مرآة العقول الجزء ٦

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 289

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف:

الصفحات: 289
المشاهدات: 3368
تحميل: 5072


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 289 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 3368 / تحميل: 5072
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 6

مؤلف:
العربية

المعاش فقال يا حكم كلنا قائم بأمر الله قلت فأنت المهدي قال كلنا نهدي إلى الله قلت فأنت صاحب السيف قال كلنا صاحب السيف ووارث السيف قلت فأنت الذي تقتل أعداء الله ويعز بك أولياء الله ويظهر بك دين الله فقال يا حكم كيف أكون أنا وقد بلغت خمسا وأربعين سنة وإن صاحب هذا الأمر أقرب عهدا باللبن مني وأخف على ظهر الدابة

إِلاَّ أَنْ يُهْدى » (١) والأول أظهر.

« ووارث السيف » إشارة إلى أن الجفر الأحمر عنده ، قوله عليه‌السلام : أقرب عهدا باللبن مني ، أي يرى عند خروجه أقل سنا مني وأقوى.

كما رواه الصدوق في الإكمال بإسناده عن الريان بن الصلت قال : قلت للرضا عليه‌السلام أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال : أنا صاحب هذا الأمر ولكني لست بالذي أملاها عدلا كما ملئت جورا ، وكيف أكون ذاك على ما ترى من ضعف بدني ، وأن القائم هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشباب ، قويا في بدنه حتى لو مد يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها ، ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها ، يكون معه عصا موسى وخاتم سليمان ، يغيبه الله في ستره ما شاء الله ، ثم يظهره فيملأ به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

وقيل : المراد أنه أقرب عهدا باللبن عند إمامته لأنه عليه‌السلام كان سنه عند إمامته ثمانا وثلاثين سنة ، والقائم عليه‌السلام كان سنه في بدو الإمامة خمسا فذكر الخمس والأربعين لبيان أنه كان عند الإمامة أسن لأنه كان معلوما أن من وقت الإمامة إلى زمان السؤال كانت سبع سنين والأول أظهر ، وكان حمل الإمام عليه‌السلام كلام السائل على المحامل التي يعلم عليه‌السلام أنه ليس مرادا للمضايقة عن التصريح بأن الفرج لا يأتي على يده لبعض ما ذكرنا من الوجوه ، أو لئلا يتوهم الراوي وغيره أنه إنما يجب ملازمة صاحب السيف ومتابعته وطاعته دون غيره ، بل يعلموا أن كلهم مشتركون في جميع ذلك.

__________________

(١) سورة يونس : ٣٥.

٢٤١

٢ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن القائم فقال كلنا قائم بأمر الله واحد بعد واحد حتى يجيء صاحب السيف فإذا جاء صاحب السيف جاء بأمر غير الذي كان.

٣ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن القاسم البطل ، عن عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام « يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ » (١) قال إمامهم الذي بين أظهرهم وهو قائم أهل زمانه.

باب

صلة الإمام عليه السلام

١ ـ الحسين بن محمد بن عامر بإسناده رفعه قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام من زعم أن الإمام يحتاج إلى ما في أيدي الناس فهو كافر إنما الناس يحتاجون أن يقبل

الحديث الثاني ضعيف على المشهور.

« غير الذي كان » من الخروج بالسيف والحكم بعلمه ، وقتل مانع الزكاة وقطع أيدي بني شيبة ، والمنع عن الميازيب ، وسائر ما يضر بالطريق ، وهدم المنارات والمقاصير وسائر ما ورد أنه عليه‌السلام يفعله عند ظهوره.

الحديث الثالث : ضعيف.

وذكره في الباب لإطلاق القائم على كل إمام وقد مر الكلام في مضمونه.

باب صلة الإمام عليه‌السلام

الحديث الأول : مرفوع.

« فهو كافر » أي غير عارف بفضل الإمام وإنه قادر على قلب الجبال ذهبا بدعائه فالكفر في مقابلة الإيمان الكامل ، أو محمول على ما إذا كان ذلك على وجه التحقير والإزراء بشأنه عليه‌السلام « يحتاجون » أي لمغفرتهم ورفع درجاتهم وتضاعف حسناتهم

__________________

(١) سورة الإسراء : ٧١.

٢٤٢

منهم الإمام قال الله عز وجل : « خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها » (١)

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء ، عن عيسى بن سليمان النحاس ، عن المفضل بن عمر ، عن الخيبري ويونس بن ظبيان قالا سمعنا أبا عبد الله عليه‌السلام يقول ما من شيء أحب إلى الله من إخراج الدراهم إلى الإمام وإن الله ليجعل له الدرهم في الجنة مثل جبل أحد ثم قال إن الله تعالى يقول في كتابه « مَنْ

وتكفير سيئاتهم ، والمراد بالصدقة في الآية إما الزكاة أو مطلق الصدقات الشاملة للواجبة والمستحبة كما روي أنها نزلت في المتخلفين عن غزوة تبوك لما تابوا وقبل الله توبتهم ، بعد أن أوثقوا أنفسهم بسواري (٢) المسجد ثم حلوا وأطلقوا بعد قبول توبتهم قالوا : يا رسول الله هذه أموالنا التي خلفتنا فتصدق بها وطهرنا فنزلت ، فعلى هذا الاستدلال بالآية مبني على أنه إذا كانت الصدقة التي تدفع إلى المستحقين بهذه المنزلة كان صرف الخمس والهدية إلى الإمام عليه‌السلام كذلك بطريق أولى ، ويحتمل أن تكون الصدقة في الآية شاملة لصلة الإمام والخمس أيضا فالاستدلال بها ظاهر.

