مرآة العقول الجزء ٦

مرآة العقول13%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 293

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 293 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 4717 / تحميل: 7246
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

اعلم أنّ العلماء اختلفوا في هذه المسألة على قولين :

الأوّل : أنّ الله تعالى قادر بالمعنى المذكور. وهو مختار المصنّف وسائر المتكلّمين ، بل قاطبة الملّيّين.(١)

الثاني : أنّ الله تعالى فاعل على وجه الإيجاب ، بمعنى امتناع انفكاك ذاته تعالى عن إيجاد العالم مطلقا في الأزل ؛ لوجوب إيجاد العالم مع اعتبار الإرادة التي هي عين الذات وإن أمكن إيجاده وعدم إيجاده بالنسبة إلى الذات بدون اعتبار الإرادة ، فيكون الإيجاب بمعنى الموجبيّة بكسر الجيم. وهو مختار الحكماء ،(٢) مع احتمال القول بالموجبيّة بفتح الجيم ، فقد قال الشارح القوشجي : « ذهب الملّيّون قاطبة إلى أنّ تأثير الواجب تعالى في العالم بالقدرة والاختيار على معنى أنّه يصحّ منه فعل العالم وتركه. وذهب الفلاسفة إلى أنّ تأثيره تعالى فيه بالإيجاب ».(٣)

نعم ، أفاد الفاضل اللاهيجي أنّ الإيجاب الذي قال به الحكماء هو بمعنى دوام الفعل وقدم الأثر بسبب دوام المبادئ ، كالعلم والإرادة. وأمّا الإيجاب بمعنى عدم إمكان الترك عنه تعالى بالنظر إلى ذاته تعالى فلم يقل به أحد ،(٤) بمعنى أنّ الكلام في عدم الإمكان الوقوعي لانفكاك الفعل ، لا الإمكان الذاتي ، فيكون النزاع في ثبوت الموجبيّة بكسر الجيم دائما كما يقول الحكماء ، وعدمه كما هو مختار المتكلّمين ، لا الموجبيّة بفتح الجيم. وأمّا الموجبيّة ـ بكسر الجيم ـ في وقت ما كما اختاره المصنّف(٥) ومن يحذو

__________________

(١) « المغني » ٥ : ٢٠٤ ؛ « شرح الأصول الخمسة » : ١٥١ ؛ « المحصّل » : ٣٧٢ ـ ٣٧٤ ؛ « المطالب العالية » ٣ : ٩ ؛ « نقد المحصّل » : ٢٦٩ ـ ٢٧٧ ؛ « قواعد المرام » : ٨٢ ـ ٨٥ ؛ « مناهج اليقين » : ١٦٠ ـ ١٦٤ ؛ « إرشاد الطالبين » : ١٨٢ ـ ١٨٧.

(٢) انظر المصادر السابقة مضافا إلى « الشفاء » الإلهيات : ١٧٠ ـ ١٨٥ ؛ « التعليقات » : ١٩ ـ ٢٠ ؛ « التحصيل » : ٤٧٣ ؛ « المباحث المشرقية » ٢ : ٥١٧ ؛ « الأسفار الأربعة » ٤ : ١١١ ـ ١١٣ ؛ « شرح المنظومة » قسم الحكمة : ١٧٧ ـ ١٧٨.

(٣) « شرح تجريد العقائد » : ٣١٠.

(٤) « شوارق الإلهام » : ٥٠٢.

(٥) « كشف المراد » ٣٠٥ و ٣٤٣ ـ ٣٤٤ ؛ « شوارق الإلهام » ٥٠٣.

٦١

حذوه ،(١) وعدمها كما عن الأشاعرة ،(٢) فهي محلّ نزاع آخر بين المتكلّمين والملّيّين.

والحقّ مع المتكلّمين والملّيّين.

لنا على ذلك برهانان منحلاّن إلى براهين عقليّة ونقليّة.

أمّا البرهان العقلي ، فأمور :

منها : ما أشار إليه المصنّفرحمه‌الله بقوله :( وجود العالم بعد عدمه ينفي الإيجاب ) بمعنى أنّه إن كان تأثير الواجب بالذات في وجود العالم بعد العدم بعديّة حقيقيّة لا على وجه القدم ، لما كان على وجه الإيجاب ، ولكن تأثيره تعالى فيه بعد العدم بعديّة حقيقيّة لا على وجه القدم ، فلا يكون على وجه الإيجاب ، بل يكون على وجه القدرة والاختيار ، فيكون صاحب القدرة ومختارا ، لا موجبا.

أمّا الملازمة : فلما أفاد الخفري من أنّ المناسب في هذا الكتاب(٣) أن يفسّر الإيجاب المذكور هاهنا بامتناع انفكاك ذاته تعالى عن إيجاد العالم مطلقا في الأزل ،(٤) فلو كان تأثيره تعالى في وجود العالم على وجه الإيجاب لزم قدم العالم بالضرورة ، وهو مناف لكون تأثيره تعالى فيه بعد العدم لا على وجه القدم بالضرورة ، فثبوت أحد المتنافيين ينفي ثبوت الآخر ؛ لاستحالة اجتماع النقيضين بالبديهة ،

__________________

(١) انظر : « شرح الأصول الخمسة » ١٣١ ـ ١٤٤ و ٣٠١ وما بعدها ؛ « المغني » ٦ : ٣ وما بعدها و ١٧٧ وما بعدها ؛ « نهج الحقّ وكشف الصدق » : ٨٥ ـ ٨٨ ؛ « مناهج اليقين » : ٢٤٣ ـ ٢٤٤ ؛ « إرشاد الطالبين » : ٢٦٠ ـ ٢٦٣ ؛ « شوارق الإلهام » : ٥٠٣.

(٢) « شرح المواقف » ٨ : ١٩٥ ـ ٢٠٢ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٢٩٦ ـ ٣٠٦ و ٣٢١ و ٣٣٤ ؛ « مفتاح الباب » ١٦٧ ؛ « شوارق الإلهام » ٥٠٣.

(٣) يعني إذا كان وجوب الفعل عنه تعالى مع ضمّ العلم والإرادة متّفقا عليه بين المصنّف ومن يحذو حذوه وبين الحكماء وإن اختلفوا في أنّ الوجوب على وجه الدوام أو في وقت ما وكان عدم الوجوب بدون الانضمام أيضا متّفقا عليه بينهما ، ينبغي أن يفسّر الإيجاب بامتناع الانفكاك في الأزل ؛ لتعلّق علمه وإرادته ، فإذا ثبت حدوث العالم انتفى هذا الإيجاب بالضرورة ، فلا حاجة إلى الاستدلال الذي ذكره الشارح القوشجي.

نعم ، من أراد نفي الإيجاب بمعنى امتناع انفكاك الفعل عنه تعالى بالنظر إلى الذات يحتاج إليه. ( منه ).

(٤) « حاشية الخفري على إلهيات شرح القوشجي » الورق ٤ من المخطوطة.

٦٢

فيكون التأثير بعد العدم نافيا للإيجاب بمعنى وجوب صدور الفعل عنه تعالى دائما كما اختاره الحكماء ،(١) لا في وقت.

وقال الشارح القوشجي : « إنّ تأثيره تعالى في وجود العالم إن كان بالإيجاب يلزم قدمه ؛ إذ لو كان حادثا لتوقّف على شرط حادث لئلاّ يلزم التخلّف عن الموجب التامّ ، وذلك الشرط الحادث يتوقّف على شرط حادث آخر ، ويلزم التسلسل في الشروط الحادثة متعاقبة أو مجتمعة ، وكلاهما محال على زعم المصنّف وسائر المتكلّمين على ما مرّ في مبحث إبطال التسلسل ، فتأمّل ».(٢)

وبالجملة ، فالعقل يحكم ـ بالضرورة ـ بأنّ كون تأثير الواجب تعالى في العالم بعد العدم بعديّة حقيقيّة ينفي ما ذهب إليه الحكماء من أنّ مبادئ الأفعال الاختياريّة من العلم والقدرة والإرادة والمشيئة حاصلة له تعالى دائما ؛ لعينيّة صفاته تعالى ، فيكون الفعل أيضا دائما على وجه الإيجاب بالاختيار مع صحّة تركه عنه تعالى بالنظر إلى ذاته من دون انضمام تلك المبادئ ، وأولى منه القول بالإيجاب الاضطراري. مع أنّ الفاضل اللاهيجيّ قال : « لم يقل به أحد بناء على أنّ الكلام في الإمكان الوقوعي بالنسبة إلى الترك ، لا الذاتيّ ».(٣)

وأمّا الحمليّة : (٤) فلما تقدّم من أنّ العالم حادث ، وعدمه مقدّم على وجوده ، ولا شكّ أنّ تقدّم العدم على الوجود ليس ذاتيّا ولا طبيعيّا ؛(٥) إذ ليس لوجوده توقّف على عدمه حتّى يكون للعدم تقدّم ذاتيّ أو طبيعيّ ،(٦) وظاهر أنّه لا يتصوّر هاهنا

__________________

(١) انظر : « المغني » ٥ : ٢٠٤ ؛ « شرح الأصول الخمسة » : ١٥١ ؛ « المحصّل » : ٣٧٢ ـ ٣٧٤ ؛ « المطالب العالية » ٣ : ٩ ؛ « نقد المحصّل » : ٣٧٢ ـ ٣٧٤ ؛ « مناهج اليقين » : ١٦٠ ـ ١٦٤ ؛ « شوارق الإلهام » : ٥٠٢.

(٢) « شرح تجريد العقائد » : ٣١٠.

(٣) « شوارق الإلهام » : ٥٠٢.

(٤) المراد بها استثناء المقدّم.

(٥) كذا في النسخ والصحيح : « طبعيّا » و « طبعيّ ».

(٦) كذا في النسخ والصحيح : « طبعيّا » و « طبعيّ ».

٦٣

من أقسام التقدّم سوى نحو الزمانيّ ، أو ما يشبه التقدّم بالذات ، بمعنى أنّ العدم يكون متحقّقا مع المتقدّم بالذات من غير أن يكون له ذات وزمان حتّى يكون متقدّما بالذات ، أو بالطبع ، أو بالزمان ، بل يكون متحقّقا مع الواجب بالذات المتقدّم ، وبهذا الاعتبار أطلق عليه المتقدّم ، فيكون العالم حادثا بهذا النحو ، كما دلّ عليه العقل كما مرّ.

