مرآة العقول الجزء ١٧

مرآة العقول14%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 417

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 28983 / تحميل: 5240
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

بيان :

قوله : « أقرب إليه من حبل الوريد » مشعر بأنّ قربه قرب بالعلّيّة والتأثير ؛ إذ الوريد عرق في صفحة العنق بقطعه تزول الحياة. وفيما بعده إشارة إلى قربه من جهة الإحاطة العلميّة.

ومنها : ما روي عن محمّد بن عبد الله الخراساني خادم الرضاعليه‌السلام قال : دخل رجل من الزنادقة على الرضاعليه‌السلام وعنده جماعة ، فقال له أبو الحسنعليه‌السلام : « أرأيت إن كان القول قولكم ـ وليس هو كما تقولون ـ ألسنا وإيّاكم شرعا سواء ، ولا يضرّنا ما صلّينا وصمنا وزكّينا وأقررنا؟ » فسكت ، فقال أبو الحسنعليه‌السلام : « إن يكن القول قولنا ـ وهو قولنا وكما نقول ـ ألستم قد هلكتم ونجونا؟ ».

قال : رحمك الله فأوجد لي كيف هو؟ وأين هو؟ قال : « ويلك إنّ الذي ذهبت إليه غلط ، وهو أيّن الأين ، وكان ولا أين ، هو كيّف الكيف ، وكان ولا كيف ، ولا يعرف بكيفوفيّة ولا بأينونيّة ، ولا يدرك بحاسّة ، ولا يقاس بشيء ».

قال الرجل : فإذا إنّه لا شيء إذا لم يدرك بحاسّة من الحواسّ ، فقال أبو الحسنعليه‌السلام : « ويلك لمّا عجزت حواسّك عن إدراكه أنكرت ربوبيّته ، ونحن إذا عجزت حواسّنا عن إدراكه أيقنّا أنّه ربّنا ، وأنّه شيء بخلاف الأشياء ».(١)

فساق الحديث على وجه يدلّ على أنّه لا يخلو عنه فرش ولا عرش ولا برّ ولا بحر ، فلا أرض ولا ماء ولا نار ولا هواء ولا كرسيّ ولا سماء ولا غير من الأشياء ، داخل في الأشياء لا كشيء في شيء ، خارج من الأشياء لا كشيء من شيء خارج.

__________________

٤ ؛ « أمالي الصدوق » : ٤٩٣ ـ ٤٩٤ / ٤ ؛ « علل الشرائع » ٢ : ٤٠٣ ـ ٤٠٤ / ٤ ؛ « الفقيه » ٢ : ١٦٢ ـ ١٦٣ / ٣٢ ؛ « الإرشاد » ٢ : ١٩٩ ـ ٢٠١ ؛ « كنز الفوائد » ٢ : ٧٥ ـ ٧٦.

(١) « الكافي » ١ : ٧٨ ـ ٨٠ باب حدوث العالم ح ٣ ؛ « التوحيد » : ٢٥٠ ـ ٢٥٢ ، الباب ٣٦ ، ح ٣ ؛ « عيون أخبار الرضا » ١ : ١٣١ ـ ١٣٢ ، الباب ١١ ، ح ٢٨ ؛ « الاحتجاج » ٢ : ٣٥٤ ـ ٣٥٦ ، احتجاجات الإمام الرضا ، ح ٢٨١.

٤١

ووردت أخبار أخر دالّة على وجود صانع موصوف بصفات الكمال. وذكرها يوجب التطويل والكلال.

وبالجملة ، فثبت بالدليل العقليّ والنقليّ في هذا الفصل ـ الذي هو الفصل الأوّل من الأصل الأوّل ـ أنّ للعالم صانعا واجب الوجود بالذات.

وصل :

هذا الاعتقاد من أصول الدين ، فمن أنكره كان من الكافرين ، ومن عرفه وأقرّ به كان في الجملة من المؤمنين ، ومن اعترف به عند الآخرين وأنكره عند الأوّلين كان من المنافقين والمذبذبين ، ومن لا يعرفه ولا يعانده كان من المستضعفين ، ومن أنكر بعض لوازمه ممّا سيأتي كان من المخالفين ، ويترتّب على كلّ فرقة حكمهم ممّا شطر في فروع الدين من الطهارة والنجاسة وقبول الشهادة ونحو ذلك من أحكام الدين.

٤٢

( الفصل الثاني ) في الاعتقاد الثاني :

[ في صفاته تعالى ]

وهو أنّ الصانع الواجب الوجود بالذات صاحب الصفات لا نائب الصفات ، فلا بدّ أوّلا من بيان( في صفاته تعالى ).

اعلم أنّ صفات واجب الوجود بالذات على قسمين : ثبوتيّة لا يعتبر في مفهومها السلب ، وسلبيّة يعتبر في مفهومها السلب ، ويقال لها : صفات النقص والجلال.

والثبوتيّة على قسمين : حقيقيّة لا يعتبر في مفهومها السلب والإضافة إلى الغير وإن أمكن عروض الإضافة لبعضها ، ويقال لها : صفات الذات والكمال ، وإضافيّة يقال لها : صفات الفعل والجمال.

والفرق بين صفات الذات وصفات الفعل ـ التي تكون ثابتة لله في مقام الفعل لا في مقام الذات ، بمعنى كون الفعل جهة تعليليّة للثبوت لا تقييديّة كما في التميز ليلزم أن يكون الفعل موصوفا بحسب الواقع كما في الصفات التي تكون بحسب متعلّق الموصوف والمسند السببيّ ـ أنّ صفات الذات ما يكون ثابتا للذات ، ولا يمكن إثباته وإثبات نقيضه له ولو بالاعتبارين كالقدرة والعلم ؛ إذ لا يمكن أن يقال : إنّه قادر ليس بقادر ، وعالم وليس بعالم. وتوهّم إمكان النفي بالنسبة إلى الممتنع من باب كون السالبة بانتفاء الموضوع فاسد ؛ لعدم كون الممتنع قابلا لأن يكون متعلّق القدرة وهو على حاله معلوم ، وصفات الفعل ما يكون ثابتا للذات ، ويمكن إثباته مع نقيضه لها بالاعتبارين كالخالقيّة المثبتة بالنسبة إلى الموجود ، المنفيّة بالنسبة إلى المعدوم.

٤٣

وتوهّم لزوم(١) كون العدل من صفات الذات ؛ لامتناع إثبات نقيضه لله تعالى مع أنّهم حكموا بأنّه كمال الواجب بالذات في الأفعال كما أنّ التوحيد كماله في الذات فاسد ؛ لإمكان نفي العدل بإثبات الفضل لا الجور بالمنع في صورة الاستحقاق ، أو الإعطاء مع عدم الاستعداد في حقّه تعالى ؛ ولهذا يقال : ربّنا عاملنا بفضلك ولا تعاملنا بعدلك.

والإيراد بأنّ سياق الكلام يقتضي إثبات الصفات السلبيّة مع أنّها منفيّة مدفوع بأنّ المراد بيانها لا إثباتها ، أو المراد بالنسبة إلى السلبيّة إثبات سلبها أو إثباتها على طريق المعدولة بأن يقال : إنّه تعالى لا مركّب ولا جسم ولا نحوهما ، أو بحمل الصفات على الثبوتيّة وكون ذكر السلبيّة بالتبع.

وكيف كان ، فأشرف الصفات الصفات الثبوتيّة الحقيقيّة ـ التي هي عين الذات وكمالها ، بمعنى أنّها ثابتة للذات على وجه العينيّة من غير أن تكون الذات نائبة عنها ؛ لما سيأتي ، أو تكون زائدة عنها كما سنبيّن إن شاء الله تعالى ـ وهي ثمان صفات بعدد أبواب الجنان وإن كان أصولها ثلاثة : القدرة ، والعلم ، والحياة بكون ما عداها راجعة إليها ، وكونها من شعبها ككون الإرادة ـ بمعنى العلم بالمصلحة المقتضية لمشيئة الفعل ، وبالمفسدة المقتضية لمشيئة الترك ـ من شعب مطلق العلم ، وكذا السمع والبصر ، وكون الكلام ـ بمعنى القدرة على إيجاد ما يدلّ على المراد لا نفس الإيجاد أو ما يدل على المراد ـ من شعب القدرة ، وكذا الصدق ، وكون القدم والأزليّة والأبديّة والسرمديّة من شعب الحياة التي ، هي عين الذات.

وتوهّم (٢) لزوم التكثّر في ذات الله ؛ لتعدّد الصفات العينيّةمدفوع : بأنّ التعدّد باعتبار الآثار ، لا باعتبار نفس الذات التي تنسب إليها الوحدة من جميع الجهات ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) يظهر هذا اللزوم من كلام الصدوقرحمه‌الله حيث عدّ العدل من صفات الذات. انظر « التوحيد » : ١٤٨ باب صفات الذات وصفات الأفعال ، ذيل ح ١٩.

(٢) انظر « المطالب العالية » ٣ : ٢٢٦.

٤٤

وبالجملة ، ففي هذا الفصل مطالب :

المطلب الأوّل :

في بيان الصفات الثبوتيّة الحقيقيّة التي تسمّى صفات الذات وصفات الكمال. وفي هذا المطلب مسائل :

المسألة الأولى : في القدرة

ولا بدّ قبل الشروع في إثباتها له تعالى على وجه العينيّة ونفي القول بعدمها أو كون الذات نائبة عنها أو كونها زائدة عنها من رسم مقدّمتين :

[ المقدّمة ] الأولى : في تعريف القدرة والإيجاب ، وتقسيمهما ، وبيان محلّ الكلام.

اعلم أنّ القدرة قد تفسّر(١) بأمر يؤثّر على وفق الإرادة والقصد والشعور. وقد تفسّر بصفة تكون مبدأ لأفعال مختلفة على خلاف المزاج والطبيعة. وبينهما عموم من وجه ؛ لتصادقهما في القوّة الحيوانيّة ، وتحقّق الأوّل بدون الثاني في النفس الفلكيّة ، والعكس في النباتيّة. وقد تفسّر بأنّها ما يصحّ به من الفاعل الفعل وتركه.

وقال الخفري : « للفلاسفة في تفسير القدرة عبارتان : إحداهما : صحّة صدور

__________________

(١) لمزيد المعرفة حول أقوال الفلاسفة والمتكلّمين في تعريف القدرة انظر « الشفاء » الإلهيّات : ١٧٢ ـ ١٧٣ ؛ « التحصيل » ٤٧٢ ـ ٤٧٣ ؛ « شرح الأصول الخمسة » : ١٥١ ؛ « الأربعين » ١ : ١٧٤ ؛ « المطالب العالية » ٣ : ٩ ـ ١٢ ؛ « المباحث المشرقية » ١ : ٥٠٢ ـ ٥٠٥ ؛ « نقد المحصّل » : ٢٦٩ ؛ « مناهج اليقين » : ٧٥ ؛ « نهاية المرام » ٢ : ٢٣٨ ـ ٢٤٠ ؛ « التعريفات » للجرجانيّ : ٢٢١ ، الرقم ١١٢٥ ؛ « اللوامع الإلهيّة » : ٥٣ ؛ « شرح تجريد العقائد » للقوشجي : ٢٧٣ ؛ « كشّاف اصطلاحات الفنون » ٢ : ١٣٠٢ ـ ١٣٠٣.

٤٥

الفعل ولا صدوره ، وأرادوا منها إمكان الصدور واللاصدور بالنسبة إلى الفاعل من حيث هو فاعل. والثانية : كون الفاعل بحيث إن شاء فعل ، وإن لم يشأ لم يفعل. والتلازم بين معنييهما ظاهر ، فمعناهما متّفق عليه بين الفريقين »(١) .

