مرآة العقول الجزء ٦

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 289

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف:

الصفحات: 289
المشاهدات: 3379
تحميل: 5099


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 289 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 3379 / تحميل: 5099
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 6

مؤلف:
العربية

ياسر ألم أتقدم إليك بترك الخلاف علي؟ قال : بلى والله لكن الخطب أجل من ذلك والأمر الذي ندبني إليه أمير المؤمنين وددت أني أكون مت قبل أن يجري على يدي منه شيء ، قال : دع عنك هذا وأنهض لما أمرتك به ، فمضى ياسر حتى دخل على جعفر وهو على حال لهوه فقال له : إن أمير المؤمنين قد أمرني فيك بكيت وكيت فقال له جعفر : إن أمير المؤمنين يمازحني بأصناف من المزاح فأحسب أن هذا جنس من ذلك قال : والله ما رأيته إلا جدا قال : فإن يكن الأمر كما قلت فهو إذن سكران ، قال : لا والله ما فقد من عقله شيئا ولا ظننته شرب نبيذا في يومه مع ما رأيت من عبارته ، قال له : فإن لي عليك حقوقا لن تجد لها مكافأة وقتا من الأوقات إلا هذا الوقت ، قال تجدني إلى ذلك سريعا إلا ما خالف أمر أمير المؤمنين قال : فارجع إليه وأعلمه أنك أنفذت ما أمر به ، فإن أصبح نادما كانت حياتي على يديك جارية ، وكانت لك عندي نعم مجددة ، وإن أصبح على مثل هذا الرأي أنفذت ما أمرك به في غد قال : ليس إلى ذلك سبيل ، قال : فأسير معك إلى مضرب أمير المؤمنين حتى أقف بحيث أسمع كلامه ومراجعتك إياه ، فإذا أبليت بيني وبينك (١) عذرا فإن لم يقنع إلا بمصيرك إليه برأسي خرجت فأخذت رأسي من قرب ، قال له : أما هذا فنعم.

فصارا جميعا إلى مضرب الرشيد فدخل عليه ياسر فقال له : قد أخذت رأسه يا أمير المؤمنين وها هو بالحضرة قال : ائتني به وإلا والله عجلتك قبله ، فخرج وقال له : سمعت الكلام؟ قال : نعم فشأنك وما أمرت به ، وأخرج جعفر من كمه منديلا صغيرا فعصب به عينيه ومد عنقه فضربها وأدخل رأسه إلى الرشيد ، فلما وضعه بين يده أقبل عليه وجعل يذكره بذنوبه ثم قال : يا ياسر ائتني بفلان وفلان ، فلما أتاه بهم قال اضربوا عنق ياسر فإني لا أقدر أن أنظر إلى قاتل جعفر.

قال المسعودي : وكانت مدة دولة البرامكة وسلطانهم وأيامهم النظرة الحسنة

__________________

(١) وفي المصدر « فإذا أبديت عذرا ولم يقنع اه ».

٨١

٦ ـ أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن حمزة بن القاسم ، عن إبراهيم بن موسى قال ألححت على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام في شيء أطلبه منه فكان يعدني فخرج ذات يوم ليستقبل والي المدينة وكنت معه فجاء إلى قرب قصر فلان فنزل تحت شجرات ونزلت معه أنا وليس معنا ثالث فقلت جعلت فداك هذا العيد قد أظلنا ولا والله ما أملك درهما فما سواه فحك بسوطه الأرض

منذ استخلف هارون إلى أن قتل جعفر ، سبع عشرة سنة وسبعة أشهر وخمسة عشر يوما ، انتهى.

وأقول : كأن جعفرا بعد ضرب عنقه قطع إربا إربا كما روي في الكامل أنه لما قتل جعفر أمر الرشيد أن ينصب رأسه على جسر ويقطع بدنه قطعتين ينصب كل قطعة على جسر.

وروى الصدوق بإسناده عن محمد بن الفضيل قال : لما كان في السنة التي بطش هارون بآل برمك وبدء بجعفر بن يحيى وحبس يحيى بن خالد ونزل بالبرامكة ما نزل ، كان أبو الحسن عليه‌السلام واقعا بعرفة يدعو ثم طأطأ رأسه ، فسئل عن ذلك فقال : إني كنت أدعو الله على البرامكة بما فعلوا بأبي عليه‌السلام فاستجاب الله لي اليوم فيهم ، فلما انصرف لم يلبث إلا يسيرا حتى بطش بجعفر ويحيى وتغيرت أحوالهم.

الحديث السادس : مجهول.

وفي البصائر عمن أخبره عن إبراهيم بن موسى ، وإبراهيم يحتمل أن يكون أخاه عليه‌السلام ، وقال المفيد (ره) كان شجاعا وتقلد الإمرة على اليمن في أيام المأمون من قبل محمد بن زيد بن علي الذي بايعه أبو السرايا بالكوفة ، ومضى إليها وفتحها وأقام بها مدة إلى أن كان من أمر أبي السرايا ما كان ، وأخذ له الأمان من المأمون ، انتهى.

وفلان مبني علي نسيان الاسم ، وفي النهاية : فيه قد أظلكم شهر عظيم ، أي أقبل إليكم ودنى منكم كأنه ألقى عليكم ظله.

٨٢

حكا شديدا ثم ضرب بيده فتناول منه سبيكة ذهب ثم قال انتفع بها واكتم ما رأيت.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن ياسر الخادم والريان بن الصلت جميعا قال لما انقضى أمر المخلوع واستوى الأمر للمأمون كتب إلى الرضا عليه‌السلام يستقدمه إلى خراسان فاعتل عليه أبو الحسن عليه‌السلام بعلل فلم يزل المأمون يكاتبه في ذلك حتى علم أنه لا محيص له وأنه لا يكف عنه فخرج عليه‌السلام ولأبي جعفر عليه‌السلام سبع سنين فكتب إليه المأمون لا تأخذ على طريق الجبل وقم وخذ على طريق البصرة والأهواز

الحديث السابع : صحيح.

