تاريخ ابن يونس المصري الجزء ٢

تاريخ ابن يونس المصري6%

تاريخ ابن يونس المصري مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 571

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 2426 / تحميل: 232
الحجم الحجم الحجم
تاريخ ابن يونس المصري

تاريخ ابن يونس المصري الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

أن «تاريخ المصريين» وجدنا ضمن بقاياه تراجم لبعض علماء الصعيد ، فهم داخلون ـ إذن ـ فى مادته التاريخية ، فلا داعى لإفراد كتاب عن هؤلاء ، اللهم إلا إذا كانت لدى مؤرخنا مادة معقولة عن أحداث الصعيد ، ورجاله ، تسمح له بإفراد كتاب عن هؤلاء العلماء المجاهيل ، الذين أراد إنصافهم ، والتعريف بعلمهم(١) . لكن سكوت المصادر عن مجرد ذكر عنوان الكتاب ، وإمكانية الوفاء بهذا الغرض من خلال «تاريخ المصريين» ، يجعلنا ـ فى النهاية ـ نرجح أن نسبة هذا الكتاب الأخير إلى مؤرخنا غير صحيحة.

وأخيرا ، فإننا نكتفى بهذا الحديث المقتضب عن تلك المؤلفات التاريخية لمؤرخنا «ابن يونس» لحين تفصيل القول فيها عند كتابة «مدخل إلى دراسة تاريخى ابن يونس».

٥ ـ حول ملامح ، وسمات شخصيته :

أعتقد أن من تمام ترجمة الشخصية محاولة الكشف عن سماتها وملامحها الخلقية والخلقية والعقلية ، بحيث ينظر إليها القارئ كأنه يراها. وللأسف ، فإن شخصية مؤرخنا «ابن يونس» لا نجد فى المصادر المترجمة لها ـ على كثرتها النسبية ـ ما يجلّى هذه الملامح ، أو حتى يتعرض لها من بعيد. وفى محاولة متواضعة منى ، حاولت أن أستشف شيئا من ذلك ، عن طريق استنطاق نصوص كتابيه المعروفين ؛ كى أخرج منهما ببعض من إشارات خفيفة سريعة عن هذه السمات على النحو الآتى :

__________________

العربى) ٢ / ٨٤ ، ود. الشيال فى (تاريخ مصر الإسلامية) ١ / ١٢٨. أما د. شاكر مصطفى ، فذكر الكتاب دون ذكر المصدر الذي نقل عنه (التاريخ العربى والمؤرخون) ٢ / ٢٠٠.

(١) تجدر الإشارة إلى أن أول كتاب مطبوع نعرفه فى (تاريخ علماء الصعيد) هو كتاب (الطالع السعيد الجامع أسماء نجباء الصعيد) للأدفوى (٦٨٥ ـ ٧٤٨ ه‍). وقد صرح مؤلفه (ص ٥) : أن شيخه (أبا حيّان محمد بن يوسف الأندلسى الغرناطىّ) أشار عليه غير مرة بعمل هذا الكتاب ، وأضاف المؤلف أنه مبتكر هذا العمل. وقد اعترض على ذلك المحقق فى (صفحة ع من مقدمة التحقيق ، وفى هامش ٣ ص ٥ من مقدمة المؤلف) ، وقال : سبقه إلى ذلك ابن يونس ، ومحمد ابن عبد العزيز الإدريسى (ت ٦٤١ ه‍) ، وأحال على (كشف الظنون). وبالفعل ذكر (حاج خليفة) للمؤرخ الأخير كتاب (المفيد فى أخبار صعيد). (كشف الظنون ، ط. الهند) مجلد ٤ ص ١٧٧٧. إذا حاج خليفة هو صاحب المصدر الوحيد لنسبة هذا الكتاب إلى ابن يونس. ونرجح أن ذلك من أوهامه ، فلو كان هذا الكتاب موجودا ، لذكره الأدفوى فى النصوص التى اقتبسها من ابن يونس ، لكنه كان ينسبها إلى (تاريخ مصر) ؛ مما يقوى الرأى الذي رجّحناه.

٣٠١

أ ـ وضوحه وصراحته(١) :

وأعنى بالوضوح والصراحة أن شخصية ابن يونس لا تعرف الالتواء ، ولا الغموض ، ولا تلبس الحق بالباطل ، وإنما تدلف إلى الحقيقة من أخصر طريق ، وأيسر سبيل.

وهاكم بعض الأمثلة على ذلك : إذا علم أن لبعض المترجمين روايات ، لكنه لم يقف عليها ، ولم يجدها ، فإنه لا يستنكف عن التصريح بذلك فى مواقف عديدة ، مثل قوله : «قد بلغنى أن له حديثا ، وما وقعت له رواية عندى»(٢) . وقوله عن آخر : «حدّث ، ولم يقع إلىّ له رواية»(٣) .

وقوله عن ثالث ، ورابع : «قيل : إنه روى عن ابن وهب. ولم يقع إلىّ من حديثه شىء»(٤) ، و «ما كتبت عنه شيئا»(٥) .

من المعلوم أن ابن يونس ـ وكما سنرى فى ملامح منهجه التاريخى ـ يغلب عليه الاهتمام بتراجم المحدّثين. وفى بعض الأحيان ، تذكر مصادره مصرية بعض الشخصيات ، لكنه ـ بعد البحث والتنقيب ـ لا يقف على أية مرويات حديثية لها فى تلك المصادر ، ولا فى غيرها ، عندئذ يصرح بذلك ، فيقول : «ما علمت له رواية»(٦) ، و «لم أجد لهم عنه رواية»(٧) ، و «لم يقع إلىّ لهما عن أهل مصر حديث»(٨) ، و «لم يقع

__________________

(١) لعل مؤرخنا استمد هذه الصفة من جده (يونس) ، الذي كان أحد الشهود فى مصر ، وكان يتصف بالصراحة ، والقوة فى الحق دون تراجع ولا مواربة. وقد شهد أن (إبراهيم بن أبى أيوب) سرق ثلاثين ألف دينار من بيت المال ، وكرر ذلك القول أكثر من مرة ، فقد أعطاه القاضى (الحارث بن مسكين) هو وأخاه (محمد بن مسكين) المفتاح ؛ لإخراج بعض المال من بيت المال ، فاتهم به (إبراهيم) ، ومن هنا وقع الخلل. (القضاة للكندى ص ٤٧٠ ، ورفع الإصر (١ / ١٧٤).

(٢) تاريخ المصريين (ترجمة شعران بن عبد الله الحضرمى ، رقم ٦٤٥).

(٣) المصدر السابق (ترجمة عبد الكريم بن عمار السّلهمىّ ، رقم ٨٧٣).

(٤) السابق (ترجمة عبد الوهاب بن سعيد الحرسىّ ، رقم ٨٩٦).

(٥) السابق (ترجمة الصبّاح بن الحسن القتبانىّ ، رقم ٦٤٤). ومدلول هذا التعبير : أن المترجم له وردت عنه مرويات ـ وإن لم يصرّح بذلك فيما وجدنا من بقايا هذه الترجمة ـ لكنه لسبب ، أو لآخر لم يكتب عنه شيئا.

(٦) السابق (ترجمة صمّل بن عوف المعافرى ، رقم ٦٧٠).

(٧) السابق (ترجمة عابس بن ربيعة الغطيفىّ ، رقم ٦٧٨).

(٨) السابق (ترجمة عبد الله بن بديل الخزاعى ، وأخوه أبو عمرو ، رقم ٧٢٠).

٣٠٢

إلىّ له مسند»(١) .

وثمة نمطان أخيران من هذه الأمثلة :

الأول : فى حالة إحساس ابن يونس أن ترجمته للشخصية غير وافية ولا كافية ، يقول : «وما أعرفه بغير هذا»(٢) . كأنما يعتذر عن قصور مادة الترجمة ، ويعلنها بكل صراحة ووضوح : إن هذا هو مبلغ علمى وجهدى.

الثانى : عند جهله بإحدى جزئيات الترجمة المهمة ، مثل : عدم معرفته بتاريخ قدوم المترجم له إلى مصر ، كان يبيّن ذلك بكل صراحة ، فيقول : «وما عرفنا وقت قدومه»(٣) .

وكذلك إذا جهل نسب المترجم له ، ولم يتأكد أنه هو الذي يعرفه ، كان يصرح بعجزه عن معرفته(٤) ، وأخيرا ، يبلغ ابن يونس ذروة الأمانة العلمية ، عندما يشك فى سنة ميلاد أحد المترجمين ، فيذكر أن الشك إنما وقع منه هو ـ لاختلال فى الضبط ـ لا من مصدر الرواية «يحيى بن بكير»(٥) .

ب ـ دقّته ، وحسن فهمه :

هاتان الصفتان من أهم صفات العالم الحق ، والمؤرخ الفذّ ؛ ولذلك فقد كان مؤرخنا ابن يونس «رحمه‌الله » حريصا على التحلّى بهما. وعلى ذلك شواهد عديدة ، منها : أنه ـ بعد البحث والتحرى ـ كان يقف ـ بالضبط ـ على عدد الأحاديث ، التى رواها بعض المترجمين ، ورغم ذلك لم يكن يقطع ـ تواضعا ودقة منه ـ بتلك المعلومة ، بل كان يتبعها بقوله : «فيما علمت(٦) ، وفيما أعلم(٧) ». وأحيانا ، لا يجد للمترجم له رواية

__________________

(١) أى : حديث مسند. (السابق ، ترجمة عبد العزيز بن علىّ بن رباح ، رقم ٨٦١).

(٢) السابق (ترجمة عمرو بن حمران البجلىّ ، رقم ١٠١٨).

(٣) السابق (ترجمة الصحابى شمعون بن زيد ، رقم ٦٥٥).

(٤) راجع ترجمة (إبراهيم الأنصارى) فى (تاريخ الغرباء) رقم (١) ، قال فيها ابن يونس : (إن لم يكن إبراهيم بن عبد الله بن ثابت بن قيس بن شمّاس ، فلا أدرى من هو).

(٥) تاريخ المصريين (ترجمة عيّاش بن عقبة الحضرمى ، رقم ١٠٥١) ، وفيها : (قال يحيى بن بكير : ولد سنة أربع وسبعين ، أو وتسعين ـ الشك من ابن يونس).

(٦) المصدر السابق (ترجمة بكر بن سوادة ، رقم ١٨٣) ، وفيها قال : (أغرب بحديث عن عقبة بن عامر ، لم يروه غيره ، فيما علمت).

(٧) المصدر السابق (ترجمة عذرة بن المصعب ، رقم ٩٣٢) ، وفيها قال : (أسند ثلاثة أحاديث ، فيما أعلم).

٣٠٣

حديثية ، فيقول : «ليست له رواية نعلمها»(١) ؛ إذ قد يجد غيره روايات لم يقف هو عليها. وقد لا يحدد ما طالع من أحاديث المترجم له ، فيعبّر عن ذلك بدقة ظاهرة ، فيقول : «وقد رأيت من حديثه»(٢) . وكان ابن يونس يستقصى مظانّ الحديث فى كافة مصادره ، فلا يجده ـ أحيانا ـ سوى فى كتاب واحد ، يقوم بتحديده(٣) . وقد يذكر المعلومة ، وهو غير متيقن ، فيعبّر عن ذلك بلفظة تناسب ذلك «أحسبه»(٤) .

وأخيرا ، فقد كان ابن يونس لا يلحق ببعض المترجمين ، وإنما يلقى من يحدّث عنه(٥) ؛ ولذلك كان يتبع الدقة والأمانة الواجبة ، فلا يزعم روايته عن المترجم له.

وكذلك كان يفرق ـ بدقة ـ بين ذوى الأسماء المتشابهة ، وذلك عن طريق علمه الدقيق بالأساتيذ الحديثية(٦) .

وتمتع ابن يونس بنظر ثاقب ، وفكر صحيح ؛ إذ كان يحسن ـ فى ذلك الوقت المبكر ـ فهم وإدراك سبل التعلّم وطرائقه. لقد كان على يقين تام بأن ذلك يقوم على عدة أسس متكاملة لا فكاك منها ، وهى «الفهم ، والكتابة ، والحفظ ، والمذاكرة»(٧) وهذا يدل على براعة الفكر التربوى لمؤرخنا ابن يونس ، الذي يصلح على الدوام ، وبه تستوعب العلوم ، ويتم التقدم والازدهار.

__________________

(١) تاريخ المصريين (ترجمة ربيعة بن عيدان الحضرمى الصحابى ، رقم ٤٦٦).

(٢) السابق (ترجمة سالم بن عبد الله التونى ، رقم ٥٢٣).

(٣) السابق (ترجمة يعقوب القبطى ، رقم ١٤١٠) ، وفيها قال : (لم أجد هذا الحديث فى غير كتاب ابن عفير).

(٤) السابق (ترجمة أسميفع بن الشاعر بن يريم ، رقم ١٣٣) ، وفيها قال : (وقد روى عمرو بن جابر الحضرمى ، عن أسميفع. وأحسبه هذا).

(٥) تاريخ الغرباء (ترجمة عبد الصمد بن الفضل المتوفى سنة ٢٤٣ ه‍ ، رقم ٣٣٣).

(٦) السابق (ترجمة عمران بن حصين الضبىّ ، رقم ٤٢٢) ، وفيها قال : (ما جاء لأهل الكوفة عن سعد بن أوس العبسىّ ، عن عمران بن حصين فهو الضبى ، لا الصحابى).

(٧) وردت بعض عناصرها فى بعض التراجم ، فكان يركز على الجمع بين الحفظ ، والفهم ، والكتابة (السابق : ترجمة ١٣٨). وذكر الفهم والحفظ فى (السابق : ترجمة ٤٠٦). وذكر العناصر الواردة بالمتن ما عدا الحفظ فى (السابق : ترجمة ٣٣٧) ، لكنه مفهوم ضمنا. وهذا لا يعنى أنه لا يفهم ضرورة توافر كل العناصر معا ؛ لإنجاح التعلّم ؛ لأنه يحكمه فى ذكرها مستوى ما حصّل المترجم له من علم ، والطريقة والمستوى الذي وصل إليه ، والطريق الذي سلكه. ومن مجموع ما أورد عرفنا نظرته.

٣٠٤

ج ـ هدوء طبعه وموضوعيته ، وعفّة لسانه :

هذه سمة أخرى من سمات شخصية مؤرخنا «ابن يونس» ، وهى ذات أهمية بالغة ؛ لأن الهدوء والمنطق العقلانى ، والنزاهة فى القول ، مما يجب أن يتحلّى به العلماء الحقيقيون. وقد ضرب ابن يونس فى هذا المجال مثلا طيبا ، عن طريق ما خطّه قلمه من تعليقات هادئة ، لا إسفاف ولا ابتذال فيها ، يحكمه ـ فى ذلك كله ـ خلق قويم ، ولسان عفّ نزيه ، وموضوعية لا تعرف التحيز والهوى.

وقد سلك ابن يونس فى هذا الإطار مسالك شتى ، منها :

١ ـ أنه كان يفرق جيدا بين المستوى الأخلاقى والمستوى العلمى ، فقد يكون الرجل صالحا فاضلا ثقة ، لكن علمه لحقه شىء من الاضطراب والضعف(١) ، أو لم يكن على معرفة صحيحة قويمة بعلم معيّن(٢) ، فكان يعطيه حقه من الثناء. وينبّه على ما فى مستواه العلمى من خلل.

٢ ـ أنه كان يعبّر عن المستوى العلمى للمترجم له بصورة هادئة ، ومعبّرة فى الوقت ذاته ـ وبدقة ـ عن حقيقة حاله ، كما فى قوله عن أحد المحدّثين : «ليس بالقوى فى الحديث»(٣) ، وقوله عن آخر : «منكر الحديث»(٤) . وأحيانا يميل إلى أن نكارة المرويات ترجع إلى الراوين عن المترجم له «فقد ينسبون إليه ما لم يحدّث به»(٥) . وقد لا يكون لابن يونس فيه رأى محدد ، لكنه طالع تشكيك البعض فى وثاقته ، فكان يثبت ذلك

__________________

(١) كما فى (تاريخ المصريين ، ترجمة رشدين بن سعد ، برقم ٤٧٦). أما غير ابن يونس ، فكان أعنف رأيا ، وأقسى عبارة ، وأشد تصرفا (قال ابن يونس فى (المصدر السابق) : وأساء فيه يحيى ابن معين القول ، ولم يكن النسائى يرضاه ، ولا يخرّج له).

(٢) راجع السابق (ترجمة عبد العزيز بن قيس ، رقم ٨٦٢) ، قال : وكان ثقة ، ولكن لم يكن من أهل المعرفة بالحديث.

(٣) السابق (ترجمة زيد بن محمد السامى ، ترجمة ٥٢٠). وربما كان قصده أن أحاديثه ليست بدرجة الصحة الواجبة ، أو أن اهتمامه بالحديث كان يسيرا ؛ لأنه قال عنه : حدّث عن يونس ، وابن أخى ابن وهب بشىء يسير.

(٤) السابق (ترجمة شمر بن نمير ، رقم ٦٥٤). والمعنى : له أحاديث يخالف فى روايتها ما رواه الثقات.

(٥) كما ورد فى ترجمة (أسد بن موسى ، رقم ٨٧ فى «تاريخ الغرباء» ، قال عنه ابن يونس : حدّث بأحاديث منكرة ، وأحسب الآفة من غيره.

٣٠٥

الرأى بقوله : «تكلموا فيه»(١) .

٣ ـ تبلغ نزاهة وعفة ألفاظ ابن يونس درجة عالية ، عندما يترجم لأشخاص ضعفاء فى الحديث ، أو حتى ممن حكم عليهم بوضع الأحاديث ، فلا نلمح عليه عصبية ، ولا نجد إفحاشا ولا سبابا ، وإنما نجد دقة فى وصف هؤلاء ، دون خروج عن حدود اللياقة والأدب(٢) . وإذا أخطأ البعض ، نبّه على ذلك فى هدوء شديد(٣) .

