تاريخ ابن يونس المصري الجزء ٢

تاريخ ابن يونس المصري10%

تاريخ ابن يونس المصري مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 571

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 1403 / تحميل: 114
الحجم الحجم الحجم
تاريخ ابن يونس المصري

تاريخ ابن يونس المصري الجزء ٢

مؤلف:
العربية

١
٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

تعريف عام بكتاب «تاريخ الغرباء»

للمؤرخ المصرى ابن يونس الصدفى

أولا ـ ألّف ابن يونس هذا الكتاب ـ وهو مفقود أيضا ـ وهو دون الآخر حجما وتراجم. وقد ترجم فيه للعلماء ، الذين نزلوا أرض مصر بدءا من عصر التابعين حتى سنة وفاة ابن يونس فيما نرجح. ومن ثم ، فقد رصد فيه تراجم علماء الأقاليم الأخرى الإسلامية ، مثل : إفريقية ، والمغرب ، والأندلس ، والشام ، والعراق ، وبلاد المشرق الإسلامى ، إلى آخر هذه البلدان.

ثانيا ـ لعل ابن يونس كان يهدف من وراء هذا الكتاب إلى إثبات أن مصر لا تزال تتمتع حتى أواسط القرن الرابع الهجرى بمكانة علمية متميزة ، بحيث صارت موئلا للحركة الثقافية ، ولا يزال علماء الأقاليم الأخرى يفدون إلى أرضها ، فيأخذون ويعطون ؛ مما أعطى صورة حية للتفاعل الفكرى بين العلماء فى تلك القرون الغابرة.

ثالثا ـ ترجم ابن يونس لهؤلاء العلماء من محدثين وولاة وقضاة ، ومفسرين ومقرئين ، ولغويين وأدباء وفقهاء ، سواء أقاموا بمصر طويلا حتى ماتوا بأرضها ، أم خرجوا إلى غيرها ، وماتوا خارج مصر.

رابعا ـ تيسر لى تجميع (٧٠٣ ترجمة) من بقايا هذا الكتاب ، الذي تسميه بعض المصادر «تاريخ مصر» ، أو «تاريخ مصر المختص بالغرباء» ، وهى موزعة على (٢٧ بابا رئيسيا ، فى مجال الأسماء) ، بها (٢٢١ بابا فرعيا) ، ترجم فيها ابن يونس ل (٦٩٨ ترجمة). وهناك (٤ أبواب رئيسية فى باب الكنى) بها (٥ تراجم). وقد قمت بترتيب هذه التراجم هجائيّا ، وتوزيعها على أبوابها المختلفة.

خامسا ـ من السمات العامة لهذا الكتاب :

أ ـ عمّت فى كثير من تراجم هذا الكتاب الأنساب المختصرة.

ب ـ وزادت تراجمه وجازة واختصارا وتركيزا ، بل سطحية فى عدد غير قليل من

٣

التراجم ، إلا أن ذلك لا يمنع من وجود قليل من التراجم المفصلة.

ج ـ لا يزال المحدّثون يتصدرون تراجم هذا الكتاب.

سادسا ـ كشفت بقايا هذا الكتاب عن وجود صلات بين المؤرخ المصرى ابن يونس ، والمؤرخ الأندلسى الخشنى ، فى نقل ابن يونس عنه عددا من تراجم علماء الأندلس.

وقد نقل ابن الفرضى ، والحميدى ، والضبى ـ وهم من مؤرخى الأندلس فى القرن الرابع الهجرى ـ عددا لا بأس به من تراجم علماء الأندلس الأقدمين عن كتاب ابن يونس هذا ، فكان موردهم الذي يستقون منه مادتهم العلمية ، وتراجم علماء بلادهم.

وهكذا ، اكتمل لمؤرخنا ابن يونس بهذا الكتاب ، وبسابقه رصد الحركة العلمية فى مصر خلال القرون الثلاثة والنصف الأولى للهجرة تقريبا ، فأسدى بذلك للعلم وللعلماء خدمة جليلة ، جعلها الله فى ميزان حسناته.

٤

باب الهمزة

ذكر من اسمه «إبراهيم» :

١ ـ إبراهيم الأنصارى : رأى مسلمة بن مخلّد يمسح على الخفّين. روى عنه ابنه إسماعيل ، إن لم يكن إبراهيم بن عبد الله بن ثابت بن قيس بن شمّاس(١) ، فلا أدرى من هو(٢) .

٢ ـ إبراهيم بن أبان بن عبد الملك بن عمر بن مروان(٣) . يكنى أبا عثمان. أندلسى. روى عنه ابن عفير(٤) .

__________________

(١) كذا ضبطها ابن حجر بالحروف فى (التقريب) : ١ / ١١٦.

(٢) تهذيب التهذيب ١ / ٢٤٤ (قال ابن يونس فيمن اسمه إبراهيم). ويلاحظ قلة المعلومات الواردة عن المترجم له ، والغموض الذي يحيط به ، وبابنه (إسماعيل بن إبراهيم الأنصارى) ، الذي سيترجم له ابن يونس فيما بعد. وقد ذكرته فى (الغرباء) ، لا (المصريين) على سبيل الظن الغالب ؛ لأنه لا ذكر له ولا لآبائه فى كتب المصريين (فتوح مصر ، والولاة والقضاة) ، ودراسة د. البرى عن (القبائل العربية فى مصر). وكذلك نظرت فى نسبه ، الذي ذكر ابن يونس أنه يعرفه به ، فوجدت أن جده هو الصحابى (ثابت بن قيس بن شماس) ، وهو خزرجى أنصارى يعرف ب (خطيب الأنصار) ، واستشهد فى حروب الردة باليمامة ، ولم يذكر مجيئه إلى مصر (الإصابة ١ / ٣٩٥ ـ ٣٩٦). وبحثت عن ترجمة والده (عبد الله) ، فألفيت فى (تاريخ خليفة ص ٢٤٩ ، والإصابة ـ فيما ينقله عنه ـ ج ٥ ص ٨) : أن كلا من عبد الله ، وأخويه (عمّى المترجم له) : محمد ، ويحيى ، ممن قتلوا من (بنى الحارث بن الخزرج) فى وقعة (الحرّة) بالمدينة على يد جيش الأمويين بقيادة (مسلم بن عقبة) سنة ٦٣ ه‍ فى (خلافة يزيد بن معاوية). فلم يؤثر عن أيهم مجىء إلى مصر. وبناء على ذلك ، فهو مدنى قدم إلى مصر فى وقت لا نعرفه ، ورأى بها ـ غالبا ـ الصحابى المصرى مسلمة بن مخلد.

(٣) كذا نسبه فى : (جذوة المقتبس) ١ / ٢٣٦ ، وبغية الملتمس ص ٢١٤. وحرّفت مروان إلى (الحكم) فى (تكملة كتاب الصلة) ، لابن الأبّار (ط. الحسينى): (١ / ١٣١).

(٤) جذوة المقتبس ١ / ٢٣٦ ، وبغية الملتمس ٢١٤ (حرّف فيه عفير إلى عفر) ، وتكملة كتاب الصلة (ط. الحسينى) ١ / ١٣١. وذيّلت المصادر السابقة هذه الترجمة بعبارة : (ذكره أبو سعيد بن يونس). وتفرّد الحميدى بعدها بقوله : وأخرجه إلىّ الرئيس أبو نصر علىّ بن هبة الله الحافظ فى نسخة عتيقة ـ لا عتقية ، كما وردت محرّفة عنده ـ عنه. أى : عن ابن يونس. وواضح أن هذا الحافظ المذكور هو (الأمير ابن ماكولا) صاحب كتاب (الإكمال).

٥

٣ ـ إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الحارث بن ديان القاسم(١) الكلابى : كان رجلا صالحا ، فقيها على مذهب الشافعى. وكان ثقة من أهل الانقباض والصيانة ، روى عن أبى أمية محمد بن إبراهيم ، ونصر بن مرزوق ، ومحمد بن هشام بن أبى خيرة ، والحارث بن مسكين. كتبت عنه. توفى بمصر يوم السبت لسبع خلون من شعبان سنة ست وثلاثمائة(٢) .

٤ ـ إبراهيم بن أدهم بن منصور بن يزيد بن جابر العجلى البلخىّ(٣) : يكنى أبا إسحاق. روى عن الثورى ، والأوزاعى ، ويحيى بن سعيد الأنصارى. روى عنه سفيان الثورى ، وأبو حيوة شريح بن يزيد الحمصى(٤) . كوفى ، قدم مصر زائرا لرشدين بن سعد. حفظ عنه. مات سنة اثنتين وستين ومائة. وقيل : سنة ثلاث(٥) .

٥ ـ إبراهيم بن إسحاق بن جابر : من أهل قرطبة. روى عن سعيد بن حسان.

وتوفى سنة تسع وثمانين ومائتين(٦) .

__________________

(١) أشك فى صحة الاسمين (ديان القاسم) المذكورين. وقد شك المحقق فى الأول منهما (المقفى ١ / ٣٩ هامش ١).

(٢) المصدر السابق (كتب عنه ابن يونس ، وقال ما تقدم ذكره ، وأنه ...). ورد هذا قبيل ذكره وفاته. فالترجمة بحذافيرها منسوبة إلى مؤرخنا (ابن يونس). ويلاحظ أنه لا يوجد فى نصها ما يدل صراحة على غربته ، لكنى رجّحت ذلك ؛ لأن نسبه الكلابى يغلب أن يكون شاميا قدم مصر ونزلها ، وهو ليس من القبائل التى استقر أبناؤها بمصر منذ قديم. وعلى ذلك ، فهو شامى قدم إلى مصر ، وروى عن ابن خيرة البصرى الذي توفى بمصر سنة ٢٥١ ه‍ (تهذيب التهذيب ٩ / ٤٣٨) ، وروى ـ كذلك ـ عن الحارث بن مسكين (١٥٤ ـ ٢٥٥ ه‍). (السابق ٢ / ١٣٦ ـ ١٣٧) فبين وفاته (٣٠٦ ه‍) ، ووفاتهما حوالى نصف قرن ؛ مما يرجح نزوله مصر ، وروايته عنهما بها.

(٣) نقلت هذا النسب من (تهذيب الكمال ٢ / ٢٧) ، تمشيا مع منهج ابن يونس المعروف. وأعتقد أن النسب المختصر الذي نسبه المزى له فى (ج ٢ / ٣٧) ، من صنع المزى نفسه.

(٤) ذكرت ذلك على نسق منهج مؤرخنا (السابق ٢ / ٢٧ ـ ٢٨).

(٥) السابق ٢ / ٣٧ (قال أبو سعيد بن يونس). هذا ، وقد فرق ابن حجر بين المترجم له الشامى الزاهد المشهور فى (تهذيب التهذيب ١ / ٨٨ ـ ٨٩) ، وبين شخص آخر ، سمّاه (إبراهيم بن أدهم الكوفى). (السابق ١ / ٨٩) ، معتبرا الأخير هو المقصود هنا ، ناقلا ذلك عن ابن الجوزى. وقد ذكر محقق (تهذيب الكمال ٢ / ٣٧ ، هامش ٢) بأنهما واحد ، ونسب العجلى مشترك بينهما ، ولا داعى لهذا التفريق ، خاصة أن ابن الجوزى كثير الأوهام ، سريع الأحكام.

(٦) تاريخ ابن الفرضى (ط. الخانجى) ١ / ٢١ (ذكره أبو سعيد فى تاريخه).

٦

٦ ـ إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة البصرى(١) : يكنى أبا إسحاق. قدم مصر ، وسكنها. وله مصنفات فى الفقه تشبه الجدل(٢) . حدّث عنه بحر بن نصر الخولانى ، وياسين بن أبى زرارة القتبانىّ(٣) . توفى بمصر سنة ثمانى عشرة ومائتين(٤) .

٧ ـ إبراهيم بن الجرّاح بن صبيح(٥) التميمى (مولى بنى تميم)(٦) : ولى قضاء مصر بعد «إبراهيم بن إسحاق» سنة خمس ومائتين ، وعزل سنة إحدى عشرة ومائتين(٧) .

