مرآة العقول الجزء ١٣

مرآة العقول15%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 363

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35671 / تحميل: 6741
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

(باب)

(الرجل يطأ على العذرة أو غيرها من القذر)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن صالح ، عن الأحول ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في الرجل يطأ على الموضع الذي ليس بنظيف ثم يطأ بعده مكانا نظيفا قال لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعا أو نحو ذلك.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال كنت مع أبي جعفرعليه‌السلام إذ مر على عذرة يابسة فوطئ عليها فأصابت ثوبه فقلت :

_________________________________________

عن أحمد بن الحسين وهو تصحيف.

باب الرجل يطأ على العذرة أو غيرها من القذر

الحديث الأول : صحيح.

قولهعليه‌السلام « نظيفا » يمكن أن يستدل بظاهره على اشتراط طهارة الأرض لتطهير النعل وإن أمكن أن يكون المراد خلوها من عين النجاسة.

قولهعليه‌السلام « خمسة عشر ذراعا » لعله لزوال عين النجاسة فإنها تزول بها غالبا ، ونقل عن ابن الجنيد أنه اعتبر هذا التحديد ، وقال في مشرق الشمسين : اسم كان يعود بقرينة السياق في ما بين المكانين ، والظاهر أن المراد ما يحصل بالمشي عليه زوال عين النجاسة ، كما يشعر به قولهعليه‌السلام « أو نحو ذلك ».

الحديث الثاني : حسن.

قولهعليه‌السلام « إن الأرض » كان هذا للغبار النجس الذي مس النعل ويحتمل أن يكون لرفع توهم النجاسة الذي حصل للوطء على العذرة اليابسة ، والأول أولى كما لا يخفى ، ثم اعلم أن الحكم بتطهير التراب باطن الخف ، وأسفل القدم ، والنعل مقطوع به في كلام الأصحاب وظاهرهم الاتفاق عليه ، وربما أشعر كلام المفيد باختصاص الحكم بالخف والنعل ، وصرح ابن الجنيد بالتعميم ، ومقتضى

١٢١

جعلت فداك قد وطئت على عذرة فأصابت ثوبك فقال أليس هي يابسة فقلت بلى فقال لا بأس إن الأرض تطهر بعضها بعضا.

٣ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن محمد الحلبي قال نزلنا في مكان بيننا وبين المسجد زقاق قذر فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال أين نزلتم فقلت نزلنا في دار فلان فقال إن بينكم وبين المسجد زقاقا قذرا أو قلنا له إن بيننا وبين المسجد زقاقا قذرا فقال :

_________________________________________

كلامه الاكتفاء في حصول التطهير بمسحها بغير الأرض من الأعيان الطاهرة ، وربما ظهر من كلام الشيخ في الخلاف عدم طهارة أسفل الخف بمسحه بالأرض ، فإنه استدل فيه بجواز الصلاة فيه بكونه مما لا يتم فيه الصلاة.

ثم ظاهر ابن الجنيد اشتراط طهارة الأرض ويبوستها ، وهو أحوط ، ولا يعتبر المشي بل يكفي المسح إلى أن يذهب العين ، وقال في الحبل المتين : ولعل المراد بالأرض في قولهعليه‌السلام ـ الأرض يطهر بعضها بعضا ما يشتمل نفس الأرض وما عليها من القدم والنعل والخف ، وقال في المعالم : وكان المراد من هذه العبارة بمعونة سياق الكلام الواقعة فيه ، أن النجاسة الحاصلة في أسفل القدم وما هو بمعناه بملاقاة الأرض المتنجسة على الوجه المؤثر يطهر بالمسح في محل آخر من الأرض ، فسمي زوال الأثر الحاصل من الأرض تطهيرا لها ، كما يقول : الماء مطهر للبول ، بمعنى أنه مزيل للأثر الحاصل منه وعلى هذا يكون الحكم المستفاد من الحديث المذكور وما في معناه مختصا بالنجاسة المكتسبة من الأرض النجسة.

الحديث الثالث : مجهول كالموثق.

وفي الصحاح : الزقاق السكة ، ويدل على حرمة تنجيس المسجد أو إدخال النجاسة فيه مطلقا ، ويمكن أن يقال : لعله للصلاة في تلك النعل ، لكنه خلاف الظاهر وقال في المدارك : قولهعليه‌السلام « الأرض يطهر بعضها بعضا » يمكن أن يكون معناه أن الأرض يطهر بعضها ، وهو المماس لا سفل النعل أو الطاهر منها بعض الأشياء

١٢٢

لا بأس الأرض تطهر بعضها بعضا قلت والسرقين الرطب أطأ عليه فقال لا يضرك مثله.

٤ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يطأ في العذرة أو البول أيعيد الوضوء قال لا ولكن يغسل ما أصابه وفي رواية أخرى إذا كان جافا فلا يغسله.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن المعلى بن خنيس قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الخنزير يخرج من الماء فيمر على الطريق فيسيل منه الماء أمر عليه حافيا فقال أليس وراءه شيء جاف قلت بلى قال فلا بأس إن الأرض تطهر بعضها بعضا.

(باب)

(المذي والودي)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي

_________________________________________

وهو النعل والقدم ، ويحتمل أن يكون المراد أن أسفل القدم والنعل ، إذا تنجس بملاقاة بعض الأرض النجسة يطهره البعض الأخر الطاهر إذا مشى عليه فالمطهر في الحقيقة ما ينجس بالبعض الأخر وعلقه بنفس البعض مجازا.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور ، وآخره مرسل.

الحديث الخامس : مختلف فيه.

ويمكن أن يستدل بهذا على اشتراط الجفاف أيضا إلا أن يقال : الظاهر الجفاف عن هذه الرطوبة التي مر قبيله ، وهو الماء الذي سال عن بدن الخنزير.

باب المذي والودي

الحديث الأول : حسن.

والمياه التي تخرج من الإنسان سوى البول والمني ثلاثة ولا خلاف بين علمائنا

١٢٣

عبد اللهعليه‌السلام قال إن سال من ذكرك شيء من مذي أو ودي وأنت في الصلاة فلا تغسله ولا تقطع الصلاة ولا تنقض له الوضوء وإن بلغ عقيبك فإنما ذلك بمنزلة النخامة وكل شيء يخرج منك بعد الوضوء فإنه من الحبائل أو من البواسير وليس بشيء فلا تغسله من ثوبك إلا أن تقذره.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن عمر بن حنظلة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المذي فقال ما هو والنخامة إلا سواء.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن بريد بن معاوية قال سألت أحدهماعليهما‌السلام عن المذي فقال لا ينقض الوضوء ولا يغسل منه ثوب ولا جسد إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن المذي يسيل حتى يصيب الفخذ فقال لا يقطع صلاته ولا يغسله من فخذه إنه لم يخرج من مخرج المني إنما هو بمنزلة النخامة.

_________________________________________

في عدم الانتقاض بها إلا ابن الجنيد ، فإنه ذهب إلى الانتقاض بالمذي إذا كان عقيب شهوة وفي القاموس : و المذي بسكون الذال والمذي كغني والمذي ساكنة اللام ما يخرج منك عند الملاعبة والتقبيل ، و الودي بالمهملة ما يخرج عقيب البول ولم نجد بالمعجمة في اللغة ، لكن ذكر الشهيد الثاني (ره) وبالمعجمة ما يخرج عقيب الإنزال وقال في المذي : إنه ماء رقيق لزج يخرج عقيب الشهوة ، وعلى ما عرفت لا يظهر لتقييد ابن الجنيد (ره) وجه وجيه ، وينبغي أن يحمل البواسير على ما إذا كان الخارج منها غير الدم ، أو يكون عدم الغسل لأنه معفو عنه ، لا طاهرا ويكون المراد من قوله « تقذره » تجده قذرا أي نجسا فيدخل الدم فيه ، وفيه بعد ، والأظهر أن المعنى ، إلا أن يستقذره طبعك وتستنكف عنه.

الحديث الثاني : موثق ، ويمكن الاستدلال به على الطهارة.

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : حسن.

١٢٤

(باب أنواع الغسل)

١ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى وابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول الغسل من الجنابة ويوم الجمعة والعيدين وحين تحرم وحين تدخل مكة والمدينة ويوم عرفة ويوم تزور البيت وحين تدخل الكعبة وفي ليلة تسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين من شهر رمضان ومن غسل ميتا.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن غسل الجمعة فقال واجب في السفر والحضر إلا أنه رخص للنساء في السفر لقلة الماء وقال غسل الجنابة واجب وغسل الحائض إذا

_________________________________________

باب أنواع الغسل

الحديث الأول : مجهول كالصحيح.

قولهعليه‌السلام « والعيدين » حدد بعض الأصحاب وقتهما بالزوال ، وبعضهم بالصلاة ، وظاهر هذا الخبر إلى آخر اليوم ، إلا أن يقال المراد بالعيدين صلاتهما ، وبعض الأخبار يؤيد ما ذكرناه من الامتداد إلى آخر اليوم ونسب القول بالوجوب في العيدين إلى الظاهرية.

قولهعليه‌السلام « تزور البيت » الظاهر أن المراد به طواف الحج ، ويحتمل مطلق الطواف أيضا ، وفيه دلالة على أنه يكفي الغسل ذلك اليوم ولا تلزم المقارنة.

قولهعليه‌السلام « ومن غسل ميتا » ظاهره غسل المس لا غسل الميت كما فهمه الشيخرحمه‌الله .

الحديث الثاني : موثق.

قولهعليه‌السلام « في السفر وقلة الماء » ظاهره اجتماعهما ، ويحتمل أن يكون كل منهما علة برأسها وفي التهذيب : لقلة الماء.

١٢٥

طهرت واجب وغسل المستحاضة واجب إذا احتشت بالكرسف فجاز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل صلاتين وللفجر غسل وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل كل يوم مرة والوضوء لكل صلاة وغسل النفساء واجب وغسل المولود واجب وغسل الميت واجب وغسل الزيارة واجب وغسل دخول البيت واجب وغسل الاستسقاء واجب وغسل أول ليلة من شهر رمضان يستحب وغسل ليلة إحدى وعشرين وغسل ليلة ثلاث وعشرين سنة لا تتركها فإنه يرجى في إحداهن ليلة القدر وغسل يوم

_________________________________________

قولهعليه‌السلام « وإن لم يجز » شامل للقليلة والمتوسطة إلا أن القليلة خارج بالنصوص فيبقى المتوسطة وهذا مستند المشهور في تثليث أقسام المستحاضة ، ولا يخفى عدم دلالته على كون الغسل لصلاة الغداة.