د ـ حب الصالحين والزهاد :

وأعتقد أن هذه الخلّة تنبع ـ أساسا ـ من البيئة ، التى نشأ فيها مؤرخنا ، فجدّه يونس كان يهتم بحكايات الصالحين والزهّاد(٤) ، وكان معروفا بأنه من ذوى الكرامات(٥) . ولعل مؤرخنا ورث ذلك عن جده(٦) ، وانعكس ذلك على تراجمه فى مظهرين أساسيين :

__________________

(١) تاريخ الغرباء (ترجمة على بن زيد الفرائضى ، رقم ٤٠٥).

(٢) راجع (السابق ، ترجمة على بن خلف بن على البغدادى رقم ٤٠٣) ، قال عنه : لم يكن يسوى فى الحديث شيئا. وكذلك (ترجمة داود بن يحيى الصوفى الإفريقى ، رقم ١٩٦) ، قال عنه : ليس بشىء ، أحاديثه موضوعة.

(٣) ومثالا ذلك : قوله فى (تاريخ المصريين ، ترجمة عيّاش بن عقبة الحضرمى رقم ١٠٥١) عندما ذكر عبد الله بن يزيد المقرئ أنه عم ابن لهيعة ، فقال ابن يونس : أخطأ المقرئ ، ووهم فى ذلك. وفى (السابق ، ترجمة يعفر بن عريب القتبانى ، رقم ١٤٠٩) ، قال : زعموا أنه شهد فتح مصر. وفى ذلك نظر.

(٤) يشهد له بذلك ما ذكره من حكايات الصالحين والزهاد ، لما حضر جنازة لآل يوسف بن عمرو ابن يزيد ، وكان يحضرها القاضى (الحارث بن مسكين) ، وقد أثّر يونس فى الحاضرين ، حتى أبكى بعض أهل المجلس. وقد حاول القاضى التشكيك فى إخلاص يونس ؛ ربما لخلاف بينهما ، فردّ عليه يونس ردا مفحما ، قائلا له : أنت وليت القضاء ، ومن ولى القضاء فكأنما ذبح بغير سكين. (القضاة للكندى ص ٤٧٠ ـ ٤٧١ ، وترتيب المدارك ١ / ٥٧٥). وكذلك أورد له ابن خلكان حكاية ، رواها عن أحد الصالحين المخلصين ، وكيف أدى الله عنه دينه (وفيات الأعيان ٧ / ٢٥١ ـ ٢٥٢).

(٥) نصح ابن بكير رجلا ، شكا إليه الفقر ، أن يأتى يونس ، فيدعو له ، وعلّل ذلك ابن بكير بقوله : «فو الله ، إنى لأجد له بركة». (ترتيب المدارك : مجلد ٢ ص ٨٠).

(٦) أقصد حب الصالحين والزهاد. وعلى كل ، فنحن لا نعرف شيئا عن المستوى المعيشى لمؤرخنا (ابن يونس) ، وما إذا كان يعيش فى سعة من العيش ورخاء ، أم كان يمارس حياة التقشف والزهد. والنصوص التى وردت تتعلق بجده (يونس) الذي كان فقيرا ، شديد التقشف فى البداية ، ثم أقطع أرضا ، يزرعها ولا يدفع عنها خراجا سنين طويلة ، فكان ذلك أول غناه.

٣٠٦

أولهما : حرص ابن يونس على البحث عن القيم الأخلاقية فى مترجميه ، وإثباتها فى كتابيه ، وكثيرا ما يذكر صفات الزهد والعبادة ، والصلاح والفضل لمن يستحق الاتصاف بذلك منهم(١) .

ثانيهما : يلاحظ أن الغالب على تراجم ابن يونس الوجازة والقصر ، إلا أنه ـ فى الغالب ـ يطيل فى تراجم الصالحين والعباد والزهاد ، ذاكرا تفاصيل صلاحهم ، وزهدهم ، وكثرة عبادتهم ، وبعض كراماتهم ، وبعض نواحى حياتهم(٢) .

ه ـ حسه الوطنى الصادق :

وذلك واضح مما ذكرناه ـ قبلا ـ عن عدم ارتحاله خارج بلده مصر ، واقتصار مؤلّفيه التاريخيين على «علماء بلده ، وعلماء البلاد الأخرى الذين قدموا إلى بلده مصر ، فأفادوا واستفادوا». وبالنظر إلى بعض تراجم كتابيه ، نلمح نبرة الإعجاب بوطنه ، وذلك من خلال الحرص على الترجمة لأناس ، تروى عنهم عدة آثار ، تمجّد مصر ، وتذكر فضائلها ، ومظاهر الخير والثراء والنعيم بها ، إلى جانب ما تتمتع به من البركة والنماء والجمال منذ أقدم العصور(٣) .

__________________

(ترتيب المدارك ٢ / ٧٩). فلعل مؤرخنا آل إليه شىء من إرث جده عن طريق والده ، كان يتكسب منه ؛ لأن العلم غلب على حياة مؤرخنا (من البداية إلى النهاية) ، ولابد أن يكون له مصدر رزق ثابت ، يكفيه هموم السعى على الرزق ، ويفرغه للعلم.

(١) راجع (تاريخ الغرباء) ، تراجم أرقام : ١١٩ ، ١٤٠ ، ٣٣٣ ، ٣٣٧.

(٢) راجع فى ذلك (تاريخ المصريين) : ترجمتى (٦١٤ ، ٦٧٣). وفى (تاريخ الغرباء (ترجمة ١١٩ ، ١٦٨ وهى مطولة). وأحيانا ، كان يكتفى ابن يونس بالإشارة إلى أن للمترجم له أخبارا تطول فى ذكر عبادته (راجع المصدر السابق : ترجمة ٢٠٢).

(٣) راجع فى ذلك (تاريخ المصريين) ، ترجمة عمرو بن العاصى رقم ١٠٢٦ ، وهى تتصل ببركات جبل المقطم ، ودفن عدد من الصحابة فى سفح المقطم) ، وترجمة الصحابى أبى بصرة الغفارى رقم ١٤٢٤ (وما قاله عن ملك مصر وخزائنها ، وما ورد عن ذلك فى القرآن منذ عهد يوسف (عليه‌السلام) ، وترجمة أبى رهم السّماعى رقم ١٤٢٩ (عن عظمة مصر ، وأنهارها ، وجسورها وقناطرها ، ونيلها وجناتها). وراجع (تاريخ الغرباء) ، ترجمة (كعب الأحبار) رقم ٤٦٦ : وصف مصر بأنها تشبه الجنة ، فى نباتاتها ، وأزهارها.

٣٠٧

ثالثا وأخيرا ـ دراسة كتابيه

«تاريخ المصريين ، وتاريخ الغرباء»

مدخل إلى دراسة كتابى ابن يونس :

بعد أن انتهينا من الترجمة لمؤرخنا ابن يونس وأسرته ، نقترب ـ الآن ـ شيئا فشيئا من الدراسة التحليلية المنهجية المفصّلة المقارنة لكتابيه : «تاريخ المصريين» ، و «تاريخ الغرباء». لكنّا ـ قبل الولوج فى غمار ذلك ـ رأينا أنه من أساسيات تلك الدراسة التمهيد بهذا المدخل ، الذي يتضمن الموضوعات الآتية :

أولا ـ عنوان الكتابين ، وموضوعهما ، وتوقيت تأليفهما

١ ـ الكتاب الأول «المتعلق بالمصريين» :

نظرا لفقد هذا الكتاب ، وعدم وجوده بين أيدينا ، فقد اعتمدنا فى معرفة «عنوانه» على ما أوردته المصادر المتأخرة الناقلة عنه ، ملاحظين ما سجلته فى صدر مقتبساتها «غالبا» ، وفى مؤخرتها «نادرا» من عناوين هذا الكتاب. وكذلك ما أوردته بعض تراجم مؤرخنا. وهاكم العناوين الآتية :

أ ـ «تاريخ مصر» : وهذا هو العنوان الأشهر ، الذي تواتر ذكره فى المصادر ، وغلب استخدامه فى الإشارة إلى هذا الكتاب. لقد ذكره ابن ماكولا فى «الإكمال»(١) ، والسمعانى فى «الأنساب»(٢) ، والذهبى فى «تاريخ الإسلام»(٣) ، والصفدى فى «الوافى بالوفيات»(٤) ، والإسنوى فى «طبقاته»(٥) ، وابن دقماق فى «الانتصار»(٦) ، والعراقى فى

__________________

(١) ج ٢ ص ٢٥٢ (ترجمة ربيعة بن قيس الجملىّ الواردة فى كتاب ابن يونس برقم ٤٦٨).

(٢) ج ٢ ص ٤٠ (ترجمة شديد بن قيس الواردة لدى مؤرخنا برقم ٦٢٣) ، ج ٤ / ٤٥١ (ترجمة عاصم بن خيار برقم ٦٨٣) ، ج ٥ / ٥١٤ (ترجمة إبراهيم بن طلق بن السمح الواردة فى كتاب ابن يونس برقم ٧٣).

(٣) ج ٣ ص ٦٥٣ (ترجمة عبد الرحمن بن ملجم المذكورة عند ابن يونس برقم ٨٤٣).

(٤) ج ١ ص ٤٩ (مقدمة الصفدى لكتابه).

(٥) ج ١ ص ١٨ (ترجمة عبد الحميد بن الوليد الواردة لدى مؤرخنا برقم ٧٩٨).

(٦) القسم الأول ص ٥ ـ ٦ (ترجمة أبى بصرة الغفارى المذكورة رقم ١٤٢٤ فى كتاب ابن يونس).

٣٠٨

«ذيل ميزان الاعتدال»(١) ، والمقريزى فى «الخطط»(٢) ، وابن حجر فى «الإصابة»(٣) ، و «تهذيب التهذيب»(٤) ، والسيوطى فى «بغية الوعاة»(٥) ، والمقرى فى «نفح الطّيب»(٦) ، وغير ذلك(٧) .

ب ـ «تاريخ المصريين» : وهذه تسمية أخرى لهذا الكتاب ، لعلها تتلو السابقة فى الشهرة. وقد وردت لدى ابن الفرضى فى «الألقاب»(٨) ، وابن عبد البر فى «الاستيعاب»(٩) ، والسمعانى ـ فى بعض مقتسبات ـ فى «الأنساب»(١٠) ، وابن عساكر فى «مخطوطة تاريخ دمشق»(١١) ، وغيرها.

__________________

(١) ص ١٤٦ ـ ١٤٧ (ترجمة حميد بن أبى الجون الإسكندرانى المذكورة لدى ابن يونس برقم ٣٥٦).

(٢) ج ١ ص ٣٣٢ ـ ٣٣٣ (ترجمة الحسن بن محمد بن أحمد العسّال الواردة برقم ٣٢٠) ، ج ٢ ص ٤٤٣ (ترجمة عمرو بن العاص رقم ١٠٢٦).

(٣) ج ٤ / ٦٩٣ (ترجمة عمرو بن معد يكرب رقم ١٠٣٤) ، ج ٥ ص ٦٠١ (ترجمة كعب بن عدى رقم ١١٠٦) ، ج ٥ ص ٧٦٢ (ترجمة مبرح بن شهاب رقم ١١٣٦) ، ج ٧ ص ١١٦ (ترجمة أبى خراش الرعينى رقم ١٤٢٦).

(٤) ج ٦ ص ١٩٩ (ترجمة عبد الرحمن بن عبد الحميد المهرى ، رقم ٨٢٦) ، ج ٦ ص ٢٥٨ (ترجمة عبد الرحمن بن نمران ، رقم ٨٤٦) ، ج ٧ / ٣٧٠ (ترجمة عمارة بن غراب ، رقم ٩٩٢).

(٥) ج ١ ص ٤. ذكره فى مصادر كتابه).

(٦) ج ٣ / ٦٠ ـ ٦١ (ترجمة عبد الرحمن بن شماسة ، رقم ٨٢٣).

(٧) ذكر شاكر مصطفى فى (التاريخ العربى والمؤرخين) ج ٢ ص ٢٠٠ : أن كتاب ابن يونس يسمى (تاريخ مصر) ، أو (طبقات العلماء المصريين). ولا أدرى مصدر التسمية الأخيرة ، فهى غير صحيحة ؛ لأن الكتاب غير مقسّم إلى طبقات.

(٨) ص ١٧٤ (ترجمة إبراهيم بن يزيد المصرى ، رقم ٧٠).

(٩) ج ٤ ص ١٤٥٥ (ترجمة مبرح بن شهاب ، رقم ١١٣٦).

(١٠) ج ١ ص ٤٨٧ (قال أبو سعيد بن يونس صاحب تاريخ المصريين. صدّر السمعانى بتلك المقولة ترجمة أحد الغرباء المنقولة عن «تاريخ الغرباء» لابن يونس ، وهو عمرو بن أبى سلمة الدمشقى ، برقم ٤٢٧). وكان حقه أن يصرح باسم (تاريخ الغرباء) بدل (المصريين) ، ما دام يترجم لأحد الغرباء. وورد عنوان (تاريخ المصريين) فى (الأنساب) ـ أيضا ـ ج ٤ / ٢٦٧ ـ ٢٦٨ (ترجمة الصحابى ربيعة بن عيدان الحضرمى ، رقم ٤٦٥ ، هامش ١١) ، ج ٥ ص ٢٤٩ (ترجمة عبد الله بن أبى رومان ، رقم ٧٣٢).

(١١). ١٠ / ٤٥٤ (ترجمة عبد الملك بن جنادة ، رقم ٨٧٧).

٣٠٩

ح ـ التاريخ «تاريخ ابن يونس» : وهو من عناوين الكتاب المذكور ، ويستخدم غالبا على سبيل الاختصار. وقد استخدمه السمعانى ـ أحيانا ـ فى «الأنساب»(١) ، ومغلطاى فى «مخطوطته»(٢) ، وابن حجر فى «تهذيب التهذيب»(٣) .

د ـ «تاريخ أهل مصر» : وقد ورد فى مخطوطة «تاريخ دمشق» لابن عساكر(٤) ، وفى «الذيل والتكملة» للمراكشى(٥) .

ه ـ «تاريخ علماء مصر» : وقد تفرد بذكره ـ فيما أعلم ـ الذهبى فى «سير أعلام النبلاء»(٦) .

ملاحظات :

أ ـ شذّت بعض المصادر ، فخلطت بين كتاب «المصريين» ، وكتاب «الغرباء» ، فأطلق البعض على الأول اسم «تاريخ المغرب» ، ونسب إليه ترجمة أحد المصريين(٧) ، بينما أطلق عليه البعض الآخر اسم «تاريخ أهل مصر والمغرب»(٨) .

ب ـ وكذلك شذّت بعض المراجع المعنية بذكر التاريخ والمؤرخين ، فيما عنيت به من ذكر كتب التراث ومؤلّفيه ، فسمّت هذا الكتاب ب «كتاب مصر»(٩) .

ج ـ من الواضح أن المسمّيات الخمسة المذكورة عاليه متداولة فى المصادر الناقلة والمترجمة لابن يونس ، على تفاوت بينها فى الاستخدام داخل المصادر عامة ، وفى الإطار الداخلى لبعض المصادر خاصة. وقد اخترت منها اسم «تاريخ المصريين» ؛ لأنه

__________________

(١) ج ٢ ص ٤٠٢ (ترجمة عطاء بن دينار ، رقم ٩٤٣).

(٢) إكمال تهذيب الكمال : ق ١٦٣ (ترجمة على بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة ، رقم ٩٨١).

(٣) ج ٢ ص ٣٩٠ (ترجمة حكيم بن عبد الرحمن) ، قال : لم يذكره ابن يونس فى (تاريخه) ، أى : فى (تاريخ المصريين) ، وذكره فى (تاريخ الغرباء). وهو ـ بالفعل ـ موجود به ، برقم ١٦١).

(٤) ج ٩ ص ٩٨١ (ترجمة عبد الرحمن بن شماسة ، رقم ٨٢٣).

(٥) السفر الخامس ، القسم الثانى ص ٥٦٣ (ترجمة وردان ، رقم ١٣٦٩).

(٦) سير أعلام النبلاء ١٥ / ٥٧٨ (فى ذكر مؤلف ابن يونس عند الترجمة له).

(٧) النفح ٣ / ٩ (ترجمة عبد الله بن يزيد الحبلى ، رقم ٧٨٧).

(٨) الذيل والتكملة للمراكشى : السفر الرابع ص ١٤٥.

(٩) الإعلان للسخاوى (ط ٢ ـ روزنثال) ص ٦٤٥ ، وتاريخ الأدب العربى (ط. الهيئة) ج ٢ / ٨٤ ، وتاريخ التراث العربى (ط. الهيئة) ١ / ٥٧٩.

٣١٠

يتناسب مع طبيعة الكتاب باعتباره كتاب «تراجم» ، وبداخله بعض الأحداث التى تؤرخ للمصريين داخل بلادهم ، ومن خلال مشاركتهم فى أحداث الفتوح خارجها. ويضاف إلى ذلك أن عنوان «تاريخ مصر» ـ على كثرة استخدامه ـ سيؤدى إلى الخلط بعنوان كتاب آخر هو «الغرباء» ، عند استعمال بعض المصادر له كعنوان مختصر ، على نحو ما سنوضح بعد قليل.

حول موضوع كتاب «تاريخ المصريين» ، وتوقيت تأليفه :

الحق أن هاتين الجزئيتين ـ خاصة الأولى منهما ـ شائكتان ؛ نظرا لضياع الكتاب المشار إليه. فبخصوص الموضوع الذي يتناوله هذا الكتاب ، فإننا لا نجد فى بقاياه مقدمة ، يشرح لنا فيها مؤرخنا «ابن يونس» : ما ذا يقصد من وراء هذا الكتاب؟ وما ذا يعنى بهذا العنوان؟ وما الذي سيتناوله فى ضوئه؟ ومن هنا جاءت الصعوبة ؛ لأننا مضطرون لتتبع مسلكه فى التراجم المنسوبة إلى هذا الكتاب ، ومحاولة استنباط مقصوده من خلالها ، مع رصد مدى محافظته والتزامه بهذا المقصود ، وذاك الغرض ؛ كى نخرج ـ فى النهاية ـ بتصور ـ أقرب إلى الحقيقة ـ لما عناه بهذا العنوان.