أقول : والأولى أن يقال : إنّ القدرة تطلق على معنيين :

الأوّل : التمكّن على الفعل والترك وكون الشيء بحيث إن شاء فعل وإن شاء ترك.

الثاني : منشأ التمكّن المذكور سواء كان ذاتا كما في الواجب أو عرضا كما في الممكن.

والإيجاب يمكن كونه مصدرا مبنيّا للفاعل بمعنى الموجبيّة وكون الفاعل موجبا بصيغة الفاعل ، ويمكن كونه مبنيّا للمفعول بمعنى الموجبيّة وكون الفاعل موجبا بصيغة المفعول بكونه مصدرا للفعل من غير قدرة واختيار ، كإضاءة النور وإحراق النار ونحوهما ممّا يكون على وجه الاضطرار ، فيكون كلفظ « المضطرّ » بخلاف الأوّل ؛ فإنّه يطلق على فاعل يجب فعله بقدرته واختياره ، فلا يلزم الاضطرار ؛ فإنّ الإيجاب بالاختيار لا ينافي الاختيار كما في الأفعال التوليديّة للمختار.

فالقدرةقد تكون مؤثّرة بالنسبة إلى طرفي الفعل والترك ، بمعنى أنّ الفاعل شاء الترك فترك وشاء الفعل ففعل ، حتّى بالنسبة إلى قدرة الله تعالى إمّا باعتبار كونها زائدة على الذات ومنفكّة عنها وقتا ما ، كما يقول الأشاعرة ،(٢) أو باعتبار تأثيرها في المشيّة الزائدة على الذات الموجبة لوجود الممكنات على وجه التأخّر بالإرادة ليتحقّق طرفا القدرة ، كما يقول المحقّقون من المتكلّمين.(٣)

وقد تكون مؤثّرة بالنسبة إلى الفعل خاصّة ، كما في قدرة الله عند الحكماء ،(٤)

__________________

(١) « حاشية الخفري على إلهيات شرح القوشجي » الورقة ٣ ـ ٤ ، مخطوط.

(٢) « الشفاء » الإلهيات : ١٧٠ ـ ١٨٥ ؛ « التعليقات » : ١٩ ـ ٢٠ ؛ « التحصيل » : ٣٨٢ ـ ٣٨٤ ؛ « نقد المحصّل » :

(٣) « الشفاء » الإلهيات : ١٧٠ ـ ١٨٥ ؛ « التعليقات » : ١٩ ـ ٢٠ ؛ « التحصيل » : ٣٨٢ ـ ٣٨٤ ؛ « نقد المحصّل » :

(٤) « الشفاء » الإلهيات : ١٧٠ ـ ١٨٥ ؛ « التعليقات » : ١٩ ـ ٢٠ ؛ « التحصيل » : ٣٨٢ ـ ٣٨٤ ؛ « نقد المحصّل » :

٤٦

بمعنى وجوب صدور الفعل عنه دائما مع صحّة صدور الفعل والترك عنه بالنظر إلى ذاته مع قطع النظر عن الإرادة.

والإيجاب أيضا على قسمين : إيجاب بمعنى الاضطرار ، وإيجاب على وجه الاختيار.

ويتصوّر النزاع بالنسبة إلى القدرة والإيجاب المذكورين في مقامات :

الأوّل : أنّ صدور الفعل عن الله تعالى هل هو على وجه الإيجاب بمعنى الموجبيّة ـ بالفتح ـ أم لا ، بل على وجه القدرة بمعنى صحّة صدور الفعل ولا صدوره بالنظر إلى ذاته تعالى؟

فالأوّل محكيّ عن بعض الحكماء(١) على ما هو بخيالي ، بل ظاهر كلام الشارح القوشجي كونه مذهب الفلاسفة قاطبة.(٢) ولكن قال الفاضل اللاهيجي : لا نزاع لأحد في صحّة صدور الفعل والترك عنه بالنظر إلى ذاته تعالى مع قطع النظر عن الإرادة.(٣) واحتمل حمل كلام الشارح على الإيجاب للقابل للصحّة بمعنى الإمكان الوقوعي. والثاني مذهب المحقّقين من الحكماء والمتكلّمين.(٤)

__________________

٢٦٩ ـ ٢٧٧ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ٤٩ ـ ٥٣ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٨٩ ـ ٩٥ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٧٣ ؛ « الأسفار الأربعة » ٤ : ١١١ ـ ١١٣ ؛ « المبدأ والمعاد » لملاّ صدرا : ١٣٠ ـ ١٣٥ ؛ « شوارق الإلهام » ٢ : ٤٣٩ ـ ٤٤٣.

(١) قال الفاضل المقداد بانتشار انتساب هذا القول إلى الفلاسفة بين المتكلّمين ، ثمّ ذكر أنّ « المحقّقين ينفون صحّة هذا النقل عنهم ». انظر « إرشاد الطالبين » : ١٨٣.

(٢) ذكر الشارح القوشجي كلمة « الإيجاب » واحتمل أن تكون كلمة « الموجب » بالفتح والكسر كليهما. انظر « شرح تجريد العقائد » : ٣١٠.

(٣) « شوارق الإلهام » ٢ : ٥٠٠.

(٤) للاطّلاع على محلّ النزاع في المسألة انظر « الشفاء » الإلهيات : ١٧٢ ـ ١٧٣ ؛ « التعليقات » : ١٩ ـ ٢٠ ؛ « شرح الأصول الخمسة » : ١٥١ ؛ « المطالب العالية » ٣ : ٧٧ ـ ١٠٠ ؛ « المباحث المشرقية » ٢ : ٥١٧ ـ ٥١٨ ؛ « المحصّل » : ٣٧٢ ؛ « نقد المحصّل » : ١٦٣ ـ ١٦٥ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ١٣٢ ـ ١٣٧ ؛ « مناهج اليقين » : ١٦٠ ـ ١٦١ ؛ « أنوار الملكوت » : ٦١ ـ ٦٤ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ٤٩ ـ ٥١ ؛ « اللوامع الإلهية » : ١١٨ ؛ « إرشاد الطالبين » : ١٨٢ ـ ١٨٧ ؛ « الأسفار الأربعة » ٣ : ١٠ ـ ١٥ ؛ « شوارق الإلهام » ٢ : ٥٠٠ ـ ٥٠٣.

٤٧

الثاني : أنّه هل يجب عليه تعالى فعل في الجملة أم لا؟(١) قولان : الأوّل : مذهب الحكماء والمحقّقين من المتكلّمين. والثاني : مذهب الأشاعرة.

والثالث : أنّه هل يجب عليه تعالى الفعل دائما بسبب كونه مستندا إلى قدرته وإرادته التي هي عين الذات الموجب لكونه تعالى بالنظر إلى الإرادة المذكورة علّة تامّة يمتنع تخلّف المعلول عنها ، أو يجب في وقت متأخّر مقارن للمشيئة؟ قولان : الأوّل : مذهب الحكماء. والثاني : مذهب غيرهم.

[ المقدّمة ] الثانية : في بيان القدم والحدوث

اعلم أنّ الحدوث عبارة عن مسبوقيّة الوجود بالعدم المطلق. والقدم عبارة عن عدم مسبوقيّة الوجود بالعدم المطلق.

والقديم ـ الذي هو عبارة عن الموجود غير المسبوق بالعدم المطلق ـ منحصر في الواجب تعالى ، وجميع الممكنات حادثة مسبوقة بالعدم المطلق ، وإلاّ لكانت موجودة مع قطع النظر عن الغير ؛ إذ لو لم تكن كذلك لم تكن موجودة على الإطلاق ؛ لأنّ الموجود المطلق ما كان موجودا على جميع التقادير ، فلو لم تكن مع قطع النظر عن الغير موجودة لكانت معدومة ، فحينئذ يكون وجودها من الغير لا محالة ؛ إذ الذاتي لا يختلف ولا يتخلّف ، فذلك الوجود مسبوق بالعدم ، وإلاّ لم يكن قبوله من الغير ممكنا ؛ لامتناع تحصيل الحاصل ، وقد بيّنّا أنّ قبوله من الغير ممكن ، فيكون وجودها مسبوقا بالعدم المطلق ، وهو معنى الحدوث كما مرّ ، فجميع الممكنات حادثة بالحدوث الذاتي ، وهو المطلوب مع أنّه لا نزاع في ثبوته للممكنات ؛ فإنّ

__________________

(١) للاطّلاع على محلّ النزاع في المسألة انظر « الشفاء » الإلهيات : ١٧٢ ـ ١٧٣ ؛ « التعليقات » : ١٩ ـ ٢٠ ؛ « شرح الأصول الخمسة » : ١٥١ ؛ « المطالب العالية » ٣ : ٧٧ ـ ١٠٠ ؛ « المباحث المشرقية » ٢ : ٥١٧ ـ ٥١٨ ؛ « المحصّل » : ٣٧٢ ؛ « نقد المحصّل » : ١٦٣ ـ ١٦٥ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ١٣٢ ـ ١٣٧ ؛ « مناهج اليقين » : ١٦٠ ـ ١٦١ ؛ « أنوار الملكوت » : ٦١ ـ ٦٤ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ٤٩ ـ ٥١ ؛ « اللوامع الإلهية » : ١١٨ ؛ « إرشاد الطالبين » : ١٨٢ ـ ١٨٧ ؛ « الأسفار الأربعة » ٣ : ١٠ ـ ١٥ ؛ « شوارق الإلهام » ٢ : ٥٠٠ ـ ٥٠٣.

٤٨

الحكماء(١) أيضا قائلون به ، فإنّهم أيضا يقولون(٢) بصحّة صدور الفعل والترك عن الواجب بالنظر إلى ذاته مع قطع النظر عن الإرادة وإن قالوا بوجوب الفعل عنه بالنظر إلى إرادته القديمة التي هي عين ذاته ، فيكون موجبا ـ بكسر الجيم ـ لا موجبا ـ بفتح الجيم ـ كما نسب إلى الفلاسفة ،(٣) فإنّي لم أقف على قائل به ، وليس الأوّل منافيا لقدرته تعالى ؛ إذ الوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار ، فهم يقولون بدوام الفعل وقدم الأثر بسبب الإرادة القديمة ومسبوقيّة الوجود بالعدم بالنظر إلى ذات الممكنات ؛ فإنّ العلّة التي تحتاج إليها الممكنات متقدّمة عليها بالذات وهي متأخّرة عنها بالذات وإن لم تتأخّر عنها بالزمان ، فلها بالنسبة إلى ذات العلّة عدم ، فيكون وجودها مسبوقا بالعدم الذاتي وهو المعنيّ من الحدوث الذاتي.

ولكن يرد عليهم أنّ ما ذكر عين القول بكونه موجبا بفتح الجيم لأنّهم يقولون بامتناع تخلّف المعلولات عن الواجب تعالى بعد انضمام الإرادة ، والإرادة عين الذات ، فيلزم امتناع التخلّف عن الذات ، وملاحظة الذات بدون الإرادة من قبيل سلب الشيء عن نفسه ، وليس ذلك أمرا واقعيّا ، بل هو أمر اعتباريّ محض ، فيلزم كونه تعالى مختارا فرضيّا اعتباريّا لا حقيقيّا ، فيلزم النقص اللازم على القائل بكونه تعالى موجبا بفتح الجيم.

فالتحقيق أنّ الإرادة التي هي عين ذاته تعالى عبارة عن العلم بالمصلحة الذاتيّة أو

__________________

(١) « الجمع بين رأيي الحكيمين » : ١٠٠ ـ ١٠٤ ؛ « الشفاء » الإلهيات : ٢٦٤ ـ ٢٦٨ ؛ « النجاة » : ٢٢٣ ؛ « التعليقات » : ٨٥ ؛ « المطالب العالية » ٤ : ٣١٨ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ١٢١ ـ ١٣٨ ؛ « الأسفار الأربعة » ٣ : ١٦٠ ـ ١٦٢ ؛ « شوارق الإلهام » : ٩٦.

