مرآة العقول الجزء ١٧

مرآة العقول14%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 417

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 29349 / تحميل: 5269
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عثمان ، عن حريز عمن ذكره ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذا صحبت فاصحب نحوك ولا تصحبن من يكفيك فإن ذلك مذلة للمؤمن.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور ، عن شهاب بن عبد ربه قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام قد عرفت حالي وسعة يدي وتوسعي على إخواني فأصحب النفر منهم في طريق مكة فأتوسع عليهم قال لا تفعل يا شهاب إن بسطت وبسطوا أجحفت بهم وإن أمسكوا أذللتهم فاصحب نظراءك.

٨ ـ أحمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام يخرج الرجل مع قوم مياسير وهو أقلهم شيئا فيخرج القوم النفقة ولا يقدر هو أن يخرج مثل ما أخرجوا فقال ما أحب أن يذل نفسه ليخرج مع من هو مثله.

(باب)

(الدعاء في الطريق)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور قال صحبت أبا عبد اللهعليه‌السلام وهو متوجه إلى مكة فلما صلى

الحديث السادس : مرسل. والأصوب حماد بن عيسى لما ذكره الصدوق (ره) في آخر أسانيد الفقيه ولأن الشائع روايته عن حريز لا رواية ابن عثمان عنه.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

باب الدعاء في الطريق

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

١٨١

قال ـ اللهم خل سبيلنا وأحسن تسييرنا وأحسن عافيتنا وكلما صعد أكمة قال ـ اللهم لك الشرف على كل شرف.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في سفره إذا هبط سبح وإذا صعد كبر.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن قاسم الصيرفي ، عن حفص بن القاسم قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن على ذروة كل جسر شيطان فإذا انتهيت إليه فقل ـ بسم الله يرحل عنك.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن عيسى بن عبد الله القمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قل اللهم إني أسألك لنفسي اليقين والعفو والعافية في الدنيا والآخرة اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي وأنت عضدي وأنت ناصري بك أحل وبك أسير قال ومن يخرج في سفر وحده فليقل «ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ » اللهم آنس وحشتي وأعني على وحدتي وأد غيبتي.

قولهعليه‌السلام :(١) « وقال الفيروزآبادي »« الأكمة » محركة التل من القف من حجارة واحدة أو هي دون الجبال ، أو الموضع يكون أشد ارتفاعا مما حوله وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجرا ، وقال : ـ الشرف محركة ـ العلو والمكان العالي فأريد هنا بالأول الأول وبالثاني الثاني.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « شيطان » لعله بتقدير ضمير الشأن والأظهر شيطانا كما في الفقيه.

الحديث الرابع : حسن أو موثق.

قوله عليه‌السلام : « أحل » هو بكسر الحاء أي أنزل.

قوله عليه‌السلام : « وأد غيبتي » الإسناد مجازي أي أدنى عن غيبتي.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن الصحيح أنّ هنا سقط ولعله من النسّاخ « كما صعد أكمّة ».

١٨٢

٥ ـ أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن علي ، عن علي بن حماد ، عن رجل ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي عبد الله قال إذا خرجت في سفر فقل ـ اللهم إني خرجت في وجهي هذا بلا ثقة مني بغيرك ولا رجاء آوي إليه إلا إليك ولا قوة أتكل عليها ولا حيلة ألجأ إليها إلا طلب فضلك وابتغاء رزقك وتعرضا لرحمتك وسكونا إلى حسن عادتك وأنت أعلم بما سبق لي في علمك في سفري هذا مما أحب أو أكره فإنما أوقعت عليه يا رب من قدرك فمحمود فيه بلاؤك ومنتصح عندي فيه قضاؤك وأنت تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب اللهم فاصرف عني مقادير كل بلاء ومقضي كل لاواء وابسط علي كنفا من رحمتك ولطفا من عفوك وسعة من رزقك وتماما من نعمتك وجماعا من معافاتك وأوقع علي فيه جميع قضائك على موافقة جميع هواي في حقيقة أحسن أملي وادفع ما أحذر فيه وما لا أحذر على نفسي وديني ومالي مما أنت أعلم به مني واجعل ذلك خيرا لآخرتي ودنياي مع ما أسألك يا رب

الحديث الخامس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « إلى حسن عادتك » وفي مصباح الزائر : عائدتك.

قوله عليه‌السلام : « متنصح » مبالغة في النصح أي خالص عن الغش« والأوار » الشدة.

وقال في القاموس :الكنف محركة الجانب والظل والحرز والستر والناحية يقال انهزموا فما كانت لهم كأنفه أي حاجز يحجز العدو عنهم.

وقال :« جماع » الشيء جمعه يقال : جماع الخباء والأخبية أي جمعها لأن الجماع ما جمع عددا.

وقال في النهاية : ومنه الحديث « الخمر جماع الإثم » أي مجمعة ومظنة(١) قوله عليه‌السلام : « وادفع » في مصباح الزائر : وادفع عني ما أحذر وما لا أحذر.

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ١ ص ٢٩٥.

١٨٣

أن تحفظني فيمن خلفت ورائي من ولدي وأهلي ومالي ومعيشتي وحزانتي وقرابتي وإخواني بأحسن ما خلفت به غائبا من المؤمنين في تحصين كل عورة وحفظ من كل مضيعة وتمام كل نعمة وكفاية كل مكروه وستر كل سيئة وصرف كل محذور وكمال كل ما يجمع لي الرضا والسرور في جميع أموري وافعل ذلك بي بحق محمد وآل محمد وصل على محمد وآل محمد والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته.

(باب)

(أشهر الحج)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن مثنى الحناط ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ » ـ شوال وذو القعدة وذو الحجة ليس لأحد أن يحج فيما سواهن.

وفي القاموس :« حزانتك » عيالك الذين تتحزن لأمرهم.

وفي المغرب :المضيعة والمضيعة وزن المعيشة والمطيبة كلاهما بمعنى الضياع.

يقال : ترك عيال بمضيعة.

باب أشهر الحج

الحديث الأول : ضعيف. ويدل على أن تمام ذي الحجة داخل في أشهر الحج كما هو ظاهر الآية فيكون المعنى الأشهر التي يمكن إيقاع أفعال الحج فيها لا إنشاء الحج وهذا أقرب الأقوال في ذلك.

وقال العلامة في التحرير : للشيخ أقوال في أشهر الحج : ففي النهاية شوال وذو القعدة وذو الحجة.

وفي المبسوط : شوال وذو القعدة إلى قبل الفجر من عاشر ذي الحجة.

وفي الخلاف : إلى طلوع الفجر.

وفي الجمل : وتسعة من ذي الحجة.

والأقرب : الأول ، ولا يتعلق بهذا الاختلاف حكم للإجماع على فوات الحج

١٨٤

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ » والفرض التلبية والإشعار والتقليد فأي ذلك فعل فقد فرض الحج ولا يفرض الحج إلا في هذه الشهور التي قال الله عز وجل : «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ » وهو شوال وذو القعدة وذو الحجة.

٣ ـ علي بن إبراهيم بإسناده قال أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وأشهر السياحة عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع

بفوات الموقفين وصحة بعض أفعال الحج فيما بعد العاشر.

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

الحديث الثالث : مرسل. وقال في المنتقى : لا يخلو حال طريق هذا الخبر من نظر لأنه يحتمل أن يكون قوله بإسناده إشارة إلى طريق غير مذكور فيكون مرسلا.

ويحتمل كون : الإضافة إليه للعهد ، والمراد إسناده الواقع في الحديث الذي قبله وهذا أقرب لكنه لقلة استعماله ربما يتوقف فيه.

قوله عليه‌السلام : « وعشر من ذي الحجة » هذا مبني على أن أشهر الحج هي الأشهر التي يمكن إنشاء الحج فيها ، أو إدراك الحج فيها فإنه يمكن إدراكه في اليوم العاشر بإدراك اختياري المشعر أو اضطرارية على قول قوي فيكون إطلاق الأشهر عليها مجازا وقد مر أن أشهر السياحة هي الأشهر التي أمر الله تعالى المشركين أن يسيحوا في الأرض في تلك المدة آمنين بعد أن نبذ إليهم عهودهم ببعث سورة البراءة إليهم مع أمير المؤمنينعليه‌السلام فقرأها عليهم يوم النحر وفيه قرأ عليهم«فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ »(١) فكان ابتداء السياحة من اليوم الحادي عشر

__________________

(١) سورة التوبة : ٢.

١٨٥

الأول وعشر من شهر ربيع الآخر.

(باب)

(الحج الأكبر والأصغر)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن يوم «الْحَجِّ الْأَكْبَرِ » فقال هو يوم النحر والحج الأصغر العمرة.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ذريح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحج الأكبر يوم النحر.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن فضيل بن عياض قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن «الْحَجِّ الْأَكْبَرِ » فإن ابن عباس كان يقول ـ يوم عرفة فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه الحج الأكبر يوم النحر ويحتج بقوله عز وجل : «فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ

إلى تمام أربعة أشهر.

باب الحج الأكبر والأصغر

الحديث الأول : حسن. وقد مر الكلام فيه في باب فرض الحج والعمرة.

