مرآة العقول الجزء ٨

مرآة العقول9%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 434

  • البداية
  • السابق
  • 434 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 13501 / تحميل: 7660
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٨

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

كان راكبا فلينزل فليضع خده على التراب وإن لم يكن يقدر على النزول للشهرة فليضع خده على قربوسه وإن لم يقدر فليضع خده على كفه ثم ليحمد الله على ما أنعم عليه.

٢٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن عطية ، عن هشام بن أحمر قال كنت أسير مع أبي الحسنعليه‌السلام في بعض أطراف المدينة إذ ثنى رجله عن دابته فخر ساجدا فأطال وأطال ثم رفع رأسه وركب دابته فقلت جعلت فداك قد أطلت السجود فقال إنني ذكرت نعمة أنعم الله بها علي فأحببت أن أشكر ربي.

٢٧ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي عبد الله صاحب السابري فيما أعلم أو غيره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال فيما أوحى الله عز وجل إلى موسىعليه‌السلام يا موسى اشكرني حق شكري فقال يا رب وكيف أشكرك حق شكرك وليس

_________________________________________

النعم أيضا ، ولو كان بعد حدوثها بمدة وعلى استحباب حمد الله فيها.

الحديث السادس والعشرون : حسن كالصحيح.

ويدل على فورية سجدة الشكر وعلى أنهمعليهم‌السلام يذهلون عن بعض الأمور في بعض الأحيان وكان هذا ليس من السهو المتنازع فيه.

الحديث السابع والعشرون : مجهول.

تقول أديت حق فلان إذا قابلت إحسانه بإحسان مثله ، والمراد هنا طلب أداء شكر نعمته على وجه التفصيل وهو لا يمكن من وجوه :

الأول : أن نعمه غير متناهية لا يمكن إحصاؤها تفصيلا فلا يمكن مقابلتها بالشكر.

الثاني : أن كل ما نتعاطاه مستند إلى جوارحنا وقدرتنا من الأفعال فهي في الحقيقة نعمة وموهبة من الله تعالى ، وكذلك الطاعات وغيرها نعمة منه ، فتقابل نعمته

١٦١

من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به علي قال يا موسى الآن شكرتني حين علمت أن ذلك مني.

٢٨ ـ ابن أبي عمير ، عن ابن رئاب ، عن إسماعيل بن الفضل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أصبحت وأمسيت فقل عشر مرات ـ اللهم ما أصبحت بي من نعمة أو عافية من دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك لك الحمد ولك الشكر بها علي

_________________________________________

بنعمته.

الثالث : أن الشكر أيضا نعمة منه حصل بتوفيقه فمقابلة كل نعمة بالشكر يوجب التسلسل والعجز ، وقول موسىعليه‌السلام يحتمل كلا من الوجهين الأخيرين ، وقد روي هذا عن داودعليه‌السلام أيضا حيث قال : يا رب كيف أشكرك وأنا لا أستطيع أن أشكرك إلا بنعمة ثانية من نعمك ، فأوحى الله تعالى إليه : إذا عرفت هذا فقد شكرتني.

الحديث الثامن والعشرون : حسن كالصحيح.

« ما أصبحت بي » الإصباح الدخول في الصباح ، وقد يراد به الدخول في الأوقات مطلقا ، وعلى الأول ذكره على المثال ، فيقول في المساء ما أمست وما موصولة مبتدأ ، والظرف مستقر والباء للملابسة أي متلبسا بي فهو حال عن الموصول ، و « من نعمة » بيان له ولذا أنث الضمير العائد إلى الموصول في أصبحت رعاية للمعنى ، وفي بعض الروايات أصبح رعاية للفظ ، وقوله : فمنك ، خبر الموصول والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط وربما يقرأ منك بفتح الميم وتشديد النون وهو تصحيف.« حتى ترضى » المراد به أول مراتب الرضا ،« وبعد الرضا » أي سائر مراتبه فإن كان المراد بقوله لك الحمد ولك الشكر إنك تستحقهما يكون أول مراتب الرضا دون الاستحقاق ، فإن الله سبحانه يرضى بقليل مما يستحقه من الحمد والشكر والطاعة ، وإن كان

١٦٢

يا رب حتى ترضى وبعد الرضا فإنك إذا قلت ذلك كنت قد أديت شكر ما أنعم الله به عليك في ذلك اليوم وفي تلك الليلة.

٢٩ ـ ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان نوحعليه‌السلام يقول ذلك إذا أصبح فسمي بذلك عبدا شكورا وقال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من صدق الله نجا

_________________________________________

المراد لك مني الحمد والشكر أي أحمدك وأشكرك فلا يحتاج إلى ذلك« كنت قد أديت » أي يرضي الله منك بذلك لا أنك أديت ما يستحقه.

الحديث التاسع والعشرون : كالسابق.

« يقول ذلك » أي الدعاء المذكور في الحديث السابق وسيأتي في كتاب الدعاء أن نوحاعليه‌السلام كان يقول ذلك عند الصباح وعند المساء ، والأخبار في ذلك كثيرة بأدنى اختلاف أوردتها في الكتاب الكبير.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من صدق الله نجا ، معناه أنه إذا أظهر العبد حالة عند الله وكان صادقا في ذلك بحيث لا يعتقد ولا يعمل ما يخالفه يصير سبب نجاته من مهالك الدنيا والآخرة ، ولعل ذكره في هذا المقام لبيان أن نوحاعليه‌السلام كان صادقا فيما ادعى في هذا الدعاء من أن جميع النعم الواصلة إلى العبد من الله تعالى وأنه متوحد بالإنعام والربوبية واستحقاق الحمد والشكر والطاعة ، فكان موقنا بجميع ذلك ولم يأت بما ينافيه من التوسل إلى المخلوقين ورعاية رضاهم دون رضا رب العالمين ، أو معه ، فلذلك صار سببا لنجاته وتسمية الله له شكورا ، وربما يقرأ صدق على بناء التفعيل كما قال بعض الأفاضل لعلهعليه‌السلام أشار بآخر الحديث إلى تسمية نوحعليه‌السلام بنحي الله ، ويستفاد منه أن هذه الكلمات تصديق لله سبحانه فيما وصف الله به نفسه ، وشهد به من التوحيد.

وقال آخر : تصديقه في تكاليفه عبارة عن الإقرار بها والإتيان بمقتضاها وفي

١٦٣

٣٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمار الدهني قال سمعت علي بن الحسينعليه‌السلام يقول إن الله يحب كل قلب حزين ويحب كل عبد شكور يقول الله تبارك وتعالى لعبد من عبيده يوم

_________________________________________

نعمائه عبارة عن معونتها بالقلب ومقابلتها بالشكر والثناء ، انتهى.

ولا يخفى أن ما ذكرنا أظهر.

الحديث الثلاثون : ضعيف.

« كل قلب حزين » أي لأمور الآخرة متفكر فيها وفيما ينجي من عقوباتها غير غافل عما يراد بالمرء ومنه لا محزون بأمور الدنيا وإن احتمل أن يكون المعنى إذا أحب الله عبدا ابتلاه بالبلايا فيصير محزونا ، لكنه بعيد.

« كل عبد شكور » أي كثير الشكر بحيث يشكر الله ويشكر وسائط نعم الله كالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأئمةعليهم‌السلام والوالدين وأرباب الإحسان من المخلوقين ، وفي الأخبار ظاهرا تناف في هذا المطلب لورود هذا الخبر وأمثاله وقد روي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ولا يحمد حامد إلا ربه ، ومثله كثير ، ويمكن الجمع بينها بأنه إذا حمد المخلوق وشكره لأن مولى النعم أمر بشكره فقد شكر ربه ويحتمل أن يكون هذا هو المراد بقوله : لم تشكرني إذ لم تشكره ، أو تكون أخبار الشكر محمولة على أن يشكرهم باعتقاد أنهم وسائط نعم الله ولهم مدخلية قليلة في ذلك ، ولا يسلب عليهم رأسا فينتهي إلى الجبر ، وأخبار الترك محمولة على أنه لا يجوز شكرهم بقصد أنهم مستقلون في إيصال النعمة فإن هذا في معنى الشرك كما عرفت أن النعم كلها أصولها ووجود المنعم المجازي وآلات العطاء وتوفيق الإعطاء كلها من الله تعالى ، وهذا أحد معاني الأمر بين الأمرين كما عرفت ، وإليه يرجع ما قيل : أن الغير يتحمل المشقة يحمل رزق الله إليك فالنهي عن الحمد لغير الله على أصل الرزق لأن الرازق هو الله ، والترغيب والحمد له على تكلف من حمل الرزق وكلفة إيصاله بإذن الله ليعطيه

١٦٤

القيامة أشكرت فلانا فيقول بل شكرتك يا رب فيقول لم تشكرني إذ لم تشكره ثم قال أشكركم لله أشكركم للناس.

_________________________________________

أجر مشقة الحمل والإيصال.

وبالجملة هناك شكران شكر للرزق وهو لله وشكر للحمل وهو الغير وأيد بما روي لا تحمدن أحدا على رزق الله ، وقيل : النهي مختص بالخواص من أهل اليقين الذين شاهدوه رازقا وشغلوا عن رؤية الوسائط فنهاهم عن الإقبال عليها لأنه تعالى يتولى جزاء الوسائط عنهم بنفسه والأمر بالشكر مختص بغيرهم ممن لاحظ الأسباب والوسائط كأكثر الناس لأن فيه قضاء حق السبب أيضا.