والمخلوع هو محمد الملقب بالأمين أخي المأمون من أبيه ، وأمه زبيدة بنت جعفر بن منصور الدوانيقي ، وكان هارون أخذ البيعة لابنه الأمين وبعده للمأمون ، وقسم البلاد بينهما بأن جعل شرقي عقبة حلوان من نهاوند وقم وكاشان وأصفهان وفارس وكرمان إلى حيث يبلغ ملكه من جهة المشرق للمأمون ، والعراق والشام إلى آخر الغرب للأمين ، ثم بايع لابنه القاسم بولاية العهد بعد المأمون ولقبه المؤتمن وضم إليه الجزيرة والثغور والعواصم ، وسمي مخلوعا لأنه لما ضاق الأمر عليه خلع نفسه عن الخلافة أو خلعه أمراؤه وجنده وأخذه الطاهر ذو اليمينين وهو كان أمير العساكر ، وبعث برأسه إلى المأمون وهو بمرو.

وقوله : فاعتل عليه أبو الحسن عليه‌السلام بعلل ، أي اعتذر بمعاذير ، قال في النهاية : فيه ما علتي وأنا جلدنا بل ، أي ما عذري في ترك الجهاد فوضع العلة موضع العذر ، وفي القاموس : العلة بالكسر الحدث يشغل صاحبه عن وجهه ، ومنه : لا تعدم خرقاء علة يقال : لكل معتذر مقتدر وقد اعتل ، و المحيص المعدل والمهرب.

« لا تأخذ على طريق الجبل » أي همدان ونهاوند و قم ، ولعله لكثرة شيعته في تلك البلاد لئلا يتوازروا عليه فيمنعوه عن المصير إليه ، قال في القاموس : بلاد الجبل مدن بين آذربيجان وعراق العرب وخوزستان وفارس وبلاد الديلم ، وفي العيون

٨٣

وفارس حتى وافى مرو فعرض عليه المأمون أن يتقلد الأمر والخلافة فأبى أبو الحسن عليه‌السلام قال فولاية العهد فقال على شروط أسألكها قال المأمون له سل ما شئت فكتب الرضا عليه‌السلام إني داخل في ولاية العهد على أن لا آمر ولا أنهى ولا أفتي ولا أقضي ولا أولي ولا أعزل ولا أغير شيئا مما هو قائم وتعفيني من ذلك كله فأجابه المأمون إلى ذلك كله قال فحدثني ياسر قال فلما حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا عليه‌السلام يسأله أن يركب ويحضر العيد ويصلي ويخطب فبعث إليه الرضا

على طريق الكوفة وقم ، فحمل على طريق البصرة والأهواز وفارس حتى وافى مرو فلما وافى مرو عرض عليه أن يتقلد الإمرة والخلافة فأبى الرضا عليه‌السلام ذلك وجرت في هذا مخاطبات كثيرة وبقوا في ذلك نحوا من شهرين كل ذلك يأبى عليه أبو الحسن علي بن موسى عليه‌السلام أن يقبل ما يعرض عليه فلما كثر الكلام والخطاب في هذا ، قال المأمون : فولاية العهد.

« فولاية » منصوب أي فتقلد ولاية العهد ، أي تكون خليفة بعدي ، وفي العيون فأجابه إلى ذلك وقال له على شروط أسألكها ، فقال المأمون : سل ما شئت ، قالوا : فكتب الرضا عليه‌السلام إني أدخل ولاية العهد على أن لا آمر ولا أنهى ولا أقضي ولا أغير شيئا مما هو قائم وتعفيني عن ذلك كله ، فأجابه المأمون إلى ذلك وقبلها على هذه الشروط ودعا المأمون القواد والقضاة والشاكرية وولد العباس إلى ذلك فاضطربوا عليه ، فأخرج أموالا كثيرة وأعطى القواد وأرضاهم إلا ثلاثة نفر من قوادة أبوا ذلك أحدهم عيسى الجلودي وعلي بن عمران وابن مؤنس ، فإنهم أبوا أن يدخلوا في بيعة الرضا عليه‌السلام فحبسهم وبويع للرضا عليه‌السلام وكتب بذلك إلى البلدان وضربت الدنانير والدراهم باسمه ، وخطب له على المنابر ، وأنفق المأمون على ذلك أموالا كثيرة ، فلما حضر العيد. إلى آخر الخبر.

وكأنه كان عيد الأضحى للتكبير. (١)

__________________

(١) أي لقرائته (ع) التكبير الوارد في هذا اليوم من قوله : « الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ».

٨٤

عليه‌السلام قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخول هذا الأمر فبعث إليه المأمون إنما أريد بذلك أن تطمئن قلوب الناس ويعرفوا فضلك فلم يزل عليه‌السلام يراده الكلام في ذلك فألح عليه فقال يا أمير المؤمنين إن أعفيتني من ذلك فهو أحب إلي وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين عليه‌السلام فقال المأمون اخرج كيف شئت وأمر المأمون القواد والناس أن يبكروا إلى باب أبي الحسن قال فحدثني ياسر الخادم أنه قعد الناس لأبي الحسن.

قال : فحد ثني ياسر الخادم أنه قعد الناس لابي الحسن عليه‌السلام في الطرقات والسطوح الرجال والنساء والصبيان واجتمع القواد والجند على باب أبي الحسن عليه‌السلام فلما طلعت الشمس قام عليه‌السلام فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن ألقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه وتشمر ثم قال لجميع مواليه افعلوا مثل ما فعلت ثم أخذ بيده عكازا ثم خرج ونحن بين يديه وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمرة فلما مشى ومشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات فخيل إلينا أن السماء والحيطان تجاوبه والقواد والناس على الباب قد تهيئوا ولبسوا السلاح وتزينوا بأحسن الزينة فلما طلعنا عليهم بهذه الصورة وطلع الرضا عليه‌السلام وقف على الباب وقفة ثم قال الله أكبر الله أكبر الله

قوله : في دخول هذا الأمر ، أي ولاية العهد « إن تطمئن » أي على ولاية العهد « يراده » أي يراجعه « كما خرج » أي ماشيا مع سائر الآداب المطلوبة ، والقواد جمع قائد رؤساء العساكر « أن يركبوا » في العيون : أن يبكروا.

« طرفا منها على صدره » ظاهره أن التحنيك المستحب إدارة رأس العمامة من الخلف وإلقاؤه على الصدر كما يفعله أهل المدينة ، وفي المصباح المنير : التشمير في الأمر السرعة فيه والخفة ومنه قيل : شمر في العبادة إذا اجتهد وبالغ ، وشمر ثوبه رفعه ، وفي القاموس شمر وشمر وانشمر و تشمر : مرجادا أو مختالا وتشمر للأمر تهيأ وشمر الثوب تشميرا : رفعه ، وقال : العكاز عصا ذات زج.