وقوله : تطهرهم ، استئناف أو نعت لصدقة والتطهير عند التنجيس والتزكية ضد التنقيص فالأول في النفس والثاني في المال ، وقيل : التطهير عن الذنوب أو حب المال والبخل « وتزكيهم » تنمي بها حسناتهم وترفعهم إلى منازل المخلصين ، فظهر من الآية أن نفع الصدقات يصل إلى المعطي لا إلى الرسول والإمام عليهما‌السلام

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

« ما من شيء » من مزيدة لتأكيد العموم أي من جملة الإخراجات والعطايا والصدقات « أحب » بالنصب أي أشد محبوبية ، وذكر الدراهم من قبيل المثال « ليجعل له » أي للمخرج أو للإمام والأول أظهر « مثل جبل أحد » لعله من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس أي ثوابه من بين سائر المثوبات في العظم كجبل أحد من بين الأجسام المحسوسة أو المعنى أنه يجعل ثواب إخراج درهم مثل ثواب إخراج مثل جبل أحد

__________________

(١) سورة التوبة : ١٠٤.

(٢) جمع السارية : الأسطوانة.

٢٤٣

ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً » (١) قال هو والله في صلة الإمام خاصة.

٣ ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن حماد بن أبي طلحة ، عن معاذ صاحب الأكسية قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إن الله لم يسأل خلقه ما في أيديهم قرضا من حاجة به إلى ذلك وما كان لله من حق فإنما هو لوليه.

من الدراهم إلى غير الإمام ، ويحتمل أن يكون إخراج الدراهم إلى الإمام أعم من صلة الإمام بحيث يشمل ما يخرج إليه من الزكوات والصدقات فإنه أعرف بمواقعها.

وذهب المفيد وأبي الصلاح إلى وجوب إخراج الصدقات إليه عليه‌السلام عند التمكن وإلا إلى الفقيه الجامع لشرائط الفتوى.

« مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ » قال البيضاوي من استفهامية مرفوع الموضع بالابتداء ، وذا خبره والذي صفة ذا وبدله ، وإقراض الله مثل لتقديم العمل الذي يطلب به ثوابه « قَرْضاً حَسَناً » أي إقراضا مقرونا بالإخلاص وطيب النفس أو مقرضا حلالا طيبا ، وقيل : القرض الحسن المجاهدة والإنفاق في سبيل الله « فَيُضاعِفَهُ لَهُ » فيضاعف جزاؤه ، أخرجه على صورة المغالبة للمبالغة « أَضْعافاً كَثِيرَةً » لا يقدرها إلا الله وقيل : الواحد بسبعمائة وأضعافا جمع ضعف ، ونصب على الحال من الضمير المنصوب أو المفعول الثاني لتضمن المضاعفة معنى التصيير أو المصدر على أن الضعف اسم المصدر وجمعه للتنويع ، انتهى.

« هو والله » الضمير راجع إلى مصدر يقول والمقصود أن جعل الله نفسه مقترضا مع أنه الغنى المطلق مبني على أنه في حق خليفته خاصة.

الحديث الثالث : كالسابق.

« لوليه » أي من جعله الله أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، أقول : يحتمل أن يكون هذا بيانا لمورد نزول الآية وإن كانت عامة تشمل سائر الصدقات والقربات.

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٤٦.

٢٤٤

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي المغراء ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال سألته عن قول الله عز وجل « مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ » (١) قال نزلت في صلة الإمام.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن مياح ، عن أبيه قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام يا مياح درهم يوصل به الإمام أعظم وزنا من أحد.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال درهم يوصل به الإمام أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من وجوه البر.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إني لآخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن أكثر أهل المدينة مالا ما أريد بذلك إلا أن تطهروا.

الحديث الرابع : موثق.

الحديث الخامس : ضعيف وعلى ما ذكرنا من الوجه الأول في الخبر الثاني لا ينافي الأعظمية المساواة وعلى الثاني لعل الاختلاف باعتبار اختلاف الإخلاص وحلية المال ومعرفة المعطي وغير ذلك.

الحديث السادس : مرسل.

الحديث السابع : موثق كالصحيح.

« إلا أن تطهروا » أي من السيئات وذمائم الأخلاق.

__________________

(١) سورة الحديد : ١١.

٢٤٥

باب

الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه

إن الله تبارك وتعالى جعل الدنيا كلها بأسرها لخليفته حيث يقول للملائكة « إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً » (١) فكانت الدنيا بأسرها لآدم وصارت بعده لأبرار ولده وخلفائه فما غلب عليه أعداؤهم ثم رجع إليهم بحرب أو غلبة سمي فيئا وهو أن يفيء

باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه

قوله (ره) : حيث يقول ، التعليل من جهة أن خليفة الرجل من يقوم مقامه ويسد. مسده والهاء فيه للمبالغة تدل على أن للإمام التصرف في الأرض كيف شاء ، كما أن لله عز وجل التصرف فيها ثم صار لأبرار ولده لأنهم أيضا خلفاء الله « فما غلب عليه » أي تصرف فيه « أعداؤهم » أي أعداء الخلفاء « أو غلبة » بأن انهزموا وتركوا الأرض خوفا قبل وقوع الحرب.

