مرآة العقول الجزء ٨

مرآة العقول13%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 434

  • البداية
  • السابق
  • 434 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 13404 / تحميل: 7623
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٨

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

بسم الله الرحمن الرحيم

(باب الرضا بالقضاء )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن صالح ، عن بعض أشياخ بني النجاشي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال رأس طاعة الله الصبر والرضا عن الله فيما أحب العبد أو كره ولا يرضى عبد عن الله فيما أحب أو كره إلا كان خيرا له فيما أحب أو كره.

_________________________________________

باب الرضا بالقضاء

الحديث الأول : مجهول.

« رأس طاعة الله » وفي بعض نسخ الحديث : كل طاعة الله ، أي أشرفها أو ما به بقاؤها فشبه الطاعة بإنسان وأثبت له الرأس ، وفي القاموس : الرأس معروف وأعلى كل شيء وسيد القوم ، وفي بعض كتب الحديث كل طاعة الله.

« فيما أحب » أي العبد مثل الصحة والسعة والأمن« أو كره » كالسقم والضيقإلا كان أي ما قضاه الله بقرينة المقام ، فإن الرضا عن الله هو الرضا بقضائه وإرجاعه إلى الرضا بعيد ، والرضا به لا ينافي الفرار عنه والدعاء لرفعه لأنهما أيضا بأمره وقضائه سبحانه.

١

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن ليث المرادي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله عز وجل.

٣ ـ عنه ، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال الصبر والرضا عن الله رأس طاعة الله ومن صبر ورضي عن الله فيما قضى عليه فيما أحب أو كره لم يقض الله عز وجل له فيما أحب أو كره إلا ما هو خير له.

_________________________________________

الحديث الثاني : صحيح.

« إن أعلم الناس » إلخ يدل على أن الرضا بالقضاء تابع للعلم والمعرفة وأنه قابل للشدة والضعف مثلهما ، وذلك لأن الرضا مبني على العلم بأنه سبحانه قادر قاهر عدل حكيم لطيف بعباده لا يفعل بهم إلا الأصلح وأنه المدبر للعالم وبيده نظامه ، فكلما كان العلم بتلك الأمور أتم كان الرضا بقضائه أكمل وأعظم ، وأيضا الرضا من ثمرات المحبة ، والمحبة تابعة للمعرفة ، فإذا كملت المحبة كلما أتاه من محبوبة التذ به وهذه أعلى مدارج الكمال.

الحديث الثالث : صحيح.

وضميرعنه راجع إلى أحمد ، ومضمونه موافق للحديث الأول فإنقوله عليه‌السلام ومن صبر ورضي ، إلخ المراد به أن الصبر والرضا وقعا موقعهما ، لأن المقضي عليه لا محالة خير له لا أنه إذا لم يرض ولم يصبر لم يكن خيرا له ، ولو حمل على هذا الوجه واعتبر المفهوم يحتمل أن يكون الرضا سببا لمزيد الخيرية ، ولو لم يكن إلا الأجر المترتب على الصبر والرضا لكفى في ذلك مع أنه قد جرب أن الراضي بالسوء من القضاء تتبدل حاله سريعا من الشدة إلى الرخاء ، وقيل : لا بد من القول بأن المفهوم غير معتبر ، أو القول بأن ما قضاه الله شر له لفقده أجر الصبر والرضا ، أو في نظره بخلاف الصابر والراضي فإنه خير في نظرهما وفي الواقع.

٢

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن داود الرقي ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال الله عز وجل إن من عبادي المؤمنين عبادا لا يصلح لهم أمر دينهم إلا بالغنى والسعة والصحة في البدن فأبلوهم بالغنى والسعة وصحة البدن فيصلح عليهم أمر دينهم وإن من عبادي المؤمنين لعبادا لا يصلح لهم أمر دينهم إلا بالفاقة والمسكنة والسقم في أبدانهم فأبلوهم بالفاقة والمسكنة والسقم فيصلح عليهم أمر دينهم وأنا أعلم بما يصلح عليه أمر دين عبادي المؤمنين وإن من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده ولذيذ وساده فيتهجد لي الليالي فيتعب نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين

_________________________________________

الحديث الرابع : مختلف فيه صحيح على الظاهر.

والغناء بالكسر والقصر وبالفتح والمد ضد الفقر ، والسعة بالفتح والكسر مصدر وسعه الشيء بالكسر يسعه سعة وهي تأكيد للغنى أو المراد بها كثرة الغناء وقد مر تأويل الاختبار مرارا ، فظهر أن اختلاف أحوالهم مبني على اختبارهم فيختبر بعضهم بالغنى ليظهر شكره أو كفرانه ، ولعلمه بأنه أصلح لدينه ، وبعضهم بالفقر ليظهر شكره أو شكايته ، ولعلمه بأنه أصلح لدينه وهكذا.

وبالجملة يختبر كلا منهم بما هو أصلح لدينه ، ودنياه ، والرقاد بالضم النوم أو هو خاص بالليل ، والوساد بالفتح المتكإ والمخدة كالوسادة مثلثة ، وإضافة اللذيذ إليه إضافة الصفة إلى الموصوف ، والاجتهاد السعي والجد في العبادة ، والليالي منصوب بالظرفية.

« فأضربه بالنعاس » كأنه على الاستعارة أي أسلطه عليه أو هو نظير قوله تعالى : «فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ »(١) وقال الراغب : الضرب إيقاع شيء على شيء ، ولتصور

__________________

(١) سورة الكهف : ١١.

٣

نظرا مني له وإبقاء عليه فينام حتى يصبح فيقوم وهو ماقت لنفسه زارئ عليها ـ ولو أخلي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك فيصيره العجب إلى الفتنة بأعماله فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله ورضاه عن نفسه حتى يظن أنه قد فاق العابدين وجاز في عبادته حد التقصير فيتباعد مني عند ذلك وهو يظن

_________________________________________

اختلاف الضرب خولف بين تفاسيرها كضرب الشيء باليد والعصا وضرب الأرض بالمطر وضرب الدراهم اعتبارا بضربه بالمطرقة والضرب في الأرض الذهاب فيه لضربها بالأرجل ، وضرب الخيمة لضرب أوتادها ، وقال : «ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ »(١) أي التحفتهم الذلة التحاف الخيمة لو ضربت عليه ، ومنه أستعير «فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ » وضرب اللبن بعضه ببعض بالخلط.

وفي القاموس :نظر لهم رثى لهم وأعانهم ، وفي النهاية :أبقيت عليه أبقى إبقاء إذا رحمته وأشفقت عليه ، والاسم البقيا.

وقال :المقت أشد البغض ، وقال :زريت عليه زراية إذا عبته ، والعجب ابتهاج الإنسان وسروره بتصور الكمال في نفسه وإعجابه بأعماله بظن كمالها وخلوصها ، وهذا من أقبح الأدواء النفسانية وأعظم الآفات للأعمال الحسنة حتى روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر من ذلك العجب ، ولا ينشأ ذلك إلا من الجهل بآفات النفس وأدوائها ، وبشرائط الأعمال ومفسداتها ، وعظمة المعبود وجلاله وغنائه عن طاعة المخلوقين.

« فيصيره العجب إلى الفتنة بأعماله » أي إلى أن يفتتن بها ويحبها ويراها كاملة فائقة على أعمال غيره أو إلى الضلالة أو الإثم بسبب الأعمال ، والأول أظهر قال في القاموس : الفتنة بالكسر إعجابك بالشيء والضلال والإثم والكفر ، والفضيحة قال في القاموس : الفتنة بالكسر إعجابك بالشيء والضلال والإثم والكفر ، والفضيحة والعذاب والمحنة.

__________________

(١) سورة البقرة : ٦١.

٤

أنه يتقرب إلي فلا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم وأفنوا أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي والنعيم في جناتي ورفيع درجاتي العلى في جواري ولكن فبرحمتي فليثقوا وبفضلي فليفرحوا وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا فإن رحمتي عند ذلك تداركهم ومني يبلغهم رضواني ومغفرتي تلبسهم عفوي فإني أنا الله الرحمن الرحيم وبذلك تسميت.

_________________________________________

« فلا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي » لأنها وإن كانت كاملة فهي في جنب عظمة المعبود ناقصة وفي جنب الثواب الذي يرجونها قاصرة وكان في العبارة إشعارا بذلك ، وأيضا قد عرفت أن شرائط الأعمال وآفاتها كثيرة تخفى أكثرها على الإنسان ، وفيه دلالة على جواز العمل بقصد الثواب كما مر تحقيقه.

« فيما يطلبون » أي في جنب ما يطلبونه عندي وهي كرامتهم علي في الدنيا والآخرة« وقربهم عندي في جواري » أي مجاورة رحمتي أو مجاورة أوليائي أو في أماني« ولكن فبرحمتي » وفي مجالس الشيخ برحمتي فليثقوا وفضلي فليرجوا وفي غيره : ومن فضلي فليرجوا ، وما في الكتاب أنسب بقوله تعالى : «قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا »(١) والباء متعلقة بفعل يفسره ما بعده ، والفاء لمعنى الشرط كأنه قيل : إن وثقوا بشيء فبرحمتي فليثقوا« وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا » أي ينبغي أن يروا أعمالهم قاصرة ويظنوا بسعة رحمته وعفوه قبولها.

« فإن رحمتي عند ذلك تداركهم » أي تتلافاهم بحذف إحدى التائين ، وفي المجالس وغيره تدركهم ، قال الجوهري : الإدراك اللحوق ، واستدركت ما فات وتداركته بمعنى ، وتدارك القوم أي تلاحقوا و« مني » بالفتح أي نعمتي يبلغهم رضواني أو يوصلهم إليه ، وفي المجالس وبمني أبلغهم رضواني وألبسهم عفوي ، وفي فقه

__________________

(١) سورة يونس : ٥٨.