٨٥

أكبر الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما أبلانا نرفع بها أصواتنا قال ياسر فتزعزعت مرو بالبكاء والضجيج والصياح لما نظروا إلى أبي الحسن عليه‌السلام وسقط القواد عن دوابهم ورموا بخفافهم لما رأوا أبا الحسن عليه‌السلام حافيا وكان يمشي ويقف في كل عشر خطوات ويكبر ثلاث مرات قال ياسر فتخيل إلينا أن السماء والأرض والجبال تجاوبه وصارت مرو ضجة واحدة من البكاء وبلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل ذو الرئاستين يا أمير

على ما هدانا » على للتعليل ومتعلق بقوله أكبره المقدر ، وما مصدرية كما قال تعالى : « لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ » (١) وقال البيضاوي في قوله تعالى : « أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ » (٢) البهيمة كل حي لا يميز ، وقيل : كل ذات أربع وإضافتها إلى الأنعام للبيان ، كقولك : ثوب خز ، ومعناه : البهيمة من الأنعام ، انتهى.

والإبلاء : الإعطاء. وفي القاموس : البلاء يكون منحة ويكون محنة ، وقال : الزعزعة تحريك الشجرة ونحوها ، أو كل تحريك شديد وتزعزع تحرك ، وقال : أضج القوم إضجاجا صاحوا وجلبوا ، فإذا جزعوا وغلبوا فضجوا يضجون ضجيجا.

أقول : والفضل بن سهل كان وزير المأمون ، وهو الذي شيد أمره وأمره بعدم طاعة الأمين وأشار عليه بعدم الخروج عن خراسان وعدم طاعة الأمين في المصير إليه ، وبعث الطاهر ذي اليمينين لحربه ، فسير الأمين علي بن عيسى بن هامان إليه في خمسين ألف فارس فالتقيا خارج الري وكان طاهر في أقل من أربعة آلاف فارس فغلب طاهر عليهم ، وقتل ابن هامان وانهزمت عساكره ، ثم وجه الأمين عبد الرحمن بن جبلة في عشرين ألف فارس إليه ، فالتقيا في همدان فهزمه طاهر وطلب عبد الرحمن منه الأمان فأمنه ثم غدر به عبد الرحمن فقتل وتقدم طاهر إلى سلامان من قرى حلوان فلما أتى المأمون تلك الأخبار وكان جميع ذلك بموافقة رأي الفضل بن سهل رفع منزلته وعقد

__________________

(١) سورة البقرة : ١٨٥.

(٢) سورة المائدة : ١

٨٦

المؤمنين إن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس والرأي أن تسأله أن يرجع فبعث إليه المأمون فسأله الرجوع فدعا أبو الحسن عليه‌السلام بخفه فلبسه وركب ورجع.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن ياسر قال لما خرج المأمون من خراسان يريد بغداد وخرج الفضل ذو الرئاستين وخرجنا مع أبي الحسن عليه‌السلام ورد على الفضل بن سهل ذي الرئاستين كتاب من أخيه الحسن بن سهل ونحن في بعض المنازل : إني

له على المشرق من حد همدان إلى التبت طولا ، ومن بحر فارس إلى بحر الديلم وجرجان عرضا ، وجعل له عمالة ثلاثة آلاف ألف درهم ، وعقد له لواء على سنان ذي شعبتين ولقبه ذا الرئاستين رئاسة الحرب والقلم ، وولى الحسن بن سهل ديوان الخراج فلما ضيق طاهرا وهرثمة الأمر على الأمين وحاصروه استأمن إلى هرثمة فخرج فسبقه أصحاب طاهر فذبحوه وأخذوا رأسه وحملوه إلى طاهر وهو حمله إلى المأمون ، فاستعمل المأمون الحسن بن سهل أخا الفضل على ما كان افتتحه طاهر من كور الجبال والعراق وفارس والأهواز والحجاز واليمن ، وكتب إلى طاهر بتسليم ذلك إليه.

الحديث الثامن : حسن ، لأن ياسرا ذكر الكشي فيه أنه كان خادم الرضا عليه‌السلام ، وأن له مسائل ، وكان كلا منهما مدح ، وربما يعد مجهولا ، والأظهر أنه ممدوح بل فوق المدح لظهور اختصاص منه له عليه‌السلام من كثير من الأخبار.

قوله : في بعض المنازل أي سرخس كما ذكر في الكامل ، حيث قال : فلما أتى مأمون سرخس وثب قوم بالفضل بن سهل فقتلوه في الحمام ، وكان قتله لليلتين خلتا من شعبان ، وكان الذين قتلوه أربعة نفر أحدهم غالب المسعودي الأسود ، وقسطنطين الرومي ، وفرج الديلمي ، وموفق الصقلبي ، وكان عمره ستين سنة وهربوا ، فجعل للمأمون لمن جاء بهم عشرة آلاف دينار ، فجاء بهم العباس بن الهيثم الدينوري ، فقالوا المأمون : أنت أمرتنا بقتله ، فأمر بهم فضربت رقابهم ، وقيل : إن المأمون لما سألهم فمنهم من قال : إن علي بن أبي سعيد ابن أخت الفضل بن سهل حملهم عليه ، ومنهم من

٨٧

نظرت في تحويل السنة في حساب النجوم فوجدت فيه أنك تذوق في شهر كذا وكذا يوم الأربعاء حر الحديد وحر النار وأرى أن تدخل أنت وأمير المؤمنين والرضا الحمام في هذا اليوم وتحتجم فيه وتصب على يديك الدم ليزول عنك نحسه فكتب ذو الرئاستين إلى المأمون بذلك وسأله أن يسأل أبا الحسن ذلك فكتب المأمون إلى أبي الحسن يسأله ذلك فكتب إليه أبو الحسن لست بداخل الحمام غدا ولا أرى لك ولا للفضل أن تدخلا الحمام غدا فأعاد عليه الرقعة مرتين فكتب إليه أبو الحسن يا أمير المؤمنين لست بداخل غدا الحمام فإني رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في هذه الليلة في النوم فقال لي يا علي لا تدخل الحمام غدا ولا أرى لك ولا للفضل أن تدخلا الحمام غدا فكتب إليه المأمون صدقت يا سيدي وصدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لست بداخل الحمام غدا والفضل أعلم قال فقال ياسر فلما أمسينا وغابت الشمس قال لنا الرضا عليه‌السلام قولوا نعوذ بالله من شر ما ينزل في هذه الليلة فلم نزل نقول ذلك فلما صلى الرضا عليه‌السلام الصبح قال لي اصعد [ على ] السطح فاستمع هل تسمع شيئا فلما صعدت سمعت الضجة والتحمت وكثرت فإذا نحن بالمأمون قد دخل من الباب الذي كان إلى داره من دار أبي الحسن وهو يقول يا سيدي يا أبا الحسن آجرك الله في الفضل فإنه قد أبى وكان دخل الحمام فدخل عليه قوم بالسيوف فقتلوه وأخذ ممن دخل