(٢) انظر التعليقة ٤ في الصفحة ٤٧.

(٣) هذه النسبة مشهورة بين المتكلّمين وإن لم يصرّح بها بعضهم. انظر « شرح الأصول الخمسة » : ١٥١ ـ ١٥٦ ؛ « المحصّل » : ٣٧٢ ـ ٣٨٢ ؛ « المطالب العالية » ٣ : ٧٧ ؛ « الأربعين » ١ : ١٧٤ ـ ١٨٧ ؛ « مناهج اليقين » : ١٦٠ ـ ١٦٢ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ٤٩ ـ ٥٩ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٨٩ ـ ١٠٠ ؛ « اللوامع الإلهيّة » : ١١٨ ؛ « إرشاد الطالبين » : ١٨٢ ـ ١٨٧ ؛ « مفتاح الباب الحادي عشر » : ٩٩ ـ ١٠٥ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٣١٠ ؛ « شوارق الإلهام » ٢ : ٥٠٠ ـ ٥٠٣.

٤٩

العرضيّة ، أو المفسدة كذلك المقتضي لمشيئة الفعل أو الترك ، بمعنى كونه منشأ لصدور الفعل أو الترك بعد المشيئة مع القصد والشعور بسبب العلم المذكور ، وأنّه ممّا تنشأ منه المشيئة بمقتضى المصلحة أو المفسدة فإذا حصلت المشيئة ، حصل الفعل أو الترك ، فالمشيئة حادثة خارجة عن الذات تحدث بحدوثها على وفقها الممكنات ، فلا يكون حدوث الممكنات ـ ولو بعد انضمام الإرادة بالمعنى المذكور ـ لازما.

ولعلّهم جعلوا الإرادة بمعنى المشيئة ، ولكن لا يخفى أنّها بهذا المعنى أمر معنويّ لا يمكن أن تكون عين الذات للممكن ، فكيف الواجب تعالى.

وبالجملة ، فالكلام في أمرين آخرين :

[ الأمر ] الأوّل : أنّ تقدّم عدم الممكنات على وجودها تقدّم ذاتيّ كتقدّم بعض أجزاء الزمان على بعض كما عن المتكلّمين ،(١) أم ليس كذلك كما عن الحكماء(٢) بناء على أنّ تقدّم أجزاء الزمان أيضا زمانيّ والتقدّم الزمانيّ مطلقا مستلزم للزمان ، فيلزم أن يكون قبل وجود العالم زمان ، بل وحركة أيضا ؛ إذ منشأ عدم اجتماع المتأخّر مع المتقدّم في الوجود ، المعتبر في التقدّم الزماني عدم كونهما ممّا هو قارّ الذات وهو مخصوص بالزمان والحركة ، فيلزم تقدّم الحركة والزمان على العالم ، وهو بديهيّ البطلان.

والقول(٣) بأنّ تقدّم عدم الممكنات على وجودها تقدّم بالذات فاسد ؛ لأنّ التقدّم بالذات عندهم عبارة عن التقدّم بالعلّيّة ، وكيف يمكن كون عدمها علّة تامّة لوجودها!؟ فمرادهم أنّ العدم المقدّم على الوجود عدم ذاتيّ لا أنّ تقدّم ذلك العدم

__________________

(١) « الأربعين » ١ : ٢٥ ـ ٢٧ ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٢٢٧ ـ ٢٣٠ ؛ « المحصّل » : ٢١٥ ؛ « المطالب العالية » ٤ : ١٣ ـ ١٨ ؛ « نهاية المرام » ١ : ٢١٧ ـ ٢٢٤ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ١٩ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٤١ ـ ٤٥ ؛ « شوارق الإلهام » ١ : ١٠٠.

(٢) انظر « الشفاء » الإلهيّات : ٢٦٦ ؛ « النجاة » : ٢٢٢ ؛ « التحصيل » : ٥٢٤ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ٨٢ ؛ « الأسفار الأربعة » ٣ : ٢٤٤.

(٣) تعريض بالحكماء. انظر « الحاشية على حاشية الخفري » للخوانساريّ : ١٠٠.

٥٠

تقدّم ذاتيّ.

وعن ظاهر كلام بعضهم(١) أنّ تقدّم العدم على الوجود تقدّم بالطبع ، لتوقّف الوجود الغيري على العدم كما مرّ من غير أن يكون العدم علّة للوجود كما تقدّم.

وفي الكلّ نظر سيظهر.

[ الأمر ] الثاني : أنّ العالم حادث بالحدوث الزائد عن الذاتي أيضا ، أم لا؟ فإنّ القدم على قسمين : حقيقيّ ، وإضافيّ. والحدوث أيضا على قسمين : ذاتيّ ، وزمانيّ حقيقيّ أو حكميّ كحدوث الزمان والزمانيّ. وقد وقع الخلاف فيما هو فوق الحدوث الذاتيّ وزائد عنه ، فأنكره الفلاسفة(٢) وأثبته المتكلّمون ،(٣) بل قاطبة الملّيّين على وفق قولهعليه‌السلام : « كان الله ولم يكن معه شيء »(٤) واختلف المتكلّمون في التعبير عنه ، فقيل :(٥) إنّ العالم حادث بالحدوث الزماني بالزمان الموهوم ، بمعنى أنّ وجود الممكنات ـ حتّى الزمان ـ مسبوق بالعدم الزماني ، ومحلّه الجواهر العقليّة ونحوها ، ولكن يكفي في كون عدم الزمان ونحوه في زمان الزمان الموهوم ، وهو ما ينتزع من استمرار وجود الواجب من أمر ممتدّ على سبيل التجدّد والتقضّي كانتزاع الحركة التوسّطيّة من القطعيّة ، والزمان من الآن السيّال ، وهو مختار مولانا جمال الدين الخوانساري.(٦)

وعن الميرزا إبراهيم بن صدر الدين الشيرازيّ(٧) أنّ العالم حادث بالحدوث الزماني بالزمان المنتزع ، بمعنى أنّه إذا كان زمان وجود العالم متناهيا في جانب البداءة

__________________

(١) « شوارق الإلهام » ١ : ١٠٠ ؛ « الحاشية على حاشية الخفري » للخوانساريّ : ٩٩ ـ ١٠٠.

(٢) « الأسفار الأربعة » ٣ : ٢٤٤ ـ ٢٥٥ ؛ « شوارق الإلهام » ١ : ٩٦ وما بعدها.

(٣) « الأسفار الأربعة » ٣ : ٢٤٤ ـ ٢٥٥ ؛ « شوارق الإلهام » ١ : ٩٦ وما بعدها.

(٤) انظر « التوحيد » : ٥٩ / ١٧ باب التوحيد ونفي التشبيه ؛ « بحار الأنوار » ٥٤ : ١٦٨ / ١١٠ ؛ « صحيح البخاري » ٣ : ١١٦٦ / ٣٠١٩ من كتاب بدء الخلق ؛ « المعجم الكبير » ١٨ : ٢٠٣ / ٤١٧.

(٥) انظر الهامش الأوّل من الصفحة المتقدّمة.

(٦) انظر « الحاشية على حاشية الخفري على شرح التجريد » للخوانساريّ : ٩٩ ـ ١٠٠.

(٧) نقل عنه الخوانساريّ ذلك ، انظر الهامش المتقدّم.

٥١

ـ كما هو مذهب الملّيّين(١) ـ كان للعدم تقدّم عليه سوى التقدّم الذاتي الذي أثبته الفلاسفة(٢) لعدم الممكن على وجوده المعبّر عنه بالحدوث الذاتي كتقدّم الحوادث الزمانيّة وأجزاء الزمان بعضها على بعض في عدم اجتماع السابق مع المسبوق ، ولكن هذا التقدّم ، له تقدير وتعيين ، بخلاف تقدّم العدم على وجود العالم على مذهب الملّيّين ؛ فإنّه لا يكون فيه قرب وبعد وزيادة ونقصان إلاّ بمحض التوهّم.

ونظير ذلك ما قالوا :(٣) إنّ فوق محدّد الجهات لا خلاء ولا ملاء مع أنّ الفوقيّة به ، وكما أنّ العقل هناك يعلم من تناهي البعد المكاني أنّ وراءه عدم صرف ونفي محض ، وينتزع من ذلك ويحكم بمعونة الوهم أنّ لهذا العدم المحض فوقيّة ما على المكان والمكانيّات كفوقيّة بعض أجزاء المكان على بعض مع أنّه لا مكان هناك ، كذلك يعلم من تناهي الزمان والزمانيّات في جانب البداءة أنّ وراءها عدم صرف ونفي محض ، ويحكم بأنّ لهذا العدم الصرف قبليّة ما على وجود العالم والزمان شبيهة بقبليّة أجزاء الزمان بعضها على بعض ، ولا يلزم من ذلك وجود زمان قبل الزمان ، بل مجرّد ذلك الزمان الموجود مع ملاحظة تناهيه كاف لانتزاع الوهم وحكم العقل بهذه القبليّة.

قيل :(٤) قال : وهذا هو الحدوث الزمانيّ المتنازع فيه بين الملّيّين والفلاسفة ، وليس هذا إثبات الزمان الموهوم كما أنّه ليس ذلك إثبات المكان الموهوم وإن أورد عليه(٥) بأنّ هذا ليس إلاّ القول بالقدم بالحقيقة ؛ لأنّه إذا لم يكن انفصال بين ذات الواجب

__________________

(١) انظر الهامش ٢ من الصفحة المتقدّمة.

(٢) انظر الهامش ٢ من الصفحة المتقدّمة.

(٣) أي الحكماء في الطبيعيّات. انظر « الشفاء » الطبيعيّات ١ : ٢٤٦ ـ ٢٥٨ ؛ « النجاة » : ١٣٠ ـ ١٣١ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٢ : ١٧٠ وما بعدها ؛ « التحصيل » : ٦٠٦ ـ ٦١٢.

(٤) القائل هو ابن ملاّ صدرا الشيرازيّ على ما نقل عنه المحقّق الخوانساريّ في « الحاشية على حاشية الخفري على شرح التجريد » : ١٠١.

(٥) هذا الإيراد للمحقّق الخوانساري. انظر المصدر السابق.

٥٢

تعالى وبين العالم ، ولا يمكن أن يقال : كان الواجب ولم يكن العالم ، يكون العالم قديما البتّة.

وعن السيّد الداماد أنّه قال : إنّ العالم حادث بالحدوث الدهري لا الذاتي ولا الزماني ، بمعنى أنّ الوجود مسبوق بالعدم الصريح المحض مسبوقيّة انسلاخيّة انفكاكيّة غير زمانيّة ولا سيّالة ولا متقدّرة ولا متكمّمة كما في الحدوث الزمانيّ ، ولمّا كان وعاء الوجود الصريح المسبوق بالعدم الصريح المرتفع عن أفق التقدير واللاتقدير هو الدهر لا الزمان ؛ لأنّه وعاء الأمور المتقدّرة المتغيّرة السيّالة ، ولا السرمد ؛ لأنّه وعاء بحت الوجود الثابت الحقّ المنزّه عن التغيّر وسبق العدم المطلق ، كان حريّا باسم الحدوث الدهري.(١)

وأورد(٢) عليه : بأنّ اتّصاف العدم بالسابقيّة على الوجود سبقا غير ذاتي إن كان في نفس الأمر ، يكون محتاجا إلى وعاء وظرف يكون فيه ، ويتّصف هو لا محالة بالتقدّر والتكمّم وغيرهما ؛ إذ لا يتصوّر السابقيّة بدون ذلك ، وإلاّ يلزم القدم كما مرّ.

