مرآة العقول الجزء ٢٦

مرآة العقول6%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 3602 / تحميل: 1986
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

تعاميا عليكم بل لنبلو أخباركم ونكتب آثاركم فقال والله لكأنما مادت بهم الأرض حياء مما قال حتى إني لأنظر إلى الرجل منهم يرفض عرقا ما يرفع عينيه من الأرض فلما رأى ذلك منهم قال رحمكم الله فما أردت إلا خيرا إن الجنة درجات فدرجة أهل الفعل لا يدركها أحد من أهل القول ودرجة أهل القول لا يدركها غيرهم قال فو الله لكأنما نشطوا من عقال.

٢٩٠ ـ وبهذا الإسناد ، عن محمد بن سليمان ، عن إبراهيم بن عبد الله الصوفي قال حدثني موسى بن بكر الواسطي قال قال لي أبو الحسن عليه‌السلام لو ميزت شيعتي لم أجدهم إلا واصفة ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين ولو تمحصتهم لما

الشاقة.

قوله : « لنبلو أخباركم » أي ما يخبر به عن أعمالكم وأيمانكم ، أو ما تخبرون أنتم عن إيمانكم.

قوله عليه‌السلام: « آثاركم » أي أعمالكم.

قوله عليه‌السلام: « مادت » أي مالت وتحركت كناية عن اضطرابهم وشدة حالهم كان الأرض تتقلب عليهم أو كأنها تزلزل بهم.

قوله عليه‌السلام: « يرفض » قال الفيروزآبادي(١) : أرفض عرقا أي سال وجرى عرقه.

قوله عليه‌السلام: « كأنما أنشطوا من عقال » أي حلت عقالهم.

الحديث التسعون والمائتان : ضعيف.

وفي بعض النسخ عن محمد بن سليمان ، وفي بعضها عن محمد بن مسلم ، ولعله أظهر بالنظر إلى ما مر ، وقد عرفت أن الظاهر محمد بن سالم ، وعلى الأول الظاهر أنه مكان محمد بن مسلم في المرتبة.

قوله عليه‌السلام: « إلا واصفة » أي أهل القول الذين يصفون هذا الدين ، ويظهرون

__________________

(١) لم نعثر عليه في القاموس لا في مادّة « رفض » ولا « عرق » نعم ذكره الجزري في النهاية ج ٢ ص ٢٤٣. ولعلّه من سهو قلم المصنّف (ره) أو النسّاخ.

١٦١

خلص من الألف واحد ولو غربلتهم غربلة لم يبق منهم إلا ما كان لي إنهم طال ما اتكوا على الأرائك فقالوا نحن شيعة علي إنما شيعة علي من صدق قوله فعله.

٢٩١ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال سمعت أبا عبد الله يقول تؤتى بالمرأة الحسناء يوم القيامة التي قد افتتنت في حسنها فتقول يا رب حسنت خلقي حتى لقيت ما لقيت فيجاء بمريم عليها‌السلام فيقال أنت أحسن أو هذه قد حسناها فلم تفتتن ويجاء بالرجل الحسن الذي قد افتتن في حسنه فيقول يا رب حسنت خلقي حتى لقيت من النساء ما لقيت فيجاء بيوسف عليه‌السلام فيقال أنت أحسن أو هذا قد حسناه فلم يفتتن ويجاء بصاحب البلاء الذي قد أصابته الفتنة في بلائه فيقول يا رب شددت علي

التدين به من غير أن يعملوا بشرائعه ، ويطيعوا إمامهم حق إطاعته.

قوله عليه‌السلام: « تمحصتهم » كذا في أكثر النسخ ، والظاهر « محصتهم » والمحص التصفية والتخليص من الغش والكدورات ، والتمحيص الاختبار والابتلاء.

قوله عليه‌السلام: « إلا ما كان لي » أي من أهل البيت أو مع خواص الأصحاب.

قوله عليه‌السلام: « على الأرائك » هي جمع أريكه وهي سرير في حجلة ، أو كل ما يتكأ عليه ، والغرض بيان غفلتهم وفراغتهم وعدم خوفهم واعتنائهم بالأعمال ويحتمل أن يكون الاتكاء على الأرائك كناية عن الاتكال على الأماني.

قوله عليه‌السلام: « من صدق قوله » بالنصب« فعله » بالرفع ، ويحتمل العكس أيضا على سبيل المبالغة ، أي كان فعله أصلا وقوله فرع ذلك.

الحديث الحادي والتسعون والمائتان : مجهول ويمكن أن يعد في الحسان أو الموثقات.

قوله عليه‌السلام: « قد افتتنت في حسنها » أي وقعت في الزنا ، ومباديها بسبب حسنها ويمكن أن تكون حالا أي تؤتى بها كائنة على حسنها التي كانت لها في الدنيا ، و

١٦٢

البلاء حتى افتتنت فيؤتى بأيوب عليه‌السلام فيقال أبليتك أشد أو بلية هذا فقد ابتلي فلم يفتتن.

٢٩٢ ـ وبهذا الإسناد ، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعيل البصري قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول تقعدون في المكان فتحدثون وتقولون ما شئتم وتتبرءون ممن شئتم وتولون من شئتم قلت نعم قال وهل العيش إلا هكذا.

٢٩٣ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول رحم الله عبدا حببنا إلى الناس ولم يبغضنا إليهم أما والله لو يروون محاسن كلامنا لكانوا به أعز وما استطاع أحد أن يتعلق عليهم بشيء ولكن أحدهم يسمع الكلمة فيحط إليها عشرا.

كذا يجري الاحتمالان في سائر الفقرات.

الحديث الثاني والتسعون والمائتان : موثق ، إذ الظاهر أنه إسماعيل بن الفضل الثقة.

الحديث الثالث والتسعون والمائتان : موثق.

قوله عليه‌السلام: « لو يروون » هذا على مذهب من لا يجزم بلو ، وإن دخلت على المضارع ، لغلبة دخولها على الماضي ، أي لو لم يغيروا كلامنا ، ولم يزيدوا فيها لكانوا بذلك أعز عند الناس ، أما لأنهم كانوا يؤدون الكلام على وجه لا يترتب عليه فساد ، أو لأن كلامهم لبلاغته يوجب حب الناس لهم ، وعلم الناس بفضلهم إذا لم يغير فيكونقوله : « وما استطاع » بيان فائدة أخرى لعدم التغيير ، يرجع إلى المعنى الأول ، وعلى الأول يكون تفسيرا للسابق.

قوله عليه‌السلام: « فيحط إليها » أي ينزل عليها ويضم بعضها معها عشرا من عند نفسه فيفسد كلامنا ويصير ذلك سببا لإضرار الناس لهم ، وفي بعض النسخ [ لها عشرا ] وعلى هذا يحتمل معنى آخر بأن يكون الضمير فيقوله : « أحدهم » راجعا إلى الناس ، أي العامة ، أي يسمع أحدهم الكلمة الرديئة مما أضافه الراوي إلى كلامنا

١٦٣

٢٩٤ ـ وهيب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن قول الله عز وجل : «وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ »(١) قال هي شفاعتهم ورجاؤهم يخافون أن ترد عليهم أعمالهم إن لم يطيعوا الله عز ذكره ويرجون أن يقبل منهم

فيصير سببا لأن يحط ويطرح عشرا من كلامنا بسببها ، ولا يقبلها لانضمام تلك الكلمة إليها.

الحديث الرابع والتسعون والمائتان : موثق.

قوله عليه‌السلام: « هي شفاعتهم » لعل المراد دعاؤهم وتضرعهم ، كأنهم شفعوا لأنفسهم أو طلب الشفاعة من غيرهم فيقدر فيه مضاف ، ويحتمل أن يكون المراد بالشفاعة مضاعفة أعمالهم ، قال الفيروزآبادي : الشفع خلاف الوتر ، وهو الزوج وقد شفعه كمنعه وقوله تعالى : «مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً » أي من يزد عملا إلى عمل(٢) والظاهر أنه كان شفقتهم أي خوفهم فصحف ، وقد روي عنه عليه‌السلام أن المراد أنه خائف راج.

ومضى في الثامن والتسعين برواية جعفر بن غياث عنه عليه‌السلام « وهم مع ذلك خائفون وجلون ودوا أنه حظهم من الدنيا ، وكذلك وصفهم الله تعالى حيث يقول : » «وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ » « ما الذي آتوا به أتوا والله بالطاعة مع المحبة والولاية. وهم في ذلك خائفون أن لا تقبل منهم ، وليس والله خوفهم خوف شك فيما هم فيه من إصابة الدين ، ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا ».

قوله عليه‌السلام: « أن لم يطيعوا » بالفتح أي لأن ، ويحتمل الكسر.

__________________

(١) سورة المؤمنون : ٦٠.

(٢) القاموس : ج ٣ ص ٤٧.

١٦٤

٢٩٥ ـ وهيب بن حفص ، عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام ما من عبد يدعو إلى ضلالة إلا وجد من يتابعه.

٢٩٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الله بن الصلت ، عن رجل من أهل بلخ قال كنت مع الرضا عليه‌السلام في سفره إلى خراسان فدعا يوما بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم فقلت جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة فقال مه إن الرب تبارك وتعالى واحد والأم واحدة والأب واحد والجزاء بالأعمال.

٢٩٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان قال سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول طبائع الجسم على أربعة فمنها الهواء الذي لا تحيا النفس إلا به وبنسيمه ويخرج ما في الجسم من داء وعفونة والأرض التي قد تولد اليبس والحرارة

الحديث الخامس والتسعون والمائتان : موثق.

الحديث السادس والتسعون والمائتان : مجهول.

ويدل على استحباب الأكل مع الخدم والموالي والعبيد ، والجلوس معهم على المائدة ، وإن الشرف بالتقوى لا بالأنساب.

الحديث السابع والتسعون والمائتان : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « طبائع الجسم على أربعة » أي مبنى طبائع جسد الإنسان وصلاحها على أربعة أشياء ، ويحتمل أن يكون المراد بالطبائع ما له مدخل في قوام البدن ، وإن كان خارجا عنه ، فالمراد أنها على أربعة أقسام.

قوله عليه‌السلام: « ويخرج ما في الجسم » يدل على أن لتحرك النفس مدخلا في دفع الأدواء عن الجسد ودفع العفونات كما هو الظاهر.

قوله عليه‌السلام: « والأرض » أي الثاني منها الأرض وهي تولد اليبس بطبعها ، والحرارة بانعكاس أشعة الشمس عنها فلها مدخل في تولد المرة الصفراء والسوداء.

قوله عليه‌السلام: « والطعام » هذا هو الثالثة منها ، وإنما نسب الدم فقط إليها

١٦٥

والطعام ومنه يتولد الدم ألا ترى أنه يصير إلى المعدة فتغذيه حتى يلين ثم يصفو فتأخذ الطبيعة صفوه دما ثم ينحدر الثفل والماء وهو يولد البلغم.