__________________

(١) هذا هو نسبه المثبت فى (تاريخ بغداد ٦ / ٢٢) بالسند الآتى : (ذكر أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى المصرى فى كتاب (الغرباء) ، الذي ذكر لى (محمد بن على الصّورى) ، أن محمد بن عبد الرحمن الأزدى حدثهم به ، قال : حدثنا عبد الواحد بن محمد ابن مسرور ، حدثنا ابن يونس ، قال). وورد النسب ذاته فى : (تاريخ الإسلام ١٥ / ٥٢). وفى (المقفى ١ / ١٠٢) : وضع اسم (مقسم) محلّ (عليّة) فى النسب. وذكر الخطيب البغدادى فى (تاريخ بغداد ٦ / ٢٠) ، والمقريزى فى (المقفى ١ / ٢٠) فى ترجمته : أنه المعروف ب (ابن عليّة). هذا ، وقد ترجم ابن حجر لوالد المترجم له (إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدى البصرى) ، وذكر أنه يكنى أبا بشر. ثقة مأمون صدوق. ولد ١١٠ ه‍ ، وتوفى سنة ١٩٣ ه‍. يعرف ب (ابن عليّة). (تهذيب التهذيب ١ / ٢٤١ ـ ٢٤٢). وعليه ، فيبدو أن ابن علية ـ فى الأصل ـ تطلق على الوالد ، وتنسحب على ابنه على سبيل التّجوّز.

(٢) ورد فى (تاريخ بغداد ٦ / ٢١ ، والمقفى ١ / ١٠٢ ـ ١٠٣) : أن له عناية بالجدل والكلام ؛ لأنه كان أحد المتكلمين القائلين بخلق القرآن ، وبينه وبين الشافعى حجاج متبادل مكتوب ، استمر عدة مرات متواليات (الشافعى يثبت حجّية خبر الواحد ، وهو يبطل ذلك) ، حتى قال الشافعى عنه : ابن علية ضالّ قد جلس عند باب الضوالّ ، يضلّ الناس. (مشيرا إلى مجلسه بمصر ، الذي يجلس فيه للناس).

(٣) تاريخ بغداد ٦ / ٢٣ (ولم يذكر لقب القتبانى) ، وتاريخ الإسلام ١٥ / ٥٢ (بسقوط لفظة «أبى» قبل زرارة). وأبو زرارة المذكور هو الليث بن عاصم (ترجم له ابن ماكولا فى الإكمال ٢ / ١٦).

(٤) تاريخ بغداد ٦ / ٢٣ (وساق رواية أخرى إلى جانب رواية ابن يونس ، ورد بها أنه توفى ليلة عرفة ببغداد سنة ٢١٨ ه‍ ، عن ٦٧ سنة. والصواب رأى مؤرخنا ابن يونس) ، والمقفى ١ / ١٠٣ (قال ابن يونس).

(٥) كذا ضبطت بالشكل فى (تاريخ الإسلام ١٥ / ٥٢) ، والطبقات السنيّة (١ / ١٨٩). بينما وردت بالفتح فى (ذيل ميزان الاعتدال ص ٣١). ولعل الضبط الأول أرجح ؛ لدقة محققيه.

(٦) ورد فى نسبه ـ أيضا ـ أنه مازنىّ ، وأصله من (مرو الرّوذ) ، وسكن الكوفة ، ثم قدم إلى مصر. (رفع الإصر ١ / ٢٤).

(٧) تاريخ الإسلام (١٥ / ٥٢). هذا ، وقد ورد أنه ولى قضاء مصر ، وكان حنفى المذهب ، ولم يكن مذموما أول ولايته ، ثم تغيرت وفسدت أحكامه ، لما قدم ابنه من العراق. وظل حتى عزله

٧

روى عن يحيى بن عقبة. روى عنه حرملة ، وأحمد بن عبد المؤمن(١) .

حدثنا على بن سعيد ، وغيره ، قالوا : حدثنا أحمد بن عبد المؤمن ، حدثنا إبراهيم بن الجراح ، حدثنا يحيى بن عقبة بن أبى العيزار ، قال : كنت مع أبى ، فلقى محمد بن سوقة(٢) ، فسلّم عليه وسأله ، ثم افترقا ، ثم التقيا ، فسلّم عليه وسأله ، فقال أبى : ألم ألقك آنفا؟ قال : بلى ، ولكن أخبرنى نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : إذا لقى أحدكم أخاه فى اليوم مرارا ، فليسلّم عليه ؛ فإن الرحمة ربما حدثت(٣) .

روى حرملة بن يحيى ، قال : مرض إبراهيم بن الجراح القاضى ، فكتب وصيّته ، وأمرنا بإحضار الشيوخ ؛ للشهادة عليه. فقرأت الوصية ، وكان فيها : وإن الدين كما شرع ، والقرآن كما خلق. قال حرملة : فقلت له : أيها القاضى ، أشهد عليك بهذا كله؟! قال : نعم(٤) . توفى فى المحرم سنة سبع عشرة ومائتين(٥) . وقال يونس بن عبد الأعلى : كان داهية عالما(٦) .

__________________

عبد الله بن طاهر ، لما قدم مصر سنة ٢١١ ه‍. راجع (فتوح مصر ص ٢٤٦) ، ومزيدا من التفاصيل فى (القضاة) للكندى ص ٤٢٧ ـ ٤٣٠.

(١) تاريخ الإسلام (١٥ / ٥٣) ، ورفع الإصر (١ / ٢٤).

(٢) هو محمد بن سوقة الغنوىّ الكوفى ، أبو بكر العابد. روى عنه أنس ، وسعيد بن جبير ، ونافع مولى ابن عمر. روى عنه الثورى ، وابن المبارك ، وابن عيينة. من أهل العبادة ، والفضل ، والسخاء ، ومن خيار أهل الكوفة. (تهذيب التهذيب ٩ / ١٨٦ ـ ١٨٧) ، والتقريب (٢ / ١٦٨).

(٣) رفع الإصر ١ / ٢٨ ـ ٢٩ (قال أبو سعيد بن يونس). ورد الحديث المذكور فى : (مجمع الزوائد) ٨ / ٣٤ ، باب (تكرار السلام عند اللقاء). قال الهيثمى : رواه الطبرانى فى (الأوسط) ، وفيه (يحيى بن عقبة بن أبى العيزار) ، وهو كذاب.

(٤) ذيل ميزان الاعتدال ص ٣٢. (روى ابن يونس فى تاريخ الغرباء عن حرملة بن يحيى ، قال). وقد ذكر الكندى الرواية نفسها عن أبى الطاهر محمد بن أحمد بن عثمان المدينى ، قال : سمعت حرملة بن يحيى ، وذكر الرواية (كتاب القضاة : ص ٤٢٩). ونقلها عنه ابن حجر فى (رفع الإصر ١ / ٢٨). ولعل مصدر الكندى هو نفس مصدر ابن يونس.

(٥) المصدر السابق ١ / ٢٩ (قال أبو سعيد بن يونس) ، والطبقات السنية ١ / ١٩٠ (قال ابن يونس). وذكر الذهبى أنه توفى أو سنة ٢١٧ ، أو ٢١٩ ه‍ (تاريخ الإسلام ١٥ / ٥٢).

(٦) السابق ١٥ / ٥٣ (ذكره ابن يونس). وورد فى (رفع الإصر ١ / ٢٦ ـ ٢٧) عن يونس بن عبد الأعلى : أنه كان من أدهى الناس ؛ إذ استطاع أن يكتب كتابا محكما ، حصل بمقتضاه على أمان (عبيد الله بن السرى) وجنده من ابن طاهر ، لكنه لم يأخذ لنفسه أمانا ، فحقد عليه ابن طاهر ، وعزله عن القضاء ، وأسقط مرتبته ، وأمر بكشفه ومحاسبته.

٨

٨ ـ إبراهيم بن حماد بن عبد الملك بن أبى العوّام الخولانى البرقىّ : من أهل برقة ينسب إلى ولاء (زياد بن خنيس من برقة). يكنى أبا خزيمة. يروى عن أبى يونس البرقى. روى عنه أبو الربيع سليمان بن داود المهرىّ(١) .

٩ ـ إبراهيم بن حمران(٢) : إفريقى معروف. مات بها سنة خمس وعشرين ومائتين(٣) .

١٠ ـ إبراهيم بن خالد الأموى : من أهل إلبيرة. يكنى أبا إسحاق. يروى عن يحيى ابن يحيى الليثى ، وسعيد بن حسان. ويروى عنه ابنه «بسر»(٤) . مات بالأندلس سنة ثمان وستين ومائتين(٥) .

١١ ـ إبراهيم بن خلّاد اللخمى : من أهل إلبيرة(٦) أيضا. يروى عن يحيى بن يحيى

__________________

(١) الأنساب ١ / ٣٢٤ (خرج من برقة جماعة كثيرة من العلماء والمحدثين ، ذكرهم أبو سعيد بن يونس فى كتاب (تاريخ المصريين ، ومن دخلها). وواضح أن هنا خطأ فى هذا الكلام ، وأعتقد أن الصواب هو (تاريخ الغرباء الذين دخلوا مصر) ؛ لأن منطوق الترجمة يثبت هذا. ويلاحظ وجود تكرار واضطراب فى هذه المادة (مادة البرقى) ، التى يتناولها السمعانى ، فالترجمة التى معنا ذكرها ، ثم تراجم أخرى ، ثم عاد وذكرها وبها إضافات. وفى نهايتها عند إيرادها أولا ، وردت عبارة لا تخلو من غموض (وبقيتهم ببرقة معروفون ، فيهم فقهاء). وربما قصد وجود بقية (عقب) للمترجم له.

(٢) لعلها بفتح الحاء ، فقد ذكرها ابن ماكولا مع (حمدان) فى باب واحد ، ولم يضبطهما. (الإكمال ٢ / ٥٠٩).

(٣) السابق (٢ / ٥١٣) (قاله ابن يونس).

(٤) تاريخ ابن الفرضى (ط. الخانجى) ١ / ١٧ (لم يذكر رواية ابنه عنه ، ولم ينسب النص إلى ابن يونس) ، والجذوة (١ / ٢٣٨) ، والبغية ص ٢١٦.

(٥) تاريخ ابن الفرضى (ط. الخانجى) ١ / ١٨ (ذكر تاريخ وفاته أبو سعيد) ، والجذوة ١ / ٢٣٨ (لبيرى) ، والبغية ص ٢١٦ (شرحه). ويلاحظ أن ابن الفرضى ذكر أنه أحد السبعة ، الذين هم من رواة سحنون ، الذين اجتمعوا فى (إلبيرة) فى وقت واحد ، وذكرهم (تاريخه ـ ط. الخانجى ١ / ١٨ ـ ١٩) ، وبالنسبة ل (الجذوة) ، (والبغية) ، فهما لم ينسبا هذه الترجمة لابن يونس هنا ، لكنهما سينسبانها مع الترجمة التالية إلى مؤرخنا ابن يونس (مع نهايتها).

(٦) كذا ورد فى : تاريخ ابن الفرضى ـ ط. الخانجى ـ ١ / ١٨ (دون نسبته إلى ابن يونس) ، وعبّر عن نسبته فى (الجذوة ١ / ٢٣٨) ، والبغية (٢١٦) بلفظة (لبيرى). وأعتقد أن الصواب : إلبيرى.

٩

الليثى(١) . مات بالأندلس سنة سبعين ومائتين(٢) .

١٢ ـ إبراهيم بن أبى داود سليمان بن داود البرلّسى الأسدى : من أسد خزيمة(٣) .

يكنى أبا إسحاق. يعرف ب (ابن أبى داود البرلسى) ؛ لأنه كان لزم البرلس(٤) (ماحوز من مواحيز رشيد ، ناحية بمصر مما يلى الإسكندرية)(٥) . أحد الحفاظ المجوّدين الأثبات الثّقات(٦) . ولد ب (صور) ، وأبوه أبو داود كوفى(٧) . توفى بمصر ليلة الخميس لست وعشرين ليلة ، خلت من شعبان سنة اثنتين وسبعين ومائتين(٨) .

__________________

(١) الجذوة (١ / ٢٣٩) ، والبغية ص ٢١٦ (ووقع تداخل بين هذه الجملة ، والتى تليها فى الترجمة مع إسقاط لفظة «مات» ؛ مما أدى إلى تحريف معنى العبارة المقصود).

(٢) تاريخ ابن الفرضى (ط. الخانجى) ١ / ١٨ (غير منسوب إلى ابن يونس) ، والجذوة ١ / ٢٣٩ (ذكرهما ـ هو والذي قبله ـ أبو سعيد بن يونس ، أحدهما بعد الآخر) ، والبغية ٢١٦ (شرحه). وأضاف : كلاهما رحل ، وسمع من سحنون ، وهما من السبعة ، الذين اجتمعوا فى إلبيرة فى وقت واحد ، وهما من رواة سحنون.

(٣) الأنساب ١ / ٣٢٨ (لم ينسب المادة إلى ابن يونس ، لكنها له بالمقارنة بغيره من المصادر) ، ومختصر تاريخ دمشق (٤ / ٥٥). وفى (سير أعلام النبلاء ١٢ / ٦١٢) : هو كوفى الأصل ، صورىّ المولد ، برلسى الدار.

