تحفة العالم في شرح خطبة المعالم الجزء ١

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم 0%

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم مؤلف:
المحقق: أحمد علي مجيد الحلّي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 683

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم

مؤلف: آية الله السيّد جعفر بحر العلوم
المحقق: أحمد علي مجيد الحلّي
تصنيف:

الصفحات: 683
المشاهدات: 3034
تحميل: 214

توضيحات:

الجزء 1
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 683 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 3034 / تحميل: 214
الحجم الحجم الحجم
تحفة العالم في شرح خطبة المعالم

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم الجزء 1

مؤلف:
العربية

ومن الشاهد الواضح البيّن أنَّ الواحد منّا مع قلّة موانعه وتعلُّقاته ، وتوفر دواعيه وأوقاته ، لو بذل الجهد في استقصاء كتابة مصنفاته وما برز من تحقيقاته رأينا أحداً من أصحابه استقصاها ولا بلغ منتهاها ، وكفاه بذلك نبلا [وفخراً].

انتهى ما أردنا نقله من عبارة الرسالة للشيخ محمّد العودي ، ولقَدْ آثرنا نقلها بطولها ؛ رعاية لحقّ صاحب العنوان ، ورجاء أن يقتدي به علماء أبناء زماننا(١) .

ونقل المجلسيّ الأول في (حديقة المتقین) : (أنه ربَّما اضطر إلى الصلاة الإيجارية فكانت أجرته في السنة ما يساوي بحساب هذه الأيام أربع قرانات أو أقل)(٢) .

وأمّا شكله فقد كان ربعة من الرجال في القامة معتدل الهامة ، وفي آخر أمره كان إلى السمن أميل ، بوجه صبح مدور ، وشعر بسط يميل إلى الشقرة مع ما هو من سواد العين والحاجبين ، وكان له خال على أحد خديه ، وآخر على أحد جبينيه ، وبياض اللون ولطافة الجسم ، عبل الذراعين والساقين ، وكأن أصابع يديه أقلام فضة ، إذا نظر الناظر في وجهه وسمع عذوبة لفظه لم تسمح نفسه بمفارقته ، وتسلَّى عن كل شيء بمخاطبته ، تمتلئ العيون من مهابته ، وتبتهج القلوب لجلالته ، وأيم الله إنه لفوق ما وصفت ، وقد اشتمل من حميد الخصال على أكثر ممَّا ذكرت(٣) .

__________________

(١) الدر المنثور ٢ : ١٥٣ ـ ١٥٧ ، ومابين المعقوفين من المصدر.

(٢) لم أهتد إلى مصدره.

(٣) الدر المنثور ٢ : ١٥٧.

٣٠١

كان مولده الشريف في يوم الثلاثاء الثالث عشر من شهر شوال سنة ٩١١ ، اشتغل بعد فراغه من قراءة القرآن العزيز بالهاون العربية والفقه على والده ، إلى أن توفّي في العشر الأواسط من شهر رجب يوم الخميس سنة ۹٢ ٥ ، وكان من جملة ما قرأ عليه من كتب الفقه : (مختصر الشرائع) ، و (اللمعة الدمشقية).

فارتحل في تلك السنة مهاجراً إلى (مس)(١) في طلب العلم ، فاشتغل على شيخنا الجليل الشيخ علي بن عبد العالي ، ثُمَّ انتقل إلى (كرك نوحعليه‌السلام ) ـ و (كرك) كلمة سريانية معناها الحصن ، يقولون إن بها قبر نوح وهو الآن يزار ، وطول القبر زهاء أربعين ذراعاً ، وبناه الملك الظاهر (البندر قدار) من بلاد جبل عامل خرج منها كثير من علماء الشيعة ـ وقرأ بها على السيِّد حسن ابن السيِّد جعفر المتوفّى في السادس من شهر رمضان سنة ٩٣٣ جملة من الفنون ، وكان ممَّا قرأ عليه : (قواعد المرام في علم الكلام) للشيخ ميثم البحراني ، و (تهذيب العلَّامة في الأُصول) ، و (العمدة الجليِّة في الأُصول الفقهية) من مصنّفات السيِّد [حسن ابن السيِّد](٢) جعفر المذكور ، و (الكافية في النحو).

ثُمَّ ارتحل إلى دمشق ، واشتعل بها على الشيخ الفاضل المحقِّق الفيلسوف : شمس الدین محمّد بن مكي(٣) ، المتوفّى سنة ٩٣٨ في شهر جمادى الأُولی ، فقرأ عليه من كتب الطب (شرح الموجز النفسي) ، و (غاية القصد في معرفة الفصد) من مصنّفات الشيخ المذكور ، و (فصول الفرغاني في الهيئة) ، وبعض (حكمة

__________________

(١) ميس: قرية من قرى جبل عامل من بلاد لبنان.

(٢) ما بين المعقوفين زيادة منا لإتمام المعنی.

(٣) هر غير الشهيد الأول ، المتوفّى ٧٨٦ هـ والمشترك معه بالاسم.

