مرآة العقول الجزء ٢٦

مرآة العقول9%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 3574 / تحميل: 1971
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

بمصيبة فاذكر مصابك برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن الخلق لم يصابوا بمثله عليه‌السلام قط.

١٩٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن الحسن بن السري ، عن أبي مريم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال سمعت جابر بن عبد الله يقول إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مر بنا ذات يوم ونحن في نادينا وهو على ناقته وذلك حين رجع من حجة الوداع فوقف علينا فسلم فرددنا عليه‌السلام ثم قال ما لي أرى حب الدنيا قد غلب على كثير من الناس حتى كأن الموت في هذه الدنيا على غيرهم كتب وكأن الحق في هذه الدنيا على غيرهم وجب وحتى كأن لم يسمعوا ويروا من خبر الأموات قبلهم سبيلهم سبيل قوم سفر عما قليل إليهم راجعون بيوتهم أجداثهم ويأكلون تراثهم فيظنون أنهم

قوله عليه‌السلام: « فاذكر مصابك برسول الله » فإن تذكر المصائب العظام يوجب الرضا بما دونها. أو إذا أصبت بموت حميم مثلا فاذكر أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يبق في الدنيا فلا يمكن الطمع في بقاء أحد ، والأول أظهر بل هو المتعين كما لا يخفى.

الحديث التسعون والمائة : ضعيف.

وقد ذكر السيد في نهج البلاغة بعض فقرات هذا الخبر ، ونسبها إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قالها حين تبع جنازة فسمع رجلا يضحك ثم قال : ومن الناس من ينسب هذا الكلام إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله(١) ورواها علي بن إبراهيم أيضا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.(٢) قوله : « ونحن في نادينا » النادي مجتمع القوم.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله: « وكان الحق » أي أوامر الله ونواهيه ، ويحتمل أن يكون المراد الموت أيضا.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله: « سبيلهم سبيل قوم سفر » السفر جمع سافر ، فيحتمل إرجاع الضمير في قوله « سبيلهم » إلى الإحياء وفيقوله « إليهم » إلى الأموات ، أي هؤلاء

__________________

(١) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح ص ٤٩٠ « المختار من الحكم ١٢٢ ».

(٢) تفسير القمّيّ : ج ٢ ص ٧٠.

٤١

مخلدون بعدهم هيهات هيهات [ أ ] ما يتعظ آخرهم بأولهم لقد جهلوا ونسوا كل واعظ في كتاب الله وآمنوا شر كل عاقبة سوء ولم يخافوا نزول فادحة وبوائق حادثة.

طوبى لمن شغله خوف الله عز وجل عن خوف الناس.

طوبى لمن منعه عيبه عن عيوب المؤمنين من إخوانه.

طوبى لمن تواضع لله عز ذكره وزهد فيما أحل الله له من غير رغبة عن سيرتي

الأحياء مسافرون يقطعون منازل أعمارهم من السنين والشهور ، حتى يلحقوا بهؤلاء الأموات ، ويحتمل العكس في إرجاع الضميرين ، فالمراد أن سبيل هؤلاء الأموات عند هؤلاء الإحياء لعدم اتعاظهم بموتهم ، وعدم مبالاتهم كانوا ذهبوا إلى سفر وعن قريب يرجعون إليهم ، ويؤيده ما في النهج والتفسير « وكان الذي نرى من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون ».

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله: « بيوتهم أجداثهم » الأجداث جمع الجدث ، وهو القبر أي يرون أن بيوت هؤلاء الأموات أجداثهم ، ومع ذلك يأكلون تراثهم ، أو يرون أن تراث هؤلاء قد زالت عنهم وبقي في أيديهم ، ومع ذلك لا يتعظون ويظنون أنهم مخلدون بعدهم ، والتراث ما يخلفه الرجل لورثته ، والظاهر أنه وقع في نسخ الكتاب تصحيف والأظهر ما في النهج « نبوئهم أجداثهم » ، ونأكل تراثهم ، وفي التفسير(١) « تنزلهم أجداثهم ».

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله: « نزول فادحة » أي بلية يثقل حملها ، يقال : فدحه الدين أي أثقله ، وأمر فادح : إذا غاله وبهظه ذكره الجوهري(٢) وفي النهج « ثم قد نسينا كل واعظ ، وواعظة ، ورمينا بكل فادح وجائحة »(٣) .

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله: « وبوائق حادثة » البوائق : الدواهي.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله: « من غير رغبة عن سيرتي » أي من غير أن يترك ما كان يتمتع

__________________

(١) تفسير القمّيّ ج ٢ ص ٧٠.

(٢) الصحاح ج ١ ص ٣٩٠.

(٣) نهج البلاغة بتحقيق صبحي الصالح ص ٤٩٠ « المختار من الحكم ١٢٢ ».

٤٢

ورفض زهرة الدنيا من غير تحول عن سنتي واتبع الأخيار من عترتي من بعدي وجانب أهل الخيلاء والتفاخر والرغبة في الدنيا المبتدعين خلاف سنتي العاملين بغير سيرتي طوبى لمن اكتسب من المؤمنين مالا من غير معصية فأنفقه في غير معصية وعاد به على أهل المسكنة طوبى لمن حسن مع الناس خلقه وبذل لهم معونته وعدل عنهم شره طوبى لمن أنفق القصد وبذل الفضل وأمسك قوله عن الفضول وقبيح الفعل.

١٩١ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد رفعه ، عن بعض الحكماء قال إن أحق الناس أن يتمنى الغنى للناس أهل البخل لأن الناس إذا استغنوا كفوا عن أموالهم وإن أحق الناس أن يتمنى صلاح الناس أهل العيوب لأن الناس إذا صلحوا كفوا عن تتبع عيوبهم وإن أحق الناس أن يتمنى حلم الناس أهل السفه الذين يحتاجون أن يعفى عن سفههم فأصبح أهل البخل يتمنون فقر الناس وأصبح أهل العيوب يتمنون فسقهم وأصبح أهل الذنوب

به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من النساء والطيب والنوم وغيرها ، بل يزهد في الشبهات ، وزوائد المحللات التي تمنع الطاعات.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله: « من غير تحول عن سنتي » بأن يحرم على نفسه المباحات ، ويترك السنن ، ويبتدع في الدين كما هو الشائع بين أهل البدعة من الصوفية.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله: « وعاد به » من العائدة بمعنى الفضل والإحسان.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله: « لمن أنفق القصد » أي الوسط من غير إسراف وتقتير.

الحديث الحادي والتسعون والمائة : ضعيف.

قوله : « عن بعض الحكماء » أي الأئمة عليهم‌السلام إذ قد روى الصدوق في الأمالي(١) بإسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، مع أنه ليس من دأبهم الرواية عن غير

__________________

(١) الأمالي : ص ٣٤٦ ط النجف الأشرف.

٤٣

يتمنون سفههم وفي الفقر الحاجة إلى البخيل وفي الفساد طلب عورة أهل العيوب وفي السفه المكافأة بالذنوب.

١٩٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام يا حسن إذا نزلت بك نازلة فلا تشكها إلى أحد من أهل الخلاف ولكن اذكرها لبعض إخوانك فإنك لن تعدم خصلة من أربع خصال إما كفاية بمال وإما معونة بجاه أو دعوة فتستجاب أو مشورة برأي.

خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام

١٩٣ ـ علي بن الحسين المؤدب وغيره ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن عبد الله بن أبي الحارث الهمداني ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال الحمد لله الخافض الرافع

المعصوم.

الحديث الثاني والتسعون والمائة : ضعيف.

ويدل على جواز ذكر الحاجة والنازلة للإخوان في الله بل رجحانه.

خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلامالحديث الثالث والتسعون والمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام: « الخافض الرافع » الخفض : ضد الرفع ، أي يخفض الجبارين والفراعنة ، ويضعهم ويهينهم ، ويخفض كل شيء يريد خفضه ، وهو الرافع يرفع أنبياءه وحججه على درجات القرب والكمال ، وكذا المؤمنين في مراتب الدين ويلحقهم بالمقربين ، ويرفع من أراد رفعته في الدنيا بالعز والتمكين ، ورفع

٤٤

الضار النافع الجواد الواسع

السماء بغير عمد ، فكل رفعة وعزة وغلبة منه تعالى.

قوله عليه‌السلام: « الضار النافع » أي يضر من يشاء بتعذيبه إذا استحق العقاب ، وبالبلايا والمحن في الدنيا ، إما لغضبه عليهم أو لتكفير سيئاتهم أو لرفع درجاتهم ، وهذان الأخيران وإن كانا عائدين إلى النفع ، لكن يمكن إطلاق الضرر عليهما بحسب ظاهر الحال ، ونفعه تعالى لا يحتاج إلى البيان ، إذ هو منشأ كل جود ورحمة ونعمة وإحسان.

قوله عليه‌السلام: « الجواد » روى الصدوق (ره) عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم ، عن أحمد بن سليمان قال : سأل رجل أبا الحسن عليه‌السلام وهو في الطواف ، فقال له : أخبرني عن الجواد؟ فقال : إن لكلامك وجهين ، فإن كنت تسأل عن المخلوق فإن الجواد الذي يؤدي ما افترض الله تعالى عليه ، والبخيل من بخل بما افترض الله عليه ، وإن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى ، وهو الجواد إن منع ، لأنه إن أعطى عبدا أعطاه ما ليس له ، وإن منع منع ما ليس له(١) .

