأخرى علمت أنك وهم شرع سواء فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام سلني عما بدا لك قال أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب

ما كان نسيه وإن لم يصل على محمد وآل محمد ، أو نقص من الصلاة عليهم انطبق ذلك الطبق على ذلك الحق فأظلم القلب ونسي الرجل ما كان ذكره ، وأما ما ذكرت من أمر المولود الذي يشبه أعمامه وأخواله فإن الرجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب فاستكنت تلك النطفة في جوف الرحم ، خرج الولد يشبه أباه وأمه ، وإن هو أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت النطفة فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق ، فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه ، وإن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله ، فقال الرجل :. إلى آخر الخبر.

وقد أوردت الرواية بأسانيد جمة من كتب كثيرة في كتاب السماء والعالم من كتابنا الكبير ، والمجلد التاسع والعشرين منه وغيرهما ، وشرحناها هناك.

وجملة القول فيها أنه يمكن أن يكون المراد بالروح الروح الحيوانية وبالريح النفس الذي به حياة الحيوان ، وبالهواء الهواء الخارج المنجذب بالتنفس أو يكون المراد بالروح النفس مجردة كانت أم مادية وبالريح الروح الحيوانية لشباهتها بالريح في لطافتها وتحركها ونفوذها في مجاري البدن وبالهواء التنفس والطبق محركة غطاء كل شيء ، ولا يبعد أن يكون الكلام مبنيا على الاستعارة والتمثيل ، فإن الصلاة على محمد وآل محمد لما كانت سببا للقرب من المبدأ واستعداد النفس لإفاضة العلوم عليها ، فكأن الشواغل الجسمانية والشهوات النفسانية الموجبة للبعد عن جناب الحق سبحانه طبق عليها ، فتصير الصلاة سببا لكشفه وتنور القلب واستعداده لفيض الحق تعالى إما بإفاضة ثانية عند محو الصورة مطلقا ، أو باستردادها عن الخزانة إذا كانت مخزونة فيها ، كما قالوا في الفرق بين السهو والنسيان ويقال : هدأ كمنع هدأ وهدوءا : سكن.

٢٠٤

روحه وعن الرجل كيف يذكر وينسى وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال فالتفت أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى الحسن فقال يا أبا محمد أجبه قال فأجابه الحسن عليه‌السلام فقال الرجل أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها وأشهد أن محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بذلك وأشهد أنك وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والقائم بحجته وأشار إلى أمير المؤمنين ولم أزل أشهد بها وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته وأشار إلى الحسن عليه‌السلام وأشهد أن الحسين بن علي وصي أخيه والقائم بحجته بعده وأشهد على علي بن الحسين أنه

ويحتمل أن يكون المراد أنه إذا لم تضطرب النطفة تحصل المشابهة التامة لأن المني يخرج من جميع البدن فيقع كل جزء موقعه فتكمل المشابهة ، وإذا اضطرب وقع بعض الأجزاء موقعه وبعضها في غير موقعه فتحصل المشابهة الناقصة فيشبه الأعمام إن كان الأغلب مني الأب لأنهم أيضا يشبهون الأب مشابهة ناقصة ، وإن كانت الغالب مني الأم أشبه الأخوال كذلك ، ويمكن أن يكون بعض العروق في بدن الأب منسوبا إلى الأعمام ، وفي بدن الأم منسوبا إلى الأخوال ، ففي حالة الاضطراب يعلو المني الخارج من ذلك العرق ، فالمراد بالعرق المني الخارج من العرق ، وفيه بعد.

وروى الصدوق (ره) في العلل بإسناده عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت له : إن الرجل ربما أشبه أخواله وربما أشبه عمومته؟ فقال : إن نطفة الرجل بيضاء غليظة ، ونطفة المرأة صفراء رقيقة ، فإن غلبت نطفة الرجل نطفة المرأة أشبه الرجل أباه وعمومته ، وإن غلبت نطفة المرأة نطفة الرجل أشبه الرجل أخواله.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث ابن صوريا : أيهما علا ماؤه ماء صاحبه كان أشبه له ، وفي حديث ابن سلام : إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد إليه وتفصيل القول في جميع ذلك موكول إلى كتابنا الكبير.

« أشهد أن لا إله » قيل : أن مخففة من المثقلة ، وضمير الشأن مقدر أو مفسرة لتضمن أشهد معنى أقول « ولم أزل أشهد بها » الضمير للشهادة بمعنى المشهود به ،

٢٠٥

القائم بأمر الحسين بعده وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين وأشهد على جعفر بن محمد بأنه القائم بأمر محمد وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر بن محمد وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى وأشهد على علي بن محمد بأنه القائم بأمر محمد بن علي وأشهد على الحسن بن علي بأنه القائم بأمر علي بن محمد وأشهد على رجل من ولد الحسن لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملأها عدلا كما ملئت جورا والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ثم قام فمضى فقال أمير المؤمنين يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد فخرج الحسن بن علي عليه‌السلام فقال ما كان إلا أن وضع رجله خارجا من المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله فرجعت إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فأعلمته فقال يا أبا محمد أتعرفه قلت الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم قال هو الخضر عليه‌السلام.

