مرآة العقول الجزء ٨

مرآة العقول9%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 434

  • البداية
  • السابق
  • 434 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 13498 / تحميل: 7659
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٨

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

مستعتب وما بعدها من دار إلا الجنة أو النار.

١٠ ـ عنه ، عن أحمد ، عن ابن محبوب ، عن داود الرقي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ »(١) قال من علم أن الله يراه ويسمع

_________________________________________

الجوهري : الشباب الحداثة وكذلك الشبيبة وهو خلاف الشيب ، وفي بعض النسخ وفي الشيبة وهي كبر السن وابيضاض الشعر ، وعلى الأول وهو الأظهر المعنى وليعمل في سن الشباب قبل سن الشيخوخة لأنه قد لا يصل إلى الكبر ، وإن وصل فالعمل في الحالتين أفضل من العمل في حالة واحدة ، مع أن المرء في الشباب أقوى على العمل منه في المشيب ، وإذا صار العمل ملكة في الشباب تصير سببا لسهولة العمل عليه في المشيب وأيضا إذا أقبل على الطاعات في شبابه لا يتكدر ولا يرين مرآة قلبه بالفسوق والمعاصي وإذا أقبل على المعاصي وران قلبه بها فلما ينفك عنها ، ولو تركها قلما تصفو نفسه من كدوراتها ، وعلى الثاني المراد بالكبر سن الهرم والزمن أي ينبغي أن يغتنم أوائل الشيخوخة للطاعة قبل تعطل القوي وذهاب العقل ، فيكون قريبا من الفقرة الآتية« وفي الحياة قبل الممات » أي ينبغي أن يغتنم كل جزء من الحياة ولا يسوف العمل لاحتمال انقطاع الحياة بعده.

والمستعتب إما مصدر أو اسم مكان ، والاستعتاب الاسترضاء قال في النهاية : أعتبني فلان ، إذا عاد إلى مسرتي واستعتب طلب أن يرضى عنه كما يقول : استرضيته فأرضاني ، والمعتب المرضي ، ومنه الحديث : لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله يزداد ، وإما مسيئا فلعله يستعتب أي يرجع عن الإساءة ويطلب الرضا ، ومنه الحديث : ولا بعد الموت من مستعتب ، أي ليس بعد الموت من استرضاء لأن الأعمال بطلت وانقضى زمانها ، وما بعد الموت دار جزاء لا دار عمل والعتبي الرجوع عن الذنب والإساءة.

الحديث العاشر : مختلف فيه صحيح عندي.

«وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ » قال البيضاوي : أي موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب

__________________

(١) سورة الرحمن : ٤٦.

٤١

ما يقول ويعلم ما يعمله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الذي «خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى ».

١١ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الحسن بن أبي سارة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا ولا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو.

_________________________________________

أو قيامه على أحواله من قام عليه إذا راقبه أو مقام الخائف عند ربه للحساب بأحد المعنيين فأضاف إلى الرب تفخيما وتهويلا أو ربه مقام مقحم للمبالغة «جَنَّتانِ » جنة للخائف الإنسي وجنة للخائف الجني ، فإن الخطاب للفريقين والمعنى لكل خائفين منكما ، أو لكل أحد جنة لعقيدته وأخرى لعمله ، أو جنة لفعل الطاعات وأخرى لترك المعاصي ، أو جنة يثاب بها وأخرى يتفضل بها عليه ، أو روحانية وجسمانية ، انتهى.

وأقول : يحتمل أن يكون المراد جنة البرزخ وجنة الخلد أو اللذات المعنوية في الدنيا للمقربين وجنات الآخرة ،قوله : فذلك الذي ، إشارة إلى تفسير آية أخرى في النازعات تنبيها على تقارب مضمون الآيتين واتحاد الموصول في الموضعين وأن نهي النفس عن الهوى مراد في تلك الآية أيضا ، فإن الخوف بدون ترك المناهي ليس بخوف حقيقة ، ووحدة الجنة لا تنافي التثنية في الأخرى ، لأن المراد بها الجنس وأشارعليه‌السلام إلى أن الخوف تابع للعلم كما قال سبحانه : «إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ».

الحديث الحادي عشر ضعيف على المشهور ، ويدل على أن كمال الإيمان منوط بالخوف والرجاء ، والخوف والرجاء لا يصدقان إلا بالعمل.

٤٢

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن فضيل بن عثمان ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المؤمن بين مخافتين ذنب قد مضى لا يدري ما صنع الله فيه وعمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك فهو لا يصبح إلا خائفا ولا يصلحه إلا الخوف.

١٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أبيعليه‌السلام يقول إنه ليس من عبد مؤمن إلا وفي قلبه نوران نور خيفة ونور رجاء لو وزن هذا لم يزد على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا.

باب

حسن الظن بالله عز وجل

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن داود بن كثير ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال الله تبارك وتعالى لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي والنعيم في جناتي ورفيع الدرجات العلى في جواري

_________________________________________

الحديث الثاني عشر : صحيح.

ويدل على أنه لا يصلح الإنسان ، ولا تنكسر شهواته إلا بالخوف منه تعالى.

الحديث الثالث عشر : حسن وقد مر مضمونه.

باب حسن الظن بالله عز وجل

الحديث الأول : مختلف فيه صحيح عندي ، وهو جزء من خبر قد مضى في باب الرضا.

٤٣

ولكن برحمتي فليثقوا وفضلي فليرجوا وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا فإن رحمتي عند ذلك تدركهم ومني يبلغهم رضواني ومغفرتي تلبسهم عفوي فإني أنا الله الرحمن الرحيم وبذلك تسميت.

٢ ـ ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن بريد بن معاوية ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال وجدنا في كتاب عليعليه‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال وهو على منبره والذي لا إله إلا هو ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلا بحسن ظنه بالله ورجائه له وحسن خلقه والكف عن اغتياب المؤمنين والذي لا إله إلا هو لا يعذب الله مؤمنا بعد التوبة والاستغفار إلا بسوء ظنه بالله وتقصيره من رجائه وسوء خلقه واغتيابه للمؤمنين والذي لا إله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن لأن الله كريم بيده الخيرات يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثم يخلف ظنه ورجاءه فأحسنوا بالله الظن وارغبوا إليه.

_________________________________________

الحديث الثاني : صحيح ومعلق على الخبر السابق.

قوله عليه‌السلام : إلا بحسن ظنه قيل : معناه حسن ظنه بالغفران إذا ظنه حين يستغفر ، وبالقبول إذا ظنه حين يتوب وبالإجابة إذا ظنه حين يدعو ، وبالكفاية إذا ظنها حين يستكفي ، لأن هذه صفات لا تظهر إلا إذا حسن ظنه بالله تعالى وكذلك تحسين الظن بقبول العمل عند فعله إياه ، فينبغي للمستغفر والتائب والداعي والعامل أن يأتوا بذلك موقنين بالإجابة بوعد الله الصادق ، فإن الله تعالى وعد بقبول التوبة الصادقة والأعمال الصالحة ، وأما لو فعل هذه الأشياء وهو يظن أن لا يقبل ولا ينفعه فذلك قنوط من رحمة الله تعالى والقنوط كبيرة مهلكة ، وأما ظن المغفرة مع الإصرار وظن الثواب مع ترك الأعمال فذلك جهل وغرور يجر إلى مذهب المرجئة ، والظن هو ترجيح أحد الجانبين بسبب يقتضي الترجيح ، فإذا خلا عن سبب فإنما هو غرور وتمن للمحال.

٤٤

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال أحسن الظن بالله فإن الله عز وجل يقول أنا عند ظن عبدي المؤمن بي إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن سفيان بن عيينة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول حسن الظن بالله أن لا ترجو إلا الله ولا تخاف إلا ذنبك.

باب

الاعتراف بالتقصير

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن سعد بن أبي خلف ، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال قال لبعض ولده يا بني عليك بالجد لا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله عز وجل وطاعته فإن الله

_________________________________________

الحديث الثالث : صحيح.

« أنا عند ظن عبدي » هذا الخبر مروي من طرق العامة أيضا ، وقال الخطابي : معناه أنا عند ظن عبدي في حسن عمله وسوء عمله ، لأن من حسن عمله حسن ظنه ومن ساء عمله ساء ظنه.

الحديث الرابع : ضعيف.

وفيه إشارة إلى أن حسن الظن بالله ليس معناه ومقتضاه ترك العمل والاجتراء على المعاصي اتكالا على رحمة الله ، بل معناه أنه مع العمل لا يتكل على عمله وإنما يرجو قبوله من فضله وكرمه ، ويكون خوفه من ذنبه وقصور عمله لا من ربه فحسن الظن لا ينافي الخوف ، بل لا بد من الخوف وضمه مع الرجاء وحسن الظن كما مر.

باب الاعتراف بالتقصير

الحديث الأول : صحيح.

« لا تخرجن نفسك من حد التقصير » أي عد نفسك مقصرا في طاعة الله وإن

٤٥

لا يعبد حق عبادته.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن بعض العراقيين ، عن محمد بن المثنى الحضرمي ، عن أبيه ، عن عثمان بن زيد ، عن جابر قال قال لي أبو جعفرعليه‌السلام يا جابر لا أخرجك الله من النقص و [ لا ] التقصير.

٣ ـ عنه ، عن ابن فضال ، عن الحسن بن الجهم قال سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول إن رجلا في بني إسرائيل عبد الله أربعين سنة ثم قرب قربانا فلم يقبل منه فقال لنفسه ما أتيت إلا منك وما الذنب إلا لك قال فأوحى الله تبارك وتعالى إليه ذمك لنفسك أفضل من عبادتك أربعين سنة.