٣٠٢

إشراق العين) للسهروردي ـ أعني : الشيخ أبا حفص عمر بن محمّد المتوفّى في شهر محرَّم الحرام سنة ٦ ٣٣ ـ وقرأ في تلك المدّة بها على المرحوم الشيخ أحمد بن جابر (الشاطبية) في علم القراءات ، وقرأ القرآن بقراءة نافع ، وابن کثیر ، وأبي عمرو ، وعاصم.

ثُمَّ رجع إلى (جبع) سنة ۹٣۸ ، ثُمَّ ارتحل إلى مصر في أول سنة ۹ ٤ ٢ لتحصیل ما أمكن من العلوم ، واجتمع هناك بالشيخ شمس الدين بن طولون الدمشقي الحنفيّ وقرأ عليه جملة من الصحيحين ، وأجازه في روايتهما مع ما يجوز له روايته.

ثُمَّ ارتحل من مصر إلى الحجاز في السابع عشر من شهر شوال سنة ٩٤٣ ورجع إلى وطنه الأول بعد قضاء الواجب من الحج والعمرة والتمتُّع ، وزيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه.

وكانقدس‌سره قد رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في منامه بمصر ووعده بالخير ، فلمَّا وقف على القبر المقدّس وزاره خاطبه وأنشده :

صلاةٌ وتسليمٌ على أشرفِ الورى

ومَنْ فضلُهُ ينبو عن الحدِّ والحصرِ

ومَنْ قَدْ رقى السبعَ الطباقَ بنعلِهِ

وعوَّضَهُ اللهُ البراقَ عنِ المُهرِ

وخاطَبهُ اللهُ العليُّ بحبِّهِ

شِفاهاً ولم يحصل لعبد ولا حُرِّ

عُدولِيَ عن تعدادِ فضلِكَ لائِقٌ

يَكِلُّ لساني عنهُ في النُّظمِ والنَّثرِ

وماذا تقولُ الناسُ في مدحِ مَنْ أتَتْ

مدائِحُهُ الغرَّاءُ في مُحكَمِ الذكرِ

سَعَيْتُ إليه عاجِلاً سعيَ عاجزٍ

بعبء ذُوبٍ جمَّةٍ أثقلَتْ ظَهري

ولكنَّ ريحَ الشَّوقِ حرَّك همَّتي

وروحُ الرَّجا مَعْ ضعفِ نفسي ومَعْ فقري

٣٠٣

ومن عادَةِ العُربِ الكرامِ بِوَفدِهِمْ

إعادَتُهُ بالخيرِ والجبرِ والسوفرِ

وإنْ يكُ وفدٌ قَدْ زَفَوا لِنزيلِهِم

فكيفَ وقَدْ أوعدتَني الخيرَ في مصرِ

فَحقَّق رجائي سيِّدي في زيارتي

بِنَيلِ مُنائي والشفاعَةِ في حَشري

ثم رجع من زيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ووصل إلى (جبع) في الرابع عشر من شهر صفة سنة ٩٤٤ ، ثُمَّ عمَّر داره التي أنشأها بجبع ومدحها الشيخ محمّد العودي المتقدَّم الذكررحمه‌الله :

فيالكِ بقعةً قَدْ نِلتِ خَيراً

وشرَّفَكِ الإلهُ بِمَن وطيكِ

لقد أصبحتِ تفتخرينَ بُشراً

بزينِ الدين إذْ قَدْ حَلَّ فيكِ

فكيف ولا افتخارَ وصرتِ ظرفاً

ونبعُ العلمِ من مسكوبٌ بِفيكِ

تُمنَّى الواردون بأن يكونوا

مكانكِ في سِمار مُسامِريكِ

لينتفعوا غرائبَ كلِّ فنٍّ

من الأقطارِ قَدْ جُمِّعْنَ فيكِ

فلا زالَ السُّرورُ بكلِّ يومٍ

يخاطِبُ بالتحيَّةِ ساكنيكِ

ومن شعر صاحب العنوانرحمه‌الله :

لقد جاءَ في القرآنِ أيةُ حِكمَةً

تدمَّرُ آياتِ الضَّلالِ ومَنْ يجبرْ

وتخبُر أنَّ الاختيارَ بأيدينا

فمَنْ شاءَ فليُؤمِنْ ومَنْ شاءَ فَليَكْفُرْ(١)

وأمّا مصنفاتهرحمه‌الله ، وما أفاده من التحقيقات :

__________________

(١) الدر المنثور ٢ : ١٥٧ ـ ١٨٢.

٣٠٤

فشرحه على (الإرشاد)(١) الموسوم بـ(روض الجنان) خرج منه مجلَّد ضخم ، كتاب (الطهارة والصلاة) وهو أوّل ما برز منه ، و (المقاصد العليّة في شرح الألفيّة) ، و (حاشية) وسطی عليها ، واُخرى مختصرة ـ تكتب على الهامش لتقييد الفتوى ، وغالب العبارات ـ و (شرح النقليّة).