٥

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئه في رزقه ولا يتهمه في قضائه.

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن النعمان ، عن عمرو بن نهيك بياع الهروي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام قال الله عز وجل عبدي المؤمن لا أصرفه في شيء إلا جعلته خيرا له فليرض بقضائي وليصبر على بلائي وليشكر نعمائي أكتبه يا محمد من الصديقين عندي.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن داود بن فرقد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن فيما أوحى الله عز وجل إلى موسى بن عمرانعليه‌السلام يا موسى بن عمران ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي

_________________________________________

الرضاعليه‌السلام ومنتي تبلغهم ورضواني ومغفرتي [ وعفوي ] تلبسهم.

الحديث الخامس : ضعيف وقد مر مضمونهالحديث السادس : مجهول.

« بياع الهروي » أي بياع الثوب المعمول في هراة بخراسان« لا أصرفه في شيء » بالتخفيف وكان في بمعنى إلى كقوله تعالى : «وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ »(١) أو على بناء التفعيل يقال : صرفته في الأمر تصريفا فتصرف ، قلبته فتقلب ، والصديق الكثير الصدق في الأقوال والأفعال بحيث يكون فعله لقوله موافقا ، أو الكثير التصديق للأنبياء المتقدم في ذلك على غيره.

الحديث السابع : صحيح.

والبلاء يكون في الخير والشر والأول هنا أظهر ، قال في النهاية : قال القتيبي : يقال من الخيرأبليته أبليه إبلاء ومن الشر بلوته أبلوه بلاء ، والمعروف أن الابتلاء يكون في الخير والشر معا من غير فرق بين فعليهما ، ومنه قوله تعالى

__________________

(١) سورة الأحقاف : ٤٩.

٦

المؤمن فإني إنما أبتليه لما هو خير له وأعافيه لما هو خير له وأزوي عنه ما هو شر له لما هو خير له وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي فليصبر على بلائي وليشكر نعمائي وليرض بقضائي أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل برضائي وأطاع أمري.

٨ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن فضيل بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال عجبت للمرء المسلم لا يقضي الله عز وجل له قضاء إلا كان خيرا له وإن قرض بالمقاريض كان خيرا له وإن ملك مشارق الأرض ومغاربها كان خيرا له.

_________________________________________

«وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً »(١) وقال في حديث الدعاء : ومازويت عني مما أحب ، أي صرفته عني وقبضته ، انتهى.

الحديث الثامن : صحيح.

« للمرء المسلم » كان المراد المسلم بالمعنى الأخص أي المؤمن المنقاد لله ، وربما يقرأ بالتشديد من التسليم« وإن قرض » على بناء المجهول من باب ضرب أو على بناء التفعيل للتكثير والمبالغة ، في المصباح قرضت الشيء قرضا من باب ضرب قطعته بالمقراضين ، والمقراض أيضا بكسر الميم والجمع مقاريض ولا يقال إذا جمع بينهما مقراض كما تقوله العامة وإنما يقال عند اجتماعهما قرضته قرضا من باب ضرب قطعته بالمقراضين ، وفي الواحد قطعته بالمقراض ، انتهى.

« وإن ملك » على بناء المجرد المعلوم من باب ضرب أو على بناء المفعول من التفعيل ، وربما يحمل التعجب هنا علي المجاز إظهارا لغرابة الأمر وعظمه فإنه محل التعجب وأما التعجب حقيقة فلا يكون إلا عند خفاء الأسباب وهي لم تكن مخفية عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

__________________

(١) سورة الأنبياء : ٣٥.

٧

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن سنان ، عن صالح بن عقبة ، عن عبد الله بن محمد الجعفي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال أحق خلق الله أن يسلم لما قضى الله عز وجل من عرف الله عز وجل ومن رضي بالقضاء أتى عليه القضاء وعظم الله أجره ومن سخط القضاء مضى عليه القضاء وأحبط الله أجره

_________________________________________

الحديث التاسع : ضعيف.

« أن يسلم » بفتح الهمزة بتقدير الباء أي بأن يسلم على بناء التفعيل ويحتمل الأفعال« بما قضى الله » أي من البلايا والمصائب وتقتير الرزق وأمثال ذلك مما ليس له فيه اختيار« وعظم الله أجره » الضمير راجع إلى القضاء ، فالمراد بالأجر العوض على طريقة المتكلمين لا الثواب الدائم ، ويحتمل رجوع الضمير إلى « من » فالأجر يشملهما أي ثواب الرضا وأجر القضاء أو الأعم منهما أيضا فإن الصفات الكمالية تصير سببا لتضاعف أجر سائر الطاعات أيضا ، وكذاقوله عليه‌السلام : أحبط الله أجره ، يحتمل الوجوه ، وقيل : يحتمل أن يكون المراد به إحباط ثواب الرضا وإحباط أجر القضاء أيضا ويؤيد الأول ما روي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ثواب المؤمن من ولده إذا مات الجنة ، صبر أو لم يصبر.

فائدة

قال المحقق الطوسي قدس الله روحه في التجريد : بعض إلا لم قبيح يصدر منا خاصة ، وبعض حسن يصدر منه تعالى ومنا ، وحسنه إما لاستحقاقه أو لاشتماله على النفع أو دفع الضرر الزائدين أو لكونه عاديا أو على وجه الدفع ، ويجوز في المستحق كونه عقابا ولا يكفي اللطف في ألم المكلف في الحسن ، ولا يشترط في الحسن اختيار المتألم بالفعل ، والعوض نفع مستحق خال عن تعظيم وإجلال ويستحق عليه تعالى بإنزال الآلام وتفويت المنافع لمصلحة الغير وإنزال الغموم سواء استندت إلى علم ضروري أو مكتسب أو ظن ، لا ما يستند إلى فعل العبد وأمر عباده

٨

........................................................................

_________________________________________

بالمضار وإباحته أو تمكين غير العاقل بخلاف الإحراق عند الإلقاء في النار ، والقتل عند شهادة الزور ، والانتصاف عليه تعالى واجب عقلا وسمعا فلا يجوز تمكين الظالم من الظلم من دون عوض في الحال يوازي ظلمه ، فإن كان المظلوم من أهل الجنة فرق الله أعواضه على الأوقات أو تفضل عليه بمثلها ، وإن كان من أهل العقاب أسقط بها جزءا من عقابه بحيث لا يظهر له التخفيف بأن يفرق الناقص على الأوقات ولا يجب دوامه لحسن الزائد بما يختار معه الألم وإن كان منقطعا ، ولا يجب حصوله في الدنيا لاحتمال مصلحة التأخير والألم على القطع ممنوع مع أنه غير محل النزاع ، ولا يجب إشعار صاحبه بإيصاله عوضا ولا يتعين منافعه ولا يصح إسقاطه والعوض عليه تعالى يجب تزايده إلى حد الرضا عند كل عاقل ، وعلينا تجب مساواته.

وقال العلامة نور الله ضريحه في شرحه : اعلم أنا قد بينا وجوب الألطاف والمصالح وهي ضربان مصالح في الدين ومصالح في الدنيا أعني المنافع الدنيوية ، ومصالح ، الدين إما مضار أو منافع والمضار منها آلام وأمراض وغيرهما كالآجال والغلاء ، والمنافع الصحة والسعة في الرزق والرخص ، واختلف الناس في قبح الألم وحسنه ، فذهب الثنوية إلى قبح جميع الآلام وذهبت المجبرة إلى حسن جميعها من الله تعالى ، وذهبت البكرية وأهل التناسخ والعدلية إلى حسن بعضها وقبح الباقي ، واختلفوا في وجه الحسن إلى أن قال :

وقالت المعتزلة : إنه يحسن عند شروط « أحدها » : أن يكون مستحقا « وثانيها » أن يكون فيها نفع عظيم يوفى عليها « وثالثها » أن يكون فيها دفع ضرر أعظم منها « ورابعها » أن يكون مفعولا على مجرى العادة كما يفعله الله تعالى بالحي إذا ألقيناه في النار « وخامسها » أن يكون مفعولا على سبيل الدفع عن النفس كما إذا آلمنا من يقصد قتلنا ، لأنا متى علمنا اشتمال الألم علي أحد هذه الوجوه حكمنا

٩

...........................................................................

_________________________________________

بحسنه قطعا ، وشرط حسن الألم المبتدأ الذي يفعله الله تعالى كونه مشتملا على اللطف إما للمتألم أو لغيره لأن خلو الألم عن النفع الزائد الذي يختار المولم معه الألم يستلزم الظلم ، وخلوه عن اللطف يستلزم العبث وهما قبيحان ، ولذا أوجب أبو هاشم في أمراض الصبيان مع الأعواض الزائدة اشتمالها على اللطف لمكلف آخر وجوز المصنف كأبي الحسين البصري أن تقع الآلام في الكفار والفساق عقابا للكافر والفاسق ومنع قاضي القضاة من ذلك وجزم بكون أمراضهم محنا لا عقوبات.

وذهب المصنف كالقاضي والشيخين إلى أنه لا يكفي اللطف ، في ألم المكلف في الحسن بل لا بد من عوض خلافا لجماعة اكتفوا باللطف ولو فرضنا اشتمال اللذة على اللطف الذي اشتمل عليه الألم هل يحسن منه تعالى فعل الألم بالحي لأجل لطف الغير مع العوض الذي يختار المكلف لو عرض عليه؟ قال أبو هاشم : نعم ، وأبو الحسين منع ذلك وتبعه المصنف ، ولا يشترط في حسن إلا لم المفعول ابتداء من الله تعالى اختيار المتألم للعوض الزائد عليه بالفعل ، وقيد الخلو عن تعظيم وإجلال ليخرج به الثواب.