الحديث الثاني : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « الحج الأكبر » أي يوم الحج الأكبر ، والمراد أن اليوم الذي قال الله تعالى : «وَأَذانٌ مِنَ اللهِ » إلى الناس «يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ »(١) أي يوم هو الأذان في أي يوم وقع ، وقالعليه‌السلام الأذان وقع في يوم النحر وهو المراد بيوم الحج الأكبر وأما القول في الحج الأكبر فقد مر الكلام فيه.

الحديث الثالث : ضعيف.

__________________

(١) سورة التوبة : ٣.

١٨٦

أَشْهُرٍ » وهي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من ربيع الآخر ولو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان أربعة أشهر ويوما.

(باب)

(أصناف الحج)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول الحج ثلاثة أصناف حج مفرد وقران وتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » وبها أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والفضل فيها ولا نأمر الناس إلا بها.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن منصور الصيقل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الحج عندنا على ثلاثة أوجه حاج متمتع وحاج مفرد سائق للهدي وحاج مفرد للحج.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام أي أنواع الحج أفضل فقال التمتع وكيف يكون شيء أفضل منه ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت مثل ما فعل الناس

قوله عليه‌السلام : « لكان أربعة أشهر ويوما » لعل الاستدلال مبني على أنه كان مسلما عندهم إن آخر أشهر السياحة كان عاشر ربيع الآخر.

باب أصناف الحج

الحديث الأول : حسن وما يدل عليه من انقسام الحج إلى الأقسام الثلاثة وحصره فيها مما أجمع عليه العلماء ، وأما إنكار عمر : التمتع فقد ذكر المخالفون أيضا أنه قد تحقق الإجماع بعده على جوازه.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : حسن.

١٨٧

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ما نعلم حجا لله غير المتعة إنا إذا لقينا ربنا قلنا ربنا عملنا بكتابك وسنة نبيك ويقول القوم عملنا برأينا فيجعلنا الله وإياهم حيث يشاء.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام قال كان أبو جعفرعليه‌السلام يقول المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أفضل من المفرد السائق للهدي وكان يقول ليس يدخل الحاج بشيء أفضل من المتعة.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن معاوية

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « أفضل » فإن قيل : هذا لا يستقيم في الآفاقي ولا في المكي لأن الآفاقي يجب عليه التمتع ولا يجزيه القرآن والإفراد فكيف يكون أفضل بالنسبة إليه والأفضلية لا تتحقق إلا بتحقق الفضل في المفضل عليه وأما في المكي لأنه مخير بين الإفراد والقران لا يجزيه التمتع فكيف يكون له أفضل.

قلنا : يمكن توجيهه بوجهين.

الأول : أن نخصه بالآفاقي ويكون التعبير بالأفضلية على سبيل المماشاة أي لو كان فيهما فضل كان التمتع خيرا منهما ومثله في الأخبار كثير كقولهمعليهم‌السلام قليل في سنة خير من كثير من بدعة.

والثاني : أن نحمله على غير حج الواجب ولا يستبعد كون التمتع في غير الواجب للمكي أيضا أفضل إن لم نقل : في حجة الإسلام له بذلك كما ذهب إليه جماعة.

والثالث : أن يكون المراد أن من يجوز له الإتيان بالتمتع ثوابه أكثر من ثواب القارن وإن لم يكونا بالنسبة إلى واحد ، وفيه بعد.

الحديث السادس : مجهول.

١٨٨

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من حج فليتمتع إنا لا نعدل بكتاب الله عز وجل وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم وابن أبي نجران ، عن صفوان الجمال قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن بعض الناس يقول جرد الحج وبعض الناس يقول اقرن وسق وبعض الناس يقول تمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » فقال لو حججت ألف عام لم أقرنها إلا متمتعا.

٨ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد قال كتب إليه علي بن ميسر يسأله عن رجل اعتمر في شهر رمضان ثم حضر له الموسم أيحج مفردا للحج أو يتمتع أيهما أفضل فكتب إليه يتمتع أفضل.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحج فقال تمتع ثم قال إنا إذا وقفنا بين يدي الله عز وجل قلنا يا رب أخذنا بكتابك وسنة نبيك وقال الناس رأينا برأينا.

قوله عليه‌السلام : « لا نعدل » أي لا نعادل ولا نساوي بهما شيئا كما قال : تعالى «ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ »(١) .

قوله عليه‌السلام : « لم أقرنها » (٢) وفي بعض النسخ بالباء الموحدة وفي بعضها بالنون ، وعلى الأول مبالغة في عدم الإتيان ، وعلى الثاني يحتمل أن يكون الاستثناء منقطعا ، ويحتمل أن يكون المراد أن القران يكون بسياق الهدي وبالقران بين الحج والعمرة فلو أتيت بالقرآن لم آت إلا بهذا النوع من القرآن ، وفي التهذيب ما قدمتها وهو أظهر.

الحديث الثامن : ضعيف.

الحديث التاسع : حسن.

__________________

(١) سورة الأنعام : ١.

(٢) هكذا في الأصل ولكن الصحيح أنّ هذا القول راجع إلى الحديث السابع وهو مخذوف ولعلّه من سهو النسّاخ.

١٨٩

١٠ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المتعة والله أفضل وبها نزل القرآن وجرت السنة.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام في السنة التي حج فيها وذلك في سنة اثنتي عشرة ومائتين فقلت جعلت فداك بأي شيء دخلت مكة مفردا أو متمتعا فقال متمتعا فقلت له أيما أفضل المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أو من أفرد وساق الهدي فقال كان أبو جعفرعليه‌السلام يقول المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أفضل من المفرد السائق للهدي وكان يقول ليس يدخل الحاج بشيء أفضل من المتعة.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن عبد الملك بن عمرو أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن التمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » فقال تمتع قال فقضى أنه أفرد الحج في ذلك العام أو بعده فقلت أصلحك الله سألتك فأمرتني بالتمتع وأراك قد أفردت الحج العام فقال أما والله إن الفضل لفي الذي أمرتك به ولكني ضعيف فشق علي طوافان بين الصفا والمروة فلذلك أفردت الحج.

١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عمه عبيد الله أنه قال سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا حاضر فقال إني اعتمرت في الحرم وقدمت الآن متمتعا فسمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول نعم ما صنعت إنا لا نعدل ـ بكتاب الله عز وجل وسنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإذا بعثنا ربنا

الحديث العاشر : مجهول كالصحيح.

الحديث الحادي عشر : صحيح.

الحديث الثاني عشر : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث عشر : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « في الحرم » أي في الأشهر الحرم ، ويحتمل رجب وذو القعدة

١٩٠

أو وردنا على ربنا قلنا يا رب أخذنا بكتابك وسنة نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال الناس رأينا رأينا فصنع الله عز وجل بنا وبهم ما شاء.

١٤ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن درست ، عن محمد بن الفضل الهاشمي قال دخلت مع إخوتي على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقلنا إنا نريد الحج وبعضنا صرورة فقال عليكم بالتمتع فإنا لا نتقي في التمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » سلطانا واجتناب المسكر والمسح على الخفين.

١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني اعتمرت في رجب وأنا أريد الحج أفأسوق الهدي وأفرد الحج أو أتمتع فقال في كل فضل وكل حسن قلت فأي ذلك أفضل فقال تمتع هو

قوله عليه‌السلام : « أو وردنا » الترديد من الراوي.

الحديث الرابع عشر : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « فإنا لا نتقي » قيل : إن عدم التقية في تلك الأمور من خصائصهمعليهم‌السلام ولذا قال : فإنا لا نتقي وهو بعيد من سياق هذا الخبر. وقيل : إنما كانت التقية في تلك الأمور موضوعة عنهم لكون مذهبهم معلوما فيها ، أو لكون بعض المخالفين موافقا لهم فيها.

وقيل المراد : إن الإنسان لا يحتاج فيها إلى التقية أما في الحج فلاشتراك الطواف والسعي بين الجميع لإتيانهم بهما استحبابا للقدوم والنية والإحرام للحج لا يطلع عليهما أحد ، والتقصير يمكن إخفاؤه وأما اجتناب المسكر فيمكن الاعتدال في الترك بالضرر وغير ذلك وأما المسح فلان غسل الرجلين أحسن منه ، وظاهر الخبر عدم التقية فيها مطلقا ، ولم أر قائلا به من الأصحاب إلا أن الصدوقين روياه في كتابيهما.

الحديث الخامس عشر : حسن.

١٩١

والله أفضل ثم قال إن أهل مكة يقولون إن عمرته عراقية وحجته مكية كذبوا أوليس هو مرتبطا بحجه لا يخرج حتى يقضيه ثم قال إني كنت أخرج لليلة أو لليلتين تبقيان من رجب فتقول ـ أم فروة أي أبه إن عمرتنا شعبانية وأقول لها أي بنية إنها فيما أهللت وليست فيما أحللت.

١٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من لم يكن معه هدي وأفرد رغبة عن المتعة فقد رغب عن دين الله عز وجل.

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن عمير ، عن معاوية قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إنهم يقولون في حجة المتمتع حجه مكية وعمرته عراقية فقال كذبوا أوليس هو مرتبطا بحجته لا يخرج منها حتى يقضي حجته.