أنكر ذلك فقتلهم ، ثم أحضر عبد العزيز بن عمران وعليا ويونس وخلفا (١) فسألهم فأنكروا أن يكونوا علموا بشيء من ذلك فلم يقبل منهم وقتلهم وبعث برءوسهم إلى الحسن بن سهل وأعلمه ما دخل عليه من المصيبة بقتل الفضل وأنه قد صيره مكانه.

وقال : في سنة اثنتين ومائتين تزوج المأمون پوران بنت الحسن بن سهل ، وفيها زوج المأمون ابنته أم حبيبة الرضا عليه‌السلام وزوج ابنته أم الفضل أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليهما‌السلام

قوله : في تحويل السنة ، أي انتقال الشمس إلى الحمل في هذه السنة ، وفي العيون

__________________

(١) كذا في النسخ ، وفي المصدر : « وموسى وخلقا » بدل « ويونس وخلفا ».

٨٨

عليه ثلاث نفر كان أحدهم ابن خاله الفضل ابن ذي القلمين قال فاجتمع الجند والقواد ومن كان من رجال الفضل على باب المأمون فقالوا هذا اغتاله وقتله يعنون المأمون ولنطلبن بدمه وجاءوا بالنيران ليحرقوا الباب فقال المأمون لأبي الحسن عليه‌السلام يا سيدي ترى أن تخرج إليهم وتفرقهم قال فقال ياسر فركب أبو الحسن وقال لي اركب فركبت فلما خرجنا من باب الدار نظر إلى الناس وقد تزاحموا فقال لهم بيده تفرقوا تفرقوا قال ياسر فأقبل الناس والله يقع بعضهم على بعض وما أشار إلى أحد إلا ركض ومر.

٩ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن مسافر وعن الوشاء ، عن مسافر قال لما أراد هارون بن المسيب أن يواقع محمد بن جعفر قال لي أبو الحسن الرضا

فلما صلى الرضا عليه‌السلام الصبح قال لنا : قولوا نعوذ بالله من شر ما ينزل في هذا اليوم فما زلنا نقول ذلك فلما كان قريبا من طلوع الشمس قال الرضا عليه‌السلام : اصعد السطح قوله : التحمت ، أي كثرت ، وفي العيون وبعض نسخ الكتاب سمعت الضجة والنحيب وفي العيون وكثر ذلك وهو أظهر.

« ابن ذي القلمين » قيل : لقب بذلك لأنه كان عنده ديوان الجند والنظارة للعلة الخاصة « اغتاله » أي قتله خدعة وبغتة ، وفي العيون في آخر الخبر : ولم يقف له أحد.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور إن كان « وعن الوشاء » معطوفا علي قوله : عن مسافر كما هو الظاهر ، بأن يكون روى المعلى عن مسافر بواسطة وبدونها ، أو حسن إن كان معطوفا على قوله عن معلى ، ويظهر من إرشاد المفيد أنه جعله عطفا على الحسين ، وهو في غاية البعد.

ومسافر خادم الرضا عليه‌السلام وهارون كان والي المدينة كما مر « أن يواقع » أي يحارب ومحمد هو ابن الصادق الملقب بالديباج خرج بمكة وهو من أئمة الزيدية روى الصدوق (ره) في العيون بإسناده عن إسحاق بن موسى ، قال : لما خرج عمي محمد

٨٩

ابن جعفر بمكة ودعا إلى نفسه ، ودعي بأمير المؤمنين وبويع له بالخلافة ، دخل عليه الرضا عليه‌السلام وأنا معه فقال : يا عم لا تكذب أباك ولا أخاك ، فإن هذا الأمر لا يتم ثم خرج وخرجت معه إلى المدينة ، فلم يلبث إلا قليلا حتى قدم الجلودي فلقيه فهزمه ، ثم استأمن إليه فلبس السواد وصعد المنبر فخلع نفسه وقال : إن هذا الأمر للمأمون وليس لي فيه حق ثم أخرج إلى خراسان ومات بجرجان ، وفي كشف الغمة فمات بمرو.

وروى الصدوق أيضا بإسناده عن عمير بن بريد قال : كنت عند الرضا عليه‌السلام فذكر محمد بن جعفر فقال : إني جعلت على نفسي أن لا يظلني وإياه سقف بيت ، فقلت في نفسي : هذا يأمرنا بالبر والصلة ويقول هذا لعمه؟ فقال : هذا من البر والصلة إنه متى يأتيني ويدخل علي ويقول في فيصدقه الناس ، وإذا لم يدخل علي ولم أدخل عليه لم يقبل قوله إذا قال.

وقال في الكامل في حوادث سنة المائتين : في هذه السنة في المحرم نزع الحسن بن الحسن كسوة الكعبة وكساها أخرى وأنفذها أبو السرايا من الكوفة من القز وأخذ ما على الأساطين من الذهب وأخذ ما في خزانة الكعبة فقسمه مع كسوتها على أصحابه وأتى هو وأصحابه إلى محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ، وكان شيخا محببا للناس مفارقا لما عليه كثير من أهل بيته من قبح السيرة ، وكان يروي العلم عن أبيه جعفر عليه‌السلام ، وكان الناس يكتبون عنه ، وكان يظهر زهدا فلما أتوه قالوا له : تعلم منزلتك من الناس فهلم نبايعك بالخلافة فإن فعلت لم يختلف عليك رجلان ، فامتنع من ذلك فلم يزل به ابنه علي والحسن بن الحسن الأفطس حتى غلباه على رأيه وأجابهم وأقاموه في ربيع الأول فبايعوه بالخلافة ، وجمعوا الناس فبايعوه طوعا أو كرها وسموه أمير المؤمنين ، فبقي شهورا وليس له من الأمر شيء ، وابنه علي والحسن وجماعتهم أسوأ ما كانوا سيرة وأقبح فعلا ، فوثب حسن بن حسن على امرأة