قولهعليه‌السلام « لكل صلاة » أي واجب ، ويفهم منه وجوب الوضوء مع الغسل ، ويمكن حمله على صلاة لم يقارنها الغسل للأخبار الكثيرة أو يحمل على الاستحباب ، والمشهور أن غسل المولود غسل كسائر الأغسال لا غسل ، وأيضا المشهور استحبابه ، وقال ابن حمزة بوجوبه لهذا الخبر وما يشابهه من الأخبار الأخر ، وحملت على تأكد الاستحباب.

قولهعليه‌السلام وغسل الزيارة واجب الظاهر أن المراد منها طواف الحج ، والأكثر حملوه على مطلق الزيارة ، ولا حاجة لنا في إثباته إلى هذا الخبر ، للأخبار الكثيرة الواردة لاستحباب الغسل لها عموما وخصوصا قولهعليه‌السلام « في إحداهن » كذا في التهذيب أيضا وفي الفقيه إحداهما ، وهو الأظهر ، وعلى الأول إما تجوز في الجمع ، أو بإضافة الليلة الأولى.

قولهعليه‌السلام « وغسل الاستخارة » ذكر الأكثر أنه ليس المراد الغسل لكل استخارة ، بل لصلاة الاستخارة المنقولة ، وقد ورد فيها الغسل في الخبر المخصوص ، ويشكل التخصيص لإطلاق هذا الخبر ، وحمله على العهد بعيد ، بل الظاهر أن لا يقيد بصلاتها أيضا.

١٢٦

الفطر وغسل يوم الأضحى سنة لا أحب تركها وغسل الاستخارة يستحب العمل في غسل الثلاث الليالي من شهر رمضان ليلة تسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين.

(باب)

(ما يجزئ الغسل منه إذا اجتمع)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة والجمعة وعرفة والنحر والحلق والذبح والزيارة وإذا اجتمعت عليك حقوق أجزأها عنك غسل واحد قال ثم قال وكذلك المرأة يجزئها غسل واحد لجنابتها وإحرامها وجمعتها وغسلها من حيضها وعيدها.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد ، عن جميل بن دراج ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهماعليهما‌السلام أنه قال إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر

_________________________________________

ثم لا يخفى ما في هذا الخبر من بيان اختلاف مراتب الفضل والاستحباب بالتعبير عن بعضها بالوجوب وبعضها بالسنة وبعضها بالاستحباب فتدبر.

قولهعليه‌السلام « ويستحب العلم » كان في هذه العبارة سهوا ، ويمكن أن يكون المراد أن غسل هذه الليالي لأجل العمل ، وفي التهذيب نقل الخبر إلى قوله وغسل الاستخارة يستحب من غير هذه التتمة.

باب ما يجزي الغسل منه إذا اجتمع

الحديث الأول : حسن.

قولهعليه‌السلام « والجمعة » وفي بعض النسخ مكانها الحجامة ، والمراد لغسل الحجامة ، وتطهيرها ، لا لغسلها وكأنها سهو من النساخ ، ويدل على تداخل الأغسال إذا كان معها واجب ، إما بأن ينوي الجميع ، أو يقصد الجنابة ويجزى عنها.

الحديث الثاني : ضعيف.

١٢٧

أجزأ عنه ذلك الغسل من كل غسل يلزمه في ذلك اليوم.

(باب)

(وجوب الغسل يوم الجمعة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال سألته عن الغسل يوم الجمعة فقال واجب على كل ذكر وأنثى

_________________________________________

وقال في المدارك إذا اجتمع على المكلف غسلان فصاعدا ، فإما أن يكون كلها واجبة أو مستحبة ، أو يجتمع الأمران.

الأول : أن تكون كلها واجبة والأظهر التداخل مع الاقتصار على نية القربة ، كما ذكره المصنف (ره) وكذا مع ضم الرفع أو الاستباحة مطلقا ، ولو عين أحد الأحداث. فإن كان المعين هو الجنابة فالمشهور إجزاؤه عن غيره ، بل قيل إنه متفق عليه ، وإن كان غيره ففيه قولان أظهر هما أنه كالأول.

الثاني : أن تكون كلها مستحبة والأظهر التداخل مع تعيين الأسباب ، أو الاقتصار على القربة ، لفحوى الأخبار ، ومع تعيين البعض يتوجه الإشكال السابق ، وإن كان القول بالإجزاء غير بعيد أيضا.

الثالث : أن يكون المراد بعضها واجبا وبعضها مستحبا والأجود الاجتزاء بالغسل الواحد أيضا لما تقدم انتهى ، وما اختاره (ره) قوي كما يظهر من الأخبار.

باب وجوب الغسل يوم الجمعة

الحديث الأول : حسن ، واختلف في غسل الجمعة ، فالمشهور استحبابه ، وذهب الصدوقان إلى الوجوب كما هو ظاهر المصنف ، فمن قال بالاستحباب يحمل الوجوب على تأكده لعدم العلم بكون الوجوب حقيقة في المعنى المصطلح ، بل الظاهر من الأخبار خلافه ومن قال بالوجوب يحمل السنة على مقابل الفرض أي ما ثبت

١٢٨

عبد أوحر.

٢ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن محمد بن عبد الله قال سألت الرضاعليه‌السلام عن غسل يوم الجمعة فقال واجب على كل ذكر وأنثى عبد أو حر.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الغسل يوم الجمعة على الرجال والنساء في الحضر وعلى الرجال في السفر وليس على النساء في السفر وفي رواية أخرى أنه رخص للنساء في السفر لقلة الماء.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن سيف ، عن أبيه سيف بن عميرة ، عن الحسين بن خالد قال سألت أبا الحسن الأولعليه‌السلام كيف صار غسل يوم الجمعة واجبا فقال إن الله تبارك وتعالى أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة وأتم صيام الفريضة بصيام النافلة

_________________________________________

وجوبه بالسنة لا بالقرآن ، وهذا أيضا يظهر من الأخبار.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : صحيح وآخره مرسل ، ويمكن حمله على عدم تأكد الاستحباب لخبر أم أحمد.

الحديث الرابع : حسن على ما قيل بناء على إن الحسين بن خالد ، هو الحسين بن أبي العلاء الخفاف. الممدوح ، والظاهر أنه الصيرفي المجهول لروايته كثيرا عن الرضاعليه‌السلام برواية الصدوق (ره) في كتبه ، وقال الفاضل التستري لا أعرفه على هذا الوجه ، وإن كان هو الحسن بن خالد على ما ينبه عليه بعض أخبار الفقيه حيث يروي عن الحسن بن خالد ، عن أبي الحسن الأول فقد وثق ، وكذا الكلام في نحوه.

قولهعليه‌السلام « وأتم وضوء النافلة » في أبواب الزيادات من التهذيب ، وضوء الفريضة أي الفريضة بدل النافلة وفي الفقيه الوضوء بدونهما ، وقد يستدل به على

١٢٩

و أتم وضوء الفريضة بغسل يوم الجمعة ما كان في ذلك من سهو أو تقصير أو نسيان أو نقصان.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن عبد الله بن حماد الأنصاري ، عن صباح المزني ، عن الحارث بن حصيرة ، عن الأصبغ قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا أراد أن يوبخ الرجل يقول والله لأنت أعجز من التارك الغسل يوم الجمعة وإنه لا يزال في طهر إلى الجمعة الأخرى.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن موسى ، عن أمه وأم أحمد بنت موسى قالتا كنا مع أبي الحسنعليه‌السلام بالبادية ونحن نريد بغداد فقال لنا يوم الخميس اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة فإن الماء بها غدا قليل فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن بعض أصحابنا

_________________________________________

الاستحباب لكون نظيريه مستحبين ، ويشكل الاستدلال بمحض ذلك ، ولعله يصلح للتأييد.

الحديث الخامس : ضعيف.

الحديث السادس : مجهول.

ويدل على جواز التقديم لخوف قلة الماء ، وربما يشترط فيه السفر أيضا ، وهو غير معلوم ، وقد يقال بالجواز لسائر الأعذار بل لغير عذر أيضا لما روي من جواز تقديم أعمال الجمعة يوم الخميس لضيقه ولا يخلو من إشكال.

الحديث السابع : مرسل ، وأخره أيضا مرسل.

وظاهر أكثر الأصحاب عدم الفرق بين كون الفوات عمدا أو نسيانا لعذر وغيره ، وقال الصدوق (ره) ـ ومن نسي الغسل أو فاته لعذر فليغتسل بعد العصر أو يوم السبت فشرط العذر وأكثر الأخبار مطلقة.

١٣٠

عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لا بد من غسل يوم الجمعة في السفر والحضر فمن نسي فليعد من الغد وروي فيه رخصة للعليل.

(باب)

(صفة الغسل والوضوء قبله وبعده والرجل يغتسل في مكان غير)

(طيب وما يقال عند الغسل وتحويل الخاتم عند الغسل)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن غسل الجنابة فقال تبدأ بكفيك فتغسلهما ثم تغسل فرجك ثم تصب الماء على

_________________________________________

ثم اعلم أن ظاهر الأصحاب استحباب القضاء ليلة السبت ، والتقديم ليلة الجمعة والأخبار خالية عنهما ، ويمكن أن يقال يوم السبت يشمل الليل لكونه أحد إطلاقيه ، لكن يشكل الاستدلال به.

باب صفة الغسل والوضوء قبله وبعده والرجل يغتسل في مكان غير طيب وما يقال عند الغسل وتحويل الخاتم عند الغسل

الحديث الأول : صحيح.

قولهعليه‌السلام « تبدأ بكفيك » يظهر منه استحباب الغسل من الزند.

قولهعليه‌السلام « ثم تغسل فرجك » يمكن أن يستدل بظاهر هذا الخبر على وجوب تقديم رفع الخبث على الحدث ، واشتراط طهارة البدن عند الغسل ، إلا أن يقال هذا محمول على الاستحباب على كل مذهب ، إذ لم يقل أحد ظاهرا بوجوب رفع الخبث على جميع الغسل بل على غسل ذلك العضو.

قولهعليه‌السلام : « ثم تصب على رأسك » يحتمل أن يكون المراد به غسل الرأس ثلاث مرات وأن يكونعليه‌السلام أراد غسله بثلاث أكف من غير دلالة على تثليث

١٣١

رأسك ثلاثا ثم تصب الماء على سائر جسدك مرتين فما جرى عليه الماء فقد طهر.

٢ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يفيض الجنب على رأسه الماء ثلاثا لا يجزئه أقل من ذلك.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال قلت كيف يغتسل الجنب فقال إن لم يكن أصاب كفه شيء غمسها في الماء ثم بدأ بفرجه فأنقاه بثلاث غرف ثم صب على رأسه ثلاث أكف ثم صب على منكبه الأيمن مرتين وعلى منكبه الأيسر مرتين فما جرى عليه الماء فقد أجزأه.