قوله عليه‌السلام : « وحجته مكية » أي أنهم يقولون لما أحرم بحج التمتع من مكة فصارت حجته كحجة أهل مكة لأنهم يحجون من منزلهم(١) فأجابهمعليه‌السلام بأن حج التمتع لما كان مرتبطا بعمرته فكأنهما فعل واحد فلما أحرم بالعمرة من الميقات ، وذكر الحج أيضا في تلبية العمرة كانت حجته أيضا عراقية كأنه أحرم بها من الميقات ثم ذكرعليه‌السلام قصة أم فروة مؤيدا لكون المدار على الإهلال بعد ما مهدعليه‌السلام على أن الإهلال بالحج أيضا وقع من الميقات وأم فروة كنية لأم الصادقعليه‌السلام بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، ويظهر من هذا الخبر أنه كانت لهعليه‌السلام ابنة مكناة بها أيضا.

الحديث السادس عشر : ضعيف على المشهور.

الحديث السابع عشر : حسن.

__________________

(١) هكذا في الأصل : والأولى « من منازلهم ».

١٩٢

١٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن عبد الملك بن أعين قال حج جماعة من أصحابنا فلما قدموا المدينة دخلوا على أبي جعفرعليه‌السلام فقالوا إن زرارة أمرنا أن نهل بالحج إذا أحرمنا فقال لهم تمتعوا فلما خرجوا من عنده دخلت عليه فقلت جعلت فداك لئن لم تخبرهم بما أخبرت زرارة لنأتين الكوفة ولنصبحن به كذابا فقال ردهم فدخلوا عليه فقال صدق زرارة ثم قال أما والله لا يسمع هذا بعد هذا اليوم أحد مني.

(باب)

(ما على المتمتع من الطواف والسعي)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير وصفوان جميعا ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال على المتمتع

الحديث الثامن عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « صدق زرارة » لعلهعليه‌السلام إنما أراد بما أخبر به زرارة الإهلال بالحج مع تلبية العمرة ولم يفهم عبد الملك ، أو كان مرادهعليه‌السلام الإهلال بالحج ظاهرا تقية مع نية العمرة باطنا ولما لم يكن التقية في هذا الوقت شديدة لم يأمرهم بذلك فلما علم أنه يصير سببا لتكذيب زرارة أخبرهم وبين أنه لا حاجة إلى ذلك بعد اليوم.

وقال في المنتقى : كأنهعليه‌السلام أراد للجماعة تحصيل فضيلة التمتع فلما علم أنهم يذيعون وينكرون على زرارة فيما أخبر به على سبيل التقية عدلعليه‌السلام من كلامه وردهم إلى حكم التقية.

باب ما على المتمتع من الطواف والسعي

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

١٩٣

«بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » ثلاثة أطواف بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة وعليه إذا قدم مكة طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعي بين الصفا والمروة ثم يقصر وقد أحل هذا للعمرة وعليه للحج طوافان وسعي بين الصفا والمروة ويصلي عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام .

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المتمتع عليه ثلاثة أطواف بالبيت وطوافان بين الصفا والمروة وقطع التلبية من متعته إذا نظر إلى بيوت مكة ويحرم بالحج يوم التروية ويقطع التلبية يوم عرفة حين تزول الشمس.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال على المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » ثلاثة أطواف بالبيت ويصلي لكل طواف ركعتين وسعيان بين الصفا والمروة.

قوله عليه‌السلام : « وعليه » الأولى عدم « الواو » وفي بعض نسخ الكتاب والتهذيب [ فعليه ] ولعله الصحيح لأنه تفصيل لما سبقة.

ثم اعلم أن هذه الأخبار تدل على عدم طواف النساء في العمرة المتمتع بها كما هو المشهور ، وفيه قول نادر بالوجوب وهو ضعيف.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

١٩٤

(باب)

(صفة الإقران وما يجب على القارن)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يكون القارن إلا بسياق الهدي وعليه طوافان بالبيت وسعي بين الصفا والمروة كما يفعل المفرد ليس بأفضل من المفرد إلا بسياق الهدي.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال القارن لا يكون إلا بسياق الهدي وعليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعي بين الصفا والمروة وطواف بعد الحج وهو طواف النساء.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له إني سقت الهدي وقرنت قال ولم فعلت ذلك التمتع أفضل ثم

باب صفة الأقران وما يجب على القارن

الحديث الأول : حسن كالصحيح. وما دل عليه الخبر من عدم التفاوت بين القارن والمفرد إلا بسياق الهدي ، وهو المشهور بين الأصحاب.

وقال ابن أبي عقيل : القارن من ساق وجمع بين الحج والعمرة فلا يتحلل منها حتى يتحلل بالحج ونحوه قال الجعفي.

وحكي في المعتبر عن الشيخ في الخلاف أنه قال : إذا أتم المتمتع أفعال عمرته وقصر فقد صار محلا فإن كان ساق هديا لم يجز له التحلل وكان قارنا.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : حسن.

١٩٥

قال يجزئك فيه طواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة واحد وقال طف بالكعبة يوم النحر.

(باب)

(صفة الإشعار والتقليد)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني قد اشتريت بدنة فكيف أصنع بها فقال انطلق حتى تأتي مسجد الشجرة فأفض عليك من الماء والبس ثوبيك ثم أنخها مستقبل القبلة ثم ادخل المسجد فصل ثم افرض بعد صلاتك ثم اخرج إليها فأشعرها من الجانب الأيمن من سنامها ثم قل بسم الله اللهم منك ولك اللهم تقبل مني ثم انطلق حتى تأتي البيداء فلبه.

٢ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان ، عن

قوله عليه‌السلام : « طواف » لعله محمول على التقية ، أو المراد به جنس الطواف بقرينة عدم التقييد بالوحدة كما قيد في مقابله ، أو المراد بقوله « طف بالكعبة » طواف النساء وإن كان بعيدا ، أو كان طوافان فوقع التصحيف من النساخ أو الرواة.

باب صفة الإشعار والتقليد

الحديث الأول : موثق.

قوله عليه‌السلام : « ثم افرض » ظاهره التلبية ، ويحتمل نية الإحرام.

ثم اعلم : أن المشهور بين الأصحاب أن عقد الإحرام لغير القارن لا يكون إلا بالتلبية وأما القارن فيتخير في عقد إحرامه بينها وبين الإشعار والتقليد فبأيهما بدأ كان الثاني مستحبا.

وقال المرتضى ، وابن إدريس : لا عقد في الجميع إلا بالتلبية وهو ضعيف.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

١٩٦

محمد الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن تجليل الهدي وتقليدها فقال لا تبالي أي ذلك فعلت وسألته عن إشعار الهدي فقال نعم من الشق الأيمن فقلت متى نشعرها قال حين تريد أن تحرم.

٣ ـ أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله وزرارة قالا سألنا أبا عبد اللهعليه‌السلام عن البدن كيف تشعر ومتى يحرم صاحبها ومن أي جانب تشعر ومعقولة تنحر أو باركة فقال تنحر معقولة وتشعر من الجانب الأيمن.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نجران ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن البدن كيف تشعر قال تشعر وهي معقولة وتنحر وهي قائمة تشعر من جانبها الأيمن ويحرم صاحبها إذا قلدت وأشعرت.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا كانت البدن كثيرة قام فيما بين ثنتين ثم أشعر اليمنى ثم اليسرى ولا يشعر أبدا حتى يتهيأ للإحرام لأنه إذا أشعر وقلد وجلل وجب عليه الإحرام وهي بمنزلة التلبية.

قوله عليه‌السلام : « عن تجليل الهدي » أي إذا أردت أن أعلمها علامة لا تشتبه بغيرها ألبسها الجل أفضل ، أم أقلد في عنقها نعلا ، وتجويزهعليه‌السلام كلا منهما لا يدل على أنه ينعقد الإحرام بالتحليل ، وأما الإشعار من الجانب الأيمن فلا خلاف فيه مع وحدتها ، وأما مع التعدد فالمشهور بين الأصحاب أنه يدخل بينها ويشعرها يمينا وشمالا.

الحديث الثالث : ضعيف.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « وجلل » يدل على أن التجليل كاف لعقد الإحرام ويشترط مع التقليد ولم أر بهما قائلا إلا أن يقال : ذكر استطرادا ، نعم اكتفى ابن الجنيد بالتقليد بسير أو خيط صلى فيه.

١٩٧

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله قال البدن تشعر من الجانب الأيمن ويقوم الرجل في جانب الأيسر ثم يقلدها بنعل خلق قد صلى فيها.

(باب الإفراد)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المفرد بالحج عليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعي بين الصفا والمروة وطواف الزيارة وهو طواف النساء وليس عليه هدي ولا أضحية قال وسألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة قال نعم ما شاء ويجدد التلبية بعد الركعتين والقارن بتلك المنزلة يعقدان ما أحلا من الطواف

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « قد صلى فيها » من الأصحاب من قرأه على بناء المعلوم فعين كون القارن صلى فيها ومنهم من قرأها على بناء المجهول فاكتفى بما إذا صلى فيه غيره أيضا.