و (الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة) مجلَّدان ، قال الشيخ عليّ الحفيد في (الدرّ المنثور) : كتب في أوّل المجلد الأوّل ابتداء تصنيفه ، ومع تاريخه في آخره تكون مدّة ذلك ثلاثة أشهر وأيّاماً.

و (مسالك الإفهام في شرح شرائع الإسلام) قَدْ حوى دورة الفقه تماماً ، و (تمهيد القواعد الأُصوليّة والعربيّة لتفريع الأحكام الشرعية) سلك فيه مسلكاً بديعاً ، ومنهجاً غريباً ما سبق إليه أحد ، رتّبه على قسمين :

أحدهما : في تحقيق القواعد الأُصوليّة وتفريع ما يلزمها من الأحكام الفرعيّة.

والثاني : في تقرير المطالب العربيّة ، وترتيب ما يناسبها من الفروع الشرعيّة ، واختار من كلّ قسم منها مائة قاعدة متفرقة من أبواب مضافة إلى مقدِّمات وفوائد ومسائل لا نظير لها في ردَّ الفروع إلى الأُصول ، ووضَعَ له فهرساً مشتملاً على جدول لطيف تستخرج منه المطالب.

و (حاشية على قطعة من عقود الإرشاد) مشتملة على تحقيقات مهمّة.

__________________

(١) أي إرشاد الأذهان للعلامة الحليقدس‌سره .

٣٠٥

و (حاشية على قواعد العلَّامة إلى آخر کتاب التجارة) ، و (منية المريد آداب المفيد والمستفيد).

و (حاشية مختصرة على الشرائع) تشتمل على فتوى خلافيات الشرائع.

وحاشية على المختصر النافع.

ورسالة في أسرار الصلاة.

ورسالة في أحكام نجاسة البئر بالملاقاة وعدمها ، جمع فيها الأقوال ، وحرِّر فيها الحال.

ورسالة فيما إذا تيقن بالطهارة والحدث وشك في السابق منهما.

رسالة في حكم حدث المجنب في أثناء غسل الجنابة حدثاً أصغرَ.

ورسالة في تحريم الطلاق للحائض الحامل الحاضر زوجها عندها المدخول بها.

ورسالة صلاة الجمعة في زمان الغيبة.

ورسالة أخرى في الحث على صلاة الجمعة ، ورسالة نفيسة في حكم المسافر إذا نوى إقامة عشرة أيام ، وإذا خرج ناوي العشرة إلى ما دون المسافة ، سمّاها (نتائج الأفكار في حُكمِ المقيمين في الأسفار).

و (مناسك الحج والعمرة) ، ورسالة لطيفة في نيّتهما.

ورسالة في ميراث الزوجة غير ذات الولد.

ورسالة في أجوبة ثلاث مسائل لبعض الأفاضل : إحداها في شخص على بدنه مني واغتسل في ماء كثير ، والثانية في قطعة جلدة منفصلة عن بدن الإنسان ،

٣٠٦

والثالثة : في شخص مرض مرضاً بالغاً أراد الوصية فعرض عليه بعض أصحابه أن يجعل عشرين توماناً من ماله خمساً ، فقال : اجعلوا.

ورسالة في عشرة مباحث في عشرة علوم صنَّفها في اصطنبول ، وعقد في كل مبحث إشكالاً لا ينحل.

ورسالة مسكّن الفؤاد في فقد الأحبة والأولاد ، ورسالة في الغيبة.

ورسالة في عدم جواز تقليد الأموات ، صنّفها برسم الفاضل المرحوم السيِّد حسین بن أبي الحسن جدّ صاحب (المدارك)قدس‌سره م.

ورسالة البداية في علم الدراية وشرحها.

وکتاب غنية القاصدين في معرفة اصطلاح المحدِّثين.

وکتاب الرجال والنسب.

وکتاب منار القاصدين في أسرار معالم الدين.

ورسالة في الدنيا مزرعة الآخرة.

وكتاب في تحقيق الكفر والإيمان.

ورسالة في تحقيق النيِّة.

ورسالة في الولاية وأنَّ الصلاة لا تقبل إلّا بها ، وذكرها في شرح الإرشاد.

ورسالة في طلاق الغائب.

ورسالة في المختار من مواضع الخلاف من اللُّمعة.

ورسالة في تحقيق الإجماع.

وكتاب الإجازات حاشية على الإرشاد إلى آخره.

ومنظومة في النحو وشرحها ، ورسالة في شرح (بسم الله الرحمن الرحيم).

٣٠٧

وسؤالات الشيخ زين الدين وأجوبتها

وسؤالات الشيخ أحمد.

وفتاوى الإرشاد

وبغية المريد مختصر منية المريد.

ومبرّد الأكباد مختصر مسكّن الفؤاد.

ومختصر الخلاصة.

وفتاوى المختصر.

رسالة في تحقيق قوله تعالى : ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ(١) .