والوجه الثاني الذي ذكرنا كأنه أظهر الوجوه لأن الله تعالى مع أنه مولى النعم على الحقيقة وإليه يرجع كل الطاعات ونفعها يصل إلى العباد يشكرهم على أعمالهم قولا وفعلا في الدنيا والآخرة فكيف لا يحسن شكر العباد بعضهم بعضا لمدخليتهم في ذلك.

ويمكن أن يكون قوله تعالى : لم تشكرني إذ لم تشكره إشارة إلى ذلك ، أي إذا لم تشكر المنعم الظاهري يتوهم أنه لم يكن له مدخل في النعمة فكيف تنسب شكري إلى نفسك لأنه نسبة الفعلين إلى الفاعلين واحدة فأنت أيضا لم تشكرني فلم نسبت الشكر إلى نفسك ونفيت الفعل عن غيرك ، وهذا معنى لطيف لم أر من تفطن به وإن كان بعيدا في الجملة ، والوجه الأول أيضا وجه ظاهر ، وكان آخر الخبر يؤيده وإن احتمل وجوها كما لا يخفى.

١٦٥

باب

حسن الخلق

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن أكمل المؤمنين

_________________________________________

باب حسن الخلق

الحديث الأول : صحيح.

والخلق بالضم يطلق على الملكات والصفات الراسخة في النفس حسنة كانت أم قبيحة وهي في مقابلة الأعمال ، ويطلق حسن الخلق غالبا على ما يوجب حسن المعاشرة ومخالطة الناس بالجميل.

قال الراغب : الخلق والخلق في الأصل واحد لكن خص الخلق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر ، وخص الخلق بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة وقال في النهاية : فيه ليس شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق ، الخلق بضم اللام وسكونها الدين والطبع والسجية وحقيقته أنه لصورة الإنسان الباطنة وهي نفسها وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها ولهما أوصاف حسنة وقبيحة ، والثواب والعقاب يتعلقان بأوصاف الصورة الباطنة أكثر مما يتعلقان بأوصاف الصورة الظاهرة ، ولهذا تكررت الأحاديث في مدح حسن الخلق في غير موضع ، كقوله : أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق ، وقوله أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وقوله : إن العبد ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ، وقوله : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، وأحاديث من هذا النوع كثيرة وكذلك جاء في ذم سوء الخلق أحاديث كثيرة ، انتهى.

وقيل : حسن الخلق إنما يحصل من الاعتدال بين الإفراط والتفريط في

١٦٦

إيمانا أحسنهم خلقا.

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن رجل من أهل المدينة ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما يوضع في ميزان امرئ ـ يوم القيامة أفضل من حسن الخلق.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أربع من كن فيه كمل إيمانه وإن كان من قرنه إلى قدمه

_________________________________________

القوة الشهوية والقوة الغضبية ، ويعرف ذلك بمخالطة الناس بالجميل والتودد والصلة والصدق واللطف والمبرة وحسن الصحبة والعشرة والمراعاة والمساواة والرفق والحلم والصبر والاحتمال لهم ، والإشفاق عليهم.

وبالجملة هي حالة نفسانية يتوقف حصولها على اشتباك الأخلاق النفسانية بعضها ببعض ، ومن ثم قيل : هو حسن الصورة الباطنة التي هي صورة الناطقة كما أن حسن الخلق هو حسن الصورة الظاهرة ، وتناسب الأجزاء إلا أن حسن الصورة الباطنة قد يكون مكتسبا ولذا تكررت الأحاديث في الحث به وبتحصيله.

وقال الراونديرحمه‌الله في ضوء الشهاب : الخلق السجية والطبيعة ثم يستعمل في العادات التي يتعودها الإنسان من خير أو شر والخلق ما يوصف العبد بالقدرة عليه ولذلك يمدح ويذم به ، يدل علي ذلك قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خالق الناس بخلق حسن ، انتهى.

وأقول : مدخلية حسن الخلق في كمال الإيمان قد مر تحقيقه في أبواب الإيمان.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

وهو مما يستدل به على تجسم الأعمال ، وقد مضى الكلام فيه.

الحديث الثالث : صحيح.

« وأربع » مبتدأ وكان موصوفة مقدر ، أي خصال أربع ، والموصول بصلته خبره« وإن كان من قرنه إلى قدمه ذنوبا » مبالغة في كثرة ذنوبه أو كناية عن صدورها

١٦٧

ذنوبا لم ينقصه ذلك قال وهو الصدق وأداء الأمانة والحياء وحسن الخلق.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن ابن محبوب ، عن عنبسة العابد قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام ما يقدم المؤمن على الله عز وجل بعمل بعد الفرائض أحب إلى الله تعالى من أن يسع الناس بخلقه.

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ذريح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم.

_________________________________________

من كل جارحة من جوارحه ، ويمكن حملها على الصغائر فإن صاحب هذه الخصال لا يجترئ على الإصرار على الكبائر أو أنه يوفق للتوبة وهذه الخصال تدعوه إليها مع أن الصدق يخرج كثيرا من الذنوب كالكذب وما يشاكله ، وكذا أداء الأمانة يخرج كثيرا من الذنوب كالخيانة في أموال الناس ومنع الزكوات والأخماس وسائر ، حقوق الله وكذا الحياء من الخلق يمنعه من التظاهر بأكثر المعاصي والحياء من الله يمنعه من تعمد المعالي والإصرار عليها ويدعوه إلى التوبة سريعا وكذا حسن الخلق يمنعه عن المعاصي المتعلقة بإيذاء الخلق كعقوق الوالدين وقطع الأرحام والإضرار بالمسلمين فلا يبقى من الذنوب إلا قليل لا يضر في إيمانه مع أنه موفق للتوبة والله الموفق.

الحديث الرابع : كالسابق.

ما يقدم كيعلم قدوما وتعديته بعلى لتضمين معنى الإقبال ، والباء فيقوله : بعمل لمصاحبة ، ويحتمل التعدية« من أن يسع الناس بخلقه » أي يكون خلقه الحسن وسيعا بحيث يشمل جميع الناس.

الحديث الخامس : كالسابق أيضا.

ويدل على أن الأخلاق لها ثواب مثل ثواب الأعمال.

١٦٨

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر ما تلج به أمتي الجنة تقوى الله وحسن الخلق.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين الأحمسي وعبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد.

٨ ـ عنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال البر وحسن الخلق يعمران الديار ويزيدان في الأعمار.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عبد الحميد قال حدثني يحيى بن عمرو ، عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام أوحى الله تبارك وتعالى إلى بعض أنبيائهعليهم‌السلام الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد.

_________________________________________

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

والتقوى حسن المعاملة مع الرب وحسن الخلق حسن المعاملة مع الخلق ، وهما يوجبان دخول الجنة والولوج الدخول.

الحديث السابع : حسن كالصحيح.

والميث والموث الإذابة مثت الشيء أميثه وأموثه من بابي باع ، وقال(١) : فانماث إذا دفته وخلطته بالماء وأذبته ، وفي النهاية : فيه حسن الخلق يذيب الخطايا كما يذيب الشمس الجليد ،الجليد هو الماء الجامد من البرد ، وفي المغرب الجليد ما يسقط على الأرض من الندى فيجمد.

الحديث الثامن : كالسابق ، والبر الإحسان إلى الغير.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) أي القائل وهو أحد اللغويين.

١٦٩

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال هلك رجل على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأتى الحفارين فإذا بهم لم يحفروا شيئا وشكوا ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا يا رسول الله ما يعمل حديدنا في الأرض فكأنما نضرب به في الصفا فقال ولم إن كان صاحبكم لحسن الخلق ائتوني بقدح من ماء فأتوه به فأدخل يده فيه ثم رشه على الأرض رشا ثم قال احفروا قال فحفر الحفارون فكأنما كان رملا يتهايل عليهم.

_________________________________________

الحديث العاشر : صحيح.

والمستتر فيقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فأتى للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومنهم من قرأ أتي على بناء المفعول من باب التفعيل ، فالنائب للفاعل الضمير المستتر الراجع إلى الرجل والحفارين مفعوله الثاني ، ولا يخفى ما فيه ، والصفا جمع الصفاة وهي الصخرة الملساء ، وقوله : « ولم » استفهام إنكاري أو تعجبي« إن كان » الظاهر أن إن مخففة عن المثقلة ، وتعجبهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أنه لم اشتد الأرض عليهم مع كون صاحبهم حسن الخلق فإنه يوجب يسر الأمر في الحياة وبعد الوفاة بخلاف سوء الخلق فإنه يوجب اشتداد الأمر فيهما ، والحاصل أنه لما كان حسن الخلق فليس هذا الاشتداد من قبله ، فهو من قبل صلابة الأرض فصب الماء المتبرك بيده المباركة على الموضع فصار بإعجازه في غاية الرخاوة ، وقيل : إن للشرط ولم قائم مقام جزاء الشرط فحاصله أنه لو كان حسن الخلق لم يشتد الحفر على الحفارين فرش صاحب الخلق الحسن الماء الذي أدخل يده المباركة فيه لرفع تأثير خلقه السيء ولا يخفى بعده.

وقال في النهاية : كل شيء أرسلته إرسالا من طعام أو تراب أورمل فقد هلته هيلا يقال : هلت الماء وأهلته إذا صببته وأرسلته ، ومنه حديث الخندق فعادت كثيبا أهيل أي رملا سائلا ، انتهى.

وبعضهم يقول : هلت التراب حركت أسفله فسال من أعلاه.

١٧٠

١١ ـ عنه ، عن محمد بن سنان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الخلق منيحة يمنحها الله عز وجل خلقه فمنه سجية ومنه نية فقلت فأيتهما أفضل فقال صاحب السجية هو مجبول لا يستطيع غيره وصاحب النية يصبر على الطاعة تصبرا فهو أفضلهما.