مضافا إلى إجماع الملّيّين ، والحديث المشهور : « كان الله ولم يكن معه شيء »(١) والقدسيّ « كنت كنزا مخفيّا فأحببت أن أعرف ، فخلقت الخلق لكي أعرف »(٢) ونحو ذلك من الأدلّة النقليّة المطابقة للعقل كما في دعاء العديلة « وجوده قبل القبل في أزل الآزال ، وبقاؤه بعد البعد من غير انتقال ولا زوال ».(٣)

ثمّ اعلم أنّه بيّن الفاضل المقدّس الأردبيليّ مراد المصنّف بوجه آخر ؛ حيث قال :

« واستدلّ المصنّفرحمه‌الله على ثبوته ـ يعني الاختيار ـ بالمعنى الأوّل ـ يعني أنّه يصحّ منه إيجاد العالم وتركه بالقصد ، فليس شيء منهما لازما لذاته ـ بأنّه لا شكّ في أنّ العالم ـ أي الشيء الذي غير الله مطلقا ـ حادث ، يعني : هاهنا مصنوع موجود حادث ، وذلك مستلزم للمطلوب ؛ إذ لا بدّ له من علّة مؤثّرة ، موجودة ، مستجمعة لشرائط التأثير ، موجبة ، فإن كانت موجبة بالمعنى المتقدّم أو منتهية إليها ، يلزم قدم الحادث ، وهو خلف ، وإلاّ فننقل الكلام إلى ذلك المؤثّر وهكذا ، فإمّا أن يلزم قدم الحادث ، أو يوجد مؤثّرات غير منتهية ، مجتمعة في الوجود ، وهو محال بالاتّفاق

__________________

(١) « التوحيد » : ٦٧ ، باب التوحيد ونفي التشبيه ، ح ٢٠ ؛ « صحيح البخاريّ » ٣ : ١١٦٦ ؛ « بحار الأنوار » ٥٤ : ١٦٨ / ١٠٩.

(٢) انظر : « الدرر المنتثرة » : ٢٢٧ و « الفتوحات المكّية » ٢ : ٣٩٣ ؛ « فصوص الحكم » : ٢٠٣ ؛ « التجلّيات الإلهيّة » : ١٠٠ ؛ « جامع الأسرار » : ١٠٢ ؛ « مصباح الأنس » : ١٦٤ ؛ « الأسفار الأربعة » ٢ : ٢٨٥.

(٣) لم يرد دعاء العديلة في كتب الروايات والأدعية سوى « مفاتيح الجنان » حيث ذكر مؤلّفه نقلا عن أستاذه أنّ هذا الدعاء هو من مؤلفات بعض أهل العلم.

٦٤

بين المتكلّمين والحكماء ،(١) والبرهان ؛ إذ لا بدّ من اجتماع الفاعل المؤثّر وجودا مع معلوله.

وإن تنزّلنا وقلنا : إنّ تلك الحوادث شروط لا يجب اجتماعها كالمعدّات ، فيلزم التسلسل في الأمور المترتّبة الموجودة ، وذلك أيضا محال عند المصنّف وسائر المتكلّمين ،(٢) ولا يضرّ عدم بطلانه عند الحكماء ؛(٣) لقيام الدليل على بطلانه كما مرّ في بطلان التسلسل ، وليس المراد من « العالم » جميع ما سوى الله ، بل واحد منه ؛ فإنّ « العالم » واحد ، ولهذا يجمع على « العالمين ». نعم ، قد يراد منه الجميع بحمل الألف واللام على الاستغراق ونحو ذلك ، فحاصل كلامهقدس‌سره جعل وجود حادث ما دليل القدرة.

ويمكن جعل دليل العلم أيضا دليلة ؛ فإنّ الفعل ـ المحكم ، المتقن ، المشتمل على أمور عجيبة ، ودقائق غريبة ، ومصالح غير متناهية ـ يدلّ على القدرة وهو ظاهر ، وقد عرفت أنّه لا بدّ من الانتهاء إلى القادر.

وأيضا يمكن جعل النصوص الكثيرة مثل :( إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٤) وإجماع الملّيّين أيضا دليل القدرة.

بل يمكن جعل دليل وجود الواجب دليله مثل أن يقال : من المعلوم لزوم عدم وجود شيء ما لم ينته إلى واجب ؛ إذ لو لا وجوده فمن أين يوجد؟ وهو ظاهر.

ويمكن جعل كونه قادرا دليل حدوث جميع العالم ؛ فإنّه لا بدّ من الانتهاء إلى

__________________

(١) « الشفاء » الإلهيّات : ٣٢٢ ؛ « النجاة » : ٢٣٥ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ٢٠ ؛ « المباحث المشرقية » ١ : ٥٩٦ ـ ٦٠٢ ؛ « المطالب العالية » ١ : ١٤١ ـ ١٥٧ ؛ « المحصّل » : ٣٤٣ ـ ٣٤٤ ؛ « نقد المحصّل » : ٢٤٥ ـ ٢٤٧ ؛ « كشف المراد » : ١١٧ ـ ١١٩ ؛ « مناهج اليقين » : ١٥٧ ـ ١٥٨ ؛ « إرشاد الطالبين » : ١٦٦ ؛ « الأسفار الأربعة » ٢ : ١٤٤ ـ ١٦٩ ؛ « شوارق الإلهام » : ٢١٥ ـ ٢٢٦.

(٢) انظر المصادر ، هامش ١.

(٣) انظر المصادر ، هامش ١.

(٤) البقرة (٢) : ٢٠ ؛ آل عمران (٣) : ١٦٥ ؛ النور (٢٤) : ٤٥ ؛ العنكبوت (٢٩) : ٢٠ ؛ فاطر (٣٥) : ١.

٦٥

القادر المختار ، وقد عرفت أنّ فعله لا يمكن أن يكون قديما ؛ فإنّه يصحّ منه الفعل والترك ، ولا يلزمه الفعل. وعلى تقدير الإيجاب يلزم الاستلزام وعدم إمكان الانفكاك على ما مرّ تقريره من أنّه لا يمكن استناد القديم إلاّ إلى الموجب. وإلى هذا أشار المصنّف في مواضع :

مثل قوله متّصلا ببحث الماهيّة : « والقديم لا يجوز عليه العدم ؛ لوجوبه بالذات ، أو لاستناده إليه »(١) ومعناه لمّا امتنع استناد القديم إلى الفاعل بالاختيار ، فما ثبت قدمه امتنع عدمه ؛ لأنّه إمّا واجب لذاته ، وامتناعه ظاهر حينئذ ، وإمّا مستند إلى الواجب بالذات بلا واسطة أو بوسائط قديمة وإنّما كان يمتنع عدمه ؛ لوجوب دوام المعلول بدوام علّته.

ومثل قوله قبل ذلك : « والمؤثّر يفيد البقاء بعد الإحداث ، ولهذا جاز استناد القديم الممكن إلى المؤثّر الموجب لو أمكن »(٢) فإنّه إشارة ، بل تصريح بأنّ الممكن القديم لا يمكن صدوره إلاّ عن الموجب ، وهو ظاهر ، فافهم.

وأيضا الظاهر أن لا نزاع لأحد في ذلك ؛ فإنّ الحكماء أيضا يقولون :(٣) إنّ القديم لم يكن أثرا للمختار.

قال في شرح المواقف : « أثر القادر حادث اتّفاقا »(٤) ولهذا قال في الشرح في تقرير الدليل الثالث للإيجاب لهم : « والأزلي لم يكن أثرا للقادر »(٥) .

وممّا ذكرنا ظهر معنى قوله فيما سبق : « ولا قديم سوى الله ؛ لما سيأتي »(٦) أي من كونه تعالى قادرا مختارا ، بل من كونه موجودا ؛ فإنّه مستلزم لكونه قادرا مختارا

__________________

(١) « تجريد الاعتقاد » : ١١٩.

(٢) نفس المصدر السابق : ١٢٠.

(٣) انظر ص ٦١ هامش ١ و ٢.

(٤) « شرح المواقف » ٨ : ٥٤.

(٥) انظر « شرح تجريد العقائد » : ٣١١.

(٦) « تجريد الاعتقاد » : ١٢٠ ؛ « كشف المراد » : ٨٢.

٦٦

على ما مرّ ؛ فإنّا إذا أثبتنا ذلك ـ إمّا بوجود حادث ما كما ذكرناه ، أو بالدليل المذكور على أنّه عالم كما حرّرناه ، أو بالنصّ ـ وهو كثير ـ وإجماع أهل الملل ـ لزم حدوث جميع ما سوى الله ؛ إذ لو كان قديم واحد ، لزم إيجابه تعالى ؛ إذ لم يؤثّر في القديم إلاّ الموجب ، كما مرّ تفصيله ، فتأمّل.

ومن ذلك علم أنّه يمكن جعل القدرة دليل الحدوث ، لا العكس ، إلاّ أن يريد حدوث أمر واحد ، فيصحّ العكس كما مرّ تفصيله ، فثبت أنّه لا قديم سوى الله وجاء دليله ، فسقط ما قيل(١) [ من ] أنّه وعد بلا وفاء ، أو أنّه مجرّد دعوى بلا دليل مع ما قال في ديباجة الكتاب :(٢) لا يذكر إلاّ ما قاده [ إليه ] الدليل ، وأنّه لم يثبت حدوث العالم ، فكيف يقول : حدوث العالم بعد عدمه ينفي الإيجاب!؟ »(٣) .

وقال جمال العلماء بعد عنوان قول المصنّف : « وجود العالم بعد عدمه ينفي الإيجاب »(٤) : « قال الفاضل المعاصر(٥) : في الحواشي الفخريّة(٦) : يعني به البعديّة الزمانيّة ؛ إذ لا شكّ أنّ تقدّم العدم على الوجود ليس ذاتيّا ولا طبيعيّا ، وظاهر أنّه لا يتصوّر [ هاهنا ] من أقسام التقدّم الخمسة سوى الزماني.

وفيه ما أفاده والدي العلاّمة(٧) ـ طاب ثراه ـ من أنّ تقدّم عدم العالم على وجوده لو كان زمانيّا ، لزم أن يكون قبل كلّ زمان زمان لا إلى نهاية ، ويلزم القدم والزمان

__________________

(١) القائل هو الشارح القوشجي على ما نقله ملاّ جلال في حاشية « شرح تجريد العقائد » : ٧١ وهو تعريض بقول الطوسي في أوائل كتاب « تجريد الاعتقاد ».

(٢) أي ديباجة « تجريد الاعتقاد » : ١٠١.

(٣) « الحاشية على إلهيات الشرح الجديد » للأردبيليّ : ٤٠ ـ ٤٣.

(٤) « تجريد الاعتقاد » : ١٩١.

(٥) هو ميرزا إبراهيم بن ملاّ صدرا. انظر « الحاشية على حاشية الخفري على شرح التجريد » لآقاجمال الخوانساري : ٣٢١.

(٦) هي حواشي الميرزا فخر الدين محمد بن الحسين الأسترآبادي على « شرح التجريد » للقوشجي ، ألّفها في سنة ٩٦٥ ، انظر : « الذريعة » ١ : ٩٩.

(٧) ما أفاده من تعليقات على الشرح الجديد لم يطبع لحدّ الآن.

