حياة الرسول (ص) و أهل بيته (ع)

حياة الرسول (ص) و أهل بيته (ع)0%

حياة الرسول (ص) و أهل بيته (ع) مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 72

حياة الرسول (ص) و أهل بيته (ع)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: المؤسسة الإسلامية للبحوث والمعلومات
تصنيف: الصفحات: 72
المشاهدات: 81000
تحميل: 6221

توضيحات:

حياة الرسول (ص) و أهل بيته (ع)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 72 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 81000 / تحميل: 6221
الحجم الحجم الحجم
حياة الرسول (ص) و أهل بيته (ع)

حياة الرسول (ص) و أهل بيته (ع)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الامام علي بن الحسينعليه‌السلام

ولد الامام علي بن الحسينعليه‌السلام في الخامس من شعبان سنة ثمان وثلاثين من الهجرة. وقد جعلت التربية الرائعة التي تلقاها الامام - والمناخ الرسالي الذي أعد لتوجيهه وصنع شخصيته، منه تجسيدا حيا لرسالة الله تعالى في الفكر والعمل. ولحكمة الهية بالغة بقي الامام السجادعليه‌السلام حيا بعد واقعة الطف التي حلت ببيت الرسالة في كربلاء، فقد كان الوحيد من بين الشباب الذي لم يتعرضي‌الله‌عنه للقتل. وكان المرض الذي استبد به أثناء المعركة المبرر المنظور لاسقاط واجب الجهاد بالسيف عنه. وبعد حوادث (الطف) مباشرة بدأ السجادعليه‌السلام يقود الحركة الاصلاحية وفقا لمقتضيات المصلحة الاسلامية العليا. والمتتبع لطبيعة دور الامام السجادعليه‌السلام في الحياة الاسلامية بعد عودته الى المدينة، يلمح أنه قد رسم منهجة العملي بناء على دراسة الأوضاع العامة للأمة بعد ثورة الامام الحسينعليه‌السلام وتشخيص نقاط ضعفها ومقومات نهوضها، حيث مارسعليه‌السلام دوره من خلال العمل على انماء التيار الرسالي في الأمة، وتوسيع دائرته في الساحة الاسلامية. وبدأ ثورة روحية وثقافية في دنيا المسلمين استهدفت:

١ - توسيع القاعدة الشعبية الموالية لأهل البيتعليه‌السلام وتكثيف التعاطف معهم، وتحويله الى ولاء حقيقي فاعل.

٢ - العمل على رفع مستوى الوعي الاسلامي، والانفتاح العملي على الرسالة الالهية في قطاعات الأمة المختلفة.

٣ - خلق قيادات فكرية متميزة تحمل الفكر الاسلامي الصميم، لا الفكر الذي يدور وفقا لمقتضيات السياسة، التي يقودها الحكم الأموي.

٤١

وازاء الحوادث المريرة التي مرت بالامة الاسلامية التزم الامام السجادعليه‌السلام جانب الابتعاد عن أي موقف يلفت أو يثير السلطات. ولم ينضو تحت أي لواء قط، مهما كان لونه وأهدافه، لعلمه ابتداء أن تلك الحوادث لا تنتهي الا بالشكل الذي انتهت اليه فيما بعد، كنتيجة طبيعية لضخامة القوى التي يقودها البيت الأموي، وشراستها أولا، ولانفراط عقد اجتماع الأمة وتبعثر قواها ثانيا.