أو لهذه الكلمة « من ولد الحسن » كان من للبيان فإنه لم يكن له عليه‌السلام ولد غير القائم ، والولد بالضم والتحريك يكون مفردا وجمعا « ما كان » ما نافية ، وكان تامة أي ما كان شيء صادر عن الرجل بعد الخروج عن المسجد « إلا أن وضع » أن مصدرية والمصدر مستثنى مفرغ فاعل كان.

والخضر ، المشهور بيننا أنه عليه‌السلام كان نبيا والآن من أمة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله ويبقى إلى نفخ الصور لأنه شرب الماء الحياة وهو مؤنس للقائم صلوات الله عليه ، وقال عياض من علماء العامة : قد اضطرب العلماء في الخضر عليه‌السلام هل هو نبي أو ولي ، واحتج من قال بنبوته بكونه أعلم من موسى عليه‌السلام إذ يبعد أن يكون الولي أعلم من النبي عليه‌السلام ، وبقوله تعالى : « ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي » (١) لأنه إذا لم يفعله بأمره فقد فعله بالوحي ، فهذه هي النبوة ، وأجيب بأنه ليس في الآية تعيين من بلغه ذلك عن الله تعالى ، فيحتمل أن يكون نبي غيره أمره بذلك.

__________________

(١) سورة الكهف : ٨٢.

٢٠٦

٢ ـ وحدثني محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبي هاشم مثله سواء قال محمد بن يحيى فقلت لمحمد بن الحسن يا أبا جعفر

وقال المازري : القائل بأنه ولي القشيري وكثير ، وقال الشعبي : هو نبي معمر محجوب عن أكثر الناس ، وحكى الماوردي فيه قولا ثالثا أنه ملك.

والقائلون بأنه نبي اختلفوا في كونه مرسلا ، فإن قلت : يضعف القول بنبوته لحديث : لا نبي بعدي ، قلت : المعنى لا نبوة منشأها بعدي ، وإلا لزم في عيسى حين ينزل فإنه بعده أيضا ، انتهى.

وقال الثعلبي : قد اختلف فقيل : كان في زمن إبراهيم عليه‌السلام ، وقيل : بعده بقليل وقيل : بعده بكثير ، وحكايات اجتماعهم به في مواضع الخير وأخذهم منه وسؤالهم له وجوابه لهم لا تحصى كثرة ، وشذ بعض المحدثين فأنكر حياته ، انتهى.

الحديث الثاني : صحيح بل سند آخر للسابق.

وفيه ذم لأحمد بن محمد بن خالد البرقي ، وكان من أفاخم المحدثين وثقاتهم ، وله تصانيف كثيرة مشهورة لم يبق منها إلا كتاب المحاسن ، وقال الشيخ والنجاشي : أصله كوفي وكان جده محمد بن علي حبسه يوسف بن عمرو والي العراق بعد قتل زيد ابن علي ، ثم قتله ، وكان خالد صغير السن فهرب مع أبيه عبد الرحمن إلى برق رود قم فأقاموا بها ، وكان ثقة في نفسه غير أنه أكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل ، وقال ابن الغضائري : طعن عليه القميون وليس الطعن فيه وإنما الطعن فيمن يروي عنه فإنه كان لا يبالي عمن أخذ على طريقة أهل الأخبار ، وكان أحمد ابن محمد بن عيسى أبعده عن قم ثم أعاده إليها واعتذر إليه ، قال : ووجدت كتابا فيه وساطة بين أحمد بن محمد بن عيسى وأحمد بن محمد بن خالد ، ولما توفي مشى أحمد بن محمد ابن عيسى في جنازته حافيا حاسرا ليبرئ نفسه مما قذفه به ، وعندي أن روايته مقبولة.

وذكره الشيخ في أصحاب الجواد والهادي عليهما‌السلام ، وعاش بعد الحسن العسكري عليه‌السلام أربع عشر سنة ، وقيل : عشرين سنة ، وقال ابن إدريس في السرائر : البرقي

٢٠٧

وددت أن هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبي عبد الله قال فقال لقد حدثني قبل الحيرة بعشر سنين.

٣ ـ محمد بن يحيى ومحمد بن عبد الله ، عن عبد الله بن جعفر ، عن الحسن بن ظريف وعلي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن بكر بن صالح ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أبي لجابر بن عبد الله الأنصاري إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها فقال له جابر أي الأوقات أحببته فخلا به في بعض الأيام فقال له يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة عليها‌السلام بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وما أخبرتك به أمي أنه في ذلك اللوح مكتوب؟

ينسب إلى برقرود قرية من قرى سواد قم على واد هناك ، انتهى.