٦٧

الموهوم الذي أثبته الأشاعرة قبل وجود العالم(١) ، وهو غير صحيح عند المحصّلين من المتكلّمين ومنهم المصنّف كما يظهر من تصفّح كلامهم.(٢)

وأيضا ما ذكره ـ من أنّ تقدّم العدم على الوجود ليس ذاتيّا ولا طبيعيّا ـ ممنوع عند الحكماء كما صرّحوا به في إثبات الحدوث الذاتي(٣) . انتهى(٤) .

والظاهر ـ كما يستفاد من كلام الشارح في بحث الأمور العامّة(٥) ـ أنّ مراد المصنّف من البعديّة هاهنا هو البعديّة بالذات التي أثبتها المتكلّمون(٦) وجعلوها قسما سادسا ، وزعموا أنّ تقدّم أجزاء الزمان بعضها على بعض من هذا القبيل.

لكنّ التحقيق أنّه لا محصّل له ؛ إذ لا نجد له معنى معقولا سوى الخمسة ، بل الظاهر أنّه تقدّم بالزمان ؛ فإنّ ذلك التقدّم إذا عرض لغير الزمان كان بواسطة زمان مغاير للسابق والمسبوق. وإن عرض لأجزاء الزمان لم يحتج إلى زمان مغاير لهما. وإن عرض للزمان وغيره ، فلا بدّ أن يكون لذلك الغير زمان. وأمّا الزمان فلا يحتاج إلى زمان آخر ، وحينئذ فعدم الزمان يجب أن يكون في زمان لكن يكفي فيه الزمان الموهوم ، وحينئذ فلا بدّ من القول بالزمان الموهوم. وسنحقّق القول فيه عن قريب إن شاء الله تعالى.

وأمّا ما ذكره في ذيل « أيضا » فيرد عليه : أنّ مراده أنّه ظاهر أنّه ليس تقدّم عدم الزمان على وجوده تقدّما ذاتيّا ، لا أنّه لا يمكن تقدّم العدم على الوجود تقدّما ذاتيا أصلا ، فاندفع المنع الذي ذكره. على أنّ فيما ذكره الحكماء في إثبات الحدوث الذاتي ـ من تقدّم عدم الممكن على وجوده تقدّما ذاتيا البتّة ـ تأمّلا ليس هاهنا

__________________

(١) انظر المصادر المذكورة في ص ٥٠ هامش ١.

(٢) انظر المصادر المذكورة في ص ٥٠ هامش ١.

(٣) راجع المصادر في ص ٤٨ ـ ٤٩ هامش ١.

(٤) أي كلام الفاضل المعاصر.

(٥) الشارح هنا هو القوشجي ، انظر : « شرح تجريد العقائد » : ٣٩.

(٦) انظر المصادر المتقدّمة في ص ٥٠ هامش ١ و ٣.

٦٨

موضع تحقيقه ، فافهم.

ثمّ قال(١) ـ سلّمه الله تعالى ـ : « ثمّ أقول : يشبه أن يقال : إذا كان زمان وجود العالم متناهيا في جانب البداءة ـ كما هو مذهب الملّيّين(٢) ـ كان للعدم تقدّم عليه ـ سوى التقدّم الذاتي الذي أثبته الفلاسفة(٣) لعدم الممكن على وجوده ، المعبّر عنه بالحدوث الذاتي ـ شبيه بالتقدّم الزماني الذي للحوادث الزمانيّة ، ولأجزاء الزمان بعضها على بعض عندهم في عدم اجتماع السابق والمسبوق.

والفرق أنّ لتقدّم الزمانيّات ملاكا في الخارج متجدّدا متصرّما مستمرّا ، يعرض لأجزاء ما يحصل من تجدّدها وتصرّمها واستمرارها في الخيال ذلك التقدّم أوّلا وبالذات ، ثمّ بتوسّطها يعرض للحوادث ، ولهذا يعرض له خواصّ التقدّر والتكمّم ، بخلاف تقدّم العدم على وجود العالم على مذهب الملّيّين(٤) ؛ فإنّه ليس له مثل ذلك الملاك ، ولا يمكن تقديره وتعيينه ، ولا يكون فيه قرب وبعد ، وزيادة ونقصان إلاّ بمحض التوهّم.

ونظير ذلك ما قالوا(٥) : إنّ فوق محدّد الجهات لا خلاء ولا ملاء مع أنّ الفوقيّة متحدّدة به ، فكما أنّ العقل هناك يعلم من تناهي البعد المكاني أنّ وراءه عدما صرفا ونفيا محضا ، وينتزع من ذلك ويحكم بمعونة الوهم أنّ لهذا العدم المحض فوقيّة ما على المكان والمكانيّات ، كفوقيّة بعض أجزاء المكان على بعض مع أنّه لا مكان هناك ، كذلك هاهنا يعلم من تناهي الزمان والزمانيّات في جانب البداءة أنّ وراءها عدما صرفا ونفيا محضا ، وينتزع من ذلك ويحكم بأنّ لهذا العدم الصرف قبليّة ما

__________________

(١) أي قال الفاضل المعاصر.

(٢) راجع الهامش ١ من ص ٥٠ أعلاه.

(٣) انظر المصادر المتقدّم ذكرها في ص ٥٠.

(٤) انظر المصادر المتقدّم ذكرها في ص ٥٠.

(٥) أي قول الحكماء في الطبيعيّات. انظر : « الشفاء » الطبيعيّات ١ : ٢٤٦ ؛ « النجاة » : ١٣٠ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٢ : ١٧٠ وما بعدها ؛ « التحصيل » : ٦٠٦ ـ ٦١٢.

٦٩

على وجود العالم والزمان ، شبيهة بقبليّة أجزاء الزمان بعضها على بعض. وهذا هو المراد من قول المصنّف : « وجود العالم » إلى آخره ، بل هذا هو الحدوث الزماني المتنازع فيه بين الملّيّين والفلاسفة ، ولا يلزم من ذلك وجود زمان قبل الزمان ، بل مجرّد ذلك الزمان الموجود مع ملاحظة تناهيه كاف في انتزاع الوهم وحكم العقل بهذه القبليّة. وليس هذا إثبات الزمان الموهوم كما ليس ذلك إثبات المكان الموهوم ، فتدبّر » انتهى(١) .

وأنت خبير بأنّ سبق العدم على الزمان ـ على ما أفاده ـ لا يرجع إلاّ إلى كون الزمان متناهيا من غير أن يكون سبق عدم حقيقة ، بل بمحض التوهّم ، وهذا ليس إلاّ القول بالقدم بالحقيقة ؛ لأنّه إذا لم يكن انفصال بين ذات الواجب تعالى وبين العالم ، ولا يمكن أن يقال : إنّه كان الواجب ولم يكن العالم ، فيكون العالم قديما البتّة ، ولو أطلق عليه الحادث ، فلا يكون إلاّ بمجرّد الاصطلاح في إطلاق « القديم » و « الحادث » على ما كان زمانه متناهيا وغير متناه ، وهو لا يفيد.

وبالجملة ، إنّه لا بدّ على طريقة الملّة من القول بوجود إله العالم بدون العالم بأن يكون بينهما انفصال. وعلى ما ذكره هذا الفاضل لا يكون كذلك ، بل يكون وجود العالم متّصلا بوجوده تعالى من غير انفكاك ولا انفصال بينهما. ولو جوّز هذا فلم لا يجوّز كونه غير متناه أيضا؟ إذ لا يلزم فيه إلاّ عدم الانفصال وهو قد لزم في صورة التناهي أيضا.

لا يقال : إنّه ليس وجود الواجب تعالى زمانيّا ، فلا معنى لاتّصال العالم بالواجب وانفكاكه عنه.

لأنّا نقول : فعلى هذا إذا كان الزمان غير متناه أيضا ، لا اتّصال للعالم به تعالى فلم لم يجوّزه؟

__________________

(١) أي انتهى كلام الفاضل المعاصر.

٧٠

والحلّ : أنّا لا نقول : إنّه يجب أن يكون زمان يصحّ أن يقال : كان الواجب فيه ولم يكن العالم ، حتّى يرد ما ذكرت ، بل الغرض أنّه يجب أن يتحقّق انفصال بين الواجب والعالم يصحّ فيه قولنا : « كان الواجب ـ على المعنى الذي يصحّ الآن ـ ولا يكون العالم فيه » ولم يتحقّق ذلك على ما أفاده هذا الفاضل.

هذا ، على أنّ الظاهر أنّه كما يقال في الأجسام : إنّه زمانيّ ، بمعنى أنّ وجوده مقارن لوجود الزمان ، يصحّ ذلك في شأن الواجب تعالى أيضا ؛ إذ يصدق أنّ وجوده تعالى مقارن لوجود الزمان.

نعم ، لا يصحّ أن يقال : إنّه زمانيّ ، بمعنى أنّ وجوده ينطبق على الزمان مثل الحركة ، ولا يصحّ ذلك في الجسم أيضا ، وعلى هذا فلا إشكال أصلا.

هذا ما يخطر بالبال ، على سبيل الاحتمال ، فإن كان من الحقّ ، فهو الحقّ ، وإن كان من الوساوس الشيطانيّة ، فنعوذ بالله منه. والله يعلم حقيقة الحال.

وأمّا النظير الذي ذكره من قولهم : « لا خلاء ولا ملاء فوق المحدّد » فهو قول على سبيل التوسّع ، والمقصود أنّه لا شيء وراءه بدون توهّم فوقيّة أصلا ، فلا يصلح للتنظير. على أنّه ـ على تقدير صحّته ـ ممّا لا يفيد بعد ما بيّنّا أنّه لا يجوز أن يكون حدوث العالم بهذا الوجه ، فتأمّل »(١) . انتهى ما أردنا ذكره من كلامه(٢) ؛ ويظهر ماله وعليه ممّا ذكرنا في مقامه.

وبالجملة ، فهذه الجملة بيان لوجه واحد من الوجوه العقليّة لإثبات القدرة.

ومنها : ما يستفاد ممّا حكيناه من كلام المقدّس الأردبيلي.

ومنها : ما أشرنا إليه من أنّ القدرة صفة كمال لا يقتضي ثبوتها على وجه العينيّة نقص صاحبها ، وكلّ ما هو كذلك فهو ممكن الثبوت في حقّه تعالى على وجه

__________________

(١) « الحاشية على حاشية الخفري على الشرح الجديد » لجمال العلماء ٩٩ ـ ١٠٣.

(٢) أي من كلام جمال العلماء الخوانساريّ.

٧١

العينيّة ، وكلّ ما هو كذلك فهو ثابت كذلك على سبيل الوجوب بمقتضى وجوب الوجود.

ومنها : أنّ الاضطرار نقص مناف لوجوب الوجود ، فيتعيّن الاختيار ؛ لأنّ الواسطة غير معقولة.

ومنها : أنّ العالم لا يخلو من الحركة والسكون المستدعيين للمسبوقيّة ، المستدعية للحدوث المنافي للقدم المقتضي لوجود المحدث المختار. هذا ما يتعلّق ببيان البراهين العقليّة.