وقال الراغب في المفردات : الفيء والفيئة الرجوع إلى حالة محمودة قال : « حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ » (٢) وقال : « فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما » (٣) ومنه فاء الظل ، والفيء لا يقال إلا للراجع منه ، قال تعالى : « أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ » (٤) وقيل : الغنيمة التي لا تلحق فيها مشقة فيء قال تعالى : « ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى » (٥) « وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ » (٦) وقال : « وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ » (٧) قال بعضهم : سمي ذلك بالفيء تشبيها بالفيء الذي هو الظل تنبيها على أن أشرف أعراض الدنيا يجري مجرى ظل زائل.

__________________

(١) سورة البقرة : ٣٠.

(٣ و ٢) سورة الحجرات : ٩.

(٤) سورة النحل : ٤٨.

(٥) سورة الحشر : ٧.

(٦) سورة الأحزاب : ٥٠.

(٧) سورة الحشر : ٦.

٢٤٦

إليهم بغلبة وحرب وكان حكمه فيه ما قال الله تعالى « وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ

وقال في النهاية : قد تكرر ذكر الفيء على اختلاف تصرفه وهو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد ، وأصل الفيء الرجوع ، يقال : فاء يفيء فيئه وفيوءا كأنه في الأصل لهم ، ثم رجع إليهم ، ومنه قيل : للظل الذي يكون بعد الزوال : فيء ، لأنه يرجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق ، انتهى.

وأقول : ما ذكره المصنف (ره) من تفسير الفيء مخالف لكلام أكثر اللغويين وظواهر الآيات والأخبار ، لقوله تعالى : « ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » وقال سبحانه : « ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ »

وروى الشيخ في التهذيب بإسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الغنيمة قال : يخرج منها الخمس ويقسم ما بقي بين من قاتل عليه وولي ذلك وأما الفيء والأنفال فهو خالص لرسول الله.

وعنه أيضا في حديث طويل قال : وما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهذا كله من الفيء ، والأنفال لله وللرسول يضعه حيث يحب.

وعنه عليه‌السلام أيضا في حديث طويل قال : الفيء ما كان من أموال لم يكن فيها من هراقة دم ، والأنفال مثل ذلك بمنزلته ، نعم الفيء قد يطلق على ما يعم الغنيمة والأنفال بل الخراج أيضا.

وأما تفسير آية الخمس فقال المحقق الأردبيلي قدس‌سره قال في مجمع البيان « اللغة » : الغنيمة ما أخذ من أموال الحرب من الكفار أي الذي أخذتموه من الكفار قهرا وفيهما قصور والمقصود أن المراد بها هنا غنائم دار الحرب التي هي أحد الأمور السبعة التي يجب فيها الخمس عند أكثر أصحابنا ، وهي غنيمة دار الحرب وأرباح التجارات والزراعات والصناعات بعد مؤنة السنة لأهله على الوجه المتعارف اللائق

٢٤٧

فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ » (١) فهو لله

من غير إسراف وتقتير والمعادن والكنوز وما يخرج بالغوص ، والحلال المختلط بالحرام مع جهل القدر والمالك ، وأرض الذمي إذا اشتراها من مسلم ، وضم الحلبي إليها الميراث والهبة والهدية والصدقة ، وأضاف الشيخ العسل الجبلي والمن وأضاف الفاضلان الصمغ وشبهه.

ومستحقه على المشهور أيضا المذكورون فيقسم ستة أقسام سهم الله وسهم رسوله للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكذا سهم ذي القربى يضعه حيث يشاء من المصالح ، وحال عدمه عليه‌السلام للإمام القائم مقامه والنصف الآخر للمذكورين من بني هاشم ، وذلك للروايات عن أهل البيت عليهم‌السلام

وذكر في ( ف ) و ( ى ) أيضا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : المراد أيتامنا ومساكيننا وأبناء سبيلنا ، وللخمس أحكام يعلم من الكتب الفرعية.

والذي ينبغي أن يذكر هنا مضمون الآية فهي تدل على وجوبه في غنائم دار الحرب مما يصدق عليه شيء أي شيء كان منقولا وغير منقول. قال في الكشاف : حتى الخيط والمخيط ، فإن المتبادر من الغنيمة هنا هي ذلك.

ويؤيده تفسير المفسرين به ، وكون ما قبل الآية وما بعدها في الحرب مثل « يَوْمَ الْفُرْقانِ » أي يوم حصل الفرق بين الحق والباطل فيه بأن غلب الحق عليه ، ويوم التقى الجمعان ، المسلمون والكفار والدلالة على الوجوب يفهم من وجوه التأكيد المذكورة فيها التصدير بالعلم ، وليس المراد العلم فقط بل العلم المقارن للعمل ، فإن مجرد العلم لا ينفع بل يصير وبالا عليه ، ومعلوم أن ليس المطلوب في مثل هذه الأمور العلم بها وهو ظاهر ، وتقييده بالإيمان أي إن كنتم آمنتم بالله وبما أنزل من الفتح والنصرة يوم الفرقان فاعلموا أن ما غنمتم فجزاؤه محذوف من جنس ما قبله بقرينته ولكن لا مجرد العلم بل المقارن للعمل كما مر فتأمل.

وذكر الجملة الخبرية وتكرار أن المؤكدة وحذف الجر لإفادته العموم ذكره ( ف ) حيث قال : « فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ » مبتدأ خبره محذوف ، تقديره فحق أو واجب

__________________

(١) سورة الأنفال : ٤٢.

٢٤٨

وللرسول ولقرابة الرسول فهذا هو الفيء الراجع وإنما يكون الراجع ما كان في يد غيرهم فأخذ منهم بالسيف وأما ما رجع إليهم من غير أن يوجف عليه « بخَيْلٍ

أن لله خمسه ، ويحتمل أن يكون خبر مبتدإ محذوف تقديره فالحكم أن لله ( إلخ ) على ما قيل ، بل هذا أولى ، والمجموع خبر أن الأولى وصح دخول الفاء في الخبر لكون الاسم موصولا.