والوجوه التي يستحق بها العوض على الله تعالى أمور « الأول » إنزال الآلام بالعبد كالمرض وغيره.

« الثاني » تفويت المنافع إذا كانت منه تعالى لمصلحة الغير فلو أمات الله تعالى ابنا لزيد وكان في معلومه تعالى أنه لو عاش لانتفع به زيد لاستحق عليه تعالى العوض عما فاته من منافع ولده ، ولو كان في معلومه تعالى عدم انتفاعه به لأنه يموت قبل الانتفاع به لم يستحق منه عوضا لعدم تفويت المنفعة منه تعالى ، ولذلك لو أهلك ماله استحق العوض بذلك سواء أشعر بهلاك ماله أو لم يشعر لأن تفويت المنفعة كإنزال الألم ، ولو آلمه ولم يشعر به لاستحق العوض ، وكذا لو قوت عليه منفعة لم يشعر بها وعندي في هذا الوجه نظر.

١٠

...........................................................................

_________________________________________

« الثالث » إنزال الغموم بأن يفعل الله تعالى أسباب الغم أما الغم الحاصل من العبد نفسه فإنه لا عوض فيه عليه تعالى.

« الرابع » أمر الله تعالى عباده بإيلام الحيوان أو إباحته سواء كان الأمر للإيجاب أو للندب فإن العوض في ذلك كله على الله تعالى.

« الخامس » تمكين غير العاقل مثل سباع الوحش وسباع الطير والهوام وقد اختلف أهل العدل هنا على أربعة أقوال فذهب بعضهم إلى أن العوض على الله تعالى مطلقا ويعزى إلى الجبائي ، وقال آخرون أن العوض على فاعل الألم عن أبي علي وقال آخرون : لا عوض هنا على الله تعالى ولا على الحيوان ، وقال القاضي : إن كان الحيوان ملجئا إلى إلى الإيلام كان العوض عليه تعالى وإن لم يكن ملجئا كان العوض على الحيوان ، وإذ أطرحنا صبيا في النار فاحترق فإن الفاعل للألم هو الله تعالى والعوض علينا ويحسن لأن فعل الألم واجب في الحكمة من حيث إجراء العادة والله قد منعنا من طرحه ونهانا عنه فصار الطارح كأنه الموصل إليه الألم ، فلهذا كان العوض علينا دونه تعالى ، وكذلك إذا شهد عند الإمام شاهدا زور بالقتل فإن العوض على الشهود وإن كان الله تعالى قد أوجب القتل والإمام تولاه وليس عليهما عوض لأنهما أوجبا بشهادتهما على الإمام إيصال الألم إليه من جهة الشرع ، فصارا كأنهما فعلاه لأن قبول الشاهدين عادة شرعية يجب إجراؤها على قانونها كالعادات الحسية.

واختلف أهل العدل في وجوب الانتصاف عليه تعالى ، فذهب قوم منهم إلى أن الانتصاف للمظلوم من الظالم واجب على الله تعالى عقلا لأنه هو المدبر لعباده فنظره كنظر الوالد لولده ، وقال آخرون منهم أنه يجب سمعا والمصنف (ره) اختار وجوبه عقلا وسمعا ، وهل يجوز أن يمكن الله تعالى من الظلم من لا عوض له في الحال يوازي ظلمه ، فمنع منه المصنفقدس‌سره .

١١

...........................................................................

_________________________________________

وقد اختلف أهل العدل هنا فقال أبو هاشم والكعبي : أنه يجوز لكنهما اختلفا فقال الكعبي : يجوز أن يخرج من الدنيا ولا عوض له يوازي ظلمه ، وقال : إن الله تعالى يتفضل عليه بالعوض المستحق عليه ، ويدفعه إلى المظلوم ، وقال أبو هاشم : لا يجوز بل يجب التبقية لأن الانتصاف واجب والتفضل ليس بواجب ، ولا يجوز تعليق الواجب بالجائز ، وقال السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه : أن التبقية تفضل أيضا فلا يجوز تعليق الانتصاف بها ، فلهذا وجب العوض في الحال ، واختاره المصنف (ره) لما ذكرناه.

واعلم أن المستحق للعوض إما أن يكون مستحقا للجنة أو للنار ، فإن كان مستحقا للجنة فإن قلنا أن العوض دائم فلا بحث ، وإن قلنا أنه منقطع توجه الإشكال بأن يقال لو أوصل العوض إليه ثم انقطع عنه حصل له الألم بانقطاعه.

والجواب من وجهين : الأول ، أنه يوصل إليه عوضه متفرقا على الأوقات بحيث لا يتبين له انقطاعه فلا يحصل له الألم ، الثاني : أن يتفضل الله تعالى عليه بعد انقطاعه بمثله دائما فلا يحصل له ألم وإن كان مستحقا للعقاب جعل الله عوضه جزءا من عقابه ، بمعنى دائما فلا يحصل له ألم وإن كان مستحقا للعقاب جعل الله عوضه جزءا من عقابه ، بمعنى أنه يسقط من عقابه بإزاء ما يستحقه من الأعواض إذ لا فرق في العقل بين إيصال النفع ودفع الضرر في الإيثار ، فإذا خفف عقابه وكانت آلامه عظيمة علم أن آلامه بعد إسقاط ذلك القدر من العقاب أشد ولا يظهر له أنه كان في راحة.

أو نقول : أنه تعالى ينقص من آلامه ما يستحقه من أعواضه متفرقا على الأوقات ، بحيث لا تظهر له الخفة من قبل ، واختلف في أنه هل يجب دوام العوض أم لا ، فقال الجبائي : يجب دوامه ، وقال أبو هاشم : لا يجب ، واختاره المصنف (ره) ولا يجب إشعار مستحق العوض بتوفيره عوضا له بخلاف الثواب ، وحينئذ أمكن أن يوفره الله تعالى في الدنيا على بعض المعوضين غير المكلفين وأن ينتصف لبعضهم من بعض في الدنيا ، ولا تجب إعادتهم في الآخرة ، والعوض لا يجب إيصاله في منفعة معينة

١٢

...........................................................................

_________________________________________

دون أخرى ، بل يصح توفيره بكل ما يحصل فيه شهوة المعوض بخلاف الثواب لأنه يجب أن يكون من جنس ما ألفه المكلف من ملاذه ولا يصح إسقاط العوض ولا هبته ممن وجب عليه في الدنيا ولا في الآخرة سواء كان العوض عليه تعالى أو علينا ، هذا قول أبي هاشم والقاضي وجزم أبو الحسين بصحة إسقاط العوض علينا إذا استحل الظالم من المظلوم وجعله في حل ، بخلاف العوض عليه تعالى فإنه لا يسقط لأن إسقاطه عنه تعالى عبث لعدم انتفاعه به.

ثم قال بعد إيراد دليل القاضي على عدم صحة الهبة مطلقا : والوجه عندي جواز ذلك لأنه حقه وفي هبته نفع للموهوب ، ويمكن نقل هذا الحق إليه ، وعلى هذا لو كان العوض مستحقا عليه تعالى أمكن هبة مستحقه لغيره من العباد ، أما الثواب المستحق عليه تعالى فلا يصح منا هبته لغيرنا لأنه مستحق بالمدح فلا يصح نقله إلى من لا يستحقه.

ثم قال : العوض الواجب عليه تعالى يجب أن يكون زائدا على الألم الحاصل بفعله أو بأمره أو بإباحته أو بتمكينه لغير العاقل زيادة تنتهي إلى حد الرضا من كل عاقل بذلك العوض في مقابلة ذلك الألم لو فعل به لأنه لو لا ذلك لزم الظلم ، أما مع مثل هذا العوض فإنه يصير كأنه لم يفعل ، وأما العوض علينا فإنه يجب مساواته لما فعله من الألم أو فوته من المنفعة لأن الزائد على ما يستحق عليه من الضمان يكون ظلما ، ولا يخرج ما فعلناه بالضمان عن كونه ظلما قبيحا ، فلا يلزم أن يبلغ الحد الذي شرطناه في الآلام الصادرة عنه تعالى ، انتهى ملخص ما ذكرهقدس‌سره .

وإنما ذكرناها بطولها لتطلع على ما ذكره أصحابنا تبعا لأصحاب الاعتزال وأكثر دلائلهم على جل ما ذكر في غاية الاعتلال ، بل ينافي بعض ما ذكروه كثير من الآيات والأخبار ، ونقلها وتحصيلها وشرحها وتفصيلها لا يناسب هذا المقام ، والله أعلم بالصواب.

١٣

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن علي بن هاشم بن البريد ، عن أبيه قال قال لي علي بن الحسين صلوات الله عليهما الزهد عشرة أجزاء أعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع وأعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين وأعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا.

١١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي ، عن علي بن أسباط عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لقي الحسن بن عليعليه‌السلام ـ عبد الله بن جعفر فقال يا عبد الله كيف يكون المؤمن مؤمنا وهو يسخط قسمه ويحقر منزلته والحاكم

_________________________________________

الحديث العاشر : ضعيف.

ويدل على أن للزهد في الدنيا وترك الرغبة فيها مراتب تنتهي أعلاها إلى أدنى درجات الورع أي ترك المحرمات والشبهات ، وله أيضا مراتب تنتهي أعلاها إلى أدنى درجات الورع أي ترك المحرمات والشبهات وله أيضا مراتب تنتهي أعلاها إلى أدنى درجات الرضا بقضاء الله فهو أعلى درجات القرب والكمال.