وأمّا البراهين النقليّة ، فكثيرة :

منها : قوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (١) فإنّها تدلّ على أنّ الله قادر بالقدرة الواقعيّة باعتبار جزأيها بأن شاء الترك فترك ، وشاء الفعل ففعل بإحياء الموتى ونحوه سيّما بالنسبة إلى عزير.

فعن مولانا عليّعليه‌السلام : « إنّ عزيرا خرج من أهله وامرأته حامل وله خمسون سنة ،

__________________

(١) البقرة (٢) : ٢٥٨ ـ ٢٦٠.

٧٢

فأماته الله مائة سنة ، ثمّ بعثه ، فرجع إلى أهله ابن خمسين سنة وله ابن له مائة سنة فكان ابنه أكبر منه ، فذلك من آيات الله »(١) .

وقيل : إنّه رجع وقد أحرق بخت نصّر التوراة فأملاها من ظهر قلبه ، فقال رجل منهم : حدّثني أبي عن جدّي أنّه دفن التوراة في كرم ، فإن أريتموني في كرم جدّي أخرجتها لكم ، فأروه فأخرجها ، فعارضوا ذلك بما أملى ، فما اختلفا في حرف ، فقالوا : ما جعل الله التوراة في قلبه إلاّ وهو ابنه ، فقالوا : عزير ابن الله(٢) .

وكذا إحياء أربعة من الطير ، وهي : الطاوس والديك والحمام والغراب ، كما عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (٣) ؛ فإنّه يدلّ على أنّ الله قادر عزيز قويّ لا يعجز عن شيء ، بل تذلّ الأشياء له ولا يمتنع عليه شيء.

ومنها : قوله تعالى :( لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .(٤)

ومنها : قوله تعالى :( أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٥) بمعنى أنّه تعالى قدير على نصركم فيما بعد أيضا ، كما نصركم يوم بدر فأصبتم مثلي ما أصابكم يوم أحد ، من جهة مخالفتكم باختياركم الفداء من الأسرى يوم بدر ، وكان الحكم فيهم القتل وقد شرط عليكم بأنّكم إن قبلتم الفداء قتل منكم في القابل بعدّتهم ، فقلتم : رضينا فإنّا نأخذ

__________________

(١) « مجمع البيان » ٢ : ١٧٤ و ١٧٨.

(٢) « مجمع البيان » ٢ : ١٧٤ و ١٧٨.

(٣) انظر : « مجمع البيان » ٢ : ١٧٤ ؛ « تفسير القمّي » ١ : ٨٦ ـ ٩١ ؛ « تفسير العياشيّ » ١ : ١٥٩ ـ ١٦٦ ؛ « التبيان » ٢ : ٣٢٠ ـ ٣٣١ ؛ « البرهان في تفسير القرآن » ١ : ٢٤٦ ـ ٢٥٢ ؛ « الصافي » ١ : ٢٦٤ ـ ٢٧٢ ؛ « كنز الدقائق » ١ : ٦٢٢ ـ ٦٣٩ ؛ « الدرّ المنثور » ٢ : ٢٦ ـ ٣٦ ؛ « الكشّاف » ١ : ٣٠٥ ـ ٣١٠.

(٤) البقرة (٢) : ٢٨٤.

(٥) آل عمران (٣) : ١٦٥.

٧٣

الفداء وننتفع به ، وإذا قتل منّا فيما بعد كنّا شهداء. كما عن عليّعليه‌السلام (١) ، أو نحو ذلك(٢) .

ومنها : قوله تعالى :( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٣) .

ومنها : قوله تعالى :( أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ* بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ ) (٤) .

ومنها : ما رواه في « الكافي » في باب الصفات ـ في الصحيح على الصحيح ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « خلق الله المشيئة بنفسها ، ثمّ خلق الأشياء بالمشيئة »(٥) لدلالته على أنّ الله تعالى خلق المشيئة ـ التي هي عبارة عن الإرادة الحادثة ـ بنفسها من غير توسّط مشيئة أخرى ليلزم التسلسل كجعل النور مضيئا بنفسه والمنوّر مضيئا بالنور ، وخلق الموجود بالوجود والوجود بنفسه ، ثمّ خلق بتلك المشيئة الحادثة الأشياء ، فيدلّ على أنّ تأثير الواجب بالذات في المخلوقات والممكنات على وجه الحدوث الفعلي الذي يقول به الملّيّون سيّما بملاحظة كلمة « ثمّ » فيلزم القدرة الفعليّة بتحقّق الجزء السلبيّ والإيجابيّ معا.

ومنها : الصحيح الآخر عنهعليه‌السلام ، قال : « المشيئة محدّثة »(٦) ووجه الدلالة مثل ما مرّ.

ومنها : الآخر عنهعليه‌السلام : « لم يزل الله عزّ وجلّ ربّنا ، والعلم ذاته ولا معلوم ، والسمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، والقدرة ذاته ولا مقدور ، فلمّا أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم ، والسمع على المسموع ، والبصر

__________________

(١) « تفسير القمّي » ١ : ١٢٦ ـ ١٢٧ ؛ « تفسير العياشيّ » ١ : ٢٢٩ / ١٦٩ ؛ « التبيان » ٣ : ٤٠ ـ ٤١ ؛ « مجمع البيان » ٢ : ٤٣٦ ؛ « روح الجنان » ١ : ٦٨٠ ـ ٦٨١.

(٢) « تفسير القمّي » ١ : ١٢٦ ـ ١٢٧ ؛ « تفسير العياشيّ » ١ : ٢٢٩ / ١٦٩ ؛ « التبيان » ٣ : ٤٠ ـ ٤١ ؛ « مجمع البيان » ٢ : ٤٣٦ ؛ « روح الجنان » ١ : ٦٨٠ ـ ٦٨١.

(٣) المائدة (٥) : ٤٠.

(٤) القيامة (٧٥) : ٣ ـ ٤.

(٥) « الكافي » ١ : ١١٠ باب الإرادة أنّها من صفات الفعل ح ٤ ؛ « التوحيد » : ١٤٨ باب صفات الذات ح ١٩.

(٦) « الكافي » ١ : ١١٠ باب الإرادة أنّها من صفات الفعل ح ٧ ؛ « التوحيد » : ١٤٧ باب صفات الذات ح ١٨.

٧٤

على المبصر ، والقدرة على المقدور »(١) لدلالته على ثبوت القدرة ـ كالعلم ونحوه من صفات الذات ـ له تعالى ، وأنّه خلق بالمشيئة والإرادة الحادثة ـ المقدّرة على وفق نظام الكلّ ـ كلّ شيء بعد أن لم يكن ، كما أنّه تعالى علم بكلّ شيء بالعلم الذي هو عين ذاته.

والمقصود أنّ علمه تعالى قبل الإيجاد هو بعينه علمه بعد الإيجاد ، والمعلوم قبله هو بعينه المعلوم بعده ، وهكذا المقدور ونحوه من غير تفاوت وتغيّر في العلم والقدرة ونحوهما ، ولكنّ المعلوم بوصف المعلوميّة والمقدور بوصف المقدوريّة ونحوهما من الحوادث ، فيدلّ على حدوث الاتّصاف بوصف المعلوميّة والمقدوريّة ، لا حدوث التعلّق كما هو ظاهر الذيل لصرف الصدر كما لا يخفى ، مضافا إلى العقل ؛ لدلالته على أنّ علمه تعالى متعلّق بالمعلوم قبل الإيجاد وبعده على نحو واحد ، وهو المذهب الصحيح الذي ذهب إليه الإماميّة(٢) .

والحاصل : أنّ الحديث يدلّ على أنّ المعلوم بوصف المعلوميّة في مقام ذاته حادث وإن كان العلم به على وجهه حاصلا في مقام ذات العلّة ، وكان معلوميّته في مقام ذات العلّة أيضا حاصلة كعالميّة العلّة ، كما هو مقتضى وصف التضايف في المتضايفين.

وتوهّم (٣) دلالته على أنّ علمه تعالى قديم ، وتعلّقه حادث ، أو على أنّ العلم على قسمين : ذاتيّ وفعليّ ، والذاتيّ قديم والفعليّ حادث فاسد ؛ لأنّ ذاته تعالى علّة تامّة للمعلولات وهو تعالى عالم بالعلم التامّ بذاته الذي هو علّة تامّة ، والعلم التامّ بالعلّة التامّة علّة تامّة للعلم التامّ بالمعلولات ، فهو عالم بالمعلولات بتفصيلها الذي هو من

__________________

(١) « الكافي » ١ : ١٠٧ باب صفات الذات ح ١ ؛ « التوحيد » : ١٣٩ باب صفات الذات ح ١.

(٢) انظر : « شرح أصول الكافي » للمازندرانيّ ٣ : ٣١٥ ـ ٣٢١ ؛ « شرح أصول الكافي » لملاّ صدرا : ٢٧٤ ـ ٢٧٨ ؛ « الأسفار الأربعة » ٣ : ٤٠٧ ـ ٤١٧ ؛ « شوارق الإلهام » : ٥٠٩ وما بعدها ؛ « مرآة العقول » ٢ : ٩ ـ ١٠.

(٣) راجع « شرح أصول الكافي » للمازندرانيّ ٣ : ٣١٩ ـ ٣٢١.

٧٥

المعلولات أيضا في مقام الذات ، كما سيأتي إن شاء الله.

ومنها : ما ذكره مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام في الخطبة الغرّاء : « وأستعينه قاهرا قادرا »(١) .

ومنها : قولهعليه‌السلام في الخطبة الأخرى : « فطر الخلائق بقدرته »(٢) .

ومثله ما يدلّ على أنّه تعالى ذو القدرة التامّة الكاملة ، كقول الصادقعليه‌السلام : « فذلك الشيء هو الله القادر »(٣) .

إلى غير ذلك من الأدلّة السمعيّة الدالّة على أنّ تأثير الله تعالى في وجود العالم بالقدرة والاختيار من غير إيجاب واضطرار كتأثير الشمس والنار فيما هو من لوازم ذاتهما كالإشراق والإحراق والإضرار.

وأمّا ما ذكره في خطبته الأخرى ـ من قولهعليه‌السلام : « أوّل الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، وكمال التوحيد الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ؛ لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف ، وشهادة كلّ موصوف أنّه غير الصفة ، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزّأه ، ومن جزّأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حدّه ، ومن حدّه فقد عدّه »(٤) ـ فمعناه أنّ كمال التوحيد نفي الصفات الزائدة عنه ؛ بشهادة قوله : « لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف » إلى آخره ؛ لدلالته على أنّ المراد نفي الصفات الزائدة عنه تعالى ؛ بقرينة ذكر المغايرة والمقارنة والتثنية في وجوب الوجود ، والتجزئة والتركّب في ذاته من أمور عديدة ؛ على أنّه معارض بالأقوى من العقل والنقل الكتابيّ والخبريّ.