ثم إنه يفهم سن ظاهر الآية وجوب الخمس في كل غنيمة وهو في اللغة بل العرف أيضا الفائدة ، ويشعر به بعض الأخبار مثل ما روي في التهذيب بإسناده عن أبي عبد الله قال : قلت له : « وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ » الآية قال : هي والله الفائدة يوما فيوما إلا أن أبي جعل شيعتنا من ذلك في حل ليزكوا ، إلا أن الظاهر أنه لا قائل به ، فإن بعض العلماء يجعلونه مخصوصا بغنائم دار الحرب كما عرفت ، وبعضهم ضموا إليه المعادن والكنوز وبعض أصحابنا يحصره في السبعة المذكورة ، وقليل منهم أضاف إليها بعض الأمور الأخر كما أشرنا إليه.

ثم قال (ره) : نعم قال في مجمع البيان بعد ما نقلنا منه في الغنيمة موافقا لجمهور المفسرين أن معناه في اللغة ذلك ، قال بعض أصحابنا : إن الخمس واجب في كل فائدة تحصل للإنسان من المكاسب وأرباح التجارات ، وفي الكنوز والمعادن والغوص وغير ذلك مما هو مذكور في الكتب.

ويمكن أن يستدل على ذلك بهذه الآية فإن في عرف اللغة يطلق على جميع ذلك اسم الغنم والغنيمة ، والظاهر أن مراده ما ذهب إليه أكثر الأصحاب من الأمور السبعة فإنه نسبه إلى أصحابنا والظاهر منه الجميع أو الأكثر ، وليس وجوبه في كل فائدة قولا لأحد منهم على الظاهر ، وأيضا قال مذكور في الكتب وليس ذلك مذكورا في الكتب ، فكأنه أشار إلى إمكان الاستدلال لمذهب الأصحاب بالآية الشريفة إلزاما للعامة فإنهم يخصونه بغنائم دار الحرب وذلك غير جيد ، انتهى.

٢٤٩

وَلا رِكابٍ » فهو الأنفال هو لله وللرسول خاصة ليس لأحد فيه الشركة وإنما جعل

قوله : فهو الأنفال ، إشارة إلى قوله تعالى : « يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ » وإلى قوله سبحانه : « وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا » (١) وقالوا : الأنفال جمع نفل وهو الزيادة على الشيء ، وقيل : العطية واختلف المفسرون هيهنا فأكثرهم على أنها في غنائم بدر ، قال في مجمع البيان : فقيل : هي الغنائم التي قسمها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم بدر ، وقيل : هي أنفال السرايا ، وقيل ما وصل من المشركين إلى المسلمين بغير قتال أو ما أشبه ذلك عن عطاء قال : هو للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصة يعمل به ما شاء ، وقيل : هو ما سقط من المتاع بعد قسمة الغنائم من الفرس والدرع والرمح عن ابن عباس في رواية ، وروى عنه أيضا أنه سلب الرجل وفرسه ينفل النبي من شاء ، وقيل : هو الخمس الذي جعله الله لأهل الخمس ، وصحت الرواية عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قالا : إن الأنفال كل ما أخذ من دار الحرب بغير قتال ، وكل أرض انجلى عنها أهلها بغير قتال ، ويسميها الفقهاء فيئا ، وميراث من لا وارث له ، وقطائع الملوك إذا كانت في أيديهم بغير غصب ، والآجام وبطون الأودية والأرضون الموات وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه وقال : هي لله وللرسول وبعده لمن قام مقامه يصرفه حيث شاء من مصالح نفسه ليس لأحد فيه شيء ، وقالا : إن غنائم بدر كانت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة فسألوه أن يعطيهم وقد صح أن قراءة أهل البيت عليهم‌السلام « يسألونك الأنفال » قال : إنه قرأ كذلك ابن مسعود وسعد ابن أبي وقاص وعلي بن الحسين وأبو جعفر وأبو عبد الله عليهم‌السلام ثم قال : فقال هؤلاء : إن أصحابه سألوه أن يقسم غنيمة بدر بينهم وأعلمهم الله أن ذلك لله وللرسول وليس

__________________

(١) سورة الحشر : ٦ ـ ٧.

٢٥٠

الشركة في شيء قوتل عليه فجعل لمن قاتل من الغنائم أربعة أسهم وللرسول سهم

لهم في ذلك شيء ، وروي ذلك عن ابن عباس وغيره ، وقالوا : إن عن صلة ومعناه يسألونك الأنفال أن تعطيهم ، انتهى.

وذهب جماعة من المفسرين إلى أن الآية منسوخة بآية الخمس ، وقيل : لا ، وفي مجمع البيان اختار الثاني ، وقال : هو الصحيح لأن النسخ يحتاج إلى دليل ولا تنافي بين هذه الآية وآية الخمس.

قال العلامة قدس‌سره إن الغنيمة كانت محرمة فيما تقدم من الأديان وكانوا يجمعون الغنيمة فينزل النار من السماء فتأكلها ، فلما أرسل الله تعالى محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنعم بها عليه فجعلها له خاصة قال الله تعالى : « يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ » فقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : أحل لي الخمس لم يحل لأحد قبلي وجعلت لي الغنائم وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان مختصا بالغنائم لقوله تعالى : « يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ » الآية ، نزلت يوم بدر لما تنازعوا في الغنائم فلما نزلت قسمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأدخل معهم جماعة لم يحضروا الواقعة لأنها كانت له عليه‌السلام يضع بها ما يشاء ، ثم نسخ ذلك وجعل للغانمين خاصة أربعة أخماسها والخمس الباقي لمستحقيه قال الله تعالى : « اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ » (١) الآية فأضاف الغنيمة إليهم ، وجعل الخمس للأصناف التي عددا المغايرين للغانمين ، فدل على أن الباقي لهم ، انتهى.