(٤) الأنساب (١ / ٣٢٨) ، ومخطوط تاريخ دمشق (٢ / ٤٣٦) ، ومعجم البلدان ١ / ٤٧٨ (ذكره ابن يونس) ، ومختصر تاريخ دمشق (٤ / ٥٥).

(٥) الأنساب ١ / ٣٢٨ (قال أبو سعيد بن يونس). واكتفى ابن عساكر فى (مخطوط تاريخ دمشق) ٢ / ٤٣٦ بقوله : ماحور ـ مصحّفا عن ماحوز ـ من نواحى مصر. (بسنده إلى ابن منده ، قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس) ، ومختصر تاريخ دمشق ٤ / ٥٥ (قال أبو سعيد بن يونس).

(٦) الأنساب (١ / ٣٢٨) (لم ينسب لابن يونس ، لكن المادة له بمقارنتها بغيره من المصادر (ثقة من حفاظ الحديث) ، ومخطوط تاريخ دمشق (٢ / ٤٣٦) (ثقة من حفّاظ الحديث) ، ومعجم البلدان ١ / ٤٧٨ (شرحه) ، ومختصر تاريخ دمشق ٤ / ٥٥ ، وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٦١٣ (قال ابن يونس) ، وتاريخ الإسلام ٢٠ / ٦١ (قال ابن يونس : أحد الحفاظ المجوّدين).

(٧) الأنساب ١ / ٣٢٨ (أغفل ذكر مصدره ابن يونس) ، ومخطوط تاريخ دمشق ٢ / ٤٣٦ ، ومعجم البلدان (١ / ٤٧٨) ، ومختصر تاريخ دمشق (٤ / ٥٥) ، وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٦١٣ (لم يذكر أباه).

(٨) الأنساب ١ / ٣٢٨ (أغفل ذكر مصدره ابن يونس ، وفى ذكر تاريخ الوفاة لم يحدد اليوم ، وحوّل ستّا وعشرين ليلة إلى ست عشرة ليلة) ، ومخطوط تاريخ دمشق (١٢ / ٤٣٦) ، ومعجم البلدان ١ / ٤٧٨ (ذكر سنة الوفاة فقط) ، ومختصر تاريخ دمشق (٤ / ٥٥) ، وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٦١٣ (ذكر شهر ، وسنة الوفاة) ، وتاريخ الإسلام ٢٠ / ٦١ (شرحه). ويبدو أن ابن

١٠

١٣ ـ إبراهيم بن رزق الله(١) بن بيان الكلوذانىّ(٢) : من أهل كلوذاى(٣) . وهو أخو «حبّوش بن رزق الله المصرى»(٤) . مولده ببلده ، ومولد أخيه بمصر(٥) .

١٤ ـ إبراهيم بن زرعة : أندلسى (مولى قريش). يكنى أبا زياد. روى عنه سحنون ابن سعيد. وتوفى ـرحمه‌الله ـ بإفريقية ، سنة اثنتى عشرة ومائتين(٦) .

١٥ ـ إبراهيم بن زيّان : أبو إسحاق. أندلسى ، من أصحاب سحنون. مات سنة ثلاث وسبعين ومائتين(٧) .

__________________

يونس أغفل ذكر بعض أساتيذ وتلاميذ المترجم له ، على عكس ما كان يحرص من قبل ، إذ لم نجد مصدرا من المصادر التى نقلت عنه هذه الترجمة ، ذكرت شيئا من ذلك. وحرصا على تتمة الفائدة ، نورد بعض هؤلاء الأساتيذ والتلاميذ عن غير طريق ابن يونس ، فنقول : روى بدمشق عن أبى مسهر ، وصفوان بن صالح. وبغير دمشق ـ ربما فى مصر والعراق ـ روى عن ابن أبى مريم ، وأبى صالح المصرى ، والحكم بن نافع ، وآدم بن أبى إياس. روى عنه الطحاوى ، وأبو العباس الأصمّ ، ومحمد بن يوسف الهروىّ. (مخطوط تاريخ دمشق ٢ / ٤٣٥) ، ومعجم البلدان (١ / ٤٧٨) ، وسير النبلاء (١٢ / ٦١٣) ، وتاريخ الإسلام (٢٠ / ٦١).

(١) سقط لفظة الجلالة من اسم والد (المترجم له) فى (تاريخ بغداد ٦ / ٧٥). وأثبته السمعانى فى ترجمة أخيه ، وترجمته (الأنساب (٥ / ٨٩ ـ ٩٠).

(٢) كذا فى (تاريخ بغداد (٦ / ٧٥). وفى (الأنساب (٥ / ٨٩) : الكلواذانىّ) مضبوطة بالحروف ، وقال : نسبة إلى (كلوذان) ، وهى قرية من قرى بغداد على خمسة فراسخ منها. وأضاف : النسبة إليها (كلواذانى ، وكلوذانى). وفى (معجم البلدان ٤ / ٥٤٢): (كلواذى) ، وهى ألف تكتب ياء مقصورة. وذكر أنها قرب بغداد ناحية الجانب الشرقى من جانبها ، وناحية الجانب الغربى من نهر (بوق). وقال ياقوت : هى ـ الآن ـ خرابة ، وأثرها باق ، وبينها وبين بغداد فرسخ للمنحدر.

(٣) كذا فى (تاريخ بغداد ٦ / ٧٥). وهى تقابل (كلوذان) فى (الأنساب ٥ / ٨٩).

(٤) هو أبو محمد. ولد بمصر ، وأبوه من أهل (كلواذان). ثقة ، يروى عن أبى صالح ، والنضر بن عبد الجبار. توفى فى شوال سنة ٢٨٢ ه‍ (السابق ٥ / ٩٠).

(٥) تاريخ بغداد ٦ / ٧٥ (ذكره أبو سعيد بن يونس المصرى فى تاريخه) ، قال : ولم يزد أبو سعيد على ذلك. وذكره صاحب (الأنساب ٥ / ٩٠) (وأغفل ذكر مصدره ابن يونس).

(٦) تاريخ ابن الفرضى (ط. الخانجى) ١ / ١٦ (ذكره أبو سعيد) ، والجذوة ١ / ٢٤٠ (شرحه) ، والبغية ص ٢١٨ (شرحه).

(٧) الجذوة (١ / ٢٣٩) ، والبغية ٢١٨ (وسمّاه زبّان) بالباء ، وأظنه من قبيل التحريف. وأضاف الحميدى فى (الجذوة ١ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠) ، والضبى ـ نقلا عنه ـ فى البغية) ص ٢١٨ ما يلى : ذكره بعض المؤلفين فى الفقهاء ، وأظنه صحّفه أو رآه كذلك ، وإنما هو (إبراهيم بن محمد بن باز)

١١

١٦ ـ إبراهيم بن سعيد بن عروة بن يزيد بن السحوح التجيبى البرقى : وله ببرقة بقية. توفى فى شوال سنة ستين ومائتين(١) .

١٧ ـ إبراهيم بن سليم بن عطية البكرى : يكنى أبا الجوشن. أخو أبى عرابة(٢) ، عبد العزيز بن سليم. توفى سنة أربع وسبعين ومائة(٣) .

١٨ ـ إبراهيم بن شعيب الباهلىّ : من أهل إلبيرة. يكنى أبا إسحاق. روى عن يحيى ابن يحيى ، وعبد الملك بن حبيب. ورحل ، فلقى سحنون بن سعيد ، وحدّث. توفى سنة خمس وستين ومائتين(٤) .

١٩ ـ إبراهيم بن صالح بن على بن عبد الله بن عبّاس : كان أمير مصر(٥) . حكى عنه ابن وهب. بنى فى ولايته على مصر دار عبد العزيز ـ عند خروجه ـ لآل عبد الرحمن ابن عبد الجبار الأزدى فى سنة خمس وستين ومائة(٦) . توفى يوم الخميس لليلتين خلتا

__________________

نسب إلى جدّه ، وغيّر ، وهو المعروف من أصحاب (سحنون). وإبراهيم بن زبان ـ الموجود فى رأس الترجمة : زيان ـ غير معروف. على أنى قد رأيته فى بعض النسخ من تاريخ ابن يونس هكذا (أى : إبراهيم بن زيان). والله أعلم.

(١) الأنساب ١ / ٣٢٤ (ذكره أبو سعيد بن يونس ضمن علماء برقة).

(٢) ورد فى (الإكمال ٦ / ١٨٤) ، باب (عرابة ، وعرانة) ، ولكنه لم يضبط بالشكل. وأظنها بفتح العين ؛ قياسا على ما ورد فى (الأنساب ٤ / ١٧٤) باب (العرابىّ).

(٣) السابق ٢ / ١٦٥ (قاله ابن يونس).

(٤) تاريخ ابن الفرضى ١ / ١٧ (ذكر وفاته أبو سعيد).

(٥) مخطوط تاريخ دمشق (٢ / ٤٤٧). ذكر الكندى : أن (إبراهيم بن صالح) ولى مصر مرتين : الأولى ـ سنة ١٦٥ ه‍ فى (الحادى عشر من المحرم) فى عهد المهدى (على صلاتها ، وخراجها) ، وصرف سنة ١٦٧ ه‍ بعد حوالى ثلاث سنوات ، وقد عزله المهدى عزلا قبيحا ؛ لتقاعسه عن مواجهة الثائر الأموى فى مصر (دحية بن معصب بن الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان) ، الذي خرج بالصعيد ، وملك عامّته (كتاب الولاة ص ١٢٣ ـ ١٢٤). ثم وليها ـ للمرة الثانية ـ فى عهد الرشيد (منتصف جمادى الأولى سنة ١٧٦ ه‍) ، حتى وفاته فى شعبان من العام نفسه (السابق : ١٣٥ ، والنجوم ٢ / ١٠٦).

(٦) الانتصار ١ / ١٠. وهذا يعنى : أن هذا الأمير بنى هذه الدار لنفسه فى السنة المذكورة (١٦٥ ه‍) ، ثم وهبها للأسرة المذكورة لدى خروجه من مصر معزولا عن ولايته. ودليل صحة هذا الفهم النص الواضح الصريح الذي أورده الكندى فى (الولاة ص ١٢٤) ، قال : ابتنى ـ أى : إبراهيم بن صالح ـ داره العظمى المعروفة ـ اليوم ـ بدار عبد العزيز ، التى فى الموقف ، ثم وهبها عند خروجه ـ أى : معزولا عن ولايته الأولى على مصر ١٦٧ ه‍ ـ لآل عبد الرحمن بن عبد الجبار.

١٢

من شعبان سنة ست وسبعين ومائة(١) . وقبره أول قبر ، بيّض بمصر ، ولا يعرف اليوم(٢) .

٢٠ ـ إبراهيم بن عبد الله بن قارظ الكنانىّ(٣) : حليف بنى زهرة. روى عن جابر بن عبد الله ، وأبى هريرة ، ومعاوية بن أبى سفيان. روى عنه عمر بن عبد العزيز ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن(٤) . قدم مصر زمن عمر بن عبد العزيز(٥) .

٢١ ـ إبراهيم بن عبد السلام بن محمد بن شاكر بن سعد بن قيس الوشّاء(٦) البغدادى المكفوف(٧) : يكنى أبا إسحاق. حدّث بمصر(٨) . روى عن يونس بن عبد الأعلى المصرى. روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبرانى ، وأحمد بن مسعود الزّنبرىّ المصرى(٩) . وتوفى بمصر سنة اثنتين وثمانين ومائتين(١٠) .

__________________

(١) مخطوط تاريخ دمشق ٢ / ٤٤٧ (بسنده إلى عمرو بن منده ، عن أبيه ، قال : قال لنا أبو سعيد ابن يونس) ، وتاريخ الإسلام ١١ / ٣٠ (ذكر الشهر ، والسنة مصدّرين بلفظة ـ (قيل). أرّخه (ابن يونس). وفى (الولاة) للكندى ص ١٣٥ : توفى واليا على مصر (يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان سنة ١٧٦ ه‍) عن ولاية مدتها (شهران ، و١٨ يوما). وأكّد الذهبى وفاته بمصر فى (تاريخ الإسلام ١١ / ٣٠) ، فذكر أن المترجم له اعتل علة شديدة ببغداد ، أوشك معها على الهلاك ، ثم برئ ، وحدث أن ولى مصر ومات بها ، ودفن ، فكانوا يقولون : رجل توفى ببغداد ، ودفن بمصر ، من هو؟.

(٢) الانتصار ١ / ١٠ (ذكر ذلك ابن يونس). وفى (الولاة) ص ١٣٥ : فكان قبره أول قبر ، بيّض فى مقبرة مصر.

(٣) ويقال : عبد الله بن إبراهيم بن قارظ الكنانىّ (تهذيب التهذيب ١ / ١١٧).

(٤) انتقيت ذلك وفق المعروف من منهج ابن يونس (المصدر السابق).