رسالة في تحقيق العدالة.

وجواب المباحث النَّجفية.

وجواب المسائل الهندية.

وجواب المسائل الشامية.

الرسالة الاصطنبولية في الواجبات العينية.

البداية في سبيل الهداية.

فوائد خلاصة الرجال.

رسالة في دعوى الإجماع في مسائل من الشيخ الطوسي ومخالفة نفسه.

قال الشيخ علي الحفيد : وسمعت من بعض مشايخنا أنَّ مصنفاته بلغت ستين مصنفاً.

__________________

(١) سورة التوبة : من آية ١۰۰.

٣٠٨

قال : ورأيت بخط جدّي المرور الشيخ حسنقدس‌سره ما صورته : تولّد الوالد (قدّس الله نفسه) في يوم الثلاثاء في الثالث عشر من شوال سنة ۹١١ ، واستشهد في سنة ۹٩٥ ، انتهی.

وللشيخ بهاء الدينقدس‌سره تاريخ لوفاته ، وهو قولهرحمه‌الله :

تاريخُ وفاةِ ذلكَ الأوّاهِ

الجئنَّةُ مستقرُّهُ واللهِ(١)

وقال في (لؤلؤة البحرين) : (وجدت في بعض الكتب المعتمدة في حكاية قتلهرحمه‌الله ما صورته : قبض شيخنا الشهيد الثانيرحمه‌الله بمكّة المشرِّفة بأمر السلطان سلیم ، ملك الروم ، في خامس شهر ربيع الأول سنة ٩٦٥ ، وكان القبض عليه بالمسجد الحرام بعد فراغه من صلاة العصر ، وأخرجوه إلى بعض دور مكّة ، وبقي محبوساً هناك شهراً وعشرة أيام ، ثُمَّ ساروا به على طريق البحر إلى قسطنطين ، وقتلوه بها في تلك السَّنة ،

وبقي مطروحاً ثلاثة أيام ثُمَّ ألقوا جسده الشريف في البحر) ، انتهي(٢) .

وفي أجوبة مسائل السيِّد حسين بن شدقم الحسيني المدني من الشيخ حسین والد الشيخ البهائي رحمهم الله : (ما يقول مولانا فيما يروى عن الشهيد الثاني أنه مرّ بموضع في اصطنبول ومولانا الشيخ معه ، فقال : يوشك أن يقتل في هذا الموضع رجل له شأن ، أو قال شيئاً قريباً من هذا المعنى ، ثُمَّ استشهدرحمه‌الله في ذلك الموضع ، ولا ريب أنَّ هذه من كراماتهرحمه‌الله .

__________________

(١) الدر المنثور ٢ : ١۸٣ ـ ١۸۸.

(٢) لؤلؤة البحرين : ٣٤.

٣٠٩

الجواب : نعم ، هكذا وقع له قدَّس الله روحه ، وكان الخطاب للفقير ، وبلغنا أنه استشهد في ذلك الموضع ، وذلك ما كشف لنفسه الزكية ، حشره الله مع الأئمة الطاهرینعليهم‌السلام )(١) .

وقال السيِّد الجزائريرحمه‌الله في (مقامات النجاة) : (إنه كان يقرأ في سطور دمه من يعرف حاله ورسمه : الله ، الله. فبنوا عليه بناء خارج اسطنبول يسمى (میرزا زین الدين))(٢) .

وفي (الأمل) : (وكان سبب قتله ـ على ما سمعته من بعض المشايخ ورأيته بخط بعضهم ـ أنه ترافع إليه رجلان فحكم لأحدهما على الآخر ، فغضب المحكوم عليه وذهب إلى قاضي صيدا واسمه معروف ، وكان الشيخ مشغولاً في تلك الأيام بتألیف شرح اللمعة ، فأرسل القاضي إلى (جبع) من يطلبه ، وكان مقيماً في کرم له مدة منفرداً عن الناس ، متفرّغاً للتأليف.

فقال له بعض أهل البلد : قَدْ سافر عنّا منذ مدة عديدة ـ وفي رواية كتب فيما أرسله إليه : أيُّها الكلب الرافضي. فكتب إليه الشيخ في جوابه : إنَّ الكلب معروف(٣) ـ فكتب القاضي إلى سلطان الروم : أنه وجد ببلاد الشام رجلاً مبدعاً خارجاً عن المذاهب الأربعة ، فأرسل السلطان رجلاً في طلب الشيخ ، وقال له : ايتني به حياً أجمع بينه وبين علماء بلادي فيطلعوا على مذهبه ، ويخبروني فأحكم عليه بما يقتضيه مذهبي.

__________________

(١) الدر المنثور ٢ : ١۹۰ بالهامش.

(٢) مقامات النجاة ، مخطوط.

(٣) ما بين الشارحتين ليس في الأمل المطبوع.

