تحفة العالم في شرح خطبة المعالم الجزء ٢

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم0%

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم مؤلف:
المحقق: أحمد علي مجيد الحلّي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 513

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم

مؤلف: آية الله السيّد جعفر بحر العلوم
المحقق: أحمد علي مجيد الحلّي
تصنيف:

الصفحات: 513
المشاهدات: 544
تحميل: 12


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 513 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 544 / تحميل: 12
الحجم الحجم الحجم
تحفة العالم في شرح خطبة المعالم

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم الجزء 2

مؤلف:
العربية

وعلي : وقبره في حوالي بلدة كاشان ، يُعرف بإمام زاده مشهد (بار کرس)(١) .

وزينب : لاُمِّ ولد ، واُم سلمة : لاُمِّ ولد.

وفي معجم البلدان : (أن في مصر قبر آمنة بنت محمّد الباقر عليه‌السلام )(٢) .(٣)

__________________

(١) ينظر : الكنى والألقاب ٢ : ٧.

(٢) معجم البلدان ٥ : ١٤٢.

(٣) ينظر في أولادهعليه‌السلام : المجدي : ٩٤ ، عمدة الطالب : ١٩٤ ، بحار الأنوار ٤٦ : ٣٦٥ ـ ٣٦٨ وفيه جمع من الأقوال.

٢١

المقام السادس

الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام

مولدهعليه‌السلام

وكنيته : أبو عبد الله ، وُلدعليه‌السلام بالمدينة ، في السابع عشر من شهر ربيع الأول ، سنة ٨٣ من الهجرة. وعلى الأصح سنة ٨٠ ، وهو يوم شریف ، عظيم البركة ، من جملة الأعياد الأربعة الإسلامية(١) ، واُمّه اُم فروة ، واسمها قريبة(٢) ـ وعن الجعفي : أنَّ اسمها فاطمة ـ بنت الفقيه القاسم ابن النجيب محمّد بن أبي بكر(٣) ، واُمّها بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ؛ فالقاسم : هو جدّ مولانا الصادقعليه‌السلام لأُمِّه ، وابن خالة سيد الساجدینعليه‌السلام ؛ لأنّ اُمَّه واُمَّ القاسم بنتا یزدجرد.

قال الدميري في (حياة الحيوان) نقلاً عن كتاب (أدب الكاتب) لابن قتيبة : إن الجفر جلد كتب فيه الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام لآل البيت كل ما يحتاجون إلى علمه ، وكل ما يكون إلى يوم القيامة ، قال : وإلى هذا الجفر أشار أبو العلاء المعري بقوله :

لقد عجبوا لأهل البيت لمّا

أتاهم عِلمُهُم في مِسْكِ جَفْرِ

ومرآةُ المنجِّمِ وهي صغرى

أرته كلّ عامِرَةٍ وقفرِ(٤)

وقال صاحب (الملل والنحل) في مدح الإمام الصادقعليه‌السلام : (وهو ذو علم

__________________

(١) الأعياد الأربعة : عيد الفطر ، عيد الأضحى ، عيد الغدير ، يوم الجمعة [معجم ألفاظ الفقه الجعفري : ٦٢] ، فيوم مولدهعليه‌السلام ليس منها ، بل هو من الأيام الأربعة التي ورد فضل صيامها في السنة ، كما رُوي في وسائل الشيعة ١٠ : ٤٥٤ باب ١٩ وفيه ٧ أحاديث.

(٢) کشف الغُمَّة ٢ : ٣٧٤.

(٣) الدروس ٢ : ١٢.

(٤) حياة الحيوان ١ : ٢٤٦ (مادة : الجفرة) ، اللزوميات ١ : ٤٢٣.

٢٢

غزير في الدين ، وأدب كامل في الحكمة ، وزهد بالغ في الدنيا(١) ، وورع تام عن الشهوات ، وقد أقام بالمدينة مدّة يفيد الشيعة المنتمين إليه ، ويفيض على الموالين له أسرار العلوم ، ثُمَّ دخل العراق وأقام بها مدّة ، ما تعرض للإمامة قطُّ ، ولا نازع أحداً في الخلافة قطُّ.

ومَن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شطّ ، ومَن تعلّى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حطّ. وقيل : مَن أنس بالله توحّش عن الناس ، ومَن استأنس بغير الله نهبه الوسواس ، وهو من جهة الأب ينتسب إلى شجرة النبوة ، ومن جانب الأُم إلى أبي بكر) ، انتهى(٢) .

القاسم بن محمّد بن أبي بكر

وبالحري أن نذكر شيئاً من فضل القاسم وأبيه ، فإنَّ ذلك مقصد نبيه :

قال ابن خَلّکان : (أبو محمّد القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصديقرضي‌الله‌عنه ، ونسبه معروف ؛ فلا حاجة إلى رفعه ، كان من سادات التابعين وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة ، وكان من أفضل أهل زمانه ، روی عن جماعة من الصحابةرضي‌الله‌عنه ، ورَوي عنه جماعة من كبار التابعين.

قال يحيى بن سعيد : ما أدركنا أحداً نفضّله على القاسم بن محمّد.

وقال مالك : كان القاسم من فقهاء هذه الأُمَّة.