قوله عليه‌السلام: « الواسع » هو مشتق من السعة ، وهي تستعمل حقيقة باعتبار المكان ، وهي لا يمكن إطلاقها على الله تعالى بهذا المعنى ، ومجازا في العلم والإنعام والمكنة والغنى ، قال تعالى : «وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً »(٢) وقال : «لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ »(٣) ولذا فسر الواسع بالعالم المحيط بجميع المعلومات كليها وجزئيها موجودها ومعدومها ، وبالجواد الذي عمت نعمته ، وشملت رحمته كل بر وفاجر ، ومؤمن وكافر ، وبالغني التام الغني المتمكن فيما يشاء ، وقيل : الواسع الذي لا نهاية لبرهانه ولا غاية لسلطانه ولا حد لإحسانه.

__________________

(١) معاني الأخبار : ص ٢٥٦ باختلاف في السند والمتن.

(٢) سورة غافر : ٧.

(٣) سورة الطلاق : ٧. وفي الآية «لِيُنْفِقْ ».

٤٥

الجليل ثناؤه الصادقة أسماؤه المحيط بالغيوب وما يخطر على القلوب الذي جعل الموت بين خلقه عدلا وأنعم بالحياة عليهم فضلا فأحيا وأمات وقدر الأقوات أحكمها بعلمه تقديرا وأتقنها بحكمته تدبيرا إنه كان خبيرا بصيرا هو الدائم بلا فناء والباقي إلى غير منتهى يعلم ما في الأرض وما في السماء «وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى ».

أحمده بخالص حمده المخزون بما حمده به الملائكة والنبيون حمدا لا يحصى له عدد ولا يتقدمه أمد(١) ولا يأتي بمثله أحد أومن به وأتوكل عليه وأستهديه وأستكفيه وأستقضيه بخير وأسترضيه

قوله عليه‌السلام: « الجليل ثناؤه » أي ثناؤه ومدحه أجل من أن يحيط به الواصفون.

قوله عليه‌السلام: « أحكمها بعلمه تقديرا » أي كانت الأقوات مقدرة مجددة في علمه ، أو قدر الأقوات قبل خلق الخلائق وأحكمها لعلمه بمصالحهم قبل إيجادهم وقوله عليه‌السلام: « تقديرا » تميز.

قوله عليه‌السلام: « وأتقنها بحكمته تدبيرا » أي أتقن تدبير الأقوات بعد خلق الأشياء المحتاجة إليها على وفق حكمته ، أو لعلمه بالحكم والمصالح.

قوله عليه‌السلام: « إنه كان خبيرا بصيرا » الخبير : العليم ببواطن الأشياء ، من الخبرة وهي العلم بالخفايا الباطنة ، والبصير : فيه تعالى معناه العالم بالمبصرات.

قوله عليه‌السلام: « بخالص حمده » أي بحمده الخالص عن النقص والشوائب الذي هو مخزون عن أكثر الخلق ، لا يأتي به إلا المقربون.

قوله عليه‌السلام: « ولا يتقدمه أحد » أي بالتقدم المعنوي بأن يحمد أفضل منه أو بالتقدم الزماني بأن يكون حمده أحد قبل ذلك.

قوله عليه‌السلام: « أستقصيه » بالصاد المهملة من قولهم : استقصى في المسألة وتقصى

__________________

(١) في بعض النسخ [ أحد ] كما جاء في الشرح.

٤٦

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله «بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ » صلى‌الله‌عليه‌وآله

أيها الناس إن الدنيا ليست لكم بدار ولا قرار إنما أنتم فيها كركب عرسوا فأناخوا ثم استقلوا فغدوا وراحوا دخلوا خفافا وراحوا خفافا لم يجدوا عن مضي نزوعا ولا إلى ما تركوا رجوعا جد بهم فجدوا وركنوا إلى الدنيا فما استعدوا

إذا بلغ الغاية(١) أو بالضاد المعجمة كما في بعض النسخ من قولهم : استقضى فلان أي طلب إليه أن يقضيه.

قوله عليه‌السلام: « بخير » أي بسبب طلب الخير.

قوله عليه‌السلام: « ولا قرار » أي محل قرار.

قوله عليه‌السلام: « كركب عرسوا » الركب جمع راكب والتعريس : نزول القوم في السفر من آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة.(٢) قوله عليه‌السلام: « ثم استقلوا » قال الجوهري : استقل القوم : مضوا وارتحلوا.(٣) قوله عليه‌السلام: « دخلوا خفافا » هو جمع خفيف أي دخلوا في الدنيا عند ولادتهم خفاقا ، بلا زاد ولا مال ، وراحوا عند الموت كذلك ، ويحتمل أن يكون كناية عن الإسراع.

قوله عليه‌السلام: « نزوعا » قال الفيروزآبادي : نزع عن الشيء نزوعا : كف وأقلع

__________________

(١) القاموس ج ٤ ص ٣٨١.

(٢) النهايةج ٣ ص ٢٠٦.

(٣) الصحاح ج ٥ ص ١٨٠٤.

٤٧

حتى إذا أخذ بكظمهم وخلصوا إلى دار قوم جفت أقلامهم لم يبق من أكثرهم خبر ولا أثر قل في الدنيا لبثهم وعجل إلى الآخرة بعثهم فأصبحتم حلولا في ديارهم ظاعنين على آثارهم والمطايا بكم تسير سيرا ما فيه أين ولا تفتير نهاركم بأنفسكم دءوب

عنه(١) أي لم يقدروا على الكف عن المضي ، والظرفان متعلقان بالنزوع والرجوع.

قوله عليه‌السلام: « جد بهم فجدوا » أي حثوهم على الإسراع في السير ، فأسرعوا وفيه استعارة تمثيلية شبه سرعة زوال القوي وتسبب أسباب الموت ، وكثرة ورود ما يوجب الزوال من الأسباب الخارجة والداخلة برجال يحثون المراكب والأجساد بتلك المراكب ، والعمر بالمسافة التي يقطعها المسافر ، والأجل بالمنزل الذي يحل فيه.

قوله عليه‌السلام: « بكظمهم » قال الفيروزآبادي : الكظم محركة : الحلق أو الفم ، أو مخرج النفس من الحلق(٢) .

قوله عليه‌السلام: « وخلصوا إلى دار قوم جفت أقلامهم » يقال : خلص فلان إلى فلان ، أي وصل إليه ، وقوله عليه‌السلام : « جفت أقلامهم » أي سكنت قواهم عن الحركات كالكتابة حتى جفت أقلامهم التي كانوا يكتبون بها ، أو جفت أقلام الناس عن كتابة آثارهم ، لبعد عهدهم ، ومحو ذكرهم ، أو جفت أقلام أهل السماوات عن تقدير أمورهم المتعلقة بحياتهم والأوسط أظهر.

قوله عليه‌السلام: « فأصبحتم حلولا » جمع حال.

قوله عليه‌السلام: « ظاعنين » أي سائرين.

قوله عليه‌السلام: « ما فيه أين » قال الجوهري : الأين : الإعياء(٣) .

قوله عليه‌السلام: « ولا تفتير » أي ليست تلك الحركة موجبة لفتور تلك المطايا فتسكن

__________________

(١) القاموس ج ٣ ص ٩١.

(٢) القاموس ج ٤ ص ١٧٣.

(٣) الصحاح ج ٥ ص ٢٠٧٦.

٤٨

وليلكم بأرواحكم ذهوب فأصبحتم تحكون من حالهم حالا وتحتذون من مسلكهم مثالا «فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا » فإنما أنتم فيها سفر حلول الموت بكم نزول تنتضل فيكم مناياه وتمضي بأخباركم مطاياه إلى دار الثواب والعقاب والجزاء و

عن السير زمانا. قال الفيروزآبادي : فتر يفتر ويفتر فتورا أو فتارا : سكن بعد حدة ولأن بعد شدة وفترة تفتيرا(١) .

قوله عليه‌السلام: « نهاركم بأنفسكم دؤوب » قال الفيروزآبادي : يقال فلان دؤب في العمل إذا جد وتعب(٢) ، أي نهاركم يسرع ويجد ويتعب بسبب أنفسكم ليذهبها ، ويحتمل أن يكون الباء للتعدية أي نهاركم يتعبكم في أعمالكم وحركاتكم وذلك سبب لفناء أجسادكم.

قوله عليه‌السلام: « تحكون من حالهم حالا » أي أحوالكم تحكي وتخبر عن أحوالهم لموافقتها لها.

قوله عليه‌السلام: « وتحتذون من سلكهم مثالا » يقال : احتذى مثاله أي اقتدى به ، والسلك بالفتح مصدر بمعنى السلوك ، أي تقتدون بهم في سلوكهم ، وفي بعض النسخ [ مسلكهم ].

قوله عليه‌السلام: « سفر حلول » هما جمعان أي مسافرون ، حللتم بالدنيا.

قوله عليه‌السلام: « نزول » بفتح النون أي نازل.

قوله عليه‌السلام: « تنتضل فيكم مناياه » الانتضال. رمي السهام للسبق ،(٣) والمنايا جمع المنية وهو الموت ، ولعل الضمير راجع إلى الدنيا بتأويل الدهر أو بتشبيهها بالرجل الرامي ، أي ترمي إليكم المنايا في الدنيا سهامها ، فتهلككم ، والسهام الأمراض

__________________

(١) القاموس ج ٢ ص ١١٠.

(٢) القاموس ج ١ ص ٦٦.

(٣) النهاية ج ٥ ص ٨٢.

٤٩

الحساب.

فرحم الله امرأ راقب ربه وتنكب ذنبه.

