مرآة العقول الجزء ٢٥

مرآة العقول15%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 385

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 385 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 6604 / تحميل: 2785
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٥

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

ودونكم مردا، ولتكن مقاتلتكم من وجه واحد واثنين، واجعلوا رقباءكم في صياصي(٤) الجبال وبأعلى الاشراف وبمناكب الأنهار، يريئون لكم، لئلا يأتيكم عدوكم من مكان مخافة أو أمن، وإذا نزلتم فانزلوا جمعيا وإذا رحلتم فارحلوا جميعا، وإذا غشيكم الليل فنزلتم فحفوا عسكركم بالرماح والترسة(٥) ، واجعلوا رماتكم يلون ترستكم، كيلا تصاب لكم غرة ولا تلقى لكم غفلة، واحرس عسكرك بنفسك، وإياك أن ترقد أو تصبح إلا غرارا(٦) أو مضمضة(٧) ، ثم ليكن ذلك شأنك ودأبك حتى تنتهي إلى عدوك، وعليك بالتأني في حزبك(٨) وإياك والعجلة إلا أن تمكنك فرصة، وإياك أن تقاتل إلا أن يبدؤوك أو يأتيك أمري، والسلام عليك ورحمة الله ).

١٥ -( باب حكم المحاربة بالقاء السم والنار، وارسال الماء، ورمي المنجنيق، وحكم من يقتل بذلك من المسلمين)

[١٢٣٨٢] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : ( أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى أن يلقى السم في بلاد المشركين ).

__________________

(٤) الصياصي: الحصون ( لسان العرب ج ٧ ص ٥٢ - صيص ).

(٥) الترسة: جمع ترس، وهو من أدوات الحرب التي كانوا يحتمون بها من ضربات السيوف ( مجمع البحرين ج ٤ ص ٥٦ ).

(٦) الغرار: النوم القليل، وقيل: هو القليل من النوم وغيره ( لسان العرب ج ٥ ص ١٧ ( غرر ) ).

(٧) مضمضة: في حديث عليعليه‌السلام ( ولا تذوقوا النوم إلا غرارا أو مضمضة ) كما جعل للنوم ذوقا أمرهم أن لا ينالوا منه إلا بألسنتهم ولا يسيغوه فشبهه بالمضمضة بالماء والقائه من الفم من غير ابتلاع ( لسان العرب ج ٧ ص ٢٣٤ ).

(٨) في المصدر: حربك.

الباب ١٥

١ - الجعفريات ص ٨٠.

٤١

[١٢٣٨٣] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: ( يقتل المشركون بكل ما أمكن قتلهم به، من حديد أو حجارة أو ماء أو نار أو غير ذلك، فذكر أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نصب المنجنيق على أهل الطائف، وقالعليه‌السلام : إن كان معهم في الحصن قوم من المسلمين، فاقفوهم معهم ولا يتعمدهم(١) بالرمي، وارموا المشركين وانذروا المسلمين(٢) - إن كانوا أقيموا مكرهين - ونكبوا عنهم ما قدرتم، فإن أصبتم منهم أحدا ففيه الدية ).

١٦ -( باب كراهة تبييت العدو، واستحباب الشروع في القتال عند الزوال)

[١٢٣٨٤] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه كان يستحب أن يبدأ بالقتال بعد زوال الشمس، وبعد أن يصلي الظهر.

١٧ -( باب أنه لا يجوز أن يقتل من أهل الحرب، المرأة ولا المقعد ولا الأعمى ولا الشيخ الفاني ولا المجنون ولا الولدان، إلا أن يقاتلوا، ولا تؤخذ منهم الجزية)

[١٢٣٨٥] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تقتلوا في الحرب إلا من جرت عليه

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٦.

(١) في المصدر: فلا تتعمدوا إليهم.

(٢) وفيه زيادة: ليتقوا.

الباب ١٦

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧١.

الباب ١٧

١ - الجعفريات ص ٧٩.

٤٢

المواسي ).

وتقدم عن الدعائم، قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في وصيته: ( ولا تقتلوا وليدا ولا شيخا كبيرا ولا امرأة )(١) .

[١٢٣٨٦] ٢ - عوالي اللآلي: وفي الحديث أن سعد بن معاذ حكم في بني قريضة، بقتل مقاتليهم وسبي ذراريهم، وأمر بكشف مؤتزرهم فمن أنبت فهو من المقاتلة، ومن لم ينبت فهو من الذاري، وصوبه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٨ -( باب جواز إعطاء الأمان ووجوب الوفاء، وإن كان المعطى له من أدنى المسلمين ولو عبدا، وكذا من دخل بشبهة الأمان)

[١٢٣٨٧] ١ - نهج البلاغة: في عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام للأشتر: ( لا تدفعن صلحا دعاك إليه عدو(١) لله فيه رضى، فإن في الصلح دعة لجنودك، ورواحة من همومك، وأمنا لبلادك، ولكن الحذر كل الحذر من عدوك بعد صلحه، فإن العدو ربما قارب ليتغفل، فخذ بالحزم واتهم في ذلك حسن الظن، وإن عقدت بينك وبين عدوك عقدة أو ألبسته منك ذمة، فحط عهدك بالوفاء وارع ذمتك بالأمانة، واجعل نفسك جنة دون ما أعطيت، فإنه ليس من فرائض الله سبحانه شئ الناس عليه أشد اجتماعا - مع تفريق أهوائهم وتشتيت آرائهم - من تعظيم الوفاء بالعهود، وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين، لما استوبلوا(٢) عن(٣) عواقب الغدر،

__________________

(١) تقدم في الباب ١٤ الحديث ١ عن الدعائم ج ١ ص ٣٦٩.

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٢١ ح ٩٧.

الباب ١٨

١ - نهج البلاغة ج ٣ ص ١١٧ ح ٥٣.

(١) في المصدر: عدوك.

(٢) استوبلوا المدينة، أي استوخموها ولم توافق أبدانهم. والوبيل: الذي لا يستمرأ ( لسان العرب ج ١١ ص ٧٢٠ ).

(٣) في المصدر: من.

٤٣

فلا تغدرن بذمتك ولا تخيسن(٤) بعهدك، ولا تختلن عدوك، فإنه لا يجترئ على الله إلا جاهل شقي، وقد جعل الله عهده وذمته أمنا أفضاه بين العباد برحمته، وحريما يسكنون إلى منعته، ويستفيضون إلى جواره فلا إدغال(٥) ولا مدالسة ولا خداع فيه، ولا تعقد عقدا يجوز فيه العلل، ولا تعولن على لحن قول بعد التأكيد والتوثقة، ولا يدعوك ضيق أمر لزمك فيه عهد الله إلى ( طلب )(٦) انفساخه بغير الحق، فإن صبرك على ضيق ( أمر )(٧) ترجو انفراجه وفضل عاقبته، خير من غدر تخاف تبعته وإن تحيط بك ( فيه من الله طلبته، لا تستقبل )(٨) فيها دنياك ولا آخرتك ).

ورواه الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول(٩) وفيه: ( لا تدفعن صلحا دعاك إليه عدوك فيه رضى، فإن في الصلح دعة لجنودك، وراحة من همومك، وأمنا لبلادك، ولكن الحذر كل الحذر من مقاربة عدوك في طلب الصلح، فإن العدو ربما قارب ليتغفل، فخذ بالحزم وتحصين(١٠) كل مخوف تؤتى منه، وبالله الثقة في جميع الأمور، وإن لجت(١١) بينك وبين عدوك قضية عقدت له بها صلحا أو ألبسته منك ذمة ) إلى آخره.

[١٢٣٨٨] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عهد إليه عهدا، وكان مما عهد فيه: ( ولا تدفعن صلحا

__________________

(٤) خاس فلان بوعده، يخيس إذا أخلف وخاس بعهده إذا غدر ونكت ( لسان العرب ج ٦ ص ٧٥ ).

(٥) إدغال: في الحديث: اتخذوا دين الله دغلا أي يخدعون الناس، وأصل الدغل، الشجر الملتف الذي يكمن أهل الفساد به ( لسان العرب ج ١١ ص ٢٤٥ ).

(٦) أثبتناه من المصدر.

(٧) أثبتناه من المصدر.

(٨) ما بين القوسين في المصدر: من الله فيه طلبه فلا تستقيل.

(٩) تحف العقول ص ٩٧.

(١٠) وفيه: تحصن.

(١١) لجت: قد لجت القضية بيني وبينك: أي وجبت ( لسان العرب ج ٢ ص ٣٥٥ ).

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٦٧.

٤٤

دعاك إليه عدوك فإن في الصلح دعة للجنود، ورخاء للهموم، وأمنا للبلاد، فإن أمكنتك القدرة والفرصة من عدوك، فانبذ عهده إليه، واستعن بالله عليه، وكن أشد ما تكون لعدوك حذرا عندما يدعوك إلى الصلح، فإن ذلك ربما يكون مكرا وخديعة، وإذا عاهدت فحط عهدك بالوفاء، وارع ذمتك بالأمانة والصدق ) الخ(١) .

[١٢٣٨٩] ٣ - وعن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه )، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ( ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم ).

[١٢٣٩٠] ٤ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: ( خطب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجد الخيف، فقال: رحم الله امرءا مقالتي فوعاها، وبلغها إلى من ليسمعها، فرب حامل فقه وليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ( وقال )(١) : ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لائمة المسلمين، وللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم، والمسلمون إخوة تكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، فإذا أمن أحد من المسلمين أحدا من المشركين، لم يجب أن تخفر ذمته(٢) ).

[١٢٣٩١] ٥ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: ( إذا أومأ أحد من

__________________

(١) ورد في هامش الحجرية ما لفظه ( نسب في الدعائم عهدهعليه‌السلام إلى الأشتر، إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنه عهد إليه - عليعليه‌السلام -  وفرقه على أبواب مخصوصة ) ( منه قده ). علما أن عهد الإمامعليه‌السلام إلى مالك الأشتر الموجود في نهج البلاغة يختلف عن العهد المذكور في الدعائم مع تشابه في بعض الفقرات.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٨.

٤ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) ورد في هامش الحجرية ما نصه: قوله: ( لم يجب أن تخفر ذمته ) هكذا كان الأصل ولعل الصحيح يجب أن لا يخفر، كما يظهر بالتأمل.

٥ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٨.

٤٥

المسلمين، أو أشار بالأمان إلى أحد من المشركين، فنزل على ذلك فهو في أمان ).

[١٢٣٩٢] ٦ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: ( الأمان جائز بأي لسان كان ).

[١٢٣٩٣] ٧ - ابن الشيخ الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن أبي بكر الجعابي، عن أحمد بن محمد بن عقدة، عن محمد بن إسماعيل، عن عم أبيه الحسين بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام قال: ( أوفوا بعهد من عاهدتم ).

[١٢٣٩٤] ٨ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: ( إذا أومأ(١) أحد من المسلمين إلى أحد من أهل الحرب(٢) فهو أمان ).

ورواه السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، مثله(٣) .

[١٢٣٩٥] ٩ وبهذا الاسناد عن عليعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس للعبد من الغنيمة شئ، إلا من خرثي(١) المتاع، وأمانه جائز، وأمان المرأة إذا هي أعطت القوم الأمان ).

__________________

٦ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٨.

٧ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٢١١.

٨ - الجعفريات ص ٨١.

(١) في المصدر: رمى.

(٢) في المصدر زيادة: بحبل.