وقال محمّد بن إسحاق : جاء رجل إلى القاسم بن محمّد ، فقال : أنت أعلمُ أم سالم؟ فقال : ذاك مبارك سالم. قال ابن إسحاق : کره أن يقول : هو أعلم منّي فيكذب ، أو يقول : أنا أعلم منه ، فيزكّي نفسه.

__________________

(١) في الأصل : (الدين) وما أثبتناه من المصدر.

(٢) الملل والنحل ١ : ١٦٥.

٢٣

وكان القاسم أعلمهما. وتوفي سنة ١٠١ هـ ، وقيل : سنة ١٠٢ هـ ، وقيل : سنة ١٠٨ ه ، وقيل : سنة ١١٢ هـ بقدید. فقال : كفّنوني في ثيابي التي كنت أُصلّي فيها وقميصي وإزاري وردائي.

فقال ابنه : يا أبتِ ، ألا نزيد ثوبين؟ فقال : هكذا كُفّن أبو بكر : في ثلاثة أثواب ، والحي أحوج إلى الجديد من الميِّت.

وكان عمره سبعين سنة ، أو اثنتين وسبعين سنة). انتهى(١) .

ورُوي في الكافي في باب مولد الصادقعليه‌السلام ، عن إسحاق بن حريز ، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «كان سعيد بن المسيّب ، والقاسم بن محمّد بن أبي بكر ، وأبو خالد الكابلي من ثقات علي بن الحسين عليه‌السلام »(٢) .

وفي (قرب الإسناد) : (أنه ذُكر عند الرضا عليه‌السلام ،القاسم بن محمّد خال أبيه ، وسعيد بن المسيّب ؛ فقال عليه‌السلام : «كانا على هذا الأمر» ) ، انتهى(٣) .

وذكر الشهيد الثانيرحمه‌الله في (منية المريد) : (أنَّ القاسم بن محمّد بن أبي بكر أحد فقهاء المدينة المتفق على علمه وفقهه بين المسلمين ، قيل : إنه سُئل عن شيء؟ فقال : لا أحسِنُهُ. فقال السائل : إنّي جئت إليك لا أعرف غيرك.

فقال القاسم : لا تنظر إلى طول لحيتي ، وكثرة الناس حولي. والله لا اُحسِنُهُ. فقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه : يا بن أخي ألزمها ، فوالله ما رأيتك في مجلس أنبل منك مثل اليوم. فقال القاسم : والله لئن يُقطع لساني أحبّ إليّ من أن أتكلَّم بما لا علم لي به)(٤) .

__________________

(١) وفيات الأعيان ٤ : ٥٩.

(٢) الكافي ١ : ٤٧٢ ح ١.

(٣) قرب الإسناد : ٣٥٨ ح ١٢٧٨.

(٤) منية المريد : ٢٨٦.

٢٤

أبوه محمّد بن أبي بكر

وأمّا محمّد بن أبي بكر أبوه ، فهو جليل القدر ، عظيم المنزلة من خواص عليعليه‌السلام ، وُلد في حجّة الوداع ، وقُتل بمصر سنة ٣٨ من الهجرة في خلافة عليعليه‌السلام ، واُحرق في جيفة حمار بمصر القديمة ، ولم يبق إلا رأسه الشريف ، فدفنه مولاه بمحراب المسجد ، وقيل تحت المئذنة ، وكان عاملاً على مصر من قبل عليعليه‌السلام ، فمکث دون السنة ، ثُمَّ قتل(١) .

قال في (معجم البلدان) عند ذكر من دُفن بالقرافة : (وقبر خال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وهو أخو حليمة السعدية ـ ، وقبر رجل من أولاد أبي بكر الصديق )(٢) .

وقد ذكرنا سابقاً حديث أبي الحسن الرضاعليه‌السلام في شأن المحمّدين الأربعة(٣) .

وفي المروي عن موسی بن جعفرعليه‌السلام ، المتضمن الذكر حوارييّ كل إمام ، قالعليه‌السلام : «ثُمَّ ينادي منادٍ : أين حوارييّ علي بن أبي طالب وصي محمّد بن عبد الله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟فيقوم عمرو بن الحمق ، ومحمّد بن أبي بكر ، وميثُمَّ التمار : مولى بني أسد ، واُويس القرني »(٤) .

وعن الرضاعليه‌السلام : «أنه دخل عليه جماعة من الشيعة ، فلم يأذن لهم بالجلوس : فقالوا : يابن رسول الله ، ما هذا الجفاء العظيم؟! قال : لدعواكم أنكم شيعة أمير

__________________

(١) ينظر مقتله وأحوالهرضي‌الله‌عنه في : الغدير ١١ : ٦٦ ـ ٧١ ، والكتب الرجالية لهجت بأريج ذكره.

(٢) معجم البلدان ٥ : ١٤٣ ، وينظر عن مرقده : مراقد المعارف ٢ : ٢٤٤ رقم ٢١٦.

(٣) حديث المحامدة ورد في اختيار معرفة الرجال ١ : ٢٨٦ ح ١٢٥ ونصّه : عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال : «كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : إن المحامدة تأبى أن يُعصى الله عز وجل ، قلت : ومن المحامدة؟ قال : محمّد بن جعفر ، ومحمّد بن أبي بكر ، ومحمّد ابن أبي حذيفة ، ومحمّد ابن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، أما محمّد بن أبي حذيفة ، فهو ابن عتبة بن ربيعة ، وهو ابن خال معاوية ».

(٤) اختيار معرفة الرجال ١ : ٣٩ ح ٢٠.