والبلايا الموجبة للموت ، ويحتمل أن يكون فاعل تنتضل الضمير الراجع إلى الدنيا ، ويكون المرمي المنايا ، والأول أظهر ، ويمكن إرجاع ضمير مناياه إلى الموت ، بأن يكون المراد بالمنايا البلايا التي هي أسباب الموت ، أطلق عليها مجازا تسمية للسبب باسم المسبب وفي نهج البلاغة(١) في كلام له عليه‌السلام : « إنما أنتم في هذه الدنيا غرض تنتضل فيه المنايا ».

قوله عليه‌السلام: « وتمضي بأخباركم مطاياه » والأخبار الأعمال يمكن توجيهه بوجوه.

الأول : أن يكون المراد بالمطايا : الأشخاص التي ماتوا قبلهم ، ومضيهم بأخبار هؤلاء ، لأنهم إن أحسنوا إليهم أو أساءوا إليهم يذكرون عند محاسبة هؤلاء الموتى ومجازاتهم ، إما بالخير أو بالشر.

والثاني : أن يكون المراد بالمطايا : عين تلك الأشخاص ، أي أنتم مطايا الدنيا قد حملت عليكم أعمالكم وتسيركم إلى دار الثواب.

والثالث : أن يكون المراد بالمطايا حفظة الأعمال ، ونسبتهم إلى الدنيا لكون أعمالهم فيها وحفظهم لإعمال أهلها.

الرابع : أن يكون المراد بالمطايا : الأعمار ، أي تمضي بكم مطاياه مع أعمالكم ،قوله عليه‌السلام: « راقب ربه » مراقبة الشيء محافظته وانتظاره وحراسته ، أي يكون دائما في ذكره منتظرا لرحمته ، محترزا عن عذابه ، متذكرا لأنه يطلع عليه دائما.

قوله عليه‌السلام: « وتنكب ذنبه » أي تجنبه.

__________________

(١) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح ص ٢٠٢ « المختار من الخطب ١٤٥ ».

٥٠

وكابر هواه وكذب مناه امرأ زم نفسه من التقوى بزمام وألجمها من خشية ربها بلجام فقادها إلى الطاعة بزمامها وقدعها عن المعصية بلجامها رافعا إلى المعاد طرفه متوقعا في كل أوان حتفه دائم الفكر طويل السهر عزوفا عن الدنيا سأما كدوحا لآخرته متحافظا

قوله عليه‌السلام« وكابر هواه » أي غالبها وخالفها ، وفي بعض النسخ [ كابد ] بالدال المهملة ، يقال : كابدت الأمر إذا قاسيت شدته ، أي يقاسي الشدائد في ترك هواه.

قوله عليه‌السلام: « وكذب مناه » أي لم يعتمد على ما يمنية نفسه ، والشيطان من طول الأمل ودرك الآمال البعيدة ورجاء الأمور الدنيوية الباطلة ومنافعها.

قوله عليه‌السلام: « امرءا » بدل من قوله : امرءا أولا.

قوله عليه‌السلام: « وقدعها » قال الجوهري : قدعت فرسي أقدعه قدعا : كبحته وكففته(١) .

قوله عليه‌السلام: « طرفه » أي عينه.

قوله عليه‌السلام: « حتفه » أي موته.

قوله عليه‌السلام« عزوفا عن الدنيا » قال الجزري : عزفت نفسي عنه : زهدت فيه ، وانصرفت عنه(٢) .

قوله عليه‌السلام: « ساما » أي عن الدنيا ، وهو من تتمة الفقرة السابقة.

قوله عليه‌السلام: « كدوحا » الكدح : السعي والاهتمام في العمل.

قوله عليه‌السلام: « متحافظا » أي عن المحارم.

__________________

(١) الصحاح ج ٣ ص ١٢٧٠.

(٢) النهاية ج ٣ ص ٢٣٠.

٥١

امرأ جعل الصبر مطية نجاته والتقوى عدة وفاته ودواء أجوائه فاعتبر وقاس وترك الدنيا والناس يتعلم للتفقه والسداد وقد وقر قلبه ذكر المعاد وطوى مهاده وهجر وساده منتصبا على أطرافه داخلا في أعطافه خاشعا لله عز وجل يراوح بين الوجه والكفين خشوع في السر لربه لدمعه صبيب ولقلبه وجيب شديدة أسباله

قوله عليه‌السلام: « ودواء أجوائه » قال الجوهري : الجوى : الحرقة من شدة الوجد من عشق أو حزن(١) .

قوله عليه‌السلام: « فاعتبر » أي بمن مضى« وقاس » أحواله بأحوالهم.

قوله عليه‌السلام: « وقد وقر قلبه ذكر المعاد » أي حمل على قلبه ذكر المعاد فأكثر ، من قولهم : أوقر على الدابة ، أي حمل عليه حملا ثقيلا ، ويحتمل بعيدا أن يكون من الوقار ، ويكون ذكر المعاد فاعلا للتوقير أي جعل ذكر المعاد قلبه ذا وقار لا يتبع الشهوات والأهواء.

قوله عليه‌السلام: « على أطرافه » أي أقدامه.

قوله عليه‌السلام: « وطوى مهاده » المهاد : الفراش ، وطيه كناية عن مجانبة النوم وكذا هجر الوساد.

قوله عليه‌السلام: « في أعطافه » جمع عطاف وهو الرداء.

قوله عليه‌السلام: « يراوح بين الوجه والكفين » أي يضع جبهته تارة للسجود ، ويرفع يديه تارة في الدعاء ، ففي إعمال كل منهما راحة للأخرى.

قوله عليه‌السلام: « لدمعه صبيب » أي هو صاب كثير الصب لدمعه ، ويحتمل المصدر فيكون أوفق بما بعده إن ورد بهذا الوزن في هذا الباب.

قوله عليه‌السلام: « ولقلبه وجيب » أي اضطراب.

قوله عليه‌السلام: « شديدة أسباله » قال الجوهري : السبل بالتحريك : المطر

__________________

(١) الصحاح ج ٦ ص ٢٣٠٦.

٥٢

ترتعد من خوف الله عز وجل أوصاله قد عظمت فيما عند الله رغبته واشتدت منه رهبته راضيا بالكفاف من أمره يظهر دون ما يكتم ويكتفي بأقل مما يعلم أولئك ودائع الله في بلاده المدفوع بهم عن عباده لو أقسم أحدهم على الله جل ذكره لأبره أو دعا على أحد نصره الله يسمع إذا ناجاه ويستجيب له إذا دعاه جعل الله العاقبة للتقوى والجنة لأهلها مأوى دعاؤهم فيها أحسن الدعاء سبحانك اللهم دعاهم المولى على ما

وأسبل المطر والدمع إذا هطل(١) انتهى ، فيحتمل فتح الهمزة ليكون جمعا ، وكسرها ليكون مصدرا ، وتأنيث الخبر يؤيد الأول.

قوله عليه‌السلام: « أوصاله » أي مفاصله.

قوله عليه‌السلام: « من أمره » أي أمر معاشه.

قوله عليه‌السلام: « يظهر دون ما يكتم » أي يظهر للناس من كمالاته وعباداته ونياته أقل مما يكتم ، ويحتمل أن يكون المراد ما يطلع عليه من عيوب الناس.

قوله عليه‌السلام: « ويكتفي بأقل مما يعلم » أي يكتفي من إظهار أعماله وأحواله بأقل مما يعلم ، أو يكتفي في النية بأمور المبدأ والمعاد وما يحثه على العمل بأقل مما يعلم منها ، والغرض أنه يتعظ بكل واعظ ، وينزجر بكل زاجر أو يكتفي من أمور الدنيا بأقل شيء لما يعلم من مفاسدها ، وفوت نعيم الآخرة بها.

قوله عليه‌السلام: « ودائع الله » أي أودعهم الله خلقه ليحفظوهم ، ويكرموهم ولا يضيعوهم.

قوله عليه‌السلام: « لأهلها » أي لأهل التقوى.

قوله عليه‌السلام: « دعاؤهم فيها أحسن الدعاء » أي إذا أرادوا طلب شيء طلبوه بأحسن طلب بأن يقولوا « سبحانك اللهم ».

__________________

(١) الصحاح : ج ٥ ص ١٨٣٣.

٥٣

آتاهم «وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ».

خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام

١٩٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمد بن النعمان أو غيره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه ذكر هذه الخطبة ـ لأمير المؤمنين عليه‌السلام يوم الجمعة الحمد لله أهل الحمد ووليه ومنتهى الحمد ومحله البديء البديع الأجل

قوله عليه‌السلام: « دعاهم مولاهم » (١) قطع عن سابقه على الاستئناف ، كأنه يسأل سائل لم يطلبون هكذا؟ فأجاب بأنه لما دعاهم مولاهم إلى نعم الجنة فلا يكلفهم طلبهم أزيد من أن ينزهوه ويسبحوه ، أو هذا النداء جواب لدعوة ربهم ، وإجابة لها ، وقد مر تفسير جزئي الآية في خبر وصف الجنة.

خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام

الحديث الرابع والتسعون والمائة : مجهول.

قوله عليه‌السلام: « ووليه » أي الأولى به من كل أحد ، إذ هو تعالى مولى جميع النعم ، والموصوف بجميع الكمالات الحقيقية ، وكل نعمة وإحسان وكمال لغيره فهو راجع إليه ومأخوذ منه تعالى : أو المتوالي للحمد ، أي هو الموفق لحمد كل من يحمده.

قوله عليه‌السلام: « ومنتهى الحمد » أي الحامدية أو المحمودية تنتهي إليه كما أشرنا إليهما.

قوله عليه‌السلام: « البديء » أي الأول كما ذكره الجوهري. ويحتمل أن يكون فعيلا بمعنى مفعل كالبديع أي مبدع الأشياء ومنشؤها.