وهكذا ظل الامامعليه‌السلام متمسكا بالنهج الاصلاحي والتوعية العامة الفكرية والتوجيه الروحي والحلقي، لعلمه أنه الطريق الطبيعي والشرعي الأفضل لحماية رسالة الله تعالى في تلك الظروف، وحفظ البقية الباقية من أهل البيتعليه‌السلام مستفيدا في انجاح خططه الاصلاحية تلك من انشغال الحكم الأموي بالوضع المتدهور والانتفاضات الاسلامية الرافضة. على أن تدهور الأوضاع لم يستمر هكذا على وتيرة واحدة في عصر الامامعليه‌السلام ، وانما توفر للحكم الأموي أن يستعيد هيبته، ويصفي خصومه بشكل تام، أيام عبد الملك بن مروان. ولقد تبنى الحكم الاموي بقيادة عبد الملك شعار التصفية للوجود الرسالي وفي طليعته القوى ذات التأثير الفاعل فيه، ونفذت تلك الخطة من خلال تعيين الحجاج بن يوسف الثقفي واليا على الكوفة - عاصمة أهل البيتعليه‌السلام - الذي نشر في ربوعها الدمار، وأشاع الرعب والموت، فقتل المؤمنين على التهمة والظنة. وفقد أتباع أهل البيتعليه‌السلام عبر تلك المحنة الكثير من رجالهم الأفذاذ، كسعيد بن جبير، وكميل بن زياد وسواهما. وبعد موت عبد الملك تسلم الوليد ابنه الأمر بعده، في وقت صفيت فيه المعارضية أو كادت، ولم يبق غير الامام السجّادعليه‌السلام متابعا خطواته الاصلاحية في الأمة. الأمر الذي يقض مضاجع قادة الحكم الأموي ويثير مخاوفهم، وقد أدركوا أن ايقاف مسيرة الامامعليه‌السلام تلك لا تتم بارهابه، ومن هنا فان خططهم اتجهت لتصفية الامامعليه‌السلام ذاته، وهكذا كان، فقد اغتاله سليمان بن عبد الملك في عهد الوليد من خلال سم دسه اليه، بيد أن افكار الامام واهدافه بقيت حية نابضة بالحياة، متدفقة بالخير، تسيّر التاريخ الانساني، حاملة المشعل المتفجّر بالفضيلة والهدى.

٤٢

الامام محمد الباقرعليه‌السلام

ولد الامام محمد الباقرعليه‌السلام في غرة رجب من عام (٥٧) من الهجرة، وعاش في كنف جده الحسين أكثر من ثلاث سنين، وشهد مأساة الطف في مستهل عمره وتفيأ ظلال الرسالة والامة برعاية أبيه السجادعليه‌السلام طوال سنوات امامته، وتلقى علوم الاسلام وتراث الأنبياءعليه‌السلام من أبيه خلال تلك الفترة، ولقب بالباقر، أي المتبحّر بالعلم المستخرج لغوامضه، ولبابه وأسراره، والمحيط بفنونه. والذروة التي بلغها الامام الباقرعليه‌السلام في الفكر والعمل، جعلت المؤالف والمخالف يجمعان على فضله وسمو مكانته واذا تتبعنا عصر الامام الباقرعليه‌السلام لوجدنا أن نحو ثلثي فترة امامته قد مالت الى حالة تجميد الصراع مع السلطات، ابتداء من أواخر حكم الوليد بن عبد الملك حتى السنوات الأولى من حكم هشام بن عبد الملك. فقد كان الحكام الذين سبقوا هشاما منشغلين اما

بألوان الترف واللهو والمجون، أو بتصفية بعضهم بعضا، باستثناء عمر بن عبد العزيز الذي سلك سياسة منفتحة مؤطرة تختف عن أسلافه. ولقد أفاد الامام الباقرعليه‌السلام كثيرا من تلك الأوضاع السياسية فعمل من أجل تختلف استكمال ما بدأه الامام السجادعليه‌السلام في عمله التغييري خلال تبنّيه السياسة التعليمية المعطاءة، ومارس نشاطا تثقيفيا على أعلى المستويات، من أجل رفد الحركة التغييرية بمزيد من الكوادر الرسالية الواعية. واستقطب نشاط الامام المكثف الكثير من رواد المعرفة الاسلامية وقصده أغلب رجالات الفكر من معتزلة ومتصوفة وخوارج وسواهم للمناظرة أو للافادة من علمه ولقد امتازت مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام في عصره، بمعارفها وسعتها.