(٣) نوادر الراوندي ص ٣٢.

٩ - الجعفريات ص ٨١

(١) في الطبعة الحجرية ( تجفى )، وفى المصدر ( يخفى )، والظاهر ما أثبتناه هو الصواب، وقد وردت الكلمة في الحديث ٦ من الباب ٣٩، والخرثي: متاع البيت أو ردئ المتاع ( النهاية ج ٢ ص ١٩ ).

٤٦

١٩ -( باب تحريم الغدر والقتال مع الغادر)

[١٢٣٩٦] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال له فيما عهد إليه: ( وإياك والغدر بعهد الله والاخفار لذمته، فإن الله جعل عهده وذمته أمانا أمضاه بين العباد برحمته، والصبر على ضيق ترجو انفراجه، خير من غدر تخاف ( أوزاره وتبعاته )(١) وسوء عاقبته ).

[١٢٣٩٧] ٢ - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( الوفاء توأم الصدق، ولا أعلم جنة أوفى منه، وما يغدر من علم كيف المرجع، ولقد أصبحنا في زمان قد اتخذ أكثر أهله الغدر كيسا، ونسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة، ما لهم قاتلهم الله! قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونه مانع من أمر الله ونهيه، فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين ).

وقالعليه‌السلام (١) : ( الوفاء لأهل الغدر غدر عند الله، والغدر بأهل(٢) الغدر وفاء عند الله ).

[١٢٣٩٨] ٣ - الصدوق في الخصال: عن الحسن بن عبد الله العسكري، عن محمد بن موسى بن الوليد، عن يحيى بن حاتم، عن يزيد بن هارون، عن شعبة، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود،

__________________

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٦٨.

(١) في المصدر: تبعه نقمته.

٢ - نهج البلاغة ج ١ ص ٨٨ رقم ٤٠.

(١) نهج البلاغة ج ٣ ص ٢١٠ رقم ٢٥٩.

(٢) في الحجرية: لأهل، وما أثبتناه من المصدر.

٣ - الخصال ج ١ ص ٢٥٤ ح ١٢٩.

٤٧

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ( أربع من كن فيه فهو منافق - إلى أن قال - وإذا عاهد غدر ).

[١٢٣٩٩] ٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: ( أسرع الأشياء عقوبة، رجل عاهدته على أمر، وكان من نيتك الوفاء به، ومن )(١) نيته الغدر بك ).

٢٠ -( باب أنه يحرم أن يقاتل في الأشهر الحرم من يرى لها حرمة، ويجوز أن يقاتل من لا يرى لها حرمة)

[١٢٤٠٠] ١ - العياشي في تفسيره: عن العلاء بن الفضيل قال: سألته عن المشركين، أيبتدئ بهم المسلمون بالقتال في الشهر الحرام؟ فقال: ( إذا كان المشركون ابتدؤوهم باستحلالهم ورأي المسلمون أنهم يظهرون عليهم فيه، وذلك قوله:( الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص ) (١) .

[١٢٤٠١] ٢ - علي بن إبراهيم في تفسيره: الأشهر الحرم: رجب مفرد، وذو القعدة وذو الحجة ومحرم متصله، حرم الله فيها القتال، ويضاعف فيها الذنوب وكذلك الحسنات.

[١٢٤٠٢] ٣ - وقال في قوله تعالى:( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل ) (١) الآية: فإنه كان سبب نزولها، لما هاجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة، بعث السرايا إلى الطرقات التي تدخل مكة تتعرض لعير قريش،

__________________

٤ - الغرر ج ١ ص ١٩٥ ح ٣٥١.

(١) في المصدر: له وفى.

الباب ٢٠

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٨٦ ح ٢١٥.

(١) البقرة: ٢ ١٩٤.

٢ - تفسير القمي ج ١ ص ٦٧.

٣ - تفسير القمي ج ١ ص ٧١.

(١) البقرة ٢: ٢١٧.

٤٨

حتى بعث عبد الله بن جحش في نفر من أصحابه إلى نخلة - وهي بستان بني عامر - ليأخذوا عير قريش ( حين )(٢) أقبلت من الطائف، عليها الزبيب والادم والطعام، فوافوها وقد نزلت العير وفيهم عمرو بن الحضرمي - إلى أن قال - فحمل عليهم عبد الله بن جحش، وقتل ابن الحضرمي وأفلت أصحابه، وأخذوا العير بما فيها وساقوها إلى المدينة، وكان ذلك في أول يوم من رجب من الأشهر الحرم، فعزلوا العير وما كان عليها لم ينالوا منها شيئا، فكتبت قريش إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنك استحللت الشهر الحرام، وسفكت فيه الدم وأخذت المال، وكثر القول في هذا، وجاء أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا: يا رسول الله، أيحل القتل في الشهر الحرام؟ فأنزل الله:( ويسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله ) (٣) الآية.

قال: القتال في الشهر الحرام عظيم الخبر.

٢١ -( باب حكم الأسارى في القتل، ومن عجز منهم عن المشي)

[١٢٤٠٣] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: ( أسر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر أسارى، وأخذ الفداء منهم، فالامام مخير إذا أظفره الله بالمشركين، بين(١) أن يقتل المقاتلة، أو يأسرهم ويجعلهم في الغنائم ويضرب عليهم السهام، ومن رآى المن عليه منهم من عليه، ومن رأى أن يفادى به فادى به، إذا رأى فيما يفعله من ذلك كله الصلاح المسلمين ).

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ٢١٧.

الباب ٢١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٧.

(١) في الطبعة الحجرية ( من )، وما أثبتناه من المصدر.

٤٩

[١٢٤٠٤] ٢ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه أتي بأسير يوم صفين فقال: لا تقتلني يا أمير المؤمنين، فقال: ( أفيك خير أتبايع؟ ) قال: نعم، قال للذي جاء به: ( لك سلاحه، وخل سبيله )، وأتاه عمار بأسير فقتله.

[١٢٤٠٥] ٣ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر: من استطعتم أن تأسروه(١) من بني عبد المطلب فلا تقتلوه، فإنهم إنما أخرجوا كرها ).

[١٢٤٠٦] ٤ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن ( نمير بن وعلة )(١) ، عن الشعبي قال: لما أسر عليعليه‌السلام الأسرى يوم صفين فخلى سبيلهم أتوا معاوية، وقد كان عمرو بن العاص يقول لاسرى أسرهم معاوية: اقتلهم، فما شعروا إلا بأسراهم قد خلى سبيلهم عليعليه‌السلام ، فقال معاوية: يا عمرو لو أطعناك في هؤلاء الأسرى لوقعنا في قبيح من الامر، ألا ترى قد خلى سبيل أسرانا، فأمر بتخلية من في يديه من أسرى عليعليه‌السلام ، وقد كان عليعليه‌السلام إذا أخذ أسيرا من أهل الشام خلى سبيله، إلا أن يكون قد قتل من أصحابه أحدا فيقتله به، فإذا خلى سبيله فإن عاد الثانية قتله ولم يخل سبيله الخبر.

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٣.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٦.

(١) في الطبعة الحجرية ( تأسروا )، وما أثبتناه من المصدر.

٤ - وقعه صفين ص ٥١٨.

(١) في الطبعة الحجرية ( غير بن عله )، وما أثبتناه من المصدر، وقد جاء في هامشه: ( ذكره في لسان الميزان مصحفا برسم: نمير بن دعلة ).

٥٠

٢٢ -( باب أن من كان له فئة من أهل البغي وجب أن يتبع مدبرهم ويجهز على جريهم ويقتل أسيرهم، ومن لم يكن له فئة لم يفعل ذلك بهم)

[١٢٤٠٧] ١ - دعائم الاسلام: وإذا انهزم أهل البغي وكانت لهم فئة يلجؤون إليها، طلبوا وأجهز على جرحاهم واتبعوا وقتلوا، ما أمكن اتباعهم وقتلهم، وكذلك سار أمير المؤمنينعليه‌السلام في أصحاب صفين، لان معاوية كان وراءهم، وإذا لم يكن لهم فئة لم ( يطلبوا )(١) ولم يجهز على جرحاهم، لأنهم إذا ولوا تفرقوا، وكذلك روينا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه سار في أهل الجمل، لما قتل طلحة والزبير، وقبض على عائشة، وانهزم أصحاب الجمل، نادى مناديه: لا تجهزوا على جريح، ولا تتبعوا مدبرا، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ثم دعا ببغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الشهباء فركبها، ثم قال: ( تعال يا فلان وتعال يا فلان ) ) حتى جمع(٢) إليه زهاء ستين شيخا كلهم من همدان، قد شكوا(٣) الأترسة وتقلدوا السيوف ولبسوا المغافر، فسار وهم حوله حتى انتهى إلى دار عظيمة فاستفتح ففتح له، فإذا هو بنساء يبكين بفناء الدار، فلما نظرن إليه صحن صيحة واحدة وقلن: هذا قاتل الأحبة، فلم يقل لهن شيئا، وسأل عن حجرة عائشة، ففتح له بابها ودخل، وسمع منهما كلام شبيه بالمعاذير، لا والله وبلى والله، ثم إنهعليه‌السلام خرج فنظر إلى امرأة(٤) فقال لها:

__________________

الباب ٢٢

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٤.

(١) في المصدر: يتبعوا بالقتل.

(٢) وفيه: اجتمع.

(٣) وفيه: تنكبوا.

(٤) في المصدر زيادة: طواله أدماء تمشى في الدار.

٥١

( إلي يا صفية ) ( فأتته مسرعة )(٥) فقال: ( ألا تبعدين هؤلاء ( الكليبات )(٦) ، يزعمن أني قاتل الأحبة، لو كنت قاتل الأحبة لقتلت من في هذه الحجرة ومن في هذه ومن في هذه ) وأومأعليه‌السلام بيده إلى ثلاث حجر، ( فذهبت إليهن )(٧) فما بقيت في الدار صائحة إلا سكتت ولا قائمة إلا قعدت، قال الأصبغ وهو صاحب الحديث: وكان في إحدى الحجرات عائشة ومن معها من خاصتها، وفي الأخرى مروان بن الحكم وشباب من قريش، وفي الأخرى عبد الله بن الزبير وأهله، فقيل للأصبغ: فهلا بسطتم أيديكم على هؤلاء(٨) ، أليس هؤلاء كانوا أصحاب القرحة، فلم استبقيتموهم؟ قال(٩) : قد ضربنا بأيدينا إلى قوائم سيوفنا، وحددنا أبصارنا نحوه لكي يأمرنا فيهم بأمر، فما فعل وواسعهم عفوا.

[١٢٤٠٨] ٢ - الشيخ المفيدرضي‌الله‌عنه في كتاب الكافئة في إبطال توبة الخاطئة: عن أبي مخنف لوط بن يحيى، عن عبد الله بن عاصم، عن محمد بن بشير الهمداني قال: ورد كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام مع عمر بن سلمة الأرحبي إلى أهل الكوفة، فكبر الناس تكبيرة سمعها عامة الناس واجتمعوا لها في المسجد، ونودي الصلاة جمعا فلم يتخلف أحد، وقرئ الكتاب فكان فيه: ( بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله أمير المؤمنين إلى قرظة بن كعب ومن قبله من المسلمين، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم، الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإنا لقينا القوم الناكثين  - إلى أن قالعليه‌السلام - فلما هزمهم الله، أمرت أن لا يتبع مدبر، ولا يجاز(١) على جريح، ولا يكشف عورة، ولا يهتك ستر، ولا يدخل دار إلا

__________________

(٥) في المصدر: قالت: لبيك يا أمير المؤمنين.