__________________

(١) في المتن « دعاؤهم المولى على ما آتاهم » وفي بعض النسخ [ دعاهم المولى على ما آتاهم ].

٥٤

الأعظم الأعز الأكرم المتوحد بالكبرياء والمتفرد بالآلاء القاهر بعزه والمسلط بقهره الممتنع بقوته المهيمن بقدرته والمتعالي فوق كل شيء بجبروته المحمود

قوله عليه‌السلام: « البديع » قال الجزري : هو الخالق المخترع لا عن مثال سابق فعيل بمعنى مفعل يقال : أبدع فهو مبدع(١) انتهى. وقيل : هو الذي لم يعهد مثله ولا نظير له.

قوله عليه‌السلام: « الأجل » أي من أن يبلغ إلى كنه ذاته« الأعظم » من أن يدرك أحد كنه صفاته« الأعز » من أن يغلبه شيء« الأكرم » من أن تحصى نعمة وآلاؤه ويحتمل أن يكون مشتقا من الكرم بمعنى الشرف والمنزلة ، أي أكرم من كل ذي كرامة.

قوله عليه‌السلام: « المتوحد بالكبرياء » أي لا يشركه أحد في الكبرياء والعظمة.

قوله عليه‌السلام: « والمتفرد بالآلاء » أي لم يشركه أحد في النعم ، هو المنعم حقيقة.

قوله عليه‌السلام: « القاهر بعزة » أي لا موجود إلا وهو مقهور تحت قدرته ، مسخر لقضائه ، عاجز في قبضته ، أو أذل الجبابرة وقصم ظهورهم بالإهلاك والتعذيب ، أو قهر العدم فأوجد الأشياء ، وقهر الوجود فأخرجها إلى العدم ، والأول أولى لعمومه وشموله.

قوله عليه‌السلام: « الممتنع » أي يمتنع من أن يصل إليه سوء أو يغلب عليه أحد.

قوله عليه‌السلام: « المهيمن » قال الجزري : قيل : هو الرقيب ، وقيل : الشاهد ، وقيل المؤتمن ، وقيل : القائم بأمور الخلق ، وقيل : أصله مؤيمن فأبدلت الهاء من الهمزة وهو مفيعل من الأمانة(٢) .

قوله عليه‌السلام: « المتعالي » مبالغة في العلو.

__________________

(١) النهاية ج ١ ص ١٠٦.

(٢) النهاية ج ٥ ص ٢٧٥.

٥٥

بامتنانه وبإحسانه المتفضل بعطائه وجزيل فوائده الموسع برزقه المسبغ بنعمه ـ نحمده على آلائه وتظاهر نعمائه حمدا يزن عظمة جلاله ويملأ قدر آلائه وكبريائه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي كان في أوليته متقادما وفي ديموميته متسيطرا ـ خضع الخلائق لوحدانيته وربوبيته وقديم أزليته ودانوا لدوام أبديته وأشهد أن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله عبده ورسوله وخيرته من خلقه اختاره بعلمه واصطفاه لوحيه

قوله عليه‌السلام: « المسبغ بنعمته » الإسباغ الإكمال ، ولعل الباء زائدة ، أو المراد المسبغ حجته بنعمته.

قوله عليه‌السلام: « وتظاهر نعمائه » أي تتابعها.

قوله عليه‌السلام: « متقادما » أي على جميع الأشياء ، وليست أوليته بأولية إضافية.

قوله عليه‌السلام: « متسيطرا » قال الفيروزآبادي : المسيطر الرقيب الحافظ ، والمتسلط كالمسطر.(١) أي هو في دوامه مسلط على جميع خلقه ، أو حافظ رقيب كان عالما بهم وبأفعالهم قبل خلقهم ، وهو مطلع عليهم بعده.

قوله عليه‌السلام« ودانوا » أي أقروا وأذعنوا بدوام أبديته ، أو أطاعوا وخضعوا وذلوا له لكونه دائم الأبدية ولا مناص لهم عن حكمه ، يقال : دان أي ذل ، وخضع ، وعبد وأطاع ، وأقر واعتقد ، والكل مناسب كما عرفت.

قوله عليه‌السلام: « اختاره بعلمه » أي بأن أعطاه علمه أو بسبب كونه عالما بأنه يستحق ذلك.

__________________

(١) القاموس ج ٢ ص ٤٩.

٥٦

وائتمنه على سره وارتضاه لخلقه وانتدبه لعظيم أمره ولضياء معالم دينه ومناهج سبيله ومفتاح وحيه وسببا لباب رحمته ابتعثه على حين «فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ » وهدأة من العلم واختلاف من الملل وضلال عن الحق وجهالة بالرب وكفر بالبعث والوعد أرسله إلى الناس أجمعين «رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ » بكتاب كريم قد فضله وفصله وبينه وأوضحه وأعزه وحفظه من أن يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه «تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ » ضرب للناس فيه الأمثال وصرف فيه الآيات لعلهم يعقلون أحل فيه الحلال وحرم فيه الحرام وشرع فيه الدين لعباده عذرا ونذرا «لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ » ويكون بلاغا «لِقَوْمٍ عابِدِينَ »

قوله عليه‌السلام: « وانتدبه » أي دعاه لأمره العظيم وهو الرسالة ، ولأن يضيء به معالم دينه ، أي أحكامه التي بها يعلم شرائع الدين.

قوله عليه‌السلام: « ومناهج سبيله » المنهج : السبيل الواضح أي سبله الواضحة.

قوله عليه‌السلام: « ومفتاح وحيه » يمكن تقدير فعل أي جعله مثلا ، ويحتمل عطفه على قوله لخلقه ، ولعله سقط منه شيء.

قوله عليه‌السلام: « على حين فترة » الفترة ما بين الرسولين.

قوله عليه‌السلام: « وهدأة » هي بفتح الهاء وسكون الدال : السكون عن الحركات.

قوله عليه‌السلام: « مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ » أي لا يتطرق إليه الباطل من جهة من الجهات ، أو مما فيه من الأخبار الماضية ، والأمور الآتية «تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ » لا يفعل إلا ما هو على وفق الحكم والمصالح ، «حَمِيدٍ » يحمده كل مخلوق بما ظهر عليه من نعمه ، أو مستحق للحمد من كل أحد.

قوله عليه‌السلام: « وصرف فيه الآيات » أي تنبيها.

قوله عليه‌السلام: « عُذْراً أَوْ نُذْراً » هما مصدران لعذر إذا محي الإساءة وأنذر إذا خوف أو جمعان لعذير بمعنى المعذرة ونذير بمعنى الإنذار أو بمعنى العاذر والمنذر ونصبهما على

٥٧

فبلغ رسالته وجاهد في سبيله وعبده حتى أتاه اليقين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسليما كثيرا.

أوصيكم عباد الله وأوصي نفسي بتقوى الله الذي ابتدأ الأمور بعلمه وإليه يصير غدا ميعادها وبيده فناؤها وفناؤكم وتصرم أيامكم وفناء آجالكم وانقطاع مدتكم فكأن قد زالت عن قليل عنا وعنكم كما زالت عمن كان قبلكم ـ فاجعلوا عباد الله اجتهادكم في هذه الدنيا التزود من يومها القصير ليوم الآخرة الطويل ـ فإنها دار عمل والآخرة دار القرار والجزاء فتجافوا عنها فإن المغتر من اغتر بها لن تعدو الدنيا إذا تناهت إليها أمنية أهل الرغبة فيها المحبين لها المطمئنين إليها المفتونين بها أن تكون كما قال الله عز وجل : «كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا

الأولين بالعلية أي عذرا للمحقين ، ونذرا للمبطلين ، وعلى الثالث بالحالية ، ويمكن قراءتهما بضم الذالين وسكونهما كما قرئ بهما في الآية.

قوله عليه‌السلام: « ويكون بلاغا » أي كفاية أو سبب بلوغ إلى البغية ، وهو إشارة إلى قوله تعالى : «إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ »(١) .

قوله عليه‌السلام: « حتى أتاه اليقين » أي الموت فإنه متيقن لحوقه لكل حي مخلوق.

قوله عليه‌السلام: « بدء الأمور » أي أولها.

قوله عليه‌السلام: « وتصرم أيامها » قال الجوهري : التصرم : التقطع.

قوله عليه‌السلام: « عن قليل » كلمة « عن » هنا بمعنى بعد ، أي بعد زمان قليل.

قوله عليه‌السلام: « فتجافوا عنها » أي اتركوها وأبعدوا عنها.

قوله عليه‌السلام: « لن تعدوا الدنيا » أي لا تتجاوز إذا انتهت إليها أو بلغت النهاية فيها أمنية أهلها عن تلك الحالة وهي « أن تكون كما قال الله تعالى» فقوله : « أن تكون » مفعول لقوله « لن تعدو » وقال الجوهري : عداه يعدوه : أي جاوزه ،

__________________

(١) سورة الأنبياء : ١٠٦.

٥٨

يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ »(١) الآية مع أنه لم يصب امرؤ منكم في هذه الدنيا حبرة إلا أورثته عبرة ولا يصبح فيها في جناح آمن إلا وهو يخاف فيها نزول جائحة أو تغير نعمة أو زوال عافية مع أن الموت من وراء ذلك وهول المطلع والوقوف بين يدي الحكم العدل تجزى كل نفس بما عملت «لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى »(٢) فاتقوا الله عز ذكره وسارعوا إلى رضوان الله والعمل بطاعته والتقرب إليه بكل ما فيه الرضا فإنه «قَرِيبٌ مُجِيبٌ » جعلنا الله وإياكم ممن يعمل بمحابه ويجتنب سخطه ـ

وقد مر تفسير الآية بتمامها في الخبر التاسع والعشرين.