٩٠

من بني فهر كانت جميلة فأرادها على نفسها فامتنعت منه فأخاف زوجها وهو من بني مخزوم حتى توارى ثم كسر باب دارها وأخذها إليه مدة ثم هربت منه ، ووثب علي بن محمد بن جعفر على غلام أمرد وهو ابن قاضي مكة يقال له : إسحاق بن محمد ، وكان جميلا فأخذه قهرا فلما رأى ذلك أهل مكة ومن بها من المجاورين اجتمعوا بالحرم واجتمع معهم كثير فأتوا محمد بن جعفر فقالوا : لنخلعنك أو لنقتلنك أو لتردن إلينا هذا الغلام ، فأغلق بابه وكلمهم من شباك وطلب منهم الأمان ليركب إلى ابنه يأخذ الغلام وحلف لهم أنه لم يعلم بذلك فأمنوه فركب إلى ابنه وأخذ الغلام منه وسلمه إلى أهله ، ولم يلبثوا إلا يسيرا حتى قدم إسحاق بن موسى العباسي من اليمن ، فاجتمع الطالبيون إلى محمد بن جعفر وأعلموه ذلك وحفروا له خندقا وجمعوا الناس من الأعراب وغيرهم فقاتلهم إسحاق ثم كره القتال ، فسار نحو العراق فلقيه الجند الذين أنفذهم هرثمة إلى مكة ومعهم الجلودي ، وورقاء بن جميل ، فقالوا لإسحاق : ارجع معنا ونحن نكفيك القتال ، فرجع معهم فقاتلوا الطالبيين فهزموهم.

وأرسل محمد بن جعفر بطلب الأمان فأمنوه ودخل العباسيون مكة في جمادى الآخرة وتفرق الطالبيون من مكة ، وأما محمد بن جعفر فسار نحو الجحفة وأدركه بعض موالي بني العباس فأخذ جميع ما معه وأعطاه دريهمات يتوصل بها ، فسار نحو بلاد جهينة فجمع بها وقاتل هارون بن المسيب وأتى المدينة عند الشجرة وغيرها عدة دفعات فانهزم محمد وفقئت عينه بنشابة وقتل من أصحابه جمع كثير ، ورجع إلى موضعه ، فلما انقضى الموسم طلب الأمان من الجلودي ومن ورقاء بن جميل وهو ابن عم الفضل بن سهل فأمناه وضمن له ورقاء عن المأمون ، وعن الفضل الوفاء بالأمان فقبل ذلك وأتى مكة لعشر بقين من ذي الحجة ، فخطب الناس وقال : إنني بلغني أن المأمون مات وكان له في عنقي بيعة فبايعني الناس ثم إنه صح عندي أنه حي صحيح وأنا أستغفر الله من البيعة ، قد خلعت نفسي من بيعتي التي بايعتموني عليها كما خلعت خاتمي هذا من إصبعي فلا بيعة لي في رقابكم ثم نزل وسار سنة إحدى

٩١

عليه‌السلام : اذهب إليه وقل له لا تخرج غدا فإنك إن خرجت غدا هزمت وقتل أصحابك

ومائتين إلى العراق فسيره الحسن بن سهل إلى المأمون بمرو ، فلما سار إلى المأمون صحبه إلى أن توفي في سنة ثلاث ومائتين بجرجان ، وصلى عليه المأمون ، انتهى كلام ابن الأثير.

وقال صاحب مقاتل الطالبيين : إن جماعة اجتمعوا مع محمد بن جعفر فقاتلوا هارون ابن المسيب بمكة قتالا شديدا ، وفيهم حسن بن حسن الأفطس ومحمد بن سليمان بن داود بن حسن بن الحسن ، ومحمد بن الحسن المعروف بالسباق وعلي بن الحسين بن عيسى بن زيد ، وعلي بن الحسين بن زيد ، وعلي بن جعفر بن محمد ، فقتلوا من أصحابه مقتلة عظيمة وطعنه خصي كان مع محمد بن جعفر فصرعه وكر أصحابه فتخلصوه ثم رجعوا فأقاموا مدة وأرسل هارون إلى محمد بن جعفر وبعث إليه ابن أخيه علي بن موسى الرضا عليه‌السلام فلم يصغ إلى رسالته وأقام على الحرب ، ثم وجه إليه هارون خيلا فحاصرته في موضعه لأنه كان موضعا حصينا لا يوصل إليه ، فلما بقوا في الموضع ثلاثا ونفد زادهم وماءهم جعل أصحابه يتفرقون ويتسللون يمينا وشمالا ، فلما رأى ذلك لبس رداء ونعلا وصار إلى مضرب هارون فدخل إليه وسأله الأمان لأصحابه ففعل هارون ذلك ، هكذا ذكر النوفلي.

وأما محمد بن علي بن حمزة فإنه ذكر أن هذا كان من جهة عيسى الجلودي ، لا من جهة هارون ثم وجه إلى أولئك الطالبيين فحملهم مقيدين في محامل بلا وطاء ليمضي بهم إلى خراسان ، فخرجت عليهم بنو تيهان.

وقال النوفلي : خرج عليهم الغاضريون بزبالة فاستنقذوهم منه بعد حرب طويلة صعبة فمضوا هم بأنفسهم إلى الحسن بن سهل ، فأنفذهم إلى خراسان إلى المأمون فمات محمد بن جعفر هناك ، فلما أخرجت جنازته دخل المأمون بين عمودي السرير فحمله حتى وضع في لحده ، وقال : هذه رحم مجفوة منذ مائتي سنة ، وقضى دينه ، وكان عليه نحوا من ثلاثين ألف دينار ، انتهى.

قوله عليه‌السلام : قل له ، يدل على جواز الكذب للمصلحة مع أنه يمكن أن

٩٢

فإن سألك من أين علمت هذا فقل رأيت في المنام قال فأتيته فقلت له جعلت فداك لا تخرج غدا فإنك إن خرجت هزمت وقتل أصحابك فقال لي من أين علمت هذا فقلت رأيت في المنام فقال نام العبد ولم يغسل استه ثم خرج فانهزم وقتل أصحابه قال وحدثني مسافر قال كنت مع أبي الحسن الرضا عليه‌السلام بمنى فمر يحيى بن خالد فغطى رأسه من الغبار فقال مساكين لا يدرون ما يحل بهم في هذه السنة ثم قال وأعجب من هذا هارون وأنا كهاتين وضم إصبعيه قال مسافر فو الله ما عرفت معنى حديثه حتى دفناه معه.