وأما الآيتان المتقدمتان الواردتان في الفيء فقال الطبرسي (ره) : قال ابن عباس نزل قوله : « ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى » في أموال كفار أهل القرى وهم بنو قريظة وبنوا النضير وهما بالمدينة وفدك فهي من المدينة على ثلاثة أميال ، وخيبر وقرى عرينة وينبع جعلها الله لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحكم فيها ما أراد وأخبر أنها كلها له ، فقال أناس : فهلا قسمتها فنزلت الآية ، وقيل : إن الآية الأولى

__________________

(١) سورة الأنفال : ٤١.

٢٥١

بيان أموال بني النضير خاصة لقوله : « وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ » والآية الثانية بيان للأموال التي أصيبت بغير قتال ، وقيل : إنهما واحد ، والآية الثانية بيان قسم المال التي ذكرها الله في الآية الأولى.

ثم قال : ثم بين سبحانه حال أموال بني النضير فقال : « وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ » أي من اليهود الذين أجلاهم وإن كان الحكم ساريا في جميع الكفار الذين حكمهم حكمهم « فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ » الإيجاف الإيضاع وهو تسيير الخيل أو الركاب من وجف يجف وجيفا وهو تحرك باضطراب فالإيجاف الإزعاج للسير والركاب الإبل واحدتها راحلة ، وقيل : الإيجاف في الخيل والإيضاع في الإبل ، والمعنى لم تسيروا إليها على خيل ولا إبل ، وإنما كانت ناحية من نواحي المدينة مشيتم إليها مشيا.

وقوله : « عَلَيْهِ » أي على ما أفاء الله « وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ » أي يمكنهم من عدوهم من غير قتال بأن يقذف الرعب في قلوبهم.

ثم ذكر حكم الفيء فقال : « ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى » أي من أموال كفار أهل القرى فلله يأمركم فيه بما أحب وللرسول بتمليك الله إياه ، ولذي القربى يعني أهل بيت رسول الله وقرابته وهم بنو هاشم ، واليتامى والمساكين وابن السبيل منهم ، لأن التقدير ولذوي قرباه ويتامى أهل بيته ومساكينهم وابن السبيل منهم.

ثم قال : وفي هذه الآية إشارة إلى أن تدبير الأمة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإلى الأئمة القائمين مقامه ، ولهذا قسم رسول الله أموال خيبر ومن عليهم في رقابهم وأجلي بني النضير وبني قينقاع وأعطاهم شيئا من المال ، وقتل رجال بني قريظة وسبي ذراريهم ونسائهم وقسم أموالهم على المهاجرين ومن على أهل مكة ، انتهى.

وقال المحقق الأردبيلي قدس‌سره في تفسير آيات الأحكام : المشهور بين الفقهاء أن الفيء له صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم للقائم مقامه كما هو ظاهر الأولى ، والثانية تدل على أنه

٢٥٢

والذي للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يقسمه على ستة أسهم ثلاثة له وثلاثة لليتامى والمساكين وابن السبيل وأما الأنفال فليس هذه سبيلها كان للرسول عليه‌السلام خاصة وكانت فدك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله فتحها وأمير المؤمنين عليه‌السلام لم يكن معهما أحد فزال عنها اسم الفيء ولزمها اسم الأنفال وكذلك الآجام والمعادن والبحار والمفاوز هي للإمام خاصة فإن عمل فيها قوم بإذن الإمام فلهم أربعة أخماس وللإمام خمس والذي للإمام يجري مجرى الخمس ومن عمل فيها بغير إذن الإمام فالإمام يأخذه كله

يقسم كالخمس فإما أن يجعل هذا فيئا خاصا كان حكمه كذا أو منسوخا أو يكون تفضلا منه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وقال (ره) أيضا في بعض فوائده بعد احتمال كون المراد بالفيء الغنيمة :فكانت تقسم كذلك ثم نسخ بآية الخمس ، ويحتمل أن يراد بالفيء ما هو المخصوص به صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما كان الخمس بيده ويتصرف فيه فأمره إليه إن كان ناقصا كمله من عنده وإن كان فاضلا يكون له ، فيمكن أن يسمى الخمس بالفيء ، ويحتمل أن يكون المراد : وما أفاء الله على رسوله بالقتال والحرب فلله خمسه وللرسول ، كآية الغنيمة وحذف خمسه للظهور وإطلاق الفيء على الغنيمة موجود ، انتهى.

وكان الكليني قدس الله روحه حمل الآية الثانية على الغنيمة أو خمسها.

قوله : يقسمه ستة أسهم ، هذا هو المشهور بين الأصحاب بل كاد أن يكون إجماعا ، والقول بتخميس القسمة ضعيف غير معلوم القائل ، وفي القاموس : فدك قرية بخيبر.