باب الإفراد

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « وهو طواف النساء » تسمية طواف النساء بطواف الزيارة خلاف المشهور ، وقال في الدروس : روى معاوية بن عمار عنهعليه‌السلام تسمية طواف النساء بطواف الزيارة(١) .

قوله عليه‌السلام : « ويجدد التلبية » ذهب الشيخ في النهاية ، وموضع من المبسوط إلى أن القارن والمفرد إذا طافا قبل المضي إلى عرفات الطواف الواجب أو غيره جددا التلبية عند فراغهما من الطواف وبدونهما يحلان وينقلب حجهما عمرة. وقال

__________________

(١) الوسائل : ج ٨ ص ١٥٦ ح ١٣.

١٩٨

بالتلبية.

(باب)

(فيمن لم ينو المتعة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ـ عن رجل لبى بالحج مفردا فقدم مكة وطاف بالبيت وصلى ركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام وسعى بين الصفا والمروة قال فليحل وليجعلها متعة إلا أن يكون ساق الهدي.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ابن

في التهذيب : إن المفرد يحل بترك التلبية دون القارن وقال المفيد ، والمرتضى : إن التلبية بعد الطواف يلزم القارن لا المفرد ولم يتعرضا للتحلل بترك التلبية ولا عدمه ، ونقل عن ابن إدريس : أنه أنكر ذلك كله ، وقال : إن التحلل إنما يحصل بالنية لا بالطواف والسعي وليس تجديد التلبية بواجب وتركها مؤثرا في انقلاب الحج عمرة واختاره المحقق في كتبه الثلاثة والعلامة في المختلف.

باب فيمن لم ينو المتعة

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فليحل » جواز عدول المفرد اختيارا إلى التمتع كما دل عليه الخبر مقطوع به في كلام الأصحاب ، بل ادعى في المعتبر عليه الإجماع لكن الأكثر خصوه بما إذا لم يتعين عليه الإفراد.

وذهب الشهيد الثاني :رحمه‌الله إلى جواز العدول مطلقا وكذا عدم جواز عدول القارن مجمع عليه بين الأصحاب.

الحديث الثاني : موثق.

١٩٩

بكير ، عن زرارة قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل أحب أو كره.

٣ ـ أحمد ، عن الحسن بن علي ، عن يونس بن يعقوب عمن أخبره ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال ما طاف بين هذين الحجرين ـ الصفا والمروة أحد إلا أحل إلا سائق الهدي.

(باب)

(حج المجاورين وقطان مكة)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن سعيد الأعرج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس لأهل سرف ولا لأهل مر ولا لأهل مكة متعة يقول الله عز وجل : «ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ».

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت لأهل مكة متعة قال لا ولا لأهل

ويدل على ما ذهب الشيخ مع الحمل على عدم التلبية كما سبق.

الحديث الثالث : مرسل.

باب حج المجاورين وقطان مكة

الحديث الأول : ضعيف على المشهور. وقال الفيروزآبادي :سرف ـ بالسين المهملة ككتف ـ : موضع قرب التنعيم ، وقال في النهاية : هو موضوع من مكة على عشرة أميال ، وقيل أقل وأكثر(١) ، وقال الجوهريالمر ـ بالفتح ـ الجبل وبطن مر أيضا وهو من مكة على مرحلة.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور. وقال في المغرب :بستان بني عامر موضع قرب مكة انتهى.

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٢ ص ٣٦٢.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

كآبة ، ثمّ قال : و اللّه لقد رأيت إثرا من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم فما أرى أحدا يشبههم ، و اللّه إن كانوا ليصبحوا شعثا غبرا صفرا ، بين أعينهم مثل ركب المغزى ، قد باتوا يتلون كتاب اللّه ، يراوحون بين أقدامهم و جباههم ، إذا ذكروا اللّه مادوا كما يميد الشجر في يوم ريح ، و انهملت أعينهم حتّى تبلّ ثيابهم ،

و كأنّهم و اللّه باتوا غافلين . يريد أنّهم يستقلّون ذلك ١ .

و قال الثاني : و من كلامه عليه السّلام في ذكر خيار الصحابة و زهّادهم ما رواه صعصعة بن صوحان العبدي قال : صلّى بنا أمير المؤمنين عليه السّلام ذات يوم صلاة الصبح ، فلمّا سلّم أقبل على القبلة بوجهه يذكر اللّه لا يلتفت يمينا و لا شمالا ، حتّى صارت الشمس على حائط مسجدكم هذا يعني جامع الكوفة قيد رمح ، ثمّ أقبل علينا بوجهه عليه السّلام فقال : لقد عهدت أقواما على عهد خليلي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و أنّهم ليراوحون في هذا الليل بين جباههم و ركبهم ، فإذا أصبحوا أصبحوا شعثا غبرا ، بين أعينهم شبه ركب المعزى ، فإذا ذكروا الموت مادوا كما يميد الشجر في الريح ، ثمّ انهملت عيونهم حتّى تبلّ ثيابهم.

ثمّ نهض عليه السّلام و هو يقول : كأنّما القوم باتوا غافلين ٢ .

و روى الثالث صحيحا عن معروف بن خربوذ عن أبي جعفر عليه السّلام قال :

صلّى أمير المؤمنين عليه السّلام بالناس الصبح بالعراق ، فلمّا انصرف و عظهم فبكى و أبكاهم من خوف اللّه تعالى ، ثمّ قال : أما و اللّه لقد عهدت أقواما على عهد خليلي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و أنّهم ليصبحون و يمسون شعثاء غبراء خمصاء ، بين أعينهم كركب المعزي ، يبيتون لربّهم سجّدا و قياما ، يراوحون بين أقدامهم و جباههم ، يناجون ربّهم و يسألونه فكاك رقابهم من النار ، و اللّه لقد رأيتهم

ـــــــــــــــــ

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ٣٠١ .

( ٢ ) الارشاد للمفيد : ١٢٦ .

٤٠١

و هم مع ذلك و هم جميع مشفقون منه خائفون ١ .

و رواه ( الكافي ) عنه أيضا ، و رواه عن علي بن الحسين عليه السّلام أيضا عنه عليه السّلام ، و في خبره : و اللّه لقد أدركت أقواما يبيتون لربّهم سجّدا و قياما ،

يخالفون بين جباههم و ركبهم ، كأنّ زفير النار في آذانهم ، إذا ذكر اللّه عندهم مادوا كما يميد الشجر ، كأنّما القوم باتوا غافلين . قال : ثمّ قال : فما رئي ضاحكا حتّى قبض ٢ .

« لقد رأيت أصحاب محمّد صلى اللّه عليه و آله » الأصل في كلام المصنّف رواية ابن قتيبة المتقدمة ، و قد عرفت أنّها بلفظ « رأيت إثرا من أصحابه » أي : خلّصا ، و هو الصحيح . فلم يكن جميع أصحابه كذلك بل إثر منهم ، و قد عرفت أنّ روايتي الشيخين بدلتاه بلفظ « لقد عهدت أقواما على عهد خليلي » ٣ و لو كانت رواية المصنّف صحيحة ، فالمراد أصحابه الخاصّون الملازمون له ليلا و نهارا المتخلقون بأخلاقه ، لا ما اصطلح عليه أصحاب الكتب الصحابية .

و قوله عليه السّلام « لقد رأيت » أو « عهدت » دالّ على عدم بقائهم في وقت إخباره ، و كان من أراده عليه السّلام مات جمع منهم في حياة النبيّ صلى اللّه عليه و آله كحمزة ،

و جعفر ، و زيد بن حارثة ، و عبد اللّه بن رواحة ، و عثمان بن مظعون ، و سعد بن معاذ و غيرهم ، و بقي منهم جمع ماتوا بعده صلى اللّه عليه و آله في أيّام الثلاثة ، و في أوائل أيّامه كسلمان و أبي ذر ، و المقداد ، و عمّار ، و حذيفة ، و ذي الشهادتين ، و ابن التيهان ، و نظرائهم .

و قد وصفوا في القرآن في قوله عزّ و جلّ : محمّد رسول اللّه و الّذين

ـــــــــــــــــ

( ١ ) أمالي أبي علي الطوسي ١ : ١٠٠ المجلس ٤ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٣٥ ، ٢٣٦ الحديث ٢١ ، ٢٢ .

( ٣ ) الإرشاد للمفيد : ١٢٦ ، و أمالي أبي علي الطوسي ١ : ١٠٠ المجلس ٤ .

٤٠٢

معه أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم تراهم ركّعا سجّدا يبتغون فضلا من اللّه و رضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة و مثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزرّاع ليغيظ بهم الكفّار وعد اللّه الّذين آمنوا و عملوا الصالحات منهم مغفرة و أجرا عظيما ١ .

« فما أرى أحدا منكم يشبههم » هكذا في ( المصرية ) و ليست كلمة ( منكم ) في ( ابن ميثم و الخطيّة ) ٢ و لكن في ( ابن أبي الحديد ) ٣ : « فما أرى أحدا يشبههم منكم » .

« لقد كانوا يصبحون شعثا » أي : متغيري الشعور و منتشريها .

« غبرا » بالضم فالسكون ، جمع أغبر .

« و قد » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( قد ) بدون ( واو ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة ) ٤ .