__________________

(١) « نهج البلاغة » : ١١٦ ، الخطبة ٨٣.

(٢) نفس المصدر : ١٣ ، الخطبة ١.

(٣) « تفسير الإمام العسكرىّ » : ٢٢ ؛ « التوحيد » : ٢٣١ باب معنى بسم الله الرحمن الرحيم ، ح ٥ ؛ « معاني الأخبار » : ٥ باب معنى الله عزّ وجلّ ؛ « البرهان في تفسير القرآن » ١ : ٤٥ ذيل تفسير البسملة ، ح ٨.

(٤) « نهج البلاغة » : ١٤ ـ ١٥ ، الخطبة ١.

٧٦

[ دلائل المخالفين النافين لقدرة الله ؛ والجواب عنها ]

اعلم أنّ المخالفين النافين(١) لقدرة الله تمسّكوا في نفيها بوجوه :

الأوّل : ما هو كالاعتراض على الدليل المذكور ، وهو أنّ دليلكم يدلّ على أنّ مؤثّر العالم مختار قادر ، ولا يدلّ [ على ] أنّ واجب الوجود هو القادر ؛ لجواز أن يكون الواجب تعالى موجبا لذاته اقتضى على سبيل الإيجاب معلولا قديما قادرا ليس بجسم ولا جسمانيّ يؤثّر في العالم على سبيل القدرة والاختيار.

وأشار المصنّف إلى الجواب عنه بقوله :( والواسطة غير معقولة ) بمعنى أنّا بيّنّا حدوث العالم ـ بمعنى ما سوى الله ـ بجملته وأجزائه وجزئيّاته ، وثبوت الواسطة بين ذات الله تعالى وبين العالم ـ بمعنى مطلق ما سواه ـ غير معقول ، بل عقل كلّ ذي عقل يحكم بفساده. هكذا قرّر العلاّمةرحمه‌الله (٢) بل الشارح القوشجي(٣) وغيره.(٤)

ويمكن تقريره بوجه آخر(٥) بأن يقال : إذا انتفى كونه موجبا ، تعيّن أن يكون قادرا مختارا ؛ إذ لا واسطة بينهما ؛ لأنّ صدور الفعل إمّا أن يكون مع جواز أن لا يصدر عنه ، أو مع امتناع أن لا يصدر عنه ، فإن كان الأوّل كان المؤثّر قادرا. وإن كان الثاني كان المؤثّر موجبا ، ولا يعقل بينهما واسطة.

وقال المحقّق الأردبيليّرحمه‌الله بعد عنوان قوله : « والواسطة غير معقولة » : « يحتمل أن يكون إشارة إلى بطلان الاحتمال المذكور في الشرح(٦) بأنّ ذلك الاحتمال قول باطل غير معقول لا يقول به متكلّم ولا حكيم ؛ لأنّ دليل الحكيم على الإيجاب يقتضي أن

__________________

(١) انظر « شرح تجريد العقائد » : ٣١٠.

(٢) « كشف المراد » : ٢٨١.

(٣) « شرح تجريد العقائد » : ٣١٠.

(٤) « الحاشية على إلهيّات الشرح الجديد » : ٤٣ ـ ٤٤ ؛ « شوارق الإلهام » : ٥٠٣ ـ ٥٠٤.

(٥) انظر : « شوارق الإلهام » : ٥٠٤.

(٦) « شرح تجريد العقائد » : ٣١٠.

٧٧

لا يكون قادر أصلا ، بل نقل في حواشي المطالع العلاّمة الدواني(١) : أنّ ذلك تحقيق مذهبهم وإن قال الشارح غير ذلك من أنّ العبد فاعل مختار عندهم(٢) ، أو لأنّ الله تعالى لا يصدر منه ذو إرادة ؛ فإنّه متعدّد وهو واحد من جميع الوجوه ولا يصدر منه إلاّ واحد كذلك أو لأنّ ذلك الواحد إنّما يكون عقلا والإيجاب كمال ولا بدّ من حصول جميع ما يكون كمالا للعقل عندهم. »

قال في شرح المواقف : فأنكر الحكماء القدرة بالمعنى المذكور ؛ لاعتقادهم أنّه نقصان ، وأثبتوا له الإيجاب ؛ زعما منهم أنّه الكمال التامّ(٣) .

وأمّا ما ذكره الشارح(٤) واعترض عليه فهو ما ذكره في المواقف وأورد ذلك الاعتراض حيث قال : « الله تعالى قادر ، وإلاّ لزم أحد الأمور الأربعة : إمّا نفي الحادث ، أو عدم استناده إلى المؤثّر ، أو التسلسل ـ بالمعنى المتقدّم ـ أو تخلف الأثر عن المؤثّر الموجب التامّ. وبطلان اللوازم دليل بطلان الملزوم.

أمّا بيان الملازمة : فهو أنّه إمّا أن لا يوجد حادث أو يوجد ، فإن لم يوجد فهو الأمر الأوّل. وإن وجد فإمّا أن لا يستند إلى مؤثّر أو يستند ، فإن لم يستند فهو الثاني. وإن استند فإمّا أن لا ينتهي إلى قديم أو ينتهي ، فإن لم ينته فهو الثالث. وإن انتهى فلا بدّ هناك من قديم يوجب حادثا بلا واسطة دفعا للتسلسل ، فيلزم الرابع.

وأمّا بطلان اللوازم : فالأوّل بالضرورة ، والثاني بما علمت من أنّ الممكن محتاج إلى مؤثّر ، والثالث بما مرّ في مباحث التسلسل ، والرابع بأنّ الموجب التامّ ما يلزمه أثره وتخلّف اللازم عن الملزوم محال(٥) .

قال في الشرح : وقيل هذا الدليل برهان بديع لا يحتاج إلى إثبات حدوث العالم

__________________

(١) « حاشية حاشية شرح المطالع » الورقة ٥٠.

(٢) « شرح تجريد العقائد » : ٣٤١.

(٣) « شرح المواقف » ٨ : ٤٩.

(٤) نفس المصدر ، ص ٥٠.

(٥) « المواقف » ضمن « شرح المواقف » ٨ : ٥٠.

٧٨

وقد تفرّد به المصنّف(١) .

وقال صاحب المواقف بعد تقرير الدليل بطوله : وإن شئت قلت ـ أي في إثبات كونه قادرا ـ : لو كان البارئ تعالى موجبا بالذات ، لزم قدم الحادث. والتالي باطل ؛ إذ لو حدث لتوقّف على شرط حادث ، وحينئذ يتسلسل(٢) .

ثمّ قال : واعلم أنّ هذا الاستدلال إنّما يتمّ بأحد طريقين : الأوّل : أن يبيّن حدوث ما سوى ذات الله تعالى ، وأنّه لا يجوز قيام حوادث متعاقبة لا نهاية لها بذاته(٣) . فاعتراض الشارح(٤) هو ما ذكره مع شيء زائد.

والظاهر أنّ مراده(٥) أنّه يرد على الدليل على هذا المطلب سواء قرّر على الوجه الذي ذكره أوّلا مفصّلا ، أو اختصر بقوله : « وإن شئت » ، وأنّ ذلك اختصار للدليل الأوّل ، لا أنّه دليل آخر غير ذلك ، وأنّ الإيراد وارد على الكلّ.

فقوله : « قيل » باطل. وكذا حمل السيّد الشارح قول المصنّف : « وإن شئت » على أنّه دليل آخر ؛ حيث قال ـ بعد قول المصنّف : « واعلم أنّ هذا الاستدلال لا يتمّ » ـ : أي الذي أشار إليه بقوله : « وإن شئت قلت »(٦) وقال أيضا : « ولقائل أن يقول »(٧) فجعل ذلك دليلا آخر غير الأوّل ، مع أنّه ليس إلاّ اختصار ذلك ، كما فهمه صاحب « قيل » وهو باطل.

وكذا قوله بعده : « واعلم ـ إلى قوله ـ ولقائل أن يقول : ذلك البرهان البديع لا يتمّ أيضا إلاّ بالطريق الأوّل ؛ إذ لو جاز قديم سوى ذاته تعالى وصفاته أو جاز تعاقب

__________________

(١) « شرح المواقف » ٨ : ٥١.

(٢) نفس المصدر مع اختلاف في المنقول.

(٣) نفس المصدر مع اختلاف في المنقول.

(٤) « شرح المواقف » ٨ : ٥١.

(٥) أي مراد صاحب المواقف من قوله : « واعلم » وقوله : « إن شئت ».

(٦) « شرح المواقف » ٨ : ٥١.

(٧) « المواقف » ضمن « شرح المواقف » ٨ : ٥٢.

٧٩

صفاته التي لا تتناهى ، لم يلزم الأمر الرابع ، أعني التخلّف عن المؤثّر التامّ.

أمّا على الأوّل : فلأنّه جاز أن يكون ذلك القديم مختارا كما مرّ.

وأمّا على الثاني : فلجواز استناد الحادث إلى الموجب بتعاقب حوادث لا تتناهى ، وليس يلزم على شيء من هذين تخلّف الأثر عن المؤثّر الموجب التامّ ؛ لأنّ مؤثّره إمّا مختار مع كون البارئ تعالى موجبا ، وإمّا غير تامّ في المؤثّريّة ؛ لتوقّف تأثيره فيه على شرائط حادثة غير متناهية قائمة بذاته تعالى »(١) .

على أنّ الأوّل يدفع بما مرّ ، والثاني قد يدفع بدليل بطلان التسلسل مطلقا.

ثمّ إنّه يحتمل أن يدفع كون الواجب موجبا ، ويثبت كونه تعالى قادرا بأنّه نقص ، بل يلزم أن يكون أنقص من مخلوقه ؛ فإنّ القدرة بالمعنى المذكور كمال والإيجاب عجز ، بل فعله كلا فعل وهو ظاهر ، وبإجماع أهل الملل ، والنصوص الكثيرة ، مثل قوله :( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) (٢) من وجهين ، فافهم.

ويمكن أن يقال : يمكن تقرير المتن هكذا : إنّه لا شكّ في وجود العالم الحادث المخلوق لله تعالى بلا واسطة ، وهو ظاهر ؛ إذ نعلم أنّ بعض الأشياء لا يصدر إلاّ منه ، ولهذا أثبت النبوّة بإظهار المعجزة ، وأنّه ليس إلاّ فعله ، وعلمنا بأنّه فعل فعلا متقنا ذا مصالح كثيرة وهي حادثة ، فيلزم قدرته ، وهو ظاهر ، وهو معنى قولهقدس‌سره : « وجود العالم بعد عدمه ينفي الإيجاب » أي وجود ذي علم مثل الإنسان ينفي كون الواجب الذي يوجده موجبا ؛ إذ يلزم قدمه لو كان موجبا ، وهو ظاهر ، ولا يرد عليه شيء أصلا إلاّ منع أن يكون له فعل حادث ، وهو مكابرة وإن لم يمكن إسكات الخصم من الحكماء وغيرهم من الملاحدة ، ولكنّ الظاهر أنّه لا ينكره أحد من الملّيّين مسلما وغيره ، فيحتمل أن يكون

__________________

(١) « شرح المواقف » ٨ : ٥١ ـ ٥٣.