٣١٠

فجاء الرجل فاُخبر أنّ الشيخ توجَّه إلى مكة ، فذهب في طلبه فاجتمع به في طريق مكة ، فقال له : تكون معي حَتَّى نحجَّ بیت الله ثُمَّ افعل ما تريد ، فرضي بذلك.

فلمَّا فرغ من الحجّ سافر معه إلى بلاد الروم ، فوصل قسطنطين ، رآه رجل فسأله عن الشيخ ، فقال : هذا رجل من علماء الشيعة ، أريد أن اُوصله إلى السلطان. فقال : أو ما تخاف أن يخبر السلطان بأنّك قَدْ قصرت في خدمته وآذيته وله هناك أصحاب يساعدونه ، فيكون سببة لهلاكك؟ بل الرأي أن تقتله وتأخذ برأسه إلى السلطان ، فقتله في مكانه من ساحل البحر.

وكان هناك جماعة من التركمان فرأوا في تلك الليلة أنواراً تنزل من السَّماء وتصعد ، فدفنوه هناك وبنوا عليه قُبَّة.

وأخذ الرجل رأسه إلى السلطان فأنكر عليه ، وقال : إني أمرتك أن تأتيني به حيّاً فقتلته؟

وسعى عبد الرحيم العبَّاسي في قتل ذلك الرجل ، فقتله السلطان) ، انتهى(١) .

وعبد الرحيم هو ابن السيِّد عبد الرحمن ابن السيِّد أحمد العبَّاسي ، العبادي ، الشافعي ، المتوفّى سنة ٩٦٣ ، صاحب كتاب (معاهد التنصيص في شواهد التلخیص).

المحقِّق الكركي

وأمّا الشيخ علي بن عبد العال ، فهو نور الدين علي بن عبد العالي الميسي العاملي ، زوج خالة الشهيد الثاني ، ووالد زوجته الكبرى.

__________________

(١) أمل الآمل ١ : ۹۰.

٣١١

قال الشهيد في إجازته الكبيرة بعد عدّ مؤلّفات الشهيد الأول : (فإنّي أرويها عن عدّة مشايخ بطرق عديدة أعلاها سنداً عن شيخنا الإمام الأعظم ، بل الوالد المعظَّم ، شیخ فضلاء الزَّمان ومربّي العلماء الأعيان ، الشيخ الجليل الواعظ المحقِّق ، العابد الزاهد الورع التقي ، نور الدين علي بن عبد العالي الميسي العاملي )(١) .

وفي (الأمل) : (له (شرح صيغ العقود والإيقاعات) ، و (شرح الجعفرية) ورسائل متعددة )(٢) .

وعن (ریاض العلماء) : (رأيت بِهَراة بخط الشيخ حسين بن عبد الصمد ، والد الشيخ البهائي في مجموعة هكذا : توفّي شيخنا الإمام العلَّامة التقي الورع : الشيخ علي بن عبد العالي الميسي أعلى الله نفسه الزكية ، ليلة الأربعاء عند انتصاف الليل ، ودخل قبره الشريف بجبل صديق النبي ، ليلة الخميس ، الخامس ـ أو السادس ـ والعشرين من شهر جمادى الأولى سنة ۹٣۸.

وظهرت له کرامات كثيرة قبل موته وبعده ، وهو ممَّن عاصرته وشاهدته ، ولم أقرأ عليه شيئاً ؛ لانقطاعه وكبره.

وهو يروي عن جماعة من المشايخ العظام :

الأول : محمّد بن محمّد بن داود المؤذّن العاملي الجزّيني.

الثاني : الشيخ محمّد بن أحمد الصهيوني العاملي ، الفاضل ، العالم ، الورع ، المحقِّق الثالث. ـ والمحقِّق الثاني : علي بن عبد العالي الكركيّ ـ وله إجازة منه ، وفيها عند ذكره : سیّدنا الشيخ الأجل ، العالم ، الفاضل الكامل ، علّامة العلماء ، ومرجع الفضلاء ، جامع الكمالات النفسانية ، حاوي محاسن الصفات الكاملة العليَّة ، متنسم

__________________

(١) بحار الأنوار ١٠٥ : ١٤٩

(٢) أمل الآمل ١ : ١٢٣ رقم ١٣١.

٣١٢

ذری المعالي بفضائله الباهرة ، ممتطي صهوات المجد بمناقبه السنيّة الزاهرة ، زین الملة والحقّ والدين ، أبي القاسم علي ابن المبرور المرحوم المقدّس المتوّج المحبور ، الشيخ الأجل ، العالم الكامل ، تاج الحق والدين : عبد العالي الميسي ، أدام الله تعالی میامن أنفاسه الزكية بين الأنام ، وأعاد على المسلمين من بركات علومه الشافية) ، انتهى(١) .

والميسي : نسبة إلى ميس بكسر الميم ، ثُمَّ الياء المثناة من تحت ، إحدى قرى جبل عامل.

ويجدر أن نذكر ترجمة المجيزرحمه‌الله فهو : نور الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن عبد العالي ، العاملي الكركي ، الملقّب تارة بالشيخ العلائي ، واُخرى بالمحقِّق الثاني ، أجلّ من أن يوصف ويمدح.