٢٥

المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام .ويحكم! إنما شیعته : الحسن والحسين عليهما‌السلام وسلمان ، وأبو ذر ، والمقداد ، ومحمّد بن أبي بكر ، الَّذين لم يخالفوا شيئاً من أوامره ، ولم يرتكبوا شيئاً من زواجره الحديث »(١) .

واُمُّه أسماء بنت عميس الخثعمية ، كانت تحت جعفر الطيار ، اُمُّ ولديه : عبد الله ، ومحمّد ، وفي السنة العاشرة لمّا توفّي جعفر بمؤتة ، تزوجها أبو بكر ، فولدت منه محمّداً في طريق حجّة الوداع ، ثُمَّ تزوَّجها أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد وفاة أبي بكر ، فكان محمّد في تربيتهعليه‌السلام ، وكان عمره حينئذ سنتين(٢) .

مدفنهعليه‌السلام

وقُبض الصادقعليه‌السلام مسموماً ، سمّه أبو جعفر المنصور الدوانيقي ، في يوم النصف من شهر شوال ، وقيل : (في النصف من رجب سنة ١٤٨ هـ ، وله خمس وستون سنة. عاش بعد أبيه أربعاً وثلاثين سنة ، ودُفن بالبقيع في القبر الَّذي دُفن فيه أبوه صلوات الله عليهما )(٣) .

__________________

(١) تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام : ٣١٣.

(٢) ينظر عن أحوالهارضي‌الله‌عنه ا : الطبقات الكبرى ٨ : ٢٨٠.

(٣) الكافي ١ : ٤٧٢ ، الارشاد ٢ : ١٨٠ ، بحار الأنوار ٤٧ : ١.

٢٦

فصل

في أولادهعليه‌السلام

وُلد له عشرة أولاد : موسىعليه‌السلام ، وهو الإمام بعده ، وإسماعيل ، وعبد الله الأفطح ، وأم فروة ـ اسمها عالية ـ ، أمهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسينعليه‌السلام .

ونُقل عن ابن إدريسرحمه‌الله أنه قال : (أم إسماعيل ، فاطمة بنت الحسين الأثرم ابن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام )(١) .

وإسحاق لأم ولد ، والعبَّاس ، وعلي ، ومحمّد ، وأسماء ، وفاطمة لأمهات أولاد شتَّى.

وكان إسماعيل أكبر أولاد الصادقعليه‌السلام ، وهو جدّ الخلفاء الفاطميين في المغرب ومصر ، ومصر الجديد (الجديدة ـ ظ) من بنائهم(٢) .

قبران مذمومان في بغداد

وفي بغداد قبران مذمومان : أحدهما علي بن إسماعيل ابن الصادقعليه‌السلام ، ويعرف عند البغداديين بالسيد سلطان علي ، والآخر : أخوه محمّد بن إسماعيل جدّ الفاطميين ، ويعرف عندهم : بالفضل. والمحلة التي فيها محلة الفضل(٣) .

__________________

(١) نصّ عليه التستري في قاموس الرجال ١٢ : ١٩١ رقم ١٤ ، والنمازي في مستدركاته ٨ : ٥٥٠ رقم ١٧٩٥١ دون الإشارة إلى ذكر العلّامة ابن أدريسرحمه‌الله .

(٢) ينابيع المودة ٣ : ١٥٣.

(٣) ينظر : مراقد المعارف ١ : ٣٦١ رقم ١٢١ (قبر سلطان علي) ، ٢ : ١٦٩ رقم ١٩٤ (قبر الفضل).

٢٧

إسماعيل ابن الإمام الصادقعليه‌السلام

وكانعليه‌السلام شديد المحبة لإسماعيل ، والبرِّ به ، والإشفاق عليه ، وكان قوم من الشيعة يظنون أنه القائم بعد أبيه والخليفة له ؛ لما ذكرنا من كبر سنه ، وميل أبيه إليه ، وإكرامه له ؛ ولما كان عليه من الجمال ، والكمال الصوري والمعنوي ، توفّي في حياة أبيه ، وحينما حُمل إلى البقيع للدفن كان الصادقعليه‌السلام يضع جنازته على الأرض ويرفع عن وجهه الكفن ، بحيث يراه الناس ، فعل ذلك في أثناء الطريق ثلاث مرّات ليرى الناس موته ، وأنه لم يغب ، كما كان يظن به ذلك. ولمّا تحقّق موته رجع الأكثرون عن القول بإمامته ، وفرض طاعته ، وقال قوم : إنه لم يمت ، وإنَّما لُبس على الناس في أمره.

وقالت فرقة : إنَّه مات ، ولكن نصّ على ابنه محمّد : وهو الإمام بعد جعفر ، وهم المسمّون : بالقرامطة ، والمباركة ، وذهب جماعة : إلى أنه نصّ على محمّد جدّه الصادق دون إسماعيل ، ثُمَّ يسحبون الإمامة في ولده إلى آخر الزَّمان(١) .

قال جدّي الأمجد السيِّد محمّد جدّ جدِّنا بحر العلوم : (وسخافة مذهبهم وبطلانه أظهر من أن يُبيّن ، مع أنه مبيّن بما لا مزيد عليه في محلّه)(٢) .

__________________

(١) ينظر عن أحوالهرضي‌الله‌عنه : معجم رجال الحديث ٤ : ٤٠ رقم ١٣١٦.