٤٣

ولم تكن وقفا على الخواص من رواد العلم وأرباب المعرفة، وانما صارت لها امتدادات أفقية أوسع من ذلك، فان القواعد الشعبية كان لها قسطها الوافد في تلقي الفكر الاسلامي من خلال مدرسته. كما ان داره بالمدينة المنورة كانت مركز اشعاع للهداية والفضيلة تنشد اليها القلوب، وتتجه اليها أنظار الراغبين لمعرفة أحكام الشريعة وطرق الهداية نحو الله. وقد امتدت امامته تسع عشرة سنة، وبتولي عمر بن عبد العزيز قيادة الحكم الأموي حدث تحول كبير في موقف السلطة من أهل البيتعليه‌السلام كان فيه شيء من الاعتدال.

على أن زعامة عمر بن عبد العزيز لم تدم أكثر من سنتين وخمسة أشهر، عادت الامور بعدها الى ما كانت عليه. واذا لم تحقق المضايقة الأموية غاياتها الدنيئة في صد الامام الباقرعليه‌السلام عن النهوض بمهامه الرسالية العظمى، فقد رأت السياسة المنحرفة أنه ليس لها عن اغتياله بديل. وهكذا دس اليه السم في عام (١١٤) هـ. فرحل الى ربه، صابرا محتسبا.

٤٤

الامام جعفر الصادقعليه‌السلام

في المدينة المنورة في السابع عشر من ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين من الهجرة، ولد الامام جعفر بن محمدعليه‌السلام وترعرع في ظلال جده السجادعليه‌السلام وأبيه الباقرعليه‌السلام وعنه أخذ علوم الشريعة ومعارف الاسلام.

وهكذا فان الصادقعليه‌السلام يشكل مع آبائه، حلقات متواصلة مترابطة متفاعلة، لا فاصلة فيها ولا غريب مجهول يخترق امتدادها، حتى تتصل برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد أوضح الامام الصادقعليه‌السلام هذه الحقيقة بقوله: (حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث

جدي حديث علي بن أبي طالب، وحديث علي حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحديث رسول الله قول الله عز وجل).

ومن هنا نكتشف مقام الامام الصادقعليه‌السلام ومكانته.

٤٥

مكانة الامام الصادقعليه‌السلام ومقامه الاجتماعي

لم يحتل أحد المكانة المرموقة والمقام السامي في عصر الامام الصادق كالمكانة التي احتلها هو، فقد كان له موضع خاص ومقام فريد في نفوس كل الذين عاصروه. فعامة المسلمين وجمهورهم كانوا يرون جعفر بن محمدعليه‌السلام سليل بيت النبوة، وعميد أهل البيت، ورمز المعارضية للظلم والطغيان الأموي والعباسي. كما انّ أهل العلم والصلاح كانوا يرون فيه اماما وعالما وأستاذا فذا، وكذلك رجال السياسة والحكم، وقادة الجمهور لم يكونوا ليجهلوا الامام ولم يعدوه، فقد كانوا يرون فيه الشخصية الاجتماعية المرموقة، والقوة السيايسة الفعالة والقطب القيادي الذي لا يمكن تجاهله.

عايش الامام الصادقعليه‌السلام الحكم الأموي مدة تقارب (٤٠) سنة، حتى سقوط الحكم الأموي سنة(١٣٢)هـ. ثم آلت الخلافة الى بني العباس، فعاصر من خلفائهم أبا العباس السفاح وشطرا من خلافة أبي جعفر المنصور تقدر بعشر سنوات تقريبا. وشاهد بنفسه محنة آل البيتعليه‌السلام وآلام الأمة وآهاتها وشكواها وتململها، وفي تلك الفترة من حياة الامام وقعت حوادث سياسية خطيرة، في حياة الأمة هي: ثورة زيد سنة(١٢١)هـ، وسقوط الدولة الأموية سنة(١٣٢) هـ، وثورة محمد النفس الزكية سنة(١٤٥) هـ. هكذا عايش الامام الصادقعليه‌السلام هذه الاجواء السياسية المضطربة الا أنه استطاع بحكمته، وقوة عزيمته أن يؤدي رسالته العلمية، وأن يفجر ينابيع العلم والمعرفة ويخرّج جيلا من العلماء والفقهاء والمتكلمين.