_________________________________________

بذلت الجهد فيها ، فإن الله لا يمكن أن يعبد حق عبادته كما قال سيد البشر : ما عبدناك حق عبادتك.

الحديث الثاني : مجهول.

« عن بعض العراقيين » أي علماء الكوفة« لا أخرجك الله » أي وفقك الله لأن تعد عبادتك ناقصة ونفسك مقصرة أبدا.

الحديث الثالث : موثق.

والقربان بالضم ما يتقرب به إلى الله من هدى أو غيره ، وكانت علامة القبول في بني إسرائيل أن تجيء نار من السماء فتحرقه ، وقال في المغرب : من هناأتيت ، أي من هنا دخل البلاء عليك.

« فأوحى الله » يحتمل أن يكون ذلك الرجل نبيا ويحتمل أن يكون الوحي بتوسط نبي في ذلك الزمان ، مع أنه لم يثبت امتناع نزول الوحي على غير الأنبياء كما أن ظاهر الآية نزول الوحي على أم موسى.

قال الطبرسيقدس‌سره في قوله تعالى : «وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى » أي ألهمناها وقذفنا في قلبها وليس بوحي نبوة ، عن قتادة وغيره ، وقيل : أتاها جبرئيل بذلك ، عن مقاتل ، وقيل : كان هذا الوحي رؤيا منام عبر عنها من تثق به من علماء بني إسرائيل عن الجبائي.

٤٦

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن عيسى بن أيوب ، عن علي بن مهزيار ، عن الفضل بن يونس ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قال أكثر من أن تقول ـ اللهم لا تجعلني من المعارين ولا تخرجني من التقصير ـ قال قلت أما المعارون فقد عرفت أن الرجل يعار الدين ثم يخرج منه فما معنى لا تخرجني من التقصير فقال كل عمل تريد به الله عز وجل فكن فيه مقصرا عند نفسك فإن الناس كلهم في أعمالهم فيما بينهم وبين الله مقصرون إلا من عصمه الله عز وجل.

_________________________________________

الحديث الرابع : مجهول.

« من المعارين » قال السيد الداماد قدس الله روحه : المعاري من يركب الفرس عريانا ، قال في القاموس : اعرورى سار في الأرض وحده وقبيحا أتاه ، وفرسه ركبه عريانا ، ونحن نعاري : نركب الخيل أعراء ، والمعني بالمعاري هيهنا : المتعبدون الذين يتعبدون لا على أسبغ الوجوه ، والطائعون الذين يلتزمون الطاعات ولكن لا على قصيا المراتب بل على ضرب من التقصير كالذين يركبون الخيل ولكن أعراء بلغنا الله تعالى أقصى المدى في طاعته ، انتهى.

ولعله « ره » غفل عن هذا الخبر وغيره مما سيأتي في باب المعارين فإنها صريحة في أنه مأخوذ من العارية.

« إلا من عصمه الله » أي من الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام فإنهم لا يقصرون في شرائط الطاعة بحسب الإمكان وإن كانوا أيضا يعدون أنفسهم مقصرين ، إظهارا للعجز والنقصان ولما يرون أعمالهم قاصرة في جنب ما أنعم الله عليهم من الفضل والإحسان إلا من عصمه الله من التقصير بالاعتراف بالتقصير.

٤٧

باب

الطاعة والتقوى

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن محمد أخي عرام ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لا تذهب بكم المذاهب فو الله ما شيعتنا إلا من أطاع الله عز وجل.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال خطب رسول اللهعليه‌السلام في حجة الوداع فقال يا أيها الناس والله ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به وما من شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه ألا وإن الروح الأمين نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها

_________________________________________

باب الطاعة والتقوى

الحديث الأول : مجهول.

« لا يذهب بكم المذاهب » على بناء المعلوم والباء للتعدية وإسناد الإذهاب إلى المذاهب على المجاز فإن فاعله النفس أو الشيطان ، أي لا يذهبكم المذاهب الباطلة إلى الضلال والوبال أو على بناء المجهول أي لا يذهب بكم الشيطان في المذاهب الباطلة من الأماني الكاذبة والعقائد الفاسدة بأن تجترئوا على المعاصي اتكالا على دعوى التشيع والمحبة والولاية من غير حقيقة فإنه ليس شيعتهم إلا من شايعهم في الأقوال والأفعال لا من ادعى التشيع بمحض المقال.

الحديث الثاني : موثق كالصحيح.

والروح الأمين جبرئيل لأنه سبب لحياة النفوس بالعلم وأمين على وحي الله

٤٨

فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحمل أحدكم استبطاء شيء من الرزق أن يطلبه بغير حله فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته.

_________________________________________

إلى الرسل ، وفي النهاية : فيه :أن روح القدس نفث في روعي ، يعني جبرئيل أي أوحى وألقى ، من النفث بالضم وهو شبيه بالنفخ ، وهو أقل من التفل لأن التفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق ، في روعي أي في نفسي وخلدي ، انتهى.

« حتى تستكمل رزقها » أي تأخذ رزقها المقدر على وجه الكمال« فاتقوا الله » أي في خصوص طلب الرزق أو مطلقا« وأجملوا في الطلب » أي اطلبوا طلبا جميلا ولا يكن كدكم كدا فاحشا ، وفي المصباح أجملت في الطلب رفقت ، قال الشيخ البهائيقدس‌سره : يحتمل معنيين : الأول أن يكون المراد اتقوا الله في هذا الكد الفاحش أي لا تقيموا عليه ، كما تقول : اتق الله في فعل كذا أي لا تفعله ، والثاني : أن يكون المراد أنكم إذا اتقيتموه لا تحتاجون إلى هذا الكد والتعب ، ويكون إشارة إلى قوله تعالى : «وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ »(١) .

« ولا يحمل أحدكم » أي لا يبعثه ويحدوه ، والمصدر المسبوك من أن المصدرية ومعمولها منصوب بنزع الخافض ، أي لا يبعثكم استبطاء الرزق على طلبه من غير حله ، وسيأتي في خبر آخر : ولا يحملنكم استبطاء شيء من الرزق أن تطلبوه بشيء من معصية الله فإن الله تعالى قسم الأرزاق بين خلقه حلالا ولم يقسمها حراما فمن اتقى الله وصبر أتاه رزقه من حله ، ومن هتك حجاب ستر الله عز وجل وأخذه من غير حله قصر به من رزقه الحلال وحوسب عليه يوم القيامة.

وأقول : هذه الجمل كالتفسيرلقوله عليه‌السلام : فإنه لا يدرك ما عند الله ، أي من الثواب الجزيل والرزق الحلال إلا بطاعته في الأوامر والنواهي ، والحاصل أن

__________________

(١) سورة الطلاق : ٢.

٤٩

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم وأحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه جميعا ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال لي يا جابر أيكتفي من انتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت فو الله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة

_________________________________________

قوله : ما عند الله يحتمل الرزق الحلال والدرجات الأخروية والأعم والأول أوفق بالتعليل ، وكذا الثالث وإن كان الثاني أظهر في نفسه.

واعلم أن الرزق عند المعتزلة كلما صح الانتفاع به بالتغذي وغيره وليس لأحد منعه منه ، وليس الحرام عندهم رزقا ، والحديث يدل عليه ، وعند الأشاعرة كلما ينتفع به ذو حياة بالتغذي وغيره ، وإن كان حراما ، وخص بعضهم بالأغذية والأشربة ، وسيأتي تمام القول في ذلك في كتاب المكاسب إنشاء الله تعالى.

الحديث الثالث : ضعيف.

« من ينتحل التشيع » أي يدعيه من غير أن يتصف به ، في القاموس : انتحله وتنحله ادعاه لنفسه وهو لغيره« وما كانوا يعرفون » على بناء المجهول ، والضمير راجع إلى الشيعة أو إلى خيار العباد ، أي كان في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين وسائر الأئمة الماضين صلوات الله عليهم يعرفون الشيعة بتلك الصفات فمن لم يكن فيه تلك الخلال لم يكونوا يعدونهم من الشيعة أو كانوا موصوفين معروفين باتصافهم بها« إلا بالتواضع » أي بالتذلل لله عند أو أمره ونواهيه ولأئمة الدين بتعظيمهم وإطاعتهم وللمؤمنين بتكريمهم وإظهار حبهم وعدم التكبر عليهم وحسن العشرة معهم والتخشع إظهار الخشوع وهو التذلل لله مع الخوف منه واستعمال الجوارح فيما أمر الله به ، وينسب إلى القلب وإلى الجوارح معا ، والأمانة ضد الخيانة أي أداء حقوق الله والخلق وعهودهم وترك الغدر والخيانة فيها ، وفي مجالس الشيخ والإنابة أي التوبة والرجوع إلى الله.

٥٠

وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء قال جابر فقلت يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة فقال يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب الرجل أن يقول أحب عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا فلو قال إني أحب رسول الله ـ فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خير من عليعليه‌السلام ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته

_________________________________________

« وكثرة ذكر الله » باللسان والقلب ، والصوم عطف على الذكر ، والتعهد للجيران أي رعاية أحوالهم وترك إيذائهم ، وتحمل الأذى عنهم ، وعيادة مرضاهم وتشييع جنائزهم وعدم منع الماعون عنهم وسيأتي الخلاف في كون الفقير أسوأ حالا أو المسكين والتخصيص بهما لكون رعايتهما أهم وإلا يلزم رعاية الجيران مطلقا ، وفي المجالس : وتعاهد الجيران« والغارمين » إما عطف على الفقراء أو على الجيران« وكانوا أمناء عشائرهم » أي يأتمنونهم ويعتمدون عليهم في جميع الأشياء من الأموال والفروج وحفظ الأسرار ، والعشائر جمع العشيرة وهي القبيلة.

