إلى الشام بصحبة عمّه أبي طالب، ولقد استأثر هذا اللقاء السريع باهتمام المستشرقين فراحوا يتساءلون: هل تعلّم النبيّ شيئاً خلال هذا اللقاء القصير؟
فإذا كانت هذه الحادثة الصغيرة قد جلبت أنظار المخالفين القدامى والجدد، فإنّه بالأحرى أن يجلب انتباههم وجود أيّ سندٍ يدل على سابق معرفة للرسول الأكرم بالقراءة والكتابة، وعدم خفاء ذلك عليهم، بل أنّ مثل هذا السند - لو وجد - سوف يقع حتماً تحت مجاهرهم التي تكبّره مرات عديدة.
ولكي نوضّح هذا الأمر ينبغي أن يتناول البحث مجالين:
الأوّل: مجال ما قبل البعثة.
الثاني: مجال ما بعد البعثة.
ويجب أن نركِّز في مجال ما بعد البعثة على القراءة والكتابة، وسوف نجد أنّ المسلَّم والقطعي الذي يتّفق عليه العلماء المسلمين وغيرهم أنّه (ص): لم تكن له أيّ معرفة بهما قبل البعثة. ولكنّ الأمر ليس كذلك وبهذا المستوى من الوضوح بالنسبة لعصر الرسالة؛ فالذي يقرب من الواقع في هذا العصر أنّه لم يكن يكتب أمّا عدم قراءته فقد وقع فيه خلاف، ويظهر من بعض الروايات الشيعية أنّه (ص): كان يقرأ في عصر البعثة دون أن يكتب. وإن كانت الروايات الشيعية مختلفة وغير متطابقة على ذلك.
ولكن الذي نستفيده من مجموع القرائن والدلائل هو: أنّه (ص) لم يكن يقرأ أو يكتب حتى في عصر البعثة.
ولمعرفة عصر ما قبل الرسالة يلزمنا البحث عن الوضع العام