_________________________________________

الغسل ، وقد حكم جماعة من الأصحاب باستحباب تكرر الغسل ثلاثا في كل عضو ، وقد دل هذا الحديث والحديث الاتي على المرتين فيما عدا الرأس وحكم ابن الجنيد بغسل الرأس ثلاثا واجتزأ بالدهن في البدن ، واستحب للمرتمس ثلاث غوصات ، أقول ويظهر من هذا الخبر وسائر الأخبار عدم وجوب الترتيب بين الجانبين.

قولهعليه‌السلام : « مرتين » يحتمل أن تكون المرتان باعتبار الجانبين لكنه بعيد خصوصا مع التصريح في الخبر الثاني وقولهعليه‌السلام « فما جرى عليه الماء فقد طهر » يحتمل أن يكون المراد منه محض اشتراط الجريان أو مع تبعض الغسل أيضا بمعنى أن كل عضو تحقق غسله فهو بحكم الطاهر في جواز المس به وإدخاله المسجد وغير ذلك من الأحكام.

الحديث الثاني : مجهول كالصحيح.

وظاهره تثليث الصب لا الغسل ، والمعنى أنه لا يجزيه أقل من ذلك من أي من الثلاث الأكف لتحقق الغسل غالبا.

الحديث الثالث : حسن.

قولهعليه‌السلام : « وعلى منكبه الأيسر » لا يخفى أن هذا الخبر لا يدل على

١٣٢

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا قال قال تقول في غسل الجمعة اللهم طهر قلبي من كل آفة تمحق بها ديني وتبطل بها عملي وتقول في غسل الجنابة اللهم طهر قلبي وزك عملي وتقبل سعيي واجعل ما عندك خيرا لي.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة

_________________________________________

الترتيب بين الجانبين لعدم دلالة الواو عليه ، وعلى تقدير دلالة الترتيب الذكري عليه فإنما يدل على الترتيب في الصب لا الغسل فتأمل.

الحديث الرابع : مرسل.

قولهعليه‌السلام « اللهم طهر قلبي ». أي من العقائد الباطلة والأخلاق الذميمة والنيات الفاسدة ، « وزك عملي » أي اجعله زاكيا ناميا ، أو ثوابه مضاعفا ، أو اجعله طاهرا مما يدنسه من النيات الفاسدة وغيرها ، « واجعل ما عندك خيرا لي » أي تكون آخرتي أحسن لي من الدنيا ، أو أكون إلى الآخرة أرغب مني إلى الدنيا.

الحديث الخامس : حسن.

والظاهر أن الارتماس يتحقق بخروج جزء من الرأس ولا يشترط خروج جميع البدن عن الماء كما قيل ، وقال في الحبل المتين : الاجتزاء في غسل الجنابة بارتماسة واحدة مما لا خلاف فيه بين الأصحاب ، وألحقوا به بقية الأغسال ، ونقل الشيخ في المبسوط ، قولا بأن في الارتماس ترتيبا حكميا ، وهذا القول لا يعرف قائله ، غير أن الشيخ صرح بأنه من علمائنا ، وفسر تارة بقصد الترتيب واعتقاده حالة الارتماس ، وأخرى بأن الغسل يترتب في نفسه وإن لم يلاحظ المغتسل ترتيبه ، وقال المحقق الشيخ علي تبعا للشهيد أن فائدة التفسيرين يظهر فيمن وجد لمعة فيعيد على الأول ويغسلها على الثاني وفي ناذر الغسل مرتبا فيبرأ بالارتماس على

١٣٣

أجزأه ذلك من غسله.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام قال سألته عن المرأة عليها السوار والدملج في بعض ذراعها لا تدري يجري الماء تحته أم لا كيف تصنع إذا توضأت أو اغتسلت قال تحركه حتى يدخل الماء تحته أو تنزعه وعن الخاتم الضيق لا يدري هل يجري الماء تحته إذا توضأ أم لا كيف يصنع قال إن علم أن الماء لا يدخله فليخرجه إذا توضأ.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى وأبو داود جميعا ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أصابته

_________________________________________

الثاني دون الأول انتهى ، وللبحث فيه مجال واسع ، ولا يخفى أن رعاية الترتيب الحكمي بهذين التفسيرين ، ربما يقتضي مقارنة النية الجزء من الرأس.

الحديث السادس : صحيح.

وقال في مشرق الشمسين : السوار بكسر السين والدملج بالدال واللام المضمومتين وأخره جيم شبيه بالسوار تلبسه المرأة في عضدها ويسمى المعضد ولعل علي بن جعفر أطلق الذراع على مجموع اليد تجوزا.

قولهعليه‌السلام « إن علم » ظاهره الفرق بين الوضوء والغسل باشتراط العلم بالعدم في وجوب التخليل في الأول وكفاية عدم العلم في الثاني لكون الأمر في الغسل أشد ، ويمكن حمل ما في الوضوء على الوجوب ، والثاني على الاستحباب أو على أنه لما كان الغالب في الأول لاشتماله على الدملج ، عدم وصول الماء يكفي فيه عدم العلم بخلاف الثاني فإنه بخلافه.

الحديث السابع : مرسل.

وظاهره أنه يجزيه في الارتماس لا للترتيب بأن ينوي كل عضو ويغسله ، وإن احتمله أيضا ، وقد أجرى الشيخ في المبسوط العقود تحت المجرى ، والوقوف

١٣٤

جنابة فقام في المطر حتى سال على جسده أيجزئه ذلك من الغسل قال نعم.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن علياعليه‌السلام لم ير بأسا أن يغسل الجنب رأسه غدوة ويغسل سائر جسده عند الصلاة.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي

_________________________________________

تحت المطر مجرى الارتماس في سقوط الترتيب ، وإليه ذهب العلامة في جملة من كتبه ، وذهب ابن إدريس إلى اختصاص الحكم بالارتماس.

الحديث الثامن : حسن كالصحيح.

واعلم أنه اختلف الأصحاب في وجوب الغسل لنفسه أو لغيره ، فذهب ابن إدريس ، والمحقق وجماعة إلى وجوب غسل الجنابة لغيره ، والراوندي والعلامة ووالده وجماعة إلى الوجوب لنفسه ، ويفهم من كلام الشهيد (ره) في الذكرى وقوع الخلاف في غير غسل الجنابة أيضا من الطهارات ، ولا يتوهم إمكان الاستدلال بهذا الخبر على وجوب الغسل لنفسه لأنه لا خلاف في استحبابه قبل الوقت فإن استدل بأنه يلزم أن يكون بعضه واجبا وبعضه مستحبا عورض بأنه على تقدير الوجوب لنفسه أيضا يلزم كون بعضه واجبا لنفسه وبعضه واجبا لغيره ، والجواب بعدم فساد ذلك مشترك.

ثم اعلم أنهم اختلفوا أيضا فيما إذا تخلل الحدث الأصغر بين الغسل ، فقيل يبطل الغسل ، وقيل يجب إتمامه والوضوء بعده وقيل لا يجب الوضوء أيضا ، وربما يؤيد الأخير هذا الخبر إذ قلما ينفك المكلف في مثل هذه المدة عن حدث فتدبر.

الحديث التاسع : حسن.

ويدل على وجوب الترتيب في الغسل بين الرأس والبدن ، وعلى أنه شرط

١٣٥

عبد اللهعليه‌السلام قال من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه ثم بدا له أن يغسل رأسه لم يجد بدا من إعادة الغسل.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن حماد ، عن بكر بن كرب قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يغتسل من الجنابة أيغسل رجليه بعد الغسل فقال إن كان يغتسل في مكان يسيل الماء على رجليه بعد الغسل فلا عليه أن لا يغسلهما وإن كان يغتسل في مكان يستنقع رجلاه في الماء فليغسلهما.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أبي يحيى الواسطي ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له جعلت فداك أغتسل في الكنيف الذي يبال فيه وعلي نعل سندية فقال إن كان الماء الذي يسيل من جسدك يصيب أسفل قدميك فلا تغسل قدميك.

_________________________________________

في الغسل يبطل بالإخلال به سهوا أيضا.

الحديث العاشر : مجهول.

قولهعليه‌السلام : « أن لا يغسلهما » ظاهره أنه إن كان رجلاه في الطين المانع من وصول الماء إليهما يجب غسلهما ، وإن لم يكن كذلك بل يسيل الماء الذي يجري [ على بدنه ] على رجليه فلا يجب الغسل بعد الغسل أو الغسل ، ويحتمل أن يكون المراد أنه يشترط في تحقق الغسل عدم كون الرجلين في الماء لعدم كفاية الغسل السابق على النية وعدم تحقق غسل بعده ، والظاهر أنه تكفي الاستدامة مع النية ، أو المراد أنه إن كان يغتسل في الماء الجاري والماء يسيل على قدميه فلا يجب غسله ، وإن كان في الماء الواقف القليل فإنه يصير غسالة ولا يكفي لغسل الرجلين ، ولعله أظهر الوجوه.

الحديث الحادي عشر : حسن.

قولهعليه‌السلام « إن كان الماء » ظاهره أن هذا لتحقق الغسل لا للتطهير ، وإن كان سؤال السائل عنه فإنه يظهر منه جوابه أيضا فتأمل.

١٣٦

١٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن شاذان بن الخليل ، عن يونس ، عن يحيى بن طلحة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن سليمان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول الوضوء بعد الغسل بدعة.

١٣ ـ محمد بن يحيى وغيره ، عن محمد بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كل غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة

وروي أنه ليس شيء من الغسل فيه وضوء إلا غسل يوم الجمعة فإن قبله وضوءا وروي أي وضوء أطهر من الغسل.

١٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الخاتم إذا اغتسلت قال حوله من مكانه وقال في الوضوء تديره وإن نسيت حتى تقوم في الصلاة فلا آمرك أن

_________________________________________

الحديث الثاني عشر : مجهول.

قولهعليه‌السلام : « بدعة » ظاهره أن البدعة باعتبار البعدية ، ومنهم من حمل على غسل الجنابة ولا حاجة إليه.

الحديث الثالث عشر : صحيح ، والأخيران مرسلان.

ويظهر من هذا الخبر مع الخبر السابق كون الوضوء مع غسل الجنابة بدعة ، وقال في المدارك أجمع علماؤنا على أن غسل الجنابة يجزى عن الوضوء ، واختلف في غيره من الأغسال فالمشهور أنه لا يكفي بل يجب معه الوضوء للصلاة سواء كان فرضا أو سنة ، وقال المرتضى (ره) لا يجب الوضوء مع الغسل سواء كان فرضا أو نقلا وهو اختيار ابن الجنيد وجماعة من المتأخرين وهو أقوى.