١٢ ـ وعنه ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الله بن إبراهيم ، عن علي بن أبي علي اللهبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله تبارك وتعالى ليعطي العبد من الثواب على حسن الخلق كما يعطي المجاهد في سبيل الله يغدو عليه ويروح.

_________________________________________

الحديث الحادي عشر : ضعيف على المشهور.

والمنيحة كسفينة والمنحة بالكسر العطية« فمنه سجية » أي جبلة وطبيعة خلق عليها« ومنه نية » أي يحصل عن قصد واكتساب وتعمل ، والحاصل أنه يتمرن عليه حتى يصير كالغريزة ، فبطل قول من قال : أنه غريزة لا مدخل للاكتساب فيه ، وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : عود نفسك الصبر على المكروه فنعم الخلق التصبر ، والمرادبالتصبر تحمل الصبر بتكلف ومشقة لكونه غير خلق.

الحديث الثاني عشر : ضعيف.

واللهب بالكسر قبيلة« كما يعطي المجاهد » لمشقتهما على النفس ولكون جهاد النفس كجهاد العدو بل أشق وأشد ولذا سمي بالجهاد الأكبر وإن كان في جهاد العدو جهاد النفس أيضا ، وقوله : يغدو عليه ويروح ، حال عن المجاهد كناية عن استمراره في الجهاد في أول النهار وآخره ، فإن الغدو أول النهار والرواح آخره ، أو المعنى يذهب أول النهار ويرجع آخره والأول أظهر.

وقال في المصباح : غدا غدوا من باب فقد ذهب غدوة ، وهي ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس ، ثم كسر حتى استعمل في الذهاب والانطلاق أي وقت كان ، وراح يروح رواحا أي رجع كما في قوله تعالى : «غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ »(١) أي ذهابها

__________________

(١) سورة سبأ : ١٢.

١٧١

١٣ ـ عنه ، عن عبد الله الحجال ، عن أبي عثمان القابوسي عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله تبارك وتعالى أعار أعداءه أخلاقا من أخلاق أوليائه ليعيش أولياؤه مع أعدائه في دولاتهم.

وفي رواية أخرى ولو لا ذلك لما تركوا وليا لله إلا قتلوه.

١٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن العلاء بن كامل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا خالطت الناس فإن استطعت أن لا تخالط أحدا من الناس إلا كانت يدك العليا عليه فافعل فإن العبد يكون فيه

_________________________________________

شهر ورجوعها شهر ، وقد يتوهم بعض الناس أن الرواح لا يكون إلا في آخر النهار وليس كذلك ، بل الرواح والغدو عند العرب يستعملان في المسير أي وقت كان من ليل أو نهار ، وقال الأزهري وغيره : وعليه قولهعليه‌السلام : من راح إلى الجمعة في أول النهار فله كذا ، أي ذهب ، انتهى.

وكان الأنسب هنا ما ذكرنا أولا ، وقيل : لعل المراد أن الثواب يغدو على حسن خلقه ويروح يعني أنه ملازم له كملازمة حسن خلقه ، ولا يخلو من بعد.

الحديث الثالث عشر : مجهول وآخره مرسل.

« أعار أعداءه » كان الإعارة إشارة إلى أن هذه الأخلاق لا يبقى لهم ثمرتها ولا ينتفعون بها في الآخرة فكأنها عارية تسلب منهم بعد الموت ، أو أن هذه ليست مقتضى ذواتهم وطيناتهم وإنما اكتسبوها من مخالطة طينتهم مع طينة المؤمنين كما ورد في بعض الأخبار ، وقد مر شرحها ، أو إلى أنها لما لم تكن مقتضى عقائدهم ونياتهم الفاسدة وإنما أعطوها لمصلحة غيرهم فكأنها عارية عندهم ، والوجوه متقاربة.

الحديث الرابع عشر : مجهول.

والعليا بالضم مؤنث الأعلى ، وهي خبر كانت ، وعليه متعلق بالعليا ، والتعريف يفيد الحصر« فافعل » أي الإحسان أو المخالطة والأول أظهر ، أي كن أنت المحسن عليه أو أكثر إحسانا لا بالعكس ، ويحتمل كون العليا صفة لليد و « عليه » خبر كانت

١٧٢

بعض التقصير من العبادة ويكون له حسن خلق فيبلغه الله بـ [ حسن ] خلقه درجة الصائم القائم.

١٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن بحر السقاء قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام يا بحر حسن الخلق يسر ثم قال ألا أخبرك بحديث ما هو في يدي أحد من أهل المدينة قلت بلى قال بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالس في المسجد إذ جاءت جارية لبعض الأنصار وهو قائم فأخذت بطرف ثوبه فقام لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم تقل شيئا ولم

_________________________________________

أي يدك المعطية ثابتة أو مفيضة أو مشرفة عليه ، والأول أظهر ، وفي كتاب الزهد للحسين بن سعيد يدك عليه العليا ، قال في النهاية : فيه : اليد العليا خير من اليد السفلى ، العليا المتعففة والسفلى السائلة ، روي ذلك عن ابن عمر ، وروي عنه أنها المنفقة ، وقيل : العليا المعطية والسفلى الآخذة ، وقيل : السفلى المانعة.

وقال السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه في الغرر والدرر ، ومعنى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أن اليد النعمة والعطية ، وهذا الإطلاق شائع بين العرب ، فالمعنى أن العطية الجزيلة خير من العطية القليلة ، وهذا حث منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على المكارم ، وتحضيض على اصطناع المعروف بأوجز الكلام وأحسنه ، انتهى.

والتعليل المذكور بعده مبني على أن الكرم أيضا من حسن الخلق أو هو من لوازمه« الصائم القائم » أي المواظب على الصيام بالنهار في غير الأيام المحرمة أو في الأيام المسنونة ، وعلى قيام الليل أي تمامه أو على صلاة الليل مراعيا لآدابها.

الحديث الخامس عشر : كالسابق.

« يسر » أي سبب ليسر الأمور على صاحبه ، ويمكن أن يقرأ يسرا بصيغة المضارع ، أي يصير سببا لسرور صاحبه أو الناس أو الأعم« ما هو » ما نافية ، والجملة صفة للحديث« وهو قائم » حال عن بعض الأنصار ، وقيل : إنما ذكر ذلك للإشعار بأن

١٧٣

يقل لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله شيئا حتى فعلت ذلك ثلاث مرات فقام لها النبي في الرابعة وهي خلفه فأخذت هدبة من ثوبه ثم رجعت فقال لها الناس فعل الله بك وفعل حبست رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث مرات لا تقولين له شيئا ولا هو يقول لك شيئا ما كانت حاجتك إليه قالت إن لنا مريضا فأرسلني أهلي لآخذ هدبة من ثوبه ليستشفي بها فلما أردت أخذها رآني فقام فاستحييت منه أن آخذها وهو يراني وأكره أن أستأمره في أخذها فأخذتها.

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حبيب الخثعمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أفاضلكم أحسنكم أخلاقا الموطئون

_________________________________________

مالكها لم يكن مطلعا على هذا الأمر فحسن الخلق فيه أظهر« فقام لها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » كان قيامهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لظن أنها تريده لحاجة يذهب معها ، فقامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لذلك فلما لم تقل شيئا ولم يعلم غرضها جلس ، وقيل : إنما قام لترى الجارية أن الهدية في أي موضع من الثوب فتأخذ.

وقال في النهاية : هدب الثوب وهدبته وهدابه طرف الثوب مما يلي طرته ، وفي القاموس :الهدب بالضم وبضمتين شعر أشفار العين وخمل الثوب ، واحدتها بهاء.

« فعل الله بك وفعل » كناية عن كثرة الدعاء عليه بإيذائه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذا شائع في عرف العرب والعجم ، وقولها : يستشفي الضمير المستتر راجع إلى المريض وهو استئناف بياني أو حال مقدرة عن الهدبة ، أو هو بتقدير لأن يستشفي ، وفي بعض النسخ بل أكثرها ليستشفي« وهو يراني » حال عن فاعل أخذها ، وقيل : وأكره حال عن فاعل استحيت.

الحديث السادس عشر : حسن كالصحيح.

« أحسنكم » خبر أفاضلكم ، ويجوز في أفعل التفضيل المضاف إلى المفضل عليه الأفراد والموافقة مع صاحبه في التثنية والجمع ، كما روعي فيقوله : الموطئون ،

١٧٤

أكنافا الذين يألفون ويؤلفون وتوطأ رحالهم.

١٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام المؤمن مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.

١٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن

_________________________________________

وفي بعض الروايات أحاسنكم كما في كتاب الزهد للحسين بن سعيد وغيره ، قال في النهاية : الواطية المارة والسابلة سموا بذلك لوطئهم الطريق ، ومنه الحديث : ألا أخبركم بأحبكم إلى وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون ، هذا مثل وحقيقته من التوطئة وهي التمهيد والتذلل ، وفراش وطئ لا يؤذي جنب النائم ، والأكناف الجوانب ، أراد الذين جوانبهم وطيئة يتمكن فيها من يصاحبهم ولا يتأذى ، انتهى.

ويقال رجل موطأ الأكناف أي كريم مضياف ، وفي بعض النسخ بالناء كناية عن غاية حسن الخلق كأنهم يحملون الناس على أكتافهم ورقابهم ، وكأنه تصحيف وإن كان موافقا لما في كتاب الحسين بن سعيد ، وفي المصباح :ألفته ألفا من باب علم أنست به وأحببته والاسم الألفة بالضم ، والألفة أيضا اسم من الإيلاف وهو الالتئام والاجتماع ، واسم الفاعل آلف مثل عالم ، والجمع ألاف مثل كفار ، انتهى.