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

و « كيف » للإنكار« مؤمنا » أي كاملا في الإيمان مستحقا لهذا الاسم« وهو » الواو للحال« يسخط قسمه » القسم بالكسر وهو النصيب أو بالفتح مصدر قسمه كضربه أو بكسر القاف وفتح السين جمع قسمة بالكسر مصدرا أيضا ، وعلى الأول الضمير البارز راجع إلى المؤمن ، وعلى الأخيرين إما راجع إليه أيضا بالإضافة إلى المفعول أو إلى الله« ويحقر منزلته » الضمير راجع إلى المؤمن أيضا أي يحقر منزلته التي أعطاه الله إياها بين الناس في المال والعزة وغيرهما ، وقيل : أي منزلته عند الله ، لأنه تعالى جعل ذلك قسما له لرفع منزلته فتحقير القسم السبب لها تحقير لها وما ذكرنا أظهر ، ويمكن إرجاعه إلى القسم أو إلى الله بالإضافة إلى الفاعل« والحاكم عليه الله » الواو للحال وضمير عليه للمؤمن أو للقسم ، وقيل : والحاكم عطف على منزلته ، والله بدل

١٤

عليه الله وأنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إلا الرضا أن يدعو الله فيستجاب له.

١٢ ـ عنه ، عن أبيه ، عن ابن سنان عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له بأي شيء يعلم المؤمن بأنه مؤمن قال بالتسليم لله والرضا فيما ورد عليه من سرور أو سخط.

١٣ ـ عنه ، عن أبيه ، عن ابن سنان ، عن الحسين بن المختار ، عن عبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لم يكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لشيء قد مضى لو كان غيره.

_________________________________________

عن الحاكم أي ويحقر الحاكم عليه وهو الله لأن تحقير حكم الحاكم تحقير له ، ولا يخفى بعده.

وفي القاموسهجس الشيء في صدره يهجس خطر بباله أو هو أن يحدث نفسه في صدره مثل الوسواس ، ويدل على أن الرضا بالقضاء موجب لاستجابة الدعاء.

الحديث الثاني عشر : ضعيف على المشهور.

« بأنه مؤمن » أي متصف بكمال الإيمان« بالتسليم لله » أي في أحكامه وأو أمره ونواهيه« فيما ورد عليه » أي من قضاياه وتقديراته.

الحديث الثالث عشر : كالسابق.

« لو كان غيره » لو للتمني ، وكان تامة.

وأقول : روى مسلم في صحيحه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إن أصابك شيء فلا تقل إني لو فعلت كذا لم يصبني كذا ، فإن لو تفتح عمل الشيطان ، وقال الآبي :

وألحق الشاطبي بلو « ليت » وهو كذلك إذا أريد بليت الندم والتأسف على عدم فعل ما لو فعله لم يصبه ، لا تمنى لو فعل ذلك ، وقال عياض : النهي عن هذا القول مختص بالماضي ، لأن النهي إنما هو عن دعوى رد القدر بعد وقوعه ، وأما المستقبل فيجوز فيه ذلك ، ومنه قولهعليه‌السلام : لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند

١٥

باب

التفويض إلى الله والتوكل عليه

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن مفضل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أوحى الله عز وجل إلى داودعليه‌السلام ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته ثم تكيده السماوات والأرض ومن فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي عرفت ذلك

_________________________________________

كل صلاة ، لأنه مستقبل لا اعتراض فيه على قدر مضى وإنما أخبر فيه أنه كان يفعل ما هو في قدرته لو لا المانع وأما ما مضى وذهب فليس في القدرة والإمكان فعله ، وقال الآبي : والذي عندي أن النهي على عمومه ولكنه نهي تنزيه ، وقال المازري : النهي عن هذا القول في الماضي ينافي ما جاء عنه : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدى ، وأجاب : بأن الظاهر أن النهي إنما هو عن إطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه نهي تنزيه ، وأما من يقول تأسفا على فعل طاعة فلا بأس به ، وعليه يحمل أكثر ما جاء من استعمال ذلك في الأحاديث.

باب التفويض إلى الله والتوكل عليه

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

« عبد من عبادي » أي مؤمن« عرفت » نعت للعبد ، والكيد المكر والحلية والحرب ، والظاهر أن تكيد كتبيع وربما يقرأ على بناء التفعل ، وأسخت بالخاء المعجمة وتشديد التاء من السخت وهو الشديد ، وهو من اللغات المشتركة بين العرب والعجم ، أي لا ينبت له زرع ولا يخرج له خير من الأرض أو من السوخ وهو الانخساف على بناء الأفعال أي خسفت الأرض به ، وربما يقرأ بالحاء المهملة

١٦

من نيته إلا قطعت أسباب السماوات والأرض من يديه وأسخت الأرض من تحته ولم أبال بأي واد هلك.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن محبوب ، عن أبي حفص الأعشى ، عن عمر [ و ] بن خالد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين صلوات الله عليه قال خرجت حتى انتهيت إلى هذا الحائط فاتكأت عليه فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان ينظر في تجاه وجهي ثم قال يا علي بن الحسين ما لي أراك كئيبا حزينا أعلى الدنيا فرزق الله حاضر للبر والفاجر قلت ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول قال فعلى الآخرة فوعد صادق يحكم فيه ملك قاهر أو قال قادر قلت ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول فقال مم حزنك؟

_________________________________________

من السياحة كناية عن الزلزلة« ولم أبال » كناية عن سلب اللطف والتوفيق عنه وعدم علمه سبحانه الخير فيه وعدم استحقاقه للطف.

الحديث الثاني : مجهول بسنديه.

وفي القاموسوجاهك وتجاهك مثلثتين تلقاء وجهك ، وفي النهاية وطائفة تجاه العدو أي مقابلهم وحذاؤهم والتاء فيه بدل من واو وجاه ، أي مما يلي وجوههم« فرزق الله حاضر » جزاء للشرط المحذوف ، وأقيم الدليل مقام المدلول ، والتقدير إن كان على الدنيا فلا تحزن لأن رزق الله. وكذاقوله : فوعد صادق ، وقوله : أو قال قادر ، ترديد من الثمالي أو أحد الرواة عنه.

وفي هذا التعليل خفاء ويحتمل وجوها « الأول » أن يكون المعنى أن الله لما وعد على الطاعات المثوبات العظيمة وقد أتيت بها ولا يخلف الله وعده فلا ينبغي الحزن عليها مع أنك من أهل العصمة ، وقد ضمن الله عصمتك ، فلأي شيء حزنك فيكون مختصا بهعليه‌السلام فلا ينافي مطلوبية الحزن للآخرة لغيرهمعليهم‌السلام .

الثاني : أن الحزن إنما يكون لأمر لم يكن منه مخرج ، وهنا المخرج موجود

١٧

قلت [ مما ] نتخوف من فتنة ابن الزبير وما فيه الناس قال فضحك ثم قال

_________________________________________

لأن وعد الله صادق وقد وعد على الطاعة الثواب وعلى المعصية العقاب ، فينبغي فعل الطاعة وترك المعصية لنيل الثواب والحذر عن العقوبات ولا فائدة للحزن.

الثالث : ما قيل : أن المراد بالحزين من به غاية الحزن لضم الكئيب معه فلا ينافي استحباب قدر من الحزن للآخرة والأول أظهر وأنسب بالمقام.

« وما فيه الناس » أي من الاضطراب والشدة لفتنته ، أو المراد بالناس الشيعة لأنه كان ينتقم منهم ، وابن الزبير هو عبد الله ، وكان أعدى عدو أهل البيتعليهم‌السلام وهو صار سببا لعدول الزبير عن ناحية أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قالعليه‌السلام : لأزال الزبير معنا حتى أدرك فرخه(١) .

والمشهور أنه بويع له بالخلافة بعد شهادة الحسينعليه‌السلام لسبع بقين من رجب سنة أربع وستين في أيام يزيد ، وقيل : لما استشهد الحسينعليه‌السلام في سنة ستين من الهجرة دعا ابن الزبير بمكة إلى نفسه وعاب يزيد بالفسوق والمعاصي وشرب الخمور ، فبايعه أهل تهامة والحجاز فلما بلغ يزيد ذلك ندب له الحصين بن نمير ، وروح بن زنباع ، وضم إلى كل واحد جيشا واستعمل على الجميع مسلم بن عقبة ، وجعله أمير الأمراء ولما ودعهم قال : يا مسلم لا ترد أهل الشام عن شيء يريدونه لعدوهم ، واجعل طريقك على المدينة فإن حاربوك فحاربهم فإن ظفرت بهم فأبحهم ثلاثا.

فسار مسلم حتى نزل الحرة ، فخرج أهل المدينة فعسكروا بها وأميرهم عبد الله ابن حنظلة الراهب غسيل الملائكة فدعاهم مسلم ثلاثا فلم يجيبوا ، فقاتلهم فغلب أهل الشام وقتل عبد الله وسبعمائة من المهاجرين والأنصار ، ودخل مسلم المدينة وأباحها ثلاثة أيام.

ثم شخص بالجيش إلى مكة وكتب إلى يزيد بما صنع بالمدينة ومات مسلم

__________________

(١) الفرخ بمعنى الولد.

١٨

...........................................................................

_________________________________________

لعنه الله في الطريق فتولي أمر الجيش الحصين بن نمير حتى وافى مكة فتحصن منه ابن الزبير في المسجد الحرام في جميع من كان معه ، ونصب الحصين المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة فبينما هم كذلك إذ ورد الخبر على الحصين بموت يزيد لعنة الله عليهما ، فأرسل إلى ابن الزبير يسأله الموادعة فأجابه إلى ذلك ، وفتح الأبواب واختلط العسكران يطوفون بالبيت ، فبينما الحصين يطوف ليلة بعد العشاء إذ استقبله ابن الزبير فأخذ الحصين بيده وقال له سرا : هل لك في الخروج معي إلى الشام فأدعو الناس إلى بيعتك فإن أمرهم قد مرج ولا أدري أحدا أحق بها اليوم منك ، ولست أعصي هناك فاجتذب ابن الزبير يده من يده وهو يجهر : دون أن أقتل بكل واحد من أهل الحجاز عشرة من الشام ، فقال الحصين : لقد كذب الذي زعم أنك من دهاة العرب ، أكلمك سرا وتكلمني علانية ، وأدعوك إلى الخلافة وتدعوني إلى الحرب.