« حسب الرجل أن يقول » التركيب مثل حسبك درهم أي كافيك وحرف الاستفهام مقدر وهو على الإنكار أي لا يكفيه ذلك« فعالا » أي كثير الفعل لما يقتضيه اعتقاده من متابعة الأئمةعليهم‌السلام في جميع الأمور.

قوله : فرسول الله ، الظاهر أنها جملة معترضة ، وفي المجالس وبعض الكتب ورسول الله وهو أظهر ، فتكون جملة حالية ، ويحتمل أن يكون على النسختين عطفا على أحب ويكون داخلا في مقول القول ، أي لو قال المخالف إني أحب رسول الله وهو أفضل من علي فكما أنكم تتكلمون على حب عليعليه‌السلام أنا اتكل على حب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يمكنكم إلزامه بالجواب لأنكم إذا قلتم لا ينفعكم حب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع مخالفته في القول بأوصيائه يمكنه أن يقول فكذا لا ينفعكم حب على

٥١

ما نفعه حبه إياه شيئا فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ليس بين الله وبين أحد قرابة أحب العباد إلى الله عز وجل وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته يا جابر والله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براءة من النار ولا على الله لأحد من حجة من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو وما تنال

_________________________________________

مع مخالفتكم له في الأقوال والأفعال.

« ليس بين الله وبين أحد قرابة » أي ليس بين الله وبين الشيعة قرابة حتى يسامحكم ولا يسامح مخالفيكم مع كونكم مشتركين معهم في مخالفته تعالى أو ليس بينه وبين عليعليه‌السلام قرابة حتى يسامح شيعة عليعليه‌السلام ، ولا يسامح شيعة الرسول ، والحاصل أن جهة القرب بين العبد وبين الله إنما هي بالطاعة والتقوى ، ولذا صار أئمتكم أحب الخلق إلى الله فلو لم تكن هذه الجهة فيكم لم ينفعكم شيء« وما معنا براءة من النار » أي ليس معنا صك وحكم ببراءتنا وبراءة شيعتنا من النار ، وإن عملوا بعمل الفجار.

« ولا على الله لأحد من حجة » أي ليس لأحد على الله حجة إذا لم يغفر له بأن يقول. كنت من شيعة علي ، فلم لم تغفر لي ، لأن الله لم يحتم بغفران من ادعى التشيع بلا عمل ، أو المعنى ليس لنا على الله حجة في إنقاذ من ادعى التشيع من العذاب ، ويؤيده أن في المجالس : وما لنا على الله حجة« من كان لله مطيعا » كأنه جواب عما يتوهم في هذا المقام أنهمعليهم‌السلام حكموا بأن شيعتهم وأولياءهم لا يدخلون النار ، فأجابعليه‌السلام بأن العاصي لله ليس بولي لنا ولا تدرك ولايتنا إلا بالعمل بالطاعات والورع عن المعاصي.

قيل : للورع أربع درجات : الأولى : ورع التائبين وهو ما يخرج به الإنسان من الفسق وهو المصحح لقبول الشهادة ، الثانية : ورع الصالحين وهو الاجتناب عن الشبهات خوفا منها ومن الوقوع في المحرمات ، الثالثة : ورع المتقين وهو ترك

٥٢

ولايتنا إلا بالعمل والورع.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنة فيضربونه فيقال لهم من أنتم فيقولون نحن أهل الصبر فيقال لهم على ما صبرتم فيقولون كنا نصبر على طاعة الله ونصبر عن معاصي الله فيقول الله عز وجل صدقوا أدخلوهم الجنة وهو قول الله عز وجل : «إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ »(١) .

_________________________________________

الحلال خوفا من أن ينجر إلى الحرام مثل ترك التحدث بأحوال الناس مخافة أن ينجر إلى الغيبة ، الرابع : ورع السالكين وهو الإعراض عما سواه تعالى خوفا من صرف ساعة من العمر فيما لا يفيد زيادة القرب منه تعالى وإن علم أنه ينجر إلى الحرام.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

وفي النهاية :عنق ، أي جماعة من الناس وفي القاموس : العنق بالضم وبضمتين الجماعة من الناس والرؤساء «أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ » قيل : أي أجرا لا يهتدي إليه حساب الحساب ، ويظهر من الخبر أن المعنى أنهم لا يوقفون في موقف الحساب بل يذهب بهم إلى الجنة بغير حساب ، قال الطبرسي (ره) : لكثرته لا يمكن عده وحسابه ، وروى العياشي بالإسناد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا نشرت الدواوين ونصبت الموازين لم ينصب لأهل البلاء ميزان ، ولم ينشر لهم ديوان ، ثم تلا هذه الآية : «إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ ».

__________________

(١) سورة الزمر : ١٠.

٥٣

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن فضيل بن عثمان ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يتقبل.

٦ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن بعض أصحابه ، عن أبان ، عن عمرو بن خالد ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال يا معشر الشيعة شيعة آل محمد كونوا النمرقة الوسطى يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي فقال له رجل من الأنصار

_________________________________________

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

« وكيف يقل ما يتقبل » لأن الله تعالى يقول : «إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ »(١) .

الحديث السادس : مرسل.

وقال الجوهري :النمرقة وسادة صغيرة وكذلك النمرقة بالكسر لغة حكاها يعقوب ، وربما سموا الطنفسة التي فوق الرحل نمرقة عن أبي عبيد ، وفي القاموس : النمرق والنمرقة مثلثة الوسادة الصغيرة أو المثيرة أو الطنفسة فوق الرحل ، والنمرقة بالكسر من السحاب ما كان بينه فتوق ، انتهى.

وكان التشبيه بالنمرقة باعتبار أنها محل الاعتماد ، والتقييد بالوسطى لكونهم واسطة بين الإفراط والتفريط ، أو التشبيه بالنمرقة الوسطى باعتبار أنها في المجالس صدر ومكان لصاحبه يلحق به ، ويتوجه إليه من على الجانبين ، وقيل : المراد كونوا أهل النمرقة الوسطى وقيل : المراد أنه كما كانت الوسادة التي يتوسد عليها الرجل إذا كانت رفيعة جدا أو خفيفة جدا لا تصلح للتوسد بل لا بد لها من حد من الارتفاع والانخفاض ، حتى يصلح لذلك ، كذلك أنتم في دينكم وأئمتكم لا تكونوا غالين تجاوزون بهم عن مرتبتهم التي أقامهم الله عليها وجعلهم أهلا لها وهي الإمامة

__________________

(١) سورة المائدة : ٢٧.

٥٤

يقال له سعد جعلت فداك ما الغالي قال قوم يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا فليس أولئك منا ولسنا منهم قال فما التالي قال المرتاد يريد الخير يبلغه الخير يؤجر عليه ثم أقبل علينا فقال والله ما معنا من الله براءة ولا بيننا وبين الله

_________________________________________

والوصاية النازلتان عن الألوهية والنبوة كالنصارى الغالين في المسيح المعتقدين فيه الألوهية أو النبوة لآله ، ولا تكونوا أيضا مقصرين فيهم تنزلونهم عن مرتبتهم وتجعلونهم كسائر الناس أو أنزل ، كالمقصرين من اليهود في المسيح المنزلين له عن مرتبته ، بل كونوا كالنمرقة الوسطى وهي المقتصدة للتوسد « يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي ».

قوله عليه‌السلام : ما لا نقوله في أنفسنا ، كالألوهية وكونهم خالقين للأشياء والنبوة« المرتاد يريد الخير يبلغه الخير » كأنه من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر أي يريد الأعمال الصالحة التي تبلغه أن يعملها ، ولكن لا يعمل بها يؤجر عليه بمحض هذه النية ، أو المعنى أنه المرتاد الطالب لدين الحق وكما له ، وقوله : يبلغه الخير ، جملة أخرى لبيان أن طالب الخير سيجده ويوفقه الله لذلك ، كما قال تعالى : «وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا »(١) وقوله : يؤجر عليه ، لبيان أنه بمحض الطلب مأجور ، وقيل : المرتاد الطالب للاهتداء الذي لا يعرف الإمام ، ومراسم الدين بعد يريد التعلم ونيل الحق ، يبلغه الخير بدل من الخير يعني يريد أن يبلغه الخير ليوجر عليه ، وقيل : المرتاد أي الطالب من ارتاد الرجل الشيء إذا طلبه ، والمطلوب أعم من الخير والشر ، فقوله : يريد الخير تخصيص وبيان للمعنى المراد هيهنا « يبلغه الخير » من الإبلاغ أو التبليغ وفاعله معلوم بقرينة المقام ، أي من يوصله إلى الخير المطلوب ثم يؤجر عليه لهدايته وإرشاده.

وأقول : على هذا يمكن أن يكون فاعله الضمير الراجع إلى النمرقة لما فهم

__________________

(١) سورة العنكبوت : ٦٩.

٥٥

قرابة ولا لنا على الله حجة ولا نتقرب إلى الله إلا بالطاعة فمن كان منكم مطيعا لله تنفعه ولايتنا ومن كان منكم عاصيا لله لم تنفعه ولايتنا ويحكم لا تغتروا ويحكم لا تغتروا.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن مفضل بن عمر قال كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فذكرنا الأعمال فقلت أنا ما أضعف

_________________________________________

سابقا أنه يلحق التالي بنفسه ، وقيل : جملة يريد الخير صفة المرتاد ، إذ اللام للعهد الذهني وهو في حكم النكرة ، وجملة « يبلغه » إما على المجرد من باب نصر أو على بناء الأفعال أو التفعيل استئناف بياني ، وعلي الأول الخير مرفوع بالفاعلية إشارة إلى أن الدين الحق لوضوح براهينه كأنه يطلبه ويصل إليه ، وعلي الثاني والثالث الضمير راجع إلى مصدر يريد ، والخير منصوب ويؤجر عليه استئناف للاستئناف الأول لدفع توهم أن لا يؤجر لشدة وضوح الأمر ، فكأنه اضطر إليه وأكثر الوجوه لا تخلو من تكلف ، وكان فيه تصحيفا وتحريفا.