وتوطأ رحالهم أي للضيافة أو للزيارة أو لطلب الحاجة أو الأعم ورحل الرجل منزله ومأواه وأثاث بيته.

الحديث السابع عشر : ضعيف على المشهور.

وفيه حث على الألفة وحمل على الألفة بالخيار وإن احتمل التعميم إذا لم يوافقهم بالمعاصي كما وردت الأخبار في حسن المعاشرة.

الحديث الثامن عشر : حسن كالصحيح.

١٧٥

أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن حسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم.

باب حسن البشر

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسن بن الحسين قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا بني عبد المطلب إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر.

ورواه عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام إلا أنه قال يا بني هاشم.

_________________________________________

وقد مر مضمونه ويبلغ كينصر والباء للتعدية.

باب حسن البشر الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

لأن الحسن بن الحسين وإن كان مشتركا لكن الراوي عن الصادقعليه‌السلام منهم ثقة وسنده الثاني ضعيف.

وفي النهاية يقال :وسعه الشيء يسعه سعة فهو واسع ووسع بالضم وساعة فهو وسيع ، والوسع والسعة الجدة والطاقة ، ومنه الحديث إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم أي لا تتسع أموالكم بعطائهم فوسعوا أخلاقكم لصحبتهم ، وقال :

فيه أن تلقاه بوجه طلق ، يقال :طلق الرجل بالضم يطلق طلاقة فهو طلق وطليق ، أي منبسط الوجه متهلله ، وفي القاموس : هو طلق الوجه مثلثة وككتف وأمير ضاحكة مشرقة ، والبشر بالكسر طلاقة الوجه وبشاشته ، وقيل : حسن البشر تنبيه على أن زيادة البشر وكثرة الضحك مذمومة بل الممدوح الوسط من ذلك.

أقول : ويحتمل أن يكون للمبالغة في ذلك أو يكون إشارة إلى أن البشر إنما

١٧٦

٢ ـ عنه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ثلاث من أتى الله بواحدة منهن أوجب الله له الجنة الإنفاق من إقتار والبشر لجميع العالم والإنصاف من نفسه.

_________________________________________

يكون حسنا إذا كان عن صفاء الطوية والمحبة القلبية لا ما يكون على وجه الخداع والحيلة.

وبنو هاشم وبنو عبد المطلب مصداقهما واحد ، لأنه لم يبق لهاشم ولد إلا من عبد المطلب.

الحديث الثاني : موثق.

والإقتار التضييق على الإنسان في الرزق ، يقال أقتر الله رزقه أي ضيقه وقلله والإنفاق أعم من الواجب والمستحب وكان المراد بالإقتار عدم الغناء والتوسعة في الرزق وإن كان له زائدا على رزقه ورزق عياله ما ينفقه ، ويحتمل شموله للإيثار أيضا بناء على كونه حسنا مطلقا أو لبعض الناس فإن الأخبار في ذلك مختلفة ظاهرا فبعضها يدل على حسنه وبعضها يدل على ذمه وأنه كان ممدوحا في صدر الإسلام فنسخ ، وربما يجمع بينهما باختلاف ذلك بحسب الأشخاص ، فيكون حسنا لمن يمكنه تحمل المشقة في ذلك ، ويكمل توكله ولا يضطرب عند شدة الفاقة ، ومذموما لمن لم يكن كذلك ، وعسى أن نفصل ذلك في موضع آخر إنشاء الله ، وربما يحمل ذلك على من ينقص من كفافه شيئا ويعطيه من هو أحوج منه أو من لا شيء له.

« والبشر بجميع العالم » هذا إما على عمومه بأن يكون البشر للمؤمنين لإيمانهم وحبه لهم ، وللمنافقين والفاسقين تقية منهم ومداراة لهم كما قيل : دارهم ما دمت في دارهم وأرضهم ما كنت في أرضهم ، أو مخصوص بالمؤمنين كما يشعر به الخبر الآتي.

وعلى التقديرين لا بد من تخصيصه بغير الفساق الذين يعلم من حالتهم أنهم يتركون المعصية إذا لقيهم بوجه مكفهر ولا يتركونها بغير ذلك ولا يتضرر منهم في ذلك فإن ذلك أحد مراتب النهي عن المنكر الواجب على المؤمنين« والإنصاف من

١٧٧

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجل فقال يا رسول الله أوصني فكان فيما أوصاه أن قال الق أخاك بوجه منبسط.

٤ ـ عنه ، عن ابن محبوب ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له ما حد حسن الخلق قال تلين جناحك وتطيب كلامك وتلقى أخاك

_________________________________________

نفسه » هو أن يرجع إلى نفسه ويحكم لهم عليها فيما ينبغي أن يأتي به إليهم من غير أن يحكم عليه حاكم ، وسيأتي في باب الإنصاف هو أن يرضى لهم ما يرضى لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه.

قال الراغب : الإنصاف في المعاملة العدالة وهو أن لا يأخذ من صاحبه من المنافع إلا مثل ما يعطيه ولا ينيله من المضار إلا مثل ما يناله منه ، وقال الجوهري : أنصف أي عدل ، يقال : أنصفه من نفسه وانتصفت أنا منه ، وتناصفوا أي أنصف بعضهم بعضا من نفسه.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

والتخصيص بالأخ لشدة الاهتمام أو المراد به انبساط الوجه مع حب القلب.

الحديث الرابع : مرسل كالحسن لإجماع العصابة على المرسل والضمير فيه وفي الخبر الآتي راجعان إلى إبراهيم بن هاشم.

وتليين الجناح كناية عن عدم تأذي من يجاوره ويجالسه ويحاوره من خشونته بأن يكون سلس الانقياد لهم ويكف أذاه عنهم أو كناية عن شفقته عليهم كما أن الطائر يبسط جناحه على أولاده ليحفظهم ويكنفهم كقوله تعالى : «وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ »(١) .

قال الراغب : الجناح جناح الطائر وسمي جانبا الشيء جناحاه ، فقيل

__________________

(١) سورة الإسراء : ٢٤.

١٧٨

ببشر حسن.

٥ ـ عنه ، عن أبيه ، عن حماد ، عن ربعي ، عن فضيل قال صنائع المعروف وحسن البشر يكسبان المحبة ويدخلان الجنة والبخل وعبوس الوجه يبعدان من الله ويدخلان النار.

_________________________________________

جناحا السفينة وجناحا العسكر ، وجناحا الإنسان لجانبيه ، وقوله تعالى : «وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ » فاستعارة وذلك أنه لما كان الذل ضربين ضرب يضع الإنسان ، وضرب يرفعه ، وقصد في هذا المكان إلى ما يرفع الإنسان لا إلى ما يضعه استعار لفظ الجناح فكأنه قيل : استعمل الذل الذي يرفعك عند الله من أجل اكتسابك الرحمة أو من أجل رحمتك لهم وقال : الخفض ضد الرفع والخفض الدعة والسير اللين ، فهو حث على تليين الجانب والانقياد وكأنه ضد قوله : أن لا تعلوا على.

وقال البيضاوي في قوله تعالى : «وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ » تذلل لهما وتواضع فيهما ، جعل للذل جناحا وأمره بخفضها للمبالغة أو أراد جناحه كقوله : «وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ »(١) وإضافته إلى الذل للبيان والمبالغة كما أضيف حاتم إلى الجود ، والمعنى واخفض لهما جناحك الذليل.

الحديث الخامس : كالصحيح موقوف والظاهر أنه مضمر.

والضمير في« قال » راجع إلى الباقر أو الصادقعليهما‌السلام وكأنه سقط من النساخ أو الرواة ، وصنائع المعروف الإحسان إلى الغير بما يعرف حسنه شرعا وعقلا وكان الإضافة للبيان. قال في النهاية : الاصطناع افتعال من الصنيعة ، وهي العطية والكرامة والإحسان. وقال : المعروف اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله تعالى ، والتقرب إليه والإحسان إلى الناس وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات « وهو من الصفات الغالبة » أي أمر معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه ، والمعروف

__________________

(١) سورة الحجر : ٨٨.

١٧٩

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حسن البشر يذهب بالسخيمة.

باب

الصدق وأداء الأمانة

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله عز وجل لم يبعث نبيا إلا بصدق الحديث وأداء الأمانة إلى البر والفاجر.

_________________________________________

النصفة وحسن الصحبة مع الأهل وغيرهم من الناس والمنكر ضد ذلك جميعه« يكسبان المحبة » أي محبته تعالى بمعنى إفاضة الرحمات والهدايات أو محبة الخلق ، ويؤيد الأولقوله : ويبعدان من الله لأن الظاهر أن يترتب على أحد الضدين نقيض ما يترتب على الضد الآخر.

الحديث السادس : موثق.

والسخيمة الحقد في النفس.

باب الصدق وأداء الأمانة

الحديث الأول : حسن.

