مرآة العقول الجزء ٢٦

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف:

الصفحات: 640
المشاهدات: 246
تحميل: 31


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 246 / تحميل: 31
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 26

مؤلف:
العربية

وما أشبهه فقال سبحان الله الذي يقدر أن يبرئ بالمر يقدر أن يبرئ بالحلو ثم قال إذا حم أحدكم فليأخذ إناء نظيفا فيجعل فيه سكرة ونصفا ثم يقرأ عليه ما حضر من القرآن ثم يضعها تحت النجوم ويجعل عليها حديدة فإذا كان في الغداة صب عليها الماء ومرسه بيده ثم شربه فإذا كانت الليلة الثانية زاده سكرة أخرى فصارت سكرتين ونصفا فإذا كانت الليلة الثالثة زاده سكرة أخرى فصارت ثلاث سكرات ونصفا.

٣٨٧ ـ أحمد بن محمد الكوفي ، عن علي بن الحسن بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن هارون ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال لي كتموا «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » فنعم والله الأسماء كتموها ـ كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دخل إلى منزله واجتمعت عليه قريش يجهر ببِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ويرفع بها صوته فتولي قريش فرارا فأنزل الله عز وجل في ذلك : «وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً »(١) .

٣٨٨ ـ عنه ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن أبي هارون المكفوف ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان أبو عبد الله عليه‌السلام إذا ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال بأبي وأمي وقومي وعشيرتي عجب للعرب كيف لا تحملنا على رءوسها والله عز وجل يقول في

الحديث السابع والثمانون والثلاثمائة : الظاهر أنه صحيح إذ أحمد هو العاصمي الثقة والأظهر أن علي بن الحسين هو الظاهري الثقة.

قوله عليه‌السلام: « كتموا » استفهام على التقريع والتوبيخ ، أو إخبار ، والمراد بكتمانها تركها في السور ، والقول بعدم جزئيتها لها.

قوله عليه‌السلام: « فنعم والله الأسماء كتموها » أي فنعم الأسماء والله هذه الأسماء التي كتموها ، وقد مر تحقيق جزئية البسملة في شرح كتاب الصلاة(٢) .

الحديث الثامن والثمانون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « عجب » أي هذا أمر عجيب غريب ، وهو أنهم بسبب الرسول

__________________

(١) الإسراء : ٤٦.

(٢) لاحظ : ج ١٥ ص ١٠٦.

٢٦١

كتابه : «وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها »(١) فبرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنقذوا.

٣٨٩ ـ عنه ، عن إبراهيم بن أبي بكر بن أبي سماك ، عن داود بن فرقد ، عن عبد الأعلى مولى آل سام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت له «قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ »(٢) أليس قد آتى الله عز وجل ـ بني أمية الملك

أنقذهم الله من النار ، وهم لا يحفظون حرمته في أهل بيته ، ويحتمل أن يكون المراد أن الله تعالى به صلى‌الله‌عليه‌وآله عرضهم لأن ينقذوا أنفسهم من النار وهم يتركون ذلك بمخالفة أهل البيت عليهم‌السلام.

الحديث التاسع والثمانون والثلاثمائة : مجهول وقد يعد في الحسان.

قوله تعالى : « قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ » أي يملك جنس الملك فيتصرف فيه تصرف الملاك فيما يملكون ، والحاصل أن قدرة الخلق في كل ما يقدرون عليه ليس إلا بإقدار الله تعالى.

قوله تعالى : «تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ » اختلف في أن الملك هنا هل هو السلطنة الحقة الواقعية كالنبوة والإمامة ، أو الأعم منها ومن الرئاسات الباطلة التي تكون لملوك الجور وخلفاء الضلالة ، أو الأعم منهما ، ومن ملك العلم والعقل والصحة والأخلاق الحسنة ، وملك النفاذ وملك القدرة وملك محبة القلوب ، وملك الأموال والأولاد وغير ذلك ، فذهب جماعة إلى الأول كما يدل عليه هذا الخبر لأنه عليه‌السلام بين إن الله إنما أعطى الملك أهله من أئمة العدل ، وهؤلاء غاصبون انتزعوه منهم عدوانا وظلما ، وقالوا : كيف يؤتيه الملك وقد أمر بقصر يده ، وإزالة ملكه ، ومن اختار أحدا من الأخيرين إنما ذهب إلى عموم اللفظ بحسب اللغة ، أو العرف ومع قطع النظر عن الخبر لا استبعاد فيهما عقلا ، إذ يحتمل أن يكون المراد بالإيتاء أقداره وتمكينه عليه ، وإن كان نهاه

__________________

(١) آل عمران : ١٠٣.

(٢) آل عمران : ٢٦.

٢٦٢

قال ليس حيث تذهب إليه إن الله عز وجل آتانا الملك وأخذته بنو أمية بمنزلة الرجل يكون له الثوب فيأخذه الآخر فليس هو للذي أخذه.

٣٩٠ ـ محمد بن أحمد بن الصلت ، عن عبد الله بن الصلت ، عن يونس ، عن المفضل بن صالح ، عن محمد الحلبي أنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل «اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها »(١) قال العدل بعد الجور.

٣٩١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن محمد بن أشيم ، عن صفوان بن يحيى قال سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن ذي الفقار سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال نزل به جبرئيل عليه‌السلام من السماء وكانت حلقته فضة

عن ارتكابه ، كما أنه تعالى أقدر الزاني على الزنا ونهاه عنه ، وأعطى القاتل اليد والسيف ونهاه عن القتل بغير حق.