(٢) رسالة في تاريخ المعصومين : ١٥٣ ، وقال السيد بحر العلومرحمه‌الله في (الفوائد الرجالية) ٣ : ٣٤٢ عند ترجمته ما نصّه : (المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن سعد. تبناه الأسود بن يغوث فأضيف إليه ، أحد الحواريين وثاني الأركان من السابقين الأولين ، عظيم القدر ، شريف المنزلة ، هاجر الهجرتين ، وشهد بدراً وما بعدها من المشاهد ، وهو القائل ـ ببدر ـ : والله يا رسول الله : ما نقول كما قالت بنو إسرائيل : ﴿اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾ ولكن نقاتل عن يمينك وعن شمالك ومن أمامك ومن خلفك. فسر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حَتَّى رثي البشري في وجهه ، تجمعت فيهرضي‌الله‌عنه أنواع الفضائل ، وأخذ بمجامع المناقب من السبق ، والهجرة ، والعلم ، والنجدة ، والثبات ، والاستقامة ، والشرف ، والنجابة. زوّجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (ضباعة) بنت الزبير بن عبد المطلب أخي عبد الله وأبي طالب لأبيهما وأمهما. وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لو عُرض علم مقداد على سلمان الكفر ، ولو عرض علم سلمان على أبي ذر لكفر » وحديث الحضرمي عن ابي

٢٨

وقبر إسماعيل ليس في البقيع نفسه ، بل هو في الطرف الغربي من قُبَّة العبَّاس في خارج البقيع ، وتلك البقعة [هي](١) ركن سور المدينة من جهة القبلة والمشرق ، وبابه من داخل المدينة ، وبناء تلك البقعة قبل بناء السور ، فاتَّصل السور به ، وهو من بناء بعض الفاطميين من ملوك مصر(٢) .

قبر المقداد بن الأسود الكندي

وقبر المقداد بن الأسود الكندي في البقيع أيضاً ، فإنه مات بالجرف ، يبعد عن المدينة بفرسخ ، وحُمل إلى المدينة. فما عليه سواد أهل شهروان(٣) من أن فيه قبر مقداد بن الأسود ؛ هذا اشتباه.

ومن المحتمل قوياً كما في (الروضات) : (أن القبر المشهور الَّذي في شهروان هو للشيخ الجليل الفاضل المقداد صاحب المصنَّفات ، من أجلّ علماء الشيعة )(٤) .(٥)

__________________

جعفرعليه‌السلام : «إن أردت الَّذي لم يشك ولم يدخله شيء ، فالمقداد ». وروي : «أنه لم يبقَ أحد إلا وجال جولة إلا المقداد بن الأسود فإن قلبه كان مثل زبر الحديد» ، وروى الترمذي في جامعه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : «إنّ الله تعالى أمرني بحبّ أربعة ، وأخبرني أنه يحبّهم ، وهم : علي ، ومقداد ، وسلمان ، وأبو ذر ». وفضائل هؤلاء الثلاثة ومناقبهم أكثر من أن تُحصى ، وكفى لهم شرفاً وفخراً ، ضمّتهم إلى أمير المؤمنين ـعليه‌السلام ـ في حبّ الله وحبّ رسوله. توفي المقدادرضي‌الله‌عنه بالجرف ، وهو على ثلاثة أميال من المدينة ، وهو ابن سبعين سنة من الهجرة ، فحُمل على الرقاب حَتَّى دفع بالبقيع. وينظر عن مرقده أيضا : مراقد المعارف ٢ : ٣٢٨ رقم ٣٤٣.

(١) ما بين المعقوفين منا لإتمام المعنى.

(٢) وفاء الوفا ٢ : ١٠٤.

(٣) شهروان : قضاء يقع الآن ضمن مدينة ديالى ، ويقال له شهربان ، واشتُهر أخيراً بالمقدادية نسبة إلى هذا القبر ، (ينظر : مراصد الاطلاع ٢ : ٨٢٢).

(٤) روضات الجنات ٧ : ١٧٥.

(٥) قال سماحة السيِّد المحقق مهدي الخرسان حفظه الله في هامش بحار الأنوار ٤٨ : ٢٩٦ ما نصّه : (قال في الروضات) : ومن جملة ما يُحتمل عندي قوياً هو أن تكون البقعة الواقعة في بريّة شهروان بغداد والمعروفة عند أهل تلك الناحية بمقبرة مقداد ، مدفن هذا الرجل الجليل الشأن ، يعني الشيخ جمال الدين المقداد بن عبد الله السيوري المعروف

٢٩

وذكر علماء السير والتواريخ فيما يتعلق بتاريخ المدينة المنورة : (أن أي أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله دُفنوا في البقيع).

وذكر القاضي عيّاض في (المدارك) : (أنَّ المدفونين من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله هناك عشرة آلاف)(١) ، ولكن الغالب منهم مخفي الآثار عيناً وجهة. وسبب ذلك : أن السابقين لم يُعلّموا القبور بالكتابة والبناء ، إضافةً إلى أن تمادي الأيام يوجب زوال الآثار.

نعم ، إن من يُعرف مرقده من بني هاشم عيناً وجهة ، قبر إبراهيم ابن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في بقعة قريبة من البقيع ، وفيها قبر عثمان بن مظعون من أكابر الصحابة ، وهو أول من دُفن في البقيع.