وكان صاحب الجواهررحمه‌الله يقول : (من كان عنده (جامع المقاصد) ، و (الوسائل) ، و (الجواهر) ـ يعني مؤلّفه ـ لا يحتاج بعده إلى كتاب آخر للخروج عن عهدة الفحص الواجب على الفقيه في آحاد المسائل الفرعية )(٢) .

سافر أوائل أمره إلى بلاد مصر ، وأخذ من علمائها بعد الأخذ من علماء الشام ، وسافر إلى العراق وأقام بها زماناً طويلاً ، ثُمَّ سافر إلى بلاد العجم ، في زمن سلطنة الشاه إسماعيل سنة غلبة السلطان علی شاه بيك خان ، ملك الأزبك ، وذلك بعد ظهور دولته بعشر سنين.

__________________

(١) بحار الأنوار ١٠٥ : ٤١ ضمن إجازته.

(٢) جواهر الكلام ١ : ١٤.

٣١٣

وبعد دخوله هراة دخل عليه الشيخ بها واتّصل بصحبته ، وكان المولى سيف الدين أحمد بن یحیی این محمّد بن المولى سعد الدين التفتازاني المعروف ـ يومئذ ـ شيخ الإسلام بها ، وكان في جملة من علماء السنة الَّذين جمعوا في دار الامارة بهراة لتعيين المنزل لحضرة الشاه إسماعيل الماضي الصفوي يوم وصل خبر فتحة إلى هراة ، وغلبته على شاه بيك خان ملك الأزبك وقهره وقتله.

ثم إن الشاه إسماعيل أمر بقتل المولى سيف الدين المذكور لأجل تعصُّبه في مذهب التسنُّن فقُتل سنة ٩١٦.

وقد دخل هراة خاتم المجتهدين ، الشيخ علي بن عبد العالي الكركي ، واعترض عليهم في قتلهم إيّاه ، وخطَّأهم في ذلك ، وقال : لو لم يقتل لأمكن أن يتم عليه الحجج العقلية والنقلية ، بحقِّية مذهب الإمامية ، وبطلان مذهب التسنُّن ، ويذعن الإلزامه جميع أهل ما وراء النهر ، وخراسان بحقّية مذهب الشيعة الإثني عشرية ؛ ولذلك كان الشيخ المذكور متأسِّفاً دائماً(١) .

وبالجملة ، وكانت له عند السلطان المذكور ، وعند السلطان الشاه طهماسب منزلة عظيمة ، وعين له وظائف وإدارات كثيرة ببلاد العراق العربية ، وجعله حاكماً في الأُمور الشرعية لجميع بلاد إيران ، وأعطاء بذلك حكماً وكتاباً يقضي منه العجب(٢) .

__________________

(١) خاتمة المستدرك ٢ : ٢٧٨.

(٢) رياض العلماء ٣ : ٤٥٥.

٣١٤

وفي الرياض العلماء : (أنَّ بعدد الخواجة نصير الدين في الحقيقة لم يسع أحد أزيد ممَّا سعى الشيخ علي الكركي هذا في إعلاء أعلام المذهب الحقّ الجعفري ، ودين الأئمّة الإثني عشرية.

وكانت النه في منح الفَجَرة والفَسَقة وزجرهم ، وقلع قوانين المبتدعة ومنعها ، وفي إزالة الفجور والمنكرات ، وإراقة الخمور والمسكرات ، وإجراء الحدود والتعزیرات ، وإقامة الفرائض والواجبات ، والمحافظة على الجمعة والجماعات ، وبيان أحكام الصيام والصلوات ، والفحص عن أحوال الأئمة والمؤذّنين ، ودفع شرور المفسدين والمؤذين ، وزجر مرتكبي الفسوق والفجور ـ حسب المقدور ـ مساعٍ جميلة ، ورغّب عامَّة العوام في تعلّم الشرائح وأحكام الإسلام ، وكلّفهم بها ) ، انتهى(١) .

وفي التاريخ الفارسي المرسوم بـ(جهان آرا في أحوال الصفوية) : (أنهرحمه‌الله مات في مشهد عليعليه‌السلام ، في الثامن عشر من شهر ذي الحجّة ، وهو يوم الغدیر سنة ٩٤٠ هـ في زمن السلطان شاه طهماسب)(٢) .

وقال الشيخ محمّد العودي : (وهذا الشيخ ـ يعني المحقِّق المذكور ـ یروي عنه شيخنا بواسطة ، توفّي مسموماً في الثاني عشر من ذي الحجة الحرام سنة ۹٤۰ ، وهو في الغرب على مشرَّفهِ السلام )(٣) .

وعن (رياض العلماء) بعد نقل جملة من الألقاب : (الشهداء الثلاثة هم علی المشهور : الشيخ محمّد بن مكي الشهيد الأول ، والشيخ زين الدين الشهيد الثاني ، والمولى عبد الله الخراساني الشهيد ببخارى.