على أنه قد ينسب في كثير من الآيات والأخبار الأفعال إلى الله باعتبار تخليته بين العبد وإرادته ، وعدم صرفه عنها.

لكن الأول أظهر وأنسب بسياق الآية ، وبما روي في سبب النزول أنها نزلت فيما وعد الله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الملك في يوم الخندق ، أو في يوم فتح مكة.

قوله تعالى : «وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ » أي في الدنيا أو في الدين أو في الآخرة أو الأعم.

الحديث التسعون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « العدل بعد الجور » يحتمل أن يكون المراد أنها شاملة لهذا الإحياء أيضا.

الحديث الحادي والتسعون والثلاثمائة : مجهول.

وفي أكثر النسخ علي بن محمد والظاهر ابن أحمد.

قوله عليه‌السلام: « نزل به » يدل هذا الخبر كغيره من الأخبار على أن ذا الفقار

__________________

(١) سورة الحديد : ١٧.

٢٦٣

( حديث نوح عليه‌السلام يوم القيامة )

٣٩٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن القاسم بن محمد ، عن جميل بن صالح ، عن يوسف بن أبي سعيد قال كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام ذات يوم فقال لي إذا كان يوم القيامة وجمع الله تبارك وتعالى الخلائق كان نوح صلى الله عليه أول من يدعى به فيقال له هل بلغت فيقول نعم فيقال له من يشهد لك فيقول محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال فيخرج نوح عليه‌السلام فيتخطى الناس حتى يجيء إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو على كثيب المسك ومعه علي عليه‌السلام وهو قول الله عز وجل : «فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا »(١) فيقول نوح لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله يا محمد إن الله تبارك وتعالى سألني هل بلغت فقلت نعم فقال من يشهد لك فقلت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فيقول يا جعفر يا حمزة اذهبا واشهدا له أنه قد بلغ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : فجعفر وحمزة هما الشاهدان للأنبياء عليهم‌السلام

نزل من السماء ، ولم يكن من صنع البشر ، ويدل على جواز كون حلقة السيف ـ على ما في بعض النسخ ـ أو حليته ـ على ما في بعضها ـ من فضة ، وقد تقدم الكلام فيه في كتاب الزي والتجمل وكتاب الأطعمة(٢) .

حديث نوح عليه‌السلام يوم القيامة

الحديث الثاني والتسعون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « وهو على كثيب المسك » الكثيب : التل من الرمل.

قوله تعالى : « رَأَوْهُ زُلْفَةً » ذكر المفسرون أن الضمير راجع إلى الوعد فيقوله تعالى : « يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ » أي الموعود ويظهر من تفسيره عليه‌السلام أنه راجع إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، والزلفة القرب ، أي ذا زلفة ، ساءت رؤية تلك الزلفة وجوه المنكرين والمخالفين له عليه‌السلام وظهر عليها الكآبة ، وسوء الحال.

قوله عليه‌السلام: « هما الشاهدان » يظهر منه أحد معاني ما ورد في الآيات و

__________________

(١) سورة الملك : ٢٧.

(٢) لاحظ : ج ٢٢ ص ٣٦٥.

٢٦٤

بما بلغوا فقلت جعلت فداك ـ فعلي عليه‌السلام أين هو فقال هو أعظم منزلة من ذلك.

٣٩٣ ـ حدثني محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقسم لحظاته بين أصحابه ينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية.

٣٩٤ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن بعض أصحابنا قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام ما كلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله العباد بكنه عقله قط قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم.

٣٩٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إني رجل من بجيلة وأنا أدين الله عز وجل بأنكم موالي وقد يسألني بعض من لا يعرفني فيقول لي ممن الرجل فأقول له أنا رجل من العرب ثم من بجيلة فعلي في هذا إثم حيث لم أقل إني مولى لبني هاشم فقال لا أليس قلبك وهواك منعقدا على أنك من موالينا فقلت بلى والله فقال ليس عليك في أن تقول أنا من العرب إنما أنت من العرب في النسب والعطاء والعدد والحسب فأنت في الدين وما حوى الدين بما تدين الله عز وجل به من طاعتنا والأخذ به منا من موالينا ومنا وإلينا.

الأدعية والأخبار أن هذه الأمة شهداء على الخلق.

الحديث الثالث والتسعون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « يقسم لحظاته » يظهر منه استحباب تسوية النظر للعلماء والقضاة والأمراء ، ومن يرجع إليه الناس لأمور دينهم ودنياهم.

الحديث الرابع والتسعون والثلاثمائة : مرسل.

ويظهر منه أنه لا بد أن يخفى عن الناس ما لا يدركه عقولهم ولا يقبله أحلامهم.

الحديث الخامس والتسعون والثلاثمائة : صحيح.

قوله عليه‌السلام: « والعدد » أي أنت من عدادهم أو في الأعوان والاتباع.

٢٦٥

٣٩٦ ـ حدثنا ابن محبوب ، عن أبي يحيى كوكب الدم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن حواري عيسى عليه‌السلام كانوا شيعته وإن شيعتنا حواريونا وما كان حواري عيسى بأطوع له من حوارينا لنا وإنما قال عيسى عليه‌السلام للحواريين : «مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ »(١) فلا والله ما نصروه من اليهود ولا قاتلوهم دونه وشيعتنا والله لم يزالوا منذ قبض الله عز ذكره رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ينصرونا ويقاتلون دوننا ويحرقون ويعذبون ويشردون في البلدان جزاهم الله عنا خيرا.