ويظهر من هذا الخبر أن محمد بن يحيى كان في نفسه شيء على البرقي والصفار أثبت له حيرة وظاهره التحير في المذهب ، ويمكن أن يكون المراد بهته وخرافته في آخر عمرة ، أو تحيره في الأرض بعد إخراج أحمد بن محمد بن عيسى إياه من قم ، وقيل : معناه قبل الغيبة أو قبل وفاة العسكري عليه‌السلام وقيل : نقل هذا الكلام عن محمد ابن يحيى وقع بعد إبعاده من قم ، وقبل إعادته ، وهو زمان حيرة البرقي بزعم جمع أو زمان تردده في مواضع خارجة من قم حيرانا ، وذلك لأنه كان حينئذ متهما بما قذف به ، ولم يظهر بعد كذب ذلك القذف ، انتهى.

وبالجملة لا يقدح مثل ذلك في مثله.

الحديث الثالث : ضعيف وعلي بن محمد عطف على محمد بن يحيى والحسن بن ظريف وصالح بن أبي حماد رويا عن بكر بن صالح كما صرح به الصدوق في العيون والإكمال ، وما قيل : من أن الحسن وبكرا رويا عن عبد الرحمن خطاء ، ورواه الصدوق أيضا عن ستة من مشايخه منهم والده عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر عن عبد الرحمن.

« أي الأوقات » منصوب وظرف زمان أي يخف على أي الأوقات أحببته أنه

٢٠٨

فقال جابر أشهد بالله أني دخلت على أمك فاطمة عليها‌السلام في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فهنيتها بولادة الحسين ورأيت في يديها لوحا أخضر ظننت أنه من زمرد ورأيت فيه كتابا أبيض شبه لون الشمس فقلت لها بأبي وأمي يا بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما هذا اللوح فقالت هذا لوح أهداه الله إلى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابني واسم الأوصياء من ولدي وأعطانيه أبي ليبشرني بذلك قال جابر فأعطتنيه أمك فاطمة عليها‌السلام فقرأته واستنسخته فقال له أبي فهل لك يا جابر أن تعرضه علي قال نعم فمشى معه أبي إلى منزل جابر فأخرج صحيفة من رق فقال يا جابر انظر

بدل اشتمال عن ضمير به « أشهد بالله » أي أقسم به وقيل : أشهد جملة تامة خبرية أي أقول ما أقول بعد هذا عن علم ويقين ، والباء للقسم ، « وإني » بكسر الهمزة والجملة جواب القسم ، ومجموع القسم والجواب استئناف لبيان أشهد. في سورة النور« فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ » (١) وفي سورة المنافقين« نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ » (٢) انتهى.

والولادة بالكسر ، وفي الإكمال : ورأيت فيه كتابة بيضاء شبيهة بنور الشمس ، وقيل : كان اللوح الأخضر كان من عالم الملكوت البرزخي ، وخضرته كناية عن توسطه بين بياض نور عالم الجبروت وسواد ظلمة عالم الشهادة ، وإنما كان مكتوبة أبيض لأنه كان من العالم الأعلى النوري المحض.

قولها عليه‌السلام : واسم ابني ، بتشديد الياء « ليسرني بذلك » فيه إشعار بحزنها قبل هذا بخبر قتل الحسين عليه‌السلام كما مر في باب مولد الحسين عليه‌السلام و الرق بالفتح والكسر : الجلد الرقيق الذي يكتب فيه ، ونوره النور الظاهر بنفسه الذي يصير سببا لظهور الأشياء ، والأنبياء والأئمة عليهم‌السلام أنوار الله لأنهم سبب لظهور العلوم والمعارف على الخلق ، بل لوجود عالم الكون ، وفي النهاية السفير الرسول المصلح بين القوم ، وأطلق الحجاب عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حيث إنه واسطة بين الخلق وبين الله ،

__________________

(١) الآية : ٦.

(٢) الآية : ١.

٢٠٩

في كتابك لأقرأ أنا عليك فنظر جابر في نسخة فقرأه أبي فما خالف حرف حرفا فقال جابر فأشهد بالله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوباً :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

هذا كتاب مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لمحمد نبيه ونوره وسفيره وحجابه ودليله نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ من عند رب العالمين عظم يا محمد أسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي إني أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا قاصم الجبارين ومديل المظلومين وديان الدين إني أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي عذبته عَذاباً

أو أن له وجهين وجها إلى الله ووجها إلى الخلق ، وقيل : الحجاب : المتوسط الذي لا يوصل إلى السلطان إلا به.

والدليل : المرشد إلى خفيات الأمور ، و الروح الأمين جبرئيل عليه‌السلام ، والمراد بالأسماء أسماء ذاته المقدسة أو الأئمة عليهم‌السلام كما مر في التوحيد أنهم الأسماء الحسنى ، و النعماء مفرد بمعنى النعمة العظيمة ، وهي النبوة وأصولها وفروعها ، والمراد بالآلاء سائر النعم الظاهرة والباطنة ، أو الأوصياء عليهم‌السلام و القصم الكسر ، و الإدالة إعطاء الدولة والغلبة ، والمراد بالمظلومين أئمة المؤمنين وشيعتهم الذين ينصرهم الله في آخر الزمان.