أقول : يرد عليه أيضا أنّ الدهر إن كان أمرا واقعيّا ، فلا يخلو إمّا أن يكون واجبا أو ممكنا ، ولا سبيل إلى الأوّل ؛ لاستحالة تعدّد الواجب تعالى كما سيأتي. وعلى الثاني ننقل الكلام إليه ، فنقول : إنّه إمّا متّصل الوجود بواجب الوجود أو منفصل الوجود ، وعلى الأوّل يلزم القدم ، وعلى الثاني نقول مثل ما سبق ، فيلزم القدم بالأخرة ؛ لاستحالة التسلسل.

وإن لم يكن أمرا واقعيّا ، فلا يكون الانفصال واقعيّا ، فيلزم القدم.

ومن هذا يظهر أنّ القولين الأوّلين أيضا مخدوشان.

فالأولى أن يقال : إنّ حدوث العالم ـ الذي يقول به الملّيّون على وفق ما روي من

__________________

(١) انظر « القبسات » القبس الأوّل ، وعنه نقل الخوانساريّ في « الحاشية على حاشية الخفري على شرح التجريد » : ١٠٣ ـ ١٠٦ والسبزواريّ في « شرح المنظومة » قسم الحكمة : ٨٠ ـ ٨٢.

(٢) الإيراد هنا للخوانساريّ. انظر « الحاشية على حاشية الخفري على شرح التجريد » : ١٠٣ ـ ١٠٤.

٥٣

قولهعليه‌السلام : « كان الله ولم يكن معه شيء »(١) ونحو ذلك ـ حدوث سرمدي مراتبيّ.

وبعبارة أخرى : حدوث زمانيّ بالزمان التقديريّ ، بمعنى أنّ وجود العالم مسبوق بالعدم المراتبيّ كما أنّه مسبوق بالعدم الذاتيّ ، وأنّ الواجب تعالى كان ثابتا في مراتب من مراتب وجوده الواقعيّ ولم يكن العالم ثابتا فيها كما أنّه تعالى كان في مرتبة ذاته ـ من حيث إنّها علّة له ـ ثابتا ولم يكن العالم في تلك المرتبة ثابتا ، وتلك المراتب منتزعة من وجوده المستمرّ الثابت المنزّه عن سبق العدم ، بمعنى أنّه ينتزع من وجوده المستمرّ مراتب عديدة بعد مرتبة ذاته من حيث إنّها علّة يتّصف ذات الواجب بالكون بالنسبة إلى تلك المراتب ولم يكن فيها إلاّ واجب الوجود وعدم العالم ، فيكون وجود العالم مسبوقا بالعدم سوى العدم الذاتي أيضا ، ويكون العدم سابقا على الوجود سبقا ذاتيّا كسبق أجزاء الزمان بعضها على بعض على ما هو مختار المتكلّمين ،(٢) أو شبيها به أو بغيره كما سيأتي ، وذلك العدم مستند إلى مشيئة الترك ، فباعتبار كون مستنده وجوديّا يصلح أن يكون موصوفا بوصف كالسابقيّة ، فلا يرد(٣) أنّ ثبوت الشيء لشيء فرع لثبوت المثبت له ، فلا بدّ من وعاء يكون فيه ، وذلك الوعاء إمّا واجب أو ممكن ، لا سبيل إلى الأوّل ؛ لامتناع تعدّد الواجب ، فيتعيّن الثاني ، فيلزم اتّصال العالم بالواجب وهو معنى القدم.

وبالجملة ، فقد ظهر ممّا قرّرنا سابقا أنّ ترك الفعل بالنسبة إلى الواجب يكون مستندا إلى مشيئته ؛ ولهذا عدلنا عن العبارة المشهورة في بيان معنى الإرادة ، وهي قولهم : إن شاء فعل ، وإن لم يشأ لم يفعل ، إلى قولنا : إن شاء فعل ، وإن شاء ترك ، فليتأمّل.

__________________

(١) تقدّم في ص ٥١ هامش ٤.

(٢) « الأربعين » ١ : ٢٥ ـ ٢٧ ؛ « المباحث المشرقية » ١ : ٢٢٧ ؛ « المحصل » ٤ : ١٣ ـ ١٨ ؛ « نهاية المرام » ١ : ٢١٧ ؛ « شوارق الإلهام » ١ : ١٠٠.

(٣) الإيراد لملاّ شمسا الجيلانيّ ، على ما نقله عنه المحقّق الخوانساريّ في « الحاشية على حاشية الخفري على شرح التجريد » : ١٠٥.

٥٤

وكيف كان ، فالعمدة في الاستدلال على حدوث العالم هو النقل اللبّيّ(١) المطابق للنقل اللفظيّ المذكور الكاشف عن قول الصانع : بأنّي أوجدت العالم حادثا بالحدوث الزائد على الحدوث الذاتيّ المبطل للاجتهاد في مقابل ذلك النصّ الجليّ ، لا ما يقال من أنّ العالم لا يخلو من حركة وسكون وكلّ منهما يقتضي المسبوقيّة بالعدم ؛ لأنّ الحركة عبارة عن كون الشيء في الآن الثاني في المكان الثاني ، والسكون عبارة عن كون الشيء في الآن الثاني في المكان الأوّل ، وكلّ منهما يقتضي المسبوقيّة والثانويّة ؛ فإنّ ذلك لا يخلو من مناقشة من جهة عدم تماميّته في نفس الزمان والمكان ونحو ذلك.

فإن قلت : يلزم من توقّف الحدوث المتنازع فيه على الشرع الدور المحال كما توهّمه بعض الفضلاء.

قلت : إثبات الشرع غير موقوف على الاختيار والحدوث الذي قلنا به ؛ لكفاية الحدوث والاختيار بالمعنى المتّفق عليه بيننا وبين الحكماء فيه كما لا يخفى.

وكيف كان ، فالعقل أيضا يوافق النقل المذكور من جهة أنّ وقوع جزأي القدرة والإخبار به أدخل في صحّة الاعتقاد ، فهو راجح يجب على الصانع اختياره.

والظاهر أنّ ما ذكرنا هو مراد الطبرسيّ ممّا ذكره في مجمع البيان(٢) ـ على ما حكي عنه ـ من الزمان التقديريّ ، بمعنى أنّا لو فرضنا وقدّرنا قبل حدوث العالم زمانا آخر ، لم يكن العالم ثابتا فيه ، وكان الواجب تعالى كائنا فيه بالمعنى الذي يقال الآن : إنّه تعالى موجود ، فيتصحّح معنى حدوث العالم ، ومعنى « كان الله ولم يكن معه شيء »(٣) بمعنى أنّه حادث بالحدوث الزمانيّ بالزمان التقديريّ من دون حاجة

__________________

(١) انظر « التوحيد » للصدوق : ٣٠٠ ذيل ح ٧ من باب إثبات حدوث العالم ؛ « المطالب العالية » ٤ : ٣٠٩ ؛ « نهاية المرام » ٣ : ١٥ ؛ « شرح المواقف » ٧ : ٢٢٢ ؛ « شرح المقاصد » ٣ : ١١١ ـ ١١٤.

(٢) « مجمع البيان » ٩ : ٣٨٢ ذيل الآية ٣ من سورة الحديد (٥٧).

(٣) مرّ تخريجه في ص ٥١ هامش ٤.

٥٥

إلى التمسّك بالزمان الموهوم أو المنتزع أو الدهر ، فلا بأس علينا أن نبدّل الحدوث المراتبيّ بالحدوث الزماني بالزمان التقديريّ بالمعنى الذي ذكرنا في الحدوث المراتبيّ ؛ لعدم لزوم الإيراد الوارد على غير هذا الوجه.

والأولى أن يعبّر عن ذلك الحدوث بالحدوث السرمديّ كما لا يخفى.

والقول(١) بأنّ أقسام الحدوث منحصرة في معان ثلاثة : ذاتيّ ، وهو عبارة عن وجود الماهيّة بعد عدمها في لحاظ العقل دون الواقع ، ودهريّ ، وهو عبارة عن وجودها بعد نفي صريح واقعيّ غير كمّي ، وزمانيّ ، وهو عبارة عن وجودها بعد عدم واقعيّ كمّيّ ، فإذا لم يكن الزمان التقديريّ بمعنى الحدوث الذاتيّ ، ولا الزمانيّ ؛ لأنّه زمان واقعيّ نفس أمريّ لا تفاوت بينه وبين هذا الزمان إلاّ بالليل والنهار ، لا زمان فرضيّ تقديريّ ، فلا بدّ أن يكون بمعنى الحدوث الدهريّ ؛ إذ لم يعهد اصطلاح غير ما ذكرنا [ و ] على تقدير تسليمه لا يوجب بطلان ما ذكرنا ؛ إذ لا مشاحّة في الاصطلاح ، والعمدة تصحيح العقيدة على وجه يطابق النقل المشهور بل المتواتر ـ على ما قيل(٢) ـ الذي يكون ـ على ما قيل(٣) ـ من ضروريّات الدين.

وعن العلاّمة(٤) دعوى الإجماع على أنّ من اعتقد قدم العالم فهو كافر حكمه في الآخرة حكم باقي الكفّار وإن تنظّر بعض في التخصيص بالآخرة وذلك حاصل بما ذكرناه مع خلوّه عن المناقشة الواردة على غير المختار ، فيلزم الاعتقاد بما ذكرنا ؛ حذرا عن إنكار ضروريّ الدين ، مع أنّ العقل لا يمنع من تعلّق مشيئة الفاعل المختار

__________________

(١) القائل هو السيد محمد باقر الداماد. انظر : « القبسات » : ٣ ـ ٥ ، القبس الأوّل.

(٢) يمكن استفادة الشهرة أو التواتر والضرورة من تصريح أو ظاهر عبارات العلماء. انظر : « أنوار الملكوت » : ٢٨ ؛ « نهاية المرام في علم الكلام » ٣ : ٤ ؛ « القبسات » : ٢٥ ـ ٢٦ ؛ القبس الأوّل ؛ « التوحيد » : ٢٢٣ باب أسماء الله تعالى ، ذيل ح ١٤ ؛ « بحار الأنوار » ٥٤ : ٢٣٨ و ٢٤٠ و ٢٤٧ و ٢٥٢ و ٢٥٨ باب حدوث العالم.

(٣) يمكن استفادة الشهرة أو التواتر والضرورة من تصريح أو ظاهر عبارات العلماء. انظر : « أنوار الملكوت » : ٢٨ ؛ « نهاية المرام في علم الكلام » ٣ : ٤ ؛ « القبسات » : ٢٥ ـ ٢٦ ؛ القبس الأوّل ؛ « التوحيد » : ٢٢٣ باب أسماء الله تعالى ، ذيل ح ١٤ ؛ « بحار الأنوار » ٥٤ : ٢٣٨ و ٢٤٠ و ٢٤٧ و ٢٥٢ و ٢٥٨ باب حدوث العالم.

(٤) انظر : « أجوبة المسائل المهنّائية » : ٨٩ ، المسألة ١٣٨.

٥٦

بإيجاد العالم على وجه التأخير بالنسبة إلى أوّل مرتبة من مراتب الوجود بفصل مراتب عديدة ولو لمصلحة خفيّة تكشفها الشريعة إن لم نقل بأنّه يقتضيه كما أشرنا ، مضافا إلى أنّ الدهر ليس زمانا تقديريّا كما لا يخفى.