٤٦

مكانة الامام الصادقعليه‌السلام العلمية

تميز عصر الامام الصادقعليه‌السلام بأنه عصر النمو والتفاعل العلمي والحضاري بين الثقافة والتفكير الاسلامي من جهة، وبين ثقافات الشعوب ومعارف الأمم وعقائدها من جهة أخرى.

فنشأت في المجتمع الاسلامي حركة علمية وفكرية نشطة، وعرف المسلمون خطا جديدا من التفكير العقائدي والفلسفي. ولم يكن هذا الغزو والتفاعل الحضاري ليمر دون أن ينتج أثرا أو رد

فعل في التفكير والمعتقد الاسلامي، لذا فقد نشأ تيار من الشك والالحاد، وفرق كلامية، وآراء شاذة. والى جانب ذلك، فان المجتمع الاسلامي شهد نموا وتطورا كبيرا فاستجدت وقائع وحوادث وقضايا سياسية واقتصادية واجتماعية كثيرة تحتاج الى بيان رأي الشريعة، وتحديد الموقف والحكم الشرعي منها. وكان حصيلة ذلك أن نشأت الآراء والمذاهب الفقهية، ونشط علماء الفقه والاجتهاد. وسط هذه الأجواء والتيارات والمذاهب والنشاط العلمي والثقافي، عاش الامام الصادقعليه‌السلام ومارس مهماته، ومسؤولياته العلمية والعقائدية كامام وأستاذ وعالم، مسؤول عن نشر الشريعة وحفظ أصالتها ونقائها، وهو في ظل أبيه الامام محمد الباقرعليه‌السلام ، ساهم معه في تأسيس جامعة أهل البيت في المسجد النبوي الشريف، وقاما بنشر العلم والمعرفة، وبثهما بين الفقهاء والمفسرين والمحدثين ورواد العلوم المختلفة، فكان العلماء ومشايخ العلم ورواد المعرفة يفدون عليهما وينهلون من موردهما العذب، حتى لم يؤخذ من أحد من أئمة المسلمين من العلوم ومعارف الشريعة، كالتفسير والحديث والعقيدة والاخلاق وغيرها، كما أخذ عن الامامين الباقر والصادقعليه‌السلام . ولم يكن الامام جعفر الصادقعليه‌السلام مجتهدا ولا صاحب رأي اجتهادي، بل كان مواصلا لمسيرة الرسالة وراويا لآثار أهل البيتعليه‌السلام ، فمنها يغترف وبها يفتي المسلمين، وعليها يعتمد، فكانت مدرسته ومنهجه امتدادا للسنة النبوية، وكشفا عن محتوى الوحي القرآني، واظهارا لمضمونه.

٤٧

وفات الامام الصادقعليه‌السلام

بعد هذا العمر المليء بالعلم والعمل، والسعي والجهاد، والفضل والتقوى، فارق حفيد الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الامام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام الحياة، صابرا على كل ما أصابه من ظلم وجور، منيرا للأمة طريق سعادة الدارين، رافعا للأجيال راية الكفاح من أجل الحفاظ على شريعة الله تعالى، ومقاومة كل ضلال وانحراف، وانتقل الى جوار ربه في شهر شوال سنة(١٤٨) هـ - وكانت وفاته بالمدينة المنورة،. ودفن في مقبرة البقيع.