« ولا لنا علي الله حجة » أي بمحض قرابة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غير عمل لأنفسنا ، ولا لتخليص شيعتنا« ولا نتقرب » بصيغة المتكلم أو الغائب المجهول« ويحكم لا تغتروا » في القاموس ويح لزيد وويحا له كلمة رحمة ورفعه على الابتداء ، ونصبه بإضمار فعل وويح زيد وويحه نصبهما به أيضا أو أصله وي فوصلت بحاء مرة وبلام مرة ، وبياء مرة وبسين مرة ، وفي النهاية : ويح كلمة ترحم وتوجع يقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها وقد يقال بمعنى المدح والتعجب وهي منصوبة على المصدر ، وقد ترفع وتضاف ولا تضاف ، يقال : ويح زيد وويحا له وويح له ، انتهى.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور معتبر.

« فذكرنا الأعمال » أي قلتها وكثرتها أو مدخليتها في الإيمان« ما أضعف » على صيغة تعجب كما هو الظاهر ، أو ما نافية وأضعف بصيغة المتكلم أي ما أعد

٥٦

عملي فقال مه استغفر الله ثم قال لي إن قليل العمل مع التقوى خير من كثير العمل بلا تقوى قلت كيف يكون كثير بلا تقوى قال نعم مثل الرجل يطعم طعامه ويرفق جيرانه ويوطئ رحله فإذا ارتفع له الباب من الحرام دخل فيه

_________________________________________

عملي ضعيفا ، وعلى الأول يتوهم في نهيهعليه‌السلام عنه وأمره بالاستغفار منافاة لما مر في الأخبار من ترك العجب والاعتراف بالتقصير.

ويمكن الجواب عنه بوجوه : « الأول » ما قيل : أن النهي للفتوى بغير علم لا للاعتراف بالتقصير.

الثاني : أنه كان ذلك لاستشمامه منه رائحة الاتكال علي العمل ، مع أن العمل هين جدا في جنب التقوى لاشتراط قبوله بها ، ولذا نبهه على ذلك ، والحاصل أنه لما كان كلامه مبنيا على أن المدار علي قلة العمل وكثرته نهاه عن ذلك.

الثالث : ما قيل أن الأقوال والأفعال يختلف حكمها باختلاف النيات والقصود ، وهو لم يقصد بهذا القول أن عمله ضعيف قليل بالنظر إلى عظمة الحق وما يستحقه من العبادة وإنما قصد به ضعفه وقلته لذاته ، وبينهما فرق ظاهر والأول هو الاعتراف بالتقصير دون الثاني.

الرابع : أنهعليه‌السلام لما علم أن المفضل يعتد بعمله ويعده كثيرا وإنما يقول ذلك تواضعا وإخفاء للعمل نهاه عن ذلك ، وفي القاموس :رفق فلانا نفعه كأرفقه ووطئ الرجل كناية عن كثرة الضيافة قال في القاموس : رجلموطأ الأكناف كمعظم سهل دمث كريم مضياف ، أو يتمكن في ناحيته صاحبه غير مؤذى ولا ناب به موضعه ، وفي النهاية في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا ، هذا مثل وحقيقته من التوطئة وهي التمهيد والتذليل ، وفراش ووطؤ لا يؤذي جنب النائم والأكناف الجوانب ، أراد الذين جوانبهم وطئة يتمكن فيها من يصاحبهم ، ولا

٥٧

فهذا العمل بلا تقوى ويكون الآخر ليس عنده فإذا ارتفع له الباب من الحرام لم يدخل فيه.

٨ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أبي داود المسترق ، عن محسن الميثمي ، عن يعقوب بن شعيب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول ما نقل الله عز وجل عبدا من ذل المعاصي إلى عز التقوى إلا أغناه من غير مال وأعزه من غير عشيرة وآنسه من غير بشر.

باب الورع

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المغراء ، عن زيد الشحام ، عن عمرو بن سعيد بن هلال الثقفي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له إني لا ألقاك إلا في السنين فأخبرني بشيء آخذ به فقال أوصيك بتقوى الله والورع

_________________________________________

يتأذى ، انتهى.

وقيل : توطئة الرجل كناية عن التواضع والتذلل.

« فإذا ارتفع له الباب من الحرام » أي ظهر له ما يدخله في الحرام من مال حرام أو فرج حرام وغير ذلك« ليس عنده » أي العمل الكثير الذي كان عند صاحبه.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

« وآنسه من غير بشر » أي من غير أنيس من البشر بل الله مؤنسه كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : اللهم إنك أنس الآنسين بأوليائك.

باب الورع

الحديث الأول : مجهول كالحسن.

ولعل المرادبالتقوى ترك المحرمات وبالورع ترك الشبهات بل بعض المباحات

٥٨

والاجتهاد واعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن حديد بن حكيم قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول اتقوا الله وصونوا دينكم بالورع.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن يزيد بن خليفة قال وعظنا أبو عبد اللهعليه‌السلام فأمر وزهد ثم قال عليكم بالورع فإنه لا ينال ما عند الله إلا بالورع.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه.

٥ ـ عنه ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيوب ، عن الحسن بن زياد الصيقل ، عن

_________________________________________

وبالاجتهاد بذل الجهد في فعل الطاعات ، يقال : وقاه الله السوء يقيه وقاية ، أي حفظه واتقيت الله اتقاء أي حفظت نفسي من عذابه أو من مخالفته ، والتقوى اسم منه والتاء مبدلة من واو ، والأصل وقوي من وقيت لكن أبدل ولزمت التاء في تصاريف الكلمة ، وفي النهاية : فيه ملاك الدين الورع ، الورع في الأصل الكف عن المحارم والتحرج منه ، يقال : ورع الرجل يرع بالكسر فيهما ورعا ورعة فهو ورع ، وتورع من كذا ثم أستعير للكف عن المباح والحلال« لا ينفع » أي نفعا كاملا.

الحديث الثاني : صحيح ، ويدل على أن ترك الورع عن المحرمات يصير الإيمان بمعرض الضياع والزوال ، فإن فعل الطاعات وترك المعاصي حصون للإيمان من أن يذهب به الشيطان.

الحديث الثالث : ضعيف بيزيد لأنه واقفي لكن فيه مدح« فأمر » أي بالطاعات وما يوجب الفوز بأرفع الدرجات ، و« زهد » على بناء التفعيل أي أمر بالزهد في الشيء وعن الشيء خلاف الترغيب فيه.

الحديث الرابع : ضعيف وقد مر.

الحديث الخامس : مجهول.

٥٩

فضيل بن يسار قال قال أبو جعفرعليه‌السلام إن أشد العبادة الورع.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن حنان بن سدير قال قال أبو الصباح الكناني ـ لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما نلقى من الناس فيك فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام وما الذي تلقى من الناس في فقال لا يزال يكون بيننا وبين الرجل الكلام فيقول جعفري خبيث فقال يعيركم الناس بي فقال له أبو الصباح نعم قال فقال ما أقل والله من يتبع جعفرا منكم إنما أصحابي من اشتد ورعه وعمل لخالقه ورجا ثوابه فهؤلاء أصحابي.

٧ ـ حنان بن سدير ، عن أبي سارة الغزال ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال الله عز وجل ابن آدم اجتنب ما حرمت عليك تكن من أورع الناس.

_________________________________________

« إن أشد العبادة الورع » إذ ترك المحرمات أشق على النفس من فعل الطاعات وأفضل الأعمال أحمزها.

الحديث السادس : موثق.

وكان فيه نوع ذم لأبي الصباح وإن كان ثقة ، قال الشيخ البهائيرحمه‌الله : يعلم منه أنه لم يرتضعليه‌السلام ما قاله أبو الصباح ، لما فيه من الخشونة وسوء الأدب« وعمل لخالقه » أي أخلص العمل لله« ورجا ثوابه » كأنه إشارة إلى أن رجاء الثواب إنما يحسن مع الورع والطاعة وإلا فهو غرور كما مر ، وإلى أنه مع العمل أيضا لا ينبغي اليقين بالثواب لكثرة آفات العمل ، ويمكن أن يكون ما ذكرهعليه‌السلام إيماء إلى أن ما تسمعون من المخالفين إنما هو لعدم الطاعة إما بترك الطاعات والأعمال الرضية أو لترك ما أمرتكم به من التقية.

الحديث السابع : مجهول.

وكانالأورع بالنسبة إلى من يجتنب المكروهات ويأتي بالسنن ويجترئ على

٦٠

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان المنقري ، عن حفص بن غياث قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الورع من الناس فقال الذي يتورع عن محارم الله عز وجل.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن النعمان ، عن أبي أسامة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول عليك بتقوى الله والورع والاجتهاد وصدق الحديث وأداء الأمانة وحسن الخلق وحسن الجوار وكونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم وكونوا زينا ولا تكونوا شينا وعليكم بطول الركوع والسجود فإن أحدكم

_________________________________________

المحارم وترك الطاعات كما هو الشائع بين الناس ، أو هو تعريض بأرباب البدع الذين يحرمون ما أحل الله على أنفسهم ويسمونه ورعا أو تنبيه على أن الورع إنما هو بترك المعاصي لا بالمبالغة في الطاعات والإكثار منها.