٢٩٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن الحسين بن أعين أخو مالك بن أعين قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ـ عن قول الرجل للرجل جزاك الله خيرا ما يعني به فقال أبو عبد الله عليه‌السلام إن خيرا نهر في الجنة مخرجه من الكوثر والكوثر مخرجه من ساق العرش عليه منازل الأوصياء وشيعتهم على حافتي ذلك النهر جواري نابتات كلما قلعت واحدة نبتت أخرى سمي بذلك النهر وذلك قوله تعالى : «فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ »(١) فإذا قال الرجل لصاحبه جزاك الله خيرا فإنما يعني بذلك تلك المنازل التي قد أعدها الله عز وجل لصفوته وخيرته من خلقه

لأنها أدخل في قوام البدن من سائر الأخلاط مع عدم مدخلية الأشياء الخارجة كثيرا فيها.

قوله عليه‌السلام« والماء » هذا هو الرابعة مدخليتها في تولد البلغم ظاهر.

الحديث الثامن والتسعون والمائتان : مجهول.

قوله عليه‌السلام: « إن خيرا نهر في الجنة » يحتمل أن يكون أصل استعمال هذه الكلمة كان ممن عرف هذا المعنى وإرادة من لا يعرف غيره لا ينافيه ، على أنه يحتمل أن يكون المراد أن الجزاء الخير هو هذا وينصرف واقعا إليه وإن لم يعرف ذلك من يتكلم بهذه الكلمة.

قوله عليه‌السلام: « سمي » كذا في أكثر النسخ والظاهر سمين ، ويمكن أن يقرأ على البناء للمعلوم أي سماهن الله بها في قوله خيرات ، ويحتمل أن يكون المشار إليه النابت أي سمي النهر باسم ذلك النابت أي الجواري ، لأن الله سماهن خيرات.

__________________

(١) سورة الرحمن : ٧٠.

١٦٦

٢٩٩ ـ وعنه ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن في الجنة نهرا حافتاه حور نابتات فإذا مر المؤمن بإحديهن فأعجبته اقتلعها فأنبت الله عز وجل مكانها.

( حديث القباب )

٣٠٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي حمزة قال قال لي أبو جعفر عليه‌السلام ليلة وأنا عنده ونظر إلى السماء قال يا أبا حمزة هذه قبة أبينا آدم عليه‌السلام وإن لله عز وجل سواها تسعا وثلاثين قبة فيها خلق ما عصوا الله طرفة عين.

٣٠١ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن أبي يحيى الواسطي ، عن عجلان أبي صالح قال دخل رجل على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له جعلت فداك هذه قبة آدم عليه‌السلام قال نعم ولله قباب كثيرة ألا إن خلف مغربكم هذا تسعة وثلاثون مغربا أرضا بيضاء مملوة

الحديث التاسع والتسعون والمائتان : صحيح.

حديث القباب

الحديث الثلاثمائة : صحيح.

قوله عليه‌السلام: « تسعة وثلاثين قبة » يحتمل أن تكون تلك القباب محيطة بعضها ببعض بأن يكون المراد بها السماوات وما فوقها ، ومن الحجب ويكون المراد بسكانها الملائكة لكن الظاهر عدم الإحاطة ، والاحتمال الأول في الخبر الثاني ضعيف.

الحديث الحادي والثلاثمائة : صحيح والظاهر أبي صالح.

قوله عليه‌السلام: « أرضا بيضاء » أول بالبقاع والآفاق ، ولا يخفى بعده مع عدم الحاجة إليه.

١٦٧

خلقا يستضيئون بنوره لم يعصوا الله عز وجل طرفة عين ما يدرون خلق آدم أم لم يخلق يبرءون من فلان وفلان.

٣٠٢ ـ علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من خصف نعله ورقع ثوبه وحمل سلعته فقد برئ من الكبر.

٣٠٣ ـ عنه ، عن صالح ، عن محمد بن أورمة ، عن ابن سنان ، عن المفضل بن عمر قال كنت أنا والقاسم شريكي ونجم بن حطيم وصالح بن سهل بالمدينة فتناظرنا في الربوبية قال فقال بعضنا لبعض ما تصنعون بهذا نحن بالقرب منه وليس منا في تقية قوموا بنا إليه قال فقمنا فو الله ما بلغنا الباب إلا وقد خرج علينا بلا حذاء ولا رداء قد قام كل شعرة من رأسه منه وهو يقول لا لا يا مفضل ويا قاسم ويا نجم لا لا «بَلْ

قوله عليه‌السلام: « بنوره » أي بنور الشمس والقمر بل بنور آخر خلق الله بينهم فإطلاق المغرب يكون على سبيل مجاز المشاكلة ، أو المراد أنهم لا يستضيئون بنور تلك الكواكب ، بل بكواكب أخرى على أنه يحتمل أن يكون المراد الاستضاءة بالأنوار المعنوية والاهتداء بالأئمة عليهم‌السلام.

قوله عليه‌السلام: « من فلان وفلان » أي من أبي بكر وعمر.

الحديث الثاني والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « وحمل سلعته » أي متاعه وما يشتريه لأهله.

الحديث الثالث والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « في الربوبية » أي ربوبية الصادق عليه‌السلام أو جميع الأئمة عليهم‌السلام ولعله كان غرضهم ما نسب إليهم من أنه تعالى لما خلق أنوار الأئمة عليهم‌السلام فوض إليهم خلق العالم ، فهم خلقوا جميع العالم ، وقد نفوا عليهم‌السلام ذلك وتبرءوا منه ، ولعنوا من قال به ، وقد وضع الغلاة إخبارا في ذلك ويحتمل أن يكونوا توهموا

١٦٨

عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ».

٣٠٤ ـ عنه ، عن صالح ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن لإبليس عونا يقال له تمريح إذا جاء الليل ملأ ما بين الخافقين.

٣٠٥ ـ عنه ، عن صالح ، عن الوشاء ، عن كرام ، عن عبد الله بن طلحة قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الوزغ فقال رجس وهو مسخ كله فإذا قتلته فاغتسل فقال

حلولا أو اتحادا كالنصارى في عيسى عليه‌السلام وكأكثر الصوفية في جميع الأشياء ، تعالى الله عن جميع ذلك علوا كبيرا.

الحديث الرابع والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « ملأ ما بين الخافقين » لا ضلال الناس وإضرارهم ، أو للوساوس في المنام كما رواه الصدوق في أماليه عن أبيه بإسناده عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان وعن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محسن بن أحمد ، عن أبان بن عثمان وعن محمد بن الحسين ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال :

سمعته يقول : « إن لإبليس شيطانا يقال له هزع يملأ المشرق والمغرب في كل ليلة يأتي الناس في المنام »(١) ولعله هذا الخبر فسقط عنه بعض الكلمات في المتن والسند ووقع فيه بعض التصحيف.

الحديث الخامس والثلاثمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام: « فإذا قتلته » فاغتسل المشهور بين الأصحاب استحباب ذلك الغسل واستندوا في ذلك بما ذكره الصدوق في الفقيه حيث قال : روي أن من قتل وزغا فعليه الغسل ، وقال بعض مشايخنا : أن العلة في ذلك أنه يخرج عن ذنوبه ، فيغتسل منها.(٢)

__________________

(١) الأمالي ص ١٢٥ ط بيروت.

(٢) الفقيه ج ١ ص ٤٤.

١٦٩

إن أبي كان قاعدا في الحجر ومعه رجل يحدثه فإذا هو بوزغ يولول بلسانه فقال أبي للرجل أتدري ما يقول هذا الوزغ قال لا علم لي بما يقول قال فإنه يقول والله لئن ذكرتم عثمان بشتيمة لأشتمن عليا حتى يقوم من هاهنا قال وقال أبي ليس يموت من بني أمية ميت إلا مسخ وزغا قال وقال إن عبد الملك بن مروان لما نزل به الموت مسخ وزغا فذهب من بين يدي من كان عنده وكان عنده ولده فلما أن فقدوه عظم ذلك عليهم فلم يدروا كيف يصنعون ثم اجتمع أمرهم على أن يأخذوا جذعا فيصنعوه كهيئة الرجل قال ففعلوا ذلك وألبسوا الجذع درع حديد ثم لفوه في الأكفان فلم يطلع عليه أحد من الناس إلا أنا وولده.

٣٠٦ ـ عنه ، عن صالح ، عن محمد بن عبد الله بن مهران ، عن عبد الملك بن بشير ، عن عثيم بن سليمان ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا تمنى أحدكم القائم فليتمنه في عافية فإن الله بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله رحمة ويبعث القائم نقمة.

وقال المحقق في المعتبر : وعندي أن ما ذكره ابن بابويه ليس بحجة ، وما ذكره للعلل ليس طائلا أقول : لعلهم غفلوا عن هذا الخبر إذ لم يذكروه في مقام الاحتجاج.

قوله عليه‌السلام: « يولول » (١) أي يصوتقوله : « بشتيمة » هي الاسم من الشتم.

قوله عليه‌السلام: « إلا مسخ وزغا » إما بمسخه قبل موته أو يتعلق روحه بجسد مثالي على صورة الوزغ ، أو بتغيير جسده الأصلي إلى تلك الصورة كما هو ظاهر آخر الخبر ، لكن يشكل تعلق الروح به قبل الرجعة والبعث ، ويمكن أن يكون قد ذهب بجسده إلى الجحيم أو أحرق وتصور لهم جسده المثالي والله يعلم.

قوله عليه‌السلام: « درع حديد » لعلهم إنما فعلوا ذلك ليصير ثقيلا ، أو لأنه إن مسه أحد فوق الكفن لا يحس بأنه خشب.

الحديث السادس والثلاثمائة : ضعيف.

__________________

(١) النهاية ج ١ ص ٢٢٦.

١٧٠

٣٠٧ ـ عنه ، عن صالح ، عن محمد بن عبد الله ، عن عبد الملك بن بشير ، عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام قال كان الحسن عليه‌السلام أشبه الناس بموسى بن عمران ما بين رأسه إلى سرته وإن الحسين عليه‌السلام أشبه الناس ـ بموسى بن عمران ما بين سرته إلى قدمه.

٣٠٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن مقاتل بن سليمان قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام كم كان طول آدم عليه‌السلام حين هبط به إلى الأرض وكم كان طول حواء قال وجدنا في كتاب علي بن أبي طالب عليه‌السلام أن الله عز وجل لما أهبط آدم وزوجته حواء عليها‌السلام إلى الأرض كانت رجلاه بثنية الصفا ورأسه دون أفق السماء

الحديث السابع والثلاثمائة : ضعيف.

الحديث الثامن والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « بثنية الصفا » قال في النهاية : الثنية في الجبل كالعقبة فيه وقيل : هو الطريق العالي فيه وقيل : أعلى الميل في رأسه(١) .

قوله عليه‌السلام: « دون أفق السماء » أي عنده أو قريبا منه ، والآفاق النواحي.