(٢) الفاتحة (١) : ٢.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

وانَّ محمّداً رسول الله فانَّ لنا خمسه ولا يحل لأحد ان يشتري من الخمس شيئاً حتّى يصل إلينا حقّنا.

١٥ - أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن يونس بن يعقوب ، عن عبد العزيز بن نافع قال طلبنا الإذن علىّ أبي عبد اللهعليه‌السلام وأرسلنا إليه فأرسل إلينا ادخلوا اثنين اثنين فدخلت أنا ورجل معي فقلت للرجل : اُحبّ ان تستأذن بالمسألة فقال نعم فقال له جعلت فداك انَّ أبي كان ممّن سباه بنو أمية قد علمت انَّ بني أمية لم يكن لهم ان يحرّموا ولا يحلّلوا ولم يكن لهم مما في أيديهم قليل ولا

_____________________________________________

للإمام ، فإذا غزوا بأمرّ الإمام فغنموا كان للإمام الخمس ، وفيه ضعف ، والأول لا يخلو عن قوّة.

ويدلّ أيضاً علىّ عدم جواز شراء مال لم يخمّس إلّا ان يؤدّى الخمس ، وقد عرفت أنّه ممّا استثناه أكثر الأصحاب ممّا يجب فيه الخمس وحكموا بإباحته في زمان الغيبة.

الحديث الخامس عشر : ضعيف علىّ المشهور.

« اثنين اثنين » لا أزيد ليجيب كلّا منهم بما يناسبه ، وإنما لم يقل واحداً واحداً لئلا يتوهّم انّ له سرّ يسرّه إليهم تقيّة ، أو لعلمه بانّ الذين يدخلان عليه أولا متناسبان في الحال « ان تحلّ بالمسألة »(١) من الحلول بمعنى النزول ، والباء للظرفيّة المجازيّة أو من الحلّ ضدّ العقد أي تحل عقدة السكوت بالسؤال أو عقدة الإشكال به ، أو تشرع بالمسألة من قولهم حلّ أي عدا أو علىّ بناء الأفعال من الإحلال ضدّ التحريم أي تحلل أموالك عليك بالمسألة « ما أنا فيه » قيل : هو بدل عقلي وعبارة عن انتظام الأحوال في القول والفعل ، وهو معيار العقل وقيل : هو بدل عن « ما » أو عن فاعل يكاد ، وأقول : لعلّ الأظهر أنّه فاعل يفسد من قبيل وضع الظاهر موضع المضمرّ وهو شائع.

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المتن « ان تستأذن بالمسئلة » وهو لا يحتاج إلى هذه التكلّفات

٢٨١

كثير وإنّما ذلك لكم فإذا ذكرت [ ردَّ ] الّذي كنت فيه دخلني من ذلك ما يكاد يفسد عليّ عقلي ما أنا فيه فقال له أنت في حلّ مما كان من ذلك وكلّ من كان في مثل حالك من ورائي فهو في حلّ من ذلك ، قال : فقمنا وخرجنا فسبقنا معتب إلى النفر القعود الذين ينتظرون إذن أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال لهم قد ظفر عبد العزيز بن نافع بشيء ما ظفر بمثله أحد قطّ ، قد قيل له وما ذاك ففسّره لهم ، فقام اثنان فدخلا على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال أحدهما : جعلت فداك ان أبي كان من سبايا بني أمية وقد علمت انّ بني أمية لم يكن لهم من ذلك قليل ولا كثير وأنا اُحبُّ ان تجعلني من ذلك في حل فقال وذاك إلينا ما ذاك إلينا ؟ ما لنا ان نحلَّ ولا ان نحرّم ، فخرج الرَّجلان وغضب أبو عبد اللهعليه‌السلام فلم يدخل عليه أحدٌ في تلك الليلة إلّا بدأه أبو عبد اللهعليه‌السلام فقال : ألا تعجبون من فلان يجيئني فيستحلّني مما صنعت بنو أمية ، كأنّه يرى انّ ذلك لنا ! ! ولم ينتفع أحد في تلك الليلة بقليل ولا كثير

_____________________________________________

« في مثل حالك » أي معرفة الحق وترك عمل بني أميّة والندامة علىّ فعله « من ورائي » أي ممّن ليس حاضراً عندي أو من بعدي إلى يوم القيامة والأوّل أظهر ، ومعتب بضمّ الميم وفتح العين المهملة وكسر التاء المشدّدة مولى أبي عبد الله ، والنفر بالتحريك من الثلاثة إلى العشرة من الرجال وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه « قد ظفر » كعلم أي فاز بمطلوبه ، وإنّما خصّ عبد العزيز بذلك لأنّه حصل له مطلوبه بدون تجشّم سؤال ، أو لأنّه كان أحوج إلى ذلك من صاحبه لكثرة تصرّفه في أموالهم ، وفي رجال الشيخ : عبد العزيز بن نافع الأموي مولاهم كوفّي من أصحاب الصادقعليه‌السلام ، والظاهر ان امتناعهعليه‌السلام عن تحليل من سوى الأوّلين للتقيّة وعدم انتشار الأمرّ ، أو لعدم كونهم عن التائبين التاركين لعملهم أو من أهل المعرفة أو من أهل الفقر والحاجة ، والأوّل أظهر.

« إلّا الأوّلين » هو خلاف المختار في استثناء المنفيّ وهو مشتمل علىّ الالتفات

٢٨٢

إلّا الأوَّلين فإنهما غنيا بحاجتهما.

١٦ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن ضُرَيس الكناسي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام من أين دخل علىّ الناس الزنا ؟ قلت : لا أدري جعلت فداك قال من قبل خمسنا أهل البيت إلّا شيعتنا الأطيبين ، فانّه محلل لهم لميلادهم.

١٧ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن شعيب ، عن أبي الصباح قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام نحن قوم فرض الله طاعتنا لنا الأنفال ولنا صفو المال.

١٨ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن رفاعة ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرَّجل يموت

_____________________________________________

من التكلّم إلى الغيبة ، أو تغليب الغائب علىّ المتكلّم « فإنّهما غنيا بحاجتهما » أي استغنيا بقضاء حاجتهما أو فازا بها ، قال الجوهري : غني به عنه غنية ، وغنيت المرأة بزوجهاً استغنت ، وغني أي عاش.

الحديث السادس عشر : حسن.

وكان المراد بالزنا ما هو في حكمه في الحرمة « من قبل خمسنا » أي من ناحيته وأهل منصوب بالاختصاص ، وبيان لضمير خمسنا وإلّا للاستثناء المنقطع ان أريد بالناس المخالفون ، والمتصل ان أريد بالناس الأعمّ « لميلادهم » أي لولادتهم ، وقيل : أي لآلة ولادتهم وهي الجواري وأمّهات الأولاد.

أقول : ويمكن ان يشمل المهور المشتملة علىّ الخمس والحاصل ان ما سبي بغير إذن الإمام إمّا كلّه له أو خمسه علىّ الخلاف المتقدم ، ولم يحل لأحد ان يطأ الأمة المسبيّة إلّا بإذن الإمام ، وقد أحل لشيعته ولم يحلّ لغيرهم ، فأولادهم كأولاد الزنا وكذا المال المشتمل علىّ الخمس لم يجز جعله مهرا للزوجة إلّا بإذنه ، ولم يأذن إلّا لشيعتهعليه‌السلام لتطيب ولادة أولادهم.

الحديث السابع عشر : حسن وقد مرّ الكلام فيه.

الحديث الثامن عشر : ضعيف.

٢٨٣

لا وارث له ولا مولى ، قال هو من أهل هذه الآية : « يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ ».

١٩ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن الكنز كم فيه قال الخمس ؛ وعن المعادن كم فيها قال الخمس وكذلك الرصاص والصفر والحديد وكلّما كان من المعادن يؤخذ منها ما يؤخذ من الذَّهب والفضّة.

٢٠ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن صباح الأزرق ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال انَّ أشدَّ ما فيه الناس يوم القيامة ان يقوم

_____________________________________________

والمراد بالمولى أعمّ من المعتق وضامن الجريرة ، وبالوارث أعم من النسبيّ والسببيّ ، فمع عدم الجميع يرث الإمام وهو من الأنفال كما مرّ وسيأتي الكلام في إرث الإمام مع انحصار الوارث في الزوّج والزوجة في كتاب المواريث ، وذكر الخلاف فيه وما هو المختار ان شاء الله.

الحديث التاسع عشر : حسن.

« وكذلك الرصاص » قيل : مبني على انّ المعروف من المعادن الذهب والفضة قولهعليه‌السلام : يؤخذ ، أي يأخذه الإمام.ّ

الحديث العشرون : ضعيف على المشهور.

« ما فيه الناس » أي المخالفون « يا رب خمسي » نصب علىّ الأعزاء أي أدرك خمسي « ولتزكّوا » أي تنمو وتزيد ، أو تطهر تأكيداً ، ويحتمل ان يكون المراد تطيب المناكح أو الأعمّ قال المحقق التستريقدس‌سره : لا يبعد ان يقال في الجمع بحمل ما دل علىّ الإباحة علىّ إباحة حق المبيح في الأيّام الّتي يبيحه ، ويحمل ما دل علىّ التحريم علىّ تحريم حقّ المحرم فان حقهمعليهم‌السلام ينتقل من بعضهم إلى بعض بسبب انتقال الإمامة ، وان يقال : ان المراد بما أبيح لنا هو الأشياء الّتي تنتقل إلينا ممّن لا يرى الخمس ، أو يعرف أنه لا يخرجه كالمخالفين مثلاً بان يشتري منهم الجواري أو يتصرف في أرباح تجاراتهم ، أو يشتري من المعادن الّتي لا تحصل

٢٨٤

صاحب الخمس فيقول : يا رب خمسي وقد طيبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم ولتزكو ولادتهم.

٢١ - محمّدُ بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزَّبرجد وعن معادن الذهب والفضة ما فيه قال إذا بلغ ثمنه ديناراً

_____________________________________________

إلّا من عندهم وإنّا نعرف أنّهم لا يرون وجوب الخمس فيها إلّا الأشياء الّتي توجد عند الشيعة فيجب في معادنهم الخمس ، وكذا في أرباح تجاراتهم وفيما يغنمونه من الغنائم والفوائد ، أو يقال بإباحة ما يحصل ممّن لا يرى الخمس دائماً وتخصيص غيره في حق المبيح وهو أظهر ، لعموم ما دل علىّ الإباحة والتحريم فينبغي ملاحظة العموم علىّ قدر الإمكان ، وبما قلنا يشعر بعض الأخبار فتنبه.