وفي الإكمال وغيره : ومذل الظالمين و ديان الدين ، أي المجازي لكل مكلف بما عمل من خير وشر يوم الدين ، وفي القاموس الدين بالكسر الجزاء ، وقد دنته بالكسر دينا ويكسر ، والإسلام ، والعبادة ، وفي القاموس الدين بالكسر الجزاء ، وقد دنته بالكسر دينا ويكسر ، والإسلام ، والعبادة ، والطاعة ، والذل والحساب والقهر والغلبة والاستعلاء والسلطان والحكم والقضاء ، والديان القهار والقاضي والحاكم والحساب والمجازي الذي لا يضيع عملا بل يجزى بالخير والشر ، انتهى.

« فمن رجا غير فضلي » كان المعنى كلما يرجوه العباد من ربهم فليس جزاء لأعمالهم بل هو من فضله سبحانه ، ولا يستحقون بأعمالهم شيئا من الثواب بل ليس مكافئا لعشر من أعشار نعمه السابقة على العمل ، وإن لزم عليه سبحانه إعطاء الثواب

٢١٠

لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ فإياي فاعبد وعلي فتوكل إني لم أبعث نبيا فأكملت أيامه وانقضت مدته إلا جعلت له وصيا وإني فضلتك على الأنبياء وفضلت وصيك على الأوصياء وأكرمتك بشبليك وسبطيك حسن وحسين فجعلت حسنا معدن علمي بعد انقضاء مدة أبيه وجعلت حسينا خازن وحيي وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة

بمقتضى وعده ، لكن وعده أيضا من فضله ، وما توهم من أن المراد رجاء فضل غيره تعالى فهو وإن كان مرجوحا لكن لا يستحق به العذاب ، مع أنه بعيد عن اللفظ والفقرة الثانية أيضا مؤيدة لما ذكرنا أعني قوله : أو خاف غير عدلي ، إذ العقوبات التي يخافها العباد إنما هي من عدله ، ومن اعتقد أنها ظلم فقد كفر واستحق عقاب الأبد.

« عذبته عذابا » أي تعذيبا ، ويجوز أن يجعل مفعولا به على السعة « لا أعذبه » الضمير للمصدر أو للعذاب إن أريد به ما يعذب به على حذف حرف الجر كما ذكره البيضاوي « فإياي فأعبد » التقديم للحصر « فأكملت » على بناء المجهول ويحتمل المعلوم على صيغة المتكلم « بشبليك » أي ولديك ، شبههما بولد الأسد في الشجاعة أو شبهه بالأسد في ذلك أو هما معا ، والمعنى ولدي أسدك تشبيها لأمير المؤمنين عليه‌السلام بالأسد ، وفي القاموس : الشبل بالكسر ولد الأسد إذا أدرك الصيد ، وقال : السبط بالكسر ولد الولد ، والقبيلة من اليهود والجمع أسباط ، وحسين سبط من الأسباط ، أمة من الأمم ، وفي النهاية فيه : الحسين سبط من الأسباط ، أي أمة من الأمم في الخير ، والأسباط في أولاد إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه‌السلام بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل عليه‌السلام واحدهم سبط ، فهو واقع على الأمة ، والأمة واقعة عليه ، ومنه الحديث الآخر : الحسن والحسين سبطا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أي طائفتان وقطعتان منه ، وقيل : الأسباط خاصة الأولاد ، وقيل : أولاد الأولاد ، وقيل : أولاد البنات.

« خازن وحيي » أي حافظ كلما أوحيته إلى أحد من الأنبياء « فهو أفضل » الفاء للبيان ، والكلمة التامة إما أسماء الله العظام أو علم القرآن أو الأعم منه ومن

٢١١

فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة جعلت كلمتي التامة معه وحجتي البالغة عنده بعترته أثيب وأعاقب أولهم علي سيد العابدين وزين أوليائي الماضين وابنه شبه جده المحمود محمد الباقر علمي والمعدن لحكمتي سيهلك المرتابون في جعفر الراد عليه كالراد علي حق القول مني لأكرمن مثوى جعفر ولأسرنه في

سائر علوم الله ومعارفه أو حجج الله الكائنة في صلبه كما ورد في قوله تعالى : « وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ » (١) وقوله تعالى : « وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ » (٢) إنها الأئمة عليهم‌السلام ، أو المراد بالكلمة الإمامة وشرائطها ، والمراد بالحجة البالغة أي الكاملة البراهين التي أقامها الله ورسوله على حقية إمامته وإمامة أولاده ، أو المعجزات التي أعطاهم أو الشريعة الحقة أو الإيمان المقبول وعترته التسعة المعصومون من أولاده ، أي بولايتهم والإقرار بإمامتهم « أثيب » لأنها الركن الأعظم من الإيمان وشرط لقبول سائر الأعمال ، وبترك ولايتهم يعاقب على أصل الترك وعلى الأعمال التي أتوا بها للإخلال بالشرط.