__________________

(١) لم أعثر عليها في الرياض ، عنه خاتمة المستدرك ٢ : ٢٧٩.

(٢) تاريخ جهان آرا ، عنه رياض العلماء ٣ : ٤٤٨.

(٣) الدر المنثور ٢ : ١٦٠.

٣١٥

وباصطلاح والد الشيخ البهائي : هما الأولان مع الشيخ علي بن عبد العالي الكركي) ، انتهى(١) .

وقال الشيخ يحيى البحراني في (رسالة مشايخ الشيعة) بعد الثناء عليه وعدّ مصنفاته : (وقد لازمته مدة من الزَّمان ، وبرهة من الأحيان ، فاستفدت من لطائف أنفاسه ، وأخذت من غرائب أغراسه ، أسكنه الله تعالى بحبوحات الجنان ، بمحمّد سيِّد بني عدنان ، وآله المعصومين اُولي العرفان. وشيخه علي بن هلال الجزائري المذكور ، مات بالغري من نجف الكوفة سنة ۹٣٧ ، وله من العمر ما ينيف على السبعين)(٢) .

والغرض من هذه الإطالة الردّ على صاحب الروضات ، حيث أنكر شهادة المحقِّق المزبور مستدلاً بعدم نقل ذلك من أحد(٣) .

ومصنفاته مشهورة منها : (جامع المقاصد) شرح قواعد العلامة إلى بحث التفويض من النكاح.

ومنها : (الرسالة الجعفرية).

ومنها : (رسالة الرضاع).

ومنها : (رسالة الخراجية).

ورسالة الأراضي المندرسة).

و (رسالة صيغ العقود).

والرسالة المسمّاة بـ(نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت).

__________________

(١) عنه خاتمة المستدرك ٢ : ٢٦۹.

(٢) عنه ریاض العلماء ٣ : ٤٤٤.

(٣) روضات الجنات ٤ : ٣٥٨.

٣١٦

و (شرح الشرائع).

و (رسالة الجمعة).

و (شرح الألفية).

و (حاشية الإرشاد).

و (حاشية المختلف).

و (رسالة السجود على التربة الحسينية بعد افخارها بالنار) ، وقَدْ رد فيها على الشيخ إبراهيم القطيفي المعاصر له ، المانع عن السجود عليها ، وفرغ من تأليفها في النَّجف الأشرف في الحادي من شهر ربيع الأول سنة ۹٣٣.

و (رسالة السبحة).

ورسالة الجنائز).

و (رسالة أحكام السلام).

و (المنصورية).

و (رسالة في تعريف الطهارة)(١) .

ابن المؤذّن الجزّيني

وأمّا الشيخ شمس الدين فهو : محمّد بن محمّد بن محمّد بن داود ، المشتهر بابن المؤذّن الجِزّيني ـ بكسر الجيم ، وبعدها زاي مشددة مكسورة ، ثُمَّ ياء مثناة من تحت نون نسبة إلى (جزّين) قرية من ولاية الشام ـ وهو ابن عمّ الشهيد الثاني ، وابن بنت الشيخ أبي القاسم علي بن علي بن جمال الدين محمّد بن طيّ

__________________

(١) ينظر : ریاض العلماء ٣ : ٤٤٦ ، أمل الآمل ١ : ١٢١ رقم ١٢۹.

٣١٧

العاملي الفقعانی ، العالم ، الفاضل ، الأديب ، المعروف ، صاحب الكتاب المعروف بـ(مسائل ابن طيّ) وتنقل عنه الطائفة كثيراً ، المتوفّى سنة ٨٥٥.

كان نبيلاً شاعراً ، يروي عن الشيخ ضياء الدين علي بن [محمّد بن مکي العاملي عن أبيه ، وكان ابن عمّ الشهيد كما ذكره] الشهيد [الثاني] في بعض إجازاته(١) .

ويروي أيضاً عن السيِّد الأجلّ علي بن دقماق مؤلّف كتاب (نزهة العشَّاق) في الأدب ، ودقماق معرب طخماق(٢) .

ابن العشرة

وعن : عز الدين أبي المكارم الحسن بن أحمد بن يوسف بن علي الكركي ، المعروف بابن العشرة ، أعني : الفقيه العالم الفاضل الكامل الزاهد ، الَّذي يعبر عنه تارة بـ(عزّ الدين) ، وأخرى بـ(ابن العشرة).

وفي مجموعة الشهيد : (وكان من العلماء الفضلاء ، وأولاد المشايخ الأجلّاء ، وحجّ بيت الله كثيراً نحو أربعين حجّة ، وكان له على الناس مبار ومنافع ، وقرأ علی السيِّد حسن بن نجم الدين الأعرج ـ من تلامذة الشهيد ـ وغيره في حدود سنة ۸ ٦ ٢ ومات بكرك نوحعليه‌السلام بعد أن حفر لنفسه قبراً ، وكان كثير الورع والدعاء)(٣) .