اعلم إن هذا الخبر من المعضلات التي حيرت أفهام الناظرين والعويصات التي رجعت عنها بالخيبة أحلام الكاملين والقاصرين.

والإشكال فيه من وجهين.

أحدهما : أن قصر القامة كيف يصير سببا لرفع التأذي بحر الشمس.

والثاني : أن كونه عليه‌السلام سبعين ذراعا بذراعه ، يستلزم عدم استواء خلقته عليه‌السلام وأن يعسر عليه كثير من الاستعمالات الضرورية ، وهذا مما لا يناسب رتبة النبوة ، وما من الله به عليه من إتمام النعمة.

فأما الجواب عن الإشكال الأول فمن وجهين.

الأول : إنه يمكن أن يكون للشمس حرارة من غير جهة الانعكاس أيضا ، ويكون قامته عليه‌السلام طويلة جدا بحيث يتجاوز طبقة الزمهرير ، ويتأذى من تلك

__________________

(١) النهاية ج ١ ص ٢٢٦.

١٧١

وأنه شكا إلى الله ما يصيبه من حر الشمس فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل عليه‌السلام أن آدم قد شكا ما يصيبه من حر الشمس فاغمزه غمزة وصير طوله سبعين ذراعا بذراعه واغمز حواء غمزة فيصير طولها خمسة وثلاثين ذراعا بذراعها

الحرارة ويؤيده ما روي في بعض الأخبار العامية في قصة عوج بن عناق أنه كان يرفع السمك إلى عين الشمس ليشويه بحرارتها.

والثاني : أنه لطول قامته كان لا يمكنه الاستظلال ببناء ولا جبل ولا شجر فكان يتأذى من حرارة الشمس لذلك ، وبعد قصر قامته ارتفع ذلك وكان يمكنه الاستظلال بالأبنية وغيرها.

وأما الثاني فقد أجيب عنه بوجوه شتى.

الأول : ما ذكره بعض الأفاضل من مشايخنا أن استواء الخلقة ليس منحصرا فيما هو معهود الآن فإن الله تعالى قادر على خلق الإنسان على هيئات آخر كل منها فيه استواء الخلقة ، ومن المعلوم أن أعضاءنا الآن ليست بقدر أعضاء آدم عليه‌السلام وقامتنا ليست كقامته عليه‌السلام ، فالقادر على خلقنا دونه في القدر على تقصير طوله عن الأول ، قادر على أن يجعل بعض أعضائه مناسبا للبعض بغير المعهود ، وذراع آدم عليه‌السلام يمكن أن يكون قصيرا مع طول العضد ، وجعله ذا مفاصل ، أو لينا بحيث يحصل الارتفاق به ، والحركة كيف شاء كما يمكن بهذا الذراع والعضد.

والثاني : ما ذكره الفاضل المذكور أيضا وهو أن يكون المراد بالسبعين سبعين قدما أو شبرا ، وترك ذكر القدم أو الشبر لما هو متعارف شائع من كون الإنسان غالبا سبعة أقدام أو أن بقرينة المقام كان يعلم ذلك كما إذا قيل طول الإنسان سبعة تبادر منه الأقدام ، فيكون المراد به ، أنه صار سبعين قدما ، أو شبرا بالأقدام المعهودة في ذلك الزمان ، كما إذا قيل غلام خماسي ، فإنه يتبادر منه كونه خمسة أشبار ،

١٧٢

لتداول مثله واشتهاره ، وعلى هذا يكونقوله : « ذراعا » بدلا من السبعين ، بمعنى أن طوله الآن وهو السبعون بقدر ذراعه قبل ذلك ، وفائدة قوله حينئذ ذراعا بذراعه معرفة طوله أولا فإن من كون الذراع سبعين قدما مع كونه قدمين والقدمان سبعا القامة ، يعلم منه طوله الأول ، فذكره لهذه الفائدة ، على أن السؤال الواقع بقول السائل : كم كان طول آدم عليه‌السلام حين هبط إلى الأرض؟ يقتضي جوابا يطابقه وكذا قوله كم كان طول حواء فلو لا قوله ذراعا بذراعه وذراعا بذراعها لم يكن الجواب مطابقا ، لأن قوله دون أفق السماء مجمل ، فأفاد عليه‌السلام الجواب عن السؤال مع إفادة ما ذكره معه من كونه صار هذا القدر.

وأما ما ورد في حواء عليها‌السلام فالمعنى أنه جعل طول حواء خمسة وثلاثين قدما بالأقدام المعهودة الآن ، وهي ذراع بذراعها الأول فبالذراع يظهر أنها كانت على النصف من آدم ، ولا بعد في ذلك ، فإنه ورد في الحديث ما معناه أن يختار الرجل امرأة دونه في الحسب والمال والقامة ، لئلا تفتخر المرأة على الزوج بذلك وتعلو عليه ، فلا بعد في كونه أطول منها.

الثالث : ما ذكره الفاضل المذكور أيضا بأن يكون سبعين ـ بضم السين ـ تثنية سبع ، والمعنى أنه صير طوله بحيث صار سبعي الطول الأول ، والسبعان ذراع من حيث اعتبار الإنسان سبعة أقدام كل قدمين ذراع ، فيكون الذراع بدلا أو مفعولا بتقدير ـ أعني ـ وفي ذكر ذراعا بذراعه حينئذ الفائدة المتقدمة لمعرفة طوله أولا في الجملة ، فإن سؤال السائل عن الطول الأول فقط ، وأما حواء فالمعنى أنه جعل طولها خمسه ـ بضم الخاء ـ أي خمس ذلك الطول وثلثين تثنية ثلث أي ثلثي الخمس فصارت خمسا وثلثي خمس ، وحينئذ التفاوت بينهما قليل ، لأن السبعين في آدم عليه‌السلام أربعة من أربعة عشر والخمس وثلثا خمس من حواء خمسة من خمسة

١٧٣

عشر ، فيكون التفاوت بينهما يسيرا إن كان الطولان الأولان متساويين ، وإلا فقد لا يحصل تفاوت.

والفائدة في قوله ـ ذراعا بذراعها ـ كما تقدم ، فإن السؤال وقع بقوله وكم كان طول حواء ، ويحتمل بعيدا عود ضمير خمسه وثلثيه إلى آدم ، والمعنى أنها صارت خمس آدم الأول ، وثلثيه فتكون أطول منه أو خمسه وثلثيه بعد القصر ، فتكون أقصر ، والأول أربط وأنسب بما قبله مع مناسبة تقديم الخمس ، ومناسبة الثلاثين له ، ويقرب الثاني قلة التفاوت الفاحش على أحد الاحتمالين.

فإن قلت : ما ذكرت من السبعين من الأذرع والأقدام ينافي ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : « إن أباكم كان طوالا كالنخلة السحوق ستين ذراعا »(١) .

قلت : يمكن الجواب بأن ستين ذراعا راجع إلى النخلة لا إلى آدم عليه‌السلام ، فإنه أقرب لفظا ومعنى من حيث أن السحوق هي الطويلة ، ونهاية طولها لا يتجاوز الستين غالبا ، فقد شبه طوله عليه‌السلام بالنخلة التي هي في نهاية الطول ، ولا ينافي هذا كونه أطول منها ، فإن من التشبيه أن يشبه شيء بشيء بحيث يكون الشبه به مشهودا متعارفا في جهة من الجهات فيقال : فلان مثل النخلة ، ويراد به مجرد الطول والاستقامة ، مع أنه أقصر منها ، وقد يعكس ويحتمل كون المراد أن آدم صار ستين ذراعا ، وهذا التفاوت قد يحصل في الأذرع ، وهو ما بين الستين والسبعين أو لأن الذراع كما يطلق على المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى ، قد يطلق على الساعد ولو مجازا ، وعلى تقدير تثنية سبع يستقيم ، سواء رجع إلى آدم عليه‌السلام أم إلى النخلة ،

__________________

(١) البحار ج ١١ ص ١١٥.

١٧٤

أقول : يرد على الثالث أن الخمس وثلثي الخمس يرجع إلى الثلث ، ونسبة التعبير عن الثلث بهذه العبارة إلى أفصح الفصحاء بعيد عن العلماء.

الرابع : ما يروي عن شيخنا البهائي قدس‌سره من أن في الكلام استخداما بأن يكون المراد بآدم حين إرجاع الضمير إليه آدم ذلك الزمان من أولاده عليه‌السلام ، ولا يخفى بعده عن استعمالات العرب ، ومحاوراتهم مع أنه لا يجري ذلك في حواء إلا بتكلف ركيك ، نعم يمكن إرجاعهما إلى الرجل والمرأة ، بقرينة المقام لكنه بعيد أيضا غاية العبد.

الخامس : ما خطر بالبال بأن يكون إضافة الذراع إليهما على التوسعة والمجاز بأن نسب ذراع جنس آدم عليه‌السلام إليه وجنس حواء إليها ، وهو قريب مما سبق.

السادس : ما حل ببالي أيضا وهو أن يكون المراد بذراعه الذراع الذي قرره عليه‌السلام لمساحة الأشياء ، وهذا يحتمل وجهين.

أحدهما : أن يكون الذراع الذي عمله آدم عليه‌السلام مخالفا للذراع الذي عملته حواء عليها‌السلام.

وثانيهما : أن يكون الذراع المعمول في هذا الزمان واحدا ، لكن نسب في بيان طول كل منهما إليه لقرب المرجع.

السابع : ما سمحت به قريحتي وإن أتت ببعيد عن الأفهام ، وهو أن يكون المراد تعيين حد للغمز لجبرئيل عليه‌السلام بأن يكون المعنى اجعل طول قامته بحيث يكون بعد تناسب الأعضاء طوله الأول سبعين ذراعا بالذراع الذي حصل له بعد القصر والغمز ، فيكون المراد بطوله طوله الأول ، ونسبة التصيير إليه باعتبار أن كونه سبعين ذراعا ، إنما يكون بعد خلق ذلك الذراع ، فيكون في الكلام شبه قلب ، أي اجعل ذراعيه بحيث يكون جزء من سبعين جزء من طول قامته قبل الغمز ، و

١٧٥

مثل هذا الكلام قد يكون في المحاورات ، وليس تكلفه أكثر من بعض الوجوه التي ذكرها الأفاضل الكرام ، وبه يتضح النسبة بين القامتين ، إذ طول قامة مستوي الخلقة ثلاثة أذرع ونصف تقريبا ، فإذا كان طول قامة الأولى سبعين بذلك الذراع تكون نسبة القامة الثانية إلى الأولى نسبة واحد إلى عشرين أي نصف عشر ، وينطبق الجواب على السؤال ، إذ الظاهر منه أن غرض السائل استعلام طول قامته الأولى فلعله كان يعرف طول قامة الثانية لاشتهاره بين أهل الكتاب أو المحدثين من العامة بما رووا عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله من ستين ذراعا ، فمع صحة تلك الرواية يعلم بانضمام ما أوردنا في حل خبر الكتاب أنه عليه‌السلام كان طول قامته أو لا ألفا ومائتي ذراع بذراع من كان في زمن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو بذراع من كان في زمن آدم عليه‌السلام من أولاده.