« أوليائي الماضين » أي السابقين تخصيصا للفرد الأخفى بالذكر ، فإنه عليه‌السلام زين من مضى ومن غبر من الأولياء ، و « ابنه » مبتدأ و « شبه » بالكسر والتحريك نعت له ، و المحمود نعت لجده ، و محمد عطف بيان للجد أو للابن ، و الباقر خبر المبتدأ أو ابنه خبر مبتدإ محذوف أي ثانيهم فالباقر نعت ، وفي العيون وغيره : الباقر لعلمي ، ويقال بقرة أي فتحه ووسعه.

« لأكرمن مثوى جعفر » أي مقامه العالي في الدنيا بظهور علمه وفضله على الناس « ولأسرنه في أشياعه » بكثرتهم ووفورهم ومزيد علمهم وزهدهم وفضلهم ، أو المراد مقامه العالي يوم القيامة لشفاعة شيعته وسروره بقبول شفاعته فيهم أو الأعم منهما.

__________________

(١) سورة البقرة : ١٢٤.

(٢) سورة الأنعام : ١١٥.

٢١٢

أشياعه وأنصاره وأوليائه أتيحت بعده موسى فتنة عمياء حندس لأن خيط فرضي

قوله : أبيحت ، أقول : النسخ في كتب الحديث هنا مختلفة غاية الاختلاف ، ففي أكثر نسخ الكتاب : أبيحت بالباء الموحدة والحاء المهملة بمعنى أظهرت ، يقال : باح بسره وأباحه إذا أظهره ، أو من الإباحة والإحلال أي أباحوا هذا الإثم العظيم ، وفي بعضها انتجب بالنون والتاء المثناة والجيم ، فينبغي أن يقرأ على بناء المجهول إشارة إلى اهتمامهم بشأن تلك الفتنة ، وقرأ بعضهم على بناء المعلوم أي اختار بعده هداية الخلق بموسى في فتنة ، فهي منصوبة بالظرفية ، ويرد عليه أنه على هذا كان الصواب حندسا ، وفي بعض نسخ الكتاب وغيره أتيحت بالتاء المثناة الفوقانية والحاء المهملة على بناء المفعول ، من قولهم تاح له الشيء وأتيح له أي قدر وتهيأ وهذه أظهر النسخ.

وفي إعلام الورى انتجبت بعده موسى ، وانتجبت بعده فتنة عمياء حندس إلا أن خيط فرضي « إلخ » وفي بعض النسخ أنبحت بالنون والباء الموحدة والحاء المهملة من نباح الكلب ، وقوله : لأن خيط فرضي إما علة لانتجاب موسى كما في الإعلام ، أو لما يدل عليه الفتنة من كون ما ادعوه من الوقف باطلا ، والأظهر إلا أن كما مر في الإعلام بتشديد إلا أو تخفيفه ، وفي كتاب غيبة النعماني أيضا إلا أن ، وفيه بعده : وحجتي لا تخفى وأوليائي بالكأس الأوفى يسقون أبدال الأرض ، وقرأ بعض الأفاضل أنيخت بالنون والخاء المعجمة ، وقال : الإناخة الإسقاط ومنه يقال للأسد : المنيخ لإسقاطه وكسره كل صيد ، موافقا لما يجيء من قولهم ، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس والباء للسببية و الفتنة الضلال والإضلال ، وقوله : لأن ، استدلال على سقوط الفتنة ، انتهى.

ونسبة العمى إلى الفتنة على المجاز لتأكيد عمى أهلها و الحندس بالكسر الظلمة الشديدة والليل المظلمة ، والمراد بالفتنة قول بعض الأصحاب بالوقف على الصادق عليه‌السلام وهم الناووسية ، أو قول كثير من الأصحاب بالوقف على موسى عليه‌السلام وعلى بعض

٢١٣

لا ينقطع وحجتي لا تخفى وأن أوليائي يسقون بالكأس الأوفى من جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي ومن غير آية من كتابي فقد افترى علي ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة موسى عبدي وحبيبي وخيرتي في علي وليي وناصري ومن أضع عليه أعباء النبوة وأمتحنه بالاضطلاع بها يقتله عفريت مستكبر يدفن في المدينة

الوجوه المتقدمة ما وقع في زمانه عليه‌السلام من ظلم هارون وحبسه إياه.

والخيط السلك الذي ينتظم فيه اللؤلؤ ونحوه من الجواهر ، شبه به اتصال الحجج بعضهم ببعض وفرض طاعتهم في كل عصر ، فإن ذلك ينظم دراري الإمامة ولئاليها كما شبهوا بالحبل في قوله تعالى : « وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ » (١) وأمثاله ، وقيل : الخيط هو القرآن والأول أنسب بقوله : فرضي ، ويحتمل أن يراد بخيط الفرض الشرائع والأحكام ، فإنها المحوجة إلى وجود الإمام في كل عصر ، والحجة الإمام أو البرهان الدال عليه.