(٥) السابق (قال ابن يونس). ووصفه ابن حجر فى (التقريب ١ / ٣٧) ، بأنه صدوق.

(٦) نسبة إلى بيع الوشى ، وهو نوع من الثياب المعمولة من الحرير (الأنساب ٥ / ٦٠٤).

(٧) ورد فى (تاريخ بغداد ٦ / ١٣٦) ، والأنساب (٥ / ٦٠٤) : أنه كف بصره آخر عمره ، وانتقل إلى مصر ، فمات بها. ويلاحظ أن الخطيب البغدادى اكتفى فى إيراد نسبه ـ بسنده إلى ابن يونس ـ بما يلى : (إبراهيم بن عبد السلام البغدادى) ، ولا أدرى إذا كان الخطيب نقل ما أورده ابن يونس بنصه دون اختصار ، أم أن مؤرخنا كان يعرض أنساب مترجميه مختصرة أحيانا فى (تاريخ الغرباء) ، خلافا لما كان عليه الحال فى (تاريخ المصريين). وعلى كل ، فقد أوردت النسب كاملا ؛ تمشيا مع منهجه المعلوم ، حتى تتجلى الأمور بمضىّ المزيد من التراجم.

(٨) تاريخ بغداد (٦ / ١٣٦).

(٩) سجلت ذلك وفق منهج مؤرخنا (المصدر السابق ٦ / ١٣٦ ، والأنساب ٥ / ٦٠٤).

(١٠) تاريخ بغداد ٦ / ١٣٦ (مصدّرا الترجمة بالسند الآتى : حدثنا محمد بن على الصورى ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأزدى ، حدثنا عبد الواحد بن محمد بن مسرور ، حدثنا أبو سعيد بن يونس ، قال) ، والأنساب (٥ / ٦٠٤) (مغفلا ذكر ابن يونس).

١٣

٢٢ ـ إبراهيم بن أبى عبلة(١) شمر(٢) بن يقظان بن عبد الله المرتحل الدمشقى(٣) : يكنى أبا إسماعيل. روى عن عتبة بن غزوان ، وأنس بن مالك. روى عنه مالك ، والليث ، وابن المبارك(٤) . مات سنة اثنتين وخمسين ومائة(٥) .

٢٣ ـ إبراهيم بن عقيل بن خالد الأيلىّ(٦) : يروى عن أبيه. روى عنه ابنه عقيل بن إبراهيم ، وعلىّ بن القاسم صاحب الطعام حديثا صحيحا(٧) .

٢٤ ـ إبراهيم بن عيسى المرادى : من أهل إستجة(٨) . يروى عن العتبىّ(٩) . وابنه إسحاق يروى ـ أيضا ـ عن العتبى. وتوفى إبراهيم (رحمه‌الله ) فى أيام الأمير عبد الله ابن محمد (رحمه‌الله )(١٠) .

__________________

(١) ضبطت العين بالفتح ، وسكّنت الباء الموحدة (الإكمال ٦ / ٧٣ ، والتقريب ١ / ٣٩).

(٢) بكسر المعجمة (الشين). وهذا يعنى سكون الميم كما رأى محقق (التقريب). (السابق ١ / ٣٩ ، وهامش ١).

(٣) كذا فى (تهذيب التهذيب ١ / ١٢٤). وأضاف : لقبه الرملى ، وقيل : الدمشقى. وفى (تهذيب الكمال ٢ / ١٤٠): (سقط عبد الله من النسب ، وأضيف له نسب العقيلىّ).

(٤) سجلت ذلك حسب المعتاد من منهج ابن يونس (تهذيب التهذيب ١ / ١٢٤).

(٥) تهذيب الكمال ٢ / ١٤٥ (قال أبو سعيد بن يونس) ، وتهذيب التهذيب (١ / ١٢٤) (قال ابن يونس). ويلاحظ أن له ترجمة فى (الإكمال ٦ / ٣٠٨) ، ذكر فيها أنه يروى عن أبيه (شمر بن يقظان) المعروف ب (أبى عبلة).

(٦) ضبطت بالحروف. وتنسب إلى (أيلة) ، وهى بلدة على ساحل بحر القلزم ، مما يلى ديار مصر. (الأنساب ١ / ٢٣٧).

(٧) الإكمال ١ / ١٢٨ (قاله ابن يونس). وستأتى ترجمة أبيه (عقيل بن خالد بن عقيل الأيلى) فى باب (العين).

(٨) كورة بالأندلس متصلة بأعمال ريّة. وهى قديمة ، أراضيها واسعة ، تقع على نهر غرناطة ، بينها وبين قرطبة عشرة فراسخ ، ومتصلة بأعمالها. (معجم البلدان ١ / ٢٠٧).

(٩) ورد فى (بغية الملتمس) ص ٢١٩ : أنه (محمد بن أحمد العتبى). وفى (الديباج) (٢ / ١٦٧ ـ ١٧٧) : هو محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة بن جميل بن عتبة بن أبى سفيان. قرطبى ، سمع بالأندلس يحيى بن يحيى ، وسعيد بن حسان. رحل ، فسمع سحنون ، وأصبغ. جمع المستخرجة فى الفقه المالكى. حافظ للمسائل. توفى سنة ٢٥٤ ، أو ٢٥٥ ه‍.

(١٠) تاريخ ابن الفرضى (ط. الخانجى) ١ / ٢٠ (ذكره أبو سعيد ، وحكى روايته عن العتبىّ) ، والبغية ص ٢١٩ (غير منسوب إلى ابن يونس) ، وإن ذكر نسب الأمير كاملا : (عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك

١٤

٢٥ ـ إبراهيم بن عيسى بن عاصم بن مسلم بن كعب الثقفى : أندلسى. يكنى أبا إسحاق. محدّث له رحلة ، وسماع(١) .

٢٦ ـ إبراهيم بن أبى الفيّاض عبد الرحمن بن عمرو البرقى (مولى سبأ) : ويقال :

مولى رعين. يكنى أبا إسحاق. من أصحاب عبد الله بن وهب ، وحدّث عن أشهب بن عبد العزيز مناكير. توفى بمصر يوم الاثنين لست خلون من شعبان سنة خمس وأربعين ومائتين(٢) . روى عنه محمد بن داود بن أسلم ، وغيره(٣) .

٢٧ ـ إبراهيم بن قاسم بن هلال بن يزيد بن عمران القيسى : من أهل قرطبة. يكنى أبا إسحاق. سمع أباه ، وسحنون بن سعيد ، ويحيى بن يحيى ، وغير واحد(٤) . وكان فقيها عابدا. روى عنه أحمد بن خالد بن الحباب ، وغيره. توفى سنة اثنتين وثمانين ومائتين(٥) .

٢٨ ـ إبراهيم بن محمد المرادى : قرطبى ، سمع من رجال بلاده(٦) ، ومات بها سنة

__________________

ابن مروان بن الحكم). ويمكن معرفة فترة حكم هذا الأمير (ولد ٢٠٣ ه‍ ، وولى ٢٧٥ ه‍ ، وتوفى ٣٠٠ ه‍) ، وما فيها من ثورات وفتن فى : (تاريخ افتتاح الأندلس ـ ط. الإبيارى ـ ص ١١٥ ـ ١٢٤ ، والجذوة ١ / ٤١).

(١) السابق ١ / ٢٤١ (هكذا بخط الصورى أبى عبد الله الحافظ). وفى السابق (١ / ٢٣٨) ذكر (إبراهيم بن حسين بن عاصم بن مسلم بن كعب الثقفى) ، وقال : وفى موضع آخر : ورد اسم (عيسى) بدل (حسين) ، ورجّح فى ج (١ / ٢٤١) ، أن هذا أصح. إذا ، هما شخص واحد. اختلف فى نسبه (رحل ، وسمع ، وحدّث). ولى السوق أيام الأمير محمد ، ومات سنة ٢٥٦ ه‍. هذا ، وقد نقل (الضبى) الترجمة بحذافيرها عن الحميدى ، ذاكرا تعليقه ـ دون أن ينسب التعليق إلى صاحبه ـ وذلك فى (البغية ص ٢١٩). وذكّر بالاختلاف الوارد حول اسم (عيسى) فى ترجمة سابقة ، وردت فى (السابق) ص ٢١٥ ـ ٢١٦) ، دون أن يشير إلى (الحميدى) أيضا.

(٢) الأنساب ١ / ٣٢٤ (ذكره ابن يونس ضمن علماء برقة).

(٣) السابق (١ / ٣٢٥).

(٤) تاريخ الإسلام ٢١ / ١١١ (نصّ ابن يونس على روايته عن يحيى بن يحيى). وبقية الترجمة غير منسوبة صراحة إليه ، لكنها من منهجه وطريقته ، فرجّحت أنها له. وقد ترجم له ابن الفرضى ، وذكر نسبه الوارد فى المتن (تاريخه ـ ط. الخانجى ١ / ١٩). وترجم ـ كذلك ـ لابن أخيه (إبراهيم بن محمد بن قاسم بن هلال القرطبى (ت ٣٢٨ ه‍). (السابق (١ / ٢٥).

(٥) تاريخ الإسلام (٢١ / ١١١).

(٦) منهم : قاسم بن محمد (ذكره ابن الفرضى فى تاريخه ـ ط. الخانجى) ج ١ / ص ٢٤.

١٥

ست وعشرين وثلاثمائة(١) .

٢٩ ـ إبراهيم بن محمد بن باز الأندلسى : يكنى أبا إسحاق. من أصحاب سحنون. سمع منه ، ومن عون بن يوسف ، ويحيى بن يحيى. توفى بالأندلس سنة ثلاث وسبعين ومائتين(٢) .

٣٠ ـ إبراهيم بن مرزوق بن دينار البصرى : يكنى أبا إسحاق. سكن مصر(٣) . روى عن أبى داود الطّيالسىّ ، وعبد الصمد بن عبد الوارث. روى عنه النسائى ، والطحاوى(٤) ، توفى بمصر يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة سبعين ومائتين(٥) ، وصلى عليه بكّار القاضى. وكان عمى قبل وفاته بشىء يسير(٦) . وكان ثقة ثبتا(٧) .

٣١ ـ إبراهيم بن المضاء بن طارق الأسدى : يكنى أبا إسحاق. قيروانى ، سمع من سحنون. وكان رجلا صالحا ، وكان له مسجد يجتمع إليه فيه القراء والمعبّرون. ولم يقرأ الكتاب عليه(٨) . سمع ـ أيضا ـ عن محمد بن على الرعينى. وروى عنه يحيى بن محمد ابن حشيش(٩) .

__________________

(١) الجذوة ١ / ٢٣٢ (ذكره أبو سعيد بن يونس) ، والبغية ٢١١ (شرحه ، إلا أنه حرّف تاريخ الوفاة إلى سنة ٣٢١ ه‍). والتاريخ الوارد بالمتن أصوب ؛ لأنه موافق لما ذكره ابن الفرضى فى (تاريخه ـ ط. الخانجى) ١ / ٢٤.

(٢) الإكمال ٧ / ٥٣ (قاله ابن يونس).

(٣) سير أعلام النبلاء (١٢ / ٣٥٥).

(٤) سجلت ذلك وفق منهج ابن يونس (تهذيب الكمال ٢ / ١٩٧ ـ ١٩٨ ، وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٣٥٥).

(٥) تهذيب الكمال ٢ / ١٩٨ (قال أبو سعيد ابن يونس) ، وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٣٥٤ (ذاكرا شهر وسنة الوفاة ، منسوبين إلى ابن يونس) ، ومخطوط إكمال مغلطاى ١ / ق ٦٨ (توفى بمصر).

(٦) السابق (قال أبو سعيد بن يونس فى تاريخ الغرباء) ، وتهذيب التهذيب ١ / ١٤٢ (شرحه).

(٧) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٣٥٤ (قال ابن يونس) ، ومخطوط إكمال مغلطاى (١ / ق ٦٨) ، وتهذيب التهذيب (١ / ١٤٢).

(٨) ربما كان المعنى : لم يعتمد على كتاب يقرأ عليه ، بل كان يعتمد على المشافهة ، والحفظ فى القراءة.

(٩) ترتيب المدارك : مجلد ٢ ص ١٣٠ (قال أبو سعيد بن يونس). ويلاحظ سقوط كلمة (ابن)

١٦

٣٢ ـ إبراهيم بن موسى بن جميل الأموى الأندلسى : يكنى أبا إسحاق. روى عن عبد الله بن مسلم بن قتيبة ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم. روى عنه النسائى ، والطحاوى(١) . توفى إبراهيم بن موسى بن جميل (رحمه‌الله ) بمصر فى جمادى الأولى سنة ثلاثمائة ، وقد كتبت عنه ، وكان ثقة(٢) .