قوله عليه‌السلام: « حبرة » الحبرة بالفتح النعمة وسعة العيش(٣) ، والعبرة بالفتح :

الدمعة قبل أن تفيض ، أو الحزن بلا بكاء(٤) ، ذكرهما الفيروزآبادي.

قوله : « نزول جائحة » قال الجوهري : الجائحة : الشدة التي تحتاج المال من سنة أو فتنة.

قوله عليه‌السلام: « وهول المطلع » قال الجزري : يريد به الموقف يوم القيامة أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت ، فشبهه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال.(٥) قوله : « لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا » تعليل للوقوف أي يوقفهم للحساب ليجزي المسيئين بعقاب ما عملوا أو بمثله ، أو بسبب ما عملوا من السوء ، ويجزي المحسنين بالحسنى أي بالمثوبة الحسنى وهي الجنة ، أو بأحسن من أعمالهم ، أو بسبب الأعمال الحسنى ، وأوسط التقادير أظهر ، لدلالته على جزاء السيئة بالمثل ،

__________________

(١) سورة يونس : ٢٤.

(٢) سورة النجم : ٣١.

(٣) القاموس : ج ٢ ص ٢.

(٤) نفس المصدر : ج ٢ ص ٨٦.

(٥) النهاية : ج ٣ ص ١٣٣.

٥٩

ثم إن أحسن القصص وأبلغ الموعظة وأنفع التذكر كتاب الله جل وعز قال الله عز وجل : «وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ »(١) .

أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم : «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ »(٢) «إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً »(٣) اللهم صل على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد وتحنن على محمد وآل محمد وسلم على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت وتحننت وسلمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم أعط محمدا الوسيلة والشرف والفضيلة والمنزلة الكريمة اللهم اجعل محمدا وآل محمد أعظم الخلائق كلهم شرفا يوم القيامة وأقربهم منك مقعدا وأوجههم عندك يوم القيامة جاها وأفضلهم عندك منزلة ونصيبا اللهم أعط

والحسنة بأضعافها.

قوله عليه‌السلام: « أستعيذ » هذه إحدى صور الاستعاذة المنقولة في أخبارنا ، وفي بعضها بإضافة إن الله هو السميع العليم ، وفي بعضها أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو الفتاح العليم ، وفي بعضها أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وفي بعضها بإضافة وأعوذ بالله أن يحضرون ، وفي بعضها أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كما هو الأشهر بين القراء ، والأظهر جواز الكل.

ثم اعلم أن ذكر الآية في هذا المقام يدل على عدم اختصاصها بقراءة الإمام ، كما ورد في بعض الأخبار ، فالآية بعمومها تدل على وجوب استماع كل قراءة ويؤيده أخبار أخر أيضا ، وقد تقدم الكلام فيه في شرح كتاب الصلاة(٤) .

قوله عليه‌السلام: « وتحنن » قال الجوهري : تحنن عليه : ترحم.

__________________

(١) سورة الأعراف : ٢٠٣.

(٢) سورة العصر : ١ ـ ٣.

(٣) سورة الأحزاب : ٥٦.

(٤) لاحظ ج ١٥ ص ٢٦٤.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

خير، فقال له النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من استغني أغناه الله، ومن فتح على نفسه باب مسألة، فتح الله عليه سبعين باباً من الفقر، لا يسدّ أدناها شئ، فما رأى سائلاً بعد ذلك، ثمّ قال: « إنّ الصّدقة لا تحلّ لغني، ولا لذي مرّة سوي » أي لا يحلّ له أن يأخذها وهو يقدر أن يكفّ نفسه عنها.

[ ٨٠٨٢ ] ٣ - الصّدوق في الخصال: في حديث الأربعمائة: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « اتّبعوا قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنّه قال: من فتح على نفسه باب مسألة، فتح الله عليه باب فقر ».

[ ٨٠٨٣ ] ٤ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا تزال المسألة بالعبد، حتّى يلقى الله وما في وجهه مضغة لحم ».

[ ٨٠٨٤ ] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « من سأل شيئاً لا يحتاج إليه، تكون في يوم القيامة على وجهه خراش(١) وجروح، فقيل: يا رسول الله، بكم يستغني الرّجل عن السّؤال؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : بخمسين درهماً، أو بقيمتها من الذّهب ».

[ ٨٠٨٥ ] ٦ - وعن قبيصة بن مخارق، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث يأتي(١) - أنّه قال: « وما سواهنّ من المسألة فحرام، وما أكل

____________________________

٣ - الخصال ص ٦١٥.

٤، ٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٩.

(١) لعلّ صوابها « خداش ».

٦ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٩.

(١) يأتي في باب ٣٢ الحديث ٣.

٢٢١

منها صاحبها أكل حراماً ».

[ ٨٠٨٦ ] ٧ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط: عن أبي حمزة، قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « ثلاث أقسم أنهنّ حقّ: ما أعطى رجل شيئاً من ماله فنقص من ماله، ولا صبر عن مظلمة إلّا زاده الله بها عزّاً، ولا فتح على نفسه باب مسألة إلّا فتح الله عليه باب فقر ».

[ ٨٠٨٧ ] ٨ - عوالي اللآلي: عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تزال المسألة تأخذكم، حتّى يلقى الله الواحد منكم، وليس في وجهه مضغة لحم ».

٣٠ -( باب كراهة المسألة مع الاحتياج، حتّى سؤال مناولة السّوط والماء)

[ ٨٠٨٨ ] ١ - الشّيخ الطّوسي في أماليه: عن جماعة، عن أبي الفضيل، عن محمّد بن جعفر الرزّار، عن جدّه محمّد بن عيسى، عن محمّد بن الفضل، عن الرّضا، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رجل للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : علّمني عملاً لا يحال بينه وبين الجنّة، قال: لا تغضب، ولا تسأل النّاس شيئاً، وارض للنّاس ما ترضى لنفسك ».

[ ٨٠٨٩ ] ٢ - الشّيخ ورّام في تنبيه الخواطر: عن مالك بن عوف

____________________________

٧ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط ص ٣٣.

٨ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤٨ ح ٩٠.

الباب - ٣٠

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٢١.

٢ - تنبيه الخواطر ج ١ ص ١٦٤.

٢٢٢

الأشجعي، قال: كنّا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، تسعة أو ثمانية أو سبعة، فقال: « ألا تبايعون رسول الله؟ » قلنا: أو ليس قد بايعناك يا رسول الله، ثمّ قال: « ألا تبايعون(١) » فبسطنا أيدينا فبايعناه، فقال قائل: بايعناك فعلى ما نبايعك؟ فقال: « أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، والصّلوات الخمس، وتسمعوا وتطيعوا - وأسرّ كلمة خفيّة - ولا تسألوا النّاس شيئاً(٢) ».

[ ٨٠٩٠ ] ٣ - الشّيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « إنّ الله كره لكم(١) ثلاثاً: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، ونهى عن عقوق الأمّهات، ووأد البنات، ومن منع وهات ».

[ ٨٠٩١ ] ٤ - وعن أبي سعيد الخدري، قال: أقبل علينا عام مجدب، فقمت وأتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأسأله وأطلب منه شيئاً، فلمّا رأني فأوّل ما كلّمني أن قال: « من استعفّ أعفّه الله، ومن استغني أغناه الله، ومن سألنا لم ندّخر عنه شيئاً نجده » فقلت: ما قال لي الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله نعمل به ولا نسأله، ونتعففّ حتّى يغنيني الله عن السؤال، فما سأله(١) شيئاً، فكفاني الله بعده، وأتانا

____________________________

(١) في المصدر زيادة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٢) في المصدر زيادة: « والكلمة الخفية ولاية عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام من بعده، غير أنّ الراوي لميله لم يذكر ذلك »، وقد ورد نصّ هذه العبارة في هامش الطبعة الحجرية منه « قدّه »، إلّا أنّه أنقص منها كلمة « لميله ».

٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٩.

(١) في المصدر: منكم.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٩.

(١) الظاهر أن صوابها « سألته ».

٢٢٣

من المال ما استغرقت فيه أنا وقومي، حتّى لم يكن فينا من يحتاج إلى السؤال.

[ ٨٠٩٢ ] ٥ - الشّهيد في الدّرة الباهرة من الأصداف الطّاهرة: عن الرّضاعليه‌السلام ، أنّه قال: « المسألة مفتاح البؤس ».

[ ٨٠٩٣ ] ٦ - وقالعليه‌السلام : « وجهك ماء جامد، يقطره السؤال، فانظر عند من تقطره ».

[ ٨٠٩٤ ] ٧ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ونروي أنّ رجلاً أتى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ليسأله، فسمعه وهو يقول: من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أغناه الله، فانصرف ولم يسأله، ثمّ عاد إليه فسمع مثل مقالته فلم يسأله، حتّى فعل ذلك ثلاثاً، فلمّا كان في اليوم الثّالث، مضى فاستعار فأساً وصعد الجبل فاحتطب، وحمله إلى السّوق فباعه بنصف صاع من شعير، فأكله هو وعياله، ثمّ دام على ذلك حتّى جمع ما اشترى به فأساً، ثمّ اشترى بكرين وغلاماً وأيسر، فصار إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله أليس قد قلنا: من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أغناه الله؟! ».

[ ٨٠٩٥ ] ٨ - جامع الأخبار: عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « من سأل النّاس أموالهم تكثّراً، فإنّما هي جمرة فليستقلّ منهم(١) أو ليستكثر » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « استعفّ عن السّؤال ما

____________________________

٥ - الدرة الباهرة ص ٣٨.