« باتوا سجّدا و قياما » فيكون ليلهم بين السجود و القيام ، و الأصل فيه قوله تعالى : و عباد الرحمن الّذين يمشون على الأرض هونا و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما . و الّذين يبيتون لربّهم سجّدا و قياما ٥ .

« يراوحون بين جباههم و خدودهم » بمعنى أنّه إذا كلّت جباههم من طول سجودهم ، و ضعوا خدودهم لتحصل راحة للجباه ، و بالعكس ، و كانوا يتأسّون في ذلك بصاحبهم النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم ، فقد كان يتعب نفسه في عبادة ربّه

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الفتح : ٢٩ .

( ٢ ) لفظ شرح ابن ميثم ٢ : ٤٠٤ « منكم يشبههم » أيضا .

( ٣ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ١٨٦ .

( ٤ ) توجد ( الواو ) في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ١٨٦ ، و شرح ابن ميثم ٢ : ٤٠٤ .

( ٥ ) الفرقان : ٦٣ ٦٤ .

٤٠٣

حتّى خاطبه عزّ و جلّ بقوله : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ١ فكان يقوم في صلاته حتّى و رمت قدماه .

هذا ، و قد عرفت أنّ في رواية ( عيون القتيبي ) : « يراوحون بين أقدامهم و جباههم » ٢ و هو الأنسب بقوله عليه السّلام : « سجّدا و قياما » تبعا للآية ٣ .

« و يقفون على مثل الجمر » من النار .

« من ذكر معادهم » قال تعالى في وصفهم : و الّذين يقولون ربّنا اصرف عنّا عذاب جهنّم إنّ عذابها كان غراما . إنّها ساءت مستقرّا و مقاما ٤ .

و في ( الطبري ) : لمّا ودّع عبد اللّه بن رواحة و هو الثالث من أمراء مؤتة الناس بكى ، فقالوا له : ما يبكيك يابن رواحة ؟ فقال : أما و اللّه ما بي حبّ الدّنيا و لا صبابة بكم ، و لكنّي سمعت النبيّ صلى اللّه عليه و آله يقرأ آية من كتاب اللّه تعالى يذكر فيها النار و إن منكم إلاّ واردها كان على ربك حتما مقضيّا ٥ فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود . فقال المسلمون : صحبكم اللّه و دفع عنكم ، و ردّكم إلينا صالحين . فقال عبد اللّه بن رواحة :

لكنّني أسأل الرحمن مغفرة

و ضربة ذات فرغ تقذف الزبدا

أو طعنة بيدي حرّان مجهزة

بحربة تنفذ الأحشاء و الكبدا

٦ « كأنّ بين أعينهم ركب » جمع ركبة .

« المعزى » في ( الصحاح ) : المعز من الغنم خلاف الضأن ، و هو اسم

ـــــــــــــــــ

( ١ ) طه : ١ ٢ .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ٣٠١ .

( ٣ ) الفرقان : ٦٤ .

( ٤ ) الفرقان : ٦٥ ٦٦ .

( ٥ ) مريم : ٧١ .

( ٦ ) تاريخ الطبري ٢ : ٣١٩ سنة ٨ .

٤٠٤

جنس ، و كذلك المعز ، و المعيز و الأمعوز و المعزى ١ .

« من طول سجودهم » . . . سيماهم في وجوههم من أثر السجود . . . ٢ .

« إذا ذكر اللّه هملت » أي : فاضت .

« أعينهم حتّى تبلّ » أي : تصير رطبا .

« جيوبهم » قال الجوهري : الجيب للقميص ٣ .

« و مادوا » أي : تحرّكوا .

« كما يميد الشجر يوم الريح العاصف » إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم . . . ٤ .

« خوفا من العقاب و رجاء للثواب » و عقابه ما لا تقوم له السماوات و الأرض ، و ثوابه ما لا عين رأت و لا أذن سمعت .

و رووا في قصّة غزوة ذي قرد عن سلمة بن الأكوع قال : أخذت عنان فرس الأخرم ، و قلت له : احذر لا يقتطعوك حتّى تلحق بنا النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم فقال : يا سلم إنّ كنت تؤمن باللّه و اليوم الآخر ، و تعلم أنّ الجنّة حقّ و النّار حقّ فلا تخل بيني و بين الشهادة . فخلّيته فالتقى هو و عبد الرحمن بن عيينة فعقر الأخرم فرسه ، و طعنه عبد الرحمن فقتله ٥ .

هذا ، و روى ( أسد الغابة ) عن أبي مدينة الدارمي ، قال : كان الرجلان من أصحاب النبيّ صلى اللّه عليه و آله إذا التقيا لم يتفرّقا حتّى يقرأ أحدهما على الآخر

ـــــــــــــــــ

( ١ ) صحاح اللغة ٢ : ٨٩٣ مادة ( معز ) .

( ٢ ) الفتح : ٢٩ .

( ٣ ) صحاح اللغة للجوهري ١ : ١٠٤ مادة ( جيب ) .

( ٤ ) الأنفال : ٢ .

( ٥ ) الطبقات لابن سعد ٢ ق ١ : ٦٠ ، و الطبري في تاريخه ٢ : ٢٥٦ سنة ٦ و النقل بتلخيص .

٤٠٥

و العصر . إنّ الإنسان لفي خسر ١ إلى آخرها ، ثمّ يسلّم أحدهما على الآخر ٢ .

و رووا أنّ أصحاب النبيّ صلى اللّه عليه و آله كانوا يتهيؤون لآداب يوم الجمعة من يوم الخميس ٣ .

و روى ( قرب الإسناد ) : أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام صاحب رجلا ذميّا ، فقال له الذّمّي : أين تريد يا عبد اللّه ؟ قال : أريد الكوفة . فلمّا عدل الطريق بالذمي عدل معه عليّ عليه السّلام ، فقال الذمّي له : ألست تريد الكوفة ؟ قال عليه السّلام : بلى . فقال له الذمّي :

فقد تركت الطريق . فقال له : قد علمت . فقال له : فلم عدلت معي ، و قد علمت ذلك ؟

فقال له عليّ عليه السّلام : هذا من تمام حسن الصحبة ، أن يشيّع الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه ، هكذا أمرنا نبيّنا صلى اللّه عليه و آله و سلم . فقال له : هكذا قال ؟ قال : نعم . فقال له الذمّي :

لا جرم إنّما تبعه من تبعه لأفعاله الكريمة ، و أنا أشهدك أنّي على دينك . فرجع الذمي مع عليّ عليه السّلام ، فلمّا عرفه أسلم ٤ .

٣٦

الحكمة ( ٩٦ ) و قال عليه السّلام :

إِنَّ أَوْلَى اَلنَّاسِ بِالْأَنْبِيَاءِ أَعْمَلَهُمْ بِمَا جَاءُوا ثُمَّ تَلاَ ع إِنَّ أَوْلَى اَلنَّاسِ ؟ بِإِبْراهِيمَ ؟ لَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ وَ هذَا ؟ اَلنَّبِيُّ ؟ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا ٣ : ٦٨ ثُمَّ قَالَ ع إِنَّ وَلِيَّ ؟ مُحَمَّدٍ ؟ مَنْ أَطَاعَ اَللَّهَ وَ إِنْ بَعُدَتْ لُحْمَتُهُ وَ إِنَّ

ـــــــــــــــــ

( ١ ) العصر : ١ ٢ .

( ٢ ) أسد الغابة لابن الأثير ٣ : ١٤٤ .

( ٣ ) احياء علوم الدين للغزالي ١ : ١٦١ .

( ٤ ) قرب الإسناد للحميري : ٧ ، و الكافي للكليني ٢ : ٦٧٠ ح ٥ .

( ٥ ) آل عمران : ٦٨ .

٤٠٦

عَدُوَّ ؟ مُحَمَّدٍ ؟ مَنْ عَصَى اَللَّهَ وَ إِنْ قَرُبَتْ لُحْمَتُهُ « إنّ أولى الناس بالأنبياء أعملهم » قال ابن أبي الحديد الرواية « أعلمهم » ،

و الصحيح ( أعملهم ) لأن استدلاله بالآية يقتضي ، و كذا قوله عليه السّلام فيما بعد ١ .

و قال ابن ميثم : ( أعلمهم ) صحيح لأنّ العمل موقوف على العلم ٢ .

قلت : العلم شرط للعمل لا سبب له ، و إنّما يطلق السبب على المسبّب لتلازمهما ، لا الشرط على المشروط ، لا سيما مع كثرة تخلّف العمل عن العلم ،

و كون العلماء غير العاملين أكثر من العلماء العاملين ، و هو عليه السّلام في مقام بيان الأهمية لنفس العمل ، فالصحيح ( أعملهم ) و حيث إنّ الفرق بينه و بين ( أعملهم ) في الخطّ قليل وقع التصحيف من المصنّف أو غيره قبله أو بعده .

« بما جاؤوا » من الشرائع .

« ثمّ تلا » شاهدا لكلامه قوله تعالى :

إنّ أولى الناس بإبراهيم للّذين اتّبعوه و هذا النبيّ . . . » لأنّه صلى اللّه عليه و آله كان أتبع الناس لإبراهيم . قال تعالى : ثمّ أوحينا إليك أن اتّبع ملّة إبراهيم حنيفا . . . ٣ .