« وأن أوليائي » أي الأئمة عليهم‌السلام أو شيعتهم « يسقون » على المعلوم أو المجهول وعلى الثاني المجهول أظهر ، وفي الأعلام والعيون : لا يشقون ، من الشقاوة أو الشقاء بمعنى التعب ، وفي الإكمال : لا يسبقون ، على المجهول ، وليس فيها بالكأس الأوفى ، وفيها : إلا من جحد.

قوله : « في علي » هو في محل مفعول الجاحدين ، أي الجاحدين النص في علي وفي أكثر نسخ العيون وغيره الجاحدين عند انقضاء مدة عبدي موسى حبيبي وخيرتي أن المكذب بالثامن مكذب بكل أوليائي وعلي وليي « إلخ » فقوله : حبيبي مفعول الجاحدين.

والأعباء جمع عبء بالكسر وهي الأثقال ، والمراد هنا العلوم التي أوحي بها إلى الأنبياء أو الصفات المشتركة بين الأنبياء والأوصياء عليهم‌السلام من العصمة والعلم والشجاعة والسخاوة وأمثالها ، وفي القاموس : الضلاعة القوة وشدة الأضلاع ، وهو مضلع لهذا

__________________

(١) سورة آل عمران : ١٠٣.

٢١٤

التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلقي حق القول مني لأسرنه بمحمد ابنه وخليفته من بعده ووارث علمه فهو معدن علمي وموضع سري وحجتي على خلقي لا يؤمن عبد به إلا جعلت الجنة مثواه وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار وأختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري والشاهد في خلقي وأميني على وحيي أخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن وأكمل ذلك بابنه م ح م د رحمة للعالمين عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب فيذل أوليائي في زمانه وتتهادى رءوسهم كما تتهادى رءوس الترك والديلم فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين تصبغ الأرض بدمائهم ويفشو الويل والرنة في نسائهم أولئك أوليائي حقا بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس وبهم أكشف الزلازل وأدفع الآصار

الأمر ومضطلع أي قوي عليه ، وقال : العفريت النافذ في الأمر البالغ فيه مع دهاء ، وفي النهاية : العفرية النفرية الداهي الخبيث الشرير ، ومنه العفريت ، وقال : العفريت القوي المتشيطن الذي يعفر قرنه ، والتاء فيه للإلحاق بقنديل ، انتهى.

والمراد بالعفريت هنا المأمون لعنه الله و العبد الصالح ذو القرنين ، لأن طوس من بنائه ، وقد صرح به في رواية النعماني لهذا الخبر ، والمراد بشر الخلق هارون « حق القول مني » أي ثبت قضائي وسبق وعدي وهو « لأسرنه » على بناء المجرد من باب نصر « وشفعته » على بناء التفعيل ، أي قبلت شفاعته « وأكمل » في سائر الكتب : ثم أكمل ، على بناء الأفعال أو التفعيل ، و « ذلك » إشارة إلى الإمامة والوصاية والولاية « رحمة » حال عن ابنه أو مفعول له لأكمل ، و « كمال موسى » علمه وأخلاقه أو قوته على دفع كيد الأعداء ، و البهاء : الحسن ، أي حسن الصورة والسيرة معا من الزهد والورع وترك الدنيا والاكتفاء بالقليل من المطعم والملبس.

« وتتهادى رؤوسهم » على بناء المجهول أي يرسلها بعضهم إلى بعض هدية ، قال في المصباح : تهادى القوم أهدى بعضهم إلى بعض ، و الترك والديلم طائفتان كانا من المشركين ، و الرنة بالفتح أهدى بعضهم إلى بعض ، والترك والديلم طائفتان كانا من المشركين ، والرنة بالفتح الصياح في المصيبة « بهم أدفع » أي بعبادتهم ودعائهم أو إذا أدركوا زمان القائم عليه‌السلام أو في الرجعة ، و الزلازل : رجفات الأرض أو الشبهات

٢١٥

والأغلال « أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ »

قال عبد الرحمن بن سالم قال أبو بصير لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك فصنه إلا عن أهله.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة وعلي بن محمد ، عن أحمد بن هلال ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس قال سمعت عبد الله بن جعفر الطيار يقول كنا عند معاوية أنا والحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر ابن أم سلمة وأسامة بن زيد فجرى بيني وبين معاوية كلام فقلت لمعاوية سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول أنا « أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ » ثم أخي علي

المزلزلة المضلة ، والآصار الأثقال أي الشدائد والبلايا العظيمة والفتن الشديدة اللازمة في أعناق الخلق كالأغلال.

« أُولئِكَ عَلَيْهِمْ » كأنه منبئ عن صبرهم على تلك المصائب لقوله تعالى : « وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ، أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ » (١)

الحديث الرابع : مختلف فيه.

قوله : كنا عند معاوية قال بعض الأفاضل : حكاية لما وقع في زمان أحد الثلاثة لأن عمر بن أم سلمة قتل بصفين ، انتهى.