ثم انصرف بمن معه إلى الشام وقالوا بايعه أهل العراق وأهل مصر وبعض أهل الشام إلى أن بايعوا المروان بعد حروب واستمر له العراق إلى سنة إحدى وسبعين ، وهي التي قتل فيها عبد الملك بن مروان أخاه مصعب بن الزبير وهدم قصر الإمارة بالكوفة.

ولما قتل مصعب انهزم أصحابه فاستدعى بهم عبد الملك فبايعوه وسار إلى الكوفة ودخلها واستقر له الأمر بالعراق والشام ومصر ثم جهز الحجاج في سنة ثلاث وسبعين إلى عبد الله بن الزبير فحصره بمكة ورمى البيت بالمنجنيق ثم ظفر به وقتله واجتز الحجاج رأسه وصلبه منكسا ، ثم أنزله ودفنه في مقابر اليهود.

وكانت خلافته بالحجاز والعراق تسع سنين واثنين وعشرين يوما وله من العمر ثلاث وسبعون سنة ، وقيل : اثنان وسبعون سنة ، وكانت أمه أسماء بنت أبي بكر.

وأقول : الظاهر أن خوفهعليه‌السلام كان من ابن الزبير عليه وعلى شيعته ،

١٩

يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا دعا الله فلم يجبه قلت لا قال فهل رأيت أحدا توكل على الله فلم يكفه قلت لا قال فهل رأيت أحدا سأل الله فلم يعطه قلت لا ثم غاب عني

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب مثله.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن حسان ، عن عمه عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الغنى والعز يجولان فإذا

_________________________________________

ويحتمل أن يكون من الحجاج وغيره ممن حاربه ، وكان الفرق بين الدعاء والسؤال أن الدعاء لدفع الضرر ، والسؤال لجلب النفع.

« فهل رأيت أحدا » أي من الأئمةعليهم‌السلام فإنهم لا يدعون إلا لأمر علموا أن الله لم يتعلق إرادته الحتمية بخلافه ، أو هو مقيد بشرائط الإجابة التي منها ما ذكر كما فصلناه في كتاب الدعاء.

ثم الظاهر أن هذا الرجل إما كان ملكا تمثل بشرا بأمر الله تعالى ، أو كان بشرا كخضر وإلياسعليهما‌السلام ، وكونهعليه‌السلام أفضل وأعلم منهم لا ينافي إرسال الله تعالى بعضهم إليه لتذكيره وتنبيهه وتسكينه كإرسال بعض الملائكة إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع كونه أفضل منهم ، وكإرسال خضر إلى موسىعليهما‌السلام ، وكونهعليه‌السلام عالما بما ألقي إليه لا ينافي التذكير والتنبيه ، فإن أكثر أرباب المصائب عالمون بما يلقى إليهم على سبيل التسلية والتعزية ومع ذلك ينفعهم ، لا سيما إذا علم أن ذلك من قبل الله تعالى.

وقيل : أنهعليه‌السلام كان مترددا في أن يدعو على ابن الزبير وهل هو مقرون برضاه سبحانه ، فلما أذن بتوسط هذا الرجل أو الملك في الدعاء عليه دعا فاستجيب له ، فلذا لم يمنع الله من ألقى المنجنيق إلى الكعبة لقتله كما منع الفيل لأن حرمة الإمامعليه‌السلام أعظم من الكعبة ، انتهى.

الحديث الثالث : ضعيف بسنديه.

« يجولان » من الجولان أي يسيران ويتحركان لطلب موطن ومنزل يقيمان فيه ،

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

بيعقوب » قال الرّجل: يا ابن رسول الله، ما الّذي نزل بيعقوب؟ قال: « كان يعقوب النّبيعليه‌السلام ، يذبح لعياله في كلّ يوم شاة، ويقسم لهم من الطّعام مع ذلك ما يسعهم، وكان في عصره نبي من الأنبياء كريم على الله لا يؤبه له، قد أخمل نفسه ولزم السّياحة، ورفض الدّنيا فلا يشتغل بشئ منها، فإذا بلغ من الجهد توخّى دور الأنبياء وأبناء الأنبياء والصّالحين، ووقف لها وسأل ممـّا يسأل السّؤال، من غير أن يعرف به، فإذا أصاب ما يسمك رمقه مضى لمـّا هو عليه، (ولمـّا أغري)(١) ليلة بباب يعقوب وقد فرغوا من طعامهم، وعندهم منه بقيّة كثيرة، فسأل فأعرضوا عنه، فلا هم أعطوه شيئاً ولا صرفوه، وأطال الوقوف ينتظر ما عندهم، حتّى أدركه ضعف الجهد وضعف طول القيام، فخرّ من قامته قد غشي عليه، فلم يقم إلّا بعد هَوِىّ من اللّيل، فنهض لمـّا به ومضى لسبيله، فرأى يعقوب في منامه تلك اللّيلة ملكاً أتاه فقال: يا يعقوب، يقول لك ربّ العالمين: وسعت عليك في المعيشة، وأسبغت عليك النّعمة، فيعتري ببابك نبيّ من أنبيائي كريم عليّ، قد بلغ الجهد فتعرض أنت وأهلك عنه، وعندكم من فضول ما أنعمت به عليكم ما القليل منه يحييه، فلم تعطوه شيئاً ولم تصرفوه فيسأل غيركم، حتّى غشي عليه فخرّ من قامته لاصقاً بالأرض عامّة ليلته، وأنت في فراشك مستبطن متقلّب في نعمتي عليك، وكلاكما بعيني، وعزّتي وجلالي لأبتلينّك ببليّة تكون لها حديثاً في الغابرين، فانتبه يعقوبعليه‌السلام مذعوراً، وفزغ إلى محرابه فلزم البكاء والخوف حتّى أصبح، أتاه بنوه يسألونه ذهاب يوسف معهم » ثمّ ذكر أبو جعفرعليه‌السلام قصّة يوسف بطولها.

____________________________

(١) في المصدر: وأنه أعترى ذات، والظاهر أنّه أصوب إذ أن عراه وأعتراه: غشيه طالباً معروفه (لسان العرب ج ١٥ ص ٤٤).

٢٠١

[ ٨٠٣٢ ] ١٠ - عماد الدّين الطبري في بشارة المصطفى: عن أبي البقاء ابراهيم بن الحسين البصري، عن أبي طالب محمّد بن الحسن، عن أبي الحسن محمّد بن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن وهبان الدّبيلي، عن عليّ بن أحمد بن كثير العسكري، عن أحمد بن المفضّل أبي سلمة الأصفهاني، عن أبي علي راشد بن عليّ بن وائل القرشي، عن عبدالله بن حفص المدني، عن محمّد بن إسحاق، عن سعيد بن زيد بن أرطأة، عن كميل بن زياد، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال فيما أوصاه إليه: « البركة في المال من إعطاء(١) الزكاة، ومواساة المؤمنين، وصلة الأقربين، وهم الأقربون(٢) يا كميل، زد قرابتك المؤمن على ما تعطي سواه من المؤمنين، وكن بهم أرأف وعليهم أعطف، وتصدّق على المساكين، يا كميل، لا تردّن سائلاً ولو بشقّ تمرة، أو من شطر عنب، يا كميل، الصّدقة تنمى عند الله تعالى » الخبر.

ورواه الحسن بن عليّ بن شعبة في تحف العقول(٣) ، ويوجد في بعض نسخ نهج البلاغة.

[ ٨٠٣٣ ] ١١ - الشيخ ابراهيم الكفعمي في كتاب مجموع الغرائب: عن الجواهر للشّيخ الفاضل محمّد بن محاسن البادرائي، أنّه روى: أنّ عيسىعليه‌السلام قال: من ردّ السائل محروماً، لا تغشى الملائكة بيته سبعة أيّام.

____________________________

١٠ - بشارة المصطفى ص ٢٥.

(١) في المصدر: إيتاء.

(٢) وفيه: الأقربون لنا.

(٣) تحف العقول ص ١١٥.

١١ - مجموع الغرائب:

٢٠٢

[ ٨٠٣٤ ] ١٢ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « للسّائل حقّ وإن جاء على فرس ».

[ ٨٠٣٥ ] ١٣ - وعن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، أنّ سائلاً كان يسأل يوماً، فقالعليه‌السلام : « أتدرون ما يقول؟ » قالوا: لا، يا ابن رسول الله قالعليه‌السلام : « يقول: أنا رسولكم إن أعطيتموني شيئاً أخذته وحملته إلى هناك، وإلا أرد إليه وكفّي صفر ».

[ ٨٠٣٦ ] ١٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لو لا أنّ السّائلين(١) يكذبون، ما قدّس من ردّهم ».

[ ٨٠٣٧ ] ١٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يقول: « اللّهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين » فقالت له إحدى زوجاته: لم تقول هكذا؟ قال: « لأنهم يدخلون الجنّة قبل الأغنياء بأربعين عاماً، ثمّ قال: أنظري ألّا تزجري المسكين، وإن سأل شيئاً فلا تردّيه ولو بشقّ تمرة، واحبيه وقربيه إلى نفسك، حتّى يقرّبك الله تعالى إلى رحمته ».