الثامن : ما خطر ببالي أيضا لكن وجدته بعد ذلك منسوبا إلى بعض الأفاضل من مشايخنا (ره) ، وهو أن الباء في قوله بذراعه للملابسة يعني صير طول آدم سبعين ذراعا بملابسة ذراعه ، أي كما قصر من طوله قصر من ذراعه لتناسب أعضائه وإنما خص بذراعه لأن جميع الأعضاء داخلة في الطول ، بخلاف الذراع والمراد حينئذ بالذراع في قوله : « سبعين ذراعا » إما ذراع من كان في زمن آدم ، أو من كان في زمان من صدر عنه الخبر ، وهذا وجه قريب.

التاسع : أن يكون الضمير في قوله : « بذراعه » راجعا إلى جبرئيل عليه‌السلام أي بذراعه عند تصوره بصورة رجل ليغمزه.

ولا يخفى بعده من وجهين :

أحدهما : عدم انطباقه على ما ذكر في هذا الكتاب ، إذ الظاهر أن ـ صير ـ هنا بصيغة الأمر ، فكأن الظاهر على هذا الحل أن يكون بذراعك ، ويمكن توجيهه إذا قرئ بصيغة الماضي ، بتكلف تام.

١٧٦

٣٠٩ ـ عنه ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن الحارث بن المغيرة قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أصاب أباه سبي في الجاهلية فلم يعلم أنه كان أصاب أباه سبي في الجاهلية إلا بعد ما توالدته العبيد في الإسلام وأعتق قال فقال فلينسب إلى آبائه العبيد في الإسلام ثم هو يعد من القبيلة التي كان أبوه سبي فيها إن كان [ أبوه ] معروفا فيهم ويرثهم ويرثونه.

٣١٠ ـ ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن عبد المؤمن الأنصاري ، عن أبي جعفر

وثانيهما : عدم جريانه في أمر حواء لتأنيث الضمير إلا أن يتكلف بإرجاع الضمير إلى اليد ، ولا يخفى ركاكته وتعسفه.

العاشر : أن يكون الضمير راجعا إلى الصادق أي أشار عليه‌السلام إلى ذراعه ، فقال : ـ صيره سبعين ذراعا ـ بهذا الذراع أو إلى علي عليه‌السلام لما سبق أنه كان في كتابه ، وهذا إنما يستقيم علي ما في بعض النسخ ، فإن فيها في الثاني أيضا بذراعه ، وعلى تقديره يندفع الإشكال الأخير في الحل السابق أيضا ، لكن البعد عن العبارة باق ، ثم اعلم أن الغمز يمكن أن يكون باندماج الأجزاء وتكاثفها أو بالزيادة في العرض أو بتحليل بعض الأجزاء بأمره تعالى أو بالجميع والله يعلم.

الحديث التاسع والثلاثمائة : حسن.

قوله عليه‌السلام: « أصاب أباه سبي » أي سبى جده أهل قبيلة في الجاهلية ثم ولد منه عبد ، وهكذا ثم أسلموا أو ولد عبيد في الإسلام أيضا ، وولد هذا العبد الأخير في الإسلام وأعتق ، فقال عليه‌السلام لا ينتسب إلى آبائه العبيد في الكفر لأنه لا يصلح الانتساب إلى الكفار ، ولعله على سبيل الفضل والأولوية.

قوله عليه‌السلام: « ثم هو يعد من القبيلة التي كان أبوه سبي فيها » أي قبيلته الأصلية التي سبي منها أي لا يقطع هذا السبي نسبته ، بل يرثهم ويرثونه إن كان معروف النسب فيهم.

الحديث العاشر والثلاثمائة : حسن.

١٧٧

عليه‌السلام قال إن الله تبارك وتعالى أعطى المؤمن ثلاث خصال العز في الدنيا والآخرة والفلج في الدنيا والآخرة والمهابة في صدور الظالمين.

٣١١ ـ ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول ثلاث هن فخر المؤمن وزينه في الدنيا والآخرة الصلاة في آخر الليل ويأسه مما في أيدي الناس وولايته الإمام من آل محمد عليهم‌السلام قال وثلاثة هم شرار الخلق ابتلي بهم خيار الخلق ـ أبو سفيان أحدهم قاتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعاداه ومعاوية قاتل عليا عليه‌السلام وعاداه ويزيد بن معاوية لعنه الله قاتل الحسين بن علي عليه‌السلام وعاداه حتى قتله.

٣١٢ ـ ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال لا حسب لقرشي ولا لعربي إلا بتواضع ولا كرم إلا بتقوى ولا عمل إلا بالنية ولا عبادة إلا بالتفقه ألا وإن أبغض الناس إلى الله من يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله.

٣١٣ ـ ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن بريد بن معاوية قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول إن يزيد بن معاوية دخل المدينة وهو يريد الحج فبعث إلى رجل من

قوله عليه‌السلام: « والفلج » أي الظفر والفوز.

الحديث الحادي عشر والثلاثمائة : حسن.

الحديث الثاني عشر والثلاثمائة : حسن.

قوله عليه‌السلام: « ولا عمل إلا بالنية » أي لا يكون العمل مقبولا إلا مع الإخلاص في النية ، وترك شوائب الرياء والأغراض الفاسدة وقد مر تحقيقه في شرح كتاب الإيمان والكفر(١) وكذا سائر الفقرات.

الحديث الثالث عشر والثلاثمائة : حسن.

قوله عليه‌السلام: « دخل المدينة وهو يريد الحج » هذا غريب إذا لمعروف بين أهل السير إن هذا الملعون بعد الخلافة لم يأت المدينة بل لم يخرج من الشام ، حتى

__________________

(١) ج ٨ ص ٨٨.

١٧٨

قريش فأتاه فقال له يزيد أتقر لي أنك عبد لي إن شئت بعتك وإن شئت استرقيتك فقال له الرجل والله يا يزيد ما أنت بأكرم مني في قريش حسبا ولا كان أبوك أفضل من أبي في الجاهلية والإسلام وما أنت بأفضل مني في الدين ولا بخير مني فكيف أقر لك بما سألت فقال له يزيد إن لم تقر لي والله قتلتك فقال له الرجل ليس قتلك إياي بأعظم من قتلك الحسين بن علي عليه‌السلام ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأمر به فقتل.

( حديث علي بن الحسين عليه‌السلام مع يزيد لعنه الله )

ثم أرسل إلى علي بن الحسين عليه‌السلام فقال له مثل مقالته للقرشي فقال له علي بن الحسين عليه‌السلام أرأيت إن لم أقر لك أليس تقتلني كما قتلت الرجل بالأمس فقال له يزيد لعنه الله بلى فقال له علي بن الحسين عليه‌السلام قد أقررت لك بما سألت أنا عبد مكره فإن شئت فأمسك وإن شئت فبع فقال له يزيد لعنه الله أولى لك حقنت دمك ولم ينقصك ذلك من شرفك.

٣١٤ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن علي بن محمد بن سعيد ، عن محمد بن سالم بن أبي سلمة ، عن محمد بن سعيد بن غزوان قال حدثني عبد الله بن المغيرة قال

مات ودخل النار ، ولعل هذا كان من مسلم بن عقبة ، وإلى هذا الملعون حيث بعثه لقتل أهل المدينة فجرى منه في قتل الحرة ما جرى ، وقد نقل أنه أجرى بينه وبين علي بن الحسين عليهما‌السلام قريب من ذلك ، فاشتبه على بعض الرواة.

قوله لعنه الله : « أولى لك » قال الجوهري : قولهم أولى لك تهدد ووعيد ، وقال الأصمعي : معناه قاربه ما يهلكه ، أي نزل به(١) انتهى ، وهذا لا يناسب المقام وإن احتمل أن يكون الملعون بعد في مقام التهديد ، ولم يرض بذلك عنه عليه‌السلام ، ويحتمل أن يكون مراده أن هذا أولى لك وأحرى مما صنع القرشي.

الحديث الرابع عشر والثلاثمائة : ضعيف.

__________________

(١) الصحاح ج ٦ ص ٢٥٣٠.

١٧٩

قلت لأبي الحسن عليه‌السلام إن لي جارين أحدهما ناصب والآخر زيدي ولا بد من معاشرتهما فمن أعاشر فقال هما سيان من كذب بآية من كتاب الله فقد نبذ الإسلام وراء ظهره وهو المكذب بجميع القرآن والأنبياء والمرسلين قال ثم قال إن هذا نصب لك وهذا الزيدي نصب لنا.

٣١٥ ـ محمد بن سعيد قال حدثني القاسم بن عروة ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال من قعد في مجلس يسب فيه إمام من الأئمة يقدر على الانتصاف فلم يفعل ألبسه الله عز وجل الذل في الدنيا وعذبه في الآخرة وسلبه صالح ما من به عليه من معرفتنا.

٣١٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال ، عن إبراهيم ابن أخي أبي شبل ، عن أبي شبل قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام ابتداء منه أحببتمونا وأبغضنا الناس وصدقتمونا وكذبنا الناس ووصلتمونا وجفانا الناس فجعل الله محياكم محيانا ومماتكم مماتنا ـ أما والله ما بين الرجل وبين أن يقر الله عينه إلا أن تبلغ

وفي أكثر النسخعلي بن محمد بن سعيد ، والظاهر إما سعد أو علي بن محمد بن أبي سعيد كما ذكرنا في ٢٨٩(١) .

قوله : « إن هذا نصب لك » لعل مراد الراوي بالناصب المخالف كما هو المصطلح في الأخبار ، وأنهم لا يبغضون أهل البيت ولكنهم يبغضون من قال بإمامتهم بخلاف الزيدية ، فإنهم كانوا يعاندون أهل البيت ، ويحكمون بفسقهم لعدم خروجهم بالسيف.

الحديث الخامس عشر والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « على الانتصاف » أي الانتقام.

الحديث السادس عشر والثلاثمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام: « فجعل الله تعالى محياكم محيانا » أي كمحيانا في التوفيق و

__________________

(١) أي في شرح الحديث المتقدّم برقم ٢٨٩.