قولهعليه‌السلام « إلا غسل يوم الجمعة » فإنه غير مبيح. وإن أمكن حمله على تأكد الاستحباب أيضا كما يدل عليه المرسلة بعده.

الحديث الرابع عشر : حسن.

ويحتمل أن يكون المراد من التحويل هو الإدارة وظاهره المغايرة لما في

١٣٧

تعيد الصلاة.

١٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال اغتسل أبي من الجنابة فقيل له :

_________________________________________

الغسل من المبالغة ، وعلى التقديرين الظاهر الاستحباب لعدم الأمر بالإعادة مع النسيان.

الحديث الخامس عشر : صحيح.

ويمكن أن يكون المنع لا جل التنبيه على أن المعصوم لا يسهو أو للتعليم بالنظر إلى غيره ، وقال المحقق التستري (ره) : وكان فيه أن من وقع منه حال النسيان ما يحرم لو وقع منه حال التذكر لم يجب نهيه وهو قضية الأصول ، وقال الشيخ البهائي (ره) : فاعل اغتسل في بعض النسخ غير مذكور ، فضمير « قال » يرجع إلى الراوي ويحتمل رجوعه إلى الإمامعليه‌السلام فيكون حكاية عن شخص أنه فعل ذلك فلا يكون حجة ويمكن تأييد هذا الاحتمال بعصمة الإمامعليه‌السلام اللهم إلا أن يقال : لعل غرضهعليه‌السلام التعليم وفيه بعد ، ولا يخفى أن ظاهره يعطي إجزاء المسح عن الغسل.

وقالرحمه‌الله في مشرق الشمسين : اللمعة بضم اللام وهي في اللغة القطعة من الأرض المعشبة إذا يبس عشبها وصارت بيضاء كأنها تلمع بين الخضرة ، وتطلق على القطعة من مطلق الجسم إذا خالفت ما حولها في بعض الصفات ، ويستفاد من هذا الحديث أن من سها عن شيء من واجبات الطهارة لا يجب على غيره تنبيهه عليه والظاهر أنه لا فرق بين الطهارة وغيرها من العبادات.

ولا يخفى ما في ظاهره فإنه ينافي العصمة ولعل ذلك القائل كان مخطئا في ظنه عدم إصابة الماء تلك اللمعة ويكون قول الأمعليه‌السلام ما عليك لو سكت ثم مسحه تلك اللمعة إنما صدر عند للتعليم.

وقال في حبل المتين لعل اللمعة كانت من الجانب الأيسر فلم يفت الترتيب ،

١٣٨

قد أبقيت لمعة في ظهرك لم يصبها الماء فقال له ما كان عليك لو سكت ثم مسح تلك اللمعة بيده.

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن ابن مسكان ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا تنقض المرأة شعرها إذا اغتسلت من الجنابة.

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عما تصنع النساء في الشعر والقرون فقال لم تكن هذه المشطة

_________________________________________

والمسح في قول الراوي « ثم مسح تلك اللمعة بيده » الظاهر أن المراد به ما كان معه جريان في الجملة وإطلاق المسح على مثل ذلك مجاز إذ الحق أن المسح والغسل حقيقتان متخالفتان لا يصدق شيء منهما على شيء من أفراد الأخر.

ويمكن أن يستنبط من هذا الحديث أمر آخر وهو أن من أخبره شخص باشتمال عبادته على نقص وجب عليه قبول قوله ويلزمه تلافي ذلك النقصان ، فإن الظاهر أن المراد من قولهعليه‌السلام لمن أخبره بتلك اللمعة ، ما كان عليك لو سكت ، إنك لو لم تخبرني بها لم يلزمني تداركها فإن الناس في سعة لما لا يعلمون فعلى هذا فهل يكفي في وجوب قبول قول المخبر بأمثال ذلك مطلق ظن صدقة أم لا بد من عدالته كل محتمل ولعل الاكتفاء بالأول أولى والله يعلم.

الحديث السادس عشر : مرسل.

ويدل على عدم وجوب غسل الشعر في الغسل ، ويفهم من ظاهر المعتبر ، والذكرى الإجماع على عدم وجوب غسل الشعر ولا يظهر من كلام أحد وجوبه ، إلا ما يفهم من ظاهر عبارة المفيد في المقنعة وقد أولها الشيخ (ره).

الحديث السابع عشر : حسن.

وفي الصحاح القرن الخصلة من الشعر يقال للرجل قرنان أي ضفيرتان.

قوله :عليه‌السلام « هذه المشطة » بالجمع أو المصدر والثاني أظهر ، وقال الوالد

١٣٩

إنما كن يجمعنه ثم وصف أربعة أمكنة ثم قال يبالغن في الغسل.

(باب)

(ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته متى يجب الغسل على الرجل والمرأة فقال إذا أدخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل قال سألت الرضاعليه‌السلام عن الرجل يجامع المرأة قريبا من الفرج فلا ينزلان متى يجب

_________________________________________

العلامةرحمه‌الله يعني لم يكن في زمان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الضفائر بل كن يفرقن أشعار رؤوسهن في أربعة أمكنه وكان إيصال الماء إلى ما تحت الشعر سهلا ، وأما الان فيلزم أن يبالغن حتى يصل الماء إلى البشرة ، وقال الفاضل التستري كان هذه الأمكنة مواضع الشعر المجموع ولعلها المقدم والمؤخر واليمين واليسار.

باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة

الحديث الأول : صحيح.

والظاهر أن الضمير في قوله « أدخله » راجع إلى الفرج ويشمل الفرجين للمرأة وأما شموله لدبر الغلام ففيه إشكال لذكر المهر والرجم.

قولهعليه‌السلام : « المهر » أي تمام المهر أو يستقر.

الحديث الثاني : صحيح.

وفسر الأصحاب التقاءهما بمحاذاتهما ، لأن الملاقاة حقيقة غير متصورة فإن مدخل الذكر أسفل الفرج ، وهو مخرج الولد والحيض ، وموضع الختان أعلاه ، وبينهما ثقبة البول ، وحصول الجنابة بالتقاء الختانين إجماعي ، والظاهر أنه لا خلاف أيضا في وجوب الغسل عند مواراة الحشفة مطلقا سواء حصل التقاء

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

معبدا لنبيّك . . . » ١ .

« في معادن الكرامة » الظاهر رجوعه إلى ( مستقرّه ) على اللفّ و النشر المرتّب ، قال الحميري :

فاحتلّ دار كرامة في معشر

آووه في سعة المحلّ الأرحب

« و مماهد » جمع ممهد : اسم مكان .

« السلامة » الظاهر رجوع ( مماهد السلامة ) إلى ( منبته ) ، قال تعالى :

و من دخله كان آمنا . . . ٢ .

و قال ابن أبي الحديد : مماهد : جمع مهاد ، و هو ازدواج بقرينة ( معادن ) كقولهم : الغدايا و العشايا . و يعني ب ( السلامة ) : البراءة من العيوب ، أي : في نسب طاهر ٣ .

و هو كما ترى ، و وجه ما قاله أنّه لم ير ( ممهد ) في ( الصحاح ) . فقال :

مماهد : جمع مهاد ، مع أنّه لا يلزم أن يذكر ( الصحاح ) جميع الاستقاقات ، مع أنّه لا معنى للازدواج بما قاله ، كما أنّ وجه قوله : « يعني بالسلامة البراءة من العيوب » أنّه حمل المستقرّ ، و المنبت في كلامه عليه السّلام على الأرحام و الأصلاب ،

و هو أيضا كما ترى .

« قد صرفت نحوه أفئدة الأبرار » فصاروا مصدّقيه و ملازميه ، و في ( الطبري ) : و قد الأسود بن ربيعة على النبيّ صلى اللّه عليه و آله و قال : جئت لأقترب إلى اللّه تعالى بصحبتك . فسمّاه صلى اللّه عليه و آله المقترب ٤ .

و قال : أبو طالب فيه :

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الإثبات للمسعودي : ١٠٨ .

( ٢ ) آل عمران : ٩٧ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ١٨٢ ، و النقل بالمعنى .

( ٤ ) تاريخ الطبري ٣ : ١٨٢ سنة ١٧ .

٢٠١

و إنّ عليه في العباد محبّة

و لا حيف في من خصّه اللّه بالحبّ

و قال أيضا :

لعمري لقد كلّفت وجدا بأحمد

و أحببته حبّ الحبيب المواصل

وجدت بنفسي دونه فحميته

و دافعت عنه بالذرى و الكواهل

قال بعضهم : إذا تفكّرت في أشعار أبي طالب في مدائح النبيّ صلى اللّه عليه و آله و أنّها أشعار ذاك الشيخ المبجّل في ابن أخيه ، و هو شابّ مستجير به معتصم بظلّه من قريش ، قد ربّاه في حجره غلاما ، و على عاتقه طفلا ، و بين يديه شابّا ،

يأكل من زاده ، و يأوي إلى داره علمت موضع خاصّية النبوّة و سرّها ، و أنّ أمره كان عظيما ، و أنّ اللّه تعالى أوقع له في القلوب و الأنفس منزلة رفيعة ،

و مكانا جليلا .

« و ثنيت » أي : رفعت ، من ثاني عطفه . . . ١ .

« إليه أزمّة الأبصار » فلا تخفض إلى غيره ، كان الجلف البدوي يرى وجهه ، فيقول : و اللّه ما هذا وجه كذّاب ٢ . و كان عظيما مهيبا في النفوس حتّى ارتاعت منه رسل كسرى ، مع أنّه كان بالتواضع موصوفا ٣ .

و قال عروة بن مسعود الثقفي لقريش : و اللّه لقد وفدت على كسرى و قيصر و النجاشي ، و اللّه ما رأيت ملكا قطّ يعظّمه أصحابه ما يعظّم أصحاب محمّد محمّدا : يقتتلون على وضوئه ، و يتبادرون لأمره ، و يخفضون أصواتهم عنده ، و ما يحدّدون النظر إليه تعظيما . و لمّا دخل أبو سفيان عام الفتح عليه ،

و رأى أيدي المسلمين تحت شعره يستشفون بالقطرات من وضوئه ، قال : تاللّه

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الحج : ٩ .

( ٢ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ١٢٣ .

( ٣ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ١٢٦ .

٢٠٢

إن رأيت كاليوم كسرى و قيصر ١ .

و في ( الاستيعاب ) : دخل النبيّ صلى اللّه عليه و آله على كبشة الأنصارية ، فشرب من فم قربة معلّقة ، فقطعت فمها فرفعته . ( أي : تبرّكا به ) ٢ .

و في ( الأغاني ) : أنّ زيد بن الدثنة لمّا أسره المشركون ، فاجتمع رهط من قريش ليقتلوه و فيهم أبو سفيان ، قال له : أتحبّ أن تكون في أهلك ، و يكون محمّد عندنا مكانك ، فنضرب عنقه ؟ فقال : و اللّه ما أحبّ أنّ محمّدا تصيبه شوكة في مكانه الّذي فيه ، و أنا في أهلي . فتعجّب أبو سفيان ٣ .