« إلا بصدق الحديث » أي متصفا بهما أو كان الأمر بهما في شريعته ، وقد مر أنه يحتمل شمول الأمانة لجميع حقوق الله ، وحقوق الخلق ، لكن الظاهر منه أداء كل حق ائتمنك عليه إنسان ، برا كان أو فاجرا ، والظاهر أن الفاجر يشمل الكافر أيضا فيدل على عدم جواز الخيانة بل التقاص أيضا في ودائع الكفار وأماناتهم ، واختلف الأصحاب في التقاص مع تحقق شرائطه في الوديعة فذهب الشيخ في الاستبصار وأكثر المتأخرين إلى الجواز على كراهة وذهب الشيخ في النهاية

١٨٠

٢ ـ عنه ، عن عثمان بن عيسى ، عن إسحاق بن عمار وغيره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا تغتروا بصلاتهم ولا بصيامهم فإن الرجل ربما لهج بالصلاة والصوم حتى لو تركه استوحش ولكن اختبروهم عند صدق الحديث وأداء الأمانة.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نجران ، عن مثنى الحناط ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من صدق لسانه زكى عمله.

_________________________________________

وجماعة إلى التحريم ، والأخبار مختلفة وسيأتي تحقيقه في محله إنشاء الله ، وستأتي الأخبار في وجوب أداء الأمانة والوديعة إلى الكافر ، وإلى قاتل علي صلوات الله عليه.

الحديث الثاني : موثق.

وقال الجوهري :اغتر بالشيء خدع به ، وقال :اللهج بالشيء الولوع به ، وقد لهج به بالكسر يلهج لهجا إذا أغرى به فثابر عليه ، انتهى.

وحاصل الحديث أن كثرة الصلاة والصوم ليست مما يختبر به صلاح المرء وخوفه من الله تعالى ، فإنهما من الأفعال الظاهرة التي لا بد للمرء من الإتيان بها خوفا أو طمعا ورياء لا سيما للمتسمين بالصلاح فيأتون بها من غير إخلاص حتى يعتادونها ، ولا غرض لهم في تركها غالبا والدواعي الدنيوية في فعلها لهم كثيرة بخلاف الصدق والأمانة فإنهما من الأمور الخفية وظهور خلافهما على الناس نادر ، والدواعي الدنيوية على تركهما كثيرة فاختبروهم بهما ، لأن الآتي بهما غالبا من أهل الصلاح والخوف من الله مع أنهما من الصفات الحسنة التي تدعو إلى كثير من الخيرات ، وبهما يحصل كمال النفس وإن لم تكونا لله ، وأيضا الصدق يمنع كون العمل لغير الله فإن الرياء حقيقة من أقبح أنواع الكذب كما يومئ إليه الخبر الآتي.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

« زكي عمله » أي يصير عمله بسببه زاكيا أي ناميا في الثواب لأنه إنما يتقبل الله من المتقين ، وهو من أعظم أركان التقوى ، أو كثيرا لأن الصدق مع الله يوجب

١٨١

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم ، عن عمرو بن أبي المقدام قال قال لي أبو جعفرعليه‌السلام في أول دخلة دخلت عليه تعلموا الصدق قبل الحديث.

_________________________________________

الإتيان بما أمر الله والصدق مع الخلق أيضا يوجب ذلك ، لأنه إذا سئل عن عمل هل يفعله؟ ولم يفعله لا يمكنه ادعاء فعله ، فيأتي بذلك ، ولعله بذلك يصير خالصا لله ، أو يقال لما كان الصدق لازما للخوف والخوف ملزوما لكثرة الأعمال فالصدق ملزوم لها ، أو المعنى طهر عمله من الرياء فإنها نوع من الكذب كما أشرنا إليه في الخبر السابق وفي بعض النسخ زكي على المجهول من بناء التفعيل بمعنى القبول ، أي يمدح الله عمله ويقبله ، فيرجع إلى المعنى الأول ويؤيده.

الحديث الرابع : ضعيف.

والدخلة مصدر كالجلسة وإن لم يذكر بخصوصه في اللغة« تعلموا الصدق » أي قواعده كجواز النقل بالمعنى ، ونسبة الحديث المأخوذ عن واحد من الأئمة إلى آبائه أو إلى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو تبعيض الحديث وأمثال ذلك ، أو يكون تعلمه كناية عن العمل به والتمرن عليه على المشاكلة ، أو المراد تعلم وجوبه ولزومه وحرمة تركه« قبل الحديث » أي قبل سماع الحديث منا وروايته وضبطه ونقله ، وهذا يناسب أول دخوله فإنه كان مريدا لسماع الحديث منهعليه‌السلام ولم يسمع بعد هذا ما أفهمه.

وقيل فيه وجوه مبنية على أن المراد بالحديث التكلم لا الحديث بالمعنى المصطلح :

الأول : أن المراد التفكر في الكلام ليعرف الصدق وفيما يتكلم به ، ومثله قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : لسان العاقل وراء قلبه وقلب الأحمق وراء لسانه ، يعني أن العاقل يعلم الصدق والكذب أولا ويتفكر فيما يقول ثم يقول ما هو الحق والصدق ، والأحمق يتكلم ويقول من غير تأمل وتفكر فيتكلم بالكذب والباطل كثيرا.

الثاني : أن لا يكون قبل متعلقا بتعلموا ، بل يكون بدلا من قوله في أول دخلة.

١٨٢

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي كهمس قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ـ عبد الله بن أبي يعفور يقرئك السلام قال عليك وعليه‌السلام إذا أتيت عبد الله فأقرئه السلام وقل له إن جعفر بن محمد يقول لك انظر ما بلغ به عليعليه‌السلام عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فالزمه فإن علياعليه‌السلام إنما بلغ ما بلغ به عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بصدق الحديث وأداء الأمانة.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي إسماعيل البصري ، عن فضيل بن يسار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام يا فضيل إن الصادق أول من يصدقه الله عز وجل يعلم أنه صادق وتصدقه نفسه تعلم أنه صادق.

_________________________________________

الثالث : أن يكون قبل متعلقا بقال أي قالعليه‌السلام ابتداء قبل التكلم بكلام آخر : تعلموا.

الرابع : أن يكون المعنى تعلموا الصدق قبل تعلم آداب التكلم من قواعد العربية والفصاحة والبلاغة وأمثالها.

ولا يخفى بعد الجميع لا سيما الثاني والثالث ، وكون ما ذكرنا أظهر وأنسب.

الحديث الخامس : مجهول.

« ما بلغ به علي عليه‌السلام » كان مفعول البلوغ محذوف ، أي انظر الشيء الذي بسببه بلغ عليعليه‌السلام عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المبلغ الذي بلغه من القرب والمنزلة ، وقوله بعد ذلك : ما بلغ به ، كأنه زيدت كلمة « به » من النساخ ، وليست في بعض النسخ ، وعلى تقديرها كان الباء زائدة ، فإنه يقال بلغت المنزل أو الدار ، وقد يقال بلغت إليه بتضمين ، فيمكن أن يكون الباء بمعنى إلى ، ويحتمل على بعد أن يكونقوله : فإن عليا تعليلا للزوم وضمير « به » راجعا إلى الموصول في ما بلغ به أولا ، وقوله : بصدق الحديث كلاما مستأنفا متعلقا بفعل مقدر أي بلغ ذلك بصدق الحديث.

الحديث السادس : مجهول ، والمضمون معلوم.

١٨٣

٧ ـ ابن أبي عمير ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إنما سمي إسماعيل صادق الوعد لأنه وعد رجلا في مكان فانتظره في ذلك المكان سنة فسماه الله عز وجل صادق الوعد ثم [ قال ] إن الرجل أتاه بعد ذلك فقال له إسماعيل ما زلت منتظرا لك.

٨ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر الخزاز ، عن جده الربيع بن سعد قال قال لي أبو جعفرعليه‌السلام يا ربيع إن الرجل ليصدق حتى يكتبه الله صديقا.

_________________________________________

الحديث السابع : حسن.

واختلف المفسرون فيإسماعيل المذكور في هذه الآية ، قال الطبرسي (ره) :

هو إسماعيل بن إبراهيم وأنه كان صادق الوعد ، إذا وعد بشيء وفي به ولم يخلف ، وكان مع ذلك رسولا إلى جرهم نبيا رفيع الشأن ، عالي القدر ، قال ابن عباس : أنه واعد رجلا أن ينتظره في مكان ونسي الرجل فانتظره سنة حتى أتاه الرجل ، وروي ذلك عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وقيل : أقام ينتظره ثلاثة أيام عن مقاتل.

وقيل : إن إسماعيل بن إبراهيم مات قبل أبيه إبراهيم وإن هذا هو إسماعيل بن حزقيل ، بعثه الله إلى قوم فسلخوا جلدة وجهه وفروة رأسه فخيره الله فيما شاء من عذابهم فاستعفاه ورضي بثوابه ، وفوض أمرهم إلى الله في عفوه وعقابه ، ورواه أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ثم قال في آخره : أتاه ملك من ربه يقرئه السلام ويقول : قد رأيت ما صنع بك وقد أمرني بطاعتك ، فمرني بما شئت ، فقال : يكون بي بالحسين أسوة.

الحديث الثامن : مجهول.

والصديق مبالغة في الصدق أو التصديق والإيمان بالرسول قولا وفعلا ، قال الطبرسي (ره) في قوله تعالى : «إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً »(١) أي كثير التصديق في أمور الدين عن الجبائي ، وقيل : صادقا مبالغا في الصدق فيما يخبر عن الله.

__________________

(١) سورة مريم : ٤١ ـ ٥٦.

١٨٤

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن العبد ليصدق حتى يكتب عند الله من الصادقين ويكذب حتى يكتب عند الله من الكاذبين فإذا صدق قال الله عز وجل :

_________________________________________

وقال الراغب : الصدق والكذب أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبلا وعدا كان أو غيره ، ولا يكونان بالقصد الأول إلا في القول ، ولا يكونان من القول إلا في الخبر دون غيره من أصناف الكلام ، وقد يكونان بالعرض في غيره من أنواع الكلام الاستفهام والأمر والدعاء ، وذلك نحو قول القائل : أزيد في الدار؟ فإن في ضمنه إخبارا بكونه جاهلا بحال زيد ، وكذا إذا قال : واسني ، في ضمنه أنه محتاج إلى المواساة ، وإذا قال : لا تؤذني ففي ضمنه أنه يؤذيه.