١٨٠

نفسه هذا المكان وأومأ بيده إلى حلقه فمد الجلدة ثم أعاد ذلك فو الله ما رضي حتى حلف لي فقال والله الذي لا إله إلا هو لحدثني أبي محمد بن علي عليه‌السلام بذلك يا أبا شبل أما ترضون أن تصلوا ويصلوا فيقبل منكم ولا يقبل منهم أما ترضون أن تزكوا ويزكوا فيقبل منكم ولا يقبل منهم أما ترضون أن تحجوا ويحجوا فيقبل الله جل ذكره منكم ولا يقبل منهم والله ما تقبل الصلاة إلا منكم ولا الزكاة إلا منكم ولا الحج إلا منكم فاتقوا الله عز وجل فإنكم في هدنة وأدوا الأمانة فإذا تميز الناس فعند ذلك ذهب كل قوم بهواهم وذهبتم بالحق ما أطعتمونا أليس القضاة والأمراء وأصحاب المسائل منهم قلت بلى قال عليه‌السلام فاتقوا الله عز وجل فإنكم لا تطيقون الناس كلهم إن الناس أخذوا هاهنا وهاهنا وإنكم أخذتم حيث أخذ الله عز وجل إن الله عز وجل اختار من عباده محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله فاخترتم خيرة الله فاتقوا الله وأدوا الأمانات إلى الأسود والأبيض وإن كان حروريا وإن كان شاميا

الهداية والرحمة« ومماتكم كمماتنا » في الوصول إلى السعادة الأبدية.

قوله عليه‌السلام: « وبين أن يقر الله تعالى عينه » أي يسره برؤية مكانه في الجنة ومشاهدة النبي والأئمة صلوات الله عليهم وسماع البشارات منهم رزقنا الله وسائر المؤمنين ذلك.

قوله : « فمد الجلدة » أي جلدة الحلق.

قوله عليه‌السلام: « فاتقوا الله » في ترك جميع الأوامر خصوصا التقية« فإنكم في هدنة » أي مصالحة مع المخالفين والمنافقين لا يجوز لكم الآن منازعتهم.

قوله عليه‌السلام: « وأدوا الأمانة » أي إلى المخالفين أو مطلقا.

قوله عليه‌السلام: « ما أطعتمونا » أي ما دمتم مطيعين لنا.

قوله عليه‌السلام: « وإن كان حروريا » أي خوارج العراق ،« وإن كان شاميا » أي نواصب الشام.

١٨١

٣١٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن فضال ، عن إبراهيم ابن أخي أبي شبل ، عن أبي شبل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

٣١٨ ـ سهل بن زياد ، عن محمد بن سنان ، عن حماد بن أبي طلحة ، عن معاذ بن كثير قال نظرت إلى الموقف والناس فيه كثير فدنوت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت له إن أهل الموقف لكثير قال فصرف ببصره فأداره فيهم ثم قال ادن مني يا أبا عبد الله غثاء يأتي به الموج من كل مكان لا والله ما الحج إلا لكم لا والله ما يتقبل الله إلا منكم.

٣١٩ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير قال كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ دخلت عليه أم خالد التي كان قطعها يوسف بن عمر تستأذن عليه فقال أبو عبد الله عليه‌السلام أيسرك أن تسمع كلامها فقلت نعم فقال أما الآن فأذن لها قال وأجلسني معه على الطنفسة ثم دخلت فتكلمت فإذا امرأة بليغة فسألته عنهما فقال لها توليهما قالت فأقول لربي إذا لقيته إنك أمرتني بولايتهما قال نعم قالت فإن هذا الذي معك على الطنفسة يأمرني بالبراءة منهما وكثير النواء يأمرني بولايتهما فأيهما خير وأحب إليك قال هذا والله أحب إلي من كثير النواء وأصحابه إن هذا يخاصم فيقول : «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ »(١) «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ »(٢) «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ »(٣)

الحديث السابع عشر والثلاثمائة : ضعيف.

الحديث الثامن عشر والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « غثاء » قال الجزري : الغثاء بالضم والمد : ما يجيء فوق السيل مما يحتمله من الزبد والوسخ وغيره(٤) .

الحديث التاسع عشر والثلاثمائة : ضعيف.

وقد مضى بعينه سندا ومتنا في الحادي والسبعين.

__________________

(١) المائدة : ٤٤.

(٢) المائدة : ٤٥.

(٣) المائدة : ٤٧.

(٤) النهاية ج ٣ ص ٣٤٣.

١٨٢

٣٢٠ ـ عنه ، عن المعلى ، عن الحسن ، عن أبان ، عن أبي هاشم قال لما أخرج بعلي عليه‌السلام خرجت فاطمة عليها‌السلام واضعة قميص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على رأسها آخذة بيدي ابنيها فقالت ما لي وما لك يا أبا بكر تريد أن تؤتم ابني وترملني من زوجي والله لو لا أن تكون سيئة لنشرت شعري ولصرخت إلى ربي فقال رجل من القوم ما تريد إلى هذا ثم أخذت بيده فانطلقت به.

٣٢١ ـ أبان ، عن علي بن عبد العزيز ، عن عبد الحميد الطائي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال والله لو نشرت شعرها ماتوا طرا

الحديث العشرون والثلاثمائة : ضعيف.

قولها عليها‌السلام: « أن توتم ابني » المشهور في كتب اللغة أن الأيتام تنسب إلى المرأة ، يقال أيتمت المرأة أي صار أولادها يتامى ، واليتيم جعله يتيما(١) قولها عليها‌السلام« وترملني » الأرملة : المرأة التي لا زوج لها(٢) ، قولها سلام الله عليها « أن تكون سيئة » أي مكافأة السيئة بالسيئة ، وليست من دأب الكرام ، فيكون إطلاق السيئة عليها مجازا أو المراد مطلق الإضرار ويحتمل أن يكون المراد المعصية أي فنهيت عن ذلك ، ولا يجوز لي فعله.

قوله : « ما تريد إلى هذا » لعل فيه تضمين معنى القصد أي قال مخاطبا لأبي بكر أو عمر ما تريد بقصدك إلى هذا الفعل ، أتريد أن تنزل عذاب الله على هذه الأمة.

الحديث الحادي والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « ماتوا طرا » أي جميعا وهو منصوب على المصدر أو على الحال ، أقول : هذه القصة من المشهورات روته الخاصة والعامة مبسوطة وإن أنكر بعض أجزائها بعض متعصبي أهل الخلاف لتقليل الفضيحة ، ولن يصلح العطار ما أفسد

__________________

(١) كذا في النسخ والصحيح وأيتمه جعله يتيما.

(٢) المصباح ج ٢ ص ٣١٥.

١٨٣

الدهر ، وليس هذا مقام ذكر تفاصيل تلك الواقعة الشنيعة ، والقصة الغريبة ، ولعل الله يوفقنا أن نذكرها مفصلا في شرح كتاب الحجة ولنذكر بعض ما يناسب المقام هيهنا.

فأما ما رواه الخاصة فمنها ما رواه سليم بن قيس الهلالي فيما عندنا من كتابه(١) ورواه الطبرسي أيضا في كتاب الاحتجاج(٢) عنه ، عن سلمان في خبر طويل أخذنا منه موضع الحاجة ، أنه قال : لما بايع القوم أبا بكر وكان الليل حمل علي عليه‌السلام فاطمة عليها‌السلام على حمار وأخذ بيد ابنيه حسن وحسين فلم يدع أحدا من أهل بدر من المهاجرين ولا من الأنصار إلا أتاه في منزله ، وذكره حقه ودعاه إلى نصرته فما استجاب له من جميعهم إلا أربعة وعشرون رجلا ، فأمرهم أن يصبحوا بكرة محلقين رؤوسهم معهم سلاحهم قد بايعوه على الموت ، فأصبح ولم يوافه منهم أحد غير أربعة ، فقلت لسلمان ومن الأربعة؟ قال : أنا وأبو ذر والمقداد والزبير بن العوام ثم أتاهم من الليل فناشدهم فقالوا : نصبحك بكرة فما منهم أحد(٣) وفي غيرنا ، ثم الليلة الثالثة فما وفي غيرنا.

فلما رأى علي عليه‌السلام غدرهم وقلة وفائهم لزم بيته ، وأقبل على القرآن يؤلفه ويجمعه ، فلم يخرج حتى جمعه كله ، فكتبه على تنزيله والناسخ والمنسوخ فبعث إليهم(٤) أبو بكر أن أخرج فبايع ، فبعث إليه أني مشغول فقد آليت بيمين أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أؤلف القرآن وأجمعه فجمعه في ثوب وختمه ، ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله فنادى علي عليه‌السلام بأعلى صوته أيها الناس إني لم أزل منذ قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مشغول بغسله

__________________

(١) الإحتجاج ج ١ ص ٧٠ وكتاب سليم ص ٢٤٩.

(٢) الإحتجاج ج ١ ص ٧٠ وكتاب سليم ص ٢٤٩.

(٣) في المصدر « فما وفي أحد منهم غيرنا ».

(٤) في المصدر « فبعث إليه ».

١٨٤

ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب ، فلم ينزل الله على نبيه آية من القرآن إلا وقد جمعتها ، وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأعلمني تأويلها ثم دخل بيته.

فقال عمر لأبي بكر : أرسل إلى علي عليه‌السلام فليبايع فإنا لسنا في شيء حتى يبايع ، ولو قد بايع آمنا فأرسل أبو بكر رسولا أن أجب خليفة رسول الله فأتاه الرسول فأخبره بذلك فقال علي عليه‌السلام ما أسرع ما كذبتم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنه ليعلم ويعلم الذين حوله ، أن الله ورسوله لم يستخلفا غيري ، فذهب الرسول فأخبره بما قاله ، فقال : اذهب فقل أجب أمير المؤمنين أبا بكر فأتاه فأخبره بذلك ، فقال علي عليه‌السلام : سبحان الله ما طال العهد فينسى وأنه ليعلم أن هذا الاسم لا يصلح إلا لي ، ولقد أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سابع سبعة فسلموا علي بإمرة المؤمنين ، فاستفهمه هو وصاحبه عمر من بين السبعة ، فقالا أمن الله أو من رسوله؟ فقال لهما رسول الله نعم حقا من الله ومن رسوله أنه أمير المؤمنين ، وسيد المسلمين ، وصاحب لواء الغر المحجلين يقعده الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة ، وأعداءه النار ، فانطلق الرسول إلى أبي بكر وأخبره بما قال فكفوا عنه يومئذ.

فلما كان الليل حمل فاطمة سلام الله عليها على حمار ثم دعاهم إلى نصرته فما استجاب له رجل غيرنا أربعة فإنا حلقنا رؤوسنا وبذلنا له نصرتنا ، وكان علي عليه‌السلام لما رأى خذلان الناس له وتركهم نصرته واجتماع كلمة الناس مع أبي بكر وطاعتهم له ، وتعظيمهم له ، جلس في بيته.