« دفن به الضغائن » كان بين الأوس و الخزرج ضغائن من حروب كانت بينهما ، و قتلى كثيرة منهما ، فأماتها اللّه به صلى اللّه عليه و آله .

« و أطفأ به الثوائر » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( النوائر ) جمع النار ،

كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) ٤ ، و لأنّ الإطفاء إنّما ينسب إلى النار لا إلى الثار ، قال تعالى : . . . و لا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدّنيا فعند اللّه مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمنّ اللّه عليكم . . . ٥ .

« ألّف به إخوانا » قال تعالى : . . . لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألّفت بين قلوبهم و لكنّ اللّه ألّف بينهم إنّه عزيز حكيم ٦ ، . . . و اذكروا نعمة اللّه

ـــــــــــــــــ

( ١ ) المغازي للواقدي ٢ : ٨١٦ ، و فتوح البلدان للبلاذري : ٥١ .

( ٢ ) الاستيعاب لابن عبد البر ٤ : ٣٩٥ .

( ٣ ) لم أجده في الأغاني ، لكن رواه أسد الغابة لابن الأثير ٢ : ٢٣٠ .

( ٤ ) أورد ابن أبي الحديد في شرحه ٢ : ١٨٢ ، و ابن ميثم في شرحه ٢ : ٤٠١ في متن الخطبة « الثوائر » ، لكن أورده ابن ميثم عند شرح اللغات بلفظ « النوائر » .

( ٥ ) النساء : ٩٤ .

( ٦ ) الأنفال : ٦٣ .

٢٠٣

عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا و كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها . . . ١ ، إنّما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم . . . ٢ .

و قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : المؤمنون إخوة تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذمّتهم أدناهم ، و هم يد على من سواهم ٣ .

« و فرّق به أقرانا » بواسطة مخالفتهم في الدين ، فكم ابن و أخ ترك أباه و أخاه به ، و كم امرأة تركت زوجها به .

و قالوا : أتى الوليد بن المغيرة قريشا ، فقال لهم : إنّ الناس غدا يجتمعون بالموسم ، و قد فشا أمر هذا الرجل ، فيسألونكم فما تقولون لهم ؟ فقال أبو جهل : أنا أقول : إنّه مجنون . و قال أبو لهب : أنا أقول : إنّه شاعر . و قال عقبة بن أبي معيط : أنا أقول : إنّه كاهن . فقال الوليد : و أنا أقول : إنّه ساحر يفرّق بين الرجل و المرأة و بين الرجل و أخيه و أبيه ٤ .

« أعزّ به الذلّة » فكم من أذلاّء صاروا أعزّاء بالايمان به .

« و أذلّ به العزّة » و كم من جبابرة أعزّاء صاروا أذلاّء بالكفر به .

« كلامه بيان » قال تعالى فيه : و ما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى ٥ ، و لكنّ الثاني قال لمّا قال صلى اللّه عليه و آله في مرض وفاته : « ايتوني بدواة و صحيفة أكتب لكم ما لا تضلّون بعدي » : إنّ الرجل ليهجر ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) آل عمران : ١٠٣ .

( ٢ ) الحجرات : ١٠ .

( ٣ ) سنن ابن ماجه ٢ : ٨٩٥ ح ٢٦٨٣ ، ٢٦٨٥ بثلاث طرق ، و المعجم الأوسط للطبراني ، و عنه مجمع الزوائد ٦ : ٢٨٣ ، و بين الألفاظ فرق يسير .

( ٤ ) الكامل لابن الأثير ٢ : ٧١ ، و غيره .

( ٥ ) النجم : ٣ ٤ .

٢٠٤

حسبنا كتاب اللّه ١ .

و روى ( أسد الغابة ) عن ابن أبي حدرد الأسلمي ، قال : كان ليهودي عليه أربعة دراهم ، فاستعدى عليه فقال : يا محمّد إنّ لي على هذا أربعة دراهم ، و قد غلبني عليها . فقال : أعطه حقّه . قال : و الّذي بعثك بالحقّ ما أقدر عليها . قال :

أعطه حقّه . قال : و الّذي نفسي بيده ما أقدر عليها ، قد أخبرته إنّك تبعثنا إلى خيبر ، فأرجو أن تغنمنا شيئا ، فأرجع فأقضيه . قال : فاعطه حقّه . قال : و كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله إذا قال ثلاثا لا يراجع ، فخرج بابن أبي حدرد إلى السوق ، و على رأسه عصابة ، و هو متّزر ببردة ، فنزع العمامة من رأسه ، فاتّزر بها ، و نزع البردة ، فقال : اشتر منّي هذه البردة . فباعها منه بأربعة دراهم . . ٢ .

و في ( الطبقات ) جاء مجوسي إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قد أعفى شاربه ،

و أحفى لحيته ، فقال : من أمرك بهذا ؟ قال ربّي . قال : لكن ربّي أمرني أن أخفي شاربي ، و أعفي لحيتي ٣ .

« و صمته لسان » حيث إنّ تقريره صلى اللّه عليه و آله أيضا حجّة كقوله و فعله ، و في ( الطبري ) أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله عهد إلى أمرائه في فتح مكّة أن لا يقتلوا أحدا إلاّ من قاتلهم ، إلاّ أنّه قد عهد في نفر سمّاهم أمر بقتلهم ، منهم عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح ، لأنّه أسلم فارتدّ ، ففرّ إلى عثمان ، و كان أخاه من الرضاعة ، فغيّبه حتّى أتى به النبيّ صلى اللّه عليه و آله فاستأمنه له ، فذكر أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله صمت طويلا ، ثمّ قال : نعم .

فلمّا انصرف به عثمان ، قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله لمن حوله من أصحابه : أما و اللّه لقد صمتّ ليقوم إليه بعضكم ، فيضرب عنقه . فقال رجل من الأنصار : فهلاّ أو مأت .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) هذا الحديث كثير الطرق مختلف اللفظ ، أقرب الألفاظ ما في صحيح مسلم ٣ : ١٢٥٩ ح ٢١ ، و مسند أحمد ١ : ٣٥٥ ، و طبقات ابن سعد ٢ ق ٢ : ٣٧ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس .

( ٢ ) أسد الغابة لابن الأثير ٣ : ١٤٢ .

( ٣ ) الطبقات لابن سعد ١ ق ٢ : ١٤٧ .

٢٠٥

قال : إنّ النبيّ لا يقتل بالإشارة ١ .

هذا ، و يناسب كلامه عليه السّلام في وصفه صلى اللّه عليه و آله كلام أبي الفضل الهمداني في بعض ( أعيان دهره ) : له من الصدور ما ليس للفؤاد ، و من القلوب ما ليس للأولاد ، فكأنّما اشتق من جميع الأكباد ، و ولد بجميع البلاد ، سواء الحاضر فيه و الباد ، و كلّ أفعاله غرّة في ناصية الأيّام ، و زهرة في جنح الظلام .

و ذكر أعرابي رجلا ، فقال : و اللّه لكأنّ القلوب و الألسن ريّضت له ، فما تعقد إلاّ على ودّه ، و لا تنطق إلاّ بحمده .

٨

من الخطبة ( ١٠٣ ) و من خطبة له عليه السّلام :

حَتَّى بَعَثَ اَللَّهُ ؟ مُحَمَّداً ص ؟ شَهِيداً وَ بَشِيراً وَ نَذِيراً خَيْرَ اَلْبَرِيَّةِ طِفْلاً وَ أَنْجَبَهَا كَهْلاً أَطْهَرَ اَلْمُطَهَّرِينَ شِيمَةً وَ أَمْطَرُ اَلْمُسْتَمْطَرِينَ دِيمَةً « حتّى بعث اللّه محمّدا شهيدا و بشيرا و نذيرا » عن ( تفسير الواحدي ) عن الحسن عليه السّلام في قوله تعالى : و شاهد و مشهود ٢ الشاهد : النبيّ صلى اللّه عليه و آله ،

و المشهود يوم القيامة . قال تعالى : يا أيّها النبيّ إنّا أرسلناك شاهدا و مبشّرا و نذيرا ٣ ، و قال تعالى : . . . ذلك يوم مجموع له الناس و ذلك يوم مشهود ٤ .

« خير البريّة طفلا » في ( المناقب ) عن ابن عبّاس : أنّه كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله يقرب إلى الصبيان يصحبهم ، فيختلسون و يكفّ ، و يصبح الصبيان غمصا و رمصا ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٢ : ٣٣٥ سنة ٨ ، و النقل بتلخيص .

( ٢ ) البروج : ٣ .

( ٣ ) الأحزاب : ٤٥ .

( ٤ ) الوسيط للواحدي ، و هو كتاب تفسير القرآن ، و عنه كشف الغمة ٢ : ١٦٩ ، و الآية ١٠٣ من سورة هود .

٢٠٦

و يصبح صقيلا دهنيا ١ .

و عن عكرمة : كان يوضع فراش لعبد المطّلب في ظلّ الكعبة ، و لا يجلس عليه أحد إلاّ هو إجلالا له ، و كان بنوه يجلسون حوله حتّى يخرج ، فكان النبيّ صلى اللّه عليه و آله يجلس عليه ، فيأخذه أعمامه ليؤخّروه ، فقال لهم عبد المطلب : دعوا ابني ، فو اللّه إنّ له لشأنا عظيما ٢ .

و فيه : قال أبو طالب لأخيه : يا عبّاس أخبرك عن محمّد ، إنّي ضممته فلم أفارقه ساعة من ليل أو نهار ، فلم أأتمن أحدا حتّى نؤمته في فراشي ، فأمرته أن يخلع ثيابه و ينام معي ، فرأيت في وجهه الكراهية ، فقال : يا عمّاه اصرف بوجهك عنّي حتّى أخلع ثيابي ، و أدخل فراشي . فقلت له : و لم ذاك ؟ فقال : لا ينبغي لأحد أن ينظر إلى جسدي . فتعجبت من قوله و صرفت بصري عنه حتّى دخل فراشه ، فإذا دخلت أنا الفراش إذا بينه و بيني ثوب ، و اللّه ما أدخلته في فراشي فأمسه فاذا هو ألين ثوب ، ثمّ شممته كأنّه غمس في مسك ٣ .

و فيه أيضا عن أبي طالب : لم أرمنه كذبة قط ، و لا جاهلية قطّ ، و لا رأيته يضحك في غير موضع الضحك ، و لا يدخل مع الصبيان في لعب ، و لا التفت إليهم ، و كان الوحدة أحبّ إليه و التواضع ٤ .