[ ٨٠٣٨ ] ١٦ - وروي: أنّ الله تعالى يقول يوم القيامة لبعض عباده: استطعمتك فلم تطعمني، واستقيتك فلم تسقني، واستكسيتك فلم

____________________________

١٢ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧، وفي ج ٥ ص ٥٤٨، وأخرجه في البحار ج ٩٦ ص ١٧ ح ٢ عن جامع الأخبار ص ١٦٢.

١٣ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧.

١٤ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧.

(١) في المصدر: السؤّال.

١٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٦.

١٦ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ٢٨١.

٢٠٣

تكسني، فيقول العبد: إلهي أنّه كان، وكيف كان؟ فيقول تعالى: العبد الفلاني الجائع استطعمك فما أطعمته، والفلاني العاري استكساك فما كسوته، فلأمنعنك اليوم فضلي كما منعته.

[ ٨٠٣٩ ] ١٧ - أبو علي محمّد بن همام في كتاب التّمحيص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا يكمل المؤمن إيمانه حتّى يحتوي على مائة وثلاث خصال - إلى أن عدّصلى‌الله‌عليه‌وآله منها - لا يردّ سائلاً، ولا يبخل بنائل ».

[ ٨٠٤٠ ] ١٨ - البحار، عن الديلمي في أعلام الدين: عن أبي أمامة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « قال الخضرعليه‌السلام : من سُئل بوجه الله عزّوجلّ فردّ سائله، وهو قادر على ذلك، وقف يوم القيامة ليس لوجهه جلد ولا لحم، (إلّا)(١) عظم يتقعقع » الخبر.

[ ٨٠٤١ ] ١٩ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن زيد الشحّام، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: « ما سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شيئاً قطّ، فقال: لا، إن كان عنده أعطاه، وإن لم يكن عنده، قال: يكون إن شاء الله ».

[ ٨٠٤٢ ] ٢٠ - القطب الراوندي في لبّ اللّباب: عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنّه خرج ذات يوم معه خمسة دراهم، فأقسم عليه

____________________________

١٧ - التمحيص ص ٧٤ ح ١٧١.

١٨ - البحار ج ١٣ ص ٣٢١ ح ٥٥ عن أعلام الدين ص ١١٢.

(١) في أعلام الدين: ولا.

١٩ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٦١ ح ٢١٢.

٢٠ - لبّ اللباب: مخطوط.

٢٠٤

فقير فدفعها إليه، فلمّا مضى فإذا بأعرابي على جمل، فقال له: اشتر هذا الجمل، قال: « ليس معي ثمنه »، قال: اشتر نسية، فاشتراه بمائة درهم، ثمّ أتاه إنسان فاشتراه منه بمائة وخمسين درهماً نقداً، فدفع إلى البايع مائة، وجاء بخمسين إلى داره، فسألته - أي فاطمةعليها‌السلام - عن ذلك، فقال: « أتجّرت مع الله، فأعطيته واحداً فأعطاني مكانه عشرة ».

[ ٨٠٤٣ ] ٢١ - وعن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من نهر سائلاً، نهرته الملائكة يوم القيامة ».

٢١ -( باب جواز ردّ السّائل، بعد إعطاء ثلاثة)

[ ٨٠٤٤ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه وقف به سائل وهو مع جماعة من أصحابه، فسأله فأعطاه، ثمّ جاء آخر فسأله فأعطاه ثمّ جاء الثّالث(١) فأعطاه ثمّ جاء الرّابع فقال له: « يرزقنا الله وإيّاك » ثمّ قال لأصحابه: « لو أنّ رجلاً عنده مائة ألف، ثمّ أراد ان يضعها موضعها لوجد ».

[ ٨٠٤٥ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن عجلان، قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام ، فجاءه سائل، فقام إلى مكتل فيه تمر فملأ يده ثمّ ناوله، ثمّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بيده

____________________________

٢١ - لب اللباب: مخطوط.

الباب - ٢١

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٥ ح ١٢٦٦.

(١) في المصدر زيادة: فسأله.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٥٩، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٦٩ ح ٥٩.

٢٠٥

فناوله، ثمّ جاء آخر فسأله، فقال: « رزقنا الله وإيّاك »(١) .

٢٢ -( باب عدم جواز الرّجوع في الصّدقة، وحكم صدقة الغلام)

[ ٨٠٤٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا تصدّق الرّجل بصدقة، لم يحلّ له أن يشتريها، ولا أن يستوهبها، ولا أن يملكها، بعد أن تصدّق بها، إلّا بالميراث، فإنّها(١) إن دارت له بالميراث حلّت له ».

[ ٨٠٤٧ ] ٢ - ابن شهر آشوب في المناقب: عن كتاب الفنون، قال: نام رجل من الحاجّ في المدينة فتوهّم أنّ هميانه سرق، فخرج فرأى جعفر الصّادقعليه‌السلام ، مصلّيا ولم، يعرفه فتعلّق به وقال له: أنت أخذت همياني، قال: « ما كان فيه؟ » قال: ألف دينار، قال: فحمله إلى داره، ووزن له ألف دينار، وعاد إلى منزله ووجد هميانه، فرجع(١) إلى جعفرعليه‌السلام معتذراً بالمال فأبى قبوله، وقالعليه‌السلام : « شئ خرج من يدي لا يعود إليّ » (إلى أن)(٢)

____________________________

(١) ورد في هامش الطبعة الحجرية، منه (قدّه) ما نصّه: « هذا الخبر رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٥٥ ح ٧ بإسناده عن عجلان كما في الأصل، وفيه أنهم كانوا أربعة أعطى ثلاثة منهم وردّ الرابع فالظاهر أنّه سقط في نسخة العياشي جملة أخرى، والله العالم ».

الباب - ٢٢

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٥.

(١) في الطبعة الحجرية « فانهما » وما أثبتناه من المصدر.

٢ - المناقب لابن شهر آشوب ج ٤ ص ٢٧٤.

(١) في المصدر: فعاد.

(٢) ليس في المصدر.

٢٠٦

قال: فسأل(٣) الرّجل، فقيل: هذا جعفر الصّادقعليه‌السلام ، قال: لا جرم هذا فعال مثله.

[ ٨٠٤٨ ] ٣ - السيّد عليّ بن طاووس في مهج الدّعوات: نقلاً من كتاب عتيق، حدّثنا محمّد بن أحمد بن عبدالله بن صفوة، عن محمّد بن العبّاس العاصمي، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن أبيه، عن محمّد بن الرّبيع الحاجب، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام - في حديث طويل - أنّه قال: « إنّا أهل بيت لا نرجع في معروفنا » الخبر.

٢٣ -( باب استحباب التماس الدّعاء من السّائل، واستحباب دعاء السّائل لمن أعطاه)

[ ٨٠٤٩ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « لا تستخفوا بدعاء المساكين للمرضى منكم، فإنّه يستجاب لهم فيكم، ولا يستجاب لهم في أنفسهم ».

[ ٨٠٥٠ ] ٢ - الشّيخ المفيد في الاختصاص: عن القاسم، عن بريد العجلي، عن أبيه، قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام ، فقلت له: جعلت فداك، قد كان الحال حسنة، وإنّ الأشياء اليوم متغيّرة، فقال: « إذا قدمت الكوفة فاطلب عشرة دراهم، فإن لم تصبها فبع وسادة من وسائدك بعشرة دراهم، ثمّ ادع عشرة من أصحابك واصنع لهم طعاماً، فإذا أكلوا فاسألهم فيدعوا الله لك » قال: فقدمت الكوفة فطلبت عشرة دراهم فلم أقدر عليها، حتّى بعت

____________________________

(٣) وفيه: فسأل عنه.

٣ - مهج الدعوات ص ١٩٦.

الباب - ٢٣

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ١٣٦ ح ٤٧٨.

٢ - الاختصاص ص ٢٤.

٢٠٧

وسادة لي بعشرة دراهم كما قال، وجعلت لهم طعاماً، ودعوت أصحابي عشرة، فلمّا أكلوا سألتهم أن يدعوا الله لي، فما مكثت حتّى مالت إليّ(١) الدّنيا.

٢٤ -( باب استحباب المساعدة على إيصال الصّدقة والمعروف إلى المستحقّ)

[ ٨٠٥١ ] ١ - الصّدوق في الخصال: عن حمزة بن محمّد العلوي(١) ، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن جعفر الأشعري، عن عبدالله بن ميمون القداح، عن الصّادقعليه‌السلام ، عن آبائه، عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الدّال على الخير كفاعله ».

[ ٨٠٥٢ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من شفع شفاعة حسنة أو أمر بمعروف، فإن الدّال على الخير كفاعله ».

[ ٨٠٥٣ ] ٣ - القطب الرّاوندي في لبّ اللّباب: قال: روي أنّ الصّدقة لتجري على سبعين رجلاً، تكون أجر آخرهم كأوّلهم.

____________________________

(١) في المصدر عليّ.

الباب - ٢٤

١ - الخصال ص ١٣٤ ح ١٤٥.

(١) كذا في المصدر، وفي النسخة الحجرية « حمزة بن الحسن العلوي » راجع معجم رجال الحديث ج ٦ ص ٢٧٨ و ٢٨١، ومجمع الرجال ج ٧ ص ٢٣٦.

٢ - الجعفريات ص ١٧١.

٣ - لب اللباب: مخطوط.

٢٠٨

[ ٨٠٥٤ ] ٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الخازن الأمين الذي يؤدّي ما ائتمن به، طيبة به نفسه فإنّه أحد المتصدّقين ».

[ ٨٠٥٥ ] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « صدقة المرأة من بيت زوجها، غير مسرفة ولا مضرّة، مع علم عدم كراهيّة، لها أجر وله مثلها، لها بما أنفقت، وله بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك ».