الحديث الثامن : ضعيف والوجوه السابقة جارية فيه.

الحديث التاسع : صحيح.

« وحسن الجوار » لكل من جاوره وصاحبه أو لجار بيته« وكونوا دعاة » أي كونوا داعين للناس إلى طريقتكم المثلي ومذهبكم الحق بمحاسن أعمالكم ومكارم أخلاقكم ، فإن الناس إذا رأوكم على سيرة حسنة وهدى جميل نازعتهم أنفسهم إلى الدخول فيما ذهبتم إليه من التشيع وتصويبكم فيما تقلدتم من طاعة أئمتكمعليهم‌السلام « وكونوا زينا » أي زينة لنا« ولا تكونوا شينا » أي عيبا وعارا علينا ، وفي النهاية في حديث أبي هريرة إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله ، الويل : الحزن والهلاك والمشقة من العذاب وكل من وقع في هلكة دعا بالويل ، ومعنى النداء فيه يا ويلي ويا حزني ويا هلاكي ويا عذابي احضر فهذا وقتك وأو أنك ، فكأنه نادى الويل أن يحضره لما عرض له من الأمر الفظيع وهو الندم على ترك السجود لآدمعليه‌السلام ، وأضاف الويل إلى ضمير الغائب حملا على

٦١

إذا أطال الركوع والسجود هتف إبليس من خلفه وقال يا ويله أطاع وعصيت وسجد وأبيت.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن أبي زيد ، عن أبيه قال كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فدخل عيسى بن عبد الله القمي فرحب به وقرب من مجلسه ثم قال يا عيسى بن عبد الله ليس منا ولا كرامة من كان في مصر فيه مائة ألف أو يزيدون وكان في ذلك المصر أحد أورع منه.

_________________________________________

المعنى ، وعدل عن حكاية قول إبليس يا ويلي كراهة أن يضيف الويل إلى نفسه ، انتهى.

وقال : النووي : هو من أدب الكلام أنه إذا عرض في الحكاية عن الغير ما فيه سوء صرف الحاكي عن نفسه إلى الغيبة صونا عن صورة إضافة السؤال إلى نفسه ، انتهى.

وقيل : الضمير راجع إلى الساجد ودعا إبليس له بالعذاب والويل ، أو هو من كلام الإمام والضمير لإبليس والجملة معترضة ، ولا يخفى بعدهما ، ويحتمل على الأول أن يكون المنادي محذوفا نحو ألا يا اسجدوا أي يا قوم احضروا ويلي.

الحديث العاشر : مجهول.

وقال الجوهري :الرحب بالضم السعة ، وقولهم : مرحبا وأهلا أي أتيت سعة وأتيت أهلا فاستأنس ولا تستوحش ، وقدر حب به ترحيبا إذا قال له مرحبا ، انتهى.

وفي النهاية : وقيل : معناه رحب الله بك مرحبا ، فجعل المرحب موضع الترحيب ، انتهى.

وقوله : ولا كرامة جملة معترضة أي لا كرامة له عند الله أو عندنا أو أعم منهما« فيه مائة ألف » أي من المخالفين أو الأعم ، ويدل على مدح عيسى بن عبد الله وروى الشيخ المفيد في مجالسه حديثا يدل على مدح عظيم له ، وأنه قالعليه‌السلام فيه هو منا أهل البيت ، وزعم الأكثر أنه الأشعري جد أحمد بن محمد ، والأظهر عندي أنه غيره لبعد ملاقاة الأشعري الصادقعليه‌السلام ، بل ذكروا أن له مسائل عن الرضاعليه‌السلام .

٦٢

١١ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبي كهمس ، عن عمرو بن سعيد بن هلال قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أوصني قال أوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد واعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه.

١٢ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال أعينونا بالورع فإنه من لقي الله عز وجل منكم بالورع كان له عند الله فرجا وإن الله عز وجل يقول : «مَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ

_________________________________________

الحديث الحادي عشر : مجهول ، وقد مر مضمونه.

الحديث الثاني عشر : صحيح.

« أعينونا بالورع » إشارة إلى أن الأئمةعليهم‌السلام متكفلون لنجاة شيعتهم من العذاب ، فكلما كان ورعهم أشد وأكمل كانت الشفاعة عليهم أسهل ، فالورع إعانة لهمعليهم‌السلام على ذلك.

فإن قلت : مع الورع أي حاجة إلى الشفاعة فإنه يجب عليه سبحانه بمقتضى وعده إدخالهم الجنة وإبعادهم عن العذاب.

قلت : يحتمل أن يكون المراد عدم تجشم الشفاعة أو يكون الورع ترك المعاصي فقط ، فلا ينافي الاحتياج إلى الشفاعة للتقصير في الواجبات ، أو يكون المراد بالورع ترك الكبائر أو أعم من ترك كل المعاصي أو بعضها مع أنه لا استبعاد في الحاجة إلى الشفاعة مع فعل الطاعات وترك المعاصي لسرعة دخول الجنة أو التخلص من أهوال القيامة أو عدم الحساب ، أو تخفيفه.

« كان له عند الله فرجا » اسم كان الضمير المستتر الراجع إلى الورع ، وقيل : إلى اللقاء وفرجا بالجيم خبره ، وربما يقرأ بالحاء المهملة وعلى التقديرين التنوين للتعظيم «مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ » في سورة النساء «وَالرَّسُولَ » وكأنه نقل بالمعنى مع الإشارة إلى ما في سورة النور «وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ

٦٣

أُولئِكَ رَفِيقاً »(١) فمنا النبي ومنا الصديق والشهداء والصالحون.

١٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إنا لا نعد الرجل مؤمنا حتى يكون لجميع أمرنا متبعا مريدا ألا وإن من اتباع أمرنا وإرادته الورع فتزينوا به يرحمكم الله وكبدوا أعداءنا [ به ] ينعشكم الله.

_________________________________________

الْفائِزُونَ » وإطاعة الله والرسول لا تكون إلا مع الورع ، فالاستشهاد لذلك وقيل : المراد بطاعة الله ورسوله إطاعتهما في الاعتقاد بإمامة أئمة الهدىعليهم‌السلام وإن كان مع المعاصي فالاستشهاد للشفاعة.

« فمنا » أي من بني هاشم وكان المرادبالصديق أمير المؤمنينعليه‌السلام وبالشهداء الحسنانعليه‌السلام أو الحسينعليه‌السلام وبالصالحين باقي الأئمةعليهم‌السلام ، أو المراد بالشهداء جميع الأئمةعليهم‌السلام وبالصالحين شيعتهم ، وقد فسرت الآية بالوجهين في الأخبار.

الحديث الثالث عشر : حسن« إنا لا نعد الرجل مؤمنا » هذا أحد معاني الإيمان التي مضت« مريدا » أي لجميع أمرنا« يرحمكم الله » جواب الأمر أو جملة دعائية وكذا قوله : ينعشكم الله يحتمل الوجهين« وكيدوا به » في أكثر النسخ بالياء المثناة أي حاربوهم بالورع لتغلبوا أو ادفعوا به كيدهم سمي كيدا مجازا أي الورع يصير سببا لكف ألسنتهم عنكم وترك ذمهم لكم أو احتالوا بالورع ليرغبوا في دينكم كما مر في قوله :عليه‌السلام « كونوا دعاة » إلخ ، وكأنه أظهر ، وفي بعض النسخ بالباء الموحدة المشددة من الكبد بمعنى الشدة والمشقة ، أي أوقعوهم في الألم والمشقة لأنه يصعب عليهم ورعكم والأول أكثر وأظهر.

« ينعشكم الله » أي يرفعكم الله في الدنيا والآخرة ، في القاموس : نعشه الله كمنعه رفعه كأنعشه ونعشه وفلانا جبره بعد فقر ، والميت ذكره ذكرا حسنا.

__________________

(١) سورة النساء : ٦٩ ، وفيها « والرسول » كما ذكره الشارح (ره).

٦٤

١٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال ، عن العلاء ، عن ابن أبي يعفور قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم ليروا منكم الورع والاجتهاد والصلاة والخير فإن ذلك داعية.

١٥ ـ الحسين بن محمد ، عن علي بن محمد بن سعيد ، عن محمد بن مسلم ، عن محمد بن حمزة العلوي قال أخبرني عبيد الله بن علي ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال كثيرا ما كنت أسمع أبي يقول ليس من شيعتنا من لا تتحدث المخدرات بورعه في خدورهن وليس من أوليائنا من هو في قرية فيها عشرة آلاف رجل فيهم [ من ] خلق [ ا ] لله أورع منه.

_________________________________________

الحديث الرابع عشر : صحيح.

« فإن ذلك داعية » أي للمخالفين إلى الدخول في دينكم كما مر ، والتاء للمبالغة وسيأتي هذا الخبر في باب الصدق بأدنى تفاوت في السند والمتن ، وفيه الصدق مكان الصلاة.

الحديث الخامس عشر : مجهول.

وفي القاموسالخدر بالكسر ستر يمد للجارية في ناحية البيت ، وكل ما واراك من بيت ونحوه ، والجمع خدور وأخدار ، وبالفتح إلزام البنت الخدر كالإخدار والتخدير وهي مخدرة ومخدرة ، انتهى.

والمعنى اشتهر ورعه بحيث تتحدث النساء المستورات غير البارزات بورعه في بيوتهن ، وقيل : إنه يدل على أن إظهار الصلاح ليشتهر أمر مطلوب ، ولكن بشرط أن لا يكون لقصد الرياء والسمعة بل لغرض صحيح مثل الاقتداء به والتحفظ من نسبة الفسق إليه ونحوهما ، وفيه نظر.