وقد قال أمير المؤمنين عليه‌السلام والله لو ضربت خيشوم محبينا بالسيف ما أبغضونا ، وو الله لو أدنيت إلى مبغضينا وحثوت لهم من المال ما أحبونا.

٣٩٧ ـ ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ »(٢) قال فقال يا أبا عبيدة إن لهذا تأويلا لا يعلمه «إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ » من آل محمد صلوات الله عليهم إن

الحديث السادس والتسعون والثلاثمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام: « إن حواري عيسى عليه‌السلام» قال الجزري : « فيه حواري من أمتي » أي خاصتي من أصحابي وناصري ، ومنه الحواريون أصحاب عيسى أي خلصاؤه وأنصاره ، وأصله من التحوير التبييض ، وقيل إنهم كانوا قصارين يحورون الثياب أي يبيضونها ، ومنه الخبز الحوارى الذي نخل مرة بعد مرة قال الأزهري : الحواريون خلصان الأنبياء ، وتأويله الذين أخلصوا ونقوا من كل عيب(٣) .

الحديث السابع والتسعون والثلاثمائة : صحيح.

قوله تعالى : « الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ » قال البيضاوي : أي أرض العرب منهم لأنها الأرض المعهودة عندهم ، أو في أدنى أرضهم من العرب ، واللام

__________________

(١) سورة الصفّ : ١٤.

(٢) سورة الروم : ١ ـ ٢.

(٣) النهاية : ج ١ ص ٤٥٧ ـ ٤٥٨.

٢٦٦

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما هاجر إلى المدينة وأظهر الإسلام كتب إلى ملك الروم كتابا وبعث به مع رسول يدعوه إلى الإسلام وكتب إلى ملك فارس كتابا يدعوه إلى الإسلام وبعثه إليه مع رسوله فأما ملك الروم فعظم كتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأكرم رسوله وأما ملك فارس فإنه استخف بكتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومزقه واستخف برسوله وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم وكان المسلمون يهوون أن يغلب ملك الروم ملك فارس وكانوا لناحيته أرجى منهم لملك فارس فلما غلب ملك فارس ملك الروم كره ذلك المسلمون واغتموا به فأنزل الله عز وجل بذلك كتابا قرآنا «الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ » يعني غلبتها فارس «فِي أَدْنَى الْأَرْضِ » وهي الشامات وما حولها «وَهُمْ » يعني وفارس «مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ » الروم «سَيَغْلِبُونَ » يعني يغلبهم المسلمون «فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ

بدل من الإضافة «وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ » من إضافة المصدر إلى المفعول «سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ » روي أن فارس غزوا الروم فوافوهم باذرعات وبصري. وقيل بالجزيرة وهي أدنى أرض الروم من الفرس ، فغلبوا عليهم فبلغ الخبر مكة ففرح المشركون وشمتوا بالمسلمين ، وقالوا أنتم والنصارى أهل كتاب ونحن وفارس أميون ، وقد ظهر إخواننا على إخوانكم ولنظهرن عليكم فنزلت فقال لهم أبو بكر لا يقرن الله أعينكم فو الله ليظهرن الروم على فارس بعد بضع سنين فقال له أبي بن خلف كذبت اجعل بيننا أجلا أناحبك(١) عليه فناحبه على عشر قلائص من كل واحد منهما ، وجعلا الأجل ثلاث سنين ، فأخبر أبو بكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال البضع ما بين الثلاث إلى التسع فزائده في الخطر ، ومادة في الأجل فجعلاها مائة قلوص إلى تسع سنين ، ومات أبي من جرح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد قفوله من أحد فظهرت الروم على فارس يوم الحديبية ، فأخذ أبو بكر الخطر من ورثة أبي وجاء به إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال تصدق به ، والآية من دلائل النبوة ، لأنها إخبار عن الغيب ، وقرئ غلبت

__________________

(١) المناحبة : المراهنة.

٢٦٧

وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ » عز وجل فلما غزا المسلمون فارس وافتتحوها فرح المسلمون بنصر الله عز وجل قال قلت أليس الله عز وجل يقول : «فِي بِضْعِ سِنِينَ » وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي إمارة

بالفتح ، وسيغلبون بالضم ، ومعناه إن الروم غلبوا على ريف الشام ، والمسلمون سيغلبونهم ، وفي السنة التاسعة من نزوله غزاهم المسلمون ، وفتحوا بعض بلادهم وو على هذا يكون إضافة الغلب إلى الفاعل.

«لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ » من قبل كونهم غالبين وهو وقت كونهم مغلوبين ، ومن بعد كونهم مغلوبين ، وهو وقت كونهم غالبين أي له الأمر حين غلبوا وحين يغلبون ، ليس شيء منهما إلا بقضائه «وَيَوْمَئِذٍ » ويوم يغلب الروم «يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ » من له كتاب على من لا كتاب له ، لما فيه من انقلاب التفاؤل وظهور صدقهم ، فيما أخبروا به المشركين ، وغلبتهم في رهانهم ، وازدياد يقينهم وثباتهم في دينهم ، وقيل : بنصر الله المؤمنين بإظهار صدقهم ، أو بأن ولي بعض أعدائهم بعضا ، فقاتلوا حتى تفانوا «يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ » فينصر هؤلاء تارة ، وهؤلاء أخرى انتهى كلام البيضاوي(١) .