٣٣ ـ إبراهيم بن نصر القرطبى(٣) : يكنى أبا إسحاق(٤) . فقيه محدّث مشهور(٥) .

توفى بها سنة سبع وثمانين ومائتين(٦) . حدّث عن يونس بن عبد الأعلى ، ومحمد بن

__________________

قبل (حشيش). ويمكن مراجعة ترجمة ابنه (حشيش) فى (رياض النفوس ـ ط. بيروت) (٢ / ٣٢٠ ـ ٣٢٢). ولمزيد من المعلومات عن المترجم له راجع : المدارك مج ٢ / ١٣٠ ـ ١٣١ (من الصالحين ، مستجاب الدعوة ، توفى سنة ٢٥٠ ه‍) ، ومعالم الإيمان (٢ / ١٧٤ ـ ١٧٦).

(١) سجلت ذلك وفق منهج ابن يونس (تهذيب الكمال ٢ / ٢١٨ ، وتاريخ الإسلام ٢٢ / ١٠٢).

(٢) تاريخ ابن الفرضى (ط. الخانجى) ١ / ٢٢ ـ ٢٣ (وأخبرنى محمد بن أحمد الحافظ ، قال : قال لنا أبو سعيد حفيد يونس بمصر) ، والجذوة ١ / ٢٤٣ (كان ثقة ، سمعت منه) ، وتهذيب الكمال ٢ / ٢١٨ (قال ابن يونس) ، وتاريخ الإسلام ٢٢ / ١٠٣ (لم يذكر شهر الوفاة. وثقه ابن يونس) ، وميزان الاعتدال ١ / ٦٩ (لم يذكر شهر الوفاة ، وصدّر النص بقوله : كان ابن يونس يقول) ، وتهذيب التهذيب ١ / ١٤٨ (قال ابن يونس).

(٣) كذا ورد فى (الإكمال ٧ / ١٤١ ، والجذوة ١ / ٢٤٤ ، والبغية ٢٥٥). ثم عاد الحميدى ، وترجم ل (إبراهيم بن نصر السرقسطى) ١ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، وقال فى نهايتها : وأنا أظن هذا الاسم ، والذي قبله واحدا ، ولعله كان من إحدى البلدتين ، فسكن الأخرى. والله أعلم (ويقصد بالبلدتين : قرطبة ، وسرقسطة). وعلى المنوال نفسه سار الضبى فى (بغية الملتمس) (ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦) ، وإن كان قد صرح ـ على غير عادته ـ برأى الحميدى المذكور فى نهاية الترجمة ، ونسبه إليه هنا ، ثم أضاف ترجمة ثالثة باسم (إبراهيم بن نصر الجهنى) ، وقال عنه : قرطبى ، توفى ب (سرقسطة) سنة ٢٨٧ ه‍. وعلّق قائلا : فصحّ بذلك ما ظنه الحميدى. والله أعلم. وبناء عليه ، فالترجمات الثلاث الواردة سلفا لشخص واحد من قرطبة أصلا ، ولكن أباه خرج به إلى سرقسطة عند هيج أهل الرّبض (كانت ثورتهم سنة ٢٠٢ ه‍). وله رحلة إلى المشرق ، وعلم بالحديث وعلله. ثم توفى فى (سرقسطة) سنة ٢٨٧ ه‍. (تاريخ ابن الفرضى (ط. الخانجى) ١ / ٢٠ ـ ٢١.

(٤) وردت هذه الكنية فى (السابق ١ / ٢٠ ، والجذوة ١ / ٢٤٤ ، والبغية ٢٢٥). وذكرتها ؛ لأن من منهج ابن يونس ذكر كنية المترجم له غالبا ما عرفت.

(٥) الجذوة ١ / ٢٤٤ (محدّث) ، والبغية ص ٢٢٥. (أضاف كلمتى : فقيه مشهور).

(٦) الإكمال ٧ / ١٤١ (لم يذكر لفظة (بها) ، ذكره ابن يونس) ، والجذوة ١ / ٢٤٤ (لقب بالقرطبى ، فيقصد بلفظة «بها» : بقرطبة) ، والبغية ٢٢٥ (شرحه). وقد رجحنا فى (هامش ٣) أن الوفاة كانت ب (سرقسطة).

١٧

عبد الله بن عبد الحكم ، والمزنى ، والربيع المرادى. وروى عنه عثمان بن عبد الرحمن ابن عبد الحميد ، المعروف ب (ابن أبى زيد)(١) .

٣٤ ـ إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجانى(٢) : تميمى خراسانى(٣) . يكنى أبا إسحاق. قدم مصر سنة خمس وأربعين ومائتين. كتب عنه. وكانت وفاته بدمشق سنة ست وخمسين ومائتين(٤) . روى عن عبد الصمد بن عبد الوارث ، وأبى صالح كاتب الليث ، وزيد بن الحباب(٥) .

ذكر من اسمه «أبو عبيدة» :

٣٥ ـ أبو عبيدة بن الفضيل بن عياض المكى : قدم مصر فى وكالة توكّلها ، فحدّث عن والده (رحمه‌الله ) ثم رجع إلى مكة ، وبها توفى سنة ست وثلاثين ومائتين فى صفر(٦) .

ذكر من اسمه «أبيض» :

٣٦ ـ أبيض(٧) بن مهاجر الرّيّىّ(٨) الأندلسى العامل(٩) : كان على أحسن طريقة ،

__________________

(١) انتقيت ذلك وفق منهج ابن يونس (تاريخ ابن الفرضى ، ط. الخانجى) ١ / ٢٠ (ترجمة إبراهيم ابن نصر الجهنى) ، والجذوة (ترجمة السرقسطى) ١ / ٢٤٤ ، والبغية ٢٢٥ (شرحه).

(٢) نسبة إلى (جوزجانان) : مدينة ب (خراسان) مما يلى (بلخ) ، والنسبة إليها : جوزجانى. (الأنساب ٢ / ١١٦). وذكر ياقوت أنها (جوزجان ، أو جوزجانان) ، فهما واحد ، وضبطها بالشكل ، وذكر أنها كورة واسعة من كور بلخ ب (خراسان) ، وهى بين (مرو الروذ ، وبلخ). (معجم البلدان ٢ / ٢١١ ـ ٢١٢).

(٣) مخطوط إكمال مغلطاى ١ / ق ٧٥ (نسبه ابن يونس فى تاريخ الغرباء هكذا).

(٤) تهذيب الكمال ٢ / ٢٤٨ (قال أبو سعيد بن يونس) ، ومخطوط إكمال مغلطاى ١ / ق ٧٥ (يعتقد أن المزى نقل تاريخ وفاة المذكور عن تاريخ الغرباء لابن يونس بوساطة ابن عساكر فيما يظن ، وتهذيب التهذيب ١ / ١٥٩ (قال ابن يونس : مات بدمشق سنة ٢٥٦ ه‍).

(٥) اكتفيت بذكر بعض أساتيذه وفق منهج ابن يونس (المصدر السابق) ١ / ١٥٨ ـ ١٥٩ ، على اعتبار أنه قال : كتب عنه ، فلم يذكر ـ إذا ـ تلاميذه. راجع مزيدا من التفاصيل عنه فى : (معجم البلدان ٢ / ٢١٢ ، وتهذيب التهذيب ١ / ١٥٨ ـ ١٥٩).

(٦) تاريخ الإسلام ١٧ / ٤٢٦ (قاله ابن يونس).

(٧) حرفت إلى (أبى) فى (الأنساب) ٣ / ١١٨.

(٨) ضبطت بالحروف ، وهى نسبة إلى (ريّة) ، وهى مدينة من بلاد الأندلس. (اللباب ، لابن الأثير ٢ / ٥٠).

(٩) كذا فى (المصدر السابق) ٢ / ٥٠.

١٨

وأجمل مذهب(١) .

ذكر من اسمه «أحمد» :

٣٧ ـ أحمد بن إبراهيم بن حمّاد بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد(٢) : يكنى أبا عثمان. ولى قضاء مصر ، وقدم إليها ، ثم عزل ، فأقام بمصر إلى أن توفى بها فى يوم الأحد لسبع بقين من شهر رمضان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة(٣) . وكان حييا كريما سخيا ، حدّث عن إسماعيل بن إسحاق ، وعن خلق كثير من أهل بغداد. وكان ثقة كثير الحديث(٤) .

٣٨ ـ أحمد بن إبراهيم بن عجنّس بن أسباط ، الزّبادىّ : محدث أندلسى(٥) . يكنى أبا الفضل. والزّباد : ولد كعب بن حجر بن الأسود بن الكلاع(٦) . سمع من أبيه. وتوفى (رحمه‌الله ) سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة(٧) . حدّث(٨) . وله أخ اسمه «عبد الرحمن»(٩) .

__________________

(١) الأنساب ٣ / ١١٨ (ذكره الخشنى فى كتابه ، وقال : هكذا قال أبو سعيد بن يونس) ، واللباب ٢ / ٥٠ (كان حسن الطريقة. قاله ابن يونس).

(٢) تكملة النسب : ابن درهم الأزدى ، مولى آل جرير بن حازم الجهضمى البصرى الأصل البغدادى المالكى (رفع الإصر ـ نشر : جست) ص ٥٣٧.

(٣) تاريخ بغداد ٤ / ١٥. وصدّر النص بقوله : (حدثنا محمد بن على الصّورىّ ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأزدى ، حدثنا عبد الواحد بن محمد بن مسرور ، حدثنا أبو سعيد بن يونس ، قال). ويلاحظ أن فى (رفع الإصر) ١ / ٥٠ ، ونفسه (نشرة جست) ص ٥٣٨ : أنه عاش إلى شهر رمضان سنة ٣٢٩ ه‍ ، فمات ببغداد فى هذه السنة بعد أخيه بنحو سنة ، ولا خلاف حول زمان وفاته ، فأخوه (هارون بن إبراهيم بن حماد) مات فجأة فى جمادى الأولى ٣٢٨ ه‍ (السابق ص ٥٣٥). أما مكان الوفاة ، فنص يقول : مات بمصر ، وآخر يقول : توفى ببغداد (وكلاهما عن ابن يونس). والأرجح ـ عندى ـ النص المسند فى (تاريخ بغداد).

(٤) تاريخ بغداد ٤ / ١٥ ، ورفع الإصر ١ / ٥٠ (قال أبو سعيد بن يونس).

(٥) ذكر ابن الفرضى أنه من بلد بالأندلس ، تسمى (وشقة). (تاريخه ، ط. الخانجى) ١ / ٤٣.

(٦) الجذوة ١ / ١٨٧ ، والبغية ١٦٩.

(٧) تاريخ ابن الفرضى (ط. الخانجى) ١ / ٤٣ (ذكره أبو سعيد) ، والجذوة ١ / ١٨٧ (ذكر سنة الوفاة) ، والبغية ١٦٩ (شرحه).

(٨) تاريخ ابن الفرضى (ط. الخانجى) ١ / ٤٣.

(٩) الجذوة ١ / ١٨٧ (ذكرهما أبو سعيد المصرى) ، والبغية ١٦٩ (شرحه).

١٩

٣٩ ـ أحمد بن إبراهيم بن يحيى بن يعقوب بن الوليد بن سالم : مولى اليسع بن عبد الحميد «مولى آل عمرو بن العاصى». يكنى أبا بكر. سمع كثيرا. كان يتفقه على مذهب مالك بن أنس. وتوفى فى جمادى الآخرة سنة ست وعشرين وثلاثمائة(١) .

٤٠ ـ أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط الأشجعىّ : صاحب النسخة المشهورة الموضوعة. روى عن أبيه ، وزعم أنه ولد سنة سبعين ومائة. روى عنه أحمد بن محمد البيروتى ، وأحمد بن القاسم بن الزيات ، والطبرانى ، وسواهم. توفى بمصر سنة سبع وثمانين ومائتين ، وهو كوفى قدم مصر ، وكان يكون بالجيزة(٢) .

٤١ ـ أحمد بن إسحاق بن واضح بن عبد الصمد بن واضح العسّال «مولى قريش» : يكنى أبا جعفر. توفى فى صفر سنة أربع وثمانين ومائتين. يروى عن سعيد بن أسد بن موسى ، وغيره(٣) .

٤٢ ـ أحمد بن إشكاب(٤) الحضرمى الصفّار الكوفى : يكنى أبا عبد الله. كوفى ، نزل مصر(٥) . روى عن أبى بكر بن عيّاش ، وشريك بن عبد الله النخعى. روى عنه بكر بن سهل الدمياطى(٦) . مات سنة سبع ، أو ثمانى عشرة ومائتين(٧) .

__________________

(١) الإكمال ٧ / ٤٢٩ (قاله ابن يونس). وقد رجحت أندلسيته ؛ لأن مواليه من آل اليسع بالأندلس (محمد بن اليسع ، وسهل بن اليسع).