٦٥

باب العفة

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال ما عبد الله بشيء أفضل من عفة بطن وفرج.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه قال قال أبو جعفرعليه‌السلام إن أفضل العبادة عفة البطن والفرج.

_________________________________________

باب العفة

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

والعفة في الأصل الكف قال في القاموس : عف عفا وعفافا وعفافة بفتحهن وعفة بالكسر فهو عف وعفيف : كف عما لا يحل ولا يجمل كاستعف وتعفف ، وقال الراغب : العفة حصول حالة للنفس تمنع بها عن غلبة الشهوة ، والمتعفف المتعاطي لذلك بضرب من الممارسة والقهر ، وأصله الاقتصار على تناول الشيء القليل الجاري مجرى العفافة ، والعفة أي البقية من الشيء أو مجرى العفف وهو ثمر الأراك ، والاستعفاف طلب العفة ، انتهى.

وتطلق في الأخبار غالبا على عفة البطن والفرج وكفهما عن مشتهياتها المحرمة بل المشتبهة والمكروهة أيضا من المأكولات والمشروبات والمنكوحات ، بل من مقدماتهما من تحصيل الأموال المحرمة لذلك ومن القبلة واللمس والنظر إلى المحرم ، ويدل على أن ترك المحرمات من العبادات وكونهما من أفضل العبادات ، لكونهما أشقهما.

الحديث الثاني : حسن أو موثق.

٦٦

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول أفضل العبادة العفاف.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن معلى أبي عثمان ، عن أبي بصير قال قال رجل لأبي جعفرعليه‌السلام إني ضعيف العمل قليل الصيام ولكني أرجو أن لا آكل إلا حلالا قال فقال له أي الاجتهاد أفضل من عفة بطن وفرج.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر ما تلج به أمتي النار الأجوفان البطن والفرج.

٦ ـ وبإسناده قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث أخافهن على أمتي من بعدي الضلالة بعد المعرفة ومضلات الفتن وشهوة البطن والفرج.

_________________________________________

الحديث الثالث : ضعيف ، ويمكن حملالعفاف هنا على ما يشمل ترك جميع المحرمات.

الحديث الرابع : صحيح ، والاجتهاد بذل الوسع في طلب الأمر والمراد هنا المبالغة في الطاعة.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

« ما تلج » أي تدخل ، وفي النهاية :الأجوف الذي له جوف ، ومنه الحديث :

أن لا تنسوا الجوف وما وعى ، أي ما يدخل إليه من الطعام والشراب ويجمع فيه ، وقيل : أراد بالجوف القلب وما وعى وحفظ من معرفة الله تعالى ، وقيل : أراد بالجوف البطن والفرج معا ، ومنه الحديث : إن أخوف ما أخاف عليكم الأجوفان.

« وبإسناده » الضمير لعلي أو للسكوني ، وعلى التقديرين المراد به الإسناد

٦٧

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن بعض أصحابه ، عن ميمون القداح قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول ما من عبادة أفضل من عفة بطن وفرج.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن منصور بن حازم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال ما من عبادة أفضل عند الله من عفة بطن وفرج.

باب اجتناب المحارم

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن داود بن كثير الرقي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ »(١) قال من علم أن الله عز وجل يراه ويسمع ما يقوله ويفعله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الذي «خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى ».

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر

_________________________________________

السابق وقيل : ليس هذا في نسخة الشهيد الثاني (ره) ، وأقول : قد وقعت الأمة في كل ما خافصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليهم إلا من عصمه الله ، وهم قليل من الأمة.

الحديث السادس : مرسل.

الحديث السابع : صحيح.

باب اجتناب المحارم

الحديث الأول : مختلف فيه صحيح على الأقوى ، وقد مر في آخر باب الخوف والرجاء بأدنى تغيير في المتن مع شرحه.

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

__________________

(١) سورة الرحمن : ٤٦.

٦٨

اليماني ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كل عين باكية يوم القيامة غير ثلاث عين سهرت في سبيل الله وعين فاضت من خشية الله وعين غضت عن محارم الله.

٣ ـ علي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال فيما ناجى الله عز وجل به موسىعليه‌السلام يا موسى ما تقرب إلي المتقربون بمثل الورع عن محارمي فإني أبيحهم جنات عدن لا أشرك معهم أحدا.

٤ ـ علي [ بن إبراهيم ] ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبيدة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أشد ما فرض الله على خلقه ذكر الله كثيرا ثم قال لا أعني سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وإن كان منه ولكن

_________________________________________

« في سبيل الله » أي في الجهاد أو الأعم منه ومن السفر إلى الحج والزيارات أو الأعم منها ومن السهر للعبادة ومطالعة العلوم الدينية وهذا أظهر ، وإسناد الفيض إلى العين مجاز يقال : فاض الماء والدمع يفيض فيضا كثر حتى سال ، وغضت على بناء المفعول يقال غض طرفه أي كسره وأطرق ولم يفتح عينه.

الحديث الثالث : مرسل.

« جنات عدن » قال الراغب : أي استقرار وثبات ، وعدن بمكان كذا استقر ومنه المعدن لمستقر الجواهر.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

« ما فرض الله » أي قرره أعم من الواجب والندب ، ويحتمل الوجوب« وإن كان » أي هذا الذكر اللساني« منه » أي من مطلق الذكر ، لكن الذكر الشديد الذكر عند الطاعة والمعصية ، والذكر اللساني هين بالنسبة إليه ، والحاصل أن الله سبحانه أمر بالذكر ومدحه في مواضع كثيرة من الذكر الحكيم كقوله سبحانه : «اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً »(١) وقوله «وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٤١.

٦٩

ذكر الله عند ما أحل وحرم فإن كان طاعة عمل بها وإن كان معصية تركها.

٥ ـ ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً

_________________________________________

الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ »(١) وقوله تعالى : «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ »(٢) وأصل الذكر التذكر بالقلب ومنه : و «اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ »(٣) أي تذكروا ثم يطلق على الذكر اللساني حقيقة أو من باب تسمية الدال باسم المدلول ثم كثر استعماله فيه لظهوره حتى صار هو السابق إلى الفهم ، فنصعليه‌السلام على إرادة الأول دون الثاني فقط دفعا لتوهم تخصيصه بالثاني ، وإشارة إلى أكمل أفراده.

وقال بعضهم : ذكر اللسان مع خلو القلب عنه لا يخلو من فائدة لأنه يمنعه من التكلم باللغو ، ويجعل لسانه معتادا بالخير ، وقد يلقي الشيطان إليه أن حركة اللسان بدون توجه القلب عبث ينبغي تركه فاللائق بحال الذكر حينئذ أن يحضر قلبه رغما للشيطان ، ولو لم يحضره فاللائق به أن لا يترك ذكر اللسان رغما لأنفه أيضا.

وأن يجيبه بأن اللسان آلة للذكر كالقلب ولا يترك أحدهما بترك الآخر فإن لكل عضو عبادة.

ثم اعلم أن الذكر القلبي من أعظم بواعث المحبة والمحبة أرفع منازل المقربين ، رزقنا الله إياها وسائر المؤمنين.

الحديث الخامس : كالسابق «وَقَدِمْنا » أي عمدنا وقصدنا «إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ » كقري الضعيف وصلة الرحم وإغاثة الملهوف وغيرها «فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً » فلم يبق له أثر والهباء غبار

__________________

(١) سورة الأعراف : ٢٠٧.

(٢) سورة آل عمران : ١٩١.

(٣) سورة البقرة : ١٢١.

٧٠

مَنْثُوراً »(١) قال أما والله إن كانت أعمالهم أشد بياضا من القباطي ولكن كانوا إذا عرض لهم الحرام لم يدعوه

_________________________________________

في شعاع الشمس الطالع من الكوة من الهبوة وهو الغبار ، والقباطي بالفتح جمع القبطية بالكسر ثياب بيض رقاق من كتان تتخذ بمصر وقد يضم لأنهم يغيرون في النسبة ، وفي المصباح القبطي بالضم من كتان رقيق يعمل بمصر نسبة إلى القبط على غير قياس فرقا بين الإنسان والثوب وثياب قبطية أيضا بالضم والجمع قباطي ، انتهى.

وفيه دلالة على حبط الطاعات بالفسوق وخصه بعض المفسرين بالكفر ولا كلام فيه.

ولنذكر هنا مجملا من معاني الحبط والتكفير والاختلافات الواردة فيه.

اعلم أن الإحباط في عرف المتكلمين عبارة عن إبطال الحسنة بعدم ترتب ما يتوقع منها عليها ويقابلها التكفير وهو إسقاط السيئة بعدم جريان مقتضاها عليها فهو في المعصية نظير الإحباط في الطاعة ، والحبط والتكفير ، وإطلاقهما بهذين اللفظين وبما يساوقهما كثير في الآيات والأخبار ، وقد اشتهر بين المتكلمين أن الوعيدية من المعتزلة وغيرهم يقولون بالإحباط والتكفير دون من سواهم من الأشاعرة وغيرهم وهذا على إطلاقه غير صحيح فإن أصل الإحباط والتكفير مما لا يمكن إنكاره لأحد من المسلمين كما ظهر مما تلونا عليك فلا بد أن يحرر مقصود كل طائفة ليتبين ما هو الحق.

فنقول : لا خلاف بين من يعتد به من أهل الإسلام في أن كل مؤمن صالح يدخل الجنة خالدا فيها حقيقة ، وكل كافر يدخل النار خالدا فيها كذلك ، وأما المؤمن الذي خلط عملا صالحا بعمل غير صالح فاختلفوا فيه فذهب بعض المرجئة إلى أن الإيمان يحبط الزلات فلا عقاب على زلة مع الإيمان ، كما لا ثواب لطاعة مع

__________________

(١) سورة الفرقان : ٢٣.