و في ( طبقات كاتب الواقدي ) : قال قوم من بني مدلج لعبد المطلب :

احتفظ به ( يعنون محمّدا صلى اللّه عليه و آله ) فإنّا لم نر قدما أشبه بالقدم التي في المقام منه .

فقال عبد المطلب لأبي طالب : اسمع ما يقول هؤلاء . فكان أبو طالب يحتفظ به ٤ .

« و الّذين آمنوا » إيمانا حقيقيّا ، و الآية في سورة آل عمران .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٢٨٣ .

( ٢ ) هذا مفهوم كلام ابن ميثم في شرحه ٥ : ٢٨٩ لا صريح قوله .

( ٣ ) النحل : ١٢٣ .

( ٤ ) الطبقات لابن سعد ١ ق ١ : ٧٤ .

٤٠٧

« ثمّ قال إنّ وليّ محمّد صلى اللّه عليه و آله من أطاع اللّه و إن بعدت لحمته ، و إنّ عدوّ محمّد صلى اللّه عليه و آله من عصى اللّه ، و إن قربت لحمته » لحمة بالضم : القرابة ، قال ابن أبي الحديد في الحديث الصحيح : يا فاطمة بنت محمّد إنّي لا أغني عنك من اللّه شيئا ١ . و قال رجل لجعفر بن محمّد عليه السّلام : أرأيت قول النبيّ صلى اللّه عليه و آله : إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم اللّه ذريّتها على النار ، أليس هذا أمانا لكلّ فاطميّ في الدّنيا ؟ فقال : إنّك لأحمق إنّما أراد حسنا و حسينا لأنّهما من الخمسة أهل البيت ، فأمّا من عداهما فمن قعد به عمله لم ينهض به نسبه ٢ .

قلت : و روى ( عيون ابن بابويه ) عن ياسر ، و الوشا ، و ابن الجهم : أنّ الرضا عليه السّلام قال لأخيه زيد بن موسى المعروف بزيد النار : أغرّك قول سفلة أهل الكوفة « إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم اللّه ذريّتها على النار » ذلك للحسن و الحسين خاصّة ، إن كنت ترى أنّك تعصي اللّه عزّ و جلّ و تدخل الجنّة ، و موسى بن جعفر أطاع اللّه و دخل الجنّة ، فأنت إذن أكرم على اللّه عزّ و جلّ من موسى بن جعفر ، و اللّه ما ينال أحد ما عند اللّه عزّ و جلّ إلاّ بطاعته ، و زعمت أنّك تناله بمعصيته ، فبئس ما زعمت . فقال له زيد : أنا أخوك ، و ابن أبيك . فقال له :

أنت أخي ما أطعت اللّه عزّ و جلّ ، إنّ نوحا قال : . . . ربّ إنّ ابني من أهلي و إنّ وعدك الحقّ و أنت أحكم الحاكمين ٣ فقال عزّ و جلّ له : . . . يا نوح إنّه ليس من أهلك إنّه عمل غير صالح . . . ٤ فأخرجه اللّه عزّ و جلّ من أن يكون أهله بمعصية و زاد في ( رواية الوشا ) : إنّه عليه السّلام التفت إلى الوشا ، و قال له : و أنت إذا

ـــــــــــــــــ

( ١ ) صحيح مسلم ١ : ١٦٢ ح ٣٥١ ، ٣٥٢ و سنن النسائي ٦ : ٢٥٠ و غيرهما .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٢٨٣ ، و أخرج هذا المعنى الصدوق في عيون الأخبار ٢ : ٢٣٤ ح ١ عن الرضا عليه السّلام و أخرج معناه بطرق ثلاثة الصدوق في معاني الأخبار : ١٠٦ ، ١٠٧ ح ٢ ٤ عن الصادق عليه السّلام .

( ٣ ) هود : ٤٥ .

( ٤ ) هود : ٤٦ .

٤٠٨
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثاني الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

أطعت اللّه تعالى فأنت منّا أهل البيت و زاد في ( رواية ابن الجهم ) : و قال عليه السّلام له :

يابن الجهم من خالف دين اللّه فابرأ منه كائنا من كان ، من أيّ قبيلة كان ، و من عادى اللّه فلا تواله كائنا من كان ، و من أيّ قبيلة كان . فقلت : يابن رسول اللّه ،

و من الّذي يعادي اللّه ؟ قال : من يعصيه ١ .

و عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم قال لبني عبد المطلّب ، و بني هاشم : إنّي رسول اللّه إليكم ، و إنّي شفيق عليكم و إنّ لي عملي ، و لكلّ رجل منكم عمله ، لا تقولوا : إنّ محمّدا منّا ، و سندخل مدخله ، فلا و اللّه ما أوليائي منكم و لا من غيركم يا بني عبد المطلب إلاّ المتّقون ، إلاّ فلا أعرفكم يوم القيامة تأتون تحملون الدّنيا على ظهوركم ، و يأتون الناس يحملون الآخرة ، ألا إنّي قد أعذرت إليكم فيما بيني و بينكم ، و فيما بيني و بين اللّه عزّ و جلّ فيكم ٢ .

و قال : يا بني عبد المطّلب إيتوني بأعمالكم لا بأحسابكم و أنسابكم ، قال عزّ و جلّ : فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ و لا يتساءلون ٣ .

و عن الرضا عليه السّلام : قال عليّ بن الحسين عليه السّلام : لمحسننا كفلان من الأجر ،

و لمسيئنا ضعفان من العذاب ٤ .

و عن الكاظم عليه السّلام : أنّ إسماعيل قال لأبيه الصادق عليه السّلام : ما تقول في المذنب منّا و من غيرنا ؟ فقال عليه السّلام : ليس بأمانيكم و لا أمانيّ أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به . . . ٥ .

و عن موسى الرّازي : قال رجل للرضا عليه السّلام : و اللّه ما على وجه الأرض

ـــــــــــــــــ

( ١ ) أخرج الأحاديث الثلاثة الصدوق في عيون الأخبار للصدوق ٢ : ٢٣٤ ، ٢٣٦ ح ١ ، ٤ ، ٦ و النقل بتصرف .

( ٢ ) الكافي للكليني ٨ : ١٨٢ ح ٢٠٥ ، و صفات الشيعة للصدوق : ٥ ح ٨ .

( ٣ ) عيون الأخبار للصدوق ٢ : ٢٣٧ ح ٧ ، و الآية ١٠١ من سورة ( المؤمنون ) .

( ٤ ) روى هذا المعنى الطبرسي في مجمع البيان ٨ : ٣٥٤ عن السجاد عليه السّلام و زيد بن علي .

( ٥ ) عيون الأخبار للصدوق ٢ : ٢٣٦ ح ٥ ، و الآية ١٢٣ من سورة النساء .

٤٠٩

أشرف منك أبا ؟ فقال : التقوى شرّفتهم ، و طاعة اللّه أحظّتهم . فقال له آخر : أنت و اللّه خير الناس . فقال له : لا تحلف يا هذا ، خير منّي من كان أتقى للّه و أطوع له ،

و اللّه ما نسخت هذه الآية . . . و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم ١ . . . ٢ .

قلت : صدق عليه السّلام إن كان وجد أحد أتقى منه كان خيرا منه لكن لم يوجد ،

و عن الرضا عليه السّلام : إنّا أهل بيت وجب حقّنا برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ، فمن أخذ برسول اللّه حقّا ، و لم يعط الناس من نفسه مثله فلا حقّ له ٣ .

و عنه عليه السّلام و أومأ إلى عبد أسود من غلمانه : إن كان يرى أنّه خير من هذا بقرابتي من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إلاّ أن يكون لي عمل صالح ، فأكون أفضل به منه ٤ .

و عن الباقر عليه السّلام : يكتفي من اتخذ التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت ، فو اللّه ما شيعتنا إلاّ من اتّقى اللّه و أطاعه ، و ما كانوا يعرفون إلاّ بالتواضع و التخشع ،

و أداء الأمانة ، و كثرة ذكر اللّه و الصوم و الصلاة ، و البرّ بالوالدين ، و التعهد للجيران من الفقراء ، و أهل المسكنة و الغارمين و الأيتام ، و صدق الحديث ،

و تلاوة القرآن ، و كفّ الألسن عن الناس إلاّ من خير ، و كانوا أمناء عشائرهم في الأشياء . فقال له جابر الجعفي : يابن رسول اللّه ما نعرف أحدا بهذه الصفة .

فقال : يا جابر لا تذهبنّ بك المذاهب ، حسب الرجل أن يقول : أحبّ عليّا و أتولاّه « ثمّ لا يكون مع ذلك فعّالا » فلو قال : إنّي أحبّ رسول اللّه ، و رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله خير من عليّ عليه السّلام ثمّ لا يتّبع سيرته ، و لا يعمل بسنّته ما نفعه حبّه إيّاه شيئا ، فاتّقوا

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الحجرات : ١٣ .

( ٢ ) أخرجهما الصدوق في عيون الأخبار ٢ : ٢٣٨ ح ٩ ، ١٠ .

( ٣ ) المصدر نفسه .