واعلم أن المشهور بين الأصحاب أن الأنفال كل أرض موات سواء ماتت بعد الملك أم لا ، وكل أرض أخذت من الكفار من غير قتال سواء انجلى أهلها أو سلموها طوعا ، ورؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام ، وظاهر الأكثر اختصاص هذه الثلاثة بالإمام عليه‌السلام من غير تقييد ، وقال ابن إدريس : ورؤوس الجبال وبطون الأودية التي في ملكه وأما ما كان من ذلك في أرض المسلمين ويد مسلم عليه فلا يستحقه عليه‌السلام ، ومن الأنفال صفايا الملوك وقطائعهم ، وعد جماعة منهم الشيخان والمرتضى من الأنفال

٢٥٣

ليس لأحد فيه شيء وكذلك من عمر شيئا أو أجرى قناة أو عمل في أرض خراب بغير إذن صاحب الأرض فليس له ذلك فإن شاء أخذها منه كلها وإن شاء تركها في يده

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس قال سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول نحن والله الذين عنى الله بذي القربى الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال « ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ » (١) منا خاصة ولم يجعل لنا سهما في الصدقة أكرم الله نبيه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس.

غنيمة من قاتل بغير إذن الإمام عليه‌السلام وادعى ابن إدريس الإجماع عليه ، ومن الأنفال ميراث من لا وارث له ، وعد الشيخان المعادن من الأنفال وهو قول المصنف وشيخه علي بن إبراهيم وسلار واستوجه المحقق عدم اختصاص ما يكون في أرض لا يختص بالإمام ، وحكي عن المفيد أنه عد البحار أيضا من الأنفال كما ذكره المصنف ، ولم نعرف لذلك مستندا والمراد بالمفاوز الأراضي الميتة كما عرفت.

قوله : بغير إذن صاحب الأرض ، أي الإمام عليه‌السلام أو المالك السابق ، والمشهور أنه يجوز التصرف في أراضي الأنفال في غيبة الإمام عليه‌السلام للشيعة ، وليس عليهم شيء سوى الزكاة في حاصلها ، وبعد ظهوره عليه‌السلام يبقيها في أيديهم ويأخذ منهم الخراج ، وأما غيرهم من المسلمين فيجوز لهم التصرف في حال حضوره بإذنه ، وعليهم طسقها لا في حال غيبته ، فإن حاصلها حرام عليهم وهو يأخذها منهم ويخرجهم صاغرين ، وأما الكفار فلا يجوز لهم التصرف فيها لا في حضوره ولا في غيبته ، ولو أذن لهم عند الأكثر ، خلافا للمحقق والشيخ علي في الأخير ، مع الإذن وللشهيد في الأول.

الحديث الأول : مختلف فيه.

وكأنه عليه‌السلام حمله على الخمس كما عرفت ، ولم يذكر ابن السبيل لظهوره أو سقط من الرواة « ولم يجعل لنا » أي لبني هاشم والمراد بالصدقة الواجبة على المشهور.

__________________

(١) سورة الحشر : ٧.

٢٥٤

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تعالى : « وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى » قال هم قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والخمس لله وللرسول ولنا.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال الأنفال ما لم يوجف عليه « بخَيْلٍ وَلا رِكابٍ » أو قوم صالحوا أو قوم أعطوا بأيديهم وكل أرض خربة وبطون الأودية فهو لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء.

٤ ـ علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن العبد الصالح عليه‌السلام قال الخمس من خمسة أشياء من الغنائم والغوص

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور « ولنا » أي لبني هاشم ، أو للأوصياء لأن لهم التصرف في الخمس وسائر الأصناف هم عيال الإمام يعطيهم على وجه النفقة.

الحديث الثالث : حسن.

« أو قوم صالحوا » قيل : أي صالحوا على ترك القتال بالانجلاء عنها أو أعطوها بأيديهم وسلموها طوعا ولو صالحوا على أنها لهم فهي لهم وللمسلمين ولهم السكنى وعليهم الجزية فالعامر للمسلمين قاطبة والموات للإمام عليه‌السلام ويمكن حمله على أن يكونوا صالحوا أن يكون الأرض للإمام عليه‌السلام و كل أرض خربة ترك أهلها أو هلكوا وسواء كانوا مسلمين أو كفارا ، وكذا مطلق الموات التي لم يكن لها مالك ، والمرجع فيها وفي بطون الأودية إلى العرف كما ذكره الأصحاب ويتبعهما كل ما فيها من شجر ومعدن وغيرهما.

الحديث الرابع : مرسل كالحسن لإجماع العصابة على تصحيح ما يصح عن حماد.

قوله : من خمسة أشياء ، أقول : عدم ذكر خمس أرباح التجارات ونحوها

٢٥٥

إما لدخولها في الغنائم كما يدل عليه بعض الأخبار أو لاختصاصه بالإمام عليه‌السلام كما ذهب إليه بعض المحققين ، وقيل : اللام في الخمس للعهد الخارجي أي الخمس الذي قبل وضع نفقة السنة للعامل ، ثم المشهور بين الأصحاب وجوب الخمس في غنائم دار الحرب حواها العسكر أم لا ، إذا لم يكن مغصوبا ، وفي المعادن كالذهب والفضة والرصاص والياقوت والزبرجد والكحل والعنبر والقير والنفط والكبريت بعد المئونة.

واختلفوا في اعتبار النصاب فذهب جماعة كثيرة إلى عدم اعتبار النصاب حتى نقل ابن إدريس عليه الإجماع واعتبر أبو الصلاح بلوغ قيمته دينارا واحدا ، وقال الشيخ في « يه » إن نصابه عشرون دينارا واختاره أكثر المتأخرين وهو أقوى ، ويجب الخمس أيضا في الكنوز المأخوذة في دار الحرب مطلقا سواء كان عليه أثر الإسلام أم لا ، وفي دار الإسلام أم لا ، أو في دار الإسلام وليس عليه أثره والباقي له ، والمراد بالكنز المال المذخور تحت الأرض ، وقطعوا بأن النصاب معتبر فيه ، فقيل : في الذهب عشرون مثقالا وفي الفضة مائتا درهم ، وما عداهما يعتبر قيمته بأحدهما ، وجماعة من الأصحاب اقتصروا على ذكر نصاب الذهب ولعله على التمثيل.