والصديق من كثر منه الصدق ، وقيل : بل يقال ذلك لمن لم يكذب قط ، وقيل : بل لمن لا يتأتى منه الكذب لتعوده الصدق ، وقيل : بل لمن صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله فالصديقون هم قوم دوين الأنبياء في الفضيلة وقد يستعمل الصدق والكذب في كل ما يحق ويحصل في الاعتقاد ، نحو صدق ظني وكذب ، ويستعملان في أفعال الجوارح ، فيقال : صدق في القتال إذا وفي حقه ، وفعل على ما يجب وكما يجب ، وكذب في القتال إذا كان بخلاف ذلك ، قال الله تعالى : «رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ »(١) أي حققوا العهد بما أظهروه من أفعالهم ، وقوله : «لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ »(٢) أي يسأل من صدق بلسانه عن صدق فعله تنبيها على أنه لا يكفي الاعتراف بالحق دون تحريه بالفعل.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

ويدل على رفعة درجة الصادقين عند الله ، وقال الراغب :البر التوسع في فعل

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٢٣.

(٢) سورة الأحزاب : ٨.

١٨٥

صدق وبر وإذا كذب قال الله عز وجل كذب وفجر.

١٠ ـ عنه ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن عبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كونوا دعاة للناس بالخير بغير ألسنتكم ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم قال قال أبو الوليد حسن بن زياد الصيقل قال أبو عبد اللهعليه‌السلام من صدق لسانه زكى عمله ومن حسنت نيته زيد في رزقه ومن حسن بره بأهل بيته مد له في عمره.

١٢ ـ عنه ، عن أبي طالب رفعه قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده فإن ذلك شيء اعتاده فلو تركه استوحش لذلك ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته.

_________________________________________

الخير ويستعمل في الصدق لكونه بعض الخيرات المتوسع فيه ، وبر العبد ربه : توسع في طاعته ، وقال : سمي الكاذب فاجرا لكون الكذب بعض الفجور.

الحديث العاشر : صحيح ، والضمير راجع إلى أحمد.

« بغير ألسنتكم » أي بجوار حكم وأعمالكم الصادرة عنها ، وإن كان اللسان أيضا داخلا فيها من جهة الأعمال لا من جهة الدعوة الصريحة ، والاجتهاد المبالغة في الطاعات والورع اجتناب المنهيات والشبهات كما مر.

الحديث الحادي عشر : مجهول.

« ومن حسنت نيته » أي عزمه على الطاعات أو على إيصال النفع إلى العباد « أو سريرته » في معاملة الخلق بأن يكون ناصحا لهم غير مبطن لهم غشا وعداوة وخديعة ، أو في معاملة الله أيضا بأن يكون مخلصا ، ولا يكون مرائيا ولا يكون عازما على المعاصي ، ومبطنا خلاف ما يظهر من مخافة الله عز وجل ، والمرادبأهل بيته عياله أو الأعم منهم ومن أقاربه بالتوسعة عليهم وحسن المعاشرة معهم.

الحديث الثاني عشر : مرفوع.

والمراد بطول الركوع والسجود حقيقته أو كناية عن كثرة الصلاة والأول أظهر

١٨٦

باب الحياء

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة.

_________________________________________

باب الحياء

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

والحياء ملكة للنفس توجب انقباضها عن القبيح وانزجارها عن خلاف الآداب خوفا من اللوم ، و« من » في قوله : من الإيمان ، إما سببية أي تحصل بسبب الإيمان ، لأن الإيمان بالله وبرسوله وبالثواب والعقاب وقبح ما بين الشارع قبحه يوجب الحياء من الله ومن الرسول ، ومن الملائكة وانزجار النفس من القبائح والمحرمات لذلك ، أو تبعيضية أي من الخصال التي هي من أركان الإيمان ، أو توجب كماله وقال الراوندي (ره) في ضوء الشهاب : الحياء انقباض النفس عن القبائح وتركها لذلك ، يقال : حيي يحيي حياء فهو حيي واستحيا فهو مستحيي ، واستحى فهو مستح ، والحياء إذا نسب إلى الله فالمراد به التنزيه ، وأنه لا يرضي فيوصف بأنه يستحي منه ، ويتركه كرما.

وما أكثر ما يمنع الحياء من الفواحش والذنوب ، ولذلك قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحياء من الإيمان ، الحياء خير كله ، الحياء لا يأتي إلا بالخير ، فإن الرجل إذا كان حييا لم يرخص حياؤه من الخلق في شيء من الفواحش فضلا عن الحياء من الله ، وروى ابن مسعود أنه جاء قوم إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا : إن صاحبنا قد أفسده الحياء؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الحياء من الإسلام وإن البذاء من لؤم المرء ، انتهى.

« والإيمان في الجنة » أي صاحبه.

١٨٧

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الحسن الصيقل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الحياء والعفاف والعي أعني عي اللسان لا عي القلب من الإيمان.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهدي ، عن مصعب بن يزيد ، عن العوام

_________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

والعفاف أي ترك المحرمات بل الشبهات أيضا ويطلق غالبا على عفة البطن والفرج ، وفي القاموس :عي بالأمر وعيي كرضي ، وتعايا واستعيا وتعيا لم يهتد لوجه مراده أو عجز عنه ولم يطق أحكامه ، وعيي في المنطق كرضى عيا بالكسر حصر ، وأعيى الماشي كل ، انتهى.

والمرادبعي اللسان ترك الكلام فيما لا فائدة فيه ، وعدم الاجتراء على الفتوى بغير علم ، وعلى إيذاء الناس وأمثاله وهذا ممدوح ، وعي القلب عجزه عن إدراك دقائق المسائل ، وحقائق الأمور وهو مذموم.

« من الإيمان » قيل : أي من قبيلة في المنع عن القبائح أو من أفراده أو من أجزائه ، أو من شيم أهله ومحاسنه التي ينبغي التخلق بها ، انتهى.

أقول : وروى الحسين بن سعيد في كتاب الزهد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن الصيقل قال : كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام جالسا فبعث غلاما له أعجميا في حاجة إلى رجل فانطلق ثم رجع فجعل أبي عبد اللهعليه‌السلام يستفهمه الجواب وجعل الغلام لا يفهمه مرارا ، قال : فلما رأيته لا يتعبر لسانه ولا يفهمه ظننت أن أبا عبد اللهعليه‌السلام سيغضب عليه ، قال : وأحد أبو عبد اللهعليه‌السلام النظر إليه ثم قال : أما والله لئن كنت عيي اللسان فما أنت بعيي القلب ، ثم قال : إن الحياء والعي عي اللسان لا عي القلب من الإيمان ، والفحش والبذاء والسلاطة من النفاق.

الحديث الثالث : ضعيف.

١٨٨

بن الزبير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من رق وجهه رق علمه.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن يحيى أخي دارم ، عن معاذ بن كثير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال الحياء والإيمان مقرونان في قرن فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه.

_________________________________________

والمرادبرقة الوجه الاستحياء عن السؤال وطلب العلم ، وهو مذموم فإنه لا حياء في طلب العلم ، ولا في إظهار الحق ، وإنما الحياء عن الأمر القبيح ، قال تعالى : «وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ »(١) ورقة العلم كناية عن قلته ، وما قيل : إن المراد برقة الوجه قلة الحياء فضعفه ظاهر ، وفي القاموس : الرقة بالكسر الرحمة ، رققت له أرق والاستحياء والرقة ، رق يرق فهو رقاق ، انتهى.

واستعارة رقة الوجه للحياء شائع بين العرب والعجم ، وقيل : المراد برقة العلم الاكتفاء بما يجب ويحسن طلبه ، لا الغلو فيه بطلب ما لا يفيد بل يضر كعلم الفلاسفة ونحوه ، أو استعارة للإنتاج فإن الثوب الرقيق يحكي ما تحته أو يكون نسبة الرقة إلى العلم على المجاز ، والمراد رقة المعلوم أي يتعلق علمه بالدقائق والحقائق الخفية ، ولا يخفى ما في الجميع من التكلف والتعسف.

الحديث الرابع : مجهول.

وفي القاموس :القرن بالتحريك حبل يجمع به البعيران ، وخيط من سلب يشد به الفدان ، انتهى.

والغرض بيان تلازمهما ، ولا ينافي الجزئية ، ويحتمل أن يكون المراد هنا بالإيمان العقائد اليقينية المستلزمة للأخلاق الجميلة والأفعال الحسنة كما عرفت أنه أحد معانيه.

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٥٣.

١٨٩

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن الفضل بن كثير عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا إيمان لمن لا حياء له.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن بعض أصحابنا رفعه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الحياء حياءان حياء عقل وحياء حمق فحياء العقل هو العلم وحياء الحمق هو الجهل.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الله بن إبراهيم ، عن علي بن أبي علي اللهبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أربع من كن فيه وكان من قرنه إلى قدمه ذنوبا بدلها الله حسنات :

_________________________________________

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور ومؤيد للسابق.

الحديث السادس : مرسل.