٢٥ -( باب مواساة المؤمن في المال)

[ ٨٠٥٦ ] ١ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « أشدّ الأعمال ثلاثة: إنصاف النّاس من نفسك، حتّى لا ترضى لهم إلّا ما ترضى به لها منهم، ومواساة الأخ في الله(١) ، وذكر الله على كلّ حال ».

[ ٨٠٥٧ ] ٢ - وعن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: قلت: ما أشدّ ما عمل العباد؟ قال: « إنصاف المرء من نفسه، ومواساة المرء أخاه، وذكر الله على كلّ حال » الخبر.

[ ٨٠٥٨ ] ٣ - الصّدوق في مصادقة الإخوان: عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « إختبر شيعتنا في خصلتين، فإن كانتا

____________________________

٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٤.

٥ - درر اللآلي ج ١ ص ١٥.

الباب - ٢٥.

١ - الغايات ص ٧٣.

(١) في المصدر: المال.

٢ - الغايات ص ٧٤.

٣ - مصادقة الإخوان ص ٣٦ ح ٢.

٢٠٩

فيهم (وإلّا فاغرب ثمّ اغرب)(١) ، قلت: ما هما؟ قال: المحافظة على الصّلاة(٢) ، والمواساة للإخوان وإن كان الشّئ قليلاً ».

[ ٨٠٥٩ ] ٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « المواساة أفضل الأعمال، وقال(١) : أحسن الإحسان مواساة الإخوان ».

[ ٨٠٦٠ ] ٥ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « يجئ أحدكم إلى أخيه، فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه »، فقلت: ما أعرف ذلك فينا، قال: فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « فلا شئ إذاً »، قلت: فالهلكة إذاً؟ قال: « إنّ القوم لم يعطوا أحلامهم بعد ».

[ ٨٠٦١ ] ٦ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيّد الأعمال ثلاث: إنصاف النّاس من نفسك ومواساة الأخ في الله، وذكرك الله تعالى في كلّ حال ».

[ ٨٠٦٢ ] ٧ - أصل من أصول القدماء: قال: دخل رجل إلى جعفر بن

____________________________

(١) في المصدر: وإلّا فأعزب ثمّ أعزب.

(٢) في المصدر: الصلوات في مواقيتهن.

٤ - درر الحكم ودرر الكلم ص ٤٧ ح ١٣٥٩.

(١) نفس المصدر ص ١٨٤ ح ١٩٧.

٥ - المؤمن ص ٤٤ ح ١٠٣.

٦ - الجعفريات ص ٢٣٠.

٧ - أصل من أصول القدماء.

٢١٠

محمّدعليهما‌السلام ، وقال: يابن رسول الله، ما المروّة؟ قال: « ترك الظّلم ومواساة الإخوان في السّعة » الخبر.

[ ٨٠٦٣ ] ٨ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنّه أوصى لبعض(١) شيعته فقال: يا معشر شيعتنا، اسمعوا وافهموا وصايانا وعهدنا إلى أوليائنا، اصدقوا في قولكم، وبرّوا في أيمانكم لأوليائكم واعدائكم، وتواسوا بأموالكم، وتحابّوا بقلوبكم » الخبر.

وباقي أخبار الباب، يأتي في أبواب العشرة من كتاب الحجّ.

٢٦ -( باب استحباب الإيثار على النّفس ولو بالقليل، لغير صاحب العيال)

[ ٨٠٦٤ ] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن سماعة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألناه عن الرّجل لا يكون عنده إلّا قوت يومه، ومنهم من عنده قوت شهر، ومنهم من عنده قوت سنة، أيعطف من عنده قوت يوم على من ليس عنده شئ؟ ومن عنده قوت شهر على من دونه؟ والسّنة(١) على نحو ذلك؟ وذلك كلّه الكفاف الذي لا يلام عليه، فقالعليه‌السلام : « هما أمران، أفضلهم(٢) فيه أحرصكم على الرّغبة فيه والأثرة على نفسه، إنّ الله عزّوجلّ

____________________________

٨ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٦٤.

(١) في المصدر: بعض، والظاهر هو الصحيح.

الباب - ٢٦

١ - المؤمن ص ٤٤ ح ١٠٢.

(١) في المصدر: ومن عنده قوت سنة على من دونه.

(٢) وفيه: أفضلكم.

٢١١

يقول:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (٣) وإلّا لا يلام عليه، اليد العليا خير اليد السّفلى، ويبدأ بمن يعول ».

[ ٨٠٦٥ ] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « قد فرض الله التّحمل على الأبرار في كتاب الله »، قيل: وما التّحمل؟ قال: « إذا كان وجهك آثر من(١) وجهه التمست له، وقال في قول الله عزّوجلّ:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (٢) وقال: لا تستأثر عليه بما هو أحوج إليه منك ».

[ ٨٠٦٦ ] ٣ - سبط الشّيخ الطّبرسي في مشكاة الأنوار: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه سئل: ما أدنى حقّ المؤمن على أخيه؟ قال: « أن لا يستأثر عليه بما هو أحوج إليه منه ».

[ ٨٠٦٧ ] ٤ - وعن أنس [ قال ](١) : أنّه أهدي لرجل من أصحاب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رأس شاة مشوي فقال: إنّ أخي فلاناً وعياله أحوج إلى هذا حقّاً، فبعث [ به ](٢) إليه، فلم يزل يبعث به واحد بعد واحد، حتّى تداولوا بها سبعة أبيات، حتّى رجعت إلى الأوّل، فنزل( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ

____________________________

(٣) الحشر ٥٩: ٩.

٢ - المؤمن ص ٤٤ ج ١٠٤.

(١) في الطبعة الحجرية « عن » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) الحشر ٥٩: ٩.

٣ - مشكاة الأنوار ص ١٩٢.

٤ - مشكاة الأنوار ص ١٨٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه ليستقيم المعنى.

٢١٢

نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٣) وفي رواية: فتداولته تسعة أنفس، ثمّ عاد إلى الأوّل.

[ ٨٠٦٨ ] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « ثلاثة من حقائق الإيمان: الإنفاق من الإقتار، والإنصاف من نفسك، وبذل السّلام لجميع العالم ».

[ ٨٠٦٩ ] ٦ - زيد الزرّاد في أصله: قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : نخشى أن لا نكون مؤمنين، قال: « ولم ذاك؟ » فقلت: وذلك أنّا لا نجد فينا من يكون أخوه عنده آثر من درهمه وديناره، ونجد الدّينار والدّرهم آثر عندنا من أخ قد جمع بيننا وبينه موالاة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال: « كلّا، إنّكم مؤمنون ولكن لا تكملون إيمانكم حتّى يخرج قائمنا، فعندها يجمع الله أحلامكم فتكونون مؤمنين كاملين، ولو لم يكن في الأرض مؤمنون كاملون، إذاً لرفعنا الله إليه، وأنكرتم الأرض وأنكرتم السّماء، [ بل ](١) والذي نفسي بيده، إنّ في الأرض في أطرافها مؤمنين، ما قدر الدّنيا كلّها عندهم يعدل جناح بعوضة - إلى أن قالعليه‌السلام - هم البررة بالإخوان في حال اليسر والعسر، والمؤثرون على أنفسهم في حال العسر، كذلك وصفهم الله فقال:( وَيُؤْثِرُونَ ) (٢) الآية - إلى أن

____________________________

(٣) الحشر ٥٩: ٩.

٥ - الجعفريات ص ٢٣١.

٦ - أصل زيد الزرّاد ص ٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الحشر ٥٩: ٩.

٢١٣

قال - حليتهم طول السكوت بكتمان السّر، والصّلاة، والزّكاة، والحجّ، والصوم: والمواساة للإخوان في حال اليسر والعسر » الخبر.

[ ٨٠٧٠ ] ٧ - وفيه: قال زيد: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: « خياركم سمحاؤكم، وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الإيمان البرّ بالإخوان، وفي ذلك محبّة من الرّحمان، ومرغمة من الشّيطان، وتزحزح عن النّيران ».

[ ٨٠٧١ ] ٨ - الشّيخ الطّوسي في أماليه: بإسناده عن أبي ذر رحمه الله، عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أيّ الصّدقة أفضل؟ قال: « جهد من مقل إلى فقير (في سرّ)(١) ».

كتاب الغايات(٢) لجعفر بن أحمد القمي: مثله.

[ ٨٠٧٢ ] ٩ - وعن أبي بصير، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: قلت: ما أفضل الصّدقة؟ قال: « جهد المقلّ، أما سمعت الله يقول:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (١) ويرى هيهنا فضلاً ».

[ ٨٠٧٣ ] ١٠ - محمّد بن علي بن شهر آشوب في المناقب: قال: روى جماعة عن عاصم بن كليب، عن أبيه واللّفظ له، عن أبي هريرة: أنّه جاء

____________________________

٧ - أصل زيد الزراد ص ٢.

٨ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٥٣.

(١) كان في الطبعة الحجرية « محتال ».

(٢) الغايات ص ٦٨.

٩ - الغايات ص ٧٧.

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١٠ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٤.

٢١٤

رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فشكا إليه الجوع، فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أزواجه، فقلن: ما عندنا إلّا الماء، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من لهذا الرّجل اللّيلة؟ » فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « أنا يا رسول الله » فأتى فاطمةعليها‌السلام وسألها: « ما عندك يا بنت رسول الله؟ فقالت: ما عندنا إلّا قوت الصّبية، لكنّا نؤثر ضيفنا به، فقالعليه‌السلام : يا بنت محمّد نوّمي الصّبية، واطفئي المصباح، وجعلا يمضغان بألسنتهما، فلمّا فرغا من الأكل أتت فاطمةعليها‌السلام بسراج، فوجدت الجفنة مملوّة من فضل الله، فلمّا أصبح صلى مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا سلّم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من صلاته، نظر إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وبكى بكاءً شديداً وقال: « يا أمير المؤمنين، لقد عجب الرّب من فعلكم البارحة، إقرأ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (١) » أي مجاعة الخبر.