( ٤ ) عيون الأخبار للصدوق ٢ : ٢٣٨ ح ١١ .

٤١٠

اللّه و اعملوا لما عند اللّه ، ليس بين اللّه و بين أحد قرابة ، أحبّ العباد إلى اللّه تعالى ،

و أكرمهم عليه أتقاهم له و أعملهم بطاعته ، يا جابر و اللّه ما يتقرّب العبد إلى اللّه تعالى إلاّ بالطاعة ، ما معنا براءة من النار ، و لا على اللّه لأحد من حجّة . من كان للّه مطيعا فهو لنا وليّ ، و من كان للّه عاصيا فهو لنا عدوّ ، و لا تنال و لا يتنا إلاّ بالعمل و الورع ١ .

و حيث يقول تعالى لنبيّه صلى اللّه عليه و آله و سلم : قل إنّي أخاف إن عصيت ربّي عذاب يوم عظيم ٢ ، و لو تقوّل علينا بعض الأقاويل . لأخذنا منه باليمين . ثمّ لقطعنا منه الوتين ٣ كيف يتوقع النجاة بانتساب إليه صلى اللّه عليه و آله بلا عمل ، و مع سوء عمل ؟

بل قوله تعالى لنساء النبيّ صلى اللّه عليه و آله : . . . من يأت منكنّ بفاحشة مبيّنة يضاعف لها العذاب ضعفين و كان ذلك على اللّه يسيرا ٤ يدلّ على أشديّة عذاب المنسوبين إليه عليه السّلام في مخالفتهم ، و به صرّح السجّاد عليه السّلام في الخبر المتقدّم .

و أمّا ما نقلوا على لسان النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم : « و الطالحون لي » ٥ فأخبار موضوعة ، نظير قول اليهود و النصارى في ما وضعوا لأنفسهم : . . . نحن أبناء اللّه و أحبّاؤه . . . ٦ و قول بني إسرائيل : . . . لن تمسّنا النار إلاّ أيّاما معدودة قل أتّخذتم عند اللّه عهدا فلن يخلف اللّه عهده أم تقولون

ـــــــــــــــــ

( ١ ) صفات الشيعة للصدوق : ١١ ح ٢٢ .

( ٢ ) الأنعام : ١٥ .

( ٣ ) الحاقة : ٤٤ ٤٦ .

( ٤ ) الأحزاب : ٣٠ .

( ٥ ) لم أجده بهذا اللفظ ، نعم جاء هذا المعنى في أمر الشفاعة في أحاديث كثيرة .

( ٦ ) المائدة : ١٨ .

٤١١

على اللّه ما لا تعلمون ١ .

و روى ( الكافي ) صحيحا عن الصادق عليه السّلام قال : خطب النّبيّ صلى اللّه عليه و آله بمنى فقال : أيّها الناس ما جاءكم عنّي يوافق كتاب اللّه فأنا قلته ، و ما جاءكم يخالف كتاب اللّه فلم أقله ٢ .

و قال عليه السّلام : و كلّ حديث لا يوافق كتاب اللّه فهو زخرف ٣ .

هذا ، و روى الكشي عن عمر بن يزيد قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام : يابن يزيد أنت و اللّه منّا أهل البيت . قلت له : جعلت فداك من آل محمّد ؟ قال : إي و اللّه من أنفسهم . قلت : من أنفسهم ؟ قال : إي و اللّه من أنفسهم يا عمر ، أما تقرأ كتاب اللّه عزّ و جلّ : إنّ أولى الناس بإبراهيم للّذين اتّبعوه و هذا النبيّ و الّذين آمنوا و اللّه وليّ المؤمنين ٤ .

٣٧

من الخطبة ( ٢١٢ ) وَ أَشْهَدُ أَنَّ ؟ مُحَمَّداً ؟ عَبْدُهُ وَ سَيِّدُ عِبَادِهِ كُلَّمَا نَسَخَ اَللَّهُ اَلْخَلْقَ فِرْقَتَيْنِ جَعَلَهُ فِي خَيْرِهِمَا لَمْ يُسْهِمْ فِيهِ عَاهِرٌ وَ لاَ ضَرَبَ فِيهِ فَاجِرٌ أقول : و في خطبة له عليه السّلام المروية في ( إثبات المسعودي ) في آباء النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم من آدم إلى مولده صلى اللّه عليه و آله : فلمّا أذنت الّلهم في انتقال محمّد عليه السّلام من صلب آدم ألّفت بينه و بين زوج خلقتها له سكنا ، و وصلت لهما به سببا فنقلته من بينهما إلى شيث إختيارا له بعلمك ، فأيّ بشر كان اختصاصه برسالتك ، ثمّ

ـــــــــــــــــ

( ١ ) البقرة : ٨٠ .

( ٢ ) الكافي للكليني ١ : ٦٩ ح ٥ ، و المحاسن للبرقي : ٢٢١ ح ١٣٠ ١٣١ ، و تفسير العياشي ١ : ٨ ح ١ .

( ٣ ) الكافي للكليني ١ : ٦٩ ح ٣ ، ٤ ، و المحاسن للبرقي : ٢٢٠ ح ١٢٨ ، و تفسير العياشي ١ : ٩ ح ٤ .

( ٤ ) أخرجه الكشي في معرفة الرجال اختياره : ٣٣١ ح ٦٠٥ ، و أبو علي الطوسي في أماليه ١ : ٤٤ المجلس ٢ ، و مضمون فلان منّا أهل البيت جاء لجمع ، منهم : سلمان و أبو ذر و عمّار و جابر و غيرهم ، و الآية ٦٨ من سورة آل عمران .

٤١٢

نقلته إلى أنوش فكان خلف أبيه في قبول كرامتك ، و احتمال رسالتك ، ثمّ قدّرت نقل النور إلى قينان و ألحقته في الخطوة بالسابقين ، و في المنحة بالباقين ، ثمّ جعلت مهلائيل رابع أجرامه قدرة تودعها من خلقك من تضرب لهم بسهم النبوّة ، و شرف الأبوة حتّى تناهى تدبيرك إلى اخنوع . . . ثمّ أذنت في إيداعه ساما دون حام ، و يافث ، فضربت لهما بسهم في الذلّة ، و جعلت ما أخرجت بينهما لنسل سام خولا . ثمّ تتابع عليه القابلون من حامل إلى حامل ، و مودع إلى مستودع من عترته في فترات الدهور حتّى قبله تارخ أطهر الأجسام و أشرف الأجرام ، و نقلته منه إلى إبراهيم عليه السّلام فأسعدت بذلك جدّه ، و أعظمت به مجده ، و قدّسته في الأصفياء ، و سمّيته دون رسلك خليلا ، ثمّ خصّصت به إسماعيل دون ولد إبراهيم فأنطقت لسانه بالعربيّة الّتي فضّلتها على سائر اللغات ، فلم تزل تنقله من أب إلى أب حتّى قبله كنانة عن مدركه . . . حتّى نقلته إلى هاشم خير آبائه بعد إسماعيل . . . ١ .

« و أشهد أنّ محمّدا عبده و سيّد عباده » حتّى الأنبياء و المرسلين .

« كلّما نسخ اللّه الخلق فرقتين جعله في خيرهما » يشهد له التاريخ في سلسلة آبائه و تدلّ عليه الخطبة المتقدّمة ، و في ( اعتقادات الصدوق ) : اعتقادنا في آباء النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم أنّهم مسلمون من آدم عليه السّلام إلى أبيه عبد اللّه ٢ ، و يجب أن يعتقد أنّ اللّه عزّ و جلّ لم يخلق خلقا أفضل من محمّد و الأئمّة عليهم السّلام ، و أنّهم أحبّ الخلق إلى اللّه تعالى و أكرمهم ، و أوّلهم إقرارا به لمّا أخذ اللّه ميثاق النبيّين . ثم قال : و نعتقد أنّ اللّه تعالى خلق جميع الخلق له صلى اللّه عليه و آله و لأهل بيته عليهم السّلام ، و أنّه لولاهم لما خلق اللّه سبحانه السماء و الأرض ٣ .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الإثبات للمسعودي : ١٠٧ .

( ٢ ) الاعتقادات للصدوق : ٤٥ .

( ٣ ) الاعتقادات للصدوق : ٣٥ .

٤١٣

« لم يسهم فيه عاهر » أي : رجل زان ، و الأصل فيه : من أتي المرأة ليلا للفجور ، ثمّ غلب على المطلق .

« و لا ضرب فيه » بأن يكون دخيلا في نسبه .

« فاجر » أي : فاسق ، و الأصل فيه : الميل عن الصواب ، و قال الراعي النميري :

كانت نجائب منذر و محرّق

أمّاتهن و طرقهن فحيلا

١ هذا ، و في ( البلدان ) في ( كوثى ) : عن عبيدة السلماني سمعت عليّا عليه السّلام يقول : من كان سائلا عن نسبنا فإنّنا نبط من كوثى . و عن ابن الاعرابي : قال رجل لعليّ عليه السّلام : أخبرني عن أصلكم معاشر قريش . فقال : نحن من كوثى .