الحديث الحادي والعشرون : مجهول بمحمّد بن عليّ ، وان كان إجماع العصابة علىّ ابن أبي نصر مما يرفع جهالته عند جماعة.

وأبو الحسن يحتمل الأول والثانيعليهما‌السلام ، والياقوت كأنه عطف علىّ الموصول وربما يتوهم عطفه علىّ اللؤلؤ بان يكون المراد معادن البحر ولا يخفى بعده ، ويدلّ علىّ ان نصاب الغوص ونصاب المعادن كليهما دينار ، وقد عرفت ما فيهما من الخلاف لكن روى الشيخ في التهذيب بسند صحيح عن البزنطي قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عما أخرج من المعدن من قليل أو كثير هل فيه شيء؟ قال : ليس فيه شيء حتّى تبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين ديناراً ، وبمضمونه عمل كثير من الأصحاب وحمل بعضهم الدينار علىّ الاستحباب في المعدن وعلىّ الوجوب في الغوص ، وأورد عليه بان الحمل علىّ الاستحباب مشكلّ لاتحاد الرواية ، إلّا ان يقال : لا مانع من حمل بعض الرواية علىّ الاستحباب للمعارض وبعضها علىّ الوجوب لعدمه ، وقال الشيخ في التهذيب : بين الخبرين تضاد لان خبر ابن أبي نصر تناول حكم المعادن ، وخبر محمّد بن عليّ حكم ما يخرج من البحر وليس أحدهما هو الآخر بل لكلّ منهما حكم علىّ الانفراد.

٢٨٥

ففيه الخمس.

٢٢ - محمّدُ بن الحسين وعليُّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن مهزيار قال كتبت إليه : يا سيّدي رجل دفع إليه مال يحجُّ به ، هل عليه في ذلك المال حين يصير إليه الخمس أو علىّ ما فضل في يده بعد الحجّ ؟ فكتبعليه‌السلام ليس عليه الخمس.

٢٣ - سهلُ بن زياد ، عن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحسين بن عبد ربّه قال سرَّح الرّضاعليه‌السلام بصلة إلى أبي فكتب إليه أبي : هل عليّ فيما سرَّحت إليَّ خمس ؟ فكتب إليه : لا خمس عليك فيما سرّح به صاحب الخمس.

_____________________________________________

ووجّه بعض المحققين كلامه بأنّ مراده ان خبر محمّد بن عليّ وارد في المعدن الّذي خرج من البحر ، وحكمه حكم الغوص ، وخبر ابن أبي نصر في غيره من المعادن وهو الّذي نصابه عشرون ديناراً وله وجه إلّا أنه بعيد.

ثمّ قال : وربما يقال ان خبر ابن أبي نصر مع معارضته للإجماع الّذي ادّعاه ابن إدريس يحتمل ان يراد فيه السؤال عن الزكاة إذ ليس صريحاً في الخمس ، انتهى.

ولا يخفى بعده ، ولعلّ الحمل علىّ الاستحباب أظهر.

الحديث الثاني والعشرون : ضعيف علىّ المشهور.

والمسؤول عنه يحتمل الرّضا والجواد والهاديعليهم‌السلام وهذا ينافي ما هو المشهور من وجوب الخمس في جميع المكاسب ، وربما تحمل الرواية علىّ ما إذا لم يبق بعد مئونة السنة شيء.

الحديث الثالث والعشرون : كالسابق ويدلّ علىّ أنّه لا خمس فيما وهبه الإمام أو أهداه إليه أو تصدّق به عليه ، ولا يدلّ علىّ أنه لا خمس في هذه الأمور إذا وصلت إليه من غير جهة الإمامعليه‌السلام بل يدلّ بمفهومه علىّ الوجوب كما هو مختار أبي الصلاح حيث قال في الكافي فيما فرض فيه الخمس : وما فضل من مئونة الحول علىّ الاقتصاد من كلّ مستفاد بتجارة أو صناعة أو زراعة أو إجارة أو هبة أو صدقة أو ميراث أو غير ذلك من وجوه الإفادة ، انتهى.

والتسريح : الإرسال.

٢٨٦

٢٤ - سهل ، عن إبراهيم بن محمّد الهمذاني قال : كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام أقرأني عليُّ بن مهزيار كتاب أبيكعليه‌السلام فيما أوجبه علىّ أصحاب الضياع نصف السدس بعد المؤونة وأنّه ليس علىّ من لم تقم ضيعته بمئونته نصف السدس ولا غير

_____________________________________________

الحديث الرابع والعشرون كالسابق وأبو الحسن هو الثالثعليه‌السلام « كتاب أبيك » هذا إشارة إلى كتاب طويل رواه في التهذيب بسند صحيح عن عليّ بن مهزيار أنّه كتب إليه أبو جعفر أي الجوادعليه‌السلام في سنة عشرين ومائتين وقال في آخره : فأمّا الّذي أوجب من الضياع والغلّات في كلّ عام فهو نصف السدس ممّن كانت ضيعته تقوم بمئونته ومن كانت ضيعته لا تقوم بمئونته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك.

« فاختلف من قبلنا » أي من الشيعة وذكر أحد طرفي الخلاف ويظهر منه الطرف الآخر وهو ما أثبته الإمامعليه‌السلام ، وإنّما اكتفىعليه‌السلام من حقّه وهو الخمس بنصف السدس تخفيفاً علىّ شيعته في زمان استيلاء المخالفين ، كما أنّهم قد وهبوا الجميع لشيعتهم في بعض الأزمنة لتلك العلة.

وقد كتبعليه‌السلام في هذا الكتاب الطويل ان موالي أسأل الله صلاحهم أو بعضهم قصروا فيما يجب عليهم ، فعلمت ذلك فأحببت ان أطهرهم وأزكيهم بما فعلت في عامي هذا من أمرّ الخمس ، إلى قولهعليه‌السلام : ولم أوجب عليهم في كلّ عام ، ولا أوجب عليهم إلّا الزكاة الّتي فرضها الله تعالى عليهم ، وإنّما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضّة الّتي قد حال عليها الحول ولم أوجب ذلك عليهم في متاع ولا أبنية ولا دوّاب ولا خدم ولا ربح ربحه في تجارة ولا ضيعة إلّا ضيعة سأفسر لك أمرها تخفيفا مني عن موالي ومنا مني عليهم لـمّا يغتال السلطان من أموالهم ، ولـمّا ينوبهم في ذاتهم فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كلّ عام ، إلى آخر الخبر.

وقال المحقق الشيخ حسن نور الله ضريحه في المنتقى بعد إيراد هذا الخبر ، قلت : علىّ ظاهر هذا الحديث عدَّة إشكالات ارتاب فيها بعض الواقفين عليه ، ونحن نذكرها مفصّلة ثمّ نحلّها بما يزيل عنه الارتياب بعون الله سبحانه.

الإشكال الأوّل : انّ المعهود المعروف من أحوال الأئمةعليهم‌السلام أنّه خزنة العلم

٢٨٧

ذلك فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا يجب علىّ الضياع الخمس بعد المئونة مئونة الضيعة وخراجها لا مؤونة الرّجل وعياله فكتبعليه‌السلام بعد مؤونته ومؤونة

_____________________________________________

وحفظة الشرع يحكمون بما استودعهم الرسولعليهم‌السلام وأنّهم لا يغيّرون الأحكام بعد انقطاع الوحي أو انسداد باب النسخ فكيف يستقيم قولهعليه‌السلام في هذا الحديث : أوجبت في سنتي هذه ولم أوجب ذلك عليهم في كلّ عام ، إلى غير ذلك من العبارات الدالّة علىّ أنهعليه‌السلام يحكم في هذا الحق بما شاء واختار.

الثاني : انّ قولهعليه‌السلام لا أوجب عليهم إلّا الزكاة الّتي فرضها الله عليهم ينافيه قوله بعد ذلك : فأمّا الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كلّ عام.

الثالث : انّ قوله : وإنمّا أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه من الذهب والفضة الّتي حال عليها الحول خلاف المعهود إذا الحول يعتبر في وجوب الزكاة في الذهب والفضة لا الخمس ، وكذا قوله : ولم أوجب ذلك عليهم في متاع ولا أبنية ولا دواب ولا خدم فان تعلق الخمس بهذه الأشياء غير معروف.

الرابع : الوجه في الاقتصار علىّ نصف السدس غير ظاهر بعد ما علم من وجوب الخمس في الضياع الّتي تحصل منها الموونة.

فاعلم انّ الإشكال الأوّل مبنيّ على ما اتفقت فيه كلمة المتأخرين من استواء جميع أنواع الخمس في المصرف ونحن نطالبهم بدليله ونضائقهم في بيان مأخذ هذه التسوية ، كيف وفي الأخبار الّتي بها تمسّكهم وعليها اعتمادهم ما يؤذن بخلافها ، بل بالاختلاف كخبر أبي عليّ بن راشد ، ويعزى إلى جماعة من القدماء في هذا الباب ما يليق ان يكون ناظراً إلى ذلك وفي خبر لا يخلو من جهالة في الطريق تصريح به أيضاً فهو عاضد للصحيح ، فإذا قام احتمال الخلاف فضلا عن أيضاًح سبيله باختصاص بعض أنواع الخمس بالإمام فهذا الحديث مخرج عليه وشاهد به ، وإشكال نسبة الإيجاب فيه بالإثبات والنفي إلى نفسهعليه‌السلام مرتفع معه ، فان له التصرف في ماله بأي وجه شاء أخذاً وتركاً.

٢٨٨

عياله و [ بعد ] خراج السلطان.

٢٥ - سهل ، عن أحمد بن المثنّى قال حدَّثني محمّد بن زيد الطبري قال : كتب رجل من تُجّار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرّضاعليه‌السلام يسأله الإذن في

_____________________________________________

وبهذا ينحلّ الإشكال الرابع أيضاً فإنّه في معنى الأول وإنما يتوجّه السؤال عن وجه الاقتصار علىّ نصف السدس بتقدير عدم استحقاقهعليه‌السلام للكلّ.

وأمّا الإشكال الثاني فمنشأه نوع إجمال في الكلام اقتضاه تعلقه بأمرّ معهود بين المخاطب وبينهعليه‌السلام كما يدلّ عليه قوله : بما فعلت في عامي هذا ، وسوق الكلام يشير إلى البيان وينبّه علىّ ان الحصر في الزكاة إضافيّ مختصّ بنحو الغلّات ونحوها ، بل هو مقصور علىّ ما سواها ويقرب ان يكون قوله : والجائزة وما عطف عليه إلى آخر هذا الكلام ، تفسيراً للفائدة أو تنبيهاً علىّ نوعها ، ولا ريب في مغايرته لنحو الغلات التي هي متعلّق الحصر هناك.