ويمكننا ذكر ما تيسّر لنا من أنماط المصريين ، الذين ترجم لهم ابن يونس فى «تاريخ المصريين» كما يلى :

أ ـ صحابة دخلوا مصر ، وشهدوا فتحها ، واختطوا بها ، أولا(١) ، أو مرّوا بها عند التوجه لغزو إفريقية(٢) .

ب ـ من ولد بمصر ، ولو كان من أصل غير مصرى ، ثم عاش بها حتى مات(٣) ، أو

__________________

(١) ممن شهد فتح مصر ، وأقام بها من الصحابة : عمرو بن العاص (له ترجمة فى «تاريخ المصريين» رقم ١٠٢٦) ، وابنه عبد الله (المصدر السابق : ترجمة رقم ٧٥٦) ، وعقبة بن عامر الجهنى (السابق : ترجمة رقم ٩٤٩). وهؤلاء ماتوا بمصر. والبعض مات خارجها (مثل : الصحابى عبد الله بن سعد بن أبى سرح المترجم له فى المصدر نفسه برقم ٧٣٧). وممن شهد الفتح من الصحابة ، لكنه عاد إلى فلسطين ، وكان بها ولده (فلم يقم بمصر) الصحابى (زياد بن جهور). (ترجم له ابن يونس فى المصدر نفسه برقم ٥١٨).

(٢) من هؤلاء : عبد الله بن الزبير (فيما أرجح). (ترجمته فى السابق : رقم ٧٣٣) ، وعبد الله بن عباس (السابق : ترجمة ٧٤٦).

(٣) مثل : (حسان بن عبد الله بن سهل). (راجع ترجمته فى السابق : رقم ٣٠٣). وهناك آخرون لهم المواصفات نفسها ، وإن لم يصرّح بمكان وفاتهم (والغالب أنهم ماتوا بمصر) ، مثل :

٣١١

خرج منها ، وأقام بغيرها من البلدان ، وتوفى بعيدا عن مصر(١) ، أو عاد ثانية إليها بعد أن نشأ بغيرها(٢) .

ج ـ من كان من أصل قبطى ، وثبت إسلامه(٣) ، أو كان من أصل رومى «غالبا»(٤) .

د ـ من كان له إدراك(٥) ، أو لم تثبت له صحبة مطلقا(٦) ، أو كان من الأجيال التالية لجيل الصحابة من التابعين ، وتابعيهم ومن بعدهم ، ممن لهم بيوت وأسر ، وخطط فى مصر ، ولقّبوا ب «المصرى» ؛ نتيجة ذلك(٧) .

وبالنسبة لتوقيت تأليف كتاب «تاريخ المصريين» ، فإننا لا نستطيع تحديد ذلك بشكل قاطع ؛ لعدم وجود نصوص دالّة على ذلك ، لكننا لا نعدم أن نجد وسيلة أو أخرى لتقريب هذا الأمر. لقد ذكرنا ـ فيما مضى ـ أن مؤرخنا كان طلابا للعلم منذ عهد مبكر من حياته ، وأنه ظل يؤلف حتى أواخر عمره «وأوردنا ترجمة أحد المصريين المتوفّين قبل وفاة ابن يونس بشهور معدودة»(٨) . فإذا أضفنا إلى ذلك أن قدرا لا بأس به من مرويات مؤرخنا فى هذا الكتاب مصدره أستاذه وشيخه ـ تلميذ المؤرخ ابن عبد الحكم ـ علىّ بن قديد «ت ٣١٢ ه‍» ؛ أدركنا تماما أن مؤرخنا بدأ تأليف هذا الكتاب فى

__________________

(أحمد بن العباس بن الربيع ، ترجمة رقم ٢٧) ، و (أحمد بن عيسى بن حسان ، ترجمة ، ٤٤) ، و (عبد الله بن محمد بن عمرو بن الخليل ، ترجمة ٧٧٣) و (عبد العزيز بن قيس رقم ٨٦١).

(١) مثل : (أحمد بن خازم المعافرى ، ترجمة ١٢) ، و (بحير بن عبد الرحمن بن بحير ، ترجمة ١٦٨). كلاهما مات بالأندلس. وكذلك (عبد الرحمن بن أبى صالح) ، الذي خرج إلى بغداد ، ومات بها (ترجمته رقم ٨٢٤ ، مع ملاحظة هامش ١ ص ٣٠٧).

(٢) مثل : (سعيد بن أبى هلال ، الذي ولد بمصر ، ونشأ بالمدينة ، ثم رجع إلى مصر ، وغالبا توفى بها). (راجع ترجمة رقم ٥٦٦).

(٣) مثل : (جبر بن عبد الله القبطى) (له ترجمة برقم ٢٢٢).

(٤) مثل : (أيوب بن قسطنطين) ، الذي عدّ فى أهل مصر. (ترجمة رقم ١٦٢).

(٥) أى : أدرك حياة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأسلم بعد وفاته. (مثل : عقبة بن عامر الرعينى ، الذي شهد فتح مصر). (ترجمة رقم ٩٤٨).

(٦) مثل : (عكرمة بن ضباب اللخمى) ، لكنه شهد فتح مصر هو وابنه. (ترجمته رقم ٩٥٧).

(٧) مثل : (عباس بن جليد المصرى). (ترجمة رقم ٧٠٤) ، و (عبد الله بن عبد الحكم رقم ٧٤٩) ، وغيرهما كثير.

(٨) راجع ما سبق ذكره عن ذلك فى (ترجمة ابن يونس ص ٢٨٧ هامش ١).

٣١٢

شبابه(١) ، وظل يضيف إليه ، ويسجل ما يقع تحت يده من مادة تراجمه ، حتى منتهى حياته.

٢ ـ الكتاب الثانى «المتعلق بالغرباء» :

يتكرر هنا ما ذكرناه عند حديثنا عن «تاريخ المصريين» ، فالكتاب الذي نحن بصدده مفقود أيضا ؛ ولذلك اعتمدنا على المصادر التى اقتبست منه ـ قبل فقده ـ بعض مادة تراجمها. وإليكم هذه العناوين :

أ ـ «تاريخ الغرباء» : وهذا العنوان من أسهل وأوضح العناوين ، التى وردت لهذا الكتاب. ومن ميزاته أيضا : أنه يضع حدودا فاصلة بينه ، وبين كتاب «تاريخ المصريين» ، فلا يختلط به ، ولا يتداخل معه ؛ لذلك اخترته ، من دون العناوين التالية عند تجميع بقايا هذا الكتاب. وقد ذكره السمعانى فى «الأنساب»(٢) ، والمقريزى فى «الخطط»(٣) .

ب ـ يوجد عنوانان متقاربان هما : «الغرباء الذين قدموا مصر». وقد ورد ذكره ـ أحيانا ـ فى كتاب «الأنساب» للسمعانى(٤) . والعنوان الآخر : «تاريخ الغرباء القادمين على مصر». وأورده ابن العديم فى «بغية الطلب»(٥) . ومن الواضح أن كلا العنوانين بمعنى واحد ، ولعل التغيير الطفيف فى الألفاظ ناتج عن «النسّاخ».

ج ـ وهناك عنوانان آخران متقاربان هما : «تاريخ مصر المختص بالغرباء». وقد وردت هذه التسمية فى «وفيات الأعيان» لابن خلكان(٦) . أما التسمية الأخرى القريبة منها جدا ، فهى «تاريخ مصر للغرباء القادمين على مصر». وذكره ابن خلكان فى «وفيات

__________________

(١) لقد كان يسأل العلماء ، ويجمع المعلومات من أفواههم ويسجلها (راجع ترجمة كثير بن نجيح) فى (تاريخ المصريين) ، رقم (١١٠٢) ، ففيها يذكر مؤرخنا أن هذا العالم المعمّر ، الذي قارب المائة ، قال لابن يونس : إنه ولد سنة ٢٠٤ ه‍. وقد توفى سنة ٣٠١ ه‍. وهذا يعنى أن مؤرخنا سجل ترجمته وهو ابن عشرين عاما (ولد ابن يونس ٢٨١ ه‍).

(٢) ج ١ ص ٩٤ (ترجمة الهيثم بن عدى الواردة لدى ابن يونس ، رقم ٦٦١ ، وترجمة يموت بن المزرّع ، رقم ٦٩٤).

(٣) ج ٢ ص ١١٤ (ترجمة عبد الوهاب بن موسى بن عبد العزيز ، ترجمة رقم ٣٦٠).

(٤) ج ١ ص ٤٢٤ (راجع ترجمة مسلمة بن على الخشنى ، رقم ٦٢١ ، وهامشها رقم : ٢).

(٥) ج ٤ ص ١٨٨٦ (ترجمة أشعث بن شعبة الكوفى ، رقم ٩٨).

(٦) ج ٢ ص ٥٠٤ (ترجمة عبد الرحمن بن عمارة بن عقبة بن أبى معيط ، برقم ٣٢١) ، ج ٤ ص ١٩٢ (ترجمة محمد بن جرير الطبرى ، رقم ٥٠٣).

٣١٣

الأعيان»(١) ، وابن قاضى شهبة فى «مخطوط طبقات النحاة واللغويين»(٢) .

ملاحظات :

١ ـ ذكر السمعانى أكثر من عنوان لهذا الكتاب ـ خلاف العناوين السابقة ـ عند اقتباس تراجم بعض الغرباء ، وهى عناوين غير صحيحة ، وبينها وبين «تاريخ المصريين» تداخل ، منها : «تاريخ المصريين»(٣) ، و «التاريخ»(٤) ، و «التاريخ لأهل مصر»(٥) .

٢ ـ ثمة عنوان آخر غير صحيح هو : «تاريخ أهل مصر ، وإفريقية ، والأندلس». وذكره المقرى فى «نفح الطيب»(٦) .

٣ ـ كثيرا ما تختصر المصادر عنوان : «تاريخ مصر المختص بالغرباء» إلى «تاريخ مصر»(٧) . وهذا العنوان الأخير مشكل ؛ لأنه يفضى إلى التداخل مع أحد عناوين كتاب «تاريخ المصريين» السابق ذكرها ، اللهم إلا إذا كان مضمون الترجمة واضحا فى الدلالة على أن المترجم له من «الغرباء» ، عندئذ يوضع فى الاعتبار أن هذا العنوان ، إن هو إلا اختصار للعنوان المطوّل المذكور.

__________________

(١) ج ٣ ص ١٧٧ (ترجمة عبد الملك بن هشام بن أيوب الذّهلىّ ، رقم ٣٥٦).

(٢) وكذلك ورد فى (مخطوط طبقات النحاة واللغويين) لابن قاضى شهبة ص ٣٩٠ (الترجمة السابقة نفسها).

(٣) والغريب أنه ذكر هذا العنوان فى مادة (البرقى) ، وذكر أن المنتسبين إلى برقة من العلماء والمحدّثين ذكرهم أبو سعيد بن يونس فى كتاب : (تاريخ المصريين ومن دخلها). (الأنساب ١ / ٣٢٤) ، وربما حدث سقط من العنوان (ومن دخلها من الغرباء) ، فيكون قد جمع بين عنوانى كتابى ابن يونس ، على اعتبار أن بعض من ينسبون إلى برقة مصريو الأصل ، والآخرين فى عداد الغرباء.

(٤) السابق ٢ / ١٩٦ (ترجمة على بن الحسين بن حرب القاضى ، رقم ٤٠٢).

(٥) السابق ٥ / ١٠٢ (ترجمة عبد الملك بن سليمان الأنطاكى ، رقم ٣٤٦).

(٦) ج ٣ ص ٧ (ترجمة حنش بن عبد الله الصنعانىّ ، رقم ١٦٨).

(٧) مثل : (الأنساب) ١ / ٩٧ (ترجمة محمد بن عيسى المصّيصى ، رقم ٥٨٩) ، ٢ / ٥١١ (ترجمة محمد بن أحمد بن حماد الدّولابى ، رقم ٤٨٦) ، والجذوة ١ / ٨٤ ، والنفح ٣ / ٥٨ (ترجمة محمد بن أوس الأنصارى ، رقم ٤٩٩) ، وبغية الطلب ٨ / ٣٨١٥ ـ ٣٨١٦ (ترجمة زكريا بن أيوب الأنطاكى ، رقم ٢٠٨).

٣١٤

حول موضوع كتاب «تاريخ الغرباء» ، وتوقيت تأليفه :

ينطبق على هذا الكتاب ـ فى تحديد موضوعه ـ نفس النهج ، الذي اتبعناه فى «تاريخ المصريين». وقد ذكر روزنثال(١) : أنه لفت نظر ابن يونس ـ لوضع هذا الكتاب ـ العلماء ، الذين لم يولدوا فى مصر ، لكن عاشوا ودرسوا فيها ، وأقاموا بها ردحا(٢) من الزمن ؛ فلوادى النيل جاذبية عظمى للغرباء معروفة من القدم.

والحق أن الشطر الأول من العبارة صحيح مقبول ، لكن الشطر الأخير فيه نظر ؛ لأنه ليس كل من ترجم له ابن يونس ـ كما سنرى ـ فى «الغرباء» قد أقام بمصر مدة طويلة ، كما أن الباعث على الارتحال إلى مصر لم يكن المكث على ضفاف النيل ، وإنما السعى لطلب العلم ، والتلقى على علماء مصر العظام.

ويمكن أن نذكر بعض أنماط الغرباء الواردين فى الكتاب المذكور كما يلى :

أ ـ أشخاص قدموا مصر من بلدانهم ليسوا صحابة ؛ طلبا للعلم(٣) ، أو أداء لمهمة(٤) ، أو ولاية لمنصب(٥) ، سواء ماتوا بها(٦) ، أم خرجوا عنها ، فماتوا بغيرها(٧) . وهؤلاء ولدوا بغير مصر ، ويرجعون إلى أصول غير مصرية(٨) .

__________________

(١) علم التاريخ عند المسلمين (ط ٢ ـ ترجمة : د. صالح العلى) ص ٢٣٥.

(٢) ردح يردح ردحا : ثبت ، وتمكن. يقال : ردح بالمكان ، أى : أقام به. ردح الشيء : بسطه ، وردح الرجل : أصاب حاجته. وردح الرجل : صرعه. (اللسان ، مادة : (ر. د. ح) ج ٣ / ١٦٢٠ ـ ١٦٢١ ، والمعجم الوسيط ١ / ٣٥٠). وفى (المرجع السابق) : الرّدح : المدة الطويلة ، يقال : أقام ردحا من الدهر.

(٣) راجع (تاريخ الغرباء) لابن يونس (ترجمة إبراهيم بن أدهم الكوفى ، رقم ٤) ، و (ترجمة حماد بن نعيم الجذامى الفلسطينى ، رقم ١٦٢) ، و (زيد بن إسحاق الأنصارى ، رقم ٢١٨).

(٤) كما جاء فى ترجمة (أبى عبيدة بن الفضيل بن عياض المكى). (السابق : ٣٥) ، فقد جاء أنه أتى إلى مصر فى (وكالة توكّلها). هذا هو الهدف الغالب من الزيارة.

(٥) كما فى ترجمة أمير مصر (سعيد بن يزيد الأزدى ، رقم ٢٣٥) ، و (قرة بن شريك ، ترجمة رقم ٤٦١) ، وغيرهما. فالغالب عليهما المنصب الذي ولياه ، وهو هدف مجيئهم إلى مصر.

(٦) كما فى ترجمة (إبراهيم بن أبى داود سليمان بن داود البرلسى ، رقم ١٢) ، وترجمة (تبيع بن عامر) رقم ١٢٢.

(٧) كرجوع أبى عبيدة بن الفضيل بن عياض المكى إلى بلده ، وموته بها (ترجمة ٣٥).

(٨) مثل : (إبراهيم بن أبى داود البرلسى ، ترجمة رقم ١٢) ؛ إذ إنه ولد فى (صور) ، ووالده كوفى ، ولزم البرلس فى مصر ، ومات بها. وأيضا ، (إبراهيم بن رزق الله الكلوذانى) ، الذي ولد ببلده (كلوذان) ، وقدم مصر. (ترجمة رقم ١٣).

٣١٥

ب ـ من لم يعرف أنه من أهل مصر ، فهو داخل فى عداد الغرباء(١) .

ملاحظات :

١ ـ قد يترجم للشخص الواحد أكثر من مرة فى «تاريخ الغرباء» ؛ نظرا للاختلاف حول اسمه. والغالب أن ابن يونس لم يدرك ذلك ، فذكره على أنه شخصان مختلفان ، لكن المصادر الأندلسية نبّهت على أنه شخص واحد ، ذكر فى «كتاب الغرباء» فى موضعين(٢) .

٢ ـ قد يذكر ابن يونس أحد أفراد الأسرة فى «تاريخ الغرباء» ، بينما ترجم لأخيه فى «تاريخ المصريين»(٣) ؛ وذلك تبعا لملقاييس التى وضعها لمن تتم الترجمة لهم فى كلا الكتابين.