وفيه أيضاً قبر أسعد بن زرارة ، وابن مسعود ، ورُقيَّة ، واُمّ كلثوم ـ بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ.

__________________

بالفاضل المقداد بناءً على وقوع وفاتهرحمه‌الله في ذلك المكان أو إيصائه بأن يُدفن هناك ؛ لكونه على طريق القافلة الراحلة إلی العتبات العاليات. قال : وإلا فالمقداد بن الأسود الكنديرحمه‌الله ، الَّذي هو من كبار أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مرقده المنيف في أرض بقيع الغرقد الشريف ، لما ذكره المؤرخون المعتبرون من أنهرضي‌الله‌عنه توفي في أرضه بالجرف ، وهو على ثلاثة أميال من المدينة ، فُحمل على الرقاب حَتَّى دُفن بالبقيع) ، انتهى. قلت : لكنه من عجیب الاحتمال ، حيث إن المسمّين بالمقداد كثيرون ، وليس لنا أن نقول بأن المقبرة المشهورة عندهم لمّا لم تكن للمقداد بن أسود الكندي فلتكن للمقداد بن عبد الله الفاضل السيوري ، مع أن الفاضل المقدادرحمه‌الله كان قاطناً في النجف الأشرف ، وليس شهروان في طريق النجف الأشرف إلى كربلاء ، ولا إلى الكاظمية ، ولا سامراء. بل الفاضل السيوري قَدْ توفّي بالمشهد الغروي في النجف الأشرف على ساكنه آلاف الثناء والتحف ، ضحی نهار الأحد السادس والعشرين من جمادى الآخرة سنة ٨٢٦ هـ ودُفن بمقابر المشهد المذكور كما صرّح به تلميذه الشيخ حسن بن راشد الحلي. (ينظر : الذريعة ج ١ ص ٤٢٩ و ٤٦٥ ، روضات الجنات ٧ : ١٧٦).

(١) ترتيب المدارك : ٢٣.

٣٠

[قبر عثمان بن مظعون]

وفي الروايات من العامة والخاصة ، أنه : (لمّا توفت رقية ودفنها صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : الحقي بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون )(١) .

قال السمهودي : (إنّ الظاهر أن بنات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كلهن مدفونات عند عثمان بن مظعون ؛ لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا وضع حجراً على قبر عثمان ، قال : بهذا اُميّز قبر أخي ، وأدفن معه كل من مات من ولدي )(٢) .

وروى الدولابي المتوفَّى سنة ٣١٠ هـ في كتاب (الكنى) : (أنه لمّا مات عثمان بن مظعون ، قالت امرأته : هنيئاً لك يا أبا السائب الجنّة ، وإنه أول من تبعه إبراهيم ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله )(٣) .

قبر عثمان بن عفان

وبالجملة : فما يقال : (من أن قبر عثمان بن عفان هناك غلط ، فإنَّ قبره خارج البقيع )(٤) .

قال ابن الأثير في (النهاية) : (في (حشش) ومنه حديث عثمان : أنه دُفن في (حش کوکب) ، وهو بستان بظاهر المدينة خارج البقيع ) ، انتهى(٥) .

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٤١ ح ٤٧٣٠ / ١٨ ، مسند أحمد ١ : ٢٣٧.

(٢) وفاء الوفا ٢ : ٨٦ وفيه : (والظاهر أنهن جميعاً عند عثمان بن مظعون لما تقدّم من قوله صلى الله عليه وسلم : وأدفن إليه من مات من أهلي).

(٣) ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب ٣ : ١٠٥٣.

(٤) وفاء الوفا ٢ : ٩٩.

(٢) النهاية في غريب الحديث ١ : ٣٩٠.

٣١

قبر عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام

وقبر عقيل بن أبي طالب ، ومعه في القبر ابن أخيه : عبد الله الجواد ابن جعفر الطيّار.

وقريب من قُبَّة عقيل ، بقعة فيها زوجات النبي ، وقبر صفية بنت عبد المطلب ، عمّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على يسار الخارج من البقيع(١) .

قبر الصدّيقة الطاهرةعليها‌السلام

وفي طرف القبلة من البقعة قبر متصل بجدار البقعة عليه ضريح ، والعامَّة يعتقدون : أنه قبر الزهراءعليها‌السلام (٢) .

وأنَّ قبر فاطمة بنت أسد هو الواقع في زاوية المقبرة العمومية للبقيع في الطرف الشمالي من قُبَّة عثمان ، وهو اشتباه ؛ فإن من المحقّق : أن قبر فاطمة الزهراءعليها‌السلام إما في بيتها ، أو في الروضة النبوية ، على مشرفها آلاف الثناء والتحيَّة.

وإنَّ القبر الواقع في الطرف القبلي من البقعة ، هو قبر فاطمة بنت أسد اُمّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كما في بعض الأخبار أنَّ الأئمةعليهم‌السلام الأربعة نزلوا إلى جوار جدّتهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.

وإنَّ القبر الواقع في المقبرة العمومية هو : مشهد سعد بن معاذ الأشهلي ، أحد

أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما ذكره في تلخيص معالم الهجرة.

وممَّن عُين قبر فاطمة بنت أسد حيثما ذكر لنا السيِّد على السمهودي في وفاء

__________________

(١) وفاء الوفا ٢ : ٩٨.

(٢) وفاء الوفا ٢ : ٩٤.