(٢) تاريخ الإسلام ٢١ / ١٥١ (قال أبو سعيد بن يونس).

(٣) الإكمال ٧ / ٤٧ (قاله ابن يونس) ، والأنساب ٤ / ١٨٩ (شرحه).

(٤) بكسر الهمزة ، وبعدها معجمة (التقريب) ١ / ١١. وفى (تهذيب التهذيب) ١ / ١٤ : قيل : اسم أبيه معمر ، وقيل : عبيد الله ، وقيل : مجمع.

(٥) تاريخ الإسلام ١٥ / ٣٦.

(٦) انتقيت ذلك وفق ما عهدنا من منهج ابن يونس (تهذيب الكمال ١ / ٢٦٨ ، وتهذيب التهذيب ١ / ١٤).

(٧) تهذيب الكمال ١ / ٢٦٩ (قال أبو سعيد بن يونس) ، وتاريخ الإسلام ١٥ / ٣٧ (وقال ابن يونس فى تاريخه) ، وتهذيب التهذيب ١ / ١٤ (شرحه). وزاد ابن حجر قائلا : زعم مغلطاى (مخطوط إكمال تهذيب الكمال) ١ / ق ٧ : أن الذي فى (كتاب ابن يونس) : مات سنة تسع عشرة ، أو ثمانى عشرة (أى : ومائتين). كذا هو فى عدة نسخ من التاريخ ، بتقديم التاء على الثاء (لا السين ، كما ورد فى النص). أى : فى تقديم التاء فى (تسع عشرة) على الثاء فى (ثمانى عشرة) ، على اعتبار أن المعتاد أن يقال : ثمانى عشرة ، أو تسع عشرة (من الأصغر إلى الأكبر). وأخيرا ، فقد حكى ابن حجر فى (تهذيب التهذيب) ١ / ١٤ توثيقه.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

يثبت أن فرعون ونظراءه من أدعياء الرّبوبية يكذبون جميعا في ادعائهم ، وأن ربّ العالمين هو الله فقط ، لا فرعون ولا غيره من البشر.

وفي الآية اللاحقة نقرأ أنّ موسى عقيب دعوى الرسالة من جانب الله قال : فالآن إذ أنا رسول ربّ العالمين ينبغي ألا أقول عن الله إلّا الحق ، لأنّ المرسل من قبل الله المنزّه عن جميع العيوب لا يمكن أن يكون كاذبا( حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ ) .

ثمّ لأجل توثيق دعواه للنّبوة ، أضاف : أنا لا أدعي ما أدّعيه من دون دليل ، بل إنّ معي أدلة واضحة من جانب الله( قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ) .

فإذا كان الأمر هكذا( فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ ) .

وكان هذا في الحقيقة قسما من رسالة موسى بن عمران الذي حرّر بني إسرائيل من قبضة الاستعمار الفرعوني ، ووضع عنهم إصرهم وأغلال العبودية التي كانت تكبّل أيديهم وأرجلهم ، لأنّ بني إسرائيل كانوا في ذلك الزمان عبيدا أذلّاء بأيدي القبطيين (أهالي مصر) فكانوا يستفيدون منهم في القيام بالأعمال السافلة والصعبة والثقلية.

ويستفاد من الآيات القادمة ـ وكذا الآيات القرآنية الأخرى بوضوح وجلاء أنّ موسى كان مكلفا بدعوة فرعون وغيره من سكان أرض مصر إلى دينه ، يعني أن رسالته لم تكن منحصرة في بني إسرائيل.

فقال فرعون بمجرّد سماع هذه العبارة ـ (أي قوله : قد جئتكم ببيّنة) ـ هات الآية التي معك من جانب الله إن كنت صادقا( قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) .

وبهذه العبارة اتّخذ فرعون ـ ضمن إظهار التشكيك في صدق موسى ـ هيئة الطالب للحق المتحري للحقيقة ظاهرا ، كما يفعل أي متحر للحقيقة باحث عن الحق.

١٤١

ومن دون تأخير أخرج موسى معجزتيه العظيمتين التي كانت إحداهما مظهر «الخوف» والأخرى مظهر «الأمل» وكانتا تكملان مقام إنذاره ومقام تبشيره ، وألقى في البداية عصاه :( فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ ) (1) .

والتعبير بـ «المبين» إشارة إلى أنّ تلك العصا التي تبدلت إلى ثعبان حقّا ، ولم يكن سحرا وشعبذة وما شاكل ذلك ، على العكس من فعل السحرة لأنّه يقول في شأنهم : إنّهم مارسوا الشعبذة والسحر ، وعملوا ما تصوره الناس حيات تتحرك ، وما هي بحيات حقيقة وواقعا.

إنّ ذكر هذه النقطة أمر ضروري ، وهي أنّنا نقرأ في الآية (10) من سورة النمل ، والآية (31) من سورة القصص ، أن العصا تحركت كالجانّ ، و «الجانّ» هي الحيات الصغيرة السريعة السير ، وإنّ هذا التعبير لا ينسجم مع عبارة «ثعبان» التي تعني الحية العظيمة ظاهرا.

ولكن مع الالتفات إلى أنّ تينك الآيتين ترتبطان ببداية بعثة موسى ، والآية المبحوثة هنا ترتبط بحين مواجهته لفرعون ، تنحل المشكلة ، وكأن الله أراد أن يوقف موسى على هذه المعجزة العظيمة تدريجا فهي تظهر في البداية أصغر ، وفي الموقف اللاحق تظهر أعظم.

هل يمكن قلب العصا إلى حية عظيمة؟!

على كل حال لا شك في أنّ تبديل «العصا» إلى حية عظيمة معجزة ، ولا يمكن تفسيرها بالتحليلات المادية المتعارفة ، بل هي من وجهة نظر الإلهي الموحد ـ الذي يعتبر جميع قوانين المادة محكومة للمشيئة الربانية ـ ليس فيها ما يدعو للعجب فلا عجب أن تتبدل قطعة من الخشب إلى حيوان بقوة ما فوق

__________________

(1) احتمل «الراغب» في «المفردات» أن تكون كلمة ثعبان متخذة من مادة «ثعب» بمعنى جريان الماء ، لأنّ حركة هذا الحيوان تشبه الأنهر التي تجري بصورة ملتوية.

١٤٢

الطبيعة.

ويجب أن لا ننسى أن جميع الحيوانات في عالم الطبيعة توجد من التراب ، والأخشاب والنباتات هي الأخرى من التراب ، غاية ما هنالك أن تبديل التراب إلى حية عظيمة يحتاج عادة إلى ملايين السنين ، ولكن في ضوء الإعجاز تقصر هذه المدّة إلى درجة تتحقق كل تلك التحولات والتكاملات في لحظة واحدة وبسرعة ، فتتخذ القطعة من الخشب ـ التي تستطيع وفق الموازين الطبيعية أن تغير بهذه الصورة بعد مضي ملايين السنين ـ تتخذ مثل هذه الصورة في عدّة لحظات.

والذين يحاولون أن يجدوا لمعاجز الأنبياء تفسيرات طبيعية ومادية ـ وينفوا طابعها الإعجازي ، ويظهروها في صورة سلسلة من المسائل العادية مهما كانت هذه التفاسير مخالفة لصريح الكتب السماوية. إنّ هؤلاء يجب أن يوضحوا موقفهم : هل يؤمنون بالله وقدرته ويعتبرونه حاكما على قوانين الطبيعة ، أم لا؟ فإذا كانوا لا يؤمنون به وبقدرته ، لم يكن كلام الأنبياء ومعجزاتهم إلّا لغوا لديهم.

وإذا كانوا مؤمنين بذلك ، فما الداعي لنحت ، مثل هذه التّفسيرات والتبريرات المقرونة بالتكلف والمخالفة لصريح الآيات القرآنية. (وإن لم نر أحدا من المفسّرين ـ على ما بينهم من اختلاف السليقة ـ عمد إلى هذا التّفسير المادي ، ولكن ما قلناه قاعدة كلية).

ثمّ إنّ الآية اللاحقة تشير إلى المعجزة الثّانية للنّبي موسىعليه‌السلام التي لها طابع الرجاء والبشارة ، يقول تعالى :( وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ ) .

«نزع» تعني في الأصل أخذ شيء من مكان ، مثلا أخذ العباءة من الكتف واللباس عن البدن يعبر عنه في اللغة العربية بالنزع فيقال : نزع ثوبه ونزع عباءته ، وهكذا أخذ الروح من البدن يطلق عليه النزع. وبهذه المناسبة قد يستعمل في الاستخراج ، وقد جاءت هذه اللفظة في الآية الحاضرة بهذا المعنى.

ومع أنّ هذه الآية لم يرد فيها أي حديث عن محل إخراج اليد ، ولكن من

١٤٣

الآية (32) من سورة القصص( اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ ) يستفاد أنّ موسى كان يدخل يده في جيبه ثمّ يخرجها ولها بياض خاص ، ثمّ تعود إلى سيرتها وحالتها الأولى.

ونقرأ في بعض الأحاديث والرّوايات والتفاسير أنّ يد موسى كانت مضافا إلى بياضها تشعّ بشدّة ، ولكن الآيات القرآنية ساكتة عن هذا الموضوع ، مع عدم تناف بينهما.

إنّ هذه المعجزة والمعجزة السابقة حول العصا ـ كما قلنا سابقا ـ ليس لها جانب طبيعي وعادي ، بل هي من صنف خوارق العادة التي كان يقوم بها الأنبياء ، وهي غير ممكنة من دون تدخل قوة فوق طبيعية في الأمر.

وهكذا أراد موسى بإظهار هذه المعجزة أن يوضح هذه الحقيقة ، وهي أن برامجه ليس لها جانب الترهيب والتهديد ، بل الترهيب والتهديد للمخالفين والمعارضين ، والتشويق والإصلاح والبناء والنورانية للمؤمنين.

* * *

١٤٤

الآيات

( قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ (110) قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (112) )

التّفسير

بدء المواجهة :

في هذه الآيات جاء الحديث عن أوّل ردّ فعل لفرعون وجهازه في مقابل دعوة موسىعليه‌السلام ومعجزاته.

الآية الأولى تذكر عن ملأ فرعون أنّهم بمجرّد مشاهدتهم لأعمال موسى الخارقة للعادة اتهموه بالسحر ، وقالوا : هذا ساحر عليم ماهر في سحره :( قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ ) .

ولكن يستفاد من آيات سورة الشعراء الآية (34) أن هذا الكلام قاله فرعون حول موسى :( قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ ) .

ولكن لا منافاة بين هاتين الآيتين ، لأنّه لا يبعد أن يكون فرعون قال هذا

١٤٥

الكلام في البداية ، وحيث أن عيون الملأ كانت متوجهة إليه ، ولم يكن لهذا الملأ المتملق المتزلف هدف إلّا رضى رئيسه وسيده ، وما ينعكس على محياه ، وما توحي به إشارته ، كرّر هو أيضا ما قاله الرّئيس ، فقالوا : أجل ، إن هذا لساحر عليم.

وهذا السلوك لا يختص بفرعون وحواشيه ، بل هو دأب جميع الجبارين في العالم وحواشيهم.

ثمّ أضافوا : إنّ هدف هذا الرجل أن يخرجكم من وطنكم( يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ ) .

يعني أنّه لا يهدف إلّا استعماركم واستثماركم ، وإنّ الحكومة على الناس ، وغصب أراضي الآخرين ، وهذه الأعمال الخارقة للعادة وادعاء النّبوة كلّها لأجل الوصول إلى هذا الهدف.

ثمّ قالوا بعد ذلك : مع ملاحظة هذه الأوضاع فما هو رأيكم :( فَما ذا تَأْمُرُونَ ) ؟يعني أنّهم جلسوا يتشاورون في أمر موسى ، ويتبادلون الرأي فيما يجب عليهم اتّخاذه تجاهه ، لأنّ مادة «أمر» لا تعني دائما الإيجاب والفرض ، بل تأتي ـ أيضا ـ بمعنى التشاور.

وهنا لا بدّ من الالتفات إلى أنّ هذه الجملة وردت في سورة الشعراء الآية (35) أيضا ، وذلك عن لسان فرعون ، حيث قال لملائه : فما ذا تأمرون. وقد قلنا : إنّه لا منافاة بين هذين.

وقد احتمل بعض المفسّرين ـ أيضا ـ أن تكون جملة «فما ذا تأمرون» في الآية الحاضرة خطابا وجهه ملأ فرعون وحاشيته إلى فرعون ، وصيغة الجمع إنما هي لرعاية التعظيم ، ولكن الاحتمال الأوّل ـ وهو كون هذا الخطاب موجها من ملأ فرعون إلى الناس ـ أقرب إلى النظر.