٣ ـ ورد فى نص ترجمة أحد «الغرباء» : أنه لم يرحل(٤) . وهذا يضعنا أمام أحد احتمالين : أن ابن يونس خالف مقاييس الترجمة فى «الغرباء» على قدر فهمنا ، لما ترجم لشخص لم يأت إلى مصر ولا إلى غيرها ، كما ذكر هو نفسه فى كتابه عنه. والاحتمال الآخر ـ أن هناك استثناء يخص الأندلسيين دون سواهم ، إذ يغلب على الظن أن هذا المترجم له ـ وهو أندلسى ـ يدخل ضمن محدثى الأندلس ، الذين عرف ابن يونس معلومات عنهم ، وترجم لهم ، عن طريق مراسلة ومكاتبة المؤرخ الأندلسى الشهير «الخشنىّ» ، على نحو ما سنذكر فيما بعد. ويترجح لدىّ الاحتمال الأخير ؛ لأن المترجم له ـ كما جاء فى ترجمة ابن يونس له ـ مات فى صدر أيام الأمير عبد الله بن محمد (٢٧٥ ـ ٣٠٠ ه‍)(٥) ، فهو ـ إذن ـ من محدثى القرن الثالث الهجرى وقد مات قبل مولد ابن يونس نفسه فهو لم يلتق به.

__________________

(١) مثل : (إدريس بن عمر بن عبد العزيز ، ترجمة ٧٦) ، قال عنه : لا أعرفه من أهل مصر.

(٢) كما حدث فى ترجمة (محمد بن يحيى السّبئى القرطبى) رقم ٦١٠ (راجع هامش ٦ بها ، فمنه تبين أن ابن يونس ذكره فى موضع آخر من الكتاب نفسه باسم آخر : (محمد بن سعيد بن عبد الله) ، برقم (٥٣٦).

(٣) ترجم ل (أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم) فى (الغرباء) برقم (٥٩) ؛ لأنه ولد ، وعاش طويلا فى (برقة) ، بينما ترجم لأخيه (محمد) فى (تاريخ المصريين) رقم (١٢٢٩) ؛ لأنه من أهل مصر ، ولقب بالبرقى ؛ لا تجاره إلى برقة (راجع معجم البلدان) ١ / ٤٦٣.

(٤) كما فى (تاريخ الغرباء) لابن يونس ، ترجمة (لبّ بن عبد الله السرقسطى) ، رقم (٤٦٨).

(٥) المصدر السابق ، لابن يونس (ترجمة رقم ٤٦٨).

٣١٦

ويضاف إلى ذلك أن هذه الترجمة وردت لدى «الحميدى»(١) ، و «الضبى»(٢) منسوبة إلى «مؤرخنا ابن يونس». أما ابن الفرضى ، فكان أكثر دقة ؛ إذ نسب الترجمة إلى مصدرها الأصيل «الخشنى» ، لا مصدرها الوسيط «ابن يونس»(٣) . أما عن سبب عدم ذكر مؤرخنا مصدر هذه الترجمة «وهو الخشنى» ، فقد يكون ذلك سهوا منه ، أو من الناقلين عنه ، أو أسقط ذكره بفعل النساخ.

وبالنسبة لتوقيت تأليف ابن يونس كتابه : «تاريخ الغرباء» ، فذلك أمر لا نستطيع تحديده ، فشأنه شأن «تاريخ المصريين» ، فلعله امتد عبر حياة ابن يونس العلمية. وترجم مؤرخنا فيه لعلماء معاصرين له ، قال عن أحدهم : «فقيه مذكور فى وشقة. لا يزال حيا وقت ذكرى له الآن»(٤) . وللأسف لم نقف على تاريخ ميلاد المترجم له ، ولم نعرف توقيت مجيئه إلى مصر ، ولا السنة التى كان يسجل فيها ابن يونس ترجمته ، وكان لا يزال بها على قيد الحياة. وبناء عليه ، فلا زلنا فى حاجة إلى مزيد من المادة العلمية الجديدة ، التى قد تتكشف فى قابل الأيام ، والتى قد تساعدنا على معرفة بداية تأليف ابن يونس كتابه هذا ، وموعد انتهائه منه ، وما إذا كان مصاحبا تأليفه «تاريخ المصريين» ، أم كان تاليا له. وعلى كل ، فالراجح عندى أنه كان يكتب الكتابين معا ، وكلما توفرت له مادة وضعها فى مكانها من الكتابين ، وأنه مات قبل أن يعود إلى بعض التراجم بالتكملة والتنقيح ، كما سنرى بعد.

__________________

(١) الجذوة ٢ / ٥٣٥.

(٢) البغية ص ٤٥٤.

(٣) تاريخ ابن الفرضى (ط. الخانجى) : ١ / ٤١٦.

(٤) راجع (تاريخ الغرباء) لابن يونس (ترجمة عبد الله بن يوسف بن عيشون الوشقىّ) ، رقم (٣٠١).

٣١٧

ثانيا ـ فقد الكتابين ، ومدى وفاء ابن يونس بتكملة محتوياتهما

ذكرنا ـ فيما مضى ـ أن مؤلّفى ابن يونس فى عداد الكتب الضائعة من تراثنا التاريخى(١) . ولا شك أن الأجيال التالية له عرفت لهذا الرجل المؤرخ حقه ، وطالعت كتابيه ، واستفاد منهما العلماء والمؤرخون التالون أيما استفادة. وقد وصفه ابن خلكان «ت ٦٨١ ه‍» بقوله : «كان بأحوال الناس خبيرا ، ومطلعا على تواريخهم ، عارفا بما يقوله»(٢) .

وقد سكتت المصادر عن الأسباب والظروف ، التى ضاع فيها هذان الكتابان المهمان ، ولم تشر إلى توقيت فقدهما. ولعل ظروف ضياعهما لا تخرج عن الظروف العامة التى ضاع فيها كثير من تراث أمتنا «من النكبات ، والحروب ، والثورات والفتن ، وغيرها».

وبخصوص تاريخ ضياعهما ، فمن خلال مسحى عشرات المصادر الناقلة عنهما ـ كما سنرى ذلك تفصيلا فيما بعد ـ فقد اتضح لى ـ على قدر ما طالعت ـ أن آخر المقتبسين منهما ـ إن كان رجع إلى نسخهما الأصيلة بالفعل ـ هو المؤرخ الأندلسى «المقرى ت ١٠٤١ ه‍» ، وذلك فى كتابه «نفح الطّيب». ومعنى ذلك أن الكتابين ظلّا موجودين ، حتى أواسط القرن الحادى عشر الهجرى تقريبا ، ثم اختفيا ـ بعد ذلك ـ فى ظروف غامضة.

هذا ، وقد وصف لنا المؤرخ المدقق «ابن خلكان» هذين الكتابين وصف من رآهما رأى العين ، فقال : جمع لمصر تاريخين : أحدهما ـ وهو الأكبر «خاص بالمصريين»(٣) .

__________________

(١) حكمنا على هذين الكتابين بأنهما فى حكم الضائع من تراثنا ؛ لأننا لم نقف عليهما فى المطبوع ، ولا المخطوط من تراثنا التاريخى. ويعضد ذلك ما قاله عن ضياعهما عدد من الباحثين المعنيين بهذا الشأن ، مثل : بروكلمان فى (تاريخ الأدب العربى) ـ ط. الهيئة المصرية العامة ـ ج ٢ ص ٨٤ ، وسزكين فى (تاريخ التراث العربى (ط. الهيئة العامة) ج ١ ص ٥٧٩.

(٢) وفيات الأعيان ٣ / ١٣٧.

(٣) هذا هو الوصف الصحيح ، والمطابق لما تم تجميعه من هذا الكتاب ، بالقياس إلى (كتاب الغرباء) ، على نحو ما سيأتى.

٣١٨

والآخر ـ وهو صغير(١) ، يشمل الغرباء الواردين عليها. ثم عقّب ، وأضاف قائلا : «وما أقصر فيهما. وقد ذيّلهما أبو القاسم يحيى بن على الحضرمى ، وبنى عليهما»(٢) . فما مدى اكتمال كتابى ابن يونس؟ وهل ـ حقا ، كما يرى ابن خلكان ـ لم يقصّر فى ذكر تراجمهما؟ ثم ما طبيعة عمل الحضرمى المشار إليه سلفا؟ ذلك ما نجيب عنه فى السطور التالية.

بادئ بدء أقرر أن الإحاطة التامة ليست مما يملكه بشر كائنا من كان ، مهما جوّد وبذل ، وضبط ونقّح. ومن هنا ، فلا يمكن أن يكون ابن يونس قد أتى على جميع علماء مصر حتى عصره فى كتاب «تاريخ المصريين» ، وعلى كافة الغرباء فى «تاريخ الغرباء». إلا أننا نقرر أنه جمع قدرا هائلا من هؤلاء وأولئك. ودليل ذلك ـ كما سيتضح بعد ذلك ـ أننى جمعت ما تيسر من بقاياهما ، فبلغ مجموع ما جمعته منهما «٢١٦٤ ترجمة» ، القدر الأكبر منها ـ كما وصف ابن خلكان ـ داخل فى «تاريخ المصريين» ، الذي بلغ ما جمعته منه «١٤٦١ ترجمة» ، بينما الجزء الباقى ـ وهو الأصغر ـ يتمثل فى «تاريخ الغرباء» ، الذي بلغ ما جمعته من بقاياه «٧٠٣ ترجمة». ولعل هذا الجهد الكبير الذي بذله مؤرخنا ، وأنفق فيه الوقت والعمر هو ما عناه ابن خلكان ، عندما نفى عنه التقصير.

والآن ، نخص العلاقة بين عمل «الحضرمى»(٣) ، وكتابى ابن يونس بشىء من التوضيح والتفصيل فى النقاط الآتية :

أ ـ من المؤكد أن مؤرخنا لم يستوعب فى كتابيه جميع العلماء المصريين ، والغرباء

__________________

(١) وهو وصف دقيق من (ابن خلكان) ، وهو ـ بالتالى ـ يخطّئ ما ظنه روزنثال عند حديثه عن هذا الكتاب ، إذ قال : (ويتميز التأريخ الدينى المصرى بوجود مؤلف كبير لابن يونس عن الغرباء). (علم التاريخ عند المسلمين ، ط ٢ ـ ترجمة : د. صالح العلى) ص ٢٣٥.

(٢) وفيات الأعيان ٣ / ١٣٧.

(٣) هو يحيى بن على بن محمد الحضرمى المصرى الحافظ. يكنى أبا القاسم ، ويعرف ب (ابن الطحّان). له كتاب (التاريخ) ، الذي ذيّل به على كتابى (ابن يونس) ـ لا تاريخ أبى سعيد بن يونس فقط ، كما ذكر الذهبى ، وصنف (المؤتلف والمختلف). روى عن عدد من أصحاب النسائى وغيره ، كالحسن بن رشيق ، وحمزة الكنانى ، والقاضى أبى الطاهر الذهلى. لم يرحل. وروى عنه أبو إسحاق الحبّال ، والمصريون. توفى فى شهر ذى القعدة بمصر سنة ٤١٦ ه‍. (تاريخ الإسلام) ج ٢٨ ص ٤١٢ ـ ٤١٣ (ترجمة رقم ٢٧٤).

٣١٩

الذين نزلوا مصر. ولدينا عدة نماذج صحيحة ، صرّح بعض المؤرخين ، الذين طالعوا كتابيه بخلوهما من تراجم بعض الشخصيات. فمن المصريين الذين لم يذكرهم ابن يونس فى «تاريخه» : «سعيد بن شبيب المصرى(١) ، وعبد الله بن بشير المصرى(٢) ، ولبدة ابن كعب(٣) ، ومحمد بن الوزير المصرى(٤) ، ووهب الله بن رزق المصرى(٥) . ومن الغرباء : «محمد بن موسى السّرخسىّ»(٦) .

ب ـ من الملاحظ أن بعض المصادر زعمت عدم ترجمة مؤرخنا «ابن يونس» لبعض الشخصيات ، مثل : «رجاء بن أشيم»(٧) ، و «على بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة ، المشهور ب «علّان»(٨) فى المصريين. و «على بن الحسين بن حرب» القاضى المشهور ب «ابن حربويه»(٩) فى «الغرباء». وبالتحقق من ذلك ثبت عدم دقة هذه المصادر ؛ فقد ترجم ابن يونس للأولين فى «تاريخ المصريين»(١٠) ، وللأخير فى «تاريخ

__________________

(١) ذكر الذهبى فى (تاريخ الإسلام) ١٦ / ١٧٩ : أن ابن يونس لم يذكره فى (تاريخه).

(٢) تاريخ دمشق ص ٤٦١ (مجلد عبادة بن أوفى / عبد الله بن ثوب).

(٣) ترجم له ابن حجر فى (الإصابة) ٥ / ٦٩٣ ـ ٦٩٤ ، وكنّاه ب (أبى تريس). وذكر ابن حجر أنه صلى خلف عمر ، وأن عمر سجد سجدتين وهو يقرأ سورة (الحج) ، وأضاف أنه شهد غزوة (فحل) بعد اليرموك مع (أبى عبيدة). وأردف ابن حجر ذلك بقوله : إنه لم يطالع ترجمته فى (تاريخ ابن يونس).

(٤) ذكر المزى ، والذهبى إغفال ابن يونس ترجمته فى (تاريخ مصر). (تهذيب الكمال ٢٦ / ٥٨٥ ، وتاريخ الإسلام ١٨ / ٤٨٠).

(٥) ذكر الذهبى عدم ترجمة ابن يونس له فى (تاريخه). (المصدر السابق : ١٨ / ٥٣٤).

(٦) ورد فى (رفع الإصر ـ نشر : جست) ص ٥٥٠ : أن ابن يونس أخلّ بذكر القاضى (محمد بن موسى بن إسحاق السرخسى الحنفى) ـ وهو من المائة الرابعة ، ولى سنة ٣٠٢ ه‍ ـ فى (تاريخ الغرباء الذين قدموا مصر) واستدركه ابن الطحان فى ذيله ، لكنه اختصر ترجمته جدا.

(٧) ذكر ابن منظور فى (مختصر تاريخ دمشق) ٨ / ٣١١ : أن ابن يونس لم يذكره فى (تاريخ المصريين).

(٨) ذكر ابن عساكر ، والذهبى : أن ابن يونس أغفله. (مخطوط تاريخ دمشق) ١٢ / ٤٦٥ ، وسير النبلاء ١٣ / ١٤١.

(٩) قال الذهبى : لم يذكر ابن يونس القاضى أبا عبيد هذا فى (تاريخه). (تاريخ الإسلام) ٢٥ / ١٩٧.

(١٠) ترجم ابن يونس للأول فى (تاريخ المصريين) رقم (٤٧٣) ، وسمّاه (رجاء بن الأشيم). وترجم للثانى فى (المصدر نفسه) ترجمة (٩٨١) ، وهامشها رقم (٢) ، فبه تفصيل رد مغلطاى ، وابن حجر على زعم من ادعى عدم ترجمة ابن يونس له).

٣٢٠

الغرباء»(١) .

ج ـ وأخيرا ، فهناك نموذج فريد لترجمة صحابى ، ذكر فى إسناد حديث رواه : أنه رواه ابن يونس وغيره من الرواة ، عن الزهرى(٢) . ومعنى ذلك أن مؤرخنا ذكر هذا الصحابى فى تراجم «المصريين» ، وأورد له هذا الحديث(٣) . وبالقطع هذا كلام غير صحيح ؛ إذ لم يترجم مؤرخنا لهذا الصحابى. والصحيح : أنه رواه يونس بن يزيد «ت ١٥٢ ه‍»(٤) ، عن الزهرى «ت ١٢٤ ه‍» ، لكن الأمر اختلط على صاحب «الإصابة».

فابن يونس «ت ٣٤٧ ه‍» لا يمكن أن يروى عن الزهرى «ت ١٢٤ ه‍». ويعضد ذلك ـ أيضا ـ أن ابن الأثير ذكر من رواة هذا الحديث المذكور يونس الذي أشرنا إليه من قبل(٥) .

د ـ بناء على ما تقدم ، فقد اتضح لنا أن تاريخى ابن يونس كانا فى حاجة إلى من يستدرك عليهما ما فات صاحبهما ، وما استجد من تراجم العلماء من بعده. ومن هنا ، فإنى أرجح أن ابن الطحّان الحضرمى ذيّل على كتابى ابن يونس «المصريين ، والغرباء» ، وأميل إلى أنه لم يفرد ذيلا على كل كتاب منهما(٦) ، وإنما جعل الذيل فى مجلد واحد

__________________

(١) ترجمة رقم (٤٠٢).

(٢) الإصابة ٣ / ٢٨٦ (ترجمة الصحابى سعيد بن الحارث بن الخزرج الأنصارى).

(٣) وهو عن ركوب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى (سعد بن عبادة) ، يعوده فى (بنى الحارث بن الخزرج). (أسد الغابة ٢ / ٣٨٣).

(٤) ترجم له ابن يونس فى (الغرباء) رقم ٦٩٨ ، وهامشها رقم (٥).

(٥) أسد الغابة ٢ / ٣٨٣.

(٦) بخلاف ما ظنه البعض من أن ابن الطحان ذيّل على (تاريخ مصر) لابن يونس (بحوث فى تاريخ السنة المشرفة ، للدكتور العمرى ص ١٤٧ ، وموارد تاريخ بغداد ، للباحث نفسه ص ٣٠٢). وظن البعض الآخر أنه ذيّل على (تاريخ الغرباء) لابن يونس ، كما ورد فى (ذيل ميزان الاعتدال ، للعراقى) ص ١٨٧ ، ١٩٩ ، ٣١٥ ، و (التاريخ العربى والمؤرخين) لشاكر مصطفى ص ١٧٥. وبعض المصادر ذكرت كتاب ابن الطحان ذكرا عاما ، بحيث لم يتضح على أى كتابى ابن يونس ذيّل به (جعله ابن العديم فى إحدى الروايات قد ذيّل به على «تاريخ ابن يونس» ، كما جاء فى (بغية الطلب) ج ٢ / ٨٣٠ ـ ٨٣١ (ترجمة أحمد بن طولون). وأوضح أنه استدرك ـ هنا ـ على (تاريخ الغرباء) لابن يونس. وكذلك سمّاه ابن خلكان فيما نقل عن ابن الطحان فى ترجمة (عبد الغنى بن سعيد). (وفيات الأعيان) ٣ / ٢٢٣. وأوضح ـ هنا ـ أنه استدرك على (تاريخ المصريين).