و قال المسعودي : قال عبد اللّه أبوه فيه :

الحمد للّه الّذي أعطاني

هذا الغلام الطيّب الأردان

قد ساد في المهد على الغلمان

أعيذه بالبيت ذي الأركان

٥

ـــــــــــــــــ

( ١ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ٣٤ .

( ٢ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ٣٥ .

( ٣ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ٣٦ .

( ٤ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ٣٧ .

( ٥ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٢٧٤ ، لكن نسب البيتين إلى أبي عبد اللّه .

٢٠٧

و قال أبو طالب عمّه فيه :

و لقد عهدتك صادقا

في القول لا تتزيّد

ما زلت تنطق بالصواب

و أنت طفل أمرد

« و أنجبها كهلا » قال الجوهري : الكهل من الرجال الذي جاوز الثلاثين ١ ،

و لمّا بنت قريش الكعبة ، و تنازعوا في رفع الحجر و وضعه في محلّه ، و حكّموا النبيّ صلى اللّه عليه و آله فحكم بينهم بما ارتضوه ، قال قائل متعجّبا من انقياد شيوخ قريش لشابّ و كان يومئذ ابن خمس و ثلاثين : أما و اللات و العزّى ليفوقنّهم سبقا ،

و ليقسمنّ بينهم حظوظا و جدودا ، و ليكوننّ له بعد هذا اليوم شأن و نبأ عظيم ٢ .

و قال بعضهم : و لو لا خاصّيّة النبوّة و سرّها لما كان مثل أبي طالب و هو شيخ قريش و ذو سنّها و ذو شرفها يمدحه و هو شابّ قد ربّي في حجره ، و هو يتيمه و مكفوله و جار مجرى أولاده بمثل قوله :

و تلقوا ربيع الأبطحين محمّدا

و مثل قوله :

و أبيض يستسقى الغمام بوجهه

فإنّ مثل هذا الأسلوب من الشعر لا يمدح به التابع و الذنابي من الناس ،

و إنّما هو من مديح الملوك و العظماء .

« أطهر المطهّرين شيمة » أي : خلقا و طبيعة ، قالوا : كان صلى اللّه عليه و آله يكرم أهل الفضل في أخلاقهم ، و يتألّف أهل الشرف بالبرّ لهم ، يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على غيرهم إلاّ بما أمر اللّه ، و لا يجفو على أحد . يقبل معذرة المعتذر

ـــــــــــــــــ

( ١ ) صحاح اللغة للجوهري ٥ : ١٨١٣ مادة ( كهل ) .

( ٢ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٢٧٣ ، و الطبقات لابن سعد ١ ق ١ : ٩٤ .

٢٠٨

إليه ، و كان أكثر الناس تبسّما ما لم ينزّل عليه قرآن ، و لا يرتفع على عبيده و إمائه في مأكل و لا في ملبس ، و ما شتم أحدا بشتمه ، و لا لعن امرأة و لا خادما بلعنة ، و لا يأتيه حرّ و لا عبد أو أمة إلاّ قام معه في حاجته ١ .

« و أمطر » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( و أجود ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) ٢ .

« المستمطرين » بلفظ اسم المفعول .

« ديمة » في ( الصحاح ) الديمة : المطهر الّذي ليس فيه رعد و لا برق ، و أقلّه ثلث النهار أو ثلث الليل ، و أكثر ما بلغ من العدة . و الجمع : ديم . قال لبيد :

باتت و أسبل و اكف من ديمة

يروي الخمائل دائما تساجمها

ثمّ يشبّه به غيره . و في الحديث : « كان عمله ديمة » ٣ .

قالوا : كان صلى اللّه عليه و آله أسخى الناس لا يثبت عنده دينار و لا درهم ، فإن فضل و لم يجد من يعطيه و يجنّه الليل لم يأو إلى منزله حتّى يتبرّأ منه إلى من يحتاج إليه ، و لا يسئل شيئا إلاّ أعطاه ، ثمّ يعود إلى قوت عامه فيؤثر منه حتّى ربّما احتاج قبل انقضاء العام إن لم يأته شي‏ء ، و كان لا يجلس إليه أحد و هو يصلّي إلاّ خفّف صلاته ، و أقبل عليه ، و قال : ألك حاجة ؟ و كان يكرم من يدخل عليه حتّى ربما بسط ثوبه ، و يؤثر الداخل بالوسادة الّتي تحته ٤ .

و قال أبو طالب فيه :

و أبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامي عصمة للأرامل

ـــــــــــــــــ

( ١ ) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٤٦ ، و النقل بتقطيع .

( ٢ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٢٠٠ ، لكن في شرح ابن ميثم ٣ : ٢٣ « أمطر » أيضا .

( ٣ ) صحاح اللغة للجوهري ٥ : ١٩٢٤ مادة ( ديم ) ، و الحديث أخرجه مسلم في صحيحه ١ : ٥٤١ ح ٢١٧ ، و غيره عن عائشة .

( ٤ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ١٤٥ ، و النقل بتقطيع .

٢٠٩

يطيف به الهلاّك من آل هاشم

فهم عنده في نعمة و فواضل

٩

من الخطبة ( ٣٣ ) إِنَّ اَللَّهَ بَعَثَ ؟ مُحَمَّداً ص ؟ وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ اَلْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً وَ لاَ يَدَّعِي نُبُوَّةً فَسَاقَ اَلنَّاسَ حَتَّى بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ وَ بَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ فَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ وَ اِطْمَأَنَّتْ صَفَاتُهُمْ من الخطبة ( ١٠٢ ) و من خطبة له عليه السّلام ( و قد تقدم مختارها بخلاف هذه الرواية ) :

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى بَعَثَ ؟ مُحَمَّداً ص ؟ وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ اَلْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً وَ لاَ يَدَّعِي نُبُوَّةً وَ لاَ وَحْياً فَقَاتَلَ بِمَنْ أَطَاعَهُ مَنْ عَصَاهُ يَسُوقُهُمْ إِلَى مَنْجَاتِهِمْ وَ يُبَادِرُ بِهِمُ اَلسَّاعَةَ أَنْ تَنْزِلَ بِهِمْ .

يَحْسِرُ اَلْحَسِيرُ وَ يَقِفُ اَلْكَسِيرُ فَيُقِيمُ عَلَيْهِ حَتَّى يُلْحِقَهُ غَايَتَهُ إِلاَّ هَالِكاً لاَ خَيْرَ فِيهِ حَتَّى أَرَاهُمْ مَنْجَاتَهُمْ وَ بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ فَاسْتَدَارَتْ رَحَاهُمْ وَ اِسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ قوله عليه السّلام في الأوّل : « إنّ اللّه » هكذا في ( المصرية ) و زاد ( ابن أبي الحديد و الخطية ) ١ « سبحانه » كما في الثاني بالاتّفاق .

« فإنّ اللّه سبحانه » قوله عليه السّلام فيهما .

« بعث محمّدا صلى اللّه عليه و آله و ليس أحد من العرب يقرأ كتابا » قال تعالى : هو الّذي بعث في الأمّيين رسولا منهم . . . ٢ .

و في ( معارف ابن قتيبة ) قال الأصمعي : ذكروا أنّ قريشا سئلوا من

ـــــــــــــــــ

( ١ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١ : ١٧٦ ، و لكن لفظ ابن ميثم ٢ : ٧٢ مثل المصرية .

( ٢ ) الجمعة : ٢ .

٢١٠

أين لكم الكتاب ؟

قالوا : من أهل الحيرة . و قيل لأهل الحيرة : من أين لكم الكتاب ؟ قالوا : من الأنبار .

و روي : أنّ بشر بن عبد اللّه العبادي علّم أبا سفيان بن أمية ، و أبا قيس بن عبد مناف بن زهرة الكتاب ، فعلّما أهل مكّة .

و روى عن سهل : أنّ أوّل من كتب بالعربيّة مرامر بن مرة من أهل الأنبار ، و من الأنبار انتشرت في الناس .

و قال وهب : أوّل من خطّ بالقلم إدريس عليه السّلام ١ .

« و لا يدّعي نبوّة » و زاد في الثاني « و لا وحيا » .

و إنّما كان أمية بن أبي الصلت لرغبته عن عبادة الأوثان و قراءته كتب السلف ، يخبر أنّ نبيّا يبعث قد أظلّ زمانه ، فلمّا سمع بخروج النبيّ صلى اللّه عليه و آله كفر حسدا له ، و كان يطمع أن يكونه ٢ .

و لشياع خبر بعثته و قرب ظهوره ، سمّى قوم أبناءهم محمّدا رجاء أن يكونوه لما سمعوا أنّ اسم النبيّ الاتي محمّد ، و المسمّون هم : محمّد بن مسلمة ، و محمّد بن احيحة ، و محمّد بن برء البكري ، و محمّد بن سفيان بن مجاشع ، و محمّد بن حمران الجعفي ، و محمّد بن خزاعة السلمي ٣ . و قد وقع نظير ذلك قبله صلى اللّه عليه و آله لموسى عليه السّلام و بعده صلى اللّه عليه و آله للمهدي عليه السّلام .

و روى الطبري عن الزهري : أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم لمّا كان يعرض نفسه على القبائل في المواسم ، عرض نفسه على بني عامر ، فاشترطوا أن يكون الأمر

ـــــــــــــــــ

( ١ ) المعارف لابن قتيبة : ٥٥٢ ٥٥٣ ، و النقل بتقديم و تأخير .

( ٢ ) التهذيب للنووي ١ ق ١ ١٢٦ ، و غيره .

( ٣ ) فتح ابن سعد في الطبقات ١ ق ١ : ١١١ بابا بهذا العنوان ، و ذكر فيه من سمّي في الجاهلية بمحمّد.

٢١١

لهم بعده ، فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم : الأمر إلى اللّه . فأعرضوا عنه ، و رجعوا إلى شيخ كبير لهم ، فأخبروه خبره و نسبه ، فوضع يده على رأسه ، ثمّ قال : يا بني عامر هل من تلاف : و الّذي نفسي بيده ، و ما تقوّلها إسماعيليّ قطّ ، و إنّها لحقّ ، و أين كان رأيكم عنه ؟ ١ .

و ادّعي النبوّة كذبا بعد بعثته صلى اللّه عليه و آله و سلم جمع : مسيلمة من حنيفة ، و سجاح الّتي تزوّجها مسيلمة من بني يربوع ، و أسود بن كعب من عنس ، و طلحة بن خويلد من أسد بن خزيمة لكنّه رجع إلى الاسلام بعد ، و أمّا خالد بن سنان العبسي الّذي قالوا : أتت ابنته إلى النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم فسمعته يقرأ قل هو اللّه أحد ٢ فقالت : كان أبي يقول هذا . فغير محقّق ، و إنّ قالوا : إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله قال :

« ذلك نبيّ أضاعه قومه » ٣ .