٤٨

الامام موسى الكاظمعليه‌السلام

ولد الامام موسى بن جعفرعليه‌السلام في السابع من صفر سنة(١٢٨) هـ - في (الأبواء) بين مكة

والمدينة وعاش في كنف أبيه الامام جعفر الصادقعليه‌السلام ، ودرج في مدرسته العلمية الكبرى، فورث علوم أبيه، وتشبع بروحه وأخلاقه، وشب على صفاته وخصائصه، فكانعليه‌السلام مثالا في الخلق الرفيع، وفي الكرم والزهد والصبر، ومثلا أعلى في الثبات ومقارعة الحكام الطغاة. وكانت حياته امتدادا واستمرارا لمسيرة أهل البيتعليه‌السلام .

ولشدة تحمله وصبره على الأذى وكظمه للألم والغيظ، ودماثة خلقه، ومقابلته الاساءة بالاحسان لقب بـ(الكاظم).

٤٩

مدرسة الامام الكاظمعليه‌السلام ومقامه العلمي

كان عصر الامام الكاظمعليه‌السلام زاخرا بالتيارات والمذاهب الفلسفية والعقائدية والاجتهادات الفقهية، ومدارس التفسير والرواية. فلقد كانت تلك الفترة أخطر الفترات التي عاشها المسلمون، فقد تسرب الالحاد والزندقة، ونشأ الغلو، وكثرت الفرق الكلامية التي حملت آراء وافكار اعتقادية شتى، وتعددت مذاهب الفقه. وعلى الرغم من حراجة الظرف السياسي، وتضييق الحكام على الامامعليه‌السلام ، الا انه لم يترك مسؤوليته العلمية، ولم يتخل عن تصحيح المسار الاسلامي. فتصدى هو وتلامذته لتيارات الالحاد والزندقة - كا تصدى أبوه الصادق وجده الباقر من قبل - لتثبيت أركان التوحيد، وايجاد رؤية عقائدية أصيلة تشع بروح التوحيد، وتثبت في أعماق النفس والعقل. كما أغنىعليه‌السلام مدرسة الفقه بحديثه ورواياته وتفسيره.

٥٠

الظرف السياسي الذي أحاط بعصر الامام الكاظمعليه‌السلام

والفترة التاريخية التي عاشها الامام الكاظمعليه‌السلام من الفترات الصعبة في حياة أ

الامام الرضاعليه‌السلام

ولد الامام علي الرضا بن موسى الكاظمعليه‌السلام في المدينة المنورة سنة(١٤٨) هـ - فنشأ في ظل أبيه وتلقى عليه معارفه وعلومه وأخلاقه وأدبه الذي ورثه عن آبائه، فكان حريا به أن يكون الامام والعالم والمرشد، يتولى ويغذي مدرسة أهل البيتعليه‌السلام بالعلم والمعرفة، ويحتل موقع القيادة والزعامة في نفوس المسلمين. عاصر الامام من خلفاء بني العباس المهدي والهادي والرشيد والأمين والمأمون. وقد كانت هذه الفترة من أكثر فترات الفكر والثقافة الاسلامية توسعا ونموا، وفيها عاش مؤسسو

المذاهب الفقهية. وكان مفزع العلماء وملجأ أهل الفكر والمعرفة، يناظر علماء التفسير ويحاور أهل الفلسفة والكلام، ويرد على الزنادقة والغلاة، ويوجه أهل الفقه والتشريع ويثبت قواعد الشريعة وأصول التوحيد. وقد شهد العلماء والفقهاء والحكماء بسعة علمه واحاطته بمحتوى الكتاب المجيد وأسراره ومعارفه، وشهدوا بغزارة علمه وقوة حجته وتفوق بيانه على خصوم الاسلام في مجالس المناظرة والافتاء ومجالس الحوار والمحاججة، وكان المأمون يعقد مجالس المناظرة، ويدعو العلماء المسلمين والمتكلمين وأصحاب الرأي وعلماء الأديان والدعوات المختلفة ويدعو الامامعليه‌السلام للمحاججة والحوار والمناظرة. وقد حاز الامام، كل هذه الصفات، فاستحق أن يكون الامام وولي الأمر والمرجع لعلماء الأمة وقادة الفكر. ولم يكن الامام ليحيا بعيدا عن الصراع العلوي مع العباسيين دون أن يصيبه الأذى وتحل به الكروب والمحن. ان تردي الاوضاع السياسية، قد انعكس على طبقات الأمة كافة، لذا كان الراي العام قد اتجه بشكل قوي نحو أهل البيتعليه‌السلام ، فقد كانوا هم المفزع للأمة، ومحور التجمع والمعارضية، وكانت القلوب تفيض بحبهم والولاء لهم وتثق بما ترى منهم من ورع وعلم وتقوى وصدق في القول والعمل. كما ان الثورات العلوية كانت متواصلة ضد الدولة العباسية، التي كانت قد مرت بمرحلة صراع حاد بين الأمين والمأمون. فاخترع المأمون مشروعا سياسيا لتطويق الامام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، وهو المبايعة له بالخلافة وولاية العهد من بعده. ليضم اليه قوى المعارضية ويجمع جناحي القوة العلوية والعباسية بيده كما تصور.