٣٢١

ضم ما استدركه وأضافه من «تراجم المصريين ، والغرباء» معا(١) ، جعل له عنوان الغالب منهما ، وسمّاه «تاريخ علماء أهل مصر»(٢) . ويشهد بصحة ذلك الرأى التراجم المخطوطة ، التى حصلت عليها من «الجزء الأول» منه ، وهى ما بقى مخطوطا من هذا الكتاب ، فيما أعلم ، وتضم تراجم مصريين وغير مصريين وفدوا إلى مصر(٣) . ويضاف إلى ذلك الجزء المخطوط ما تناثر هنا وهناك من تراجم هذا الكتاب ـ فيما أرجح ـ مما يدخل فى عداد بقايا المفقود منه(٤) .

__________________

(١) وفيات الأعيان ٣ / ١٣٧ (كما يفهم من ظاهر اللفظ) ، والإعلان بالتوبيخ للسخاوى (ط ٢ ـ نشر : روزنثال) ص ٦٤٥. وهو نفس ما فهمه (يوسف العش) فى مقال له ، بعنوان : (من ذخائر قبة الملك الظاهر : تاريخ علماء أهل مصر ، لابن الطحان) ، نشر فى مجلة (المجمع العلمى العربى بدمشق) ، المجلد السادس عشر (يناير ، وفبراير ١٩٤١ م ـ المحرم ، وصفر ١٣٦٠ ه‍) ص ٣٢٦.

(٢) تمكنت ـ بفضل الله ، ثم بجهد معهد المخطوطات العربية ـ من تصوير ما بقى منه مخطوطا (وهو الجزء الأول) من مكتبة الأسد بسوريا (الظاهرية سابقا) ، وهو يوجد ضمن مجموع ، ويمتد من (ورقة ٢٢٠ ـ ٢٥٠). وقد جعله ابن الطحان مرتبا على الأبواب ، وراعى الترتيب الهجائى العام ، لكنه داخل الأبواب ، اختل منه الترتيب (باب إبراهيم ـ باب أحمد ، وهكذا حتى باب الميم ، وذكر بعض المحمدين) ، وذكر ـ عند الاختلال ـ اسم (جناح) قبل (جعفر). و (حبيب) بعد (حمدان). (السابق : ورقة ٢٣١ ، وورقة ٢٣٤). وتراجمه قصيرة مختصرة (راجع مقال العش المشار إليه ص ٣٢٧). (٣) من المصريين الذين ترجم لهم ابن الطحان : (عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى ق ٢٤٥ ـ ٢٤٦ ، وابنه علىّ ق ٢٤٤ ، وعبد الأعلى أخو مؤرخنا ق ٢٤٦). ومن غير المصريين : (إبراهيم بن الأندلسى ق ٢٢١ ، والشاعر أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسى ق ٢٢٢ ، وعيسى ابن محمد بن حبيب الأندلسى ق ٢٤٤).

(٤) من هذه البقايا : ترجمة الشاعر المتنبى (بغية الطلب ٢ / ٦٧٥) ، والحسين بن على الحلبى (السابق ٦ / ٢٥٥٧ ـ ٢٥٥٨) ، وخمارويه (السابق ٧ / ٣٣٨٤ ـ ٣٣٨٥) ، وعبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغانى (سير النبلاء ١٦ / ١٣٣) ، و (عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد البغدادى ، ثم المصرى (السابق ١٦ / ٣٩).

٣٢٢

ثالثا ـ كيف وصلت بقايا «تاريخى ابن يونس» إلينا؟

من خلال مطالعة الكثير من المصادر ـ مطبوعة ، ومخطوطة ـ تبين لنا أن النصوص المتبقية من كتابى مؤرخنا «ابن يونس» كثيرة ؛ ولذلك كان السؤال الذي يطرح نفسه بكل قوة : كيف وصلت إلينا بعد كل هاتيك القرون هذه النصوص الغزيرة؟ والجواب : على يد عدد من تلاميذ ابن يونس ، الذين رووا كتابيه ، وحصلوا على نسخ مكتوبة منهما ، ثم توالى النسخ على يد كتّاب ونسّاخ أثبات ثقات ، أسهموا فى انتشار هذين المؤلّفين عبر القرون المتلاحقة ، إلى جانب حرص عدد من أبرز العلماء المحدّثين المؤرخين ـ سواء كانوا مصريين ، أم غير مصريين ـ على الاحتفاظ بنسخ خاصة بهم من هذين الكتابين ، حيث قاموا بالاقتباس منهما فى مؤلفاته المختلفة ، وقد قدم لنا هؤلاء العلماء ـ من حيث لا يدرون ـ خدمة جليلة ، عندما غدت هذه المقتبسات هى كل ما تبقى فى عصرنا الحالى من إنتاج «ابن يونس» التاريخى بعد فقد أصوله.

والآن مع التعريف بأهم هؤلاء التلاميذ ، وإبراز جهودهم فى نقل كتابى مؤرخنا إلينا :

١ ـ ابن مسرور :

هو أبو الفتح عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن مسرور البلخىّ ، نزيل مصر. حدث عن أبى بكر أحمد بن سليمان بن زبّان ، وعبد الله بن أحمد الفرغانى(١) ، وأبى سعيد بن يونس ، وغيرهم. روى عنه عبد الغنى بن سعيد ، وأحمد ابن عمر بن سعيد بن قديد ، ومحمد بن عبد الرحمن الأزدى ، وآخرون(٢) . كان حافظا مكثرا(٣) ، أقام بمصر مدة(٤) ، وكان له كتاب فى «التراجم» ، طالع نسخته المكتوبة بخط المؤلف ، ونقل عنها الخطيب البغدادى(٥) . توفى فى سلخ ذى الحجة سنة ٣٧٨ ه‍ ، بعد

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٦ / ١٣٣ (وهو عالم تركى الأصل ، توفى سنة ٣٦٢ ه‍ ، ووثّقه ابن مسرور).

(٢) تاريخ الإسلام ٢٦ / ٦٢٨ ، وسير النبلاء ١٦ / ٥١٦ ـ ٥١٧).

(٣) المصدران السابقان. وأضاف الذهبى فى (سير النبلاء) ١٦ / ٥١٦ : أنه رحّال ، روى عن البغداديين ، والدمشقيين ، والمصريين ، وغيرهم. (السابق ١٦ / ٤٢٣).

(٤) تاريخ الإسلام ٢٦ / ٦٢٨).

(٥) راجع بعض نقول الخطيب المنسوبة إلى (ابن مسرور) فى (تاريخ بغداد) ١١ / ٢٣٥ ، ١٢ / ٥ ـ ٦ ، ٤٤٩.

٣٢٣

أن نيّف ـ فما يبدو ـ على السبعين(١) .

دوره فى نقل كتابى «ابن يونس» : لعب «ابن مسرور البلخى» دورا جيدا فى نقل عدد من تراجم «تاريخ المصريين» لابن يونس. ويلاحظ أن المحدّث المصرى «عبد الغنى بن سعيد. المتوفى ٤٠٩ ه‍» قد احتفظ لنا بهذه المادة العلمية ، عن طريق روايته المباشرة عن «ابن مسرور» ، وسجّلها فى كتابيه : «المؤتلف والمختلف»(٢) ، و «مشتبه النسبة»(٣) .

أما بالنسبة لدوره ، الذي لعبه فى الاحتفاظ بقدر من مادة «تاريخ الغرباء» لابن يونس ، فهو دور كبير ؛ لغزارة النصوص المنقولة عن طريقه ، إلا أننى سأرجئ الإشارة إلى ذلك ، لحين الحديث عن العلّامة «الصّورىّ» ؛ باعتباره المصدر المباشر الذي نقل عنه الخطيب البغدادى ما تيسر له من مادة «تاريخ الغرباء» لمؤرخنا ، مرورا ب «الأزدى» ، ثم أستاذه «ابن مسرور» تلميذ ابن يونس. فهناك نتحدث عن «الصورى ، وابن مسرور» معا ، ونضم إليهما قرين الصورى المعروف ب «ابن الثلّاج».

٢ ـ ابن منده(٤) :

يمكننا التعريف بهذا المؤرخ ذى الدور المتميز فى نقل منجزات مؤرخنا التاريخية ، فيما يلى : هو محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده الأصبهانى. رحل ، وطوّف الدنيا ؛ طلبا للعلم ، وجمع وصنّف المصنّفات(٥) . حدث عن

__________________

(١) سير النبلاء ١٦ / ٥١٧ (واكتفى فى «تاريخ الإسلام» ٢٦ / ٦٢٨ بالقول : إنه توفى فى ذى الحجة سنة ٣٧٨ ه‍).

(٢) ص ٨٠ (ط. دار الأمين) فى ترجمة (الحتات بن يحيى المصرى ، الواردة فى «تاريخ المصريين» ، رقم ٢٨٧).

(٣) ص ٢٥ (ط. الهند) فى ترجمة (إبراهيم بن الحجاج بن عفير الحمّصى ، الواردة فى «تاريخ المصريين» ، رقم ٦٧) ، وص ١١ (ترجمة أخنس بن عبد الله ، رقم ٩٦) ، وص ٣٤ (ترجمة خيثم بن سنبتى ، رقم ٤٢٨) ، وص ٦٥ (ترجمة حجاج بن عبد الله بن حمرة ، رقم ٢٩٠) ومخطوطة نسخة المغرب ص ٧٨ ، وطبعة الهند ص ٦١ (ترجمة شريك بن سويد التجيبى ، رقم ٦٤٣) ، وص ٥٧ (ط. الهند) ، (ترجمة عبدوس بن المعلّى ، رقم ٨٩٤) ، وص ١٠ (ترجمة الماضى بن محمد بن مسعود الغافقى ، رقم ١١٢٥).

(٤) هكذا ضبطه ابن خلكان بالحروف ، ونصّ على أن آخره هاء ساكنة ، وذلك فى ترجمة جده (أبى عبد الله محمد بن يحيى بن منده الحافظ المشهور صاحب «تاريخ أصبهان» المتوفى سنة ٣٠١ ه‍ (وفيات الأعيان ٤ / ٢٨٩).

(٥) تاريخ الإسلام ٢٧ / ٣٢٠ ، ومخطوط (مسالك الأبصار ، رقم ١٥ معارف عامة) ص ٢٨٨ ، والمقفى ٥ / ٢٢٩.

٣٢٤

عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد(١) ، وعبد الله بن إسحاق الأطرابلسى(٢) ، وأبى سعيد بن يونس(٣) ، والحسن بن يوسف الطرائفى المصرى(٤) . روى عنه أبو عبد الله الحاكم ، وهو من شيوخه ، وحمزة السهمى ، وأبو نعيم الأصبهانى(٥) ، والعالمة الواعظة عائشة بنت الحسن بن إبراهيم الأصبهانية(٦) ، وغيرهم. أقام بمصر سنتين(٧) ، وصنّف «التاريخ» ، و «الشيوخ»(٨) . له كتب أخرى ، منها : «دلائل النبوة» ، و «الصحابة»(٩) ، و «النساء»(١٠) ، و «الأسماء والكنى»(١١) . وكان ثقة حافظا(١٢) ، إلا أن «أبا نعيم» كان كثير الحطّ عليه ، والنقد له ، لكن هذا الكلام لا يوجب ضعفه ؛ لأنه من باب كلام الأقران بعضهم فى بعض(١٣) . ولد سنة إحدى ـ أو اثنتى ـ عشرة وثلاثمائة ، وتوفى سلخ ذى القعدة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة «ت ٣٩٥ ه‍»(١٤) .

__________________

(١) وهو المحدّث البغدادى الأصل ، ثم المصرى الدار (ت ٣٥١ ه‍). (سير النبلاء) ١٦ / ٣٩.

(٢) معجم البلدان ١ / ٢٥٦.

(٣) الأنساب ٣ / ٥٣٠.

(٤) توفى سنة ٣٤٠ ه‍ (سير النبلاء ١٥ / ٤١٩).

(٥) تاريخ الإسلام ٢٧ / ٣٢١.

(٦) معجم البلدان ٥ / ٤٢٩.

(٧) تاريخ الإسلام ٢٧ / ٣٢١ ، والمقفى ٥ / ٢٢٩. (نقلا عن الحاكم. وذكر قولا آخر لابن ميسّر : أنه أقام سنتين ، ونصفا). ولم يحدد أى من المصدرين متى قدم إلى مصر ، ولا متى ارتحل عنها. وعلى كل ، فلعله زارها فى العقد الرابع من القرن الرابع الهجرى ، ولقى مؤرخنا فى أخريات حياته ؛ لأن الحاكم يذكر أن أول خروج ابن منده إلى العراق كان سنة ٣٣٩ ه‍ ، فسمع ببغداد ، وبعدها بمكة والشام ، ودخل مصر. (المصدر السابق ٥ / ٣٠٠).

(٨) تاريخ الإسلام ٢٧ / ٣٢١ ، والمقفى ٥ / ٢٩٩. ويلاحظ أن ابن كثير تفرد بذكر كتاب (الناسخ والمنسوخ) بدلا من (الشيوخ). (البداية والنهاية ١١ / ٣٥٩).

(٩) الإصابة ٢ / ٤٠٣.

(١٠) تبصير المنتبه ١ / ٤١٦ ، ٢ / ٧٣٦.

(١١) هناك عدة نقول من هذا الكتاب الخاص بالتراجم ، اقتبسها منه الخطيب البغدادى فى (تاريخ بغداد) ج ٧ ص ٤١١ ، ج ١٠ / ٤٦ ، ١٤٧ ـ ١٤٨ ، ١٢ / ٢٩١.

(١٢) أسد الغابة ٢ / ٢١٣.

(١٣) تاريخ الإسلام ٢٧ / ٣٢٤.

(١٤) المقفى ٥ / ٢٩٩. وذكر الذهبى الوفاة فقط فى (تاريخ الإسلام) ٢٧ / ٣٢٤. أما ابن كثير ، فتفرد بجعل وفاته فى (صفر سنة ٣٩٦ ه‍).

٣٢٥

وجدير بالذكر أن ابن منده جالس مؤرخنا ابن يونس عند مقامه بمصر ، وحضر مجالس علمه ، وروى عنه كتابيه التاريخيين(١) ؛ بدليل أنه روى العديد من مادتهما ، بل كتب نسخة منهما(٢) ، أعتقد أنها كانت الأساس الذي اعتمد عليه المؤرخون ـ من بعده ـ فى نقل التراجم الواردة فى كتابى ابن يونس ، مثل : «ابن عساكر ت ٥٧١ ه‍(٣) ، وابن الأثير ت ٦٣٠ ه‍(٤) ، وابن النجار ت ٦٤٣ ه‍(٥) ، وابن العديم ت ٦٦٠ ه‍(٦) ».

٣ ـ علىّ بن عبد الرحمن بن أحمد بن يونس (٧) : واضح أنه ابن مؤرخنا «أبى سعيد

__________________

(١) سوف نرى من خلال بعض الأساتيذ مصداق ذلك قريبا.

(٢) فى نسخته من (تاريخ المصريين) لابن يونس ترجمة الصحابى (جنادح بن ميمون) رقم ٢٥٢ ، بينما خلت منها نسخة (مغلطاى) ، على نحو ما يذكر ابن حجر فى (الإصابة) ١ / ٥٠٢.

(٣) تاريخ دمشق ٧ / ٣١٨ (بسند ابن عساكر ، إلى أبى عبد الله بن منده ، إلى ابن يونس) ، ترجمة (أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوى ، رقم ٥١ فى «تاريخ المصريين») ، ومخطوط تاريخ دمشق ٢ / ٨٤٠ ـ ٨٤١ (بسند ابن عساكر ، إلى أبى عمرو بن منده ، عن أبيه أبى عبد الله بن منده ، نا ابن يونس) ، ترجمة (إسماعيل بن سفيان الرعينى ، رقم ١٢٥ فى «تاريخ المصريين») ، وتاريخ دمشق (مجلد عبادة ـ عبد الله) ص ٣٨ (بسند ابن عساكر ، إلى أبى عبد الله بن منده ، قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس) ، ترجمة (عبادة بن صمّل المعافرى ، رقم (٧٠١) فى «تاريخ المصريين»). ومما نقل عن ابن منده فى (تاريخ الغرباء) ما جاء فى (مخطوط تاريخ دمشق) ١٦ / ٨٤ ، ٣٤٣ ، ١٧ / ٤٠٧ ، ٥٩٥ (تراجم : محمد بن وضاح بن بزيع رقم ٦٠٨ ، ومروان ابن الحكم رقم ٦١٧ ، وموسى بن نصير رقم ٦٤٣ ، والنعمان بن عبد الله الحضرمى رقم ٦٥٢) على التوالى.

(٤) أسد الغابة ١ / ٥٨ (ذكر الحافظ أبو عبد الله بن منده فى (تاريخه) ، عن ابن يونس ، ترجمة (أبيض بن هانئ أو هنىّ ، رقم ٨٩ فى «تاريخ المصريين») ، وج ١ / ٣٢٧ (قال ابن منده : سمعت أبا سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس يذكره فى (التاريخ) على ما ذكرت) ، ترجمة (جديع بن نذير الصحابى رقم ٢٢٨) ، ج ١ / ٣٢٨ (ذكر أبو سعيد بن يونس ، وحكاه عنه ابن منده) ، ترجمة (جذرة بن سبرة الصحابى ، رقم ٢٢٩).

(٥) ذيل تاريخ بغداد ٢ / ٤ ـ ٥ (بسنده إلى أبى القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن منده ، أنبأ أبى ، أنبأ أبو سعيد بن يونس بمصر قال) ترجمة (عبيد الله بن إبراهيم بن المهدى ، رقم ٣٦٤ فى «تاريخ الغرباء»).

(٦) بغية الطلب ٨ / ٣٧٤٦ (بسند ابن العديم ، إلى ابن عساكر ، ثم بسنده إلى ابن منده ، عن ابن يونس) ، ترجمة (زبيد بن عبد الخولانى رقم ٤٩٠ من «تاريخ المصريين»).