(٦) وفيه: الكلبات عنى.

(٧) ليس في المصدر.

(٨) في المصدر زيادة: فقتلتموهم.

(٩) وفيه: قال الأصبغ.

٢ - الكافئة في أبطال توبة الخاطئة:

(١) أجاز عليه: قتله ونفذ فيه أمره ( لسان العرب ج ٥ ص ٣٢٧ ).

٥٢

بإذن، وآمنت الناس ) الخبر.

[١٢٤٠٩] ٣ - وفي أماليه: عن علي بن خالد المراغي، عن الحسن بن علي، عن جعفر بن محمد بن مروان، عن أبيه، عن إسحاق بن يزيد، عن خالد بن مختار، عن الأعمش، عن حبة العرني، قال في حديث: فلما كان يوم الجمل وبرز الناس بعضهم لبعض - إلى أن قال - فولى الناس منهزمين، فنادى منادي أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا تجيزوا على جريح، ولا تتبعوا مدبرا، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن.

[١٢٤١٠] ٤ - وعن أبي بكر محمد بن عمر الجعابي، عن ابن عقدة، عن عبد الله بن مستورد، عن محمد بن ميسر(١) عن إسحاق بن رزين(٢) ، عن محمد بن الفضل بن عطا مولى مزينة قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيهعليهما‌السلام ، عن محمد بن عليعليه‌السلام ابن الحنفية قال: كان اللواء معي يوم الجمل - إلى أن قال - ثم أمر مناديه فنادى: لا يدفف(٣) على جريح، ولا يتبع مدبر، ومن أغلق بابه فهو آمن.

[١٢٤١١] ٥ - محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة: عن محمد بن همام، عن أحمد بن مابنداذ، عن أحمد بن هليل، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ( لما التقى أمير المؤمنينعليه‌السلام وأهل البصرة، نشر الراية - رأيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - فتزلزلت أقدامهم، فما اصفرت الشمس حتى قالوا: امنا يا ابن أبي طالب، فعند ذلك قال: ( لا تقتلوا الاسراء، ولا تجهزوا على(١) جريح،

__________________

٣ - أمالي المفيد ص ٥٨.

٤ - أمالي المفيد ص ٢٤.

(١) في المصدر: منير.

(٢) وفيه: وزير.

(٣) أدفف على الجريح: أجهز عليه وأتمم قتله ( لسان العرب ج ٩ ص ١٠٥ ).

٥ - غيبه النعماني ص ٣٠٧.

(١) ليس في المصدر.

٥٣

ولا تتبعوا موليا، ومن القى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن ).

[١٢٤١٢] ٦ - وعن علي بن الحسين قال: حدثني محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن حسان(١) الرازي، عن محمد بن علي الكوفي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: ( إن علياعليه‌السلام قال: كان لي أن اقتل المولى وأجهز على الجريح، ولكن تركت ذلك للعاقبة من أصحابي إن خرجوا(٢) لم يقتلوا، والقائمعليه‌السلام ( له )(٣) أن يقتل المولي ويجهز على الجريح ).

[١٢٤١٣] ٧ - فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره: عن عبيد بن كثير، بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال: لما هزمنا أهل البصرة، جاء علي بن أبي طالبعليه‌السلام حتى أسند إلى حائط من حيطان البصرة، ثم ذكر دخولهعليه‌السلام في دار كانت فيها عائشة وجماعة مجروحون، إلى أن قال الراوي للأصبغ: يا أبا القاسم هؤلاء أصحاب القرحة، هلا ملتم عليهم بحد(١) السيوف؟ قال: يا ابن أخي، أمير المؤمنين كان أعلم منك وسعهم أمانه، إنا لما هزمنا القوم نادى مناديه: لا يدفف على جريح، ولا يتبع مدبر، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، سنة يستن بها بعد يومكم هذا الخبر.

__________________

٦ - غيبه النعماني ص ٢٣١.

(١) في الطبعة الحجرية ( الحسن ) وما أثبتناه من المصدر، كما تكرر كثيرا هذا السند في الغيبة ص ٢٣٣ ح ١٨ وص ٢٣٦ ح ٢٥ وص ٢٣٧ ح ٢٦ وص ٢٤١ ح ٣٨ و ص ٢٨٩ ح ٦ وص ١١٥ ح ١١ وص ٨٦ ح ١٧ وغيرها، انظر أيضا جامع الرواه ج ٢ ص ١٥٧.

(٢) في المصدر: جرحوا.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٧ - تفسير فرات الكوفي ص ٢٩.

(١) في المصدر: بهذه.

٥٤

[١٢٤١٤] ٨ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن نمير بن وعلة(١) ، عن الشعبي قال: لما أسر عليعليه‌السلام أسرى يوم صفين  - إلى أن قال - وكان لا يجيز على الجرحى، ولا على من أدبر بصفين لمكان معاوية.

[١٢٤١٥] ٩ - وعن عمر بن سعد بإسناده قال: كان من أهل الشام بصفين رجل يقال له الأصبغ بن ضرار، وكان يكون طليعة ومسلحة(١) فندب له عليعليه‌السلام الأشتر، فأخذه أسيرا من غير أن يقاتل، وكان عليعليه‌السلام ينهى عن قتل الأسير الكاف، فجاء به ليلا وشد وثاقه وألقاه مع أضيافه ينتظر به الصباح، وكان الأصبغ شاعرا مفوها ( فأيقن بالقتل )(٢) ، ونام أصحابه فرفع صوته وأسمع الأشتر أبياتا يذكر فيها حاله ويستعطفه، فغدا به الأشتر عليعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين هذا رجل من المسلحة لقيته بالأمس، والله لو علمت أن قتله الحق قتلته، وقد بات عندنا الليلة وحركنا، فإن كان فيه القتل فاقبله وإن غضبنا فيه، وإن كنت فيه بالخيار فهبه لنا، قال: ( هو لك يا مالك، فإذا أصبت أسير أهل القبلة فلا تقتله فإن أسير أهل القبلة لا يفادى ولا يقتل ) فرجع به الأشتر إلى منزله وقال: لك ما أخذنا منك(٣) وليس لك عندنا غيره.

[١٢٤١٦] ١٠ - القاضي نعمان المصري صاحب الدعائم في شرح الاخبار: عن سلام قال: شهدت يوم الجمل - إلى أن قال - وانهزم أهل البصرة، نادى

__________________

٨ - كتاب صفين ص ٥١٨.

(١) راجع ص ٥٠ ح ٤ هامش ١.

٩ - كتاب صفين ص ٤٦٦.

(١) في المصدر زيادة: لمعاوية.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) في الطبعة الحجرية ( معك )، وما أثبتناه من المصدر.

١٠ - شرح الاخبار.

٥٥

منادي عليعليه‌السلام : لا تتبعوا مدبرا، ولا من ألقى سلاحه، ولا تجهزوا على جريح، فإن القوم قد ولوا وليس لهم فئة يلجؤون إليها، جرت السنة بذلك في قتال أهل البغي.

٢٣ -( باب حكم سبي أهل البغي وغنائمهم)

[١٢٤١٧] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه لما هزم أهل الجمل، جمع كل ما أصابه في عسكرهم مما أجبلوا به عليه، فخمسه وقسم أربعة أخماسه على أصحابه ومضى، فلما صار إلى البصرة قال أصحابه: يا أمير المؤمنين اقسم بيننا ذراريهم وأموالهم، قال: ( ليس لكم ذلك ) قالوا: وكيف أحللت لنا دماءهم ولم تحلل لنا سبي ذراريهم؟ قال: ( حاربنا الرجال فقتلناهم فأما النساء ( والذراري )(١) فلا سبيل لنا عليهن، لأنهن مسلمات وفي دار هجرة فليس لكم عليهن من سبيل، ( وما أجلبوا به )(٢) واستعانوا به على حربكم وضمه عسكرهم وحواه فهو لكم، وما كان في دورهم فهو ميراث على فرائض الله، ( لذراريهم )(٣) وعلى نسائهم العدة، وليس لكم عليهن ولا على الذراري من سبيل ) فراجعوه في ذلك، فلما أكثروا عليه قال: ( هاتوا سهامكم فاضربوا على عائشة أيكم يأخذها وهي رأس الامر!؟ ) فقالوا: نستغفر الله، قال: ( فأنا استغفر الله ) فسكتوا ولم يتعرض(٤) لما كان في دورهم و ( لا )(٥) لنسائهم ولا لذراريهم.

[١٢٤١٨] ٢ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: ( ما أجلب به أهل البغي من مال

__________________

الباب ٢٣

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: فأما ما أجلبوا عليكم به لذراريهم.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) وفيه: يعرض.

(٥) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٦.

٥٦

وسلاح وكراع(١) ومتاع وحيوان وعبد وأمة وقليل وكثير، فهو فئ يخمس ويقسم كما تقسم غنائم المشركين ).

[١٢٤١٩] ٣ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه سأله عمار حين دخل البصرة فقال: يا أمير المؤمنين، بأي شئ تسير في هؤلاء؟ قال: ( بالمن والعفو، كما سار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في أهل مكة ).

[١٢٤٢٠] ٤ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال: ( سار عليعليه‌السلام بالمن والعفو في عدوه من أجل شيعته، ( لأنه )(١) كان يعلم أنه سيظهر عليهم عدوهم من بعده، فأحب أن يقتدي من جاء من بعده به، فيسير في شيعته بسيرته، ولا يجاوز فعله فيرى الناس أنه تعدى وظلم ).

[١٢٤٢١] ٥ - وفي شرح الاخبار لصاحب الدعائم: عن موسى بن طلحة بن عبيد الله، وكان فيمن أسر يوم الجمل وحبس مع من حبس من الأسارى بالبصرة، فقال: كنت في سجن عليعليه‌السلام بالبصرة، حتى سمعت المنادي ينادي، أين موسى بن طلحة بن عبيد الله؟ قال: فاسترجعت واسترجع أهل السجن، وقالوا: يقتلك، فأخرجني إليه، فلما وقفت بين يديه قال لي: ( يا موسى ) قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: ( قل استغفر الله ) قلت: استغفر الله وأتوب إليه، ثلاث مرات، فقال لمن كان معي من رسله: ( خلوا عنه ) وقال لي: ( اذهب حيث شئت، وما وجدت لك في عسكرنا من سلاح أو كراع فخذه، واتق الله فيما تستقبله من أمرك، واجلس في بيتك ) فشكرت وانصرفت، وكان عليعليه‌السلام قد أغنم

__________________

(١) الكراع: السلاح، وقيل: هو اسم يجمع الخيل والسلاح ( لسان العرب ج ٨ ص ٣٠٧.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٤.

٤ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٤.

(١) ليس في المصدر.

٥ - شرح الاخبار.

٥٧

أصحابه ما أجلب به أهل البصرة إلى قتاله - أجلبوا به يعني اتوا به في عسكرهم - ولم يعرض لشئ غير ذلك لورثتهم، وخمس ما أغنمه مما أجلبوا به عليه، فجرت أيضا بذلك السنة.