وقال البغوي : كان سبب غلبة الروم فارس على ما قال عكرمة أن شهريراز رئيس جيش كسرى بعد ما غلبت الروم لم يزل يطأهم ويخرب مدائنهم ، حتى بلغ الخليج فبينما أخوه فرخان جالس ذات يوم يشرب ، فقال فرخان لأصحابه لقد رأيت كأني جالس على سرير كسرى ، فبلغت كلمته كسرى فكتب إلى شهريراز إذا أتاك كتابي فابعث إلى برأس فرخان ، فكتب إليه أيها الملك إنك لن تجد مثل فرخان إن له قوة وصوتا في العدو فلا تغفل ، فكتب إليه إن في رجال فارس أعلى منه فعجل علي برأسه ، فراجعه فغضب كسرى ولم يجبه ، وبعث بريدا إلى أهل فارس إني قد نزعت عنكم شهريراز ، واستعملت عليكم فرخان ، ثم دفع إلى البريد

__________________

(١) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٢١٥ ـ ٢١٦.

٢٦٨

أبي بكر وإنما غلب المؤمنون فارس في إمارة عمر فقال ألم أقل لكم إن لهذا تأويلا وتفسيرا والقرآن يا أبا عبيدة ناسخ ومنسوخ أما تسمع لقول الله عز وجل : «لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ

صحيفة صغيرة وأمره فيها بقتل شهريراز ، فقال : إذا ولي فرخان الملك ، فأعطه فلما قرأ شهريراز الكتاب قال : سمعا وطاعة ، ونزل عن سريره وجلس فرخان ، ودفع إليه الصحيفة ، فقال : ائتوني بشهريراز فقدمه ليضرب عنقه ، فقال : لا تعجل وأعطاه ثلاث صحائف ، وقال : كل هذا راجعت فيك كسرى وأنت تريد أن تقتلني بكتاب واحد ، فرد الملك إلى أخيه ، وكتب شهريراز إلى قيصر ملك الروم إن لي إليك حاجة لا تحملها البريد ، ولا تبلغها الصحف ، فألقني في خمسين روميا فإني ألقاك في خمسين فارسيا ، فالتقيا في قبة ديباج ضربت لهما ، ومع كل واحد منهما سكين ، فدعيا بترجمان بينهما ، فقال : شهريراز إن الذين خربوا مدائنك أنا وأخي بكيدنا وشجاعتنا ، وإن كسرى حسدنا وأراد أن أقتل أخي فأبيت ثم أمر أخي أن يقتلني فقد خلعناه جميعا ، فنحن نقاتله معك ، قال : قد أصبتما ثم أشار أحدهما إلى صاحبه أن السر إذا جاز اثنين فشا فقتلا الترجمان معا بسكينهما فأديلت الروم على فارس عند ذلك فاتبعوهم فقتلوهم ومات كسرى ، وجاء الخبر إلى رسول الله يوم الحديبية ، ففرح من معه بذلك.

قوله عليه‌السلام: « كتب إلى ملك الروم وكان اسمه هرقل » بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إليه دحية الكلبي وأمره أن يأتي حاكم بصري ويسأل منه أن يبعث معه من يوصله إلى هرقل ، وقال : هرقل أتى لزيارة بيت المقدس إلى الشام ، فأرسل معه رجلا حتى أوصله إلى هرقل.

وقال قطب الدين الراوندي : روي أن دحية الكلبي قال : بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بكتاب إلى قيصر ، فأرسل إلى الأسقف فأخبره بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكتابه فقال : هذا النبي الذي كنا ننتظره بشرنا به عيسى بن مريم ، وقال الأسقف : أما

٢٦٩

قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ » يعني إليه المشيئة في القول أن يؤخر ما قدم ويقدم ما أخر في القول إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين فذلك قوله عز وجل : «وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ

أنا فمصدقه ومتبعة ، فقال قيصر : أما أنا إن فعلت ذلك ذهب ملكي.

ثم قال قيصر : التمسوا من قومه هيهنا أحدا أسأله عنه وكان أبو سفيان وجماعته من قريش دخلوا الشام تجارا فأحضرهم ، وقال : ليدن مني أقربكم نسبا به فأتاه أبو سفيان ، فقال : أنا سائل عن هذا الرجل الذي يقول إنه نبي ثم قال لأصحابه : إن كذب ، فكذبوه ، قال أبو سفيان : لو لا حيائي أن يأثر أصحابي عني الكذب لأخبرته بخلاف ما هو عليه.

فقال : كيف نسبه فيكم قلت : ذو نسب قال : هل قال هذا القول فيكم أحد؟ قلت : لا ، قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل؟ قلت لا ، قال : فأشراف الناس اتبعوه أو ضعفاؤهم؟ قلت : ضعفاؤهم ، قال : فهل يزيدون أو ينقصون؟ قلت : يزيدون قال : يرتد أحد منهم سخطا لدينه؟ قلت : لا ، قال : فهل يغدر قلت : لا ، قال : فهل قاتلتموه؟ قلت : نعم. قال : فكيف حربكم وحربه؟ قلت : ذو سجال مرة له ، ومرة عليه ، قال : هذه آية النبوة.