وقال عمر لأبي بكر : ما منعك أن تبعث إليه فيبايع فإنه لم يبق أحد إلا وقد بايع غيره وغير هؤلاء الأربعة معه ، وكان أبو بكر أرأف الرجلين وأرفقهما وأدهاهما

١٨٥

وأبعدهما غورا ، والآخر أفظهما وأغلظهما وأجفاهما ، فقال : من ترسل إليه؟ قال : أرسل إليه قنفذا وكان رجلا فظا غليظا جافيا من الطلقاء أحد بني تميم [ تيم ] فأرسله وأرسل معه أعوانا فانطلق فاستأذن فأبى علي عليه‌السلام أن يأذن له فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر وهما في المسجد ، والناس حولهما ، فقالوا : لم يأذن لنا ، فقال عمر : إن هو أذن لكم وإلا فادخلوا عليه بغير إذنه ، فانطلقوا فاستأذنوا فقالت فاطمة عليها‌السلام أحرج عليكم أن تدخلوا بيتي بغير إذن ، فرجعوا وثبت قنفذ ، فقالوا إن فاطمة قالت كذا كذا فحرجتنا أن ندخل عليها بغير إذن ، فغضب عمر فقال : ما لنا وللنساء ، ثم أمر أناسا حوله فحملوا حطبا ، وحمل معهم عمر فجعلوه حول منزله ، وفيه علي وفاطمة وابناهما عليهم‌السلام ، ثم نادى عمر حتى أسمع عليا عليه‌السلام والله لتخرجن ولتبايعن خليفة رسول الله أو لأضرمن عليك بيتك نارا ، ثم رجع فقعد إلى أبي ـ بكر وهو يخاف أن يخرج إليه علي عليه‌السلام بسيفه لما يعرف من بأسه وشدته ثم قال لقنفذ إن خرج وإلا فاقتحم عليه ، فإن امتنع فأضرم عليهم بيتهم نارا ، فانطلق قنفذ فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن ، وثار علي إلى سيفه فسبقوه إليه فتناول بعض سيوفهم فكثروا فضبطوه ، وألقوا في عنقه حبلا ، وحالت فاطمة عليها‌السلام بين زوجها وبينهم عند باب البيت ، فضربها قنفذ بالسوط على عضدها ، وإن بعضدها مثل الدملوج من ضرب قنفذ إياها ، فأرسل أبو بكر إلى قنفذ اضربها فألجأها إلى عضادة باب بيتها فدفعتها فكسر ضلعا من جنبها ، وألقت جنينا من بطنها ، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت من ذلك شهيدة صلوات الله عليها.

ثم انطلقوا بعلي عليه‌السلام يعتل حتى انتهوا به إلى أبي بكر وعمر قائم بالسيف على رأسه ، وخالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح ، وسالم ، والمغيرة بن شعبة ، وأسيد بن حصين ، وبشير بن سعد ، وسائر الناس قعود حول أبي بكر وهو عليه‌السلام يقول

١٨٦

أما والله لو وقع سيفي بيدي لعلمتم أنكم لن تصلوا إلى هذا مني وبالله ما ألوم نفسي في جهد ولو كنت في أربعين رجلا لفرقت جماعتكم فلعن الله قوما بايعوني ثم خذلوني ، فانتهره عمر ، فقال : بايع ، فقال : فإن لم أفعل قال إذا نقتلك ذلا وصغارا ، فقال : إذا تقتلون عبد الله وأخا رسول الله ، فقال أبو بكر : أما عبد الله فنعم ، وأما أخا رسول الله فلا نقر لك بها ، قال : أتجحدون أن رسول الله آخى بين نفسه وبيني ، فأعادوا عليه بذلك ثلاث مرات ، ثم أقبل علي عليه‌السلام فقال : يا معاشر المهاجرين والأنصار أنشدكم بالله أسمعتم رسول الله يقول يوم غدير خم كذا وكذا ، وفي غزوة تبوك كذا وكذا فلم يدع شيئا قال فيه عليه‌السلام علانية للعامة إلا ذكر ، فقالوا اللهم نعم.

فلما أن خاف أبو بكر أن ينصروه ويمنعوه بادرهم ، فقال : كلما قلت قد سمعناه بآذاننا ودعته قلوبنا ، ولكن سمعت رسول الله يقول : بعد هذا إنا أهل بيت اصطفانا الله وأكرمنا واختار لنا الآخرة على الدنيا وإن الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة.

فقال علي عليه‌السلام : أما أحد من أصحاب رسول الله شهد هذا معك؟ قال عمر : صدق خليفة رسول الله وقد سمعنا هذا منه كما قال وقال أبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل صدق قد سمعنا ذلك من رسول الله ، فقال لهم : لتسد ما وقيتم بصحيفتكم الملعونة ، التي تعاقدتم عليها في الكعبة ، إن قتل الله محمدا وأماته أن تزووا هذا الأمر منا أهل البيت ، فقال أبو بكر : وما علمك بذلك ، ما أطلعناك عليها ، فقال علي عليه‌السلام : يا زبير ويا سلمان وأنت يا مقداد أذكركم الله وبالإسلام أسمعتم رسول الله يقول ذلك لي إن فلانا وفلانا حتى عد هؤلاء الخمس قد كتبوا بينهم كتابا وتعاهدوا وتعاقدوا على ما صنعوا؟ قالوا : اللهم نعم قد سمعنا ، يقول ذلك لك ، فقلت بأبي أنت يا رسول الله فما تأمرني أفعل إذا كان ذلك فقال لك إن وجدت

١٨٧

عليهم أعوانا فجاهدهم ، ونابذهم ، وإن لم تجد أعوانا فبايعهم واحقن دمك.

فقال علي عليه‌السلام : أما والله لو أن أولئك الأربعين رجلا الذين بايعوني وفوا لي لجاهدتك والله ، أما والله لا ينالها أحد من عقبكم إلى يوم القيامة ثم نادى قبل أن يبايع « يا بن أم إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي »(١) ثم تناول يد أبي بكر فبايعه كرها ، فقال للزبير بايع فأبى فوثب إليه عمر ، وخالد بن الوليد وابن شعبة في أناس فانتزعوا سيفه فضربوا به الأرض حتى كسر فقال الزبير وعمر على صدره يا بن صهاك أما والله لو أن سيفي في يدي لحدث عني ، ثم بايع قال سلمان : ثم أخذوني فوجؤوا عنقي حتى تركوها مثل السلعة ، ثم فتلوا يدي فبايعت مكرها ثم بايع أبو ذر والمقداد مكرهين وما من الأمة أحد بايع مكرها غير علي وأربعتنا ولم يكن أحد منا أشد قولا من الزبير.

أقول : ثم ذكر احتجاج أمير المؤمنين عليه‌السلام وهؤلاء الأربعة عليهم.

وروي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « لما استخرج أمير المؤمنين من منزله خرجت فاطمة عليها‌السلام فما بقيت امرأة هاشمية إلا خرجت معها حق انتهت قريبا من القبر فقالت خلوا عن ابن عمي فو الذي بعث محمدا بالحق إن لم تخلوا عنه لأنشرن شعري ولأضعن قميص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على رأسي ، ولأصرخن إلى الله تبارك وتعالى فما ناقة صالح بأكرم على الله مني ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي ، قال سلمان : كنت قريبا منها فرأيت والله أساس حيطان مسجد رسول الله تقلعت من أسفلها ، حتى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها نفذ فدنوت منها وقلت يا سيدتي ومولاتي إن الله تعالى بعث أباك رحمة ، فلا تكوني نقمة فرجعت ورجعت الحيطان إلى

__________________

(١) الأعراف : ١٥٠.

١٨٨

الأرض حتى سطعت الغبرة من أسفلها قد خلت في خياشيمنا(١) انتهى.

وقد روى أصحابنا في ذلك أخبارا كثيرة ليس هذا مقام ذكرها.

وأما روايات العامة فقد روى البلاذري في تاريخه أكثر ما نقلناه من طرقنا مبسوطا ، وقد اعترف ابن أبي الحديد مجملا أن جماعة من أصحاب الحديث رووا أمثال ذلك ، وروى ابن أبي الحديد(٢) عن أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري بإسناد ذكره عن سلمة بن عبد الرحمن ، قال لما جلس أبو بكر على المنبر كان علي عليه‌السلام والزبير وأناس من بني هاشم في بيت فاطمة فجاء عمر إليهم ، فقال والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم فخرج إليه الزبير مصلتا سيفه فاعتنقه رجل من الأنصار وزياد بن لبيد فدق به السيف من يده فصاح به أبو بكر وهو على المنبر أضرب به على الحجر ، قال أبو عمرو بن حماس فلقد رأيت الحجر فيه تلك الضربة ، ويقال هذه ضربة سيف الزبير ثم قال أبو بكر : دعوهم فسيأتي الله بهم ، قال : فخرجوا إليه بعد ذلك فبايعوه.

قال أبو بكر وقد روي في رواية أخرى أن سعد بن أبي وقاص كان معهم في بيت فاطمة عليها‌السلام ، والمقداد بن الأسود أيضا ، وإنهم اجتمعوا على أن يبايعوا عليا عليه‌السلام فأتاهم عمر ليحرق عليهم البيت ، فخرج إليه الزبير بالسيف ، وخرجت فاطمة سلام الله عليها تبكي وتصيح إلى ما ذكره.

وروى أيضا عن أحمد بن إسحاق عن أحمد بن سيار ، عن سعيد بن كثير الأنصاري ـ في أثناء ذكر خبر السقيفة بطوله ـ وذهب عمر ومعه عصابة إلى بيت فاطمة منهم أسيد بن حضير وسلمة بن أسلم ، فقال لهم : انطلقوا فبايعوا فأبوا عليه ، وخرج

__________________

(١) الإحتجاج : ج ١ ص ٧٢.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٦ ص ٤٨ ـ ٤٩.

١٨٩

إليه الزبير بسيفه ، فقال عمر عليكم الكلب فوثب عليه سلمة بن أسلم فأخذ السيف من يده ، فضرب به الجدار ، ثم انطلقوا به وبعلي ومعهما بنو هاشم ، وعلي يقول : أنا عبد الله وأخو رسوله حتى انتهوا به إلى أبي بكر ، فقيل له : بايع ، فقال : أنا أحق بهذا الأمر منكم لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأعطوكم وسلموا إليكم الإمارة ، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار فأنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم وأعرفوا للناس الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم ، وإلا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون.

فقال عمر : إنك لست متروكا حتى تبايع ، فقال له علي : أحلب يا عمر حلبا لك شطره أشدت له اليوم أمره ليرد عليك غدا لا والله لا أقبل قولك ولا أبايعه.

فقال له أبو بكر : فإن لم تبايعني فلم أكرهك.

فقال له أبو عبيدة : يا أبا الحسن إنك حديث السن وهؤلاء مشيخة قريش قومك ليس لك تجربتهم ومعرفتهم بالأمور ولا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر منك ، وأشد احتمالا له واضطلاعا به فسلم له هذا الأمر وأرض به فإنك إن تعش ويطل عمرك فأنت لهذا الأمر خليق ، وبه حقيق في فضلك وقرابتك وسابقتك وجهادك.

فقال علي : يا معشر المهاجرين الله الله لا تخرجوا سلطان محمد عن داره وبيته إلى بيوتكم ودوركم ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه ، فو الله يا معشر المهاجرين لنحن أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم ، أما كان منا القاري لكتاب الله ، الفقيه في دين الله العالم بالسنة المصطلع بأمر الرعية ، والله إنه لفينا فلا

١٩٠

تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا.