٦ - ليس في الدرة الباهرة، بل نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٣٥ ح ٣٤٦، كما حكاه العلامة المجلسي في البحار ج ٩٦ ص ١٥٨ ح ٣٦.

٧ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٩.

٨ - جامع الأخبار ص ١٦٠.

(١) في المصدر: منها.

٢٢٤

استطعت » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من سأل من(٢) ظهر غنى، فصداع في الرّأس، وداء في البطن ».

[ ٨٠٩٦ ] ٩ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح: عن عبدالله بن طلحة النّهدي، قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أمرني ربّي بسبع خصال: حبّ المساكين - إلى أن قال - وأن لا أسأل أحداً شيئاً ».

٣١ -( باب كراهة إظهار الاحتياج والفقر)

[ ٨٠٩٧ ] ١ - عماد الدّين الطّبري في بشارة المصطفى: عن إبراهيم بن الحسين، عن محمّد بن الحسن بن عتبة، عن محمّد بن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن وهبان، عن عليّ بن أحمد العسكري، عن أبي سلمة أحمد الأصفهاني، عن راشد بن عليّ القرشي، عن عبدالله بن حفص، عن محمّد بن إسحاق، عن سعد بن زيد، عن كميل بن زياد، قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « يا كميل، لا تري(١) النّاس افتقارك واضطرارك، واصبر(٢) عليه احتساباً تعرف بستر ».

[ ٨٠٩٨ ] ٢ - جامع الأخبار: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه

____________________________

(٢) وفيه: عن ظهر.

٩ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح ص ٧٥.

الباب - ٣١

١ - بشارة المصطفى ص ٢٦.

(١) في المصدر: لا ترين.

(٢) وفيه: واصطبر.

٢ - جامع الأخبار ص ١٣٠.

٢٢٥

قال: « من جاع أو احتاج فكتمه عن النّاس، وأفشاه إلى الله، كان حقّاً على الله أن يرزقه رزق سنة من الحلال ».

[ ٨٠٩٩ ] ٣ - وعن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « الفقر مخزون عند الله كالشّهادة، ولا يعطيها إلّا من أحبّ من عباده المؤمنين ».

[ ٨١٠٠ ] ٤ - أبو الفتوح الكراجكي في كنز الفوائد: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « من أبدى إلى النّاس ضرّه، فقد فضح نفسه ».

[ ٨١٠١ ] ٥ - الشّيخ الكشي في رجاله: عن طاهر بن عيسى، عن جعفر بن أحمد، عن أبي الحسين، عن علي بن الحسن،(١) عن العبّاس بن عامر، عن مفضّل بن قيس بن رمّانة، قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام ، فشكوت إليه بعض حالي، وسألته الدّعاء، فقال: « يا جارية، هاتي الكيس الذي وصلنا به أبو جعفر، فجاءت بكيس، فقال: هذا كيس فيه أربعمائة دينار فاستعن به »، قال قلت: لا والله - جعلت فداك - ما أردت هذا، ولكن أردت الدّعاء لي، فقال لي: « ولا ادع الدعاء، ولكن لا تخبر النّاس بكلّ ما أنت فيه، فتهون عليهم ».

____________________________

٣ - جامع الأخبار ص ١٣١.

٤ - كنز الفوائد ص ٢٨٩.

٥ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٢١ ح ٣٢٢، وعنه في البحار ج ٤٧ ص ٣٤ ح ٣١.

(١) كان في الطبعة الحجرية « عن أبي الخير، عن أبي الحسن »، والصحيح ما أثبتناه (راجع جامع الرواة ج ٢ ص ٢٦٠ في ترجمة مفضل بن قيس بن رمانة، وقد ورد الحديث المذكور في معجم رجال الحديث وبنفس السند، إلّا أنّ فيه: علي بن الحسين بدل علي بن الحسن، ولكن بعد مراجعة المعجم المذكور ج ٩ ص ٢٢٧ في ترجمة العباس بن عامر يظهر إن ما في جامع الرواة هو الصحيح).

٢٢٦

٣٢ -( باب جواز الشكوى إلى المؤمن خاصّة، وإعلام الإخوان بالضّيق مع الضّرورة)

[ ٨١٠٢ ] ١ - نهج البلاغة: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال لكميل بن زياد: « يا كميل لا بأس تطلع أخاك على سرّك، ومن أخوك؟ أخوك الذي ل يخذلك عند الشّدة، ولا يقعد عنك عند الجريرة، ولا يدعك حين تسأله، ولا يذرك وأمرك حتّى تلعمه » الخبر.

[ ٨١٠٣ ] ٢ - الشّيخ المفيد في الاختصاص: عن الصّادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « إنّ الله جعل الرّحمة في قلوب رحماء خلقه، فاطلبوا الحوائج منهم، ولا تطلبوها من القاسية قلوبهم، فإنّ الله تبارك وتعالى أحلّ غضبه بهم ».

[ ٨١٠٤ ] ٣ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن قبيصة بن مخارق الهلالي، أنّه قال: تحملت حمالة فأتيت النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أسأله فيها، فقال: « أقم عندنا حتّى نعاونك عليها، واعلم أنّه لا تحلّ لأحد المسألة إلّا لأحدى ثلاث، رجل تحمل حمالة فحلّت له المسألة، ورجل أصابته جائحة أجتاحت ماله فحلّت له الصّدقة، حتّى يصيب كفافاً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتّى يقول ثلاثة من ذوي الحجي من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة، فحلّت له المسألة حتّى يصيب قواماً من العيش، وما سواهنّ من المسألة - يا قبيصة - فسحت ».

____________________________

الباب - ٢٣

١ - مستدرك نهج البلاغه ج ٨ ص ٢١٦ باختلاف يسير.

٢ - الاختصاص ص ٢٤٠.

٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٩.

٢٢٧

[ ٨١٠٥ ] ٤ - البحار، عن الدّيملي في أعلام الدّين: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال لولده الحسنعليه‌السلام : « يا بني، إذا نزل بك كلب الزّمان وقحط الدّهر، فعليك بذوي الأصول الثّابتة والفروع النّابتة، من أهل الرّحمة والإيثار والشّفقة، فأنّهم أقضى للحاجات وأمضى لدفع الملمّات، وإيّاك وطلب الفضل واكتساب الطّساسيج(١) والقراريط، من ذوي(٢) الأكف اليابسة والوجوه العابسة، فأنّهم إن أعطوا منّوا، وإن منعوا كدوّا(٣) ، ثمّ أنشأ يقول:

واسأل العرف إن سألت كريما

لم يزل يعرف الغنى واليسارا

فسؤال الكريم يورث عزا

وسؤال اللئيم يورث عارا

وإذا لم تجد من الذل بدا

فالق بالذل إن لقيت كبارا

ليس أجلا لك الكبير بعار

إنما العار أن تجل الصغار

[ ٨١٠٦ ] ٥ - وعن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « اطلبوا المعروف والفضل من رحماء أمّتي، تعيشوا في أكنافهم ».

[ ٨١٠٧ ] ٦ - أبو القاسم الكوفي المعاصر للكليني في كتاب الأخلاق: عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « كلّ سؤال ذلّ ومنقصة، إلّا ما كان من سؤال الرّجل لإمامه أو عالمه أو والده، فإنّه لا ذلّ عليه في

____________________________

٤ - البحار ج ٩٦ ص ١٥٩ ح ٣٨ عن أعلام الدين ص ٨٦.

(١) في الطبعة الحجرية: الطسايح، وما أثبتناه من المصدر والبحار والطساسيج: جمع طسّوج وهو نقد كان مستعملاً ربع دانق. (انظر القاموس المحيط ج ١ ص ١٩٨).

(٢) في الحجرية: دون وما أثبتناه من المصدر.

(٣) الظاهر أن صوابه « كدّروا ».

٥ - البحار ص ٩٦ ج ١٦٠ ح ٣٨ عن أعلام الدين ص ٨٧.

٦ - كتاب الأخلاق:

٢٢٨

ذلك ولا منقصة ».

[ ٨١٠٨ ] ٧ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « اطلبوا البذل من رحماء أمّتي، فعليهم تنزل الرّحمة من الله، ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم، فعليهم تنزل اللّعنة من الله ».

[ ٨١٠٩ ] ٨ - الحميري في قرب الأسناد: عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: « كان عليعليه‌السلام يقول في دعائه وهو ساجد، وساقه وفيه: فإن جعلت لي حاجة إلى أحد من خلقك، فاجعلها إلى أحسنهم وجهاً وخلقاً وخلقاً، وأسخاهم بها نفساً، واطلقهم بها لساناً، وأسمحهم بها كفّاً، وأقلهم بها عليّ امتناناً ».

٣٣ -( باب استحباب الاستغناء عن النّاس، وترك طلب الحوائج منهم، والياس ممـّا في أيديهم)

[ ٨١١٠ ] ١ - مجموعة الشّهيد: نقلاً عن كتاب معاوية بن حكيم، عن صفوان بن يحيى، عن الحارث بن المغيرة البصري، قال: قال لي أبو عبداللهعليه‌السلام : « اليأس ممـّا في أيدي النّاس، عزّ للمسلم في دينه، أو ما سمعت قول حاتم:

إذا ما عرفت اليأس الفيته الغنى

إذا عرفته النفس والطمع الفقر »

[ ٨١١١ ] ٢ - الشّيخ الطّوسي في مجالسه: عن جماعة، عن أبي المفضّل،

____________________________

٧ - كتاب الأخلاق:

٨ - قرب الأسناد ص ٢.