[١٢٤٢٢] ٦ - وعن إسماعيل بن موسى، بإسناده عن أبي البختري قال: لما انتهى عليعليه‌السلام إلى البصرة خرج أهلها - إلى أن قال - فقاتلوهم وظهروا عليهم وولوا منهزمين، فأمر عليعليه‌السلام مناديا ينادي: لا تطعنوا في غير مقبل، ولا تطلبوا مدبرا، ولا تجهزوا على جريح، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، وما كان بالعسكر فهو لكم مغنم، وما كان في الدور فهو ميراث يقسم بينهم على فرائض الله عز وجل، فقام إليه قوم من أصحابه فقالوا: يا أمير المؤمنين من أين أحللت لنا دماءهم وأموالهم وحرمت علينا نساءهم؟ فقال: ( لان القوم على الفطرة، وكان لهم ولاء قبل الفرقة، وكان نكاحهم لرشده ) فلم يمرضهم ذلك من كلامهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لهم: ( هذه السيرة في أهل القبلة فأنكرتموها، فانظروا أيكم يأخذ عائشة في سهمه!؟ ) فرضوا بما قال، فاعترفوا صوابه وسلموا الامر.

[١٢٤٢٣] ٧ - الشيخ المفيد في كتاب الكافئة في إبطال توبة الخاطئة: عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام في حديث: ( أن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال لعبد الله بن وهب الراسبي، لما قال في شأن أصحاب الجمل: إنهم الباغون الظالمون الكافرون المشركون، قال: أبطلت يا بن السوداء، ليس القوم كما تقول، لو كانوا مشركين سبينا أو غنمنا أموالهم، وما ناكحناهم ولا وارثناهم ).

[١٢٤٢٤] ٨ - كتاب درست بن أبي منصور: عن الوليد بن صبيح قال: سأل المعلى بن خنيس أبا عبد اللهعليه‌السلام ، فقال: جعلت فداك، حدثني

__________________

٦ - شرح الاخبار:

٧ - الكافئة:

٨ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٤.

٥٨

عن القائمعليه‌السلام إذا قام يسير بخلاف سيرة عليعليه‌السلام ، قال: فقال له: ( نعم ) قال: فأعظم ذلك معلى، وقال: جعلت فداك، مم ذاك؟ قال: فقال: ( لان علياعليه‌السلام سار بالناس سيرة وهو يعلم أن عدوه سيظهر على وليه من بعده، وأن القائمعليه‌السلام إذا قام ليس إلا السيف، فعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، وافعلوا(١) فإنه إذا كان ذاك لم تحل مناكحتهم ولا موارثتهم ).

[١٢٤٢٥] ٩ - الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية: عن محمد بن علي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام - في حديث طويل، في قصة أهل النهروان، إلى أن قال -: ( قال(١) لهم عليعليه‌السلام : فأخبروني ماذا أنكرتم علي؟(٢) قالوا: أنكرنا أشياء يحل لنا قتلك بواحدة منها - إلى أن قالوا - وأما ثانيها: إنك حكمت يوم الجمل فيهم بحكم خالفته بصفين، قلت لنا يوم الجمل: لا تقتلوهم مولين ولا مدبرين ولا نياما ولا ايقاظا، ولا تجهزوا على جريح، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فلا سبيل عليه، وأحللت لنا سبي الكراع والسلاح، وحرمت علينا سبي الذراري، وقلت له بصفين: اقتلوهم ( مولين و )(٣) مدبرين ونياما وايقاظا، وأجهزوا على كل جريح، ومن ألقى سلاحه فاقتلوه، ومن أغلق بابه فاقتلوه، وأحللت لنا سبي الكراع والسلاح والذراري، فما العلة فيها اختلف فيه الحكمان؟ إن يكن هذا حلالا فهذا حلال، وإن يكن هذا حراما فهذا حرام - إلى أن قال - ثم قالعليه‌السلام : ( وأما(٤) حكمي يوم الجمل بما خالفته يوم صفين، فإن

__________________

(١) في المصدر هكذا: وافعلوا ولا فعلوا.

٩ - الهداية ص ٢٣ أ.

(١) نفس المصدر ص ٢٤ أ.

(٢) في المصدر زيادة: والقتال بغير السؤال والجواب لكم وأنتم المقتولون.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) نفس المصدر ص ٢٥ أ.

٥٩

أهل الجمل أخذت عليهم بيعتي فنكثوها وخرجوا من حرم الله وحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى البصرة، ولا إمام لهم ولا دار حرب تجمعهم، فإنما أخرجوا عائشة زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله معهم لكراهتها لبيعتي، وقد خبرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأن خروجها علي(٥) بغي وعدوان، من أجل قوله عز وجل:( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ) (٦) وما من أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واحدة أتت بفاحشة غيرها، فإن فاحشتها كانت عظيمة، أولها خلافها فيها أمرها الله في قوله عز وجل:( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) (٧) فإن تبرجها أعظم من خروجها وطلحة والزبير إلى الحج، فوالله ما أرادوا حجة ولا عمرة، ومسيرها من مكة إلى البصرة، واشعالها حربا قتل فيه طلحة والزبير وخمسة وعشرون ألفا من المسلمين، وقد علمتم أن الله عز وجل يقول:( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها ) (٨) إلى آخر الآية، فقلت لكم لما أظهرنا الله عليهم ما قلته، لأنه لم تكن لهم دار حرب تجمعهم، ولا إمام يداوي جريحهم ويعيدهم إلى قتالكم مرة أخرى، وأحللت لكم الكراع والسلاح(٩) وحرمت(١٠) الذراري، فأيكم يأخذ عائشة زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في سهمه؟ ) قالوا: صدقت والله في جوابك، وأصبت وأخطأنا، والحجة لك، قال لهم: ( وأما قولي بصفين: اقتلوهم مولين ومدبرين ونياما وايقاظا، وأجهزوا على كل جريح، ومن ألقى سلاحه فاقتلوه، ومن أغلق بابه فاقتلوه، وأحللت لكم سبي الكراع والسلاح وسبي الذراري،

__________________

(٥) في المصدر زيادة: خروج.

(٦) الأحزاب ٣٣: ٣٠.

(٧) الأحزاب ٣٣: ٣٣.

(٨) النساء ٤: ٩٣.

(٩) في المصدر زيادة: لأنه به قدروا على قتالكم ولو كنت أحللت الكراع والسلاح.

(١٠) في المصدر: وسبي.

٦٠

مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ »(١) في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع فطال لها الاستماع ولئن تقمصها دوني الأشقيان ونازعاني فيما ليس لهما بحق وركباها ضلالة واعتقداها جهالة فلبئس ما عليه وردا ولبئس ما لأنفسهما مهدا يتلاعنان في دورهما ويتبرأ كل واحد منهما من صاحبه يقول لقرينه إذا التقيا «يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ

أن المولى الذي أثبت لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو بالمعنى الذي أثبته الله لنفسه ، فيقوله «مَوْلاهُمُ الْحَقِّ » أي السيد المطاع ، والأولى بالنفس والمال. والثاني : أن يكون المراد إنزال الآية اللاحقة بأن يكون مولاهم مبتدأ ، والحق خبره ، ويكون المراد بالمولى أمير المؤمنينعليه‌السلام كما ورد به بعض الأخبار في تفسيرها ، ويكون في قراءة أهل البيتعليهم‌السلام الحق بالرفع ، ويمكن توجيهه على القراءة المشهورة التي هي بالجر أيضا بهذا المعنى ، بأن يكون مولاهم بدل اشتمال للجلالة ، والرد إليه تعالى يكون على المجاز ، والمعنى الرد إلى حججه للحساب ، وقد شاع أن الملوك ينسبون إلى أنفسهم ما يرتكبه خدمهم كما ورد في تفسير قوله تعالى : «إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ »(٢) أنهمعليهم‌السلام قالوا : إلينا إياب الخلق ، وعلينا حسابهم ، والحق خلاف الباطل ، والثابت الباقي ، وقيل : هو بمعنى المحق.

قوله عليه‌السلام : « في مناقب » متعلق بأول الكلام أي قائلا في محفلة هذا في جملة مناقب ، ويمكن أن يقرأ « في » بالتشديد ومناقب بالضم بأن يكون مبتدأ والظرف خبره.

قوله عليه‌السلام : « ولئن تقمصها » يقال : تقمص القميص أي لبسه ، والضمير راجع إلى الخلافة أي لبسوها كالقميص.

قوله عليه‌السلام : « واعتقداها » أي حفظاها وشداها على أنفسهما أو اعتقدا وظنا أنها لهما ، قال الجوهري(٣) : اعتقد ضيعة ومالا أي اقتناهما واعتقد كذا بقلبه.

قوله عليه‌السلام : « يتلاعنان في دورهما » أي في نار البرزخ ونار الخلد أقول

__________________

(١) الأنعام : ٦٢.

(٢) الغاشية : ٢٥.

(٣) الصحاح : ج ١ ص ٥٠٧.

٦١

الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ » فيجيبه الأشقى على رثوثة يا ليتني لم أتخذك خليلا لقد أضللتني «عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً » فأنا الذكر الذي عنه ضل والسبيل الذي عنه مال والإيمان الذي به كفر والقرآن الذي إياه هجر والدين الذي به كذب والصراط الذي عنه نكب ولئن رتعا في الحطام المنصرم والغرور المنقطع وكانا منه «عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ » لهما على شر ورود في أخيب وفود وألعن مورود يتصارخان باللعنة ويتناعقان بالحسرة ما لهما من راحة ولا عن عذابهما

ظاهر هذه الفقرات أن هذه الخطبة كانت بعد انقضاء دولتهما ووصولهما إلى عذاب الله وهو ينافي ما مر في أول الخبر أنها كانت بعد سبعة أيام من وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيحمل على أنها إخبار عما يكون من حالهما بعد ذهابهما إلى عذاب الله« يقول لقرينة » أي أبو بكر لعمر ، والأشقى هو عمر ، والرثوثة : البذاذة وسوء الحال ، وقد ورد في الأخبار(١) أن المراد « بغلان » في الآية أبو بكر ، والذكر هو ولاية عليعليه‌السلام .

قوله عليه‌السلام : « والحطام » الحطام المتسكر من الخشب ، والحشيش والنبات ويشبه به الدنيا ، لعدم ثباتها وكونها مشوبة بما يكدرها.

قوله عليه‌السلام : « لهما » في موضع جزاء الشرط ، واللام لجواب القسم المقدسقوله عليه‌السلام : « في أخيب وفود » الوفود : الورود ، وجمع الوافد ، والمراد هنا الثاني ،قوله عليه‌السلام : « وألعن مورود » والظاهر أن « ألعن » هنا مشتق من المبني للمفعول على خلاف القياس كأعذر وأشهر وأعرف : أي يدخلون في قوم مورود عليهم هم أكثر الناس استحقاقا للعن ، ويحتمل أن يكون مشتقا من المبني للفاعل أي القوم الذين هم يردون عليهم يلعنونهم أشد اللعن.

قوله عليه‌السلام : « ويتناعقان » النعيق : صوت الغراب ، والصوت الذي يزجر به الغنم وقد شاع في عرف العرب والعجم تشبيه الصوت الذي يصدر عند غاية الشدة بصوت البهائم.

__________________

(١) البرهان في تفسير القرآن : ج ٣ ص ١٦٢ ـ ١٦٥. الأحاديث ٤ و ٥ و ٩ و ١٠.

٦٢

من مندوحة إن القوم لم يزالوا عباد أصنام وسدنة أوثان يقيمون لها المناسك وينصبون لها العتائر ويتخذون لها القربان ويجعلون لها البحيرة والوصيلة والسائبة

قوله عليه‌السلام : « من مندوحة » المندوحة السعة.