(٧) أخطأ محقق (طبقات الشافعية) للإسنوى ج ١ ص ١٩ (هامش ٣) ، عندما عدّ عليا مؤرخا فلكيا ، ونسب إليه تاريخى والده (ابن يونس). وكذلك أخطأ د. على عبد الله الدفاع فى كتابه : (أثر

٣٢٦

ابن يونس» وهو الوحيد الذي اهتمت به المصادر والمراجع المختلفة من دون أبنائه الآخرين ، إن كان له غيره ، وغير ابنه الأكبر ـ فيما نرجح ـ الذي كنى به ، ولا ندرى عنه شيئا.

ونستطيع تركيز وتلخيص ما ذكرته المصادر والمراجع المختلفة عنه من الناحية التى كانت محور ارتكاز اهتمامها ، ثم نثنّى بإلقاء الضوء على الناحية التى تهمنا ، وذلك على النحو الآتى :

أ ـ إذا كان «أبو سعيد بن يونس» محدّث مصر وحافظها ، ومؤرخها الذي يعوّل عليه فى معرفة رجالها وتاريخها ، وعلمائها ؛ فإن ابنه «عليا» كان بارعا متفننا فى علوم شتى ، تأتى على رأسها علوم الرياضيات والفلك والنجوم(١) ، وهو المشهور ب «المنجّم المصرى» صاحب «الزّيج الحاكمى»(٢) المعروف ب «زيج ابن يونس» ، وهو الذي كان مؤلّفا فى

__________________

علماء العرب والمسلمين فى تطوير علم الفلك) ص ٧٦ ، لما نسب (تاريخ أعيان مصر) ـ ولعله يعنى به «تاريخ المصريين» ـ إلى مؤلفات (علىّ) هذا. وأخطأ محققو (البداية والنهاية) ١١ / ٣٦٤ ، لما سموا والده (عبد الواحد) ، ويلاحظ أنه يمكن مراجعة ترجمة (علىّ بن عبد الرحمن ابن أحمد بن يونس) فى المصادر والمراجع الآتية : (مخطوط تاريخ علماء أهل مصر ، لابن الطحان ق ٢٤٤ ، وطبقات الأمم لصاعد الأندلسى ص ٥٩ ، والأنساب ٣ / ٥٣٠ ، وتاريخ الحكماء للقفطى ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٤٢٩ ـ ٤٣١ ، ٥ / ٢٩٥ ـ ٢٩٦ ، وسير النبلاء ١٧ / ١٠٩ ـ ١١٠ ، وميزان الاعتدال ٣ / ١٣٢ ، وتاريخ الإسلام ٢٧ / ٣٧٦ ، ومرآة الجنان ٢ / ٤٥١ ـ ٤٥٢ ، والبداية والنهاية ١١ / ٣٦٤ ، واتعاظ الحنفا (ط. المجلس الأعلى) ٢ / ٧٩ ، وحسن المحاضرة ١ / ٥٣٩ ، ومعجم المطبوعات العربية والمعربة ، ليوسف سركيس ص ٢٨٩ ـ ٢٩٠ ، و (العلم عند العرب ، وأثره فى تطور العلم العالمى) ؛ لألدوميللى ص ٢١٣ ، و (أثر علماء العرب والمسلمين فى تطوير علم الفلك) للدفاع ص ٦٨ ـ ٧٧ ، و (الحضارة الإسلامية فى العصور الوسطى ـ العلوم العقلية) ، للدكتور أحمد عبد الرازق ص ٧٢).

(١) طبقات الأمم ، لصاعد الأندلسى ص ٥٩ ، وحسن المحاضرة ١ / ٥٣٩.

(٢) يجمع الزّيج على (أزياج) ، ويقصد به الجداول الفلكية الخاصة بكل كوكب ، ويعرف العلماء منها مواضع الكواكب فى أفلاكها. وكذلك يمكن من هذه الجداول الفلكية معرفة الشهور ، والأيام ، والتواريخ الماضية. وبها أصول مقررة ؛ لمعرفة أبعد نقطة فى مدار الكوكب من الأرض (يعرف بالأوج) ، ومعرفة أقرب نقطة من الأرض (وتعرف بالحضيض). (أثر علماء العرب والمسلمين فى تطوير علم الفلك) ، للدكتور الدفاع ص ٣٢. وورد فى (المعجم الوسيط) ، مادة :

(ز. ى. ج) ج ١ ص ٤٢٣ : أنها كلمة معرّبة ، وتعنى كل كتاب يتضمن جداول فلكية ، يعرف منها سير النجوم ، ويستخرج بواسطتها التقويم سنة سنة.

٣٢٧

أربعة مجلدات ، لم ير أطول منها. وكان قد ابتدأ عمله فى عصر «العزيز» ، وأكمله فى عهد «الحاكم»(١) .

ب ـ كان علىّ ـ إلى جانب براعته العلمية والتنجيمية ـ له معرفة بالموسيقى ، فكان يضرب على العود(٢) ، وكان له شعر كثير بارع حسن(٣) . ولا شك أنه كان ذا منزلة مرموقة فى دولة العبيديين فى مصر ، وقبله أحد قضاتها «محمد بن النعمان» كأحد الشهود المعدّلين(٤) . هذا عن الجانب الجاد الإيجابى من شخصيته.

ج ـ ومن ناحية أخرى ، فإن المصادر تتناقل وصف جانب هزلى سلبى فى شخصية علىّ ، إذ تصفه بالبلاهة والغفلة(٥) ، والسحر والشعوذة ، وأنه كانت له إصابات عجيبة تضل الجهلة(٦) . وتضيف المصادر أنه لبس ـ مرة ـ ثياب النساء ، وضرب بالعود ، وبخّر ، وأخذ يرصد الزّهرة من فوق جبل المقطم(٧) . هذا هو الجانب الأول ، الذي ركزت عليه المصادر. وأعتقد أن ما وصف به من هزل مبالغ فيه ، ولا يتفق مع الحياة العلمية والمنجزات الرياضية والفلكية التى تمت على يديه(٨) . ولعل سنيّة المؤرخين الذين ترجموا له ، وعداءهم للعبيديين ، واصطدام التنجيم بالعقيدة الصحيحة ، جعلهم يصفونه بهذه

__________________

(١) تاريخ الحكماء للقفطى ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٤٢٩ ، ٥ / ٢٩٥ ، و (أثر علماء العرب والمسلمين فى تطوير علم الفلك) ص ٦٩ ـ ٧٠ ، والحضارة الإسلامية فى العصور الوسطى (العلوم العقلية) ، للدكتور أحمد عبد الرازق ص ٧٢.

(٢) وفيات الأعيان ٣ / ٤٣٠.

(٣) راجع بعض نماذجه المنسوبة إليه فى : (الذخيرة) ، لابن بسام ٧ / ١٢١ (فى غلام كان يهواه) ، ووفيات الأعيان ٣ / ٤٣٠ (فى الغزل).

(٤) تم ذلك فى جمادى الأولى سنة ٣٨٠ ه‍ (السابق ٣ / ٤٣٠ ، وسير النبلاء ١٧ / ١١٠ ، (ولم يذكر توقيت ذلك) ، وتاريخ الإسلام ٢٧ / ٣٧٦ ، وحدد سنة حدوث ذلك). وعلّق الذهبى على ذلك فى (السّير) بالحوقلة ، وفى (تاريخه) بقوله : (القاضى والسلطان أنجس منه).

(٥) راجع المزيد من مظاهر غفلته ، ووضاعة مظهره ، ورثاثة ملبسه ، بحيث كان أضحوكة الناس فى : (المصدر السابق ٢٧ / ٣٧٦).

(٦) سير النبلاء ١٧ / ١١٠.

(٧) السابق ، وتاريخ الإسلام ٢٧ / ٣٧٦.

(٨) راجع تفصيل مخترعاته وإنجازاته فى مجال الرياضيات والفلك ، التى شهد له بها مؤرخو العلوم فى : (أثر علماء العرب والمسلمين فى تطوير علم الفلك) ص ٦٨ ـ ٧٧ ، و (العلم عند العرب ، وأثره فى تطور العلم العالمى) ، لألدوميللى ص ٢١٣.

٣٢٨

الأوصاف ، التى قد يكون لها أساس نابع من غرابة شخصيات المخترعين والمكتشفين ، لكنها بولغ فى عرضها ووصفها ؛ نتيجة للأسباب السالف ذكرها.

أما الجانب الآخر الذي يهمنا ، فيتمثل فيما يلى :

أ ـ يبدو أن مؤرخنا «ابن يونس» عنى بابنه «علىّ» منذ صغره ، فكان يصطحبه معه إلى مجالس المحدّثين(١) ، إذ كان حريصا ـ فيما يبدو ـ على أن يتلقى علوم العربية والشريعة «خاصة الحديث ، والتاريخ» ، بحيث يكون امتدادا له.

ب ـ أعتقد أن ابن يونس نجح فى القيام بواجبه تجاه ابنه ، الذي بلغتنا بعض تراجم كتابى : «تاريخ المصريين»(٢) ، و «تاريخ الغرباء»(٣) عن طريقه. ولكنى أعتقد ـ أيضا ـ أن مؤرخنا «ابن يونس» رحل عن الوجود ، وخلّف ابنه «عليّا» فى مقتبل العمر(٤) ، فلم يجد من يواصل المسير به فى نفس اتجاه أبيه ، فنحا نحوا آخر «تجاه العلوم الرياضية ، والفلكية» ، ولعل قدراته كانت تتوافق مع طبيعة هذه العلوم ، فتوقفت معارفه الحديثية والتاريخية عند الحدود التى وصل إليها فى حياة والده ، أو لم يقم بتنميتها ؛ لغلبة الاتجاه

__________________

(١) راجع : (تاريخ المصريين) لابن يونس (ترجمة رقم ١٣٥٣ ـ هارون بن يونس بن هارون الأسوانى) ، الذي قال عنه ابن يونس : سمعت عنه ، ومعى ابنى (علىّ).

(٢) راجع ترجمة (الحارث بن مسكين المتوفى سنة ٢٥٠ ه‍) ، رقم ٢٦٩ الواردة فى (تاريخ بغداد ٨ / ٢١٨ : أنبأنا أحمد بن محمد العتيقىّ ، ثنا علىّ بن أبى سعيد بن يونس ، قال : ثنا أبى ، قال) ، وترجمة (الحسن بن عبد العزيز الجروى المتوفى سنة ٢٥٧ ه‍) ، رقم ٣١٤ الواردة فى المصدر نفسه ٧ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩ (بالإسناد نفسه) ، وترجمة (عبد الرحمن بن أبى صالح المتوفى سنة ٢٥٢ ه‍) رقم ٨٢٤ الواردة فى (المصدر نفسه) ١٠ / ٢٧٠ ـ ٢٧١ (بالإسناد نفسه).

(٣) راجع ترجمة (طاهر بن خالد بن نزار الأيلى المتوفى سنة ٢٦٣ ه‍) رقم ٢٦٥ الواردة فى (المصدر نفسه) ٩ / ٣٥٦ (بالإسناد نفسه) ، وترجمة (على بن بهرام بن يزيد الإفريقى) ، رقم ٣٩٨ الواردة فى (المصدر نفسه) ١١ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤ (بالإسناد نفسه ، وإن كان روى عن العتقى قراءة) ، و (موسى بن جميل البغدادى) ، رقم ٦٣٨ الواردة فى المصدر نفسه ١٣ / ٤١) ، وترجمة (هشام ابن معدان المتوفى ٢١٣ ه‍) ، رقم ٦٥٩ الواردة فى المصدر نفسه ١٤ / ٤٧ (بالإسناد نفسه) ، وترجمة (يحيى بن محمد بن خشيش المتوفى بعد سنة ٢٨٠ ه‍) ، رقم ٦٨٢ الواردة فى المصدر نفسه ١٤ / ٢٢٣ (بالإسناد نفسه).

(٤) هذا على الراجح ؛ لأننا لم نقف على تاريخ ميلاد (علىّ) ، لكنه إذا كان قد توفى بعد والده ب (٥٢ عاما) ، وكان العلماء الذين روى عن والده تراجمهم غير معاصرين له ؛ كان ما رجحناه أقرب إلى الحقيقة والواقع.

٣٢٩

العلمى عليه. ثم إن بعض نقاد الحديث لم يحلّوا الأخذ عنه ، ووصفوه بأنه منجم ساحر(١) .

ج ـ توقف النبوغ العلمى فى أسرة المؤرخ «ابن يونس» بوفاة ابنه «علىّ» بكرة يوم الاثنين الثالث من شهر شوال(٢) سنة ٣٩٩ ه‍ فجأة(٣) ، إذ إنه لم ينجب سوى ابنه «الحسن» الذي كان يكنى به ، وكان متخلفا ، لم يرث عن أبيه ولا جده حب العلم والاهتمام به ، ولم يعرف لمكتبة أبيه العلمية قدرها ، وهو الذي أفنى عمره فى تحصيل العلوم ، والتأليف فيها ، فباع هذا الابن مؤلفات وكتب أبيه بالأرطال فى الصابونين(٤) .

٤ ـ الصّورىّ ، وابن الثلّاج :

* التعريف ب «الصّورى»(٥) :

هو أبو عبد الله ، محمد بن على بن عبد الله بن محمد الصورى الحافظ. كان من أحرص الناس على طلب الحديث ، وأكثرهم كتبا له ، وأحسنهم معرفة به. وحدّث الخطيب أنه لم يسمع الحديث فى صغره ، وإنما طلبه على كبر فى السن. طاف البلاد الكثيرة ، ومنها : مصر ، وبغداد. صحب عبد الغنى بن سعيد ، وكتب كلاهما عن الآخر. كان متقنا خيرا ديّنا ، يسرد الصوم ، ولا يفطر غير العيدين ، وأيام التشريق(٦) .

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٣ / ١٣٢.

(٢) هكذا ورد فى (وفيات الأعيان) ٣ / ٤٣١ ، وسير النبلاء ١٧ / ١١٠ (واكتفى بذكر الشهر دون اليوم). وفى مخطوط (تاريخ علماء أهل مصر) ق ٢٤٤ : توفى فى شعبان. وفى (اتعاظ الحنفا ـ ط. المجلس الأعلى) ٢ / ٧٩ : توفى فى ٣ جمادى الأولى.

(٣) أضاف ابن خلكان : أن القاضى العبيدى (مالك بن سعيد) صلى عليه ، ودفن فى داره ب (الفرّانين). (وفيات الأعيان ٣ / ٤١٣).

(٤) السابق ٣ / ٤٣٠. وهذا يدل على كثرة كتب والده ، حتى إنها بيعت بالأرطال ، ولعلها بيعت فى سوق بائعى (الصابون). ومن عجب ألا يهتم الحاكم العبيدى بكتب هذا الفلكى الرياضى العظيم ، ويحميها من الضياع!.

(٥) نسبة إلى (صور) ، وهى من ثغور المسلمين مشرفة على بحر الشام ، داخلة فى البحر ، مثل : الكف على الساعد ، يحيط بها البحر من جميع جوانبها ، إلا الجانب الذي منه بابها ، وهى حصينة جدا ركينة ، لا سبيل إليها إلا بالخذلان ، وافتتحها المسلمون أيام (عمر بن الخطاب). (معجم البلدان ٣ / ٤٩٢).

(٦) تاريخ بغداد ٣ / ١٠٣.

٣٣٠

وكان مشهورا بدقة خطه «صغر حروفه ، وكلماته» ، وكان يضرب به المثل فى ذلك(١) .

روى عنه الخطيب البغدادى ، والقاضى أبو عبد الله الدّامغانى ، وغيرهما(٢) . توفى ببغداد يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وأربعمائة ، ودفن من الغد فى مقبرة جامع المدينة ، وحضر الخطيب الصلاة عليه ، وكان الصورى قد نيّف على الستين عاما(٣) .

* التعريف ب «ابن الثلّاج» :

هو أبو القاسم ، عبد الله بن محمد بن عبد الله المعروف ب «ابن الثلاج»(٤) . حدث عن أبى القاسم البغوى ، وأبى بكر بن أبى داود ، ويحيى بن محمد بن صاعد ، وغيرهم. ولد سنة ٣٠٧ ه‍. حدث عنه أبو العلاء الأزهرى القاضى ، والأزهرى ، والعتيقى ، وغيرهم. توفى فى شهر ربيع الأول من سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ، وكان مخلّطا فى الحديث ، يدّعى ما لم يسمع ، ويضع الحديث(٥) .

علاقتهما بنتاج ابن يونس التاريخى :

تميز الحافظ الصورى بدقة النقل(٦) ، وتشير النصوص إلى امتلاكه نسخة من كل من «تاريخى ابن يونس ، وعليه اعتمد ابن ماكولا ، والخطيب البغدادى(٧) فى نقل الكثير من

__________________

(١) تاريخ بغداد ٣ / ١٠٣ ، ومعجم البلدان ٣ / ٤٩٢.

(٢) المصدر السابق ٣ / ٤٩٢.

(٣) تاريخ بغداد ٣ / ١٠٣.

(٤) ذكر ابن الثلاج : أنه ما باع أحد من أسلافه ثلجا قط ، وإنما كانوا بحلوان (من بلاد العراق) ، وكان جده (عبد الله) مترفا ، يجمع فى كل عام ثلجا كثيرا لنفسه يشربه. فاجتاز الموفق ـ أو غيره من الخلفاء ـ فطلب ثلجا فلم يجد إلا عنده ، فكان يهدى إليه الثلج طوال فترة مكثه ، فوقع منه ذلك موقعا لطيفا ، فلقّبه ب (الثلاج) فعرف بذلك ، وغلب عليه (المصدر السابق ١٠ / ١٣٦).

(٥) السابق ١٠ / ١٣٥ ـ ١٣٧.

(٦) السابق.