قال فما يأمركم؟ قلت : يأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا ، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا ويأمرنا بالصلاة والصوم والعفاف والصدق وأداء الأمانة والوفاء بالعهد ، قال هذه صفة نبي ، وقد كنت أعلم أنه يخرج لم أظن أنه منكم ، فإنه يوشك أن يملك ما تحت قدمي هاتين ، ولو أرجو أن أخلص إليه لتجشمت(١) لقاءه ، ولو كنت عنده لقبلت قدميه ، وإن النصارى اجتمعوا على الأسقف ليقتلوه ، فقال : اذهب إلى صاحبك فاقرأ عليه سلامي وأخبره أني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأن النصارى أنكروا ذلك علي ، ثم خرج إليهم فقتلوه.

__________________

(١) جشمت الأمر وتجشّمته : إذا تكلّفته. « النهاية ج ١ ص ٢٧٤ ».

٢٧٠

الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ » أي يوم يحتم القضاء بالنصر

قال : وروي أن هرقل بعث رجلا من غسان ، وأمره أن يأتيه بخبر محمد ، وقال له احفظ لي من أمره ثلاثة أنظر على أي شيء تجده جالسا ، ومن على يمينه ، فإن استطعت أن تنظر إلى خاتم النبوة فافعل ، فخرج الغساني حتى أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فوجده جالسا على الأرض ، ووجد علي بن أبي طالب على يمينه ، وجعل رجليه في ماء يفور ، فقال : من هذا على يمينه قيل ابن عمه ، فكتب ذلك ، ونسي الغساني الثالثة ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تعال فانظر إلى ما أمرك به صاحبك ، فنظر إلى خاتم النبوة.

فانصرف الرجل إلى هرقل ثم قال : ما صنعت؟ قال : وجدته جالسا على الأرض والماء يفور تحت قدميه ، ووجدت عليا ابن عمه عن يمينه ، وأنسيت ما قلت لي في الخاتم ، فدعاني فقال ، هلم إلى ما أمرك به صاحبك ، فنظرت إلى خاتم النبوة.

فقال : هرقل هذا الذي بشر به عيسى بن مريم أنه يركب البعير فاتبعوه وصدقوه ، ثم قال للرسول اخرج إلى أخي فأعرض عليه ، فإنه شريكي في الملك فقال له فما طاب نفسه عن ذهاب ملكه.

قوله عليه‌السلام: « وكتب إلى ملك فارس » بعث به مع عبد الله بن حذاقة إليه.

قال ابن شهرآشوب : ذكر ابن مهدي المامطيري في مجالسه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كتب إلى كسرى : من محمد رسول الله إلى كسرى بن هرمز ، أما بعد فأسلم تسلم ، وإلا فإذن بحرب من الله ورسوله ، والسلام على من اتبع الهدى » فلما وصل إليه الكتاب مزقه واستخف به ، وقال : من هذا الذي يدعوني إلى دينه ، ويبدأ باسمه قبل اسمي وبعث إليه بتراب فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : مزق الله ملكه كما مزق كتابي ، أما إنه ستمزقون ملكه ، وبعث إلى بتراب أما إنكم ستملكون أرضه ، فكان كما قال.

٢٧١

وقال الماوردي في إعلام النبوة : أن كسرى بعث في الوقت إلى عامله باليمن بأذان ويكنى أبا مهران أن احمل إلى هذا الذي يذكر أنه نبي ، وبدأ باسمه قبل اسمي ودعاني إلى غير ديني ، فبعث إليه فيروز الديلمي في جماعة مع كتاب يذكر فيه ما كتب به كسرى ، فأتاه فيروز بمن معه ، فقال له : إن كسرى أمرني أن أحملك إليه فاستنظره ليلة ، فلما كان من الغد حضر فيروز مستحثا فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أخبرني ربي أنه قتل ربك البارحة ، سلط الله عليه ابنه شيرويه على سبع ساعات من الليل ، فأمسك حتى يأتيك الخبر ، فراع ذلك فيروز وهاله وعاد إلى بأذان فأخبره ، فقال له بأذان كيف وجدت نفسك حين دخلت عليه؟ فقال : والله ما هبت أحدا كهيبة هذا الرجل ، فوصل الخبر بقتله في تلك الليلة من تلك الساعة ، فأسلما جميعا وظهر العبسي وما افتراه من الكذب ، فأرسل رسول الله إلى فيروز اقتله ، قتله الله فقتله.

وروي عن الزهري ، عن أبي سلمة بن عبد الله ، عن عبد الرحمن بن عوف قال بعث الله إلى كسرى ملكا وقت الهاجرة ، وقال : يا كسرى تسلم أو اكسر هذه العصا ، فقال بهل بهل فانصرف عنه ، فدعا حراسة وقال : من أدخل هذا الرجل علي؟ فقالوا ما رأيناه ، ثم أتاه في العام المقبل ووقته ، فكان كما كان أولا ثم أتاه في العام الثالث ، فقال تسلم أو اكسر هذه العصا ، فقال : بهل بهل فكسر العصا ثم خرج ، فلم يلبث أن وثب عليه ابنه ، فقتله.

قوله عليه‌السلام: « قرانا » إما صفة للكتاب ، أي كتابا مقروا أو بدل منه ، ليظهر منه أن المراد بعض الكتاب.

قوله عليه‌السلام: « يعني غلبتها فارس » الظاهر أن إضافة الغلبة إلى الضمير إضافة إلى المفعول ، أي مغلوبية روم من فارس ، ويمكن أن يقرأ على فعل الماضي.