قوله عليه‌السلام : « وسدنة أوثان » قال الجوهري(١) : السادن : خادم الكعبة وبيت الأصنام ، والجمع السدنة.

قوله عليه‌السلام : « يقيمون لها المناسك » أي الذبائح والقرابين ويحتمل مناسك الحج وسائر العبادات أيضا.

قوله عليه‌السلام : « وينصبون لها العتائر » قال في النهاية(٢) : وفيه على كل مسلم أضحاة وعتيرة كان الرجل من العرب ينذر النذر ، يقول إذا كان كذا وكذا ، أو بلغ شاءه كذا ، فعليه أن يذبح من كل عشرة منها في رجب كذا ، وكانوا يسمونها العتائر ، وقد عتر يعتر عترا إذا ذبح العتيرة ، وهكذا كان في صدر الإسلام وأوله ثم نسخ ، وقد تكرر ذكرها في الحديث ، قال الخطابي : العتيرة تفسيرها في الحديث أنها شاة تذبح في رجب ، وهذا هو الذي يشبه معنى الحديث ، ويليق بحكم الدين وأما العتيرة التي كانت تعترها الجاهلية فهي الذبيحة التي كانت تذبح للأصنام فيصب دمها على رأسها.

قوله عليه‌السلام : « ويجعلون لها البحيرة » قال الشيخ الطبرسي(٣) « ره » : البحيرة الناقة إذا نتجت خمسة أبطن ، فإن كان آخرها ذكرا بحروا أذنها أي شقوها ، وحرموا ركوبها ، ولا تطرد عن ماء ولا مرعى ، ولو لقيها المعيي لم يركبها ، والسائبة ما كانوا يسيبونه كان الرجل يقول إذا قدمت من سفري أو برئت من مرضي فناقتي سائبة ، فكانت كالبحيرة في تحريم الانتفاع بها ، وكان الرجل إذا أعتق عبدا قال : هو سائبة ولا عقل بينهما ولا ميراث ، وكانوا يسيبونهما لطواغيتهم ، ولسدنة الأصنام والوصيلة في الغنم كانت الشاة إذا ولدت أنثى ، فهي لهم وإذا ولدت ذكرا ذبحوه لآلهتهم ، فإن ولدت ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم. والحامي : هو

__________________

(١) الصحاح : ج ٥ ص ٢١٣٥.

(٢) النهاية : ج ٣ ص ١٧٨.

(٣) مجمع البيان ج ٣ ص ٢٥٢ باختلاف وتلخيص. « المائدة : ١٠٣ ».

٦٣

والحام ويستقسمون بالأزلام عامهين عن الله عز ذكره حائرين عن الرشاد مهطعين إلى البعاد وقد «اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ » وغمرتهم سوداء الجاهلية ورضعوها جهالة و

الفحل إذا أنتجت من صلبه عشرة أبطن ، قالوا : قد حمي ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ، ولا يمنع من ماء ولا مرعى انتهى ، وقد ذكر المفسرون واللغويون لكل منها معاني أخرى لا طائل في ذكرها.

قوله عليه‌السلام : « ويستقسمون بالأزلام » قال الشيخ الطبرسي(١) « ره » : هي قداح كانت لهم مكتوب على بعضها أمرني ربي وعلى بعضها نهاني ربي ، وعلى بعضها غفل ، فمعنى الاستقسام بالأزلام طلب معرفة ما يقسم له بالأزلام مما لم يقسم له بالأزلام ، وقيل : هو الميسر وقسمتهم الجزور على القداح العشرة فالقذ له سهم والتوأم له سهمان ، والمسبل له ثلاثة أسهم والنافس له أربعة أسهم ، والحلس له خمسة أسهم ، والرقيب له ستة أسهم ، والمعلى له سبعة أسهم والسفيح والمنيح والوعد لا أنصباء لها وكانوا يدفعون القداح إلى رجل يقسمها ، وكان ثمن الجزور على من لم يخرج هذه الثلاثة التي لا أنصباء لها ، وهو القمار الذي حرمه الله تعالى ، وقيل هو الشطرنج والنرد.

قوله عليه‌السلام : « عامهين عن الله » قال الجزري(٢) : العمة في البصيرة كالعمى في البصر.

قوله عليه‌السلام : « مهطعين إلى العباد » يقال : أقطع في عدوه أي أسرع أي سرعين إلى ما يبعدهم عن الله ، وعن الحق والرشاد.

قوله عليه‌السلام : « قد استحوذ » قال الجوهري : استحوذ عليه الشيطان أي غلب وهذا جاء بالواو على أصله كما جاء استروح واستصوب ، وقال أبو زيد : هذا الباب كله يجوز أن يتكلم به على الأصل تقول العرب استصاب واستصوب ، واستجاب واستجوب ، وهو قياس مطرد عندهم(٣) .

قوله عليه‌السلام : « وغمرتهم سوداء الجاهلية » لعلمه(٤) من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف أي الجاهلية السوداء ، ويشبه الجهل والكفر والضلال بالسواد ، ويحتمل أن يكون

__________________

(١) مجمع البيان ج ٣ ص ١٥٨ باختلاف يسير وتلخيص « المائدة : ٣ ».

(٢) النهاية : ج ٣ ص ٣٠٤. (٣) الصحاح ج ٢ ص ٥٦٣.

(٤) في النسخة المخطوطة « لعله ».

٦٤

انفطموها ضلالة فأخرجنا الله إليهم رحمة وأطلعنا عليهم رأفة وأسفر بنا عن الحجب نورا لمن اقتبسه وفضلا لمن اتبعه وتأييدا لمن صدقه فتبوءوا العز بعد الذلة والكثرة بعد القلة وهابتهم القلوب والأبصار وأذعنت لهم الجبابرة وطوائفها وصاروا أهل نعمة مذكورة وكرامة ميسورة وأمن بعد خوف وجمع بعد كوف وأضاءت بنا مفاخر

السوداء كناية عن البدع المظلمة أو الملل الباطلة المضلة مضافة إلى الجاهلية.

قوله عليه‌السلام : « ورضعوها جهالة وانفطموها ضلالة » أي كانوا في صغرهم وكبرهم في الجهالة والضلالة أو أنها تمكنت الضلالة والجهالة فيهم كأنهما كانتا غذاء هم الذي اشتد عليهم عظمهم ، ونبت عليه لحمهم أو أنهم جاهلون في كل أمر شرعوا فيه ضالون عند إقلاعهم عنه ، أي مبنى كل أمورهم على الجهل والضلال ، وفي بعض النسخ وانتظموها ضلالة ، فالضمير راجع إلى الجهالة أي انتظموا مع الجهالة في سلك ، أو الضمير مبهم يفسره قوله ضلالة ، أي صاروا ضلالة ولعله تصحيف.

قوله عليه‌السلام : « وأسفر بنا عن الحجب » إلى آخره. أي ظهر بسببنا كاشفا عن حجب الغيب التي أحاطت بنافقوله : نورا مفعول للأسفار ، والمراد أنه أظهر بكل منا نورا ، والمراد بالنور ذواتهمعليهم‌السلام على سبيل التجريد من قبيل لقيت بزيد أسدا أو علومهم وبركاتهم وآثارهم ، ويحتمل أن يكون المراد بالنور الرسول ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعلى الأخير يحتمل أن يكون الباء للمعية ، ويحتمل أن يكون الباء للتعدية إذ الغالب أن الأسفار يستعمل لازما بمعنى الإضاءة فقوله نورا ، حال وإنما أفرد للإشعار بأنهم نور واحد تنزيلا للجميع منزلة شخص واحد.

قوله عليه‌السلام : « فتبوءوا العز بعد الذلة » أي اسكنوا واستقروا في العز.

قوله عليه‌السلام : « أهل نعمة مذكورة » أي يذكرها الناس على وجه التعظيم.

قوله عليه‌السلام : « وكرامة ميسورة » أي حصلت بهم بالسيرقوله : « بعد كوف » أي تفرق وتقطع قال الفيروزآبادي(١) : كوفت الأديم : قطعته.

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ٣ ص ١٩٣ « ط مصر ».

٦٥

معد بن عدنان وأولجناهم باب الهدى وأدخلناهم دار السلام وأشملناهم ثوب الإيمان وفلجوا بنا في العالمين وأبدت لهم أيام الرسول آثار الصالحين من حام مجاهد ومصل قانت ومعتكف زاهد يظهرون الأمانة ويأتون المثابة حتى إذا دعا الله عز وجل نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ورفعه إليه لم يك ذلك بعده إلا كلمحة من خفقة أو وميض من برقة إلى أن رجعوا على الأعقاب وانتكصوا على الأدبار وطلبوا بالأوتار وأظهروا الكتائب وردموا الباب وفلوا

قوله عليه‌السلام : « معد بن عدنان » هو أبو العرب أي ظهر بنا فخر العرب وعزهمعليه‌السلام .

قوله عليه‌السلام : « وأولجناهم » أي أدخلناهمقوله : « دار السلام » أي الجنة لسلامة من من يدخلها عن الآفات أو بيت السلامة والأمن في الدنيا.

قوله عليه‌السلام : « وأشملناهم » أي ألبسناهم وأعطيناهم.

قوله عليه‌السلام : « وفلجوا » الفلج الظفر والفوز.

قوله عليه‌السلام : « من حام » أي من يحمى الدين بالجهاد.

قوله عليه‌السلام : « ويأتون المثابة » أي الكعبة لقوله تعالى : «وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ »(١) أي مرجعا لهم أو محلا لتحصيل الثواب.

قوله عليه‌السلام : « إلا كلحة من خفقة » اللمح سرعة الإبصار والخفقة النفسة والاضطراب ، ويقال : خفق السراب أي اضطرب ولمع ، والحاصل المبالغة في سرعة ارتدادهم عن الدين بعد فوت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووميض البرق لمعانه.

قوله عليه‌السلام : « وانتكصوا » أي رجعوا قهقرى.

قوله عليه‌السلام : « وطلبوا بالأوتار » الأوتار جمع وتر بالكسر ، وهي الجناية أي طلبوا دعاء من قتل من الكفار بسيف أمير المؤمنين وسائر المؤمنين وطلبوا تدارك ما وصل من الرسول إلى عشائرهم في أهل بيته.

قوله عليه‌السلام : « وأظهروا الكتائب » هي جمع كتيبة بمعنى الجيش أي رتبوا الجيوش لغزاء أهل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن خالفوهم.

قوله عليه‌السلام : « وردموا الباب » والردم السد سدوا باب بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) البقرة : ١٢٥.

٦٦

الديار وغيروا آثار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ورغبوا عن أحكامه وبعدوا من أنواره واستبدلوا بمستخلفه بديلا «اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ » وزعموا أن من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ممن اختار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمقامه وأن مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجري الأنصاري الرباني ناموس هاشم بن عبد مناف ألا وإن أول شهادة زور وقعت في

كناية عن منع إتيان الناس إلى باب بيته ورجوعهم إلى أهل بيته.

قوله عليه‌السلام : « وفلوا » بالفاء واللام المشددة أي كسروا إشارة إلى ما فعله قنفذ بأمر عمر أو كناية عن السعي في تزلزل بنيانهم ، وبذل الجهد في خذلانهم وفي بعض النسخ بالقاف أي أبغضوا داره وأظهروا عداوة صاحب البيت.