أُمُّه ولدت في بطن واحد عشرة أولاد في غشاء من جلد رقيق ، فعاش منهم واحد ومات الباقي ؛ فلذلك سمي بابن العشرة(٤) .

__________________

(١) أمل الآمل ١ : ١٧۹ ومابين المعقوفين منه.

(٢) خاتمة المستدرك ٢ : ٢٧٤.

(٣) خاتمة المستدرك ٢ : ٢٧٥.

(٤) روضات الجنات ١ : ٧٣ والحادثة أقرب للخرافة.

٣١٨

[أولاد الشهيد الأولرحمه‌الله ]

وأمّا الشيخ ضياء الدين أبو القاسم ـ وقيل : أو الحسن ـ علي ، ثقة ، يروي عن أبیه وعن بعض مشايخه ، ولم أعثر على من ذكر له شيئاً من المصنّفات ، ولا من ذكر تاريخ وفاته.

واُخت على هذا أيضاً كانت فاضلة فقيهة ، وكان الشهیدرحمه‌الله يثني عليها ويأمر النساء بالرجوع إليها في أحكام الحيض والصلاة ، وكنيتها أُمُّ الحسن ، سمعت من المشايخ ، أخذت عن أبيها ، وعن السيِّد ابن معيّة إجازة.

قال الشهيد الثاني في إجازته الكبيرة : (ورأيت خط هذا السيِّد المعظم ـ يعني : تاج الدين ابن معيّة ـ بالإجازة لشيخنا الشهيد شمس الدين محمّد بن مكي ولولديه محمّد وعلي ، ولأُختهما اُمّ الحسن فاطمة المدعوّة بستّ المشايخ ) ، انتهى(١) .

اقول : محمّد هذا المذكور مع أخيه صاحب العنوان ، هو الشيخ رضي الدين أبو طالب محمّد بن محمّد بن مكي الشهيد ، يروي عن أبيه الشهيد(٢) .

والظاهر أنّ صاحب العنوان أفضل من أخيه المزبور ، من حيث رواية مثل ابن المؤذّن ـ المعتمد عليه عند الكل ـ عنه ، كما هو الواقع في المتن.

ولهم أخ ثالث ، هو الشيخ جمال الدين أبو منصور الحسن بن محمّد بن مكي ، فاضل ، محقّق ، فقیه ، يروي عن أبیه وقد أجاز له ولأخويه المذكورين ، كما صرَّح بذلك صاحب أمل الآمل(٣) .

__________________

(١) بحار الأنوار ١٠٥ : ١٥٢ ضمن إجازته لوالد الشيخ البهائي.

(٢) ينظر : أمل الآمل ١ : ١٧٩ رقم ١٨٤.

(٣) ينظر : أمل الآمل ١ : ٦٧ رقم ٥٨.

٣١٩

هذا ومن أحفاد الشيخ ضیا ء الدين علي المزبور الشيخ خير الدين بن عبد الرزاق بن مكي بن عبد الرزاق بن ضياء الدين علي.

فمن (الرياض) : (هو من أجلَّة أحفاد شيخنا الشهيد ، فاضل ، عالم ، فقیه ، متكلَّم محقّق ، مدقّق ، جامع للعلوم العقلية والنقلية ، والأدبية والرياضية ، وكان معاصراً للشيخ البهائيرحمه‌الله وهو قَدْ سكنبشيراز مدّة طويلة ،وقد نقل : أنه لما ألَّف البهائي كتاب (الحبل المتين) ، أرسله إليه بشيراز ليطالع فيه ، ويستحسنه ، وكان البهائي يعتقد فضله ويمدحه ، وبعد ما طالعه ، كتب عليه تعليقات ، وحواشي ، وتحقيقات ، بل مؤاخذات أيضا.

ولهذا الشيخ أولاد وأحفاد ، وهم إلى الآن موجودون يسكنون في بلدة طهران ، ومنهم الشيخ خير الدين المعاصر لنا ، وهو أيضاً رجل مؤمن فاضل ، صالح ، لا بأس به.

وبالجملة : سلسلته خلف عن سلف ، كانوا أهل الخير والبركة ، اسماً ورسماً) ، انتهى(١) .

الشهيد الأول

وأمّا والدهقدس‌سره فهو : شمس الملَّة والدين ، أبو عبد الله محمّد ابن الشيخ جمال الدين مكي ابن الشيخ شمس الدين محمّد بن حامد بن أحمد النباطي العاملي الجزّيني المطَّلبي ، أفقه الفقهاء عند جماعة من الأساتیذ ، جامع فنون الفضائل ، وحاوي صنوف المعالي ، وصاحب النفس الزكية القدسية القوية ، التي ينبئ عنها ما ذكره السيِّد الجليل السيِّد حسين القزويني ـ من مشايخ جدّي بحر

__________________

(١) رياض العلماء ٢ : ٢٦٠.

٣٢٠