وممّا يدلّ على هذا المطلب ما روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في بعض خطب نهج البلاغة من قولهعليه‌السلام : « فإنّه يعود سبحانه بعد فناء العالم وحده لا شيء معه كما كان قبل ابتدائها ، كذلك يكون بعد فنائها ، بلا وقت ولا مكان ، ولا حين ولا زمان. عدمت عند ذلك الآجال والأوقات ، وزالت السنون والساعات ، فلا شيء إلاّ الله ».(١)

وهذا ظاهر في نفي ما عدا ما ذكرنا كما لا يخفى ، ومبطل لما حكي عن بعض المتصوّفة أنّه لمّا سمع الحديث المشهور ، قال : « الآن كما كان »(٢) كما لا يخفى أيضا ، ودالّ على إنّيّة الزمان كما هو المعلوم بالوجدان وإن اختلف في ماهيّته(٣) أنّه جوهر ليس بجسم ولا جسمانيّ ، واجب بذاته كما عن بعض ، أو هو المعدّل كما عن آخر ، أو الحركة كما عن آخر ، أو مقدار الوجود كما عن أبي البركات ،(٤) أو مقدار الحركة كما عن أرسطو والمتأخّرين. والظاهر أحد الأخيرين.

__________________

(١) « نهج البلاغة » : ١٣٧ ، الخطبة ١٨٦.

(٢) هو أبو القاسم الجنيد البغداديّ على ما في « شرح فصوص الحكم » للخوارزميّ : ١٤٢ و « نصوص الخصوص في شرح الفصوص » : ١١٩.

ونسبه المولى علي النوري إلى أبي إبراهيم موسى الكاظم عليه‌السلام في هامش « شرح فصوص الحكم » لابن التركة ١ : ٧٠١.

(٣) للاطّلاع على الأقوال حول ماهية الزمان انظر : « الشفاء » الطبيعيّات ١ : ١٤٨ ؛ « النجاة » : ١١٥ ـ ١١٨ ؛ « التحصيل » : ٤٥٣ ـ ٤٦٣ ؛ « المعتبر في الحكمة » ٢ : ٦٩ ؛ « المباحث المشرقية » ١ : ٧٥٥ ـ ٧٦٨ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ٩٤ ؛ « نهاية المرام » ١ : ٣٢٩ ؛ « الأسفار الأربعة » ٣ : ١١٥ ـ ١١٨.

(٤) « المعتبر في الحكمة » ٢ : ٦٩ ـ ٧٠ ، وعنه في « المطالب العالية » ٥ : ٥١ و « نقد المحصّل » : ١٣٨ ؛ « الأسفار الأربعة » ٣ : ١٤٤.

٥٧

وكيف كان ، فالحقّ أنّ العالم حادث بالحدوث الزائد على الحدوث الذاتيّ أيضا بشهادة النقل ، بل والعقل ، وأنّ ماهيّة الممكنات موجودة حقيقة بوجود أفرادها ، بمعنى أنّهما ـ كليهما ـ موجودان بوجود واحد ، وليس الماهيّة اعتباريّة محضة ، وإلاّ يلزم جواز صدق الحماريّة على أفراد الإنسان وبالعكس.

ويشهد على ذلك العقل مضافا إلى ظاهر النقل ، كقوله تعالى :( خُلِقَ الْإِنْسانُ ) (١) ونحوه ، فيكون الجعل مركّبا ، بمعنى أنّ الماهيّة أيضا مجعولة كالوجود بجعل واحد ، وأنّه تعالى جعل الماهيّة ماهيّة كما جعلها موجودة ، فهما مجعولان بجعل واحد ، كما أنّ الماهيّة والأفراد موجودتان بوجود واحد كالهيولى والصورة ونحوهما ، وليس في ذلك شبهة لمن جعل مرجعه العقل والنقل ، وأعرض عن جنود الجهل ، فلنرجع عنان الكلام إلى بيان أصل المرام ، فنقول :

[ في أنّه تعالى صاحب الصفات ]

إنّ العلماء اختلفوا في أنّ صانع العالم ـ الذي هو الواجب الوجود بالذات ـ صاحب الصفات ، أو نائب الصفات على قولين :

الأوّل : أنّه تعالى صاحب الصفات. وهو المشهور(٢) المنصور.

الثاني : أنّه تعالى نائب الصفات ، بمعنى أنّ ذاته تعالى يصدر منها أثر القدرة من غير قدرة ، وأثر العلم من غير علم ، وهكذا سائر الصفات ، كما أنّ التيمّم يحصل منه أثر الوضوء أو الغسل من استباحة الدخول في نحو الصلاة من غير طهارة وارتفاع

__________________

(١) النساء (٤) : ٢٨ ؛ النحل (١٦) : ٤ ؛ الأنبياء (٢١) : ٣٧ ؛ الرحمن (٥٥) : ٣ و ١٤.

(٢) انظر : « الشفاء » الإلهيّات : ٣٤٣ ـ ٣٤٩ ؛ « المبدأ والمعاد » لابن سينا : ١٩ ـ ٢١ ؛ « التعليقات » : ٦ ـ ٦٧ ؛ « التحصيل » : ٥٦٠ ـ ٥٨١ ؛ « التلويحات » ضمن « مصنفات شيخ الإشراق » ١ : ٣٩ ـ ٤١ ؛ « التوحيد » للنيسابوريّ : ٤٥٧ ؛ « مناهج اليقين » : ١٨٠ ـ ١٨٨ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ٤٥ ـ ٤٩.

٥٨

الحدث كما هو ظاهر شارح المواقف(١) والمحكيّ عن بعض.(٢)

لنا عقلا : أنّ كلّ واحد من الصفات الكماليّة كالعلم والحياة والقدرة صفة كمال لا يقتضي ثبوتها على وجه العينيّة نقص صاحبها ، وكلّ ما هو كذلك فهو ممكن وثابت له تعالى على وجه الوجوب.

أمّا الصغرى : فبالوجدان.

وأمّا الكبرى : فلعدم المانع عقلا ونقلا ؛ لعدم الاستحالة فيه ، واقتضاء عدم الثبوت نقص الذات في مرتبة الذات والصفات وإن ترتّب عليها آثارها في مقام الفعل ، وذلك مناف لوجوب الوجود ، كما لا يخفى.

ونقلا : قوله تعالى :( إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٣) و( وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (٤) و( إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى ) (٥) و( هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) (٦) إلى غير ذلك من الآيات.

وما روي عن الرضاعليه‌السلام أنّه قال بعد السؤال عن علمه تعالى قبل الأشياء : « إنّ الله هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء ».(٧)

وما روي عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال ـ بعد سؤال الزنديق ـ : « هو سميع بصير ، سميع بغير جارحة ، وبصير بغير آلة ، بل يسمع ويبصر بنفسه ، وليس قولي : إنّه سميع بنفسه أنّه شيء والنفس شيء آخر ، ولكنّي أردت عبارة عن نفسي ؛ إذ كنت مسئولا ، وإفهاما لك ؛ إذ كنت سائلا ، فأقول : يسمع بكلّه لا أنّ كلّه له بعض لأنّ الكلّ لنا [ له ]

__________________

(١) « شرح المواقف » ٨ : ٤٤ ـ ٤٩.

(٢) حكي عن طائفة من المعتزلة. انظر « الفرق بين الفرق » : ٩٣ ـ ٩٤ ؛ « كشف المراد » : ٢٩٢ ؛ « شرح تجريد العقائد » للقوشجي : ٣٢٧.

(٣) البقرة (٢) : ٢٠ ؛ آل عمران (٣) : ١٦٥ ؛ النحل (١٦) : ٧٧ ؛ النور (٢٤) : ٤٥.

(٤) البقرة (٢) : ٢٨٢ ؛ النساء (٤) : ١٨٦ ؛ النور (٢٤) : ٣٥ ؛ الحجرات (٤٩) : ١٦.

(٥) الأعلى (٨٧) : ٧.

(٦) البقرة (٢) ٢٥٥ ؛ آل عمران (٣) : ٢.

(٧) « التوحيد » : ١٣٦ باب العلم ، ح ٨ ؛ « عيون أخبار الرضا » : ١١٨ ، الباب ١١ ، ح ٨.

٥٩

بعض ، ولكن أردت إفهامك والتعبير عن نفسي ، وليس مرجعي في ذلك كلّه إلاّ أنّه السميع البصير ، العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف معنى »(١) إلى غير ذلك من الأخبار الدالّة على أنّ ذاته تعالى صاحب الصفات لا نائبها.(٢)

وما ورد(٣) ـ من أنّ كمال التوحيد نفي الصفات ـ معناه نفي الصفات الزائدة كما يقول الأشاعرة ،(٤) بمعنى أن يقال : له ذات وصفات على وجه التعدّد والاثنينيّة ؛ فإنّ ذلك خلاف الحقّ ، بل الحقّ أنّ ذاته تعالى صفاته ، وصفاته ذاته. مع أنّ ما ذكرنا من العقل والنقل مقدّم على الخبر الواحد ولو سلّم دلالته على خلافه بعد اعتباره في الجملة في المسألة العلميّة الاعتقاديّة الأصوليّة.

وبالجملة ، فالقول بالنيابة ناش من توهّم لزوم عرضيّة الذات ، أو التكثّر ، أو الزيادة. وهو غفلة عن ملاحظة كون العلم ـ مثلا ـ بمعنى سبب ظهور المعلوم ومنشأ انكشاف الأشياء عين الذات ، لا بالمعنى المصدري ـ وهو الاطّلاع على الأشياء ـ ونحوه ، وكذا القدرة بمعنى منشأ التمكّن على الفعل والترك عين الذات ، لا نفس التمكّن ، وكذا الحياة بمعنى منشأ صحّة الاتّصاف بالعلم والقدرة ـ لا نفسها ـ عين الذات.

وكيف كان ، فتفصيل ذلك يقع في مسائل :

المسألة الأولى : في القدرة ، بمعنى أنّه تعالى صاحب القدرة ، وأنّه يصحّ منه فعل العالم وإيجاده وتركه ، وأنّه ليس شيء منهما لازما لذاته بحيث يستحيل انفكاكه عنه في أيّ وقت فرض وإن كان وقتا موهوما كما أفاد الخفري.(٥)

__________________

(١) « الكافي » ١ : ١٠٨ ـ ١٠٩ / ٢ ؛ « التوحيد » : ١٤٤ ـ ١٤٥ باب صفات الذات وصفات الأفعال ، ح ١٠.

(٢) انظر : « التوحيد » : ١٣٤ ـ ١٤٨ باب العلم وباب صفات الذات وصفات الأفعال.

(٣) « نهج البلاغة » : ١٤ ، الخطبة الأولى.

(٤) « المحصّل » : ٤٢١ ـ ٤٢٧ ؛ « المطالب العالية » : ٣ : ٢٢٣ ؛ « الأربعين » ١ : ٢١٩ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ٤٤ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٦٩.

(٥) « حاشية الخفري على إلهيات شرح القوشجي » الورقة ٣ ـ ٤ ، مخطوط.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

١٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ذكر أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اعتمر في ذي القعدة ثلاث عمر كل ذلك يوافق عمرته ذا القعدة.

(باب)

(فضل الحج والعمرة وثوابهما)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان الخزاز ، عن علي بن عبد الله البجلي ، عن خالد القلانسي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال علي بن الحسينعليه‌السلام حجوا واعتمروا تصح أبدانكم وتتسع أرزاقكم وتكفون مئونات عيالكم وقال الحاج مغفور له وموجوب له الجنة ومستأنف له العمل ومحفوظ في أهله وماله.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن عبد الأعلى قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام كان أبي يقول من أم هذا البيت

الحديث الرابع عشر : موثق.