١٠ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن محمد القاساني قال أخبرني بعض أصحابنا أنه حمل إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام مالا له خطر فلم أره سر به قال فاغتممت لذلك وقلت في نفسي قد حملت هذا المال ولم يسر به فقال يا غلام الطست والماء قال فقعد على كرسي وقال بيده وقال للغلام صب علي الماء قال فجعل يسيل من بين أصابعه في الطست ذهب ثم التفت إلي فقال لي من كان هكذا [ لا ] يبالي بالذي حملته إليه.

يكون عليه‌السلام علم أنه رأى في النوم شيئا هذا تعبيره وإن لم يعلمه مسافر ، قوله : نام العبد ، أي مسافر ، وقال ذلك استهزاء به ، وإظهارا لعدم الاعتناء بقوله ، وإنه إن صدق فمن قبيل أضغاث الأحلام ، ويحيى هو والد جعفر البرمكي.

« مساكين » أي هؤلاء مساكين « وأعجب » أفعل التفضيل ، أي أعجب من زوال دولتهم موت هارون بخراسان ، وموتي به واجتماعي معه في الدفن في موضع ، أو أعجب من إخباري بذاك إخباري بهذا وربما يقرأ بصيغة الأمر وهو بعيد « حتى دفناه » أي الرضا عليه‌السلام « معه » أي مع هارون.

الحديث العاشر : ضعيف.

وقاسان معرب كاشان ، و الخطر بالتحريك القدر والشرف « فلم أره سر به » على بناء المجهول « الطست » منصوب بتقدير أحضر « فجعل يسيل » أي شرع « من كان هكذا » استفهام إنكاري ، وفي المناقب : لا يبالي.

٩٣

١١ ـ سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر جميعا ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان قال قبض علي بن موسى عليهما‌السلام وهو ابن تسع وأربعين سنة وأشهر في عام اثنين ومائتين عاش بعد موسى بن جعفر عشرين سنة إلا شهرين أو ثلاثة.

باب

مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليه السلام

ولد عليه‌السلام في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين ومائة وقبض عليه‌السلام سنة عشرين ومائتين في آخر ذي القعدة وهو ابن خمس وعشرين سنة وشهرين وثمانية عشر يوما

الحديث الحادي عشر : ضعيف على المشهور ، موقوف ومخالف لما اختاره المصنف وجعله أقصد ، وقد أشار إلى الاختلاف.

باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليه‌السلام

أقول : قال ابن شهرآشوب (ره) ولد عليه‌السلام بالمدينة ليلة الجمعة للتاسع عشر من شهر رمضان ، ويقال : للنصف منه ، وقال ابن عياش : يوم الجمعة لعشر خلون من رجب سنة خمس وتسعين ومائة ، وقبض ببغداد مسموما في آخر ذي القعدة ، وقيل : يوم السبت لست خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين ، ودفن في مقابر قريش إلى جنب موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، وعمره خمس وعشرون سنة ، وقالوا : وثلاثة أشهر واثنان وعشرون يوما ، وأمه أم ولد تدعي درة ، وكانت مريسية ، ثم سماها الرضا عليه‌السلام خيزران ، وكانت من أهل بيت مارية القبطية ، ويقال أنها سبيكة ، وكانت نوبية ، ويقال : ريحانة ، وتكنى أم. الحسن ومدة ولايته سبع عشرة سنة ، ويقال : أقام مع أبيه سبع سنين وأربعة أشهر ويومين ، وبعده ثماني عشرة سنة إلا عشرين يوما فكان في سني إمامته بقية ملك المأمون ، ثم ملك المعتصم والواثق ، وفي ملك الواثق استشهد ، وقال ابن بابويه : سم المعتصم محمد بن علي عليه‌السلام ، وأولاده

٩٤

ودفن ببغداد في مقابر قريش عند قبر جده موسى عليه‌السلام وقد كان المعتصم أشخصه إلى بغداد في أول هذه السنة التي توفي فيها عليه‌السلام وأمه أم ولد يقال لها سبيكة نوبية

علي الإمام ، وموسى ، وحكيمة ، وخديجة ، وأم كلثوم ، وقال أبو عبد الله الحارثي : خلف فاطمة وإمامة فقط ، وقد كان زوجه المأمون بنته أم الفضل ولم يكن له منها ولد ، وسبب وروده بغداد إشخاص المعتصم والواثق له من المدينة فورد بغداد لليلتين من المحرم سنة عشرين ومائتين ، وأقام بها حتى توفي في هذه السنة ، وروي أن امرأته أم الفضل بنت المأمون سمته في فرجه بمنديل ، فلما أحس بذلك قال لها : أبلاك الله بداء لا دواء له ، فوقعت الأكلة في فرجها ، وكانت تنتصب للطبيب فينظرون إليها ويشيرون بالدواء عليها فلا ينفع ذلك حتى ماتت من علتها ، انتهى.

وقال الشيخ في المصباح : خرج على يد الشيخ الكبير أبي القاسم رضي‌الله‌عنه : اللهم إني أسألك بالمولودين في رجب محمد بن علي الثاني وابنه علي بن محمد المنتجب ، الدعاء.

وذكر ابن عياش : أنه كان يوم العاشر من رجب مولد أبي جعفر الثاني عليه‌السلام

وفي الدروس : ولد عليه‌السلام بالمدينة في شهر رمضان سنة خمس وتسعين ومائة ، وقبض ببغداد في آخر ذي القعدة وقيل : يوم الثلاثاء حادي عشر ذي القعدة سنة عشرين ومائتين.

وفي تاريخ الغفاري ولد ليلة الجمعة الخامس عشر من شهر رمضان.