ولا يخفى ما فيه ، لأنه ذكر ابن عبد البر وغيره عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد ابن هلال بن عبد الله بن عمر القرشي المخزومي ربيب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمه أم سلمة المخزومية أم المؤمنين يكنى أبا حفص ، ولد في السنة الثانية من الهجرة بأرض الحبشة وشهد مع علي عليه‌السلام يوم الجمل واستعمله على فارس وعلى البحرين ، وتوفي

__________________

(١) سورة البقرة : ١٥٧.

٢١٦

ابن أبي طالب « أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ » فإذا استشهد علي فالحسن بن علي « أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ » ثم ابني الحسين من بعده « أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ » فإذا استشهد فابنه علي بن الحسين « أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ » وستدركه يا علي ثم ابنه محمد بن علي « أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ » وستدركه يا حسين ثم يكمله اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين قال عبد الله بن جعفر واستشهدت الحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر ابن أم سلمة وأسامة بن زيد فشهدوا لي عند معاوية قال سليم وقد سمعت ذلك من سلمان وأبي ذر والمقداد وذكروا أنهم سمعوا ذلك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن القاسم ، عن حنان بن السراج ، عن داود بن سليمان الكسائي ، عن أبي الطفيل قال :

بالمدينة في خلافة عبد الملك بن مروان سنة ثلاث وثمانين ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وستدركه يا علي كان لعلي بن الحسين عند شهادة أمير المؤمنين صلوات الله عليه سنتان ، لأن شهادته كانت في سنة الأربعين من الهجرة ، وولادة علي بن الحسين في سنة ثمان وثلاثين وكان للباقر عند شهادة الحسين عليه‌السلام أربع سنين تقريبا لأن الشهادة كانت في سنة إحدى وستين وولادة الباقر عليه‌السلام في سنة سبع وخمسين على ما ذكره المصنف (ره).

وقوله : ثم تكملة (١) كلام عبد الله بن جعفر ، والتكملة التتمة أي ثم ذكرت عند معاوية تتمتهم تفصيلا ، أو هو من كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أي ثم تكملتهم أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، والأول أظهر ، وفي بعض النسخ بالياء على صيغة المضارع ، أي ثم يكمل الرسول صلى الله وعليه وآله وسلم اثني عشر يسميهم.

الحديث الخامس : ضعيف.

وحنان بن السراج كأنه تصحيف والأظهر حيان السراج بالياء المثناة التحتانية بدون ابن ، وروى الكشي بسند صحيح أنه كان كيسانيا وأبو الطفيل

__________________

(١) وفي المتن « ثمّ تكمله » على صيغة المضارع وسيأتي الإشارة إليه في كلام الشارح (ره) ايضا.

٢١٧

شهدت جنازة أبي بكر يوم مات وشهدت عمر حين بويع وعلي عليه‌السلام جالس ناحية فأقبل غلام يهودي جميل الوجه بهي عليه ثياب حسان وهو من ولد هارون حتى قام على رأس عمر فقال يا أمير المؤمنين أنت أعلم هذه الأمة بكتابهم وأمر نبيهم قال فطأطأ عمر رأسه فقال إياك أعني وأعاد عليه القول فقال له عمر لم ذاك قال إني جئتك مرتادا لنفسي شاكا في ديني فقال دونك هذا الشاب قال ومن هذا الشاب قال هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذا أبو الحسن والحسين ابني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذا زوج فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأقبل اليهودي على علي عليه‌السلام فقال أكذاك أنت قال نعم قال إني أريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة قال فتبسم أمير المؤمنين عليه‌السلام من غير تبسم

اسمه عامر بن واثلة ، قال الشيخ في الرجال : أدرك ثمان سنين من حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولد عام أحد ، وأدرك علي بن الحسين أيضا ، وقال الكشي : كان عامر بن واثلة كيسانيا ممن يقول بحياة محمد بن الحنفية ، وكان من محبي علي عليه‌السلام وبه ختمت الصحابة في الدنيا ، مات سنة عشر ومائة ، على الصحيح.

« بهي » أي حسن السيماء من البهاء وهو الحسن « أنت أعلم » بتقدير الاستفهام « لم ذاك » أي لم قلت هذا القول « مرتادا » أي طالبا لدين الحق « لنفسي » وقيل : أي طالبا لها ما هو صلاحها من أمر الدين ، وفي الإعلام : شاكا في ديني أريد الحجة وأطلب البرهان « دونك » اسم فعل أي أدرك والتبسم دون الضحك وله مراتب ، فقوله من غير تبسم أي من غير تبسم واضح بين ، أو من غير أن يكون مقتضى حاله التبسم لحزنه ، وليس في الإكمال والأعلام وغيرهما : من غير تبسم ، وقيل : من ابتدائية بمعنى بعد ، نحو « أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ » (١) وغير بمعنى بعد ، والمراد أنه تبسم بعد ما كان كئيبا حزينا في مدة لظلم المتغلبين ، وقيل : أي ضحكا غير ذي صوت ، أو من غير أن يظهر أسنانه.

__________________

(١) سورة القريش : ٤.