باب فضل الحج والعمرة وثوابهما

الحديث الأول : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « مغفور له » الظاهر أن المراد أنهم على ثلاثة أصناف صنف يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فهو موجوب له الجنة ، وصنف يغفر له ما تقدم من ذنبه ويكتب عليه في بقية عمره وصنف لا يغفر له ولكن يحفظ في أهله وما له كما يدل عليه خبر معاوية بن عمار(١) .

الحديث الثاني : مجهول كالحسن.

__________________

(١) الوسائل : ج ٨ ص ٦٥ ح ٢.

١٢١

حاجا أو معتمرا مبرأ من الكبر رجع من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه ثم قرأ : «فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى » قلت ما الكبر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن أعظم الكبر غمص الخلق وسفه الحق قلت ما غمص الخلق وسفه الحق قال يجهل الحق ويطعن على أهله ومن فعل ذلك نازع الله رداءه.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول ضمان الحاج والمعتمر على الله إن أبقاه بلغه أهله وإن أماته أدخله الجنة.

قوله عليه‌السلام : « غمص الخلق » قال : في النهاية في الحديث « إنما ذلك من سفه الحق وغمص الناس » أي احتقرهم ولم يرهم شيئا تقول منه : غمص الناس يغمصهم غمصا(١) ، وقال :« من سفه الحق » أي من جهله ، وقيل : جهل نفسه ولم يفكر فيها وفي الكلام محذوف تقديره إنما البغي فعل من سفه الحق ، والسفه في الأصل : الخفة والطيش وسفه فلان رأيه : إذا كان مضطربا لا استقامة : له. والسفيه الجاهل(٢) .

ورواه الزمخشري « من سفه الحق » على أنه اسم مضاف إلى الحق قال وفيها وجهان.

أحدهما : أن يكون على حذف الجابر وإيصال الفعل كان الأصل سفه أعلى الحق.

والثاني : أن يضمن معنى فعل متعد كجهل ، والمعنى الاستخفاف بالحق وأن لا يراه على ما هو عليه من الرجحان والرزانة.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ٣ ص ٣٨٦.

(٢) النهاية لابن الأثير : ج ٢ ص ٣٧٦.

١٢٢

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الحجة ثوابها الجنة والعمرة كفارة لكل ذنب.

٥ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن يحيى بن عمرو بن كليع ، عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني قد وطنت نفسي على لزوم الحج كل عام بنفسي أو برجل من أهل بيتي بمالي فقال وقد عزمت على ذلك قال قلت نعم قال إن فعلت فأبشر بكثرة المال.

٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الحجاج يصدرون على ثلاثة أصناف صنف يعتق من النار وصنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه وصنف يحفظ في أهله وماله فذاك أدنى ما يرجع به الحاج.

٧ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول ويذكر الحج فقال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو أحد الجهادين هو جهاد الضعفاء ونحن الضعفاء أما إنه ليس شيء أفضل من الحج إلا الصلاة وفي الحج لهاهنا صلاة وليس في الصلاة قبلكم حج لا تدع الحج وأنت تقدر عليه أما ترى أنه يشعث رأسك ويقشف فيه جلدك و

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

الحديث الخامس : مجهول.

الحديث السادس : حسن.

الحديث السابع : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ويقشف فيه » قال الجوهري : قد قشف بالكسر قشفا إذا لوحته الشمس أو الفقر فتغير.

وقال الفيروزآبادي :« السوقة » بالضم الرعية للواحد والجمع والمذكر والمؤنث ، وقد يجمع سوقا كصرد.

١٢٣

يمتنع فيه من النظر إلى النساء وإنا نحن لهاهنا ونحن قريب ولنا مياه متصلة ما نبلغ الحج حتى يشق علينا فكيف أنتم في بعد البلاد وما من ملك ولا سوقة يصل إلى الحج إلا بمشقة في تغيير مطعم أو مشرب أو ريح أو شمس لا يستطيع ردها وذلك قوله عز وجل : «وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ».

٨ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن الفضيل بن يسار قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يحالف الفقر والحمى مدمن الحج والعمرة.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي أيوب ، عن سعد الإسكاف قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إن الحاج إذا أخذ في جهازه

قوله تعالى : «وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ »(١) قال الطبرسي (ره) : أي أمتعتكم«إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ » أي وتحمل الإبل وبعض البقر أحمالكم الثقيلة إلى بلد بعيدة لا يمكنكم أن تبلغوه إلا بكلفة ومشقة تلحق أنفسكم.

وقيل : معناه تحمل أثقالكم إلى مكة لأنها من بلاد الفلوات عن ابن عباس وعكرمة(٢) .

الحديث الثامن : مجهول كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « لا يحالف الفقر » في أكثر النسخ بالخاء المعجمة أي لا يأتيه الفقر والحمى بعد الحج من قولهم هو يخالف إلى امرأة فلان أي يأتيها إذا غاب عنها زوجها ذكره الجوهري ، وفي بعضها بالخاء المهملة من قولهم حالفه أي عاهده ولازمه ثم إنه يحتمل أن يكون عدم الفقر للحج وعدم الحمى للعمرة على اللف والنشر ، ويحتل أن يكون كلا منهما لكليهما.

الحديث التاسع : مختلف فيه. قال الفيروزآبادي :جهاز المسافر بالفتح

__________________

(١) سورة النحل : ٧.

(٢) مجمع البيان ، ج

(٥ ـ ٦) ص ٣٥٠.

١٢٤

لم يخط خطوة في شيء من جهازه إلا كتب الله عز وجل له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات حتى يفرغ من جهازه متى ما فرغ فإذا استقبلت به راحلته لم تضع خفا ولم ترفعه إلا كتب الله عز وجل له مثل ذلك حتى يقضي نسكه ـ فإذا قضى نسكه غفر الله له ذنوبه وكان ذا الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول أربعة أشهر تكتب له الحسنات ولا تكتب عليه السيئات إلا أن يأتي بموجبة فإذا مضت الأربعة الأشهر خلط بالناس.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الحسين بن خالد قال قلت لأبي الحسنعليه‌السلام لأي شيء صار الحاج لا يكتب عليه الذنب أربعة أشهر قال إن الله عز وجل أباح المشركين الحرم في أربعة أشهر إذ يقول «فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ » ثم وهب لمن يحج من المؤمنين البيت الذنوب أربعة أشهر.

ولكسر ما يحتاج إليه.

وقال في النهاية أقل الشيء واستقله رفعه وحمله(١) .

قوله عليه‌السلام : « ربيع الأول » لعل المراد مع بعض ربيع الآخر كما ورد في روايات أخر ، والمرادبالموجبة أما الكبيرة الموجبة للنار أو الأقوال والأفعال الموجبة للكفر ، والأول أظهر.

الحديث العاشر : مجهول.

قوله تعالى : «فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ »(٢) هي أشهر السياحة وليس في أشهر الحرم وذلك أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما بعث سورة البراءة مع أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى مكة أمره أن ينبذ إلى المشركين عهودهم ويمهلهم بعده أربعة أشهر ليرجعوا إلى بلادهم وما منهم وذلك من يوم النحر في تلك السنة : العاشر من ربيع الآخر.

__________________

(١) هكذا في الأصل ولكن في النهاية : ج ٤ ص ١٠٤ سطر ١٥ « أقلّ الشيء ، يقله واستقله يستقله إذا رفعه وحمله ».

(٢) سورة التوبة : ٢.

١٢٥

١١ ـ أحمد ، عن أبي محمد الحجال ، عن داود بن أبي يزيد عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحاج لا يزال عليه نور الحج ما لم يلم بذنب.

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي محمد الفراء قال سمعت جعفر بن محمدعليهما‌السلام يقول قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد.

١٣ ـ محمد بن يحيى ، عن علي بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن جعفر بن عمران ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحج والعمرة سوقان من أسواق الآخرة اللازم لهما في ضمان الله إن أبقاه أداه إلى عياله وإن أماته أدخله الجنة.

١٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن زكريا المؤمن ، عن إبراهيم بن صالح ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحاج والمعتمر وفد الله إن سألوه أعطاهم وإن دعوه أجابهم وإن شفعوا شفعهم وإن سكتوا ابتدأهم ويعوضون بالدرهم ألف ألف درهم.

١٥ ـ وعنه ، عن عبد المؤمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال

الحديث الحادي عشر : مرسل. قال الجوهري :« ألم الرجل » من اللمم وهي صغار الذنوب.

ويقال : هو مقاربة المعصية.

الحديث الثاني عشر : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « تابعوا بين الحج والعمرة » أي افعلوا الحج بعد العمرة.

والعمرة بعد الحج ، أو ائتوا بهما مكررا قال الجوهري :الكير كير الحداد وهو زق أو جلد غليظ ذو حافات ، وأما المبني من الطين فهو الكور.

الحديث الثالث عشر : مجهول.

الحديث الرابع عشر : ضعيف.

الحديث الخامس عشر : ضعيف.

١٢٦

درهم تنفقه في الحج أفضل من عشرين ألف درهم تنفقها في حق.

١٦ ـ وعنه ، عن عبد المؤمن ، عن داود بن أبي سليمان الجصاص ، عن عذافر قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ما يمنعك من الحج في كل سنة قلت جعلت فداك العيال قال فقال إذا مت فمن لعيالك أطعم عيالك الخل والزيت وحج بهم كل سنة.

١٧ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن علي بن أسباط ، عن سليمان الجعفري عمن رواه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان علي بن الحسينعليه‌السلام يقول بادروا بالسلام على الحاج والمعتمر ومصافحتهم من قبل أن تخالطهم الذنوب

١٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن عيسى ، عن زكريا المؤمن ، عن شعيب العقرقوفي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحاج والمعتمر في ضمان الله فإن مات متوجها غفر الله له ذنوبه وإن مات محرما بعثه الله ملبيا وإن مات بأحد الحرمين بعثه الله من الآمنين وإن مات منصرفا غفر الله له جميع ذنوبه

١٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن الرضاعليه‌السلام قال سمعته يقول ما وقف أحد في تلك الجبال إلا استجيب له فأما المؤمنون فيستجاب لهم في آخرتهم وأما الكفار فيستجاب لهم في دنياهم

الحديث السادس عشر : مجهول. إذا كان عن عبد المؤمن وفي بعض النسخ عنه عن المؤمن فيكون ضعيفا وضمير عنه راجعا إلى محمد بن عيسى كما في السابق وهو أظهر.

الحديث السابع عشر : ضعيف على المشهور. ويدل على استحباب مبادرة الحاج والمعتمر بالمصافحة.

وقوله « قبل أن تخالطهم الذنوب » أي قبل مضى أربعة أشهر كما مر ، أو قبل أن يرتكب الذنوب فإنهم غالبا في طريق الحج لا يرتكبون كثيرا من الآثام.

والأول أظهر بمعونة الروايات الأخر.

الحديث الثامن عشر : ضعيف.

الحديث التاسع عشر : حسن أو موثق.

١٢٧

٢٠ ـ وعنه ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط ، عن بعض أصحابنا قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أخذ الناس منازلهم بمنى نادى مناد يا منى قد جاء أهلك فاتسعي في فجاجك واترعي في مثابك ومناد ينادي لو تدرون بمن حللتم لأيقنتم بالخلف بعد المغفرة.

٢١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال «فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ » ـ قال حجوا إلى الله عز وجل.

٢٢ ـ علي ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا أخذ الناس منازلهم بمنى نادى مناد لو تعلمون بفناء من حللتم لأيقنتم بالخلف بعد المغفرة.

الحديث العشرون : مرسل. وقال الجوهري :« حوض ترع » بالتحريك وكوز ترع أي ممتلئ ، وقد ترع الإناء بالكسر يترع ترعا أي امتلأ.

وقالمثاب الحوض وسطه الذي يثوب إليه الماء إذا استفرغ.