الباب - ٣٣

١ - مجموعة الشهيد: مخطوط.

٢ - أمالي الشيخ الطوسي ج ٢ ص ١٢٢.

٢٢٩

عن الحسن بن عليّ بن سهل، عن موسى بن عمر بن يزيد، عن معمّر بن خلّاد، عن الرّضا، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « جاء أبو أيّوب خالد بن زيد إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا رسول الله أوصني وأقلل، لعليّ أن أحفظ، قال: أوصيك بخمس: باليأس عمّا في أيدي النّاس، فإنّه الغنى، وإيّاك والطّمع، فإنّه الفقر الحاضر » الخبر.

[ ٨١١٢ ] ٣ - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في وصيّته للحسنعليه‌السلام : « [ ومرارة ](١) اليأس خير من الطّلب إلى النّاس، ما(٢) اقبح الخضوع عند الحاجة! والجفاء عند الغنى! ».

[ ٨١١٣ ] ٤ - تفسير الإمامعليه‌السلام : عن علي بن الحسينعليه‌السلام ، أنّه قال للزّهري: « واعلم أنّ أكرم النّاس على النّاس، من كان خيره عليهم فائضاً، وكان عنهم مستغنياً متعفّفاً، واكرم النّاس بعده عليهم، من كان عنهم متعفّفاً، وإن كان إليهم محتاجاً، وإنّما أهل الدّنيا يعشقون أموال الدّنيا، فمن ل يزاحمهم فيما يعشقونه كرم عليهم، ومن لم يزاحمهم فيها ومكّنهم منها ومن بعضها كان أعزّ وأكرم ».

[ ٨١١٤ ] ٥ - الشّهيد في الدرّة الباهرة: عن الجوادعليه‌السلام ، أنّه قال: « عزّ المؤمن غناؤه عن النّاس ».

____________________________

٣ - نهج البلاغة ج ٣ ص ٥٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) نفس المصدر ج ٣ ص ٦١.

٤ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٩.

٥ - الدرّة الباهرة ص ٤١.

٢٣٠

[ ٨١١٥ ] ٦ - فقه الرّضاعليه‌السلام : « وأروي عن العالمعليه‌السلام ، أنّه قال: اليأس ممـّا في أيدي النّاس، عزّ المؤمن في دينه، ومروّته في نفسه، وشرفه في دنياه، وعظمته في أعين النّاس، وجلالته في عشيرته(١) ، ومهابته عند عياله، وهو أغنى النّاس عند نفسه، وعند جميع النّاس.

وأروي: شرف المؤمن قيام اللّيل، وعزّه اسغناؤه عن النّاس.

وأروي: اليأس غنى، والطّمع فقر حاضر.

وروي: من أبدى ضرّه إلى النّاس، فضح نفسه عندهم.

وأروي عن العالمعليه‌السلام ، أنّه قال: وقّوا دينكم بالاستغناء بالله، عن طلب الحوائج.

وروي: سخاء النّفس عمّا في أيدي النّاس، أكثر من سخاء البذل ».

[ ٨١١٦ ] ٧ - نهج البلاغة: في وصيّته لابنه الحسنعليه‌السلام : « ومرارة(١) اليأس خير من الطّلب إلى النّاس.

وقالعليه‌السلام (٢) : واكرم نفسك عن كلّ دنيّة وإن ساقتك إلى الرّغبة(٣) ، فإنّك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضاً، ولا تكن

____________________________

٦ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥٠.

(١) في المصدر: عشرته.

٧ - نهج البلاغة ج ٣ ص ٥٨.

(١) في الطبعة الحجرية « حسن » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) نفس المصدر ج ٣ ص ٥٧.

(٣) في المصدر: الرغائب.

٢٣١

عبد غيرك وقد جعلك الله حرّاً، وما خير(٤) لا ينال إلّا بشرّ، ويسر لا ينال إلّا بعسر.

وقالعليه‌السلام (٥) : ما أقبح الخضوع عند الحاجة.

وقالعليه‌السلام (٦) : فقد يكون اليأس إدراكاً، إذا كان الطمع هلاكاً » الوصيّة.

٣٤ -( باب عدم جواز المنّ بعد الصّدقة والصّنيعة)

[ ٨١١٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليّعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله عزّوجلّ كره لكم أشياء: العبث في الصّلاة، والمنّ في الصّدقة، والرّفث في الصّيام، والضّحك عند القبور، وإدخال الأعين في الدور بغير إذن، والجلوس في المساجد وأنتم جنب ».

[ ٨١١٨ ] ٢ - وعن الشّريف أبي الحسن عليّ بن عبد الصّمد الهاشمي، عن أبي بكر محمّد بن عبدالله الأبهري، حدّثنا عبدالله بن محمّد بن وهب الحافظ، قال: حدّثنا محمّد بن المغيرة، قال: حدّثنا ابراهيم بن بكر، قال: حدّثنا العلاء بن خالد، قال: حدّثنا ثابت، عن أنس بن

____________________________

(٤) وفيه: خيرُ خيرٍ.

(٥) نفس المصدر ج ٣ ص ٦١.

(٦) نفس المصدر ج ٣ ص ٦٢.

الباب - ٣٤

١ - الجعفريات ص ٣٧.

٢ - الجعفريات ص ٢٥١.

٢٣٢

مالك، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الجنّة دار الأسخياء، والذي نفسي بيده لا يدخل الجنّة بخيل، ولا عاقّ والديه، ولا (منّان بما أعطاه)(١) ».

[ ٨١١٩ ] ٣ - وبالإسناد الأوّل: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « ثلاثة لا ينظر الله إليهم: المنّان بالفعل، وعاقّ والديه، ومدمن خمر ».

[ ٨١٢٠ ] ٤ - كتاب الأعمال المانعة من دخول الجنّة لجعفر بن أحمد القمّي: عن عطيّة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يدخل الجنّة عاق، ولا منّان » الخبر، وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا يدخل الجنّة عاقّ، ولا مدمن خمر، ولا منّان ».

[ ٨١٢١ ] ٥ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أسدى إلى مؤمن معروفاً، ثمّ آذاه بالكلام أو منّ عليه، فقد أبطل الله صدقته ».

[ ٨١٢٢ ] ٦ - وعن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « فمن أنفق ماله ابتغاء مرضاة الله، ثمّ امتن على من تصدّق عليه، كان كما قال الله:( أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا

____________________________

(١) في المصدر: مانّ بما أعطى.

٣ - الجعفريات ص ١٨٧.

٤ - كتاب الأعمال المانعة من دخول الجنّة ص ٥٩.

٥ - تفسير القمي ج ١ ص ٩١.

٦ - تفسير القمي ج ١ ص ٩٢.

٢٣٣

إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ) (١) قال: الاعصار: الرّياح، فمن امتن على من تصدّق عليه، كان كمن كان له جنّة كثيرة الثمار، وهو شيخ ضعيف له أولاد(٢) ضعفاء، فتجى ء ريح أو نار فتحرق ماله كلّه ».

[ ٨١٢٣ ] ٧ - تفسير الإمامعليه‌السلام : « دخل رجل على محمّد بن علي بن موسى الرضاعليهم‌السلام ، وهو مسرور فقال: مالي أراك مسروراً؟ قال: يا ابن رسول الله، سمعت أباك يقول: أحق يوم بأن يسرّ العبد فيه، يوم يرزقه الله صدقات ومبرّات وسد خلّات من إخوان له مؤمنين، وأنّه قصدني اليوم عشرة من إخواني المؤمنين الفقراء لهم عيالات، فقصدوني من بلد كذا وكذا، فاعطيت كلّ واحد منهم، فلهذا سروري، فقال محمّد بن علي: لعمري أنّك حقيق بأن تسر، إن لم تكن أحبطته، أو لم تحبطه فيما بعد، قال الرجل: وكيف أحبطته وأنا من شيعتكم الخلّص؟ قال: هاه قد أبطلت برك بإخوانك وصدقاتك، قال: وكيف ذلك يا ابن رسول الله؟ قال له محمّد بن علي: إقرأ قول الله عزّوجلّ:( يَا أَيُّهَا الّذين آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ ) (١) قال الرّجل: يا ابن رسول الله، ما مننت على القوم الّذين تصدقت عليهم ولا آذيتهم، قال له محمّد بن عليعليه‌السلام : إنّ الله عزّوجلّ قال:( لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ ) (٢) ولم يقل: لا تبطلوا بالمن على من تتصدّقون عليه، وبالأذى لمن تتصدّقون عليه، وهو كلّ أذى » الخبر.

____________________________

(١) البقرة ٢: ٢٦٦.

(٢) في المصدر: صغار ضعفاء.

٧ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ١٢٧.

(١، ٢) البقرة ٢: ٢٦٤.

٢٣٤

٣٥ -( باب عدم جواز اللّوم على الإعطاء، والابتداء به، واستكثاره)

[ ٨١٢٤ ] ١ - الحسن بن الفضل الطّبرسي في مكارم الأخلاق: عن كتاب النّبوّة، عن عمر قال: إنّ رجلاً أتي النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله [ فسأله ](١) فقال: « ما عندي شئ ولكن اتّبع عليّ فإذا جاءنا شئ قضيناه »، قال عمر: فقلت: يا رسول الله، ما كلّفك الله ما لا تقدر عليه، قال: فكرة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله [ قوله ](٢) فقال الرّجل: أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالاً، قال: فتبسّم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعرف السّرور في وجهه.