فقال قوم : أراد عليه السّلام كوثى السواد الّتي ولد بها إبراهيم الخليل عليه السّلام . و قال آخرون أراد كوثى مكّة ، و ذلك أنّ محلّة بني عبد الدار يقال لها : كوثى . فأراد أنّا مكّون من أم القرى مكّة . و قال قوم : أراد عليه السّلام أنّ أبانا إبراهيم عليه السّلام كان من نبط كوثى ، و أنّ نسبنا ينتهي إليه ٢ .

و في ( اعتقادات الصدوق ) : قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : أخرجت من نكاح و لم أخرج من سفاح ، من لدن آدم‏عليه السّلام ٣ .

و في ( الطبقات ) عن الكلبي : كتب للنبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم خمسمائة أمّ ، فما وجدت فيهنّ سفاحا ، و لا شيئا ممّا كان من أمر الجاهلية ٤ .

و في ( المروج ) : أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله لمّا دفع إلى حليمة ، قال عبد المطلب

ـــــــــــــــــ

( ١ ) لسان العرب ١١ : ٥١٦ مادة ( فحل ) .

( ٢ ) معجم البلدان للحموي ٤ : ٤٨٨ و النقل بتقطيع .

( ٣ ) رواه الصدوق في الاعتقادات : ٤٥ ، و ابن سعد بثلاث طرق في الطبقات ١ ق ١ : ٣١ ، ٣٢ ، و البيهقي في الدلائل عنه منتخب كنز العمال ٤ : ٢٣٣ ، و قد مرّ الحديث في العنوان ٣ من الفصل الخامس .

( ٤ ) الطبقات لابن سعد ١ ق ١ : ٣١ .

٤١٤

في رواية :

لا همّ ربّ الراكب المسافر

يحمد قلب بخير طائر

تنح عن طريقه الفواجر

وحيه برصد الطواهر

و احبس كل حلف فاجر

في درج الريح و الأعاصر

١ ثمّ مرمى كلامه عليه السّلام : أنّ باقي الناس أسهم فيهم العاهر أبا ، و ضرب فيهم الفاجر أمّا .

و روى القمي في تفسير قوله تعالى : . . . لا تسألوا عن أشياء إنّ تبد لكم تسؤكم . . . ٢ : أنّ صفية بنت عبد المطلب مات ابن لها فأقبلت ، فقال لها الثاني ( يعني عمر ) : غطّي قرطك ، فإنّ قرابتك من النبيّ صلى اللّه عليه و آله لا تنفعك شيئا . فقالت له :

هل رأيت لي قرطا يابن اللخناء . ثمّ دخلت على النبيّ صلى اللّه عليه و آله لا تنفعك شيئا . فقالت له :

هل رأيت لي قرطا يابن اللخناء . ثمّ دخلت على النبيّ صلى اللّه عليه و آله فأخبرته بذلك و بكت ،

فخرج النبيّ صلى اللّه عليه و آله فنادي الصلاة جامعة . فاجتمع الناس ، فقال : ما بال أقوام يزعمون أنّ قرابتي لا تنفع ؟ لو قد قربت المقام المحمود لشفعت في أحوجكم ،

لا يسألني اليوم أحد : من أبواه ، إلاّ أخبرته . فقام إليه رجل ، فقال : من أبي ؟ فقال :

أبوك غير الّذي تدعى له ، أبوك فلان بن فلان . فقام آخر ، فقال : من أبي يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم ؟ فقال : أبوك الّذي تدعى له . ثمّ قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : ما بال الّذي يزعم أنّ قرابتي لا تنفع لا يسألني عن أبيه ؟ فقام إليه الثاني ( يعنى عمر ) فقال له : أعوذ باللّه من غضب اللّه و غضب رسوله اعف عنّي . . . ٣ .

و روى هشام الكلبي في ( مثالبه ) كما في ( الطرائف ) : أنّ صهاك الّتي كان عمر ينسب إليها كانت أمة حبشية لهاشم بن عبد مناف ، فوقع عليها نضلة بن

ـــــــــــــــــ

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٢٧٤ .

( ٢ ) المائدة : ١٠١ .

( ٣ ) تفسير القمي ١ : ١٨٨ .

٤١٥

هاشم ، ثمّ وقع عليها عبد العزى بن رياح فجاءتا بنفيل جدّ عمر ١ .

و قال الجاحظ في ( مفاخرات قريش ) و قد نقله ابن أبي الحديد في موضع آخر : بلغ عمر بن الخطاب أنّ أناسا من رواة الأشعار و حملة الآثار يعيبون الناس ، و يثلبونهم في أسلافهم . فقام على المنبر و قال : إيّاكم و ذكر العيوب و البحث عن الأصول ، فلو قلت : لا يخرج اليوم من هذه الأبواب إلاّ من لا وصمة فيه ، لم يخرج منكم أحد . فقام رجل من قريش نكره أن نذكره ، فقال : إذن كنت أنا و أنت يا أمير المؤمنين نخرج . فقال : كذبت ، بل كان يقال لك : يا قين بن قين ،

اقعد . قال ابن أبي الحديد : و الرجل الّذي قام هو المهاجر بن خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي ، كان عمر يبغضه لبغضه أباه خالدا ، و لأنّ المهاجر كان علوي الرأي جدّا ، و كان أخوه عبد الرحمن بخلافه ، شهد المهاجر صفين مع عليّ عليه السّلام و شهدها عبد الرحمن مع معاوية ، و كان المهاجر مع عليّ عليه السّلام في يوم الجمل و فقئت ذاك اليوم عينه ٢ .

و قال ابن أبي الحديد أيضا : روى هذا الخبر المدائني في كتاب ( أمّهات الخلفاء ) و قال : إنّه روي عند جعفر بن محمّد عليه السّلام بالمدينة فقال : لا تلمه يابن أخي ، أشفق أن يخدج بقضيّة نفيل بن عبد العزى ، و صهاك أمة الزبير بن عبد المطّلب ٣ .

قلت : الأصل في ما نقله عن المدائني ما رواه الكليني عن سماعة ، قال تعرّض رجل من ولد عمر بن الخطاب بجارية رجل عقيليّ ، فقالت له : إنّ هذا العمري قد آذاني ، فقال لها : عديه و أدخليه الدهليز . فأدخلته فشدّ عليه فقتله

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الطرائف ٢ : ٤٦٩ .

( ٢ ) نقلهما ابن أبي الحديد في شرحه ٣ : ٢٤ شرح الخطبة ٢١٢ .

( ٣ ) المصدر نفسه .

٤١٦

و ألقاه في الطريق . فاجتمع البكريون و العمريون و العثمانيون ، و قالوا : ما لصاحبنا كفو ، لن نقتل به إلاّ جعفر بن محمّد ، و ما قتل صاحبنا غيره . و كان الصادق عليه السّلام قد مضى نحو قبا . قال سماعة : فلقيته بما اجتمع القوم عليه ،

فقال : دعهم . فلما جاء و رأوه و ثبوا عليه ، و قالوا : ما قتل صاحبنا أحد غيرك ،

و ما نقتل به أحدا غيرك . فقال : ليكلّمني منكم جماعة . فاعتزل قوم منهم ، فأخذ بأيديهم فأدخلهم المسجد ، فخرجوا و هم يقولون : شيخنا أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد ، معاذ اللّه أن يكون مثله يفعل هذا ، و لا يأمر به ، انصرفوا . قال سماعة :

فمضيت معه ، و قلت : جعلت فداك ، ما كان أقرب رضاهم من سخطهم ؟ قال :

نعم دعوتهم . فقلت : امسكوا و إلاّ أخرجت الصحيفة . فقلت : و ما هذه الصحيفة جعلني اللّه فداك ؟ فقال : إنّ أمّ الخطاب كانت أمة للزبير بن عبد المطلب ، فشطر بها نفيل فأحبلها ، فطلبه الزبير فخرج هاربا إلى الطائف ، فخرج الزبير خلفه فبصرت به ثقيف ، فقالوا : يا أبا عبد اللّه ما تعمل هاهنا ؟ قال : جاريتي شطر بها نفيلكم ، فهرب منها إلى الشام . و خرج الزبير في تجارة له إلى الشام ، فدخل على ملك الدومة ، فقال له : يا أبا عبد اللّه لي إليك حاجة . قال : و ما حاجتك أيها الملك ؟ فقال : رجل من أهلك قد أخذت ولده فأحبّ أن تردّه عليه . قال : ليظهر لي حتّى أعرفه . فلمّا أن كان من الغد دخل الزبير على الملك فلمّا رآه الملك ضحك ،

فقال : ما يضحكك أيّها الملك ؟ قال : ما أظنّ هذا الرجل ولدته عربية ، إنّه لمّا رآك قد دخلت لم يملك استه أن جعل يضرط . فقال : أيّها الملك إذا صرت إلى مكّة قضيت حاجتك . فلمّا قدم الزبير تحمّل عليه ببطون قريش كلّها أن يدفع إليه ابنه فأبى ثمّ تحمّل عليه بعبد المطلّب . فقال : ما بيني و بينه عمل ، أما علمتم ما فعل في ابني فلان ، و لكن امضوا أنتم إليه . فقصدوه فكلّموه ، فقال لهم الزبير :

إنّ الشيطان له دولة ، و إنّ ابن هذا ابن الشيطان و لست آمن أن يترأس علينا ،

٤١٧