وفي عيون المعجزات : أن المعتصم أبا إسحاق محمد بن هارون لما تولى الخلافة بعد المأمون في شعبان سنة ثمان عشرة ومائتين عمل الحيلة في قتل أبي جعفر وأشار إلى ابنة المأمون زوجته بأن تسمية لأنه وقف على انحرافها عن أبي جعفر عليه‌السلام وشدة غيرتها عليه ، لتفضيله أم أبي الحسن عليها ، ولأنه لم يرزق منها ولد ، فأجابته إلى ذلك وجعلت سما في عنب رازقي ووضعته بين يديه ، فلما أكل منه ندمت وجعلت تبكي ، فقال عليه‌السلام : ما بكاؤك والله ليضربنك الله بعقر لا ينجبر ، وبلاء لا يتيسر فماتت بعلة في

٩٥

وقيل أيضا إن اسمها كان خيزران وروي أنها كانت من أهل بيت مارية أم إبراهيم بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

١ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن حسان ، عن علي بن خالد قال محمد وكان زيديا قال كنت بالعسكر فبلغني أن هناك رجل محبوس أتي به من ناحية الشام

أغمض المواضع من جوارحها صارت ناصورا ، فأنفقت مالها وجميع ما ملكته على تلك حتى احتاجت إلى الاسترقاء ، وروي أن الناصور كان في فرجها ، وقبض عليه‌السلام في سنة حتى احتاجت إلى الاسترقاء ، وروي أن الناصور كان في فرجها ، وقبض عليه‌السلام في سنة عشرين ومائتين من الهجرة في يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي الحجة ، وله أربع وعشرون سنة وشهور ، لأن مولده عليه‌السلام كان في سنة خمس وتسعين ومائة ، وروي في كشف الغمة عن محمد بن سعيد أنه عليه‌السلام قتل في زمن الواثق بالله.

وروي عن أحمد بن علي بن ثابت أنه عليه‌السلام قدم من المدينة إلى بغداد وافدا إلى أبي إسحاق المعتصم ، ومعه امرأته أم الفضل بنت المأمون ، وتوفي ببغداد ودخلت امرأته أم الفضل إلى قصر المعتصم ، فجعلت مع الحرم ، انتهى.

وأقول : كون شهادته عليه‌السلام في زمن الواثق مخالف للتواريخ المتقدمة ، لاتفاق أهل التواريخ على أن الواثق بالله هارون بن المعتصم بويع في شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين ، وقد دلت التواريخ المتقدمة على أنه عليه‌السلام مضى قبل ذلك بسبع سنين أو أكثر.

الحديث الأول : ضعيف.

قوله : وكان ، أي علي بن خالد ، وفي القاموس : العسكر اسم سر من رأى ، وإليه نسب العسكريان أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر ، وولده الحسن عليهم‌السلام

قوله : رجل محبوس ، في الإرشاد وغيره وبعض نسخ الكتاب : رجلا محبوسا ، وفي القاموس : الكبل القيد ، ويكسر أو أعظمه كبله يكبله ، وكبله حبسه في سجن أو غيره ، انتهى.

٩٦

مكبولا وقالوا إنه تنبأ قال علي بن خالد فأتيت الباب وداريت البوابين والحجبة حتى وصلت إليه فإذا رجل له فهم فقلت يا هذا ما قصتك وما أمرك قال إني كنت رجلا بالشام أعبد الله في الموضع الذي يقال له موضع رأس الحسين فبينا أنا في عبادتي إذ أتاني شخص فقال لي قم بنا فقمت معه فبينا أنا معه إذا أنا في مسجد الكوفة فقال لي تعرف هذا المسجد فقلت نعم هذا مسجد الكوفة قال فصلى وصليت معه فبينا أنا معه إذا أنا في مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمدينة فسلم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسلمت وصلى وصليت معه وصلى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فبينا أنا معه إذا أنا بمكة فلم أزل معه حتى قضى مناسكه وقضيت مناسكي معه فبينا أنا معه إذا أنا في الموضع الذي كنت أعبد الله فيه بالشام ومضى الرجل فلما كان العام القابل إذا أنا به فعل مثل فعلته الأولى فلما فرغنا من مناسكنا وردني إلى الشام وهم بمفارقتي قلت له سألتك بالحق الذي أقدرك على ما رأيت إلا أخبرتني من أنت فقال أنا محمد بن علي بن موسى قال فتراقى الخبر حتى انتهى إلى محمد بن عبد الملك الزيات فبعث إلي وأخذني وكبلني في الحديد وحملني إلى العراق قال فقلت له فارفع

« تنبأ » أي ادعى النبوة ، ودارأه بالهمز وغيره دافعه ولائنه ، والمراد هنا الثاني ، وفي الإرشاد : في الموضع الذي يقال إنه نصب فيه رأس الحسين عليه‌السلام ، فبينا أنا ذات ليلة في موضعي مقبل على المحراب أذكر الله عز وجل إذ رأيت شخصا بين يدي فنظرت إليه فقال لي : قم فقمت معه ، فمشى بي قليلا إذا أنا بمسجد الكوفة.

وفي البصائر : فلما كان في عام قابل في أيام الموسم إلى قوله : سألتك بحق الذي أقدرك على ما رأيت إلا لما أخبرتني ، أي سألتك في جميع الأوقات إلا وقت إخبارك ، وقيل : أي ما سألتك شيئا إلا إخبارك ، والفعلة بالكسر مصدر للنوع ، وبالفتح للمرة.

قوله : من أنت ، « من » استفهامية « فتراقى الخبر » أي تصاعد وارتفع ، ومحمد بن عبد الملك كان وزير المعتصم وبعده وزير ابنه الواثق ، وكان أبوه يبيع دهن الزيت في بغداد ، وفي الإرشاد : فحدثت من كان يصير إلى ، فرقى ذلك إلى محمد بن عبد الملك

٩٧

القصة إلى محمد بن عبد الملك ففعل وذكر في قصته ما كان فوقع في قصته قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة ومن الكوفة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكة وردك من مكة إلى الشام أن يخرجك من حبسك هذا.

قال علي بن خالد فغمني ذلك من أمره ورققت له وأمرته بالعزاء والصبر قال ثم بكرت عليه فإذا الجند وصاحب الحرس وصاحب السجن وخلق الله فقلت ما هذا فقالوا المحمول من الشام الذي تنبأ افتقد البارحة فلا يدرى أخسفت به الأرض أو اختطفه الطير.