٧١

...........................................................................

_________________________________________

الكفر ، وذهب الآخرون إلى ثبوت الثواب والعقاب في حقه ، أما المعتزلة فبعنوان الاستحقاق المعلوم عقلا باعتبار الحسن والقبح العقليين ، وشرعا باعتبار الآيات الدالة عليه من الوعد والوعيد ، وأما الأشاعرة فبعنوان الاتفاق يقولون : أنه لا يجب على الله شيء فلا يستحق المكلف ثوابا منه تعالى فإن أثابه فبفضله وإن عاقبه فبعدله ، بل له أثابه العاصي وعقاب المطيع أيضا ، وبالجملة قول المعتزلة في المؤمن الخارج من الدنيا بغير توبة عن كبيرة ارتكبها أنه استحق الخلود في النار لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار أما مطلق الاستحقاق فلما عرفت وأما خصوص الخلود فللعمومات المتداولة عند غيرهم بتخصيصها بالكفار أو بحمل الخلود على المكث الطويل لقوله تعالى : «وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها »(١) وقوله : «وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها »(٢) فلهذا حكموا بأن كبيرة واحدة تحبط جميع الطاعات فإن الخلود الموعود مستلزم لذلك.

هذا قول جمهورهم في أصل الإحباط.

ثم إن الجبائيين أبا علي وابنه أبا هاشم منهم على ما نقل عنهما الآمدي ذهبا إلى اشتراط الكثرة في المحبط بمعنى أن من زادت معاصيه على طاعاته أحبطت معاصيه طاعاته وبالعكس ، لكنهما اختلفا فقال أبو علي : ينحبط الناقص برمته من غير أن ينتقص من الزائد شيء ، وقال أبو هاشم : بل ينتقص من الزائد أيضا بقدره ويبقى الباقي.

إذا عرفت هذا فاعلم أن ما ذكره أكثر أصحابنا من نفي الإحباط والتكفير مع ورود الآيات الكثيرة والأخبار المستفيضة بل المتواترة بالمعنى في كل منهما مما يقضي منه العجب ، مع أنه ليس لهم على ذلك إلا شبه ضعيفة مذكورة في كتب

__________________

(١) سورة الجنّ : ٢٣.

(٢) سورة النساء : ١٤.

٧٢

...........................................................................

_________________________________________

الكلام كالتجريد وغيره ، لكن بعد التأمل والتحقيق يظهر أن الذي ينفونه منهما لا ينافي ظواهر الآيات والأخبار كثيرا بل يرجع إلى مناقشة لفظية لأنهم قائلون بأن التوبة ترفع العقاب وأن الموت على الكفر تبطل ثواب جميع الأعمال ، لكن الأكثر يقولون ليس هذا بالإحباط ، بل باشتراط الموافاة على الإيمان في استحقاق الثواب على القول بالاستحقاق ، وفي الوعد بالثواب علي القول بعدم الاستحقاق ، وكذا يمكنهم القول بأحد الأمرين في المعاصي التي وردت أنها حابطة لبعض الحسنات من غير قول بالحبط بأن يكون الاستحقاق أو الوعد مشروطا بعدم صدور تلك المعصية وأما التوبة والأعمال المكفرة فلا حاجة إلى ارتكاب أمثال ذلك فيها إذ في تجويز التفضل والعفو كما هو مذهبنا غنى عنها ، وأيضا لا نقول بإذهاب كل معصية كل طاعة وبالعكس كما ذهب إليه المعتزلة ، بل نتبع في ذلك النصوص الواردة في ذلك فكل معصية وردت في الكتاب أو في الآثار الصحيحة أنها ذاهبة أو منقصة لثواب جميع الحسنات وبعضها نقول به وبالعكس ، تابعين للنص في جميع ذلك.

ومن أصحابنا من لم يقل بالموافاة ولا بالإحباط بل يقول كل من الإيمان والكفر يتحقق بتحقق شروطه المقارنة ، وليس شيء من استحقاق الثواب والعقاب مشروطا بشرط متأخر ، بل إن تحقق الإيمان تحقق استحقاق الثواب وإن تحقق الكفر تحقق معه استحقاق العقاب ، فإن كفر بعد الإيمان كان كفره اللاحق كاشفا عن أنه لم يكن مؤمنا سابقا ولم يكن مستحقا للثواب عليه ، وإطلاق المؤمن عليه بمحض اللفظ وبحسب الظاهر ، وإن آمن أحد بعد الكفر زال كفره الأصلي بالإيمان اللاحق ، وسقط استحقاقه العقاب لعفو الله تعالى لا بالإحباط ولا لعدم الموافاة كما يقول الآخرون.

وتفصيل هذا المطلب وتنقيحه يحتاج إلى إيراد مقاصد :

الأول : أن النافين للحسن والقبح لا يثبتون استحقاق شيء من الثواب والعقاب بشيء من الأعمال ، بل المالك للعباد عندهم قادر على الثواب والعقاب ومالك للتصرف

٧٣

...........................................................................

_________________________________________

فيهم كيف شاء ، وليس من شأن فعله في خلقه استحقاق الذم بل ولا المدح وكلاهما اصطلاح ومواضعة من الشارع ، وأما المثبتون لهما فلا كلام عندهم في استحقاق العقاب نعم ربما قيل بعدم استقلال العقل فيه ضرورة أو نظرا وأما الثواب فعند بعضهم أنه مما يستحقه العبد بطاعته ، وإليه يذهب جماعة من أصحابنا ويحتجون لذلك بأن إلزام المشقة بدون التزام نفع في مقابله قبيح ، وربما يوجه عليه أن التزام النفع في مقابله إنما يلزم لو لم يسبق النعم عليه بما يحسن إلزام المشقة بإزائها والفرق بين النفع المستقبل والنعمة الماضية تحكم وربما كفى في إلزام المشقة حسن العمل الشاق ولم نحتج في حسن الإلزام إلى أزيد منه ، ولهذا ذهب بعض أصحابنا وغيرهم إلى أن الثواب تفضل ووعد منه تعالى بدون استحقاق للعبد ، وهو الظاهر من كلام أكثر أصحابنا رضوان الله عليهم ، ويدل عليه كثير من الأخبار والأدعية.

الثاني : أن الثواب والعقاب هل يجب دوامهما أم لا فذهب المعتزلة إلى الأول وطريقه العقل عندهم ، والصحيح عند أصحابنا أنه لا يجب عقلا ، وأما شرعا فالثواب دائم وكذا عقاب الكفر إجماعا من المسلمين إلا ما نقل من شذاذ من المتصوفين الذين لا يعدون من المسلمين ، وأما عقاب العاصي فمنقطع ويكفي هنا عدم وجدان طريق عقلي إلى دوامهما ، وفي عبارة التجريد في هذا المطلب تناقض يحتاج إلى تكلف تام في دفعه.

الثالث : أن الإحباط بالمعنى الذي ذكرناه من إفناء كل من الاستحقاقين للآخر أو المتأخر للمتقدم باطل عند أصحابنا ، ومذهب أبي علي وهو بقاء المتأخر وفناء المتقدم مناف للنصوص الكثيرة المتضمنة لعدم تضييع العمل ، وأما مذهب أبي هاشم فلا ينافي ظواهر النصوص لأنه إذا أفنى المتقدم المتأخر أيضا فليس بضائع ولا مما لم يره العامل ، لكن الظاهر أن ما ذهب إليه من إبطاله له من جهة المنافاة بينهما فليس بصحيح ، إذ لا منافاة عقلا بين الثواب والعقاب واستحقاقهما ، بل يكاد

٧٤

...........................................................................

_________________________________________

العقل يجزم بعدم مساواة من أعقب كثيرا من الطاعة بقليل من المعصية مع من اكتفى بالفضل بينهما حسب ، وعدم مساواة من أعقب أحدهما بما يساوي الآخر مع من لم يفعل شيئا.

ثم إنه يمكن أن يسقط العقاب المتقدم عند الطاعة المتأخرة وعلى سبيل العفو وهو إسقاط الله تعالى ما يستحقه على العبد من العقوبة وهو الظاهر من مذاهب أصحابنا رضي الله عنهم ، وأما الثواب فلا يتصور فيه ذلك ، ويمكن أن يكون الوعد بالثواب على الطاعة المتقدمة أو استحقاقه مشروطا بعدم معاقبة المعصية لها كما يشترط ثواب الإيمان والطاعات بالموافاة على الإيمان بأن يموت مؤمنا عند كثير من أصحابنا.

لكن ذلك الاشتراط ليس بعام لجميع المعاصي بل مخصوص بمقتضى النصوص ببعضها ، وليس كلما ورد بطلان الطاعة بسببه مما يقطع باشتراط الثواب به لأن كلا منها أخبار آحاد لا تفيد القطع ، نعم ربما حصل القطع بأن شيئا من تلك المعاصي يشترط استمرار انتفائه لاستحقاق الثواب أو هو شرط في الوعد به.

والفرق بين هذا وبين الإحباط ظاهر من وجوه :

الأول : أن إبطال الثواب في الإحباط من حيث التضاد عقلا بين الاستحقاقين وهيهنا من جهة اشتراطه شرعا بنفي المعصية.

الثاني : أن المنافاة هناك بين الاستحقاقين فلو لم يحصل استحقاق العقاب لانتفاء شرطه لم يحصل الإحباط وهيهنا بنفس المعصية ينتفي الثواب ، أو استحقاقه إن ثبت وكان مستمرا وإن توقف أصل الاستحقاق على استمرار النفي لم يحصل أصلا وإنما يحصل في موضع الحصول بالموت ، ولا يختلف الحال باستحقاق العقاب على تلك المعصية لاستجماع شرائطه وعدمه لفقد شيء منه كمنع الله تعالى لطفا معلوما عن المكلف ، وكما لو أعلم الله تعالى المكلف أنه يغفر له ويعفو عن جميع معاصيه فكان مغريا له بالقبيح ، وكما لو لم يقع فعل القبيح ولا الإخلال بالواجب عن المكلف على سبيل

٧٥

...........................................................................