٣٢

الوفا بأخبار دار المصطفی(١) .

ولنختم الكلام في أمر البقيع بما رُوي عن سليمان الشاذكوني(٢) : (أنه رجفت قبور البقيع في عهد عمر بن الخطاب ، فضجّ أهل المدينة من ذلك ، فخرج عمر وأصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يدعون بسكون الرجفة ، فما زالت تزيد في كل يوم إلى أن تعدّى ذلك إلى حيطان المدينة ، وعزم أهلها إلى الخروج عنها ، فعند ذلك قال عمر : عليّ بأبي الحسن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فحضر ، فقال : يا أبا الحسن ، ألا ترى إلى قبور البقيع ورجيفها حَتَّى تعدّى ذلك إلى حيطان المدينة ، وقد همّ أهلها بالرحلة منها؟ فقال عليعليه‌السلام : «عليّ بمائة رجل من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من البدريين» ، فجاؤوا بهم ، فاختار من المائة عشرة ، فجعلهم خلفه ، وجعل التسعين من ورائهم ، ولم يبقَ بالمدينة ثيّب ولا عاتق إلا خرجت ، ثُمَّ دعا بأبي ذرّ ، وسلمان ، والمقداد ، وعمّار ، فقال لهم : «کونوا بين يديَّ حَتَّى توسّط البقيع». والناس محدقون به ، فضرب الأرض برجله ، ثُمَّ قال : «مالَكِ؟» ثلاثاً فسكنت.

فقال : «صدق الله وصدق رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد أنبأني بهذا الخبر ، وهذا اليوم ، وهذه الساعة ، وباجتماع الناس له. إنّ الله تعالى يقول في كتابه : ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا(٣) . وأخرجت لي

__________________

(١) وفاء الوفا ٢ : ٨٦ ، واحتوى الفصل السادس منه (٨٣ ص ـ ١٠٧) على تعيين بعض من دُفن بالبقيع من أهل البيتعليهم‌السلام والصحابة ، فليراجع.

(٢) في الأصل : (سلمان الفارسي) ، والصحيح ما أثبتناه كما سيأتي في صدر الحديث ، وترجم له في رجال النجاشي : ١٨٤ رقم ٤٨٨ ، فليراجع.

(٣) سورة الزلزلة : ١ ـ ٤.

٣٣

أثقالها» ، ثُمَّ انصرف الناس معه ، وقد سكنت الرجفة)(١) .

عبد الله ابن الإمام الصادقعليه‌السلام

هذا وكان عبد الله أكبر إخوته بعد أخيه إسماعيل ، ولم تكن منزلته عند أبيهعليه‌السلام منزلة غيره من إخوته الأكرام ، وكان متَّهماً في الخلاف على أبيه في الاعتقاد ، ويقال : إنه كان يخالط الحشوية ، ويميل إلى مذهب المرجئة ، وادّعی بعد أبيه الإمامة محتجّاً بأنّه أكبر أولاده الباقين بعده ، فاتَّبعه جماعة من أصحاب الصادقعليه‌السلام ، ثُمَّ رجع أكثرهم عن القول ، ولم يبقَ عليه إلا نفر يسير منهم. وهم الطائفة الملقّبة بالفطحية ؛ لأن عبد الله كان أفطح الرجلين ، ويقال : إنهم لُقبوا بذلك ؛ لأنَّ رئيسهم وداعيهم إلى هذا المذهب يقال له : عبد الله بن أفطح(٢) .

إسحاق ابن الإمام الصادقعليه‌السلام

وأمّا إسحاق فقد قال في (الإرشاد) : (وكان إسحاق بن جعفرعليه‌السلام من أهل الفضل ، والصلاح ، والورع ، والاجتهاد ، وروى عنه الناس الحديث والآثار. وكان ابنُ کاسب إذا حدّث عنه يقول : حدثني الثقة الرضي إسحاق بن جعفرعليه‌السلام ، وكان يقول : بإمامة أخيه موسی بن جعفرعليه‌السلام ، وروي عن أبيه النصّ على إمامته)(٣) .

__________________

(١) الثاقب في المناقب ٢٧٣ ح ٢٣٨ / ٧ وصدر الحديث فيه : عن الحسين بن عبد الرحمن التمار ، قال : (انصرفت عن مجلس بعض الفقهاء ، فمررت بسليمان الشاذكوني ، فقال لي : من أين أقبلت؟ قلت : من مجلس فلان العالم. قال : فما قوله؟ قلت : شيئاً من مناقب أمير المؤمنين صلوات الله عليه. فقال : والله لأحدثنك بفضيلة سمعتها من قرشي عن قرشي).

كما ورد في : شرح مئة كلمة لأمير المؤمنينعليه‌السلام : ٢٥٨ ، تأويل الآيات الظاهرة ٢ : ٨٣٧ ح ٥ ، بحار الأنوار ٤١ : ٣٧٢ عنه ، مدينة المعاجز ٢ : ١٠٠ ، والمؤلِّفرحمه‌الله نقله بتصرف يسير.

(٢) الإرشاد ٢ : ٢١٠ ، عنه شرح اُصول الكافي ٦ : ١٧٧.

(٣) الإرشاد ٢ : ٢١٠.