وعلى كل حال فقد قال الجميع لفرعون : لا تعجل في أمر موسى وهارون ، وأجلّ قرارك بشأنهما إلى ما بعد ، ولكن ابعث من يجمع لك السحرة من جميع

١٤٦

أنحاء البلاد( قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ ) .

نعم ابعث من يجمع لك كل ساحر ماهر في حرفته عليم في سحره( يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ ) .

فهل هذا الاقتراح من جانب حاشية فرعون كان لأجل أنّهم كانوا يحتملون صدق ادعاء موسى للنّبوة ، وكانوا يريدون اختباره؟

أو أنّهم على العكس كانوا يعتبرونه كاذبا في دعواه ، ويريدون افتعال ذريعة سياسية لأي موقف سيتخذونه ضد موسى كما كانوا يفعلون ذلك في بقية مواقفهم ونشاطاتهم الشخصية؟ ولهذا اقترحوا ارجاء أمر قتل موسى وأخيه نظرا لمعجزتيه اللتين أورثتا رغبة في مجموعة كبيرة من الناس في دعوته وانحيازهم إليه ، ومزجت صورة «نبوته» بصورة «المظلومية والشهادة» وأضفت بضم الثّانية إلى الأولى ـ مسحة من القداسة والجاذبية عليه وعلى دعوته.

ولهذا فكروا في بداية الأمر في إجهاض عمله بأعمال خارقة للعادة مماثلة ، ويسقطوا اعتباره بهذه الطريقة ، ثمّ يأمرون بقتله لتنسى قصة موسى وهارون وتمحى عن الأذهان إلى الأبد.

يبدو أن الاحتمال الثّاني بالنظر إلى القرائن الموجودة في الآيات ـ أقرب إلى النظر.

* * *

١٤٧

الآيات

( وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (113) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (117) )( فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (120) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (122) )

التّفسير

كيف انتصر الحقّ في النهاية؟

في هذه الآيات جرى الحديث حول المواجهة بين النّبي موسىعليه‌السلام ، وبين السحرة ، وما آل إليه أمرهم في هذه المواجهة ، وفي البداية تقول الآية : إنّ السحرة

١٤٨

بادروا إلى فرعون بدعوته ، وكان أوّل ما دار بينهم وبين فرعون هو : هل لنا من أجر إذا غلبنا العدوّ( وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ ) ؟!

وكلمة «الأجر» وإن كانت تعني أي نوع من أنواع الثواب ، ولكن نظرا إلى ورودها هنا في صورة «النكرة» ، و «النكرة» في هذه الموارد إنّما تكون لتعظيم الموضوع وإبراز أهميته بسبب إخفاء ماهيته ونوعيته ، لهذا يكون الأجر هنا بمعنى الأجر المهم والعظيم وبخاصّة أنّه لم يكن ثمّة نزاع في أصل استحقاقهم للأجر والمثوبة ، فالمطلوب من فرعون هو الوعد بإعطائهم أجرا عظيما وعوضا مهمّا.

فوعدهم فرعون ـ فورا ـ وعدا جيدا وقال : إنّكم لن تحصلوا على الأجر السخي فقط ، بل ستكونون من المقرّبين عندي( قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) .

وبهذه الطريقة أعطاهم وعدا بالمال ووعدا بمنصب كبير لديه ، ويستفاد من هذه الآية أنّ التقرب إلى فرعون في ذلك المحيط ، وتلك البيئة كان أعلى وأسمى وأهم من المال والثروة ، لأنّه كان يعني منزلة معنوية كان من الممكن أن تصبح منشأ لأموال كثيرة وثروات كبيرة.

وفي المآل حدّد موعد معين لمواجهة السحرة لموسى ، وكما جاء في سورة «طه» و «الشعراء» دعي جميع الناس لمشاهدة هذا النزال ، وهذا يدل على أنّ فرعون كان مؤمنا بانتصاره على موسىعليه‌السلام .

وحلّ اليوم الموعود ، وهيّأ السحرة كل مقدمات العمل حفنة من العصىّ والحبال التي يبدو أنّها كانت معبأة بمواد كيمياوية خاصّة ، تبعث على حركتها إذا سطعت عليها الشمس ، لأنّها تتحول إلى غازات خفيفة تحرّك تلك العصي والحبال المجوفة.

وكانت واقعة عجيبة ، فموسى وحده (ليس معه إلّا أخوه) يواجه تلك

١٤٩

المجموعة الهائلة من السحرة ، وذلك الحشد الهائل من الناس المتفرجين الذين كانوا على الأغلب من أنصار السحرة ومؤيديهم.

فالتفت السحرة في غرور خاص وكبير إلى موسىعليه‌السلام وقالوا : إمّا أن تشرع فتلقي عصاك ، وإمّا أن نشرع نحن فنلقي عصيّنا؟( قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ ) .

فقال موسىعليه‌السلام بمنتهى الثقة والاطمئنان : بل اشرعوا أنتم( قالَ أَلْقُوا ) .

وعند ما ألقى السحرة بحبالهم وعصيّهم في وسط الميدان سحروا أعين الناس ، وأوجدوا بأعمالهم وأقاويلهم المهرجة ومبالغاتهم وهرطقاتهم خوفا في قلوب المتفرجين ، وأظهروا سحرا كبيرا رهيبا :( فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ) .

وكلمة «السحر» ـ كما مرّ في المجلد الأوّل من هذه الموسوعة التفسيرية ، عند تفسير الآية (102) من سورة البقرة ـ تعني في الأساس الخداع والشعبذية ، وقد يطلق أيضا على كل عامل غامض ، ودافع غير مرئي.

وعلى هذا الأساس ، فإن هذه الجماعة كانت توجد أفعالا عجيبة بالاعتماد على سرعة حركة الأيدي ، والمهارة الفائقة في تحريك الأشياء لتبدو وكأنّها أمور خارقة للعادة وكذلك الأشخاص الذين يستفيدون من الخواص الكيمياوية والفيزياوية الغامضة الموجودة في الأشياء والمواد ، فيظهرون أعمالا مختلفة خارقة للعادة. كل هؤلاء يدخلون تحت عنوان «الساحر».

هذا علاوة على أن السحرة يستفيدون ـ عادة ـ من سلسلة من الإيحاءات المؤثرة في مستمعيهم ، ومن العبارات والجمل المبالغة ، وربّما الرهيبة المخوفة لتكميل عملهم ، والتي تترك آثارا جدّ عجيبة في مستمعيهم ومتفرجيهم وجمهورهم.

ويستفاد من آيات مختلفة في هذه السورة ومن سور قرآنية أخرى حول

١٥٠

قصة سحرة فرعون ، أنّهم استخدموا كل هذه العوامل والأدوات ، وعبارة «سحروا أعين الناس» وجملة «استرهبوهم» أو تعبيرات أخرى في سور «طه» و «الشعراء» جميعها شواهد على هذه الحقيقة.

* * *

بحوث

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى نقطتين :

1 ـ المشهد العجيب لسحر السّاحرين

لقد أشار القرآن الكريم إشارة إجمالية من خلال عبارة( وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ) إلى الحقيقة التالية وهي : أنّ المشهد الذي أوجده السحرة كان عظيما ومهما ، ومدروسا ومهيبا ، وإلّا لما استعمل القرآن الكريم لفظة «عظيم» هنا.

ويستفاد من كتب التاريخ ومن روايات وأحاديث المفسّرين في ذيل هذه الآية ، وكذا من آيات مشابهة ـ بوضوح ـ سعة أبعاد ذلك المشهد.

فبناء على ما قاله بعض المفسّرين كان عدد السحرة يبلغ عشرات الألوف ، وكانت الأجهزة والوسائل المستعملة كذلك تبلغ عشرات الآلاف ، ونظرا إلى أن السحرة المهرة والمحترفين لهذا الفن في مصر كانوا في ذلك العصر كثيرين جدّا ، لهذا لا يكون هذا الكلام موضع استغراب وتعجب. خاصّة أنّ القرآن الكريم في سورة «طه» الآية (67) يقول :( فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى ) أي أنّ المشهد كان عظيما جدّا ورهيبا إلى درجة أن موسى شعر بالخوف قليلا ، وإن كان ذلك الخوف ـ حسب تصريح نهج البلاغة ـ(1) لأجل أنّه خشي أن من الممكن أن

__________________

(1) الخطبة ، 4.

١٥١

يتأثر الناس بذلك المشهد العظيم ، فيكون إرجاعهم إلى الحق صعبا ، وعلى أي حال فإنّ ذلك يكشف عن عظمة ذلك المشهد ورهبته.

2 ـ الاستفادة من السلاح المشابه

من هذا البحث يستفاد ـ بجلاء ووضوح ـ أنّ فرعون بالنظر إلى حكومته العريضة في أرض مصر ، كانت له سياسات شيطانية مدروسة ، فهو لم يستخدم لمواجهة موسى وأخيه هارون من سلاح التهديد والإرعاب ، بل سعى للاستفادة من أسلحة مشابهة ـ كما يظن ـ في مواجهة موسى ، ومن المسلّم أنّه لو نجح في خطّته لما بقي من موسى ودينه أي أثر أو خبر ، ولكان قتل موسىعليه‌السلام في تلك الصورة أمرا سهلا جدا ، بل وموافقا للرأي العام ، جهلا منه بأنّ موسى لا يعتمد على قوة إنسانية يمكن معارضتها ومقاومتها ، بل يعتمد على قوّة أزلية إلهية مطلقة ، تحطّم كلّ مقاومة ، وتقضي على كل معارضة.

وعلى أية حال ، فإنّ الاستفادة من السلاح المشابه أفضل طريق الإنتصار على العدو المتصلّب ، وتحطيم القوى المادية.

في هذه اللحظة التي اعترت الناس فيها حالة من النشاط والفرح ، وتعالت صيحات الابتهاج من كل صوب ، وعلت وجوه فرعون وملائه ابتسامة الرضى ، ولمع في عيونهم بريق الفرح ، أدرك الوحي الإلهي موسىعليه‌السلام وأمره بإلقاء العصى ، وفجأة انقلب المشهد وتغير ، وبدت الدهشة على الوجوه ، وتزعزت مفاصل فرعون وأصحابه كما يقول القرآن الكريم :( وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ ) .

و «تلقف» مشتقة من مادة «لقف» (على وزن سقف) بمعنى أخذ شيء بقوة وسرعة ، سواء بواسطة الفم ، والأسنان ، أو بواسطة الأيدي ، ولكن تأتي في بعض الموارد بمعنى البلع والابتلاع أيضا ، والظاهر أنّها جاءت في الآية الحاضرة بهذا

١٥٢

المعنى.

و «يأفكون» مشقّة من مادة «إفك» على وزن «مسك» وهي تعني في الأصل الانصراف : عن الشيء ، وحيث أن الكذب يصرف الإنسان من الحق أطلق على الكذب لفظ «الإفك».

وهناك احتمال آخر في معنى الآية ذهب إليه بعض المفسّرين ، وهو أن عصا موسى بعد أن تحولت إلى حيّة عظيمة لم تبتلع أدوات سحر السحرة ، بل عطّلها عن العمل والحركة وأعادها إلى حالتها الأولى. وبذلك أوصد هذا العمل طريق الخطأ على الناس ، في حين أن الابتلاع لا يمكنه أن يقنع الناس بأنّ موسى لم يكن ساحرا أقوى منهم.

ولكن هذا الاحتمال لا يناسب جملة «تلقف» كما لا يناسب مطالب الآية ، لأنّ «تلقف» ـ كما أسلفنا ـ تعني أخذ شيء بدقة وسرعة لا قلب الشيء وتغييره.

هذا مضافا إلى أنّه لو كان المقرر أن يظهر إعجاز موسىعليه‌السلام عن طريق إبطال سحر السحرة ، لم تكن حاجة إلى أن تتحول العصى إلى حيّة عظيمة ، كما قال القرآن الكريم في بداية هذه القصّة.

وبغض النظر عن كل هذا ، لو كان المطلوب هو إيجاد الشك والوسوسة في نفوس المتفرجين ، لكانت عودة وسائل السحرة وأدواتهم إلى هيئتها الأولى ـ أيضا ـ قابلة للشك والترديد ، لأنّه من الممكن أن يحتمل أن موسى بارع في السحر براعة كبرى بحيث أنّه استطاع إبطال سحر الآخرين وإعادتها إلى هيئتها الأولى.