فقال بشر بن سعد : لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار قبل بيعتهم لأبي ـ بكر ما اختلف عليك اثنان ، ولكنهم قد بايعوا وانصرف علي إلى منزله ولم يبايع ولزم بيته حتى ماتت فاطمة فبايع(١) .

وروي أيضا عن أحمد بن عبد العزيز قال أخبرني أبو بكر الباهلي ، عن إسماعيل بن مجالد ، عن الشعبي قال : قال أبو بكر : يا عمر أين خالد بن الوليد؟ قال : هو هذا فقال : انطلقا إليهما يعني عليا والزبير فأتياني بهما ، فدخل عمر ووقف خالد على الباب ، من خارج فقال عمر للزبير : ما هذا السيف؟ قال : أعددته لأبايع عليا قال : وكان في البيت ناس كثير منهم المقداد بن الأسود وجمهور الهاشميين فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت فكسره ثم أخذ بيد الزبير فأقامه ثم دفعه فأخرجه ، وقال : يا خالد دونك هذا ، فأمسكه خالد وكان خارج الباب مع خالد جمع كثير من الناس بعثهم أبو بكر ردأ لهما ، ثم دخل عمر ، فقال لعلي : قم فبايع فتلكأ واحتبس فأخذه بيده فقال قم ، فأبى أن يقوم فحمله ودفعه كما دفع الزبير ثم أمسكهما خالد وساقهما عمر ومن معه سوقا عنيفا واجتمع الناس ينظرون وامتلأت شوارع المدينة بالرجال ، ورأت فاطمة ما صنع عمر فصرخت وولولت ، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهن فخرجت إلى باب حجرتها ونادت يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله ، والله لا أكلمه حتى ألقى الله قال : فلما بايع علي والزبير وهدأت تلك الفورة أمسى إليها أبو بكر بعد ذلك فشفع لعمر وطلبه إليها فرضيت عنه ،(٢)

__________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ٦ ص ١١ ـ ١٢.

(٢) نفس المصدر ج ٦ ص ٤٨ ـ ٤٩.

١٩١

ثم قال ابن أبي الحديد ـ بعد ذكر بعض الأخبار في ذلك ـ : والصحيح عندي أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر وعمر وأنها أوصت أن لا يصليا عليها ، وذلك عند أصحابنا من الأمور المغفورة لهما ، وكان الأولى بهما إكرامها واحترام منزلها ثم روي بإسناده عن ابن عباس أن عمر قال له أما والله إن صاحبك هذا لأولى الناس بالأمر بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا أنا خفناه على اثنين ، على حداثة سنة وحبه بني عبد المطلب(١) وقد أورد ابن قتيبة(٢) أكثر هذه الواقعة الشنيعة وذكر أنه هدد أبو بكر عليا بالقتل إن لم يبايع ، فأتى قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله باكيا وقال : « يا بن أم «إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي »(٣) .

أقول : نكتفي في هذا المقام بما أوردنا من أخبار الفريقين ، وإن كان قليلا من كثير فلينظر امرؤ فيها ولينصف من نفسه هل يظهر له بغض هؤلاء لأهل البيت عليهم‌السلام ومعاندتهم لهم مع أنهم رووا في أخبار كثيرة أن حبهم إيمان ، وبغضهم كفر ونفاق(٤) وهل يتبين له منها مفارقة القوم عليا ومفارقته إياهم ، وقد رووا بأسانيد جمة أن عليا مع الحق والحق مع علي حيث ما دار(٥) وهل يخفى على ذي حجى أن مثل هذه الإهانات وأقل منها إيذاء له عليه‌السلام.

وقد روى أحمد بن حنبل وغيره أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « من آذى عليا فقد آذاني ».(٦) وهل يخفى عليك بعد التفكر فيما نقلنا أن هذه البيعة من عظماء الصحابة كانت بعد زمان طويل جبرا وقهرا ، فهل يجوز عاقل أن يكون مثل هذه البيعة

__________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٦ ص ٥٠ ـ ٥١.

(٢) في الإمامة والسياسة.

(٣) الأعراف : ١٥٠.

(٤) لاحظ فضائل الخمسة من الصحاح الستة : ج ٢ ص ٧٥ ـ ٨٧.

(٥) لاحظ فضائل الخمسة من الصحاح الستة : ج ٢ ص ١٠٨ ـ ١١١.

(٦) مسند أحمد بن حنبل : ج ٣ ص ٤٨٣.

١٩٢

سببا لحصول رئاسة الدنيا والدين ، وإمامة كافة المسلمين ، وقد اعترف جلهم بل كلهم بأن فاطمة عليها‌السلام استشهدت ساخطة عليهما ، وقد رووا جميعا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لفاطمة : « يا فاطمة إن الله يغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك »(١) وأنه قال : « فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله »(٢) وقد قال الله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً »(٣) ومن فوض مصالح المسلمين إلى هؤلاء المنافقين الكافرين الجاهلين حتى لزمهم مثل هذه الشنائع والقبائح لرعاية مصالح المسلمين وأية مصلحة للمسلمين كانت تعارض مثل هذه المفاسد العظيمة ، حتى يرعوها ، وأية مفسدة كانت أشد من الدخول في حرم أهل البيت بغير إذنهم ، وكشف سترهم وزجرهم ودفعهم وإبكائهم وإلجاء سيدة النساء إلى الخروج والتظلم في مجامع الكفرة ، وتسليط أهل الكفر على أهل بيت الرسالة أعواما كثيرة حتى انتهى الأمر إلى أن قتلوهم وشردوهم هل كان هذا مقتضى وصية الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بهم في المواطن على ما أثبته جميع المخالفين في كتبهم؟ أم كان لائقا بحرمة النبي الذي أعزهم وآواهم ونصرهم وأغناهم ، ومن شفا جرف النار أنقذهم فلبئس ما عزوا أهل بيته في مصيبته ، ولساء ما جبروا وهنهم في رزيئته.

وهذا الكلام يقتضي مقاما أوسع من ذلك المقام ، وما ذكرناه كاف لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، اللهم العن هؤلاء الظالمين الغاصبين لعنا وبيلا وعذبهم عذابا أليما لا تعذب به أحدا من العالمين ، والعن أشياعهم وأتباعهم من الأولين والآخرين إلى يوم الدين.

__________________

(١) مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٥٣.

(٢) صحيح مسلم : كتاب فضائل الصحابة ـ باب فضائل فاطمة « عليها‌السلام » باختلاف يسير.

(٣) سورة الأحزاب : ٥٧.

١٩٣

٣٢٢ ـ أبان ، عن ابن أبي يعفور قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إن ولد الزنا يستعمل إن عمل خيرا جزئ به وإن عمل شرا جزئ به.

٣٢٣ ـ أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حجرته ومروان وأبوه يستمعان إلى حديثه فقال له الوزغ ابن الوزغ قال أبو عبد الله عليه‌السلام فمن يومئذ يرون أن الوزغ يسمع الحديث.

٣٢٤ ـ أبان ، عن زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول لما ولد مروان

الحديث الثاني والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « إن عمل خيرا جزي به » الظاهر أن المراد أنه لا يحكم بكفره بل يؤمر بالأعمال فإن عمل خيرا يثاب عليه ، وإن عمل شرا يعاقب عليه كما هو المشهور بين الأصحاب ، وهذا لا ينافي ما يظهر من بعض الأخبار أنه يفعل باختياره ما يستوجب النار ، إذ هذا حكم ظاهر حاله ، وذاك بيان ما يؤول إليه أمره ، وعلى مذهب من قال ـ كالسيد المرتضى (ره) ـ أنه بحكم الكفار وإن لم يظهر منه ما يوجب كفره ، يمكن أن يحمل الجزاء على الأجر المنقطع الذي يكون للكفار أيضا لا على الثواب الدائم ، وقد سبق الكلام فيه في شرح كتاب الطهارة(١) .

الحديث الثالث والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « يستمعان إلى حديثه » أي كانا يسترقان السمع ليسمعا ما يخبر به ، ويحكيه النبي مع أهل بيته وأزواجه ويخبرا به المنافقين ، وإنما سماها وزغا لما مر من أن بني أمية يمسخون بعد الموت وزغا ، لأن الوزغ يستمع الحديث ، فشبههما لذلك به ، وهذا أظهر للتعليل.

قوله عليه‌السلام: « فمن يومئذ يرون » أي يعلم الناس أن الوزغ يستمع الحديث لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله شبهه بهما في ذلك.

الحديث الرابع والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

__________________

(١) لاحظ ج ١٤ ص ٢٣٠ ـ ٢٣٥.

١٩٤

عرضوا به لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يدعو له فأرسلوا به إلى عائشة ليدعو له فلما قربته منه قال أخرجوا عني الوزغ ابن الوزغ قال زرارة ولا أعلم إلا أنه قال ولعنه.

٣٢٥ ـ أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي العباس المكي قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول إن عمر لقي أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال أنت الذي تقرأ هذه الآية : «بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ »(١) تعرضا بي وبصاحبي قال أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أمية «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ »(٢) فقال كذبت بنو أمية أوصل للرحم منك ولكنك أبيت إلا عداوة لبني تيم وعدي وبني أمية.

٣٢٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان علي عليه‌السلام يقوم في المطر أول ما يمطر حتى يبتل رأسه ولحيته وثيابه فقيل له يا أمير المؤمنين الكن الكن فقال إن هذا ماء قريب عهد بالعرش

قوله : « ولا أعلم » أي أظن أنه عليه‌السلام قال : ولعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذلك مروان ، وهذا هو مروان بن الحكم الذي طرده وأباه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة فآواهما عثمان.

الحديث الخامس والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

وقد مر بعينه في السادس والسبعين.

الحديث السادس والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « أول ما يمطر » أي أول كل مطر أو المطر أول السنة ، والأول أظهر ،قوله : « الكن » بالنصب أي أدخل الكن أو اطلبه ، والكن : بالكسر ما يستتر به من بناء ونحوه.

__________________

(١) سورة القلم : ٦.

(٢) سورة محمّد : ٢٢.

١٩٥

ثم أنشأ يحدث فقال إن تحت العرش بحرا فيه ماء ينبت أرزاق الحيوانات فإذا أراد الله عز ذكره أن ينبت به ما يشاء لهم رحمة منه لهم أوحى الله إليه فمطر ما شاء من سماء إلى سماء حتى يصير إلى سماء الدنيا فيما أظن فيلقيه إلى السحاب والسحاب بمنزلة الغربال ثم يوحي الله إلى الريح أن اطحنيه وأذيبيه ذوبان الماء ثم انطلقي به إلى موضع كذا وكذا فامطري عليهم فيكون كذا وكذا عبابا وغير ذلك فتقطر عليهم على النحو

قوله عليه‌السلام: « إن تحت العرش بحرا » يدل على أن ماء المطر ينزل من السماء كما هو ظاهر الآية ، ولا عبرة بقول الطبيعيين أنه ينزل بعد البرد ما يتصاعد من بخارات الأرض ، فإنه كلام ظني لم يستدلوا عليه بدليل ، وما ادعوا من التجربة فبعد تسليم أن لهم طريقا إلى تجربة ذلك ، فلا يستقيم حكمهم كليا ، نعم يظهر من بعض الأخبار(١) أن المطر نوعان منه ما يصعد من البخار ، ومنه ما ينزل من السماء ، والثاني أكثر نفعا وأعظم بركة ، وكذلك يكون في زمن القائم عليه‌السلام.