ويجب الخمس في الغوص كالجوهر والدر واختلفوا في نصابه ، فالأكثر على أنه دينار واحد وقيل : عشرون دينارا ، والأول أظهر.

والمشهور بين الأصحاب وجوب الخمس فيما يفضل عن مئونة سنة له ولعياله من أرباح التجارات والصناعات والزراعات ، ونسبه في المنتهى إلى علمائنا أجمع ، والمستفاد من كثير من الأخبار أنه مختص بالإمام ٧ ، والقول به غير معروف بين المتأخرين ، لكن لا يبعد أن يقال كلام ابن الجنيد ناظر إليه ، وأنه مذهب القدماء والأخباريين ، وقال أبو الصلاح : يجب في الميراث والهبة والهدية أيضا ، وكثير من الأخبار الدالة على الخمس في هذا النوع شامل بعمومها للكل ، وذكر الشيخ ومن تبعه وجوب الخمس في أرض الذمي إذا اشتراها من مسلم ونفاه بعضهم.

٢٥٦

ومن الكنوز ومن المعادن والملاحة يؤخذ من كل هذه الصنوف الخمس فيجعل لمن جعله الله تعالى له ويقسم الأربعة الأخماس بين من قاتل عليه وولي ذلك ويقسم بينهم الخمس على ستة أسهم سهم لله وسهم لرسول الله وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل.

فسهم الله وسهم رسول الله لأولي الأمر من بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وراثة فله ثلاثة أسهم سهمان وراثة وسهم مقسوم له من الله وله نصف الخمس كملا ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته فسهم ليتاماهم وسهم لمساكينهم وسهم لأبناء سبيلهم يقسم بينهم على الكتاب والسنة ما يستغنون به في سنتهم فإن فضل عنهم شيء فهو للوالي

وذكروا أيضا الخمس في الحلال المختلط بالحرام إذا لم يعلم صاحبه ومقداره ، واختلفوا في أن مصرفه مصرف الخمس أو الصدقات أو الأعم.

والملاحة بفتح الميم وتشديد اللام ما يخلق فيه الملح ، وإنما أفردت بالذكر مع كونها من المعادن لأن بعض الناس لا يعدها منها لابتذالها ، فهو من قبيل ذكر الخاص بعد العام ، و قوله عليه‌السلام : بين من قاتل عليه ، ناظر إلى الغنائم ، و « ولي ذلك » إلى ما عداها ، وضمير بينهم راجع إلى من في قوله فيجعل ، وجمع الضمير باعتبار المعنى.

ثم اعلم أن الآية الشريفة إنما تضمنت ذكر مصرف الغنائم خاصة لكن اشتهر بين الأصحاب الحكم بتساوي الأنواع في المصرف ، بل ظاهر المنتهى والتذكرة أن ذلك متفق عليه بين الأصحاب ، وقد عرفت أن ظاهر جمع من الأصحاب خروج خمس الأرباح من هذا الحكم واختصاصه بالإمام عليه‌السلام ، ولا يخلو من قوة ، وإن كان ظاهر بعض الأخبار أنها داخلة في الآية الكريمة ، وأما المعدن والكنز والغوص فقيها إشكال ، وفي القول بأن جميعها له عليه‌السلام [ قوة ] وهو يناسب القول بكون مطلق المعادن والبحار له عليه‌السلام ، وظاهر الكليني (ره) أنه جعلها من الأنفال ، ومع ذلك قال بالقسمة بمعنى أن الإمام أعطى العاملين. أربعة أخماسها وينفق على سائر الأصناف لأنهم عياله بقرينة أن الزائد له ، وهذا وجه قريب.

٢٥٧

وإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به وإنما صار عليه أن يمونهم لأن له ما فضل عنهم.

وإنما جعل الله هذا الخمس خاصة لهم دون مساكين الناس وأبناء سبيلهم عوضا لهم من صدقات الناس تنزيها من الله لهم لقرابتهم برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكرامة من الله لهم عن أوساخ الناس فجعل لهم خاصة من عنده ما يغنيهم به عن أن يصيرهم في موضع الذل والمسكنة ولا بأس بصدقات بعضهم على بعض وهؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الذين ذكرهم الله فقال « وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ

قوله عليه‌السلام : فإن فضل عنهم شيء « إلخ » هذا هو المشهور بين الأصحاب ، وخالف فيه ابن إدريس فقال : لا يجوز له أن يأخذ فاضل نصيبهم ، ولا يجب عليه إكمال ما نقص لهم ، وتوقف فيه العلامة في المختلف.

« وإن عجز أو نقص » كان الفرق بينهما أن العجز عدم قابليته للقسمة وعدم وفاء الأقسام بقدر استغنائهم ، ويحتمل أن يكون الشك من الراوي ، وقوله : يمونهم ، أي ينفق عليهم إشارة إلى أنهم عياله ، ولذا كان له ما فضل عنهم ، ويدل على أنه لا يجوز أن يعطى كل منهم أكثر من قوت السنة كما هو المشهور ، وقيل : يجوز أن يعطي الزائد دفعة كالزكاة ، ثم اختلفوا في جواز تخصيص النصف الذي لغير الإمام بطائفة من الطوائف الثلاث والمشهور الجواز ، وظاهر الشيخ في « ط » المنع كما هو ظاهر الخبر.