٢٧٢

٣٩٨ ـ ابن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام إن العامة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كانت رضا لله جل ذكره وما كان الله ليفتن أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من بعده فقال أبو جعفر عليه‌السلام أوما يقرءون كتاب الله أوليس الله يقول : «وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ

قوله عليه‌السلام: « يعني وفارس » تفسير لضمير ـ هم ـ فالظاهر أنه كان في قراءتهم عليهم‌السلام غلبت وسيغلبون كلاهما على المجهول ، وهي مركبة من القراءة المشهورة ، والشاذة التي رواها البيضاوي(١) ويحتمل أن يكون قراءتهم عليهم‌السلام على وفق الأخيرة ، بأن يكون إضافة الغلبة إلى الضمير إضافة إلى الفاعل ، وإضافة غلبهم في الآية إلى المفعول أي بعد مغلوبية فارس عن الروم ، سيغلبون عن المسلمين أيضا ، أو إلى الفاعل ليكون في الآية إشارة إلى غلبة فارس ومغلوبيتهم عن الروم وعن المسلمين جميعا ، ولكنه يحتاج إلى تكلف كما لا يخفى « تمام الغلبة على فارس في السابع عشر ، أو آخر السابع عشر »(٢) قوله : « أليس الله يقول فِي بِضْعِ سِنِينَ » لما كان البضع ـ بكسر الباء ـ بحسب اللغة إنما يطلق على ما بين الثلاث إلى التسع ، وكان تمام الغلبة على فارس في السابع عشر ، أو أواخر السادس عشر من الهجرة ، فعلى المشهور بين المفسرين من نزول الآية في مكة قبل الهجرة ، لا بد من أن يكون بين نزول الآية وبين الفتح ست عشرة سنة ، وعلى ما هو الظاهر من الخبر من كون نزول الآية بعد مراسلة قيصر وكسرى وكانت على الأشهر في السنة السادسة ، فيزيد على البضع أيضا بقليل ، فلذا اعترض السائل عليه بذلك ، فأجاب عليه‌السلام بأن الآية مشعرة باحتمال وقوع البداء ، حيث قال : «لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ » أي لله أن يقدم الأمر قبل البضع ، ويؤخره بعده كما هو الظاهر من تفسيره عليه‌السلام.

الحديث الثامن والتسعون والثلاثمائة : ضعيف.

قوله : « ليفتن » أي يمتحن ويضل.

__________________

(١) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٢١٥.

(٢) كذا في النسخ والظاهر زيادة ما بين المعقوفين من النسّاخ سهوا ، والجملة تأتي تامّة بعد سطرين فلاحظ.

٢٧٣

عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ »(١) قال فقلت له إنهم يفسرون على وجه آخر فقال أوليس قد أخبر الله عز وجل عن الذين من قبلهم من الأمم أنهم قد اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات حيث قال : «وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ

قوله : « إنهم يفسرون على وجه آخر » أي يقولون : إن هذا كلام على وجه الاستفهام ولا يدل على وقوع ذلك ، وكان غرضه عليه‌السلام أنه تعالى عرض للقوم بما صدر عنهم بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا الكلام ، وهذا لا ينافي الاستفهام ، بل ذكر التهديد والعقوبة ، وبيان أن ارتدادهم لا يضره تعالى ظاهر في أنه تعالى إنما وبخهم بما علم صدوره منهم ، ولما غفل السائل عن هذه الوجوه ولم يكن نصا في الاحتجاج على الخصم أعرض عليه‌السلام عن ذلك ، واستدل بآية أخرى وهي قوله تعالى : «تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ » الآية.

ويمكن الاستدلال بها من وجوه :

الأول : إن ضمير الجمع في قوله تعالى : «مِنْ بَعْدِهِمْ » راجع إلى الرسل ، فيدل بعمومه على أن جميع الرسل يقع الاختلاف بعدهم ، فيكون فيهم كافر ومؤمن ونبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله منهم فيلزم صدور ذلك من أمته.

والثاني : أن الآية تدل على وقوع الاختلاف والارتداد بعد عيسى ، وكثير من الأنبياء في أممهم ، وقد قال تعالى : «وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً »(٢) وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « يكون في أمتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل » فيلزم صدور ذلك من هذه الأمة أيضا.

والثالث : أن يكون الغرض دفع الاستبعاد الذي بنى القائل كلامه عليه ،

__________________

(١) سورة آل عمران : ١٤٤.

(٢) سورة الأحزاب : ٦٢.

٢٧٤

مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ »(١) وفي هذا ما يستدل به على أن أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قد اختلفوا من بعده فمنهم من آمن ومنهم من كفر

٣٩٩ ـ عنه ، عن هشام بن سالم ، عن عبد الحميد بن أبي العلاء قال دخلت المسجد الحرام فرأيت مولى لأبي عبد الله عليه‌السلام فملت إليه لأسأله عن أبي عبد الله عليه‌السلام فإذا أنا بأبي عبد الله عليه‌السلام ساجدا فانتظرته طويلا فطال سجوده علي فقمت وصليت ركعات وانصرفت وهو بعد ساجد فسألت مولاه متى سجد فقال من قبل أن تأتينا فلما سمع كلامي رفع رأسه ثم قال أبا محمد ادن مني فدنوت منه فسلمت عليه فسمع صوتا خلفه فقال ما هذه الأصوات المرتفعة فقلت هؤلاء قوم من المرجئة والقدرية والمعتزلة فقال إن القوم يريدوني فقم بنا فقمت معه فلما أن رأوه نهضوا نحوه فقال لهم كفوا أنفسكم عني ولا تؤذوني وتعرضوني للسلطان فإني لست بمفت لكم ثم أخذ بيدي وتركهم ومضى فلما خرج من المسجد قال لي يا أبا محمد والله لو أن إبليس سجد لله عز ذكره بعد المعصية والتكبر عمر الدنيا ما نفعه ذلك ولا قبله الله عز ذكره ما لم يسجد لآدم كما أمره الله عز وجل أن يسجد له وكذلك هذه الأمة العاصية المفتونة بعد نبيها صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعد تركهم الإمام الذي نصبه نبيهم ص لهم فلن يقبل الله تبارك وتعالى لهم عملا ولن يرفع لهم حسنة حتى يأتوا الله عز وجل من حيث أمرهم ويتولوا الإمام الذي أمروا بولايته ويدخلوا من الباب الذي فتحه الله عز وجل ورسوله لهم يا أبا محمد إن الله افترض على أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله خمس فرائض الصلاة والزكاة والصيام والحج