الحديث الحادي والعشرون : ضعيف.

قوله تعالى «فَفِرُّوا إِلَى اللهِ »(١) قال الطبرسي أي فاهربوا من عقاب الله إلى رحمته وثوابه بإخلاص العبادة له.

وقيل «فَفِرُّوا إِلَى اللهِ » بترك جميع ما يشغلكم عن طاعته ويقطعكم عما أمركم به.

وقيل معناه : حجوا عن الصادقعليه‌السلام (٢) .

الحديث الثاني والعشرون : حسن كالصحيح.

__________________

(١) سورة الذاريات : ٥٠.

(٢) مجمع البيان : ج ٩ ـ ١٠ ص : ١٦٠.

١٢٨

٢٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب ، عن خاله عبد الله بن عبد الرحمن ، عن سعيد السمان قال كنت أحج في كل سنة فلما كان في سنة شديدة أصاب الناس فيها جهد فقال لي أصحابي لو نظرت إلى ما تريد أن تحج العام به فتصدقت به كان أفضل قال فقلت لهم وترون ذلك قالوا نعم قال فتصدقت تلك السنة بما أريد أن أحج به وأقمت قال فرأيت رؤيا ليلة عرفة وقلت والله لا أعود ولا أدع الحج قال فلما كان من قابل حججت فلما أتيت منى رأيت أبا عبد اللهعليه‌السلام وعنده الناس مجتمعون فأتيته فقلت له أخبرني عن الرجل وقصصت عليه قصتي وقلت أيهما أفضل الحج أو الصدقة فقال ما أحسن الصدقة ثلاث مرات قال قلت أجل فأيهما أفضل قال ما يمنع أحدكم من أن يحج ويتصدق قال قلت ما يبلغ ماله ذلك ولا يتسع قال إذا أراد أن ينفق عشرة دراهم في شيء من سبب الحج أنفق خمسة وتصدق بخمسة أو قصر في شيء من نفقته في الحج فيجعل ما يحبس في الصدقة فإن له في ذلك أجرا قال قلت هذا لو فعلناه استقام قال ثم قال وأنى له مثل الحج فقالها ثلاث مرات إن العبد ليخرج من بيته فيعطي قسما حتى إذا أتى المسجد الحرام طاف طواف الفريضة ثم عدل إلى مقام إبراهيم فصلى ركعتين فيأتيه ملك فيقوم عن يساره فإذا انصرف ضرب بيده على كتفيه فيقول يا هذا أما ما مضى فقد غفر لك وأما ما يستقبل فجد.

الحديث الثالث والعشرون : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « فيعطي قسما » قال الجوهري : « القسم » بالكسر ، الحظ والنصيب من الخير.

قوله عليه‌السلام : « فجد » في بعض النسخ بالخاء والذال المعجمتين أي فاشرع في العمل من قولهم أخذ في العمل إذا شرع فيه ، وفي بعضها بالجيم والدال المهملة المشددة.

قال الجوهري : « الجد » الاجتهاد في الأمور تقول منه جد في الأمر يجد ويجد.

١٢٩

٢٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن أبي حمزة الثمالي قال قال رجل لعلي بن الحسينعليه‌السلام تركت الجهاد وخشونته ولزمت الحج ولينه قال وكان متكئا فجلس وقال ويحك أما بلغك ما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجة الوداع إنه لما وقف بعرفة وهمت الشمس أن تغيب قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا بلال قل للناس فلينصتوا فلما نصتوا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن ربكم تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم وشفع محسنكم في مسيئكم فأفيضوا مغفورا لكم قال وزاد غير الثمالي أنه قال إلا أهل التبعات ـ فإن الله عدل يأخذ للضعيف من القوي فلما كانت ليلة جمع لم يزل يناجي ربه ويسأله لأهل التبعات فلما وقف بجمع قال لبلال قل للناس فلينصتوا فلما نصتوا قال إن ربكم تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم وشفع محسنكم في مسيئكم فأفيضوا مغفورا لكم وضمن لأهل التبعات من عنده الرضا.

٢٥ ـ علي ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال لما أفاض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تلقاه أعرابي بالأبطح فقال يا رسول الله إني خرجت أريد الحج فعاقني وأنا رجل ميل يعني كثير المال فمرني أصنع في مالي ما أبلغ به ما يبلغ به الحاج قال فالتفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أبي قبيس فقال لو أن أبا قبيس لك زنته ذهبة حمراء أنفقته في سبيل الله ما بلغت ما بلغ الحاج.

٢٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل ، عن أبي إسماعيل السراج ، عن هارون بن خارجة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول من دفن

الحديث الرابع والعشرون : حسن. « والإنصات » السكوت والاستماع والمرادبالتبعات حقوق الناس.

الحديث الخامس والعشرون : حسن كالصحيح.

الحديث السادس والعشرون : صحيح.

١٣٠

في الحرم أمن من الفزع الأكبر فقلت له من بر الناس وفاجرهم قال من بر الناس وفاجرهم.

٢٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن العلاء ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن أدنى ما يرجع به الحاج الذي لا يقبل منه أن يحفظ في أهله وماله قال فقلت بأي شيء يحفظ فيهم قال لا يحدث فيهم إلا ما كان يحدث فيهم وهو مقيم معهم.

٢٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جندب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الحج جهاد الضعيف ثم وضع أبو عبد اللهعليه‌السلام يده في صدر نفسه وقال نحن الضعفاء ونحن الضعفاء.

٢٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن إبراهيم بن ميمون قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني أحج سنة وشريكي سنة قال ما يمنعك من الحج يا إبراهيم قلت لا أتفرغ لذلك جعلت فداك أتصدق بخمسمائة مكان ذلك قال الحج أفضل قلت ألف قال الحج أفضل قلت فألف وخمسمائة قال الحج أفضل قلت ألفين قال أفي ألفيك طواف البيت قلت لا قال أفي ألفيك سعي بين الصفا والمروة قلت لا قال أفي ألفيك وقوف بعرفة قلت لا قال أفي ألفيك رمي الجمار قلت لا قال أفي ألفيك المناسك قلت لا قال الحج أفضل.

٣٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال لي أبو عبد الله قال لي إبراهيم

الحديث السابع والعشرون : مرسل.

الحديث الثامن والعشرون : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « جهاد الضعيف » أي من ضعف عن الجهاد ولم يجد أعوانا عليه.

الحديث التاسع والعشرون : ضعيف.

الحديث الثلاثون : صحيح.

١٣١

بن ميمون كنت جالسا عند أبي حنيفة فجاءه رجل فسأله فقال ما ترى في رجل قد حج حجة الإسلام الحج أفضل أم يعتق رقبة فقال لا بل عتق رقبة فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام كذب والله وأثم لحجة أفضل من عتق رقبة ورقبة ورقبة حتى عد عشرا ثم قال ويحه في أي رقبة طواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة وحلق الرأس ورمي الجمار لو كان كما قال لعطل الناس الحج ولو فعلوا كان ينبغي للإمام أن يجبرهم على الحج إن شاءوا وإن أبوا فإن هذا البيت إنما وضع للحج.

٣١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن عمر بن يزيد قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول حجة أفضل من عتق سبعين رقبة فقلت ما يعدل الحج شيء قال ما يعدله شيء ولدرهم واحد في الحج أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من سبيل الله ثم قال له خرجت على نيف وسبعين بعيرا وبضع عشرة

قوله عليه‌السلام : « إن يجبرهم » أي يجبر من وجب عليه الحج منهم.

ويحتمل : أن يكون مع عدم الاستطاعة أيضا واجبا كفائيا لئلا يتعطل البيت كما هو ظاهر الخبر ولم أر قائلا به.

الحديث الحادي والثلاثون : حسن.

قوله عليه‌السلام : « نيف » قال الفيروزآبادي ـ النيف ـ ككيس وقد تخفف الزيادة ، أصله ينوف.

ويقال : عشرة ونيف ، وكلما زاد على العقد فنيف إلى أن يبلغ العقد الثاني ، والنيف الفضل والإحسان ، ومن واحدة إلى ثلاث.

وقال الجوهري :بضعة وبضع في العدد بكسر الباء وبعض العرب يفتحها وهو ما بين الثلاث إلى التسع ، بضع سنين وبضعة عشر رجلا ، وبضع عشرة امرأة فإذا جاوزت لفظ العشر ذهب البضع لا تقول بضع وعشرون.

١٣٢

دابة ولقد اشتريت سودا أكثر بها العدد ولقد آذاني أكل الخل والزيت حتى إن حميدة أمرت بدجاجة فشويت فرجعت إلي نفسي.

٣٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين الأحمسي ، عن أبي بصير قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام حجة خير من بيت مملوء ذهبا يتصدق به حتى يفنى.

٣٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ربعي بن عبد الله ، عن الفضيل قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول لا ورب هذه البنية لا يخالف مدمن الحج بهذا البيت حمى ولا فقر أبدا.

٣٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد جميعا ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن محمد بن عبد الله قال قلت للرضاعليه‌السلام جعلت فداك إن أبي حدثني عن آبائكعليهم‌السلام أنه قيل لبعضهم إن في بلادنا موضع رباط يقال له قزوين وعدوا يقال له الديلم فهل من جهاد أو هل من رباط فقال عليكم بهذا البيت فحجوه ثم قال فأعاد عليه الحديث ثلاث مرات كل ذلك يقول عليكم بهذا البيت فحجوه ثم قال في الثالثة أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته ينفق على عياله ينتظر أمرنا فإن أدركه كان كمن شهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بدرا وإن لم يدركه كان كمن كان مع قائمنا في فسطاطه هكذا وهكذا وجمع بين سبابتيه فقال أبو الحسنعليه‌السلام صدق هو على ما ذكر.

والمراد« بالسود » العبيد.

والمراد« بالعدد » عدد الحجاج.

قوله عليه‌السلام : « ولقد آذاني » لعل المعنى أي كنت أقنع في أمر نفسي بمثل الخل والزيت ، وأبذل المال فيمن أحجه معي رغبة في ثواب حجهم ، ويحتمل أن يكون ذكر ذلك استطرادا لكنه بعيد.

الحديث الثاني والثلاثون : حسن.

الحديث الثالث والثلاثون : حسن.

الحديث الرابع والثلاثون : مجهول.

١٣٣

٣٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال ، عن غالب عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحج والعمرة سوقان من أسواق الآخرة والعامل بهما في جوار الله إن أدرك ما يأمل غفر الله له وإن قصر به أجله «وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ ».

٣٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن زعلان ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن ابن الطيار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام حجج تترى وعمر تسعى يدفعن عيلة الفقر وميتة السوء.

٣٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رجلان رجل من الأنصار ورجل من ثقيف فقال الثقيفي يا رسول الله حاجتي فقال سبقك أخوك الأنصاري فقال يا رسول الله إني على ظهر سفر وإني عجلان وقال الأنصاري إني قد أذنت له فقال إن شئت سألتني وإن شئت نبأتك فقال نبئني يا رسول الله فقال جئت تسألني عن الصلاة وعن الوضوء وعن السجود فقال الرجل إي والذي بعثك بالحق فقال أسبغ الوضوء واملأ يديك من ركبتيك وعفر جبينك في التراب وصل صلاة مودع وقال الأنصاري يا رسول الله حاجتي فقال إن شئت سألتني وإن شئت نبأتك فقال يا رسول الله نبئني قال جئت تسألني عن الحج وعن الطواف

الحديث الخامس والثلاثون : مرسل.

الحديث السادس والثلاثون : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « تترى » أي متواترين واحدا بعد واحد.

وقوله : « تسعى » لعل المراد تسعى فيهن.