٣٤

وقال في (العمدة) : (ويكنّى أبا محمّد ، ويُلقّب المؤتمن. ووُلد بالعريض ، وكان. أشبه الناس برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واُمُّه اُمُّ أخيه موسى الكاظم عليه‌السلام ، وكان محدّثاً جليلاً ، وادَّعت طائفة من الشيعة فيه الإمامة ، وكان سفيان بن عيينة إذا روى عنه يقول : حدثني الثقة الرضا إسحاق بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين عليه‌السلام )(١) .

محمّد ابن الإمام الصادقعليه‌السلام وقبره

وكان محمّد بن جعفرعليه‌السلام سخياً شجاعاً ، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً ، وكان يصرف في مطبخه كل يوم شاتاً ، وكان يرى رأي الزيدية في الخروج بالسيف ، وخرج على المأمون في سنة ١٩٩ هـ بمكّة ، وتبعه الجارودية ، فوجَّه عليه المأمون جنداً بقيادة عيسى الجلودي ، فكسره وقبض عليه ، وأتی به إلى المأمون ، فأكرمه المأمون ولم يقتله ، وأصحبه معه إلى خراسان(٢) .

وقبره في بسطام(٣) ، وهو الَّذي ذكرنا سابقاً أن قبره في جرجان ، فإن جرجان اسم لمجموع الناحية المعينة المشتملة على المدينة المدعوة بالأسترآباد وغيرها ، مثل مصر والقاهرة ، والعراق والكوفة.

قال في (مجالس المؤمنين) في ضمن أحوال بايزيد البسطامي : (إنَّ السلطان أولجایتوخان أمر ببناء قُبَّة على تربته).

وقد ذهب إلى إمامته بعد أبيه قوم من الشيعة يقال لهم : السمطية ؛ لنسبتهم إلى

__________________

(١) عمدة الطالب : ٢٤٩.

(٢) الإرشاد ٢ : ٢١١ بتصرف يسير.

(٣) بسطام (بالكسر ثُمَّ السكون) : بلدة كبيرة بقومس على جادة الطريق إلى نيسابور بعد دامغان بمرحلتين ، قال مسعر بن مهلهل : بسطام قرية كبيرة شبيهة بالمدينة الصغيرة ، منها أبو يزيد البسطامي الزاهد. (معجم البلدان ١ : ٤٢١).

٣٥

رئيس لهم يقال له : يحيى بن أبي السمط(١) .

علي بن جعفر العُرَيْضِيْ

وكان علي بن جعفر كثير الفضل ، شديد الورع ، سديد الطريق ، راوية للحديث من أخيه موسىعليه‌السلام (٢) .

وهو المعروف بعلي بن جعفر العُرَيْضِيّ ، نشأ في تربية أخيه موسی بن جعفرعليه‌السلام ، ومن أهل التضييف بأيدي الشيعة إلى هذا اليوم(٣) ، وأدرك من الأئمّة أربعة أو خمسة.

وقال السيِّد في الأنوار : (كان من الورع بمكان لا يدانى فيه ، وكذلك من الفضل ، ولزم أخاه موسی بن جعفرعليه‌السلام ، وقال بإمامته وإمامة الرضا والجوادعليهما‌السلام . وكان إذا رأى الجوادعليه‌السلام مع الصبيان يقوم إليه من المسجد من بين جماعة الشيعة ، وينكبّ على أقدامه ، ويمسح شیبته على تراب رجليه ، ويقول : قَدْ رأى الله هذا الصبيّ أهلاً للإمامة ، فجعله إماماً ولم يَر شيبتي هذه أهلاً للإمامة ؛ لأنَّ جماعة من الشيعة كانوا يقولون له : أنت إمام فادّع الإمامة ، وكانرضي‌الله‌عنه لا يقبل منهم قولاً.

ورُوي أنَّ الجواد إذا أراد أن يفصد أخذ الدم ، يقول عليّ بن جعفر للفصّاد : إفصدني حَتَّى أذوقَ حرارة الحديد قبل الجوادعليه‌السلام ) ، انتهى(٤) .

وله مشاهد ثلاثة :

الأول : في (قم) ، وهو المعروف ، وهو في خارج البلد ، وله صحن وسيع ، وقُبَّة

__________________

(١) ينظر عن أحواله : قاموس الرجال ٩ : ١٧١ رقم ٦٥٣٨.

(٢) الإرشاد ٢ : ٢١٤ مع تقديم وتأخير في النص.

(٣) كذا ، ولعل الصحيح : (وهو من أهل التصنيف وكتابه بأيدي الشيعة إلى هذا اليوم).

(٤) الأنوار النعمانية ١ : ٣٧٨.

٣٦

عالية ، وآثار قديمة ، منها : اللوح الموضوع على المرقد المكتوب فيه اسمه واسم والده ، وتاريخ الكتابة سنة ٧٤(١) .

قال المجلسيرحمه‌الله في (البحار) : (من جملة من هو معروف بالجلالة والنبالة علي بن جعفرعليه‌السلام ، مدفون في (قم) ، وجلالته أشهر من أن تذكر.

وأمّا كون مدفنه في (قم) ، فلم يُذكر في الكتب المعتبرة ، لكن أثر القبر الشريف الموجود قدیم ، وعليه مكتوب اسمه). انتهى(٢) .

وفي (تحفة الزائر) : (يوجد مزار في (قم) ، وفيه قبر كبير ، وعلى القبر مکتوب : قبر على بن جعفر الصادقعليه‌السلام ، ومحمّد بن موسی.