٢ ـ الحسين بن محمد الأشعري قال حدثني شيخ من أصحابنا يقال له عبد الله بن رزين قال كنت مجاورا بالمدينة ـ مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان أبو جعفر عليه‌السلام

إلى قوله : وحملني إلى العراق وحبست كما ترى ، وادعى على المحال ، فقلت له : فأرفع عنك قصة إلى محمد بن عبد الملك الزيات ، فقال : افعل ، فكتبت عنه قصته وشرحت أمره فيها ورفعتها إلى محمد بن عبد الملك فوقع في ظهرها : قل للذي أخرجك إلى قوله : قال علي بن خالد : فغمني ذلك من أمره ورققت له وانصرفت محزونا عليه فلما كان من الغد باكرت الحبس لأعلمه بالحال وآمره بالصبر والعزاء ، فوجدت الجند وأصحاب الحرس وصاحب السجن وخلقا عظيما من الناس يهرعون ، فسألت عن حالهم فقيل لي : المحمول من الشام المتنبي افتقد البارحة من الحبس فلا ندري أخسفت به الأرض أو اختطفه الطير ، وكان هذا الرجل أعني علي بن خالد زيديا فقال بالإمامة لما رأى ذلك ، وحسن اعتقاده.

قوله : فإذا الجند ، على ما في الكتاب خبره محذوف ، أي حاضرون ، و الحرس بالتحريك جمع حارس ، و افتقد على المعلوم أي غاب ، و اختطفه أي اختلسه واستلبه بسرعة.

الحديث الثاني : مجهول.

وكان المراد بالصحن الفضاء في خارج المسجد ، قوله : فوسوس إنما نسب ذلك

٩٨

يجيء في كل يوم مع الزوال إلى المسجد فينزل في الصحن ويصير إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويسلم عليه ويرجع إلى بيت فاطمة عليها‌السلام فيخلع نعليه ويقوم فيصلي فوسوس إلي الشيطان فقال إذا نزل فاذهب حتى تأخذ من التراب الذي يطأ عليه فجلست في ذلك اليوم أنتظره لأفعل هذا فلما أن كان وقت الزوال أقبل عليه‌السلام على حمار له فلم ينزل في الموضع الذي كان ينزل فيه وجاء حتى نزل على الصخرة التي على باب المسجد ثم دخل فسلم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال ثم رجع إلى المكان الذي كان يصلي فيه ففعل هذا أياما فقلت إذا خلع نعليه جئت فأخذت الحصى الذي يطأ عليه بقدميه فلما أن كان من الغد جاء عند الزوال فنزل على الصخرة ثم دخل فسلم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم جاء إلى الموضع الذي كان يصلي فيه فصلى في نعليه ولم يخلعهما حتى فعل ذلك أياما.

فقلت في نفسي لم يتهيأ لي هاهنا ولكن أذهب إلى باب الحمام فإذا دخل إلى الحمام أخذت من التراب الذي يطأ عليه فسألت عن الحمام الذي يدخله فقيل لي إنه يدخل حماما بالبقيع لرجل من ولد طلحة فتعرفت اليوم الذي يدخل فيه الحمام وصرت إلى باب الحمام وجلست إلى الطلحي أحدثه وأنا أنتظر مجيئه عليه‌السلام فقال الطلحي إن أردت دخول الحمام فقم فادخل فإنه لا يتهيأ لك ذلك بعد ساعة قلت ولم قال لأن ابن الرضا يريد دخول الحمام قال قلت ومن ابن الرضا قال رجل من آل محمد له صلاح وورع قلت له ولا يجوز أن يدخل معه الحمام غيره قال نخلي له الحمام إذا جاء قال فبينا أنا كذلك إذ أقبل عليه‌السلام ومعه غلمان له وبين يديه غلام معه حصير حتى أدخله المسلخ فبسطه ووافى فسلم

إلى الشيطان لما علم أنه عليه‌السلام لم يرض به ، إما لخوف الشهرة وإيذاء المخالفين ، أو لأنه ليس من المندوبات فيكون بدعة ، ولذا لم ينقل مثله في زمن السابقين كما قيل ، والأول أصوب.

قوله : ولا يجوز ، على بناء المجرد أو التفعيل ، وعلى الأخير ضمير الفاعل راجع

٩٩

ودخل الحجرة على حماره ودخل المسلخ ونزل على الحصير فقلت للطلحي هذا الذي وصفته بما وصفت من الصلاح والورع فقال يا هذا لا والله ما فعل هذا قط إلا في هذا اليوم فقلت في نفسي هذا من عملي أنا جنيته ثم قلت أنتظره حتى يخرج فلعلي أنال ما أردت إذا خرج فلما خرج وتلبس دعا بالحمار فأدخل المسلخ وركب من فوق الحصير وخرج عليه‌السلام فقلت في نفسي قد والله آذيته ولا أعود [ ولا ] أروم ما رمت منه أبدا وصح عزمي على ذلك فلما كان وقت الزوال من ذلك اليوم أقبل على حماره حتى نزل في الموضع الذي كان ينزل فيه في الصحن فدخل وسلم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجاء إلى الموضع الذي كان يصلي فيه في بيت فاطمة عليها‌السلام وخلع نعليه وقام يصلي.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن علي بن أسباط قال خرج عليه‌السلام علي فنظرت إلى رأسه ورجليه لأصف قامته لأصحابنا بمصر فبينا أنا كذلك حتى قعد وقال يا علي إن الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج في النبوة فقال « وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » (١) قال « وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ » (٢) « وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً » (٣) فقد يجوز أن يؤتى الحكم صبيا ويجوز أن يعطاها وهو ابن أربعين سنة.

إلى ابن الرضا و « تخلي » على الأفعال أو التفعيل ، والمستتر في أدخله للغلام ، والبارز للحصير « هذا الذي وصفته » استفهام تعجبي وغرضه أن مجيئه عليه‌السلام راكبا إلى الحصير من علامات التكبر وهو ينافي الصلاح والورع « أنا جنيته » أي جررته إليه ، والضمير راجع إلى هذا أو أنا صرت سببا لنسبة هذه الجناية إليه ، قال في القاموس : جنى الذنب عليه يجنيه جناية جره إليه ، والثمرة اجتناها ، وتجني عليه ادعى ذنبا لم يفعله.

قوله : أروم أي أقصد ، والخبر مشتمل على إعجازه عليه‌السلام وأنه كان عالما بما في الضمائر بإلهام الله تعالى.

الحديث الثالث : ضعيف وقد مضى مضمونه في باب حالات الأئمة عليهم‌السلام

__________________

(١) سورة مريم : ١٢.

(٢) سورة القصص : ١٤.

(٣) سورة الاحقاف : ٥١

١٠٠