ثمّ انّ في هذه التفرقة بمعونة ملاحظة الاستشهاد بالآية ، وقوله بعد ذلك : فليتعمد لإيصاله ولو بعد حين دلالة واضحة علىّ ما قلناه من اختلاف حال أنواع الخمس وان خمس الغنائم ونحوها مما يستحقّه أهل الآية ليس للإمام ان يرفع فيه ويضعه علىّ حد ماله في خمس ماله في خمس الغلات وما ذاك إلّا للاختصاص هناك والاشتراك هنا.

وبقي الكلام علىّ الإشكال الثالث ومحصله ان الأشياء الّتي عددهاعليه‌السلام في إيجابه للخمس ونفيه أراد به ما يكون محصّلا بما يجب له فيه الخمس ، فاقتصر في الأخذ علىّ ما حال عليه الحول من الذهب والفضة لانّ ذلك إمارة الاستغناء عنه فليس في الأخذ منه ثقل علىّ من هو بيده وترك الفرض لهم في بقية الأشياء المعدودة طلباً للتخفيف كما نبه عليه ، انتهى كلامه رفع الله مقامه وهو في غاية الدقّة والمتانة.

الحديث الخامس والعشرون كالسابق.

وقيل : الفارس الفرس أو بلادهم ، أو شيراز وما والاها « يسأله الإذن في الخمس » أي التصرّف في خمس الأرباح أو مطلقا « وعلى الضّيق » أي التضييق علىّ أرباب الخمس

٢٨٩

الخمس فكتب إليه :

بِسْمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحِيمِ ، انّ الله واسع كريم ، ضمن على العمل الثواب وعلىّ الضيق الهم لايحل مال إلّا من وجه أحلّه الله وانَّ الخمس عوننا علىّ ديننا وعلىّ عيالاتنا وعلىّ موالينا وما نبذله ونشتري من أعراضنا ممّن نخاف سطوته فلا تزووه عنّا ولا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتمّ عليه ، فانَّ إخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم وما تمهدون لأنفسكم ليوم فاقتكم ، والمسلم من يفي لله بما عهد إليه وليس المسلم من أجاب باللّسان وخالف بالقلب ، والسّلام.

_____________________________________________

وعدم أداء حقوقهم « الهمّ » في الدنيا والآخرة ، وقيل : المراد بالهمّ المرغوب من اليسر إشارة إلى قوله تعالى : « انّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً » انتهى.

وفي القاموس : الهمّ ما همّ به في نفسه فيمكن ان يراد ان الله تعالى عند الضيق يلقى إليه ويلهمه ما فيه فرجه ، وفي التهذيب مكان هذه الفقرة : وعلىّ الخلاف العقاب وهو أقرب إلى الصواب « علىّ ديننا » بكسر المهملة لان إجراء بعض أمور الدين بل أكثرها موقوف علىّ المال ، أو بفتحها أي علىّ أداء ديننا ولا يتوهم التنافي بين هذا وبين ما مرّ من عدم احتياجهم إلى أموال الناس فان ما مرّ باعتبار خرق العادة وما هنا باعتبار مجرى العادة « وعلىّ عيالنا »(١) كأنه يدخل فيه اليتامى والمساكين وأبناء السبيل من الهاشميين ، ويمكن إدخالهم في الموالي أيضاً ، والمراد بهم الفقراء من الشيعة « وما نبذله » أي نعطيه « من أعراضنا » من اسم بمعنى بعض وهو مفعول نشتري ، والأعراض بالفتح جمع عرض بالكسر وقد يثلث وهو جانب الرجل الّذي يصونه من نفسه ، وحسبه ان ينتقص « لا تزووه » أي لا تنحّوه « ما قدرتمّ » قيل : ما مصدرية والمصدر نائب ظرف الزمان ، وفي القاموس : محص الذهب بالنار : أخلصه ، والتمحيص الابتلاء والاختبار ، والتنقيص ، وتنقية اللحم من العقب ، وقال : مهده كمنعه بسطة كمهده وكسب وعمل ، وتمهيد الأمر تسويته وإصلاحه.

__________________

(١) وفي المتن « وعلى عيالاتنا ».

٢٩٠

٢٦ - وبهذا الإسناد ، عن محمّد بن زيد قال قدم قوم من خراسان علىّ أبي الحسن الرّضاعليه‌السلام فسألوه ان يجعلهم في حلّ من الخمس فقال ما أمحل هذا تمحّضونا بالمودَّة بألسنتكم وتزوون عنّا حقّاً جعله الله لنا وجعلنا له وهو الخمس لا نجعل لا نجعل لا نجعل لأحد منكم في حلّ.

٢٧ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه قال كنت عند أبي جعفر الثانيعليه‌السلام إذ دخل عليه صالح بن محمّد بن سهل وكان يتولى له الوقف بقم فقال : يا سيّدي اجعلني من عشرة آلاف في حلّ ، فإنّي أنفقتها ، فقال له : أنت في حلّ ، فلـمّا خرج صالح ،

_____________________________________________

الحديث السادس والعشرون : كالسابق.

« ما أمحل هذا » كأنّه من المحال أو من المحل بمعنى الكيد والمكر ، والأوّل وان كان أظهر معنى فان الجميع بين الضدّين محال ، لكن فيه بعد لفظاً فان المحال من الحول لا من المحل فتأمل.

والمحض والإمحاض الإخلاص ، والباء في بالمودة زائدة للتقوية ، وفي التهذيب : المودّة « وجعلنا له » أي والياً عليه حاكماً ومتصرّفاً فيه ، واللام في لأحد زائدة ، وفي التهذيب أحداً بدون اللام ، وكذا في المقنعة وقال المفيدقدس‌سره بعد إيراد الأخبار من الجانبين في المقنعة : واعلم أرشدك الله ان ما قدّمته في هذا الباب من الرخصة في تناول الخمس والتصرّف فيه إنّما أورد في المناكح خاصّة للعلّة الّتي سلف ذكرها في الآثار عن الأئمةعليهم‌السلام لتطيب ولادة شيعتهم ولم يرد في الأموال وما اخترته عن المتقدّم مما جاء في التشديد في الخمس والاستبداد به فهو يختصّ الأموال ، انتهى.

والشيخ نوّر الله مرقده ضمّ إلى المناكح المساكن والمتاجر كما مرّ وحمل أخبار التحليل عليها ، ولا بأس به.

الحديث السابع والعشرون : حسن كالسابق.

« وكان يتولّى له الوقف » في نسخ الكتاب وأكثر نسخ التهذيب والمقنعة له الوقف فيكون من وكلائهعليه‌السلام علىّ أوقاف قم ، ولا مناسبة له بالباب إلّا ان يقال يناسبه من حيث عموم الجواب وليس « له » في بعض نسخ التهذيب ، فيحتمل ان يكون السؤال

٢٩١

قال أبو جعفرعليه‌السلام : أحدهم يثب علىّ أموال حقّ آل محمّد وأيتامهم ومساكينهم وفقرائهم وأبناء سبيلهم فيأخذه ثمّ يجيء فيقول : اجعلني في حلّ ، أتراه ظنَّ أنّي أقول : لا أفعل ، والله ليسألنّهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالاً حثيثاً.ّ

٢٨ - عليّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن العنبر وغوص اللؤلؤ ، فقالعليه‌السلام : عليه الخمس.

كمل الجزء الثاني من كتاب الحجّة [ من كتاب الكافي ] ويتلوه كتاب الإيمان والكفر والحمد لله ربّ العالمين والسّلام علىّ محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

_____________________________________________

للخمس الذي وجب عليه في نمائه أو في أصل الوقف حيث كان ممّا لهعليه‌السلام فيه مدخل إمّا بخصوصه أو للولاية العامّة « عشرة آلاف » أي من الدراهم ويحتمل الدنانير « حق آل محمّد » هو ما يخصّ الإمامعليه‌السلام من الأنفال والخمس ، وقوله : وأيتامهم إلى آخره ، للنصف الآخر من الخمس ، وإنّما ذكر الفقراء للإشعار بانّ في آية الخمس المراد بالمساكين ما يشمل الفقراء أيضاً ويدلّ علىّ ان تحليلهعليه‌السلام كان للتقيّة منه ، والحثيث : السريع ، وكان المراد هنا مع شدة.

الحديث الثامن والعشرون : كالسابق.

« عن العنبر » أي أخذ العنبر فإنّه يؤخذ من وجه الماء غالباً ، والغوص أيضاً مصدر وضمير عليه للأخذ ، والغائص أو الغوص بمعنى الغائص أي الكائن تحت الماء ، فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف ، فعلىّ تعليلية والضمير لكلّ من العنبر واللؤلؤ.

قد اتّفق الفراغ من جميع هذه التعليقات وتأليفها مع تشتّت البال ووفور الأشغال في أواخر شهر رجب الأصبّ من السنة الثانية بعد المائة والألف الهجرية ، علىّ يدي مؤلفه الفقير إلى عفو ربّه الغني محمّد باقر بن محمّد تقي عفا الله عن جرائمهما ، والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً ، وصلّى الله علىّ سيّد المرسلين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله الطيّبين الطاهرين.

وقد تمّ تصحيحاً وتعليقاً في الرابع عشر من شهر شعبان المعظم سنة ١٣٩٥ علىّ يد مصححه العبد المذنب الفاني السيد هاشم ابن السيد حسين الرسولي المحلاتي عفي عنه وعن والديه بحق محمد وآله.

٢٩٢

الفهرس

Table of Contents

( باب ) ( مولد علي بن الحسين عليهما‌السلام ) ٦

( باب ) ( مولد أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه‌السلام ) ١٨

( باب ) ( مولد أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهما‌السلام ) ٣٠

( باب ) ( مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام ) باب مولد أبي الحسن موسى عليه‌السلام ٤١

(باب ) ( مولد أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ) باب مولد أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ٧٥

( باب ) ( مولد أبي جعفر محمّد بن عليّ الثاني عليه‌السلام ) ٩٩

( باب ) ( مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما‌السلام [ والرضوان ] ) ١١٤

( باب ) ( مولد أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما‌السلام ) ١٣٦

( باب ) ( مولد الصاحب عليه‌السلام ) ١٧٥

( باب ) ( ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم ، عليهم‌السلام ) ٢٠٨

( باب ) ( في أنه إذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده ) ( أو ولد ولده فإنه هو الذي قيل فيه ) ٢٤١

( باب ) ( ان الأئمة عليهم‌السلام كلهم قائمون بأمر الله تعالى ) ( هادون إليه ) ٢٤٤

( باب ) ( صلة الإمام عليه‌السلام ) ٢٤٧

( باب ) ( الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه ) ٢٥١

الفهرس ٢٩٣

٢٩٣