٥١

وكان الامام الرضاعليه‌السلام يدرك الخطة السياسية للمأمون ولم يكن مطمئنا اليها وقد اضطر تحت التهديد لقبول البيعة ولكي لا يتحمل شيئا من تبعات الحكم، اشترط القبول الرمزي دون التدخل في شيء، أو تحمل أية مسؤولية في الدولة. وتمت البيعة في رمضان سنة احدى ومائتين للهجرة. على أن موقعه الذي لم يتجاوب معه كان يؤهله لصد بعض المظالم وتحقيق بعض المصالح.

فهو موقع سياسي مناسب لممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصورة تحقق قدرا من المصلحة لابناء الأمة. كان المأمون يريد بذلك تهدئة الأوضاع المحيطة به لحين استتباب الأمن له وتثبيت أركان ملكه. ولقد كان الامام يدرك ذلك بوضوح، فالمأمون ليس ذاك الشخص الذي كان زاهدا في الملك والسلطة، فقد قتل أخاه الأمين من أجلها، وقتل من خدموه وخدموا سلطة أبيه الرشيد، وآخرين ممن ساهموا في تنفيذ خططه وتثبيت سلطته هو.

لذلك فان التاريخ يحدثنا أن المأمون قد دس السم في بعض طعام الامام الرضاعليه‌السلام فاغتاله.

وهكذا رحل الامام أبو الحسن الرضاعليه‌السلام وكانت شهادته في اليوم الأخير من صفر سنة ٢٠٣

هـ - بمدينة طوس التي دفن فيها، وتعرف اليوم بمدينة مشهد.

٥٢

الامام محمد الجوادعليه‌السلام

ولد الامام محمد الجواد ابن الامام علي الرضاعليه‌السلام في رمضان سنة(١٩٥) هـ بالمدينة المنورة، في فترة حافلة بالحوادث والظروف السياسية في مرحلة الصراع، وتوتر العلاقات في الخلافة العباسية بين الأمين والمأمون. ولم تكن الحوادث السياسية وظروف الصراع لتنتهي دون أن تعكس آثارها على حياة الامام الرضاعليه‌السلام وبالتالي على حياة الجوادعليه‌السلام فلقد توجه نظر المأمون الى الرضاعليه‌السلام واستدعاه الى عاصمة خلافته مرو، وقد توجه الامام الى هناك دون صحبة ولده الامام الجود، لقد أحس الجوادعليه‌السلام لوعة الفراق ومرارة البعد عن أبيه. وقد ذكر المؤرخون أن الرضاعليه‌السلام كان يخاطب ابنه الجوادعليه‌السلام وهو يكاتبه بالتعظيم والاجلال، ويكنيه بابي جعفر. وقد حفظ لنا التاريخ بعض هذه الرسائل، التي نكتشف من خلالها مدى العناية والرعاية التي كان يوليها الامام الرضاعليه‌السلام لولده الجوادعليه‌السلام ليعده ويربيه تربية تتناسب والمقام الكريم الذي ينتظره.