هذا ، و في الخبر : أنّ خمسة من الأنبياء كانوا سريانيين و هم : آدم و شيث و إدريس و نوح و إبراهيم ، و خمسة منهم عبرانيين : إسحاق و يعقوب و موسى و داود و عيسى ، و خمسة منهم من العرب : هود و صالح و إسماعيل و شعيب و محمّد عليه و على آله و عليهم السلام ٤ .

قوله عليه السّلام في الأوّل : « فسّاق الناس حتّى بوّأهم » أي : مكّنهم .

« محلّتهم » التي ينبغي لهم أن يحلّوها ، و هي الإسلام ، ذاك الدين الحنيف .

قوله عليه السّلام في الثاني : « فقاتل بمن أطاعه » و هم أهل المدينة .

« من عصاه » و هم أهل مكّة و اليهود و غيرهم ، و في ( المناقب ) : لما كان بعد

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٢ : ٨٤ ، و النقل بالمعنى .

( ٢ ) الاخلاص : ١ .

( ٣ ) مروج الذهب للمسعودي ١ : ٨١ ، ٨٢ ، و أمّا حديث : « ذلك نبي أضاعه قومه » فرواه ابن سعد في الطبقات ١ ق ٢ : ٤٢ ، و المسعودي في مروج الذهب ٢ : ٢١٤ ، و الصدوق في كمال الدين : ٦٥٩ ، و غيرهم .

( ٤ ) الاختصاص للمفيد : ٢٦٤ .

٢١٢

سبعة أشهر من الهجرة نزل جبرئيل عليه السّلام بقوله : أذن للذين يقاتلون . . . ١ ،

و قلّد في عنقه سيفا ، و في رواية : لم يكن له غمد ، فقال له : حارب بهذا قومك حتّى يقولوا : لا إله إلاّ اللّه .

و عن أهل السير : أنّ جميع ما غزا النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم بنفسه ستّ و عشرون غزوة على هذا النسق : البواط ، العشيرة ، بدر الأولى ، بدر الكبرى ، السويق ، ذو امرة ، أحد ، نجران ، بنو سليم ، الأسد ، بنو النضير ، ذات الرقاع ، بدر الآخرة ،

دومة الجندل ، الخندق ، بنو قريظة ، بنو لحيان ، ذو قرد ، بنو المصطلق ،

الحديبية ، خيبر ، الفتح ، حنين ، الطائف ، تبوك ، و يلحق بها بنو قينقاع . قاتل في تسع و هي : بدر الكبرى و أحد و الخندق و بني قريظة و بني المصطلق و بني لحيان و خيبر و الفتح و حنين و الطائف .

و أمّا سراياه صلى اللّه عليه و آله فستّ و ثلاثون : أوّلها سريّة حمزة لقي أبا جهل بسيف البحر في ثلاثين من المهاجرين ، و في ذي القعدة بعث سعد بن أبي و قّاص في طلب عير ، ثمّ عبيدة بن الحارث بعد سبعة أشهر في ستين من المهاجرين نحو الجحفة إلى أبي سفيان . . . ٢ .

قوله عليه السّلام في الأوّل : « و بلّغهم منجاتهم » و في الثاني : « يسوقهم إلى منجاتهم » أي : محلّ نجاتهم ، قال تعالى : . . . عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ٣ .

« و يبادر بهم الساعة » أي : القيامة .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الحج : ٣٩ .

( ٢ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ١٨٦ ، و نقل عدد غزواته و سراياه صلى اللّه عليه و آله الواقدي في المغازي ١ : ٧ ، و ابن هشام في السيرة ٤ : ١٨٩ ، و ابن سعد في الطبقات ٢ ق ١ : ١ ، و الطبري في تاريخه ٢ : ٤٠٤ ، ٤٠٥ سنة ١٠ ، و المسعودي في مروج الذهب ٢ : ٢٨٠ ، ٢٨٢ و غيرهم ، و اختلف في تعدادها و ترتيبها اختلافا يسيرا .

( ٣ ) التوبة : ١٢٨ .

٢١٣
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثاني الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

« أن تنزل بهم » و لم يستعدّوا لها ، و في ( ارشاد المفيد ) لمّا عاد النبيّ صلى اللّه عليه و آله من تبوك إلى المدينة قدم إليه عمرو بن معديكرب ، فقال له النبيّ صلى اللّه عليه و آله : أسلم يا عمرو يؤمنك اللّه من الفزع الأكبر . قال : يا محمّد و ما الفزع الأكبر فإنّي لا أفزع ؟

فقال : يا عمرو إنّه ليس كما تظنّ و تحسب ، إنّ الناس يصاح بهم صيحة واحدة ،

فلا يبقى ميّت إلاّ نشر ، و لا حيّ إلاّ ما شاء اللّه ، ثمّ يصاح بهم صيحة أخرى ، فينشر من مات ، و يصفّون جميعا ، و ينشقّ السماء ، و تهدّ الأرض ،

و تخرّ الجبال هدّا ، و ترمي النار بمثل الجبال شررا ، فلا يبقى ذو روح إلاّ انخلع قلبه و ذكر ذنبه و شغل بنفسه ، إلاّ ما شاء اللّه . فأين أنت يا عمرو من هذا ؟ قال :

إلا إنّي أسمع أمرا عظيما . فآمن باللّه و رسوله ، و من آمن معه من قومه ناس و رجعوا إلى قومهم ١ .

« يحسر الحسير » أي : يعجز العاجز ، قال الجوهري : حسر البعير : أعيا ،

فهو حسير ٢ .

« و يقف الكسير » أي : من كسر رجله .

« فيقيم عليه » أي : على كلّ من الحسير و الكسير ، و يحسن في مثله توحيد الضمير لرجوع الحسير و الكسير إلى معنى واحد ، و هو من لم يقدر على السير المتعارف .

« حتّى يلحقه غايته » و مقصده ، و الضميران أيضا كالضمير في ( عليه ) ،

و المراد أنّه لمّا لم يكن كلّ الناس صاحب معرفة قويّة يسلم حين يدعوه ، بل كثير منهم كانوا آبين أوّلا ، يداريهم و يدعوهم مرّة بعد مرّة ، حتّى يعرفوا الحقّ بالتأمّل و يهتدوا .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الإرشاد للمفيد : ٨٤ .

( ٢ ) صحاح اللغة للجوهري ٢ : ٦٢٩ مادة ( حسر ) .

٢١٤

« إلاّ هالكا لا خير فيه . . . » و لا تفيده الدّعوة ، كالّذين قال تعالى فيهم : ولو أنّنا نزّلنا إليهم الملائكة و كلّمهم الموتى و حشرنا عليهم كلّ شي‏ء قبلا ما كانوا ليؤمنوا . . . ١ .

و منهم المستهزئون به صلى اللّه عليه و آله الّذين قال تعالى فيهم : إنّا كفيناك المستهزئين ٢ . و هم الوليد بن المغيرة ، و الأسود بن عبد يغوث ، و أبو زمعة ،

و العاص بن وائل ، و الحرث بن قيس ، و عقبة بن أبي معيط ، و الأسود بن الحرث ، و أبو أحيحة ، و النضر بن الحرث ، و الحكم بن العاص ، و عتبة ، و شيبة ،

و طعيمة بن عدي ، و الحرث بن عامر ، و أبو البحتري ، و أبو جهل ، و أبو لهب ،

و نظراؤهم ، فدلّهم النبيّ صلى اللّه عليه و آله على سبيل نجاتهم ، فأبوا إلاّ سلوك طريق الهلكة ،

و كانوا قد هدّدوه بالقتل ، فأهلكهم اللّه ، بعضهم بالقتل في غزوة بدر ، و بعضهم بأسقام و أوجاع .

قالوا : مرّ الأسود بن عبد يغوث على النبيّ صلى اللّه عليه و آله فأومأ صلى اللّه عليه و آله إلى بطنه ،

فاستسقى و مات حبنا .

و مرّ عليه أبو زمعة ، فأشار صلى اللّه عليه و آله إلى عينه ، فعمي ، و كان يضرب رأسه على الجدار حتّى هلك .

و مرّ عليه الوليد بن المغيرة ، فأومأ صلى اللّه عليه و آله إلى جرح اندمل في بطن رجله من نبل ، فتعلّقت به شوكة فنن فخدشت ساقه ، و لم يزل مريضا حتّى مات .

و خرج العاص بن وائل من بيته ، فلحقته السموم ، فلما انصرف إلى داره لم يعرفوه ، فباعدوه فمات غمّا ، و في خبر فقتلوه ، و في آخر وطأ على شبرقة فدخلت في أخمص رجله ، فقال : لدغت ، فلم يزل يحكّها حتّى مات .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الأنعام : ١١١ .

( ٢ ) الحجر : ٩٥ .

٢١٥

و مرّ عليه صلى اللّه عليه و آله الحرث فأومأ صلى اللّه عليه و آله إلى رأسه فتقيّأ قيحا ، و في خبر لدغته حيّة ، و في آخر تدهده عليه حجر من جبل فتقطّع .

و أكل الأسود بن الحارث حوتا فأصابه عطش ، فلم يزل يشرب الماء حتّي إنشقّ بطنه .

و رمى اللّه أبا لهب بالعدسة ، فتركه ابناه ثلاثا لا يدفنانه ، و كانوا يتّقون العدسة ، فقذفوا عليه الحجارة حتّى و اروه ١ .

و عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله مثل ما بعثني اللّه به من الهدى و العلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا ، فكان منها نقيّة فثبت الماء ، فأنبتت الكلأ و العشب الكثير ،

و كان منها أجادب أمسكت الماء ، فنفع اللّه بها الناس فشربوا و سقوا و زرعوا ،

و كان منها قيعان لا تمسك ماء ، و لا تنبت كلا ٢ .

و في ( الأغاني ) : نظر النبيّ صلى اللّه عليه و آله إلى زهير بن أبي سلمى ، و له مائة سنة ،

فقال : اللّهم أعذني من شيطانه . فما لاك بيتا حتّى مات ٣ .

قوله عليه السّلام في الأول و كذا الثاني : « فاستقامت قناتهم » أي : رمحهم ،

و استقامة القناة كناية عن تمكّنهم ، كقوله عليه السّلام في الثاني .

« فاستدارت رحاهم » فإنّه كناية عن نفوذ أمرهم .