وقيل : هو فعلى من التسع أي العمر التي تكون الفصل بين كل منهما وسابقتها ولاحقتها. تسعا بناء على كون الفصل بين العمرتين عشرة فإذا لم يحسب يوم الفراغ من الأولى والشروع من الثانية يكون بينهما تسع.

الحديث السابع والثلاثون : حسن كالصحيح.

١٣٤

بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار وحلق الرأس ويوم عرفة فقال الرجل إي والذي بعثك بالحق قال لا ترفع ناقتك خفا إلا كتب الله به لك حسنة ولا تضع خفا إلا حط به عنك سيئة وطواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة تنفتل كما ولدتك أمك من الذنوب ورمي الجمار ذخر يوم القيامة وحلق الرأس لك بكل شعرة نور يوم القيامة ويوم عرفة يوم يباهي الله عز وجل به الملائكة فلو حضرت ذلك اليوم برمل عالج وقطر السماء وأيام العالم ذنوبا فإنه تبت ذلك اليوم وفي حديث آخر له بكل خطوة يخطو إليها يكتب له حسنة ويمحى عنه سيئة ويرفع له بها درجة.

٣٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن الحسن بن الجهم ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال قال أبو جعفرعليه‌السلام ما يقف أحد على تلك الجبال بر ولا فاجر إلا استجاب الله له فأما البر فيستجاب له في آخرته ودنياه وأما الفاجر فيستجاب له في دنياه.

٣٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن المفضل بن صالح ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الحاج ثلاثة فأفضلهم نصيبا رجل غفر له ذنبه ما تقدم منه وما تأخر ووقاه الله عذاب القبر وأما الذي يليه فرجل غفر له ذنبه ما تقدم منه ويستأنف العمل فيما بقي من عمره وأما الذي يليه فرجل حفظ في أهله وماله.

قوله عليه‌السلام « تبت ذلك اليوم » الظاهر أنه من التوبة أي تبت منها ذلك اليوم وخرجت من إثمها.

ويحتمل : أن يكون من التبت بمعنى الهلاك كقوله تعالى«تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ »(١) أي هلكت وذهبت تلك الذنوب ، والأول أظهر.

الحديث الثامن والثلاثون : موثق كالصحيح.

الحديث التاسع والثلاثون : ضعيف.

__________________

(١) سورة المسد : ١.

١٣٥

٤٠ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحاج على ثلاثة أصناف صنف يعتق من النار وصنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه وصنف يحفظ في أهله وماله وهو أدنى ما يرجع به الحاج.

٤١ ـ ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما من سفر أبلغ في لحم ولا دم ولا جلد ولا شعر من سفر مكة وما أحد يبلغه حتى تناله المشقة.

٤٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال ، عن داود بن أبي يزيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا أخذ الناس مواطنهم بمنى نادى مناد من قبل الله عز وجل إن أردتم أن أرضى فقد رضيت.

٤٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال إذا أخذ الناس منازلهم بمنى نادى مناد لو تعلمون بفناء من حللتم لأيقنتم بالخلف بعد المغفرة.

٤٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عمر بن حفص ، عن سعيد بن يسار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام عشية من العشيات ونحن بمنى وهو يحثني على الحج ويرغبني فيه يا سعيد أيما عبد رزقه الله رزقا من

الحديث الأربعون : حسن كالصحيح.

الحديث الحادي والأربعون : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « صنف يعتق من النار » (١) هذا هو الذي عبر عنه سابقا لأنه يغفر له من ذنبه ، وما تقدم منه وما تأخر.

الحديث الثاني والأربعون : صحيح.

الحديث الثالث والأربعون : حسن.

الحديث الرابع والأربعون : صحيح. وقال الفيروزآبادي :ضحا ضحوا

__________________

(١) الظاهر أنّ هذا القول راجع إلى الحديث السابق.

١٣٦

رزقه فأخذ ذلك الرزق فأنفقه على نفسه وعلى عياله ثم أخرجهم قد ضحاهم بالشمس حتى يقدم بهم عشية عرفة إلى الموقف فيقيل ألم تر فرجا تكون هناك فيها خلل وليس فيها أحد فقلت بلى جعلت فداك فقال يجيء بهم قد ضحاهم حتى يشعب بهم تلك الفرج فيقول الله تبارك وتعالى لا شريك له عبدي رزقته من رزقي فأخذ ذلك الرزق فأنفقه فضحى به نفسه وعياله ثم جاء بهم حتى شعب بهم هذه الفرجة التماس مغفرتي أغفر له ذنبه وأكفيه ما أهمه وأرزقه قال ـ سعيد مع أشياء قالها نحوا من عشرة.

٤٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من مات في طريق مكة ذاهبا أو جائيا أمن من الفزع الأكبر ـ يوم القيامة.

٤٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن أبي المغراء ، عن سلمة بن محرز قال كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام إذ جاءه رجل يقال له أبو الورد ـ فقال لأبي عبد اللهعليه‌السلام رحمك الله إنك لو كنت أرحت بدنك من المحمل فقال

وضحيا برز للشمس وكسعى ورضي ضحوا وضحيا أصابته الشمس.

وقال في النهاية : فيه « أضح لمن أحرمت له » أي أظهر واعتزل الكن والظل. يقال : ضحيت للشمس وضحيت أضحى فيهما إذا برزت لها وظهرت(١) .

قال الجوهري : يرويه المحدثون « أضح » بفتح الألف وكسر الحاء وإنما هو بالعكس.

وقالالشعب التفريق وقد يكون بمعنى الإصلاح وهو من الأضداد وهو المراد هاهنا.

الحديث الخامس والأربعون : حسن.

الحديث السادس والأربعون : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « أرحت بدنك » أي بترك الحج فإن ركوب المحمل يشق عليك.

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ٣ ص ٧٧.

١٣٧

أبو عبد اللهعليه‌السلام يا أبا الورد إني أحب أن أشهد المنافع التي قال الله تبارك وتعالى : «لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ » إنه لا يشهدها أحد إلا نفعه الله أما أنتم فترجعون مغفورا لكم وأما غيركم فيحفظون في أهاليهم وأموالهم.

٤٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن عبد الله بن جندب ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا كان الرجل من شأنه الحج كل سنة ثم تخلف سنة فلم يخرج قالت الملائكة الذين على الأرض للذين على الجبال لقد فقدنا صوت فلان فيقولون اطلبوه فيطلبونه فلا يصيبونه فيقولون اللهم إن كان حبسه دين فأد عنه أو مرض فاشفه أو فقر فأغنه أو حبس ففرج عنه أو فعل فافعل به والناس يدعون لأنفسهم وهم يدعون لمن تخلف.

ويحتمل أن يكون : إشارة إلى ما سيأتي في أول باب طواف المريض إن أبا عبد اللهعليه‌السلام كان يطاف به حول الكعبة في محمل وهو شديد المرض وهو مع ذلك يستلم الأركان فقال له الربيع بن خثيم : جعلت فداك يا بن رسول الله إن هذا يشق عليك فقال إني سمعت الله عز وجل يقول«لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ » فقال(١) منافع الدنيا أو منافع الآخرة فقال الكل(٢) .

قوله تعالى : «لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ »(٣) قيل المراد بها : المنافع الدنيوية وهي التجارات والأسواق.

وقيل : أريد به المنافع الأخروية وقيل : التجارة في الدنيا والثواب في الآخرة والتعميم أظهر كما هو ظاهر الخبر.

والظاهر : أن المنافع جمع منفعة اسما للمصدر ، ويحتمل أن يكون اسم مكان بأن يراد به المشاعر والمناسك.

الحديث السابع والأربعون : مرسل.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن الصحيح كما في الوسائل « فقلت ».

(٢) ما ذكرهقدس‌سره ملخّص أو مضمون حديث ربيع بن خيثم فراجع الوسائل : ج ٩ ص ٤٥٦ ح ٨.

(٣) سورة الحجّ : ٢٨.

١٣٨

٤٨ ـ أحمد ، عن عمرو بن عثمان ، عن علي بن عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما يقول يا معشر من لم يحج استبشروا بالحاج وصافحوهم وعظموهم فإن ذلك يجب عليكم تشاركوهم في الأجر.

(باب)

(فرض الحج والعمرة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة قال كتبت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام بمسائل بعضها مع ابن بكير وبعضها مع أبي العباس فجاء الجواب بإملائه سألت عن قول الله عز وجل : «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً » يعني به الحج والعمرة جميعا لأنهما مفروضان وسألته عن قول الله عز وجل : «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ » قال يعني بتمامهما أداءهما واتقاء ما يتقي المحرم فيهما وسألته عن

الحديث الثامن والأربعون : مجهول.

باب فرض الحج والعمرة

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « يعني به الحج والعمرة » يمكن أن يراد به الحج التمتع أو المعنى إن العمرة داخلة هنا في الحج تغليبا ، ويحتمل أن يكون المراد بالحج معناه اللغوي أي لله على الناس قصد البيت وقصد البيت يكون للحج والعمرة ولعل هذا أنسب.

قوله تعالى : «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ »(١) الحج لغة القصد وشرعا قصد البيت لأداء المناسك المخصوصة.

« والعمرة » لغة الزيارة وشرعا زيارة البيت على وجه مخصوص ، والظاهر أن المراد بهما هنا الشرعيان.

__________________

(١) سورة البقرة : ١٩٦.

١٣٩

قوله تعالى : «الْحَجِّ الْأَكْبَرِ » ما يعني بالحج الأكبر فقال الحج الأكبر الوقوف

وقيل : أي ، أتموهما إذا دخلتم فيهما ، وقد يؤيده تفريع إيجاب الهدي مع الإحصار مطلقا فإنه ليس إلا بعد الشروع.

وقيل : أي أتموهما بحدودهما وتأدية كل ما فيهما عن ابن عباس ، ومجاهد ، وهذا يحتمل أن يراد به عدم تجويز نقصان فيهما دون إيجاب أصل الإتيان وهو مقصود ـ ف ـ حيث قال ائتوا بهما تأمين كاملين بمناسكهما وشرائطهما لوجه الله من غير توان ولا نقصان يقع منكم فيها.

ثم قال : فإن قلت : هل فيه دليل على وجوب العمرة.

قلت : ما هو إلا أمر بإتمامهما ولا دليل في ذلك على كونهما واجبين فقد يؤمر بإتمام الواجب والتطوع جميعا إلا أن يقول الأمر بإتمامهما أمر بأدائهما بدليل قراءة من قرأ « وأقيموا الحج والعمرة ».

ويحتمل : أن يراد به إيجاب تأديتهما بحدودهما كما هو مختار البيان ، والمعالم ، والواحدي وي وأشار إليه ف وفي البيان.

وقيل معناه : أقيموها إلى آخره فيهما وهو المروي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وعلي بن الحسينعليه‌السلام ، وعن سعيد بن جبير ، ومسروق ، والسدي(١) وهذا أيضا موافق ومؤيد له إلا أن يجعله قولا آخر بعد ما ذهب إليه يشعر بأنه خلافه فإن كان ذلك فلعله باعتبار احتمال أن يراد به خطاب عامة المكلفين على طريق الوجوب الكفائي.

والظاهر : هو الأول مع احتمال إرادته التأييد ووجود ذلك بعبارة أخرى من هؤلاء وحينئذ ففيها دلالة على وجوب الحج والعمرة كما صرحوا به كذا ذكره المحقق الأسترآبادي ، وهذا الخبر يدل على أن المراد بالإتيان بهما تأمين لا محض إتمامها بعد الشروع كما لا يخفى.

__________________

(١) مجمع البيان : ج ١ ـ ٢ ـ ص ٢٩٠.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417