٥٣

مقام الجوادعليه‌السلام العلمي

ساهم الامام الجوادعليه‌السلام طيلة فترة امامته التي دامت نحو سبعة عشر عاما في اغناء مدرسة أهل البيت العلمية، وحفظ تراثها. وقد اعتمد الامام - مثل آبائهعليه‌السلام - في منهجه العلمي على عدة أساليب أشهرها:

١ - أسلوب التدريس وتعليم التلاميذ والعلماء القادرين على استيعاب علوم الشريعة ومعارفها، وحثهم على الكتابة والتدوين وحفظ ما يصدر عن أئمة أهل البيتعليه‌السلام ، أو أمرهم بالتأليف والتصنيف ونشر ما يحفظون لبيان علوم الشريعة، وتعليم المسلمين وتفقيههم، أو للرد على الأفكار المنحرفة..

٢ - أسلوب نشر العلم والمعرفة، وتوسيع دائرة الدعوة الى الاسلام، والتعريف بالفكر الاسلامي، وتثبيت أركان العقيدة والشريعة على ضوء مدرسة أهل البيتعليه‌السلام ، وما أثر وروي وأخذ عنهم.

٣ - أسلوب المناظرة والحوار العلمي، وقد حفظت لنا كتب الحديث والرواية أنماطا غنية من الاحتجاج والمناظرة في شتى صنوف العلم والمعرفة والدفاع عن الاسلام وتثبيت أركانه في مجال التوحيد والفقه والتفسير والرواية وأمثال ذلك.

٥٤

موقف السلطة من الامام الجوادعليه‌السلام

ان دراسة وتحليل موقف الخليفتين العباسيين المأمون والمعتصم من بعده، من الامام الجوادعليه‌السلام يشير بوضوح الى أهمية شخصية الامام القيادية وموقعه الرفيع في النفوس، وميل الأمة اليه باعتباره الرمز الممثل لامامة أهل البيت في تلك المرحلة.

لذلك نجد المأمون يستقدم الامام الجوادعليه‌السلام من المدينة سنة(٢١١) هـ، ويقوم بتزويجه من ابنته أم الفضل، ويدخل في نزاع مع أعمامه بني العباس بسبب ذلك التزويج، في محاولة منه لاستيعاب موقف الامامعليه‌السلام ، وضمه الى حاشيته واحتواء حركته الجماهيرية في المجالين الفكري والسياسي. لكن الامام كان على العكس من ذلك، فقد كان يمارس نشاطه بدقة واتقان ويتحرك في كل مجال تتوفر له فرصة الحركة فيه، ثم يرفض البقاء في بغداد، ليكون بعيدا عن حصار السلطة ومراقبتها، ويعود الى المدينة، ليسقط الخطة، ويحقق الأهداف المرتبطة به كامام للأمة ورائد من رواد الشريعة. وبعد موت المأمون وتسلم المعتصم للسلطة، تم استقدام الامام الجواد من المدينة الى بغداد، ولم يبق في بغداد الا مدة قصيرة حتى توفي سنة(٢٢٠) هـ في الخامس من ذي الحجة، ودفن في مقابر قريش مع جده موسى بن جعفرعليه‌السلام .

ويروي بعض المؤرخين أن المعتصم اقترف جناية قتل الامام الجوادعليه‌السلام عن طريق دسه السّـمّ اليه.

٥٥

الإمام علي الهاديعليه‌السلام

ولد الامام علي الهاديعليه‌السلام في موضع من أرضه المدينة يسمى (صربا) للنصف من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومائتين للهجرة. وقد نشأ وترعرع في ظل أبيه، وتحت رعايته، فأبوه الامام محمد الجوادعليه‌السلام ، «وارث علوم أهل البيت»، وكان الناس يرون فيه سيد أهل البيت.