(٧) لا نعرف ـ بالضبط ـ الظروف التى وصلت فيها نسخة الصورى إلى (ابن ماكولا) ، وإن كان المؤكد أن الأخير اعتمد عليها كثيرا ، كما سنرى من واقع النصوص بعد ذلك. أما الخطيب ، فقد كانت لديه نسخة الصورى ، على أساس أنه تلميذه الذي روى عنه (وسنرى أسانيد ذلك النقل بعد قليل). ويضاف ـ إلى ذلك ـ أن هناك نصا فى (معجم البلدان) ٣ / ٤٩٢ ـ ٤٩٣ : يفيد أن الخطيب اشترى كتب أستاذه الصّورى ـ بعد وفاته ـ من ابنته ، وسواء صح ذلك ، أم لم يصح ، فالمشهور أن الخطيب روى نسخة الصورى.

٣٣١

المادة التاريخية المرتبطة بالتراجم ، الواردة فى مؤلّفى «ابن يونس». وليس هذا بغريب عليه ، وعلى بن الثلاج كذلك ، فكلاهما له اهتمام بالتراجم ، ولعل لكل منهما مؤلّفا فى ذلك(١) .

وبالنسبة لنسخة كليهما من كتابى ابن يونس ، فقد تعددت النصوص التى تفيد نقل المؤرخين عنهما. وقد حظيت نسخة الصورى بالقبول غالبا ؛ نظرا لخطه المتقن فى نسخته المسموعة(٢) . ويبدو أن نسخة الصورى ذاعت وانتشرت ، واهتم الناسخون بنسخها ؛ مما أدى إلى اختلاف هذه النسخ فيما بينها أحيانا(٣) . أما نسخة ابن الثلاج ، فالظاهر من النصوص أنها كانت أقل جودة ودقة من الصورى ؛ نظرا لأفضلية الأخير ودقته(٤) ، وإن اتفقتا أحيانا(٥) ، واختلفتا أخرى(٦) . ونادرا ما كانت نسخة ابن الثلاج تحظى بالقبول دون نسخة الصورى(٧) .

__________________

(١) راجع بعض التراجم المنقولة عن (الصورى) فى : (الأنساب) ١ / ١٢٠ ، ٣٤١ ، ٤ / ٢٦٣. وهناك أيضا بعض التراجم الواردة عن (ابن الثلاج) فى : (تاريخ بغداد) ج ٩ ص ١٠٧ ، ج ١٠ ص ٤٢٩.

(٢) وصف خط الصورى ، ونسخته بذلك فى (الجذوة ١ / ٢٥٧ ، والبغية ص ٢٣٤).

(٣) راجع مظاهر الاختلاف فى نسب بعض المترجمين فى (تاريخ الغرباء) لابن يونس ، فى (ترجمة إسماعيل بن موصّل اليحصبى ، رقم ٩٥ ، وهامشها رقم ٥) ، وترجمتى : (بهلول بن صالح بن عمر ، رقم ١٢٠) ، و (بهلول بن عمر بن صالح ، رقم ١٢١) ، وترجيح ابن ماكولا صحة نسب الأخير ـ فى (الإكمال) ٦ / ٥٣ ـ بعد البحث والتحرى.

(٤) من النماذج التى تم ترجيح نسخة الصورى فيها ـ فى ضبط بعض أعلام النسب ـ فى «تاريخ المصريين» تراجع تراجم أرقام : (٧١ ، ٢٠٤ ، ٢٤٣ ، ٣٧٠ ، ٦٣٤ ، ٧٢٥ ، ١٠٤٩ وهوامشها) ، وفى (الغرباء) : ترجمة (٥٦٥). ويلاحظ أن هناك تراجم عديدة من (تاريخ الغرباء) لابن يونس ، وردت فى (تاريخ بغداد) للخطيب البغدادى ، نقلها بهذا الإسناد : (حدثنى الصورى ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأزدى ، ثنا ابن مسرور ، ثنا (ابن يونس). ويمكن مراجعة تلك التراجم فى (تاريخ ابن يونس) المشار إليه ، بأرقام : (٦٧ ـ ٦٨ ، ٧١ ، ٨٢ ، ٩٧ ، ١٠٤ ، ١١٧ ، ١١٩ ، ١٥٧ ، ٦٠٧ ، ٦١١ ، ٦٣٣ ، ٦٣٩ ، ٦٤٢ ، ٦٤٦ ، ٦٤٩ ، ٦٨١ ، ٦٩٠ ، ٦٩٣ ، وهوامشها).

(٥) راجع نماذج ذلك فى (تاريخ المصريين) ، تراجم أرقام : (٥٥٠ ، ٦٠٨ ، ٨٩٤ ، وهوامشها).

(٦) راجع نماذج الاختلاف دون ترجيح فى (تاريخ الغرباء) ، تراجم أرقام : (٤١٣ ، ٦٣٢ ، وهوامشها). وفى (تاريخ المصريين) أرقام : (٣٤٠ ، ٨٢٣ ، ٨٩٣ وهوامشها). (وكان الاختلاف فى النسب : بعض الأسماء ، وضبط الأعلام).

(٧) تاريخ الغرباء (ترجمة ١٣٨ ، وفيها ترجيح تاريخ وفاة المترجم له الذي ذكره ابن الثلاج ، وترجمة ٣١٤ (فى لقب المترجم له).

٣٣٢

٥ ـ اهتمام كبار العلماء بالاحتفاظ بنسخ من كتابى مؤرخنا :

تتمة للحديث ـ فى النقطة السابقة ـ عن «الصورى ، وابن الثّلاج» ، نشير إلى أن المصادر أشارت إلى حرص كثير من المؤرخين والمحدّثين على مطالعة «تاريخى ابن يونس» ، بل إن بعضهم كتب نسخته بخط يده. فهناك نسخة المحدّث المصرى «عبد الغنى ابن سعيد ت ٤٠٩ ه‍»(١) ، ونسخة السمعانى «ت ٥٦٢ ه‍»(٢) ، ونسخة المزّىّ «ت ٧٤٢ ه‍»(٣) ، ونسخة الذهبى ومختصره(٤) ، ونسخة العلّامة مغلطاى «ت ٧٦٢ ه‍»(٥) ، ونسخة المحدّث المؤرخ «ابن حجر ت ٨٥٢ ه‍»(٦) .

٦ ـ دور المؤرخين الأندلسيين فى نقل كتابى «ابن يونس» :

هذه الجزئية التى نتناولها ـ الآن ـ لها أهمية قصوى فى الكشف عن العلاقة بين مدرستى التأريخ «المصرى ، والأندلسى» فى مجال «التراجم» فى القرن الرابع الهجرى ، فى حدود حديثنا عن «المؤرخ المصرى ابن يونس». ونحن ـ هنا ـ نبحث فى جزئية محددة ، تتعلق بتأثير ابن يونس فى «مؤرخى الأندلس» ، ذلك التأثير الذي تمثل فى اقتباسهم من كتابيه المعروفين ، فلما فقد هذان الكتابان ، كان هؤلاء المؤرخون الأندلسيون ممن احتفظوا لنا ببقاياهما.

وثمة ملاحظة مهمة أشار إليها بعض الباحثين ، وهى أن الأندلسيين استمدوا تاريخ بلادهم ، وأخبار علمائهم من مؤرخ مصرى ، يعدّ آخر المؤرخين المصريين اهتماما بالتاريخ الأندلسى(٧) .

__________________

(١) بغية الطلب ٤ / ١٨٨٦.

(٢) الأنساب ٣ / ٢٦١.

(٣) أشار إليها ابن حجر فى (تهذيب التهذيب) ٧ / ٣١٥.

(٤) طالع الذهبى (تاريخ ابن يونس) ، واختصره ، وعلّق منه أحاديث غريبة (السير ١٥ / ٥٧٩ ، وتذكرة الحفاظ ٢ / ٣ / ٨٩٨). والغالب أنه طالع كتابيه ، واختصر (تاريخ المصريين) فقط ، فهو الذي به الغرائب والأحاديث.

(٥) راجع (الإصابة) : ٢ / ١٦٩.

(٦) السابق ١ / ١١٤.

(٧) بحث (مصر والمصادر الأولى للتاريخ الأندلسى) بالعربية ، للدكتور محمود مكى ، المنشور فى (صحيفة المعهد المصرى للدراسات الإسلامية بمدريد) ، المجلد الخامس ، ١٣٧٧ ه‍ / ١٩٥٧ م ، ص ٣٣٠.

٣٣٣

والآن ، نستعرض عددا من مؤرخى الأندلس ، موضحين الأسانيد التى نقلوا عن طريقها كتابى ابن يونس ، مع ذكر التراجم التى نقلوها عنه فى كتبهم ، وذلك على النحو الآتى :

أ ـ ابن مفرّج «ت ٣٨٠ ه‍» : سبق أن عرّفنا بهذا المحدث والمؤرخ الأندلسى ، وأشرنا إلى مجيئه إلى مصر ، وكتابته «تاريخ مصر» لابن يونس عن مؤرخنا(١) . ومن هنا ، فقد توقعنا أن نجد لديه ـ على الأقل ـ تاريخ «الغرباء» ، فلعله يهتم به ؛ لوجود تراجم الأندلسيين به ، لكن يبدو أن نسخته عن ابن يونس فقدت ، ولم أجد سوى نص وحيد يشير إلى هذه النسخة المفقودة(٢) .

ب ـ ابن الفرضىّ «ت ٤٠٣ ه‍» : أورد هذا المؤرخ الأندلسى ـ عند ذكره مصادر كتابه : «تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس» ـ الطرق ، التى وصل بها كتابا مؤرخنا إليه ، وهى كالآتى :

١ ـ ما كان فيه عن «أبى سعيد» ، فهو «أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس ابن عبد الأعلى المصرى» ، خرّجته من تاريخه «فى أهل مصر والمغرب». أخذ ذلك من كتاب ، أنفذه إليه أمير المؤمنين «الحكم بن عبد الرحمن ، المستنصر بالله ،رحمه‌الله »(٣) .

٢ ـ عن غير ذلك الكتاب [كتاب المستنصر السابق] ما أخبرنا به يحيى بن مالك العائذى ، عن أبى صالح أحمد بن عبد الرحمن بن أبى صالح الحرّانىّ الحافظ ، عن أبى سعيد.

٣ ـ «ومنه ما أخبرنى به أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يحيى القاضى ، عن أبى

__________________

(١) راجع ص ٢٨٩ (هامش ٢) ، ص ٢٩٩ (هامش ٢) من هذه الدراسة.

(٢) تاريخ الغرباء (ترجمة عبد الرحمن بن بشر بن يزيد الأزدى ، رقم ٣٠٩ ، الواردة فى كتاب (تكملة كتاب الصلة) لابن الأبار (ط. الحسينى) ج ١ ص ٢٢٤ (قال : وجدت فى تاريخ ابن يونس ، أصل ابن مفرج) ، فى باب (عبد الرحمن) منه. ويلاحظ أنه سيأتى ذكر (ابن مفرج) ـ بعد قليل ـ ضمن مصادر المؤرخ الأندلسى (ابن الفرضى) ، التى نقل عن طريقها بعض نصوص من (تاريخ الغرباء) لابن يونس.

(٣) تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس (ط. الخانجى) ١ / ٩ ـ ١٠. ويلاحظ أن اسم كتاب ابن يونس المذكور غير صحيح. والمتصور أن يرسل الأمير المثقف العالم بعض تراجم الأندلسيين ، فيكون محلهم (تاريخ الغرباء).

٣٣٤

سعيد»(١) . والآن ، نقوم برصد التراجم ، التى نقلها «ابن الفرضى» عن «ابن يونس» ، ملاحظين أنها اتخذت الأنماط التالية :

أولا ـ ما نقله ابن الفرضى عن «تاريخ المصريين»(٢) .

ثانيا ـ ما نقله ابن الفرضى عن «تاريخ الغرباء» مباشرة «بأى من الطرق المذكورة سابقا»(٣) .

ثالثا ـ ما لم يصرح ابن الفرضى بنقله عن «تاريخ الغرباء» لكننا رجحنا نقله عنه ؛ لعدم نسبته إلى مصدر آخر ، رغم تعدد مصادر كتابه ، إلى جانب تشابه المادة الموجودة فى الترجمة مع غيرها فى مصادر أندلسية أخرى ، صرحت بنسبتها إلى «ابن يونس»(٤) .

ج ـ ابن عبد البر القرطبى «ت ٤٦٣ ه‍» : وهو صاحب كتاب «الاستيعاب فى معرفة الأصحاب». وقد طالع كتاب «تاريخ المصريين» لمؤرخنا ، ونقل لنا عددا من تراجم

__________________

(١) تاريخ ابن الفرضى (ط. الخانجى) ١ / ١٠.

(٢) ترجمة (بحير بن عبد الرحمن بن بحير) ، رقم (١٦٨ ، وهامشها ، وهى الواردة فى (تاريخ ابن الفرضى ، ط. الخانجى) ١ / ١١٤.

(٣) راجع تراجم أرقام : ٥ (وهامش ٦ بها) ، ١٠ (هامش ٤ ، ٥) ، ١٤ (هامش ٦) ، ١٨ (هامش ٤) ، ٣٨ (هامش ٧) ، ٥٢ (هامش ٤) ، ٥٤ (هامش ٣) ، ٦٢ (هامش ٣) ، ٧٤ (هامش ٣) ، ٨٤ (هامش ٨) ، ٨٦ (هامش ٣) ، ١٠٥ (هامش ٦) ، ١١٠ (٦) ، ١٢٨ (١) ، ١٣٤ (١) ، ١٦٨ (هامش ٧ ص ٦٦ ، وهامش ٥ ص ٦٧ ، وهامش ١ ص ٦٩) ، ٢٠١ (١) ، ٢١١ (٣) ، ٢١٢ (٤) ، ٢١٩ (٢) ، ٢٣٨ (٢) ، ٢٣٩ (٣) ، ٢٤١ (١) ، ٢٤٢ (٣) ، ٢٦٢ (٦) ، ٢٦٩ (٦) ، ٢٧٣ (١) ، ٢٨٠ (٢ ـ ٣) ، ٢٨٩ (٨) ، ٢٩٦ (١) ، ٢٩٨ (٥) ، ٣٠٥ (٦) ، ٣٠٨ (٧) ، ٣١١ (٦) ، ٣٢٤ (٣) ، ٣٤١ (٢) ، ٣٥١ (٥) ، ٣٥٧ (٣) ، ٣٧٠ (٢) ، ٣٧٤ (٦) ، ٣٧٩ (٣) ، ٣٨٠ (٨) ، ٣٨١ (٩) ، ٣٨٦ (٤) ، ٣٩٦ (١) ، ٤١٩ (٥) ، ٤٢٠ (ترجمة عمر بن موسى الكنانى الواردة فى «تاريخ ابن الفرضى» ط. الخانجى ١ / ٣٦٤) ، ٤٢٣ (٤) ، ٤٢٨ (٣) ، ٤٢٩ (٧) ، ٤٣١ (١) ، ٤٣٤ (١) ، ٤٣٨ (٧) ، ٤٤٤ (٢) ، ٤٤٥ (١) ، ٤٤٩ (٣) ، ٤٥١ (٢) ، ٤٥٤ (٥) ، ٤٦٠ (٥) ، ٤٦٥ (٢) ، ٤٧٠ (٥) ، ٤٩٥ (٦) ، ٥٣١ (٦) ، ٥٣٥ (١) ، ٥٥٠ (٦) ، ٥٥٢ (٣) ، ٥٥٩ (٨) ، ٥٦٥ (١) ، ٥٩٠ (٣) ، ٦٠٥ (٥) ، ٦١٠ (٦) ، ٦١٦ (٤) ، ٦١٩ (٣) ، ٦٢٠ (٨) ، ٦٢٧ (٣) ، ٦٤٣ (١) ، ٦٤٨ (٤) ، ٦٥٠ (٦) ، ٦٥٢ (٤) ، ٦٦٢ (٣) ، ٦٦٣ (٨) ، ٦٦٧ (٤) ، ٦٨٩ (٥) ، ٦٩٦ (٢). وبذلك بلغت التراجم المنقولة عن مؤرخنا هنا (٨٤ ترجمة).

(٤) راجع تراجم أرقام : (١١ ، وهامش ٢ بها) ، ٣٢٣ (٤) ، ٦١٨ (٢).

٣٣٥

الصحابة ، صرّح فى إحداها بمصدره الذي رواها عنه(١) . ورغم أن ابن عبد البر ذكر لنا طريقين نقل من خلالهما «تاريخ المصريين» لابن يونس(٢) ، إلا أنه كان يكتفى ـ فى القدر الذي بقى لنا من تراجم الصحابة المصريين ـ بذكر ابن يونس وحده من دون سائر رجال الإسناد ، الذين نقل عنهم الترجمة(٣) .

د ـ الحميدى (ت ٤٨٨ ه‍) ، والضبى (ت ٥٩٩ ه‍) : وقد اخترت الجمع بينهما ؛ لتشابه تراجم كتابيهما : «الجذوة» ، و «البغية» تشابها يكاد يكون تاما فى كثير من الأحيان ، وما ذاك ـ فى رأيى ـ إلا لتوحد مصادرهما أحيانا ، ونقل الضبى عن الحميدى دون النص على ذلك غالبا(٤) ، وإن ردّ النصوص إلى الحميدى أحيانا(٥) . ومن هنا ، فإنى أعتقد أن الضبى ـ غالبا ـ تابع للحميدى. أما الحميدى ، فقد كان على صلة ب «تاريخ الغرباء» لابن يونس ، ورأى أكثر من نسخة منه فى المشرق لدى ابن ماكولا صاحب «الإكمال»(٦) ، ولعل بعضها كان بخط «العلّامة الصورى»(٧) .

وقد تركزت المادة المنقولة عن ابن يونس ، والواردة فى كتابى : «الحميدى» ،

__________________

(١) هى ترجمة الصحابى (أحمد بن عجيّان ، رقم ٩٢) الواردة فى (الاستيعاب) ١ / ١٤٤.