ويدل على انقسام الحياء إلى قسمين ، ممدوح ومذموم ، فأما الممدوح فهو حياء ناش عن العقل بأن يكون حياؤه وانقباض نفسه عن أمر يحكم العقل الصحيح أو الشرع بقبحه ، كالحياء عن المعاصي أو المكروهات ، وأما المذموم فهو الحياء الناشئ عن الحمق بأن يستحيي عن أمر يستقبحه أهل العرف من العوام ، وليست له قباحة واقعية يحكم بها العقل الصحيح والشرع الصريح كالاستحياء عن سؤال المسائل العلمية أو الإتيان بالعبادات الشرعية التي يستقبحها الجهال «فحياء العقل هو العلم » أي موجب لوفور العلم ، أو سببه العلم المميز بين الحسن والقبيح ، وحياء الحمق سببه الجهل وعدم التميز المذكور ، أو موجب للجهل لأنه يستحيى عن طلب العلم ، فهو مؤيد لما ذكرنا في الخبر الثالث.

الحديث السابع : ضعيف.

« بدلها الله حسنات » إشارة إلى قوله تعالى : «إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً

١٩٠

الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر.

_________________________________________

صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً »(١) وقد قيل في هذا التبديل وجوه : « الأول » : أنه يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم « الثاني » أنه يبدل ملكة المعصية في النفس بملكة الطاعة « الثالث » أنه تعالى يوفقه لأضداد ما سلف منه «الرابع» أنه يثبت له بدل كل عقاب ثوابا.

ويؤيده ما رواه مسلم عن أبي ذررضي‌الله‌عنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال :(٢) أعرضا عليه صغار ذنوبه ونحيا عنه كبارها ، فيقال : عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا ، وهو مقر لا ينكر وهو مشفق من الكبار ، فيقال : أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة ، فيقول : إن لي ذنوبا ما أراها ههنا؟ قال : ولقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ضحك حتى بدت نواجذه.

وما رواه علي بن إبراهيم بإسناده عن الرضاعليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة أوقف الله عز وجل المؤمن بين يديه ويعرض عليه عمله فينظر في صحيفته فأول ما يرى سيئاته فيتغير لذلك لونه وترتعد فرائصه ثم تعرض عليه حسناته فتفرح لذلك نفسه ، فيقول الله عز وجل : بدلوا سيئاتهم حسنات وأظهروها للناس ، فيبدل الله لهم فيقول الناس : أما كان لهؤلاء سيئة واحدة؟ وهو قوله تعالى : «يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ».

وأقول : أكثر الوجوه جارية في الخبر بأن يوفقه الله للتوبة والأعمال الصالحة فيبدل فسوقه بالطاعات ، أو مساوئ أخلاقه بمحاسنها أو يكتب له في القيامة بدل سيئاته حسنات.

__________________

(١) سورة الفرقان : ٧٠.

(٢) أي للملكان ، بقرينة ضمير التثنية في الأفعال الآتية.

١٩١

باب العفو

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في خطبته ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة العفو عمن ظلمك وتصل من قطعك والإحسان إلى من أساء إليك وإعطاء من حرمك.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن يونس بن يعقوب ، عن غرة بن دينار الرقي ، عن أبي إسحاق السبيعي رفعه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ألا أدلكم على خير أخلاق الدنيا والآخرة تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك.

_________________________________________

باب العفو

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

والخلائق جمع الخليفة وهي الطبيعة ، والمراد هنا الملكات النفسانية الراسخة أي خير الصفات النافعة في الدنيا والآخرة ، وتصل في سائر الروايات وصلة وعلى ما هنا لعله مصدر أيضا بتقدير « أن » أو يقال : عدل إلى الجملة الفعلية التي هي في قوة الأمر لزيادة التأكيد ، والفرق بينها وبين الأولى أن القطع لا يستلزم الظلم بل أريد بها المعاشرة لمن اختار الهجران ، ويمكن تخصيصها بالرحم لاستعمال الصلة غالبا فيها ، والإحسان في مقابلة الإساءة أخص منهما ، لأن الإحسان يزيد على العفو ، والإساءة أخص من القطع الذي هو ترك المواصلة ، وكذا الحرمان غير الإساءة والقطع إذ يعتبر في الإساءة فعل ما يضره والقطع إنما هو في المعاشرة مع أنه يمكن أن يكون بعضها تأكيدا لبعض كما هو الشائع في الخطب والمواعظ.

الحديث الثاني : ضعيف.

١٩٢

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي عبد الله نشيب اللفائفي ، عن حمران بن أعين قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ثلاث من مكارم الدنيا والآخرة تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتحلم إذا جهل عليك.

٤ ـ علي ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال سمعته يقول إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الأولين والآخرين في صعيد واحد ثم ينادي مناد أين أهل الفضل ـ قال فيقوم عنق من الناس فتلقاهم الملائكة فيقولون وما كان فضلكم فيقولون كنا نصل من قطعنا ونعطي من حرمنا ونعفو عمن ظلمنا قال فيقال لهم صدقتم ادخلوا الجنة.

_________________________________________

الحديث الثالث : مجهول.

واللفائفي كأنه بياع اللفافة ، وفي القاموس : اللفافة بالكسر ما يلف به على الرجل وغيرها ، والجمع لفائف ، انتهى.

ويقال :جهل على غيره سفه.

الحديث الرابع : حسن موثق.

وفي القاموس :العنق بالضم وبضمتين وكأمير وصرد الجيد ، والجمع أعناق ، والجماعة من الناس والرؤساء ، انتهى.

والمرادبأهل الفضل أما أهل الفضيلة والكمال أو أهل الرجحان أو أهل التفضيل والإحسان« فيقال لهم » أي من قبل الله تعالى« صدقتم » أي في اتصافكم بتلك الصفات أو في كونها سبب الفضل أو فيهما معا وهو أظهر.

واعلم أن هذه الخصال فضيلة وأية فضيلة ، ومكرمة وأية مكرمة ، لا يدرك كنه شرفها وفضلها ، إذ العامل بها يثبت بها لنفسه الفضيلة ، ويرفع بها عن صاحبه الرذيلة

١٩٣

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن جهم بن الحكم المدائني ، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليكم بالعفو فإن العفو لا يزيد العبد إلا عزا فتعافوا يعزكم الله.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن أبي خالد القماط ، عن حمران ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الندامة على العفو أفضل

_________________________________________

ويغلب على صاحبه بقوة قلبه يكسر بها عدو نفسه ونفس عدوه ، وإلى هذا أشير في القرآن المجيد بقوله سبحانه : «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ »(١) يعني « السيئة «فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ » ثم أشير إلى فضلها العالي وشرفها الرفيع بقوله عز وجل : «وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ » يعني من الإيمان والمعرفة ، رزقنا الله الوصول إليها وجعلنا من أهلها.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

« لا يزيد العبد إلا عزا » أي في الدنيا ردا على يسول الشيطان للإنسان بأن ترك الانتقام يوجب المذلة بين الناس ، وجرأتهم عليه ، وليس كذلك ، بل يصير سببا لرفعة قدره وعلو أمره عند الناس ، لا سيما إذا عفا مع القدرة ، وترك العفو ينجر إلى المعارضات والمجادلات والمرافعة إلى الحكام أو إلى إثارة الفتن الموجبة لتلف النفوس والأموال ، وكل ذلك مورث للمذلة ، والعزة الأخروية ظاهرة كما مر ، والتعافي عفو كل عن صاحبه.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور حسن عندي.

« الندامة على العفو أفضل » يحتمل وجوها : الأول : أن صاحب الندامة الأولى أفضل من صاحب الندامة الثانية وإن كانت الندامة الأولى أخس وأرذل.

الثاني : أن يكون الكلام مبنيا على التنزل ، أي لو كان في العفو ندامة فهي

__________________

(١) سورة فصّلت : ٣٤.

١٩٤

وأيسر من الندامة على العقوبة.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن سعدان ، عن معتب قال كان أبو الحسن موسىعليه‌السلام في حائط له يصرم فنظرت إلى غلام له قد أخذ كارة من تمر فرمى بها وراء الحائط فأتيته وأخذته وذهبت به إليه فقلت جعلت فداك إني وجدت هذا وهذه الكارة فقال للغلام يا فلان قال لبيك قال أتجوع قال لا يا سيدي قال فتعرى قال لا يا سيدي قال فلأي شيء أخذت هذه قال اشتهيت ذلك قال اذهب فهي لك وقال خلوا عنه.

٨ ـ عنه ، عن ابن فضال قال سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول ما التقت فئتان قط إلا نصر أعظمهما عفوا.

_________________________________________

أفضل وأيسر إذ يمكن تداركه غالبا ، بخلاف الندامة على العقوبة فإنه لا يمكن تدارك العقوبة بعد وقوعها غالبا ، فلا تزول تلك الندامة ، فيرجع إلى أن العفو أفضل فإنه يمكن إزالة الندامة بخلاف المبادرة بالعقوبة فإنه لا يمكن إزالة ندامتها وتداركها.

الثالث : أن يقدر مضاف فيهما مثل الدفع أو الرفع ، أي رفع تلك الندامة أيسر من رفع هذه.

الرابع : أن يكون المعنى أن مجموع تلك الحالتين أي العفو والندم عليه أفضل من مجموع حالتي العقوبة والندم عليها فلا ينافي كون الندم على العقوبة ممدوحا والندم على العفو مذموما ، إذ العفو أفضل من تلك الندم والعقوبة أقبح من هذا الندم وهذا وجه وجيه.

الحديث السابع : مجهول.

وصرم النخل جزه ، والفعل كضرب ، وفي القاموس :الكارة مقدار معلوم من الطعام ، ويدل على استحباب العفو عن السارق وترك ما سرقه له.

الحديث الثامن : موثق كالصحيح.