٢١٨

وقال يا هاروني ما منعك أن تقول سبعا قال أسألك عن ثلاث فإن أجبتني سألت عما بعدهن وإن لم تعلمهن علمت أنه ليس فيكم عالم قال علي عليه‌السلام فإني أسألك بالإله الذي تعبده لئن أنا أجبتك في كل ما تريد لتدعن دينك ولتدخلن في ديني قال ما جئت إلا لذاك قال فسل قال أخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الأرض أي قطرة هي وأول عين فاضت على وجه الأرض أي عين هي وأول شيء اهتز على وجه الأرض أي شيء هو فأجابه أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال له أخبرني عن الثلاث الأخر أخبرني عن محمد كم له من إمام عدل وفي أي جنة

قوله : في كل ، أي عن كل ، وقيل : أي مع كل ، والمراد بكل ما تريد المعجز الدال على صدق الدعوى « قطرت » على المعلوم من باب نصر أو على المجهول من باب التفعيل ، « وأول شيء اهتز » أي يتحرك ، وفي الأعلام : وأول شجر اهتز على وجه الأرض أي شجر هو ، إلى قوله : فقال يا هاروني أما أنتم فتقولون أول قطرة قطرت على وجه الأرض حيث قتل أحد ابني آدم ، وليس كذلك ولكنه حيث طمثت حواء وذلك قبل أن تلد ابنيها ، وأما أنتم فتقولون أول عين فاضت على وجه الأرض العين التي ببيت المقدس وليس هو كذلك ولكنها عين الحياة التي وقف عليها موسى وفتاة ، ومعهما النون المالح فسقط فيها فحيي ، وهذا الماء لا يصيب ميتا إلا حيي ، وأما أنتم فتقولون : أول شجرة اهتز على وجه الأرض الشجرة التي كانت منها سفينة نوح ، وليس كذلك هو ولكنها النخلة التي أهبطت من الجنة وهي العجوة ومنها تفرع كل ما ترى من أنواع النخل ، فقال : صدقت والله الذي لا إله إلا هو إني لأجد هذا في كتب أبي هارون عليه‌السلام كتابته بيده وإملاء عمي موسى عليه‌السلام ، ثم قال : أخبرني عن الثلاث الأخر « إلخ ».

« كم له من إمام » في الإعلام عن أوصياء محمد كم بعده من أئمة عدل وعن منزله في الجنة ومن يكون ساكنا معه في منزله فقال : يا هاروني إن لمحمد اثني عشر أوصياء أئمة عدل لا يضر هم « إلخ ».

٢١٩

يكون ومن ساكنه معه في جنته فقال يا هاروني إن لمحمد اثني عشر إمام عدل لا يضرهم خذلان من خذلهم ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم وإنهم في الدين أرسب من الجبال الرواسي في الأرض ومسكن محمد في جنته معه أولئك الاثني عشر الإمام العدل فقال صدقت والله الذي لا إله إلا هو إني لأجدها في كتب أبي هارون كتبه بيده وأملاه موسى عمي عليهما‌السلام قال فأخبرني عن الواحدة أخبرني عن وصي محمد كم يعيش من بعده وهل يموت أو يقتل قال يا هاروني يعيش بعده ثلاثين سنة لا يزيد يوما ولا ينقص يوما ثم يضرب ضربة هاهنا يعني على قرنه

قوله : ومن ساكنه؟ اسم فاعل من باب نصر ، أو ماضي باب المفاعلة والماضي لتحقق الوقوع كما قيل ، وفي الإكمال : ومن الساكن معه؟ وهو أظهر « ولا يستوحشون » على بناء المعلوم أي لا يهتمون ولا يخافون « أرسب » أي أثبت وفي الإعلام أرسب في الدين ، والراسي أيضا الثابت ، وفي الأعلام وسكن محمد في جنة عدن التي ذكرها الله عز وجل ، وغرسها بيده ، ومعه في مسكنه الأئمة « إلخ » وفي الإكمال : وإن سكن (١) محمد في جنة عدن معه أولئك الاثني عشر إماما العدول.

قوله : وإملاء ، كأنه عطف على يده ، وفي بعض النسخ وأملاه بصيغة الماضي.

قوله : لا يزيد يوما ، أقول : هيهنا إشكال مشهور وتقريره أن وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كانت إما مطابقة لثاني عشر ربيع الأول كما اختاره المصنف أو مقدمة عليه بأربعة عشر يوما كما هو المشهور ، وعلى أي تقدير تكون المدة التي بينه وبين وفاة أمير المؤمنين صلوات الله عليه الواقعة في الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة اتفاقا ناقصة عن ثلاثين سنة قمرية بأكثر من خمسة أشهر فضلا عن الشمسية لزيادة الشمسية على القمرية بقريب من أحد عشر يوما كما حقق في موضعه ، فكيف يستقيم قوله عليه‌السلام : لا يزيد يوما ولا ينقص يوما؟

__________________

(١) وفي نسخة : « مسكن » بدل « سكن ».

٢٢٠