قوله عليه‌السلام : « وبعدوا » من أنواره أي علومه وأحكامه أو الأئمة المنشعبين عن نوره.

قوله عليه‌السلام : « من المهاجري الأنصاري » أي المنسوب إلى طائفة المهاجرين الداخل في الأنصار ، لنصرة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معهم ، وفي بعض النسخ من مهاجر الأنصاري فيكون بفتح الجيم مصدرا في الموضعين وهو أظهر.

قوله عليه‌السلام : « ناموس هاشم » أي صاحب أسرار الله وأسرار الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بني هاشم ، قال الفيروزآبادي(١) : الناموس : صاحب السر المطلع على باطن أمرك ، أو صاحب سر الخير ، وجبرئيلعليه‌السلام والحاذق ومن يلطف مدخله ، وقال الجزري(٢) : في حديث المبعث « أنه ليأتيه الناموس الأكبر » الناموس : صاحب سر الملك ، وقيل الناموس : صاحب سر الخير ، والجاسوس صاحب سر الشر ، وأراد به جبرئيل ، لأن الله تعالى خصه بالوحي والغيب اللذين لا يطلع عليهما غيره.

قوله عليه‌السلام : « ألا وإن أول شهادة زور » إلخ ، لم أر دعواهم النص على أبي بكر في غير هذا الخبر ، وهو غريب.

قوله عليه‌السلام : « عن قليل يجدون غب ما يعملون (٣) » عن : هنا بمعنى بعد كما صرح به الفيروزآبادي ، والغب بالكسر : عاقبة الشيء.

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٢٥٦. (٢) النهاية : ج ٥ ص ١١٩.

(٣) في بعض النسخ المتن : « وعن قليل يجدون غبّ ما يعملون ، وسيجد التالون غبّ ما أسّسه الأوّلون ».

٦٧

الإسلام شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلما كان من أمر سعد بن عبادة ما كان رجعوا عن ذلك وقالوا إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مضى ولم يستخلف فكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الطيب المبارك أول مشهود عليه بالزور في الإسلام وعن قليل يجدون غب ماعلمون وسيجدون التالون غب ما أسسه الأولون ولئن كانوا في مندوحة من المهل وشفاء من الأجل وسعة من المنقلب واستدراج من الغرور وسكون من الحال وإدراك من الأمل فقد أمهل الله عز وجل شداد بن عاد وثمود بن عبود وبلعم بن باعور وأسبغ عليهم «نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً » وأمدهم بالأموال والأعمار وأتتهم الأرض ببركاتها ليذكروا آلاء الله وليعرفوا الإهابة له والإنابة إليه ولينتهوا عن الاستكبار فلما بلغوا المدة واستتموا الأكلة أخذهم الله عز وجل واصطلمهم فمنهم من حصب «وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ » ومنهم من أحرقته الظلة ومنهم من أودته الرجفة ومنهم من أردته الخسفة «فَما كانَ

قوله عليه‌السلام : « ولئن كانوا في مندوحة من المهل » أي سعة من المهلة.

قوله عليه‌السلام : « وشفاء » أي قليلقوله عليه‌السلام « : وسعة من المنقلب » أي الانقلاب والرجوع إلى الله بالموت.

قوله عليه‌السلام : « وثمود بن عبود » عبود كتنور وثمود اسم قوم صالح النبيعليه‌السلام .

قوله عليه‌السلام : « وليعترفوا الإهابة له » الإهابة لعلها ، بمعنى الهيبة والمخافة وما وجدته فيما عندي من كتب اللغة.

قوله عليه‌السلام : « فلما بلغوا المدة » أي آخرها.

قوله عليه‌السلام : « واستتموا الأكلة » أي الرزق المقدر لهم.

قوله عليه‌السلام : « فمنهم من حصب » على البناء للمفعول من المجرد أي رمي بالحصباء ، وهي الحصى من السماء. والظلة : السحاب ، وفي بعض النسخ الظلمةقوله عليه‌السلام : « ومنهم من أودته الرجفة » أي أهلكته الزلزلة.

قوله عليه‌السلام : « ومنهم من أردته الخسفة » أي أهلكته الخسف والسوخ في الأرض كقارون.

٦٨

اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ »(١) ألا وإن لكل أجل كتابا فإذا بلغ الكتاب أجله لو كشف لك عما هوى إليه الظالمون وآل إليه الأخسرون لهربت إلى الله عز وجل مما هم عليه مقيمون وإليه صائرون ألا وإني فيكم أيها الناس كهارون في آل فرعون وكباب حطة في بني إسرائيل وكسفينة نوح في قوم نوح إني النبأ العظيم والصديق الأكبر وعن قليل ستعلمون ما توعدون وهل هي إلا كلعقة الآكل ومذقة الشارب وخفقة الوسنان ثم تلزمهم المعرات خزيا في الدنيا «وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ » فما جزاء من تنكب محجته وأنكر حجته وخالف هداته وحاد عن نوره واقتحم في ظلمه واستبدل بالماء السراب وبالنعيم العذاب وبالفوز الشقاء

قوله عليه‌السلام : « لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ » أي مكتوب كتب فيه ذلك الأجل فإذا بلغ الكتاب أجله يحتمل أن يكون بدلا من الكتاب ، أي إذا بلغ أجل الكتاب ، وأن يكون كتاب مفعولا ، أي إذا بلغ الأجل والعمر الحد الذي كتب في الكتاب ، ويحتمل أن يكون المراد بالكتاب الكتاب الذي فيه جميع تقديرات الشخص ، فإذا تحقق جميع ما قدر عليه وبلغ الأجل الذي هو آخر التقادير.

قوله عليه‌السلام : « فلو كشف لك عما هوى » أي نزل إليه الظالمون بعد انقضاء آجالهم وموتهم.

قوله عليه‌السلام : « وهل هي » أي دنياهم وما يتمتعون فيها في سرعة انقضائها وقلة تمتعهم بها إلا كلعقة لعقها آكل بإصبعه مرة أو كشربة شربها جرعة ، أو كنعسة نعسها والوسنان أي النائم الذي لم يستغرق في النوم ، والمعرة : الإثم والأذى والغرم والدية والجناية ، وتلزمهم على باب الأفعال « والمعرات » فاعله ، وخزيا أو جزاء على اختلاف النسخ مفعوله ، ويحتمل أن يكون على بناء المجرد ، ويكون جزاء مفعولا لأجله.

قوله عليه‌السلام : « من تنكب محجته » أي عدله عن طريقه الواضح.

قوله عليه‌السلام : « وحاد » أي مال.

__________________

(١) سورة العنكبوت : ٤٠.

٦٩

وبالسراء الضراء وبالسعة الضنك إلا جزاء اقترافه وسوء خلافه فليوقنوا بالوعد على حقيقته وليستيقنوا بما يوعدون يوم تأتي «الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً » إلى آخر السورة(١)

( خطبة الطالوتية )

٥ ـ محمد بن علي بن معمر ، عن محمد بن علي قال حدثنا عبد الله بن أيوب الأشعري ، عن عمرو الأوزاعي ، عن عمرو بن شمر ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الهيثم بن التيهان أن أمير المؤمنينعليه‌السلام خطب الناس بالمدينة فقال الحمد لله الذي لا إله إلا هو كان حيا بلا

قوله عليه‌السلام : « واقتحم » الاقتحام الدخول في الأرض من غير روية.

قوله عليه‌السلام : « إلا جزاء » استثناء من النفي المفهوم من قوله : « فما جزاء ».

خطبة الطالوتية

الحديث الخامس : ضعيف. على مصطلح القوم لكن بلاغة الكلام ، وغرابة الأسلوب والنظام تأبى عن صدوره عن غير الإمامعليه‌السلام ، وإنما سميت بالطالوتية لذكره فيها.

قوله عليه‌السلام : « كان حيا بلا كيف » أي بلا الحياة زائدة يتكيف بها ، ولا كيفية من الكيفيات التي تتبع الحياة في المخلوقين ، بل حياته علمه وقدرته وهما غير زائدتين على ذاته.

قوله عليه‌السلام : « ولم يكن له كان » الظاهر أن « كان » اسم « لم يكن » لأنه لما قالعليه‌السلام « كان » أو هم العبارة زمانا ، فنفىعليه‌السلام ذلك ، بأنه كان بلا زمان ، أو لأن الكون يتبادر منه الحدوث عرفا ، ويخترع الوهم للكون مبدأ نفيعليه‌السلام ذلك بأن وجوده تعالى أزلي لا يمكن أن يقال حدث في ذلك الزمان ، فالمراد بكان على التقديرين ما يفهم ويتبادر أو يتوهم منه.

__________________

(١) سورة ق : ٤٢. وفيها «يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ».

٧٠

كيف ولم يكن له كان ولا كان لكانه كيف ولا كان له أين ولا كان في شيء ولا كان على شيء ولا ابتدع لكانه مكانا ولا قوي بعد ما كون شيئا ولا كان ضعيفا قبل أن يكون شيئا ولا كان مستوحشا قبل أن يبتدع شيئا ولا يشبه شيئا ولا كان خلوا عن الملك قبل إنشائه ولا يكون خلوا منه بعد ذهابه كان إلها حيا بلا حياة ومالكا قبل أن

قوله عليه‌السلام : « ولا كان لكانه » يحتمل أن يكون المراد لكونه ، ويكون القلب على لغة أبي الحرث بن كعب حيث جوز قلب الواو والياء الساكنتين أيضا مع انفتاح ما قبلهما ألفا أي ليس له وجود زائد يتكيف به الذات أو ليس وجوده كوجود الممكنات مقرونا بالكيفيات ، ويؤيده ما رواه في كتاب(١) التوحيد في خبر شبيه بصدر هذه الخطبة عن أبي جعفرعليه‌السلام : « كان لم يزل حيا بلا كيف ، ولم يكن له كان ، ولا كان لكونه كون كيف ولا كان له أين ، ولا كان في شيء ولا كان على شيء ولا ابتدع لكونه [ لكانه ] مكانا إلى آخر الخبر. ويحتمل أن يكون من الأفعال الناقصة ، والمعنى أنه ليس بزماني أو ليس وجوده مقرونا بالكيفيات المتغيرة الزائدة. وإدخال اللام والإضافة بتأويل الجملة مفردا ، أي هذا اللفظ كقولك لزيد قائم معنى.

قوله عليه‌السلام : « ولا كان له أين » أي مكان ، ولا كان في شيء لا كون الجزئي في الكلي ، ولا كون الجزء في الكل ، ولا كون الحال في المحل ولا كون المتمكن في المكان.

قوله عليه‌السلام : « ولا كان على شيء » هو نفي المكان العرفي كالسرير ، كما أن الأول كان لنفي المكان الذي هو مصطلح المتكلمين والحكماء.

قوله عليه‌السلام : « ولا ابتدع لكانه مكانا » يجري فيه ما ذكرنا من الوجهين وفيما نقلنا من الخبر سابقا « لمكانة » أي ليكون مكانا له أو لمنزلته أو لمكانة بالتنوين.

قوله عليه‌السلام : « ولا كان خلوا عن الملك قبل إنشائه » الملك بالضم والكسر يكون بمعنى السلطنة والمالكية والعظمة ، وبمعنى ما يملك ، والضم في الأول أشهر فيحتمل أن يكون المراد عند ذكره وعند إرجاع الضمير إليه معا هو الأول ، أي كان سلطانا

__________________

(١) التوحيد للصدوق « ره » : ص ١١٤.