وأبو الحسن هو الرضاعليه‌السلام ويدل على أن نية العفو تورث الغلبة على الخصم.

١٩٥

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أتي باليهودية التي سمت الشاة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها ما حملك على ما صنعت فقالت قلت إن كان نبيا لم يضره وإن كان ملكا أرحت الناس منه قال فعفا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنها.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال ثلاث لا يزيد الله بهن المرء المسلم إلا عزا الصفح عمن ظلمه وإعطاء من حرمه والصلة لمن قطعه.

_________________________________________

الحديث التاسع : كالسابق ويدل علي حسن العفو عن الكافر وإن أراد القتل وتمسك بحجة كاذبة ، وظاهر أكثر الروايات أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أكل منها ولكن بإعجازه لم يؤثر فيه عاجلا ، وفي بعض الروايات أن أثره بقي في جسدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى توفي به بعد سنين ، فصار شهيدا فجمع الله له بذلك بين كرم النبوة وفضل الشهادة ، واختلف المخالفون في أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل قتلها أم لا؟ واختلفت رواياتهم أيضا في ذلك ، ففي أكثر روايات الفريقين أنه عفا عنها ولم يقتلها ، وقال بعضهم : أنه قتلها ، ورووا عن ابن عباس أنه دفعها إلى أولياء بشر وقد كان أكل من الشاة فمات فقتلوها ، وبه جمعوا بين الروايات.

الحديث العاشر : ضعيف.

١٩٦

باب كظم الغيظ

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان علي بن الحسينعليه‌السلام يقول ما أحب أن لي بذل نفسي حمر النعم وما تجرعت جرعة أحب إلي من جرعة غيظ لا أكافي

_________________________________________

باب كظم الغيظ

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

وذل النفس بالكسر سهولتها وانقيادها ، وهي ذلول وبالضم مذلتها وضعفها وهي ذليل ، والنعم المال الراعي وهو جمع لا واحد له من لفظه ، وأكثر ما يقع على الإبل ، قال أبو عبيد : النعم الجمال فقط ، ويؤنث ويذكر ، وجمعه نعمان وإنعام أيضا ، وقيل : النعم الإبل خاصة ، والأنعام ذوات الخف والظلف وهي الإبل والبقر والغنم ، وقيل : تطلق الأنعام على هذه الثلاثة فإذا انفردت الإبل فهي نعم ، وإن انفردت البقر والغنم لم تسم نعما كذا في المصباح وقال الكرماني : حمر النعم بضم الحاء وسكون الميم أي أقواها وأجلدها ، وقال الطيبي : أي الإبل الحمر وهي أنفس أموال العرب ، وقال في المغرب : حمر النعم كرائمها وهي مثل في كل نفيس ، وقيل : الحسن أحمر ، انتهى.

وربما يقرأ النعم بالكسر جمع نعمة ، والحمرة كناية عن الحسن أي محاسن النعم والأول أشهر وأظهر.

والخبر يحتمل وجهين : « الأول » أن يكون الذل بالضم والباء للسببية أو المصاحبة أي لا أحب أن يكون لي مع ذل نفسي أو بسببه نفائس أموال الدنيا أقتنيها أو أتصدق بها لأنه لم يكن للمال عندهعليه‌السلام قدر ومنزلة ، وقال الطيبي : هو كناية عن خير الدنيا كله ، والحاصل أني ما أرضى أن أذل نفسي ولي بذلك كرائم الدنيا ،

١٩٧

بها صاحبها.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان وعلي بن النعمان ، عن عمار بن مروان ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال نعم الجرعة الغيظ لمن صبر عليها فإن عظيم الأجر لمن عظيم البلاء وما أحب الله قوما

_________________________________________

ونبهعليه‌السلام بذكر تجرع الغيظ عقيب هذا علي أن في التجرع العز وفي المكافاة الذل كما مر وسيأتي ، أو المعنى مع أني لا أرضى بذل نفسي أحب ذلك لكثرة ثوابه وعظم فوائده والأول أظهر.

الثاني : أن يكون الذل بالكسر والباء للعوض ، أي لا أرضى أن يكون لي عوض انقياد نفسي وسهولتها وتواضعها ، أو بالضم أيضا أي المذلة الحاصلة عند إطاعة أمر الله بكظم الغيظ والعفو نفائس الأموال ، وقيل : التشبيه للتقريب إلى الأفهام وإلا قذرة من الآخرة خير من الأرض وما فيها.

قوله عليه‌السلام : وما تجرعت جرعة ، الجرعة من الماء كاللقمة من الطعام وهو ما يجرع مرة واحدة والجمع جرع كغرفة وغرف ، وتجرع الغصص مستعار منه وأصله الشرب من عجلة وقيل : الشرب قليلا وإضافة الجرعة إلى الغيظ من قبيل لجين الماء ، والغيظ صفة للنفس عند احتدادها موجبة لتحركها نحو الانتقام ، وفي الكلام تمثيل.

وقال بعض الأفاضل : لا يقال الغيظ أمر جبلي لا اختيار للعبد في حصوله فكيف يكلف برفعه؟ لأنا نقول : هو مكلف بتصفية النفس على وجه لا يحركها أسباب الغيظ بسهولة.

وأقول : على تقدير حصول الغيظ بغير اختيار فهو غير مكلف برفعه ولكنه بعدم العمل بمقتضاه فإنه باختياره غالبا وإن سلب اختياره فلا يكون مكلفا.

الحديث الثاني : صحيح.

« لمن عظيم البلاء » أي الامتحان والاختبار فإن الله تعالى ابتلى المؤمنين بمعاشرة

١٩٨

إلا ابتلاهم.

٣ ـ عنه ، عن علي بن النعمان ومحمد بن سنان ، عن عمار بن مروان ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال اصبر على أعداء النعم فإنك لن تكافئ من عصى الله فيك بأفضل من أن تطيع الله فيه.

٤ ـ عنه ، عن محمد بن سنان ، عن ثابت مولى آل حريز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كظم الغيظ عن العدو في دولاتهم تقية حزم لمن أخذ به وتحرز من التعرض

_________________________________________

المخالفين والظلمة وأرباب الأخلاق السيئة وأمرهم بالصبر وكظم الغيظ وهذا من أشد البلاء وأشق الابتلاء.

الحديث الثالث : كالسابق.

والضمير لأحمد ولعل المرادبأعداء النعم الحاسدون الذين يحبون زوال النعم عن غيرهم فهم أعداء لنعم غيرهم يسعون في سلبها ، أو الذين أنعم الله عليهم بنعم وهم يطغون ويظلمون الناس فبذلك يتعرضون لزوال النعم عن أنفسهم فهم أعداء لنعم أنفسهم ، ويحتمل أن يكون المراد بالنعم الأئمةعليهم‌السلام « من عصى الله فيك » بالحسد وما يترتب عليه ، أو بالظلم والطغيان والأذى« من أن تطيع الله فيه » بالعفو وكظم الغيظ والصبر على أذاه كما قال تعالى : «وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ » الآية وفي صيغة التفضيل دلالة على جواز المكافاة بشرط أن لا يتعدى كما قال سبحانه «فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ »(١) وغيره ولكن العفو أفضل.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور ، وفي النهايةكظم الغيظ تجرعه واحتمال سببه والصبر عليه ، ومنه الحديث إذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع ، أي ليحبسه ما أمكنه ، وقال : الحزم ضبط الرجل أمره والحذر من فواته من قولهم حزمت الشيء أي شددته ، وفي القاموسالحزم : ضبط الأمر والأخذ فيه بالثقة ، وقال :المظاظة شدة

__________________

(١) سورة البقرة : ١٩٤.

١٩٩

للبلاء في الدنيا ومعاندة الأعداء في دولاتهم ومماظتهم في غير تقية ترك أمر الله فجاملوا الناس يسمن ذلك لكم عندهم ولا تعادوهم فتحملوهم على رقابكم فتذلوا.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن بعض أصحابه ، عن مالك بن حصين السكوني قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ما من عبد كظم غيظا إلا زاده الله عز وجل عزا في الدنيا والآخرة وقد قال الله عز وجل : «وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ

_________________________________________

الخلق وفظاظته ومظظته لمته. وماظظته مماظة ومماظا شاردته ونازعته ، والخصم لازمته وقال :جامله لم يصفه الإخاء بل ماسحة بالجميل له وأحسن عشرته ،قوله : يسمن ذلك عندهم ، كذا في أكثر النسخ من قولهم سمن فلان يسمن من باب تعب ، وفي لغة من باب قرب إذا كثر لحمه وشحمه كناية عن العظمة والنمو ويمكن أن يقرأ على بناء المفعول من الأفعال أو التفعيل ، أي يفعل الله ذلك مرضيا محبوبا عندهم ، وفي بعض النسخ يسمى على بناء المفعول من التسمية أي يذكر عندهم ويحمدونكم بذلك ، فيكون مرفوعا بالاستيناف البياني والحمل على الرقاب كناية عن التسلط والاستيلاء.

الحديث الخامس : مجهول.

« وقد قال الله » بيان لعز الآخرة لأنه تعالى قال في سورة آل عمران : «وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ، الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ »(١) قال البيضاوي : الممسكين عليه ، الكافين عن إمضائه مع القدرة ، من كظمت القربة إذا ملأتها وشددت رأسها ، وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا «وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ » التاركين عقوبة من استحقوا مؤاخذته «وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ »(١) يحتمل الجنس ويدخل تحته هؤلاء ، والعهد فيكون إشارة إليهم ، انتهى.

__________________

(١) سورة آل عمران : ١٣٤.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434