وتقدّم عن مناقب ابن شهر آشوب(٣) ، أنّ فضل بن سهل لام الرّضاعليه‌السلام ، على إنفاقه جميع ماله، فقالعليه‌السلام : « لا تعدن مغرماً ما اتبعت به أجراً ومكرماً ».

[ ٨١٢٥ ] ٢ - كتاب الغارات لابراهيم الثّقفي: عن بعض اصحاب عليّعليه‌السلام ، أنّه قيل له: كم تصدّق؟ ألا تمسك؟ قال: « أي والله، لو أعلم أنّ الله قبل منّي فرضاً واحداً لأمسكت، ولكنّي والله ما أدري أقبل الله منّي شيئاً أم لا؟! ».

____________________________

الباب - ٣٥

١ - مكارم الأخلاق ص ١٨.

(١، ٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) تقدم في باب ١٣ حديث ٢ عن المناقب ج ٤ ص ٣٦١.

٢ - الغارات ج ١ ص ٩٠.

٢٣٥

٣٦ -( باب استحباب الابتداء بالإعطاء والمعروف قبل السّؤال، والاستتار من الأخذ بحجاب أو ظلمة، لئلّا يتعرّض للذّل)

[ ٨١٢٦ ] ١ - البحار، عن كتاب قضاء الحقوق للصّوري: عن إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب، قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام ، وعنده المعلّى بن خنيس، إذ دخل عليه رجل من أهل خراسان، فقال: يا ابن رسول الله [ أنا من مواليكم أهل البيت ](١) تعرف موالاتي إيّاكم وبيني وبينكم شقة بعيدة، وقد قلّ ذات يدي، ولا أقدر أن أتوجّه إلى أهلي إلّا أن تعينني، قال: فنظر أبو عبداللهعليه‌السلام يميناً وشمالاً، وقال: « ألا تسمعون ما يقول أخوكم؟ إنّما المعروف ابتداء، فأمّا ما أعطيت بعد ما سأل، فإنّما هو مكافأة لمـّا بذل لك من وجهه، ثمّ قال: فيبيت ليلة(٢) متأرّقّا متململاً بين اليأس والرجاء، لا يدري اين يتوجّه بحاجته، فيعزم على القصد إليك، فأتاك وقلبه يجب، وفرائصه ترتعد، وقد نزل دمه في وجهه، وبعد هذا فلا يدري أينصرف من عندك بكآبة الرّد أم بسرور النّجح، فإن أعطيته رأيت إنّك قد وصلته، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة(٣) لمـّا يتجشم من مسأله(٤) إيّاك، أعظم ممـّا ناله من معروفك » قال: فجمعوا للخراساني خمسة آلاف درهم.

____________________________

الباب - ٣٦

١ - البحار ج ٩٦ ص ١٤٦ ح ٢٣.

(١) أثبتناه من هامش الطبعة الحجرية.

(٢) في المصدر: ليلته.

(٣) وفيه زيادة: وبعثني بالحق نبياً.

(٤) وفيه: مسألته.

٢٣٦

[ ٨١٢٧ ] ٢ - ابن شهر آشوب في المناقب: مرسلاً: وفد اعرابي المدينة، فسأل عن أكرم النّاس بها، فدل على الحسينعليه‌السلام ، فدخل المسجد فوجده مصليّاً، فوقف بإزائه وأنشأ:

لم يخب الآن من رجاك ومن

حرّك من دون بابك الحلقه

أنت جواد وأنت معتمد

أبوك قد كان قاتل الفسقه

لو لا الذي كان من أوائلكم

كانت علينا الجحيم منطبقه

قال: فسلّم الحسينعليه‌السلام ، وقال: « يا قنبر، هل بقي من مال الحجاز شئ؟ » قال: نعم أربعة آلاف دينار، فقال: « هاتها، قد جاءها من هو أحقّ بها منّا » ثمّ نزع برديه ولفّ الدّنانير فيها، وأخرج يده من شقّ الباب حياء من الاعرابي، وأنشأ:

« خذها فإنّي إليك معتذر

واعلم بأنّي عليك ذو شفقه

لو كان في سيرنا الغداة عصا

أمست سمانا عليك مندفقه

لكن ريب الزّمان ذو غير

والكفّ منّي قليلة النّفقه »

قال: فأخذها الاعرابي وبكى، فقال له: « لعلّك استقللت(١) قال: لا، ولكن كيف يأكل التّراب جودك؟ وهو المروي عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ».

[ ٨١٢٨ ] ٣ - الشّيخ المفيد في الاختصاص: عن محمّد بن جعفر بن أبي شاكر، رفعه(١) عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « جزى الله المعروف إذا لم يكن يبدأ عن مسألة، فأما إذا أتاك أخوك في حاجة كاد

____________________________

٢ - المناقب لابن شهر آشوب ج ٤ ص ٦٥.

(١) في المصدر: إستقللت ما أعطيناك.

٣ - الاختصاص ص ١٢، وعنه في البحار ج ٧٤ ص ٤١٤ ح ٣٣.

(١) في المصدر: عمّن حدثه عن بعض الرجال.

٢٣٧

يرى دمه في وجهه، مخاطراً لا يدري أتعطيه أم تمنعه، فوالله ثمّ والله، لو خرجت له من جميع ما تملكه ما كافيته ».

[ ٨١٢٩ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا علم الرّجل أنّ أخاه المؤمن محتاج، فلم يعطه شيئاً حتّى سأله، ثمّ أعطاه لم يؤجر عليه ».

[ ٨١٣٠ ] ٥ - الشهيد في الدرة الباهرة: عن الحسن بن عليّعليهما‌السلام ، أنّه قال: « المعروف ما لم يتقدّمه مطل ولم يتعقّبه منّ، والبخل أن يرى الرّجل ما أنفقه تلفاً وما أمسكه شرفاً ».

[ ٨١٣١ ] ٦ - الدّيلمي في إرشاد القلوب: قال: روي أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إذا أتاه طالب في حاجته، فقال له: « أكتبها على الأرض، فإنّي أكره أن أرى ذلّ السؤال في وجه السّائل ».

٣٧ -( باب استحباب متابعة العطايا وموالاة الأيادي)

[ ٨١٣٢ ] ١ - البحار، عن الحسن بن أبي الحسن الدّيلمي في أعلام الدّين: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « ما توسّل إليّ أحد بوسيلة أحبّ إليّ، من إذكاري بنعمة سلف منّي إليه أعيدها إليه ».

[ ٨١٣٣ ] ٢ - الشّيخ الطّوسي في أماليه: عن جماعة، عن أبي المفضّل، عن أحمد بن عبد الرّحيم، عن إسماعيل بن محمّد بن إسحاق، عن أبيه،

____________________________

٤ - الاختصاص:

٥ - الدرة الباهرة: ص ٢٨، وعنه في البحار ج ٧٤ ص ٤١٧ ح ٣٨.

٦ - إرشاد القلوب ص ١٣٦.

الباب - ٣٧

١ - البحار ج ٧٤ ص ٤٢٠ ح ٤٧.

٢ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٠٩، وعنه في البحار ج ٧٤ ص ٤١٧ ح ٣٦.

٢٣٨

عن جدّه، إسحاق، عن أخيه موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : استتمام المعروف أفضل من ابتدائه ».

[ ٨١٣٤ ] ٣ - الشّيخ المفيد الاختصاص: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « ما من شئ أحبّ إليّ، من رجل سبقت منّي إليه يد اتبعها أختها وأحسنت ربها، لأنّي رأيت منع الأواخر يقطع لسان شكر الأوائل ».

٣٨ -( باب استحباب فعل المعروف وأحكامه)

[ ٨١٣٥ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّعليهم‌السلام ، قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: أوّل من يدخل الجنّة المعروف أهله ».

[ ٨١٣٦ ] ٢ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كلّ معروف صدقة، وكلّما أنفق المؤمن من نفقة على نفسه وعياله وأهله كتب له بها صدقة، وما وقى به عرضه كتب له صدقة » الخبر.

وباقي أخبار الباب، يأتي في كتاب الأمر بالمعروف.

____________________________

٣ - بل علي بن إبراهيم القمي في تفسيره ج ١ ص ٩١، وعنه في البحار ج ٧٤ ص ٤٠٨ ح ٤.

الباب - ٣٨

١ - الجعفريات ص ١٥٢.

٢ - درر اللآلي ج ١ ص ١٤.

٢٣٩

٣٩ -( باب استحباب اختيار التّوسعة على العيال، على الصّدقة على غيرهم)

[ ٨١٣٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّعليهم‌السلام ، قال: « قيل يا رسول الله: أيّ الصّدقة أفضل؟ قال: على ذي الرّحم الكاشح ».

[ ٨١٣٨ ] ٢ - عوالي اللآلي: روي أنّ رجلاً أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ببيضة من ذهب، أصابها في بعض الغزوات، فقال: خذها منّي صدقة، فأعرض عنه، فأتاه من جانب آخر [ فأعرض عنه ](١) فأتاه(٢) ثمّ قال: « هاتها » مغضباً، فأخذها وحذفها(٣) حذفاً لو أصابه بها(٤) لشجته أو عقرته، ثمّ قال: « يجئ أحدكم بماله كلّه، فيتصدق به ويجلس يتكفّف النّاس، إنّما الصّدقة عن ظهر غنى ».

[ ٨١٣٩ ] ٣ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن عبدالله مسعود، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اليد العيا خير من اليد السّفلى، ابدأ بمن تعول: أمّك، وأباك، وأختك، وأخاك، ثمّ أدناك فأدناك ».

____________________________

١ - الجعفريات ص ٥٥.

٢ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٧٣ ح ١٩٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر: وحذفه بها.

(٤) ليس في المصدر.

٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣٥٤.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640