بل إن الذي تسبب في أن يعلم الناس بأن عمل موسى أمر خارق للعادة ، وأنّه عمل إلهي تحقق بالاعتماد على القدرة والإلهية المطلقة ، هو أنّه كان في مصر آنذاك مجموعة كبيرة من السحرة الماهرين جدّا ، وكان أساتذه هذا الفن وجوها معروفة في تلك البيئة ، في حين أن موسى الذي لم يكن متصفا بأي واحدة من

١٥٣

هذه الصفات ، وكان ـ في الظاهر ـ رجلا مغمورا ، نهض من بين بني إسرائيل ، وأقدم على مثل ذلك العمل الذي عجز أمامه الجميع. ومن هنا علم أن هناك قوة غيّبة تدخلت في عمل موسى ، وأن موسى ليس رجلا عاديا.

وفي هذا الوقت ظهر الحق ، وبطلت أعمالهم المزّيفة( فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) . لأنّ عمل موسى كان عملا واقعيا ، وكانت أعمالهم حفنة من الحيل ومن أعمال الشعبذة ، ولا شك أنّه لا يستطيع أي باطل أن يقاوم الحق دائما.

وهذه هي أوّل ضربة توجهت إلى أساس السلطان الفرعوني الجبّار.

ثمّ يقول تعالى في الآية اللاحقة : وبهذه الطريقة ظهرت آثار الهزيمة فيهم ، وصاروا جميعا أذلاء :( فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ ) .

وبالرغم من أنّ المؤرخين ذكروا في كتب التاريخ قضايا كثيرة حول هذه الواقعة ، ولكن حتّى من دون نقل ما جاء في التواريخ يمكن الحدس أيضا بما حدث في هذه الساعة من اضطراب في الجماهير المتفرجة فجماعة خالفوا بشدّة بحيث أنّهم فرّوا وهربوا ، وأخذ آخرون يصيحون من شدّة الفزع ، وبعض أغمي عليه.

وأخذ فرعون وملأه ينظرون إلى ذلك المشهد مبهوتين مستوحشين ، وقد تحدّرت على وجوههم قطرات العرق من الخجل والفشل ، فأجمعوا يفكرون في مستقبلهم الغامض المبهم ، ولم يدر في خلدهم أنّهم سيواجهون مثل هذا المشهد الرهيب الذي لا يجدون له حلّا.

والضربة الأقوى كانت عند ما تغير مشهد مواجهة السحرة لموسىعليه‌السلام تغييرا كلّيا ، وذلك عند ما وقع السحرة فجأة على الأرض ساجدين لعظمة الله( وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ ) .

ثمّ نادوا بأعلى صوتهم و( قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ ) .

وبذكر هذه الجملة بينوا ـ بصراحة ـ الحقيقة التالية وهي : أنّنا آمنا بربّ هو

١٥٤

غير الربّ المختلق ، المصطنع ، إنّه الربّ الحقيقي.

بل لم يكتفوا بلفظة «ربّ العالمين» أيضا ، لأنّ فرعون كان يدعي أنّه ربّ العالمين ، لهذا أضافوا : «ربّ موسى وهارون» حتى يقطعوا الطريق على كل استغلال.

ولم يكن فرعون والملأ يتوقعون هذا الأمر مطلقا ، يعني أنّ الجماعة التي كان يعلّق الجميع آمالهم عليها للقضاء على موسى ودعوته ، أصبحت في الطليعة من المؤمنين بموسى ودعوته ، ووقعوا ساجدين لله أمام أعين الناس عامّة ، وأعلنوا عن تسليمهم المطلق وغير المشروط لدعوة موسىعليه‌السلام .

على أنّ هذا الموضوع الذي غيّر أناسا بمثل هذه الصورة ، يجب أن لا يكون موضوع استغراب وتعجب ، لأنّ نور الإيمان والتوحيد موجود في جميع القلوب ، ويمكن أن تخفيه بعض الموانع والحجب الاجتماعية مدّة طويلة أو قصيرة ، ولكن عند ما تهب بعض العواصف بين حين وآخر تنزاح تلك الحجب ، ويتجلّى ذلك النور ويأخذ بالأبصار.

وبخاصّة أن السحرة المذكورين كانوا أساتذة مهرة في صناعتهم ، وكانوا أعرف من غيرهم بفنون عملهم ورموز سحرهم ، فكانوا يعرفون ـ جيدا ـ الفرق بين «المعجزة» و «السحر» فالأمر الذي يحتاج الآخرون لمعرفته إلى المطالعة الطويلة والدقة الكبيرة ، كان واضحا عند السحرة وبينا ، بل أوضح وأبين من الشمس في رابعة النهار.

إنّهم مع معرفتهم بفنون ورموز السحر الذي تعلموه طوال سنوات ، عرفوا وأدركوا أن عمل موسى لم يكن يشبه ـ أبدا ـ السحر ، وأنّه لم يكن نابعا من قدرة البشر ، بل كان نابعا من قدرة فوق الطبيعة وفوق البشر ، وبذلك لا مجال للاستغراب والتعجب في اعلانهم إيمانهم بموسى بمثل تلك السرعة والصراحة والشجاعة وعدم الخوف من المستقبل.

١٥٥

وجملة «ألقى السحرة» التي جاءت في صيغة الفعل المبني للمجهول ، شاهد ناطق على الاستقبال البالغ لدعوة موسى وتسليم السحرة المطلق لهعليه‌السلام . يعني أنّ جاذبية موسى كان لها من الأثر القوي البالغ في قلوب ونفوس أولئك السحرة ، بحيث أنّهم سقطوا على الأرض من دون اختيار ، ودفعهم ذلك إلى الإقرار والاعتراف.

* * *

١٥٦

الآيات

( قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (125) وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ (126) )

التّفسير

التّهديدات الفرعونية الجوفاء :

عند ما توجهت ضربة جديدة ـ بانتصار موسى على السحرة وإيمانهم به ـ إلى أركان السلطة الفرعونية ، استوحش فرعون واضطرب بشدّة ورأى أنّه إذا لم يظهر أي ردّ فعل في مقابل هذا المشهد ، فسيؤمن بموسى كل الناس أو أكثرهم ، وستكون السيطرة على الأوضاع غير ممكنة ، لهذا عمد فورا إلى عملين مبتكرين : في البداية وجه اتهاما (لعلّه مرغوب عند السواد من الناس) إلى السحرة ، ثمّ

١٥٧

هددهم بأشدّ التهديدات ، ولكن على العكس من توقعات فرعون أظهر السحرة مقاومة عجيبة تجاه هذين الموقفين ، مقاومة أغرقت فرعون وجهازه في تعجب شديد ، وأفشلت جميع خططه. وبهذه الطريقة وجهوا ضربة ثالثة إلى أركان السلطان الفرعوني المتزلزل ، وقد رسمت الآيات اللاحقة هذا المشهد بصورة رائعة.

في البداية يقول : إنّ فرعونا قال للسحرة : هل آمنتم بموسى قبل أن آذن لكم( قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ) ؟!

وكأنّ التغيير بـ «به» لأجل تحقير موسى والازدراء به ، وكأنّه بجملة «قبل أن آذن لكم» أراد أن يظهر أنّه يتحرى الحقيقة ويطلب الحق ، فلو كان عمل موسىعليه‌السلام يتسم بالحقيقة والواقعية لأذنت أنا للناس بأن يؤمنوا به ، ولكن استعجالكم كشفت عن زيفكم ، وأنّ هناك مؤامرة مبيّنة ضد شعب مصر.

وعلى أية حال ، أفادت الجملة أعلاه أنّ فرعون الجبار الغارق في جنون السلطة كان يدعي أن لا يحق للشعب أن يتصرف أو يعمل أو يقول شيئا من دون إجازته وإذنه ، بل لا يحق لهم أن يفكروا ويؤمنوا بدون أمره وإذنه أيضا!!

وهذه هي أعلى درجات الاستعباد والاستحمار ، أن يكون شعب من الشعوب أسيرا وعبدا بحيث لا يحق له حتى التفكير والإيمان القلبي بأحد أو بعقيدة.

وهذا هو البرنامج الذي يواصله «الاستعمار الجديد» ، يعني أنّ المستعمرين لا يكتفون بالاستعمار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ، بل يسعون إلى تقوية جذورهم عن طريق الاستعمار الفكري.

وتتجلى مظاهر هذا الاستعباد الفكري في البلاد الشيوعية أكثر فأكثر ، بالحدود المغلقة ، والأسوار الحديدية والرقابة الشديدة المفروضة على كل شيء ، وبخاصّة على الأجهزة الثقافية.

١٥٨

ولكن في البلاد الرأسمالية الغربية التي يظن البعض أنّه لا يوجد استعباد فكري وثقافي على الأقل وأن لكل أحد أن يفكر ويختار بحرية ، يمارس الاستعباد بنحو آخر ، لأنّ الرأسماليين الكبار بتسلّطهم الكامل على الصحف المهمّة ، والإذاعات ، ومحطات التلفزيون ، وجميع سبل الارتباط الجمعي ووسائل الإعلام ، يفرضون على المجتمع أفكارهم وآراءهم في لباس الحرية الفكرية ، ويوجهون المجتمع ـ عن طريق عملية غسيل دماغ واسعة ومستمرة ـ إلى الوجهة التي يريدون ، وهذا بلاء عظيم يعاني منه عصرنا الحاضر.

ثمّ يضيف فرعون قائلا( إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها ) .

ونظرا إلى الآية (71) من سورة «طه» التي تقول( إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ) يتّضح أنّ مراد فرعون هو أنّ هناك مؤامرة مدروسة وتواطؤا مبيّنا قد دبرتموه قبل مدّة للسيطرة على أوضاع مصر واستلام زمام السلطة ، لا أنّكم دبرتموه للتو وقبل قليل في لقاء محتمل بينكم وبين موسى.

ومن هنا يتّضح أنّ المراد من «المدينة» هو مجموع القطر المصري ، والألف واللام ألف ولام الجنس ، والمراد من «لتخرجوا منها أهلها» هو تسلط موسىعليه‌السلام وبني إسرائيل على أوضاع مصر ، وإقصاء حاشية فرعون وأعوانه عن جميع المناصب الحساسة ، أو إبعاد بعضهم إلى النقاط البعيدة من البلاد ، والآية (110) في هذه السورة شاهدة على ذلك أيضا.

وعلى كل حال ، فإنّ هذه التهمة كانت خاوية ومفضوحة ، إلى درجة أنّه لم يكن يقتنع بها إلّا العوام والجهلة من الناس ، لأنّ موسىعليه‌السلام لم يكن حاضرا في مصر ، ولم يلتق بأحد من السحرة من قبل ، ولو كان أستاذهم وكبيرهم الذي علمهم السحر ، لوجب أن يكون معروفا ومشهورا في جميع الأماكن ، وأن يعرفه أكثر الناس ، وهذه لم تكن أمورا يمكن إخفاؤها وكتمانها ، لأنّ التواطؤ مع

١٥٩

أشخاص المنتشرين في شتى مناطق مصر على أمر بهذا القدر من الاهمية غير ممكن عملا.

ثمّ إنّ فرعون هدّدهم بتهديد غامض ولكنّه شديد ومحكم ، إذ قال :( فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) !!

وفي الآية اللاحقة بيّن تفاصيل ذلك التهديد الذي هدّد به السحرة فاقسم بأن يقطع أيديهم وأرجلهم ويصلبهم ، إذ قال :( لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ) .

وفي الحقيقة كان مراده أن يقتلهم بالتعذيب والتنكيل ، ويجعل من هذا المشهد الرهيب درسا للآخرين ، لأن قطع الأيدي والأرجل ، ثمّ الصلب على الشجر أمام الناس ، ومنظر تدفق الدم من أجسامهم وما يرافق هذا من حالات النزع فوق المشانق إلى أن يموتوا ، سيكون عبرة لمن يعتبر (ولا بدّ من ملاحظة أن الصلب في ذلك الزمان لم يكن يتمّ على النحو الذي يتمّ به الآن ، وهو تعليق المشنوق بوضع الحبل في عنقه ، بل كان الحبل يوضع تحت كتفيه حتى لا يموت بسرعة).

ولعل قطع اليد والرجل من خلاف ، كان لأجل أن هذا العمل يتسبب في أن يموتوا بصورة أبطأ ، ويتحملوا قدرا أكثر من الألم والعذاب.

والجدير بالتأمل أن البرامج التي انتهجها فرعون لمكافحة السحرة الذين آمنوا بموسى ، كانت برامج عامّة في مكافحة الجبارين وتعاملهم الوحشي الرخيص مع أنصار الحق والمنادين به ، فهم من جانب يستخدمون حربة التهمة حتى يزعزعوا مكانة أنصار الحق في نفوس الجماهير ، ومن جانب آخر يتوسلون بسلاح القوة والقهر والتهديد لتحطيم إرادتهم ، ولكن ـ كما نقرأ في ذيل قصّة موسى ـ لم يستطع هذان السلاحان أن يفعلا شيئا في نفوس أنصار الحق ، ولن يفعلا.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571