فقد كان الامامعليه‌السلام قدوة في الأخلاق والزهد والعبادة، ومواجهة الظلم ورفض الظالمين، ومنارا

للعلم والعمل والالتزام. لذا فقد وصفه العلماء ورجال السياسة وأصحاب السير بما يستحق من صفات العلم والفضل والأدب.

٥٦

الامام الهاديعليه‌السلام ومهام الصراع السياسي

حفلت حياة الامام الهاديعليه‌السلام بالمعاناة السياسية، وعايش في عصر امامته بقية حكم المعتصم، كما عايش حكم الواثق والمنتصر والمستعين والمعتز. وقد حفلت هذه الفترة بالحوادث والصراع السياسي المرير بين العلويين والحكام العباسيين، فأصاب الامام منها الأذى والاضطهاد، فهو على الرغم من أنه لم يخطط لعمل مسلح، لعلمه بحقيقة الأوضاع والظروف السياسية وعدم نضجها أو ملاءمتها للتحرك، الا أن الحكام العباسيين كانوا يخافونه وكانوا يرون فيه سيد أهل البيت وصاحب الكلمة النافذة. والذي يدرس حياة الامام الهاديعليه‌السلام منذ وفاة أبيه وتحمله مهام الامامة، وحتى وفاته، يجدها حياة مليئة بالتحديات والصبر والثبات العقائدي والسياسي.

وقد ابتدأ الامام حياته السياسية من أواخر عهد المعتصم وكان قد تولى منصب الامامة بعد أبيه الإمام محمد الجوادعليه‌السلام سنة (٢٢٥) هـ.

وبتولّي المتوكل الخلافة لقي الطالبيون الأذى والاضطهاد، فقد كان يعاملهم بقسوة وكراهية شديدة، وكان يضيق عليهم، ويمنع عنهم المساعدات المالية، ويحرم على الآخرين أن يعينوهم أو يخففوا عنهم.

٥٧

من المدينة الى سامراء

ولم يكن الامام الهاديعليه‌السلام ليغفل عن هذه المحنة وذلك الظلم والعسف، لذا كان يركز موقعه، ويقوي علاقته بأبناء الأمة وينشر مبادئ الاسلام. ويربي جيلا من العلماء والرواة. وحين أصبح موقع الامام في المدينة المنورة خطرا يهدد كيان المتوكل، عمد المتوكل الى استدعائه وجلبه من المدينة الى سامراء ليكون تحت الرقابة والمتابعة اليومية وذلك سنة(٢٤٣)هـ. وفي سامراء وضعت رقابة مشددة وتعرضه للمضايقات ضد الامام وأتباعه فتارة يحاولون النيل من شخصيته، وأخرى سجنه واغتياله، وثالثة يفتش بيته، ويجلب ليلا الى المتوكل بتهمة الاعداد للثورة والمواجهة، وأخرى يسعون لايجاد زعيم بديل عنه. وكل تلك المحاولات باءت بالفشل.

٥٨

وفاة الامام الهاديعليه‌السلام

توفيعليه‌السلام في رجب سنة(٢٥٤) هـ في سامراء ودفن في داره، وذلك أيام خلافة المعتز، وكان مقامه في سامراء الى أن توفي عشر سنين وأشهرا، وكان عمره، يوم توفي، احدى وأربعين سنة.

قال ابن شهرآشوب: (استشهد مسموما، وقال ابن بابويه: وسمّه المعتمد).

٥٩

الامام الحسن العسكريعليه‌السلام

ولد الامام الحسن بن علي العسكريعليه‌السلام في المدينة المنورة في ربيع الثاني سنة اثنتين وثلاثين ومائتين للهجرة وتربى في ظل أبيه الامام علي الهاديعليه‌السلام وعاش معه ثلاثا وعشرين سنة وأشهرا، استوعب خلالها علوم آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكان كآبائه في العلم والعمل والجهاد والدعوة الى الاصلاح في أمة جده محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ولقد تولى مهام الامامة بعد وفاة أبيه، والتي استمرت نحو ست سنوات.

٦٠