٧١

ينشئ شيئا ومالكا بعد إنشائه للكون وليس يكون لله كيف ولا أين ولا حد يعرف ولا شيء يشبهه ولا يهرم لطول بقائه ولا يضعف لذعرة ولا يخاف كما تخاف خليقته من شيء ولكن سميع بغير سمع وبصير بغير بصر وقوي بغير قوة من خلقه لا تدركه حدق الناظرين ولا يحيط بسمعه سمع السامعين إذا أراد شيئا كان بلا مشورة ولا

عظيما قبل خلق السلاطين وسلطنتهم وعظمتهم ، ويحتمل أن يكون المراد عند ذكره المعنى الأول ، وعند إرجاع الضمير إليه المعنى الثاني على طريقة الاستخدام ، وهو أظهر معنى ، ويحتمل أن يكون الضمير راجعا إلى الله بالإضافة إلى الفاعل أي قبل إنشائه الأشياء ، لكنه لا يناسب الفقرة الثانية كما لا يخفى ، والحاصل على التقادير إن سلطنته تعالى ليس لخلق الأشياء لغناه عنها ، وعدم تقويه بها بل بقدرته على خلقها ، وخلق أضعاف أضعافها ، وهذه القدرة لا تنفك عنه تعالى ، وفيه رد على القائلين بالقدم ، ودلالة هذه الفقرات على الحدوث ظاهرة.

قوله عليه‌السلام : « بلا حياة » أي بذاته.

قوله عليه‌السلام : « ولا حد » أي من الحدود الجسمية يوصف ويعرف بها ، أو من الحدود العقلية المركبة من الجنس والفصل ليعرف به ، إذ كنه الأشياء يعرف بحدودها كما هو المشهور ، ففيه استدلال على عدم إمكان معرفة كنهه تعالى ، والأول أظهر.

قوله عليه‌السلام : « ولا يضعف » وفي بعض النسخ « ولا يصعق » قال الجوهري(١) : صعق الرجل أي غشي عليه ، والذعر بالضم : الخوف ، وبالتحريك : الدهش.

قوله عليه‌السلام : « بغير قوة من خلقه » أي بأن يتقوى بمخلوقاته كما يتقوى المملوك بجيوشهم وحراسهم [ وخزائنهم ] أو بغير قوة زائدة قائمة به ، وهذه القوة تكون مخلوقة له فيكون محتاجا إلى مخلوق ممكن ، وهو ينافي وجوب الوجود.

قوله عليه‌السلام : « حدق الناظرين » قال الجوهري(٢) : حدقة العين : سوادها الأعظم والجمع حدق وحداق.

قوله : « ولا يحيط بسمعه » كأنه مصدر مضاف إلى المفعول ، والمعنى أنه تعالى

__________________

(١) الصحاح ج ٤ ص ١٥٠٦.

(٢) نفس المصدر : ج ٤ ص ١٤٥٦.

٧٢

مظاهرة ولا مخابرة ولا يسأل أحدا عن شيء من خلقه أراده «لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ».

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله «بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ » فبلغ الرسالة وأنهج الدلالةصلى‌الله‌عليه‌وآله .

أيها الأمة التي خدعت فانخدعت وعرفت خديعة من خدعها فأصرت على ما عرفت واتبعت أهواءها وضربت في عشواء غوايتها وقد استبان لها الحق فصدت عنه

ليس من المسموعات ، كما أن الفقرة السابقة دلت على أنه ليس من المبصرات ، ويمكن أن يراد أنه لا يحيط سمع جميع السامعين بمسموعاته.

قوله عليه‌السلام : « ولا مظاهرة » أي معاونة ،قوله عليه‌السلام : « ولا مخابرة » المخابرة في اللغة المزارعة على النصف ، ولعل المراد نفي المشاركة أي لم يشاركه أحد في الخلق ، ويحتمل أن يكون مشتقا من الخبر بمعنى العلم أو الاختبار.

قوله عليه‌السلام : « أرسله بالهدي » أي بالحجج والبينات والدلائل والبراهين «وَدِينِ الْحَقِّ » وهو الإسلام وما تضمنه من الشرائع «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ » والضمير في ليظهره للدين الحق ، أي ليعلى دين الإسلام على جميع الأديان بالحجة والغلبة والقهر لها ، أو للرسول أي يجعله غالبا على جميع أهل الأديان وورد في أخبارنا أنه يكون تمام هذه الوعد عند قيام القائمعليه‌السلام .

قوله عليه‌السلام : « وأنهج الدلالة » أي أوضحها.

قوله عليه‌السلام : « وضربت في عشواء غوائها » وفي بعض النسخ « غوايتها » وهو أصوب ، والضرب في الأرض السير فيها ، والعشواء بالفتح : ممدودا الظلمة ، والناقة التي لا تبصر أمامها فهي تخبط بيديها كل شيء ، ركب فلان العشواء إذا خبط أمره ويقال : أيضا خبط خبط عشواء ، والظاهر أن المراد هنا الظلمة ، أي سارت الأمة في ظلمة غوايتها وضلالتها ، وإن كان بالمعنى الثاني فيحتمل أن يكون في بمعنى على

٧٣

والطريق الواضح فتنكبته أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو اقتبستم العلم من معدنه وشربتم الماء بعذوبته وادخرتم الخير من موضعه وأخذتم الطريق من واضحه وسلكتم من الحق نهجه لنهجت بكم السبل وبدت لكم الأعلام وأضاء لكم الإسلام فأكلتم رغدا وما عال فيكم عائل ولا ظلم منكم مسلم ولا معاهد ولكن سلكتم

أي سار راكبا على عشواء غوايتها.

قوله عليه‌السلام : « فصدعت » وفي بعض النسخ « فصدت » والصد : المنع ، ويقال : صدع عنه أي صرفه.

قوله عليه‌السلام : « فلق الحبة » أي شقها. وأخرج منها أنواع النبات« وبرأ النسمة » أي خلق ذوات الأرواح ، والتخصيص بهذين لأنهما عدة المخلوقات المحسوسة المشاهدة ، ويظهر آثار الصنع فيهما أكثر من غيرهما.

قوله عليه‌السلام : « لو اقتبستم العلم من معدنه » يقال اقتبست النار والعلم أي استفدته ، وشربتم الحكم بعذوبته ، شبه العلم والإيمان بالماء لكونهما سببين للحياة المعنوي ، وعذوبته خلوصه عن التحريفات والبدع والجهالات.

قوله : « وسلكتم من الحق نهجه » قال الفيروزآبادي : النهج : الطريق الواضح كالمنهج ، والمنهاج وأنهج وضح وأوضح ونهج كمنع وضح وأوضح ، والطريق سلكه واستنهج الطريق سار نهجا كأنهج(١) ، وفي بعض النسخ « لنهجت بكم السبيل » أي وضحت لكم أو بسببكم أي كنتم هداة للخلق ، وفي بعضها لتنهجت وهو قريب مما سبق ، أي اتضحت وفي بعضها لابتهجت ، والابتهاج : السرور أي كانت سبل الحق راضية عنكم مسرورة بكم ، حيث سلكتموها حق سلوكها.

قوله عليه‌السلام : « وأضاء » يتعدى ولا يتعدى وكلاهما مناسب.

قوله عليه‌السلام : « فأكلتم رغدا » قال الجوهري(٢) : عيشة رغد ورغد أي واسعة طيبة.

قوله عليه‌السلام : « وما عال » يقال : عال يعيل عيلة وعيولا إذا افتقر.

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ١ ص ٢١٠.

(٢) الصحاح : ج ٢ ص ٤٧٢.

٧٤

سبيل الظلام فأظلمت عليكم دنياكم برحبها وسدت عليكم أبواب العلم فقلتم بأهوائكم واختلفتم في دينكم فأفتيتم في دين الله بغير علم واتبعتم الغواة فأغوتكم وتركتم الأئمة فتركوكم فأصبحتم تحكمون بأهوائكم إذا ذكر الأمر سألتم أهل الذكر فإذا أفتوكم قلتم هو العلم بعينه فكيف وقد تركتموه ـ ونبذتموه وخالفتموه رويدا عما قليل تحصدون جميع ما زرعتم وتجدون وخيم ما اجترمتم وما اجتلبتم والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد علمتم أني صاحبكم والذي به أمرتم وأني عالمكم والذي بعلمه نجاتكم ووصي نبيكم وخيرة ربكم ولسان نوركم والعالم بما يصلحكم فعن قليل رويدا ينزل

قوله عليه‌السلام : « أو معاهد » بفتح الهاء أي من هو في عهد وأمان كأهل الذمة.

قوله عليه‌السلام : « دنياكم برحبها » دنياكم : فاعل أظلمت ، والرحب : بالضم السعة أي مع سعتها.

قوله عليه‌السلام : « فكيف وقد تركتموه » أي كيف ينفعكم هذا الإقرار والإذعان وقد تركتم متابعة قائله ، أو كيف تقولون هذا مع أنه مخالف لأفعالكم؟ والضمائر إما راجعة إلى الإمام أو إلى علمه ، ورويدا : أي مهلا.

قوله عليه‌السلام : « عما قليل » أي بعد زمان قليل ، وما زائدة ، لتوكيد معنى القلة أو نكرة موصوفة.

قوله عليه‌السلام : « وخيم ما اجترمتم » قال في النهاية(١) : يقال هذا الأمر وخيم العاقبة : أي ثقيل رديء والاجترام : اكتساب الجرم والذنب ، والاجتلاب : جلب الشيء إلى النفس وفي بعض النسخ « اجتنيتم » من اجتناء الثمرة ، أو بمعنى كسب الجرم والجناية ، والأخير أنسب لكنه لم يرد في اللغة.

قوله عليه‌السلام : « صاحبكم » أي أمامكموالذي به أمرتم أي بمتابعته.

قوله عليه‌السلام : « وخيرة » بكسر الخاء وفتح الياء وسكونها أي مختار ربكم من بين سائر الخلق بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قوله عليه‌السلام : « ولسان نوركم » المراد بالنور إما الرسول ، أو الهداية والعلم أو

__________________

(١) النهاية : ج ٥ ص ١٦٤.

٧٥

بكم ما وعدتم وما نزل بالأمم قبلكم وسيسألكم الله عز وجل عن أئمتكم معهم تحشرون وإلى الله عز وجل غدا تصيرون أما والله لو كان لي عدة أصحاب طالوت أو عدة أهل بدر وهم أعداؤكم لضربتكم بالسيف حتى تئولوا إلى الحق وتنيبوا للصدق فكان أرتق للفتق وآخذ بالرفق اللهم فاحكم بيننا بالحق وأنت خير الحاكمين.

قال ثم خرج من المسجد فمر بصيرة فيها نحو من ثلاثين شاة فقال والله لو أن لي رجالا ينصحون لله عز وجل ولرسوله بعدد هذه الشياه لأزلت ابن آكلة الذبان عن ملكه.

نور الأنوار تعالى.

قوله عليه‌السلام : « عدة أصحاب طالوت » أي الذين لم يشربوا الماء وحضروا لجهاد جالوت ، وروي عن الصادقعليه‌السلام (١) أنهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر ، فكلمة « أو » بمعنى الواو للتفسير.

قوله عليه‌السلام : « وهم أعداؤكم » أي لم يكونوا مثلكم منافقين ، بل كانوا ناصرين للحق محبين له معاندين لكم لكفركم ، وفي بعض النسخ وهم أعدادكم ولم أعرف له معنى ، ولعله كان أعدادهم أي أصحاب بدر كانوا بعدد أصحاب طالوت ، وإنما كررت للتوضيح فصحف.