١٠

من الخطبة ( ١٠٦ ) منها في ذكر النبيّ صلى اللّه عليه و آله :

اِخْتَارَهُ مِنْ شَجَرَةِ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ مِشْكَاةِ اَلضِّيَاءِ وَ ذُؤَابَةِ اَلْعَلْيَاءِ وَ سُرَّةِ ؟

ـــــــــــــــــ

( ١ ) هذا تلخيص كلام ابن شهر آشوب في مناقبه ١ : ٧٣ ٧٥ ، و أخرجه أيضا أبو نعيم بطرق في الدلائل عنه الدر المنثور ٤ : ١٠٧ ، و ابن هشام في السيرة ٢ : ٤٠ ، و رواه ابن الأثير في الكامل ٢ : ٧٠ .

( ٢ ) صحيح مسلم ٤ : ١٧٨٧ ح ١٥ ، و غيره ، و بين الألفاظ اختلاف يسير .

( ٣ ) الأغاني لأبي الفرج ١٠ : ٢٩١ .

٢١٦

اَلْبَطْحَاءِ ؟ وَ مَصَابِيحِ اَلظُّلْمَةِ وَ يَنَابِيعِ اَلْحِكْمَةِ « إختاره من شجرة الأنبياء » روى ( طبقات كاتب الواقدي ) عن ابن عباس في قوله تعالى : و تقلّبك في الساجدين ١ قال : من نبيّ إلى نبيّ و من نبيّ إلى نبيّ حتّى أخرجك نبيّا ٢ .

« و مشكاة الضياء » عن الفرّاء المشكاة : الكوّة التي ليست بنافذة .

« و ذؤابة العلياء » تستعار الذؤابة كالمشكاة للنقاوة ، قال حسّان في بئر معونة :

بني أمّ البنين ألم يرعكم

و أنتم من ذوائب أهل نجد

٣ قال الشاعر في كونه صلى اللّه عليه و آله و سلم من شجرة الأنبياء ، و مشكاة الضياء :

ورث الشرف جامعا عن جامع

و شهد له نداء نداء الصوامع

هو من مضر في سويداء قلبها

و من هاشم في سواد طرفها

و عن ابن عبّاس عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله : أنّ اللّه تعالى قسّم الخلق قسمين ،

فجعلني في خيرهما قسما ، فذلك قوله و أصحاب اليمين و أصحاب الشمال ٤ .

فأنا من أصحاب اليمين ، و أنا خير أصحاب اليمين ، ثمّ جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلثا ، فذلك قوله : و أصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة و أصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة و السابقون السابقون ٥ ، فأنا من السابقين ، و أنا خير السابقين ، ثمّ جعل الأثلاث قبائل ، فجعلني في خيرها قبيلة ، و ذلك قوله : و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند اللّه

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الشعراء : ٢١٩ .

( ٢ ) الطبقات لابن سعد ١ ق ١ : ٥ .

( ٣ ) السيرة لابن هشام ٣ : ١٠٦ .

( ٤ ) جاء ذكر أصحاب اليمين في الواقعة : ٢٧ ، ٣٨ ، ٩٠ ، ٩١ ، و المدثّر : ٣٩ ، و ذكر أصحاب الشمال في الواقعة : ٤١ .

( ٥ ) الواقعة : ٨ ١٠ .

٢١٧

أتقاكم ١ ، و أنا أتقى ولد آدم و أكرمهم على اللّه تعالى و لا فخر ، ثمّ جعل القبائل بيوتا ، فجعلني في خيرها بيتا ، فذلك قوله : إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا ٢ ، فأنا و أهل بيتي مطهرون من الذنوب ٣ .

« و سرّة البطحاء » قال المسعودي : إنّ قريشا : قريش الظواهر ، و قريش الأباطح ، و الظواهر : بنو محارب ، و الحارث بن فهر ، و بنو الادرم بن غالب بن فهر ، و بنو هصيص بن عامر بن لؤي . و البطائح : بنو عبد مناف ، و بنو عبد الدار ، و بنو عبد العزّى ، و زهرة ، و مخزوم ، و تيم ، و جمح ، و سهم ، و عدي ،

و قصي ، و الفخر للبطاح .

قال ذكوان مولى عبد الدار للضحاك الفهري :

تطاولت للضحاك حتّى رددته

إلى نسب في قومه متقاصر

فلو شاهدتني من قريش عصابة

قريش البطاح لا قريش الظواهر

و قال أبو طالب في النبيّ صلى اللّه عليه و آله :

من القوم مفضال أبيّ على العدى

تمكّن في الفرعين من آل هاشم

و كان قصيّ أبو عبد مناف هو الأصل في قريش البطاح ، و سمّي مجمّعا ،

لأنّه جمع قومه من الشعاب و الأودية و الجبال إلى مكّة ، فلمّا تركهم بمكّة ملّكوه عليهم ، فكان أوّل ولد كعب بن لؤيّ أصاب ملكا أطاعه به قومه ، و كان إليه الحجابة و السقاية و الرفادة و الندوة و اللواء ، فحاز شرف قريش كلّه ،

و قسّم مكّة أرباعا بين قومه فبنوا المساكن ، و تيمّنت قريش بأمره ، فما ينكح

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الحجرات : ١٣ .

( ٢ ) الأحزاب : ٣٣ .

( ٣ ) أخرجه الحكيم الترمذي و الطبراني و ابن مردويه و أبو نعيم و البيهقي في الدلائل عنهم الدر المنثور ٥ : ١٩٩ ، و الحسكاني في شواهد التنزيل ٢ : ٢٩ ح ٦٦٩ عن ابن عباس .

٢١٨

رجل و لا امرأة إلاّ في داره ، و كان أمره في قومه كالدين المتّبع في حياته و بعد موته .

و أمّا قول قريش للنبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم : ابن أبي كبشة . ففي ( أنساب قريش مصعب الزبيري ) : أنّ قريشا كانت تنسب النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم إلى أبي كبشة ، و حر بن غالب الخزاعي جدّ وهب أبي آمنة أمّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم لأمّه و لم يعيّروا النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم في نسبته إليه من تقصير كان فيه ، فكان سيّد قومه ، و إنّما كان أبو كبشة أوّل من عبد الشعرى لأنّها تقطع السماء عرضا بخلاف الشمس و القمر و باقي الكواكب ، و العرب تظنّ أنّ أحدا لا يعمل شيئا إلاّ بعرق ينزعه ،

فلمّا خالف النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم دين قريش قالت قريش : نزعه أبو كبشة ١ .

هذا ، و قالوا : يكون موضعا آخران مسمّيان بالبطحاء غير بطحاء مكّة :

أحدهما : بطحاء الجزيرة ، و ثانيهما : بطحاء ذي قار .

و قالوا : رأى قرشي رجلا له هيئة رثّة فسأل عنه ، فقالوا : من تغلب .

فوقف عليه و هو يطوف بالبيت ، فقال له : أرى رجلين قلّما وطئتا البطحاء . فقال الرجل : البطحاوات ثلاث : بطحاء الجزيرة و هي لي دونك ، و بطحاء ذي قار ،

و أنا أحقّ بها منك ، و هذه البطحاء ، و سواء العاكف فيه و الباد ٢ .

هذا ، و في ( سيرة ابن هشام ) عن الزهري : لمّا وفد الأشعث بن قيس على النبيّ صلى اللّه عليه و آله قال : يا رسول اللّه نحن بنو آكل المرار كان من ولده من قبل النساء و أنت ابن آكل المرار . قال : فتبسّم النبيّ صلى اللّه عليه و آله و قال : ناسبوا بهذا النسب العبّاس بن عبد المطلب و ربيعة بن الحارث و كان العبّاس و ربيعة رجلين تاجرين ، و كانا إذا شاعا في بعض العرب فسئلا ممّن هما قالا : نحن بنو

ـــــــــــــــــ

( ١ ) نسب قريش للزبيري : ٢٦١ و النقل بالمعنى .

( ٢ ) معجم البلدان للحموي ١ : ٤٤٦ ، و المشترك و المفترق : ٥٩ ، و الآية ٢٥ من سورة الحجّ .

٢١٩

آكل المرار يتعزّزان بذلك ، و ذلك أنّ كندة كانوا ملوكا ثمّ قال لهم : لا ، بل نحن النضر بن كنانة ، لا نقفو أمّنا ، و لا ننتفي من أبينا ١ .

« و مصابيح الظلمة » أي : اختاره منها .

« و ينابيع الحكمة » أي : الأنبياء و الحكماء الّذين كانوا آباءه صلى اللّه عليه و آله و سلم .

١١

من الخطبة ( ١٤٩ ) و من خطبة له عليه السّلام :

وَ أَسْتَعِينُهُ عَلَى مَدَاحِرِ اَلشَّيْطَانِ وَ مَزَاجِرِهِ وَ اَلاِعْتِصَامِ مِنْ حَبَائِلِهِ وَ مَخَاتِلِهِ وَ أَشْهَدُ أَنَّ ؟ مُحَمَّداً ؟ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ نَجِيبُهُ وَ صَفْوَتُهُ لاَ يُؤَازَى فَضْلُهُ وَ لاَ يُجْبَرُ فَقْدُهُ أَضَاءَتْ بِهِ اَلْبِلاَدُ بَعْدَ اَلضَّلاَلَةِ اَلْمُظْلِمَةِ وَ اَلْجَهَالَةِ اَلْغَالِبَةِ وَ اَلْجَفْوَةِ اَلْجَافِيَةِ وَ اَلنَّاسُ يَسْتَحِلُّونَ اَلْحَرِيمَ وَ يَسْتَذِلُّونَ اَلْحَكِيمَ يَحْيَوْنَ عَلَى فَتْرَةٍ وَ يَمُوتُونَ عَلَى كَفْرَةٍ « و استعينه على مداحر » أي : ما يوجب الطرد و الإبعاد ، قال تعالى :

اخرج منها مذؤوما مدحورا . . . ٢ .

« الشيطان و مزاجره » أي : ما يوجب منعه ، و مداحر الشيطان و مزاجره :

العبادات و الطاعات ، من الصلاة و الصيام و باقي القربات .

قال الصادق عليه السّلام : إنّ العبد إذا سجد فأطال السجود نادى إبليس يا ويلاه أطاع و عصيت ، و سجد و أبيت ٣ .

و قال النبيّ لأصحابه : ألا أخبركم بشي‏ء إن أنتم فعلتموه تباعد

ـــــــــــــــــ

( ١ ) سيرة ابن هشام ٤ : ١٧٢ و غيره .

( ٢ ) الأعراف : ١٨ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٣ : ٢٦٤ ح ٢ ، و المحاسن للبرقي ١٨ ح ٥٠ ، و الفقيه للصدوق ١ : ١٣٦ ح ١٧ ، و ثواب الأعمال : ٥٦ ح ١ عن الصادق عليه السّلام ، و دعائم الإسلام للقاضي النعمان ١ : ١٣٦ عن علي عليه السّلام ، و المقنع للصدوق : ٤٥ بلا عزو .

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363