قوله عليه‌السلام : كرامة من الله لهم ، أي تكريما من عنده ، ولعل الفرق أن الزكاة يخرج من المال لتطهيره ولدفع البلايا عن النفس والمال بخلاف الخمس فإنه حق في أصل المال أشرك الله تعالى نفسه فيه لئلا يتوهم أن في أخذه غضاضة كما في الزكاة ، بل يمكن أن يقال : أن أصل المال كله للإمام خلقه الله له وما يعطيه غيره من مواليه وشركائه في الخمس من منه عليهم ، ونفقة ينفقها عليهم لأنهم من أقاربه وأتباعه ومواليه وأعوانه على دين الله كما مر من المصنف الإشارة إليه.

٢٥٨

الْأَقْرَبِينَ » (١) وهم بنو عبد المطلب أنفسهم الذكر منهم والأنثى ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ولا من العرب أحد ولا فيهم ولا منهم في هذا الخمس من مواليهم وقد تحل صدقات الناس لمواليهم وهم والناس سواء ومن كانت أمه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش.

قوله عليه‌السلام : هم بنو عبد المطلب ، لأن ولد هاشم انحصر في ولد عبد المطلب وكان لعبد المطلب عشرة من الأولاد لم يبق منهم ولد إلا من خمسة عبد الله ، وأبي طالب ، والعباس والحارث ، وأبي لهب ، ولم يبق لعبد الله ولد إلا من ولد أبي طالب فاتحدا في النسب وعمدة بني هاشم منهم والثلاثة الأخيرة إن عرف نسبهم اليوم فهم في غاية الندرة ، و قوله : أنفسهم ، أي لا مواليهم.

وفي القاموس : البيت من الشعر والمدر معروف ، والجمع أبيات وبيوت ، وجمع الجمع أبابيت وبيوتات وأبياوات ، انتهى.

وقريش هم الذين انتسبوا إلى النضر بن كنانة ، وفي المصباح : قريش هو النضر بن كنانة ومن لم يلده فليس بقريش ، وقيل : قريش هو فهر بن مالك ومن لم يلده فليس من قريش ، وأصل القرش الجمع ، قوله : من مواليهم ، أي أحد من مواليهم ، وفي بعض النسخ كما في التهذيب مواليهم بدون من فهو مبتدأ ولا فيهم خبره قدم عليه ، أي ليس داخلا فيهم حقيقة « ولا منهم » أي ليس معدودا منهم ومنسوبا إليهم ، والموالي من أعتقهم قريش أو من نزل فيهم وصار حليفا لهم وعد منهم بالولاء.

« ومن كانت أمه من بني هاشم » يدل على ما هو المشهور من اشتراط كون الانتساب بالأب ، وخالف في ذلك السيد رضي‌الله‌عنه وبعض الأصحاب ، ويدل عليه أخبار كثيرة ، ويمكن حمل هذا الخبر على التقية وإن كان فيه كثير مما يخالف العامة.

__________________

(١) سورة الشعراء : ٢١٤.

٢٥٩

فإن الصدقات تحل له وليس له من الخمس شيء لأن الله تعالى يقول « ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ » (١) وللإمام صفو المال أن يأخذ من هذه الأموال صفوها الجارية الفارهة والدابة الفارهة والثوب والمتاع بما يحب أو يشتهي فذلك له قبل القسمة وقبل إخراج الخمس وله أن يسد بذلك المال جميع ما ينوبه من مثل إعطاء المؤلفة قلوبهم وغير ذلك مما ينوبه فإن بقي بعد ذلك شيء أخرج الخمس منه

« ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ » فيه دلالة على أن المدار في النسب على الأب للتخصيص به في مقام ذكر النسب الحقيقي مع قوله « فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ » ولم يجوز الانتساب إلى الأم ، ويشكل بأن الكلام لما كان في المتبني وأنه ليس باب حقيقة ، فذكر الأب لا يدل على عدم الانتساب إلى الأم مع أنه لا ريب في كون الولد ولدا للأم وإنما الكلام في الانتساب إلى الجد الأمي ، ولعل وهن الدليل ظاهرا مما يؤيد صدور الحكم تقية.

والصفو بالفتح الجيد المختار وأن يأخذ بدله ، والمراد بهذه الأموال الغنائم ، والجارية بدل تفصيل لصفوها ، و الفارهة المليحة الحسناء ، والدابة الفارهة الحاذقة النشيطة الحادة القوية وقد فره بالضم يفره فهو فاره وهو نادر مثل حامض ، وقياسهما فرية وحميض مثل صفر فهو صفير وملح فهو مليح ، ويقال للبرذون والبغل والحمار فاره بين الفروهة والفراهة والفراهية.

قوله عليه‌السلام : بما يحب ، كان الباء للمصاحبة ، أي مع ما يحب ويشتهي من غيرها ، أو سببية وما مصدرية ، وقيل : المتاع بالفتح اسم التمتع أي الانتفاع وهو مرفوع بالعطف على صفو المال ، والظرف متعلق بالمتاع ، أقول : وفي التهذيب مما يجب ، فلا يحتاج إلى تكلف ، والفرق بين الحب والاشتهاء أن الأول أقوى من الثاني ، أو الأول ما يكون لرعاية مصلحة والثاني ما يكون لمحض شهوة النفس ، أو الترديد من الراوي ، وقيد بعض الأصحاب الحكم بعدم الإجحاف ، وظاهر الخبر ينفيه.

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٥.

٢٦٠