[ ٨٠٧٤ ] ١١ - وعن محمّد بن العتمة(١) ، عن أبيه، عن عمّه، قال: رأيت في المدينة رجلاً على ظهره قربة وفي يده صحفة، يقول: « اللّهم وليّ المؤمنين(٢) وجار المؤمنين، اقبل قرباني اللّيلة، فما أمسيت أملك سوى ما في صحفتي وغير ما يواريني، فإنّك تعلم إنّي منعت نفسي [ مع شدّة ](٣) سغبي، أطلب القربة إليك غنماً، اللّهم فلا تخلق وجهي ولا تردّ دعوتي » فأتيته حتّى عرفته فإذا هو عليّ بن أبي طالب

____________________________

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١١ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٦، وعنه في البحار ج ٤١ ص ٢٩.

(١) في المصدر: الصمة.

(٢) في المصدر زيادة: وإله المؤمنين.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٢١٥

عليه‌السلام ، فأتى رجلاً فأطعمه.

[ ٨٠٧٥ ] ١٢ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن شقيق بن سلمة، عن عبدالله بن مسعود، قال: صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة صلة العشاء، فقام رجل من بين الصّف، فقال: يا معاشر المهاجرين والأنصار، أنا رجل غريب فقير، وأسألكم في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاطعموني، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيّها الحبيب لا تذكر الغربة، فقد قطعت نياط قلبي، أمّا الغرباء فأربعة، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: مسجد ظهراني قوم لا يصلّون فيه، وقرآن في أيدي قوم لا يقرؤون فيه، وعالم بين قوم لا يعرفون حاله ولا يتفقّدونه، وأسير في بلاد الرّوم بين الكفّار لا يعرفون الله، ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من الذي يكفي مؤونة هذا الرّجل؟ فيبوّئه الله في الفردوس الأعلى، فقام أمير المؤمنينعليه‌السلام وأخذ بيد السائل، وأتى به إلى حجرة فاطمةعليها‌السلام ، فقال: يا بنت رسول الله، انظري في أمر هذا الضّيف، فقالت فاطمةعليها‌السلام : يا ابن العمّ، لم يكن في البيت إلّا قليل من البرّ، صنعت منه طعاماً، والأطفال محتاجون إليه، وأنت صائم، والطّعام قليل لا يغني غير واحد، فقال: أحضريه، فذهبت وأتت بالطّعام ووضعته، فنظر إليه أمير المؤمنينعليه‌السلام فرآه قليلاً، فقال في نفسه: لا ينبغي أن آكل من هذا الطّعام، فإن أكلته لا يكفي الضيف، فمدّ يده إلى السّراج يريد أن يصلحه فأطفأه، وقال لسيّدة النّساءعليها‌السلام : تعلّلي في إيقاده، حتّى يحسن الضّيف أكله ثمّ إثتيني به، وكان أميرالمؤمنينعليه‌السلام يحرّك فمه المبارك، يري الضّيف أنّه يأكل ولا يأكل، إلى أن فرغ الضّيف من

____________________________

١٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٢٨٩.

٢١٦

أكله وشبع، وأتت خير النّساءعليها‌السلام بالسّراج ووضعته، وكان الطّعام بحاله، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام لضيفه: لم ما أكلت الطّعام؟ فقال: يا أبا الحسن أكلت الطّعام وشبعت، ولكنّ الله تعالى بارك فيه، ثمّ أكل من الطّعام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وسيّدة النّساء، والحسنانعليهم‌السلام ، وأعطوا منه جيرانهم، وذلك ممـّا بارك الله تعالى فيه، فلمّا أصبح أمير المؤمنينعليه‌السلام أتى إلى مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي، كيف كنت مع الضّيف؟ فقال: بحمد الله - يا رسول الله - بخير، فقال: إنّ الله تعالى تعجّب ممـّا فعلت البارحة، من إطفاء السّراج والامتناع من الأكل للضّيف، فقال: من أخبرك بهذا؟ فقال: جبرائيل، وأتى بهذه الآية في شأنك( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ) (١) الآية ».

[ ٨٠٧٦ ] ١٣ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنّه رأى يوماً جماعة فقال: « من أنتم؟ » قالوا: نحن قوم متوكّلون، فقال: « ما بلغ بكم توكّلكم؟ » قالوا: إذا وجدنا أكلنا، وإذا فقدنا صبرنا، فقالعليه‌السلام : « هكذا يفعل الكلاب عندنا »، فقالوا: كيف نفعل يا أمير المؤمنين؟ فقال: « كما نفعله، إذا فقدنا شكرنا، وإذا وجدنا آثرنا ».

____________________________

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٢٩٠.

٢١٧

٢٧ -( باب استحباب تقبيل الإنسان يده بعد الصّدقة، وتقبيل ما تصدّق به، وشمّه بعد القبض، وتقبيل يد السّائل)

[ ٨٠٧٧ ] ١ - الشّيخ في مجالسه: عن أحمد بن عبدون، عن عليّ بن محمّد بن الزّبير، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن العبّاس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن أبي أسامة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: الصّدقة تطفئ غضب الرّب، قال: وكان يقبل الصّدقة قبل أن يعطيها السّائل، قيل له: ما يحملك على هذا؟ قال: فقال: لست أقبل يد السّائل، إنّما أقبل يد ربي، إنها تقع في يد ربي، قبل أن تقع في يد السّائل ».

٢٨ -( باب استحباب القرض للصّدقة، وصدقة من عليه قرض، واستحباب الزّيادة في قضاء الدين)

[ ٨٠٧٨ ] ١ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي: عن ذريح المحاربي، قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « أتى رجل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عنده سلف؟ فقال رجل: أنا يا رسول الله، وأسلفه أربعة أوساق، ولم يكن له غيرها، فأعطاها السائل، فمكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما شاء الله، ثمّ أنّ المرأة قالت لزوجها: أما

____________________________

الباب - ٢٧

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٨٥.

الباب - ٢٨

١ - بل كتاب محمّد بن المثنى الحضرمي ص ٨٣.

٢١٨

آن لك أن تطلب سلفك، فتقاضي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال: سيكون ذلك، ففعل ذلك الرّجل مرّتين أو ثلاثاً، ثمّ أنّه دخل ذات يوم عند اللّيل، فقال له ابن له: جئت بشئ؟ فإنّي لم أذق شيئاً اليوم، ثمّ قال: والولد فتنة، فغدا الرّجل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: سلفي، فقال: سيكون ذلك، فقال: حتّى متى سيكون ذلك؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عنده سلف؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فأسلفه ثمانية أوساق، فقال الرّجل: إنّما لي أربعة، فقال له: خذها، فأعطاها إيّاه ».

[ ٨٠٧٩ ] ٢ - إبن شهر آشوب في المناقب: قال: روت الخاصّة والعامّة، عن الخدري: أنّ عليّاًعليه‌السلام أصبح ساغباً، فسأل فاطمةعليها‌السلام طعاماً، فقالت: « ما كان إلّا ما أطعمتك منذ يومين، آثرت به على نفسي وعلى الحسن والحسين » - إلى أن قال - فخرج واستقرض من النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ديناراً، فخرج يشتري به شيئاً، فاستقبله المقداد قائلاً: ما شاء الله، فناوله عليّعليه‌السلام الدينار، ثمّ دخل المسجد فوضع رأسه ونام الخبر.

وهذا الخبر، رواه جماعة من أصحابنا، بألفاظ مختلفة، أجمعها وأطولها ما رواه الشّيخ أبوالفتوح الرّازي(١) في تفسيره، وقد أخرجناه في كتابا المسمّى بالكلمة الطّيبة.

____________________________

٢ - المناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٦.

(١) تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٦٣.

٢١٩

٢٩ -( باب تحريم السّؤال من غير احتياج)

[ ٨٠٨٠ ] ١ - الشيخ الطوسي في مجالسه: عن الحسين بن إبراهيم، عن محمّد بن وهبان، عن أحمد بن إبراهيم، عن الحسن بن علي الزّعفراني، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « يا محمّد، لو يعلم السّائل ما في المسألة، ما سأل أحد أحداً، ولو يعلم المعطي ما في العطيّة، ما ردّ أحد أحداً - قال: ثمّ قال لي - يا محمّد، أنّه من سأل وهو بظهر(١) غنى، لقي الله مخموشاً وجهه ».

[ ٨٠٨١ ] ٢ - القطب الرّاوندي في الخرائج: روى أنّ رجلاً جاء إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ما طعمت طعاماً منذ يومين، فقال: « عليك بالسّوق » فلمّا كان من الغد، دخل فقال: يا رسول الله، أتيت السّوق أمس فلم أصب شيئاً، فبتّ بغير عشاء، قال: « فعليك بالسّوق » فأتى بعد ذلك أيضاً، فقال: « عليك بالسّوق » فانطلق إليها، فإذا عير قد جاءت وعليها متاع فباعوه بفضل دينار، فأخذه الرّجل وجاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ما أصبت شيئاً، قال: « بل أصبت من عير آل فلان شيئاً » قال: لا، قال: « بلى، ضرب لك فيها بسهم، وخرجت منها بدينار » قال: نعم، قال: « فما حملك على أن تكذب؟ » قال: أشهد أنّك صادق، ودعاني إلى ذلك إرادة أن أعلم، أتعلم ما يعمل النّاس؟ وأن أزداد خيراً إلى

____________________________

الباب - ٢٩

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٧٧.

(١) في المصدر: يظهر غنى.

٢ - الخرائج والجرايح ص ٨٠ باختلاف يسير.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434