بأنه إذا جاز وقوع ذلك بعد كثير من الأنبياء ، فلم لم يجز وقوعه بعد نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله فيكون سندا لمنع المقدمة التي أوردها بقوله : « وما كان الله ليفتن » والثاني أظهر الوجوه كما لا يخفى.

الحديث التاسع والتسعون والثلاثمائة : صحيح.

قوله عليه‌السلام: « ولا تعرضوني للسلطان » أي لا تجعلوني عرضة لإيذاء الخليفة

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٥٣.

٢٧٥

وولايتنا فرخص لهم في أشياء من الفرائض الأربعة ولم يرخص لأحد من المسلمين في ترك ولايتنا لا والله ما فيها رخصة.

٤٠٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي إسحاق الجرجاني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن الله عز وجل جعل لمن جعل له سلطانا أجلا ومدة من ليال وأيام وسنين وشهور فإن عدلوا في الناس أمر الله عز وجل صاحب الفلك أن يبطئ بإدارته فطالت أيامهم ولياليهم وسنينهم وشهورهم وإن جاروا في الناس ولم يعدلوا أمر الله تبارك وتعالى صاحب الفلك فأسرع بإدارته فقصرت لياليهم وأيامهم وسنينهم وشهورهم وقد وفى لهم عز وجل بعدد الليالي والشهور.

٤٠١ ـ أبو علي الأشعري ، عن بعض أصحابه ، عن محمد بن الفضيل ، عن العرزمي قال كنت مع أبي عبد الله عليه‌السلام جالسا في الحجر تحت الميزاب ورجل يخاصم رجلا وأحدهما يقول لصاحبه والله ما تدري من أين تهب الريح فلما أكثر عليه قال أبو عبد الله عليه‌السلام فهل تدري أنت قال لا ولكني أسمع الناس يقولون فقلت أنا لأبي عبد الله عليه‌السلام جعلت فداك من أين تهب الريح فقال إن الريح مسجونة

وإضراره باجتماعكم علي وسؤالكم عني.

قوله عليه‌السلام: « فرخص لهم في أشياء » كقصر الصلاة في السفر ، وتركها لفاقد الطهورين على القول به ، وللحائض والنفساء وترك كثير من أركانها في حال الضرورة والخوف والقتال ، وكترك الصيام في السفر والمرض والكبر ، وكترك الحج والزكاة مع عدم الاستطاعة والمال ، ولم يرخص في ترك الولاية في حال من الأحوال.

الحديث الأربعمائة : مجهول.

وقد مر نحوه في السابع والخمسين والمائة.

الحديث الحادي والأربعمائة : مرسل.

٢٧٦

تحت هذا الركن الشامي فإذا أراد الله عز وجل أن يخرج منها شيئا أخرجه إما جنوبا فجنوب وإما شمالا فشمال وصبا فصبا ودبورا فدبور ثم قال من آية ذلك أنك لا تزال ترى هذا الركن متحركا أبدا في الشتاء والصيف والليل والنهار.

٤٠٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم [ ، عن أبيه ] جميعا ، عن ابن محبوب ، عن داود الرقي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ليس خلق أكثر من الملائكة إنه لينزل كل ليلة من السماء سبعون ألف ملك فيطوفون بالبيت الحرام ليلتهم وكذلك في كل يوم.

٤٠٣ ـ حدثنا ابن محبوب ، عن عبد الله بن طلحة رفعه قال قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الملائكة على ثلاثة أجزاء جزء له جناحان وجزء له ثلاثة أجنحة وجزء له أربعة أجنحة.

٤٠٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية بن ميسرة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال إن في الجنة نهرا يغتمس.

قوله عليه‌السلام: « مسجونة تحت هذا الركن الشامي » يحتمل أن يكون كناية عن قيام الملائكة الذين بهم تهب تلك الرياح فوقه عند إرادة ذلك كما مر.

قوله عليه‌السلام : « هذا الركن » لعل المراد حركة الثوب المعلق عليه.

الحديث الثاني والأربعمائة : حسن على الأظهر.

قوله عليه‌السلام: « وكذلك في كل يوم » الظاهر عدم تكررهم في كل يوم وكل ليلة ، كما يدل عليه أخبار أخر.

الحديث الثالث والأربعمائة : مجهول مرفوع.

ويدل على تجسم الملائكة كما يدل عليه الآيات المتظافرة والأخبار المتواترة وهو إشارة إلى قوله تعالى : «أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ »(١) .

الحديث الرابع والأربعمائة : ضعيف.

__________________

(١) سورة فاطر : ١.