(٢) قال أبو عمر : «أخبرنى بتاريخ أبى سعيد حفيد يونس فى (المصريين) عبد الله بن محمد بن يوسف (هو ابن الفرضى) ، قال : ثنا يحيى بن مالك بن عائذ ، عن أبى صالح أحمد بن عبد الرحمن بن أبى صالح الحافظ ، عن أبى سعيد». والطريقة الثانية ـ عن ابن الفرضى أيضا ، عن أبى عبد الله محمد بن محمد بن مفرج القاضى ، عن أبى سعيد (المصدر السابق).

(٣) راجع (تاريخ المصريين) ، تراجم أرقام : (١٧٦ ، ٢٦٠ ، ١٠٤٤ ، ١١٣٦ ، ١٤٢٧) ، وهى موجودة فى (الاستيعاب) : ١ / ٣٧٧ ، ٢٨٣ ، ٣ / ١٢٤٧ ، ٤ / ١٤٥٥ ، ١٦٤٨ (على الترتيب).

(٤) راجع ـ مثلا ـ (تاريخ الغرباء) لابن يونس ، ترجمة (عزيز بن محمد اللخمى) ، رقم ٣٩١ (وهامشها رقم ٨) ، الوارد فى (الجذوة) ٢ / ٥٠٧ ، والبغية ص ٤٣٢ ، وترجمة (محمد بن معاوية الهشامى) ، رقم ٦٠٠ (وهامشها رقم ٧) ، الواردة فى (الجذوة) ١ / ١٤٦ ، والبغية ص ١٢٧.

(٥) راجع ترجمة (كرز بن يحيى الصدفى) رقم ٤٦٥ فى (تاريخ الغرباء) ، وهامشها رقم (٢) ، الواردة فى (الجذوة) ٢ / ٥٣٣ ـ ٥٣٤ ، و (البغية) ص ٤٥٣.

(٦) الجذوة ١ / ٢٣٦ (طالع فى هذه النسخة العتيقة ترجمة «إبراهيم بن أبان بن عبد الملك» ، رقم (٢) فى (تاريخ الغرباء). وكذلك طالع ترجمة (إبراهيم بن أبان) ، رقم (١٥) فى نسخة أخرى فى (المصدر السابق).

(٧) راجع ترجمة (إبراهيم بن عيسى بن عاصم) ، برقم (٢٥) فى (تاريخ الغرباء).

٣٣٦

«والضبى» فى تراجم «الغرباء» غالبا(١) ، وصرح كلاهما فى عدد من التراجم بذكر ابن يونس(٢) ، وفى البعض الآخر رجحنا نقلهما عن ابن يونس رغم عدم تصريحهما بذلك النقل ؛ لوجود هذه المادة التاريخية فى مصادر أخرى صرحت بنسبتها إلى ابن يونس(٣) ،

__________________

(١) عثرت على ترجمتين اثنتين ، نقل الحميدى أولاهما فى (الجذوة) ١ / ١٩٠ ـ ١٩١ ، والضبى فى (البغية) ص ١٧٤ ، من (تاريخ المصريين) ، وهى ترجمة (أحمد بن خازم المعافرى) رقم (١٢). والثانية ـ وردت فى (الجذوة ١ / ٢٩٧ ، والبغية ص ٢٤٩) ، منقولة عن (تاريخ المصريين) ، وهى ترجمة (بحير بن عبد الرحمن بن بحير) ، رقم (١٦٨).

(٢) راجع (تاريخ الغرباء) ، تراجم أرقام : (١١ ، وهامشها رقم ٢) ، ١٤ (٦) ، ٢٨ (١) ، ٣٨ (٩) ، ٥٦ (١) ، ٥٧ (٢) ، ٩٢ (٣) ، ١١٤ (٣). وهذه الترجمة موجودة ـ أيضا ـ فى كتاب (الصلة) لابن بشكوال (ت ٥٧٨ ه‍) ١ / ١١٩ (واكتفيت بالإشارة إلى هذا المصدر فى الحاشية ؛ لندرة ما احتفظ لنا به من تراجم (ابن يونس) ، ١١٨ (١) ، ١٧٣ (٣) ، ١٧٥ (١) ، ١٨٧ (هامش ٣ ص ٧٥ ، وهى تخص الضبى وحده) ، ١٩٥ (٧) ، ٢٠١ (١) ، ٢١١ (٣) ، ٢١٩ (١) ، ٢٤٤ (٦) ، ٢٥٤ (٤) ، ٢٥٥ (هامش ٦ ، وتخص الحميدى وحده) ٢٦٢ (٦) ، ٢٦٧ (٧) ، ٢٧٣ (١) ، ٢٨٥ (٥) ، ٢٩٢ (هامش ٤ ، ٥ ص ١١٥) ، ٢٩٧ (٢) ، ٣٠١ (٤) ، ٣٢٤ (٣) ، ٣٣٩ (٣) ، ٣٥٥ (٣) ، ٣٥٩ (هامش ٥ ، وتخص الحميدى فقط) ، ٣٩١ (٨) ، ٣٩٦ (١) ، ٤١٩ (هامش ٥ ، وتخص الحميدى وحده) ، ٤٢٣ (٤) ، ٤٢٨ (٢) ، ٤٣٩ (٢) ، ٤٤٤ (٢) ، ٤٥٩ (١) ، ٤٦٥ (٢) ، ٤٦٨ (١) ، ٤٨٥ (٦) ، ٤٩٨ (٧) ، ٤٩٩ (٢) ، ٥١٢ (٩) ، ٥١٤ (٢) ، ٥٣٢ (١) ، ٥٣٦ (٥) وتخص الحميدى وحده ، ٥٥٤ (هامش ٩ ـ شرحه) ، ٥٥٥ (١) ، ٥٥٨ (٧) ، ٥٦٥ (هامش ١ ، وتخص الحميدى) ، ٥٦٨ (٢) ، ٥٧٠ (٥) ، ٥٧٢ (هامش ٥) ٥٩٠ (٣) ، ٥٩١ (٤) ، ٥٩٣ (١) ، ٦٠٠ (هامش ٧ ، ويخص الحميدى فقط) ، ٦٠١ (١) ، ٦٠٣ (٥) ، ٦١٨ (٢) ، ٦٢٧ (هامش ٣ ص ٢٣٤) ، ٦٣٢ (٣) ، ٦٣٤ (٥) ، ٦٤٣ (٣) ، ٦٤٥ (٢) ، ٦٥٢ (٢) ، ٦٥٧ (٦) ، ٦٦٢ (هامش ٣ ، وهامش ٧ ص ٢٤٩) ، ٦٧٥ (٤) ، ٦٨٠ (٢). وبذلك بلغت التراجم المنقولة عن مؤرخنا هنا (٧١ ترجمة).

(٣) راجع (تاريخ الغرباء) تراجم أرقام : (١٠ ، وهامشها رقم ٥) ، ٥٢ (٤) ، ٧٤ (٣) ، ٨٤ (٨) ١١٠ (هامش ٦ خاص بالحميدى) ، ١٢٨ (١) ، ١٦٣ (٢) ، ١٧٤ (٤) ، ١٨٧ (هامش ٢ ص ٧٥ ، ويخص الحميدى وحده) ، ١٨٨ (هامش ٥ الخاص بالحميدى) ، ٢١٢ (٥) ، ٢١٦ (٤ ، ٥ ص ٨٧) ، ٢٢٢ (١) ، ٢٢٣ (٤) ، ٢٢٧ (٨) ، ٢٣٤ (٦) ، ٢٣٨ (٢) ، ٢٤٦ (٣) ، ٣١١ (٦) ، ٣٤١ (٣) ، ٣٤٧ (٣) ، ٣٥٤ (١) ، ٣٥٧ (٣) ، ٣٧٠ (١ ، ٢) ، ٣٧٤ (٦) ، ٣٧٩ (٣) ، ٣٨٠ (٨) ، ٣٨١ (هامش ٩ ، وهو خاص بالضبى) ، ٣٨٧ (٧) ، ٤٢٠ (الجذوة ٢ / ٤٧٩ ، والبغية ٤٠٩) ، ٤٢٩ (٧) ، ٤٣٨ (٧) ، ٤٤٩ (٣) ، ٤٥١ (٢) ، ٤٥٤ (٥) ، ٤٧٠ (٥) ، ٥٣٥ (١) ، ٥٤٧ (١) ، ٥٥٠ (٦) ، ٥٥٢ (هامش ٣ الخاص بالحميدى) ، ٥٥٤ (٩ الخاص بالضبى) ، ٥٥٩ (٨) ، ٥٦١ (٣) ، ٥٦٥ (هامش ١ ص ٢١٣ ، الخاص بالضبى) ، ٥٧٦ (١) ، ٥٩٢ (٧) ،

٣٣٧

أو لنقلهما عن المصدر الأساسى ، الذي نقل عنه ابن يونس نفسه ، فيذكران المصدر الأصلى ، لا الوسيط(١) .

ه ـ ابن الأبّار «ت ٦٥٨ ه‍» : واحتفظ لنا من «تاريخ الغرباء» بعدد من التراجم المنقولة عن ابن يونس بواسطة «ابن الفرضى ، والحميدى» ، وذلك فى كتابه : «تكملة كتاب الصلة»(٢) .

و ـ المراكشى «ت ٧٠٣ ه‍» : ولم أجد ـ فيما بقى من كتاب الذيل ـ سوى ترجمة واحدة مأخوذة عن «تاريخ الغرباء» لابن يونس(٣) ، وأخرى مأخوذة عن «تاريخ المصريين»(٤) .

وهكذا ، استعرضنا ـ تفصيلا ـ كيف وصلت إلينا هذه المقادير الهائلة من تراجم كتابى مؤرخنا «ابن يونس» ، وركزنا ـ تحديدا ـ على مؤرخى الأندلس ؛ كى نبرز أثر مؤرخنا فى مدرسة التأريخ الأندلسى فى القرن الرابع الهجرى ، من حيث المادة التاريخية المتصلة ب «التراجم» ، خاصة تراجم «الأندلسيين».

__________________

٦٠٥ (٥) ، ٦١٠ (٦) ، ٦١٩ (٥) ، ٦٢٠ (هامش ٨ ، خاص بالحميدى) ، ٦٢٧ (٣) ، ٦٤٣ (١) ، ٦٥٠ (٦) ، ٦٥٢ (٤) ، ٦٦٧ (٤). وبذلك بلغت التراجم المنقولة عن مؤرخنا ـ على الراجح ـ هنا (٥٥ ترجمة).

(١) هناك تراجم نقلها ابن يونس عن الخشنى ، وقام الحميدى والضبى بنقلها عن ذلك المصدر الأساسى (الخشنى) ، لا الوسيط (ابن يونس) ، وهى فى (تراجم الغرباء) أرقام : ١٨٩ (٦) ، ١٩٣ (٤) ، ٢٤٠ (٤) ، ٣٨٦ (٤) ، ٤٣٤ (١) ، ٦٤٨ (٤) ، ٦٦٣ (٨) ، ٦٨٩ (٥) ، ٦٩٦ (٢).

(٢) راجع تاريخ الغرباء : تراجم أرقام (٢٣٨ ، ترجمة سليمان بن عبد الرحمن ، المنقولة بواسطة «ابن الفرضى» الموجودة فى (تكملة كتاب الصلة ، ط. مدريد ص ٢٩٦) ، ورقم ٢٤٤ ، ترجمة سهل بن عبد الرحمن ، المنقولة بواسطة «الحميدى» الموجودة فى المصدر نفسه ص ٣٢٦ ، ورقم ٢٩٥ (ترجمة عبد الله بن المغيرة بن أبى بردة فى (المصدر نفسه ، ط. الحسينى) ٢ / ٧٧٢ ، ورقم ٣٦٧ (ترجمة عبيد الله بن حنين الأندلسى ، وهى فى المصدر نفسه ١ / ٢٠٦).

(٣) راجع (ترجمة رقم ٢٦٣) ، وهى فى (الذيل والتكملة) ، بقية السفر الرابع ص ١٤٥.

(٤) راجع ترجمة (وردان) رقم (١٣٦٩) ، وهى موجودة فى (السفر الخامس ، القسم الثانى ، من (الذيل والتكملة) ص ٥٦٣.

٣٣٨

رابعا ، وأخيرا ـ منهجى فى تجميع بقايا كتابى

«ابن يونس»

عرفنا فى عرضنا للنقاط الثلاث السابقة ـ من هذا المدخل المطوّل المهم ـ الكثير من المعلومات النظرية عن هذين الكتابين المفقودين. وأعتقد أنه قد آن الأوان للاستفادة من كافة ما مضى ، وتوظيفه بدقة وحذر فى إعادة بناء هيكل هذين الكتابين ، عن طريق تجميع ما تيسر لى من بقاياهما ؛ حتى تتم دراسة هذه البقايا ، واستخلاص منهج مؤرخنا على ضوئها فيما بعد.

ولا شك أن عمليات التجميع تلك جوبهت بعراقيل كثيرة ، وعقبات متوالية ، وصعوبات جمّة. وكان لابد ـ حتى نصل إلى غايتنا المرجوة ـ أن نضع لكل مشكلة حلا ، وأن نذلل الصعوبات ، ونتخطى العقبات ، واحدة تلو الأخرى ، وفق منهج محكم ، يصل بنا ـ فى النهاية ـ إلى إعادة تشكيل الكتابين الضائعين ، على نحو أقرب ما يكون من الصورة التى خلّفها عليها مؤرخنا «عليه رحمة الله».

والآن ، نعرض هذه الصّعوبات ، ومنهجنا فى مواجهتها على الوجه الآتى :

الصعوبة الأولى :

غزارة وضخامة عدد التراجم المتبقية من كتابى مؤرخنا «خاصة تاريخ المصريين» ، وتوزعها ، وتناثر وتمزق أشلائها ـ وأحيانا أشلاء الترجمة الواحدة ـ فى بطون المصادر المخطوطة والمطبوعة ، وندرة وسطحية المعلومات الواردة داخل كثير من التراجم المتبقية.

كيفية مواجهتها :

أمكن مواجهة هذه الصعوبة ، وتخطى تلك العقبة باتباع الخطوات الآتية :

أ ـ إجراء مسح شامل ودقيق ، لأكبر قدر من المصادر المخطوطة ، والمطبوعة(١) ،

__________________

(١) رجعت فى استخراج مادة (تاريخ المصريين) لمؤرخنا إلى عشرات المصادر (مخطوطة ، ومطبوعة) ، أذكرها ـ هنا ـ مرتبة ترتيبا تاريخيا كما يلى :

١ ـ الألقاب ، لابن الفرضى (ت ٤٠٣ ه‍).

٢ ـ تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس ، لابن الفرضى.

٣٣٩

__________________

٣ ـ مخطوط (مشتبه النسبة ، نسخة المغرب) ، و (ط. الهند) ، لعبد الغنى بن سعيد (ت. ٤٠٩ ه‍).

٤ ـ المؤتلف والمختلف (المخطوط ، نسخة المغرب) ، و (المطبوع ، ط. الهند ، وط. دار الأمين) ، لعبد الغنى بن سعيد.

٥ ـ مخطوط (معرفة الصحابة) ، لأبى نعيم (ت ٤٣٠ ه‍) ـ نسخة غير مرقمة (مصورة عن نسخة فيض الله ـ الجزء الأخير).

٦ ـ (رياض النفوس) ، للمالكى (ت بعد ٤٦٠ ه‍). (طبعة مؤنس ، وطبعة بيروت).

٧ ـ (تاريخ بغداد) للخطيب البغدادى (ت ٤٦٣ ه‍).

٨ ـ (الاستيعاب) لابن عبد البر (ت ٤٦٣ ه‍).

٩ ـ (الإكمال) لابن ماكولا (ت ٤٧٥ ه‍).

١٠ ـ (جذوة المقتبس) للحميدى (ت ٤٨٨ ه‍).

١١ ـ (ترتيب المدارك) ، للقاضى عياض (ت ٥٤٤ ه‍).

١٢ ـ (الأنساب) للسمعانى (ت ٥٦٢ ه‍).

١٣ ـ (تاريخ دمشق المخطوط ، والمطبوع) ، لابن عساكر (ت ٥٧١ ه‍).

١٤ ـ (بغية الملتمس) للضبى (ت ٥٩٩ ه‍).

١٥ ـ (مخطوط الكمال فى معرفة الرجال) ، للمقدسى (ت ٦٠٠ ه‍) ـ نسخة (أحمد الثالث).

١٦ ـ معجم البلدان ، لياقوت (ت ٦٢٦ ه‍).

١٧ ـ (معجم الأدباء) لياقوت.

١٨ ـ مخطوط (الاستدراك على إكمال ابن ماكولا) ، لابن نقطة الحنبلى (ت ٦٢٩ ه‍).

١٩ ـ (أسد الغابة) ، لابن الأثير (ت ٦٣٠ ه‍).

٢٠ ـ (اللباب فى تهذيب الأنساب) ، لابن الأثير.

٢١ ـ (إنباه الرواه) ، للقفطى (ت ٦٤٦ ه‍).

٢٢ ـ تكملة كتاب الصلة ، لابن الأبار (ت ٦٥٨ ه‍) ـ (طبعة الحسينى).

٢٣ ـ (بغية الطلب) ، لابن العديم (ت ٦٦٠ ه‍).

٢٤ ـ تهذيب الأسماء واللغات للنووى (ت ٦٧٦ ه‍).

٢٥ ـ شرح صحيح مسلم ، للنووى.

٢٦ ـ وفيات الأعيان ، لابن خلكان (ت ٦٨١ ه‍).

٢٧ ـ معالم الإيمان ، للدباغ (ت ٦٩٦ ه‍).

٢٨ ـ الذيل والتكملة ، للمراكشى (ت ٧٠٣ ه‍).

٢٩ ـ مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور (ت ٧١١ ه‍).

٣٠ ـ تهذيب الكمال للمزى (ت ٧٤٢ ه‍).

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571