ومن تاريخ بناء ذلك القبر إلى هذا الزَّمان قريب من أربعمائة سنة) ، انتهى(٣) .

وقال الفقيه المجلسي الأول في (شرح الفقيه) في ترجمة علي بن جعفرعليه‌السلام بعد ذکر نبذة من فضائله : (وقبره في (قم) مشهور.

قال : سمعت أن أهل الكوفة طلبوا منه أن يأتيهم من المدينة ، ويقيم عندهم ، فأجابهم إلى ذلك ، ومكث في الكوفة مدَّة ، وحفظَ أهل الكوفة منه أحاديث ، ثُمَّ طلب أهل (قم) النزول إليهم ، فأجابهم إلى ذلك. وبقي هناك إلى أن توفّي وله ذرِّية منتشرة في العالم.

وفي أصفهان قبر بعضهم ، منهم : قبر السيِّد كمال الدين في قرية (سين برخوار) ، وهو مزار معروف) ، انتهى(٤) .

__________________

(١) كذا ، ولعلَّه سنة ٧٤٠ هـ أو ٧٤٤ هـ ، فلاحظ.

(٢) بحار الأنوار ٩٩ : ٢٧٣.

(٣) تحفة الزائر : ٦٦٧.

(٤) روضة المتقين ١٤ : ١٩١ ، عنه خاتمة المستدرك ٤ : ٤٨١.

٣٧

وظنّي القوي : أن محمّد بن موسى المدفون معه ، هو من ذرِّية الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام ، وهو محمّد بن موسی بن إسحاق بن إبراهيم العسكري ابن موسی بن إبراهيم بن موسی بن جعفرعليه‌السلام .

قال صاحب (تاريخ قم) : (وُلد من أبي محمّد موسی بن إسحاق ولدٌ وبنت ، ولكن لم يُذكر اسم الولد )(١) .

وذكر صاحب (العمدة) : (أنه أعقب موسی بن إسحاق بن إبراهيم العسكري ، أبا جعفر محمّد الفقيه بقم ، وأبا عبد الله إسحاق الخ )(٢) .

الثاني : في خارج قلعة سمنان ، في وسط بستان نضرة مع قُبَّة ، وبقعة ، وعمارة نزهة.

ولكن المنقول عن المجلسي أنه قال : (لم يُعلم أنَّ ذلك قبره ، بل المظنون خلافه )(٣) .

الثالث : في العُريض ـ بالتصغير ـ على بعد فرسخ من المدينة : اسم قرية كانت ملکه ، ومحلّ سكناه وسکنی ذرِّیته ؛ ولهذا كان يُعرف بالعُرَيْضِيّ. وله فيها قبر وقُبَّة ، وهو الَّذي اختاره المحدّث النوري في خاتمة المستدرکات(٤) ، مع بسط تام وهو الظاهر ، ولعل الموجود في قم هو لأحد أحفاده(٥) .

__________________

(١) تاريخ قم : ٥٩٢.

(٢) عمدة الطالب : ٢١٤.

(٣) تحفة الزائر : ٦٦٧.

(٤) خاتمة المستدرك ٤ : ٤٧٨ ـ ٤٨٧.

(٥) ينظر عن أحوال علي بن جعفررضي‌الله‌عنه وموضع قبره : مسائل علي بن جعفر : ٩ ـ ٨٠ المقدمة ، وفيها ترجمة وافية عنه ، وخاتمة المستدرك ٤ : ٤٧٨ ـ ٤٨٧.

٣٨

وأمّا العبَّاس بن جعفر ، فقد قال المفيد في الإرشاد : (كان فاضلاً نبيلاً)(١) .

مقام الإمام الصادقعليه‌السلام في كربلاء

تتميم : لا يخفى أنه يوجد على ضفة نهر كربلاء المشرّفة المعروفة بالحسينية ، مقام یُعرف بمقام جعفر الصادقعليه‌السلام ، على لسان سواد أهل تلك البلدة ، ولعلَّه هو الَّذي عبّر عنه الصادقعليه‌السلام في حديث صفوان الَّذي نقله المجلسي في تحفة الزائر عن مصباح الشيخ الطوسيرحمه‌الله ، الوارد لتعليمه إياه آداب زيارة جدّه الحسينعليه‌السلام ، وفيه : فإذا وصلت إلى نهر الفرات ـ يعني : شريعة الصادق ، بالعلقمي ـ فقل : كذا ، والتفسير من الشيخين(٢) ، وظاهره : أن المقام المقدّس كان منسوباً إلى الصادقعليه‌السلام في عصرهما.

__________________

(١) الإرشاد ٢ : ٢١٤.

(٢) مصباح المتهجد : ٧١٧ ، تحفه الزائر : ٣٧٦ ، والمراد بالشيخین : المفيد والطوسي رحمهما الله ، وقال العلّامة المجلسيرحمه‌الله في بحار الأنوار ٩٨ : ٢٠٥ عنه ما نصّه : قوله : يعني شرعة الصادقعليه‌السلام بالعلقمي ، هذا التفسير من المفيد والشيخ رحمهما الله. والشرعة بالكسر ، والمشرعة مورد الشاربة من النهر ، والآن النهر العلقمي مطموس ، وشرعة الصادقعليه‌السلام غير معلوم ، لكن بنسب إليهعليه‌السلام : موضع في تلك الجهة فلعله هي.

٣٩
٤٠