قوله : « حتى تؤولوا » أي ترجعوا وتنيبوا من الإنابة ، وهي الرجوع ، وفي بعض النسخ وتنبأوا على البناء للمفعول ، أي تخبروا بالصدق ، وتذعنوا به.

قوله عليه‌السلام : « فكان ارتق للفتق » الفتق : الشق والرتق ضده ، أي كان تنسد الخلال والفرج التي حدثت في الدين ، وكان الأخذ بالرفق واللطف للناس أكثر.

قوله عليه‌السلام : « فمر بصيرة » الصيرة بالكسر : حظيرة الغنم.

قوله عليه‌السلام : « لأزلت ابن أكلة الذبان » وفي بعض النسخ « الذباب » بكسر الذال وتشديد الياء جمع الذباب ، والمراد به أبو بكر ، ولعله إشارة إلى واقعة كذلك كان اشتهر بها ، ويحتمل أن يكون كناية عن دناءة أصله ورداءة نسبه وحسبه.

__________________

(١) تفسير البرهان في تفسير القرآن : ج ١ ص ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ح ٤ ـ ٦.

٧٦

قال فلما أمسى بايعه ثلاثمائة وستون رجلا على الموت فقال لهم أمير المؤمنينعليه‌السلام اغدوا بنا إلى أحجار الزيت محلقين وحلق أمير المؤمنينعليه‌السلام فما وافى من القوم محلقا إلا أبو ذر والمقداد وحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر وجاء سلمان في آخر القوم فرفع يده إلى السماء فقال : اللهم إن القوم استضعفوني كما استضعفت بنو إسرائيل

قوله عليه‌السلام : « على الموت » أي على أن يلتزموا الموت ويقتلوا في نصرة ، وقال الفيروزآبادي(١) :أحجار الزيت موضع بالمدينة.

قوله عليه‌السلام : « أما والبيت والمفضي إلى البيت » قال الجوهري(٢) : الفضاء : الساحة وما اتسع من الأرض ، يقال أفضيت : إذا خرج إلى الفضاء ، وأفضيت إلى فلان بسري وأفضى الرجل إلى امرأته باشرها ، وأفضى بيده إلى الأرض إذا مسها بباطن راحته في سجوده انتهى.

فيحتمل أن يكون المراد القسم بمن يدخل في الفضاء أي الصحراء متوجها إلى البيت أي الحاج والمعتمر. أو من يفضي إسراره إلى البيت أي إلى ربه ، ويدعو الله عند البيت. أو من يفضي الناس إلى البيت ويوصلهم إليه ، وهو الله تعالى. أو على صيغة المفعول أي الحاج الواصلين إلى البيت ، أو على بناء الفاعل أيضا من الإفضاء بمعنى مس الأرض بالراحة ، أي المسلمين بأحجار البيت ، أو من يفضي إلى الأرض بالسجود في أطراف الأرض متوجها إلى البيت.

وقال في النهاية(٣) : في حديث دعائه للنابغة « لا يفضي الله فاك » ومعناه أن لا يجعله فضاء لا سن فيه ، والفضاء : الخالي الفارغ الواسع من الأرض انتهى : فيحتمل أن يكون المراد من جعل من أربعة جوانب فضاء غير معمور إلى البيت ليشق على الناس قطعها ، فيكثر ثوابهم وهو الله تعالى.

قوله عليه‌السلام : « والخفاف إلى التجمير » التجمير : رمي الجمار ، والخفاف إما جمع الخف ، أي خف الإنسان إذ خف البعير لا يجمع على خفاف ، بل على أخفاف ، والمراد أثر الخفاف وأثر أقدام الماشين إلى التجمير. أو جمع الخفيف أي السائرين بخفة وشوق

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٥. وفي المصدر « داخل المدينة ».

(٢) الصحاح : ج ٦ ص ٢٤٥٥.

(٣) النهاية : ج ٣ ص ٤٥٦.

٧٧

هارون اللهم ف إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عليك شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ، أما والبيت والمفضي إلى البيت وفي نسخة والمزدلفة والخفاف إلى التجمير لو لا عهد عهده إلي النبي الأميصلى‌الله‌عليه‌وآله لأوردت المخالفين خليج المنية ولأرسلت عليهم شآبيب صواعق الموت وعن قليل سيعلمون.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه قال كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام إذ دخل عليه أبو بصير وقد خفره النفس فلما أخذ مجلسه قال له أبو عبد اللهعليه‌السلام يا أبا محمد ما هذا النفس العالي فقال جعلت فداك يا ابن رسول الله كبر سني ودق عظمي واقترب أجلي مع أنني لست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام يا أبا محمد وإنك لتقول هذا قال جعلت فداك وكيف لا أقول هذا فقال يا أبا محمد أما علمت أن الله تعالى يكرم الشباب منكم ويستحيي من الكهول قال قلت جعلت فداك فكيف يكرم الشباب

إلى التجمير ، وفيه دلالة على جواز الحلف بشعائر الله وحرماته ، وقد مر الكلام فيه في كتاب الأيمان.

قوله عليه‌السلام : « لو لا عهد عهده » وهو ما ورد في الأخبار(١) المتواترة أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوصى إليهعليه‌السلام أنك إن لم تجد ناصرا فوادعهم وصالحهم حتى تجد أعوانا وأيضا نزل كتاب من السماء مختوم بخواتيم بعدة الأئمة كان يعمل كل منهم بما يخصه(٢) .

قوله عليه‌السلام : « خليج المنية » والخليج : شعبة من البحر والنهر ، والمنية : الموت والشآبيب جمع شؤبوب بالضم مهموزا ، وهو الدفعة من المطر وغيره.

الحديث السادس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « وقد حفزه النفس » قال الجزري(٣) : الحفز الحث والإعجال ومنه حديث أبي بكرة إنه دب إلى الصف راكعا وقد حفزه النفس ».

قوله عليه‌السلام : « يكرم الشباب منكم » الشباب بالفتح جمع شاب ، وقال الفيروزآبادي :الكهل : من وخطه الشيب ، ورأيت له بجالة ، أو من جاوز الثلاثين أو أربعا وثلاثين إلى إحدى وخمسين(٤) .

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢٢ ص ٤٥٥ ـ ٥٠٣. أحاديث الباب.

(٢) أصول الكافي : ج ١ ص ٢٧٩ ـ ٢٨٣ ـ أحاديث الباب.

(٣) النهاية : ج ١ ص ٤٠٧. (٤) القاموس المحيط : ج ٤ ص ٤٧.

٧٨

ويستحيي من الكهول فقال يكرم الله الشباب أن يعذبهم ويستحيي من الكهول أن يحاسبهم قال قلت جعلت فداك هذا لنا خاصة أم لأهل التوحيد قال فقال لا والله إلا لكم خاصة دون العالم قال قلت جعلت فداك فإنا قد نبزنا نبزا انكسرت له ظهورنا وماتت له أفئدتنا واستحلت له الولاة دماءنا في حديث رواه لهم فقهاؤهم قال فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام الرافضة قال قلت نعم قال لا والله ما هم سموكم ولكن الله سماكم به أما علمت يا أبا محمد أن سبعين رجلا من بني إسرائيل رفضوا فرعون وقومه لما استبان لهم ضلالهم فلحقوا بموسىعليه‌السلام لما استبان لهم هداه فسموا في عسكر موسى الرافضة لأنهم رفضوا فرعون وكانوا أشد أهل ذلك العسكر عبادة وأشدهم حبا لموسى وهارون وذريتهماعليه‌السلام فأوحى الله عز وجل إلى موسىعليه‌السلام أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإني قد سميتهم به ونحلتهم إياه فأثبت موسىعليه‌السلام الاسم لهم ثم ذخر الله عز وجل لكم هذا الاسم حتى نحلكموه يا أبا محمد رفضوا الخير ورفضتم الشر افترق الناس كل فرقة وتشعبوا كل شعبة فانشعبتم مع أهل بيت نبيكم ص وذهبتم حيث ذهبوا واخترتم من اختار الله لكم وأردتم من أراد الله فأبشروا ثم أبشروا فأنتم والله المرحومون المتقبل من محسنكم والمتجاوز عن مسيئكم من لم يأت الله عز وجل بما أنتم عليه يوم القيامة لم يتقبل منه حسنة ولم يتجاوز له عن سيئة يا أبا محمد فهل سررتك قال قلت جعلت فداك زدني ـ فقال يا أبا محمد إن لله عز وجل ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما يسقط الريح الورق في أوان سقوطه وذلك قوله عز وجل : «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا » استغفارهم والله لكم دون هذا الخلق يا أبا محمد فهل سررتك قال قلت جعلت فداك زدني قال يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا

قوله عليه‌السلام : « وقد نبزنا نبزا » النبز بالتحريك : اللقب ، والنبز بالتسكين المصدر ، يقال : نبزه ونبزه نبزا أي لقبه.

قوله عليه‌السلام : « فأبشروا » قال الجوهري(١) : يقال : بشرته بمولود ، فأبشر إبشارا

__________________

(١) الصحاح ج ١ ص ٥٩٠.

٧٩

اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً »(١) إنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا وإنكم لم تبدلوا بنا غيرنا ولو لم تفعلوا لعيركم الله كما عيرهم حيث يقول جل ذكره : «وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ »(٢) يا أبا محمد فهل سررتك قال قلت جعلت فداك زدني فقال يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال «إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ »(٣) والله ما أراد بهذا غيركم يا أبا محمد فهل سررتك قال قلت جعلت فداك زدني فقال يا أبا محمد : «الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ »(٤) والله ما أراد بهذا غيركم يا أبا محمد فهل سررتك قال قلت جعلت فداك زدني فقال يا أبا محمد لقد ذكرنا الله عز وجل وشيعتنا وعدونا في آية من كتابه فقال عز وجل : «هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ »(٥) فنحن «الَّذِينَ يَعْلَمُونَ » وعدونا «الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ » وشيعتنا هم «أُولُوا الْأَلْبابِ » يا أبا محمد فهل سررتك قال قلت جعلت فداك زدني فقال يا أبا محمد والله ما استثنى الله عز وجل بأحد من أوصياء الأنبياء ولا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنينعليه‌السلام وشيعته فقال في كتابه وقوله الحق : «يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ »(٦) يعني بذلك علياعليه‌السلام وشيعته يا أبا محمد فهل سررتك قال قلت جعلت فداك زدني قال يا أبا محمد لقد ذكركم الله تعالى في كتابه إذ يقول : «يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ »(٧) والله ما أراد بهذا غيركم فهل سررتك يا أبا محمد قال قلت

قوله تعالى : « فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ » النحب : المدة وو الوقت ، يقال قضى فلان نحبه : إذا مات ، كذا ذكره الجوهري(٨) .

قوله تعالى : « أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ » أي أفرطوا في الجناية عليها بالإسراف

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٢٣. (٢) سورة الأعراف : ١٠٢.

(٣) سورة الحجر : ٤٧. (٤) سورة الزخرف : ٦٧.

(٥) سورة الزمر : ٩.

(٦) سورة الدخان : ٤٢ ـ ٤٣.

(٧) سورة الزمر : ٥٣.

(٨) الصحاح : ج ١ ص ٢٢٢.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385