٢٧٧

فيه جبرئيل عليه‌السلام كل غداة ثم يخرج منه فينتفض فيخلق الله عز وجل من كل قطرة تقطر منه ملكا.

٤٠٥ ـ عنه ، عن بعض أصحابه ، عن زياد القندي ، عن درست بن أبي منصور ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن لله عز وجل ملكا ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة خمسمائة عام خفقان الطير.

٤٠٦ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال إن لله عز وجل ديكا رجلاه في الأرض السابعة وعنقه مثبتة تحت العرش وجناحاه في الهوى إذا كان في نصف الليل أو الثلث الثاني من آخر الليل ضرب بجناحيه وصاح سبوح قدوس ربنا الله الملك الحق المبين فلا إله غيره رب الملائكة والروح فتضرب الديكة بأجنحتها وتصيح.

٤٠٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحجال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن عمار الساباطي قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام ما يقول من قبلكم في الحجامة

الحديث الخامس والأربعمائة : ضعيف.

الحديث السادس والأربعمائة : ضعيف.

قوله عليه‌السلام: « سبوح قدوس » قال الجزري : يرويان بالضم والفتح ، والفتح أقيس والضم أكثر استعمالا ، وهو من أبنية المبالغة ، والمراد بهما التنزيه(١) وقال في أسماء الله تعالى :« الحق » هو الموجود حقيقة المتحقق وجوده ، وإلهيته ، والحق : ضد الباطل(٢) .

قوله عليه‌السلام: « المبين » أي مظهر الأشياء بخلقها ، والمعارف بإفاضتها.

قوله عليه‌السلام: « فتضرب الديكة » هو جمع الديك.

الحديث السابع والأربعمائة : موثق.

__________________

(١) النهاية : ج ٢ ص ٣٣٢.

(٢) نفس المصدر : ج ١ ص ٤١٣.

٢٧٨

قلت يزعمون أنها على الريق أفضل منها على الطعام قال لا هي على الطعام أدر للعروق وأقوى للبدن.

٤٠٨ ـ عنه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال اقرأ آية الكرسي واحتجم أي يوم شئت وتصدق واخرج أي يوم شئت.

٤٠٩ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن ، عن معاوية بن حكيم قال سمعت عثمان الأحول يقول سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول ليس من دواء إلا وهو يهيج داء وليس شيء في البدن أنفع من إمساك اليد إلا عما يحتاج إليه.

٤١٠ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال الحمى تخرج في ثلاث في العرق والبطن والقيء.

« أدر للعروق » أي يمتلئ العروق ويخرج منها الدم أكثر مما إذا كان على الريق.

الحديث الثامن والأربعمائة : صحيح. وضميرعنه راجع إلى أحمد.

ويدل على أنه تدفع نحوسة الأيام للحجامة بآية الكرسي ، وللسفر بالصدقة.

الحديث التاسع والأربعمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام: « إلا وهو » أي نفسه أو معالجته.

قوله عليه‌السلام: « إلا عما يحتاج إليه » أي من الأكل بأن يحتمي عن الأشياء المضرة ولا يأكل أزيد من الشبع أو من المعالجة أو منهما.

الحديث العاشر والأربعمائة : مرفوع.

قوله عليه‌السلام: « في العرق » الظاهر التحريك ، ويحتمل الكسر بأن يكون المراد به الفصد أو الأعم منه ، ومن الحجامة.

قوله عليه‌السلام: « والبطن » أي شرب المسهل.

٢٧٩

٤١١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي ، عن حفص بن عاصم ، عن سيف التمار ، عن أبي المرهف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال الغبرة على من أثارها هلك المحاضير قلت جعلت فداك وما المحاضير قال المستعجلون أما إنهم لن يريدوا إلا من يعرض لهم ثم قال يا أبا المرهف أما إنهم لم يريدوكم بمجحفة إلا عرض الله عز وجل لهم بشاغل ثم نكت أبو جعفر عليه‌السلام في الأرض ثم قال يا أبا المرهف قلت لبيك قال أترى قوما حبسوا أنفسهم على الله عز ذكره لا يجعل الله لهم فرجا بلى والله ليجعلن الله لهم فرجا.

٤١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن

الحديث الحادي عشر والأربعمائة : ضعيف. ومحمد بن علي هو أبو سمينة.

قوله عليه‌السلام: « الغبرة على من أثارها » الغبرة بالضم وبالتحريك ـ : الغبار أي يعود ضرر الغبار على من أثاره ، وهذا تشبيه وتمثيل لبيان أن مثير الفتنة يعود ضررها إليه أكثر من غيره.

قوله عليه‌السلام: « هلك المحاضير » أي المستعجلون في ظهور دولة الحق قبل أوانها ولعله من الحضر بمعنى العدو ، يقال فرس محضير أي كثير العدو.

قوله عليه‌السلام: « أما إنهم لن يريدوا إلا من يعرض لهم » أي خلفاء الجور والمخالفون لا يتعرضون للقتل ، والأذى إلا لمن عرض لهم وخرج عليهم أو ترك التقية التي أمر الله بها.

قوله عليه‌السلام: « بمجحفة » بتقديم الجيم أي داهية.

قوله عليه‌السلام: « حبسوا أنفسهم على الله » أي على إطاعة أمر الله وملازمة دين الله ، وترك التعرض لمعاصي الله وهذا منه عليه‌السلام توجيه بأن الله تعالى سيجعل لكم بعد صبركم على ما تقاسون من هؤلاء فرجا.

الحديث الثاني عشر والأربعمائة : موثق.

٢٨٠