قوله : « فيما أظن » هذا كلام الراوي ، أي أظن أن الصادق عليه‌السلام ذكر السماء الدنيا.

قوله عليه‌السلام: « ثم يوحي إلى الريح أن أطحنيه وأذيبيه » ظاهره أن المراد أن ما ينزل من السماء برد ، فإذا أراد أن يصيره مطرا يأمر الريح أن يطحنه ويذيبه وآخر الخبر صريح في ذلك ، والآية أيضا يحتمل ذلك بل هو أظهر فيها بأن يكون مفعول ينزل الودق ، أي ينزل الودق من جبال ، لكن ذكر البحر سابقا لا يلائمه إلا أن يقال المراد أن تلك الجبال في ذلك البحر ، ويحتمل أن يكون الطحن والإذابة عن تفريق الماء في السحاب ، لئلا ينزل دفعة ، ولا في بعض المواضع أكثر من بعض ، فيكون اللام فيقوله ـ الماء للعهد أي ماء المطر لكن ما سيأتي لا يقبل هذا الحمل ويحتمل أيضا أن يكون مرور ذلك الماء على تلك الجبال ، فبذلك ينجمد أو يختلط بذلك البرد ، والله يعلم.

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٥٩ ص ٣٤٤ ـ ٣٧٨.

١٩٦

الذي يأمرها به فليس من قطرة تقطر إلا ومعها ملك حتى يضعها موضعها ولم ينزل من السماء قطرة من مطر إلا بعدد معدود ووزن معلوم إلا ما كان من يوم الطوفان على عهد نوح عليه‌السلام فإنه نزل ماء منهمر بلا وزن ولا عدد.

قال وحدثني أبو عبد الله عليه‌السلام قال قال لي أبي عليه‌السلام قال أمير المؤمنين عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله عز وجل جعل السحاب غرابيل للمطر هي تذيب البرد حتى يصير ماء لكي لا يضر به شيئا يصيبه الذي ترون فيه من البرد والصواعق نقمة من الله عز وجل يصيب بها من يشاء من عباده.

قوله عليه‌السلام: « ماء منهمر » أي منصب سائل من غير تقاطر ، أو كثير من غير أن يعلم وزنها ، وعددها الملائكة.

قوله عليه‌السلام: « فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ » إشارة إلى قوله تعالى : «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً »(١) قال البيضاوي : أي « يسوق ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ » بأن يكون « قزعا » فيضم بعضها إلى بغض «ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً » متراكما بعضه فوق بعض «فَتَرَى الْوَدْقَ » أي المطر «يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ » أي من فتوقه جمع خلل كجبال في جبل «وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ » أي من الغمام وكل ما علاك فهو سماء «مِنْ جِبالٍ فِيها » من قطع عظام تشبه الجبال في عظمها أو جمودها «مِنْ بَرَدٍ » بيان للجبال والمفعول محذوف أي ينزل مبتدأ من السماء ، من جبال فيها من برد ، ويجوز أن تكون من الثانية أو الثالثة للتبعيض واقعة موقع المفعول ، وقيل المراد بالسماء المظلة ، وفيها جبال من برد كما في الأرض جبال من حجر ، وليس في العقل ما يمنعه ، والمشهور أن الأبخرة إذا تصاعدت ولم تحللها حرارة فبلغت الطبقة الباردة من الهواء ، وقوي البرد هناك اجتمع وصار سحابا فإن لم يشتد البرد تقاطر فإن اشتد ووصل الأجزاء البخارية قبل اجتماعها نزل ثلجا وإلا نزل بردا ، وقد يبرد الهواء بردا مفرطا فينقبض و

__________________

(١) سورة النور : ٤٣.

١٩٧

ثم قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تشيروا إلى المطر ولا إلى الهلال فإن الله يكره ذلك.

٣٢٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط رفعه قال كتب أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى ابن عباس أما بعد فقد يسر المرء ما لم يكن ليفوته ويحزنه ما

ينعقد سحابا وينزل منه المطر والثلج «فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ » هذا الضمير للبرد(١) انتهى.

قوله عليه‌السلام: « لا تشيروا إلى المطر » لعل المراد الإشارة إليهما على سبيل المدح كان يقول ما أحسن هذا الهلال ، وما أحسن هذا المطر أو أنه ينبغي عند رؤية الهلال ونزول المطر الاشتغال بالدعاء لا الإشارة إليهما كما هو عادة السفهاء ، أو أنه لا ينبغي عند رؤيتهما التوجه إليهما عند الدعاء والتوسل بهما ، كما أن بعض الناس يظنون أن الهلال له مدخلية في نظام العالم فيتوسلون به ، ويتوجهون إليه وهذا أظهر بالنسبة إلى الهلال.

ويؤيده ما رواه الصدوق في الفقيه عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « إذا رأيت هلال شهر رمضان ، فلا تشر إليه لكن استقبل القبلة وارفع يديك إلى الله تعالى وخاطب الهلال »(٢) الخبر.

الحديث السابع والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « فقد يسر المرء » إشارة إلى قوله تعالى : «ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ »(٣) و

__________________

(١) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ١٣٠ ـ ١٣١.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ٦٢. وفيه « وقال أبي رضي‌الله‌عنه في رسالته إليّ : إذا رأيت هلال شهر رمضان » وليست رواية عن الصادق عليه‌السلام.

(٣) سورة الحديد : ٢٢ و ٢٣.

١٩٨

لم يكن ليصيبه أبدا وإن جهد فليكن سرورك بما قدمت من عمل صالح أو حكم أو قول وليكن أسفك فيما فرطت فيه من ذلك ودع ما فاتك من الدنيا فلا تكثر عليه حزنا

لعل المراد بالآية والخبر نفي الأمر المانع عن التسليم لأمر الله والفرح الموجب للبطر والاختيال بقرينة ذكر الاختيال والفخر في الآية ، ويحتمل أن يكون المراد نفي الحزن الناشئ من توهم أنه قد حصل ذلك بكده وكان يمكنه رفع ذلك عن نفسه والفرح الناشئ من توهم أنه حصل ذلك بكده وسعيه وتدبيره وعلى التقديرين يستقيم التعليل والتفريع المستفادان من الآية والخبر.

وأما ما ذكره الشيخ الطبرسي ـ والذي يوجب نفي الأسى والفرح من هذا أن الإنسان إذا علم أن ما فات منها ضمن الله تعالى العوض عليه في الآخرة فلا ينبغي أن يحزن لذلك ، وإذا علم أن ما ناله منها كلف الشكر عليه والحقوق الواجبة فيه فلا ينبغي أن يفرح به ، وأيضا إذا علم أن شيئا منها لا يبقى فلا ينبغي أن يهتم له بل يجب أن يهتم لأمر الآخرة التي تدوم ولا تبيد(١) .

فلا مدخل لوجهيه في تصحيح التعليل إلا أن يتكلف في أولهما بأن التقدير يستلزم ضمان العوض وإيجاب الشكر ولذلك صار علة لعدم الحزن والفرح.

قوله عليه‌السلام: « أو حكم » أي حكمة أو قضاء حق قضى به على نفسه أو غيره.

قوله عليه‌السلام: « فلا تنعم به سرورا » أي لا تزد في السرور ولا تبالغ فيه أو لا تكن مرفه الحال بسبب السرور به.

قال الفيروزآبادي : التنعم : الترفه والاسم النعمة بالفتح نعم كسمع ونصر وضرب والنعمة ـ بالكسر ـ المسرة ونعم الله بك كسمع ونعمك وأنعم بك عينا أقر بك عين من تحبه أو أقر عينك بمن تحبه وأنعم الله صباحك من النعومة(٢) انتهى.

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٩ ص ٢٤٠.

(٢) القاموس : ج ٤ ص ١٨٣ ـ ١٨٤.

١٩٩

وما أصابك منها فلا تنعم به سرورا وليكن همك فيما بعد الموت والسلام.

٣٢٨ ـ سهل بن زياد ، عن الحسن بن علي ، عن كرام ، عن أبي الصامت ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال مررت أنا وأبو جعفر عليه‌السلام على الشيعة وهم ما بين القبر والمنبر فقلت لأبي جعفر عليه‌السلام شيعتك ومواليك جعلني الله فداك قال أين هم فقلت أراهم ما بين القبر والمنبر فقال اذهب بي إليهم فذهب فسلم عليهم ثم قال والله إني لأحب

وحاصل الخبر : أنه ينبغي للإنسان أن لا يعتني بالدنيا ولا يكون همه مصروفا في حطامها ولا يبالي في ذلك بفقدها ، بل يكون همه مصروفا في الآخرة ونعيمها الدائم وفقنا الله وسائر المؤمنين لذلك.

الحديث الثامن والعشرون والثلاثمائة : ضعيف.

وقد مر مثله في التاسع والخمسين والمائتين.

قوله عليه‌السلام: « وإن كان هؤلاء على دين أولئك » لعله عليه‌السلام لما خصص من بين الآباء إبراهيم وإسماعيل ، لبيان أن جميع الأنبياء مشاركون لنا في الدين ، وكان هذا التخصيص يوهم إما الحصر أو كونهم أفضل من آبائه الأكرمين محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم ، استدرك عليه‌السلام ذلك بأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته عليهم‌السلام هم الأصل في دين الحق ، وسائر الأنبياء على دينهم ومن أتباعهم عليهم‌السلام.

فقوله عليه‌السلام : ـ هؤلاء ـ إشارة إلى إبراهيم وإسماعيل وغيرهم من الأنبياء الماضية ، و ـ أولئك ـ إشارة إلى آبائه الأقربين من النبي والأئمة الطاهرين.

ويحتمل أن يكون سقط العاطف من النساخ ، ويكون في الأصل وإبراهيم فيستقيم من غير تكلف ، ويمكن أن يكون ـ هؤلاء ـ إشارة إلى المخالفين و ـ أولئك ـ إلى أئمتهم الغاوين كما أفيد.

ويحتمل أيضا أن يكون ـ هؤلاء ـ إشارة إلى المخالفين ، و ـ أولئك ـ إلى الآباء ويكون المراد أنهم وإن كانوا يدعون أنهم على دين آبائي ، لكنهم براء منه ، وأنتم على دينهم أو يكون الغرض أن دين آبائي دين لا ينكره أحد ، وكل ذي دين

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640