_________________________________________

إيثاره على فعل الواجب والامتناع من القبيح ، بل وقع لا على وجه الإيثار فإن العاصي في جميع هذه الصور يستحق ذما ، ولا يستحق عقابا عند أبي هاشم ومن يحذو حذوه وعلى تقدير الاشتراط باستمرار انتفاء المعصية ينتفي استحقاق الثواب وعلى تقدير الإحباط لا ينتفي.

الثالث : أن التوبة على مذهب الإحباط يمنع من الإحباط وعلى ما ذكرنا لا يمنع من الإحباط ، نعم لو كان الشرط استمرار انتفاء المعصية أو الموافاة بالتوبة من المعصية دون استمرار انتفائها فقط منع من الإحباط كمذهب القائلين به.

الثالث : أن التوبة على مذهب الإحباط يمنع من الإحباط وعلى ما ذكرنا لا يمنع من إحباط ، نعم لو كان الشرط استمرار انتفاء المعصية أو الموافاة بالتوبة من المعصية دون استمرار انتفائها فقط منع من الإحباط كمذهب القائلين به.

الرابع : أن هذا يجري في مذهب النافين للاستحقاق دون الإحباط ، وهذا الذي ذكرناه وإن لم يكن مذهبا صريحا لأصحابنا إلا أن من يذهب إلى الموافاة لا بدله من تجويزه وبه يجمع بين نفي الإحباط كما تقتضيه الأدلة بزعمهم وبين الآيات وكثير من الروايات الدالة على أن بعضا من المعاصي يبطل الأعمال السابقة ويمكن القول بمثل هذا في المعاصي بأن يكون استحقاق العقاب عليها أو استمراره مشروط بعدم بعض الطاعات في المستقبل ، فيأول ما يتضمن شبه هذا المعنى من الروايات به لكن عدم استحقاق العقاب بتعمد معصية الله تعالى وتوقفه على أمر منتظر بعيد ، وكذلك انقطاع استمراره وفي العفو مندوحة عنه ، والكلام فيه كالكلام في التوبة وهو ظاهر النصوص.

وفي كلام الشارح العلامة الحليقدس‌سره في شرح التجريد عند قول المصنف (ره) : وهو مشروط بالموافاة « إلخ » ما يدل على أن في المعتزلة من يقول باشتراط الطاعات بالمعاصي المتأخرة وبالعكس ، وظاهره أنه حمل كلام المصنف على هذا المعنى فيكون قائلا بالموافاة في الطاعات باشتراطه بانتفائه الذنب في المستقبل ، وفي المعاصي باشتراطه بعدم الطاعة الصالحة للتكفير في المستقبل إلا أني لم أقف على

٧٦

...........................................................................

_________________________________________

قائل به من الأصحاب صريحا ، وكلام التجريد ليس بصريح إلا في الموافاة بالإيمان.

الرابع :(١) أن العفو مطلقا سواء كانت المعصية مما تاب المكلف منها أو لا وسواء كانت صغيرة مكفرة أو كبيرة غير واقع بالسمع عند جميع المعتزلة وذهب بعضهم وهم البغداديون منهم إلى أنه قبيح عقلا والسمع أكده ، والبصريون إلى جوازه عقلا وإنما المانع منه السمع فمزيل العقاب عندهم منحصر في أمرين أحدهما التوبة ، والثاني التكفير بالثواب ، وذلك عند من قال بأن التوبة إنما تسقط العقاب لكونه ندما على المعصية ، وإما عند من قال أنه يسقط لكثرة الثواب فالمزيل منحصر في أمر واحد هو الإحباط فتوهم غير هذا باطل ، ودعوى الاتفاق على العفو من الصغائر عند اجتناب الكبائر ، ومن الذنوب مطلقا عند التوبة كما وقع من الشارح الجديد للتجريد مضمحل عند التحقيق كما ذكره بعض الأفاضل.

قال صاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى : «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ »(٢) نمط ما تستحقونه من العقاب في كل وقت على صغائركم ، ونجعلها كان لم تكن لزيادة الثواب المستحق على اجتنابكم الكبائر وصبركم عنها على عقاب السيئات ، وأما إسقاط التوبة للعقاب ففيه ثلاث مذاهب : « الأول » أنها تسقطه على سبيل الوجوب عند اجتماع شرائطها لكونها ندما على المعصية كما أن الندم على الطاعة يحبطها لكونه ندما عليها مع قطن النظر عن استتباعها الثواب والعقاب الثاني : أنها تسقطه على سبيل الوجوب ، لا لكونها ندما عليها ، بل لاستتباعها ثوابا كثيرا ، الثالث : أنها لا تسقطه وإنما تسقط العقاب عندها ، لأنها على سبيل العفو دون الاستحقاق ، وهذه المذاهب مشهورة مسطورة في كتب الكلام.

وأقول : بهذا التفصيل الذي ذكر ارتفع التشنيع واللوم عن محققي أصحابنا

__________________

(١) أي الرابع من المقاصد.

(٢) سورة النساء : ٣١.

٧٧

٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من ترك معصية لله مخافة الله تبارك وتعالى أرضاه الله يوم القيامة.

باب

أداء الفرائض

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي قال قال علي بن الحسين صلوات الله عليه من عمل بما افترض الله عليه فهو من خير الناس.

_________________________________________

رضوان الله عليهم بمخالفتهم للآيات المتظافرة والروايات المتواترة ، وأن الإحباط والتكفير بالمعنى الذي هو المتنازع فيه بين أصحابنا وبين المعتزلة نفيهما لا ينافي شيئا من ذلك وإنما أطنبنا الكلام في هذا المقام لأنه من مهمات المسائل الكلامية ، ومن تعرض لتحقيقه لم يستوف حقه ، والله الموفق.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

ويمكن تعميم المعصية ليشمل ترك الطاعة أيضا ، وعدم ذكر ما يرضيه به لتفخيمه إيماء إلى أن عقل البشر لا يصل إلى كنه حقيقته كما قال سبحانه : «وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ »(١) .

باب أداء الفرائض

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

« فهو من خير الناس » ليس من في بعض النسخ فالخيرية إضافية بالنسبة إلى من يأتي بالمستحبات ، ويترك بعض الفرائض.

__________________

(١) سورة التوبة : ٧٢.

٧٨

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن عبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا »(١) قال اصبروا على الفرائض.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي السفاتج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا » قال «اصْبِرُوا » على الفرائض «وَصابِرُوا » على المصائب «وَرابِطُوا »

_________________________________________

الحديث الثاني : حسن أو موثق.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور وآخره مجهول.

«اصْبِرُوا » قال الطبرسي (ره) : اختلف في معناها على وجوه :

أحدها : أن المعنى فاصبروا على دينكم أي اثبتوا عليه وصابروا الكفار ورابطوهم في سبيل الله فالمعنى اصبروا على طاعة الله سبحانه وعن معاصيه ، وقاتلوا العدو «وَصابِرُوا » على قتالهم في الحق كما يصبرون على قتالكم في الباطل لأن الرباط هو المرابطة فيكون بين اثنين يعني أعدوا لهم من الخيل ما يعدونه لكم.

وثانيها : أن المراد اصبروا على دينكم وصابروا وعدي إياكم ، ورابطوا عدوي وعدوكم.

وثالثها : أن المراد اصبروا على الجهاد ، وقيل : إن معنى رابطوا رابطوا الصلوات ، ومعناه انتظروها واحدة بعد واحدة ، لأن المرابطة لم تكن حينئذ روي ذلك عن عليعليه‌السلام ، وروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه سئل عن أفضل الأعمال فقال : إسباغ الوضوء في السبرات ، ونقل الأقدام إلى الجماعات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط.

وروي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال : معناه اصبروا على المصائب وصابروا على عدوكم ورابطوا عدوكم وهو قريب من الأول ، انتهى.

« على الفرائض » يحتمل شمولها لترك المحرمات أيضا« وصابروا على المصائب »

__________________

(١) سورة آل عمران : ٢٠٠.

٧٩

على الأئمةعليهم‌السلام .

وفي رواية ابن محبوب ، عن أبي السفاتج وزاد فيه فاتقوا الله ربكم فيما افترض عليكم.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اعمل بفرائض الله تكن أتقى الناس.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال الله تبارك وتعالى ما تحبب إلي عبدي بأحب مما افترضت عليه.

باب

استواء العمل والمداومة عليه

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا كان الرجل على عمل فليدم عليه سنة ثم يتحول عنه إن

_________________________________________

لعل صيغة المفاعلة على هذا الوجه للمبالغة لأن ما يكون بين الاثنين يكون الاهتمام فيه أشد أو لأن فيه معارضة النفس والشيطان ، وكذاقوله : رابطوا يحتمل الوجهين لأن المراد به ربط النفس على طاعتهم وانقيادهم وانتظار فرجهم مع أن في ذلك معارضة لعدوهم« فيما افترض عليكم » من فعل الواجبات وترك المحرمات.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور وقد مر الكلام فيه.

الحديث الخامس : ضعيف والتحبب جلب المحبة وإظهارها والأول أنسب ، ولو لم تكن الفرائض أحب إليه تعالى لما افترضه.

باب استواء العمل والمداومة عليه

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

« ثم يتحول عنه إنشاء » إلى غيره من الطاعات لا أن يتركه بغير عوض« يكون »

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434